Skip to main content

Full text of "gskans"

See other formats




لاا ”7 / -ه 4 ص 
كناب ييضمريعلويا غزئرة وآدادا كثيرة وفنونًا بشع 
. 9 
واذاعًا سال رالزي مستفاد منه والرزل النريٌ يستراع اليه 


27 
لفرت اللكذ 2 ين را ري ١‏ 
مروف بابرت اراس عرو لضوَافَ 
شوغ -4* مي 


ا ل و 


طبقة كاملة في جل وار 


دارالكنب الغلميق يني 





حار اكب لي ع 0 


جميع الحقوق محفوظة 
عطعاع رمه 6 
© لع لامعوعم وعغطعم اام 
وغلامع65 5ؤأوعل ولاه 





جميع ح قوق الملكي ةالادبي ةوالفئتية محفوظة 
لدارالكتبالعلميةهة بيروت لبتان 

ويحظر طبع أو تصوير أو ترجمة أوإعادة تنضيد الكتاب كاملا أو 
مجزاً أوتسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر 
أو يرمجته على اسطوانات ضوئية إلا بموافقة الناشر خطيا 


© لاط عاطواء عباأوباععاع 
مممواع! - غبماع8 طولإلصم ادام 0مغ0)!- الم 03 


,لعخةاكمدع عط برق مقتغدءناطنم كتلط أه ععقم ولم 
ركققعم لإمة لإا عه ممه]! لإمق وأ لععباطلمعؤأل ,لععنلمممعم 
عط علامطعابت ,رلمععكيرى اوبوزععع عه عوط 033 3 ما لعرمعك عه 

معطو ااطنام فطع أه حمأدكتصوصعم مععامم رمعم 


© ذ عفلمعءع6: امعممعنز 5بااعة 5أأمعل دونه 
مدننا - مسمبرعة ا ولإأد؟ |ا-لم ذمغمكا- ام 036 


ممععنلمممعع باه ومأكع لمم ,مالغ ,ممع مامعوغممع عكريه1 
ع2 ,كلدم كنامع له ,ؤغلمعههم يمع عدم بعأأمع دم عمصقم 
ععء اا عكع عبعع لغ" عدم فمواد عاطذادغهم ممأعةكممعناة كدمدد 
5ع5أناكالاهم 065 3 عمموعلاععمم ها عتومعدمملكاة عع 

.كععداء لبا 





١‏ لطبعة الأولى 
6 ماه 


بكيرّوت - سهان 
طولتصساا-تم 6مأمكا-ام ,03 كدماصغاطر8 مرحلكردة ألم 0د مها 


الإدارة : رمل الظريف. شارع البحتري. بناية ملكارت 
عموة عذا ,.عما8 عمو لاع ,معد بإممغطمة8 ,اأعمة-امْ أعممةم 
هاتف وفاكس: لؤعاس معلتتر ١(‏ لكى) 
فرع عرمون. القية. ميلو دار الكتب العلمية 
لا طتبإتمائءاذ ممعم »ا|-لط عونا - طعموع8 مامصوعم 


هاتف:؟١‏ / اث لماعم «لتكقد 
فاكس:؟41)١م‏ و اكقه 


ص ب: 4454 ١١-‏ بيروت - لبنان 
رياض الصلح - بيروت 596١‏ 1109 


ممع .طق تلض ]١1ج‏ عورم //: مععط 

ممع طقعراض اذل 6 دع لد تالطع 
نه . طقبرتص ١|‏ -ا2 © هكم 
مع طدبرامم أ -منهل رج 





ووو ةوسا 





الكتاب: الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي 


قاحام لإلافك-كة ذاافاحام 

اكتك-كة نااكماا- الم 5الاذ- املا 
المؤلف: ابن طرار النهرواني 
المحقق: عيد الكريم سامي الجندي 
الناشر: دار الكتب العلمية بيروت 
عدد الصفحات: 760 
سنة الطباعة: 2005 م 
بلد الطباعة: لبنان 


الطبعة: الأولى 


15810 2-7451-4601-6 


752785 - 0 





(060” _ ١و"‏ هماع 5 ١ش‏ ٠٠م)‏ 





هو المعافى بن زكريا بن يحيى الجريري النهرواني» أبو 
الفرج ابن طرار. 

قاضء من الأدباء الفقهاء. له شعر حسن . 

مولده ووفاته بالنهروان (في العراق). ولي القضاء ببغداد 
نيابة . 

وقيل له الجريري لأنه كان على مذهب ابن جرير الطبري. 

له تصانيف ممتعة في الأدب وغيره» منها: 

- تفسير في سئّة مجلدات» لعله «البيان الموجز عن علوم 
القرآن المعجر). 

- االجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي» وهو 
الكتاب الذي بين أيدينا. 


.)550 /7( انظر الأعلام للزركلي‎ )١( 
1 ١ 


بسم اللك الرحمن الرحيم 
مقدمة 
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب 

الحمد لله الذي دل على معرفته بإتقان صنعته) وبديع لطائف حكمته وبما أودعه 
نفوس المميزين من أعلام ربوبيته واستحق على كل مكلف الخنوع لعظمته؛ والخشوع 
لعزته» والشكر والإشادة بما أسبغ من نعمته» ونشر من رحمته» وجعل قلوب أوليائه تسرح 
في ميادين محاسن ما ابتدعه» وعقوهم ترتاح لما من عليهم من استنباط المعرفة بما 
اخترعه فأغناهم بالتنعم بما بسط لحم من المباحات» عما زجرهم عنه من المحظورات» 
فصار ما تدركه العقول من لطيف ما أنشأه» وشريف الغرض فيما ابتدأه» وغريب أفعاله 
في تدبير عباده» وتصريفهم» وتقدير منافعهم ومصا حهم, أقواتاً لها تربى على أقوات 
أجسادها التي هي أوعية تشتمل عليهاء وأشهد أن لا إله إلا الله ولي النعم كلها دون من 
سواه وأنه لا فلاح إلا لمن هدام ولا صلاح إلا لمن عصمه من اتباع هواه. وأن محمداً 
عبده الذي ارتضاهء ونبيه الذي اختاره واجتباه» ورسوله الذي ائتمنه واصطفاهء ورفعه 
وأعلاه» وخصه بحتم النبوة وحباهء وأبانه بأعلى منازل الفضل على كل آدمي عدا 
ونسأله أن يصلي عليه وعلى آله ويسلم أزكى تسليم وصلاة» ويكرمه أتم تكريم وأنباه 
ويجعلنا من الآوين إلى ظله وذراهء والداعين إلى نوره وهداهء ويعصمنا من الخروج عن 
طاعته» والولوج في معصيته: ويوفقنا لإيثار عبادتهف ومحانبة عصيانه ومخالفته, وهو ولي 
الإنعام بذلك» والتيسير له والمعونة عليه من رحمته. 

أما بعد» فإني منذ مدة مضتء وسنة حلت» فكرت في أشياء من عجائب خلق الله 
وحكمه وأياديه ونعمه. ومثلاته ونقمه وقد اكتنفتني هموم وأحزان» ولوعات وأشجان» 
وفنون شتى من حوادث الزمان» وما قد فشا في الناس من التظالم والتحاسدء والتقاطع 
والتباعد» وأن ما هو أولى بهم من الأنس للمجانسة:» قد فارقوه إلى الاستيحاش للمنافسة» 
وحصلت على الاستئناس بالوحدة وكوف ل تطلعت لى جليس للمدا في أنس وسلوةع 
فأعوزني ذو لب عاقل» واتفق لي كل غبي جاهلء» فلاح لي أن أ نشئ كتاباً أضمنه نه أنواعاً 
من الحد الذي يستفاد ويعتمد عليه؛ ومن الحزل في أثنائه ما يسر امتماعة ويستراح ا 
فإن احتلااف الأنواع يسهل النظر فيهاء وينشط الوقوف عليهاء ويوفر الاستمتاع بهاء وأ 
أضمنه علوماً غزيرة وآداباً كثيرة وأجعله حالس موزعة على الأيام والليالي» ولم 9 
فيها مبلغاً من العدد محصوراً ولا قدراً من امجالس محظوراء ثم إن طوارق الزمان وموانعه, 
وأحداثه وفجائعه وعوائقه وقواطعه وأهواله وفظائعه حالت بيني وبين ما آثرته. ونفسي 
على هذه متعلقة به ومؤثرة له ومنازعة إليه؛ إلى حيث التهيناء ثم إنني حملت نفسي في 


ج سي سدس صصص سح الجليس الصالم كت 
هذا الوقت على الشروع في» الاشتغال به» وسهل الأمر علي فيه أن بعض أصحابنا يكتبه 
عنى إملاء في الوقت بعد الوقت. 

وقد صنف في نحو هذا الكتاب جماعة من أهل العلم والأدب كتباً على أنحاء مختلفة: 
فمنهم من جعل جملة كتابه جامعة لكتب مكتتبة» ومنهم من جعله أبواباً مبوبة» وأفرد 
أبوابه بفصول مميزة» ومعان خاصة غير ا وسمى بعض هؤلاء ما ألفه الجواهر 
وبعضهم زاد المسافر وبعضهم الزهرة وبعضهم أنس الوحدة؛ في أشباه لمذه السمات 
عدة وعمل أبو العباس محمد بن يزيد النحوي كتابه الذي سماه الكامل» وضمنه أخباراً 
وقصصاً لا إسناد لكثير منهاء وأودعه من اشتقاق اللغة وشرحها وبيان أسرارها وفقهها ما 
يأتي مثله به لسعة علمه وقوة فهمه؛ ولطيف فكرته» وصفاء قريحته» ومن جلي النحو 
والإعراب وغامضها ما يقل وجود من يسد فيه مسده إلا أن كتابه هذا مقصر عما وسمه 
به؛ واختاره من ترجمته» وغير لائق به ما آثره من تسميته» فحطه بهذا عن منزلة - لولا ما 
صنعه - كانت حاصلة له فسبحان الله ما أبين انتفاء هذا الكتاب عن نسبه» وأشد منافاته 
للقبه! وأنشا الصولي كتاباً سماها الأنواع مبوباً أبوابا شتى غير مستوفاة» وأتى فيه بأشياء 
مستحسنة على ما مض ضم إليه من أمور مستهجنة» وصنف أيضاً كتاباً كأبي قماش سماه 
النوادر» وهجاه بعض الشعراء بما كرهت حكايته» وإن كان حين وقف عليه فيما بلغني 
استغرب ضحكاًء غير أن الحميل أجمل؛ والتسلم من أعراض الناس أمثل» وصئف قوما 
كتباً في هذا الباب تشتمل على فقر من الآداب والفوائد منثورة غير مبوبة» ومخلوطة غير 
مقيدة» بفصول متميزة ولا أبواب متحيزة. 

وقد سميت كتادي الجليس الصالح الكافي» والأنيس الناصح الشافي وأودعته كثيراً من 
فنون العلوم والآداب» على غير حصر بفصول وأبواب» وضمنته كثيراً من محاسن لكلام 
وجواهره؛ وملحه ونوادره» وذكرت فيه أصولاً من العلم أتبعتها شرح ما يتشعب منهاء 
ويتصل بها بحسب ما يحضر في الحال؛ مما يؤمن معه الملال» ومن وقف على ما أتيت به 
من هذاء علم أن كتابنا أحق بأن يوصف بالكمال والاستيفاء» والتمام والاستقصاى 
وصدق وسمه بالجليس والأنيسء فإن الكتاب إذا حوى ما وصفتاه من الحكمة وأنواع 
الفائدة» كان لمقتنيه والناظر فيه بمنزلة جليس كامل وأنيس فاضل؛ وصاحب أمين عاقل؛ 
وقد قيل في الكتاب ما معناه أنه حاضر نفعه» مأمون ضرهء ينشط بنشاطك فينبسط إليك» 
ويمل بملالك فينفض عنكء إن أدنيته دناء وإن أنأيته نأى» لا يبغيك شراء ولا يفشي 
عليك سرأًء ولا ينم عليك» ولا يسعى بنميمة إليك» ولذلك قال بعضهم: 

نعم الصاحب والجليس كتاب تلبو بهإن خحانك الأصحاب 
لا مفشياً عند القطيعة سره وتنال مسنه حكمة وصواب 


جح الجليس الصالح والأنيس اناصح جاجد 

وقال آخخر: 
لنا جلساء ماهمل حديتهم ألباء مأمونون غيباً ومشهلدا 
يفيدوننا من علمهم طرف حكمة 2 ولاتتقي منهم لسانااً ولايدا 

... في أبيات. 

وذكر عن عبد الله بن المبارك أنه سئل: أما تستوحش من مقامك منفرداً بهيت؟ فقال: 
كيف يستوحش من يجالس النبي لَه وأصحابه رضوان الله عليهم» وقد كان بعض من كان 
له في الدنيا صيت ومكانة» عاتبني على ملازمتي المنزل» وإغبابي زيارته» وإقلالي ما عودته 
من الإلمام به وغشيان حضرته؛ وقال لي: أما تستوحش الوحدة ونحو هذا من المقالة) 
فقلت له: أنا في منزلي إذا لوت من جليس يقصد مجحالستي» ويؤثر مساجلتي» في أحسن 
أنس وأجمله» وأعلاه وأنبله. لأنني أنظر في آثار الملائكة والأنبياء» والأئمة والعلماء, 
وحواص الأعلام الحكماءء وإلى غيرهم من الخلفاء والوزراء؛ والملوك والعظماى والفلاسفة . 
والأدباء» والكتاب والبلغاء» والرجاز والشعراء؛ وكأنني مجالس لهم ومستأنس بهم, وغير ناء 
عن محاضرتهم لوقوني على أنبائهم» ونظري فيما انتهى إلي من حكمهم وآرائهم. 

وقد تجشمت إملاء هذا الكتاب على ما خلفته ورائي من طول السنين» حصلت فيه 
من عشر التسعين» مع ترادف الحموم وتكائف الغموم» ومشاهدة ما أزال مرتمضا به 
وممتعضا منه لفساد الزمان وانتكاسه وعجيب تقلبه وانعكاسه. واحتلاطه وارتكاسه 
ووضعه الأعلام الرفعاء» ورفعه الطغام الوضعاءء فقد أحل الأراذل محل الأفاضلء وأعطى 
' السفيه الأخرق حظ النبيه العاقل» وصرف نصيب العالم إلى الجاهل؛ وصير الناقص مكان 
الوافر الكامل» والراجح الفاضلء وقدم على العالم المبرز الغافل الخامل» ولقد قلت في 
بعض ما دفعت إليه» وامتحنت به» حين منعت النصف» وحملت على المنسف2 حتى 
انقدت للعنف» وأصبحت عند الغلبة والعسف: ش 
عللام أع ومقفي الشيبه وأمري غلير مشتبه 
أرى الأي لمعتب سيراً على ماني من الووله 
بلحطظ غسير ذي بس نة وحسظ غير متبه 
أروح وأغلتدي غب شا اأكترمدن ق لبه 

وقلت في نحو هذا المعنى: 
أأقتبس الضياء مسن الضباب وأالتمس الشراب من السراب 
أريد من الزمان اللنذل بذلا وأرياً من ججنى سلع وصاب 
أرجي أن األاقي لاشتياقي سراة الناس في زمن الكلاب 

في كثير من نحو هذا من النثر والقريض» وذم الزمان السوء بالصريح والتعريض؛ 


ححمى/ حب ٠‏ س7 777 اتليس الصالح حت 
وأرجو أن يغير الله ما أصبحنا منه ممتعضين» وأمسينا معه مرتمضين» ويشفي صدور قوم 
مؤمنين» ويذهب غيظ قلوب الأماثل من العلماء المبرزين» فقد بلغ منهم ما يرون من 
تقديم الأراذل الضلالء والأداني الجهال» حتى صدروا في مجحالس علم الدين» وقدموا في 
محافل ولاة أمور المسلمين» وصيروا قضاة وحكاماً ورؤساء وأعلاماً» دون ذوي الأقدان 
وأولي الشرف والأخطار» وكثير ممن يشار إليهم منهم لا يفهم من كتاب الله آية» وإن 
تعاطى تلاوتها لحن فيهاء وأتى بخلاف ما أنزل الله منهاء ولا كتبوا سنة من سنن رسول 
الله يه ولا دروهاء وإن تكلفوا ذكرها أحالوهاء وآتوا بها على غير وجههاء ولا عرفوا 
شيئاً من أبواب العربية وتصريفهاء ولا لهم حظ من الفلسفة وأجزائهاء ومع هذه فقد اتفق 
لبعضهم من فريق قد شدا من العلم طرفاً ونال منه حظ ا عدد يعظمونه ويغلون في 
تعظيمه وتقديمه على أنفسهم) وإن كان أسوأ حال وأحفض عمقلا منهم) كما عبد الأصنام 
من هو أعلى منزلة منها با حياة والقدرة» والعلم والمعرفة»؛ والبطش والقوة» والتصرف 
والحيلة» وأقدم هؤلاء الأغمار على الشهادة بالزور لمن وصفنا جهله وسقوطه. بإضافتهم 
إليه من العلم بما هو أجهل الناس به» وأبعدهم من معرفته لميلهم إلى بعض ضلالاته: 
وأنسهم بكثير من حساراته» وإن كانت بخلاف ما يعذرون فيها من موافقته» فقد صاروا 
سخرياً مسخوراً منهم» وسخريا مسخرين لتقليد من وصفنا صفته» واستمر هذا الفريق 
المغرور على اتباع حزب الشيطان الذين اغتروا بهم» وبذلوا المناصرة لمم وممالأتهم 
ومضافرتهم وإعزازهم» ومظاهرتهم وتأييدهم ومؤازرتهم» واستفزهم ما يزحرفونه لهم من 
كلامهم؛ وإن كان مسترذلاء ومخطأ ملحناء عند من أعلاه الله من أفاضل العلماء عليهم؛ 
وأبالهم بالعلم والتفقه في الدين منهمء إذ أكثر ما يأتون به من الحجر الذي يسميه قوم 
ال حاذورء وبمنزلة من قال فيه بعض الشعراء: 

موشكك السقطة ذو لب نكر هزذدريان هلذر هملنذاءة 


واستنزلهم من عبارتهم ما هو من نوع هجر باعة القميحة السفوفيين» وتنميق هذه 
أصحاب الفاكبة والرياحينء وهذيان أهل الحكاية والمخيلين» فلما وصفنا جنحنا إلى 
الصبر؛ واستصحبنا الخمول رجاء إنعام الله بالإعانة والنصر» وذكرت - في وقتي هذا عند 
إثباتي ما أثبته من حال ذوي النقص الذي يتقلبون في دولة» وإن كانوا من باطلهم ني 
جولة على أنها سحابة صيف عن قليل تقشع - خبراً حدثنا به محمد بن القاسم الأنباري» 
قال: حدثني محمد بن المرزبان» قال: حدثنا محمد بن عثمان بن مهدي الأبلي» قال: 
حدثنا محمد بن عبد الرحمن السايح» قال: حدثنا حماد بن محمد بن عبد الله» قال: حدثنا 
محمد بن شعيب بن سابور» قال: سمعت الأوزاعي ينشد هذه الأبيات: 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح ٠7ب‏ سس ست سس سس سيو د 
إذا كان الخطاء أقل ضرا وأنجم بالأمور من الصواب 
وكان الوك مَخْموداً مذلا وكان الدهر يرجع باتقلاب 
وعطّلت المكارمٌ والمعاالسي وأغلقَ دون ذلك كل باب 
ويوعد كل ذي حَسسّب ودين وقرب كل مهبتوك الححجاب 
فما أحدٌ أضِنً بمالديه من المتحرج امخض اللباب 


وأنشد شيخنا أبو جعفر الطبري رحمه الله هذه الأبيات» وفيما أنشده بيت آخر وهو: 
0 ع حرجاو با ووأ عاط م فصل الخطساب 
وحذف من الحملة بيتاً. 


وأنا منه هذه الرسالة إلى هذا الموضعء؛ ومبتدئ بما قصدت إيداعه هذه الكتاب 


بيب سس صصح املس الأول جد 
المجلس الأول 
حديث من كذب علي متعمدا 

حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي في يوم الاثنين لثلاث ليال حلون من 
ا حرم سنة سبع عشرة وثلاشائة» قال: حدثنا الأوزاعي» قال: حدثني حسان بن عطيةء 
قال: حدثني أبو كبشة: أن عبد الله بن عمر حدثه؛ أنه سمع رسول الله عي يقول: 'بلغوا 
عني ولو آيق» وحدئوا عن بني إسرائيل ولا حرج؛ ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده 
من النار. 

التعليق على الحديث 

قال القاضي أبو الفرج: قوله التِ: "بلغوا عني ولو آية" أمر لأمته بتبليغ ما أتاهم به 
من وحي ربهمء ويسر الأمر عليهم فيما يبلغونه» ويلقونه. إلى ما بعدهم ويؤدونه؛ ليتصل 
نقل القرآن عنه إلى آحر أمته» ويلزم حجته جميع من انتهى إليه ممن يأتي بعده فقد أتاه 
الوحي بما أتاه من قوله؛ "أوحي إلي هذا القرآن لأنذرنكم به ومن بلغ" ونظير ما أمر به 
من التبليغ قوله في حبر آحر: "نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعهاء فرب 
حامل فقه غير فقيه» ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" وقوله: ولو آية» فإنه أتى على 
وجه التقليل ليسارع كل امرئ في تبليغ ما وقع من الآي إليه» فيتصل بتبليغ اللجميع أو 
بعضه نقله ويتكامل باجتماعه واستكماله أداؤه. 

الآية وما فيها من اللغة والنحو 

فأما الآية ففيها من طريق علم اللغة ثلاثة أوجه» ومن جبهة صناعة النحو والإعراب 
ثلاثة أضرب» فأحد الوجوه فيها من قبل اللغة أنها العلامة الفاصلة» والوجه الثاني أنها 
الأعجوبة الحاصلة» والوجه الثالث أنها المثلة الفاضلة» وهذه الأوجه الثلاثة إذا ردت إلى 
أصومًا متقاربة راجعة في المعنى إلى طريقة واحدة» وجملة آحادها متناسبةء فإذا قيل: 
اجعل لكذا وكذا آية» فالمعنى علامة فاصلة تدل على الشيء بحضورهاء وتفقد دلالتها 
بغيبتهاء ألا ترى إلى قول الله جل ثناؤه: إقال رب اجعل لي آية؛ قال آيتك ألا تكلم 
الناس *» إلى آحر القصة فإما سأل السائل ربه أن يجعل له علامة لما وعده وبشره به؛ في 
ما جانس هذه مما تضمنه كتاب الله عز ذكره؛ قال الشاعر: 


ألا بلغ ل ديك ببني تمهسيم بآبة مايح بون الطعااما 
ألكني إليها عمرك الله يا فتى بآبة ما جاءت إلينا تباديا 


ولما كان ذكر الآية يعني الأعجوبة فمنه ما ذكره الله عز ذكره في مواضع من كتابه 


حت الجليس الصالح والأنيس النامصح ص بس ببح ١‏ راح 
عند ذكره ما أحله من النقمة بأعدائه: إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين» 
بمعنى العجب مما حل بهم عندما كان من تكذيبهم رسل ربهم. 

وأما العبارة بالآية عن العموبات المنكلة فكثيرة في كلام الخاصة من أهل اللسان 
العربي كقولهم: قد جعل فلان آية» إذا جل به فظيع من المكروه ألا ترى أنهم يقولون لمن 
نزل به شيء من هذا به» أو حصل على صفة مذمومة يعير بها ويسب ويوصم بها: فلان 
آية منزلة» فأما العقد الجامع لجذه الأوجه الثلاثة الذي يردها إلى جملة واحدة» فهو أن 
العلامة إنما قيل ها لدلالتها وفضلها وإبانتهاء ووقع الفصل في القرآن بها حتى ميزت 
بعض ألفاظه من غيرهاء فصارت كل قطعة من ذلك جملة عل حاها. 

وأما معنى الأعجوبة فإما يقع في التعجب من المستغرب الذي يقل وقوعه. فينفصل 
من الكثير الوجود الذي يختلط فيها بعضه ببعض»ء ولا يكون فيه من الاختصاص ما في 
الموجود الذي قدمنا ذكره. 

وأما النكال الحال بمن حل به فإنه يقال له آية» من حيث مسار أمره أعجوبة يعتبر 
ويتعظ بهاء وكان معنى خاصاً قوبل به أمر حاص بما أتاه من وقعت الحازاة به» فكل واحد 
من هذه الأوجه الثلاثة بجانس لصاحبه في أنه أمارة وعلامة وأعجوبة لاختصاصها بما فيه 
حجة باهرة» ودلالة قاهرة» ومثلة ونقمة لما فيه من التميز والعجب وفظيع التنكيل» بأهل 
الزيغ والتبديل. 

وأما الأضرب الثلاثة من قبل النحو وتصريف الإعراب» فإن النحويين من الكوفيين 
والبصريين اختلفوا في الآية ما وزنها من الفعل» فقال الكسائي: هي في الأصل فاعلة 
وأصلها آيية» وكان ينبغي أن تدغم الياء الأولى في الثانية لاجتماعهما متحركتين فتصير آية 
مثل دابة التي أصلها دابية» فاستثقلوا التشديد فقالوا: آية. 

وقال نحويو البصرة: وزنها في الأصل فعلة وأصلها أبية» فصارت الياء ألفاً تتحركها 
وانفتاح ما قبلها. وقال الفراء: وزنها من الفعل فعلة وأصلها آية» فاستثقلوا التشديد 
فأتبعوه ما قبله فصارت الياء الأولى ألفاً كما قالوا: ديوان ودينار والأصل فيها دوان 
ودنارء والدليل على ذلك أنهم يقولون في جمعها دواوين ودنانير» ولا يقولون دياوين 
وديانير» ويجمع الآية آيات على جمع السلامة» وآيا على ألها من القبيل الذي سبق جمعه 
واحده فصار بين توحيده وجمعه الحاء التي في واحده. وقد زعم قوم أن معنى الآية: 
الجماعة» وهذا قول رابع لأنه حطأء والبيان عنه أصل اشتقاق الآية بما بين الخليل وسيبويه 
والأخفش فيه من الاختلاف في تقدير مدته وتصريفه» واستيعاب بابه يأتي في كتابنا 
الحسمى البيان الموجزء عن علوم القرآن المعجز إن شاء الله عز وجل. 

وقوله التتكلة: "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" فإن الحرج أصله في كلام العرب: 


جوور سند -ْنسيي يسيس يي للل3ل سبحت الجلس الأول حت 
الضيق» ومنه قيل للطائفة من الشجر الملتف المتضايق: حرجة:» وكان مقاتل بن سليمان 
يتأول ما جاء في القرآن من ذكر الحرج أنه الشك» وهذه يرجع إلى ما وصفناه من معنى 
الضيق» لأن الشاك يضيق صدره؛ ويخالف العالم بالشيء المثلج صدره بما علمه في راحة 
اليقين» واتساع الصدر وانفساحه وتعريه من ازدحام الظنون واعتراض الشكوك التي 
تضيقه» وقد زعم بعض أهل الاشتقاق أن الذي يتخذه الركب من العيدان والخشب 
لرحالهم يقال لما حرجوج. لتضايقه واشتباكه ويجمع حراجء كما قال ذو الرمة: 
فسيرا فقد طال الوقوف ومله قلائص أمثال الحراجيج ضمر 

ومنه قيل للشيء المحظور المضيق بالتحريم والمنع: حرج وقرأ بعض المتقدمين: "هذه أنعام 
وحرث حرج" مكان قراءة الجمهور حجر وحجر وهي كلها لغات معروفة في الحجر بمعنى 
الحرام لغتان الضم والكسرء وقد قرئ مهما جميعاً. وقوله: حرث حجر أي حرام؛ وقوله: 
"ويقولون حجراً محجورا ' قال أهل التأويل: معناه حراماً محرماًء قال الشاعر: 
حنت إلى النخلة القصوى فقلت لها حجر حرام ألا تلك الدهاريس 

وقال آخر: 
قاالت وف يها حمقة وذعر عوذ بري منتكم وحجبسر 

أي استعاذة تحرم عليكم ما أخافه من مكروهكم والحجر أيضاً: العقل» والحجي» 
ومنه قول الله عز وجل: إهل في ذلك قسم لذي حجر» أي عقل يمنعه من السفه 
والخرق» ومنه حجر الحاكم على السفيه» هو من التضييق والمنع والتحريم» والمصدر منه 
مفتوح) وروى أن النبي هيه قال للأعرائي الذي بال في المسجد ثم سمعه يقول: "اللهم 
ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً - "'لقد تحجرت واسعاً" أي ضيقت ما وسعه الله عز 
ذكره وحظرت ما فسح فيه. 

والحجر ديار شود» وحجر الكعبة مكسوران» وحجر اسم الرجل مضموم الحاء ساكن 
الحيم» كما قال عبيد بن الأبرص: 
هلاعلى حجرابن أم قطام تبكي لاعلينا 
وهر تصيد قلوب الرجال 2 وأفلت منهاابن عمرو حجر 

كما قال طرفة: 

أيها الفتيان في مجلسنا جرّدوا منها وارداً وشقرٌ 
والكلام شقر بالإسكا مثل حمر وصفر» وحجر اليمامة مفتوح قال الشاعر: 
فلولا الريح أسع من بحجرٍ صليل البيض تقر بالذكورٍ 
وحجر الإنسان فيه لغتان: الفتح والكسر. 
ومثل حرج وحجرء صاعقة وصاقعة» وجذبته جذباً وجبذتهُ جبذاًء في نظائر لما 


ح الجليس الصالح والأنيس اناصح سمس صصخم اد 
وصفنا كثيرة» وأما حاجز فموضع معروف», قال الأعشى: 
شاقك من قتله أطلاللها فالشط فالقفُ إلى حاجر 

وحص بني إسرائيل بهذا لما مضت فيهم من الأعاجيب» كما خص البحر بما فيه من 
العجائب» وأرخص في التحدث عنهم مع اتقاء الحرج بالكذب فيه» وقوله: ولا حرجء 
يتجه فيه تأويلان» أحدهما: أن يكون حبرا محضاً في معناه ولفظه. كأنه لما ذكر بني 
إسرائيل وكانت فيهم أعاجيب وكان كثيرٌ من الناس ينبو سمعٌه عنهاء فيكون هذا مقطعه 
لمن عنده علم منها أن يحدث الناس بهاء فربما أدى هذا إلى دروس الحكمة» وانقطاع 
مواد الفائدة» وانسداد طريق إعمال الفكرة» وإغلاق أبواب الاتعاظ والعبرة» وكأنه قال: 
بيس أي سكم بما عامتدوء من ذلك حرج. 

والتأويل الثاني: أن يكون المعنى في هذا: النبي فكأنه قال: ولا تحرجوا بأن تتحدثوا 
بما قد تبين لكم الكذب فيه محققين له أو غارين أحداً به فهذا اللفظ على هذا الوجه 
لفظه لفظ الخبر وفائدته النبي من جبة المعنى» ولفظ النهي لا يأتي إلا متعلقاً بفعل 
مستقبل» فإذا قيل: ولا تحرجوا فهو صريح اللفظ بالنهي» فإذا قيل: ولا حرج جاز أن 
يكون خبراً محضاً معنى ولفظاً وجاز أن يكون لفظه لفظ الخبر في بنيته» ومعناه النبي 
لقصد المخاطب وإرادته» دون صورة اللفظ وصيغتهء ونصب الحرج في هذا الموضع هو 
الوجه على ما يقتضيه المعنى الذي يسميه البصريون النفي ويسميه الكوفيون التبرئة» وهو 

على قول الخليل مبني يضارع المعرب» وعلى قول سيبويه معرب يضارع المبني» ولو رفع 
ونون لكان وجهاً قد عرف واستعمل كما قال الشاعر: 

من صد عن نيرانها فأنا ابن قيس لا براح 

وقوهم: لا حول ولا قوة إلا بالله» للعرب فيه خمسة مذاهب: لا حول ولا قوة إلا 
بالله» ولا حول ولا قو ولا حول ولا قوة» ولا حول ولا قوةٌ» ولا حول ولا قوّة. 

وقال الله تعالى: لإفلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج# هذه قراءة شيبة ونافع 
وعاصم وحمزة والكسائي وآخخرين» وقرئ: فلا رفث ولا فسوق ولا جدال» وهي قراءة 
أي جعفر يزيد بن القعقاع المخزومي» وقرئ : "فلا رفث ولا فسوقٌ ولا جدال" وهي 
قراءة مجاهد وابن كثير وأني عمرو وعدد غيرهمء وقد قرأ بعضهم ولا جدال مثل دراك 
ومناع» رويت هذه القراءة عن عبد الله بن أني إسحاقء» واختلف في علل إعراب هذه 
القراءات» وفي علة فرق الإعراب بين بعضهما وبعض احتلاف يطول شرحه؛ وليس هذا 
موضع ذكره؛ ونحن مستقصو القول فيه عند انتهائنا إليه من كتابنا المسمى البيان الموجز 
في علم القرآن المعجز وني كتابنا في القراءات» وكتابنا ني عللها وتفصيل وجوهها. 

وقوله: "من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" قد أتت الرواية بهذا اللفظ وما 





ع١‏ ا مجلس الأول حت 
. يقاربه من جهات كثيرة» وقيل: إنه على عمومه؛ وجاء في بعض هذه الأخبار: من كذب 
علي متعمدا ليضل به الناس» وروى أنه ورد عند قصة خاصة في رجل ادعى عند قوم أن 
النبي َتَّ أرسلهم إليه ليزوجوهء حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي: قال: 
حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماقي» قال: حدثنا على بن منير» عن صالح بن حياذ» عن 
ابن بريدة؛ عن ابيهء قال: أتى رجل إلى قوم ني جانب المدينة» فقال: إن رسول الله 8 

أن أحكم فيكم برأبي في كذا وكذاء وكان خطب امرأة منهم في الجاهلية فأبوا أن 
يزوجوه؛ ثم ذهب حتى نزل على المرأة فبعث القوم إلى النبي ولك فقال: "كذب عدو الله" 
ثم أرسل رجلا فقال: "إن أنت وجدته حياً فاقتله وإن وجدته ميتاً فحرقه"» فانطلق 
فوجده قد لدغ فمات فحرقه؛ فعند ذلك قال النبي 8#: "من كذب علي متعمداً فليتبواً 
مقعده من النار" 


حدثنا الحسن بن محمد بن شعبة الأنصاري» قال: حدثنا إسماعيل بن حيان الواسطي» 
قال: حدثنا زكريا بن عدي» قال: حدثنا عدي بن مسهرء عن صالح بن حيان» عن عبد 
الله بن بريدة» عن أبيه» قال: قول رسول الله كَيا: "من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده 
من النار" كان حي من المدينة على ميل أو ميلين فأتاهم رجل عليه حلة» فقال: إن رسول 
الله عد كساني هذه الحلة وأمرني أن أحكم نساءكم 100 
امرأة منهم فأبوا أن يزوجوهء قال: فأرسلوا رسولاً ! لى النبي ؤَقَه فقال له: إنك أمرت هذا 

أن يحكم في نسائنا وأموالنا يما يرى» فقال النبي طَيَ: "كذب عدو الله" ثم قال لرجل: 
اذهب فإن وجدته حباً فاضرب عنقه؛ وإن وجدته قد مات فأحرقه بالنارء وما أراك تجده 
حي قال: فجاء فوجدته قد لدخته حية أو أفعى فمات» فذلك قول رسول الله :"من 
كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار". حدثنا محمد بن هارون أبو حامد الحضرمي» 
قال: حدثنا السري بن مزيد الخراساني» قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الفزاري» 
قال: حدثنا داود بن الزبرقان» قال: أخبرني عطاء بن السائب» عن عبد الله بن الزبير» أنه 
قال يوماً لأصحابه: أتدرون ما تأويل هذا الحديث: "من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده 
من النار"؟ قال: رجل ععشق امرأة فأتى أهلها مساءء فقال: إني رسول رسول الله طق 
بعثني إليكم أن أتضيف م أي بيوتكم شئت» قال: ذكان شنار يكرت إلى المساءء قال: 
فأتى رجل منهم النبي 5 فقال: إن فلاناً أثانا يزعم أنك أخحبرته أن يبيت في أي بيوتنا 
شاءء» فقال: كذب» يا فلان انطلق معه فإن أمكنك الله منه فاضرب عنقه وأحرقه بالنارء 
ولا أراك إلا قد نعيته» فلما حرج الرسولء» قال رسول الله يوَْ: ادعوه, فلما جاء قال: إني 
قد كنت أمرتك أن تضرب عنقه وأن تحرقه بالنارء فإن أمكنك الله منه فاضرب عنقه ولا 
تحرقه بالنار» فإن لا يعذب بالنار إلا رب النار ولا أراك إلا قد كفيته» فجاءت السماء 





حت الجليس الصاح والأنيس الناصح سسسب سس سس سس سلب سه اد 
فصبت فخرج ليتوضاً فلسعته أفعى» فلما بلغ ذلك النبي ؤهُ قال: هو في النارء وقوله 
فليتبوأ أي فليوطن نفسه ويعلم أنه تبوأ مقعده من النار أي تكون لنار مبوأ له.كما قال 
الله: #بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق» أي جعلناها منزلاً لهم قال ابن هرمة: 
وبوئت في صميم معشرها فتمّفي قومها موَوُهَا 
وقال بعض بكر بن وائل يخاطب الفرزدق: 
لقد باتك الدّار بكر بن وائل وقرّت لك الأحشاء إذ أنت مجرم 
وقول الله تعالى: إوالذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبَولتهم من الجنة غرفاً4 من 
هذا الباب» وكذلك قرأ جمهور أهل الحجاز والشام والبصرة والكوفة» وقرأ عدد من 
الكوفيين منهم حمزة والكسائي: لنشوينهم من الثواءء كما قال الحارث بن حلزة: 
آذْكشًا ببينبا]سْمء رب ثاو يمل منه الشواء 
وفي تصريف الفعل من هذا لغتان يقال: ثوى يثوي وأثوى يثوي» ويروي بيت 
الأعشى على وجهين: 
أثوى وقصر ليلة لليزودا فَحَنى وأحلف من قَتيْلةَ موعدا 
ويروي أثوى على الوجه الرباعي» ويروي أثوى بلفظ الاستفهام على أنه ثلاثي» ولو 
قيل ثوى من غير تقديم على أن يكون الجزء الأول من البيت مخروماً لكان ذلك صواباً. 
ذكربعض ثنوادر الأخبار 
مجنون بني سعد 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري إملاء من حديثه سنة ست وعشرين وثلاشائة» قال: 
حدثني محمد بن المرزبان» قال: حدثنا محمد بن سعيد بن صالح اليشكري» قال: حدثا 
محمد بن محب المازني» قال: حدثني أبي» قال: لما قدم سليمان بن علي البصرة واليا عليها 
قيل له: إن بالمربد رجلاً من بني سعد, بحنوناً سريع الجواب لا يتكلم إلا بالشعرء فأرسل 
إليه سليمان بن علي قهرمانه» فقال له: أجب الأمير» فامتنع فجره وزبره» وخرق ثوبه) 
وكان المحنون يستقي على ناقة له فاستاق القهرمان الناقة وأتى بها سليمان بن علي» فلما 
وقف بين يديه قال له سليمان» حياك الله يا أحما بني سعد فقال: 
حياك رب الناس منأمير يا فاضل الأصل عظِيم الخير 
إفي أتاني الفاسقُ الجل وار والقلب قد طار به اهتزانٌ 
فقال سليمان: إنما بعثنا إليك لنشتري ناقتنك» فقال: ١‏ عت 
ما قال شيئاً في شراء الناقة وقد أتى بالجحهل والحماقة 
فقال: ما أتى؟ فقال: 


حرق سربالي وشقّ بردتي وكان وجهي في الملا وزيني 


حدر سل ٠‏ سس املس الثاني حت 
فقال: أفتعزم على الناقة؟ فقال: 
أبيعبا بعد ما أوكس والبيع في بعض الأوان أكيس 
قال: كم شراوّها عليك؟ فقال: 
شراؤها عشيرٌٌ ببطن مدمكلة2 من الدتنير القيام الُّكة 
ولاأإبيعالدهر ٌو آزَادُ إلي لربح في الورى معتاد 
قال: فبكم تبيعها؟ فقال: 
حذها بعشر وبخمس وازنة فإلها ناقة صدق مازنه 
قال: فحطناء فقال: 00070 
تبارك الله العلى العالي 202 تسألني الحط وأنت الوالى 
قال: فنأحذها منك ولا نعطيك شيئاً: فقال: 
فأين ري ذو الجلال الأفضل إن أنت لم تخش الإله فافعل 
قال: فكم أزن لك فيها؟ فقال: 
والله ما ينعشني ما تعطي ولا يداني الفققر مني حملي 
خحذه بما أحببت يابن عباس>١06'‏ يابن الكرام من قريش الراسِ 
فأمر له سليمان بألف درهم وعشرة أثواب» فقال: 
إن رمتني نحوك الفجحملاج أبو عيل معدم محتاج 
طاوي المعى ضسيق المعيش فأنبت الله لديك ريشي 
شرفتني منك بألف فاحسرة ش_رفك الله هيانفي الآحصسرة 
وكسوة طاهمرة حسان كساك ربي حلسل الجنان 
التعليق على الخبر ‏ | 
فقال سليمان: من يقول إن هذا مجنون؟ ما كلمت قط أعرابيا أعقل منه. 
قول الإعرائي: ضيق المعيش» المعيش جمع معيشة» كما قال رؤبة: 
ظ أشكو إليك شدة المعيش ١‏ ومرٌ أعوام نتفن ريشي 
ويكون المعيش الموضع والمعاش المصدر مثل المضرب والمضرب والمقر والمقر. , 
قال القاضي أبو الفرج: قد أنهينا هذا المجلس إلى هنا لكلا يستطال» إذ قد تقدمته حطبة 
ورسالة» والله المستعان. 
المجلس الثاني 
حدثنا عبد الله بن سليمان أني داود بن الأشعث السجستاني إملاء من حفظه في يوم 
الثلاثاء لأربع بقين من شعبان سنة ست عشرة وثلاشائة» قال: حدثنا العباس بن الوليد بن 


جح الجليس الصالح والأنيس النامح سس سس سح حتت اعد 
يزيد» قال: أخبرني أبي» قال: حدثني عبد الله بن شوذب» قال: حدثني مطرء قال: ولا 
أعلم سنده إلا عن الحسن بن أي هريرة رفعه» قال: كان رجل في بني إسرائيل يقال له 
جريج؛ وكان صاحب صومعة قال: فاشتاقت أمه إليه فأتته حتى قامت عند صومعتهع 
فنادته: أي جريج! أي جريج! وهو قائم يصليء» فلما سمع النداء فعرف الصوت أمسك 
عن القراءة» فقال: أي رب! صلاتي أو أميء ثم قال: ربي أعظم علي حقاً من أمي» قال: 
فمضى في صلاتف ثم نادته الثانية ففعل أيضاً مثلهاء وقالت الثالثةق» ففعل أيضاً مثلها ولم 
يشرف عليهاء فقالت: اللهم كما لم يرني وجمه فابتله بنظر المومسات في وجهه؛ فحملت 
امرأة من أهل القرية من فاحشة فولدت» فقيل لما: ممن هذا؟ قالت: من صاحب 
الصومعة؛ فرفع ذلك إلى الملك» فقال: هذا صاحب صومعة:؛ وهو يفعل مثل هذا؟ فأمر 
أهل القرية فأحذوا الفئوس والمساحي» حتى أتوه فنادوه وهو في صلاته فلم يكلمهم, 
قال: فقالوا: ضعوا الفؤوس في الصومعة فضربوا حتى كادت أن شميلء قال: فأشرف 
عليهم» فقال: ماذا تريدون؟ ما لي ولكم؟ فقالوا: أنت في الصومعة وأنت تحبل النساء؟ 
فقال: أنا؟ فنزل فصلى ركعتين ودعا الله تعالى ثم جاء إلى الصبي ولما يتكلم فضرب قفاه 
وقال: من أبوك؟ قال: صهيب صاحب الضأن؛ وكان صهيب رجلاً يرعى الغنم يأوي إلى 
الصومعة» قال: فقال النبي يه 'والذي نفس محمد بيده» لو دعت الله أن يفتنه عن دينه 
لأفتنه عن دينه". وقد روى حبر جريج عن طريق آخرء وذكر فيه أن الصومعة هدمت 
وأنه قيل له: نبنيها لك لبنة من فضة ولبئنة من ذهب» فقال: بل ردوها كما كانت. 
التعليق على الخبر 

قوله في الخخبر: المومسات هو جمع مومسة وهي البغي الفاجرة» فإن قال قائل: كيف 
دعت أمه عليه واستجيب لها فيه؟ وهو لم يقصد عقوقهاء ولم يترك إجابتها تهاوناً بجاء ولا 
استخفافاً بحقهاء وإنما آثر مرضاة لله على أمرما؛ وإتمام صلاته التي ابتدأهاء إما مؤدياً 
الفرض فيهاء وإما متطوعاً بفعلهاء قيل له: جائز أن يكون الكلام في شريعتهم كان جائزاً 
في صلاته كما كان في أول الإسلام ثم نسخ ما أبيح منه بحظره» والنهبي عنهء على ما 
وردت الأخبار به» وجاء أن عبد الله بن مسعود أحبر أنه كان يسلم بعضهم على بعض في 
الصلاة فيرد عليه وأنه ذكر أنه حين قدم من أرض الحبشة سلم على النبي وي وهو في 
الصلاة فلم يرد عليه؛ وأنه قال: فأحذني ما قرب وما بعد» وقال النبي َه حين فرغ من 
صلاته: أعرذ بلئد من غضب الله وغضب رسولده سلمت علياك فلم ترد فقال: إن اله 
يحدث من أمره ما شاءء وأنه مما أحدث "ألا تكلموا في الصلاة" وأن يكون جريج رأى 
وإن كانت إجابته في أمه جائزة في صلاته أو غير قاطعة لما - بأن المضي على الصلاة 
أولى من إجابتهاء وجائزة أن يكون القوم قد فرض عليهم إجابة أمهاتهم في الصلاة إذا 


حمر اص سس سس حت الس الثاني حت 
دعونهم وإن كانوا في صلاتهم» فترك ذلك جريج لتفريط منه وفي فعله أو العلم به وقد 
روى عن النبي يي أنه قال: "لو نادائي أحد أبوي وأنا في الصلاة فقال يا محمد لأجبته", 
وهذا محتمل أن يكون على بعض الوجوه المخصوصة أو المنسوحة» وجائز أن يكون أراد 
لأجبته بالتسبيح ليعلم أني قد سمعته أو في هذه الحال بالتصفيق» وقال: التسبيح للرجال 
والتصفيق للنساء؛ وروى عن النبي د أنه قال لبعض من ناداه وهو يصلي فلم يجبه فقال: 
ما منعك أن تجيبني؟ فقال: ني كنت أصلي ققال: ألم تسمع قول الله عز وجل: 
#إاستجيبوا لله ولرسوله إذا دعاكم»# وروي أن إبراهيم النخعي سثئل عمن ست رجلا 
في الصلاة. فقال: إنه لم يقل إلا معروفاً والقول في هذا النحو مستقصى فيما ألفناه من 
كتبنا في الفقه. 
حروف المقارية 
وقوله في هذا الخبر: حتى كادت أن شيل.. الظاهر في كلام العرب أن يقولوا كادت 
هيل من غير أن يأتوا بأن» وكاد هذه من حروف المقاربة» فقال: كاد فلان يبلك وكاد 
يفعل كذاء قال الله عز وجل: #تكاد السموات يتفطرن منه» وقال: إفذبحوها وما 
كادوا يفعلوك4., وقال: كانوا يكونون عليه لبدا» في نظائر لهذا كثيرة» وقد تقول 
العرب: كاد أن يفعل» كما قال الشاعر: 
كادت النفس أن تفيض عليه إذ ثوى حشو ريطة وبرود 
وقال الراجر: 
قد كاد من طول البلى أن يمصحا 
نه أدحلها في باب عسى كما أدخل عسى عليها القائل من الشعراء: 
عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب 
وقال آخر: 
عسى الله يغني عن بلاد ابن قادر 2 بمنهمر جون الرّباب سكوب 
وقال آخر: 
عسى فرج يأتي به الله إنه له كل يوم في حليقته أمَرٌ 
ومثل هذا لعلء الباب فيها لعل القوم» قال الله: "لعلكم تفلحون' '» وقال: "لعله يتذكر 
أو يخشى"» وقد تدخحل على باب عسى لاشتراكها في باب الترجي والمقاربة والتوقع» 
وذلك قول الشاعر: 
تتبع خبايا الأرض وادع مليكها 2 لعلك يوماً أن تجاب وترزقا 
وقال آخر: 


ترفق أيها القمر المنير كتعلك أن ترى حجراً يسير 


حت الجليس الصاح والأيس النامصح خم سح لصحت اح 
وقال آخر: 
لعلي إن مالت بي الريح ميلة على ابن أني ذبان أن يتندّما 
وقد تأتي كاد بمعنى الإرادة لاشتراكهما في معنى المقاربة» كقولك: كاد الحائط أن يميل؛ 
وضربه حتى كاد أن يموت» أي أراد أن يميل وأن يموت» وقال الشاعر في هذا المعنى: 
كادت وكدت وتلك حير إرادة 2 لو عاد من وصل الحبيبة ما مضى 
وقد قيل في قول الله: إن الساعة آتية أكاد أخفيبا# أن معناه أكاد أقيمهاء 
فحذف. ثم ابتدأ فقال: أحفيها وأن الكلام انتهى إلى أكاد» وأنه وقف تام» وأحفيها ابتدأ 
كأنه قال: أحفيها لتجزىء لتجزى إخبار بصلة الفعل الذي هو الإحفاء. 
وقرأ بعض القراء: أكاد أخحفيها بفتح الحمزة بمعنى أظهرهاء يقال: حفيت الشيء إذا 
أظهرته وأخفيته إذا سترته» وروى النبي لَك أنه: "لعن المختفي والمختفية" يعني النباش 
والنباشة» سميا بذلك لإظهارهما ما ستر بالمواراة والإخفاء والدفن» ورويت هذه القراءة 
عن سعيد بن جبير وغيره» ومن هذا المعنى قول الشاعر: 
داب شهرين ثم شهرا دبيكا باركين يخفيان غميرا 
وقال آخر: 
فإن تكتموا الداء لا نخفه وإن تبعثوا الحرب لا نقعد 
وقال امرؤٌ القيس: 
حفاهن من أنفاقهن كأئما حفاهن ودقّ من عشي حلب ' 
وخفيت وأخفيت جميعاً يرجعان إلى أصل واحدء خحفيت أي أزلت الإخفاء وأخفيت 
أي فعلت الإخفاء» ونحن نبين ما في هذه الكلمة من القرآن والمعاني ووجوه التفسير 
وطريق الإعراب والتأويل في مواضعه من كتبنا في القرآن إن شاء الله. 
وأما قول جريج لاصبي: من أبوك؟ فقد يسأل السائل فيقول: كيف من قال من أبوك 
والعاهر ليس له بأب لمن أتت به البغي من مائه ني حكم الشريعة؟ قيل: في هذا وجهان 
من التأويل أحدهما: أنه جائز أن يكون في شريعة هؤلاء القوم إلحاق ولد العاهر به إذا 
حملت أمه به منه. 
والوجه الآخر: أن يكون جريج قال هذه على وجه التمثيل أو كنى به تنزيهاً لألفاظه على 
جبة التشبيه» فقد تضاف الأبوة لفظاً من طريق النجاوز والاستعارة إلى من ليست له ولادة 
ولا نسب بينه وبين من ينسب إليه ولا قرابة» فيقال: فلان أبو الأرامل واليتامى إذا كفلهم 
وبرهم ووصلهم, وقام بتدبير أمورهم وكنفهم كفعل الآباء الوالدين لمن ولدوا من البنين. 
وقد روى في بعض قراءات من رويت عنه القراءة من المتقدمين "النبي أولى بالمؤمنين 
من أنفسهم وهو أب لحم وأزواجه أمهاتهم" وعبر عن الأزواج بأنهن للمؤمنين أمهبات 





جد ؟ ا مجلس الثاني حت 
توكيداً لحرمتهن ودلالة على تأبيد تحريم نكاحهن على غير النبي يك وفي ذلك استقصاء 
هذه الباب وما يناسبه ويتصل به طول. 

وقوله: "ولما يتكلم" هذه لم الحازمة دحلت عليها ما وقيل: إنها تأتي لنفي حضور 
شيء مننظر متوقع وقيل: بل هي على طريق لم وإن ضمت إليها ما كما هي في: إن تقم 
أقم» وإما تقم أقم» ولهذا النحو موضع هو أولى به. 

وأما قول النبى 1 "لو دعت الله أن يفتنه عن دينه لأفتنه عن دينه" فالذي أحفظ عن 
ابن أي داود أنه قال في هذا الحديث هكذا أن يفتنه» وقال لأفتنه» وفي تصريف الفعل من 
الفتنة على تشعب معانيها واحتلاف وجوهها لغتان: يقال: فتنه يفتنه على وزن فعل يفعل 
وهذه أعلى اللغتين وأفصحهماء وبها جاء كتاب الله تعالى في جميع القرآن» من ذلك: طلا 
يفتسكم الشيطان 2# وقوله #على خوف من فرعون وملئهم أن يفتدبم4 وقوله: 
#إوظن ذاود أنما فتناه» بمعنى امتحناه» وأضاف هذه إليه جل ذكره؛ وقد قرئٌ أنما فتناه 
بالتخحفيف على توجيه الفعل إلى الملكين» وقال تعالى: #ولكنكم فتنتم أنفسكم» وقال: 
«اإن الذين فتنوا المؤمئين والمؤمنات 4. 

واللغة الثانية في هذه الكلمة هي أقلهما في كلام العرب وهي: أفتنه يفتنه على أفعل 
يفعل. 2 

فإن كان ما روى لنا في هذا الحديث على اللفظ الذي وصفنا محفوظا عند رواته ومن 
أداه إلينا فإنه مما جمع فيه بين اللغتين. 

الجمع بين اللفتين ٠‏ 

والجمع بين اللغتين كثير في كلام العرب» وقد جاء منه في كتاب الله عز ذكره على 
تجاوز واتصال» وتراخ وانفصالء فمن المتصل قوله: #فمبل الكافرين أمبلهم#؛ ومن 
المنفصل قوله في السورة التي يذكر فيها الأنفال: «إومن يشاقق الله ورسوله»4 على إظهار 
التضعيف» وني سورة الحشر «إومن يشاق الله بالإدغام» ومثله إفليملل وليه4 على 
لغة من يقول: أمللت الكتاب فأنا أمله» وقوله: "فبي سَلى عليه". من أمليته أمليه» وقال 





الشاعر في الجمع بين اللغتين: 
لفن فتنتني لي بالأمس أفتنت سعيداً فأضحى قد قلى كل مسلم 
ومن الجمع بين اللغتين قول لبيد: 
سقى قومي بني بحد وأسقى عميراً والقبائل من هلال 
وقال آخر: 
يا بن رفيع هل لما من مغبق هل أن ساقيها سقاك المسقي 


وقرن بعضهم بين المعنيين في اللغتين فقال: سقيته أي ناولته ماء لشفته» وأسقيته إذا 


حت الجليس الصاح والأنئيس الناصح جب ---_-_-__ ااا 1 9 د 
جعلت له شرباً دائماًء ويقال أسقيته إذا دعوت له بالسقيا. 


وققفت على ريع لمية ناقتي فمازلت أبكي ععنده وأخاطبه 
وأسقيه حتى كاد مماأبثه تكلمني أحجاره وملاعبه 


ويقال: سقيته فشر ب») وأسقيته جعلت له ماء وسقيا. 

قال الخليل: سقيته مثل كسوته وأسقيته مثل ألبسته» ولاستقصاء الكلام في هذا وفي 
هاتين اللغتين وهل هما بمعنى واحد أو بمعنيين» وني ما احتلف نسخ كتاب سيبويه فيه من 
التفسير والتمييز له» وفي احتلاف القراءة بما أتى منه في مواضع من القرآن متفق اللفظ أو 
مختلفه في مواضع مختلفة كقوله: «إنسقيكم مما في بطونها» بالفتح ني الموضعين على أنه من 
سقى يسقي بالضم من لغة من قال: أسقي يسقي» وفي تفريق من فرق بين القراءة في هذين 
الموضعين وبينها في قوله: «إونسقيه مما خلقنا أنعاما4 وجمع من جمع في الفتح والضم 
طول.يتجاوز حد ما قصدناه بكتابنا هذا وبيانه في مواضع من كتبنا في علوم القرآن. 


٠‏ المتتهك 
وللفتنة وجوه منها الصرف عن الشيء ومنه هذه الكلمةع وأفتنته مثل حزئته» ومذهب 
سيبويه أن من قال: فتنته أراد جعلت فيه فتنة» ومن قال: أذ فته أي جعاته قات يقال وقتن 


الرجل فهو فاتن» وقال سيبويه: وزعم الخليل لك حيث قلت فته وحزته لم ترد ان 
تقول جعلته داحلاء ولكنك أردت أن تقول جعلت فيه حزنا وفتنة» فقلت فتنة كما قلت 
كحلته جعلت فيه كحلا ودهنته جعلت فيه دهناً» وقال الجرمي: سمعت أبا زيد يقول: 
حزنني الأمر حزناً وحزناً وأنا حزين ومحرون» وهذا مثل: جريح وبحروح وقتيل ومقتول» 
وقال سيبويه: كلهم يقول: أحزنني الأمر فإذا صار إلى يفعل ففيها لغتان» يقول قوم: 
يحزني على غير قياس» ويقول قوم: يحزنني على قياس» وأما الفراء فلم يزد في هذا على 
أن ذكر في حزن يحزن وأحزن يحزن لغتين. 

وقد اختلفت القراءة في اللفظ بهذه الكلمة في القرآن» فكان أبو جعفر المدني يقرأ لا 
يحزنك الدين » وإنه ليحزنك» وأيها الرسول لا يحزنك الدين» وإني ليحزنني أن تذهبوا 
به ويستمر على هذا في القرآن كله إلا في قوله: ولا يحزنهم الفزع الأكبر» فإنه يضم الياء 
فيه» وأما نافع فعلى عكس هذا المذهب لأنه ضم ما فتحه أبو جعفر في هذا الباب وفتح 
ما ضمههء وكان ابن محيصن يضم ذلك كله؛ وكان الجمهور من القراء بعده يفتحون الجميع 
وفي استقصاء هذا المعنى وذكر ما يتصل له لتفريق من فرق بين بعضه وبين بعض» 
والاحتجاج فيما اختلف المقرئون فيه مواضع جمة من كتبنا في علوم القرآن» نأتي على 
البيان عنه إن شاء الله عز وجل. 


حد؟ ا سسب سح خلس الثاني حت 
من نزلت فيه هذه الآية 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا أبو إسماعيل الترمذي» قال: حدثنا عبد 
الله بن الزبير الحميديء» قال: حدثنا سفيان بن عيينة» عن أني سعدء عن عكرمة» عن ابن 
عباس, في قوله تعالى: «إواتل عليبم نبأ الذي آتيناه آياتئا فانسلخ منها» قال: هو رجل 
كان في بني إسرائيل أعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيهن ما يدعو بهء وكان له امرأة له 
منها ولد وكانت سمجة دميمة» قالت: ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل» 
فدعا الله لماء فلما علمت أن ليس في بني إسرائيل أجمل منها رغبت عن زوجها وأرادت 
غيره فلما رغبت عنه دعا الله أن يجعلها كلبة نباحة» وذهبت عنه دعوتان» فجاء بنوها 
وقالوا: ليس بنا على هذا صبر أن صارت أمنا كلبة نباحة يعيرنا الناس بهاء فادع الله أن 
يردها إلى الحال التي كان عليها أولاً» فدعا الله فعادت كما كانت فذهب فيها الدعوات 
الثلاث فسميت البسوس وقيل: أشأم من البسوس. 

قال أبو الفرج: المشهور عند أهل السير والأخبار أن البسوس التي يقال من أجلها 
أشأم من البسوسء الناقة التي جرى فيما جرى من أمرها حرب داحس والغبراء» 
والمعروف من قول جمهور أهل التأويل أن قوله: #واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا 
فانسلخ منها» عنى به بلعم بن باعوراء الذي دعا للجبارين على موسى وبني إسرائيل» 
وقال بعضهم: نزلت في أمية بن أبي الصلت» ولكل واحد من هذين اللذين سميناهما 
حديث طويل وقد جاء الخبر الذي وصفنا ما حكينا والله أعلم. 

وفي هذا الخبرء قال: وكانت سمجة بكسر الميم مثل بطرةء» وحكى سيبويه عن 
العرب: رجل سمج بتسكين الميم مثل سمحء وقال: فقالوا: سميح كقبيح» قال: ولم يقولوا 
سمح وإن كانت العامة قد أولعت به. 

وقول الراوي في هذا الخبر: يعيرنا الناس بهاء القصيح من كلام العرب: عيرت فلاناً ' 
كذاء وأما عيرته بكذا فلغة مقصرة عن الأولى في الاشتهار والفصاحة» وإن كانت هي 
الجارية على ألسنة العامة» ومن اللغة الأولى قول النابغة: 

وعيرتني بنو ذبيان رهبتهة وهل علي بأن أحشاك من عَارٍ 
وقال المتلمس: 
يعيرني أميّ رجالٌ ولا أرى أنحا كرم إلا بأن يتكرما 
وقال المقنع الكندي في اللغة الأخرى: ّ 
يعيرني بالدين قومي وإنما تدانيت في أث شياء تكسبهم بحدا 
أقوال حكيمة عن بعض العلماء واللأعراب 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريدء قال: حدثنا عبد الرحمن عن عمهء قال: سمعت 





عات 





جب الجليس الصالح والأنيس الناصح 
أعرابياً يقول: فوت الحاجة خيرٌ من طلبها من غير أهلباء قال الأصمعي: وسمعت آخر 
يقول: حمل المنن أثقل من الصبر على العدم. 
قال: وسبعت آخر يقول: النزاهة أشرف من سرور الفائدة» قال: وبلغني أن ابن عباس 
يقول: كما يتوحى بالوديعة أهل الثقة والأمانة فكذلك ينبغي أن يتوخحى بالمعروف أهل 
الوفاء والشكر. 
قال القاضي أبو الفرج: في هذا المعنى وما يضاهيه وما يخالفه أحبار وكلام لعلنا نأتي 
به فيما يستقبل من كتابنا هذا إن شاء الله. 
وأنشدنا ابن دريد» قال أنشدنا أبو حاتم: 
رأيت الدهر بالأحرار يكبو ويرفعراية الهقوماللتام 
كأن الدهر موتورٌ حقوةٌ فيطلب وتره علد الكلرام 
قال: وأنشدنا أبو حاتم أيضاً: 
أظن الدهر أقسم ثلمبرا بأن لايك سبالأموال حرا 
لقد قعدالرمان بكل حي ونتقض من قواه مااستمرا 
المجلس الثالث 
هذا في سبيل الله 
حدئنا يحبى بن محمد بن صاعد إملاءً في يوم الأحد لست بقين من شعبان سنئة ست 


عشرة وثلاشاثة» قال: حدثنا محمد بن زياد بن الربيع الزيادي» قال: حدثنا حماد بن زيد» 
عن عاصم عن أبي وائل» عن عبد الله يعني ابن مسعود؛ قال: حط لنا رسول الله عي 
حطأًء فقال: "هذا سبيل الله ثم خط خطوطاً يميناً وشالاً ثم قال: هذه سبل على كل 
سبيل منها شيطان يدعو إليه" ثم قرأ «إوإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا 
السبل فتفرق بكم عن سبيله». 

قال لقاضي أ بو الفرج: وهذا القول من النبي ته والتمثيل من أبين الأقوال البليغة 
وأفصحهاء وأرعن الأمثال البليغة المضروبة الصحيحة وأوضحهاء وذلك أنه خط خطاً 
جعله مثل الصراط في استقامته إذ لا زيغ فيه ولا ميل ثم حط خطوط يمنة وشأمة آخذة 
في غير سمته وجهته. تفرق بمن سلكها واتبعها عن السبيل التي هي“ سبيل الحدى» والنجاة 
من مرديات الموى, ومهذا جاء وحي الله وتنزيله في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه 
ولا من خلفه؛ قال: جل ذكره: لإشرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا 
إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه4 فدل 
هذا على مثل ما دلت عليه الآية التي تلاها رسول الله عت في الخبر الذي رويناه فقال 
تعالى: «إإن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء4 وقال: «إفتقطعوا 








حدع؟ املس الثالث جل 
أمرهم بينهم زمراً كل حزب بما لديهم فرحون4 في كثير مما يضاهي هذا المعنى» 
والسبيل الطريق. وقول النبي لَه في هذا الخبر حين خط الخط "هذا سبيل الله" يحتمل أن 
يكون إشارة إلى الخط فذكرء إذ الخط مذكرء وجائز أن تكون الإشارة فيه إلى السبيل 
فذكره إذ العرب تذكر السبيل وتؤنثه» وقد جاء التنزيل باللغتين» على أن منه من يذكر 
الطريق ومنهم من يؤنئه وكذلك الصراط» قال عز وجل في التذكير: «إوإن يروا سبيل 
الرشد لا يتخذوه سبيلاء وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً4 وذكر أنها في قراءة 
أني بن كعب لا يتخخذها ويتخذها بالتأنيث وقال في التأنيث: 9وعلى الله قصد السبيل 
ومنها جائرك, وقال: «إقل هذه سبيلي أدعو إلى لله على بصيرة# والتذكير والتأنيث 
كثيرٌ موجود في الكتاب والسنة كقول النبي "لولا أنه سبيل آت وحتم مقضي" وني 
أشعار العرب وسائر كلامهاء والتأنيث أكثر» وأنشد أبو عبيدة: 
فلا تجزع فكل فتى أناس << سيصبح سالكاً تلك السبيلا 

وأما قول الله "ولتستبين سبي المحرمين" فقد أنت القراءة فيه بالوجهين معاًء أعني 
التذكير والتأنيث» فكان من قرأ بالتأنيث الحسن وبجحاهد وعبد الله بن كثير وعبد الله بن 
عامر وأبو عمرو بن العلاء وأبو المنذر سلام بن المنذر» ويعقوب الحضرمي وقرأ ذلك 
بالتذكير الأعمش وعاصم وحمزة والكسائي» وقرأ ذلك أبو جعفر المدني وعبد الرحمن بن 
هرمز الأعرج وشيبة ونافع «#ولتستبين سبيل المجرمين4 أي لتبينها يا أيها النبي 
وتستوضحهاء والتاء في هذه القراءة للمخاطبة ولا دلالة فيها على تذكير ولا تأنيث» 
والسبيل منصوبة بالفعل» وقد احتلفت القراءة أيضاً في كسر إوأن هذا صراطي مستقيماً 4 
وفتحها وتخفيفها وتشديدها وفتح الياء من صراطي وإسكانهاء فقرأ بكل وجه من هذه 
الوجوه أئمة من قراء الأئمة؛ فمن قرأ وأن هذا بالفتح والتشديد في أن وصراطي بإسكان 
الياء أبو جعفر وابن هرمز الأعرج وشيبة ونافع وعاصم وأبو عمروء وممن قرأ بكسر إن 
وتشديدها وتسكين ياء اء صراطي عبد الله الأعمش» وطلحة بن مصرف والكسائي على 
الابتداء» وممن قرأ بفتح الحمزة وتخفيفها وفتح ياء صراطي عبد الله بن أبي إسحاق 
الحضرمي وعبد الله بن عامر وقرا أبو المنذر سلام: وأن بالفتح والتشديد وصراطي يفتح : 
الياء» وقرا وأن بالفتح والإسكان لياء صراطي يعقوب الحضرمي. قال القاضي ] و الفرح 
وبهذه القراءة أقرأ» وهين وسائر ما قدمنا ذكره من القراءات في هذه الآية صواب عندنا 
صحيح معناه لديناء وقد تقرأ به وتراه مستقيماً حسناً في معناه ولفظه؛ وترى مختاري القراءة 
به مصيبين» ولسبيل الحق متبعين» وبالله ذي الطول والقوة والحول نستعين. 

عزل الحجاج بن يوسف عن الحرمين 
حدثنا محمد بن أي الأزهر» قال: حدسا الزبير بن بكار» قال: وحدثني محمد بن يحيى) 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح ااام ا ا لت 
قال: حدثني عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزهري قال: لما ولي 
الحجاج بن يوسف الحرمين» بعد قتل عبد الله بن الزبير استحضر إبراهيم بن طلحة بن 
عبيد الله وقربه في المنزلة فلم يزل على حاله عنده؛ حتى خرج إلى عبد الملك زائرا له 
فخرج معه فعادله لا يترك في بره وإجلاله وتعظيمه شيئاء فلما حضر باب عبد الملك 
حضر به معه» فدخل على عبد الملك فلم يبدأ بشيء بعد السلام إلا أن قال: قدمت 
عليك يا أمير المؤمنين برجل الحجازء لم أدع له والله فيها نظيراً في كمال المروءة والأدب 
والديانة»؛ ومن الستر وحسن المذهب والطاعة والنصيحة» مع القرابة ووجوب الحق: 
إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله وقد أحضرته بابك لتسهل عليه إذنك وتلقاه ببشرك وتفعل 
ما تفعل بمثله ممن كانت مذاهبه مثل مذاهبه» فقال عبد الملك: ذكرتنا حقا واجبا ورحما 
قربياً» يا غلام ائذن لإبراهيم بن طلحة» فلما دحل عليه قربه حتى أجلسه على فرشه ثم 
قال له: يا ابن طلحة! إن أبا محمد أذكرنا ما لم نزل نعرفك به من الفضل والأدب وحسن 
المذهب,. مع قرابة الرحم ووجوب الحق» فلا تدعن حاجة في حاص أمرك ولا عامته إلا 
ذكرتهاء قال: يا أمير المؤمنين ! إن أولى الأمور أن تفتتح بها حوائج وترجى بها الزلف ما 
كان لله عز وجل رضاء ولحق نبيه م أداء» ولك فيه ولجماعة المسلمين نصيحة» وإن 
عندي نصيحة لا أجد بدا من ذكرها ولا يكون البوح بها إلا وأنا حال» فأخلني ترد عليك 
نصيحتي) قال: دون أي متحمد؟ قال: نعم قال: قم يا حجاج» فلما جاوز الستر قال: قل 
يا ابن طلحة نصيحتكء قال: الله أمير المؤمنين أمير المؤمنين» قال: الله قال: إنك 
عمدت إلى الحجاج مع تغطرسه وتعترسه. وتعجرفه وبعده عن الحق وركونه إلى الباطل» 
فوليته الحرمين» وفيهما من فيهماء وبهما من بهما من المهاجرين والأنصار» والموالي 
المنتسبة الأخيار» أصحاب رسول الله ؤَيَهْ وأبناء الصحابة» يسومهم النسف» ويقودهم 
بالعسف؛ ويحكم فيهم بغير السنة» ويطؤهم بطغام أهل الشام» ورعاع لا روية لهم في 
إقامة حقء ولا إزاحة باطل» ثم ظننت أن ذلك فيما بينك وبين الله ينجيك» وفيما بينك 
وبين رسول الله غتَه يخلصك إذا جاثاك للحصومة في أمته. أما والله لا تنجو إلا بحجة 
تقيمن لك النجاة» فابق على نفسك أو دع؛ فقد قال رسول الله 8: "كلكم راع وكلكم 
مسئول عن رعيته" فاستوى عبد الملك جالساً وكان متكئاء فقال: كذبت - لعمر الله - 
ومنت ولؤمت فيما جئت به» قد ظن بك الحجاج ما لم يجد فيك» وربما ظن الخير بغير 
أهله. قم فأنت الكاذب المائن الحاسد» قال: فقمت والله ما أبصر طريقاء فلما حلفت 
الستر الحقني لاحق من قبله؛ فقال للحاجب: احبس هذاء أدحل أبا محمد للحجاج فلبئثت 
مليا لا أشك أنهما في أمريء ثم حرج الآذن فقال: قم يا ابن طلحة فادخحل» فلما كشف لي 
الستر لقيني الحجاج وأنا داحل وهو خارج فاعتنقني وقبل ما بين عيني» ثم قال: إذا جزى 


حوطس 7 اجلس الثالث حد 
الله المتحابين بفضل تواصلهم فجازاك الله أفضل ما جزى به أحاًء فوالله لشن سلمت لك 
لأرفعن ناظرك» ولأعلين كعبكء ولأتبعن الرجال غبار قدمكء قال: فقلت: يهزأ ي» فلما 
وصلت إلى عبد الملك أدنائي حتى أجلسني بحلسي الأولء ثم قال: يا ابن طلحة لعل أحداً 
من الناس شاركك في نصيحتك؛ قال: قلت: لا والل ولا أعلم أحداً كان أظهر عندي 
معروفاً ولا أوضح يدا من الحجاجءولو كنت محابياً أحداً بديني لكان هوء ولكن آثرت الله 
عز وجل ورسوله صلى الله عليه والمسلمين» فقال: قد علمت أنك آثرت الله عز وجل» 
ولو أردت الدنيا لكان لك بالحجاج أمل» وقد أزلت الحجاج عن الحرمين لما كرهت من 
ولايته عليهماء وأعلمته أنك استنزلتني له عنهما استصغاراً لهماء ووليته العراقين لما هنا من 
الأمور التي لا يرحضها إلا مثلهء وأعلمته أنك استدعيتني إلى التولية له عليهما استزادة له 
ليازمه من ذمامك ما يؤدي به عني إليك أجر نصيحتكء فاحر ج معه فإنك غير ذام صحبته 
مع تقريظه إياك ويدك عنده؛ قال: فحرجت على هذه الجملة. 

قال أبو بكر بن أي الأزهر: يرحضها يعني يغسلهاء قال القاضي أبو الفرج: الرحض: 
الغسل؛ ومنه سميت الأخلية المراحيض» وجاء في نخبر عن عائشة هه ذكرت فيه الخروج إلى 
الأقضية للحاجة وذلك قبل أن يتحذ الناس المراحيضء ومن ذلك ما روي عن النبي َي أنه 
قال وقد سكل عن الطبخ في قدور المشركين "أرحضوها بالماء: ومن ذلك الرحضاء في الحمى 
وذلك حين يعرق صاحبهاء كما قيل فيها النؤباء من التناؤب» والمطواء من التمطي» والعرواء 
إذا أعرت» من قولهم عرا يعرو» وقيل لما رحضاء إما لأن العرق مؤذن بانصرافها فكأنه أماطها 
وغسلهاء وإما لأن المحموم إذا عرق شبه بالمغتسل بالماء» وقول عبد الملك لإبراهيم بن طلحة 7 
في هذا الخبر: أعلمت الحجاج في موضعين؛ كلام غير حارج على طريق الصحة والتحقيق» 
وذلك لأن الإعلام هو إلقاء الشيء الصحيح الذي يقع بمثله العلم للملقى إليه» فأما ما لا 
حقيقة له فلا يقال أعلمت أحداً به» ولو كان أحبرته مكان أعلمته لكان الكلام مستقيماًء لأن 
المعلم لا يكون إلا محقاًء والمخبر قد يكون محقاً ومبطلاً. ألا ترى أن رجلاً لو قال لعبيده: 
من أعلمني منكم بقدوم زيد فهو حرء فقال له قائل منهم: قد قدم زيد وهو كاذبء لم يعتق» 
ولو كان قال: من أخبرني مكان من أعلمني لعتق هذا المخبرء وكذلك لو أخبره مخبر بهذا 
منهم بعد أن يقوم العلم له لم يعتق» لاستحالة إعلام من قد علم؛ ولو أخبره لعتق لصحة 
إخبار المخبر بما كان قد أتخبر به. 

عمر رضي الله عنه يتمثل بشعر 

حدثنا محمد بن الحسين بن دريد» قال أحبرنا أبو حاتم» عن أي عبيدة)» عن يونس» 

قال: جاء عبد الرحمن بن عوف إلى باب عمر بن الخنطاب فسمعه وهو يتمثل في بيته: 
وكيف مقامي بالمدينة بعدما 20 قضى وطراً منها جميل بن معمر 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح سسسب 77 1 7 مت 

قال القاضي أبو الفرج: ويروي كيف ثوائي بالمدينة» ثم قال: يا يرفاً! من بالباب؟ قال: 
عبد الرحمن بن عوفء, قال: أدحله فلما دحل قال: أسمعت؟ قال: نعم قال: إنا إذا حلونا في 
منازلنا قلنا ما يقول الناس. قال القاضي أبو الفرج: هذا جميل بن معمر الجمحي من مسلمة 
الفتح» قتل على عهد عمرء وليس بجميل بن عبد الله بن معمر العذري الشاعر. 

كلمات مأكورهة 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» حدثنا حريز بن أحمد بن داؤدء قال سمعت 
العباس بن المأمون قال: سمعت أمير المؤمنين المأمون يقول: قال لي علي بن موسى 
الرضا: ثلاثة توكل بها ثلاثة» تحامل الأيام على ذوي الأدوات الكاملة» واستيلاء الحرمان 
على المقدم في صنعته» ومعادة العوام لأهل المعرفة. 

من زهد رجال الحديث 

حدثنا محمد بن قاسم الأنباري» قال: حدثني أي»2 قال: حدثنا موسى بن عبد 
الرحمن بن مسروق الكندي الكوفي» قال: حدثنا محمد بن المنذر الكندي - قال: وكان 
جاراً لعبد الله بن إدريس قال: حج الرشيد ومعه الأمين والمأمون فدحل الكوفة فقال لأبي 
يوسف: قل للمحدثين يأتونا يحدثوناء فلم يتخلف عنه من شيوخ الكوفة إلا اثنان عبد 
لله بن إدريس وعيسى بن يونس» فركب الأمين والمأمون على عبد الله بن إدريس 
فحدثهما بمائة حديث» فقال المأمون لعبد الله: يا عم! أتأذن لي أن أعيدها عليك ومن 
حفظي؟ قال: افعل» فأعادها كما سمعبها فكان ابن إدريس من أهل الحفظ يقول: لولا أنني 
أحشى أن ينفلت مني القرآن ما رويت العلم» يعجب عبد الله من حفظ المأمون» وقال 
المأمون: يا عم! إلى جنب مسجدك دار إن أذنت لنا اشتريناها ووسعنا بها المسجدء 
فقال: مابي إلى هذا حاجة قد أجزأ من كان قبلي وهو يجزئئي» فنظر إلى قرح في ذراع 
الشيخ فقال: إن معنا متطبين وأدوية) أتأذن لي أن يجيئك من يعالحك؟ قال: لاء قد ظهر 
بي مثل هذا وبرأء فأمر له بمال وجائزة فأبى أن يقبلها وصار إلى عيسى بن يونس 
فحدتهماء فأمر له المأمون بعشرة آللاف درهم) فألى أن يقبلها فظن أنه استقلباء فأمر له 
بعشرين ألفأء فقال عيسى: لا ولا إهليلجة ولا شربة ماء على حديث رسول الله يك ولو 
ملأت لي هذا المسجد ذهباً إلى السقف» فانصرفا من عنده. 

من الشعر الحكيم 

حدثنا القاسم بن داود بن سليمان أبو ذر القراطيسي» قال: حدنا أبو بكر بن أبي 
الدنياء قال: أنشدني الحسين بن عبد الرحمن: 
إذا لم تتسامح بالأمور تعقدت عليك فسامح وامزج العسر باليسر 


فلم أر أوقى للبلاء من التنقى :ولم أر للمكروه أشفى من الصبر 


حر الس سس ححص ا مجلس الرابع كت 
المجلس الرابع 
ن من الشعر حكما 
حدثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول إملاء في يوم الاثنين لخمس ليال بقين من شعبان 
سنة ست عشرة وثلاشائة» قال: حدثنا أبي؛ عن أبيه» عن أبي شيبة؛ عن هشام بن عروة» 
عن أبيه.» عن عائشة» قال: قال رسول الله طَقَ: "إن من الشعر حكماًء وإن أصدق بيت 
تكلمت به العرب قول الشاعر: ألا كل شىء ما خلا الله باطل" 
مذهب للمؤلف في الصفير 
قال القاضي أبو الفرج: هذا البيت الذي حكاه النبي ويه عن قائله من الشعراء هو 
للبيد بن ربيعة» افتتح به كلمة فقال في أوها: 
ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيم ل محالة زائل 
وبعده: 
وكل أناس سوف تدخل بينهم دويهية تصفرٌ منبا الأنامل 
وقد روي أن عثمان رضوان الله عليه لما سمع قوله: كل ميم لا عا زائل ذل 
كذبء. نعيم أهل الجنة لا يزول» وهذا القول من عثمان يدل على أن مذهب القوم 
العموم هو جار في لغتهم على الشمول عند تجرده واستغراق الجنس بإطلاق لفظه. 
وأما قول لبيد في البيت الآخر: دويهية على التصغير» فمن الناس من يقول هو تصغير 
معناه التكبير» وجعله مثبتو الأضداد في اللغة من الأضدادء وقال بعضهم: بل هو على 
تصغيره» وإما أريد به أنه إذا كان الصغير منه يبلغ هذه المبلغ» ويؤثر هذه الأثر فكبيره أعظم 
وأبلغ» ولي في هذا مذهب استخرجته بنظري» وما علمت أحداً سبقني إليه ولا تقدمني فيه 
ولكن الله الذي يؤتي الحكمة من يشاء نبهني عليه» وهو أن الاسم المصغر في ذاته وقلة أجزائه 
فالحجيرة الصغيرة التي ليست حجرة كبيرة» وأما المتعلق بشيء يسير فكقولك: أتيتك قبيل 
العصر أو بعيد الفجرء فتبين أن المتقدم من الزمان في قولك قبيل يسير قليل» والمتأخر منه في 
قولك بعيد قصير ليس بطويل» ونحو هذا قديديمة وريئة في قدام ووراء يجري الأمر فيه من 
جبة الأمكنة براه فيما قدمناه من باب الأزمنة كما قال الشاعر: 
قديديمة التجريب والخلم أنني أرى غفلات العيش قبل التنجارب 
فظن من قال إن التصغير في هذا الباب تكبير لما رأى أن القصد من قائله الإشعار بأمر 
عظيم وخطب كبير جسيم؛ ولو تأمل هذا الظان الأمر في هذا لبان له أن الصغير على صغره. 
فإنه ننج كبيراً وأدى إليه عظيماً في نفعه نفعه أو ضرره؛ وكل واحد من الأمرين على حقيقته ني 
نفسه) وحصوصيته في جنسه. فالدويهية هنا صغيرة جرت أمراً كبيراً كما قال: 
رب كبير هَاجِهُ صغيرٌ وفي المُحُور تغرقُ النُحورٌ 


حج الجليس الصالح والأنيس الناصح ب ب سس بو ود 

وقول القائل من امحدئين: 

لا تحقرن سببباً كم جر أمراً 

وكان بعض من يتعاطى الأدب» ويدأب في طلب المعاني واستنباط لطيفها سمع مني 
معنى ما ذكرته في هذا الفصلء بعد أن طعن على من قدمت له الحكاية عنه في هذا الباب» 
وقال: كيف يكون الصغير كبيراً؟ وإذا جاز هذا جاز منه أن يصح قول من قال: الداء هو 
الدواء» السقم هو الشفاءء وهذا مما عبرت عن معناه بلفظي دون لفظ المتكلم به لأنني 
لم أصمد لحفظه. ولأنه كان غير بليغ في نفسه ولا مستقيم في ترتيبه» فجليت معناه بلفظ 
لم آل في إيضاحه وتهذيبه. 

وقال هذا القائل: إن الذي اجتبيته في هذا غير مخالف للقول الثاني الذي قدمت 
حكايته عن قائله» فكان من جواي لهذا القائل أن قلت له: إن الفرق بين قولي وقول من 
رغبت عن قوله وتسبقني إلى موافقته» أن هذا الذي حكيت قولهء يزعم أن الصغير 
المذكور إذا جر إلى ضرر فكبيره ه أبلغ في الضرر منهء وأنا ذهبت إلى أن هذا التصغير يؤثر 
تأثيرً كبيراً من حيث كان جنسه يؤثر نفعاً أو ضراً بكيفيته دون كميته» وضربت لهذا 
المخاطب مثلاً قربت هذا الفصل عينه حين بعد عنه إدراكه إذ كان الفرق بين هذين 
القولين لطيفاً جداء وكان بينهما من بعض الوجوه تناسب وشبه تقارب. فقلت له: لما 
كان من الأشياء ما يكون عند قليل أجزائه منفعة جسيمة أو مضرة عظيمة» كالدرياق 
والسم بولغ في العبارة عن المنافع بها لاشتهار هذا المعنى» كقول الحباب بن المنذر: "أنا 
جذيلها الحكك وعذيقها المرجب"؛ وفي الأخبار عن الجنس الضار قول لبيد: د 
تصفر منها الأنامل» وجملة الفصل بين قولي وقول من خالفته وتوهمت أني وافقته أنه عنى 
بالكمية وعنيت بالكيفية» وقد يكون من الأشياء ما يؤثر قليله» وينتفي تأثيره عن كبيره» 
كالجروراء من الحيات والصرد والقرقس والبعوض من الجنس الواحد» وكنوع من الحيات 
ذوات الأجسام اللطيفة وعظيم ضررهاء وقصور الحية الكبيرة المسماة الحفاث في ذلك 
عنها وإن كانت أعظم خلقاً وأشنع منظرأء وقد قال أهل العلم بصناعة الطب: إن 
السقمونيا ينتفع بتناول مقدار فيه يسيرء ويقاربه ني النفع والضر ما قاربه من الأجزاء في 
المبلغ والقدرء وأنه إذا بلغ من الكثرة مقداراً متفاوتاً لم يضر كبير ضررء ولم يظهر في 
أحذه ما يظهر بتناول قليله من الأثر في نفع ولا ضررء ولقد حدثني بعض متفقهي القضاة 
أن قوماً دسوا كثيراً من السقمونيا في بعض المطاعم الحلوة لرجل كانوا يعاشرونه» وكان 
معروفاً بكثرة الأكل» وأنه أكل جميعه وانصرف عنهمء فندموا على ما كان منهم» وأشفقوا 
على هذا الرجل» وعملوا على الفحص عن أمره واستعلام خبره» فجاءهم يتأوه ويقول 
لهم: أي شيء أطعمتموني فقد عرض لي قولنج برح ني. وأما قول هذا المحاطب لي: 


اين امجلس الرابع حت 
كيف يكون الداء دواء والسقم شفاء؟ فإن هذا قد يوجد معنى ويستعمل لفظاًء وقد ظهر 
لعامة الناس وخاصتهم أن الداء المسمى حمار العارض عن الشراب المسكر يشفي منه 





شرب شيء مما تولد الخمار عنه» كما قال الشاعر: 


وقد صرعتّي قبل ذلك قرقفف 
فقام يداوي صرعتي متعطلفا 
يموت ويحيا تارة بعد تارة 
إذا ماتسلقنا من الكأس سلوة 
وقال آخر: 
تداويت من ليلي بليلي من ال هوى 


وقال أبو نواس: 


دع عنك لومي فإن اللوم إغراءً 


أحذه من قول الأعشى: 
وكاس شربت على لْذَة 
لكي يعلم الناس أني امرقٌ 
وقال جرير: 


000 
يرمين من حلل الستور بأعين 


وصرعة مخمور رفعت بقرقف 
تقاضى الكرى منها الذي نتسلف 
كما يَتَدَاوى شاربُ الخمر بالخمر 


وأحرى تدويت منهابها 
أتيت المعيشة من باهما 


فيها الستُقام وبرْء كل سقيم 


وكنت في الحداثة أنشأت كلمة مسمطة على نحو قصيدة مدرك الشيباني في عمرو 
النصراني فكان مما ذكرته في كلمتي هذه عند صفة عين إنسان نُعته ونسبت الكلمة به: 


سُّقم أوى أحسن عين تطرف 

كالسم في الأفعى قي وتحتف 

دواء من أقصله بس سسب قمه 

كالأفعوان يشتفي من سمه 
وقلت أيضاً من كلمته: 

وشفائي بسقم مقلة لبي 

7 مها لي شطغلفاء دائي إذا 


2 ي به وال ب بض :4 


تحيا به وبالنفوس تتلفا 


تكراره نحو مرامي سهمه 
بشرب درياق كلرربه لحمه 


جادت وداء إذا تصدت لصد 


وأنا استغفر الله من مساكنة ما يشغل عن عبادته» ومما يضارع ما وصفنا في هذا 


الفصل من وجه؛ قول ابن الرومي: 0 , 


لكنْ عينكَ سهم حتف مَُرَسَلٍ 
هو منك سهمٌ وهو مني مقتل 


حت الخليس الصالح والأيس الناصح سح اح 

وليس بمنكر أن يكون الشيء يداوي شيئاً ويداوي غيره» وينتفع به في بعض ويستضر 
في بعض. 

وهذا أفشى وأكثر وأبين وأظهر من أن نحتاج إلى الإطناب في شرحه وضرب الأمثال 
له وقد حكى مما يدحل في هذا الباب أن بعض المترفين أسف إلى طريقة المتصوفة» 
واستشرف لصحبتهم والاختلاط بهم وملابستهم» فشاور في هذا بعض مشيختهم فرده 
عما تشوف إليه من هذا وحذره من التعرض له. فأبت نفسه إلا إجابة ما جذبته الدواعي 
إليه وعطفته الخواطر عليه فمال إلى فريق من هذه الطائفة فعلق بهم واتصل بجلتهم, ثم 
صحب جماعة منهم متوجباً إلى الحج فعجز في بعض الطريق عن مسايرتهم وقصر عن 
اللحاق بهم فمضوا وتخلف عنهمء واستند إلى بعض الأميال إرادة الاستراحة من الإعياء 
من الكلال» فمر به الشيخ الذي شاوره فيما حصل : فيه قبل أن يتسنمه فنهاه عنه) وحذره 
منهء فقال هذا الشيخ مخاطباً له يقول: 

إن الذين بخير كنت تذك رهم قضوا عليك وعنهم كنت أنهاكا 
فقال له: فما أصنع الآن؟ فقال له: . . 
لا تطلين حياة عند غيرهم فليس يحبيك إلا من توفاكا 

واستقصاء هذا الباب وما يضاهيه ويتشعب منه يطولء» ولا يليق بهذا ا مجلس الزيادة 
عليه وقد يتجه في التصغير أن يكون أتى به تنبيهاً على أنه قد يأتي صغيراً ثم ينمى فيصير 
كبيراً أو أن يضامه غيره فيصير قليله كثيرء كما قيل: 

رب كبير هاجه صغير 
وكما قيل: 1 ٍ 
ولا تحقرن سبييا كم جر أمرأ سبيب 

وقيل: رب محنة حدثت عن لحظة؛ ورب حرب جنيت من لفظة. 

وقد قالوا: القليل إلى القليل كثير» والذود غل الذود إبل وقد يملأ القطر الإناء فيفعم 
والشر تحقره وقد ينمى؛ وقد يفنى الحزء بعد الجزء الحملة» والشيء يتبع بعضه بعضاًء وقد 
يؤدي انقطاع الحبة من السلك إلى انقطاع سائر ما فيه» ونزع الحجر من سور أو جدار 
يؤدي إلى تهافت باقيه» وقد قالوا: العصا من العصية» وفسره بعضهم أن الفرد ينبت وينشأ 
ليناً صغيراً» ثم ينمى فيستطيل ويغلظ ويشتد ويصلب. 

وقيل: بل المعنى أن العصا نتجت من أمها العصية» والعصا هي الدابة التي أشار إليها 
قصير على جذيمة بركويها عند ظهور علامة ذكرهاء إذ كانت على حد من الإحضار 
والسرعة والإهذاب» والحودة تفضل به ما هو من جنسهاء وقد يكون الكثير من القليل؛ 
والجمار من الفسيل والفنيق من الفصيل. 


مم سسسب سس ٠س‏ سح املس الرابع حت 
المحارب الشجاع 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أخبرنا أبو معاذ خلف بن أحمد المؤدب» عن 
أبي إسحق الزيادي» قال: حدثني رجل من العرب قال: كان بيننا وبين قوم حرب فلقونا 
فبزمناهم فإذا فتى منهم قد صبر فجعل لا يحمل على ناحية من معسكرنا إلا كشفها 
وهزمهاء ثم احتويناه بأرماحنا فأشفقنا عليه فعرضنا عليه الأمان. فقال: 
أذل الحياة وذل الممات وكلا ؟ أراه طمعاماً وبيلاً 
فإن كان لا ابد من واحد فسيري إلى الموت سيراً جميلاً 
ثم حملنا عليه فقتلناه فإذا هي امرأة. 
حسن الظن بالله 
حدثنا أبو القاسم بن داود أبو ذر القراطيسي» قال: حدثنا أبو بكر بن أني الدنيا قال: 
حدثني الحسن بن عبد الرحمن: أن وزير الملك نفاه الملك لموجدة وجدها عليه فاغتم 
لذلك غما شديدا فبينما هو ذات ليلة في بيت له إذ أنشده رجل كان معه: 


أحسن الظن برب عَوَدَكْ حسناً بالأمس وَسُوَى أَوَدَكْ 
إن ربَاً كان يكفيك الذي كان بالأمس سيكفيك عَدَكَ 
تعليق على خبر 


هكذا في الخبر إذ أنشده فبينا هوء وكان الأصمعي ينكر الإتْان بإذ في هذا الباب 
ويستخحطئع القائل: بينا أنا جالس إذ أقبل فلان ويرى أن الكلام صحيح: بينا أنا جالس 
أقبل فلان» وكان سيبويه وغيره من أهل العلم بالعربية يرون ذلك جائزاً وقد جاء في 
الكلام والأخبار كثيراً» وإذ من حروف المفاجأة الدالة عليها. 

حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي» قال: حدثنا أبو العباس المنصوري» عن 

القثمى» عن مبارك الطبري» قال: سمعت أبا عبيد الله» يقول سمعت المنصور يقول 
للمبدي: يا أبا عبد الله لا تجلس بحلساً إلا ومعك فيه رجل من أهل العلم يحدثئك؛ فإن 

محمد بن مسلم بن شهاب قال: إن الحديث ذكر يحبه الذكور من الرجال ويكرهه 

مؤنشوهم» قال المنصور: صدق أخو بني زهرة. 


وقال آخر: 
إن المشيب وما بدا في عارضي صرف الغواني فانصرفت كريما 
وسخوت إلا عن جليس صالح حسن الحديث يزيدني تعليما 
قال القاضي: 


ولقد سكمت مآربي فكآن طيّها حبسيث 
إلا الحديث فإنه مثل اسمه أبد) حديث 


حت الحجليس الصالح والأنيس الناصح 
وحدشنا محمد بن مزيد الخزاعي 
رجلاً يكنى أبا لفضل ويعرف بالعباس بن 
ظرف وهو محتاج !! 
أبا الفضل يا من ليس تحصى فضائله 
يرحل عنك الهم عند حلوله 
يكسر طمح العين من لحظاته 
ويشرب ما تسقيه غير مسماكس 
فحينئد تشى إلى الباب رجله 
ذكتب إي في جواما من ساعته. 
أتانا مقال أوجب الشكر حامله 
ومكن وذ قبل هكين رؤ 


سنقبل ما مناه من صقر بره 
إن دام دنا لم نره بللا به 


لى مثلك يعاشره) فاكتب إليه 


عت 


زمرك قال: دحلت إلى سر من رأى فقيل إن بها 


بي العبيس بن حمدون النديم, له أدب ومعه 
ليه أبياتاً فكتبت إليه: 

ومن ماله في الخلق حلق يعادله 
ويُلبيك بالآداب حين تساجله 


إلى أن يرى والرأس تهتز مائله 


وإن لم يكن بالباب ماهو حامله 


ودل على فضل الذي هو قائله 
ومن قبل ما لاحت بذاك مخايله 
ونبذل منه فوق ماهو باذله 
فنقطعها مذمومةً ونواصله 
وإذ زال عن عبد فلسنا نزايله 


وتحت هذه الأبيات: تفضل - جعلت فداك - بالمصير إلينا من ساعتك» فصرت إليه 
فوجدته فوق الوصف»ء فلم نزل نتعاشر طول مقامي هناك إلى أن انحدرت. 
من أين لك هذه الجبة؟ 


حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» اقال: حدثنا عمر بن 


شبة) قال: يي حسس 


ين لك هذه 


حا ا ا 0 


فانسللت 


من الحلقة وصرت إلى مؤنس فوجدت عليه جبة حز جديدء فقلت له: كيف 


أصبحت يا أبا عمران؟ فقال: بخير» صبحك الله بخير» فقلت: 


إن لي حاجة فرأيك فيها 


فقال: اذكرها على بركة الله» فقلت: 


جبة من جبابك الخز كيما 


أنا فيها وأنت نت لي سيان 


لا يراني الشتاء حيث يراني 


فقال: بسم الله حذهاء وحلعها فلبستها ورجعت إلى الحلقة» فقال لي أبو نواس من 


أين لك هذه البة؟قلت: من حيث جبتك. 


يستعيذ بالله من السبع 
حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: حدثني أحمد بن إسماعيل الخنصيب» قال: كان 


جاه سبلب -بب سسب بل سس امجلس الخامس حت 
جميل بن محمد بن جميل إذا أراد الركوب في كل غداة يقول: اللهم إني أعوذ بك من السبع» 
فقيل له: أنت تركب إلى الكرخ, فأي سبع في الكرخء فقال: لو أردت ذلك لقلت: السبعع 
ولكني أستعيذ من سبع حصالء فأقول: اللهم ! ني أعوذ بك من السبع وأضمرهاء وهي اللهم 
إني أعوذ بك من السعي الخائب» والبربخ العائب» والحائط المائل» والميزاب السائل» 
ومشحمات الرواياء والمطايا التي تحمل البلاياء والتهور في البلاليع والركايا. 

قال القاضي: قد تتخقف العرب ااسيع تقول السيع كما يقول عجز وعجز ولد فرعا د 
أكل السبع؛ بتسكين الباء وجاءت هذه القراءة في بعض الروايات عن عاصم بن أني النجود, 
وقوله في هذا الخبر الميزاب هو الذي تخطئ في اللفظ العامة فتقول مزراب» والميزاب مأحوذ 
من قولهم وزب الماء يزب إذا سال أو جرىء وأما المزراب فهو السفينة. 

ظ المجلس الخامس 
صنتائع ال معروف تفي مصارع السوء 

حدثنا محمد بن حمدان بن سفيان الطرائفي سنة أربع عشرة وثلاشائة قال: حدثنا 
محمد بن العباس التنيسي» قال: حدثنا عمر بن أني سلمة» عن صلقة بن عبد الله 
الدمشقي» عن الأصبغ» عن بهز بن حكيمع عن أبيه» عن جدهء قال: قال رسول الله عد 
تسليماً: "صنائع المعروف تقي مصارع السو وصدقة السر تطفئ غضب الرب". 

التعليق على الحديث 

قال القاضي: وفي هذا الخبر من التنبيه على فضل اصطناع المعروف» وصدقة السر 
التي يراد الله عز وجل بهاء ويطمئن المتصدق بها إلى الإيمان باطلااع عليها وإخلاصها من 
الرياء المبطل لثواها ما يبعث كل ذي لب نصح لنفسه وأراد السعادة لهاء والنجاة من هول 
عظيم المكروه بهاء على الرغبة فيه والمسابقة إليه» فأعظم بالنعمة على من دفعه الله عز 
وجل لطاعته» ووقاه شح نفسه إومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون4 وقد ورد 
في هذا المعنى من الترغيب في البر والحض على ما فعل ما عاد بجزيل الأجر وجميل 
الذكرء ما يطول شرحه ويتعب جمعه؛ مسنداً ومقطوعاً ومرسلاً وموصولاً ونحن نأتي 
بطرف منه كاف لمن تشوف إليه» وشاف لمن أراد لنفسه الصلاح به فمما جاء في هذا 
المعنى ما حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الحاشي» قال: حدثني أبي» قال: حدثني 
جدي محمد بن إبراهيم الإمام وكان يجلس لولده وولد ولده في كل يوم حميس فيعظهم 
ويحذرهمء فقال: أرسل إلي أمير المؤمنين المنصور بكرةٌ واستعجلني الرسول» فظننت 
ذلك لأمر حدث فركبت إذ سمعت وقع الحافر» فقلت للغلام: انظر من هذا؟ فقال: هذا 
أحوك عبد الوهاب» فرفقت في السير فلحقني فسلمت عليه وسلم علي فقال: أتاك رسول 
هذا؟ قلت: نعم فبل أتاك؟ قال: نعم فقلت: فقيم ذاك ترى؟ قال: تجده اشتهى علا 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح سس سمس سس ستو رورسم 
وزيتاً أسود الغداة فأحب أن نأكل معهء فقلت: ما أرى ذاك» وما أظن هذا إلا لأمر قال: 
فانتهينا إليه فدخلنا فإذا الربيع واقف عند السترء وإذا المهدي ولي العبد في الدهليز 
جالس» وإذا عبد الصمد بن علي وداود بن علي وإساعيل بن علي وسليمان بن علي 
وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين» وعبد الله بن حسن بن حسن والعباس بن محمد 
فقال الربيع: اجلسوا مع بني عمكم,؛ قال: فجلسنا ثم دل الربيع وخرجء فقال المهدي: 
ادحل أصلحك الل ثم حرج فقال: ادحلوا جميعاً» فدخلنا فسلمنا وأخذنا مجالسناء فقال 
للربيع: هات دوى يكتبون فيه فوضع بين يدي كل منا دواة وورقاًء ثم التفت إلى عبد 
الصمد بن علي» فقال: يا عم حدث ولدك وإحوتك وبني أخيك بحديث البر والصلة» 
فقال عبد الصمد: حدثني أني» عن جدي عبد الله بن العباس» عن النبي َك أنه قال: "إن 
البر والصلة ليطولان الأعمار ويعمران الديار ويثريان الأموال وإن كان القوم فجارا" ثم 
قال: يا عم الحديث الآخرء فقال عبد الصمد بن علي: حدثني أني, عن جدي عبد الله بن 
العباس» فقال قال النبي غَّّ: "إن البر والصلة ليخففان سوء الحساب يوم القيامة» ثم تلا 
رسول الله عه «إوالذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون رمهم ويخافون سوء 
الحساب #©. 

فقال المنصور: يا عم الحديث الآخر» فقال عبد الصمدء حدثني أبي» عن جدي؛ عن 
النبي طل: "أنه كان في بني إسرائيل . ملكان أخوان على مدينتين وكان أحدهما بارا برحمه 
عادلاً مع رعيته)؛ وكان الآخر عاقاً برحمه جائراً على رعيتهء» وكان في عصريهما بي 
فأوحى الله عز وجل إلى ذلك النبي أنه قد بقي من عمر هذا البار ثلاث سنين» وبقي من 
عمر العاق ثلاثون سنةء» فأحبر ذلك النبي رعية هذا ورعية ذلك فأحزن ذلك رعية 
العادل» وأحزن ذلك رعية الجائرء فقال: ففرقوا بين الأطفال من الأمهات وتركوا الطعام 
والشراب» وخرجوا إلى الصحراء يدعون الله عز وجل أن يمتعهم بالعادل ويزيل عنهم 
الجائر فأقاموا ثلاث فأوحى الله عز وجل إلى ذلك النبي #ك: "أخبر عبادي أني قد رحمتهم 
وأجبت دعاءهم؛ فجعلت ما بقي من عمر هذا البار لذلك الجائر» وما بقي من عمر الحائر 
لهذا البار» قال: فرجعوا إلى بيوتهم ومات العاق لتمام ثلاث سنين وبقي العادل فيهم 
ثلاثين سنة» ثم تلا رسول الله © «ووما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في 
كتاب إن ذلك على الله يسير». ثم التفت المنصور إلى جعفر بن محمد» فقال: يا أبا عبد 
اللّمه حدث إحوتك وبني عمك بحديث أمير المؤمنين على» عن النبي ويه في البرء فقال 
جعفر بن محمد: حدثني أبي عن جديء عن أبيه» عن علي بن أي طالب رضي الله عنه) 
قال: قال رسول الله ع2 : "ما من ملك يصل ذا قرابته ويعدل على رعيته إلا شد الله 
ملكه وأجزل له ثوابه وأكرم مآبه وحفف حسابه". 


جتنم ينيبي سلج خلس الخامس حت 
حديث الحية 

حدثنا الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي» قال: حدثنا على بن حرب الطائي» 
قال: حدثنى جعفر الطائى قرابة القحاطبة من أهل جزيرة مهروبان» قال: حدثنا أبان بن 
عبد الحبار» قال: كنا عند سفيان بن عبينة وهو يحدثنا إذ التفت إلى شيخ جنبه فقال: يا 
أبا عبد الله! حدثنا حديث الحية. 

فقال الشيخ: حدثني محمد بن عتبة» قال: حرج حميري بن عبد الله إلى مقصد له. فلما 
أقفرت به الأرض انسابت حية بين قوائم دابته فقامت على ذنبهاء وقالت: آوني آواك الله 
ا 

أن يقطعني إرباً إرباً» قال لما: وأين آويك ؟ قالت: في جوفك إن أردت المعروف» 
ل حا نت؟ قالت: من أهل قول لا إله إلا الله» قال لها: فهاك جوفي» فصيرها في 
جرف 0ك فإذا هو بفتى قد اتبل ومعه صمصاءة له وقد وضعها على ماك 00 5 

يها الشيخ أين الحية التي استظلت بكنفك وأناحت بفنائك؟ قال: ما رأيت شيئاء قال: 
0 قال: ما جاء منك أعظم.ء تراني 0 رأيت شيئاً 
وتقول لي مثل هذا؟ فولى الفتى مدبراً فلما توارى قالت الحية: يا عبد الله انظر هل يراه 
بصرك أو يأحذه طرفك؟ قال: ما أرى شيئاً قالت: اختر مني إحدى منزلتين إما أنكث 
قلبك نكثة فأجعله رميماً أو أرث كبدك رئاً فأحرجه من أسفلك قطعاً قال لما: والله ما 
كافاتتي يرحمك الله قالت له: فما اصطناعك بالمعروف إلى من لا يعرف ما هو اود 
جبلك» وقد عرفت العداوة التي كانت بيني وبين أبيك قبل» وقد علمت أنه ليس عندي 
مال أعطيكه ولا دابة أحملك عليهاء قال: أردت المعروفء قال: فالتفت فإذا بفيء جبل 
قال: فإن كان لا بد ففي هذا الحبل ثم نزل يمشي فإذا هو ني اخبل بفتى قاعد كأن وجهه 
القمر ليلة البدرء فقال له الفتى: يا ث شيخ ما لي أراك مستبسلاً للموت آيساً من الحياة؟ 
فقال: من عدو في جوفي آويته من عدوه فلما صار في جوفي وقص عليه القصة فقال له 
الفتى أتاك الغوثء ثم ضرب بيده إلى ردنه فأخرج منه شيئاً أطعمه إياه فاختلجت وجنتاه» 
ثم أطعمه ثانية فوجد شخضاً في بطنه ثم أطعمه الثالثة فرمى بالحية من . أسفله قطعاًء فقال 
له حميري: من أنت رحمك الله فما أحد علي أعظم منة منك؟ قال له: أو ما تعرفني أنا 
المعروف وأنه اضطربت ملائكة سماء ساء من خخذلان الحية إياك فأوحى الله عز وجل إلى 
أن يا معروف أغعث عبدي» وقل له: أردت شيعاً لوجهي فآتيتك ثواب الصالحين» 
وأعقبتك عقبى ا حسنين ونجيتك من عدوك. 

الجار إذا أراد شين جاره 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد: قال: أحبرنا أبو حاتم» قال: أمير أخبرنا عمارة بن 


- الجليس الصاح والأنيس الناصح جا /1 “ا م 
عقيل» قال: "كان الرجل فيما مضى إذا أراد شين جاره أو صاحبه طلب حاجته إلى غيره". 
نادره بين الحجاج وخارجي 

حدننا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي» قال: حدثنا محمد بن عيسى الأنصاري» عن 
عبيد الله بن محمد التيمي» قال: أتي الحجاج برجل متهم برأي الخوارج؛ فقال له الحجاج: 
أحارجي أنت؟ قال: لا والذي أنت بين يديه غدا أذل مني بين يديك اليوم ما 
بخا رجي ) فقال الحجاج: إني يومئذ لذليل. وأطلقه 

مال من يأخذ؟ 

حدثنا أحمد بن العباس العسكري: قال: حدثني محمد بن عبد الله بن صبيح» قال: ولى 
الحجاج رجلاً من الأعراب بعض المياه ه فكسر عليه بعض خراجه فأحضره ثم قال له: يا 
عدو الله! أحذت مال الله قال: فمال من آحذ؟ أنا والله مع الشيطان منذ أربعين سنة أن 
يعطيني حبة ما أعطاني. 

لو كانت الجنة بيده 

حدثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني: قال: أخبرنا المنذر بن محمد» قال: 
حدئنا الحسن بن محمد بن علي» قال: حدثنا سليم بن جعفر الحاشي عن الرضا رضي الله 
عنه قال: : حدثني أني» عن أبيه» عن جده. قال علي ؛ بن الحسين: إن لأستحيي من الله عز 
وجل أن أرى الأخ من إخواني فأسأل الله عز وجل له بالجنة وأبخل عليه بالدنياء فإذا كان 
يوم القيامة قيل لي: لو كانت الحنة بيدك لكنت بها أبخل وأبخل وأبخل. 

ْ جراء اللاحسان 
يحيى الصولي» قال: حددثنا محمد بن زكريا بن ديئار الغلابي» قال: 
حدثنا عبد الله بن الضحاكء قال: حدثني ال حيثم بن عدي» عن عوانة» قال: أ تى الحجاج 
بأسارى من أصحاب قطري من الخوارج فقتلهم إلا واحداً» كانت له عنده يد وكان قريباً 
لقطري؛ فأحسن إليه وخحلى سبيله» فصار إلى قطري فقال له قطري: عاود قتال عدو الله 
الحجاج؛ فقال هيهات» غل يدا مطلقها واسترق رقبةٌ معتقهاء ثم قال: 


حدتنا محمد بن ب 


أأقاتل الحجاج عن سلطانه 
إني إذاً لأحو الدناءة والذي 
ماذا أقول إذا وقف تت إزاءه 
أأقول جار علي لاء إني إذاً 
وتحدث الأقوام أن صنائعاً 
هذا وما ظني بحين أنني 


طمت على إحسانه جهبلاته 
في الصف واحتجت له فعلاته 
لأحق من جارت عليه ولاته 
فكيم لمطرق مشهد وعلاته 


ج سبي سس ب سل بست ا مجلس الخنامس حت 
كرم أبي أيوب المورياني 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدئنا محمد بن المرزبان» قال: حدثنا عمر بن 
شبة» قال: حدثنا علي بن إسماعيل بن هيثم» قال: قال ابن شبرمة: زوجت ابني على ألفي 
درهم فلم أقدر عليها ففكرت فيمن أقصده فوقع في قلبي أبو أيوب المورياني فدحلت 
عليه فشرحت له حبري فقال: فلك ألفان» فلما مضت لأقوم, قال: فالمهر ألفان فأين 
الجهاز؟ فلك ألفان للجهازء فذهبت لأقوم فقال: المهر والجهاز فأين الخادم؟ فلك ألفان 
للخادم» فذهبت لأقوم؛ قال: فالشيخ لا يصيب شيئاً قال: فلك ألفان فلم أزل أقوم 
ويقعدني حتى انصرفت من عنده بخمسين ألفاً. 

مثل يضربه الأعمش 

حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد الحاشي» ويزداد بن عبد الله بن يزداد المروزي واللفظ 
له قال: حدثنا عبد الله بن إدريس» قال: سئل الأعمش عن حديث فامتنع منهء فلم يزالوا 
به حتى استخر جوه منه» فلما حدث له ضرب مثلاً فقال: جاء قف إلى صيرفي بدراهم 
يزينه إياهاء فلما ذهب يزنها وجدها تنقص سبعين.» فقال: 
عجسبت عجيبة من ذئب سوء أصاب فريسة من ليث غاب 
فقف بكفنه سبعون منها تنقاها من السود الص لاب 
فإنأحصدع فقد تخدع وتؤحذ عتيق الطصير من جو السحاب 

تعليق نحوي 

قال القاضي أبو الفرج: أسكن في هذا البيت فقد تخدع والعرب إما تسكن هذا ونحوه 
في كلامها إذا دحل عليه جازم ومتى لم يدخل عليه جازم يجزمه ولا ناصب ينصبه فتسكينه 
إذا وصل بكلام بعده ارج عن الفصيح المعروف في كلام العرب» وينبغي أن يكون هذا 
مرفوعاً على أصله؛ ولما لم يمكن هذا الشاعر تحريكه لثلا ينكسر وزن البيت الذي قاله 
أسكنه, وأقرب ما يعتذر له به أنه عمل على السكوت عليه ونيته الرفع فيه» وقد روى مثل 
هذا الوجه المستقبح في أبيات روتها العلماء» من ذلك قول الشاعر: 

أقول شبيهات بما قال عالم بهن ومن أشبه أباه فما ظلم 

فبذا مما يستحق تحريكه بالفتح بناء لا إعراب» فيقال: ومن أشبه أباه» وما بهذا 
الشاعر ضرورة إلى ما أتاه لو قال: ومن يشبه أباه فجزم بحرف الشرط إذ هو من باب 
الجزاء لكان مصيباً محسناء وقال آخر: 

شكونا إليه خراب السواد فحرم علينا لحوم البقر 
فهذا حمل نفسه على هذا الوجه للضرورة» ولو كان قال: فحرم فينا لكان مصيباً. 
وقد ذكر سيبويه في كتابه من هذا الباب طرفاء وروى بيت امرئ القيس: 


جح الجليس الصالح والأنئيس الناصح ج سمش لش سيو مل 
فاليوم أشرب غير مستحقب إشا من الله ولا واغل 

فأنكر هذا بعض أصحابه وقيل: إن الرواية الصحيحة فيه فاليوم فأشرب»ء أو فاليوم 

أسقي» وروى قول الفرزدق: 
وقد بدا هنك من المئرز 

قال من أنكر هذا: إما هو: وقد بدا ذاك» وقد روى عن أني عمرو أنه قرأ بهذه اللغة 
في مواضع من القرآن منها إنتوبرا إلى بارئكم» ويأمركم؛ وأنلزمكموهاء فمن الرواة 
عنه من رواه بالسكون خالصاً و أجاز فيه وني نظائره مثل هذاء كما قال الشاعر: 

سوف أزحلقك غداً أو بعد غد 

وروى أن هذا أتى مخففاً لكثرة الحركات فيه فاحتج , بعض أصحابه بأن الحروف التي 
أسكنها تخصوصة بجواز حذف الحركة بمعنى يخصها دون غيرهاء وليس هذا موضع 
الاشتدال به وأذكر بعض رواة أبي عمرو هداء وذكر أنه كان مختلس الحركة فيظن من لا 
يعلم أنه أسكن, وهذا مذهب سيبويه في تأويل هذه القراءة وأما قول الشاعر في الخبر 
الذي ذكرناه عن الأعمش: فقد تخدع وتوحذء فإن قائله لو ضم تخدع وجزم وتوحذ 
لكان قد أتى بوجه معروف من كلام العرب» وقد قرأ جمهور القراء في القرآن ما منزلته 
في الإعراب منزلته» وذلك أن يرد الفعل الثاني على موضع الفاء الداخلة على الفعل الأول» 
وذلك قول الله عز وجل: #فأصدق وأكن من الصالحين4 فكره من قرأ ذلك مخالفة رسم 
المصحف إذ لا واو فيه» وله في العربية وجه مفهوم» ومن ذلك قول أني داؤد الأيادي: 

فأبلوني بليتكم لعلي أصالحكم فأستدرج نويا 

وكان أبو عمرو يحتار أن يقرأ وأكون بإثبات الواوء وكان الأوجه عنده في العربية» 
وزعم أن الواو حذفت منه في الخنط كما حذفت من كلمن, وليس الأمر عندنا على ما 
ذكر في هذا ففي الكلمتين فرق ظاهرء يقتضي الإثبات حيث أثبتت» والحذف حيث 
حذفت» وليس هذا موضع ذكره؛ وسيأتي في موضعه من كتبنا المؤلفة في علوم تنزيل 


القرآن وتأويله إن شاء الله. 

المجلس السادس 

خبأت هذا لك 

حدثنا الحسين بن محمد بن عفير الأنصاري» قال: حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحبى 

الحساني» قال: حدثنا حاتم بن وردان» عن أيوب» عن ابن أني مليكة؛ عن المسور بن 
مخرمة» قال: قدمت على رسول الله ع أقبية» فقال لي أني مخرمة: اذهب إلى رسول الله 
يه لعله أن يعطينا منها شيا قال: فأتيناه فسمع كلام أني على الباب قال: فخخرج إلينا 
وني يده قباء وهو يري أبي محاسنه ويقول: حبأت هذا لك. 


سمو سيييسص ب س٠‏ سس مجلس السادس حد 
التعليق على الحديث 

قال القاضي: في هذا الخبر لعله أن يعطينا وهي لغة لبعض العرب» والأشهر كلامهاء 

لعله يعطينا بغير أن» وقد ذكرنا هذا الباب فيما مضى من يجالسنا هذه وشرحنا وجهه 

وأحضرنا صوراً من شواهد الشعر فيه» والقباء ممدودع) وجمعه أقبية وهو من ملابس 

الأعاجم في الأغلب» واشتقاقه من الجمع والضم فقيل له قباء لما فيه من الاجتماع» وإما 
بجمعه جسم لابسه وضمه إياه عند لبسه ومنه قول سحيم عبد بني الحسحاس: 
فإن تهزئي مني فيا رب ليلة تركتك فيها كالقباء المفرج 

مرفوعا ومضموما بأنه مقبو فيشيرون بعبارتهم إلى الضم الذي من باب الجمع» وقد شرحنا 
هذه الحملة شرحاً واسعاً في كتابنا الذي شرحنا فيه مختصر أني عمر الحرمي في النحو. 
وقد تسمي العرب القباء اليملق وتجمعه يلامق» كما قالت هند بنت عتبة: 


نحن بنات طارق ششي على النمارق 
ونلبس اليلامق 
وقال ذو الرمة: 
تجلو البوارق عن محرمز هق كأنه متقبي يلمق عزب 


وذكر الأصمعي أنه فارسي معربء وأنه في الأصل على كلام الأعاجم يلمه؛ كما 
قالت العرب شبرق وفالوذق» وقالت العجم: شبره وفالوذه» وقال الأصمعي: مثل هذا 
في قول العرب إستبرق» فإنه في كلام العجم استبره» وقال عدد من أهل العلم منهم أبو 
عبيدة: إن من زعم في القرآن شيئاً بغير العربية فقد أخطأ وأعظم على الله الفرية» لأن الله 
تعالى قال: بلسان عربي هبين#, وني القرآن عدد من الكلم نسبه بعض أهل التأويل إلى 
لغة بعض أمم العجمء وأنكر هذا بعضهمء وذهب إلى اتفاق لغتين فيه أو لغات كثير 
منهم) وهذا مما بياننا مستقصى فيه في كتابنا المسمى كتاب البيان الموجز عن علوم 
القرآن المعجزء وفي كتاب شيخنا أني جعفر رضي الله عنه» الذي سماه جامع البيان عن 
تأويل آي القرآن. 

وفي حبر المسور هذء البيان البين عن أن النبي ؤي كان يتفقد أصحابه بألطافه 
وصلاته»؛ ويشاركهم فيما يسديه الله إليه من رزق ويفيئه عليه من فضله وأنهم كانوا 
يسألونه عن حاجتهم, ويرغبون إليه في بذل الرفد لحم» وإضافة الأموال عليهم» لبسطه 
إياهم وخحفض جناحه لهمء ولظهور جوده وسعة حلقه يِه عندهم. 

الشعراء على باب عمر بن عبد العزير 
حدثنا محمد بن قاسم الأنباري» قال: حدثنا محمد بن المرزبان» قال: حدثنا أبو عبد 


د الجليس الصالح والأنيس الناصح كك تت تن ص ست يبن دي م سد سس سيم ذ (سصيسم 
الرحمن الجوهري» قال: حدثنا عبد الله بن الضحاكء قال: أخبرنا اليثم بن عدي» عن 
عوانة بن الحارث؛ قال: لما استخلف عمر بن عبد العزيز وفد الشعراء إليه فأقاموا ببابه 
أياماً لا يؤذن لهم الرحيل» إذ مر مهم رجاء بن حيوة. وكان من حطباء أهل الشام فلما رآه 
جرير داحلا على عمر أنشأ يقول: 
يا أيها الرجل المرحي عمامته هذا زمانك فاستأذن لنا عمرا 

قال: فدحل ولم يذكر من أمرهم شيئاً؛ ثم مر بهم عدي بن أرطأة» فقال له جرير: 
ياأيها الراكب المزجي مطيته هذا زمانك إني قد مضى زمني 
أبلغ حليفتناإن كنت لاقيه أني لدى الباب كالمصفود في قرن 
لا تنس حاجتنا لقيت مغفرة 2< قد طل مكثي عن أهلي وعن وطني 

قال: فدخحل عدي على عمرء فقال: يا أمير المؤمنين! الشعراء ببابك وسهامهم 
مسمومة وأقوالهم نافذق قال: ويحك يا عدي! ما لي وللشعرء قال: أعز الله أمير 
المؤمنين» إن رسول الله وه قد امتدح فأعطى» ولك في رسول الله يي أسوة حسنةء 
فقال: كيف؟ قال: امتدحه العباس بن مرداس السلمي فأعطاه حلة قطع بها لسانه قال: أو 


تروي من قوله شيئاً؟ قال: نعم وأنشد: 
رأيتك يا خير البرية كلها 
شرعت لنا دين الحدى بعد جورنا 
ونورت بالبرهان أمراً مدنساً 
فمن مسبلغ عني الني محصلاً 
أقمت سبيل الحق بعد اعوجاجه 
تعالى علواً قوق عرش إلهنا 


نشرت كتابا جاء بالحق معلما 
عن الحق لما أصبح الحق مظلما 
وأطفات بالبرهان ناراً تضرما 
وكلامرئ يجزى بما كان قدما 
وكان قديماً ركنه قد تبدما 
وكان مكنان الله أعلى وأعظما 


قال ويحك يا عدي! من بالباب منهم؟ قال: عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة» قال: 


أليس هو الذي يقول: 
ما تجشمت مايزين من الأم 


طفلة ما تبين رصع الكلام 
ويلتا قد عجلت ياابن الكرام 
تتعطلى إلي روس النسيام 


سر ولا جئت طارقا لخصام 


فلو كان عدو الله إذ فجر كتم نفسهء لا يدحل على والله أبداً. فمن بالباب سواه؟ 
قال: همام بن غالب» يعني الفرزدق» قال: أوليس هو الذي يقول: 


هما دلتانئي من ثمانين قامة 
فلما استوت رجلاي بالأرض قالتا 


كما انقض باز أقتم الريش كاسرة 
أحي يرجى أم قتتيل نحاذره 


ححمر 


يقول: 


ولست بصائم رمضان طوعاً 


لا يطأ والله بساطي» فمن سواه بالباب منهم؟ قال: الأحطل؛ قال: يا عدي! هو الذي 


وأسجد عند متبلج الصباح 


والله لا يدحل علي وهو وكافر أبداًء فهل بالباب سوى من ذكرت؟ قال: نعم 


الأحوص» قال: أليس هو الذي يقول: 


الله بيني وبين سيدها 


يفر مني بها وأتبعه 


غرب عنه؛ فما هو بدون من ذكرت» فمن هاهنا أيضاً؟ قال: جميل بن معمر قال: يا 


عدي هو الذي يقول: 


فما اأنا في طول الحياة سرغب 


يوافق في موتي ضريحي ضريحها 
إذا قيل قد سوي عليها صفيحها 


فلو كان عدو الله تمنى لقاءها في الدنيا ليعما بعد ذلك صالحاًء والله لا يدحل علي 
أبدأء هل سوى من ذكرت أحد؟ قال: جرير بن عطية» قال: أما إنه الذي يقول: 


طرقتك صائدة القلوب وليس ذا 


حين الزيارة فارجعي بسلام 


فإن كان لا بد فهوء قال فأذن للجرير» فدحل وهو يقول: 


إن الذي بعث النبي متحجملاً 
وسسع الخلائق عدله ووفاؤه 
إني لأرجو منك خيراً عاجلاً 


جعل الخلافة في الإمام العادل 


فلما مثل بين يديه قال: ويحك يا جريرء اتق الله ولا تقولن إلا حقاًء فأنشأ جرير 


يقول: 

أأذكر الجهد والبلوى التي نزلت 
كم باليمامة من شعثاء أرملة 
ممن يعدّك تكفي فقد والده 
يدعوك دعوة ملبوف كأن به 
حليفة الله ماذا تأمسرون بنا 
مازلت بعدك في هميؤرقني 
لا ينفع الحاضر احهبود بادينا 
إنا لترجو إذا ما الغفيث أحلفنا 


أم قد كفاني ما بلغت من خحبري 
ومن يتيم ضعيف الصوت والنظر 
كالفرخ في العش لم ينهض ولم يطر 
حبلا من الجن أو مسا من اللتشر 
لسنا إليكم ولافي دار منتظ 

قد طال في الحي إصعادي ومنحدري 
ولا يعود لنا بادعلى حضر 
من الخليفة ما نرجو من المطر 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح سب سس سسطسطسم ع سد 
نال المخلافة إذ كانت له قدراً ‏ كماتتى ربه موسى على قدر 
هذي الأرامل قد قضيت حاجتهبا فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر 
الخير ما دمت حياً لا يفارقَا بوركت يا عمر الخيرات من عمر 
فقال: يا جرير! ما أرى لك هاهنا حقاء فقال: بلى يا أمير المؤمنين» أنا ابن سبيل 
ومنقطع بي» فأعطاه من صلب ماله مائة درهم» وقد ذكر أنه قال له: ويحك يا جرير! لقد 
ولينا هذا الأمر وما ملك إلا ثلاشائة درهمء فمائة أحذها عبد الله ومائة أخلتها أم عبد 
الله يا غلام أعطه المائة الباقية» قال: فأحذها وقال: والله لمي أحب مما اكتسسبته إلي» قال: 
ثم حرج فقال له الشعراء: ما وراءك؟ قال: ما يسوءكم؛» حرجت من عند أمير المؤمنين 
وهو يعطي الفقراء» ويمنع الشعراء» وإني لراض» وأنشأ يقول: 
رأيت رقي الشيطان لا تستفزه وقد كان شيطاني من الجن راقيا 
وقد كتبنا هذا الخبر من طرق أخرىء والقصص فيها مختلفة ني مواضع» على تقارب 
جملتها ولعلنا نأتي بها فيما يستقبل من حالس كتابنا هذا إن شاء الله. 
ال مؤنث المعثوي / 
وفي هذا الخبر موضع ذكر فيه المؤنث» وهو قوله: وأطفأت بالبرهان نارا تضرماء 
ويريد تضرمت وفيه قبح في العربية» والوجه الذي يعتل به فيه على ضعفه أنه مما تأنيثه 
لفظي غير معنوي حقيقي» وقد أتى مثله في الشعر فمنه قول الشاعر: 
فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقل أبقالها 
فذكر فعل الأرض وهي أنثى» ولو قال: أبقلت أبقالها لأنث ولم يذكرء إلا أنه كان 
تاركاً للهمزة» كما قال الأعشى: 
عدي لغيبتي أشبراً إني لدى حير المقاول 
وقال الأعشى: 
وإن تعهديني ولي لمة فإن الحوادث أودى بها 
قال بعضهم: أراد الحدئان» وقال بعضهم: ذكر إذ لم يكن التأنيث فيه حقيقياًء ولو 
قال: أودت بها لصح الإعراب واستقام الوزن إلا أنه يكون قد أتى ببيت غير مردف في 
كلمة جميع أبياتها مردفة» وهذا عيب عند أهل العلم بصناعة القوافي» وقد تأول قوم من 
أهل العلم بالعربية قراءة من قرأ إكأنما أغشيت وجوههم قَطَّعاً من الليل مظلماً4 بفتح 
الطاء على الجمع» أنه بمنزلة قول أني ذؤيب: 
لو أن مدحة حي منشر أحدا أحيا أباك لنا طول التماديح 
ومثله: 
إذ هي أحوى من الربعي» حاجبة والعين بالإشد الحاري مكحول 








دع مجلس السادس حت 
والصواب عندنا من القول في وجه قراءة من قرا قطعاً بالتحريك أن نصبه مظلماً على 
الحال والمعنى من الليل في حال إظلامه أي شدة ظلمته» والكوفيون من النحويين يقولون: 
هو منصوب على قطع النكرة من المعرفة» والمعنى من الليل المظلم» وفيه موضعان شد 
لفظهما عن الوجه الأصح الأعرف في مقاييس العربية في الإعراب والبناء» أحدهما قول 
جميل: 
وإن أمت يوافق في الموتى 
برفع يوافق وكان سبيله بجزمه على ما تقتضيه العربية في باب الشرط والجزاءه وقد 
أتى مثله مما رد إلى أصله في الرفع ولم يتقل بالحزاء إلى الحزم في أبيات من الشعر منها: 
إنك إن يصرع أحوك تُصرعٌ يا أقرع بن حابس يا أقرعٌ 
وقد حمل قوم هذا على التقديم والتأحيرء كأنه قال: إنك تصرع إن يصرع أحوكء 
ومثل هذا في بيت جميل أن يجري على أن معناه: ويوافق في الموتى وضريحي ضريحها إن 
أمت»وذهب آحرون في هذا إلى إرادة الفاء كأنه أراد فتصرع ويوافق. 
اقطع عني لسانه 
حدثنا يزداد بن عبد الرحمن» قال: حدئنا الزبير بن بكارء قال: حدئنا إبراهيم بن 
المنذر الحزامي قال: حدثنا سفيان بن عبينة» عن عمرو بن دينار» عن عكرمة مولى ابن 
عباس» قال: أتى شاعر النبي ته فقال رسول الله يت لبلال: "يا بلال اقطع عني لسانه'» 
قال: فأعطاه أربعين درهماً وحلة» فذهب وهو يقول: قطعت والله لساني. 
أعطيك يما مدحت الله 
حدثنا يزداد» قال: حدثنا الزبير بن بكار» قال: وحدثني الحزامي» عن عبد الله بن 
وهب المصريء» قال حدثنا هشام بن سعدء عن زيد بن أسلمء قال: بلغنا أن أبا بكر 
الصديق رضوان الله عليه أتى بشاعر إلى رسول الله عَوَدُ وهم في المسجدء فقال: ينشد يا 
رسول الله؟ قال: لا نخير في الشعرء فقال: بلى يا رسول الله فقال: فاحرجوا بنا إلى 
المقاعد» فأنشده مدحة لله ولرسولهء فقال رسول الله ؤََق: "أعطيه يا بلال الناقة 
السوداء"؛ ثم قال: "أعطيكها لما مدحت الله فأما مدحتي فلا أعطيك شيئاً". 
إلى أي شيء أفضى بهم الزهد 
حدثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني» قال: أخبرنا أبي» عن أبي أحمد بن 
أي الجوار قال: سمعت مضاء العابد يقول لسباع العابد: يا أبا محمد! إلى أي شيء أفضى 
بهم الزهد؟ قال: إلى الأنس به. 
من الشعر الحكيم 


جح الجليس الصالح والأئيس الناصح ب سس سس ستو ولد 
كان الشعبى ينشد: 
أرى أناساً بأدنى الدين قد قتنعوا ولا أراهم رضوا في العيش بالدون 
فاستغن بالدين عن دنيا الملوك كما استغنى الملوك بدنياهم عن الدين 
المجلس السابع 
الروح والفرج في الرضا واليقين 

حدثنا الحسن بن محمد بن شعبة الأنصاري» حدثنا على بن محمد السديء قال: حدثنا 
أبي: محمد بن مروان بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي مولى عبد الرحمن بن 
زيد بن الخطاب» قال: حدثني عمرو بن قيس الملائي» عن عطية عن سعد العوني» عن أبي 
سعيد الخدري, قال: قال رسول الله يلَِ: "إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط 
الله وأن تحمدهم على رزق الله» وأن تذمهم على ما لم يؤتك اللى إن رزق الله لا يجره 
حرص حريص ولا يرده كره كاره» إن الله بحكمته وجلالته جعل الروح والفرج في الرضا 
واليقين» وجعل الغم والحزن في الشلك والسخط". 

التعليق على الحديث 

قال القاضي أبو الفرج: في هذا الخبر تنبيه لذوي التمييز وحسن التفكرء والتحذير من 
إرضاء المخلوق الموسوم بالنقص والفقرء على الخالق المالك للنفع والضرء فد قال الله 
عز وجل: #زإما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك غاء وما يمسك فلا مرسل له من 
بعده, وهو العزيز الحكيم». 

وقال تعالى جده: «إقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لناء هو مولانا وعلى الله فليتوكل 
المؤمنون#4؛ وهذا ظاهر في عقول ذوي الفطن السليمة» كثير في الكتاب والسنة» يطول 
إحصاؤه ويتعب استقصاؤه. وقد أكثر الشعراء والبلغاء في ذكر هذا المعنى وأسهبواء وجمعه 
شاق جداً على متعاطيه» والقدر الذي أتينا به كاف فيه. وقد حدثنا أبي رضى الله عنه 
قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن جعفر بن سهل الختلي؛ قال: أخبرنا القاسم بن الحسن» 
قال: حدثنا محمد بن عبد الله» قال: أخبرني رجلء قال: أنشدني صديق لي: 
لعمرك ما كل التعطل ضارا ولااكل شغل فيه للمرء منفعه 
إذا كانت الأرزاق في القرب والنوى عليك سواء فاغتنم لذةالدعه 
إذا ضقت فاص بر يفرج الله ما ترى ألا كل ضيق في عواقبه سعه 

ولي في هذا المعنى أبيات قاتها قديماً هي: 
مالك العالمين ضامن رزقي فلمذا أملك المخلق رقي 
قد قضى لي بما علي ومالي حالقي جل ذكره قبل خلقي 
صاحب البذل والندى في يساري ورفيقي في عسرتي حسن رفقي 


جبن اسببسططيطيسيسن سس سلس صصص المجلس السابع حت 
وكمالايردرزقي عجزي فكذا لا يبجررزقي حذقي 
ما حجازية ونفيمية 
قوله في الأبيات التي قدمنا إنشادها: ما كان التعطل ضائرأء أنشدناه نصباً على لغة أهل 
الحجاز» وهم يشبهونها بليس ما كانت على أصل ترتيبهاء وأكثر ما تأتي بإدحال الباء عليها؛ 
كقولك: ما زيد بقائم» ويهذه اللغة جاء القرآنء قال الله تعالى: إما هذا بشراً4 وجلي أن 
من لم ينظر في المصحف من بني تميم يقرأونها بشر على لغتهم»؛ ذكر هذا سيبويه وغيره» 
وروى عن بعض القراء "ما هذا بشري" أي ما هو بمشتريء قال الله عز وجل: "ما هن 
أمهاتهه" فنصب جمهور القراء على اللغة الحجازية إلا أن التاء كسرت إذ ليست أصلية؛ 
وروى المفضل عن عاصم "ما هن أمهاتهم" على اللغة التميمية» ومنها قول الشاعر: 
ويزعم حسيل أنه فرع قومه وما أنت فرع يا حسيل ولا أصل 
وأنشد الفراء: 
لشتان ما ينوي وينوي شوأبي جميعاً فما هذان مستويان 
تمنوا لي الموت الذي يشعب الفتى وكل امرئ والموت يلتقيان 
وقال ذو الرمة: 
أما نحن راؤو دارها بعد هذه بدا الدهر إلا أن شر بها سفرا 
ابن أبي عيينة يعزل والي البصره 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال:حدثني أي» قال: حدثنا أبو عكرمة عامر بن 
عمران بن زياد» قال: كان إسماعيل بن جعفر بن سليمان والي البصرة» فأساء محاورة 
محمد بن أني عيينة فتباعد ما بينهما وقبح» وكان إسماعيل ينتقصه) فخرج محمد بن أبي 
عيينة إلى طاهر بن الحسين يشكو إسماعيل بن جعفر ويطلب عزله عن البصرة» فصحب 
طاهر بن الحسين في بعض أسفاره فأدخحل عليه ورفع حوائجه إليه وقال: 


من أوحشته البلاد لم يهقم 
ومن يبت ولحصموم قادحة 
ومن يرالتقص في مواطنه 
والقرب ممن ينأى يحاجته 
ورب أمسر يعسيا اللبيب به 
يا ذا اليسيبين لما رر ك ولم 
إني من الله في مسراح غنىئ 
زارتك منى همة منازعة 


فيهاء ومن آنسته لميِرِم 
في صدره بالسهاد لميتم 
يزل عن النقص موطيئ القدم 
صدع على الشعب غير ملتثم 
يحار منه في حسيرة الظطللم 
وتركه من مرائع الندم 
آتك من خلةولا عدم 


إلى العلا من مراتب البهمم 


ح الجليس الصالح والأنيس الناصح 

وإنني للكبير محتقمل 
وقد تعلقت مسنك بالذم مالا 
وإن يعق عائقٌ فلست على 
في قدر اللهمااحملهة 
لم تضق السبل والفجاج على 
ماض كحد السنان في طرف ال 
إذا ابتلاهالزمان كشفه 
ما ساء ظني إلا لواحدة 
ليهن قوم جزت المدى بهم 
ما تنبت الأرض كل زهرتها 
وايبست كل الدلاء راجعة 
ترجع بالحمأة القليلة أحياناً 
مابي نقص عن كل منزلة 

فأجابه طاهر بن الحسين: 

من تستضفه المموم لمينم 
ولا يزلك قلبه يكابد ما 
فدع أبا جعفر بعتب ما 
وقد سمعت الذي هتفت به 


إلا لحق وحرمة وعلى 
أنت امرؤٌ ماتزال عن كرم 


فما ترم من ججسيم منزلة 
إن كنت مستسقياً سماحتنا 
أو ترم في بحرنا بدلوك لا 
إنا أناس لنا صناعهتا 


أ - 
في القدر من منصبي ومن شيمي 
لكبيرى التي لا تخيب في الذمم 
في الحق حق الإخاء والرحم 
جميل رأي عندي بمتبم 
تعويق أمري واللوح والقلم 
حر كريم بالصب معتصم 
عامل أوحد مصلت حذم 


عن ثوب حريه وعن كرم 


ولم تقصر بهمولم تلم 
ولا تعم السسماء بالديم 


باألصمف أو ملئبا الى الوذم 
ورن قالصبابة الأمم 


شريفة والأمور بالقسم 


غلا كنوم المريض ذي السقم 
يولد الهم فيه من ألم 
ليس التجني عنه بمنصرم 
وما بأذني عنك من صمم 
مثلك رعى الحقوق والذمم 
إلا إلى مثلهمن لك رم 
سادوا بحسن الفعال والشيم 


فالحكم فيها إليك فاحتكم 


ولا عدم 


نعدمك ملأها إلى الوذم 
في العرب معروفة وفي العجم 


لتر سنس المجلس السابع ل 
مغتمو كسب كل محمدة ولكسب للحمد خير مفتئم 

فاحتكم عليه عزل إسماعيل بن جعفر عن البصرة» فعزله عنهاء وأمر لابن أبي عبينة 
بمائة ألف درهم عونا له على سفره» وقال ابن أبي عبينة في عزل إسماعيل: 


ولا انتقالاً من دار عافية إلا إلى ديار البلاء والتفن 
أنا الذي إذا كفرت نعمسته أذبت ما في جنبيك من عكن 
تعليق لفوي 


حدثنا محمد بن القاسمع قال: حدثني أي : قال: أحبرني الطوسي) عن أي عبيد» قال: 
السيوز التى بين آذان الدلو والعراقى هى الوذم, يقال فيها: أوذمت الدلو إذا شددتهاء 
والمخشبتان اللتان تعترضان على الدلو كالصايب هما العرقوتان يقال: عرقيت الدلو عرقاة 
إذا شددتّما عليه. 

نجابة المتح بن خاقان 

حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي) قال: أخبرنا محمد بن القاسمء قال: دخل 
المعتصم يوماً إلى خاقان غرطوج يعوده؛ فرأى ابنه الفتح وهو صبي لم يثغر» فمازحه 
فتمَال: أيبما أحسن داري أو داركم؟ فقال له الفتح: يا سيدي دارنا إذا كنت فيها أحسن» 
فقال المعتصم: لا أبرح والله أو ينثر عليه مائة ألف درهمء ففعل ذلك. 

رضا المتجني 

سمعت عبد الرحمن بن عثمان الشهوري» يقول: سمعت ابن اتيكين صاحب الشرطة 
ببغداد» يقول: سمعت ابن المثنى يقول: سمعت بشر بن الحارث يقول: سمعت المعافى بن 
عمران يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: رضا المتجني غاية لا تدرك. 

حدثنا أحمد بن كامل قال: سمعت ناشب المتوكلية تغني لإبراهيم ابن المهدي: 

أنت امرؤٌ متجن أوليس بالغضبان 
هبنى أسأت فألا مننت بالغفران 

ونحو هذا ما أنشدناه عن إسحاق الموصلي: ّ 
فببني أغفلت الحميل من الأم ر وساعدت أهل الغدر فيك على الغدرٍ 

ولم يك لي عذرٌ فتعذرني به أمالي نصيب في التجاوز والغفر؟ 


ونحوه بعض المحدثين يقول: 


- الجليس الصاح والأنيس الناصح سبلل رب تت 8 اج الت 
فأين الفضل منك فدتك نفسى علي إذا أسأت كما أسأت 


شعر الشاعر يمنزئلة ولده 
حدثنا أحمد بن جعفر بن موسى البرمكي جحظة. قال: حدثني حالد الكاتب» قال: 
قال لي علي بن الحهم: هب لي بيتك: 
يتما صمح من رقة حديك بقلبك 
قال: فقلت له: هل رأ يت أحداً يبب ولده؟ 
عدوهمة ابن أبي داؤد 
حدثنا الحسين بن الاسم الكوكبي؛ قال: حدثني أبو مالك حريز بن أحمد بن أي 
داؤد قال: قال الوائق يوماً لأني تضجراً بكثرة حوائجه: 
يا أحمد! قد احتلت بيوت الأموال بطلباتك للائذين بك والمتوسلين إليك» فقال: يا 
أمير المؤمنين! نتائج شكرها متصلة بك؛ وذخائر جلها مكتوية لك؛ وما لي من ذلك إلا 
عشق اتصال الألسن بحلو المدح فيكء فقال: يا أبا عبد الله! والله لا منعناك ما يزيد في 
عشقكء ويقوي من همتك فينا ولنا. 
الخليفة المنصور يخلع ثيابه على شاعر 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أخبرنا الحسن بن خحضرء عن أبيه» قال: دخل 
رجل على المنصور فقال: عليك السلام أبا جعفر أقول له حين واجهته: 
قال المنصور: وعليك السلام. فقال: 
فأنت المهذب من هاشم وفي الفرع منها الذي يذكرٌ 
فقال المنصور: ذاك رسول الله غك فقال: 
فهذه ثياي وقد أحلقفت وقد عضني زمن منكرٌ 
فألقى إليه المنصور ثيابه» وقال: هذه بدلما. 
المجلس الثامن 
حديث خرافة 
حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري» قال: حدثنا أبو الأزهرء قال: حدثنا أبو 
النضرء قال: حدثنا أبو عقيل» قال: حدثنا مجالد بن سعيد»عن عامرء عن مسروق» أن 
عائشة وب قالت: حدث رسول الله يك ذات ليلة نساءه حديثاً فقالت إحداهن: يا 
رسول الله! هذا حديث ححرافة» قال: "أتدرين ما خرافة؟ إن حرافة كان رجلاً من عُذرة 
أسرته امن فمكث فيهم دهراً ثم ردوه إلى الانس» فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من 
الأعاجيب» فقال الناس: حديث حرافة" . 


حم مومس كب ٠٠١١7ب‏ املس الثامن حت 
رواية أخرى للحديث 
حدثنا عبد الغافر بن سلامة بن أحمد بن أزهر الحضرمي الحمصيء» قال: حدثنا 
إسحاق بن إبراهيم بن عرعرة» قال: حدثنا عاصم بن علي» وحدثنا محمد بن عمر بن 
حفص الدربندي» قال: حدثنا عثمان بن معاوية البصري» عن عبد الله بن عثمان صاحب 
شعبة» عن ثابت» عن أنس» قال: اجتمع على النبي يي نساؤه يوماً فجعل يقول الكلمة 
كما يقول الرجل عند أهله؛ قال: فقالت إحداهن: كأن هذا حديث خرافة» فقال: تدرين 
ما حديث حرافة؟ وذكر الحديث. 
التعليق على الخبر 
قال القاضي: عوام الناس يرون أن قول القائل: هذه حرافة» إنما معناه أنها حديث لا 
حقيقة له» وأنه مما يجري في السمر للتأنس به» وينتظم من الأعاجيب وطرف الأخبار ما 
يرتاح إليه ويتمتع أهل الأندية بالإضافة فيه» ويقطعون أوقات ندامهم بتداوله» وأنه معظمه 
لا أصل له ورسول الله ينه أصدق في كل ما يخبر عنه وأعلم بحقيقة الأمر فيه؛ وأولى من 
رجع إلى قوله وأخحذ بهء والغي ما خالفه, فأما ما وصفنا من مذهب العامة في فإن 
الحديث مضاف إلى الجنس الذي هو جزء منه» وبعض من جملته ومميز له من كل حديث 
ليس بحديث خرافة» كقوهم هذا ثوب حز وحاتم فضة وباب حديد» واشتقاقه على هذا 
القول من قولهم: احترف فلان من بستانه هذه الثمرة» وقوهم: هذه حرفة فلان» يشار به 
إلى شيء من الفاكهة» ومنه سمي الربيع الأول من السنة خريفاً لأن جل الفواكه تخترف 
فيه» وجاء في الخبر: أن عائد المريض في مخرفة الجنة إشارة إلى ما يرجى له من النعيم 
وثواب الملك الكريم. فقال أصحاب هذا المذهب: إن المجتمعين على هذه الأحاديث 
المعجبة الملذة المطرفة بمنزلة المختمعين على ما يخترف من الفاكبة التي ينالون من قبلها 
المتعة السارة لهم الفائضة عليهم» ويتوهم هؤلاء أن مختلف الباطل ومفتعل الكذب بمنزلة 
من أتى شيئاً أو احترفه في أنه قد ظفر بما يلبيه ويمتعه» وإن كان على ما وصف في أصله 
ويقولون لما لا يحققون صححته من الأخبار: هذه حرافة» وهذا حديث خرافة» وقال بعض 
يحان الشعراء عجز بيت له حكايته: 
حديث خرافة يا أم عمرو 
وقال رضي الله عنه منهم في آخر بيت قاله: 
قالت ودعني من أحاديث خرفة 
وقال أبو العتاهية: 
إذا أحلو فأنت حديئي وذلك كالحديث من الخرافة 
وأرى أن قولحم للإنسان إذا أفند وتغير وأهتر وهجر: قد حرف, من هذا الباب وأنه 


ح اتليس الصالح والأئيس انامح سح حت لح رود 
قيل له ذلك: إما لأنه يتعلق بما تخيله له وساوسه فيظهر من لفظه ما ينبئع عن اختلاله 
ويعجب سامعوه منه بضحك من خروجه عن الاعتدال والصحة. ويأتي بألفاظ حارجة 
عن سنن الحكمة) وإما لأن سامعيه يطربون تعجباً بما يبديه ويستخرجون منه ما ينشطون 
ويرتاحون عنده» فكأنهم يجتنون شمرة أو يخترفون فاكهة» ومن ها هنا قيل: فكبت من 
كذا أي عجبت»ء كما قال الشاعر: 
ولقد فكبت من الذين تقاتلوا يوم الخميس بلا سلاح ظاهرٍ 
ومن هذا الأصل قيل للمزاح: فكاهة؛ لما فيه من مسرة أهله والاستمتاع به. قال 
الشاعر: 
حزق إذا ما القوم أبدوا فكاهةً تفكراً آإياه يعون أم قردا 
وقال بعض أهل العلم: الغيبة فاكهة القراء. 
وقال الفضيل بن عياض: لكل شيء ديباج» وديباج القراء ترك الغيبة. 
ومن كلام العرب السائر: لا تمازح صبياً ولا تفاكهن أمةء يريد: ولا تمازحنء 
وخالف بين اللفظين مع اتفاق المعنى لأنه أحسن كما قال الشاعر: 
وقدمت الأدم لراهشيه وألفى قولها كذاب ومينا 
والمين: الكذبء» وقال آخر: 
ألا حبذا هند وأرض بها هفند وهند التي من دونها الناي والبعد 
ومن الخريف والاختراف على ما قدمنا ذكره: لفلان موضع كذا حرفة» أي مقام في 
الخريف» ويقال: زمان صائف وشات ورابع وقائظ» من الصيف والشتاء والربيع والقيظع 
ولم يقولوا مثل هذا في الخريف» ويقال في النسب: حرفي وربعي» كما قال: 
إن بني صبيةً صيفيون 2 فلح من كان له ربعيون 
ومنه الربع في الماشية) قال الشاعر: 


وها بالماطرون إذا أكل النمل الذي جمعا 
حرفة حتى إذا ارتبعت سكنت من جلق بيعا 
في قباب وسط دسكرة حولها الزيتون قد ينعا 


ويروى: خرفة على ما فسرناء ويروى: خلفة من الاحتلاف إلى المكان» وقول الله 
جل ذكره: «إوهو الذي جعل الليل والنبار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا4؛ 
وقد احتلف أهل التأويل في تأويله» فقال بعضهم: معناه أن ما فات في أحدهما قضى في 
الآخرء كالصلاة تفوت ليلا فتقضى هارا وتفوت هارا فتقضى ليلاً» وقال آحرون: المعنى 
أنه جعلهما مختلفين في ألوانهما هذا أسود وهذا أبيض» وقال آخرون: إن كل واحد منهما 


جره جب-- 2 ست أ جمس الشامن حت 
يخلف صاحبه, إذا ذهب هذا جاء هذاءوقيل:إنه لو لم يجعل كذلك لالتبس على الناس 
أمر دينهم في أوقات صومهم وصلاتهم» وقيل:إن الخلفة مصدر ولذلك وجدت2 وهي 
خبر عن الليل والنهار» وقول زهير: 
بها العين والآرام يمشين خحلفة وأطلاؤها ينبضن من كل بحثم 

يعني تذهب منها طائفة وتحدث مكانها أخرى» وجائز أن يكون أراد الألوان 
والهيئات» وجائز أن يكون أراد أنها تذهب كذا وتجيء كذا. 

وروي عن النبي #يَ أنه كان من أفكه الناس» بمعنى أنه كان يمزح» وقد روى عنه 
ليت أنه قال: "إني لأمزح ولا أقول إلا حقا". 

وروي عنه يبك أنه قال: "إن الله عز وجل لا يؤاحذ المزاح الصادق في مزاحه". 

حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن أحمد بن عيسى أبو بكر البزاز العسكري» قال: حدثنا 
على بن حربء. قال: حدثنا يزيد بن أبي الزرقاء» عن أي لهيعة» عن عمارة بن غزية» عن 
إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة» عن أنسء قال: كان النبي © من أفكه الناس. . 

وحدتنا محمد بن حمدان بن بغداد الصيدنائي» قال: حدثني يوسف بن الضحاكء قال: 
حدثني ألي ) قال: حدثنا حالد الحذاء» عن أبي قلابة» عن عائشة: أن النبي د كان 
مرّاحاًءوكان يقول: "إن الله عز وجل لا يؤاخذ المزاح الصادق في مزاحه". 

قال القاضي أبو الفرج: إنما ذكرنا ما ذكرناه من باب المزاح ها هنا بحسب ما اقتضاه 
ما تقدم من كلامنا لاتصاله ومناسبته إياه» ولذكر ما جاء في المزاح من الاستحسان 
والرخصة والنهي والكراهية موضع غير هذا. 

حدثنا أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير القاضي» قال: أخبرني أي عبد الله بن 
نصر بن بجير» قال: حدثني أبو جعفر محمد بن عباد بن موسى قال: أخبرني أبو بكر 
الهذلي» قال: قال لي الشعبي: ألا أحدثئك حديثا تحفظه في مجلس واحد إن كنت حافظأ 
كما حفظته أناء لما أتي بي الحجاج وأنا مقيد ورج إلي يزيد بن أي مسلم. فقال: إنا لله 
وإنا إليه راجعون لما بين دفتيك من العلم يا شعبى» وليس بيوم شفاعة» إذا دحلت على 
الأمير فبؤ له بالشرك والنفاق على نفسك فبالحري أن تنجو. فلما كنت قريباً من الإيوان 
خرج محمد بن الحجاج» فقال: هي يا شعبي) أكرمتك وأدنيتك وقربت بحلسك ثم 
حرجت علينا؟ قلت: أصاح الله الأمير» أحزن بنا المنزل وأجدب الجناب وضاق المسلك» 
واكتحلنا السهرء واستحلسنا الخوف. ووقعنا في خزية لم نكن بررة أتقياء ولا فجرة 
أقوياء» قال: صدق والله. ما بروا حين حرجوا ولا قووا حين فجرواء أطلقوا عنه. ثم قال: 
تعهدني وكن مني قريباًء فأرسل إل يوماً نصف النهار وليس عنده أحد, فقال: ما تقول في 
أم وجد وأحت؟ قلت: اختلف فيها خسة من أصحاب محمد له قال: من؟ قلت: علي 





حك الجليس الصالح والأنيس الناصح - موحد 
وابن مسعود وابن عباس وعثمان وزيد بن ثابت» قال: فما قال علي؟ قلت: جعلها ستة 
فأعطى الأحت النصف ثلاثة» وأعطى الأم الثلث سهمين؛ وأعطى الجد السدس سهماً 
قال: فما قال ابن مسعود؟ قلت: جعلها أيضاً ستة» وكان لا يفضل أماً على جدء فأعطى 
الأحت النصف ثلاثة» وأعطى الأم ثلث ما بقي» وأعطى الأم الثلث وأعطى الأحت الثلث 
وأعطى الحد الثلث وأعطى الحد الثلثين» قال: فما قال عثمان؟ قلت: جعلها أثلاثا فأعطى 
الأم الثنلث وأعطى الأحت الثلث وأعطى الحد الثلت» قال: فما قال زيد؟ قلت: جعلها 
من تسعة فأعطى الأم الثلاثة وأعطى الأحت سهمين وأعطى الحد أربعة» جعلها منها 
بمنزلة الأخ» قال: يا غلام أمضها على ما قال أمير المؤمنين عثمان» قال: إذ دحل 
الحاجب فقال: إن بالباب رسلا قال: أدخلهمء فدحلوا وسيوفهم على عواتقهم 
وعمائمهم في أوساطهم وكتبهم بأيمالهم» قال: ائذن» فدخل رجل من بني سليم يقال له 
سيابة بن عاصمء قال: من أين؟ قال: من الشام» قال: كيف أمير المؤمنين؟ كيف هو في 
بدنه» كيف هو في حاشيته؛ كيف كيف؟ ٠‏ 
قال: خيرء قال: كان وراءك من غيث؟ قال: نعم أصابتني فيما بيني وبين أمير 
المؤمنين ثلاث سحائب» قال: فانعت كيف لي كيف كان وقع المطر وكيف كان أثره 
وتباشيره؟ قال: أصابتني سحابة بحوران فوقع قطر صغار وقطر كبار» فكان الصغار لحمة 
الكبار» ووقع سبطاً متداركاً وهو السح الذي سمعت بهء فواد سائل وواد نازح؛ وأرض 
مقبلة وأرض مدبرة» وأصابتنى سحابة بسوان فأندت الدياث وأسالت الغرار وأدحضت 
التلااع وصدعت عن الكمأة أماكتهاء وأصابتني سحابة بالقريتين» فأفاءت الأرض بعد 
الري» » وامتلأت الإخاذ وأفعمت الأودية» وجئتك في مثل محر الضبع» قال: ائذن» فدحل 
رجل من بني أسدء قال: هل كان وراءك غيث؟ قال: لا» كثرت الأعصار واغبرت البلاد 
وأكل ما أشرف من الحنبة» واستيقنا أنه عام سنة» قال: بئس المخحبر أنت» قال: أحبرتك 
بما كان» قال: ائذنء قال: فدحل رجل من بني حنيفة من أهل اليمامة» قال: هل كان 
وراءك من غيث؟ قال: سمعت الرواد يدعون إلى ريادتها» وسعت قائلاً يقول: هل أظعنكم 
إلى محخطة تطفأ فيها النيران وتشكى فيها النساءء وتتنافس فيها المعزى» قال: فوالله ما 
درى الحجاج ما أراد. قال: ويحك إنما تحدث أهل الشام فأفهمهم. قال: أما تطفا النيران 
فأحصب الناس فلا توقد نار يختبز بهاء فكان السمن والزبد واللبن» وأما تشكي النساء 
فإن المرأة تظل تريق بهمها ومحض لبنها فتبيت وها أنين من عضديها كأنهما ليسا منهاء 
وأما تنافس المعزى فإنها ترى من أنواع الشجر وألوان الثمار ونور النبات ما يشبع بطونها 
ولا يشبع عيوهاء فتبيت وقد امتلأت كروشهاء لما من الكظة جرة» وتبقى الحرة حتى 
يستنزل بها الدرة» قال: ائذن فدحل رجل من الحمراء من الموالي» وكان من أشد أهل 


حج وه »٠ح‏ 2227_7777 مجلس الثامن ح- 


زمانه قال: 0 أين؟ قال: من خخراسان» قال: هل كان ورامك من جما قال: نعم 


ولكن لا أحسن أن أقول كما قال هؤلاء؛ قال: فما تحسن أنت؟ قال: أصابتني سحابة 
بحلوان فلم أل ار حتى دخلت على الأمير» قال: إن كنت أقصرهم في المطر 
قصة» إنك لأطوطم بالسيف حخطوة. 


عود إلى خبر الشعيي مع الحجاج 

وحدثني أي رضي الله عنه» قال: حدثنا أبو عبد الله الصوني, قال: حدئنا سليمان بن 
عمر الأقطع الرقي؛ قال: حدثنا عيسى بن يونس» قال: حدثنا عباد بن موسى رجل من 
أهل واسط عن أنبي بكر الحذلي» عن الشعبي» قال: أتى بي الحجاج موئقاً فلما انتهينا إلى 
باب القصر لقيني يزيد بن أبي مسلمء فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون يا شعبي لما بين 
دفتيك من العلم» وذكر الحديث. 

وروى لنا خبر المحجاج مع الشعبي على نحو ما أتينا به ني هذا الحزء من غير طريق ) 
وبعض رواياته يختلف ألفاظها ويزيد بعضها على بعضء وأنا أذكر ها هنا طريقا حضرني 
وقرب مني. 

حدثنا محمد بن جعفر بن سليمان النهرواني» وحمزة بن الحسين بن عمر أبو عيسى 
السمسار» قالا: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي» قال: حدثنا يوسف بن بهلول التميمي» 
قال: حدثنا جابر بن نوح الحماني» قال: حدثني مجالد» عن الشعبي» قال: لما قدم الحجاج 
الكوفة قال لابن أبي مسلم: أعرض على العرفاء» فعرضهم عليه فرأى فيهم وحشاً من 
وحش الناس» قال: ويحك: هؤلاء حلفاء الغزاة في عيالهم؟ قال: نعم قال: اطرحهم واغد 
علي بالقبائل» فغدا عليه بالقبائل على راياتها» فجعلوا يعرضون عليه فإذا وقعت عينه على 
رجل دعاه, فدعا بالشعبيين فمرت به السن الأولى فلم يدع منهم أحداء ومرت به السن 
الثانية فدعاني» فقال: من أنت؟ فأخحبرته؟ فقال: اجلس» فجلستء فقال: قرأت؟ قلت: 
نعم قال: رويت الشعر؟ قلت: قد نظرت في معانيه» قال: نظرت في الحساب؟ قلت: 
نعم فقال: لابن أبي مسلم: إنا لنحتاج إليه في بعض الدواوين» قال: رويت مغازي رسول 
الله عَنْك؟ قلت: نعم قال: حدثني بحديث بدرء قال: فابتدات له من رؤيا عاتكة حتى أذن 
المؤذن للظهرء نم محل وقال: لا تبرح» فخرج فصلى الظهر وأممتها لهء فجعلني عريقا 
على الشعبيين ومنكباً على جميع همدان وفرض لي في الشرف» فلم أزل عنده بأحسن منزلة 
حتى كان عبد الرحمن بن الأشعث,ء فأتاني قراء أهل الكوفة فقالوا: يا أبا عمرو! إنك زعيم 
القراء» فلم يزالوا لي حتى حرجت معهم فقمت بين الصفين أذكر الحجاج وأعيبه بأشياء 
قد علمتهاء قال: فبلغني أنه قال: ألا تعجبون من هذا الشعبي الذي جاءني وليس في 
الشرف من قومهه فألحقته بالشرف» وجعلته عريفاً على الشعبيين ومنكباً على همدان؛ ثم 


حت الجليس الصالح والأنيس اناصح سمس سو وح 
حرج مع عبد الرحمن يحرض عليء أما إنه لئن أمكن الله منه لأجعلن الدنيا أضيق عليه من 
مسك جملء» قال: فما لبثنا أن هزمنا فجىت إلى بيتي فدحلته وأغلقت علي باي» فمكثنت 
تسعى أشهر الدنيا على أضيق من مسك جملء» فندب الناس لخراسان» فقام قتيبة بن 
مسلمء فقال: أنا لهاء فعقد له خراسان وعلى ما غلب عليه منها وأمن له كل خائف» 
فنادى مناديه: إنه من لحق بعسكر قتيبة فهو آمنء فجاءئي شيء لم يجيئني شيء هو أسر 
منهء فبعث بمولى لي إلى الكناسة» فاشترى لي حماراً وزودني» ثم حرجت فكنت في 
العسكر فلم أزل معه حتى ينا فرغائ فجلس ذات يوم وقد برقا» انارت إليه فعرفت 
ما يريد» فقلت: أيها الأمير! عندي علم ما تريد؟ قال: ومن أنت؟ قال: قلت: أعيذك ألا 
تسل عن ذاك» قال: أجل» فعرف أني ممن يخفي نفسه. فدعا بكتاب فقال: أكتب نسحةء 
قلت: لست متاجاً إلى ذلك» فجعلت أملي عليه وهو ينظر إلى حتى فرغت من كتاب 
الفتح» قال: فحملني على بغلة وأرسل إلي بسرق من حرير» وكنت عنده في أحسن منزلة» 
فإني ليلة أتعشى معه إذ أنا برسول من الحجاج بكتاب فيه: إذ نظرت في كتابي هذا فإن 
صاحب كتابك عامر الشعبي» فإن فاتك قطعت يديك على رجلك وعزلتك» قال: 
فالتفت إلي فقال: ما عرفتك قبل الساعة فامض حيث شئت من الأرضء فوالله لأحلفن له 
بكل يمين» قال: قلت: أيها الأمير إن مثلي لا يخفى» قال: فقال: أنت أعلم قال: فبعثني 
إليه مع قوم وأوصاهم بي وقال: إذا نظرتم إلى خحضراء واسط فاجعلوا في رجليه قيداً ثم 
أدحلوا به على الحجاج؛ قال: فلما دنوت من واسط استقبلني ابن أبي مسلم فقال: يا أبا 
عمرو! إني لأضن بك على القتل؛ إذا دحلت على الحجاج فلما رآني قال: لا مرحباً بك 
ولا أهلاً يا شعبي الخبيث؛ جتتني ولست في الشرف من قومك ولا عريفاً ولا منكبا 
فالحقتك بالشرف وجعلتك عريفاً على الشعبيين ومنكباً على جميع همدان؛ ثم خرجت مع 
عبد الرحمن تحرض علي؟ قال: وأنا ساكت لا أجيبه» قال: فقال لي: تكلم قال: قلت: 
أصلح الله الأمير» كل ما ذكرت من فضلك فهو على ما ذكرت» وكل ما ذكرت من 
خروجي مع عبد الرحمن فهو كما ذكرت» ولكنا قد اكتحلنا بعدك بالسهر وتحلسنا 
الخنوف,» ولم نكن مع ذلك بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء» وإن حقنت لي دمي واستقبلت ي 
التوبة؟ قال: قد حقنت دممك واستقبلت بك التوبة» قال: فقال ابن أني مسلم: الشعبي كان 
أعلم مني حيث لم يقبل مني الذي قلت له. 

حدثنا محمد بن جعفر» وحمزة بن الحسين, قالا: حدثنا أحمد بن منصور قال: سمعت 
الأصمعي) يقول: حدثي عثمان الشحام, قال: لما أتى الحجاج بالشعبي عاتبه؛ فقال له 
الشعبي: أصلح الله الأمير» أجدب بنا الجناب» وأحزن بنا المنزل» واستحلسنا الخوف» 
واكتحلنا السهرء وأصابتنا حزية لم نكن فيها بررة أتقياء» ولا فجرة أقوياء» قال: لله درك 


حدوى ب سس أ جمس الشامن حت 
يا شعبي. 

قال القاضي: والذي ذكر في هذا لخر على ما ني الرواية لني بدأنا بها ذكر الفريضة 
التي سأل الحجاج الشعبي عنها فأجابهين وذكر أن أصحاب رسول الله ويه احتلفوا فيها 
على خمسة أقوال فهذا على ما ذكره. وهذه فريضة من فرائض الحد معروفة يسميها 
الفرضيون الخرقاءء وأصول الصحابة فيها مختلفة؛ فمنهم من ينزل الحد بمنزلة الأب الأدنى 
فلا يورث الإخوة والأحوات معه. ومنهم من يعطي الأحوات من الأب والأم أو الأب 
فرائضهن ويورث الحد بعد ما يستحقهء وهذا مذهب على وعبد اللّى إلا أن عبد الله لا 
يفضل أماً على جدء وقد روى عنه أن هذه المسألة من مربعاته» ومنهم من ينزل الحد مع 
الأحوات من الأب والأم أو من الأب بمنزلة الأخ في المقاسمة» وبينهم في القدر الذي 
تنتهي إليه المقاسمة ويفرض للجد فريضة» حلاف ليس هذه موضعة؛ وروي منع الإإخوة 
والأخوات الميراث مع الحد عن أبي بكر وعائشة وابن عباس وابن الزبير فيعدد كثير من 
الصحابة والتابعين ومن بعدهم من اعلماء الأمصار والمسلمين» وإلى هذا نذهبء وبيانه 
مشروح فيما ألفناه من كتبنا في فرائض المواريث. 

لو حدثت أحدا لحدثتك 

وحدثني أحمد بن كامل» قال: حدتني أبو عبد الله محمد بن القاسم المعروف بأني 
العيناء» قال: أتيت عبد الله بن داود الخريبي فال لي: قد حفظت القرآنء قال: فاقراً: 
«#واتل عليبم نبأ نوح إذ قال لقومه#. قال: فقرأت العشر حتى أنفدته» قال: اذهب 
فتعلم الفرائضء قال: قلت: قد حفظت الصلب والحد والكبرء قال: فأيما أقرب إليك» 
ابن أحيك أو عسك؟ قال: قلت: ابن أحي, قال: ولم؟ قال: قلت: لأن ابن أحي من أني» 
وعمي من جديء قال: اذهب الآن فتعلم العربية» قال: قلت: قد علمتها قبل ذين» قال: 
فلم قال عمر بن الخطاب حين طعن: يا لله للمسلمين» لم فتح تلك اللام وكسر هذه؟ 
قال: قلت: فتح تلك للدعاء وكسر هذه للاستنصار قال: لو حدثت أحداً لحدثتك. 

قال القاضي: قلت لابن كامل أمل هذا الحديث: ما أنصفه لما أوقع به هذه المحنة 
وأسرع بما لم يدكره من الإجابة؛ بنعهما التمس من الفائدة؛ فضحك: 

قال القاضي: هذا العشر الذي استقرأه الخريبي أبا العيناء يعرف بالصهيبي ويمتحن به 
من يتعاطى الحفظ من القراء» وله حديث نذكره فيما يأتي من محالسناً هذه إن شاء الله 
وأما اللام في الموضعين من هذين فإن أئمة النحويين من الكوفيين والبصريين رووها 
مفتوحة في الموضعين» وإذا قيل: يا للقومء فهو استغاثة تفتح فيه لام المدعوء وإذا قيل: 
للماء فالكسر لازم لام المدعو له أو إليه» كأنه قال: أدعوكم لماءء وقال الشاعر: 

ال بكر انشروا لي كلا يال بكر أين أين الفرار؟ 


- الجليس الصاح والأنيس الناصح جبببببس لل 1 اه تت 

وقال الأعشى: 

يال قيس لما لقينا العاما 
أي أدعوكم لهذاء وشرح واستقصاء فروعه وعلله يطول, وله موضع غير هذا. 
وصية الحجاج بأهل البصرهة 

حدثنا الحسين بن أحمد الكلبي: قال: حدثنا محمد بن زكرياء قال: حدثنا عبد الله بن 
محمد بن عائشة: قال: حدثني أني: قال: أراد الحجاج الخروج من البصرة إلى مكة فخحطب 
الناس» فقال: يا أهل البصرة | بي أريد الخروج إلى مكة وقد استخلفت عليكم بحملا ني 
ولا يتجاوز عن مسيئكم, ألا وإنكم قائلون بعدي كلمة ليس يمنعكم من إظهارها إلا 
الخوف, ألا وإنكم قائلون: لا أحسن الله له الصحابة» إني معجل لكم الجواب: لا أحسن 
الله عليكم الخلافة. 

المجلس التاسع 
مؤرق وفضيلة كتمان السر 

حدثنا محمد بن مخلد بن حفص العطارء قال: حدثنا حاتم بن أني الليث الجوهري» 
قال: حدثنا على بن مهران الداري» قال: حدثنا أبو زهر عبد الرحمن بن مغردي» قال: 
حدثنا المفضل بن فضالة» عن بكر بن عبد الله» وشامة بن عبد الله بن أنس» قالا: حدثنا 
أنس بن مالك» قال: قال رسول الله يَيَهِ: "إن كان فيمن سلف من الأمم رجل يقال له 
مؤرق وكان متعبداء فبينما هو قائم في صلاته إذ ذكر النساء فاشتهاهن وانتشر حتى قطع 
صلاته» فغضب فأحذ توسه فقطع وترها فعمذله بمذاكيره وشده إلى عقبيه» ثم مد رجله 
فانتزعهاء ثم أحذ طمرية ونعليه حت ى أ تى أرضاً لا أنيس بها ولا وحشء فاتخذ عريشاً ثم 
قام يصلي» فجعل كلما أصبح انصدعت له الأرض» فخرج تحارجة منها ومعه إناء فيه 
طعام فيأكل حتى يشبع» ثم يدخل وتلتئم عليه الأرضء فإذا أمسى فعل مثل ذلك» ومر 
ناس منه فأتاه رجلان من القوم فمرا تحت الليل فسألاه عن قصدهما فقسمت لهمما بيديه؛ 
فقال: هذه قصدكما حيث تريدان» فسارا غير بعيد» فقال أحدهما لصاحبه: ما يسكن هذا 
الرجل ها هنا؟ أرض لا أنيس بها ولا وحش» ولو رجعنا إليه حتى نعلم علمه؛ فرجعا 
فقالوا له: يا عبد الله ما يقيمك بهذا المكان» بأرض لا أنيس فيها ولا وحش؟ فقال: امضيا 
لشأنكما ودعاني» فألحا عليه قال: فإني مخبركما على أن من كتم على منكما أكرمه الله في 
الدنيا والآخرة» ومن ن أظهر منكما أهانه الله تعالى في الدنيا والآخرة قالا: نعم قال: أن لا 
فلما أصبحا حرج من الأرض الذي كان يخرج الطعام ومثلاه معه فأكلوا حتى شبعوا 


حرو مسمس سس المخلس التاسع حت 
ثم دحل فخرج عليهم شراب فيه إناء مثل الذي كان يخرج في كل يوم ومثلاه معه) 
فشربوا حتى رووا ثم دحل فالتأمت الأرض» فنظر أحدهما إلى صاحبه فقال: ما يعجلنا؟ 
هذا طعام وشرابُ وقد علمنا سمتنا من الأرضء امكث إلى العشاء فمكثا فخرج إليهما في 
العشاء من الطعام والشراب مثل الذي خرج أول النهار» فال أحدهما لصاحبه: امكث 
حتى نصبح» فمكثا فلما أصبحا حرج إليهما مثل ذلكء ثم ركبا فانطلقاء فأما أحدهما فلزم 
باب الملك حتى كان من نحاصته» وأما الآخحر فأقبل على تجارته وعمله» وكان ذلك 
الملك لا يكذب أحدّ في زمانه من أهل مملكته كذبة تعرف إلا صلبه» فبينما هو ليلة في 
السمر فحدثوا ما رأوا من العجائب أنشأ ذلك الرجل يحدث؛ء فقال: لأحدثتك أيها لملك 
بحديت ما سمعت بأعجب منه قط فحدثه بحديث الرجل الذي رأى من أمرهء قال 
الملك: ما سعت بكذب قط أعظم من هذاء والله لتأتيني على ما قلت ببينة وإلا صلبتك» 
فقال: بينتي فلان» فقال: رضأ اتتوني بهء فلما أتاهء قال الملك: إن هذا حدثني أنكما 
مررتما برجل كان من أمره كذا وكذاء قال له الرجل: أيها الملك: أو لست تعلم أن هذا 
كذب» وهذا مما لا يكون» ولو أني حدثتك بهذا لكان عليك من الحق أن تصلبني» قال: 
صدقت وبررت» فأدخحل الذي كتم في خاصته وسمره وأمر بالآخر فصلبء فمال النبي طَل: 
فأما الذي كتم عليه فد أكرمه الله في الدنيا وهو مكرمه في الآحرة" ثم نظر بكر بن عبد 
الله المزني إلى شامة بن عبد الله بن أنس فقال: يا أبا المثنى: أسمعت جدك أنسا يحدث هذا 
الحديث عن رسول الله ه؟ قال: نعم. 


بدء أمر الخضر اكلا 

حدثنا أبو بكر بن أبي داود» قال: حدنا حسين بن علي بن مهران» قال: حدثنا 
عامر بن فرات» عن أسباط», عن السديء قال: كان ملك وكان له ابن يقال له المنضر» 
وإلياس أحوه - أو كما قال - فقال إلياس للملك: إنك قد كبرت وابنك الخضر ليس 
يدحل في ملككء فلو زوجته ليكون ولده ملكاً بعدك؟ فقال: يا بني تزوجء فقال: لا 
أريد» قال: لا بد لك» قال: فزوجني» فزوجه امرأة بكرأ فقال لها الخضر: إنه لا حاجة لي 
في النساء فإن شكت عبدت الله عز وجل معي فأنت في طعام الملك ونفقته» وإن شىعت 
طلقتك, قالت: بل أعبد الله معك» قال: فلا تظهري سري فإنك إن حفظت سري 
حفظك الله وإن أظهرت عليه أهلك أهلكك الل فكانت معه سنة لم تلد» فدعاها الملك 
فقال: أنت شابة وابني شاب فأين الولد وأنت من نساء ولد؟ فقالت: إنما الولد بأمر الله 
تعالى فدعا الخضر فقال: أين الولد يا بني» فقال: الولد بأمر الله تعالى» فقيل للملك: لعل 
هذه المرأة عقيم لا تلد فزوجه امرأة قد ولدت» فقال للخحضر: طلق هذهء قال: لا تفرق 
بيني وبينها فقد اغتبطت بهاء فقال: لا بد» فطلقهاء ثم زوجه ثيب قد ولدت» فقال لما 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصم ووو ود 
الخضر كما قال للأولى» فقالت: بل أكون معكء فلما كان الحول دعاها فقال: إنك ثيب قد 
ولدت قبل ابني فأين ولدك؛ فقالت: هل يكون الولد إلا من بعل؟ وبعلي منشغل بالعبادة 
ولا حاجة له في النساء فغضب الملك وقال: اطلبوه» فهرب فطلبه ثلاثة فأصابته اثنان منهم 
فطلب إليهما أن يطلقاه فأبياء وجاء الثالث فقال: لا تذهبا به فلعله يضربه وهو ولده 
فأطلقاى ثم جاءا إلى الملك فأحبره الاثنان ألهما أحذاه وأن الثالث أخحذه منهماء فحبس 
الثالث» ثم فكر الملك فدعا الاثنين فقال: أنتما حوفتما ابي حتى هرب» فذهب فأمر بهما 
فقتلا» ودعا بالمرأة فقال لها: أنت هربت ابني وأفشيت سره. ولو كتمت عليه لأقام عندي؛ 
فقتلها وأطلق المرأة الأولى والرجل» فذهبت فاتخذت عريشاً على باب المدينة وكانت 
تحتطب وتبيعه وتتقوت بثمنه» فرج رجل من المدينة فقير الخال فقال: باسم الله فقَالت 
المرأة: وأنت تعرف الله؟ قال: أنا صاحب الخضرء قالت: وأنا امرأة الخنضرء فتزوجها 
وولدت له؛ وكانت ماشطة ابنة فرعون» فقال أسباط. عن عطاء بن السائب» عن سعيد بن 
جبير» عن ابن عباس» أنها بينما هي تمشط ابنة فرعون سقط المشط من يدهاء فقالت: 
سبحان ري» فقالت ابنة فرعون: أبي؟ قالت: لا ري ورب أبيكء» قالت: أخحبر أني؟ قالت: 
نعم فأحبرته, فدعا بهاء وقال: ارجعي» فأبت فدعا بنقرة من نحاس فأخحذ بعض من ولدها 
فرمى به في النقرة وهي تغلي» ثم قال: ترجعين؟ قالت: لا فأحذ الولد الآخر حتى ألقى 
الأولاد أجمعين» ثم قال لها: ترجعين؟ قالت: لاء فأمر بهاء قالت: إن لي حاجة» فقال: وما 
هي؟ قالت: إذا ألقيتني في النقرة تأمر بالنقرة أن تحمل ثم تطفأ في بيتي بباب المدينة وتنحي 
النقرة وتهدم البيت علينا حتى تكون قبورناء فقال: نعم إن لك علينا حقاء قال: ففعل بها 
ذلك» قال ابن عباس: قال النبي يَّهُ: '"مررت ليلة أسري لي فشممت رائحة طيبة» فقلت: يا 
جبريل! ما هذا؟ قال: هذا ريح ماشطة ابنة فرعون وولدها". 
التعليق على الخبر 

قال القاضي: في هذين الخبرين عظة ومعتبر» وتنبيه لمن عقل ومزدجرء وفيما اقتضى 
فيها ما دعا ذوي النهى إلى الصدق وحفظ الأمانة» وحذر من ركوب الغدر والخيانة» وفي 
حزن السر وحياطته» وصونه وحراسته ما لا يحيل على الألباء وفور فضيلته, كما لا 
يذهب عليهم ما في إفشائه وإضاعته» من سقوط القدر» وقبيح الذكرء وما يكسب صاحبه 
من حطه عن منزلة من يشرف ويعتمد عليه ويؤتمن ويركن في جلائل الخطوب إليه؛ 
والناس في هذين الخلقين المتناقضين معانى مكرم؛ ومبتلى مذمم» وقد قال بعض من افتخر 
بالخلق الكريم منها: 

وأطعن الطعنة النجلاء عن عرض وأكتم السر فيه ضربة العلنقٍ 
وقال بعض من خالف هذه صفته» وسلك حلاف محجته: 





سس سس س7 خلس التاسع حت 
وما أتى من هاتين الخليقتين المتضادتين من منثور الأخبار ومنظوم الأشعار ما يتعب 
إحصاؤه» ويمل استقصاؤٌه) ولعلنا نضمن 2 بجالس كتابنا هذا منه ما يستفيده الناظر فيه) 
إذا أتى ما يجره ويقتضيه؛ إن شاء الله. 
وذكرت من النوع الذي تضاد فيه فريقان فيما وصف به كل واحد منهما نفسه» شيقاً 
أحببت أن أثبته فيما ها هناء وإن كان بابه أوسع من أن يستوعى» وأكثر من أن يستغرق 
ويستوثى» وهو ما روي لنا أن منفوسة بنت زيد الفوارس لما أهديت إلى قيس بن عاصم 
قربت إليه إهداء» فقال لها: أين أكيلي؟ فلم تدر ما يقول لحاء فأنشأ يقول: 
أياابنة عبد الله وابنة مالك ويا بنة ذي البردين والفرس الورد 
إذا ما صنعت الرّاد فالتسسي له أكيلاً فإني لست آكلهُ وحدي 
أحاً طارقاً أو جار بيت فإنني أحاف ملامات الأحاديث من بعدي 
وإني لعبد الض لضيف ما غير ذلة ومافي إلا ذاك مر شيم ١‏ لعبد 


فسمعه جار له وكان مبخخلا فقال: 


وإنا لنجفو الضيف من غير عسرة مخافة أن يغرى بنافيعود 


الحسين بن قتبي» قال: حدثنا أبي ) قال: حدثنا أحكم الأعمى» عن أبي حالد بن محمد ع 
من بي إسرائيل حرج يُ بعض حوائجه» وكانت له امرأة فأوصى بها أنحاة) وسأله 
يتعهدها ويقوم بحوائجها وما تريد» فكان يأتيها فيسأها عن بعض حوائجها وما تريد, إلى 
أن رآها فوقعت في نفسه؛ فراودها فأبت عليه. فقال لها: والله لفن لم تفعلي لأهلكنك» 
قالت: لا والله ما أنا بفاعلة ولا أنا متابعتك على ما تريد فعله فافعل ما أنت فاعل» 
فسكت عنها إلى أن قدم أحوه فتلقاه وسأله وحادثه إلى أن جرى ذكرهاء فقال: يا أخي 
علمت أنها راودتني عن نفسي وفعلت وفعلت؟ فقال: أحوه أي شيء تقول؟ قال: هو 
والله ما قلت لكء» فلما قدم الرجل لم تكن له همة إلا أن حملها ولم يسألها عن شيء 
تصديقاً لأحيه؛ فأنزها ليلاً وضريها بسيفه حتى ظن أنه قتلها ثم مضىء وإن المرأة بقي بها 
رمق» فقامت تدب إلى أن انتبت إلى أصل دير راهب فسمع أنينها فأشرف عليها من 


حت الدليس الصاح والأنيس الناصح ل<غغغغ32ة<+5] -]ُلىلل ل -ل ١‏ 7 7 لست 
ديره» فلما رآها نزل ودعا غلاماً له أسود فاحتملاها فأدخلاها الدير» فلم يزل الراهب 
يعالجها حتى برأت» وكان له ابن صغير قد ماتت أمهء فقال الراهب: إن شكت أن تذهبي 
فاذهبي» وإن شكت أن تقيمي فأقيمي» فقالت: بل أقيم فأحدمك أبداًء فدفع إليها ابنه 
وكانت تربيه إلى أن وقعت في نفس العبد الأسود فراودهاء وقال: والله لئن لم تتابعيني 
لأهلكنك, قالت: ما أنا بمتابعتك فافعل ما أنت فاعل» فلما كان الليل جاء إلى الصبي 
وهو نائم بين يديها فنبحه» فلما فعل ذلك مضى إلى الراهب فقال له: أما علمت ما كان 
من أمر هذه الخبيثة وما فعلت بابنك؟ وترى هذه فعل بها ما فعل إلا من أمر عظيم قد 
أتته» قال الراهب: ويحك وما فعلت بابني؟ قال: ذبحته. فجاء الراهب فوجد ابنه 
متشحطا في دمهء فقال لما: ما هذا؟ قالت: لا علم لي غير أن غلامك كان من أمره 
وكان» فقصت عليه القصة فقال الراهب: قد شككتني في أمرك» ولست أحب مقامك 
معي» فهذه <مسون ديناراً فخذيها وامضي حيث شكت تكون لك قوة» فأخذتها ومضت 
حيت انتهت ! لى قرية؛ فإذا رجل قدم ليصلب والناس مجتمعون والوالي» فقالت للوالي - 
وقد يرفع الرجل على الخشبة - هل لك أن تأخذ مني حمسين ديناراً وتخلي سبيل هذا 
الرجل؟ قال: هاتي. فحلت كمها فدفعت إليه الخمسين ديناراً فخلى سبيل الرجل» فقال 
لما الرجل: ما صنع أحد بأحد ما صنعت لي أنت» ولست بمفارقك؛ أخدّمك حتى يفرق 
الموت بيننا. فمضى معها حتى انتهيا إلى ساحل البحر والناس يعبرون في السفن فدخحل 
وأدحلها وكان لما هيئة وجمال» فلما رآها أهل السفينة قالوا: من هذه المرأة منك؟ قال: 
مملوكة لي» وقد وقعت في نفس رجل منهم لما رآهاء فقال له الرجل: أتبيعها؟ قال: إني 
لأكره بيعهاء ولو أردت ذلك ثم علمت للقيت منها أذى لأنها تحبني» وقد أحذت علي ألا 
أبيعبا أبداء قال الرجل: بعها وحذ مالك واحرج ولا تعلمهاء فباعه إياها بمال كثير فدفعه 
إليه وأشهد عليه أهل السفينة وهي مع النساءء وقرب إليه قارباً فرجع فيه وهي لا تعلم 
ومضوافي البحر» فلما علم الذي اشتراها أنه قد تباعد ولا تقدر عليه قام يكلمها ويعلمها 
أنه قد اشتراهاء قالت: اتق الله فإني امرأة حرةء قال: دعي هذا عنك فقد مضى صاحبك 
فلا تقدرين عليه فلا تزوجي بما لا تنتفعين به» وأقبل أهل السفينة عليها وقالوا: يا عدوة 
الله! قد اشتراك الرجل ونحن نشهدء قالت: ويحكم! خافوا الله فإني والله امرأة حرة وما 
ملكني أحد قطء قالوا: قم إليها حتى تفعل بها كذا وكذاء فإنك إذا فعلت ذلك سكنت» 
فقام إليها فلما حافت على نفسها دعت الله عز وجل عليهم فإذا السفينة قد انقلبت بهم؛ 
فلم ينج منهم غيرها على ظهر السفينة» وكان للملك ذلك اليوم عيد على ساحل البحر 
من الحانب الآخرء وهو واقف وأهل مملكته فلما رأى ذلك بعث من دخل عليهم في 
السفن فلم يقدر على غيرهاء فأحرجت إليه؛ فسألها عن أمرها ودعاها إلى الترويج فأبت» 


حو لب سس سس سس صصص المحلس التاسع حت 
وقال: إن لي قصة وليس يجوز لي التزويج» فصيرها في دار فكان إذا ورد عليه الأمر الذي 
يهوله أتاها فشاورهاء فتشير عليه فيرى في مشورتها البركة» إلى أن حضر الملك فجمع 
أهل مملكته» فقال: كيف كنت لكم؟ قالوا: كالأب الرحيم فجزاك الله خيرأء فقال: كيف 
رأيتم أول أمري من آخره قالوا: كنت في آحر أمرك أحزمء قال: فإن جميع ما رأيتم من 
ذلك كان بمشورة هذه المرأة» وقد رأيت لكم رأياً» قالوا: وما هو أيها الملك؟ قال: 
أملكها عليكم من بعديء قالوا: فرأيك» فملكها عليهم ومات الملك» وإنها أمرت بحشر 
الناس إليها ليبايعوهاء فحشر الناس وجلست تنظرء فمر بها زوجها وأخوه. فقالت: اعزلوا 
هذين ثم مر بها المصلوب الذي باعباء فقالت: اعزلوا هذل ثم مر بها الراهب وغلامه, 
فقالت: اعزلوا هذين» ثم صرفت الناس ودعت بهم فقالت لزوجها: تعرفني؟ قال: لا والله 
أني أعلم أنك الملكة» قالت: أنا فلانة امرأتك» وإن أحاك فعل بي وفعل وخبرته الخبر» 
100 نه لم يصل إلى رجل منذ فارقتك؛ ثم دعت بأخيه فقتل» ثم دعت 
بالراهب فأجازته» وقالت: ارفع إلى ما كانت لك من حاجة) وحدثته بقصة الغلام وما 
صنع بابنه» ثم أمرت بالغلام فقتل» ثم دعت بالمصلوب وأمرت به أن يقتل ويصلب» ففعل 
ذلك بهن ومكثت في ملكها ما أراد الله أن تمكث ثم ماتت. 
التعليق على الخبر 

قال القاضي: وإن مما تقدمت روايتنا إياه في هذا المحلس من التنبيه ما يبعث الألباء 
على تأمل عاقبة أعمالهم» وما تؤثره نياتهم ومقاصدهم في أفعالهم؛ وحسن عقبى الحسنى 
وسوء مغبة السوأى. نسأل الله عز وجل أن يهب لنا بصيرة مؤدية لنا إلى السلامة والغنيمة 
في الدنيا والآخرة» فلم ينل أحد خيراً إلا بتوفيقه وإحسانه ولم يحلل به سوء في دنياه إلا 
بامتحانه, ولا في دينه إلا بحذلانه. 

الوشاية منزلة بين الخيانة والاثم 

حدثنا ابن دريد» قال: حدثنا أبو حاتم» قال: أحبرني أبو الحسن المدائني» قال: وشى 
واش بعبد الله بن همام السلولي إلى زياد أنه هجاك فقال زياد: أجمع بينك وبينه؟ قال: نعم 
قال: فبعث زياد إلى ابن , مام فجيء به فأدخمل الرجل يتأ نم قال زياد يا ابن همام! لني 
نلك مجرتي قال: كلا أصلحك الله ما فعلت» ولا أنت لذلك بأهلء» قال: فإن هذا 
أحبرني - وأخرج الرجل - فأطرق ابن همام هنيهة» ثم أقبل على الرجل فقال: 

وأنت امرؤ إما اتتمنتك خالياً فخنت» وإما قلت قولاً بلا علم 


فأنت من الأمر الذي كان بيننا بمنزلة بين الخيانة والإأئم 


فأعجب زياداً جوابه) وأقصى الساعي ولم يقبل منك , 


د الجليس الصالح والأنيس الناصح احص ل ربل ا ا ل 
هذا سوار ساقه الله إليك 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أبي ) قال: قال أبو العباس محمد بن 
إسحاق بن أني العنبس» عن إسحاق بن يحيى بن معاذ» قال: حدثني سوار صاحب رحبة 
سوارء قال: انصرفت يوما من دار المهديء» فلما دحلت منزلي دعوت بالغداء فجاشت 
نفسي وأمرت به فرد» ثم دعوت بالنرد ودعوت جارية لي الاعبها فلم تطب نفسي لذلك» 
فدحلت للقائلة فلم يأحذني النوم» فنهمضت وأمرت ببغلة لى شهباء فأسرجت فركبتهاء 
فلما حرجت استقبلني وكيل لي ومعه مال فقلت: ما هذا؟ فقال: ألفا درهم جبيتها من 
مستغلك الجديد» قلت: أمسكها معك واتبعني» قال: وحليت رأس البغلة حتى عبرت 
الجسر ثم مضيت في شارع دار الرقيق حتى انتهيت إلى الصحراءء ثم رجعت إلى باب 
الأنبار فطوفت» فلما صرت في شارع باب الأنبار انتهيت إلى باب دار نظيف عليه شجرة 
وعلى الباب حادم فوقفت وقد عطشناء فقال للخادم, أعندك ما تسقيني؟ قال: نعم 
وقام فأحرج قلة نظيفة حيرية طيبة الرائحة عليها منديل» فناولني فشربت» وحضر وقت 
العصر فدحلت مسجداً على الباب فصليت فيه فلما قضيت صلاتي إذ أنا بأعمى يتلمسء 
فقلت: ما تريد يا هذا؟ قال: إياك أريد, قلت: وما حاجتك؟ فجاء حتى قعد إلي فقال: 
شمت منك رائحة الطيب فظننت أنك من أهل النعيم» فأردت أن ألقي عليك شيئاء 
فقلت: قلء» قال: أترى باب هذا القصر؟ قلت: نعم» قال: هذا قصر كان لأني فباعه 
وخرج إلى خراسان وخحرجت معه. فزالت عنا النعم التي كنا فيهاء فقدمت فأتيت صاحب 
الدار لأسأله شيئاً يصلني به وأصير إلى سوار» فإنه كان صديقاً لأي» قلت: ومن أبوك؟ 
قال: فلان بن فلان» قال: فإذا أصدق الناس كان لي فقلت له: يا هذا فإن الله عر وجل قد 
أتاك بسوار ومنعه النوم والطعام حتى جاء به فأقعده بين يديك» ثم دعوت الوكيل وأحذت 
الدراهم منه ودفعتها إليه» وقلت له: إذا كان الغد فصر إلى المنزل» ثم مضيت فقلت: ما 
أحدث أمير المهدي بشيء هو أطرف من هذاء فأتيته فاستأذنت عليه فأذن لي» فدحلت 
إليه فحدثته فأعجبه فأمر لي بألفي دينار» فأحضرت» فقال: ادفعها إليه. قال: فنبمضت» 
فقال لي: أعليك دين؟ قلت: نعم» قال كم؟ قلت: حمسون ألف دينار. فأمسك وجعل 
يحدثني ساعة,» ثم قال: امض إلى منزلك» فصرت إلى منزل فإذا حادم معه حمسون ألف 
دينار فقال: يقول لك أمير المؤمنين اقض بهما دينك. قال: فقبضتهاء فلما كان من الغد 
أبطأ علي المكفوف وجاء رسول المهدي يدعوني فجتته» فقال: فكرت في أمرك وقلت: 
يقضي دينه ثم يحتاج إلى الحيلة والقرض» وقد أمرت لك بخمسين ألف دينار أخرى» 
قال: فقبضتها وانصرفت فأتاني المكفوف فدفعت إليه الألفي دينار» وقلت قد رزق الله 
تعالى بكرمه بك خيراً كثيرأً» وأعطيته من مالي ألفي دينار. 


جث] سسباللتستسستسصس ص3٠‏ خلس التاسع حت 
أبيات شي التوديع 
حدثنا محمد بن يحيى الصوليء قال: كنا عنده عشية - يعني أبا العباس أحمد بن يحيى 
- وذلك في سنة ثلاث وشانين في شوال» فجاءه أبو الحسن الأسدي يودعه في خروجه 
إلى مكة» فقال له: لو كنا نحسن صنعنا عند وداعك ما صنع غيرناء فقال: وما هو؟ قال: 
قال أبو سعيد عبد الله بن شبيب: أتيت هشام بن إبراهيم الأنصاري لأودعه في خرجة 
حرجها إلى المدينة» فقال: لا أودعك حتى أغنيك» فغنى: 
وأنابكيت على الفرا ق فهل بكيت كمابكيت 
واطستٌُ عدي حالياً ومرسسته حستى اشفتفيت 
وعطوائلىي ينهي ئلنئي عسن هويت فمااتهيت 
قال أبو العباس بعقب هذا شيئاً لم أفهمه إلا أ نه تكلم في أنا بكيت أراد أنا بكيت بغير 
وقوف على الألف. قال: قال أبو سعيد: فجئت إلى الزبير لأودعه فحدثته بحديث هشامء 
فقال: وأنا لا أودعك حتى أغني: 


أزف البين المبسين وجلا الشك اليفين 

لم اكن لا كنتُ أدري أن ذا البين يكون 

علموني كيف أشتا ق إذا حف القطين 

حنت العيس فأبكي من العيس الحنين 
أبيات لسوار يغني بها 


حدثنا المظفر بن يحيى بن أحمد المعروف بابن الشراي» قال: حدثنا الحسين بن قصرء 
قال: حدثنا الجرمي» قال: دحلت حماماً في درب الثلج؛ فإذا فيه سوار بن عبد الله القاضي 


في البيت الداحل قد استلقى وعليه المئزر» فجلست بقربه فساكتني ساعة ثم قال: قد 
أحشمتني يا رجل» فإما أن تخرج أو أخرج فقلت: جثت أسألك عن مسألة) فقال: ليس 
هذا موضع المسائل» فقلت: إنها من مسائل الحما فضحك وقال: هاتهاء فقلت: من 
الفتى الذي يقول: 
سابت عظامي لحمها فترككتها غواري مما نالهها تتكسر 
وأخليتها من مخها فقركتبا قوارير في أجحوافها الريح تصفرٌ 
إذا سبعت ذكرّ الفراق تراعدت مفاص لبها عوفاً لما تتقَنظيرُ 
حذي يدي ثم اكشفي الثوب فانظري بلى جسدي لكنني أتستر 
فتقال سوار: أنا والله قلتها. قلت: فإنه يغني بها ويجودء فقال: لو شهد عندي الذي 


ح- الجليس الصاح والأنيس الناصح ب 3 لي 


يغني بها لزت شهادته. 
قوله: أحشمتني لغة» وحشمتني أكثر في العربية» قال الشاعر: 
لعمرك إن قرص أني خبيب بطيء النضج محشوم الأكيل 


ومن مأثور الحكم 
حدثنا محمد بن مزيد الخزاعي») قال: حدثنا الزبير بن بكارء قال: حدثني علي بن 
محمد المدائني» قال: قال ملك من ملوك الأعاجم لحكيم من حكمائهم: أي الملوك أحزم؟ 
قال: من ملك جده هزله؛ وقهر رأيه هواه» وعبر فعله عن ضميره؛ ولم يخدعه رضاهُ عن 
حطئه» ولا غضبه عن كيده. 
قال القاضي: هذا من أفصح لفظ وأحسنه. وأوضح معنى وأبينه» وأنشدنا محمد بن 
القاسم الأنباري» قال: أنشدني أي لبعض الأعراب: 
ألايا حمام الشعب شعب مؤنس سقيت الغوادي من حمام ومن شعب 
سقيت الغفوادي رب حود أصاحت لخفض من غنائك أو نصب 
فإن يرتحل صحبي بجثمان أعظمي بيهم قلبي المحزون في منزل الركب 
المجلس العاشر 
رجل أحب قومه 
حدثنا أحمد بن محمد أبو بكر بن أي شيبة البزازء في المحرم سنة سبع عشرة وثلاشائة 
قال حدثنا ابن حسانء قال: حدثنا بقية» قال: حدثنا شعبة» عن ثابت» عن أنس»ء قال: 
قيل: يا رسول الله! رجل أحب قوماً ولما يعمل مثل عملهم, قال: "هو منهم" قال: فما 
فرح أصحاب رسول الله ييه بشيء فرحهم بهذا الحديث. 
التعليق على الحديث 
قال القاضي أبو الفرج: أبان رسول الله وَنَقْ بما جاء عنه في هذا الحديث أن من تولى 
قوماً وأحبهم» وكان راضياً بما أتوه من أفعالهم فهو منهمء في استحقاقه الثناء والمدح 
والتولي لمشاركته إياهم في اعتقاد ما يعتقدونه وفي استحسان ما يستحسنونه» وكذلك 
الأمر في من تولى قوماً على اعتقاد فاسد وفعل قبيح في أنه ملحق في الذم بهم» وجار في 
سقوط المنزلة مجراهم. 
وجاء في الخبر أن من حضر الفتنة فأنكرها فهو بمنزلة من غاب عنهاء ومن غاب عنها 
ورضي بها كان بمنزلة من شهدهاء وقد قال الله جل جلاله فيا أيها الذين آمنا لا 
تتخذوا اليبود والتصارى أولياء» بعضهم أولياء بعض ») ومن يتولبُم منكم فإنه منبم) 
إن الله لا يبدي القوم الظالمين». وقال جل اسمه: #المنافقون والمنافقات بعضبم من 


جذاى سالبلببلبب-ب تاس سس سس سس خلس العاشر حت 
بعض 24 وقال: إوالمؤمنون والمؤمنات بعضبم أولياء بعض»# وما أتى به في هذا 
المعنى من الكتاب والسنة كثير جداً» وقد نعى الله عز وجل على من كان منهم على عهد 
نبينا و من كفرة أهل الكتاب ما كان من قبل أسلافهم ومن تقادم عهده من آبائهم 
أنبياءهم؛ لرضاهم بذلك ودينونتهم به» وتوليهم من تولى دونهم فعله» وإن لم يدركوه ولم 
يباشروا ما تقدم منه» ولم تزل العرب تفتخر بما أتاه الماضون من آبائهم» وتتمادح وتتعاير 
بهء وينسبونه في ألفاظهم إلى أنفسهم في أشعارهم وخخطبهم لهذا المعنى» وهذا مذكور على 
استقصاء بشواهده في كتابنا المسمى البيان الموجز عن علوم القرآن المعجزء وإذا كان 
الأمر في هذا الفصل على ما وصفناء فتبين أن الراضي بالفعل والمؤتى له والدال عليه 
مشارك لفاعله فيما بكسبه من حمد أو ذم, أو أجر أو إثم) ولذلك أشرك رسول الله عي 
بين من تولى الحج من غيره وبين من أوصى به وبين من نفذه في الأجرء وبين آكل الربا 
ومؤكله وكاتبه وشاهده في الوزر» وبين العاصر والمعتصرء والبائع والمشتري» والحامل 
والمحمول إليه والساقي والشارب في اللعنة التي أوقعها في الخمر» وقال ؤَيَه:"من كتم على 
غال فهو مثله" وجاء في الكاتم على السارق سرقته أنه يشركه في عارها وإشمهاء وهذا 
الباب أكثر من أن يحصىء ولم يزل ذوو النهى وأولو البصائر والحجى يبعثون على إتيان 
امحاسن وفعل المكارم ويحضون عليهاء فيحسن الذكر لمم والثناء عليهم» ويتوفر من جميل 
الأحدوثة عنهم ما يرى كثيراً على من باشر الفعل بنفسهء وبذل في العرف خخاصة ماله 
ولله در القائل: 
وإذا امرقٌ أهدى إليك صنيعة من جاهه فكأنها من ماله 
وقد عدا | بو النضر أحمد بن إبراهيم بن إسحاق بن سعيد بن الحارث العقيلي» قال: 
أبو الحسن محمد بن راهويه الكاتب» قال: كتب إلي سهل بن صالح الحلواني أن 

لحن بل سهل كتنب لرحل شفاعة فقال الرجل يدعو له وبشكره فقال له الحسي» على 


ما تشكرنا ونحن نرى كتب الشفاعات زكاة مروءاتناء وأنشد: 


فرضت علي زكاة ما ملكت يدي وزكاة جاهي أن أعين وأشفعا 
لا بعد وا ,سام فاجهد بوسعك كله أن تنفعا 
هكذا أملى علينا أبو النضر هذا الخبر من حفظه فقال فيه: فقام إليه يدعو له 


ويشكر وقال: 0 ما تشكرنا؟ والفصيح من كلام العرب فشكر له تقول العرب: 
شكرت النعمة وشكرت للمنعم» قال الله تعالى #واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه 
تعبدون 24 وقال: إقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي4 وقال تعالى 
ذكره: #واشكروا لي ولا تكفر ون 24 وقال: أن أشكر لي ولوالديك 4 وقد جاء: 


جح الجليس الصالح والأيس الناصح بس سمس حرا 
شكرت فلاناً في لغة قليلة» من ذلك قول الشاعر: 
هم جمعوا نعمى وبؤسى عليكم فهلا شكرت القوم إذ لم تقاتل 
وقال أبو نخيلة السعدي: 
شكرتك إن الشكر حبلٌ من التقى وما كل من أوليته نعمةً يقضي 
قال القاضي: ولنا في هذا المعنى» والكلام على فقهه. وبيان أصل ما يتفرع منه رسالة 
مفردة مستقصاة» يعز المتصورون لاء ويقل القائمون بهاء ونحمد الله على ظاهر نعمه 
وباطنها. 
وأما قوله في هذا الخبر: على ما تشكرناء فقد بينا في مجلس من مجالسنا هذه أن 
الفصيح من كلام العرب حذف الألف فيما يأتي في هذا الباب على لفظ الاستفهام؛ 
كقولك: فيم أنت» ولم فعلت؟ وعلام تذهب؟ وعم تسأل؟ وذكرنا ما تستشهد به على 
هذاء وبعض ما أتى على اللغة الأخرى الآتية بإثبات الألف بشواهده بما كرهنا إعادته, 
ومن هذا الباب أيضاً: حتام كذاء كما قال الكميت: 
فتلك ولا السوء قد طال عهدهم فحتام حتام العناء المطلول 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا محرز الكاتب» قال: قال الحسن بن 
سهل: كتب الشفاعات زكاة الحاه. 
امرأتك أكرمكم 
حدثنا ابن القاسم الأنباري» قال: حدثني أبي» قال: حدثنا أبو عكرمة الضبي» قال: 
حدثنا سليمان بن أبي شيخ, قال: حدثنا أبو عبد الله الواقدي القاضي» قال: جاءتني 
جارتي يوم عرفة» فقالت لي: ما عندنا من آلة العيد شيء» فمضيت إلى صديق لي من 
التجار فعرفته حاجتي إلى القرض» فأخرج إلى كيساً مختوماً فيه ألف ومائتا درهمع 
فانصرفت به إلى المنزل» فما استقررت جالساً حتى استأذن علي رجل من بني هاشمء 
فذكر تخلف غلته واحتلال حاله وحاجته إلى القرض» فدخلت إلى امرأتي فعجبتها من 
ذلك؛ فقالت: فما عزمك؟ قلت: أشاطره الكيس» فقالت: والله ما أنصفت» لقيت رجلاً 
سوقة فأعطاك شيئء وجاءك رجل له من رسول الله يه رحم فتعطيه نصف ما أعطاك 
السوقة» فأحرجت الكيس بخامه فدفعته إليه» ومضى صديقي التاجر يلتمس منه القرض 
فأحرج إليه الكيس بخاتمه: فلما رآه عرفه فجاءني به ثم وافائي رسول يحيى بن خالد 
يقول: إن الوزير شغل عنك بحاجات أمير المؤمنين وهو يطلبك» فركبت إليه وحدثته 
حديث الكيس واتتقاله» فقال: يا غلام! هات الدنانير» فجاء بعشرة آلاف دينار» فقال: 
حذ أنت ألفين» وأعط ال حاشي ألفين» وصديقك التاجر ألفين» وامرأتك أربعة آلاف دينار» 
فإنها أكرمكم. 


حر سسسب ب 77ح ا بجلس العاشر حت 

قال القاضي: أملى علينا أبو بكر بن الأنباري هذا الخبر في إثر حبر الواقدي مع 
يحيى بن خالد» وهو يضارع هذا الخبر في الحملة ويناسبه. وأنا ذاكره؛ إن شاء الله. 

خبر الواقدي مع يحيى بِنَ خالد 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثنا أني» قال: حدثنا عامر بن عمران بن 
زياد» أبو عكرمة الضبي» قال: حدثنا محمد بن يحيى العنبري» عن أبي عبد الله الواقدي» 
قال: كنت حناطأ بالمدينة أضارب بمائة ألف درهم من مال الناس قبلي» فلزمني وضائع 
فشخصت إلى بغداد وقصدت يحيى بن خالد البرمكي» فجلست في دهليز وآنست الخدم 
والحاشية» وعرفتهم حاجتي إلى الوصول إليهء فقال لي بعضهم: إذا وضع الطعام لم يعحجب 
عنه أحدء فحينئذ أدخحل فأجلسك معه على المائدة» ففعل بي ذلك» وسألني يحيى عن 
خبري فشرحته ل فلما غسلنا أيدينا دنوت منه أقبل رأسه فاشأز مني» فلما صرت إلى 
الموضع الذي يركب منه إذ قد لحقني حادم بكيس فيه ألف دينار» فقال: الوزير يقرأ 
عليك السلام ويقول لك: استعن بهذا على أمركء فأحذت وعدت في اليوم التالي 
فأجلست معه على المائدة» فسألني عما سألني في اليوم الماضي» كأنه لم يرني» فلما غسلنا 
أيدينا دنوت لأقبل رأسه فاشأز من ذلك» فلما صرت إلى موضع الركوب لحقني الخادم 
بمثل ذلك الكيس ومثل تلك الرسالة» فأحذته وانصرفت» وفعل بي في اليوم الثالث مثل 
ذلك» فلما كان اليوم الرابع وغسلنا أيدينا دنوت لأقبل رأسه فلم يشماز من ذلك» وقال: 
إما امتنعت من هذا فيما مضى لأنه لم يكن وصل إليك من معروفنا ما يحتمل هذاء ثم 
قال: يا غلام! سلم إليه الدار الفلانية» يا غلام! افرشه الفرش الفلاني» ثم قال: ادفعوا إليه 
مائة ألف درهم توجه في قضاء دينك واحمل عيالك إلى حضرتناء فقلت: إن رأي الوزير 
أن يأذن لي في الشحوص لأسلم إلى غرمائي حقوقهم فأنا مهم أعرف» وأقدم بعيالي فأنا 
بهم أرفق. فقال: فلا تتأحر عناء وأمر لي بجائزة أحرى للشخوصء فقدمت المدينة 
فنقضيت ديني وقدمت بعيالي» ولم أزل في ناحيته ومنقطعاً إليه. 

قال القاضي: وقد روينا في هذا المعنى من أبواب المكارم ما يعود من محمود مغبتها 
وحسن عاقبتهاء وجميل الأحدوثة عن أهلها ويأتي بالثناء عليهم» وإن تصرمت أزمانهم 
ففقدت أعيالهم» وقد جاء في تأويل قوله عز وجل: #واجعل لي لسان صدق في 
الآخرين4 أنه الثناء الحسن» وقد قال حاتم: 

أماوي إن المال غداد ورائح ويبقى من المال» الأحاديث والذكرٌ 

وقال آخر: 

شن الإحسان شكرٌ ويد المعروف ذحرٌ 


- الجليس الصاح والأنئيس الناصح سبي ب 3 ا سس 
وئناء الحي بعد المو ت للميت عمر 
ولعمري إن الزمان الذي يثنى فيه على الميت بعد موته أحسن عمريه وأطوهما 
وأشرفهما وأفضلهماء ومما قيل في هذا المعنى: 


ردت صنائعه إليه حياته فكأنه من نشرها منشور 
تعليق لغوي 


قوله: فكأنه من نشرها منشورء فيه وجهان: أحدهما فكأنه من حياة ذكره والثناء عليه 
حي أو ميتء يقال: لفلان ذكر حي إذا كان بادياً غير حامل» وقد مات ذكر فلان إذا 
انقطع» قال أبو نخيلة: 
فأحييت لي ذكرى وما كنت خاملاً ولكن بعض الذكر أنبه من بعض 
والوجه الثاني: أن يكون عني بنشرها رائحتها الطيبة» كما قال الشاعر: 
سقيت دما إن لم أرعك بضرة بعيدة مهوى القرط طيبة النشضر 
وقال المرقش الأكبر: ا 
النشر مسلك والوجوه دنانيرٌ وأطراف الأكف عنم 
وقال امرؤ القيس: 
كأن المدام وصوب الغمام ونشر الخزامى وريح القطر 220 
ويروى القطرء القطر: العود الذي يتبخر به» وقيل للمجموعة التي توضع فيها لتتبخر 
به: مقطرة» اشتقاقاً منه» قال المرقش الأصغر: 
في كل ممشى طا مقطسرة فيها كباء معد وحميم 
الكباء ممدود: العود وقيل: ما يتبخر به؛ والكبا مقصور المزبلة» وقوله: منشور فيه 
وجهان» أحدهما: أن يكون معناه النشر المقابل للطي» كما قال الشاعر: 
طوى الموت ما بيني وبين محمد 22 وليس لما تطوي المنية ناشرٌ 
فجعل موته بمنزلة ثوب أو غيره طوي ما كان منه ظاهراً وخفي» وقد قال الشاعر: 
فإن أظهروا خيراً فجاء بمثئله وإن هم طووا عنك الحديث فلا تسل 
وقال بعض امحدئين: 
فإن يك هذا منك جدا فإنني مداوي الذي بيني وبينك بالهمجر 
ومنصرف عنك انصراف ابن حرة طوى وده والطي أبقى على النشر 
قال أبو العتاهية - وقد روى لنا عمن تقدم بزمان طويل: 
طوتك خطوب دهرك بعد نشر 22 كذاك خطوبه نشراً وطياً 
ويقال للحديث إذا اشتهر واستفاض وتفرق: انتشر. 


حدم ااسسممعمببسسسسسسسسسسس ربب ب سبرب مجلس العاشر حت 

والوجه الثاني: أن يكون معنى منشور: محياء وفي هذا الوجه لغتان يقال: أنشر الله 
الميت إنشاراً فنشر هو نشوراء وهذه أعلى اللغتين» وأكثرهها وأفصحهما وأظهرهما وبها 
جاء التنزيل» قال الله تعالى ذكره: «إثم إذا شاء أنشر»#. يقال من هذه اللغة: أنشره الله 
وهو منشره» ونشر الميت فهو ناشر»ء قال الأعشى: 


لو أسندت ميتا إلى نحرها عاش ولم ينقل إلى قابرٍ 
حتى يقول الناس مما رأوا يا عجباً للميت الناشر 


وقال الله أصدق القائلين: #أم اتنذوا آلهة من الأرض هم ينشرون# واللغة الثانية: 
نشر الميت فهو منشور» وهو أقل اللغتين» وكثير من أهل العلم لا يعرفها وقد حكيت لناء 
وممن حكاها أبو بكر بن دريدء وقال الله عز وجل: إوانظر إلى العظام كيف ندشرها4» 
فأتت فيها ثلاث قراءات» ننشرها بضم النون والراء بمعنى نحييهاء كما قال عز ذكره: 
إقال من يحبي العظام وهي رميم» وننشرها بالراء أيضاً بفتح النون» وفي هذه القراءة 
وجهان من التأويل» أحدهما النشر الذي هو خلاف الطي» والآخر حمله على لغة من 
يقول: نشر الله الميت فنشر» مثل جبر الله فجبر» كما قال العجاج: قد جبر الدين الإله 
فجبر ومثله: فغرت فاه ففغر إذا فتحته فانفتح» ومثله: شحا فاه وشحا فوه. 

والقراءة الثالثة: ننشزها بالزاي بضم النون أي نرفع بعضها إلى بعض واستقصاء 
الكلام في معاني هذه القراءات وتسمية القراء بها وبيان ما يختار منها يطول» وهو مرسوم 
فيما ألفناه من كتبنا في القراءات وعلوم القرآن على الشرح والبيان. 

ومما جاء في حسن الثناء ما أنشدناه عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي» قال: أنشدنا 
أبو بكر بن أني الدنياء قال: أنشدني أبو جعفر القرشي: 
كل الأمور تزول عنك وتنقضي إلا ااقناءفإنه لك باق 
ولوأنني خيرت كل فضيلة مااعختشرت غير محاسن الأحلاق 

وقد روينا في بذل العطاء وما ينتج من حسن الثناء ما لم نر إطالة هذا امجلس به لأنا 
بنينا كتابنا هذا على تضمينه أنواعاً منثورة» وغير جارية على أبواب بمجموعة محصورة, لئلا 
تنفاوت مجحالس الكتاب في الطول والقصرء ونحن نأتي من هذا الباب فيما نستقبله من هذه 
ا مجالس ما يتفق ويحضر أولاً فأولاً» إن شاء الله. 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا أبو العباس المبردء قال: أحبرنا 
التوزي» عن أبي عبيدة» قال: لما بلغ حاتم طيئع قول المتلمس: 

قليل المال تصلحه فييقى ولا ييقى الكثير على الفساد 
وحفظ المال خيرٌ من فناهُ وعسف في البلاد بغير زاد 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح +“+اختتخصخصتتتت 777“ “]١“‏ ئ“#“ “ سلس ل 
قال: ما له قطع الله لسانه حمل الناس على البخل» فهلا قال: 


فلا الجود يفني المال قبل فنائه ولا البخل في مال الشحيح يزيد 
فلا تلتمس مالاً بعيش مة مقترم لك غد رزق يعود جديدٌ 
ألم تر أن المال غاد ورائح وأن الذي يعطيك غير بعيد 


ولقد أحسن حاتم في قوله: وأن الذي يعطيك غير بعيد ولو كان مسلماً لرجي له بما 
أتى من هذا ما يغتبطه في معاده» وقد أتى كتاب الله عز وجل في هذا المعنى بما يعجز 
المحلوقون عن مساواته» قال الله تعالى ذكره: إواسألوا الله من فضله»#, وقال جل 
ثناؤه: #وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعرة الداعي إذا دعان4. 

العباس بن الأحنف يؤتى به ليلا لاجازة بيت 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو محمد بن أني سعدء 
قال: حدثنا عبد الله بن الربيع» قال: حدثني بعض أصحابناء قال: صنع الرشيد ذات ليلة 
يَأ واضطرب عليه الثاني» فقال: على بالعباس بن الأحنف» فأتي به ني جوف على حال 
من الذعر عظيمة» فقال له الرشيد: لا ترع» قال: وكيف لا يكون ذلك؟ وقد طرقت في 
منزلي في مثل هذا الوقت فلم أخحرج من منزلي إلا والراعبة فيه» وأهلي لا يشكون في 
قتلي» فقال: إنما أحضرئك لبيت قلته صعب علي أن أشفعه بمثله» قال: ما هو؟ قال: 

جنان قد رأيناما فلم نر مثلها بشرا 


فقال العباس: 
يزيدك وجهها حسناً إذا ما زدته ضرا 
إذا ما الليل جن. علي . ك بالإظلام واعتكرا 
ودج فلم تر قمرا فأبرزها ترى قمسرا 


فقال الرشيد: أقل ما يجب علينا أن ندفع إليك دينك إذ نزل بك هذا الروع بعيالك 

منا. فأمر له بعشرة آلاف درهم وصرفه. 
شي صلة هذا الخبر 

حدثنا محمد بن يحبى الصولي» قال: حدثنا الغلاني» قال: سئل ابن عائشة عن أشعر 

المحدثين» قال: الذي يقول: 
كأن ثيابه املع 2 -ن من أزراره قمراً 
قال أبو بكر الصولي: فأحذ هذا المعنى أحمد بن يحيى بن العراق الكوني فقال: 
بدا وكأنماقَميٌ على أزراره طلعا 


مم سبلل ببح المجلس العاشر حت 
بحت المسسك من عرق الحبين بنانه ولعا 

حدثنا محمد بن ب يحيى الصولي» قال حدثنا أحمد بن إسماعيل» قال: حدثي محمد بن 
يزيد لمبرد؛ نا 90 : صرت إلى مجلس ابن عائشة وفيه الحاحظ والجماز» فسأله عيسى بن 
إساعيل: من أشعر المولدين؟ فقال: الذي يقول: 
كأن تابه أطلع اداه لبن م ت-نن_,نزراره هقمرا 
يزيدك و جبه ح سنا إذامازودئته نظ را 
بعمين حالط التفتيده لسرم نأجحفانبا 

ووجه سامري إذ تصوب ماؤه قطرا 
يعني العباس بن الأحنف. 


في وجهه شافع 
حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: حدثنا علي بن يحبى» قال: كنت واقفاً بين يدي 
المعتضد وهو مقطب» فأقبل بدر ف فلما رآه من بعيد تبسم وأنشد 


في وجبهه شافع يمحو إساءته من القلوب وجيه حيث ما شفعا 
ثم قال لي: لمن هذا؟ قلت: يقوله الحكم بن قنبر المازني البصريء قال: أنشدني باقي 
شعره» فأنشدته: 
لهفي على من أطار النوم فامتنعا وزاد قلبي على أوجاعه وجعا 
كأنما الشمس من أعطافه لمعت حسناً إلى البدر من أزراره طلعا 
مستقبل بالذي يهوى وإن عظمت منه الإساءة معذور بما صنعا 
في وجهه شافع يمحو إساءته من القلوب وجية حيث ما شفعا 
قال الصولي: وأحذ هذا المعنى أحمد بن يحيى العراق الكوفي فقال: 
بدا فكأنما قمر 


وأنشد البيتين» ثم قال الصولي: حدثني أبو عبد الله حرمي الكاتب» قال: حدثني 
أحمد بن يحيى العراق» قال: حرجت من بغداد أريد الكوفة واكتريت حماراً فتألمت من 
ركوبه» وكان مع المكاري عدة من الحمير للكراء غيره» ففكرت في أن أسأله إبداله لي 
بغيره فابتدأ يغني: 
بدا وكأها قمر على أزراره طلعا 
فقلت: أعلمه أن الشعر لي حتى يهل عليه إبداله حماري» فقلت: لمن هو؟ فقال: لمن 
أمه ألف مؤاجرة» جروا لك جرء فحفت والله أن أزداد فيزيدني» ومر بي من الحمار شدة. 


حك الجليس الصالح والأنيس الناصح جصت سس سسحتت" لاح 
القول في معنى في وجهه شافع 
قال القاضي: يتجه في قوله: في وجهه شافع يمحو إساءته من القلوب» أن يكون 
المعنى: يمحو من القلوب الإساءة فيزيلها منهاء ويجوز أن يكون المعنى: في وجهه شافع 
من القلوب وجيه:» ويكون في الكلام تقديم وتأخير» ويكون من القلوب من صلة شافع؛ 
ويشهد لهذا أنه قد روى هذا البيت من طريق آخر: 
في وجهه شافع يمحو إساءته 
فعلى هذا: من القلوب صفة لشافع كمشفعء والتقديم والتأخير إذا دلت جملة الكلام 
على معناه وعلى موضع كل شيء منهء كثير في اللغة مشهور في العربية. قال الله عز 
وجل: «الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما4. 
وقال الشاعر: 
إذا شاب الغراب لقيت أهلي وصار القار كاللبن الحليب 
الأصمعي يعادي ابن الأحنف 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: قال لي أبو العباس محمد بن يزيد المبرد 
الثمالي: كان الأصمعي يعادي عباس بن الأحنف» فقال عباس يوماً وهو بين يدي الرشيد 
والأصمعي بالحضرة: 


مشفع ووجيه حيث ما شفعا 


ودع بي لهمافقت را 
فإنلميدن وا حتى 


فين زدت فللا بالسبا 
وكذبهبماقاسا 


فقال الرشيد: ما رأيت معنى أحسن من هذا. فقال الأصمعي: قد سبقه إلى هذا المعنى 
رجل من العرب ورجل من النبطء فقال: ما قال العربي؟ قال: كان رجل يقال له عمر 


يحب جارية يقال لما قمرء فقال: 


إذا ا ت أن 7 








فكلنيها بسماذكرت 


صر شيا يعبجحب البشرا 
1 
وصور هاهاعمرا 
ترى بشسريهما ببشغرا 
وكذبهبماذكرا 


قال الرشيد: فما قال اللبطي؟ قال: كان رجل يقال له زورا يحب جارية يقال لها 


حم بلغي _ بلس سل سس بلس الحادي عشر حت 


فلقاء فتقال: 

إذا أحبب-د د بت أن تع اداه مل شيا يعجب الخلقا 
وتسمع صوت معشو قين لاقي في اللهوى ربقا 
فصطور هاه نازوا وصور هاه نافلقا 


فإن ل وهويدنوا حتكيوي ترى خلقسيهما حلقا 
فكذبهابم الاقت وكذبهبمايلةق يم 
تعليق نحوي ٍ 
قال القاضي: هكذا رواه لنا الكوكبي. فصور ها هنا فوزا بالصرف» وترك الصرف 
أعلى» وكان الزجاج لا يجيز صرف شيء من الأسماء المؤنثة إلا في ضرورة الشعر» وكان 
جميع من تقدم من النحاة يجيز في مثل هند ودعد, وما كان وسطه من أسماء المؤنث 
ساكناً ويختارون ترك الصرف في غير الشعر. 
وقوله: حتى ترى رأسيهما رأسأًء ثنى الرأس في اللفظ» والفصيح فيه وفيما كان في 
الجمسد منه واحد أن يؤتى به على لفظ الجميع في تثنيته وجمعء قال الله تعالى: #فقد 
صغت قلوبكما» واللغة الأحرى معروفة ويبين ذلك قول أبي ذؤيب: 
فتحالسا نفسيهما نوافذل كنوافذ العبط التي لا ترقع 
ويروي العبط وهو جمع عبيط» يقال: اعتبط الرجل إذا هلك شاباً واعتبط البعير إذ 
نُحر فتياء قال أمية بن أبي الصلت: 
من لم يمت عبطةٌ يمت هرما للموت كأس والمرء ذائقها 
والدم العبيط: الطري» ويروى كنوافذ العطب وهو جمع عطبة» وهي القطعة من 
القطن» مثل غرفة وغرف وحجرة وحجر. 
أنشدنا ابن دريد» قال: أنشدني أبو حاتم» عن ألي عبيدة: 
لي صاحب ليس يخلو لسانه عن جراحسي 
يجيد هزيق عرضي على طريق المزاح 
المجلس الحادي عشر 
نعم الابل الثلاكون 
حدثنا بدر بن الهيثئم الحضرمي الكوني» قال: حدثنا محمد بن عمر بن الوليد قال: 
حدثنا أبو أسامة عن محمد يعني ابن شريكء» قال: سمعت عطاء يقول: قال أبو هريرة» قال 
النبي وَيَك: "نعم الإبل الثلاثون» ينحر سمينها ويحمل على نجيبها". 


- الجليس الصالح والأئيس الناصح اجبسبسبييبب  -‏ ب سج سر و /إا- 
التعليق على الحديث 
قال القاضي: قد نبه النبي غُتّْ في هذا الخبر على أن هذا العدد من الإبل قصدّ من 
المال» وأشار بمدحه فيه إلى من نحر السمين منها وحمل على النجيب» فدل على فضل 
من نحر المال لسبل المعروف ووجوه البر» وأومأ إلى الترغيب في قري الضيف وإنفاق 
أعلى الظهر وبث المكارم العائدة بالأجر وجميل الذكرء ولم يزل الألباء يؤثرون بذل النوال 
وإفاضة الإفضال» تزوداً ليوم العرض؛ وصيانة للعرض» ورغبة في إحراز الذكر» وحسن 
القالة وجميل الذكر» على تشعب الأمور الباعثة لهم على كريم السححاء وشريف العطايا. 
شمن جود معن بن زائدة 
حدثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني» قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي» 
قال: حدثنا قعنب» قال: قال سعيد بن سلم: لما ولي المنصور معن بن زائدة أذربيجان 
قصده قوم من أهل الكوفة» فلما صاروا ببابه استأذنوا عليه فدحل الآذن فقال: أصلح الله 
الأمير بالباب وفد من أهل العراق» قال: من أي العراق؟ قال: من الكوفة» قال: ائذن لهمء 
فدخلوا عليه ف نظر لأيهم معن ثي هيئة زرية؛ فوثب على أريكته وأنشأ يقول : 


فأحسيٌ توبيك الذي هو لاب" وأفره مُهريك الذي هو يركب 
وبادر بمعروف إذا كنت قادراً زوال اقتدار أو غنى عنك يُعقب 


قال: فوئب إليه رجل من القوم. وقال: أصلح الله الأمير» ألا أنشدك أحسن من هذا؟ 
قال: لمن؟ قال: لابن عمك ابن هرمة» قال: هاتء» فأنشأ يقول: 

وللنفس تارات تحل بها االعرى وتسخخحو عن المال النفوس الشحائح 

إذا المرء لمن ينفعك حياً فتفعه أقلّ إذا ضمت عليه الصفائمٌ 

لأية حال يمنع المرء ماله غدا فغدا والموت غادد ورائح 

قال معن: أحسن والله وإن كان الشعر لغيرك» يا غلام! أعطهم أربعة آلاف يستعينوا 
بها على أمورهم إلى أن يتهيا لنا فيهم ما نريد» فقال الغلام: يا سيدي! أجعلها دنانير أم 
دراهم» فقال معن: والله لا تكون همتك أرفع من همتي» صفرها لهم. 

ومن سحاء يزيد بن المهلب 

حدثنا إسماعيل بن يونس بن أبي اليسعء قال: حدثنا أحمد بن أي الحارث» قال: حدثنا 
المدائني» قال: جاء رجل إلى يزيد , بن المهلب فامتدحه») فأحمد عقله وفصاحته فجعله أحد 
ندمائه» وكان ينصرف في كل يوم من عطيته بمائة دينار» فلما أراد الرحيل والانصراف إلى 
أهله أمر له بثلاثة آلاف دينار ثم قال: إن - والله - ما أستقلها تكبراً ولا أستكثرها 


حوداب ل ل سس خلس الحادي عشر حت 
امتناناً» ولا أستزيدك بها ثناءً ولا أقطع لك بها رجاء. 
ليلى الأخيلية ووفودها على الحجاج 

حدثنا محمد بن القاسم الأباري» قال: حدئني أبي ) قال: أخبرنا أحمد بن عبيد» عن 

بي الحسن المدائني» عمن حدئه؛ عن مولى لعنبسة بن سعيد بن العاص؛ قال: كنت أدحل 
مع عنبسة إذا دحل على الحجاج. فدحل يوماً ودخلت إليهما وليس عند الحجاج أحد 
غير عنبسة» فقعدت فجيء الحجاج بطبق فيه رطب» فأحذ الخادم منه شيعا فجاءني» ثم 
جاء بطبق آحر فأتاني الخادم منه بشيء»؛ ثم جيء بطبق آخر حتى كثرت الأطباق» وجعل 
لا يؤتون بشيء إلا جاءني منه بشيء حتى ظننت أن ما بين يدي أكثر مما عندهم, ثم جاء 
الحاجب فقال: امرأة بالباب» فقال الحجاج: أدحلها. فدحلتء فلما رآها الحجاج طأطأ 
رأسه حتى ظننت أن ذقنه قد أصاب الأرضء» فجاءت حتى قعدت بين يديه فنظرت إليها 
فإذا امرأة قد أسنت» حسنة الخلق» ومعها جاريتان لماء وإذا هي ليلى الأحيلية؛ فسأها 
الحجاج عن نسسبها فانتسبت لهء فقال لما: يا ليلى! ما أتاني بك؟ قالت: إحلاف النجوم 
وقلة الغيوم وكلب البرد وشدة الجهدء وكنت لنا بعد الله الرفد» فال لها: صفيٍ لنا 
الفجاج, فقالت: مغبرة والأرض مقشعرة؛ والمبرك معتل» وذو العيال مختل» والمال القل؛ 
والناس مسنتون» رحمة الله يرجون» وأصابتنا سنون مححفة مبلطة» لم تدع لنا هبعاً ولا 
ربعا ولا عافطة ولا نافطة» أذهبت الأموال ومزقت الرجال وأهلكت العيال» ثم قالت: 
قد قلت في الأمير قولاً» قال: هاتي» فأنشأت تقول: 


أحجاج لا يفلل سلاحك إما ال 
أحجاج لا تعطي العداة مناهم 
0 ذا هبط الحجاج أرضاً مريضة 
شفاها من الداء العضال الذي بها 
إذا سمع الحجاج رز كتتسيبة 
فما ولد الأبكار والعون مشله 


منايا بكف الله حيث يراها 
ولا الله يعطي للعداة مناها 
تتبع أقصى دائها فشفاها 
غلام إذا هز القناة سقاها 
دماء رجال حيت قال حشاها 
أعد لها قبل النزول قرالها 
بأيدي رجال يحلبون صراها 


ببحر ولا أرض يجف ثراها 


قال: فلما قالت هذا البيت» قال الحجاج: قاتلها اللّه! ما أصاب صفتي شاعر منذ 


دخلت العراق غيرهاء ثم التفت إلى عنبسة بن سعيد» فقال: والله إني لأعد للأمر عسى 


ألا 


يكون أبدا ثم التفت إليباء فقال: حسبكء» فقالت: قد قلت أكثر من هذاء قال: حسبك 


- الجليس الصاح والأنيس الناصح حبري / /ا د 
ويحك حسبكء ثم قال: يا غلام! اذهب بها إلى فلان فقل له: اقطع لسانهاء فقال له: يقول 
لك الأمير: اقطع لسانهاء قال: فأمر بإحضار الحجام, والتفتت إليه وقالت: ثكلتك أمك» 
أما سمعت ما قال إنما أمرك أن تقطع لساني بالبر والصلة فبعث إليه يستثبته» فاستشاط 
الحجاج غضبا وهم بقطع لسانه» وقال: ارددهاء فلما دحلت عليه قالت: كاد - وأمانة 
الله - أيها الأمير يقطع مقولي؛ ثم أنشأت تقول: 

حجاج أنت الذي ما فوقهأحد إلا الخليفة والمستغفر االصمد 

حجاج أنت شهاب الحرب إن لقحت وأنت للناس نور في الدجى يقد 

ثم أقبل الحجاج على جلسائه» فقال: أتدرون من هذم؟ قالوا: لا والله أيها الأميرء إلا 
أننا لم نر امرأة قط أفصح لساناً ولا أحسن محاضرة» ولا أصبح وجهاً ولا أرصن شعراً 
منهاء فقال: هذه ليلى الأخيلية التي مات توبة الخفاجي من حبهاء ثم التفت إليهاء فقال: 


أنشدينا يا ليلى بعض ما قال فيك توبة» فقالت: نعم أيها الأميرء هو الذي يقول: 


وهل تبكين ليلى إذا مت قبلها 
كمالو أصاب الموت ليلى بكيتها 
وأغبط من ليلى»؛ بمالاً أنالة 
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت 
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا 


وقاممست على قبري النساء النوائح 
وجاد لما دمع من العين سافح 
بلى كل ماقرت به العين صالح 
علي وفوقي تربة وصفائح 
إليها صدىّ من جانب القبر صائح 


فقال لما: زيدينا يا ليلى من شعره؛ فقال: نعم هو الذي يقول: 


حمامة بطن الواديين ترنمي 
أبيني لنا لا زال ريشك ناعماً 
وأشرف بالقوز اليفاع العلني 
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت 
يقول رجال لا يضيرك نأيبا 
بلى قد يضير العين أن تكثر البك 


سقاك من الغر الغوادي مطيرُها 
ولا زلت في حضراء دان نضيرها 
أرى نار ليلى أو يراني بصيرها 
فقد رابني منها الغداة سفورها 
بلى كل ما شف النفوس يضيرها 
ى يمنع منها نومها وسرورها 


لنفسي ثقاها أو عليها فجورها 


فقال الحجاج: يا ليلى! ما الذي رابه من سفورك؟ قالت: أيها الأمير! كان يلم ي 
كثيراً فأرسل إلي يوماً: أني آتيك» ففطن الحي فأرصدوا له فلما أتاني سفرت فعلم أن 
ذلك لشرء فلم يزد على التسليم والرجوع؛ فقال: لله درك! فهل رأيت منه شيئاً تكرهينه؟ 


حربببسلس*_ لب حت لالس الحادي عشر حسم 
قال: لاء والله الذي أسأله أن يصلحكء غير أنه قال لي مرة قولاً ظننت أنه قد خضع 


لبعض الأمر فأنشأت أقول: 
وذي حاجة قلنا لا تبح بها فليس إليها ما حييت سبيل 


فلا والله الذي أسأله أن يصلحك ما رأيت منه شيثاً قد فرق الموت بيني وبينه» قال: 
ثم مهء قالت: ثم إنه لم يلبث أن حرج في غزاة له فأوصى ابن عمه: إذا أتيت الحاضر من 
بني عبادة فناد بأعلى صوتك: 


عفا الله عنها هل أبيتن ليله من الدهر لا يسري إلى خيالها 
فخرج وأنا أقول: م 
وعنه عفا ربي وأحسن حالة فغز علينا حاجة لا ينالها 
قال: ثم مه قالت: ثم لم يلبث أن مات فأتى نعيه» قال: فأنشدينا بعض مرائيك فيه؛ 
فأنشدته: 
كأن فتى الفققيان توبة لم ينخ قلائص يفحصن الحصى بالكراكر 
ليبك العذارى من حفاجة نسوة بماء شكون العبرة المستحادر 


فلما فرغت من القصيدة» قال محصن الفقعسي» وكان من جلساء الحجاج: من الذي 
يقول هذه هذا فيه فوالله إني لأظنها كاذبة» فنظرت إليه ثم قالت: والله أيها الأمير إن هذا 
القائل لي لو رأى توبة لسّره ألا يكون في داره عذراء وهي حامل منه؛ فقال له الحجاج: 
هذا وأبيك الحواب» وقد كنت عنه غنياً» ثم قال لما: سلي يا ليلى تعطي» قالت: أعط 
فمثئلك أعطى فأحسن» قال: لك عشرون قالت زد فمثلك زاده فأجمل» قال: لك أربعون» 
قالت: زد فمثلك زاد فأفضل» قال: لك ستون قالت: زد فمثلك زاد فأكمل» قال: لك 
شانون» قالت: زد فماك زاد فتسم» قل: لك مائة؛ واعلمي يا ليلى أنها غنم» قالت: معاذ 
الله أيها الأمير» أنت أجود جوداً وأبحد بحداً وأورى زنداً من أن تجعلها غنماًء قال: فما 
هي ويحك يا ليلى؟ قالت: مائة ناقة برعاتهاء فأمر لما بهاء ثم قال: لك حاجة بعدهاء 
قالت: تدفع إلي النابغة الجعدي في قيد» قال : قد فعلت» وقد كانت تهجوه ويهجوهاء فبلغ 
النابغة ذلك فخرج هارباً عائذاً بعبد الملك بن مروان فاتبعته فهرب إلى قتيبة بن مسلم 
بخراسان فاتبعته على البريد بكتاب الحجاج إلى قتيبة» فماتت بقومس ويقال بحلوان. 

ذكر السبب في وفاتها 

وقد ذكر في وفاتها أمر عجيب يخالف ما فيه هذه الرواية» وأنا بعون الله ذاكر ما 

حضرني منه ومتبعه البيان عما يشكل من غريب هذا الخبر إن شاء الله. 


جح الجليس الصالح والأئيس النامح متسس سحتو باح 

فمما رويناه من وفاة ليلى الأخيلية ما حدثناه محمد بن أحمد بن أني الثلج» قال: حدثنا 
حسين بن فهمء قال: حدثني حسين بن فهمء قال: حدثي محمد بن يحيى الأزدي» عن 
القتبي قال: قال توبة بن الحمير: 
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت علي وفوقي جندل وصفائح 
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا إليها صدى من جانب القبر صائح 
وأغبط من ليلى بمالا أتاله بلى كل ماقرت به العين صالح 

قال: فلما قتل توبة وأتى بعد مقتله دهر» اجتاز زوج ليلى الأخيلية وهي معه على قبر 
توبة» فقال لما: يا ليلى! هذا قبر توبة الذي يقول: 

لسلمت تسليم اللبشاشة أو زقا إليها صدى من جانب القبر صائح 

ناديه حتى يجيبك كما زعم قالت: اذهب عنكء فألى وألح وحلف عليها أن تناديه, 
قال: فاستعبرت ثم نادت: يا توبة» قال: ويزقو علب كان إلى جانب القبر فخحرج يصيح 
ويفوت ناقة ليلى» فسقطت عنها فارتاعت لذلك واحتملها زوجها فذهب بها فكان ذلك 
سبب موتهاء عاشت أياماً ثم ماتت. 

خبر ثان في ذلك 

ومن ذلك ما حدثناه محمد بن القاسم الأنباري: قال: حدثني أني» قال: حدثني أبو 
العباس الأزدي قال: حرج زوج ليلى الأخيلية بليلى» فمرا على قبر توبة بن الحمير؛ فقال 
لما: يا ليلى هذا الذي يقول فيك: 


ولو أن ليلى الأخيلية سلمت علي وفوقي تسربة وصفائح 
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا إليها صدى من جانب القبر صائح 


فقال: أنت طالق إن لم تسلمي عليه حتى أنظر ما يرد عليك؛ فقالت: وما دعاك إلى 
عظام قد رمت»ء قال: هو ما سمعتء» فدنت منه» فقالت: السلام عليك يا توبة فتى الفتيان 
وسيد الشبان» قال: وكانت قطاة قد عششت في جانب القبر» فلما سعت الصوت نفرت 
وحرجت تقول: قطا قطاء فلما سمعت ناقة ليلى الصوت نفرت بليلى فسقطت فاندقت 
عنقهاء فدفنت إلى جانبه. 

خبر آخر عجيب في ذلك 

ومن أعجب ما روي لنا في هذه القصة ما حدثنا ني رضي الله عنه» قال: حدثنا أبو 
أحمد الختلي» قال: أخبرنا عمر بن محمد بن الحكم النسائي» قال: حدثني إبراهيم بن زيد 
النيسابوري: أن ليلى الأحيلية بعد موت توبة تزوجت» ثم إن زوجها بعد ذلك مر بقبر 
توبة وليلى معه. فقال لما: يا ليلى تعرفين هذا القبر؟ فقالت لاء قال: هذا قبر توبة فسلمي 


حدد سس سس ل سسحت املس الحادي عشر حت 
عليه» فقالت: امض لشأنك فما تريد من توبة وقد بليت عظامه قال: أريد أن تكذبيه, 
أليس هو الذي يقول: 

ولو أن ليلى الأحيلية سلمت علي ودوني تربة وصفائح 
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا إليها صدى من جانب القبر صائح 

فوالله لا برحت أو تسلمي عليه» فقالت: السلام عليك يا توبة ورحمك الله وبارك لك 
فيما صرت إليهء فإذا طائر قد حرج من القبر حتى ضرب صدرها فشهقت شهقة فماتت 
فدفنت إلى جانب قبره فنبتت على قبره شجرة وعلى قبرها شجرة فطالتا فالتفتا. 

التعليق على الخبر بأكمله 

قال القاضى: قول ليلى الأخيلية في هذا الخبر الذي قدمنا روايته: أصابتنا سنون بححفة 
مبلطة» فمجحفة التي قد جهدتم وأصارتهم إلى احتلال أحواهم, والنقص البين في وفرهم 
وأموالممع قال الشاعر: 

لو قد نزلت بهم تريد قراهم منعوك من جهد ومن إجحاف 

للقحط الذي لا مقام معه, والجدب الذي لا صبر عليه وقد حدثنا المظفر بن يحيى قال: 
حدثنا أحمد بن محمد بن بشر المرئدي» قال: أخبرني أبو إسحاق طلحة بن عبد الله 
الطلحي قال: أخبرني أحمد بن إبراهيمء قال: أخخبرني القرمطي الوالبي: الإبلاط غاية الجهد 
والحاجة» قد أبلط الرجل» والسنة المبلطة التي قد أكلت كل شيء فلم تدع شيئاً. 
تأتي 2 آخره قال الشاعر: 


ولا وجد ثكلى كما وجدت ولا أمأضلبارببع 
وقال الأعشى: 
تلوي بعذق خحضاب كلما حطرت عن فرج معقومة لم تتبع ربعا 
ويقال له ربيع» قال الشاعر: 
إن بني صبية صيفيون أفلح من كان له ربعيون 
. وقال آخر: 
إذ هي أحوى من الربعي» حاجبه والعين بالإشد الحاري مكحول 


وروي أن دراهم أصحاب الكهف كانت كأحفاف الربع ويروى أن يونس الي لما 
جعل للنبوة تفسخ تحتها كما يتفسخ الربع متحت الحمل الثقيل. 
وقولما: ولا عافطة» تريد الواحدة من الضأنء ولا نافطة» الواحدة من المعز» يقال: 


جح الجليس الصالح والأئيس الناصح سس سح حت ارد 
نفطت العنز وعفطت الضائنة» وهما منهما كالامتخاط والاستنثار من الناس» فكأنها قالت: 
لم تدع لنا عنزاً ولا ضأناً ومثل هذا قوهم: ما له سبد ولا لبدء يريدون شاة ولا ناقة» 
وقد يقال للصوف: لبدء والسبد: الشعر» ونظير هذا قوله: لم تبق له ثاغية ولا راغية أي 
شاة ولا بعير» فالئغاء صوت الغنم والرغاء صوت الإبل» ومن الرغاء قول الشاعر: 

رغا فوقهم سقب السماء فداحص بشكته لم يستلب فسليب 

يعني سقب ناقة صالح, ومثله قول الشاعر: 
فلما رأى الرحمن أن ليس فيهم 
وصب عليه تغلب ابنة وائل 

ومن السبد قول الشاعر: 

أما الفقير الذي كانت حلوبته 

وني الطير طائر يقال له السبد لوفور ريشه. 

وقولها: فما ولد الأبكار والعون مثله. العون: جمع عوان وهي التي بين الكبيرة 
والصغيرة» قال الله تعالى ذكره في صفة بقرة بني إسرائيل #إنها بقرة لا فارض ولا بكر 
عوانٌ بين ذلك4» ويقال: حرب عوان إذا لم تكن مبتدأة» وحاجة عوان إذا لم تكن بكر 
الحاج» قال الشعار: 


فكأن عليهبم مثل راغية البكرٍ 


وفق العيال فلم يترك له سبد 


عوان من الحاجات أو حاجة بكر 


ومما نستحسنه لبعض المحدثين في معاتبة بعض ذوي الخيانة من الإإخوان: 


وكنت أحي بإخحاء الزمان 
وكنت أعدك للتائبات 
ونظير هذا قول الشاعر الآخر: 
أيا مولاي صرت قذى لعيني 
وكنت من الحوادث لي ملاذاً 
وكنت من المصائب لي عزاءً 
وقال آخحر: 
ص بال زمان زماني 
يامنرماني لما 
ومن ذحخحرت لنفسي 


لو قيلي حذاانساً 


فلما انتقتضى صرت حرباً عوانا 
فبا آنا أطلب منك الأمانا 


فصرت من المصيبات العظام 


الشللسسان في القغلل لان 
رأى اال زماد رم ناني 
فهماد ذخحر ال زمان 
من أعظلسلمالحدثئان 


عد ىم بتمم٠7ججبجبب‏ ب 7_7 7 777ب777777777ارىيي مجلس الحادي عشر د 
لميااآخح فذت أماننساً إلاإسنبنلإخحطل وان 

وقال ابن الرومي: 
تخذتكم ظهراً وعوناً تقتدفعوا نبال العدا عني فصرتم نصالها 
فإن انتم لم تحفظوا لمودتي فكونوا كفافاً لا عليبا ولا لبا 
قفوا موقف المعذور عني بمعزل وخلوا نبالي والعدا ونبالها 

ومما يضار ع هذا النوع بعض المضارعة قول ابن الرومي: 
عدوك من صديقك مستفاد فلا تستكثرن من الصحاب 
فإن الداء أكثتر ماتره يكون من الطعام أو الشراب 

وأعجبه هذا المعنى فقال: 
فإن الداء أكثر ماتره يكون من المسوغ في الحلوق 

وهذا باب إن استقصيناه طال جداً وتجاوزنا به حد املس الواحد من بحالس كتابنا هذاء 
ولم يبن هذا الكتاب على استيفاء أبواب أنواعه» وإنما جعلناه موشحاً ممتزجاًء بمنزلة الحدائق 
المشتملة على أنواع مختلفة» يقع الأنس بمشاهلتهاء والالتذاذ بجناهاء والانتفاع بشمرها. 

وقول توبة: وأشرف بالقوز اليفاع» القوز: الواحد من أقواز الرمل وهو ما علا 
وأشرف منهء وكذلك اليفاع ما ارتفع» وقال: أيفع الغلام فهو يافع إذا ارتفع» وهو من 
نوادر أبواب العربية) لأنه جاعم على أفعل فهو فاعل) وله أحوات معدودة منها: أورف 
الظل فهو وارف» وأورس الرمث فهو وارس» وقد قال النابغة: 

كليني لهم يا أميمة ناصب وليل أفاسيه بطيء الكواكب 

بمعنى منصبء, كما قال في كلمة أخحرى: 

وقوله: أرى نار ليلى أو يراني بصيرهاء أي يراني المبصر بهاء والعرب تقول: ليل نائم 
وسر كاتم أي منوم ومكتوم: قال جرير: / 

لقد لَمْتنَا يا أم غيلان في السّرى ونمتء وما ليل المطي بنائم 
ومثل هذا كثير. 
أعطنا حقنا الذي في هذا المصحف 


ح المليس الصالح والأيس النامح سمخ خخ سح مهد 
سعيد بن مسلم الباهلي» عن أبيه» قال: حدثني من حضر محلس السفاح وهو أحشد ما 
كان ببني هاشم والشيعة ووجوه الناس؛ فدخل عبد الله بن حسن بن حسن ومعه 
مصحفء ققال: يا أمير المؤمنين! أعطنا حقنا الذي جعله الله لنا في هذا المصحف» 
فأشفق الناس أن يعجل السفاح بشيء إليه فلا يريدون ذلك في شيخ بني هاشم في وقته؛ 
أو يعيا بجوابه فيكون ذلك نقصاً وعاراً عليه» قال: فأقبل عليه غير مغضب ولا منزعج؛ 
فقال: إن جدك علياً رضي لله عنه وكان خبيراً مني وأعدل؛ ولي هذا الأمر فأعطى جدك 
الحسن والحسين ين وكانا خيرا منك شيئاء وكان الواجب أن أعطيك مثله. فإن كنت 
فعلت فقد أنصفتُك؛ وإن كنت زدتك فما هذا جزائي منكء قال: فما رد عبد الله جواباًء 
وانصرف الناس يتعجبون من جوابه له. 
حكمة على محبرة 
حدثنا أي رضي الله عنه» قال: حدئنا أبو العباس بن مسروق قال: رأيت على محبرة 
مكن في الفؤاد فما أبالي أطال الحجر أم منح الوصالا 
المجلس الثاني عشر 
امرؤٌ القئيس يحمل لواء الشعر إلى الثار 

حدثنا أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير القاضي» قال: حدثنا سليمان ابن سيف» 
قال: حدثنا حيان أبو عبد الله جار أي عاصم.ء قال: حدثني هشام بن محمد بن السائب» 
قال: حدثني فروة بن سعيد بن عفيف بن معديكرب» عن أبيه» عن جده؛ قال: بينا نحن 
عند رسول الله يه إذ أقبل إليه وفد من اليمن» فقالوا: يا رسول الله! لقد أحيانا الله عز 
وجل بيتين من شعر امرئ القيس» قال: وكيف ذاك؟ قالوا: أقبلنا نريدك حتى إذا كنا 
ببعض الطريق أخطانا الطريق فمكثنا ثلاثاً لا نقدر عليه» فتفرقنا إلى أصول طلح وسسر 
ليموت كل رجل منا في ظل شجرء فبينما نحن بآخر رمق فإذا راكب يوضع على بعير 
معتم» فلما رآه بعضنا قال والراكب يسمع: 
لما رأت أن الشريعة همها وأن البياض من فرائصها دامي 
تيممت العين التي عند ضارج يفيء عليها الظل عرمضها طامي 

قال الراكب من يقول هذا الشعر؟ وقد رأى ما بنا من الحهدء قال: قلنا: امرق 
القيس بن حجرء قال ما كذب وإن هذا لضارجٌ أو ضارج عندكمء فنظرنا فإذا بيننا وبين 
الماء نحو من حمسين ذراعاء فحبونا إليه على الركبء» فإذا هو كما قال امرؤ القيس عليه 
العرمض يفيء عليه الظل» فقال رسول الله عَُه: "ذاك رجل مذكور في الدنيا منسي في 
الآخرة» شريف في الدنيا حامل في الآخرة» بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار" . 





حم ابجلس الثاني عشر ا حت 





رواية أخرى للخبر 

حدثنا أحمد بن علي بن السكين البلدي» قال: حدثني أبو داود سليمان بن سيف 
الحراني» قال: حدثنا حيان بن هلال أبو عبد الله البصري جار أني عاصم قال حدثنا 
محمد بن عبد الله بن السائب» قال: حدثنا فروة بن عفيف أو قال: عفيف بن معديكرب» 
عن أبيه» عن جده. قال: كنت عند النبي #يَهُ فأتاه قوم من الأعراب حفاة عراة» فقالوا: يا 
رسول الله لقد أنجانا الله ببيتين من شعر امرئ القيس بن حجرء قال: وكيف ذاك؟ قالوا: 
يا رسول الله! أقبلنا نريدك حتى إذا كنا ببعض الطريق أضللناه ثلاثاً لا نقدر عليه؛ فبينا 
نحن كذلك عمد كل رجل منا إلى ظل شجرة أو سسرة ليموت تحتهاء فإذا راكب على 
بعير له يوضعء فلما رآه بعضنا قال والراكب يسمع: 
لما رأت أن الشريعة همها وأن البياض من فرائصها دامي 
تيممت العين التي عند ضارج يفيء عليها الظل عرمضها طامي 

قال: فقال الراكب: يا عبد الله! من يقول هذا الشعر؟ قال: امرؤٌ القيس بن حجرء 
قال: والله ما كذب وإن عنده الآن لضارجاً عليه العرمض يفيء عليه الظلء قال: فنظرنا 
فإذا ليس بيننا وبينه إلا قدر عشرين ذراعاء فقال النبي عَك: "ذاك رجل مذكور في الدنياء 
منسي في الآخرة» بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار" . 

قال القاضي: قوله في هذا الخبر والشعر: وأن البياض من فرائصها دامي (الفرائص) 
جمع فريصة وهي الموضع الذي يترعد من الدابة» قال النابغة الذبياني: 

شك الفريصة بالمدري فأتفذها شك المبيطر إذ يشفي من العضد 

ومن ها هنا أخذ قولهم: فلان ترعد فرائصه إذا وصف بشدة النوف,» ومن ذاك الخبر 
المروي أن النبي # صلى بأصحابه ورأى رجلين ترعد فرائصهما. 

وأما قوله: تيممت العين» فمعناه قصدت وتعمدت» يقال: يممت كذا وكذا إذا 
قصدته. ومن ذلك قول الله عز وجل: «فتيمموا صعيداً طيبا» يعني اقصدواء وذكر أنها 
في قراءة عبد الله بن مسعود. فأقول: والمعنى واحد» أممت وتيممت مثل عمدت 
وتعمدت» ويقال: أممتء قال الله عز وجل «إولا آمّين البيت الحرام# يعني قاصدين 
وعامدين؛ وقال عز ذكره: «إولا تيمموا الخبيث منه تنفقون 2# وقرأ مسلم بن جندب: 
ولا تيمموا أي توجهواء ومن هذا الباب قول الشاعر: 

إني كذاك إذا ما ساءني بلد يممت صدر بعيري غيره بلداً 
ويروى: أممت.ء قال الأعشى : 
تيممتُ قيساًوكم دونه من الأرض من مهمه ذي شزن 





ح الجليس الصالح والأنيس الناصح مرح 
وقال آخر: 
تيممت همدان الذين هم هم إذا ناب خحطبٌُ جنتي وسهامي 
وقال حفاف بن ندبة: 
فإن تك خيلي قد أصيب صميمها فعمداً على عيني تيممت مالكا 
ومن هذا قولهم: أمم أي قصدء قال الأعشى: 
أتانا عن بني الأحرا ر عنه قول لم يكن أمما 
وقال ابن قيس الرقيات: 
كوفية نازخ محلقها لا أممٌ دارها ولا صقب 
الأمم: القصدء والصقب: القرب» ومنه: الجار أحق بصقبهء وقال الشاعر: 
ولو نار ليلى بالعذيب بدت لنا لحبت إلينا دار من لا يصاقب 


وقال الأعشى: 

فما انس مل الأشياء لا أنس قولها لعل النوى بعد التفرق تصقبُ 

وهذا باب يكثر وينسع جدأء وفيما ذكرنا منه ها هنا بل في بعضه كفاية. 

ومعنى قوله: يفيء عليها الظل» معنى يفيء: يرجعن يقال فاء الظل أي رجع قبل 
الزوال» ولا يقال له حينئذ فيءء وإنا يقال له فيء بعد الزوال لرجوعهء وكلا الوجهين 
ظلء قال حميد بن ثور اللالي: 

فلا الظل من برد الضحى نستطيعة ولا الفيء من برد العشي نذوق 

ومن هذا سمي ما رد الله على المؤمنين من مال المشركين فيئء وقال الله عز وجل: 
«إوما أفاء الله على رسوله منبم»#. وقال: #إوما أفاء الله على رسوله من أهل القرى 2# 
وقال تقدس اسمه: «إفقاتلوا الى تبغي حتى تفيء إلى أمر الله وقال: «إفإن فاءوا» أي 
رجعوا إلى غشيان من آلوا من نسائهمء وهذا الباب أيضا واسع بين. 

وقول امرئ القيس: عرمضها طاميء العرمض: الطحلب الذي يكون في الماء ويقال 
له عرمض وعلفق وتورء وقوله: طاميء يعني أنه عال يقال: طما الوادي إذا امتلأ وعلا 
ماؤف قال الأعشى: 


ما جعل الحد الظنون الذي جنب صوب اللجب الماطرٍ 
مثل النواتي إذا ما صما يقذف بالبوصي والماهمر 
من مصارع العشاق 


حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثنا محمد بن مرزبان. قال: حدثنا 


حم 2# مجلس الثاني عشر حت 
مسعدة الأخحفشء» قال: حدثنا أبو محظورة الوراق» قال: حدئنا أبو مالك الراوية قال: 
سمعت الفرزدق يقول: أبق غلامان لرجل من بني نمشل يقال له الخضر. فحدثني الخضر 
قال: حرجت أبغيهما وقصدت ناحية اليمامة على ناقة لي عيساء كوماءء قال: ابن 
الأنباري: العيساء: البيضاءء والكوماء: العظيمة السنام - فنشأت سحابة فرعدت وبرقت 
وحلت عزاليها» فملت إلى بعض ديار بني حنيفة وقصدت دارا وطلبت القرى» فقيل لي: 
ادحل فأنخت ناقتي ودخحلت وجلست تحت ظلة من جريد - قال ابن الأنباري: الجريد 
ما جرد من النخل - وفي الدار جويرية سويداء فدحلت جارية كأنها سبيكة فضة» وكأن 
عينيها كوكبان» فقالت: لمن هذه الناقة؟ قالت السويداء: لضيفكم هذاء فسلمت علي 
وقالت: ممن الرجل؟ قلت: من بني حنظلة؛ قالت: من أيهم؟ قلت: من بني دارم» قالت: 
من أيهم؟ قلت من بني لمجشلء قالت: وأنت من الذي يقول فيهم الفرزدق: 
إن الذي سبك السماء بنى لنا بيتاً دعائمسه أعنز وأطصول 
بيتاً بناه لن المليكُ وما بنى ملك السماء فإنه لا تقل 
بيتاً زرارة تحتب بفنائه وبجاشع وأبو الفوارس نهشل 
فأعجبني ذلك من قولا: فقالت: إلا أن ابن الخطفي نقض عليهء فقال: 
أحزي الذي سمك السماء مجاشعاً وبنى بناءك بالحضيض الأسفل 


بيتاً يحمم قينكم بفنائه دنساً مقاعده خبيث المدحل 
فخجلت واستحييت» ثم قلت لما: يم أنت أم ذات بعل؟ فقالت: 
إذا رقد النيام فإن عمرا تؤرقه المهموم إلى الصباح 
تقطع قلبه الذكرى وقلبي فماهو بالخلي ولا بصاح 
سقى الله اليمامة دار قوم بها عمرو تحن إلى الرواح 
فقلت لما: من عمرو هذا؟ فقالت: 
سألت ولو علمت كففت عنة ومن لك بالجواب سوى الخبير 
فإن تك سائلاً عنه فعهمرو مع القمر المضيء المستبير 
ثم قالت: أين تؤم؟ قلت: اليمامة» فتنفست الصعداءء ثم قالت: 
تذكرني بلاداً حل أاهلي بها أهل المودة والكرامه 
ألا فسقى الإله ألجش صوب يسح بدره بلد اليمامه 


جح المليس الصالح والأيس الناصح ب سس حت ارد 
ثم قالت: 
يخيل لي أيا عمرو بن كعب بأنك قد حملت على سريرٍ 
فإن يك هكذا يا عمرو إني مبكرة عليك إلى القبورٍ 
ثم شهقت شهقة فماتت فسألت عنها فقيل لي: هي من ولد محرق بن النعمان بن 
المنذر وعمرو بن كعب هوى لما باليمامة فركبت ناقتي فصرت إلى اليمامة. فسألت عن 
عمرو بن كعب, فخبرت أنه مات في ذلك الوقت الذي قالت فيه الحارية ما قالت. 
أعطه لكل بيت ألف ديئار 
حدئنا الحسن بن أحمد بن محمد بن سعيدء أبو علي الكلبي» قال: حدثني إبراهيم بن 
محمد الدجاجي» قال: حدثني عمرو بن سعيد بن سلم الباهلي» قال: كنت في حرس 
المأمون بحلوان حين قفل من خراسان أو حين تمل من العراق» - أبو على يشك - قال 
القاضي: والصواب قفل من خراسان أو قفل إلى العراق» والقفول الرجوع لا ابتداء 
السفرء والمأمون رجع من خراسان إلى العراق» بعد قتل الأمين واستتباب الخلافة له قال: 
فخرج لينظر إلى العسكر في بعض الليل» فعرفته ولم يعرفني فأغفلته» فجاء من ورائي حتى 
وضع يده على كتفي» فقال لي: من أنت: قال: عمرو عمرك الله ابن سعيد أسعدك الله 
ابن سلم سلمك الله فقال: أنت الذي كنت تكلؤنا في هذه الليلة؟ فقلت: الله يكلؤك يا 
أمير المؤمنين» فأنشأ المأمون يقول: 
ومن يضر نفسه لييفعك إن أخاك الحق من يسعى معك 
فرق من جميعه ليبجحمعك ومن إذا ريب زمان صدعك 
ثم قال: يا غلام! أعطه لكل ب بيت ألف دينار» فوددت أن تكون الأبيات طالت علي 
فأجد الغي» فقلت :با ) مير مير المؤمنين وأزيدك بيقاً من عندي؛ فقال: هات» فقلت: 
وإن غدوت ظالماً غدا معك 
فقال: أعطه لهذا ألف دينار» فما برحت من موقفي حتى أحذت حمسة آلاف دينار. 
التعليق على الخبر 
قال القاضي : فإن قال قائل: كيف أعطى المأمون عن قوله: 
فإن غدوت ظالماً غدا معك 
ولم وافقه على تصويب مساعدته وممالأته» قيل: إنه لم يظهر في قول هذا القائل ما 
يوجب مظافرة الظالم في عمله. وقوله: غدا معكء» يتجه فيه أن يكون معناه غدا معك 
ليكفك عن الظلمء بالوعظ لك والرق بك والاستعطاف على ما تسول لك نفسك ظلمه. 
فيصرفك عن الظلم» ويثنيك عن معرة الإثم. 


حدر سس تتح خلس الثاني عشر حت 

وقد جاء عن النبى ؤي أنه قال: "انصر أحاك ظالماً أو مظلوم" فقيل له: يا رسول 
للها أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالما؟ قال: "تحجبه عن الظلم فذلك نصرك إياه". 

الأمرلا حيلة له 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثني أبو عجلان» قال: سمعت الفضل بن 
مروان يقول: كان ابن المقفع يقول: إذا نزل بك أمر مهم فانظر فإن كان مما له حيلة فلا 
نجزع. 

ضعف قليي عن الرد 

حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج» قال: حدثنا حسين بن فهمء؛ قال: قال ابن 
الموصلي» حدتني أني» قال: أتيت يحيى بن حالد بن برمك فشكوت إليه ضيقة» فقال: 
ويحك! ما أصنع بك» ليس عندنا في هذا الوقت شيء» ولكن ها هنا أمر أدلك عليه فكن 
فيه رجلا فد جاءني خليفة صاحب مصر يسألني أن استهدي صاحبه شيا وقد أبيت 
عليه ذلك فألح علي» وقد بلغني أنك أعطيت في جاريتك فلانة ألف دينار» فهو ذا 
أستهديه إياها وأخخبره أنها قد أعجبتني» فإياك أن تنقصها عن ثلاثين ألف دينار» وانظر 
كيف تكون؟ قال: فوالله ما شعرت إلا بالرجل قد وافاني فساومني الحارية» فقلت: لا 
أنقصها من ثلاثين ألف دينار» فلم يزل يساومني حتى بذل لي عشرين ألف دينار» فلما 
سمعتها ضعف قلبي عن ردهاء فبعتها وقبضت المال العشرين ألفأ» ثم صرت إلى يحبى بن 
خالد, فقال لي: كيف صنعت في بيعك الجارية» فأخبرته وقلت: والله ما ملكت نفسي أن 
أجبت إلى العشرين حين سمعتهاء فقال: إنك لخسيس» وهذا خليفة صاحب فارس قد 
جاءني في مثل هذاء فخذ جاريتك فإذا ساومك فيها فلا تنقصها عن حمسين ألف دينار» 
فإنه لا بد أن يشتريها منك بذاك» قال: فجاءني الرجل فاستمت عليه حمسين ألف دينار» 
فلم يزل يساومني حتى أعطاني ثلاثين ألف دينار» فضعف قلبي عن ردها ولم أصدق بها 
وأوجبتها له ثم صرت إلى يحيى بن خالد فقال: بكم بعت الحارية؟ فقلت: بثلاثين ألف 
دينار» فقال: ويحك! ألم تؤدّبك الأولى عن الثانية؟ قال: قلت: ضعفت والله عن رد شيء 
لم أطمع فيه قال: فمال: هذه جاريتك فخذها إليكء» قال: فقلت: جارية أفدت بها 
خمسين ألف دينار ثم أملكها! أشهدك أنها حرة وأني قد تزوجتها. 

نصيحة أعرابي 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: حدثنا عبد الرحمن» عن عمه الأصمعي» قال: 
رأيت أعرابياً يعظ آحر ويحذره؛ وقال: إن فلاناً وإن ضحك لك فإنه يضحك منكء وإن 
أظبر الشفقة عليك إن عقاربه تسري إليكء فإن لم تجعله عدواً لك في علانيتك» فلا 
تجعله صديقاً لك في سريرتك. 


حت الجليس الصاح والأئيس الناصح تت تت 22 2ت565ت1756565156الُسس 2ش 72 
قريش أسخى أم أمية 
حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي» قال: حدثنا أبو بكر بن أني الدنياء قال: 
حدثني محمد بن الحسين قال: حدثتنا سليم بن حرب» قال: حدثنا أبو هلال الرباضي» عن 
حميد بن هلال» قال: تفاخر رجلان رجل من قريش ورجل من بني أمية» فقال هذا: قومي 
أسخى من قومك, وقال هذا: لا قومي أسخى من قومكء فقال: سل في قومك حتى أسأل 
في قومى» فافترقا على ذلك» فسال الأموي عشرة من قومه فأعطوه مائة ألف عشرة آلاف 
عشرة آلاف قال: وجاء الحاشي إلى عبيد لله بن عباس فسأله فأعطاه مائة ألف» ثم أتى 
الحسن بن علي فسأله فقال له: هل أت يت أحداً قبلي؟ قال: نع عبيد الله بن عباس اعطاق 
مائة ألف» فأعطاه الحسن مائة ألف لف وثلاثين الفا ثم أتى الحسين بن علي فسأله» » فقال: هل 
سألت أحداً قبل أن تأتيني» قال: م2 أاك الحسن فأعطاني مائة ألف وثلاثين ألفاً. 
فقال: لو أتيتني قبل أن تأتيه أعطيتك أكثر من ذلك» ولكن لم أكن لأزيد على سيدي» 
فأعطاه مائة ألف وثلاثين ألفاً» قال: ف فجاء الأموي بمائة ألف من عشرة» وجاء الحاشمي بثلاشمائة 
وستين ألفاً من ثلاثة» فقال الأموي: سألت عشرة من قومي فأعطوني مائة ألف» وقال الحاشي 
سألت ثلاثة من قومي فأعطوني ثلاشائة ألف وستين ألفاء قال: ففحر الحاشي الأموي فرجع 
الأموي إلى قومه فأخبرهم الخبر» فرد عليهم المال فقبلوه» ورجع الهاشي إلى قومه فأحبرهم 
الخبر فرد عليهم المال فأبوا أن يقبلوه؛ وقالوا: لم نكن لنرتجع شيئاً قد أعطيناه. 
سمى الله ال مستهزئ جاهلاً 
حدثنا يعقوب بن محمد بن صالح الكريري» قال: حدثني عبد الحليل بن الحسين» قال: 
كان مما عرف عن أحمد بن المعذل وهو صبي له ذؤابة في مجلس أني عاصمء ومر لأبي 
عاصم حديث فيه فقهء فقال أحمد: إنه مما ألقح إلينا عن مالك بن أنس في هذا الخبرء 
فسمع أبو عاصمء فقال: لا زرععك الله فحجل أحمدء فلما كان المجلس الثاني مر لأي 
عاصم حديث فيه فقهء فقال: أين أنت يا منقوص؟ أ نس ألقح إليكم عن مالك؛ قال: 
فحجل أحمد ثم وثب» فقال: يا أبا عاصم! إن الله حلقك جداً فلا تهزلن» فإن الله عز 
وجل سمى المستهزئ في كتابه جاهلاً فقال: #إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا: 
أتتخذنا هزوا؟ قال: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين4 قال: فحجل أبو عاصم وكان لا 
يحدث حتى يحضر أحمد فيقعده إلى جنبه. 
النوبختي وزرزر المغني 
أخبار أصحاب الغلمان 
حدثنا عبيد الله بن محمد الكاتب» قال: كان علي بن العباس النوبختي مع جماعة من 
أهله على سطح دار أبي سهل النوبختي في ليلة من ليالي الصيف يشربون ومعهم 


جم وس حت المجلس الثاني عشر حت 
ينجاب مرة ويتصل أحرى» فانجاب الغيم عن القمر فانبسط فقال علي بن العباس» وأقبل 


على إبراهيم: 
لم يطلع البدر إلا من تشوقه إليك حتى يوني وجهك النظرا 
ولم يتمم البيت حتى استتر القمرء فقال: 
ولا تغيب إلا عند حجلته لما رآك تولى عنك فاستترا 


المعتر ويوئس بن بغا 
عمر بن محمد بن عبد الملك» قال: شرب المعتز ويونس بن بغا بن يديه يسقيه والجلساء 
والمغنون حضور قد أعد الخلع والجوائز» إذ دحل بغا فال: يا سيدي! والدة عبدك يونس 
في الموت وهي تحب أن ثراه) فأذن له فخرج) وفتر المعتز لبعده ونعس» فقام الجلساء 
الشموع فلما رآه المعتز دعا برطل فشربه وسقى يونس رطلاء وغنى المغنون وعاد المجعلس 
أحسن ما كانه فقال المعتز: 


فإن جئت عذبسني فإنك لا تسمح 
فأصبحت ما بين دي ن ولي كبد تجرح 


ثم قال: غنوا فيه فجعلوا يفكرونء وقال المعتز لابن القصار الطنبوري: ويلك الحان 
الطنبور أملح وأحف فغن لناء فغنى فيه لحنأء فقال: دنانير الخريطة» وهي مائة دينار فيها 
مائتان مكتوب على كل دينار منها ضرب هذا الدينار الحسني لخريطة أمير المؤمنين» ثم 
دعا بالخلع والجوائز لسائر الناس» فكان ذلك المجلس من أحسن اجالس. 

وناسك يقتله الوجد 

حدثنا جعفر بن محمد بن النصير بن القاسم الخنواص» قال: حدثنا أبو العباس بن 
مسروق» قال: حدثني فضل اليزيدي» عن إسحاق بن إبراهيم بن المهدي عن عمر 
الحلالي؛ قال: شهدت أبا يحيى التيمي» يقول: كان يختلف معنا رجل من النساك يقال له 
أبو الحسن إلى مسعر بن كدام» وكان يختلف معه فتىّ حسن الوجه يفتن الناس إذا رأوى 
فأكثر الناس القول فيه وفي صحبته إياه؛ فمنعه أهله أن يصحبه وأن يكلمه. فذهل عقله 
حتى خشي عليه التلف؛ فبلغ ذلك مسعراء فقال: قولوا له: آلا يقربني ولا يأتي محلسي» 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح جب----______ ‏ حت 1 8 حسهد 
فإني له كار فلقيته فأخبرته ذلك» فتنفس الصعداء وأنشأ يقول: 


يا من بدائع حسن صورته تثني إليه أعنة الحدق 
لي منك ما للناس كلهم نظر وتسليم على الطرق 
لكنهم سعدوا بأمنهم وشقيت حين أراك بالفرق 
قال: ثم صرخ صرحة وشخص بصره نحو السماع وسقط فحركته فإذا هو ميت. 
لو أمرالله العباد بالجزع 


حدئنا الحسن بن أحمد الكلبي» قال: حدثنا محمد بن زكرياء قال: حدثني مهدي بن 
سابق» قال: قال يحيى بن خالد: لو أمر الله تعالى العباد بالجزع دون الصبر لكان قد 
كلفهم أشد المعنيين على القلوب» وقال الشاعر: 


بكى جزعاً لفقدان الحبيب وأسبل دمع ملهوف كئيب 
وكان الصبر أجمل لو تعزى وأشفى للصدور من النحيب 
فلو جعل الإله الحزن فرضاً لكان الصبر من جل المخنطوب 
لكان الحزن فيه غير شك أشد المعنيين على القلوب 


الأمين يتوجع لإصابة خادمه كوثر 
حدثنا الصولي» قال: حدثنا محمد بن القاسم بن خلاد» قال: حدثي محمد بن عمرء 
قام كوثر نخادم الأمين ليرى الحرب» فأصابته رجمة في وجهه فجلس يبكي فوجه محمد من 
جاء به» وجعل يمسح الدمع عن وجهه. ثم قال: 
ضربوا قرة عيني و لأجلي ضربوه 
أخذ الله لقلبي من أناس أحرقوه 
فأراد زيادة في الأبيات» فقال للفضل بن الربيع: من هاهنا من الشعراء؟ فقال: الساعة 
رأيت عبد الله بن أيوب التيمي. فقال: علي ب فلما دحل أنشده البيتين وقال: قل 


مالمن أهوى شبيه فيه الدنياتتيه 
وصله حلو ولكن هجيره مر كريه 
من رأى الناس له الفضِ ل عليهم حسدوه 
مثل ماقد حسد القا ثم باالملك أخحوه 


فقال: قد أحسنتء» هذا والله خير مما أردت» بحياتي عليك يا عباسي إلا نظرت فإن 
كان جاء على الظهر ملأت أحمال ظهره دراهم» وإن كان جاء في زورق ملأته له» فأوقر 


حد؟ و سس سح الس الثاني عشر حت 
له ئلاثة أبغل دراهم. 
المأمون يعاتبه بسبب هذا البيت فيلجأً إلى الفضل بن سهل 
قال الصولي: فحدثنا الحسن بن علي العنزري» قال: حدثني محمد بن إدريسء» قال: لما 
قتل الأمين حرج أبو محمد التيمي إلى المأمون فامتدحه. فلم يأذن له فصار إلى الفضل بن 
سهل ولحأ ! يه وامتدحهء فأوصله إلى المأمون» فلما سلم عليه» قال له: يا تيمي: 
مثل ما قد حسد القا م بالملك أ حوه 
فقال أبو محمد التيمى: 
ْ نصر المأمون عبد الله لما ظلموه 
نقض العهد الذي كان قديماً أكدوه 
لم يعامله أحوه الذي أوصى أبوه 
ثم أنشده قصيدة امتدحه بها أوها: 
جزعت ابن تيم أن علاك مشيب وبان الشباب والشباب حبيب 
فلما فرغ منها قال المأمون: قد وهبنك لله ولأحي أي العباس؛ يعني الفضل بن سهل 
وأمرت لك بعشرة آلاف درهم. 


خمسة آلاف في تسير كلمة 
حدئنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: حدثنا أبو حاتم» عن الأصمعي» قال: دحلت 


على الرشيد هارون ومجلسه حافل: قال: يا أصمعي! ما أغفلك عنا وأجفاك لحضرتنا! 
قلت: والله يا أمير المؤمنين ما ألاقتني بلاد بعدك حتى أتيتك» قال: فأمرني بالجلوس 
فجلست حتى خلا المجلس فجلست وسكت عني حتى تفرق الناس إلا أقلهم؛ فنمضت 
للقيام فأشار إلي أن أجلس» » فجلست ولم يبق غيري وغيره ومن بين يديه من الغلمان» 
فقال لي: يا أبا سعيد: : ما الاقتني؟ قلت: أمسكتني يا أ ميم ر المؤمنين: 

كفاك كف ما تليق درهماً جواداً وأخحرى تعط. بالسيف الدما 

أي ما تمسك درهماًء فقال: أحسنت وهكذا فكن وفرنا في الملاء وعلمنا في الخلا 
وأمر لي بخمسة آلاف دينار. 


أبيات غزلية 
أنشدنا الصوليء قال أنشدنا المبرد: 
أنت إلفف العيو ن فاكتحلي أو مرهي 
لست عنكم ولو قتل لت بدا الدهر أتبي 


قادني نحوك الشقا ء كذا كنت أشتبي 


جح الجليس الصاح والأنئيس الناصح حب سس سس سملم ود 
المجلس الثالث عشر 
حديث القار 

حدثنا محمد بن نوح بن عبد الله المعروف بالجنديسابوري» إملاء في يوم السبت 
لليلتين حلتا من ا محرم سنة عشرين وثلاشائة» قال: حدثنا على بن حرب الجنديسابوري 
قال: حدثنا عثمان بن أني مقسمء عن نافع» أن ابن عمر أخبره أن نبي الله يا حدثهم: 
"أن ثلاثة نفر انطلقوا يتماشون فأصابهم المطر فأووا إلى غار في جبل» فوقعت عليهم 
صخرة» فقال بعضهم لبعض: ادعوا الله أن يفرج عنا فرجة نرى منها السماءء فقال 
أحدهم: اللهم إنك تعلم أنه كان لي أبوان وكان لي امرأة وصبوة» وكنت أرعى عليهما 
فإذا مشيت حلبت لما في إنائهما ثم سقيتهماء وأني جئت ذات ليلة وقد دنا السحر وقد 
ناما وكنت قد حلبت لهما في إنائهما فقمت على رؤوسهما والصبوان يتضاغون عند 
رجلي أكره أن أوقظهما وأكره أن أسقي الصبوان قبلهماء اللهم إن كنت تعلم أني إها 
فعلت ذلك من مخافتك فافرج عنا فرجة نرى منها السماءء قال: فأفرجت منها فرجة رأوا 
منها السماء. 

قال: وقال الآخحر: اللهم إن كنت تعلم أنه كانت لي ابنة عم وأني راودتها عن نفسها 
فأبت على حتى أتيتها بمائة دينار» فلما قعدت بين رجليهاء قالت: يا عبد الله اتق الله ولا 
تكسر الخاتم إلا بحقه» فقمت عنها وتركته لماء اللهم إن كنت تعلم أني إسها فعلت ذلك 
مخافتك» فافرج لنا فرجة نرى منها السماءء فأفرجت فرجة أخرى فرأوا منها السماء. 

قال: وقال الثالث: اللهم إنك تعلم أني استأجرت أجيراً يعمل لي في فرق من زيت» فلما 
عمل أتاني يطلب أجره» فقلت: اعمد إلى هذا الفرق من الزيت فخحذه. فرغبت عنه نفسه» 
فعدت إليه» فجمعته فبعت منه حتى كان بقرأً ورعاتهاء فأتاني فقال: يا عبد الله اتق الله وأعطني 
أجرتي» فقلت: املك هذه البقرات ورعاتها. فاستاقهاء اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك 
مخافتك فافرج عنا الحجر» فأفرج عنهم الحجرء فخرجوا يتماشون إلى أهاليهم". 

التعليق على الحديث 

قال القاضي: حديث الغار هذا معروف عند أهل العلم» وقد ورد الخبر به عن رسول 
الله يده من وجوه؛ وكتبناه من طرق شتى عن الشيوخ» وأتينا بهذا لأنه حضرنا في هذا 
الوقت دون غيره. 

وفيه ما يدعو إلى فعل الخير واصطناع المعروف والإشفاق من الظلم» والحذر من 
وحيم مغبته وسوء عاقبته» وفيه بيان أن أكثر فعل البر عدة لصاحبه. وذحر يورثه النجاة 
من المحموفات» ويعطيه الإغاثة عند اللزبات. 

وقد حدثنا محمد بن حمدان بن سفيان الطرائقي» قال: حدثنا محمد بن العباس بن 


سلهكءو سبي ص ص سس سس سول سس املس الثالث عشر حت 
النصير التنيسي» قال: حدثنا عمر بن أي سلمة» عن صلقة بن عبد الله الدمشقي» عن 
الأصبغ» عن بهز بن حكيم) عن أبيه عن جدهء قال: قال رسول الله يَي: "صدقة السر 
تطفئ غضب الرب» وصنائع المعروف تقي مصارع السوءء وأكثروا من قول لا حول ولا 
قوة إلا بالله» فإنها كنز من كنوز الحنة". 
كثير من أصحاب الحديث لا يضبط اللغة 

وروى لنا الجنديسابوري هذا الخبر» فقال فيه: الصبوة والصبوان كأن اللافظ اعتبر فيه 
لفظ الصبوة. وقولهم: صبا يصبوء والسائر في كلام العرب الصبية في جمع صبي والصبيان» 
وأصحاب الحديث لا يضبط كثير منهم مثل ذلك فيحيله ولا يضبطه. ورسول الله يك 
أفصح العرب» وكلامه جار على أوضح الإعراب» وأعلى مراتب الصواب. 

إعراب ال ممعول له 

وقول من حكى عنه في هذا الخبر: إما فعلت ذلك مخافتك» المعنى به لمخافتك ومن 
منافتك ولأجل مخافتك» وهذا الذي ينتتصب عند النحاة لأنه مفعول له يقال: دنوت 
ابتغاء الخير» ونأيت حذار الشرء قال الله عز وجل: #يجعلون أصابعبم في آذالهم من 
الصواعق حذر الموت# أي لحذر الموت» أو من حذره؛ وقد قيل إن المعنى» أنهم جعلوا 
أصابعهم في آذائهم حذر الموت؛ وأن حذر الموت منصوب لأنه مفعول ثان» فقولك: 
جعلت مالك في بينك عدة لزمانك» وسلاحك في رحلك جنة من عدوك» ومن هذا 
النحوء قول الشاعر: 

وأغفر عوراء الكريم ادحاره وأعرض عن ذنب اللثيم تكرما 
غارآخر ينطبق على تسعة إخوهة 

حدثنا أي رضي الله عنه» قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن جعفر الختلي: قال: حدثنا 
عبد الله - يعني ابن عمرو البلخي - قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله الختلي» قال: حدثني 
محمد بن الحسين» قال: حدثني أبو عمرو العمري» قال: أخبرني حسين بن حسن بن 
سلمة بن مزينة العاري» عن أبيه: أن امرأة من بني عامر كان ها بنون عشرة» فخرج تسعة 
منهم في بعض حاجتهم, فأصابتهم السماء فابتدروا كبفاً فتحدرت صخرة فردمت عليهم 
باب الكهف» فمكثوا فيه لا يقدرون على الخروج منه حتى ماتوا عن آخرهم» فلما طال 
ذلك على أمهمء قالت لابنها العاشر: انطلق فاقف آثار إحوتك فما أراني إلا وقد 
رزتتهمء قال: يقول ابنها: كيف ذاك يا أمه؟ قالت: يا بني إني والله أجد كبدي تحترق 
احتراقاً» كلما قلت قد سكن عاد تلهباًء فانطلق هل تحس طم أثرأء أو تعلم لهم برا 
قال: فخخرج الفتى يقفو آثار إحوته حتى انتهى إلى ذلك الكهف فاطلع فيه فإذا إحوته 
موتى محدلين» فرجع يريد أمه باكيأء فلما أتاها قالت: ما وراءك يا قيس؟ قال: حير يا 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح 
أمه. قالت: علي ذلك يا بني» قال: 

لا تأسفن على شيء فبجعت به 
ربيتهم تسعة حتى إذا اتسقوا 
وكلأموإن سرت بما 


موحد 


إن المنايا خلال الوعث والجدد 
أصبحت منهم كقرن الأغضب الفرد 


قالت: فنحبت العجوز نحيباً شديداء ثم قالت: 


وني الهمزامز والروعات كالأسشد 


الأعضب وما قيل فيه من اللفغة والطقه 

قال القاضي: الأعضب القرن: المكسورهء وقيل إنه المكسور نصفههء وقيل: ثلثه» وبين 
الفقهاء حلاف في جواز الأضحية بالمعضوب القرن» وفي القدر المانع من تجويز الضحية 
به كاحتلاف أهل اللغة» ويقال لذي الزمانة والكسر من الناس: المعضوبء ومن هذا 
الباب قول لبيد بن ربيعة يرثي أربد أعحاه: 

يا أربد الخير الكرام جدوده حليتني أمشير كقرن أعضب 
شع رلا يستنكر إنشاده هي ا مسجد | 2" 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريدء قال: أخحبرنا أبو حاتم» عن أي عبيدة» قال: قدم 
أعرابي من اليمن فدخحل مسجد رسول الله #هُ فجلس في حلقة فيها الحسن بن علي رضي 
الله عنه» فقال: هل فيكم من ينشدء فقيل له: إنك لجاهل» أتستنشد ابن رسول الله 6 


فقال: والله لأنشدن ما لا ينكره؛ ثم إن أحب قال» وإن أحب سكتء ثم أنشأ يقول: 


رب أمور قد بريت لحاها 
أقيم بدار الصدق ما لم أهن بها 
وأصبح خاي المال حتى تخالني 
ولست بولاج البيوت لفاقة 
إذا قصرت أيدي الرجال عن العلا 
ومكرمة كانت سجية والدي 
وقد علمت أعلام قومي ألنني 
رجاء غد أن يعطف الود بيسينا 
وإني سألقى الله لم أرم حرة 


وقومت من أصلابها ثم رشتها 
وإن فت من دار هوانا تركتبا 
بخيلاً وإن حق عراني أهنتها 
ولكن إذا استغنيت عنها ولجتها 
مددت يدي باعاً إليها فنشلتها 
فعلمسيها والدي فعهلمتها 
إذا نال أظفاري صديقاً قلمتقتها 
ومظلمة منهم بجنبي عركتها 
ولم تأتمني سر قوم فعضتها 


جوو سست تت سس سس سس ست املس الثالث عشر حت 
ولا باغياً حمراً وأاسماع قينة ولا قسائلاً في الشسعر أني شسريتها 
ولا غافاً مسا لم تغرثي حليلستبي متى ماأء 0 

فقال الحسن رضي الله عنه: ما رأ يت كاليوم شعراً أرصنء وأمر له بصلة لم يقبلهاء 
وانصرف. 

أكله كله ؟ 

حدئنا محمد بن إبراهيم بن عرفة المهلبي» قال: حدثني أبو عتبة البصري؛ قال: قدم 
عمارة بن عقيل البصرة» فأتاه الناس يكتبون عنه» فقال لرجل حضره: أنشدني بعض ما 
قاله الفرزدق +حدي؛ وبعض ما قال جدي للفرزدق» فأنشده قول الفرزدق: 


حلقت برب مكة والمصلى وأعناق المهدي مقلدات 

لقد قلدت جلف بني كليب قلائد في السوالف باقيات 

قلائد ليس من ذهب ولكن قلائد من جهنم منضجات 
حتى أتى عليها فجعل يتلظّى؛ ثم قال: هات ما قاله له أبي فأنشده: 
تعللناأمامة بالعدات وما يشفي القلوب الصاديات 
ولولا حبهباوإله موسى لودعت الصبا والغانيات 
إذا رضيت رضيت وتعترريني إذا غضبت كهيضات السبات 
وما صبري عن الذلفاء إلا كصبر الحوت عن ماء الفرات 
ثم قال: ماذا؟ قد قطع الفرزدق عرضه وهو في أمامة؟ حتى إذا بلغ إلى قوله: 

رجوتم يا بني وقبان موتي وأرجو أن تطول لكم حياتي 

إذا اجتمعوا علي فخل عنهم وعن باز يصك حباريات 

إذا طرب الحمام حمام نجد نعى جار الأقارع والحتات 
فقام يحجل طرباًء وقال: أكله كله. 

أبشر بطول سلامة يا مريع 


قال أبو عبد الله بن عرفة: وقد همثل بهذا البيت الحسن بن قحطبة حين همأ م 
المنصور بالبيعة للمهدي أبي عبد اللّه) فدحل عليه الحسن بن قحطبة فقال: يا أ 
المؤمنين! ما تنتظر. بالفتى المقبل المبارك» جد له البيعة فما أحد ممتدع وراء هنا الستر 
ومن أبى فهذا سيفي؛ وبلغ الخبر عيسى بن موسىء فقال: والله لن ظفرت به لأشرب 
البارد» وبلغ الحسن بن قحطبة الخبر والمنصور فدحل الحسن بن قحطبة على المنصور 
عنده عيسى بن موسىء فتمثل المنصور بقول جرير: 


د الجليس الصاح والأنيس الناصح سس ب سي /ا و 


زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً أبشر بطول سلامة يا مربع 
مربع رجل من بني جعفر بن كلابء كان يروي شعر جرير فنذر الفرزدق دمه؛ فقال 
جرير: 
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا أبشر بطول سلامة يا مربعٌ 
إن الفرزدق قد تبين لؤمه حيث التقى حششاؤه والأخدع 


شما شلع السنصور عيسى بن موسي در في موكبء افقال | إنسان: من هذا؟ فسمعه 
مخنثء» فقال: هذا الذي أراد أن يكون غداً فصار بعد غدء وقد روينا في حبر آخر: أن 
عيسى بن موسى قال لمخنث يتهدده: أما تعرفني؟ فقال: بلى» أنت الذي كنت غداً 

وقول جرير: حيث التقى حششاؤه. الحشاشاوان: هما العظمان الناشزان وراء الأذنين» 
والواحد حششاء وهما لغتان إحداهما هذه مثل فعلاء؛ والأخرى حشاء على فعلاء مثل 
قسطاس وفسطاط من الصحيح, وكذلك قوياء وليس في الأسماء على هذا الوزن غيرهما. 

وأما فعلى فقد حكى الفراء ويعقوب وغيرهما فيه ثلاثة أحرف» وحكى غيرهما فيه 
رابعاً وخامساً وسادساً فأما الأحرف الثلاثة فأدمى اسم مكان» وأربى من أسماء الداهية؛ 
كما قال الشارع: 

هي الأربى جاءت بأم حبو كرى 
وشعبى اسم بلدة» قال جرير: 
أعبداً حل في شعبى غريباً ألؤماً لا أبا لك واغترابا 

وأما الحروف الأخر فحكاهن فيما روى لنا أبو عمر الشيباني وابن الأعراني. 

حدثنا أبو عمر محمد بن عبد الواحدء قال: أخبرنا ثعلب» قال: جاءت حروف لم 
يأت بها يعقوب ولا الفراء» أتى بها أبو عمرو الشيباني وابن الأعرائي؛ وهي: جمدى اسم 
موضع وجسقى اسم بلد» وجبنى اسم جبل. 

دع لله إحداهما تثل الأخرى 

حدثنا علي بن محمد بن الجهمء أبو طالب الكاتب» قال: حدثنا العباس بن الفضل 
الربعي» قال: وحدثني علي بن محمد بن حلف العطار» قال: حدثني الحسن بن الحسين 
الأشقر» قال: كنت أطوف مع عبد الله بن حسن بن حسن فإذا نحن بامرأة حسناء 
تطوفء قال: فقال لما عبد الله بن حسن بن حسن: 

أهوى هوى الدين واللذات تعجبني فكيف لي بهوى اللذات والدين 

فقالت: يا ابن رسول الله دع لله إحداهما تثل الأخرى» فقال: هل من زوسج؟ قالت: 


حرو ا بلس لبس سس سسسب سبح البجلس الثالث عشر حت 
كان فدُعيء قال: منذ كم؟ قالت: منذ سنة» فقال: الحمد لله على نمام النعمة» قال: هل 
لك في التزويج؟ قالت: والله ما كان ذاك رأبي» ولكن لك فنعمء فتزوجها. 
عبد الله بن طاهر بيجيز العتابي ثلاث مرات 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدئنا أحمد بن أي طاهرء قال: حدثني أبو 
هفان قال: حدثني أي» قال: دحل العتاي على عبد الله بن طاهر فأنشده: 


حسن ظني وحسن ما عد ال له سوائي بك الغداة أتى بي 
أي شيء يكون أحسن من حس ن يقين حدا إليك ركابي 
فأمر له بجائزة» ثم دحل عليه مرة أخحرى فأنشده: 
جودك يكفينيك في حاجستسي ورؤيتي تكفيك مني السؤال 
كيف أخشى الفقر ما عشت لي وإها كفاك لي بيت مال 
فأجازه أيضاً» ثم دحل عليه اليوم الثالث فأنشده: 
أكسني ما يبيد أصلحك الل ه فإني أكسوك ما لا يبيد 
فأجازه وكساه وحمله. 
قصة أبيات من الشعر لعبد الله بن طاهر 


حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي» » أبو عبد الله الكاتب» قال: أخبر نا أبو عبد 
الله أحمد بن الحسن بن هشامء قال: كنا عند أبي العباس محمد بن عبد الله بن طاهر يوماء 
ودخل محمد بن عيسى الكاتب» فقال أبو العباس: أعطوه قدحاًء فى واعتار» فقيل عار 
وجلس وغنينا وشربناء ثم تغنى كنيز دبّة صوتاً فالتفت أبو العباس ونظر إلى قدح فيه أر 
أرطال في يد محمد بن عيسى فقال: ما هذا يا أبا جعفر؟ فقال: اعز الله الأمير لي وهنا 
الشعر حديث» كنت مع أي العباس عبد الله بن طاهر جالساً فشكا إلى وجده وعشقه 


لإنسان فقال: 
أعياني الشادن الربيب 
فقلت: دارم فقال: 
أكتب أشكو فلا يجيب 
فقلت: داوى فقال: 
فكيف أرجو دواء دائي وإنما دائي الطبيبُ 


ثم افترقا فلم أسمع أحداً يذكره حتى سمعت هذا يغني به الساعة. 
أبيات ثلاثة لأني نواس تساوي شعر أني العتاهية كله 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثنا أبي» قال: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن 


حت الجليس الصالح والأنئيس الناصح مم ص و وح 
الربعي قال: حدثنا محمد بن إسحاقء» قال: حدثنا محمد بن أحمد بن مطهر الكوفي» قال: 
قال أبو العتاهية؛ قال: قلت عشرين ألف بيت في الزهد وودت أن لي مكانها الأبيات 
الثلاثة التي لني نواس: 


يا نواسي توقر وتعزى وتصبر 
إن يكن ساءك دهي فلما سرك أكثر 
يا كثير الذنب عفو ال له من ذنبك أكبر 


نواس» فزادني أني فيها بغير هذا الإسناد: 


أعظم الأشياء في أصل غر عفو الله يصغعُّر 

ليس للإنسسان إلا ما قضى الله وقدر 

ليس للمخلوق تدبسي سر بل الله المدبر 
ريبة الرشيد هي النمري 


حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: حدثنا عون بن محمد أن سعيد بن سلم قال: 
حضرت النمري ينشد الرشيد شعراً فمر فيه وصفٌ لسيوفه: 

ليست كأسياف الحسين ولا بني حسن ولا آل الزبير الكلل 

هارون في الخلفاء مثل محمد في الأنبياء مفضل لمفضل 

فقال له الرشيد: ما يولعك بذكر قوم لا ينالهم ذم إلا شاطرتهم إياه» قد رابني منك 
هذا وفيك؛ لا تعد له. وإنما نفارقهم في الملك ثم لا افتراق في شيء بعده. 

شعر يعزل قاضيا عن القضاء 

حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري» قال: أخبرنا مسبح بن حاتم» قال: أخبرني 
يعقوب بن إسرائيل» قال: أخبرني محمد بن علي بن أمية» قال: كنا بحضرة المأمون 
بدمشق فغنى علويه: ٍ 
برثئت من الإسلام إن كان ذا الذي أتاك به الواشون حقا كما قالوا 
ولكنهم لماروك سريعة إلي تواصوا بالنميمة واحتالوا 
فقد صرت أذناً للوشاةسميعةً ينالون من عرضي ولو شكت ما نالوا 

فقال المأمون لعلويه: لمن هذا الشعر؟ قال: للقاضي؛ قال: أي قاض؟ قال: قاضي 
دمشق» فأقبل على أخيه المعتصمء فقال له: يا أبا إسحاق اعزله» قال: قد عزلته» قال: 
فليحضر الساعة» فأحضر شيخ حضيب ربعة من الرجال» فقال له المأمون من تكون؟ 


ات ادلسسدس لبلب سس اببجلس الثالث عشر حت 
فنسب نفسه» فقال: تقول الشعر؟ قال: قد كنت أقوله» قال: يا علويه أنشده الشعر فأنشده» 
فقال: هذا شعرك؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين» ونساؤه طوالق وعبيده أحرار وماله في سبيل 
الله إن كان قال شعرا غلا منذ ثلاثين سنة وإلا في زهد أو معاتبة صديقء قال: يا أبا إسحاق 
اعزله» فما كنت لأولي الحكم بين المسلمين من يبدأ في هزله وجده بالبراءة من الإسلام ثم 
قال: اسقوهء فأتي بقدح فيه شراب فأحذه بيده وهي ترعدء ثم قال: يا أمير المؤمنين! الله الله 
ما ذقته قطء قال: أفحرام هو؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين» فقال المأمون: أولى لك بهاء أي 
نجوت. ثم قال لعلويه: لا تقل برئت من الإسلام» ولكن قل: 
حرمت منائي منك إن كان ذا الذي أتاك به الواشون حتا كما قالوا 

قال محمد بن الحسن المقري: هذا القاضي هو عمر بن أي بكر الموصلي» روى عنه 

الزبير بن بكار وإبراهيم بن المنذر. 
تعليق نحوي مد ال مقصور وقصر الممد ود 

قال القاضي: مد المأمون المنى في هذا وهو مقصورء وكان نحاة البصرة من متقدميهم 
ومتأخريهم لا يجيزون ذاك في شعر ولا نثرء إلا الأعفش فإنه كان يجيزه في الشعر» وهو 
مذهب متقدمي نحاة الكوفيين» وكان الفراء يجيزه في ؛ بعض الوجوه ويأباه في بعضهاء فأما 
قصر الممدود في الشعر فجائز عند جميع النحويين؛ ولو جعل مكان هذا: حرمت رجائي 
أو شفائي أو ما أشبهها لكان وجهاً صحيحاً لا ينكر ولا يختلف في جوازه. 

عمر رضي الله عنه يعزل واليا بسبب شعره 

ونظير عزل هذا القاضي عن عمله لما أنكره إمامهُ من القول السيىئ في شعره؛ الخبر 
الوارد عن عمر بن الخنطاب رضى الله عنه من عزله النعمان بن عدي بن نضلة» وذلك ما 
حدثناه علي بن محمد بن الحهم أبو طالب الكاتب» قال: حدئنا أبو سعيد عبد الرحمن بن 
محمد بن و البصري» قال: حدثنا وهب بن جريرء قال: حدثني أبي» عن محمد بن 
إسحاق» قال: أنبتت أن عدي بن نضلة بن عبد العزى بن حرئان بن عوف بن عبيد بن 
عويج بن عدي بن كعب ممن هاجر إلى أرض الحبشة ومات بهاء وكان معه ابنه 
النتعمان بن عدي وهو الذي استعمله عمر بن الخطاب رضي الله عنه على ميسان» فقال 
أبياتا من الشعر فعزله» فقال: 


إذا شئت عادتني دهاقين قرية ورقاصة تجذو على كل منسم 
فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني ولا تسقين بالأصغر المثشلم 


لعل أمير المؤمنين يسوءه تنادْمُنا بالمجوسق المستهام 


حت الجليس الصاح والأنئيس الناصح م لسلس ست وى وعم 

فلما بلغت عمر الأبيات» قال: أجل والله إن ذلك ليسوعني» فمن لقيه منكم فليخبر 
أني قد عزلته» فقدم على عمر فاعتذر» حلف ما صنع مما قال شيا ولكني كنت امر 
شاعراً وجدت فضلاً من قول كما يقول الناس» فقال عمر: والله لا تعمل لي عملاً ما 
بقيت وقد قلت ما قلت. 

تعليق لفوي وبلاغي 

قال القاضي: قوله تجذو على أطراف أصابع رجليها: أي تقوم يقال منه: جذا يجذو 
على أصابع رجليه؛ وجثا يجثو على ركبتيه. 

وسمى الرجل منسماً استعارة وهو في الأصل للبعير» كما روي عن النبي © أنه قال 
في المستحاضة لتستثفر» وهو في الأصل للدواب ذات الحافرء وكما قال: "من حفظ ما 
بين فقميه وما بين رجليه دحل الحنة" يريد الفم والفرج» وأصل الفقم للحية؛ ومن المنسم 


قول زهير: 
ومن لم يصانع في أمور كثيرة يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم 
والذي يسمى من الإنسان الظفر يقال له من ذوات الخف المنسم. 


من الشعر العّيف 

حدثنا يعقوب بن محمد بن صالح الكريري» قال: حدثنا أحمد بن إسماعيل القيسي» 
قال: حدثنا عبد الله بن شبيب المدني» قال: حدثنا الزبير بن بكارء قال: أنشدنا عبد 
الله بن مصعب لخيرة بنت أبي ضيغم البلوية: 
وتنا خلاف الحي لا نحن منهم ولا نحن والأعداء مختلطان 
وبتنا يقينا بارد الطل والندى من الليل برداً يمنة عطران 
نذود بذكر الله عنا من المخنا إذا كان قلبانا بنايردان 
ونصدر عن ري العفاف وريما نقعنا غليل الصدر بالرشفان 

أبيات نمثل بها ابن الزيير منصرفه يوم الجمل 

حدثنا عبد الباقي بن قانع» قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن صالح بن شيخ» 
قال: حدثنا الرياشي» قال: حدثنا محمد بن الحكم الحبلي») قال: حدثنا محمد بن حلحلة 
القرشي»؛ عن أني ريحانة» قال: لما انصرف الزبير يوم الجمل تمثل: 
أمسرتهم أمسري بمنعرج اللوى ولا أمر للمعصي إلا ب 
فقلت لكاس الحمييا فإنما حللت الكثفيب من زرود لأفزعا 
كأن بليتباوبلدة نتحرها من النبل كراث الصريم المنزعا 
إذا المرء لم يغش الكريهة أوشكت حبال الموينا بالفتى أن تقطصعا 


قال الرياشي: الليتان صفحتا العنق من الناقة» وهما تحت القرط من المرأة» قال 
القاضي: من الليت قول الشاعر: 


وفرع يصير الجيد وحف كأنه على الليت قنوان الكروم الدوالح 
وقال آخر: 
إذا هي قامت تقشعر شواتها ويبرق بين الليت منها إلى الصقل 


قال الرياشي في قوله وبلدة نحرها: البلدة من الإنسان اللبة» ومن البعير الكركرة؛ 
وكراث الصريم: نبت له ثلائة عروق ينبت في الرمل فإذا أحرجه كان أسفله كأنه قذذ 
السهمء فشبه النبل بذاك» والصريم: الرمل» وأنشد الرياشي: 

أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة قليلٌ بها الأصوات إلا يُعْامُْبا 
يقال لصوت البعير بغام» قال الشاعر : 
حَسِبْت بُغام راحلتي عناقاً وما هي ويب غيرك بالعناق 
المجلس الرابع عشر 
الصاحب مسئول عن صاحبه 

حدثئنا محمد بن هارون» أبو حامد الحضرمي») قال: حدثنا زيد بن سعيدء قال: حدثنا 
عبد اميد بن عبد العزيز» قال: حدثنا مروان بن سالم» عن يحيى بن الحكم, عن عبد الله 
قال: صحب النبي يك صاحباً فدحل رسول الله # غيضة فقطع غصنين؛ أحدهما أعوج 
والآخر مستقيم» فدفع إلى صاحبه المستقيم وأمسك الأعوجء فقال الرجل: يا رسول الله! 
أنت أحق بهذاء فقال: "كلاء ما من صاحب يصحب صاحباً إلا وهو مسكول عنه يوم 
القيامة ولو ساعة سس نهار" . 

حدثنا أحمد بن عيسى بن السكين البلدي» قال: حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن 
عمر بن يونس بن القاسم اليمامي» قال: حدثنا عمر بن يونس» قال: حدثنا أبي» عن 
حموة بن عبد الله بن عمرء قال: كان ابن عمر يحدث أن رسول الله يي دحل غيضة ومعه 
صاحب له فأخذ منها مسواكين أراكاء أحلدهما مستقيم والآخر معوج, فأعطى صاحبه 
المستقيم وحبس المعوجء فقال: يا رسول الله! أنت أحق بالمستقيم مني» قال: "كلاء إنه 
ليس من صاحب يصاحب صاحباً ولو ساعة من هار إلا سأله الله عز وجل يوم القيامة 
عن مصاحبته إياه فأحببت ألا أستأثر عليك بشيء". 

العبرة من الحديث 

قال القاضي: تأملوا - رحمكم الله - ما في هذا الخبر من ذكر ما أتى به من أخلاق 
رسول الله يك الشريفة العلية؛ وعشرته لمن صاحبه الكريمة الرضية» والإفضال والإيثار 
وعزوفه عن الاستبداد والاستتثار» ومن أولى بذلك ممن القرآن العظيم أدبه» ومنزل 


ح الجليس الصالح والأئيس الناصح ب سس سم سم , بج 
الوحي الحكيم مُؤدبه؛ وقد روي أن عائشة ذم سئلت عن خلق رسول الله © فقالت: 
كان حلقه القرآن. 

قال القاضي : وأعظم بقول الله عز وجل «وإنك لعلى خلق عظيم4 نبلاً وبحداً 
وفضلاً وجدا وقد جاء في الأثر أنه كان أحيا من عذراء في حدرهاء وأنه كان أشد الناس 
فيما كان من أمر الله عز وجل» فيرضى أحسن الرضا حين التواضع؛ ويعطي أجزل العطاء 
عند السماحة والاسترفاد) ويغضب لله عز وجل أشد الغعضب عند ظهور الغي والعناد, 
والعبث والفسادء وكان في أمر ربه ونصرة دينه كالحسام البائرء والضرغام الخادر, فأكرم 
بنفسه السمحة الزكية الشريفة الأبية» وسجاياه السهلة الرضية» وعطاياه الفاضلة السنية) 
اللهم لك الحمد على توفيقك إيانا لتصديقه. وهدايتك لنا به اللهم فأسعدنا باتباع 
أوامره» والوقوف عند زواجره؛ والاستمرار على سنته» والسعادة بشفاعته. 

جد أعشى همدان وصاحبه 

حدثنا ابن دريدء قال: أخبرنا السكن بن سعيد» عن العباس بن هشام؛ عن أبيه» عن 
عوانة ب بن الحكمء قال: حدثنا شيخان من همدان قالا: كان نظام بن جشم بن عمر بن 
مالك بن عبد الجن الحمداني» وهو جد أعشى همدان» واسم الأعشى عبد الرحمن بن 
الحارث بن نظام» مؤاحياً لأشوع بن أي مرئد الحمداني وكانا مغوارين فاتكين قرضوبين 
جوادين - قال ابن دريد: القرضوب: الذي يأحذ كل ما لاح له - لا يليقان شيئاء قال 
القاضي: يقال للصوص: قراضبة» ويقال للفقير قرضوبء قال الشاعر: 

قوم إذا صرحت كحل فدارهم كهف الضعيف ومأوى كل قرضوب 

رجع الحديث: لا يليقان شيئاً» فخرجا يريدان الغارة على مهرة بن حيدان» وكان 
يختلسان الصرمة ثم يشلانها مجاهرة» فإن أدركا رمياً فلم يسقط لهما سهم قال ابن 
الكلبي: قال أبي» قال عوانة: سبعت من أثقب به من رجال همدان يخبر أن السرب من 
القطا كان يمر مهما طائراً فيقولان: أيها تريدون؟ فيوماً إلى الواحدة منها فيرمياها فلا 
يخطئان» وكذلك الظباء» وبين بلاد همدان وبلاد مهرة مفازة منكرة» لا تسلكها الخيل 
وتسسوخ فيها أحفاف الإبل فتصب فيها أودية مهرة وأودية الحوف» وهي سبخة ملحة 
نشاشة» لا تنبت عوداً ليس العكرش» قال: ففوزا أياماً وشول ماؤهما وخحافا الحلاك» 
فأبصرا يوماً مع ذرور الشمس طيراً تحوم على غمض من الأرض» فقال أحدهما لصاحبه: 
ألا ترى ما أرا فقال: بلى والله إنها لتحوم على لم أ واماى وأيها كان فهو ملك أو 
وشل فقصدا الحبة حتى هبطا غائطاً ذا حبراوات ونقعان» فأناحا وشربا وسقيا وعضدا 
لراحلتيهماء واستظلا ببعض تلك الشهرء فبينا كذلك إذ مر بهما أمعوز» وهو جماعة من 
الظباء؛ فرمياه فصرعا ظبيين وأورقا وأوريا واشتويا وقعدا يرقبان الليل ليستدلا بالنجوم؛ 


جد ابس ببح امجلس الرابع عشر حت 
فإذا سواد مقبل فأحمرا راحلتيهماء قال ابن دريد: أي وارياها تحت الشجرء قال القاضي: 
وهو الخمر قال الشاعر: 


ألا يا زيد والضحاك سيرا فقد جاوزتما حمر الطريق 
وطلعا دوحة فتغيبا في شعابها فإذا صرمة زهر كالصوار يحدوها عبد أسود وهو يقول: 
روحي إلى خير أني المعارك لمبرك من أرحب المبارك 
فإن بيت أضيافه هنالك فابشري بوقع عضب باتك 


يبتر منك أسوق البوائك 
فما غاب الأول عن أعيننا حتى بدت صرمة أخرى يحدوها عبد أسود» وهو يقول: 


روحي إلى مبركك الدمسائر إلى فتى كهبان والمهاجر 
وعصمة المعتر والمهاجر والليث في اليوم العماس الخنادر 
قال ابن دريد: العماس الشديد - 
فإن منيت بمضاف زائر فأيقني بوقع عضب باتر 
ثم اعتراق بشفار جازر مخطرف للجلة البهازر 


فلما غاب الراعيان عن أعيننا خرجنا نقتفي آثار الإبل») حتى قربنا من الحلة فأئخنا 
فلما هدأت الرجل خرجنا مصلتين حتى انتهينا إلى المبرك فاستثرنا من إطراره صرمة 
فشللناها ليلتناء حتى إذا انحسر حدر الليل وذر الشروق إذا شبح يهوى إلينا هوي 
العقاب؛ فما ارتد الطرف حتى أثبتناه نظرأًء فإذا رجل على ناقة كأنها ظبي صرعء قال 
القاضي: الصرع الذي بين الكبير والصغير» قال الأعشى يصف وعلاً: 


قد يترك الدهر في حلقاء راسسية وهياً وينزل منها الأعصم الصرعا 
فأيه بالصرمة فانكفأت راجعةء فأقبلنا نصورها أي نعطفها وشيلها كما قال الشاعر: 
وفرع يصير الحيد وحف كانه على الليت قنوانُ الكروم الدوالح 
وقال الشاعر: 
وجاءت خلعة دهسُ صفايا يصور عنوقها أحوى زنيم 


ويقال أيضاً: صار يصير كما قال الشاعر: وفرع يصير... البيت وقد قرئ: فصرهن 
إليك وقصرهن.. والمعنى الميل» وقيل: القطع» وبيان هذا في كتبنا في علوم القرآن 
مستقصاة. 

رجع الحديث» وهي سرع إلى تأييهه» فلما دنا منا قال: حليا عنها لا أم لكماء فقلنا: ' 
ولا نعمى عينء وبوأنا له سهمين فأقحم من راحلته كالوعل المذعور» وانتضى سيفه وئنى 
رأسه في درقته» فوالله ما أرسلنا سهمينا حتى خالطناء فضرب عرقوبي ناقة صاحبي 


حت الجليس الصاح والأنيس الناصح جب س7 ها أ 
فغادرها نكوسء وأهوى للأخرى فبتر عرقوبها وهو يقول: 
علام أسقي رسلها وأمنح وأشبع الضيف بها وأج رح 
إن لم أقآقتل دونجا واض رح عنها إذا حام الكمي الشحشح 
ثم قال: استأسراء فتذامرنا وإن أنفسنا لتنازعا إلى ما قال» فكررنا عليه بأسيافنا فوئب 
وثبات الفهد» فوقف حجرة وفوت النبل ثم كر راجعاًء فضرب درقة صاحبي فاقتدهاء 
فلما رأينا ذلك استسلمنا وقلنا عياذاً بك يا ابن الكرام» فقال: بمعاذ عذماء وسألنا عن 
انسابنا فأخبرناه» فقال: ارتدفا على راحلتي واصرفا وجهتها شطر مطلع الشمس تبلغكما 
الحي» فخبت بنا الناقة تبوي لا تملكنا من أمرنا شيئاً حتى وردت بنا الحي» فكلا ولا إذ 
أقبل ضاحكاً كأنه لم تمسسه مشقة) وقد مشى مسيرة ليلة للراكب المحدء فقال: دونكما 


الصرمة التي اطردتماها وناقتين من سر إبلي برحليهما وحملنا وسرحناء فقال: اسمعا ما 
أقول لكماء فقال: 


أقفول لخاربي صسدان لما 
ألم تعلماآن لن تف وتا 
فظن عاجز أن تسلباني 
ومن دونالذيأملتماه 
إذا أنا لم أذد عن مدفآت 
فمم أجنب الأضيياف ذمي 
000 أحسب الجمم اللواتني 

ومماأنعش العفى إذا ما 
أهيبا خحاربي هسدان منها 
وأوبا سامين بباولمًا 


أثارا صرمة حمرا وعيسا 
وأدلن تعجزا الليت الهموسا 
ومن ذا يسالب اللسيث الفريسا 
ضراب يقطر البطل البليسا 
فيحدو بيدها !الحزن الشريسا 
إذا التكباء أوجفت البئيسا . 
يظل لما اللسرجال إلي شورسا 


تراءى وجه دهرهم عبوسا 


بزهمر تطرد الققر الضِروسا 


أئر لكماالناآد المرمريسا 


قال ابن دريد: يريد الداهية» قال القاضي: أحسب الجمم معناه أنيلهم ما يكفيهم 
يقال: احسبني الطعام وغيره يحسبني أن كفاني» وقولحم حسبك معناه كافيك» وقيل في 
قوله تعالى: لإعطاء حساباً معناه عطاء كافياً يحسبهم أي يكفيهم وقوله: الحمم جمع 
جمة وهم القوم يسألون في الدية» وقوله: شوساً جمع أشوس وهو الذي ينظر نظراً شديداء 
قال الشاعر: 
حلا أن العتاق من المعايا 
وقوله: ومما أنعش العفى» معنى 


أحسن به فهن إليه شوس 00١‏ .+ 
نعش أرفع» وقولمم: نعشك الله أي رفعك إما 





١‏ امجحلس الرابع عشر حت 
حلتك أو بإقالة عثرتك وما أشبههماء ومنه قيل لسرير الميت نعش لأنه يرفع عليه» وقوله: 
العفى جمع عاف وهو السائل للحاجة وطالبهاء يقال: اعفا فلان فلاناً يعفوه إذا سأله 
ورغب إليه في حاجته» وروي عن النبي َه أنه قال يوم أ حد "لولا أن يحزن ذلك نساعءنا 
لتركنا حمزة بالعراء تأكله عافية الطير" يقال: عاف وجماعة عافية مثل كاف وجماعة كافية) 
ويقال للعاني: معتف» وهو مفعل منه قال الشاعر: 
ترى حوفن المعتفين كأنهم على صنم في الجاهلية كف 
جمع العافي أيضا عفاة» مثل كاف وكفاة وساق وسقاة وقاض وقضاة في أشباه لهذا 
كثيرة جد ومن هذا قول الأعشى: 
تطوف العفاة بأبوابه كطوف التصارى ببيت الوثن 
وجمع العائي في الشعر الذي بلغ في هذا الخبر عُفَى على وزن فعّل مثل غاز وغزىّ هاد 
وهدى, قال الله عز وجل: «أو كانوا غزىَ» ومثله في الصحيح راكع وركع وساجد 
وسجدء قال الراجز يخاطب النبى وقَه: 
إن قريشاً أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكدا 
وقتلونا ركعاً وسجدا 
وقال الله تعالى: #الركع السجود»#. 
خبر مقتل أبي مسلم صاحب الدولة 
حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة» قال: حدثنا أبو العباس المنصوري» قال: لما قتل 
أمير المؤمنين المنصور أبا مسلم, قال: رحمك الله أبا مسلمء بايعتنا وبايعناك» وعاهدتنا 
وعاهدناك» ووفيت لنا ووفينا لك» وإنا بايعناك على ألا يخرج علينا أحد في هذه الأيام إلا 
تناه فخرحت علينا ففاناك. 
مر المنصور بقتله وقد دس له رجالاً من خاصته. وقال لهم: إذا سعتم تصفيقي 
فاضبوه؛ ضري شيب بن داج م ره القواه, فدضل عيسى بن موسى وقد كان كم 
المنصور في أمره؛ فلما رآه قتيلاً استرجع» فقال له المنصور: احمد الله تعالى أنك هجمت 
على نعمة ولم تهجم على مصيبة» فقال أ, بو دلامة: 
أبا مسلم ما غير الله نعمة على عبده حتى يغيرها العبدٌ 
أبا مسلم حوفتني القتل فاتتحى عليك بما حوفتني الأسد الوردٌ 
خبر للمؤلف مع بعض الرؤساء هي شأن أبيات لأبي نمام 
حدئنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي» قال: أخبرني أحمد بن الحسين بن هشام 
قال: أنشدني أبو همام: 


جح الجليس الصالح والأئيس الناصح ب سس سس سبحم" , رام 
يقولون هل بيكي التسى لخريدة 0 متى ما أراد اعتاض عشراً مكائه 
وهل يستعيض المرء من حمس كفه ولو بدلت حر اللجين ‏ ببتنانها 
وكيف على نار الليالي معرسي إذا كان شيب العارضين دخانها 

قال القاضي: كان بعض رؤساء الزمان أنشد بعض هذه الأبيات» فاستحسنها جداًء 
وقال - ونحن بحضرته جماعة -: أتعرفون لهذه الأبيات أولاً؟ فقلت له: هذه كلمة لأبي 


تمام مشهورة أوها: 
ألم ترني خحليت نفسي وشأنها فلم أحفل الدنيا ولا حدثانها 
لقد حوفتني الحادئات صروفها ولو آمنتني ما قبلت أمانها 
وأنشدته منها: 


يقولون هل يبكي القتى لخريدة إذا ما أراد اعتاض عشراً مكانها 
وهل يستعيض المرء من حمس كفه ١١‏ ولو صاغ من حر اللجين بنانها 

فطرب عند الانتهاء إلى هذا وجعل يردده ويتعايا فيه إلى أن حفظه؛ وقال: هذا ألذ من 
كل شراب وغناء. 

الحسين يرفض تزويج زينب من يزيد 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: أخبرني أبي» عن أني الفضل العباس بن ميمون» 
قال: حدثني سليمان بن داود المقري الشاذ كوني» قال: أخبرني محمد بن عمر بن واقد 
السلمي» عن عبد الله بن جعفر المدني» عن أم بكر بنت المسور بن مخرمة» قال: سمعت 
أبي يقول: كتب معاوية إلى مروان وهو على المدينة أن يزوج ابنه يزيد بن معاوية زينب 
بنت عبد الله بن جعفرء وأمها أم كلثوم بنت علي وأم أم كلنوم فاطمة بنت رسول الله ويا 
ويقضي عن عبد الله بن جعفر دينه» وكان دينه خمسين ألف دينار» ويعطيه عشرين ألف 
دينار» ويصدقها أربع مائة ديئار ويكرمها بعشرة آلاف دينار. فبعث مروان بن الحكم إلى 
عبد الله بن جعفر فأجابه؛ واستثنى عليه رضى الحسين بن علي رضي الله عنه» وقال: لن 
أقطع أمرا دونه مع أني لست أولى بها منه وهو حالء والخال والدء قال: وكان الحسين 
رضي الله عنه بينبع» فقال له مروان: ما انتظارك إياه بشيء» فلو حزمت؟ فأى وتركه؛ فلم 
يلبنوا إلا حمس ليال حتى قدم الحسين رضي الله عنه» فأتاه عبد الله بن جعفرء فقال: كان 
من الحديث ما تسمع وأنت خالا ووالدهاء وليس لي معك أمر فأمرها بيدك» فأشهد عليه 
الحسين جماعة بذلكء» ثم خرج الحسين رضي الله عنه فدحل على زينب» فقال: يا بنت 
أحتي إنه قد كان من أمر أبيك أمرء وقد ولاني أمرك وإني لا آلوك حسن النظر إن شاء 
الله فإنه ليس يخرج منا غريبةً فأمرك بيدي» قالت: نعم بأني أنت وأمي» فقال الحسين 


حجرواالل سس سس ب بسح لبمجلس الرابع عشر حت 
رضي الله عنه: اللهم إنك تعلم أني لم أرد إلا الخير» فقيض لهذه الحارية رضاك من بني 
هاش ثم حرج حتى لقي القاسم بن محمد بن جعفر بن أني طالب» فأحذ بيده فأتى 
المسجد» وقد اجتمعت بنو هاشم وبنو أمية وأشراف قريش وهيأوا من أمورهم ما 
يصلحهم؛ فتكلم مروان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن يزيد ابن أمير المؤمئين يريد 
القرابة لطفاً والحق عطفاً» ويريد أن يتلاقى ما كان صلاح هذين الحيين مع ما يحب من 
أثره عليهم» ومع المعاد الذي لا غناء به عنه مع رضا أمير المؤمنين» وقد كان من أمر عبد 
الله بن جعفر في ابنته ما قد حسن فيه رأيه» وولى أمرها خالا الحسين بن علي #5 وليس 
عند الحسين خلاف لأمير المؤمنين إن شاء الله. فتكلم الحسين فحمد الله وأثنى عليه ثم 
قال: إن الإسلام يرفع الخسيسة ويتم النقيصة ويذهب الملامة» فلا لوم على امرئّ مسلم 
إلا في مأثم» وإن القرابة التي عظم الله حقها وأمر برعايتهاء وسأل الأجر في المودة عليها 
والمحافظة في كتاب الله عز وجل قرابتنا أهل البيت» وقد بدا لي أن أزوج هذه الحارية من 
هو أقرب إليها نسباً وألطف سبباًء وهو هذا الغلام يعني القاسم بن محمد بن جعفر» ولم 
أرد صرفها عن كثرة مال نازعتها نفسها ولا أبوها إليه» ولا أجعل لامرئ في أمرها 
متكلماًء وقد جعلت مهبرها كذا وكذاء فلما في ذلك سعة إن شاء الله. فغضب مروان» 
وقال: أغدراً يا ببي هاشم؟ ثم أقبل على عبد الله بن جعفر» فقال: ما هذه بأيادي أمير 
المؤمنين عندك» وما غبت عما تسمعء فقال عبد الله: قد أحبرتك الخبر حيث أرسلت إلي 
وأعلمتك أني لا أقطع أمرا دونه» فقال الحسين: على رسلك أقبل علي» فأول الغدر منكم 
وفيكم, اننظر رويداً حتى أقول» نشدتكم الله أيها النفر ثم أنت يا مسور بن مخرمة» أتعلم 
أن حسن بن على خطب عائشة بنت عثمان حتى إذا كنا بمثل هذا ا مجلس من الإشفاء 
على الفراغ» وقد ولتك يا مروان أمرهاء قلت: إنه قد بدا لي أن أزوجها عبد الله بن 
الزبير» هل كان ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ يعني المسورء قال: اللهم نعم» فقال مروان: قد 
كان. ذلك وأنا أجيبك وإن كنت لم تسألني» قال الحسين: فأنت موضع الغدر. 
عمروبن حريث يتزوج ابنة عدي بن حاتم على حكمه 

حدثنا ابن دريد: قال: حدثني عمي» عن أبيه؛ عن ابن الكلبي» عن محمد بن سليم أي 
هلال الراسبي» عن حميد بن هلال الخدري» قال: خطب عمرو بن حريث إلى عدي بن 
حاتم فقال: لا أزوجك إلا على حكميء فرجع عمرو وقال: امرأة من قريش على أربعة 
آلاف درهم أعجب إلي من امرأة من طيئ على حكم أبيهاء فرجع ثم أبت نفسه فرجع 
إليه» فقال: على حكمي؟ قال: نعم» فرجع عمرو بن حريث فلم ينم ليلته مخافة أن يحكم 
عليه بما لا يطيق» فلما أصبح بعث إليه أن عرفني ما حكمت به علي» فأرسل إليه: إني 
حكمت بأربع مائة درهم وشانين درهماً سنة رسول الله يت فبعث إليه بعشرة آلاف 


جح الجليس الصالح والأنيس التاصح ٠7ب‏ سسب ستو , رحد 
درهم وكسوة فردها وفرق الثياب في جلسائه؛ وقال: 
يرى ابن حريث أن همي ماله وما كنت موصوفاً بحب الدراهم 
وقالت قريش لا تحكمه إنه على كل ما حال عدي بن حاتم 
فيذهب منك المال أول وهلة وحمامها والنخل ذات الكمائم 
فقلت معاذ الله من ترك سنة جرت من رسول الله والله عاصمي 
وقلت معاذ الله من سوء سنة يحدئها الركبان أهل المواسم 
بين حمّص بن غياث القاضي وأبي الديك ال معتوه 

حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري» قال: أخبرنا القتات بالكوفة» قال: أحبرنا أبو 
نعيم» قال: كنت جالساً عند حفص بن غياث بعد أن ولي القضاءء فدحل عليه أبو الديك 
المعتوه وكان ذاهب العقل محتالاً للمعاش؛ وكان دحوله في يوم من أيام الشتاء شديد البرد. 
فرآه حافياً حاسراً فرحمه» فدعا الحارية فسارها فجاءته بعمامة وحفين» فقال: ارفعيه إلى أي 
الديك» قال: فلف العمامة على رأسه ولبس الخف ثم قام بين يديه فأحذ قميصه وكان خلقاً 
رثا فجال بإصبعه ثم قال: أيها القاضي! جزاك الله عن الأطراف خيراًء وحرك قميصه ياصبعه 
أي انظر إلى قميصي ورقته ورثاثتهه فضحك حفص بن غياث ثم قام فدحل ثم خرج وقد 
خلع الحبة التي عليه وقميصهاء ولبس غيرهما وأمر بدفعهما إلى أني الديك فلبسهما أبو الديك 
ثم قال: أيها القاضي! يحكى أن عبد الملك بن مروان قال لبعض ولده: أي الثياب أعجب 
إليك؟ قال: ما رأيته على غيري يا أمير المؤمنين» قال: فأي الرجال اعترت لنفسلك؟ قال: 
أحسنهم احتيارا يا أمير المؤمنئين. وقد احترت لنفسك أيها القاضي الثواب وحسن الثناء 
وسررت أبا الديك كل السرور إلا قطيرة» فال له حفص: يا أبا الديك! وما القطيرة؟ قال: 
شيء أنصرف به إلى عيالي» قال: حفص: حباً وكرامة» والله ما في منزلي ذهب ولا فضة 
ولكن أستقرض لكء يا غلام! قل لفلان أقرضنا ديناراً أدفعه إلى أني الديك» قال: يقول له أبو 
الديك: أيها القاضي! والله ما أجد لك مثلاً إلا قول الشاعر: 

يعيرني بالدين قومي وإنما تقرضت في أشياء تكسبهم بحداً 
وقول صاحبه: 
وما كنت إلا كالأصم بن جع فر رأى المال لا يبقى فأبقى به حمداً 
المجلس الخامس عشر 
قول الرسول في مخاطبة قتلى بدر 


حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي» قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثنا 


حجر راأص ‏ _ لس الهلس الخنامس عشر حد 
نصر بن حماد البجلي» قال: حدثنا شعبة» عن السدي» عن مقسمء» » عن ابن عباس» قال: 
وقف رسول الله يلل على قتلى بدر فقال: "جزاكم الله عني من عصابة شراًء فقد 
خونتموني أميناً وكذبتموني صادقاًء ثم التفت إلى أني جهل بن هشام فقال: هذا أعتى على 
الله من فرعون:ء إن فرعون لما أيقن بالهلكة وحد الله عز وجلء» وإن هذا لما أيقن بالهلكة 
دعا باللات والعزى". 

قال القاضي: وفي هذا الخبر ما ينبه أولي الألباب من المؤمنين على نعمة الله عز وجل 
عليهم في هدايته إياهم إلى الإيمان به» وتوفيقهم لتصديق نبيه» والإقرار بصحة نبوته) 
والاعتراف بوفور أمانته» والإذعان لاتباعه والجد في طاعته؛ وأن بصرهم من دينه ما عمي 
عنه أعداؤه,» وعصمهم من الضلالة التي هلك فيها عصاة عباده وعتاة خلقه فالحمد لله 
على نعمته علينا في ديننا ودنياناء وله الشكر على إحسانه إلينا في جميع شئونناء ونظره لنا 
فيما يصلحناء ويعود علينا بالفوز في معادناء والنجاة من العطب يوم حشرنا. 

جارية ظريفة ترد على أبي الشعثاء حين أخبرها بحبه 

حدثنا محمد بن الحسين بن دريد» قال: أتخبرنا الرياشي» عن ابن سلامء قال: أخبرني 
علي بن هشام أو من أخبرني عن علي بن هشام؛ قال: كان بالكوفة رجل يكنى أبا 
الشعثاء» عفيفا مزاحاء وكان يدحل على سراة أهل الكوفة» فمزح مع جارية لبعضهم 
وأخبرها أنه يبواهاء وكانت شاعرة ظريفة» فقالت: 


لأبي الشعثاء حب باطسن 


يافؤادي فازدججر عنه وإن 


عبث المحب به فاقعد وقم 


ورسالات المحبين االكللم 


صائد تلأمنهغ زلانه 
صل إن أحببت أن تعطى المنى 
ثم ميعادك بعد الموت في 
حيث نلقاك غلاماً ناشقياً 


مثل ما تمن غزلان الحرم 
ياأباالشعناءللهوصم 
جنة المخلد إن الله رحم 
كلاماً قد كملت فيك التنعم 
ابن الزيير يغضب من ابني العباس بن عبد المطلب 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدتثني أبي» قال: حدثنا عامر بن عمران أبو 
عكرمة الضبي» قال: دخل عبد الله بن صفوان على عبد الله بن الزبير» فال: أنت والله 
كما قال الشاعر: 
إن تصبك من الأيام جائحة لم نبك منك على دنيا ولا دين 
قال: وما ذاك؟ قال: هذان ابنا العباس بن عبد المطلب, أحدهما يفتي الناس في دينهم 


- الجليس الصالح والأئيس الناصح سسسسسمسسستمسسسسسسس سم سمه أ !١خ‏ اسم 
والآخر يطعم فما بقيا لك؛ فأرسل إليهما: إنكما تريدان أن ترفعا راية قد وضعبا الله 
ففرقا من قبلكما من مراق العراق» فقال عبد الله: أي الرجلين نطرد عنا؟ أقابس علم أم 


طالب نيل» وبلغ الخبر أبا الطفيل» فقال: 
لا در در الليالي كيف يضحكنا 
مثل ما تحدت الأيام من عجحب 
كنا نجيء ابن عباس فيقبسنا 
ولا يزال عبيدالله مترعة 
فالدين والعلم والدنيا بببابهبما 
ففيم تمنعنا منهيم وتمنعهم 
إن الرسول هو النور الذي كشضفت 
وأهله عصمة في ديئننا ولهم 
ولست فاعلم بالأولى به تنسبا 


منها عجائب أنباء وتبكينا 
وابن الزبير عن الدنيا يلهينا 
علماً ويكسبنا أجراً ويهيدينا 
جفانه مطعماً ضيفاً ومسكينا 
نال منها الذي شثكناإذا شينا 
مسا وتؤذييم فينا وتؤذينا 
بهعماية ماضينا وباقينا 
حق عليسا وحق واجب فينا 


يابن الزبير ولا الأولى به دينا 


لن يجزي الله من أجزى لبغضبم في الدين عزاً ولا في الأرض تمكينا 


زواج شرحبيل بن الحارث الفساني 
من مية بنت عمرو ثم تطليقه لها بأمرأبيه 

حدننا ابن دريد» قال: أخبرنا السكن بن سعيد» عن محمد بن عباد. عن ابن الكلبي» 
قال: قدم شرحبيل بن الحارث الغساني - وكان من أهل بيت الملك - موسماً من مواسم 
العرب» وحضرت ذلك العام بكر بن وائل» فحطب شرحبيل مية بنت عمرو بن 
مسعود بن عامر بن عمرو بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان وهو أصم بني ربيعة» فقال له 
أبوها: هي لك وقومها بيدكء فوالله ما في غسان ملك أحب إلى صهرا منك» فأنكحه 
إياهاء فاحتملها شرحبيل إلى أبيه الحارث بن مرة» فكانت معهم وانقطعت إليهم بكر بن 
وائل وذلك في أيام الطوائف قبل ملك بني نضر بالحيرة» فبينا هو نائم ذات ليلة هي بين 
يديه إذ أقبل أسود سالخ يبوى إلى الفتى فاتحاً فاه والسراج تزهرء حتى إذا أهوى إليه 
أخذت بحلقه فخنقته حتى مات, ثم جعلته بين أثناء الفراش» وكان أبوه إذا أصبح غدا 
عليه هو وأمه تعظيما له. ثم يأتيه الناس فيسلمون عليه فلما اجتمع الناس أهوت إلى 
الأسود فأخرجته ميتأء فذعر الشيخ فقال: من قتل هذا؟ فقالت: أنا قتلته ولو كان أشد 
منه لقتلته» فقال: يا شرحبيل حل عنهاء فهي - وأبيها - للرجال أقتل» فكره شرحبيل أن 
يعصي أباه فسار بها وبمالها حتى إذا دنا من أرض بكر بن وائل بعث معها من يلحقها 


حالس لبلب سسحت الجلس الخامس عشر حت 
بقومهاء فقالت: لو مضيت بي إلى أبي كان أحب إلي؛ فقال: واسوءتاه! أنظر إلى أبيك 
وقد طلقتك في غير ذنب» فقدمت إلى أبيباء فدعا قبيصة بن هانئ بن مسعود فأنكحها 


إياه فقال شرحبيل: 
أزورجتني غراء من خير نسوة 
فلما ملأت صدري سروراً وبهجة 
فطلقتها من غير ذنب أتت به 
سرى في سواد الليل أسود سالحٌ 
: فأهوت له دون الفراش بكفبا 
فقال أبوه: 
لعمري لتن طلقتها إن مثلها 
ولكنني حاذرتها أن تعيدها 
وأصبح في غسان أبكي بعبرة 


اها إلى العلسياء عمسرو وعامرٌ 
عزمت بحق ليس لي فيه عساذرٌ 
إلي سوى أني بمية غسادرٌ 
إلي وقدنامت عيون سوامر 
فأصبح مقتولاً فهل أن شاكر 


إذا طلب القوم من النساء قليل 
وم بح محجوياً وأنست قتيل 
0 يك ورزئي عند ذاك جليل 


من مخارج أبي يوسف الفقهية 

حدثنا محمد بن أبي الأزهر» قال: حدثنا حماد بن إسحاق الموصلي» قال: حدثني أبي » 
قال: حدثني بشر بن الوليد وسألته من أين جاء؟ قال: كنت عند أي يوسف يعقوب بن 
إبراهيم القاضي» وكنا في حديث طريف»ء قال: فقلت له: حدثني به قال: قال لي يعقوب: 
بينا أنا البارحة قد أويت إلى فراشي» فإذا داق يدق الباب دقاً شديداًء فأحذت علي 
إزاري وخحرجت» فإذا هرشة بن أعين فسلمت عليه فقال: أجب أمير المؤمنين» قلت: يا 
أبا حاتم! لي حرمة وهذا وقت كما ترىء» ولم آمن أن يكون أمير المؤمنين دعاني لأمر من 
الأمور» فإن أمكنك أن تدفع بذلك إلى غد فلعله أن يحدث له رأي؛ فقال: ما إلى ذلك 
سبيل» قلت: فما كان السبب؟ قال: حرج إلي مسرور الخادم فأمرني أن آتي أمير المؤمنين 
بك» قلت: تأذن لي أن أصب علي ماء وأتحنط» فإن كان أمر من الأمور كنت قد أجدت 
وأحكمت أمريء وإن رزق الله تعالى العافية فلن يضر فأذن لي فدحلت فلبست ثياباً 
جدداً وتطيبت بما أمكن من الطيب» ثم حرجنا حتى أتينا دار أمير المؤمنين الرشيد» فإذا 
مسرور واقف فقال له هرشة: قد جئت به» فقلت لمسرور: يا أبا هاشم! خدمتي 
وحرمتي وميلي» وهذا وقت ضيق» لم طلبني أمير المؤمنين؟ قال: لاء قلت: فمن عنده؟ 
قال: عيسى بن جعفرء قلت:ومن؟ قال: ما عنده ثالث» قال: مرء فإذا صرت في الصحن 
فأته في الرواق وهو ذاك جالس» فحرك رجلك بالأرض فإنه سيسألكء فقل له: أناء 
فجئت ففعلتء قال: من هذا؟ قلت: يعقوب»ء قال: ادحل» فدخلت فإذا هو جالس وعن 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح 2222222225 ا 
يمينه عيسى بن جعفر» فسلمت فرد علي السلام» وقال: أظننا روعناك؟ قلت: إي والله 
وكذاك من خلفي» قال: اجلس فجلست حتى سكن روعيء ثم التفت إلي فقال: يا يعقوب 
تدري لم دعوتك؟ قلت: لا. قال: دعوتك لأشهدك على هذاء إن عنده جارية سألته أن 
يببها لي فامتنع» وسألته أن يبيعها فأثى, ووالله لئن لم يفعل لأقتلنه» قال: فالتفت إلى عيسى» 
فقلت: وما بلغ الله بجارية سمنعها أمير المؤمنين وتنزل نفسك هذه المنزلة؟ قال: فقال: 
عجلت علي في القول قبل أن تعرف ما عندي؟ قلت: وما في هذا الجواب؟ قال: إن علي 
يميناً بالطلاق والعتاق وصدقة ما أملك آلا أبيع هذه الحارية ولا أهبهاء فالتفت الرشيد 
فقال: هل له في ذلك مخرج؟ قلت: نعم» يهب لك نصفها ويبيعك نصفهاء فيكون لم يبب 
ولم يبع» قال عيسى: ويجوز ذلك؟ قلت:نعم, قال: فأشهدك أني قد وهبت له نصفها وبعته 
النصف الباقي بمائة ألف دينار» فقال: الحارية» فأتي بالحارية وبالمال» فقال: حذها يا أمير 
المؤمنين بارك الله لك فيهاء قال: يا يعقوب؟ بقيت واحدة» قلت: وما هي؟ قال: هي 
مملوكة ولا بد أن تستبرأء ووالله لئن لم أبت معها ليلتي إني لأظن نفسي ستخرج» فقلت: يا 
أمير المؤمنين تعتقها وتتزوجها فإن الحرة لا تستبرأء قال: فإني قد عتقتها فمن يزوجنيها؟ 
قلت: أناء قال: فافعل» فدعا بمسرور الخادم وحسين فخطبت فحمدت الله وزوجته على 
عشرين ألف دينار» ودعا بالمال ودفعه إليهاء ثم قال: يا يعقوب؟ انصرف» ورفع رأسه إلى 
مسرور فقال: يا مسرور؟ قال لبيك يا أمير المؤمنين» قال: احمل إلى يعقوب مائتي ألف 
درهم وعشرين تحتاً ياب فحمل ذلك معي. قال: فقال بشر بن الوليد: فالتفت إلي يعقوب 
فقال: هل رأيت بأسأ فيما فعلت؟ قلت: لاء قال: فخحذ منها حقّكء قال: وما حقي؟ قال: 
العشر. فشكرته ودعوت له ذهبت لأقوم فإذا بعجوز قد دحلت فقالت: يا أبا يوسف؟ 
ابنتنك تقرئك السلام وتقول لك والله ما وصل إلي في ليلتي هذه من أمير المؤمنين سوى 
المهر الذي قد عرفته» وقد حملت إليك النصف منه وخحلفت الباقي لما أحتاج إليه فقال: 
رديه فوالله لا قبلتهاء أحرجتها من الرق وزوجتها أمير المؤمنين وترضى لي مهذاء فلم نزل 
نطلب إليه أنا وعمتي حتى قبلها وأمر لي بألف دينار. 
إسقاط استبراء الأمة وتولية عقّد نكاحها 

قال القاضي: إسقاط أبي يوسف الاستبراء في هذه المسألة هو مذهبه ومذهب من 
تقدمه ومن اتبعه من أصحاب فأما مذهب الجمهور من الحجازيين وغيرهم فعلى أن 
الاستبراء ها هنا باق بحاله»؛ وأما توليه عقد نكاح هذه المعتقة فإن مذهب أبي يوسف 
ومتقدمي أصحابه منّ أهل العراق ومتأحريهم أن مولى الأمة المعتق لها أولى بعقد النكاح 
له ولغيره عليها» ومذهب عامة أهل العلم من الحجازيين وغيرهم من الشاميين والعراقيين 
- وكان الشافعي يرى أنه يعقد عليها النكاح لغيره ولا يعقده لنفسه - وأنه إذا أراد أن 


سر سبع سس مجلس الخامس عشر ب 
يتروجها تولى العقد له عليها الحاكم» ورأيت بت أبا جعفر شيخنا رحمه الله قد أفتى بهذا في 
مسائله؛ والقول الأول أولى بالحق عندي وأشبه بقوله؛ وبيان هذا الباب وشرحه مستقصى 
فيما رسمناه من كتبنا في الفقه. وبالله التوفيق. 

عمة محمد بن أحمد بن عيسى تستشفع له لدى ال معتضد 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: كان مع المعتضد أعراي فصيح يقال له شعلة بن 

شهاب اليشكريء وكان يأنس به فأرسله إلى محمد بن عيسى بن شيخ وكان عارفاً به 
ليرغبه في الطاعة ويحذره العصيان ويرفق به» فقال شعلة بن شهاب فصرت إليه فخاطبته 
أقرب خطاب فلم يجبني» فوجهت إلى عمته أم الشريف فصرت إليها فقالت: يا أبا شهاب! 
كيف خلفت أآمير المؤمنين» فقلت: خلفته والله أماراً بالمعروف فعالاً للخير؛ متعززاً على 
الباطل متذللاً للحق» لا تأخذه في الله لومة لائم» فقالت لي: أهل ذلك هو مستحقه 
ومستوجبه» وكيف لا يكون كذلك وهو ظل الله عز وجل الممدود على بلاده» وخليفته 
على عباده. وأعز به دينه» وأحيا به سنته» وثبتت به شرائعه, ثم قالت: يا أبا شهاب فكيف 
رأيت صاحبنا؟ قلت: رأيت حدثاً معجباً قد استحوذ عليه السفهاء واستبد بآرائهم وأنصت 
أفواميم يزخرفون له الكذب ويوردونه الندم» فقالت: هل لك ان ترجع اليه كدي فل 

مير المؤمنين» فلعلك تحل عقدة السفهاء؟ قال: قلت: أجلء ف فكتبت إليه كتاباً حسناً 
بت فيه لم وأخلصت فيه النصيحة بهذه الأبيات: 


اقبل نصيحة أم قلبها وجل 
واستعمل الفكر في قولي فإنك إن 
ولا تثق برجال في قلوبهم 
مغل النعاج حمولاً في بيوتهيم 
وداو داءك والأدواء ممكنةة 
أعط الخليفة ما يرضيه منك ولا 


واردد أحا يشكر رداً يكون له 


عليك خوفاً وإشفاقاً وقل ساددا 
فكرت ألفيت في قولي لك الرشدا 
ضغائن تبعث الشنآن والمحسذدا 
حتى إذا أمنوا ألفيتهم أسذدا 
وإذ طبيبك قد ألقى إليك يدا 
تمنعه مالا ولا أهلاً ولا ولدا 


ردءاً من السوء لا تشمت به أحدا 


قال: فأحذت الكتاب وصرت به إلى محمد بن أحمد بن عيسى» فلما نظر فيه رمى به 
إلي ثم قال: يا أخما يشكر ما بآراء النساء تتم الأمور» ولا بعقولمن يساس الملكء ارجع إلى 


صاحبك. فرجعت إلى 


أمير المؤمنين فأخبرته الخبر على حقه وصدقه. فقال: وأين كتاب 


أم الشريف؟ فدفعته إليه فقرأه وأعجبه شعرهاء ثم قال: والله إني لأرجو أن أشفعبا في كثير 
من القوم» فلما كان من فتح آمد ما كان, أرسل المعتضد فقال: يا شعلة! هل عندك علم 


من أم الشريف؟ قال: قلت لا والله يا 


أمير المؤمنين» قال: فامض مع هذا الخادم فإنك 


اح الجليس الصاح والأئيس الناصح 
ستجدها في جملة نسائهاء قال: فمضيت فلما بصرت ي من بعيد سفرت عن وجههاء 


مأاأاحص- 


أذل بعد العلز مناال 


معتادة كش ف القناعا 
صعب والبطل الشجاعا 
لت وكم حرصت بأن أطاعا 
أن نقتتسسمو نت باعا 
يوم لفرقتنا ابجتماعا 


قال: ثم بكت حتى علا صوتها وضربت بيدها على الأحرى» وقالت: يا أبا شهاب إنا 
لله وإنا إليه راجعون» كأني والله كنت أرى ما أرى» فقلت لما: إن أمير المؤمنين وجه لي 
إليك وما ذاك إلا لحيل رأيه فيك» فقال: هل لك أن توصل لي رقعة إليه» قلت: فدفعت 


إلي رقعة فيها: 

قل للخليفة والإمام المرتضى 
علم اللهدى وسراجه ومناره 
بك أصلح الله البلاد وأهلها 
فتزحزحت بك هضبة العرب التي 
أعطاك ربك ما تحب فأعطه 
يابهجة الدنيا وبدر مسلوكها 


ابن الخلائئف من قريش الأبطح 
مفتاح كل عظيمة لم تققح 
بعد الفساد وطال ما لم تصلح 
لولاك بعد الله لم تتزحزح 
ما قد يحب وجد بعفوك واصفح 


هب ظالمي ومفسدي لمصلحي 


قال: فأحذت الرقعة وصرت بها إلى المعتضدء فلما قرأها ضحكء وقال: لقد نصحت 
لو قبل منها فأمر أن تحمل إليها حمسون ألف درهم وحمسون تختاً من الثياب» وأمر بأن 
يحمل مثل ذلك إلى محمد بن أحمد بن عيسى. 

حكم ما بعد لولا من الضمير المتصل 
قال القاضي: قول أم الشريف له في هذا الشعر: 
لولاك بعد الله لم تتزحزرح 

جائز عند جميع متقدمي النحاة ومتأحريهم؛ كوفيهم وبصريهم إلا أبا العباس محمد بن 
يزيد فإنه كان لا يجيزه ويطعن فيما ورد في الشعر منه» وينسب قائله إلى الشذوذ ومفارقة 
السماع والقياس» ومما جاء في الشعر من هذا قول ابن أم الحكم: 

وأنت امرؤً لولاي طحت كما هوى بأجرامه من قلة النيق مسنبهوي 

وقال آخر: 


دينااطلطلععههب ع ل___ لس الهلس الخامس عشر كت 
تقول لي من داخل المودج لولاك هذا العام لم أحجج 
وقول الآخر: 
أتطمع فينا من أراق دماءنا ولولاك لم يطمع بأحسابنا حسن 
وقد اختلف النحويون في موضع ما يلي لولا من المضمر المتصل من الإعراب» وكان 
سيبويه والكسائي يقولان: هو بحرور وإن كان الظاهر إذا حل محله رفع» وكان الفراء 
والأخفش يحكمان على موضعه بالرفع» وإن كان آتياً على الصورة التي صيغت في الأصل 
إلى ضمير ابحرور لغلبة الاشتراك في صيغة المضمر بينه وبين المنفصل وهو كثير في هذا 
الباب» ومنه قول الشاعر: 
افأحمن وأجمل في أسيرك إنه ضعيف ولم يأسر كإياك آسرٌ 
وقالوا: أنت كأنا وأنا كأنت» ولاستقصاء هذا الباب والاحتجاج فيه موضع هو أولى 
به من هذا الموضعء والأفصح والأوضح في العربية سماعاً وقياساً: لولا أنا ولولا أنت» 
والقضاء على موضع هذا المضمر المنفصل فإنه في موضع رفع كما هو في الظاهر كذلك» 
كقولك: لولا زيد ولولا عبد الله» غير أن الوجه الآخر جائزء كما قال جمهور النحويين 
لروايتهم إياه عن العرب وما استشهدوا به من أشعارهاء وليس بمطرح لاحق باللحن 
المرغوب عنه كما زعم أبو العباس محمد بن يزيد. 
عظة واعتبار 
حدثنا أبو الحسين أحمد بن جعفر بن موسى البرمكي المعروف بجحظة» قال: قال لي 
صافي الحرمي: لما مات المعتضد بالله كفنته والله في وبين قوهي قيمتهما ستة عشر قيراطا. 
خبر مقدم وكيع وابن إدريس وحمّص على الرشيد 
حدثنا ابن مخلد» قال: حدثنا حماد بن المؤمل) أبو جعفر الضرير الكلبي» حدثني شيح 
على باب بعض الحدثين» قال: سألت وكيعاً عن مقدمه هو واين إدريس وحفص على 
هارون الرشيد» فقال لي: ما سألني عن هذا أحد قبلكء قدمنا على هارون أنا وعبد الله بن 
إدريس وحفص بن غياث» فأقعدنا بين السريرين فكان أول من دعا به أناء فقال لي هارون: 
ا وكيع! فقلت: لبيك با أمير المؤمنين قال: ! إن أهل بلدك طلبوا مني قاضياً وسوك لي فيمن 
سمواء وقد رأيت أن أشركك في أمانتي وصالح ما أدحل فيه من أمر هذه الأمة» فخذ عهدك 
وامض. فقلت: يا أمير المؤمنين! واحدى عيني ذاهة والأخرى ضعيفة! فقال هارون. : اللهم 
0 أيها الرجل وامض»؛ فقلت: يا أمير مير المؤمنين والله لفن كنت صادقاً إنه لا 
ن تقبل مني وإن كنت كاذياً فلا ينبغي أن تولي القضاء كذاباً» فقال: اخرجء 
ل فدخل ابن إدريس فكأن هارون قد وسم له من ابن إدريس واسمء يعني خشونة 
جانبه» فدحل فسمعنا صوت ركبتيه على الأرض حين برك» وما سمعناه يسلم إلا سلاما 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح جببسس لاطر/7 1 1 حت 
حفياًء فقال له هارون: ندري لم دعوتاك؟ قال: لاء قال: إن ن اهل بلدك طبوا مني قاضيا وام 
سموك لي فيمن سمواء وقد رأ بيت أن أشركك في أمانتي وأدخلك في صالخ ما أدحل فيه من أمر 
هذه الأمة» فخذ عهدك وامض» فقال له ابن إدريس: لست أصل للقضاءئ فذكث هارون 
بإصبعه وقال له: وددت أني لم أكن مثلتك» قال له ابن إدريس: وأنا وددت أني لم أكن 
رأيتك» فخرج ثم دحل حفص بن غياث؛» فقال له كما قال لناء فقبل عهده وحرج. فأثانا 
حادم معه ثلاثة أكياس في كل كيس حنمسة آلاف دينار» فقال: إن أمير المؤمنين يقرئكم 
السلام ويقول لكم: قد لزمتكم مؤونة في شخحوصكم فاستعينوا بهذه في سفرتكم, قال وكيع: 
أقرئ أمير المؤمنين السلام وقل: قد وقعت مني بحيث يحب أمير المؤمنين وأنا عنها مستغن؛ 
وفي رعية أمير المؤمنين من هو أحوج إليها مني» فإن رأى أمير المؤمنين أن يصرفها إلى من 
أحب, وأما ابن إدريس فصاح به: مر من ها هنا وقبلها حفصء وحرجت الرقعة إلى ابن 
إدريس من بينناء عافانا الله وإياك سألناك أن تدحل في أعمالنا فلم تفعل» ووصلناك من أموالنا 
فلم تقبل» فإذا جاءك ابني المأمون فحدثه إن شاء الله فقال للرسول: إذا جاء مع الجماعة 
حدنا إن شاء اللى ثم مضيناء فلما صرنا إلى الياسرية حضرت الصلاة فنزلنا تتوضاً للصلاة» 
قال وكيع: فنظرت ! إلى شرطي محموم نائم في الشمس عليه سواده فطرحت كسائي عليه 
وقلت: تدفأ إلى أن نتوضأء فجاء ابن إدريس فاستلبه ثم قال: رحمته لا رحمك الله ثم التفت 
إلى حفص وقال: قد علمت حين دخحلت إلى سوق أسد فخضبت للحيتك ودخلت الحمام 
أنك ستلي القضاء ولا والله لا كلمتنك حتى تموت» فما كلمه حتى مات. 
المأمون يترك جاريته الحبيبة إلى بلاد الروم 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن مالك النحوي» 
قال: أخبرنا يحيى بن أي حماد الموكبي» عن أبيه؛ قال: لما وصفت للمأمون جارية بكل 
ما توصف به امرأة من الكمال والمحمالء فبعث في شرائها فأتى بها وقت خحروجه إلى بلاد 
الروم» فلما هم بلبس درعه خطرت بباله فأمر فأحرجت إليه» فلما نظر إليها أعجب بها 
وأعجبت بهء فقالت: ما هذا: قال: أريد الخروج إلى بلاد الروم. قالت: قتلتني والله يا 
سيدي» وجرت دموعها على خدها كنظم اللؤلقء وأنشأت تقول: 
سأدعو دعسوة المضعطر ربا يئيب على الدعاء ويستجيب 
لعل الله أن يكفيك ح ربا ويجمعنا كماتمهوى القلوب 

فضم المأمون إلى صدره وأنشأاً متمثلاً يقول: 
فيا حسنها !إ يغسل الدمع كحلهبا وإذ هي تذري الدمع منها الأنامل 
صبيحة قالت في العتاب قتلتني وقتلي بما قالت هناك تحاول 


ثم قال لخادمه: يا مسرور احتفظ بها وأكرم محلها وأصلح لما كل ما تحتاج إليه من 


جرم اسم سس ببس وحصت املس السادس عشر حت 
المقاصير والخدم والجواري إلى وقت رجوعيء فلولا ما قال الأمطل حين يقول: 
قومٌ إذا حاربوا شدوا مآزرهم دون النساء ولو باتت بأطهارٍ 

ثم حرج فلم يزل يتعبدها ويصلح ما أمر به فاعتلت الحارية علة شديدة أشفق عليها 

منها وورد نعي المأمون» فلما بلغها ذلك تنفست الصعداء وتوفيت» وكان مما قالت وهي 


تجود بنفسها: ٍ 
إن الزمان سقانا من مرارته بعد الحلاوة أنفاسا فأروانا 
أبدى لنا تارم فأضح كنا ثم انثنى تارة أحرى فأبكانا 
إنا إلى الله فيما لا يزال لنا من القضاء ومن تلوين دنيانا 
دنيا نراها ترينا من تصرفها ما لا يدوم مصافاةٌ وأحزانا 
ونحن فيها كأنا لا نزايلهبا للعيش أحياؤنا يبيكون موتانا 


المجلس السادس عشر 
حديث ما ذثبان جائعان في حظيرة 
حدثنا محمد بن إسماعيل بن إسحاق الفارسي» قال: حدثنا أحمد بن زهير أبو بكر بن 
أبي خيثمة» قال: حدثنا قحطبة بن العلاء» قال حدثني سفيان الثوري» عن عبد الله بن 
دينار» عن ابن عمر» قال: قال رسول الله يَيْكِ: "ما ذئبان جائعان في حظيرة وثيقة يأكلان 
ويفترسان» بأضرٌ فيها من حب المال والشرف في دين المرء المسلم". 
تعليق المؤلف 
قال القاضي: هذا خبر صحيح مشهورء قد رويناه من غير وجه؛ وفي جملة ألفاظه 
احتلاف في اللفظ دون المعنى» في بعضها: ما ذئبان ضاريان» وفيه تنبيه على أن أولى 
الأمور بالمرء حفظه دينه؛ وإشفاقه من دخول الخلل فيه» فإن حب المال والشرف 
والسعي في اكتسابهماء والحرص على حيازتهما والانهماك في مسابقة أهلهما إليهماء 
ومغالبته عليهماء مما يؤدي إلى هدم الدين وتوهين أركانه» وطمس معالمه وحط بنيانه 
مع ما فيه من حمل المرء منه على أسباب الملكة» وجده فيما يورطه في حبائل الرذائل» 
وبعده عن شريف الفضائل» فقل من سلم ممن وصفنا حاله من البغي والعدوان والحسد 
والطغيان» وقد يحرم مع هذا مما أمل إدراكه, وطمع في بلوغه. فحصل من الكد والجدء 
والعناء والشقاء ولاستيلاء النحوس عليه وانحطاط الحد, فنسأل الله تعالى توفير حظنا من 
رحمته وعصمتهء وأن يتمم ما ابتدأنا به من نعمته» فلقد هلك من هلك من الناس في 
ركوبهم ما حذر منه رسول الله ينه وأوضح البيان عنه. 
وقد ذكر عن الحجاج بن أرطاة وكان من المشهورين بالفقه والقضاء والرواية 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح ص خخ حت مح و ١‏ ا 
والتصرف في الآراءء أنه قال: أهلكني حب الشرف. وروي عنه أنه كان لا يشهد جمعة 
ولا جماعة ويقول: أكره مزاحمة الأنذال. 
أمر الحجاج بن علاط السلمي وحيلته شي جمع ماله من مكة 

حدثنا أحمد بن إبراهيم الخليل الكاتب النهرواني» قال: حدثني أبو عبد العزيز بن 
علي بن المنتصرء قال: حدثني أحمد بن محمد بن المنتصر» قال حدثنا هارون بن محمد بن 
إسحاق بن موسى بن عيسى الحاشي الكوفي» قال: حدئنا جعفر بن محمد المعيدي 
ويعّوب» قالا: حدثنا يوسف بن بهلول» قال: حدثني ابن إدريس» عن ابن إسحاق» قال: 
حدثني عبد الله بن أي بكر أن رسول الله َه انصرف حتى قدم المدينة في آخر صفرء 
وكان افتتاح خيبر في عقب امحرم» قال: ولما أسلم الحجاج بن علاط السلمي ثم الببزي 
شهد حيبر مع رسول الله يق قال أحمد بن إبراهيم: وأخبرنا عبيد الله بن عبد الله بن 
محمد بن مزيد النحوي بإسناد له قال: ولما أسلم حجاج بن علاط السلمي وكان قد 
أسلم ولم تعلم قريش بإسلامه» فاستأذن رسول الله عتَقْ يوم حيبر في أن يصير إلى مكة 
فيأحذ ما كان له من مال» وقال المحاشي في حديثه: قال الحجاج: يا رسول الله! إن لي مالاً 
بمكة عند أبي طلحة؛ وعلى التجار» وعند صاحبتي أم شيبة بنت أني طلحة أخحت بني عبد 
الدار» وأنا أتخوف إن علموا بإسلامي أن يذهبء فأذن لي باللحوق به لعلي أخلصه. 

وقال أبو العباس في حديثه: فاستأذن رسول الله َيِه في يوم خيبر بأن يصير إلى مكة 
فيأحذ ما كان له من مال بهاء وكانت له أموال متفرقة وهو رجل غريب فيهم» إشا هو 
أحد بني سليم بن منصور ثم أحد بني بهز» فأذن له رسول الله َي فقال: يا رسول الله! 
إني أحتاج إلى أن أقول» قال: فقل. وقال الحاشي في حديثه: لا بد لي من أن أقول: قال: 
قل وأنت في حل. قال أبو العباس: وهذا كلام حسن يقال على جبة الاحتيال غير الحق» 
فأذن له فيه رسول الله ْيَق لأنه من باب الحيلة وليس من باب الفساد والشر ما يقال في 
هذا المعنى» يقول كما قال الله عز وجل: #إأم يقولون تقوله4. وقال الحاشي في حديثه: 
فخرج الحجاج؛ قال: فلما انتهيت إلى ثنية البيضاء وجدت بها رجالاً من قريش يتسمعون 
الأخبار وقد بلغهم أن رسول الله وَهَتهُ قد سار إلى خيبر» وكانوا قد عرفوا أنها أرض 
الحجاز وبها منعة ورجال. وقال أبو العباس في حديثه: فلما أبصروني قالت قريش: هذا 
لعمر الله عنده الخبر» أخبرنا يا حجاج فقد بلغنا أن القاطع قد سار إلى خيبر. 

وقال أبو العباس في حديثه: وقال الحاشي في حديثه وهي بلد يهود وريف الحجاز 
قال: قلت: قد بلغني أنه قد سار إليها وعندي من الخبر ما يسركمء قال: فالتبطوا بجنبتي 
ناقتي يقولون: هي يا حجاجء قال: قلت: هزم هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط وقتل أصحابه 
قتلاً لم تسمعوا بمثله قطء وأحذوا محمداً أسيرأً» وقالوا: لن نقتله حتى نبعث به إلى مكة 


حج الس سس سس سل البمهلس السادس عشر حت 
فيقتلوه بين أظهرهم بمن كان أصاءهم من رجالهم» فقاموا فصاحوا بمكة وقالوا: قد جاءكم 
الخبر» هذا محمد إنا تنتظرون أن يقدم به عليكمء وهذا الكلام كله من حديث الهاشي» 
قال: فقلت: أعينوني على جمع مالي بمكة على غرمائي فإني أبادر خيبر فأصيب من قتل 
محمد وأصحابه قبل أن يسبقني التجار إلى ما هناك» قال: فجمعوا مالي كله كأحسن جمع 
سمعت به» وجقفت صاحبتي» فقلت: مالي قبل أن يسبقني التجار» فلما سمع العباس بن 
المطلب ذلك» حتى وقف إلى جنبي وأنا في حيمة من خخيام التجار» وقال أبو العباس في 
حديثه: فأتاني العباس وهو كالمرأة الوالحة فقال: ويحك يا حجاج! ما تقول؟ قال: فقلت: 
أكاتم أنت علي خبري؟ وقال الحاشي في حديثه: فقال: يا حجاج! ما هذا الذي جئت به؟ 
قال: قلت: وهل عندك حفظ لما يوضع عندك؟ قال: نعم. قال: استأخر حتى ألقاك على 
خلاء فإني ني جمع مالي كما ترىء وقال أبو العباس في حديثه: وقلت: فالبث عني شيئاً 
يخفف موضعي» فانصرف عني حتى إذا فرغت من كل شيء وأجمعت أمري على الخروج 
لقيته فقلت: احفظ علي حديثي فإني أحشى الطلب, قال: أفعل قال: إني والله تركت ابن 
أخيك عروساً على ابنة ملكهم صفية بنت حبي» وقال أبو العباس في حديثه: خلفت 
رسول الله يي قد فتح خيبر» وخلفته عروساً على ابنة ملكهم وما جئتكم إلا مسلما. 
وقال الحاشي في حديثه: ولقد افتتح خحيبر ونقل ما كان فيها وساق وصارت له 
ولأصحابه. وقال أبو العباس في حديثه: فاكتم الخبر ثلانا حتى أعجز القوم ثم أشعه فإنه 
والله الحق. قال الحاشمي في حديثه: فاكتم علي ثلاث وما جىت إلا لأحذ مالي فرقاً من أن 
أغلب عليه» فإذا مضت ثالثة فأظبر أمركء والأمر والله على ما تحبء قال: فلما كان 
اليوم الثالث لبس العباس الحلة. وتخلق ثم أحذ عصاه وحرج: يطوف بالبيت» فلما رآته 
قريش قالت: يا أبا الفضل هذا والله التجلد لحر المصيبة» قال: كلا ومن حلفتم به» لقد 
افتتح رسول الله ييه حيبر فنزل عروساً على ابنة ملكهم, قالوا: ومن جاءك بهذا الخبر؟ 
قال: قلت: الذي جاءكم بما جاءكم ولقد دحل عليكم مسلماً وأحذ ماله وانطلق فلحق 
برسول الله يهُ يصحبه ويكون معه, قالوا: أفلت عدو الله أما والله لو علمنا لكان لنا وله 
شأنء قال: ولم يلبثوا أن جاءهم الخبر. 

وقال هارون في حديئثه؛ قال صالحء قال محمد بن حميد حدثنا جرير» عن شيخ» قال: 
لما أخبر العباس يوم نخيبر أن النبي عه حي أعتق غلامه الذي خحبره» وقال في رواية 
أخرى: فلما سمع بذلك أراد أن يقوم فلم يقدر» ودعا بابن له يقال له قثم» وكان شبيهاً 
برسول الله يِه وجعل يرتجز وينشدء ولأعداء الله يقول: 

ابني ققشم ذو الأنف الأشم 


جح الجليس الصالح والأيس الناصح بت م ههه راج 

شبيه ذي الكرم برغم من رغم 

نبي ذي النعم 1 
وقال هارون في حديث آخر: حدثنا أبو مسلم؛ عن علي بن المديني» عن زيد بن 
عياض بن جعدة.» قال: ولما فتح الله عز وجل لرسوله ؤَقَهَمْ خيبر حرج الحجاج بن علاط 
السلمي إلى مكة وقد أسلم ليأحذ مالاً له عند امرأته» وكان مكثراً له من ماله معادن الذهب 
بأرض سليم؛ وذكر كلام الحجاج بطوله» وبلغ العباس فأراد النهبوض فلم يقدر وأمر يباب 
الدار ففتح ثم دعا غلامه أبا رافع فقال: انطلق إلى الحجاج فقل له: إن الله أعلى وأجل من 
أن يكون الذي تبلغ حقاًء فأبلغه وأشار إليه» قال لأي الفضل عندي ما تسر به فرجع فلم 
يستطع أن يكتم الخبر فرحاًء فقام إليه العباس فقبل ما بين عينيه. فقال هارون في حديثه: 
أخبرنا أبو الفضل الربعي» قال: حدثني أحمد بن محمد بن أيوب» عن إبراهيم بن سعيد» عن 
محمد بن إسحاق» قال: كان مع النبي يهُ في يوم حنين من أهل بيته سبعة ثامنهم مولى لهم: 
العباس بن عبد المطلب» وعلي. بن أي طالب» والفضل بن العباس وأبو سفيان بن 
الحارث بن عبد المطلب وزيد بن حارثة وأسامة بن رما وعقيل بن أني طالب» وثامنهم 
أمن ان أم أيمن» وكان العباس آحذاً نان بغلة لبي 5 أبو سفيان آخحذاً بنفرهاء فالتفت 
ليه رسول الله عي فقال: من هذا يا عم؟ فقال له العباس: أحوك وابن عمك أبو سفيان بن 

5 قال: نعم أي وخير أهلي. وقال العباس في ذلك اليوم: 

نصرنا رسول الله في الحرب سبعة وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا 
وثامننا لاقى الحمام ب: 





لما مسه في الله لا يتوجع 
وقولي إذا ما الفضل شد بسيفه202 على القوم أتخرى يا بني فيرجعوا 

قال القاضي: هكذا هو في كتابي فإن يكن في أصل الشيخ على هذاء فتقدير الكلام 
اشدد أخرى فيرجعوا فدخلت الفاء جواباً» وإن كنت الرواية في الأصل فير جع على الخبر 
عن الواحد بالمعنى فهو يرجع. 

الحجاج وفراشة التي كانت تجهز الخوارج 

حدثنا ابن دريد» قال: حدثنا أبو حاتم عن أي عبيدة» وذكره أبو حاتم عن العتبي أيضاء 
قال: كانت امرأة من الخوارج من الأزد يقال لما فراشة» وكانت ذات نبه في رأي الخوارج 

تجهز أصحاب البصائر منهم» وكان الحجاج يطلبها طلباً شديداًء فأعوزته فلم يظفر بهاء وكان 
بدو الله أن يمكته من فراحة أو من بعض من جهزته؛ فمكث ما شاء ل ثم جره برحل 
فقال: هذا ممن جهزته فراشة» فخر ساجداً ثم رفع رأسه؛ فقال له: يا عدو الله» قال: أنت 
أولى مها يا حجاجء قال: أين فراشة؟ قال: مرت تطير منذ ثلاث. قال: أين تطير؟ قال: تطير 


جما سس سح الس السادس عشر حت 
ما بين السماء والأرض» قال: أعن تلك سألتك عليك لعنة الله؟ قال: عن تلك أخبرتك عليك 
غضب الله قال: سألتك عن المرأة التي جهزتك وأصحابكء قال: وما تصنع بها؟ قال: دلنا 
عليباء قال: تصنع مها ماذا؟ قال: أضرب عنقها. قال: ويلك يا حجاج. ما أجهلك! تريد أن 
أدلك وأنت عدو الله على من هو ولي الله؟ قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين. قال: فما 
رأيك في أمير المؤمنين عبد الملك؟ قال: على ذاك الفاسق لعنة الله ولعنة اللاعنين» قال: ولم 
لا أم لك؟ قال: إنه أعطأ حطيئة طبقت بين السماء والأرض» قال: وما هي؟ قال: استعماله 
إياك على رقاب المسلمين» فقال الحجاج لحلسائه: ما رأيكم فيه؟ قالوا: نرى أن تقتله قتلة لم 
ل 2ه أحد» قال: ويلك يا حجاج؛ جلساء أحيك كانوا أحسن بحالسة من جلسائك» 
قال: وأي أحوي تريد؟ قال: فرعون حين شاور في أمر موسى فقالوا: أرجه وأحاه» وأشار 
ا 0 » قال: وهل حفطلت القرآنةة قال: وهل حشيت فراره فأحفظه؟ قال: هل 
جمعت القرآن؟ قال: ما كان متفرقاً فأجمعه. قال: أقراته ظاهر؟ قال: معاذ الله بل قرأته وأنا 
أنظر إليه» فقال: فكيف تراك تلقى الله إن قتلتك؟ قال: ألقاه بعملي وتلقاه بدمي؛ قال: إذاً 
أعجلك إلى النار» قال: لو علمت أن ذلك إليك أحسنت عبادتك واتقيت عذابك ولم أبغ 
حلافك ومناقضتكء قال: إني قاتلك؛ قال: إذاً أخاصمك لأن الحكم يومئذ إلى غيرك» قال: 
نقمعك عن الكلام السيئ» يا حرسي! اضرب عنقه وأومى إلى السياف إلا يقتله» فجعل يأتيه 
من بين يديه ومن خلفه ويروعه بالسيفء فلما طال ذلك عليه رشح جبينه» قال: جزعت من 
الموت يا عدو الله؟ قال: لا يا فاسق» ولكن أبطأت علي بما لي فيه راحة» قال: يا حرسي 
أعظم جرحه؛ فلما أحس بالسيف قال: لا إله إلا الله» ووالله ما أتمها ورأسه في الأرض. 
حمدان البرتي يهيم بامرأهة طقطق الكوطي 

حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري» قال: حدثنا أحمد بن الصلت» قال:كان 
حمدان البرتي على قضاء الشرقية)» فقدمت امرأة طقطق الكوفي طقطقاً ! إليه فادعت عليه 
مهراً أربعة آلاف درهمء فسأله القاضي عما ذكرت» فقال: أعز الله القاضي» مهرها عشرة 
دراهم» فقال لما البرتي: أسفري» فسفرت حتى انكشف صدرهاء فلما رأى ذلك قال 
لطقطق: ويلك! مثل هذا الوجه يستأهل أربعة آلاف دينار ليس أربعة آللاف درهم ثم 
التفت إلى كاتبه فقال له: في الدنيا أحسن من هذا الشذر على هذا النحر؟ فقال له طقطق» 
فديتك؛» إن كانت قد وقعت في قلبك طلقتهاء قال له البرتي: تهددها بالطلاق وقد قال الله 
عز وجل: إفلما قضى زيد منها وطراً زوجناكبا» إن طلقتها كان ها هنا ألف ممن 
يتزوجهاء فقال طقطق: إني والله ما قضيت وطري منهاء وأنا طقطق ليس أنا زيد» فأقبل 
البرتي على المرأة: فقال لها: يا حبيبتي ما أدري كيف كان صبرك على مباضعة هذا 
البغيض؟ ثم أنشأ يقول: 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح ججبجبس سب ب 77ل 37 1 لت 
تربص بها ريب المنون لعلها تطلق يوماً أو يموت حليلها 

فقام طقطق فتعلق به وصيف غلام البرتي فصاح به: دعه يذهب عنا في سقرء ثم قال 

إن لم يصر لك إلى ما تريدين فصيري إلى امرأة وصيف حتى تعلميني فأضعه في 
المبس؛ فكتب صاحب الثبر يما كان فعلق به البرثي وصائعه على خمس مالة دبتار على 

ألا يرفع الخبر بعينه» ولكن يكتب أن عجوزاً خحاصمت زوجها فألط فاستغائت بالقاضي 
فقال لما: اما أصئع يا حبيبتي هو حكم ولا بد أن أقضي بالحق» وانصرف البرتي متيماًء فما 
زال مدنفاً ييكي ويهيم فوق السطوحء ويقول الشعر فكان مما قاله: 
واحسسرتي على مامضى ليتني لم أكن أعرف القضسا 
أحببت امسرأة وخحفثة الل له حقاًفماتم حتى انقضى 

وغير ذلك من شعر لا وزن له ولا رويء إلى أن ارعوى ورجع. 

لط وألط وأيهما أصح 

قال القاضي: هكذا في الخبر ألطء والمعروف في العربية لط» وقالوا في اسم الفعل ملط 
على غير القياس لأن قياس ألط ملط وقياس لط لاطء غير أن السماع لا اعتراض لأحد 
فيه» ولا يترك للقياس بل يترك القياس له. 

بينما يبول من فزعه إذ يبول على قبره 

حدثنا أحمد بن جعفر بن موسى البرمكي المعروف بجحظة, قال: قال لي ميمون بن 
هارون الكاتب: جرد شعيب بن عجيف رجلاً ليضربه بالسياط في مال احتانه منه؛ فبال 
الرجل لما رأى السياط فجرى بوله من بائكة سراويله فأطله» وشخص مع المعتصم 
يريدون بلاد الروم؛ فمات شعيب بن عجيف في الطريق» وخرج الرجل خلف العسكر 
يطلب الرزق» فغمزه البول في السحر وهو ببعض القرى؛ فرأى ركاماً فبال عليه فقال له 
رجل من القرية: بكسما فعلت» بلت على قبر شعيب بن عجيفء فقال الرجل: لا إله 
الله بينا أنا أبول من فزعه إذ بلت على قبره. 

إلا يكن أخا بالنسب فإنه أخ بالأدب 

حدثنا محمد بن ب يحيى الصولي» » قال: حدثنا موسى بن محمد بن موسى بن حماد» قال: 
سمعت علي بن الجهم» وقد ذكر دعبلاً وكفره ولعنه» وقال: كان قد أغرى بالطعن على 
إي سام وهو حير من دنا وشعرا» فقال له رجل: لو كان أبو مام أحاك ما زاد على كثرة 
وصفك له فقال: إلا يكن أخاً بالنسب فإنه أخ بالأدب والدين والمروءة» أما سبعت في 
قوله في: 

إن يكد مطرف الإخاء فإتا نغدو ونسري في إحاء تالد 


لشبس س سس الجحلس السادس عشر حد 
أو يختلف ماء الوصال فماؤنا عذب تحدر من زلال بارد 
أو يفترق نسب يؤلف بيننا أدب أقمناه مقام الوالد 
أبيات متفاضلة في المدح لبعض الشعراء 
حدثنا محمد بن أحمد الحكيمي» قال: حدثنا عبد الله بن عمرو الوراق» قال: حدثنا 
محمد بن عبد الرحمن بن بشرء قال: أنشد أبو السمط بن أني الجنوب بن أي حفصة لرؤبة: 
إن جئت أعطاني وإن كنت لم أجي تنفذ أمري فوق ما كنت أرتجي 
فقال لي: والله أجود من هذا في عبد الله بن طاهر» وهو متوجه إلى نصر بن شيث 
فوجه إلى بعشرين ألفأء فقلت: 


لعمري لنعم الغيث غيث أصابنا ببغداد من أرض الحزيرة وابله 
ونعم الفتى والبيد بيني وبينه بعشرين ألفاً صبحتنا رسائله 
وكنا كحي صبح الغيث أهله ولم يحتمل أظعانه وحمائله 
وأنشدنا هذا الشعر عمارة بن عقيل» فقال: لي - والله - في حالد بن يزيد أحسن من 
هذاء ثم أنشد: 
لم أستطع سيرا لمدحة خالد فجعلت مدحيه إليه رسولا 
فلير حلن إلي نائل خحالد وليكفين رواحلي الترحيلا 
وأنشد هذه الشعر المسمعي», فقال: أنشدني الأصمعي أجود من هذا: 
جرى الله خيراً والجزاء بكفه بنى السمط أخدان السماحة والحمد 
أتاني وأهلي بالعراق جداهم كما انقض غيث في تهامة أو نجد 


زيار حرقة بنت النعمان لسعد بن أبي وقاص 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أبي» قال: حدثنا أبو بكر محمد بن يعقوب 
الدينوري» قال: حدثنا حسان بن أبان البعلبكى» قال: لما قدم سعد بن أني وقاص القادسية 
أميراً أتته حرقة بنت النعمان بن المنذر في جوار في مثل زيهاء تطلب صلته فلما وقفن بين 
يديه قال: أيتكن حرقة؟ قلن: هذهء قال: أنت حرقة؟ قالت: نعم» فما تكرارك استفهامي؟ 
إن الدنيا دار زوال وإنها لا تدوم على حالء تنتقل بأهلها التقالاً» وتعقبهم بعد حال حالاً» إنا 
كنا ملوك هذا المصر قبلكء» يجبى إلينا حرجه؛ ويطيعنا أهله» مدة المدة وزمان الدولة» فلما 
أدبر الأمر وانقضى» صاح بنا صائح الدهر» فصدع عصانا وشتت ملأناء وكذاك الدهر يا 
سعد إنه ليس من قوم بحبرة إلا والدهر معقبهم عبرة, ثم أنشأت تقول: 

فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا إذا نحن فيهم سوقة نتنصف 


صصح الجليس الصاح والأئيس الناصح جب لل ا 35 ١‏ لت 


فأف لدنيا لا يدوم سرورها تقبل تارات بنا وتصرف 
فقال سعد: قاتل الله عدي بن زيد كأنه كان ينظر إليها حيث تقول: 
إن للدهر صولة فاحذرنها لا تبين قد أمنت الشرورا 
قد يبيت الفتى معافى فيرزأ ولقد كان آمناً مسرورا 


وأكرمها سعد وأحسن جائزتها فلما أرادت فراقه» قالت: : حتى أحييك تحية أملاكنا 
بعضهم بعضاً: لا جعل الله لك إلا لئيم حاجة» ولا زال لكريم عندك حاجة» ولا تزع من 
عبد صالح نعمة إلا جعلك سبباً لردها عليه. فلما حرجت من عنده تلقاها نساء المصر 
فقلن لما: ما صنع بك الأمير؟ قالت: 

حاط لي ذمتي وأكرم وجهبي إها يكرم الكريم الكريما 
المغيره بن شعبة يعرض عليها الزواج فترفض 

وقد روينا بإسناد لم يحضر الآن ولعله يأتي فيما بعد, أن المغيرة بن شعبة حطب 
حرقة هذهء فقالت: له: إنما أردت أن يقال: تزوج ابنة النعمان بن المنذر وإلا فأي حظ 
لأعور في عمياء. 

أم جعضر البرمكي وما وصلت إليها حالتها من عظة وعبرة 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثني أبو بكر الضرير وجه الحرة» قال: 
حدئني غسان بن محمد ابن القاضي» عن محمد بن عبد الرحمن الماشي صاحب صلاة 
الكوفة قال: دحلت على أمي في يوم أضحى وعندها امرأة برزة في أثواب دنسة رئة 
فقالت لي: أتعرف هذه؟ قلت: لاء قالت: هذه عبادة 83 جعفر بن يحيى بن خالد) 
فسلمت عليها ورحبت بها وقلت لما: يا فلانة! حدثيني ببعض أمركمء قالت: أذكر لك 
جلة كافية فا عار لم اعتر؛ وموعظة لمن فكر لقد جم علي مثل هذا العيد وعلى 
رأسي أربع مائة جارية ووصيفة وأنا أزعم أن جعفر ابني عاق بي وقد أتيتكم في هذا 
اليوم والذي يقنعني جلد شاتين أجعل أحدهما شعاراً والآخر دثاراً. 

زبيري يقت بهاشم 

حدثنا إساعيل بن يونس بن أبي اليسع أبو إسحاق السبيعي» قال: حدثنا أبو زيد 
عمر بن شبة» قال: لما قال الزبيري للرشيد فيما أغراه بيحيى بن عبد الله بن حسن وعند 
الرشيد يحيى» فقال: إن هذا يخبرني علك بأمور إن صحت وجب علي تاديياث وإن أتى 
التأديب على نفسك. قال يحيى: يا أمير المؤمنين! إنما الناس نحن وأنتم» فإن خرجنا 
عليكم فيما أكلتم وأجعتموناء ولبستم وأعريتموناء وركبتم وأرحلتموناء فوجدنا بذلك 
مقالاً فيكم ووجدتم بخروجنا عليكم مقالاً فينا يتكافاً فيه القول» ويعود أ مير المؤمنين فيه 


حودبخو عمل صصح اليهلس السابع عشر حت 
على أهله بالفضل» يا أمير المؤمنين! فلم تجرئ هذا وضرباؤه على أهل بيتك؟ يسعى بهم 
عندك» والله ما يسعى بنا إليك نصيحة منه لكء» وإنه ليأتينا فيسعى بك عندنا من غير 
نصيحة منه لناء يريد أن يباعد بيننا ويشتفي من بعض ببعضء ووالله يا أمير المؤمنين إنه 
للحائن ابن الخائن» يسقط بين اللحاء والقضيب» يريد أن يوهنهما جميعا حسدذا وبغيا 
وغلاًء ثم التفت إلى الزبيري متمثلاً بقول الشاعر: 


وقد يسود عصر السوء مثلكم وقد يعود رءوس الناس أذنابا 
وقد قال بعض أهلك: 
أليس من إلقاء الزمان على استه وقوف زبيري يقت ببهاشم 
إذا ما رآهم كان همزاً ولامزاً لأعراضهم مينا وبغياً لحازم 
قوله: يقت معناه ينم؛ وقال: لا يدحل الحنة قتات» وروي عن النبي ؤُتَ أنه لعن 
القتات يعني النمام. 


رجاء يرجئ ما أمربه 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثني أبو الفضل أحمد بن أي طاهرء قال: 
مداحت الحسن بن مخلد فأرسل إلي أني قد أمرت لك بمائة دينار» فالحق رجاءء فلقيت 
رجاء فقال: لم يأمرني بشيىء فكتبت إليه: 
أما رجاء فأرجي ما أمرت به وكيف إن كنت لم تأمره يأتمر 
بادر بجودك إما كنت مقتدراً فليس في كل حال أنت مقتدر 


المجلس السابع عشر 
حديث فليقل خيرا أو لينصت 

حدتنا محمد بن يوسف بن يعقوب» أبو عمر القاضي» قال: حدثنا الحسن بن محمد» 
أي هندء عن الشعبي» عن علقمة» عن عبد الله» قال: قال رسول الله يَكُ: "من كان يؤمن 
بالله واليوم الآحر فليقل حيرا أو لينصت". 

قال القاضي: هذا حديث غريب» والأحبار متظاهرة عن النبي ؤَيَكهْ أنه قال: "من كان 
يؤمن بالله واليوم الآخحر فليقل خيرا أو ليصمت"'. وفي بعض الروايات: أو ليسكت. ولما 
أملى علينا أبو عمر هذا الخبر على من يليه كالمبتسم وإلى جنبه أبو بكر النيسابوري 
كالمتعجب المستغرب هذه اللفظة ومعنى هذه الألفاظ تتفق . 

ونحو منه ما ورد الخبر به من قوله: رحم الله امرأ تكلم فغنم أو سكت فسلم. 

وفي الكلام مما هو خير وصدق وعدلء وحق الأجر والفائدة» والغنيمة الباردة» وفي 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح سسسب ا 7 35 ١‏ ست 
الصمت في مواطن الصمت الراحة والسلامة» والتنزه عما عاقبته المكروه والندامة» وقد ذكر 
في فضل النطق ومدح الصمت ثرا ونظماً ما يطول إتيانه ويكثر تعداده» وليس هذا موضع 
الإتيان به» وجملة القول أن لكل واحد من الأمرين موضعاً هو فيه أولى من صاحبه» وقد 
يعتدلان في بعض الأحوال ويتقاربان» وإن كانا في بعضهما يتفاوتان ويتفاضلان. وقد حدثنا 
عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقيقي قال: حدثنا الحسن بن عمر السبيعي» قال: سمبعت 
بشر بن الحارث يقول: الصبر هو الصمتء والصمت هو الصبرء ولا يكون المتكلم أورع 
من الصامت إلا رجل عالم يتكلم في موضعه ويسكت في موضعه. 

خالد بن الوليد وعبد المسيح بن عمرو الفساني في فتح الحيرذ 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد؛ قال: حدثنا العكلي» قال: حدثنا محمد بن مرزوق» 
قال: حدثنا هشام بن محمد بن السائب» عن عوانة بن الحكم» وشرقي بن قطامي وأي 
مخنف قالوا: لما انصرف الد بن الوليد من اليمامة» وضرب عسكره ه على الخرعة التي 

بين الحيرة والنهر وتحصن منه أهل الحيرة في القصر الأبيض وقصر ابن ؛ وان 
يرمونه بالحجارة حتى نفدت» ثم رموه بالخزف من آنيتهم» فقال له ضرار بن الأزور: ما 
هم مكيدة أعظم مما ترى» فبعث إليهم: ابعثوا إلي رجلاً من عقلائكم أسائله ويخبرني 
عنكمء فبعثوا له عبد المسيح بن عمرو بن قيس بن حيان بن بقيلة الغساني» وهو يومئذ 
ابن خمسين وثلاشائة سنة» فأقبل يمشي إلى خالد فلما رآه قال: ما لمم أخزاهم الله بعنوا 
إلي رجلاً لا يفقه فلما دنا قال: أنعم صباحاً أيها الملك» فقال خالد: قد أكرمنا الله عز 
وجل بغير هذه التحية» بالسلام» ثم قال له حالد: من أين أقصي أثرك؟ قال: من ظهر أي. 
قال: من أين حرجت؟ قال: من بطن أمي. قال: على ما أنت: قال: على الأرض. قال: 
فيم أنت ويحك؟ قال: في ثيالي. 0 أتعقل؟ قال: نعم وأقيد» قال: ابن كم أنت: قال: 
ابن رجل واحد. قال حالد: ما رأيت كاليوم قط اسائله عن شيء ويشحو ني غيرهء قال: 
ما أجبتك إلا عما سألت عنه فاسآل عما بدا لله قال كم أتى عليك؟ قال: حمسون 
وثلاشائة سنة» قال: أخبرني ما أنتم؟ قال: عرب استنبطنا ونبط استعربناء» قال: فحرب 
أنتم أم سلم؟ قال: بل سلم. قال: فما بال هذه الحصون؟ قال: بنيناها لنحبس السفيه حتى 
ينهاه الحليم» قال: ومعه سم ساعة يقلبه في يده فقال له: ما هذا معك؟ قال: هذا السمء 
قال: وما تصنع به؟ قال: أتيتك فإن رأيت عندك ما يسرني وأهل بلدي حمدت الله تعالى» 
وإن كانت الأخرى لم أكن أول من ساق إليهم ضيماً وبلاء فآكله وأستريح» وإما بقي 
من عمري اليسير» فقال: هاته فوضعه في يد خالدء فقال: بسم الله وبالله رب الأرض 
ورب السماءء الذي لا يضر مع اسمه داءء ثم أكله فتجلته غشية فضرب بذقنه على صدره 
ثم عرق وأفاق» فرجع ابن بقيلة إلى قومه» فقال: جئت من عند شيطان أكل سم ساعة 


حخرواس د سح ابلس السابع عشر حت 
فلم يضره» أخر جوهم عنكم, فصا حوهم على مائة ألف») فال له حالد: ما أدركت؟ قال: 
أدركت سفن البحر ترفأ علينا في هذا الجرف» ورأيت المرأة من أهل الحيرة تخرج إلى 
الشام في قرى متواترة ما تزود رغيفاً وقد أصبيحت حراباً تبابا كذلك داب الله في العباد 
والبلاد» وقال عبد المسيح حين رجع: 


أبعد المنذرين أرى سواما 
تحاماها فوارس كل حي 
وبعد فوارس النعمان أرعى 


تروح بالخورنق والستير 
مخاففة مص صيغم عسالي لبر ثير 


فصرنا بعد هلك أني بيس كمثل الشاء في اليوم المطير 
تفقسمها القبائل من معد علانية كأيسارالج زور 
وكنا لا يباح لتنا جخيريم فنحن كضرة التاب الفخحور 


كناك الدهر دولته سجال تصرف بالمسساءة والسرور 

قال القاضي: قول عبد المسيح لخالد لما سأله ما أنتم؟ قال: عرب استنبطنا ونبط 
استعربناء معناه أنا عرب ونبط خخالط بعضنا بعضاً وجاوره» فأخذ كل فريق منا من خلائق 
صاحبه وسيرته. 

حدثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أي الرحال الصالحي» قال: حدثنا العباس بن محمد 
الدوري» قال: حدثنا محمد بن بشرء قال: حدثنا فضيل الخياط» عن جعفر بن أي جعفر: 
أنه كان يتعوذ من النبطي إذا استعرب والعرني إذا استنبط» فقيل له: كيف يستنبط العرني؟ 
قال: يأحذ بأحلاقهم ويتأدب بآدامهم. 

خبر الفضبان بن القبعثري مع الحجاج 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أي» قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن 
ناصحء قال: حدثت أن الحجاج بن يوسف بعث الغضبان بن القبعثري ليأتيه بخبر عبد 
الرحمن بن محمد بن الأشعث وهو بكرمان» وبعث عليه عيناً وكان كذلك يفعل» فلما 
اتتهى الغضبان إلى عبد الرحمن قال له: ما وراءك؟ قال: شرء تغد بالحجاج قبل أن يتعشى 
بك» وانصرف الغضبان فنزل رملة كرمان وهي أرض شديدة الرمضاءء فبينا هو كذلك إذ 
ورد عليه أعرااي من بني بكر بن وائل على فرس له يقود ناقة» فقال: السلام عليك» قال 
الغضبان: السلام كثير وهي كلمة مقولة, قال الأعراي: ما اسمك؟ قال: آخذ. قال: 
أفتعطي؟ قال: لا أحب أن يكون لي اسمان» قال: من أين أقبلت؟ قال: من الذلول» قال: 
وأين تريد؟ قال: المشي في مناكبهاء قال: من عرض اليوم؟ قال: عرض المتقون. قال: 
فمن سبق؟ قال الفائزون» قال: فمن غلب؟ قال: حزب الله قال: فمن حزب الله؟ قال: 


جح الجليس الصالح والأئيس الناصعح بت ست سس سس ست تت ورج 
هم الغالبون» قال: فعجب الأعراني من منطقه؛ قال: أما تقرض؟ قال: إما تقرض الفأرة» 
قال: أتسمع؟ قال: إنما تسمع القينة» قال: أفتنشد؟ قال: إما تنشد الضالة» قال: أفتقول؟ 
قال: إنما يقول الأميرء قال: أفتتكلم؟ قال: كل متكلمء قال: أفتنطق؟ قال: إسها ينطق 
كتاب الله قال: أ سمعة قال حدثني أسع) قال: أفتسجع؟ قال: قال إما تسجع الحمامة, 
قال الأعراي: تالله ما رأيت كاليوم قط» قال: بلى ولكنك نسيتء قال الأعراي: فكيف 
أقول؟ قال: لا أدري وله قال الأعرائي: كيف ترى فرسي هذه؟ قال الغضبان: هو خير 
من آخر شر منه وآخخر نخير منه أفره منه» قال الأعرائي: إني قد علمت ذلك» قال: لو 
علمت لم تسألني» قال» قال الأعرائي: إنك لمنكرء قال الغضبان: إنك لمعروف. قال: 
ليس ذاك أريدء قال: فما تريد؟ قال: أردت إنك لعاقل قال: أفتعقل بعيرك هذا؟ قال 
الأعراي: أفتأذن لي فأدحل عليك؟ قال الغضبان: وراؤك أوسع لكء قال الأعرائي: قد 
أحرقتني الشمسء قال: الساعة يفيء > عليك الفيء, قال الأعرابي: إن الرمضاء قد آذتني» 
قال: بل على قدميكء؛ قال قد أوجعني الحرء قال الغضبان: ما لي عليه سلطان» قال 
الأعراني: إني لا أريد طعامك ولا شرابك» قال: لا تعرض بهما فوالله لا تذوقهماء قال 
الأعرائي: سبحان الله قال: من قبل أن تطلع رأسكء قال الأعرائي: أما عندك إلا ما أرى؟ 
قال: بلى» هراوتان أضرب بهما رأسكء فال الأعراي: الله» قال: ظلمك أحد؟ فلما رأى 
الأعرابي ذلك قال: إني لأظنك محنوناء قال الغضبان: اللهم اجعلني ممن يرغب إليكء قال: 
إني لأظنك حرورياء قال: اللهم اجعلني ممن يتخير الخير» ثم قال له الغضبان: أهذا بعيرك 
يا أعراني؟ قال: نعم: فما شأنه؟ أ أرى فيه داء بل أنت بائعه ومشتر ما هو شر منه» فولى 
الأعرااي وهو يقول: والله إنك لمرح أحمق. فلما قدم الغضبان على الحجاج قال: كيف 
تركت أرض كرمان؟ قال: أصلح الله الأميرء أرض ماؤها وشل» وشرها دقل ولصها بطل» 
فالجيش فيها ضعاف» إن كثروا فيها جاعواء وإن قلوا بها ضاعواء فقال الحجاج له: أما 
إنك صاحب الكلمة التي بلغتني عنك حين قلت تغد بالحجاج قبل أن يتعشى بك؟ قال 
الغضبان: أما إنها - جعلني الله فداءك - لم تنفع من قيلت له» ولا تضر من قيلت فيه 
فأمر الحجاج به إلى السجنء فلما ذهب مكث فيه حتى إذا بنى الحجاج خحضراء واسط 
أعجبته كما لم يعجبه بناء قط فقال لمن حوله: كيف ترون قبتي هذه؟ قالوا: أصلح ان 
الأمير» ما بنى ملك قط مثلهاء وما نعلم للعرب مآثرة أفضل منهاء قال الحجاج: أ ما إن ها 
عيبا سأبعث إلى من يخبرني به فبعث ! إلى الغضبان فأقبل يرسف في قيده» فلما دخل عليه 
سلمء فقال الحجاج : كيف ترى قبتي هذه ؟ قال: أصلح الله الأمير هذه قبة بنيت في غير 
بلدك لغير ولدك؛ لا يسكنها وارئك ولا يدوم لك بقاؤها كما لم يسلم هالك ولم يبق 
فان» وأما هي فكأن لم تكن» قال: صدقتء ردوه إلى السجن فإنه صاحب الكلمة التي 


حرم ا سس وسوس املس السابع عشر حت 
بلغتني عنه» قال: أصلح الله الأمير» ما ضرت من قيلت فيه ولا نفعت من قيلت له» قال: 
أتراك تنجو مني لأقطعن يديك ورجليك ولأكوين عينيك» قال: ما يخاف وعيدك البريء 
ولا ينقطع منك رجاء المسيء, قال: لأقتلنك إن شاء الله قال: بغير نفس» والعفو أقرب 
للتقوى» قال له الحجاج: إنك لسمين؛ قال: لمكان القيد والرتعة ومن يكن جار الأمير 
يسمن. قال الحجاج ردوه إلى السجن, قال: أصلح الله الأمير» قد أثقلني الحديد فما أطيق 
المشيء قال: احملوه لعنه الله فلما حملته الرجال على عواتقها قال: #سبحان الذي سخر 
لنا هذا وما كنا له مقرنين#4؛ قال: أنزلوه أخزاه الله قال #اللهم أنزلني منزلاً مباركاً 
وأنت خير المنزلين4؛ قال: جروه أخزاه الله قال: إبسم الله مجراها ومرساها إن ري 
لغفور رحيم#؛ قال: ويحكم, اتركوه فقد غلبني بحبثه. 
معنى الوشل في اللغة 

قال القاضي: قول الغضبان في وصله للحجاج كرمان: ماؤها وشلء يعني به الماء 
القليل كماء الأنهار الصغار والجداول التي ليست كالبحور والأودية العظيمة يريد الخبر عن 
قلته كما قال الشاعر: 

اقرأ على الوشل السلام وقل له كل المشارب مذ فقدت ذميم 
وقال جرير: 
إن الذين غدوا بلبك غادروا وشلا بعينك لا يزال معينا 
وجمع الوشل أوشالء كما قال امرؤٌ القيس: 
عيناك دمعهما سجال كان شأنيهما أوشال 
وفسر قوم أوشال بأنه ما قطر من الحبل. 
جعضر بن محمد يزوج حسين بن زيد ويوصله إلى الثراء 

حدثنا محمد بن أحمد بن سعيد الكوني» قال: حدثني أحمد بن يوسف بن يعقوب بن 
حمزة بن زياد الجعفي» قال: حدثني سليمان بن مقبل أبو أيوب الحاشي المدني» قال: 
حدئني سليم بن جعفر الجعفري» عن حسين بن زيدء أنه كان نش في حجر أبي عبد الله 
يعني جعفر بن محمدء فلما بلغ مبالغ الرجال قال له أبو عبد الله: ما يمنعك أن تتزوج فتاة 
من فتيات قومك؟ قال: فأعرضت عن ذلك فأعاد على غير مرة» فقلت له: من ترى أن 
أتزروج؟ قال: كلثم بن عبد الله الأرقط» فإنها ذات جمال ومال» قال: فأرسلت إليها فثارت 
على رسولي وضحكت منه وتعجبت كل العجب لإقدامي وجرأتي على خطبتهاء فأتيت 
أبا عبد الله فأحبرته فقال لمعتب: آتني بثوبين يمنيين معلمين فأتى بهما فلبستهماء ثم قال: 
تعرض أن تمر قرب منزطا وتستسقي ماء واحرص على أن تعلم بمكانك» قال: فوقفت 
بالباب فعلمت مكاني ففتحت منظراً لما فأشرفت علي وأنا لا أعرفها فنظرت إلي وقالت: 


جد الجليس الصالح والأنيس الناصح 2خخخخخخخصيف_اتا_اسل]ل]د]<”]”]<لحدحدحدلح__ 2 ار 
تسمع بالمعيدي خير من أن تراه - قال القاضي: أكثر الكلام: تسمع بالمعيدي لا أن 
تراه» ثم انصرفت فأتيت أبا عبد الله فأخبرته» وكنت ربما غبت عن المدينة أتصيدء فقال 
لي: إذا شئتء فغبت عن المدينة أياماً ثم نزلت المديئة فإذا مولاة لها قد أتتني» فقالت: 
نحن نريد أن نعمرك للعرس وأنت تطلب الصيد وتضحي للشمسء قد جئت طلبتك غير 
مرة» وبعثت معي ألف دينار وعشرة أثواب وتقول لك: تقدم إذا شفت فاخطبني 
وأمبرنيهاء فإن لك عندي عشرة جميلة ومواتاة» قال: فغدوت فملكتها وبعثت إليها 
بالألف الدينار وأمرتها بالتهيؤء ثم أتيت أبا عبد الله فأحبرته فقال: تهيأ للسفر وانظر من 
يخرج معك من مواليك على جمل علي زادك» فسميت له الموالي» فقال: إذا كان ليلة 
الخميس فادحل إلى مسجد النبي هتهُ فسلم على جدك وودعه ينتظرك بعير زياد بن عبد 
الله ففعلت ما أمرني بهء فأتيته فأجده والقاسم بن إسحاق بن إبراهيم بن حسنء» فلما 
وقفت عليه أمر لي بثياب السفر وحلا بي فقال: استشعر تقوى الله تعالى» وأحدث لكل 
ذنب توبة» لذنب السر توبة ولذنب العلانية توبة» وامض لوجهكء فقد كتبت لك إلى 
معن بن زائدة كتابً» وغيبتك في سفرك ثلاثة أشهر إن شاء الل فإذا قدمت صنعاء فانزل 
منزلاً ولا تحمل على معن بأحدء وتأت له أن تدحل عليه بإذن عام مع الناس؛ فإذا 
دحلت عليه فعرفه من أنت» فإن رأيت منه جفوة أو نبوة فاغتفرها وأعرض عنهاء فإنك 
ستصيب منه عشرين ألف دينار سوى ما تصيب من غيره؛ فخرجت حتى قدمت صنعاءء 
ففعلت جميع ما أمرني به ودخخلت عليه بإذن عام, فإذا أنا به قاعداً وحده وإذا برجل جهم 
الوجه مختضب بالسواد والناس سماطان قيام» فأقبلت حتى سلمت عليه فرد السلام» فقال: 
من أنت؟ فأخبرته بنسبي) فصاح: لا واللهى» ما أريد أن تأتوني, ولباب أمير المؤمنين أعود 
عليكم من باي» فقلت له: على رسلكء أنا أستغفر الله من حسن الظن بك» وانصرفت 
من عنده, فأدركني رجل من أهل البلد فأخبرته خبري» فقال: قد عوضك الله خيراً مما 
فاتك» ثم بعث غلاماً فأتاه بثلاثة آلاف دينار فدفعها إلي» وسألني عما أحتاج إليه من 
الكسوة فكتبتها لهء فلما كان بعد العشاء دحل إلى صاحب المنزل فقال: هذا الأمير 
معن بن زائدة يدحل إليك؛ فلما دحل أكب على رأسي ويديء ثم قال: سيدي وابن 
سادتي اعذرني فإني أعرف ما أداري» فلما قر قراره أعلمته بالكتاب الذي معي من أبي 
عبد الله فقبله وقرأه» ثم أمر لي بعشرة آلاف دينار» ثم قال: أي شيء أقدمك؟ فأخبرته 
خبري» فأمر لي بعشرة آلاف دينار أخرى وبعشرة من الإبل وثلاث نجائب برجاها 
وكساني ثلاثين وشياً وغيرها وقال لي: جعلت فداكء إني أظن أبا عبد الله متطلعاً إلى 
قدومكء فإن رأيت أن تخف الوقفة وتمضي فعلت, وودعني» فتلومت بعد ذلك أياماء 
وقضيت حوائجي ثم حرجت حتى قدمت مكة موافياً لعمرة شهر رمضانء فإني لفي 


جما بس سس سس ست الهلس السابع عشر حت 
الطواف حتى لقيت معتباً مولى أني عبد الله» فسلمت عليه وسألته فقال: هو ذا أبو عبد 
الله قد وافى وإن أحدث ما ذكرك البارحة» فمضيت حتى أتيته فسلمت عليه وساءلته 
وقبلت رأسهء فقال: تركت معناً؟ فأحبرته بسلامته» فقال: أصبت منه بعد ما جبهك 
وصاح عليك عشرين ألفاً سوى ما لقيت من غيره؟ قلت: نعم» جعلت فداك. قال: فإن 
معنا جماعة من أصحابك ومواليك وقد كانوا يدعون لك ويذكرونك فمر لهم بشيء. 
قلت: ذاك إليك جعلني فداك» قال:فأعطهم ما رأيت» كم في نفسك أن تعطيهم؟ فقلت: 
ألف دينار» قال: إذن تجحف نفسكء ولكن فرق عليهم حمس مائة دينار» وخمس مائة 
دينار لمن يعتريك بالمدينة» ففعلت ذلك» فقدمت المدينة واستخرجت عيني بذي المروة 
وبالمضيق بالسقياء وبنيت متازلي بالبقيع» فتروني أؤدي شكر أبي عبد الله وولده أبداء 
وضممت إلي أهلي ورزقت منها علياً والحسن ابني والبنات. 
مصعب بن الزبير يتمثل عن هزيمنه ببيتي شعر 

حدثنا إساعيل بن يونس بن أني اليسعء أبو إسحاق» قال: حدثنا زبير بن بكار» قال: 
حدثني إبراهيم بن محمد بن حمزة» عن جدي عبد الله بن مصعب عن أبيه» قال: لما تفرق 
عن مصعب جنده قال: له أوداؤه: لو اعتصمت ببعض القلاع وكاتبت من قد بعد عنك 
من أوليائك كمثل المهلب وابنه الأشتر وفلان وفلان فإذا اجتمع لك من ترضاه لقيت 
القوم بأكفائهم» فقد ضعفت جداً واختل أصحابك. فلبس سلاحه وخرج فيمن بقي معه 
من أصحابه وهو يتمثل بشعر قيل إنه لطريف العنبري» وكان طريف العنبري يعد بألف 
فارس من فرسان تحراسان: 

علام تقول السيف يفقل عاتقي إذا أنا لم أركب به المركب الصعبا 

سأحميكم حتى أموت ومن يمست كريماً فلا لوم عليه ولااعتبا 

جمع القلعة قلاع خلافا لابن الأعرابي 

قال القاضي في هذا الخبر» إنه قيل لمصعب: لو اعتصمت ببعض القلاع وهي جمع قلعة) 
وهذا صحيح في القياس ومثله في قياس العربية رقبة ورقاب وعقبة وعقاب في أحرف كثيرة» 
وقد جاء في الأخبار عن السلف الذين كلامهم حجة في اللغة لسبقهم اللحن» وزعم ابن 
الأعراني أن القلعة لا تجمع قلاعاً» والذي قاله حطأ من جبة السماع والقياس معاء وقد 
حكى القلاع في جمع القلعة عدد من علماء اللغويين منهم أبو زيد وغيره. 

نديم ينتقم من صاحب بيت امال 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: حدثنا عمرو بن محمد الرومي» قال: كان على 

بيت مال المعتصم رجل من أهل خراسان يكنى أبا حاتم» فخحرجت لي جائزة فمطلني بها 


وكان ابنه قد اشترى جارية مغنية تسمى قاسم بستين ألف درهم, قال: فعملت فيه شعرا 


- اليس الصاح والأئيس الناصح سل س1 ات 
وجلست الاعب المعتصم بالشطرنج في يوم الخمار» وكان يشرب يوما ويستريح يوما 
فيلعب فيه ونلعب بين يديه» فجعلت أنشد: 


فتعطي الحق على ذلة بالرغم من أنفك ذا الراغم 
يا سارقاً مال إمام االحمدى سيظهر الظلم على الظالم 
ستين ألفاً في شرا قاسم من عل هذا الملك الفكم 


فقال له: ما هذا الشعر؟ فتفازعت كأني أنشدته ساهياً ولحلجت»ء فقال: أعده فقلت: 
إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني» ونع أريد أن يحرص على أن يسمعهء فقال: أعده 
ويلك؛ فأعدته فقال: ما هذا؟ فقلت: أظن صاحب بيت المال مطل بعض هؤلاء الشعراء 
بشيء له فعمل فيه هذا الشعرء قال: فما معنى قاسم؟ قلت:جارية اشتراها ابنه بستين ألف 
درهم» قال: وأراني أنا الملك النائم صدق والله قائل هذا الشعرء والله لو عرفته لوصلته 
لصدقته» رجل مملق وليته بيت المال ليعيش برزقه منذ سنتين» من أين لابنه هذا المال؟ ثم 
قال لإيتاخ: قيد صاحب بيت المال وابنه حتى تأحذ منهما مائتي ألف درهم وول بيت 
المال غيره. 

حكم من كلام الخليل بن أحمد 

حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقريء قال: أخبرنا عبد الله محمد بن المروزي بمروء 
قال: أخبرنا يحيى بن أكثم» قال: أخبرنا النضر بن شيل» قال: ممعت الخليل بن أحمد 
يقول: التواني إضاعة» والحزم بضاعة؛ والإنصاف راحة:, واللجاج وقاحة. 

ومن كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه 

حدثنا الحسن بن علي بن زكريا البصري» قال: حدثنا اليثم بن عبد الله الرماني» قال: 
حدثني المأمون, قال: حدثني الرشيد» قال: حدثني المهديء قال: حدثني المنصور عن أبيه 
عن جده؛ عن ابن عباس» قال: قال علي بن أي طالب اكلتْ: من الدهاء حسن اللقاء. 

صحبة لطيمة 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أني» عن المغيرة بن محمد المهلبي» 
قال:حدثني مروان بن موسى بن عبد الله المدني مولى عثمان بن عفان» قال: حدثني 
موسى بن جعفر بن أي نمير مولى زريق» قال: بثني علي بن المهدي من مصر إلى الرشيد 
هارون أمير مير المؤمنين على البريد فلحقت شيخا في طريقي على دابة ديم فقال لي؛ يا 
هذا إن دابتي هذه قد أتعبتني فهل لك أن أسايرك وتحبس علي» فإن عندي والله ظاهراً 
وباطناًء قال: قلت له: أفعل» قال: فقلت له يوماً: أما ظاهرك فحسن محادثتك وظرفك» 


حم ا سس سس سس سح المجلس الثامن عشر حت 
فما باطنك؟ قال أغني والله أحسن غناء في الأرض» قال: فغناني: 
بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب وقل أن تملينا فما ملك القلب 
قال القاضي: الشعر لنصيب. 
المجلس الثامن عشر 
حديث جالس الكبراء 

حدثنا إبراهيم بن حماد» قال: حدثنا محمد بن يحيى التنبسي» قال: حدثنا حسن بن 
قتيبة المدائني» قال: حدثني عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي» عن سلمة بن كهيل» 
عن أني جحيفة» قال: قال رسول الله عي "جالس الكبراء» وسائل العلماء» وخاطب 
الحكماء". 

حدثنا محمد بن سليمان بن محمدء أبو جعفر الباهلي» قال: قال» حدثنا الحسين بن 
عبد الرحمن الحرجرائي» قال: أخبرنا طلق بن غنام» قال: حدثنا أبو مالك» عن سلمة بن 
كبيل؛ عن أني جحيفة» قال: قال رسول الله عََه: "جالسوا الكبراءء وخالطوا الحكماء؛ 
وسائلوا العلماء' . 

تعليق ال مؤّلف 

قال القاضي: وفي هذا الخبر إرشاد من النبي قتَّهُ أمته إلى مخالطة ذوي الفضل في 
مخالطتهم وبجالستهم ومعاشرتهم» فحقيق على كل ذي لب تقبل ذلك والرجوع إليه) 
والعمل عليه ففيه امتثال أمر النبي كه والأحذ بسنته والتأدب بأدبه» وفيه السلامة من 
معرة الحهبال» ومضرة الضلال» واكتساب الآداب والفوائد» وحيازة المصالح والمراشد» 
وحسن الثناء والمحامد» والأمن في العواقب» والتنزه عن المعايب» ونسأل الله توفيقاً لما 
نغتبط به في ديننا ودنيانا وآحرتنا. 

عبد الملك يوجه نظر الحجاج إلى إسرافه ورد الحجاج عليه 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريدء» قال: أحبرنا أبو حاتم» قال: أحبرنا أبو عبية» قال: 
لما قتل الحجاج ابن الأشعث وصفت له العراق قدم قيساً واتسع له في إنفاق الأموال» 
فكتب إليه عبد الملك: أما بعد فقد بلغ أ مير المؤمنين اث تنفق في اليوم ما لا يننق امير 
المؤمنين في الأسبوع» وتنفق في الأسبوع ما لا ينفقه أمير المؤمنين في الشهرء عليك 
بتقوى الله ني الأمر كله وكن لوعيده تخشى وتضرع» ووفر خراج المسلمين وفيأهم؛ 
وكن لهم حصناً يجير ويمنع» فكتب إليه الحجاج: 

لعمري لقد جاء الرسول بكتبسكم قراطيس تملى ثم تطوى قتطبيع 

كتاب أتاني فيه لين وغلظة وذكرت والذكرى لذي اللب تنفع 


> الجليس الصالح والأنيس الناصح 

وكانت أمور تعتريني كثيرة 
إذا كنت سوط من عذاب علييم 
أيرضى بذاك الناس أم يسخطونه 
وكانت بلاداً جئتها حيث جت با 
فقاسيت فيها ما علمت ولم أزل 
فكم أرجفوا من رجفة قد سمعتبا 
وكنت إذا هموا ياحدى هناتهم 
فلو لم يذد عني صناديد متهم 


6 ا 


فأرضخ أو أعتل حيناً فأمنع 
ولم يك عندي في المنافع مطمع 
أم أحمد فسيهم ام الام فأقدع 
بها كل نيران العداوة تلمع 
أصارع حتى كدت بالموت أصر 
ولو كان غيري طار مما يروع 
حسرت هم رأسي ولا أتقنع 
تقسم أعضائي ذئاب وأضبمع 


فكتب إليه عبد الملك: اعمل برأيك 
الحجاج يؤمن الناس إلا أربعة 

حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي؛ قال: حدثنا أبو بكر بن أي الدنياء قال: 
حدثني علي بن الحسن بن موسى؛ عن عبد الله بن حمد التيمي» قال: حدثني محمد بن 
حفصء عن عبيد الله بن عبد الله بن فضالة الزهراني» قال: نادى منادي الحجاج بن 
يوسف يوم رستقا باذ: أمن الناس كلهم إلا أربعة: عبد الله بن الجارود وعبد الله بن فضالة 
وعكرمة بن ربعي وعبد الله بن زياد بن ظبيان» قال: فأتى برأس عبد الله بن الجارود فلم 
يصدق فرحاً به وقال: عمموه لي أعرفه فإني لم أره قط إلا معمماً فعمم له فعرفه» فأمر 
المنادي فنادى: أمن الناس إلا ثلاثة: عبد الله بن فضالة وعبيد الله بن زياد بن ظبيان 
وعكرمة بن ربعي» فأما عبيد الله بن زياد فإنه انطلق إلى عمان فأصابه الفاج بها فمات» 
وأما عكرمة بن ربعي فإنه لحقته خيل الحجاج ني بعض سكك المربد فعطف عليهم فقتل 
هم يفا وعشرين رجلاً م قلوهه رأما حبد لل بن فضالة فإنه أ عراسان فلي ليا 
حتى ولي المهلب حراسان فأمر بأحذه حيث أصابه» وقيل له: أكن ذلك ولا تبده فيحذر 
ويحرز فاحرص على أسره دون قتله قال: فبعث المهلب ابنه حبيبا أمامه فساق من سوق 
الأهواز إلى مرو على بغلة شهباء في سبع عشرة ليلة فأخذه غارا بمرو وهو لا يشعرء ثم 
كتب إلى الحجاج يعلمه ذلك» فجاء المغيرة بن المهلب إلى منزل حبة ابنة الفضلء» امرأة 
عبد الله بن فضالة وهي ابنة عم عبد الله فأرسل إليها أن حبيباً قد أذ عبد الله» وقد 
كتب إلى الحجاج يعلمه بذلك؛ فإن كان عندك خير فشأنك وعولي علي من المال ما بدا 
لكء فأرسلت إليه: لا ولا كرامة» تقتلونه وآحذ منكم المال» هذا ما لا يكون» قتحولت 
إلى منزل أحيها لأمها خولى بن مالك الراسبي وأرسلت إلى بني سعد فاشترى لما باب 


أ كك حت املس الثامن عشر -ت 
عظيم وألقته على الخندق ليلاً ثم جازت عليه فغشي عليهاء فلما أفاقت قالت: إني لم اكن 
أتعب» فمتى أصابني هذا فشدوني وثاقاً ثم سيروا بي» فخرجت مع خادمها وغلامها 
ودليلهاء لا يعلم بها أحدء فسارت حتى دخلت دمشق على عبد الملك بن مروان» فأتت 
أم أيوب بنت عمرو بن عثمان بن عفان» وكانت أمها بنت ذؤيب بن حلحلة الخزاعي» 
قالت: يا أم أيوب قصدتك لمر ممظني وغم كظمني وأعلمتها الخبر وقصت عليها القصة. 
فقالت أم أيوب: قد كنت أسمع أمير المؤمنين يكثر ذكر صاحبك ويظهر التلظي عليه 
قالت: وأين رحلتي إليك؟ قالت: سأدحلك مدخلاً وأجلسك بحلساً إن شفعت ففيه؛ وإن 
رددت فلا تنصبي» فلا شفاعة لك بعده فأجلستها في مجحلسها الذي كانت تجلس فيه 
لدحول عبد الملك ليلاً» وجلست آم أيوب قريباً منها فقالت لما: إذا دحل فشأنك» 
فدحل عبد الملك ليلاً مغتراء فلما دنا أعذت بجانب ثوبه ثم قالت: هذا مكان العائذ بك 
يا أمير المؤمنين» ففزع عبد الملك وأنكر الكلام» فقالت أم أيوب: ما يفزعك يا أمير 
المؤمنين من كرامة ساقها الله عز وجل إليك! فقال:عذت معاذاء فمن أنت؟ قالت: تؤمن 
يا أمير المؤمنين من جئتك فيه من كان من خلق الله تعالى ممن تعرف أو لا تعرف» ممن 
عظم ذنبه لديك أو صغر شامياً أو عراقياً أو غير ذلك من الآفاق؟ قال: نعم هو آمن؛ 
قالت:بأمان الله عز وجل ثم أمانك يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم» فمن هو أيتها المرأة؟ 
قالت: عبد الله بن فضالة» قال: أرسلي وي أنبئك عنه» قالت: أغدراً يا ببي مروان؟ قال: 
لا» أرسلي وي أحدثك ببلائك عنده. وهو أمن لك ولمعاذك قالت: فحدثني يا أمير 
المؤمنين ببلائك عندهء قال: ألم تعلمي أني وليته السوس وجنديسابور وأقطعته كذا وكذا 
وفرضت له كذا ونوهت بذكره ورفعت من قدره؟ قالت: بلى والله يا أمير المؤمنين» أفلا 
أحدثك بلائه عندك؟ قال: بلى» قالت: أتعلم يا أمير المؤمنين أن داره هدمت ثلاث 
مرات بسببك لا يستتر من السماء بشيء» قال: نعم» قالت: أفتعلم يا أمير المؤمنين أنك 
كتبت إلى وجوه أهل البصرة وأشرافها وكتبت إليه فلم يكن منهم أحد أجابك ولا 
أطاعك غيره» قال: نعم قالت: أفتعلم أنه كان قبل زلته سيفاً لك على أعدائك وسلما 
وبساطاً لأولياك قال: نعم» حسبك قد أجبت وأبلغت» قالت: أفيذهب يوم من إساءته 
بصالح أيامه وطاعته وحسن بلائه» قال: لاء هو آمنء قالت: يا أمير المؤمنين إنه الدماء 
وإنه الحجاج وإنه إن رآه قتله» قال: كلاء قالت: فالكتاب مع البريد يا أمير المؤمنين» 
قال: فكتب لما كتاباً مؤكداً: إياك وإياه أحسن جائزته ورفده ول سبيله) ثم وجه به مع 
البريد) ثم أقبل عليها فقال:ما أنت منه؟ قالت: امرأته وابئنة عمه» قال: فضحك وقال: أين 
نشأت» قالت: في حجر أبيه؛ قال: فوالله لأنت أعرب منه وأفصح لساناًء فهل معه غيرك؟ 
قالت:نعمء ابنة عبيد بن كلاب» قال: النميري قالت: نعم» وكذا وكذا جارية» قال: فأنا 


ح- الجليس الصالح والأئيس الناصح جبيبب------___ ري ١*1‏ ل 
أوليك طلاقها وعتق جواريه) قالت: بل تبهنيه نساءه كما هنأته دمه فأقبل على أم أيوب 
الكتاب بمحبتك إن شاء الله» وقدم الكتاب وقد قدم به على الحجاج من خراسان, فأقامه 
للناس في سراويل وقد كان نزع ثيابه قبل ذلك وعرضه على الناس في الحديد ليعرفوه) 
فلما أمسى دعا به الحجاج فقال له عبد الله: أتأذن لي في الكلام؟ قال: لا كلام سائر 
اليوم» قال: فكساه وحمله وأجازه وخحلى سبيله) وانصرف إلى أهله فسأهم عن حبة) 
فأحبر بأمرها وقيل له: ما ندري أين توجهتء ثم بلغه ما صنعت» فكتب إليها: إنك قد 
صنعت ما لم تصنع أنثى فأعلميني بمقدمك أتلقاك ويتلقاك الناس معي فلم تعلمه حتى 
قدمت ليلا وهو عند ابئة عبيد بن كلاب» فقالت: لا والله لا يؤذن ي الليلة» فلما أصبح» 
أخبر بمكالها فأتاها. 
خبر الحجاج بن عبد الله الثعلبي مع عبد ا ملك 

حدتنا عدد من الشيوخ منهم عبد الواحد أبو عمر هذا الخبر على لفظه. قال: أخبرنا 
تعلب») عن عبد الله بن شبيب ) قال: أخبرني زبير قال أخبرني عمي) قال: كان عبد 
الله بن الحجاج الثعلبي من أشد الناس على عبد الملك بن مروان في طاعة ابن الزيير مع 
القيسية» فلما قتل ابن الزبير أرسل عبد الملك يطلب عبد الله بن الحجاج فلم يظفر به 
فلما خاف عبد الله بن الحجاج أن يظفر به أقبل فدحل على عبد الملك في اليوم الذي 
يطعم فيه أصحابه فمثل بين يديه ثم» قال: 

منع الفرار فجقت نحوك هارباً جيش يجر ومقنب يتلمع 
فقال: أي الأحابث أنت؟ فقال: 
ارحم أصيبيتي هديت فإنهم حجل تدرج بالشربة جوع 
فقال: أجاع الله بطونهمء فقال: 
مال لهم فيمن يظن جمعته يوم القليب فحيز عنهم أجمع 
فقال: أحسبه كسب سوعع فقال: 
أدنو لترحمني وتقبل توبتي وأراك تدفعني فأين المدفع 

قال: إلى النارء فقال: 

قال: فنزع مطرفاً كان عليه فطرحه عليه ثم قال له: آكل؟ قال: كل. فلما وضع يده 
فأنا عبد الله بن حجاجء قال: أولى لك. 

وقد روي لنا هذا الخبر عن طريق آخحرء وفيه: أن عبد الله قال له: لا سبيل لك إلى 


حرم سب سس سسحت المجلس الثامن عشر حس 
قتلي» قد جلست في بمحلسك وأكلت طعامك ولبست من ثيابك. 
من جود خالد بن عبد الله القسري 
حدثنا أي رضي الله عنه» قال: حدثنا أبو أحمد الختلي» قال: أخبرنا أبو حفص يعني 
النسائي) قال: وقرأت في كتاب عن عبد الملك بن قريب الأصمعي ) قال: دخل أعراني 
على خالد بن عبد الله القسري» فقال: أصلح الله الأمير» إني قد امتدحتك ببيتين ولست 
أنشدكهما إلا بعشرة آلاف وحادم, فقال له خالد: قل. فأنشأ يقول: 
وأانكرت لا حتى كأنك لم تكن سمعت بها في سالف الدهر والأمم 
فقال حالد بن عبد الله: يا غلام! عشرة آلاف وخادماً يحملها. 
ودخحل عليه أعرااي: فقال: إني قد قلت فيك شعراء فأنشأ يقول: 
أحالد إني لم أزرك لحاجة سوى أنني عاف وأنت جواد 
أخالد إن الأجر والحمد حاجتي فأيهما أتاني فأنت عماد 
فقال له حالد بن عبد الله: سل يا أعرااي» قال: وقد جعلت المسألة إلي أصلح الله 
الأمير؟ قال: نعم. قال:مائة ألف درهمء قال: أكثرت يا أعراني قال: فأحطك أصلح الله 
الأمير قال: نعم قال: قد حططتك تسعين ألفاًء قال له حالد: يا أعرائي ما أدري من أي 
أمريك أعجب؟ فقال: له : أصلح الله الأمير: إنك لما جعلت المسألة ! إلي سألتك على 
قدرك وما تستحقه في نفسكء فلما سألتني أن ن أحط حططت على قدري وما أستأهله في 
نفسي» فقال له حالد: والله يا أعراي لا تغلبني» يا غلام» مائة ألف» فدفعها إليه. 
. شعر لبشاربن برد في قنيئة 
حدئنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا العباس بن الفضل الربعي» قال: حدثنا 
إسحاق بن إبراهيم الموصلي» قال: كانت بالبصرة لرجل من آل سليمان بن علي جارية؛ 
وكانت محسنة بارعة الظرف والحمال» وكان بشار بن برد صديقاً لمولاها ومداحاً ل 
فحضر مجلسه والحارية تغنيهم؛ فشرب مولاها وسكر ونام ونمهض للانصراف من كان 
بالحضرة فقالت الحارية لبشار: أحب أن نذكر مجلسنا هذا في قصيدة مليحة وترسل بها إلي 
على ألا تذكر فيها اسمي واسم سيديء فقال بشار وبعث بها مع رسوله إليها: 
وذات دل كأن الشمس صورتها باتت تغنى عميد القلب سكرانا 
إن العسيون التي في طرفها حور قتننائملميحيين قتلانا 
فقلت: أحسنت يا سؤلي ويا أملي2 فأسمعيني جزاك الله إحسانا 


حت الحجليس الصالح والأنيس الناصح 

يا حبذا جبل الريان من جبل 
قالت: فهلا فدتك النفس أحسن من 
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة 
فقلت: أحسنت أنت الشمس طالعة 
فأسعينا غناء مطلربا هزجاً 
ياليتني كنت تفاحاً تمخضه 
حتى إذا وجدت ريحي فأعجبهبا 
فحركت عودها ثم انتشنت طرباً 
أصبحت أطوع خلق الله كلهم 
فقلت: اطربينا يا زين بجلسسنا 
فغنت الشرب صوتاً مؤنقاً رصفا 


لا يقتل الله مسن داممت مودته 


8 

وحبذا ساكن الريان من كانا 
هذالمن كان صب القلب حيرانا 
والأذن تعشق قبل العين أحيانا 
أضرمت في القلب والأحشاء نيرانا 
وكنت من قضب الريحان ريحانا 
وكنت في خحلوة مثلت إنسانا 
تبدي الترنم لا تخفيه ككتمانا 
نفسا لأكثر خلق الله عصيانا 
فغنيناء أنت بالإإح سان أولانا 
يذكي السرور ويبكي العين أحيانا 
والله يقهتل أهل الغدر مسن كانا 


قال القاضي: قول بشار في هذا الشعر: حتى إذا وددت ريحي فأعجبهاء على لفظ 
التذكير والريح مؤنثة» وقد يكون فعل هذا في ضرورة الشعر وجعل الضمير الذي في - 
فأعجبها - عائداً على الريح وهي مؤنثة إما لأن تأنيئها ليس بحقيقي» وإما لأنه أراد 
بقوله: ريحي نسيمي ونحوهء وقد جاء في الشعر مثله كما قال الشاعر: 
فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقل أبقالها 
وقد احتلف النحويون في الفرق بين التأنيث الحقيقي والتأنيث الذي هو غير حقيقي 
فقال بعضهم: التأنيث الذي هو حقيقي ما لا يطلق لفظه على مذكره لاختصاص مؤنثه 
بلفظه كامرأة وناقة» وأما التأنيث الذي ليس بحقيقي» فكقولهم شاة للذكر من هذا النوع 
والأنثى» كما قال الأعشى: 
فلما أضاء الصبح قام مبادراً وكان انطلاق الشاة من حيث عيما 
قيل إن الشاة ها هنا الثور» وقوله دابة وحية لذكرهما وأنثاهماء وهذا مذهب الكوفيين» 
فأما البصريون فيرون الفصل بين هذين التأنيثين ومقابلهما من التذكيرين من قبل 
اختلافهما من جبة الفروج المختلفة فيهماء كرجل وامرأة وجمل وناقة وفتى وفتاة» وفي 
تذكير بشار المضمر في قوله فأعجبها وجه آخر حسن ليس فيه ما في الوجه الذي قدمنا 
ذكره من الضرورة؛ وهو جائز مطرد في النثر والشعرء ولم أر أحداً ممن يتعاطى هذا الشأن 
من أهل العلم والأدب أتى به وهو أن يكون لما قال: وجدت ريحي فلم يستو له التأنيث 


وطس سس ببسسح الجلس الثامن عشر حح 
متى رد الضمير إلى الريح لثلا ينكسر الشعر ويفسد الوزن رده إلى الوجودء كأنه قال: 
وجدت ريحي فأعجبها وجود ريحي» واعتمد على دلالة الفعل الذي هو وجدت وعلى 
المصدر الذي هو وجود. وهذا صحيح مستفيض في كلام العرب» وقولهم: من كذب كان 
شراً له فدل قولهم كذب على الكذبء وقد قال الله تعالى جده: إولا تحسبن الذين 
يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر م4 المعنى: لا تحسبن البخل» 
فدل يبخلون على البحل» ومن هذا الباب: قول الشاعر: 
إذا نبي السفيه جرى إليه وخالف والسفيه إلا حلاف 
أراد جرى إلى السفه» فدل قوله السفيه على السفهء وهذا باب واسع جداً. 
عبيد الله بن يحيى بن خاقان يتنبا بالأحداث 

حدثنا علي بن محمد بن الجهم» أبو طالب الكاتب» قال: حدثني أبو العباس محمد بن 
عبد الله بن طاهرء قال: حدثني أني» عن أحمد بن إسرائيل» قال: صرت يوماً إلى عبيد 
الله بن يحيى بن خاقان فلما صرت في صحن الدار رأيته مضطجعا على مصلاه موليا 
ظهره باب يحلسه) فهيممت بالرجو ع فال لي الحاجب: ادحل فإنه منتبه» فلما سمع 
حسي جلس» فقلت: حسبتك نائماً» قال: لاء ولكني كنت مفكراًء قلت: فيماذا أعزك 
الله؟ قال: فكرت في أمر الدنيا وصلاحها في هذا الوقت واستهوائها ودرور الأموال وأمن 
السبيل وعز الخلافة فعلمت أنها أمكر وأنكر وأغدر من أن يدوم صفاؤها لأحدء قال: 
فدعوت له وانصرفت» فما مضت أربعون ليلة منذ ذلك اليوم حتى قتل المتوكل ونزل به 
من النفي ما نزل. 

وتنبؤ آخر للإمام أبي جعمر الطبري 

حدثني بعض شيوخنا: أن بعضهم حدثه: أنه لما كان من خلع المقتدر في المرة الأولى 
ما كان وبويع عبد الله بن المعتز بالخلافة» دحل على شيخنا أي جعفر الطبري رضي الله 
عنه فقال له: ما الخبر» وكيف تركت الناس؟ أو نحو هذا من القول» فقال له: بويع عبد 
الله بن المعتز» قال: فمن رشح للوزارة؟ قال: محمد بن داود بن الجراح» قال: فمن ذكر 
للقضاء؟ قال الحسن بن المثنى» فأطرق ملياً ثم قال: هذا أمر لا يتم ولا ينتظم؛ قال: قلت 
له: فكيف؟ فقال: كل واحد من هؤلاء الذين سميت متقدم في معناه على الرتبة من أبناء 
جنسه» والزمان مدبر والدنيا مولية؛ وما أرى هذا إلا إلى اضمحلال وانتقاص ولا يكون 
لمدته طول» فكان الأمر كما قال» ورأيت صحة قوله في أسرع وقت. 

صدقه حين كذب وكذبه حين صدق 

حدثني شيخ من أهل بغداد بجسر النهروان يعرف بالقدامي ذهب عني اسمه. وكان ذا 

أدب ومعرفة» بإسناد ذهب عني حفظه: 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح سس جح 1غ ا 

أن إسحاق بن إبراهيم الطاهري؛ قال لمحمد بن شجاع الثلجي: أريد أن توجه إلي 
رجلاً من أفاضل أصحابك أستكفيه شيئاً من أموري» قال: فأرسلت إليه بعض من كان 
يلزم محلسي ويأحذ الفقه عني» وله دين وعلم فمضى إليه ثم عاد إلي فأخبرني أنه كلفه 
تفرقة مال دفعه إليه فصرفه في وجوه البرء فلما كان في العام القابل سأل إسحاق أيضاً أبا 
عبد الله بن شجاع إنفاذ الرجل إليه ففعل» فلما كان من الغد أرسل الرجل إلى ابن شجاع 
يذكر أن إسحاق حبسههء فارتاع لذلك وأتى إسحاق فقال له: لم حبست صاحبنا؟ قال: 
هذا رجل خائن» وكان ابن شجاع قبل أن يلقى إسحاق قد دحل على صاحبه في محبسه 
فسأله عن قصته فقال له: أعطاني في العام الماضي عشرة آلاف درهم وقال:اصرفها في 
ذؤي الحاجة بهاء وفكرت في الذي آتيه فيهاء فحدثتني نفسي أن آحذها لنفسي وأسد بها 
خلتي وأنفقها على عيالي وأرم بها حالي؛ إذ كنت في عسرة وضيق من المعيشة وعلى حد 
من الفاقة» وقلت تارة: إن كنت أصرفها فيما يخصني موافقا لحملة ما رسمه لي على طريقة 
من الخيانة إذ لم يأمر لي بهذا المال» فكان ما قاله يقتضي دفعه إلى غيري» ثم قلت :إن 
غيري إنما أرجح أنه محتاج أو مستحق إلى ظاهر وظن غالب» وأنا من صورة أمري على 
يقين وعلم بالباطن» وغلبت هذا على عزيمتي» فصرفت المال في صلاح شئوني وقضاء 
ديوني والتوسعة على عيالي» ثم رجعت إليه فقال لي: ما صنعت ؟ فأحبرته أني أتيت بما 
كلفنيه وامتثلت أمره فيه فقال:امض جزاك الله خيرًء فلما كان هذا العام أعطاني مثل 
نفسي لا عذر لك في أداء الأمانة واستفراغ اللحهد والطاقة والتنزه عن السفسفة أو الخيانة) 
فأتعبت نفسي وأعملت فكري وكددت جسمي في تحري أهل المسكنة وتوحي ذوي 
الحاجة حتى بلغت الغاية» وصرفت المال بأسره في هذه الطبقة» ولم آحذ لنفسي منه 
مثقال ذرة ثم جئته فقال:ما صنعت؟ فأحبرته أنني أتيت ما أمرني بهء فقال كذبت وأمر بي 
إلى السجن, فقال له ابن شجاع: أهكذا كان الأمر؟ قال: نعم قال: فهل كان غير هذا؟ 
قال: لاء قال ابن شجاع: فقلت لإسحاق: إن عندي في هذا شيئاً أذكره لك؛ وقصصت 
عليه القصة على وجههاء فنكث في الأرض وقال: قد صدق الرجل فيما ذكره وأمر 
بتحليته» فقلت له: كيف علمت بصدقه بعد ما كان منك؟ قال: أمرنا هذا جار على 
الإدغال وخلاف الصحة؛ فإذا عوملنا بمثل عملنا سكناً إليه وأحسنا الظن بعامله» وإذا أتى 
ما يخالفه أنكرناه ونفرنا عنه ولم نصدق صاحبه. 

قال القاضي: حدثني الشيخ بهذه الحكاية بلفظ غير هذا عبرت عنه بلفظي ولم أخل 
بمعناه» وبالله التوفيق. 


جح اس سس سح املس التاسع عشر حت 
المجلس التاسع عشر 
ائنتوني بسكين أشقه بينكما 

حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد أبو بكر النيسابوري» قال: حدثنا أحمد بن حفص» 
قال: حدثنا أي» قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان» عن موسى بن عقبة» عن أبي الزناد» عن 
الأعرج» عن أبي هريرة» عن النبي طُتَهُ: "بينا امرأتان معهما ابناهما فجاء الذئب فذهب 
بأحدهما: فقالت هذه لصاحبتها: إها ذهب بابنك» وقالت الأخرى: إشا ذهب بابنك» 
فتحاكمتا إلى داود فقضى للكبرى» فخرجتا إلى سليمان فأخبرتاه» فقال:ائتوني بسكين 
أشقه بينكماء فقالت الصغرى: يرحمك الله هو ابنهاء فقضى للصغرى به"2 وقال أبو 
هريرة: والله إن سعت بالسكين قط قبل ذلك اليوم وما كنت أقول إلا المدية. 

قال القاضي: السكين والمدية معا اسمان لهذه الأداة التي تذبح الحيوان وينحر بها وهما 
موجودان في كلام العرب؛ ولعل أبا هريرة لم يعرف السكين ولم تكن من لغة قومه. فأما 
المدية فمؤنثة بحرف التأنيث الذي فيها وهو الهاء وجمعها مدى مثل زبية وزبى ورقية 
ورقى وكنية وكنى» قال الشاعر: 

من كل كوماء سحوف إذا جفت من اللحم مدى الحازر 

وقد اختلفت أهل العلم بالعربية في تذكير السكين وتأنيثه» فذكر بعضهم وأنكر تأنيثه» 
وأننه آخرون وأبوا تذكيره» وأجاز فريق الوجهين معاً فيه» وهذا أولى الأقوال بالصواب 
عندنا فيه» لأن أولي المعرفة بهذا الباب قد حكوها وأتوا بشواهد ردوها فيهاء وأنا ذاكر ما 
ورد في ذلك عنهم بمشيئة الله وتوفيقه. 

قال أبو حاتم السجستاني: السكين تذكرءقال: وسألت أبا زيد الأنصاري والأصمعي 
وغيرهما ممن أدركنا فكلهم يذكره وينكر التأنيث» قال: أنشدني الأصمعي للهذلي: 

يرى ناصحاً فيما بدا وإذا خملا فذلك سكين على الحلق حاذق 

وقال أبو هفان: قال أبو عمر الحرمي في تذكير حاذق: هذا كما يقول شفرة قاطع 
وحاذق» وامرأة حائض وعاقر» قال أبو بكر بن الأنباري: وهذا عندي ليس بمنزلة ذلك» 
لأن الحيض لا يكون إلا للنساىء والحذق يكون للمذكر والمؤنث فلا بد فيه من الماء إذا 
وصف به المؤنث» وهذا البيت يدل على تذكير السكين. 

قال القاضي: الذي ذكره ابن الأنباري في تذكير لفظ حائض من العلة هو مذهب أصحابه 
الكوفيين» وقد ححالفه فيه البصريون على احتلاف بينهم على تعيين العلة سوى أني حاتم 
السجستاني فإنه اختار فيه قول الكوفيين» ولشرح هذا موضع هو أولى به. ولو سلم إلى ابن 
الأنباري اعتلاله في حائض لكان ما احتج به أبو عمر الجرمي من قولحم شفرة قاطع وحاذق 
كافياً فيما استدل به ولم يقل أبو بكر في هذا شيئاً ولا عرض للمعتل بطعن في اعتلاله» وهذا 


- اتليس الصالح والأئيس الناصح ٠ع‏ كك )وص أ جو اج 
يدل على لزومه إياه وعجزه عن الانفصال منهء وقد قالت العرب: امرأة عاشق وهذا مثل 
حاذق والعشق يكون للرجال والنساء وحدثنا أبو بكر الأنباري» قال: وأخبرنا أبو العباس» 


عن سلمة» عن الفراءء أنه قال: السكين ذكر وقد أأشتء» وأنشد في التأنيث: 


فعيث في السنام غداة قر 

وأنشد في التأنيث أيضاً: 
إذا أعرضت منها عناق رأيته 
يلوذ بها عن عينها لا يروعبا 


بسكين موثقة النصاب 


بسكينه من حوها يتلهيف 


كأنه من حوبائه الموت يصرف 


وحدثنا ابن الأنباري» قال: حدثنا عبد الله بن الحسن الحزامي» قال: حدثنا يعقوب» 
قال ابن الأنباري: وحدثني أبي» عن محمد بن الحكم؛ عن اللحياني» قال: السكين تذكر 
وتؤنث» قال اللحياني: لم يعرف الأصمعي في السكين إلا تذكير السكين وتأنيث 
السراويل» وأنشدنا عن تُعلب: 

ادن إلى الشاة من خصيارها 

القمجار: الغللاف» فهذا شاهد التأنيث. 

ذكاء عبد الملك وعلمه 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: حدثنا العكلي, عن الحرمازي قال: أنشد رجل 
من جلساء عبد الملك أبيات أحيحة بن الخلاح: 


وأخحرج السكين من قمجارها 


يلوون ما عندهم من حق جارهم 
واجمع ولا تحقرن شيئاً تجمعه 
إني مقيم على الزوراء أعمرهها 
لما ثلاث يئار في جوانبهبا 
كل النداء إذا ناديت يخذلني 


ما إن يقول لشيء حين أفعله 


منابن عم ولااعم ولا حال 
وعن عشيرتهم والمال بالوالي 
إن الكريم على الأقوام ذو المال 
إلا ندائي إذا ناديت يا مالي 


فقال رجل من جلساء عبد الملك» وما الزوراء يا أمير المؤمئين» والله لو أرسلت فيها 

الأشقر ما ترك حوضاًء فقال له عبد الملك: إن أبا عمرو كان من رجال قومه وكان يرى 

أنه عنى هذاء فعجب الناس من ذكاء عبد الملك ومن معرفته بكنية أحيحة. 
قصة غريبة مما كان يرد على القَضَاهُ 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» فقال: حدثنا ابن أبي الدنياء قال حدثنا داود بن 


ح )ع وص ل لس سس بح ابلس التاسع عشر حت 
محمد بن يزيد عن أني عبد الله النباجي» قال: دحل ابن أي ليلى على أني جعفر المنصور 

وهو قاض فقال له أبو جعفر: إن القاضي قد يرد عليه من طرائف الناس ونوادرهم 
أمورء فإن كان ورد عليك شيء فحدثنيه. فقد طال علي يومي» فقال: والله لقد ورد علي 
- منذ ثلاث - أمر ما ورد علي مثله» أتتني عجوز تكاد أن تنال الأرض بوجهها أو 
تسقط من انحنائهاء فقالت: أنا بالله ثم بالقاضي أن يأحذ لي بحقي وأن يعينني على 
خحصمي» قلت: من خحصماك؟ قالت: ابنة أخ لي» فدعوت بها فجاءت امرأة ضححمة ممتلئة 
فجلست منبهرة» فقالت العجوز: أصلح الله القاضي, إن هذه ابنة أي وأوصى إلي بها 
أبوهاء فربيتها فأحسنت التربية» ووليتها فأحسنت الولاية» وأدبتها فأحسنت التأديب» ثم 
زوجتها ابن أخ لي»؛ ثم أفسدت علي بعد ذلك زوجيء فقلت لما: ما تقولين؟ قالت: يأذن 
لي القاضي أن أسفر فأخحبر بحجتي؟ فقالت: يا عدوة الله تريدين أن تسفري فتفتني 
القاضي بجمالك» فقال: فأطرقت حوفاً من مقالتها» وقلت: تكلمي» فقالت: صدقت 
أصلح الله القاضي» هي عمتي أوصى بي إليها أبي فربتني فأحسنت ووأتني فأحسنت 
وأدبتني فأحسنت» وزوجتني ابن عم لي وأنا كارهة» فلم أزل حتى عطف الله بعضنا على 
بعض واغتبط كل واحد منا بصاحبه؛ ثم نشأت ها بنية فلما أدركت حسدتني على زوجي 
ودأبت في فساد ما بيني وبينه» وحسنت ابنتها في عينه حتى علقها وحطبها إليهاء فقالت: 
لا أزوجك حتى تجعل أمر امرأتك بيدي ففعل» فأرسلت إلي: أي بنية إن زوجك قد 
حطب إلى ابنتي فأبيت أن أزوجه حتى يجعل أمرك في يدي ففعل» وقد طلقتك ثلاثاء 
فقلت صبراً لأمر الله وقضائه» فما ليشت أن انقضت عدتي فبعث إلى زوجها: إني قد 
علمت ظلم عمتك لك وقد أخلف الله عليك زوجاً فهل لك فيه؟ قلت: من همو؟ قال: 
أناء وأقبل يخطبني فقلت: لا والله حتى تجعل أمر عمتي في يدي ففعل» فأرسلت إليها: إن 
زوجك قد حطبني فأبيت عليه إلا أن يجعل أمرك في يدي ففعل» وقد طلقتك ثلاثا» فلم 
يزل حياً حتى توفي رحمة الله عليه» ثم لم ألبث أن عطف الله قلب زوجي الأول فتذكر ما 
كان من موافقتي إياه فأرسل إلي: هل لك في المراجعة» قلت: قد أمكنك ذلك» فخطبني 
فأبيت إلا أن يجعل أمر بنتها في يدي ففعل؛ فطلقتها ثلاث فوثبت العجوز وقالت: أصلح 
الله القاضي» فعلت هذا مرة وفعلته هي مرة بعد مرةء فقلت: إن الله تبارك وتعالى لم 
يوقت لهذا وقتاء وقال: «إومن بغي عليه لينصرنه الله4. 

التعليق على الخبر 

قال القاضي: إن زوج العمة لم يكن له أن يتزوج ابنة أحيها وهي في حباله؛ وأرى أن 
الجارية أرادت أن يتولى التفريق بينه وبينهاء استيفاء منها ومحازاة لما على فعلهاء وقد 
رويت لنا هذه القصة عن طريق آخر وفيها مخالفة لهذه الرواية في السند والمتن معاًء وأنا 


حح الجليس الصال والأئيس الناصح ص سس سحت ه ع اد 
ذاكرها ليستوفي الناظر في كتاب هذا الأمرين جميعاً بمشيئة الله وعونه. 

حدثنا محمد بن داود بن سليمان النيسابوري» قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن محمد بن 
سهل السامري بفلسطين» قال: حدثنا عبد الله بن محمد الإمام» قال: حدثني محمد بن 
الخليل» قال: أحبرني روح بن حرب السمسارء قال: كنت في دار الطيالسة فإذا اليثم بن 
عدي حاضر) قال: سعت محمد بن أي ليلى يقول: كنت يوماً في مجلس القضاء فوردت 
على عجوز ومعها جارية شابة» قال: فذهبت العجوز تتكلم قال: فقالت الشابة: أصلح 
الله القاضي» مرها فلتسكت حتى أتكلم بحجتي وحجتهاء فإن لحنت بشيء فلترد علي» 
فإن أذنت لي سفرت» قال: فقلت: أسفريء قال: فقالت العجوز: إن سفرت قضيت لما 
علي» قال: قلت: أسفريء فأسفرت والله عن وجه ما ظننت أن يكون مثله إلا في الحنة» 
فقالت: أصلح الله القاضي» هذه عمتي» مات أي وتركني يتيمة في حجرها فربتني 
فأحسنت التربية» حتى إذا بلغت مبلغ النساء قالت: يا بنية! هل لك في التزويج؟ قلت: ما 
أكره ذلك يا عمة؛ هكذا كان؟ قالت العجوز: نعم. قالت فخطبني وجوه أهل الكوفة فلم 
ترض لي إلا رجلاً صيرفياً فزوجتني» فكنا كأننا ريحانتان ما يظن أن الله تعالى نلق 
غيري» ولا أظن أن الله عز وجل خلق غيره» يغدو إلى سوقه ويروح علي بما رزقه الله 
فلما رأت العمة موقعه مني وموقعي منه حسدتنا على ذلك» قالت: فكانت لا ابنة 
فسوقتها وهيأتها لدحول زوجي علي فوقعت عينه عليهاء فقال لما: يا عمة! هل لك أن 
تزوجيني ابنتك؟ قالت: نعم بشرطء قال لما: وما الشرط؟ قالت: تصير أمر ابنة أي إلي» 
قال: قد صيرت أمرها إليك» قالت: فإني قد طلقتها ثلاثاً بئة» وزوجت ابنتها من زوجي» 
فكان يغدو عليها ويروح كما كان يغدو علي ويروح. فقلت لها: يا عمة! تأذنين لي أن 
أنتقل عنك» قالت: نعم, فانتقلت عنهاء قالت: وكان لعمتي زوج غائب فقدم فلما توسط 
منزله» قال: ما لي لا أرى ربيبتنا؟ قالت تزروجت وطلقها زوجها فانتقلت عناء فقال ها: 
علينا من الحق ما نعزيها بمصيبتهاء قالت: فلما بلغني محيئه تهيأت له وتسوقتء قالت: فلما 
دخل علي سلم وعزاني بمصيبتي ثم قال لي: إني في بقية من الشباب فهل لك أن أتزوجك؟ 
قلت: ما أكره ذاك ولكن على شرطء قال لي: وايش الشرط؟ قلت: تصير أمر عمتي 
بيدي» قال: فإني قد صيرت أمرها بيدك» قلت: فإني قد طلقتها ثلاثا بئة» قالت: وقدم 
بثقله علي من الغد ومعه ستة آلاف درهمء فأقام عندي ما أقام ثم إنه اعتل فتوفي» فلما 
انقضت عدي جاء زوجي الأول يعزيني بمصيبتي فلما بلغني بحيئه تهيأت له وتسوقتء فلما 
دخل علي قال: يا فلانة! إنك لتعلمين أنك كنت أحب الناس إلي وأعزهم علي» وقد حل 
لنا الرجعة فهل لك في ذلك؟ قلت: ما أكره ذلك ولكن تصير أمر ابنة عمي بيدي» قال: 
فإني قد فعلت صيرت أمر ابنة عمتك بيدك؛ قلت: فإني قد طلقتها ثلاث بتة» أصلح الله 








دح ع ١‏ الس التاسع عشر حت 
القاضي» فرجعت إلى زوجي» فما استعداؤها علي» فقال ابن أبي ليلى: واحدة بواحدة 
والبادي أظلمى قومي إلى منزلك. قال ابن أي ليلى: فحدثت الحادي بذلكء» فقال: ويحك 
يا محمد! ما سمعت حديئا أحسن من هذاء أنا أحب أن أحدث به الخيزران» يعني أمه. 

قال القاضي: وقصة هذا الخبر كقصة المقدم له في أنه لا يحل الجمع بين المرأة 
وعمتها في النكاح» وأن التماس هذه الجارية من حاطبها تمليكها طلاق عمتها وبنتها من 
حباله لما وصفنا أنها أرادت أن تشفي غيظها وتتولى التفريق بينها وبين زوجها بنفسها 
مقابلة لما على ما ابتدأتها به من إساءعتها. 

أخاف أن يكون هي قبولهما وهق رقبي 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أي» قال:حدئنا موسى بن عبد الرحمن؛ 
قال: حدثنا محمد بن حسانء قال: قال لي عمي: قدم محمد بن قحطبة الكوفة فقال: 
أحتاج إلى مؤدب يؤدب أولادي» حافظ لكتاب الله عز وجل» عالم بسنة رسول الله و 
وبالآثار والفقه والنحو والشعر وأيام الناس فقيل له: ما يجمع هذه الأشياء إلا داود الطائي 
وكان محمد بن قحطبة ابن عم داودء فأرسل إليه يعرض ذلك عليه ويسني له الأرزاق 
والفائدة» فى داود ذلك» فأرسل بدرة فيها عشرة آلاف درهم؛ وقال له: استعن بها على 
دهرك, فردهاء فوجه إليه ببدرتين مع غلامين له مملوكين» وقال: إن قبل البدرتين فأنتما 
حران. فمضيا بهما إليه فأبى أن يقبلهما فقالا له: في قبولهما عتق رقابناء فقال لمما: إني 
أحاف أن يكون في قبولهما وهق رقبتي في النار» رداها إليه وقولا له أن يردهما على من 
أحذتهما منه أولى من أن تعطيني إياهما. 

لو علم السبب 

حدثنا محمد بن بحيى الصولي» قال: كنا عند المبرد فجاءه رجل من ولد ابن الزيات 
فشكا إليه أمر ابن له جدع وليس يدري أين هو فقال له: إنه جميل الوجهء وشاور أبا 
العباس في أمره» فلما قام قال أبو العباس: أنشدنا الرياش: 


ولو كان هذا الضب لا ذنب له ولا كشية ما مسه الدهر لامس 
ولكنه من أجل طليب ذنيبه وكشيته دبت إليه االدهارس 


قال القاضي: الكشية:الشحمة» ويقال: إن على جنبتي ظهره من جهتي عنقه إلى ذنبه 
شحمتين ممتدتين إليه هما كشيتاه» و جمع الكشية كشى مثل كلية وكلىء قال الشاعر: 
إنك لو ذقت الكشى بالأكباد لم ترسل الضبة إعداء الواد 
والدهارس والدهاريس: الدواهيء قال الشاعر: 
حنت إلى النخلة القصوى فقلت لما حجر حرام ألا تلك الدهاريس 


ح الجليس الصالح والأنيس التناصح بس سس سسحتت ) ا 
بأي شيء استحق سعيد بن عبد الرحمن توليه القضاء 

حدثنا محمد بن زياد المقري» قال: أخبرنا محمد بن إسحاق السراج بنيسابور» قال: 
أحبرنا داود بن رشيدء قال: قلت للبيثم بن عدي: بأي شيء استحق سعيد بن عبد 
الرحمن أن ولاه المبدي القضاء وأنزله منه تلك المنزلة الرفيعة؟ قال: إن حبره في اتصاله 
بالمهدي طريف» إن أحببت شرحته لك» قلت: قد والله أحببت ذلكء» قال: اعلم أنه 
وافى الربيع الحاجب حين أفضت الخلافة إلى المهدي» فقال: استأذن لي على أمير 
المؤمنين» فقال له الربيع: يا هذا! وما حاجتك؟ قال:أنا رجل رأيت لأمير المؤمنين أعزه 
الله رؤيا صالحة» وقد أحببت أن تذكرني لهء قال: له الربيع: يا هذا! إن القوم لا يصدقون 
ما يرونه لأنفسهم فكيف ما تراه لهم فاحتل بحيلة هي أرد عليك من هذه فقال له: إن 
لم تخبره بمكاني سألت من يوصلني إليه» فأخبرته أني سألتك الإذن لي عليه فلم تفعل» 
فدحل الربيع على المبدي فقال له: يا أمير المؤمنين إنكم قد أطمعتم الناس في أنفسكم 
فقد احتالوا لكم بكل ضرب., فقال له المهدي: هكذا تصنع الملوك فما ذلك؟ قال: رجل 
بالباب يزعم أنه رأى لأمير المؤمنين أيده الله رؤيا حسنة» وقد أحب أن يقصها عليه؛ 
فقال له المهدي: ويحك يا ربيع! إني والله أرى الرؤيا لنفسي فلا تصح لي» فكيف إذا 
ادعاها لي من لعله قد افتعلها؟ قال: قد والله قلت له مثل ذلك فلم يقبل» قال:فهبات 
الرجل» قال: فأدحل عليه سعيد بن الرحمن وكان له رواء وجمال ومروءة ظاهرة ولحية 
عظيمة وعارضة ولسانءفقال له المبدي: هات بارك الله عليكء» ماذا رأيت؟ قال: رأيت 
يا أمير المؤمنين آنتياً أتاني في منامي فقال لي: إن أمير المؤمنين المهدي يعيش ثلاثين سنة 
في الخلافة» وآية ذلك أنه يرى في ليلته هذه في منامه كأنه يقلب يواقيت ثم يعدها فيجدها 
ثلاثين ياقوتة كأنها قد وهبت لهء فقال له المهدي: ما أحسن ما رأيت! ونحن شتحن 
رؤياك في ليلتنا المقبلة على ما خبرتناء فإن كان الأمر على ما ذكرت أعطيناك ما تريدء 
وإن كان الأمر بخلاف ذلك لم نعاقبك لعلمنا أن الرؤيا ريما صدقت وربما أحلفت» قال 
له سعيد: يا أمير المؤمنين فماذا أصنع أنا الساعة إذا صرت إلى منزلي وعيالي وأخبرتهم أني 
كنت عند أمير المؤمنين أكرمه الله ثم رجعت صفرا؟ قال له المهدي: فكيف نعمل؟ قال: 
يعجل لي أمير المؤمنين أعزه الله ما أحب وأحلف له بالطلاق أني قد صدقتء فأمر له 
بعشرة آلاف درهم. وأمر أن يؤحذ منه كفيل ليحضر في غير ذلك اليوم» فقبض المال 
وقيل: من يكفل بكء فمد عينه إلى حادم له حسن الوجه والزي فقال: هذا يكفل ي» 
فقال له المهدي: أتكفل به يا تملكء» فاحمر وحجل وقال: نعم يا أمير المؤمنين» فكفل به 
وانصرف سعيد بن عبد الرحمن بعشرة آلاف درهم., فلما كان في تلك الليلة رأى المهبدي 
ما ذكر له سعيد حرفاً حرفاًء وأصبح سعيد فوافى الباب واستأذن فأذن له فلما وقعت 


حم )ع اع سح الس التاسع عشر حت 
عين المهدي عليه قال: أين مصداق ما قلت لنا؟ قال له سعيد: وما رأى أمير المؤمنين 
شيئاً؟ فضجع في جوابه» فقال له سعيد: امرأتي طالق إن لم يكن رأيت شيئاًء قال له 
المهدي: ويحك! ما أجرأك على هذا الحلف بالطلاق! قال: لأني أحلف على صدقء قال 
له المهبدي: فقد والله رأيت ذلك مبيئاًء فال له سعيد: الله أكبرء فأنجز لي يا أمير 
المؤمنين ما وعدتني» قال له: حبا وكرامة» ثم أمر له بثلاثة آلاف دينار وعشرة تخوت 
ثياباً من كل صنفء وثلاث مراكب من أنفس دوابه محلاة» فأحذ ذلك وانصرف» فلحق 
به الخادم الذي كفل به» وقال له: سألتك بالله هل كان لهذه الرؤيا التي ذكرتها من أصل؟ 
قال له سعيد: لا والله» قال الخادم: كيف وقد رأى أمير المؤمنين ما ذكرته له؟ قال هذه 
من المخاريق الكبار التي لا يأبه لما أمثالكم» وذلك أني لما ألقيت إليه هذا الكلام خطر 
بباله وحدث نفسه وأسر به قلبه وشغل به فكره, فساعة نام خيل له ما حل في قلبه وما 
كان شغل به فكره في المنام» فقال له الخادم: قد حلفت بالطلاق» قال: طلقت واحدة 
وبقيت معي على ثنتين فأزيد ني مهرها عشرة دراهم وأتخلص وأحصل على عشرة آلاف 
درهم وثلاثة آلاف دينار وعشرة تخوت من أصناف الثياب وثلاث مراكب فرهة» فبهبت 
الخادم في وجهه وتعجب من ذلكء» فقال له سعيد: قد صدقتك وجعلت صدقي لك 
مكافاتك على كفالتك بي فاستر علي» ففعل ثم طلبه المهدي لمنادمته» وحظي عنده 
وقلده القضاء على عسكر المهدي فلم يزل على ذلك إلى أن مات. 

فهذا كان السبب في وصلة سعيد بن عبد الرحمن بأمير المؤمنين المهبدي» فهل سبعت 
بأعجب من ذلك يا داود؟ قال: لا. 

التعليق على هذه القصة 

قال القاضي: قول سعيد في هذا الخبر أنه طلق واحدة وبقيت معه على اتثنتين وأنه 
يزيد في مهرها عشرة دراهمء من كلام الحمقى العامة وجهالحم» لأن مطلق امرأته 
المدحول بها واحدة إن راجعها في عدتها فلا مهر عليه لماء وإن تزوجها بعد بينونتها فعليه 
الصداق مبتدئاً غير زائد على قدر منه متقدم» وني حمل سعيد نفسه في هذه القصة على 
الكذب وحاصة في الرؤيا وإطلاع الخادم على قبيح ما أتاه» وكذبه فيما حكاف وجعله 
هذا مكافأة له على كفالته به» واعتماده مسترسلاً إليه في ستر رذيلته عليه؛ دليل على أنه 
كان بمحل من الغرق» وأن عظم لحيته كان على شكل يدل على السفاهة والحمق. وقد 
حدثنا علي بن الفضل بن طاهر البلخي قال: حدثنا محمد بن أيوب بن يزيد» قال: حدثنا 
أحمد بن يعقوب» قال حدثنا مصعب بن حارجة» عن أبيه» من كانت لحيته طويلة فلا يلم 
في عقله شيء. 

حدثنا الليث بن محمد بن الليث المروزي» قال: سمعت عبد الله بن محمودء يقال: نظر 


حج الجليس الصالح والأنيس الناصح جا 8 5 ١‏ حت 
على بن حجر إلى أني الدرداءء قال: وهو طويل اللحية فأنشأ يقول: 
ليس بطول اللحى يستوجبون القضا 
إن كان هذا كذا فالتيس عدل رضا 
قال: ومكتوب في التوراة: لا يغرنك طول اللحى, فإن التيس له لحية. 
حكاية عن القاضي العوشي. وكان طويل اللحية 

حدثنا محمد بن الحسن المقري» قال: أخبرني الساجي بالبصرة» قال: اشترى رجل من 
أصحاب القاضي العوفي جارية فغاضبته ولم تطعف فشكا ذلك إلى العوفي فقال: أنفذها إلي 
حتى أكلمها فأنفذها إليه؛ فال لما: يا عزوب يا لعوب يا ذات الجلابيب» ما هذا التمنع 
امحانب للخيرات» والاختيار للأحلاق المشنوءات» فقالت له: أيد الله القاضي: ليس لي 
فيه حاجة فمره يبيعني» فقال لما: يا منية كل حليم» وبحاث عن اللطائف عليم» أما علمت 
أن فرط الاعتياصات من الموموقات على طالبي المودات والباذلين لكرائم المصونات 
مؤديات إلى عدم المفهومات؟ فقالت الجارية: ليس في الدنيا أصلح لهذه العثنونات على 
صدور أهل الركاكات من المواسي الحالقات» وضحكت وضحك أهل المجلس. وكان 
العوفي عظيم اللحية. 

قال القاضي: العوني هو الحسن بن الحسن بن عطية بن سعيد بن جنادة» ويكنى أبا 
عبد الله من أهل الكوفة وقد سمع سماعاً كثيراً» غير أنه ضعيف في الحديث» قدم بغداد 
وولي قضاء الشرقية بعد حفص بن غياث ثم نقل من الشرقية فولى قضاء عسكر المهدي 
في حلافة هارون ثم عزل» فلم يزل ببغداد إلى أن توفي بها سنة إحدى أو اثنتين ومائتين») 
وكان من أعظم الناس لحية 

المجلس العشرون 
حديث إن يصدق ذو العقيصتين يدخل الجنة 

حدثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أني الرجال الصالحي» قال: حدثنا أبو داود 
سليمان بن يوسف الحراني» حدثنا سعيد بن بزيع بع» قال: فحدثني محمد بن إسحاقء قال: 
فحدثني محمد بن محمد بن الوليد بن نويفع؛ عن كريب مولى ابن عباس» عن ابن عباس» 
قال: بعث بنو سعيد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافداً إلى رسول الله عي فقدم عليه فأناخ 
بعيره على باب المسجد ثم عقله. ثم دحل المسجد ورسول الله وه جالس في أصحابهء 
وكان ضمام رجلاً جلداً أشعر ذا غديرتين فأقبل حتى وقف على رسول الله غْيَعهِ في 
أصحابه فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ فقال رسول الله ي: أنا ابن عبد المطلبء» قال: 
محمد؟ قال: نعم» قال: فيا ابن عبد المطلب فإني سائلك ومغلظ في المسألة» فلا تجدن في 
نفسكء قال: لا أجد في نفسي فسل عما بدا لكء قال: أنشدك لله إلهك وإله من كان 


حدم وه ابس بو سس ال مجلس العشرون حت 
قبلك وإله من هو كائن بعدك, الله بعنك إلينا رسولاً؟ قال: اللهم نعم» قال: فنشدة مثلهاء 
الله أمرك أن نعبد الله وحده لا شريك له وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون 
معه؟ قال: اللهم نعم؛ قال: فنشده مثلهاء الله أمرك أن نصلي هذه الصلوات الخمس؟ قال: 
اللهم نعم؛ قال: ثم جعل يذكر شرائع الإسلام يناشده عند كل فريضة كما يناشده في التي 
قبلهاء حتى إذا فرغ قال: فإني أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسولهء وأؤدي هذه 
الفرائض» وأجتنب ما نبيتني عنه ولا أزيد ولا أنقصء قال: ثم انصرف إلى بعيره» قال: 
فقال رسول الله َيه حين ولى: "إن يصدق ذو العقيصتين يدحل الحنة". قال: فأتى إلى 
بعيره فأطلق عقاله ثم حرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه» فكان أول ما تكلم به أن 
قال: بئست اللات والعزىء» فقالوا: مه يا ضمامء اتق البرصء اتق الحذام» اتق اللجنون» 
قال: ويلك وله ما يضران ولا بتشعات. إن الله تعالى بعث رسولاً وأنزل كتاباً لينقذكم به 
مما كنتم فيه» وإني شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لهء وأن محمداً عبده ورسوله. 
الما أمركم به وما نهاكم عنه» قال: فوالله ما أمسى في ذلك اليوم 
وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلمة» قال: يقول ابن عباس: ما سمعنا بوافد قوم ذكر 
كلمة من ضمام بن تعلبة. 

قال القاضي رحمه اللّه: لم يذكر لنا ما الكلمة» ولعلها ذهبت عن حفظ بعض الرواة أو 
سقطت من كتابه» وينبغي أن يكون معناه أعظم بركة أو ما أشبه هذا من الوجوهء وفي 
هذا الخبر: ما أبان عن حسن دعاء النبي َه ووطاءة كنفه ولين جانبه» وإجابته إلى الحلف 
لما فيه من تسكين نفس مساجله؛ وتأميله زوال الريب عن قلبه» وهو ؤلْكه أصدق الناس 
في قيله» وأوفاهم أمانة فيما هو بسبيله. 

كتاب قيصر إلى عمر رضي الله عنه بشأن الئخلة 

حدثنا محمد بن منصور بن أني الحهم الشيعي» قال: حدثنا عمرو بن علي» قال: حدثنا 
أبو قتيبة» قال: حدثنا يونس بن الحارث الطائفي» عن الشعبي» قال: كتب قيصر إلى عمر: 
أخبرك أن رسلي أتتني من قبلك فزعمت أن قبلكم شجرة ليست بخليقة لشيء من الخير» 
تخرج مثل آذان الحمر ثم تشقق عن مثل اللؤلؤ أحسبه قال: الأبيض ثم تخضر قتكون مثل 
الزمرد الأحضر ثم تحمر فتكون مثل الياقوت الأحمر» ثم تينع وتنضج فتكون كاطيب 
فالوذج أكلء ثم تيبس فتكون عصمة للمقيم وزاداً للمسافر» فإن تكن رسلي صدقتني فلا 
أرى هذه الشجرة إلا من شجر الجنة. فكتب إليه عمر؟ "من عبد الله عمر أمير المؤمنين 
إلى قيصر ملك الروم: إن رسلك قد صدقتكء هذه الشجرة عندنا هي الشجرة التي أنبتها 
الله عز وجل على مربم حين نفست بعيسى ابنها الل فاتق الله ولا تنخذ عيسى إلا من 
دون الله فإن مثل عيسى عندنا كمثل آدمء حلقه من تراب ثم قال له كن فيكون,» الحق 


- الجليس الصالح والأئيس الناصح ص سب سسب ص رو اح 
من ربك فلا تكن من الممترين". 
بعض ما تلحن فيه العامة الزمرد والزيرجد 

قال القاضي رحمه الله: قد روينا هذا الخبر من طرق شتى» وفي بعضها ألفاظ ليست في 
بعض» وقوله الزمرد العامة يخطئون فيه فيقولون زمرد بالدال المهملة» ويقولون الزبرجدذ 
بالذال المعجمة» والذي حكاه أهل اللغة عن العرب أنه الزمرد بالإعجام والزبرجد بالإمهام 
على عكس ما يقوله من لا علم به من العوام» وذكر بعض أهل المعرفة أن من فضل 
النخحل أن جميعه في بلاد الإسلام» وأنه ليس في بلاد الشرك منه شيء. 

من شهداء الهوى 

محمد بن سلام» قال كان بالمدينة فتى من بني أمية من ولد سعيد بن عثمان بن عفان 
وكان يحتلف إلى قينة لبعض قريش» وكان طريرا ظريفاء وكانت الحارية تحبه ولا يعلم 
بحبهاء فأراد يوماً أن يشكو ذلكء فقال لبعض إحوانه: امض بنا إلى فلانة» وانطلقا فدحلا 
إليها وتوافى فتيان من قريش والأنصار» فلما جلست بجلسها واحتجرت بمزهرهاء قال 


الأموي تغنين: 
أحبكم حباً بكل جوارحي فهل لكم علم بما لكم عندي 
وتجزون بالود المضاعف مثل سه فإن الكريم من جزى الود بالود 
قالت نعم» وأحسن منه» وغنت: 
للذي ودنا المودة بالضع ف وفضل البادي به لا يجازى 
لو بدا جهالكمملالأر لض وأقطار شامها والحجازا 


فعجب القوم من سرعته مع شغل قلبه, ومن ذهنها وحسن جوابها فازداد بها كلفاء 
أنت عذر الفتى إذا هتك اللستك لسر وإن كان يو سف المعصوما 
من يقمفي هواك يقصر عن اللو م وإمبازال كان ملوما 
وبلغ عمر بن عبد العزيز وهو على المدينة خبرهاء فاشتراها بعشر حدائق ووهبها له 
وما يصلحبهاء فمكثت عنده حولا ثم ماتت فرثاهاء فقال: 
قدهشنيت جد الخلد بالجب لد فأدخلتها بلا استتثهال 
ثم أحرجت إذ تطعمت بالنع لمة منها والمسوت أحمد حالي 


وكرر هذا الشعر مراراً وقضىء» فدفنا معاً» فقال أشعب: هذان شهيدا الهوى انحروا 


حرو سسسب + لل الس العشرون حت 
على قبره سبعين نحرة كما كبر رسول الله يك على قبر حمزة سبعين تكبيرة. 

قال: وبلغ أبا حازم فقال: لو محب في الله عز وجل يبلغ في الحب هذا المبلغ فهو ولي. 

من نزاهة حفص بن غياث هي الحكم 

حدثنا محمد بن مخلد بن حفص العطار: قال: حدثني يحيى بن الليث» قال: باع رجل 
من أهل خراسان جمالاً بثلاثين ألف درهم من مرزبان ابحوسي وكيل أم جعفر» فمطله 
بثمنها وحبسه. فطال ذلك على الرجل فأتى بعض أصحاب ابن غياث فشاوره؛ فقال له: 
اذهب إليه فقل له: أعطني ألف درهم وأحيل عليك بالمال الباقي وأخرج إلى حراسان» 
فإذا فعل هكذا فالقني حتى أشير عليك» ففعل الرجل وأتى مرزبان فأعطاه ألف درهم؛ 
فرجع إلى الرجل فأخبره» فقال: عد إليه فقل له: إذا ركبت غداً فطريقك على القاضي 
تحضر وأوكل رجلا يقبض المال وأحرجء فإذا جلس إلى القاضي فادع عليه ما بقي لك 
من المال» فإذا أقر حبسه حفص وأخذت مالكء» فرجع إلى مرزبان فسأله فقال: انتظرني 
ياب القاضي» فلما ركب من الغد وثب إليه الرجل فقال: إن رأيت أن ننزل إلى القاضي 

حتى أوكل بقبض المال وأخرج فنزل مرزبان فتقدما إلى حفص بن غياث فقال الرجل: 
أصلح الله القاضيء لي على هذا تسعة وعشرون ألف درهمء قال حفص: ما تقول يا 
بحوسي؟ قال: صدق أصلح الله القاضي, قال: ما تقول يا رجل فقد أقر لك؟ قال: يعطيني 
مالي أصاح الله القاضي» فأقبل حفص على المحوسي فقال: ما تقول؟ قال: هذا المال على 
السيدة» قال: أنت أحمق» تقر ثم تقول: على السيدة» ما تقول يا رجل؟ قال: أصلح الله 
القاضي) إن أعطاني مالي وإلا حبسته. قال حفص: ما تقول يا بحوسي؟ قال: المال على 
السيدة» قال: حذوا بيده إلى الحبس» فلما حبس بلغ أم جعفر الخبر فغضبت فبعثت إلى 
السندي: وجه إلي مرزبان؛ كانت القضاة تحبس الغرماء في الجسرء فعجل السندي 
فأخر جه وبلغ حفصاً الخبر فقال: ) حبس أنا ويخرج السندي» لا جلست بمحلسي هذا أو 
ره مرزيان ل اليس؛ فجاءاسندي إلى أ حعطرفقال: له لهي أنه خقص بن غياث 
وأحاف من أمير المؤمنين أن يقول: بأمر من أخر جته. رديه إلى لى الحبس وأن نا أكلم حفصاً 
في أمره فأجابته فرجع مرزبان إلى الحبس» فقالت أم جعفر لمارون: قاضيك هذا أحمق» 
حبس وكيلي واستخف به فمره لا ينظر في الحكم ويولي أمره إلى أبي يوسفء فأمر لما 
بكتاب وبلغ حفصاً الخبر» فقال للرجل: أحضرني شهوداً حتى أسجل لك على المحوسي 
بالمال» فجلس حفص فسجل على امحوسي وورد كتاب هارون مع حادم» فقال: هذا 
كتاب أمير المؤمنين» قال: مكانك نحن في شيء حتى نفرغ منه» فقال: كتاب أمير 
المؤمنين» فقال: انظر ما يقال لكء؛ فلما فرغ حفص من السجل أحذ الكتاب من الخادم 
فقرأه» فقال: اقرأ على أمير المؤمنين السلام وأحبره أن كتابه ورد وقد أنفذت الحكء 


حت الجليس الصاح والأنيس الناصح سس 7777م ه وا 
فقال الخادم: قد والله عرفت ما صنعتء أبيت أن تأخذ كتاب أمير المؤمنين حتى تفرغ مما 
تريد» و والله لأخحبرن أمير المؤمنين» بما فعلت» فقال له حفص: قل ما أحببت» فجاء الخادم 
فأخبر هارون فضحكء وقال: مر لحفص بن غياث ثلاثين ألف درهم» فركب يحيى بن 
خالد فاستقبل حفصاً منصرفاً من مجلس القضاءء فقال: أيها القاضي! قد سررت أمير 
المؤمنين اليوم وأمر لك بثلائين ألف درهم. فما كان السبب في هذا؟ قال: تمم الله سرور 
أمير المؤمنين وأحسن حفظه وكلاءته, ما زدت على ما أفعل كل يوم» قال: علي ذلك؟ 
قال: ما أعلم إلا أن يكون سجلت على مرزبان النمحوسي بما وجب عليه» فقال يحبى بن 
الد: بهذا سر أمير المؤمنين» فقال حفص: الحمد لله كثيرأء فقالت أم جعفر لحارون: لا أنا 
ولا أنت إلا أن تعزل حفصاًء فأبى عليهاء ثم لحت عليه فعزله عن الشرقية وولاه القضاء 
على الكوفة فمكث عليها ثلاث عشرة سنة» وكان أبو يوسف لما ولي حفص قال 
لأصحابه: تعالوا نكتب نوادر حفص»ء فلما وردت أحكامه وقضاياه على أبي يوسف قال له 
أصحابه: أين النوادر التي زعمت نكتبها؟ فقال: ويحكم! إن حفصاً أراد الله فوفقه. قال ابن 
مخلد: قال أبو علي: سعت أبا علي حسن بن حماد سجادة يقول: قال حفص بن غياث: 
والله ما وليت القضاء حتى حلت لي الميتة» ومات يوم مات ولم يخلف درهما وخلف عليه 
تسع مائة درهم ديناء قال سجادة: وكان يقال:حتم القضاء بحفص بن غياث. 
لا يستحيي أحدكم من التعلم 

حدثنا محمد بن الفتح القلانسي» قال: أخبرنا ابن أي عمرو الشيباني» عن أبيه» عن أني 
عبد الرحمن الطائي» قال: قال لي عبد الله بن زيد القيسي: بينا أنا واقف على رأس ابن 
هبيرة وبين يديه ساطان من وجوه الناس إذ أقبل شاب لم أر في مثل جماله وكماله» حتى 
دنا من ابن هبيرة فسلم عليه بالإمرة فقال: له: أصلح الله الأمير» امرؤ قدحته كربة» 
وأوحشته غربة؛ ونأت به الدار» وحل به عظيمء خذله أخلاؤه؛ وشت به أعداؤف وأسلمه 
البعيد» وجفاه القريب» فقمت مقاماً لا أرى لي معولاً و لا حازباً إلا الرجاء لله تعالى 
وحسن عائدة الأميرء وأنا أصلح الله الأمير ممن لا تجهل أسرته ولا تضيع حرمته؛ فإن 
رأى الأمير -أصلحه الله - أن يسد حلتي ويجبر خصاصتي يفعل» فال ابن هبيرة: من 
الرجل؟ قال: من الذين يقول لهم الشاعر: 
فزارة بيت العز والعز فيبم فزارة قيس حسب قيس فعالهبا 
هما العزة القصوى مع الشرف الذي بناه لقيس في القديم ربجالها 
وهل أحد إن مد يوماً بكفه إلى الشمس في مجرى النجوم ينانا 
لميهات ما أعيا القرون التي مضت مآائر قيس واعتلاها فعالهبا 


جه اسك سح الجلس العشرون حح 
فقال ابن هبيرة: إن هذا لأدب حسن مع ما أرى من حداثة سنك» فكم أتى لك من 
السن؟قال:تسع وعشرون سنةء فلحن الفتى» فأطرق ابن هبيرة كالشامت به ثم قال: أو 
لحان أيضاً مع جميل ما أتى عليه منطقك؟ شنته والله بأقبح العيب» قال: فأبصر الفتى ما 
وقع فيه؛ فقال: إن الأمير أصلحه الله عظم في عيني وملأت هيبته صدريءفنطق لسائي بما 
لم يعرفه قلبي» فوالله إلا ما أقالني الأمير عثرتي عندما كان من زلتي» فقال ابن هبيرة: وما 
على أحدكم أن يتعلم العربية فيقيم بها أوده؛ ويحضر بها سلطانه» ويزين بها مشهده؛ وينوء 
بها على خصمه أو يرضى أحدكم أن يكون لسانه مثل لسان عبده أو أكاره؟ وقد أمرنا 
لك بعشرة آلاف درهم) فإن كان سبقك لسانك وإلا فاستعن ببعض ما أوصلنناه إليك» 
ولا يستحبي أحدكم من ,التعلم» فإنه لولا هذا اللسان لكان الإنسان كالبهيمة المهملة) 
وفي رواية أخحرى: أو كالصورة الممثلة» قتل الله الشاعر حيث يقول: 
ألم تر مفتاح الفوؤاد لسانه إذا هو أبدى ما يقول من الفم 
وكائن ترى من صاحب لك معجب زيادته أو نقصه في االتكلم 
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم 
قال القاضى: في هذا الخبر: فإن رأى الأمير يفعل» فالأحسن: فإن رأى فعل» أو فإن 
ير يفعل ليتفق لفظ الشرط ولفظ الحزاء» وفعل الجزاء مستقبل في المعنى وإن أتى به بلفظ 
المضي» وبحيئه مختلط على ما في هذا الخبر صواب» وقال زهير: 


ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ولو نال أسباب السماء بسلم 
اللحائون من الخاصة 


حدثنا إساعيل بن علي الخطبي» قال: أحبرنا أبو أحمد البربوني» قال: قال أبو أيوب 
. يعني سليمان بن أني شيخء وقال أبو الزناد: كان الوليد بن عبد الملك بن مروان لحانا 
كأني أسمعه على منبر النبي 8هُ وهو يقول: يا أهل المدينة. قال: وقال عبد الملك بن 
مروان لرجل من قريش: إنك لرجل لولا أنك لحان» فقال: وهذا ابنك الوليد يلحن» قال: 
لكن ابني سليمان لا يلحن» قال الرجل: وأخي فلان لا يلحن. 

قال أبو أيوب: كان ربيعة الرأي لحاناً» ومالك بن أنس لحاناً. 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: حدثنا عمر بن عبد الرحمن السلمي قال: حدثا 
المازني» قال: سمع أبو عمرو أبا حنيفة يتكلم في الفقه ويلحن فأعجبه كلامه واستقبح 
لحنهء فقال: إنه الخطاب لو ساعده صوابء ثم قال لأبي حنيفة: إنك أحوج إلى إصلاح 
لسانك من جميع الناس. 


حت الجليس الصاح والأنيس الناصح مس كك ٠7٠7٠77‏ هه اح 
جاريتان تغلبان عيسى بن أبان 

حدثني طاهر بن مسلم العبدي» قال: حدثني الغلاني» قال: حدثني أحمد بن سليمان 
قال: سمعت عيسى بن أبان» يقول: كنت عند المأمون فاستأذنته في الخروج إلى البصرة إلى 
عيالي») فقال: أمير المؤمنين أشوق إليك منك إلى عيالك» ولكن وجه إليهم فيحملواء ثم 
قال لخادم على رأسه: قل لهم: يحثواء قال: فإذا غلام أمرد قد أقبل لم تر عيني أحسن منه 
مغلف بالغالية يخطر حتى جاء فسلمء فقال له: مرحباً ثم أجلسه على فخذه اليمنى» ثم 
أقبل آخر مثله فأقعده على فخذه اليسرى فجعلت أنظر إلى حسنهماء فقال لي: يا عيسى! 
بأيهما ترى أن أبدأء فقلت: أعيذ أمير المؤمنين بالله» لقد نزهه الله عن هذا وصانه؛ قال: 
يا عيسى ليس هو الذي ذهبت إليه» إنهما جاريتان اشتبيتهما ني زي الغلمان» فقلت: أمير 
المؤمنين أعلى عيناًء فقالت الأولى: والله يا عيسى ما تحسن الحكومة؛ ألم تسمع إلى قول 
الله عز وجل: إالسابقون الأولون4 قال: فبقيت والله متعجباً وتمنيت أني كنت اهتديت 
إلى ما قالت بجميع ملكيء ثم قالت الأخرى: لا والله يا عيسى» ما تبصر من الحكومة 
شيئء ألم تسمع إلى قول الله عز وجل: «إوللآخرة خير لك من الأولى» فتركته معهما 
وخرجت. 

أبو نواس يأخذ معنى حديث شريف وينظمه شعرا 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: حدثنا محمد بن سعيد» قال: حدثني أبو شامة 
القيسي» قال: فحدثنا محمد بن المهلب, قال: حدثنا يزيد بن زريع؛ قال: رأيت أبا نواس 
عنده روح بن القاسم» فتحدث روح عن سهيل بن أبي صالح» عن أبيه» عن أني هريرة» 
قال: قال رسول الله ِيَّه: "القلوب جنود مجندة» فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها 
احتلف". قال أبو نواس: أنت لا تأنس بي وسأجعل هذا الحديث منظوماً بشعر» قلت: 
فإن قلت ذلك فجئني به» فجاءني فأنشدني: 


يا قلب رفقاً» أجد منك ذا الكلف ومن كلفت به جان كما تصف 
وكان في الحق أن يهواك محتهداً بذاك خبر منا الغابر االسلف 
إن القلوب لأجناد مجندة لله في الأرض بالأهواء تعترف 
فما تناكر منها فهو خحتلف وما تعارف منها فهو مؤتلف 


حدثنا الصولي: قال: حدثني محمد بن يزيد المهلبي » قال: حدئني ابن مهدويةءقال: 
الضرير - قال: حدثني يزيد بن زريع: وساق الخبرء إلا أنه زاد فيه قال يزيد بن زريع: 


ره اسع لءطع_-   _‏ _ سس ا مجلس العشرون حت 
شرب نبيذا ثم لا يدري أطلق امرأته أم لا. وحكم ذلك 

حدثنا أي رضي الله عنه» قال: حدثنا عبد الله بن أيوب بن زاذان القربي» قال: حدثنا 
أحمد بن محمد بن سعيد التميمي» قال: حدثنا عبد الرحمن بن معري» قال: جاء رجل إلى 
. حنيفة» فقال: إني شربت البارحة نبيذاً فلا أدري طلقت امرأتي أم لاء قال: المرأة 

مرأتك حتى تستيقن أنك طلقتهاء ثم أتى سفيان الثوري فقال: يا أبا عبد الله! إني شربت 
ابارحة بيد قاد دري طلقت امراق بي أم لاء قال: اذهب فراجعها فإن كنت قد طلقتها فقد 
راجعتها و إن لم تك طلقتها لم تضرك المراجعة شيئاء * ثم أتى شريك بن عبد الله فقال: يا أبا 
عبد الله! إني شربت البارحة نبيذاً ولا أدري طلقت امرأتي أم لاء قال: اذهب فطلقها ثم 
راجعهاء ثم أتى زفر بن الحذيل» فقال: يا أبا الحهذيل! إني شربت البارحة نبيذاً ري 
طلقت امرأتي أم لاء قال: سألت غيري؟ قال: أبا حنيفة» قال: فما قال لك؟ قال: المرأة 
امرأتنك حتى تستيقن أنك قد طلقتهاء قال: الصواب قال» قال: فهل سألت غيره؟ قال: 
سفيان التوري» قال: فما قال لك؟ قال: اذهب فراجعها فإن كنت قد طلقتها فقد راجعتها 
وإن لم تك طلقتها لم تضرك المراجعة شيئاً» قال: ما أحسن ما قال! قال: فهل سألت 
غيره؟ قال: شريك بن عبد الله» قال: فما قال لك؟ قال: اذهب فطلقها ثم راجعهاء 
فضحك زفر وقال: لأضربن لك مثلأء رجل مر بمذغب يسيل فأصاب ثوبه» قال لك أبو 
حنيفة: ثُوبك طاهر وصلاتك تامة حتى تستيقن أمر الماء» وقال لك سفيان: اغسله فإن يك 
نجساً فقد طهرء وإن يك نظيفاً زاد نظافة» وقال لك شريك: اذهب فبل عليه ثم اغسله. 

حدف ألف الاستفهام 

قال القاضي: في هذا الخبر: ولا أدري طلقت امرأتي أم لاء والفصيح ولا أدري 

أطلقت» غير أنه قد جاء في مواضع بغير ألف اكتفاء بدلالة أم» قال امرؤ القيس: 


تروح من الحي أم تبتكر وماذا يضرك لو تنتظر 
وقال آخر: 
لعمرك ما أدري وإن كنت داريا شعيب بن سهم أم شعيب بن منقر 
وقال ابن أني ربيعة: 
فوالله ما أدري وإن كنت دارياً بسبع رمين الحمر أم بثمان 


وقد أجاز قوم حذف ألف الاستفهام وإن لم تكن أم في الكلام» وتأولوا مثل هذا في 
القرآن؛ كقوله هذا ربي» واستشهدوا بقول الحذلي: 

رفوني وقالوا يا خحويلد لم ترع فقلت وأنكرت الوجوه: هم هم؟ 

وقول ابن أبي ربيعة: | ر 

ثم قالوا: تحبها؟ قلت بهرا عدد الرمل والحصى والتراب وأنكر هذا بعض نظار 


جح الجليس الصالح والأئيس الناصح ب سس ل هونن اج 
النحويينء إذ فيه عنده التباس الخبر والاستخبارء وقال: الأبيات على الخبر دون الاستفهام. 

وقد أحسن زفر في فصله بين هؤلاء الثلاثة فيما أفتوا به في هذه المسألة وفيما ضربه 
لسائله من الأمثال» وأما قول أبي حنيفة فهو محض النظر ومر الحق» ولا يجوز أن يحكم 
على امرئ في زوجته بطلاقها بعد صحة زوجيتهاء ويقين العلم بغبوت النكاح بينه وبينهاء 
بظن عرض له وحسبان أنه أوقع الطلاق في حال يتغير فيها الفهم» ويزول معها التمييزء 
وهو أبعد عند ذوي الأفهام» من أضغاث الأحلام» ورؤيا الراقد في المنام» من حال 
الصحة التي تلزم فيها الأحكام؛ وتجري فيها الأقلام؛ فأما ما قال سفيان الثوري فإنه أشار 
بالاستظهار والتوقفة والأحذ بالحزم والحيطة وهذه طريقة أهل الورع المتقين» وذوي 
الاستقصاء على أنفسهم من أهل الدين» وفتيا أبي حنيفة في هذا عين الحق وجل الفقهع 
وأي هاتين المحجتين سلك من نزلت به هذه النازلة» وعرضت له هذه الحادثة فهو مصيب 
محسن على ما بينا فيها من الفضل بين المنزلتين» وأما ما أفتى به شريك وتعجب زفر منه 
واقع في موقعه» ولا وجه في الصحة لما أشار به» وقد أصاب زفر أيضاً في المفل الذي 
ضربه له» وأرى أن شريكاً توهم أن الرجعة لا تتحقق إلا مع تحقق الطلاق» فأمر 
باستئناف تطليقة لتصح الرجعة بعدهاء وهذا ما لا يحيل فساده» ولو كان كما نرى أنه 
توهمه لما أثرت الرجعة إلا في التطليقة التي أوقعها وتيقنها دون التي أشفق من تقدمها وهو 
على غير يقين منهاء ولو أن رجلاً وكل رجلاً في طلاق زوجته؛ ثم غاب الوكيل فأشفق 
من تطليقه إياها عليه» وأشهد على رجعتها وهو غير عالم بوقوعهاء ثم تبين أنها وقعت قبل 
مراجعته لصحت رجعته» وكذلك لو كتب إلى زوجته بطلاقها إذا وصل إليها كتابف ثم 
أشهد على الرجعة بعد الوصول وقبل انقضاء العدة» لكانت الرجعة صحيحة لوقوعها بعد 
الطلاق الذي لم يكن عالماً به.؟ 

المجلس الحادي والعشرون 
حديث إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم 

حدبنا محمد بن علي بن إساعيل الأبلي» قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن حلف 
الجيلاني» قال: حدتنا أي : قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن ذي حمام» عن علي بن الفضل 
الحنفي ويكنى أبا الفضل» عن زيد» عن عبد الله بن سعيد» عن أبي هريرة» قال: قال: رسول 
الله عيَُ: "إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق". 

التعليق على الحديث 

قال القاضي: هذا الذي ذكره رسول الله يِيَهَمْ من أحسن الكلام وألطفه. وأبلغ بيان 
وأشرفهء ولقد أرشد أمته إلى الحاضر المتيسرء والموجود الذي ليس بمستصعب ولا 
متعذر» وقد جاء عنه وعن السلف بعده في حسن الخلق» وبسط الوجه؛ وتوطية الكنف» 


حرهمااسل س7 مجلس الحادي والعشرون ->ت 
وجميل المعاشرة» وكريم الصحبة؛ ما يطول ذكره ويتعب جمعه؛ وجاء عن النبي َه أنه 
قال: "إن الرجل ليدرك بحسن حلقه درجة الصائم القائم» وإن خير ما أوتي المرء بعد 
الإيمان بالله عز وجل لق حسن" وجاء عنه وو أيضاً في ذم سوء الخلق ما يطول ذكره» 
وأمر هذين الخلقين في فضله وحسنه. ونقض الآخر وقبحه؛ بين عند حواص العاقلين 
وعوام المتميزين» من أن يحتاج إلى الإطناب فيه والإسهاب في الاستشهاد عليه وفقنا الله 
وإياكم من الأحلاق لكل ما يحمد ويستحسنء وأعاذنا مما يذم ويستهجن» فلن ندرك 
خيراً إلا بفضله ومعونته. ولن ندرأ شراً إلا بحوله وقوته. 
عيش الفقراء وحساب الأغتياء 

حدئنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أحبرنا أبو حاتم» عن العتبي» عن سعيدء قال: 
سمعت أعرابياً يقول: عجباً للبخيل المتعجل للفقر الذي منه هرب؛ والمؤحر للسعة التي إياها 
طلب» ولعله يموت بين هربه وطلبه» فيكون عيشه في الدنيا عيش الفقراء» وحسابه في الآخرة 
حساب الأغنياء» مع أنك لم تر بخيلاً إلا وغيره أسعد بماله منه» لأنه في الدنيا مهتم بجمعه 
وفي الآخرة آثم بمنعه» وغيره آمن في الدنيا من همه. وناج في الآحرة من إبهه. 

قال القاضي: وفيما حكى لي من منثور كلام ابن المعتز: بشر مال البخيل بحادث أو 
وارث» ومن منظومه: 

يا مال كل جامع ووارث أبشر بريب حادث أو وارث 
سبب نكبة أبي أيوب ال مورياني وزير المنصور 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدئنا أبو الفضل العباس بن الفضل الربعي» 
قال: حدثني أني: قال: كان أبو جعفر المنصور في بعض أسفاره في أيام بني أمية تزوج 
امرأة من الأزد بالموصل عن ضر شديد أصابه حتى أكرى نفسه مع الملاحين يمد في 
الحبل» حتى انتهى إلى الموصل أو فعل ذلك لأمر خافه على نفسه فتدكر وأكرى نفسه في 
مدادي السفن» فخطب هذه المرأة ورغبها في نفسهء ووعدها ومتاها وأحبرنا أنه نابه 
القدر؛ وأنه من أهل بيت شرفء وأنها إن تزوجته سعدت بهء فلم يزل يمنيها بهذا وشبهه 
حتى أجابته وأقام معباء وكان يختلف في أسبابه ويجعل طريقه عليها بما رزقه الله عز 
وجلء ثم اشتملت على حمل» فقال لها: أيتها المرأة! هذه رقعة مختومة عندك لا تفتحيها 
حتى تضعي ما في بطنك» فإن ولدت ابناً فسميه جعفراً وكنيه أبا عبد الله وإن ولدت بنتا 
فسميها فلانةع وأنا عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب» 
فاستري أمري فإنا قوم مطلوبون؛ والسلطان إلينا سريع» وودعها وخرج» فقضي أنها 
ولدت ذكرا وأحرجت الرقعة وقرأت النسب فسمته جعفرا وضرب الدهر على ذلك ما 
تسمع له خبرأء ونشأ الصبي مع أحواله وأهل بيت أمه وكان كيساً ذهناً لقنا واستخلف 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح تت اُت5ُ1ت1 سلسلا 1 لست 
أبو العباس فقيل للمرأة: إن كنت صادقة في رقعتك وكان من كتبها صادقاً فإن زوجك 
الخليفة أمير المؤمنين» قالت: ما أدري صفوا لي صفة هذا الخليفة» قالوا: غلام حين اتصل 
وجبهء قالت: ليس هو هوء قيل: فاستري إذاً أمرك, ولم يلبث أبو العباس أن مات 
واستحق عندها لمكن وأقبل ابنها على الأدب فتأدب وظرف وكتب ونزعت به همته إلى 
بغداد» فدحل ديوان أبي أيوب كاتب المنصورء وانقطع إلى بعض أهله فأتى عليه زمان 
يتتقوت الكتب ويتزيد في أدبه وفهمه وخطه. حتى بلغ أن صار يكتب بين يدي أبي أيوب» 
إلى أن تبي أن حرج حادم يوماً إلى الديوان يطلب كاتباً يكتب بين يدي المنصورء فقال 
أبو أيوب للغلام: حذ دواتك وقم واكتب بين يدي أمير المؤمئين» فدخل الغلام فكتب 
وكانت تتهيأ من أبي جعفر إليه النظرة بعد النظرة يتأمله» وألقيت عليه محبته واستجاد خحطه 
واسترشق فهمهء فلبث زمانا لا يزال الخادم قد حرج فيقول: يا غلام خحذ دواتك وقم 
واكتب بين يدي أمير المؤمنين» واستراح أبو أيوب إلى مكانه» ورأى أنه قد حمل عنه 
ثقلأء وبر الغلام ووصله وكساه كسوة تصلح أن يدحل بها إلى أمير المؤمنين» ثم إن أبا 
جعفر قال للغلام يوماً: ما اسمك؟ قال: جعفر» قال: ابن من؟ فسكت متحيراً قال: ابن 
من ويحك؟ قال: ابن عبد الله قال: فأين أبوك؟ قال: لم أره ولم أعرفه. ولكن أمي 
ارقي ل أي شريضا ول ددا وقد بحا فا سا عبد اه بن عمد بن على إن 
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب, فساعة ذكر الرقعة تغير وجه المنصورء فقال: و 
أمك؟ قال: بالموصلء قال: وأين تنزلون؟ قال: في موضع كذاء قال: 0 
نعم هو إمام مسجد محلتناء قال: أفتعرف فلاناً؟ قال: نعم بقال في سكتناء فلما رأى 
الغلام أبا جعفر ينزع بأسماء قوم يعرفهم أدركته هيبة له وجزع وتدمع. فأدركت أبا 
جعفر الرقة عليه فلم يتمالك أن قال: فلانة بنت فلان من هي منك؟ قال: أميء» قال: 
ففلانة؟ قال: حالتي) قال: ففلان؟ قال: خالي؛ فضمه إليه وبكى» وقال: يا غلام! لا 
يعلمن أبو أيوب ولا أحد من خاق الله تعلى ما دار بيني وينك» انظر انظر احذر احذر؛ 
فنبض الغلام فخرج. فقال له أبو أيوب لقد احتبست عند أمير المؤمنين» قال: كتبت كتباً 
كثيرة وأملاها علي قال: فأين هي؟ قال: جعلها نسخاً يتردد فيها حتى يحكمها ثم تخرج 
إلى الديوان ثم إن أبا جعفر جعل يقول في بعض الأيام لأبي أيوب: هذا الغلام الذي يكتب 
بين يدي كيس فاستوص بهء قال: فاتهم أبو أيوب الغلام أنه يلقي إلى أي جعفر الشيء 
بعد الشيء من خبره» ثم لم يلبث أن سأله عنه مرة بعد مرة فقذف في قلب أني أيوب 
بغض الغلام» وأنه يقوم مقامه إن فقده أبو جعفرء وقذف في قلبه أنه يسعى عليه وأنه 
يخرج أخباره» فجعل إذا خرج الخادم يطلب كاتباً بعث معه غيره وأبو جعفر يزداد ولا 
إلى الغلام ويجن جنوناً وليس يمنعه من إدنائه وإظهار أمره إلا لأمر يريده» فلما رأى أن 


حاوا يبب ب سب سح البجلس الحادي والعشرون حت 
أبا أيوب يحبسه عنه عناداً» قال للخادم: احرج إلى الديوان فجئني بفلان الغلام الذي كان 
يكتب بين يدي» فإن بعث معك أبو أيوب بغيره فقل: 

لاء أمرني أمير المؤمنين ألا يدحل عليه غيره ففعل الخادم ذلك فاستحق في قلب أبي 
أيوب ما حذره وحدثته به نفسه فال الغلام: يا أمير المؤمنين - جعلني الله فداك- قد 
تعرفت من أني أيوب البغض والاستثقال بمكاني» وله غوائل لا يحيط بها علمي وأنا أخافه 
على نفسيء فقال له أبو جعفر: بارك الله عليك» فما أخحطأت الذي في نفسي وهذا كله يا 
بني قد جال في صدريء فإذا كان غد فتعرض لأن يغلظ لكء فإذا أغلظ فقم فانصرف 
كأنك مغضبء ولا تعد إلى الديوان واجعل وجبهك إلى أمكء» وأوصل إليها هذا العقد 
وهذا الكيس وكتابي هذاء واحمل أمك ومن اتبعها من قرابتك وأقبل فانزل موضع كذاء 
فإني منفذ إليك حادماً يتفقد أمورك ويعرف خبرك» ولا تطلعن أحداً من الخلق طلع ما 
معك» وامض بهذا المال وبهذا العقد وأحرزه أولاً قبل رجوعك إلى الديوان» ثم قال 
للخادم: أخرجه من باب كذا وكذاء فخرج الغلام فأحرز ما كان معه ثم رجع إلى 
الديوان» وأبو أيوب في فكره من احتباسه عند المنصور» ورجع الغلام بوجه بمج مسرور 
لا يخفي ذلك عليه وظهور الفرح في وجبه وشائله» فقال أبو أيوب: أحلف بالله لقد 
رجع هذا الغلام بغير الوجه الذي مضى به ولقد دار بينه وبين أمير المؤمنين من ذكري 
531 واستشعر الوحشة منه وصرف أكثر عمله عنه؛ ثم لم يلبث أن أغلظ له فقال 
الغلام: أنا إنسان غريب أطلب الرزق وأنت تستحف بي» فكأني قد ثقلت عليك فأنتتحي 
عنك قبل أن تطردني» ثم قام فانصرف وافتقده أبو ايوب أياماء ورأى أن أبا جعفر لا 
يسأل عنه ولا يذكره؛ ثم إن نفس أبي أيوب نازعته إلى علم حقيقة خبره» فأرسل من 
يسأل عنه في الموضع الذي كان نازلاً فيه فقيل له: إنه قد تبي للسفر وتجهز جبهازاً حسناً 
وشخص إلى أهله بالموصلء» فال أبو أيوب في نفسه: ومن أين له ما يتجهز به وكم مبلغ 
ما ارتزق معي وارتفق به؟ لهذا الأمر نبأء وجعلت نفسه تزداد وحشة منه ومن حبره إلى 
أن قيل له: قد كان أبو جعفر وصله بمال ووهب له شيئاًء فقال في نفسه: هذا الذي 
ظننت وقد ربصه لمكاني وينبغي أن يكون استأذنه في أن يخرج إلى أهله فيلم بهم ثم يرجع 
إليه فيقلده مكاني» فقال لرجل من أصحابه: اخرج إلى طريق الموصل قرية قرية برا 
وبحرا فإذا عرفت موضعه فاقتله وجئني بما معه» فشخص وتهياء ثم إن الغلام لما حرج 
عن بغداد رأى أنه قد أمن فقصر في مسيره» وكان يقيم ف في الموضع فيستطيبه اليوم 
واليومين والأكثر والأقل» فلحقه رسول أني أيوب وعرفه؛ فبانا بقرية فقام إليه الرسول 
تاه وطرحه فى البشر وأخجل رجه وخرائظ كانت معها وركب دابة له ورجع إلى أبي 
أيوب وسلم ذلك إليه وشرح الخبر له ففتش متاعه أبو أيوب فإذا المال والعقد فعرفه» 


ح الجليس الصالح والأيس الناصح حح لب ل سس سس وراد 
وإذا كتاب المنصور بخطه إلى أمه فوجم أبو أيوب وندم وعلم أنه قد عجل وأخطأء وأن 
الخبر لم يكن كما ظن؛ وعزم على الحلف والمكابرة إن عثر على شيء من أمره» وأبطأ 
خبر الغلام على أبي جعفر) واستبطأه في الوقت الذي ضرب له فدعا خادماً من ثقاته 
ورجلاً من خاصته» فقال لهما: استقرئا المنازل إلى الموصل منزلاً منزلاً وقرية قرية 
وأعطيا صفة الغلام حتى تدخلا الموصلء ثم اقصدا موضع كذا من الموصل فسلا عن 
فلانة» ووصف لما كل ما أراد ففعلاء فلما انتهيا إلى الموضع الذي أصيب فيه الغلام 
أعلما خحبره» وذكروا الوقت الذي أصيب فيه فإذا التاريخ بعينه, ثم مضيا إلى الموصل 
فسألا عن أمه فوجداها أشد خلق الله تعالى ولاً إلى ابنهاء وحاجة إلى علم خبره 
فأطلعاها طلع حاله؛ وأمراها أن تستر أمرهاء ثم رجعا إلى أني جعفر بجملة خبره» فكادت 
أمه أن تقتل نفسها ولم ترد الدنيا بعده» وكان المنصور يذكره فيكاد ذكره يصدع قلبه 
وأجمع أبو جعفر على الإيقاع بأبي أيوب عند ذلك, فاستصفى ماله ومال أهل بيت ثم 
قتلهم جميعاً وأباد عصراءهم وكان إذا ذكر أبا أيوب لعنه وسبه, وقال: ذاك قاتل حبيبي. 
جميل وقول أحدهم فيه لن يملح هذا أبدا 

حدثني أبو المنذرء» قال: حدثني شيخ من أهل وادي القرى» قال: لما استعدى آل 
ثينة مروان بن الحكم على جميل وطلبه ربعي ابن دجاجة العبدي صاحب تيماء هرب إلى 
أقاصي بلادهم, » فأتى رجلاً من بني عذرة شريفاً وله بنات سبع كأنهن البدور جمالاً 
فقال: يا بناتي! تحلين بجيد حليكن والبسن جيد ثيابكن ثم تعرضن لحميل فإني أنفس على 
مثل هذا من قومي؛ فكان جميل إذا تزين ورهن أعرض بوجهه فلا ينظر إليهن» ففعلن 


ذلك مراراً وفعله جميل» فلما علم ما أريد بهن نشأ يقول: 
حلفت لكي تعلمن أني صادق وللصدق خير في الأمور وأنجح 
لتكليم يوم من بفينة واحد ورؤيتها عندي ألذ وأصلح 
من الدهر أو أخلو يكن وإنما أعالج قلباً طاماً حيث يطمح 


قال: فقال لحن أبوهن: ارجعن» فوالله لا يفلح هذا أبداً. 
أبو إسحاق الفزاري يرد على اتهام الرشيد له 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني محمد بن المرزبان» قال: حدثنا يزيد بن 
محمد المهلبي؛ ؛ قال: حدثنا الأصمعي» قال: كنت جالساً بين يدي هارون الرشيد أنشده 
شعراء وأبو يوسف القاضي جالس على يساره فدحل الفضل بن الربيع» فقال: بالباب 
أبو إسحاق الفزاري» فقال: أدحله. فلما دحل قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة 
الله وبركاته» فقال له الرشيد: لا سلم الله عليك ولا قرب دارك ولا حيا مزارك» قال: لم 


ا 
مير المؤمنين؟ قال: أنت الذي يحرم لبس السواد» قال: يا أمير المؤمنين» من أخحبرك 

ا أحبرك؟ وأشار إلى أبي يوسف - فعلى هذا لعنة الله وعلى أستاذه من قبله) 
والله يا أمير المؤمنين لقد حرج إبراهيم على جدك المنصور فخخرج أخي معه وعزمت 
على الغزو فأتيت أبا حنيفة فذكرت ذلك له فقال لي: مخرج أحيك أحب إلي مما عزمت 
عليه من الغزوء ووالله ما حرمت السواد. فقال الرشيد: فسلم الله عليك وقرب دارك 
وحيا مزارك» اجلس يا أبا إسحاق» يا مسرور! ثلاثة آلاف دينار لأني إسحاق. فأتى بها 
ووضعها في يده وخرج وانصرفء فلقيه ابن المبارك فقال: من أين أقبلت؟ فقال من عند 
أمير المؤمنين» وقد أعطاني هذه الدنانير» وأنا عنها غني» قال: فإن كان في نفسك منها 
شيء فتصدق بها فما حرج من سوق الرافقة حتى تصدق بها كلها. 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: حدثني عون بن محمد الكندي؛ قال حدثنا 
إبراهيم بن إسماعيل» أبو أحمد إبراهيم» قال: ركب الرشيد يوماً بكرا فنظر فنظر إلى محمد الأمين 
يميل به سرجه» فقال: ما أصارك إلى هذا يا محمد؟ قال: أصارني إليه البارحة: 

عللاني بعاتقات الكروم واسقياني بكأس أم حكيم 

قال: فانصرف يا محمد فلما رجع الرشيد وجه إليه بخادم ومعه كأس أم حكيمء 
وكان كأساً كبيرأً فرعونياًء قد جعل فيه طوق ذهب ومقبض من ذهبء فإذا هو مملوء 
دنانير» وقال له: يقول لك أمير المؤمنين بعنت إليك بالذي أسهرك لتشرب فيه وتنتفع بما 
يصل معه. قال: فأعطى الخادم قبضة من دنانير» وفرق نصفه ما فيه على جلسائه وأعطى 
النصف حازنه وشرب في القدح ثلاثة أرطال رطلاً بعد رطل ورده» فكان مبلغ الدنانير 
عشرة آلاف دينار. 

متى يقال الليلة الماضية. ومتى يقال البارحة 

قال القاضي: جاء في هذا الخبر أن الأمين قال: بكراً أصابني البارحة» وهذا كلام 
مستفيض في العامة إطلاقهم إياه في حطابهم وفيما يروونه عن غيرهم, فأما أهل العلم بالعربية 
فيذهبون إلى أنه يقال في أول النهار إلى زوال الشمس لليلة الماضية كان كذا وكذا الليلة» فإذا 
زالت الشمس قالوا حينئذ: البارحة» وفي هذا الخبر ذكر الكأس» وقد ذهب قوم إلى أنها اسم 
للخمر واسم للإناء» قال الله تعالى ذكره: «إيطاف عليبم بكأس من معين, بيضاء لذة 
للشاربين4 وقيل إنها في قراءة عبد الله: صفراءء وقال الفراء: الكأس: الإناء بما فيه» فإذا أحل 
ما عليه وبقي فارغاً رجع إلى اسه إن كان طبقاً أو ححواناً أو غير ذلك» وقال بعض أهل 
التأويل: الكأس الخمر» قال الله عز وجل: إن الأبرار يشربون من ان كان مزاجها 
كافوراً4 وقال جل ذكره: «ويسقون فيبا كأساً كان مزاجها زنجبيلاً4 وأ نشد أبو عبيدة: 


-_- الجليس الصاح والأئيس الناصح حبسي 77 ااا 4# ا د 


وما زالت الكأس تغتالنا وتذهب بالأول الأول 
وقال الأعشى: 
وكاس شربت على لذة وأخرى تداويت منها بها 
وقال آخر: 
ومن لم يمت عبطة يمت هرما الموت كأس والمرء ذائئقها 


العبطة: أن يموت الرجل من غير علة» ومن هذا قوهم: دم عبيط إذا كان طرياً قد 
خرج من جسم صحيح) وقال أبو حاتم السجستاني: لا يقال للموت كأس.ء قال القاضي: 
وهذا خحطأ منه؛ قد يضاف الكأس إلى المنية» وقد توصف المنية بأنها كأس كما توصف 
بأنها رحى» ويضاف إليها الرحى فيقال: المنية رحى دائرة على الخلق» وللمنية على الناس 
رحى دائرة؛ وللموت كأس مرةء والموت كأس كريهة» ويقال شرب فلان كأس المنية» 
فيضاف الكأس إليهاء قال مهلهل: 
ما أرجى العيش بعد ندامي قد أراهم سقوا بكأس حلاق 
أي بكأس المنية» لأن حلاق من أسماء المنية بمنزلة حذام وقطام؛ ورواه بكأس خلاق بالخاء 
فقال: يعني بكأس تصيبهم من الموت وهذا أكثر وأشهر من أن يخيل على عالم بالعربية: 
وأعجب بذهابه على أي حاتم مع سعة معرفته ولكنهم بشر وأنى إنسان يحيط بالعلم كله ولا 
يحفى عليه شيء من جليه فضلاً عن غامضه وححفيه, وقد قال الشاعر في هذا امعنى: 
أين القرون التي عن حظها غفلت حتى سقاها بكأس الموت ساقيها 
وقال السجستاني: في البيت الذي فيه الموت إنما هو الموت كأسء قال: وقطع ألف 
الوصل لأنها في مبتدأ النصف الثاني وهذا يحتمل» وقال: أنشدناه الأصمعي لبعض 
الخوارج» وقال: ليس لأمية بن أني الصلتء قال القاضي: وقد روت الرواة هذا الشعر 
لأمية بن أبي الصلت وأما المعنى الذي ذكره السجستاني من تجويز قطع ألف الوصل فقد 
جاء في الشعر كثيراً كقول الشاعر: 


بأبي امرؤٌ الشام بيني وبينه أتنني ببشر برده ورسائله 
وقال آخر: 
إذا جاوز الإثنين سر فإنه بسث وتكثير الوشاة قمين 
وقال آخر: 
ألا لا أرى إثنين أ حسسن شيمة على حدثان الدهر مني ومن جمل 
وأحسن هذا الباب ما كان في الأوائل والأركان والأنصاف قال حسان: 
لتسمعن وشيكاً في ديارهم الله أكبر يا ثارات عثمانا 
القضاة في نظر أبي يوسف 


حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري» قال: حدثنا عبد الله بن الحسن ال حراني» قال: 
حدثنا علي بن الجعد, قال: سمعت أبا يوسف القاضي يقول: ما ولي القضاء أحد أفقه في 


حوب الس سس ب سطس سح الحلس الثاني والعشرون حت 
دين الله ولا أقرأ لكتاب الله ولا أعف عن الأموال من ابن أبي ليلى قال: فقلت: فابن 
شبرمة» قال: رجل مكثار» قال على؛ وولى حفص بن غياث القضاء من غير مشورة أبي 
يوسف فاشتد عليه فقال ابن الوليد والحسن اللؤلؤي تتبعا قضاياء فتتبعناها فلما نظر 
إليهاء قال: هذه قضايا ابن أي ليلى» ثم قال لهما: تتبعا الشروط والسجلات ففعلاء فلما 
لو ا 000 
كم كان يصلي بهم لو أكلوا اللوزيتج 

حدننا محمد بن مزيد البوشنجي» قال: سمعت سفيان بن وكيع بن الخراح» يقول: 
سمعت سفيان بن عيينة» يقول: دعانا سفيان الثوري يوماً فقدم إلينا تمراً ولبناً حائراً فلما 
توسطنا الأكل قال: قوموا بنا نصلي ركعتين شكراً لله تعالى قال سفيان بن وكيع: لو كان 
قدم إليهم شيئا من هذا اللوزينج المحدث لقال لهم: قوموا بنا نصلي التراويح. 


إغباب الزيارة 
أنشدنا محمد بن أي الأزهر» قال: أنشدني محمد بن يزيد المبرد: 
عليك بإقلالالزيارة إنها تكون إذا دامت إلى الهجر مسلكا 
فإني رأيت القطر يسلم دائماً ويسأل بالأيدي إذا هو أمسكا 


قال ابن أبي الأزهر: فأنشدت هذين البيتين أبا بشر البندنيجي بإسكان بني سعيد 
فقال: هما في شعر طويل» وأنشدني القصيدة وهي طويلة» فقلت له: أنشدني المبرد هذين 
البيتين منذ ثلائين سنة» قال: قد قلتهما أكثر من سبعين سنة» قال القاضي: في نحو هذا 


المعنى قول أني تمام: 
وطول مقام المرء في الحق مخلق لديياجتيه فاغترب يتجدد 
فإني رأيت الشمس زيدت محبة إلى الناس إذ ليست عليهم بسرمد 


ومن البيان الحسن في هذا المعنى» ما روي عن النبي وه من قوله: "زر غباً تزدد حباً". 
أنشدنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني» قال: أنشدني أبو بكر القرشي» 
قال: أنشدني الحسين بن عبد الرحمن 


هل الدهر إلا ساعة ثم تتقضي بما كان فيها من عناء ومن حفض 
فهونك لا تحفل بمشتاة عارض ولا فرحة سرت فكلتاهما نمضي 
المجلس الثاني والعشرون 
فضل العقل 


حدئنا عبد الله بن محمد بن أني سعيد» أبو بكر البزازء قال: حدثنا محمد بن عبد النور 
الحراني» قال: حدئنا أحمد بن مفضل» قال: حدثنا سفيان» عن حبيب بن أني ثابت» عن 


حت الجليس الصاح والأنيس الناصح مم سس ستو وج راج 
عاصم بن ضمرة؛ عن علي رضي الله عنه» قال: قال لي رسول الله غَنَّ : "إذا تقرب الناس 
إلى خالقهم بأنواع البر فتقرب إليه بأنواع العقل» تسبقهم بالدرجات والزلف عند الناس 
في الدنيا وعند الله في الآخرة". 

قال القاضي: وهذا ما يبين به شرف العقل وفضلهء وأن الأعمال الصالحة تزكو به 
ويتضاعف ثواب عاملها بحسب حظهم منه» وقد روي عن النبي ؤَك أنه قال: "إن الرجل 
ليكون من أهل الصلاة وأهل الصيام وأهل الجهاد-حتى عد سهام الخير- ويجازى إلا 
على قدر عقله" وروي عنه يِه أنه قال: "ما استودع الله عز وجل عبداً عقلاً إلا استنقذه 
به يوماً ما". 

وما روي عن العقل وفضله؛ وشرف منزلته» وعظيم نفعه؛ أكثر من أن يحصى. 

وقد حدثنا الحارث بن محمد بن أي أسامة قال: حدثنا محمد بن حسين» عن عمرو بن 
حمزة» قال: حدثنا صالح المري» عن حسنء عن أنسء» قال: قال رسول الله 56: "إن 
الحكمة تزيد الشريف شرفاء وترفع العبد المملوك حتى تجلسه مجالس الملوك". وإن 
هذا ما يرغب في اقتباس العلم واكتساب الحكمة ورفع المرء قدره عن طبقة العوام» ومنزلة 
الهمج الطغام؛ فكم ذي علم ومعرفة وحكمة وبصيرة؛ قد نبه وسما وارتفع وعلاء وصار 
متبوعاً معظماً وزعيماً مقدمأء وكم من ذي قدر وحسبء ومنصب ونسبء ومال 
ونشب؛ وشرف في أصله. ومنزلة في أهله؛ قد هدم ما بناه له أهله وشيدوه؛ وحفض ما 
رفعوه» وحط ما علوه وعمدوه. وقد روينا أن بعض ولد روح بن حاتم بن قبيصة بن 
المهلب وجد في القبة التي بالبصرة» وهي التي يقال لما "خضراء روح" على سوءة, فقيل 
له: ويحك أفي محل شرفك؟! فقال: 


ورثنا ا جد عن آباء صدق أسأنا في ديارهم الصنيعا 
ومما يستحسن في هذا المعنى قول القائل: 
إن الفتى من يقول هأنذا ليس الفتى من يقول كان أبي 
ولله در القائل: 
لسنا وإن أحسابنا كرمت أبداً على الأحساب تتكل 
نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثل ما فعلوا 


وقد روينا أن زيد بن علي تمثل بهذين البيتين» ولقد كان رضوان الله عليه من أعلام 
الأبرار والأئمة الأخيار» سلك سبيل سلفه. واقتفى آثارهم فارتفع واعتلى» وأم أنوارهم 
فاستبصر واهتدى» ورفع قواعد بنيالهم» وشيد وثيق أركانهم» واتبع سبيلهم في نصرة 
حزب الإسلام وأوليائه» ومحاربة حرب الدين وأعدائه» وغضب لله جل جلاله من طغيان 


12 ا سبحت املس الثاني والعشرون حت 
المترفين وعدوان المسرفين» فجاهد في سبيل ربه بنفسه ومن أطاعه من أهله المتقين» 
وأوليائه من أماثل المسلمين» وإحوانه في الملة والدين» وأبدى صفحته» وبذل في ذات الله 
ماله وصحبته» فقضى الله تعالى له بالتوفيق والسعادة» وحتم له بالفوز والشهادة» ونقله إلى 
دار كرامته» وجعل أعداؤٌه بغرض الانقلاب إلى دار عذابه ونقمته. 

حدثنا ابن دريد» قال: أحبرنا أبو معاذ المؤدب خلف بن أحمد» قال سبعت المازني 
ينشد: 

ولرب ذي مال تراه مباعدا كالكلب ينبح من وراء الباب 

وترى الأديب وإن دهته خصاصة لا يستخف به على الأبواب 


٠‏ ولقد أحسن | بن الرومي في قوله: 
ولسيس يسودالم رع اللا وإن عد آباء كراماً ذوي سب 
إذا العود لم يغمر وإن كان شعبة من المثمرات اعتده الناس في الخحطب 


وهذا باب يتسع ويكثر جمعه؛ ولنا فيه رسالة تشتمل على جمل كثيرة منه. 
خبر سعد العشيرة 

حدئنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أحبرني عميء عن أبيه» عن ابن الكلبي» عن 
أبيه» قال: وفد سعد العشيرة في مائة من ولده إلى بعض ملوك حمير» وكان سعد قد عمر 
مائة وحمسين سنة» فلما دحل على الملك قال له: ما معك يا سعد؟ قال: عشيرتي» قال: 
أنت سعد العشيرة. فسمي سعد العشيرة» قال له الملك: إنه قد بلغني عنك رجاحة لب» 
ورصانة حلم؛ وأصالة رأي» ونفاذ في الأمورء مع ما جربت من تصرف الدهور» فهل 
أنت مخبري عما أسائلك عنه؟ فقال: أيها الملك: إن عقلي وقلبي مضغتان مني» حراههما 
لدهر كما حرى سائر سبي ولكني أبو روية ثاقبة ما حذلتني منذ أيدتني» فليقل الملك 
أسمع, فإن أوفق للصواب فبيمن الملك» وإن يخني الجواب» فبما ثلمته مني الأحقاب» قال 
له: يا سعد! ما صلاح الملك؟ قال: أيها الملك! معدلة شائعة وهيبة وازعة» ورعية 
طائعة» فإن في المعدلة حياة الأنام» وفي الحيبة نفي الظلام؛ وفي طاعة الرعية التآلف 
والالتئام. قال له الملك: يا سعد! فمن أحمد الملوك إيالاً» وأحسنهم عند الرعية حالاً؟ 
قال: من كثرت في اصطناع المعروف رغبته» ومالت إلى الأضياف رحمته» وتخول 
بالمراعاة رعيته» واعتدلت بهيبته رأفته» قال: يا سعد! يستدرك عنه الملوك حسن المكانة؟ 
وتستبدل منه الفظاظة بالليانة؟ قال: بالمبالغة في طاعتهء والانتهاء إلى مشيئته» وبجحانية 
مسخطته. والتقرب إليه بموافقته» قال: فبم تؤمن سطوة الملك ويحتجب من بوادر 


حج الجليس الصالح والأئيس التاصح 7ب سس سس مم0 ا 
عقوبته؟ قال: بالنصيحة غير الممذوقة» وأداء الأمانة غير المشوبة بالخيانة» وقطع لسان 
العتاب بالحيطة بالمغيب» والتحفظ عن إفشاء الكلمة في الطعن عليه؛ فإن الكلام إذا لفظه 
اللسان لم تملك إعادته إلى القلب» ولم يؤمن منه عثرة غير مقالة» وكبوة غير مغتفرة» قال: 
فأين يوجد الرأي الأصيلء والصواب الأليل؟ قال: عند الناصح اللبيب» الحازم الأريب» 
الذي إعلانه ككمونه, ومبتذله كمصونه؛ قال: فبم يدرك علم الأمر في الولاج المازول 
والرأي المستور في مستقر التامور؟ قال: بإحدى خلتين» إما بالعشيرة المماطلة» والتجربة 
المصاولة) أو بامحبة البالغة» والبصيرة الثاقبة» قال: من أحق الناس بالمعاونة على دهره 
وأحراهم بالمساعدة على أمره؟ قال: من جعلك سنداً لظهرهء وألقى إليك مقاليد أمرى 
وجعل رجاءك عامر صدره.؛ قال: بم تتأكد محبة الخاصة» ويستعطف رضا العامة؟ قال: 
ببسط يد العدل أو إطلاق عقل البذل» والتجائي عن العثار» ما لم يخرج ذلك إلى انتشار 
قال: فبم تحسن أحدوثة الملك؟ قال: بإرجائه العقوبة في سلطان الغضبء وتعجيل 
مكافأة المحسن قبل الطلب» وتسليط الحلم والأناة على الطيش والنزق واستصلاح أولى 
الانقياد لاستجلاب أولى الرهق. 
معنى الألفاظ اللفوية 

قال القاضي: قول سعد العشيرة في عقله وقلبه: حراهما الدهر كما حرى سائر 

جسمي معناه نقصهماء يقال: حرى الشيء يحرى أي نقصء كما قال القائل: 
في جسد ينمي وعقل يحري 

وفي قوله: فبما ثلمته مني الأحقاب يعني السئين» قال الله عز وجل: «إلابثين فيها 
أحقابا» والواحد حقبء قال الله تعالى: «إأو أمضي حقبا» وقيل إن الحقب شانون عاماًء 
وقيل له: حقبة من الدهر يراد به المدة الطويلة؛ قال متم بن نويرة: يرثي أخخاه مالكاً: 

وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا 

وقوله: أحمد الملوك إيالا: يعني الإصلاح والتدبير والسياسة» ويقال فلان حسن الإيالة 
إذا وصف بالإحسان في سياسة أمرهء وقوله: الولاج المأزول يعني المدحل الضيق» 
ويقال: أصاب القوم أزل أي شدة وضيق. 

قال الشاعر: 

وإن أفسد المال الجماعات والأزل 
فأما الإزل بكسر الحمزة: فالكذبء كما قال ابن دارة: 
يقولون إزل حب ليلى وودها وقد كذبوا ما في مودتها إزل 

وقوله: التامور يريد القلب» ويعبر بالتامور عن النفس وهو الدم. يقال نفس سائلة أي 

دم» والنفاس والنفساء من هذا. 


حورو لس سس سس ب بس بسحت المحلس الثاني والعشرون حت 
الوليد يوافق الحجاج على عسفه بآل ال مهلب 
حدئنا أبو إسحاق إسماعيل بن يونس» قال: حدثنا أبو توبة بن دراج» قال: قال 
الأصمعي: كتب الحجاج إلى الوليد بن عبد الملك يذكر عسفه آل المهلب ومطالبته إياهم 
بما احتانوا من الأموال» فوقع في كتابه بخطه: ليس للخائن حرمة تبعث الأحرار عن 
ترفيههم» فإياك وتضييع حق قد وجبء وأمانة مال خطير يزين الدولة ويحصن الخلافة 
ويؤحل من نخائن لم يشكر عليه؛ ويدفع إلى ناصح يحتاج إليه» فلما قرأ الحجاج كتابه 
وإني لصوان لنفسي وإانني على الحول أحياناً بها لرحوم 
وإني لأزري في لال كثيرة على المرء أن يختال وهو لثيم 
ظ أنا أشعرأم أنت؟ 
حدثنا محمد بن مزيد البوشنجي ؛ قال: حدثنا الزبير بن بكارء قال: أخبرني ثابت بن 
الزبير بن هشام» قال: قدم امأمون من خواسان ومعه شاعرء فلقيه أبو العتاهية فال له: 
من أشعر أنا أم أن نت؟ قال: أنت أشعر وأولى بالتقدمة ووقرهء فقال أبو العتاهية: كم تقول 
في الليلة من بيت شعر؟ قال: ربما أقمت على القصيدة ة لا تكون ثلاثين بيت شهرأء قال: 
فأنا أشعر منك» ربما دعوت الحارية فأمليت عليها <مس مائة بيت» قال: فحمي الخراساني 
فقال: لو كنت أرضى مثل شعرك لقلت في الليلة خمسة آلاف بيت» قال: مثل أي شعر؟ 
مثل قولك: 
ألا يا عتبة الساعه أموت الساعة الساعه 
قال: فاستضحك القوم منه. 
وحدثنا ابن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم» قال: قيل لأي مهدية: يعجبك قول الشاعر: 
ألا يا عتبة السساعه أموت الساعة الساعه 
قال: لاء ولكنه يغمني»قال: فقيل له: فما يعجبك؟ قال: يعجبني: 
جاء زهير عارضاً رمحه إن بني عمك فيهم رماح 
هل أحدث الدهر لنا نكبة أو فل يوماً لزهير سلاح 
بدء أمر أبي العتاهية 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي؛ قال: حدثني أحمد بن صدقة» قال: أخبرني 
محمد بن عبد الله الأسدي» قال: أحبرني إبراهيم بن سلامءقال: كان أبو العتاهية يعمل 
الفخار» وكان أبو العتاهية معتوهاًء وكان يعرف بإبراهيم المجنون» قال: فجاء إنسان يوما 
فصاح: أين إبراهيم ا بحنون؟ فقال أبو العتاهية: 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح طبس سس س7 حطتتت أ واد 
لا ذنب إن كان ذا جنونا كذا أراد الله أن أكونا 
وانطلق يقول الشعر واشتهر به وبإحسانه فيه. 
يقول شعراً وهو لا يدري 

حدثنا محمد بن محمود الكاتب» قال: حدثني عبدوس بن مهدي بالكرخ, قال: نزلت 
على ابن أبي البغل عند تقلده الإشراف على أعمال الحبل» فزارته مغنية كان بها لمجا على 
قلة إعجابه بالنساءء» فإنا لليلة ونحن قعود بالبستان نشرب وقد طلع القمرء فهبت ريح 
عظيمة فقلبت صوانينا التي كان فيها شرابنا فشيلت وأقبل الغلمان يسقونناء فسكر ابن أي 
البغل على ضعف شربه». وقام إلى مرقده وأحذنا معه والمغنية» فلما حصلنا فيه استدعى 
قدحاً ولنا مثله وأنشأ يقول: 

مغموسة في الحسن معشوقة تقتل ذا الصب وتحييه 
بات يرينيها هلال الدجى حتى إذا غصاب أرتنيه 

وطرح الشعر على المغنية فلقنته وغنتنا به» وشربنا القدح وانصرفناء فلما كان من غد 
وحضرنا المائدة وهي معنا فاتحناه بما كان منه؛ فحلف أنه لم يعقل بما جرى ولا بالشعر» 
واستدعى دفتره فأثبت البيتين فيه. 

طرأ الواغل برغم هروبهم إلى الصحراء 

حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق المعروف بحرمي» قال: حدثني أبو جعفر محمد بن 
عبد الرحمن البصري ويعرف بالمخضوب, بمكة سنئة <مسين ومائتين» قال: حدثني ابن 
عائشة: أن ثلاثة فتيان من فتيان أهل البصرة وكانوا يتنادمون» فتطربوا يوماً إلى الصحراء 
والخلوة فيها ممن يغل عليهم ني شرابهم وينبذ عليهم» فخرجوا في غب مطر إلى ظهر 
البصرة فأخذوا في شرابهم ولهوهم يتناشدون حتى كربت الشمس أن تغيب» فإذا بأعراي 
كالنجم المنقض يبوى حتى جلس بينهم؛ فقال بعضهم لبعض: قد علمنا أن مثل هذا اليوم 
لا يتم لنا ثم قال له أحدهم: 


أيها الواغل الققيل علينا حين طاب الحديث لي ولصحبي . 
ثم قال الآخر: 
خل عنا فأنت أتقل والل ه علينا من فرسخخي دير كعب 
ثم قال الثالث: 
ومن الناس من يخف ومنهم كرحي البزر ركبت فوق قلبي 
فقال الأعراي: 
لست بالبارح العشية والل ه لشج ولا لشدة ضرب 


أو ترون بالكبار مشاشى وتعلون بعد ذاك بقعب 


حءبا يست سس ع مسح البحلس الثاني والعشرون ححت 

وطرح قعبا كان معلقاً فضحكوا من ظرفه وحملوه معهم إلى البصرة فلم يزل نديماً لهم. 

الواغل والوارش 
قال القاضي: الواغل الذي يغل على الشرب من غير أن يدعوه الناس» قال امرؤ القيس: 
فاليوم أشرب غير مستحقب إشاً من الله ولا واغغل 
ويقال للذي يفعل مثل هذا في الطعام وارش. 
احتكم يا أبا السمط 

حدنا يزداد بن عبد الرحمن الكاتب» قال: حدثنا أبو موسى يعني عيسى بن إسماعيل 
البصري» قال: حدثني القتبي» قال: قدم معن بن زائدة بغداد فأتاه الناس وأتاه ابن أبي 
حفصة: فإذا المجلس غاص بأهله. فأخذ بعضادتي الباب ثم قال: 

وما أحجم الأعداء عنك تقية عليك ولكن لم يروا فيك مطمعا 

له راحتان الجود والحتف فيهما أى الله إلا أن يضر وينفعا 

فقال معن: احتكم يا أبا السمط؟ فقال: عشرة آلاف» فقال معن: ربحت والله عليك 
تسعين ألفا. 

مكافأذ بغا على شجاعته 

حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن عبد الأعلى الكاتب» قال: حدثنا جدي 
علي بن الحسين بن عبد الأعلى» قال:كان عبد الله بن طاهر قد أهدى للمعتصم شهربين 
ملمعين ذكر أن خراسان لم تخرج مثلهماء فسأله بغا أن يحمله على أحدهما فأى وقال: 
تخير غيرهما ما شئت فخذه. قال: فخرجنا ولم يأخذ شيئاً فلما كنا بطبرستان عرض له 
قوم من أهلهاء فقالوا: أعز الله الأمير! إن في بعض الغياض سبعاً قد استكلب على الناس 
وأقناهم فقال: إذا أردت الرحيل غداً فكونوا معي حتى تقفوني على موضعه؛ قال: فلما 
رحلنا من غد حضر جماعة منهم فانفرد معهم في عشرين فارسا من غلمانه» ومعه قوسه 
ونشابتان في منطقتهء قال: فصاروا به إلى الغيضة فثار السبع في وجهه من بينهم؛ قال: 
فحرك فرسه من بين يديه وأحذ نشاية من النشايتين فرماه في استهي شمر السهم فيه لآق 
الريش؛ وركب السبع رأسهء قال: وعاد بغا إليه فما اجترأ أحد على النزول إليه حتى نزل 
بعغا فوجده ميتاً قال: فشبرناه فكان من رأسه إلى رأس ذنبه ستة عشر شبراً » ووجدناه 
أحص الشعر إلا معرفته» قال: فكتبنا بخبره إلى المعتصم» فلحمّنا جواب كتابنا بحلوان 
يذكر فيه أنه قد تفاءلت بقتل السبع» ورجا أن يكون من علامات الظفر ببابك» وأنه قد 
وجه إلى بغا بالشهربين اللذين كان طلب أحدهما فمنعه» وبسبع خلع من خاصة خلعه 
وثيابه» وحمس مائة ألف درهم صلة له وجزاء على قتله السبع» قال: وإنما أراد المعتصم 
بذلك إضراؤه على طاعته ومجاهدة عدوه. 


> الجليس الصالح والأنيس الناصح -- ل 1771 1ت 

قال القاضي: قوله في السبع وجدناه أحص: لا شعر عليه» كما قال الشاعر: 

قد حصت البيضة رأسي فما أطعم نوماً غير تججصساع 
أول ما ظهر من فهم سليمان اتقو 

حدثنا محمد بن الحسين بن زياد المقري» قال: أخبرنا الحسن بن سفيان» قال: حدثنا 
صفوان بن صالح, قال: أخبرنا الوليد, قال: أخبرنا سعيد بن بشير» عن قتادة» عن بجاهد, 
عن عبد الله بن عباس» قال: لما تزوج داود الكَكق بتلك المرأة وولدت له سليمان بن 
داود بعدما تاب الله عز وجل عليه؛ غلاماً طاهراً نقياً فهماً عاقلاً عالماً» وكان من أجمل 
الناس وأعظمه وأطوله» فبلغ مع أبيه حتى كان يشاوره في أموره ويدخله في حكمه فكان 
أول ما عرف داود من حكمته وتفرس فيه النبوة أن امرأ ة كانت كسيت جمالاً» فجاءت 
إلى القاضي تخاصم عنده؛ فأعجبته فأرسل إليها يخطبهاء فقالت: ما أريد النكاح فراودها 
على القبيح» فقالت: أنا عن القبيح أبعد» فانقلبت منه إلى صاحب الشرطة فأصابها منه 
مثل الذي أصابها من القاضي» فانقلبت إلى صاحب السوق فكان منه مثل ذلكء» فانقلبت 
منه إلى حاجب داود فأصابها منه ما أصابها من القوم, فرفضت حقها ولزمت بيتها فبينا 
القاضي وصاحب الشرطة وصاحب السوق والحاجب جلوس يتحدثون فوقع ذكرهاء 
فتصادق القوم بينهم وشكا كل واحد منهم إلى صاحبه ما أصابه من العجب بهاء قال 
بعضهم: وما يمنعكم وم ولاة الأمر أن + تتلطفوا بها حتى تستريحوا منها فاجتمع رأي 
القوم على أن يشهدوا أن لها كلباً وأنها تضطجع فترسله على نفسها حتى ينال منها ما 
ينال الرجل من المرأة» فدحلوا على داود اكيت فذكروا له أن امرأة لما كلب تسمنه 
وترسله على نفسها حتى يفعل بها ما يفعل الرجل بالمرأة فكرهنا أن نرفع أمرها إليك حتى 
تتحقق» فمشينا حتى دخلنا منزلاً قريياً منها في الساعة التي بلغنا أنها تفعل ذلك؛ فنظرنا 
إليها كيف حلته من رباطه ثم اضطجعت له حتى نال منها ما ينال الرجل من المرأة 
ونظرنا إلى الميل يدحل في المكحلة ويخرج منهاء فبعث داود اكيكك فأتى بها فرجمهاء 
فخرج سليمان يومئذ وهو غلام حين ترعرع ومعه الغلمان ومعه حصانه يلعب» فجعل 
منهم صبياً قاضياً آخر على الشرطة وآخر على السوق وآخر حاجباً وآحر كالمرأة» ثم 
جاءوا يشهدون عند سليمان مثل ما شهد أولئك عند داود الكل يريدون رجم ذلك 
الصبي كما رجمت المرأة» قال سليمان عند شهادتهم:فرقوا بينهم؛ ثم دعا السبي لذي 
جعله قاضياًء فقال: أيقنت الشهادة؟ قال: نعم. قال: فما كان لون الكلب؟ قال: أسودء 
قال: : نحوه» ونادى بالذي جعل على الشرطة؛ فقال له: أيقنت الشهادة؟ قال: نعم. قال: 
فما كان لون الكلب؟ قال أحمرء قال: نحوه؛ ثم دعا بصاحب السوق فقال: أيقنت 
الشهادة؟ قال: نعم» قال: فما كان لون الكلب؟ قال: أبيض قال: نحو ثم دعا بالذي 


حدما ١‏ المجلس الثالث والعشرون حت 
جعله حاجباًء فقال: أيقنت الشهادة؟ قال:نعم. قال: فما كان لون الكلب؟ قال: أغبش» 
قال: أردتم أن تغشوني حتى أرجم امرأة من المسلمين» فقال للصبيان: ارجموهم» وخلي 
سبيل الصبي الذي جعله امرأة ورجع إلى حصانه؛ فدحلوا على داود الم فأحبروه الخبر» 
فقال داود: علي بالشهود الساعة واحداً واحداً فأتى بهم فسأل القاضي: ما كان لون 
الكلب؟ قال: أسود, ثم أتى بصاحب الشرطة فسأله فقال: أبيض» ثم أتى بصاحب السوق 
فسأله فقال: كان أحمرء ثم أتى بالحاجب فسأله فقال: كان أغبشء فأمر بهم داود اليل 
فقتلوا مكان المرأة» فكان هذا أول ما استبان لداود الكييِك من فهم سليمان ايكل. 

وقد حدث في أيام الدولة العباسية في وديعة أودعها بعض الشهود بواسطء فأبدلها 
واختان صاحبها فيها ما يضارع هذه القصة من بعض جهاتهاء نحن نأتي بها فيما نستأنفه 
من حالس كتابنا هذا إن شاء الله. 

المجلس الثالث والعشرون 
من مكارم الأخلافق 

حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا بن يحيى المحارمي» قال: حدثنا إسماعيل بن إسحا 
الراشدي» قال: حدئنا داهر بن نوح» قال: حدثنا أبو زيد الأنصاري» قال: حدثني عبد 
الصمد بن سليمان» عن سكين بن أبي سراجء قال: حدثنا عبد الله بن دينار» عن ميمون بن 
مهران» عن ابن عباس» "أن رجلاً أتى النبي ويا فقال: يا رسول الله! أي الناس أحب 
إليك؟ قال: أنفعهم للناس» وإن من أحب الأعمال ! إلى الله تعالى سروراً يدخل على مسلم» 

أو يكشف عن كربه أ ويسد عنه جوعاء ولأن أ مشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن 
أعتكف شهرين في المسجد» ومن كف غضبه ستر الله عورته» ومن كظم غيظه ولو شاء أن 
يمضيه لأمضاه ما الله قلبه يوم القيامة رضاًء ومن مشى مع اخ له في حاجة حتى يثبتها ثبت 
الله قدمه يوم تزول الأقدام» وسوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل”. 

قال القاضي: قال أبو العباس بن سعيد في سكين» يقال سكين بن أني سراج 
وسكين بن سراج» قال القاضي: وفي هذا الخبر ترغيب في أنواع من أفعال الخير وأبواب 
البر ومكارم الأخلاق» وذم لسوء الخلق وتكريه له» وكل فصل من فصول هذا الخبر قد 
أتى في معناه أخبار» ورويت في بحالسه آثار عن النبي ود وعن الصحابة والتابعين» ومن 
تقدمنا من الأئمة الماضين والسلف الصا حين» والخاصة من علماء المسلمين وحكماء أهل 
الدين» وكتابنا هذا متضمن لكثير منه متفرقاً في امجالس المرسومة فيه؛ وحقيق على من 
كرمت نفسه عليه» وحببت منافعها إليه» أن يسعى في اكتساب ما يزينها ويصلحهاء 
ويبذب أحلاقه وينقحهاء ويهجر مذموم الخلائق ويطرحهاء نسأل الله المعونة على ذلك 
بفضله وطولهء وقوته وحوله. 





حت الجليس الصالح والأنيس التاصح بس سس سس سس سيوم ات 
خبر عمرو بن المسبح أرمى عربي 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أخبرنا السكن بن سعيد» عن العباس بن 
هشامء قال: حدثني جميل بن مراد الطائي من بني معن» عن أشياحه؛ قال: كان عمرو بن 
المسبح أرمى عربي على وجه الأرض فأدرك امرأ القيس وله يقول امرق القيس: 
رب رام من بني تعل 
وعاش حتى أدرك النبي َتَ وهو ابن خمسين ومائة سنة فسأله عن الصيد » فقال "كل 
ما أصميت ودع ما أسيت" وفيه يقول رجل من طيئ: 
نعب الغراب وليته لم ينتعب بالبين من سلمى وأم الحوشب 
ويروى زعب الغراب وهي لغة» قال القاضي: وكأن زعب في هذه اللغة من رفع 
الشيء وأخذه ومنه قول النبي ؤي لعبد بن عمرو: "وأرغب لك من المال" قال الشاعر: 
ليت الغراب رمى حماطة قلبه عمرو بأسهمه التي لم تلغسب 
ويروى تغلب» واللغاب عيب في السهام» وهو احتلاف في الريش التي يراش مها 
واللؤام حلافه وهو محمود» وذكر ابن الكلبي أن عمرا هذا كان يمر به السرب من القطا 
يطير في السماءء فيقول: أيتها تريدون؟ فيشار له إلى واحدة فيصرعهاء قوله: كل ما 
أصميت ودع ما أنميت» يقال: أصمى الرجل الصيد إذا أصابه فمات بحضرته؛ وأشاه إذا 
أصابه فتحامل فعاب عنه ثم مات وأشواه إذا أخحطأه ويقال: هذا شوى إذا لم يصب 


المقتل» قال الشاعر: 
وكنت إذا الأيام أحدئن نكبة أقول شوى ما لم يصبن صميمي 
ويقال: أشوي إذا أحطأ الصميم وأصاب الأطراف كاليدين والرجلين» قال امرؤ 
القيمس: 


سليم الشظى عبل الشوى شنج النسا له حجبات مشرفات على الفال 

وقد يقال حلدة الرأس شواة وتجمع شوىء وقال بعض أهل التأويل في قوله عرز ذكره 
إنزاعة للشوى4 أن معناه الأطراف؛ وقيل: فروة الرأس» وقيل الهام» وقيل العحصب 
والعمقب» وقد اختلف الفقهاء في أكل الصيد إذا أتاه راميه وغاب عن عينه فأحله بعضهمء 
وحرمه بعضهم على ظاهر الخبر الذي ذكرناه» وقدر آخرون لغيبته مدة على اختلاف 
منهم في قدرهاء قال القاضي: وأرى أنه قيل للرامي في الموضع الذي وصفنا لإصابته 
الصميم» وأصمى أصله عندي أصمم فاستثقل التضعيف فقيل أصمى» وأشبعت فتحة 
الميم الأولى فصارت ألفاً مكان الميم الثانية وبدلاً منهاء والعرب تقول: تمطى فلان من 
المطا وهو الظهر وأصله تمططء ويقولون تقضى من القضة وأصله تقضضء قال الراجز: 

داني جناحيه من الطور فمر تقضي البازي إذا البازي كسر 


اهبسحت الجلس الثالث والعشرون حت 
وهذا الباب كثير جداء وما وجدت أحداً سبقني إلى ما قلت في الصميم وهو بين» 
ومن الشوى بمعنى فروة الرأس» قول الشاعر: 
إذا هي قامت تقشعر شواتها ويشرق بين الليث منها إلى الصقل 
وقال الأعشى: 
قالت قتيلة ماله قد جللت شيباً شواته 
وذكر عن بي عمرو بن العلاء أنه قال: من رواه هكذا فقد صحفء وزعم أنه سراته 
بالسين والراء يعني أعلاه» وما ذكره أبو عمرو أولى بالتصحيف» ورواية البيت بالشين 
والواو» وقد ثبت وصحت في تأويلها وعرفت» وقول أني عمرو ني السراة صحيح لو أتى 
به الشاعرء ومن السراة قول امرئ القيس: 
كأن سراته وجدةمتنه مدك عروس أو صراية حنظل 
وقد روي أن أبا عمرو لما تبين صحة الرواية بالشين رجع إليهاء وقد ذكرنا كلاماً في 
هذا الفصل أشبع من هذا في كتابنا الذي أمللناه في شرح مختصر الحرمي في النحو. 
لم يسمع بأسره دخلت الاسلام كهؤلاء 
وحدثنا ابن دريد» قال: أخبرنا السكن بن سعيد» عن العباس بن هشام» عن أبيه) 
قال: حدثني الوليد بن عبد الله الجعفي» عن أبيه» عن أشياخ قومه قالوا: كانت عند أي 
سبرة وهو يزيد بن مالك بن عبد الله بن الذؤيب بن سلمة بن عمرو بن ذهل بن مران بن 
جعفي امرأة منهم فولدت له سبرة وعزيزاً ثم ماتت فورئت ابناها إبلآء ثم تزوج أبو سبرة 
أخرى فجفا ابنيه ونحاهما في إبلهما التي ورثاها عن أمهماء فلما بلغهما مهاجرة النبي كك 
قال سبرة لمولى لأمه كان يرعى عليه: ابغني ناقة كنازاً ذات لبن» فقال القاضي: هي 
الكثيرة اللحم امختمعة الجسم» فأتاه مها فركبها وهو يقول لأبيه: 
ألا أبلغا عني يزيد بن مالك ألما يأن للشيخ أن يتذكرا 
رأيت أبانا صد عنا بوجهه وأمسك عنا ماله وتنمرا 
ثم توجه إلى النبي 8ه فأسلم وأقبل أحوه عزيز» فقال للمولى: أين أحي؟ قال: ندت له 
ناقة فذهب في طلبهاء فنظر في الإبل فلم ير شيئاًء فقال للمولى: لتخبرني» فأخبره وأنشده 
البيتين» فدعا بناقة فركبها وهو يقول: 
إلا أبلذا عني معاشر ماج نمل لي من بعد ابن أي سوير 
ولحق بالنبي يله فأسلم؛ ثم أقبل أبو سبرة فقال للمولى: أين ابناي؟ فأخبره خبرهما 
وأنشده شعرهماء فركب وهو يقول: 
وسبرة كان النفس لو أن حاجة ترد ولكن كان أمراً تيمسرا 


-َ اتليس الصالح والأئيس الناصح حححص#ج7/77 --- | بل<ا<ااااااا”؟اسصصج ق /ا اح 


وكان عزيز خلتي فرأيته تولى ولم يقبل علي وأدبرا 
ثم لحق مهما ولف عند المولى غلاماً له يقال له شنفر» فمكث المولى أياماً ثم لحق بهم 
وأنشد يقول: 
بدلت أنياباً حيالاً وشنفرا بأهلي لا أرضى بهم من أولئك 


قال القاضي: الأنياب جمع ناب وهي الناقة المسنة» والحيال: جمع حائل وهي التي 
حالت عن أن تشتمل على حملء فأتى أبو سبرة النبي ته ومعه ابناه فأسلمواء فقال النبي 
عله لعزيز: ما اسمك؟ قال: عزيز» قال: لا عزيز إلا الله» أنت عبد الرحمن» وقال أبو سبرة 
للنبي ي: إن بظهر كفي سلعة قد منعتني من خطام راحلتي» فدعا النبي ويك بقدح فجعل 
يضرب به على السلعة ويمسحها فذهبت» ودعا له ولابنيه وأقطعه جروان واديا في بلاد 
قومه» قال ابن الكلبي: فلم يسمع لأهل بيت أجابوا إلى الإسلام طوعاً بمثل هؤلاء. 

خبر مقتل عمرو ذي الكلب 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أني» قال: حدثنا أحمد بن عبيد» عن 
الذماري» قال: دحل عمرو بن معديكرب لزيدي على عمر رضي الله عنه يومأء فقال 
له: يا أبا ثور! أحبرني بأعجب ما رأيت» فقال: إنى أخحبرك يا أمير المؤمنين ني خرجت 
يوم أريد حياً من أحياء العرب حي إذا ما كنت راد يمال له يا إذا أنا برجل 
مفترس أسداً قد أدحل رأسه في جوفه؛ وهو يلغ في دمه كما يفترس الأسد الناس والبهائم 
ويلغ في دمائهم؛ فهالني ذلك وراعني وظنته شيطاناً ثم عاتبت نفسي» فصحت بالرجل 
فوالله ما نهنه صياحي به حتى صحت به صيحة أخرى فلم يبل» فصحت الثالثة فرفع رأسه 
ونظر إلي وعيناه كاللجمرتين» ثم أعاد رأسه في جوف الأسد احتقاراً لي» فوقفت أنظر إليه 
تعجباً منه» فأقبلت حية كان على طريقها تكون شبراً أو نحوه فتعثرت به فلدغته لدغة في 
منكبه كما كان باركاً على الأسدء فصاح منها صيحة ثم أطرق فلم أره يتحرك كما كان 
قبل ذلك» فدنوت منه فإذا سيف له وقوس موضوعانء وفرس مشدود فأخذت سلاحه» 
فلم يتحرك فأممته ودنوت منه وضربت بيدي إلى ذراعيه فتبعتني والله يده من الكف 
فوقعت» فقلت: إن هذا للعجبء لا أبرح حتى أعلم علمه عند بعض من يمر فأسأله فإذا 
كلب رابض ناحية» فأقبلت السباع والنسور فحماه الكلب فلما جنني الليل انصرفت 
وتركته على هيئته فمضى لذلك زمنء فبينا أنا بسوق عكاظ في اي أي الموسم في أجمع ما 
كان الناس» إذا امرأة تنشد الرجل فعرفت النعت والصفة» فقلت: أنا صاحب الرجل» 
وهذا سيفه وقوسهء قال: فقالت: يا عمرو اانه لا يجمل بمثلك الكذب وأنت فارس 
قومكء فأسألك باللات والعزى إلا تي فخبرتها الخبر» فقالت: صدقتء وإما كان 
يفعل ذلك لأن أسداً مرة عدا على أخ كان له يقال له صخر فأكله» فآلى على نفسه ألا 


دوب للش يسيس سس سيسحت البملس الثالثت والعشرون -حت 
يلقى أسداً إلا افتر سه وولغ في دمه) وقال: إنما هو كلب» فسمي عمراً ذا الكلب» وأنا 
أحته الجنوب» وبكته في شعر تقول فيه: 


وكل حي وإن طالت سلاتهم يوم طريقهم في الشر مركوب 
أبلغ هذيلاً وخصص في سراتهسم عني مقالاً وبعض القول تكذيب 
بأن ذا الكلب عمراً خيرهم نسباً ببطن شريان يعوي عنده الذيب 

تمشي النسور إليه وهي لاهية مشي العذارى عليهن الحلابيب 
الطاعن الطعنة النجلاء يتبتعها مثعنجر من نجيع الجوف أثغوب 


حدثنا الحسن بن أحمد الكلبي» قال حدثنا محمد بن زكرياء قال: حدثنا العباس بن 
بكار» قال: حدثنا عيسى بن يزيد» عن صالح بن كيسان» وحدثني الحسن بن أحمد» قال: 
حدئنا محمد بن زكرياء قال: وحدثنا عبد الله بن ضحاكء» قال: حدثنا هشام بن محمد» عن 
عوانة» قال: وفد عبيد الله بن العباس على معاوية بن أني سفيان» فلما كان ببعض الطريق 
عارضته سحابة فأم أبياتاً من الشعرء فإذا هو بأعراي قد قام إليه فلما رأى هيئته وبهاءه؛ 
وكان من أحسن الناس شارة وأحسنهم هيئة» قام إلى عنيزة له ليذبحها فجاذبته امرأته 
ومانعته» وقالت: أكل الدهر مالك ولم يبق لك ولبناتك إلا هذه العنيزة يتمتعون منها ثم 
تريد أن تفجعهن بهاء فقال: والله لأذبحنهاء فذبحها أحسن من اللؤم؛ قالت: إذن والله لا 
تبقي لبناتك شيئاً فأحذ العنيزة - وأضجعهاء وقال: 
قرينتي لا توقظي بنسيه إن توقظيها تنتتحب عليه 
وتنزع الشفرة من يديه أبغض بهذا وبذا إليه 

ثم ذبح الشاة وأضرم ناراً وجعل يقطع من أطايبها ويلقيه على النار ثم يناوله عبيد الله 
ويحدثه في حلال ذلك بما يلبيه ويضحكه حتى إذا أصبح عبيد الله وانجلت السحابة 
وهم بالرحيل قال لقيمه: ما معك؟ قال: حمس مائة دينار» قال: ألقها إلى الشيخ» قال: 
القيم جعلت فداك» إن هذا يرضيه عشر ما سميت وأنت تأتي معاوية ولا تدري على ما 
توافقه على ظاهره أم على باطنه» قال: ويحك إنا نزلنا بهذا وما يملك من الدنيا إلا هذه 
الشاة فخعرج لنا من دنياه كلهاء وإنما جدنا له ببعض دنيانا فهو أجود مناء ثم ارتحل فأتى 
معاوية فقضى حوائجه» فلما انصرف وقرب من رحل الأعراي قال لوكيله: انظر ما حال 
صاحبناء فعول إليه فإذا إبل وحال حسنة وشاء كثير» فلما بصر الأعرابي بعبيد الله قام إليه 
فأكب على أطرافه يقبلهاء ثم قال: بأبي أنت وأمي» قد مدحتك وما أدري من أي حلق 
الله أنت ثم أنشده: 


- الجليس الصالح والأئيس الناصح مسب ب ٠/7‏ /ا ا عد 


توسشّه لمارايت مهابة عليه وقلت: المرء من آل هاشم 
وإلا فمن آل المسرار فإنهم ملوك وأبناء الملوك الأكارم 
فقمت إلى عنز بقية أعنز فأذبحها فعل امرئّ غير نادم 
فعوضني منها غناي وإنما يساوي حيم العنز خمس دراهم 
أفدت بها ألفاً من الشاء حلبا وعبداً وأنثى بعد عبد وخادم 
مباركة من هاشي مبارك خيار بني حواء من نسل آدم 
فلله عيناًً من رأى لعنيزة أفادت وراشت بعد عشر قوادم 
فقلت لعرسي في الخلاء وصبيتي أحق ترى هذا أم أحلام نائم 


قال عبيد الله : قد أصبت وأنا من ولد العباس وأنا من آل المرار» فبلغت معاوية) 


فقال: لله در عبيد الله من أي بيضة خرج)» وفي أي عش درج» عبيد الله معلم الجود) 
وهو والله كما قال الحطيئة: 


أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا 
وإن كانت النعمى عليهم جزوا بها وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا 
مطايب الجزور وأطايب الماكهة 


قال القاضي: في هذا الخبر: وجعل يقطع من أطايبهاء والصواب من مطاييها هكذا 
يقال في اللحم؛ والعرب تقول: مطايب الحزور وأطايب الفاكهة» والمطايب من الجمع 
الذي لا واحد له على منهاج لفظه. وقياسه مثل ملامح ومشابه وهذا كثير. وقد حكى 
الفراء أنه سأل بعض العرب عن الواحد في مطايب الجزور» فحكى عنه ما معناه أنه لم 
يكن عنده فيه شيء يحفظه» وأنه أحذ يتكلف فيه قولاً يستخرجه وجعل يقول: مطيبة 
وأنه ضحك من هذا من قوله مطيبة» وقول الحطيئة أحسنوا البنا هكذا رأيته بضم الباء. 
وقد حدثنا محمد بن بحيى الصولي» قال: حدثنا القاسم بن إسماعيل؛ قال: حدثنا عبيد 
الله بن محمد القرشي» قال: حدثنا الأصمعي» قال: أتيت شعبة يوماً وعنده حماد بن سلمة 
وهما يتكلمان في حديثء فقال له شعبة: يا أبا سلمة! هذا الفتى الذي ذكرته لك» فقال لي 
حماد بن سلمة كيف تنشد قول الحطيئة: أولئك قوم...» فابتدات القصيدة من أولما: 


ألا طرقتنا بعدما هجعت هند وقد سرنا حمساً واتلأب بنا نجد 
إلى أن بلغت البيت: 
أولئك قوم إن بنوا أحسنوا االبنا وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا 


فقال لي حماد بن سلمة: يا بني! إن العرب تقول: بنى يبني بناء في العمران» ويقولون 


حنم اس سس ححصت املس الثالث والعشرون حس 
في الشرف: بنا يبنو بناء فأنشد هذا: أولئك قوم إن بنوا أحسنوا إليناء فعرفت قدر 
حماد بن سلمة من ذلك اليوم» فما كنت أنشده إلا ما كنت أتقنه. 

قال القاضي: والبناء في الرباع والمساكن ممدود مكسور الباء في لغات عامة العرب» 
ومهذه اللغة جاء القرآنء قال الله تعالى: #والسماء بناء#. وذكر الفراء أن من العرب من 
يقصر البناء ها هنا. 

أعرابي يشرب بجرْه صوف فتعاتبه امرأته 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أبي» قال: حدثنا أحمد بن عبيد» قال: 

حدثنا أبو نصرء عن الأصمعي» قال: شرب أعراي بجزة صوفء فلامته امرأته وعتبت 


عليه فأنشأ يقول: 
عتبت علي لأن شربت بصوف فلئن عتبت لأشربن بخروف 
ولئن عتبت لأشربن بنعجة ذرعاً ومن بعد الخروف سحوف 
الذرء: التي في رأسها بياض» والسحوف: سمينة. 
ولعن عتبت لأشرين بلقحة صهباء مالعة الإناء صفوف 
ولئن عتبت لأشربن بصاهل ما فيه من هجن ولا تقريف 
الحجين: الذي أمه من غير جنس أبيه» والمقرف مثله. 
ولئن عتبت لأشربن بواحدي ويكون صبري بعد ذاك حليفي 
فلقد شربت الخمر في حانوتها صفراء صافية بأرض ال ريف 
ولقد شهدت الخيل تقرع بالقنا وأجبت صوت الصارخ الملهوف 
قال أبو بكر بن الأنباري: إني وجدت بغير هذا الإسناد أن امرأته أجابته فقالت: 
ما إن عتبت لأن شربت بصوف أو أن تلذ بالقحة وخحروف 
فاشرب بكل نفيسة أوتيتها وملكتها من تالد وطريف 
وارفع بطرفك عن بني فإنه من دونه شغب وجذع أنوف 
فطنة قاض 


حدننا محمد بن الحسسن بن زياد المقري» قال: أخبرنا إدريس الحدادء قال: حدثنا 
هارون الحمال» عن يزيد بن هارونء قال: تقلد القضاء بواسط رجل ؛ ثقة كثير الحديث ما 
أظنه إلا أكره على القضاء والله أعلم - فجاء رجل فاستودع بعض الشهود كيساً مختوماً 
ذكر أن فيه الف دينار فلما حصل الكيس عند الشاهد وطالت غيية الرجل قدر أنه قل 
هلكء. فهم بإنفاق المال» ثم دبر ففتق الكيس من أسفله وأخذ الدنانير وجعل مكالها 


ح الجليس الصالح والأنيس الناصح لت سل سس 0 ١0‏ 5 
دراهم وأعاد الخياطة كما كانت» وقدر أن الرجل وانى وطالب الشاهد بوديعته فأعطاه 
الكيس بحتمه» فلما حصل في منزله فض حتمه فصادف في الكيس دراهم فرجع إلى 
الشاهد, وقال له: عافاك الله اردد علي مالي فإني استودعتك دنانير والذي وجدت 
دراهم مكانهاء فأنكر ذلك واستعدى عليه القاضي المقدم ذكره؛ فأمر بإحضار الشاهد مع 
حصمه. فلما حضرا سأل الحاكم: مذ كم أودعته هذا الكيس؟ قال: مذ حمس عشرة سنة» 
فأقبل على الشاهد, فقال: ما تقول؟ قال: صدق هو عندي منذ حمس عشرة سنة» فأحذ 
القاضي الدراهم وقرأ شكلها فإذا هي دراهم منها ما قد ضرب منذ سنتين وثلاثة ونحو 
ذلك فأمره أن يدفع الدنانير إليه فدفعبا إليه أو مكانها وأسقطهء فقال له: يا خائن ونادى 
مناديه: ألا إن فلان بن فلان القاضي قد أسقط فلان بن فلان الشاهد» فاعلموا ذلك ولا 
يغترر به أحد بعد اليوم» فباع الشاهد أملاكه بواسط» وخرج منها هاربا فلا يعلم عنه 
حبر ولا أحس منه أثر. 
رأي أبي يوسف القاضي فيمن يشهدون عنده 

حدثنا عبد الله بن منصور الحارثي» قال: حدثنا أبو العباس قال حدثني بعض أصحابناء 
قال: قال الرشيد لأبي يوسف القاضي: بلغني أنك تقول إن هؤلاء الذين يشهدون عندك 
وتقبل أقوالهم متصنعة» فقال: نعم يا أمير المؤمنين» قال وكيف ذلك؟ قال: لأن من صح 
ستره وخلصت أمانته لم يعرفنا ولم نعرفه» ومن ظهر أمره وانكشف ستره لم يأتنا ولم 
نقبله» وبقيت هذه الطبقة وهم هؤلاء المتصنعة الذين أظهروا الستر وأبطنوا غيره» فتبسم 
الرشيد وقال: صدقت. 

نوع الشهود الذين اختارهم إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفغة 

حدما إساعيل بن علي أبو حمد الخطبي, قال: لما ولي إسماعيل بن حماد بن أبي حنية 
القضاءء قال: يجب أن يكون بين أيدينا قوم تتمندل بهم ويتمندلون هم بالعامة» ولا يجب 

أن يكونوا من أكابر الناس ومن أعاليهم؛ ولا سوقتهم وسفلتهم» فاختار متوسطي التجار 
فجعلهم شهوداً. 

معتى السوقة الصحيح 

قال القاضي: قول ابن حماد من سوقتهم وسفلتهم» يدل على أنه كان يظن أن السوقة 
أهل الأسواق» ولم يعلم أن السوقة هم الذين يسوقهم الملوك بسياستهم وأن الناس ملوك 
وسوقة أي رعية» كما قال زهير: 

يا حار لا أرمين منكم بداهية لم يلقها سوقة قبلي ولا ملك 
وقالت حرقة بنت النعمان بن المنذر: 


جما سس سسحت ابمجلس الرابع والعشرون حت 
ما قيل في نوح بن دراج القضاء 

حدثنا الحسن بن علي العدوي؛ قال: أخبرنا الحسن بن علي بن راشد» قال: قيل 
لشريك بن عبد الله: قد تقلد القضاء نوح بن دراج» قال: ذهبت العرب الذين كانوا إذا 
غضبوا كفروا. 

النسب القصير 

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف» قال: حدثني أحمد بن الصلت الحماني؛ 
قال: حدثنا النضر بن علي» قال: حدثنا خالد بن الحارث» عن أبيه» قال: قال لفرزدق بن 
غالب: حرجت من البصرة أريد العمرة» فرأيت عسكراً في البرية» فقلت: عسكر من 
هذا؟ قالوا: عكر الحسين بن علي طق قال: فقلت: لأقضين حق رسول الله 46 في 
فأتيته فسلمت» فقال: من الرجل؟ ف فقلت: الفرزدق بن غالب» فقال: هذا نسب قصير» 
فقلت: أنت نت أقصر مني نسباء انت ابن رسول الله 8 فقال لي : أبو من؟ فقلت: أبو 
فراس» قال: يا أبا فراس كيف حلفت الناس ومن أين وإلى أين؟ قال: قلت: من البصرة 
أريد العمرة» وما سألت عنه من أمر الناس فقلوبهم معك وسيوفهم مع بني أمية والقضاء 
ينزل من السماء قال: فاغرورقت عيناه» وقال: هكذا الناس في كل زمانء أتباع لذي 
الدينار والدرهم» والدين لغو على السنتهم فإذا فحصوا بالابتلاء قل الديانون. 

قال القاضي: معنى ما ذكر من قصر النسب في هذا الخبر» أن النبيه الذي بغير نظير له 
يشاركه في نسبه وما يعرف به فلا يحتاج إلى زيادة في انتسابه وإطالته» وهو مستغن 
بقصير ما يعرف به عن كثيره» كما قال الشاعر: 

أحب من النسوان كل قصيرة لها نسب في العالمين قصير 

ومن هذا النسب نسب الرسل والأنبياء والملوك والخلفاء» وقد قال النسابة البكري 
لرؤبة بن العجاج لما اتسب له: مه قصرت وعرفت. 

وحكى لي بعض أصحابناء أنه وجد بخط صاحبنا محمد بن جعفر بن جمهور: سألت 
أبا جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري أن يزيدني في نسبه فقال متمثلا قول رؤبة: 

قد يرفع العجاج بيتاً فادعني باسم إذا الأنساب طالت يكفني 
المجلس الرابع والعشرون 
من يكن في حاجة أخيه 

حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد الحمال» قال: حدثنا عمي» قال: ابن نافع» قال: 
حدثنا ابن المنكدر» عن أبيه» عن الحسين بن أني الحسن» عن جابر بن عبد الله أن النبي 
يل قال: «من يكن في حاجة أخيه يكن الله عز وجل في حاجته». 

قال القاضي: في هذا الخبر ما يرغب في قضاء حاجات الإحوان» إذ سعيهم فيها يعود 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح سس لصح اراح 
عليهم بمعونة الله عز وجل لمم في حاجتهم» ويرجى به إدراكهم منها ما لا يبلغونه بسعيهم» 
دون معونة الله لهم عليه وتيسيره إياه» وقد جاء في هذا المعنى ونحوه أخبار كثيرة» وقد مضى 
بعض ذلك فيما مضى في كتابناء فلعلنا نأتي فيما بعد بما يحضرنا منه إن شاء الله. 
إسلام سادن الصكم 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أخبرنا السكن» عن العباس بن هشام؛ عن أبيه» 
قال: حدثني أبو كبران المرادي» عن يحيى بن هاني بن عروة» عن عبد الرحمن بن أبي 
سبرة الحعفي» قال: كان لسعد العشيرة صنم يقال له فراس وكانوا يعظمونه» وكان سادنه 
رجلاً من بني أنس الله بن سعد العشيرة» يقال له ابن دقشة؛ قال عبد الرحمن: فحدثني 
رجل من بني أنس الله يقال له ذباب» قال: كان لابن وقشة رئي من اللحن يخبره بما 
يكونء قال: فأتاه. ذات يوم وأنا عنده فأحبره بشيء فنظر إلي وقال لي: يا ذباب» اسمع 
العجب العجاب» بعث الله أحمد بالكتاب» يدعو بمكة فلا يجاب» قال: فقلت ما تقول؟ 
فقال: ما أدري هكذا قال لي» فلم يكن إلا قليل حتى سمعنا بظهور النبي وَيَههُ فسرت إلى 
الصنم فحطمته؛ ثم أتيت النبي دَق فقلت: 


تبعت رسول الله إذ جاء بالمدى وخلفت فراسساً بدار هوان 

شددت عليه شدة فتركته كأن لم يكن والدهر ذو حدثان 

فلم رأيت الله أظهر دينه أجبت رسول الله حين دعاني 

فأصبحت للإسلام ما عشت ناصراً وألقيت فيه كلكلي وجراني 

فمن مبلغ سعد العشيرة أنني شريت الذي يبقى باحر فان 
مناظره ابن عباس للحرورية 


حدثنا على بن محمد بن الجهم, أبو طالب الكاتب» قال: حدثني أبو عبد الله أحمد بن 
يوسف بن الضحاك الفقيه» قال: حدثنا عمر بن على الفلاسي» قال: حدثنا عبد 
الرحمن بن سدي» قال: حدثنا عكرمة بن عمار» قال: حدثني أبو رميل» قال: حدثني عبد 
الله بن عباس» قال: لما حرجت الحرورية اعتزلوا في دار» وكانوا ستة آلاف» فقلت لعلي: 
يا أمير المؤمنين! أبرد بالصلاة لعلي أكلم هؤلاء القوم» فقال: إني أحافهم عليك» قلت: 
كلا فلبست أحسن ما يكن من اليمنة وترجلت ودحلت عليهم ني دار نصف النهار وهم 
يأكلون» فقال: مرحباً بك يا ابن عباس» فما جاء بك؟ فقلت لهم: أتيتكم من عند 
أصحاب النبي ود والمهاجرين والأنصارء ومن عند ابن عم رسول الله يهُ وصهرهء 
وعليهم نزل القرآن؛ وهم أعلم بتأويله منكم؛ وليس فيكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون 
وأبلغهم ما تقولون» فقال بعضهم: لا تخاصموا قريشاً فإن الله عز وجل قال: ابل هم 


١م‏ ملسست الجلس الرابع والعشرون 2 
قوم خصمون4 فانتحى لي نفر منهم فقالوا: لنكلمنه» فقلت: هاتوا ما نقمتم على 
أصحاب رسول الله َو وابن عمهء قالوا: ثلاثاء قلت: ما هن؟ قالوا: أما إحداهن فإنه 
حكم الرجال ني أمر الله تعالى» وقد قال الله عز وجل: إإن الحكم إلا لله ما شأن 
الرجال والحكم؟ قلت: هذه واحدة, قالوا: وأما الثانية فإنه قاتل ولم يسب ولم يغنم» فإن 
كانوا كفاراً فقد حل سباهم وقتلهم: ولئن كانوا مؤمنين فما حل قتاهم ولا سباهم» قلت: 
هذه تثنتان فما الثالثة؟ قالوا: إنه محا نفسه من إمرة المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنئين فهو 
9 الكافرين» قال: قلت: هل عندكم من غير هذا؟ قالوا: حسبنا هذاء قلت: أرأيتم إن 

ت ت عليكم من كتاب الله وسنة بيه يما برد تولكم هذا ترجعونة قالوا: نمم قلت 
لا تولك حك حال في 0 قرأ عليكم من كتاب الله عز وجل أن ل 
صير الله عز وجل حكمه إلى الرجال في ثمن ربع درهم, وأمر الله عز وجل الرجال أن 
يحكموا في أرنبء قال الله تعالى: «إيا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم, 
ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم» وكان 
من حكم الله عز وجل أنه صيره إلى الرجال يحكمون فيه ولو شاء لحكم فيه فجاز حكم 
الرجال» اناكم بالله أ أحكم الرجال في صلاح ذات البين وحقن دمائهم أفضل أم 
حكمهم ني أرنب؟ وني المرأة وزوجها: «إوإن خفتم شقاق بينهما فابعنوا حكماً من 
أهله وحكماً من أهلبا إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بيدبما4» نشدتكم الله فحكم الرجال 
في إصلاح ذات بينهم وحقن دمائهم أفضل أم حكمهم في بضع امرأة؟ أخحرجت من هذه؟ 
قالوا: نعم. وأما قولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم أفتسبون أمكم عائشة فتستحلون منها ما 
تستحلون من غيرها وهي أمكم. فإن قلتم: إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها لقد 
كفرتم؛ ولئن قلتم ليست بأمنا لقد كفرتم لقوله تعالى: «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم 
وأزواجه أمباتهم4 فأنتم بين ضلالتين فأتوا منهما مخرجاء أرجت من هذا؟ قالوا: نعم 
وأما قولكم محا نفسه من إمرة المؤمنين فأنا آتيكم بما ترضون بهء إن نبي الله َي يوم 
الحديبية صالح المشركين فقال لعلي: اكب يا علي: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله 
قالوا: لا نعلم أنك رسول الله ولو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك» فقال رسول الله وي : 
امح يا علي» اللهم إنك تعلم أني رسول الله امح يا على واكتب: هذا ما صالح عليه 
محمد بن عبد الله ووالله» لرسول الله حير من علي لقد محا نفسه» ولم يكن محوه ذلك 
يمحوه من النبوة» أرجت من هذه؟ قالوا: نعم» فرجع منهم ألفان وحرج سائرهم فقتلوا 
على ضلالة» قتلهم المهاجرون والأنصار. 

خبر الأصدقاء الثلاثة 


حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أني» قال: حدئنا أصحابنا أن عبد 


-َ الجليس الصاح والأنيس الناصح 


الماع 


الملك بن مروان كتب إلى الحجاج: أنفذ مع عبد الله بن كعب أربعة آلاف إلى خراسان 
ففعل فشخص ب المعسكر ثلاثة كانوا متآخين متصاحبين على اللذات ومعاقرة الشراب» 
يقال لهم: أوس بن حارثة وأنيس بن خخالد وبشر بن غالبء وكانوا إذا نزلوا منزلاً انفردوا 
دون الناس فخلوا بشرابهم ولذاتهم» فلم يزالوا على ذلك حتى دحلوا سجستان ونزلوا 
رزداق راوند وحزازى..قال أحمد بن يحيى: الصواب ما ذكره وهو رزداق» ورستاق خطأ 
- فمات أوس - قال القاضي: أصل هذا الكلام بالفارسية وعرب فقيل: رزداق ورستاق» 
وهو أكثر في كلام من تقدم ومن تأخر فيما وردت الأخبار عنهم به فعظم حزنهما عليه 


وجزعهما له وقال أنيس يرثيه: 
تخطى إلى المسوت من بين من أرى 
اللبني فتى كان الننهيم حياته 
حليماً أديياً ماجداً ذا سماحة 
أميناً جواداً غير ككز مخالف 
يخونه الددهر الخحتكون بريبة 
أناديه يا أوس بن حارئة الذي 
أجبني لقد أنفذت بالوجد عبرتي 
وقد كنت ذا رأي وسمع وفطنة 
فليس لنا إذا مات أوس منادم 
وقال فيه أيضاً: 
وردنا حزازي إذ وردنا تلاثة 
أنيس وأوس الحارثئي بن حالد 
فكنا ولا نبغي من الناس رابعاً 
فلما رمانا الناس بالأعين التي 
رمتني بنات الدهر منا بأسهم 
فأردين أوساً لهف نفسي لفقده 


فأتلف ندماني لقد جار واعتدى 
لنادون حلق الله كان أبا الرضا 
بعيداً عن الفحشاء والشر والختا 
ولا جاعلاً رباً من المال ما حوى 
فأصبح رهنئاً للصفائح والصفا 
به كنتت أنفي الحم عني والأذى 
عليك أماترثى لباك إذا بكى 
سريعاً إلى الداعي مجحيباً الندا 


كأنا جميعاً أيها الناس واحد 
ونصر أحوهم والمنايا رواصد 
متى يرمقوا شيئا بها فهو بائد 
ونبل المنايا للرجال قواصد 
سقي قبره صوب الغمام الرواعد 


فمات أنيس فعظم حزن نصر عليه؛ واتصل بكاؤه وجزعه ل وقال يرئيه : 


أئيس فدته النفس ميتافقدلته 


أنيس فدتك النفس أصبيحت مفردا 


فنفسي له حرى عليه : تقطع 


وحيداً فما أدري أي كيف أصنع 


حدم ١‏ 
أئيس فدتك النفس حلفت حسرة 
أنيس فدتك النفس ماذا رزئته 
فكيف بقائي بعد أوس أحي الفدى 


امجلس الرابع والعشرون حت 
علي فعيني الدهر ما عشت تدمع 
لقد فت أن أقضي وشيكاً فأسرع 


حليلي هبا ماقدرقدتما 
ألم تعلما ما إن راوتد كلها 
أصب على قبريكما من مدامة 
مقيم على قبريكما لست بارحاً 
أجدكما ما ترثيان لموجع 
جرى النوم بين اللحم والعظم منكما 
ألم ترحماني أنني صرت مفرهداً 
أناديكما بالجهر منسي صبابة 
فإن كنتما لا تسمعاني فماالذي 
ساأبكيكما حتى الممات فما الذي 


أجدكما لا تقتضيان كراكما 
ولا بخزازي لي صديق سواكما 
فإلا تذوقا ارو منها ثراكما 
طوال الليالي أو يجيب صداكما 
حزين على قبريكما إذ بكاكما 
كأنكما كأسي عقار سقاكما 
وأني مشتاق الى أن أراكما 
كأنكما لم تسمعا من دعاكما 
خليلي عن ممع الدعاء عداكما 
يردعلى ذي عولة إن بكاكما 


فلم يزل يشرب ويردد هذا الشعر حتى مات» فدفن إلى جانبهماء فقبورهم هناك 
تسمى قبور الإخوة. 
تعليق لغوي 
قال القاضي: قول أنيس في شعره: كأنا أثاف لا تريم رواكدء الأثاني أثافي القدرء وهي 
ما تنصب عليه من حجارة أو غيرهاء والواحدة أثفية» ومثله أمنية وأماني وأوقية وأواق » 
وقد يخفف هذا فيقال أماني وأواقي» وروي عن بعض المتقدمين أنه قرأ "لا يعلمون 
الكتاب إلا أماني" بالتخحفيف» وقيل: هو في تخفيفه وتشديده بمنزلة قراقر وقراقير في جمع 
قرقور» والعرب تقول في دعائها على الرجل: رماه الله بثالثة الأثاني يريدون الحبل» لأنهم 
يجعلون للقدر أثفيتين ويسندونهما إلى الحبل فيغنيهم عن أثفية أخرى» وقيل: نهم يخففون 
الأثاني من هذا الباب أكثر من تحفيفهم غيره لكثرة استعماله» ومن قال هذا ونحوه: 
الأحفش وقوله: لا تريم» أي لا تبرح؛ يقال: لا أريم وما أريم»ولا يستعمل إلا في النفي لا 
يقال: ما رمت كما يقال ما زلت» ولا يقال زلت في الأبيات» قال الشاعر: 
لمن طلل برامة ما يرتم عفا وخلا له حقب قديم 


تت الجليس الصالح والأنيس الناصح 27777 2 سيسى]ىل ل س7 ل 521 

وقال الأعشى: 

أبانا فلا رمت من عندنا فإنا بخير إذا لم ترم 
وقال أيضاً: 
أفي الطوف خحفت علي الردى وكم من رد أهله لميرم 

وقول نصر بن غالب في أنيس أيضاً: لقد حفت أن أقضي وشيكاً أسكن الياء في 
أقضي وحكمها أن تنصب بأن ليسلم بيته من الانكسارء وقد يجعل هذا على لغة من يقرأ 
الفعل المضارع على الرفع بعد أن ولا ينصبه وقد جاءت في الشعر أبيات على هذا في 
الصحيح غير المعتل» من ذلك قول الشاعر: 

وإني لأجتاز القرى طاوي الحشا محاذرة من أن يقال لثيم 

وروى بعضهم عن مجاهد أنه قرأ: "لمن أراد أن يتم الرضاعة" والأشهر عنه: من أراد 
أن يتم الرضاعة» وعلى توجيه الفعل إليها وقراءة الجمهور من السلف والخلف التي لا 
نستجيز تعديها "من أراد أن يتم الرضاعة" لوجوب الحجة بنقلها لصحتها في العربية 
ومقاييسهاء ومما أسكنت ياؤه من معتل هذا الباب قول الأعشى: 


فتىّ لو ينادي الشمس ألقت قناعها أو القمر الساري لألقى المقالدا 
وجاء مثله في الواو» وذلك قول الفرزدق: 

فإن حراماً أن أسب مقاعساً بآبائي الشم الكرام المخضارم 
ولكن نصفاً لو سببتُ وسبّني بنو عبد سس من مناف وهاشع 
أولئك أكفائي فجثتني بمشلهم وأعبدُ أن أهجو كليباً بدارم 


ومثل هذا كثير وشواهده وذكر علله من جبة النحو والإعراب واسع جدأء وله 
موضع هو أولى به» وقد أضيفت جملة هذا الشعر والخبر الذي تضمنه في رواية أخرى إلى 
قس بن ساعدة وأنه أنشد هذا في نديميه» وقد رويناه في أخبار قس وأقاصيصه. 

الصمصامة سيف عمروو بن معديكرب 

حدثنا أبو النضر العقيلي أحمد بن إبراهيم بن إسحاق بن الحارث» قال: حدثنا 
محمد بن زكرياء قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: أحبرني أحمد بن أني محمد اليزيدي» 
قال: كان أبي ربى الرشيد وموسى ابني المبدي وأدبهما قال: فدحلت على موسى وقد 
استخلف وكان يجلني ويكرمني» فسلمت فرد علي السلام واستقعدني فقعدت» وإذا بين 
يديه سيف عريض كأنه بقلة» فقلت: يا أمير المؤمنين! ما هذا؟ قال: هذا سيف عمرو بن 
معديكرب الصمصامة» فاستحسنته» فقال لي أمير المؤمنين: قد كنت سألت أمير المؤمنين 
المهدي رضي الله عنه أن يهب لي هذا السيف فضن به عني ومنعنيه» فآليت إن بلغني الله 


جو ) سس الس الرايع والعشرون - 
تعالى أملي أن أمتحنه. وقد عزمت على أن أدعو غلامي طرخان الحريري وهو جيد الذراع؛ 
وأن يحضر لي صحرة سوداء طولانية من حجارة القصارين» وأتقدم إليه أن يجمع يديه ني 
السيف ثم يضرب به الرأس الدقيق من الصخرة» فإن سلم سلم وإن يقطع يقطعء قال: فلم 
نزل نطلب إليه ونساله إعفاء السيف من الخنة ونقول: شرف من شرف العرب وسيف لا 
يوجد مثله؛ فأبى ودعا غلامه طرحان وأحضر الصخرة, قال أحمد» قال أبي: فقلت له: يا أمير 
المؤمنين! فإذا لم تطعني فاعمل له حديثاً ييقى على الدهرء يدل من بالباب من الشعراء حتى 
يحضروا السيف ومحنته» فإن سلم وصفوه وإن يقطع رئوه؛ فأمر بإحضار الشعراء» وكان 
بالباب منهم أبو الحول وأبو الغول التميمي وسلم الخاسرء فقيل لهم: إن أمير المؤمنين 
أحضركم لحنة هذا السيف قمن أحسن الوصف له والقول فيه فصلته عشرة آلاف درهم 
وخلعة وحملان» ثم أحضر طرخان والسيف بين يدي موسى» فحسر عن ذراعيه وهزه وجمع 
يديه ني قائمة ثم ضرب به الصخحرة فمضى فيها باتراً لها ولم يصبه شيء» فأما أ بو المهول فلم 
يصف شيئاًء وأما سلم فلم يرض ما قال» وأما أبو الغول فوصف فأحسن وأخحذ الصلة عشرة 
آلاف درهم والحملان والخلع وانصرفء وأمر لأني الهحول وسلم الخاسر بخمسة آلاف حمسة 
آلاف وانصرفاء فكان الشعر لأني الغول حيث يقول: 


حاز صمصامة الزبيدي من بي لن جميع الأنام موسى الأمين 
سيف عمرو وكان فيما علمنا حير ما أغمدت عليه الجفون 


أوقدت فوقه الصواعق نارا ثم شابته بالزعاف القيون 
فإذا ما سلته بهرالشماه لس ضياء فلم تكد تستبين 
مايبلي إذا الضريبة حانت أشال سطت بدام مين 
نتيجة الرفق ونتيجة التعذيب 

حدثنا الحسين بن المرزبان النحوي» قال: حدثني على بن جعفر بن بنان المخحزمي» 
قال: حدثني عمر بن شبة» قال: حدثني علي بن محمد المدائني» عن أي المضرحيء قال: 
أمر الحجاج محمد بن المنتشر ابن أخي مسروق بن الأجدع أن يعذب أزداد مرذ بن 
الهربز» فقال أزداد مرذ: يا محمد! إن لك شرفاً قديماًء وإن مثلي لا يعطى على الذل شيا 
فاستأد وارفق ني» فاستأدى في جمعة ثلاشائة ألف» فغضب الحجاج وأمر معبداً صاحب 
العذاب أن يعذبه فدق يديه ورجليه فلم يعطهم شيئاًء قال : فإني لأسير بعد ثلاثة أيام إذ 
أنا بأزداد مرذ معترضاً على بغل قد دقت يداه ورجلاه» فقال: يا محمد! فكرهت أن آتيه 
فيبلغ الحجاج» وتذممت من تركه إذ دعاني» فدنوت منه فقلت: حاجتك؟ فقال: إنك قد 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح سس ل تر وج 
وليت مني مثل هذا فأحسنت ! اليا ولي عند فلانة مائة ألف درهمع فانطلق فخذهاء 
فقلت: لا والله لا آذ درهماً وأ نت على هذه الحال» قال: فإني أحدثك حديثاً سبعته من 
أهل دينك» يقولون: إذا أراد اله بالعباد حيرا أمطرهم في أوانه» واستعمل عليهم خيارهم» 
وجعل المال عند سمحائهمء وإذا أراد بهم شراً أمطروا في غير أوان» واستعمل عليهم 
شرارهم» وجعل المال في أشحائهم. ومضى وأتيت منزلي فما وضعت ثيابي حتى جاءني 
رسول الحجاج.ء فأتيته وقد اخترط سيفه فهو في حجر فقال: ادنع فدنوت قليلا ثم 
قال: ادن؛ فقلت: ليس بي دنوء وني حجر الأمير ما أرى» فأضحكه الله تعالى لي وأغمد 
السيف فقال: ما قال لك الخبيث» فقلت: والله ما غششتك منذ استنصحتني؛ ولا كذبتك 
مذ صدقتني) ولا حنتك منذ الدمنتني) وأخبرته بما قال: فلما أردت ذكر الرجل الذي 
عنده المال صرف وجههه. وقال لا تسمه ثم قال: لقد سمع عدو الله الأحاديث. 
كيف يكون بارداً وله هذا الشعر 

حدثنا إبراهيم بن الفضل بن حبان الحلواني» قال: حدثني أبو بكر بن ضباب» قال: 
سمعت بعض أصحابنا بالرقة يقول: كبر خالد الكاتب حتى دق عظمه ورق جلده 
فوسوسء فرأيته ببغداد والصبيان يتبعونه ويصيحون به: يا بارد يا بارد! فأسند ظهره إلى 
قصر المعتصمء وقال: كيف أكون بارداً وأنا الذي أقول: 

بكى عاذلي من رحمتي فرحمته وكم من مبعد من مثله ومعين 
ورقت دموع العين حتى كأنها دموعي لادموع جفوني 


السيد الحميري يستكمل هدية 
حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري» قال: أحبرنا الصائغ بمكة» قال: أحبرنا 
محمد الحميري رداء عدنياء فكتب إليه السيد في شعر وجه به إليه: 
وقد أتانا رداء من هديتكم فلا عدمناك طول الدهر من وال 
نعم الرداء جزاك الله صالحة لو أنه كان موصولاً ببسربال 
فلما قرأ الشعر أهدى إليه خلعة تامة. 
معاتبات في عدم فضاء الحاجة 
حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي) قال: حدثنا أحمد بن أني خيثمة» قال: 
أنشدت لسعيد بن سليمان المساحقي القاضي في هارون بن زكريا كاتب العباس بن 
حمد: 


حا دلب سس سح النهلس الرابع والعشرون حت 


أزورك رفها كل يوم وليلة ودرك مخزون علي قصير 
لأي زمان أررتجيك وخحلة إذا أنت لم تنفع وأنت وزير 
فإن الفتى ذا اللب يطلب ماله وفي وجبه للطالبين بشير 


حدثنا أي ) قال: حدثنا أبو أحمد الختلي) قال: أخبرنا أبو حفص النسائي قال: حدثني 
محمد بن عبد الرحمن؛ قال: كتب رجل إلى يحيى بن خالد بن برمك في حاجة وكان وعده 
فمطله إياها فأرسل إليه بهذه الأبيات: 
لولا الممات وأن العمر منتقص لما اكترثت بما تأتي من العلل 
إما اعتزمت على تنفيذ وعدك لي فامنع حياتي من الآفات والأجل 
وما تذكر قوم ما فعلت بهم عند الورود على معروفك المتضل 
إلا استعنت بوجه الأرض أنكته وأضم بعضي إلى بعضي من المنجل 
قال: فقضى حاجته وأحسن جائزته» ووقع ما قاله بألطف الموقع عنده. 
عبيد الله بن جعطر يهب ثيابه لبعض المُتيان 
حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي» قال: حدثنا أبو بكر بن أني الدنياء قال: 
حدئني أحمد بن عبد الأعلى الشيباني» وأحمد بن عبيد الله الغنوي» أن عبد الله بن جعفر 
كان في سفر له» فمر بفتيان يوقدون تحت قدر لممء فقام إليه أحدهمء فقال: 
أقول له حين ألفيته عليك السلام أبا جعفر 
فوقف وقال: وعليك السلام ورحمة اللهء فقال: 
وهذي ثياي فقد أحلقت وقد عضني زمن منكر 
قال: فبذه ثيابي مكانها - وعليه جبة حز وعمامة خز ومطرف خز - ونعينك على 
زمنك» فقال: 
فأنت كريم شي هاشم وني البيت منها الذي يذكر 
قال: يا ابن أحي» ذاك رسول الله تق ٍ 
قال القاضي: وهذي ثياني» ويقال: هاتا أيضاء قال الشاعر: 


فهذي سيوف يا صدي بن مالك كثير ولكن أين بالسيف ضارب 
وقال آحر في هاتا: 
إن كنت كارهة لعيشتنا هاتا فحلي في بني بدر 


وروي عن أني عبد الرحمن السلمي أنه قرأ بإولا تقربا هذه الشجرة 24 وأما هذا ففيه 
ثلاث لغات. هذا وهى أفصحبن وأشهرهن») وهذاء بمدة بعدها همزة مكسورة وهذائه 
بمدة بعدها همزة ثم هاء مكسورتان وكسرة الهاء مشبعة» قال الشاعر في هذه اللغة: 


ح الجليس الصاح والأنئيس الناصح سس )زا ا امم 
هذائه الدفة خير دفتر في كف خير عالم مصور 
وآخرون يروون هذه القصة عن المنصور. 
حدثنا أبو بكر بن دريد» قال: أخبرنا الحسن بن خحضر» عن أبيه) قال: دخل رجل 


على المنصورء فقال: 
أقول له حين واجبته عليك السلام أبا جعفر 
فقال له المنصور: وعليك السلام» فقال: 
فأنت المبذب من هاشم وفي الفرع منها الذي يذكر 
فقال له المنصور: ذاك رسول الله وه فقال: 
فهذي ثياي قد أحلقت وقد عضني زمن منكر 
فألقى إليه المنصور ثيابه وقال: هذه بدلها. 
المجلس الخامس والعشرون 
الرزق على قدر النطة 


حدثني محمد بن عمر بن نصير ال لحري الحمال» قال: حدثني محمد بن سعد كاتب 
الواقدي» قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي» قال: أوصلت إلى أمير المؤمنين رقعة أشكو 
فيها غلبة الدين وحالا قد دفعت إليهاء فوقع على ظهر رقعتي: فيك يا شيخ حلتان: الحياء 
والسخاءء أما السخاء فهو الذي أحرج ما في يديك» وأما الحياء فهو الذي قطعك عن 
إطلاعنا على حالك» وقد أمرت لك بمائة ألف درهم فإن كانت فيها بلغة فذاك» وإن 
يكن غير ذلك فهذه شرة ما جنيت على نفسكء فأنت حدثتني وأنت قاض لأني الرشيدء 
عن محمد بن إسحاق الزهري» عن أنس بن مالك» عن النبي ع أنه قال: "إن مفاتيح 
الرزق متوجهة نحو العرش فينزل الله عز وجل على الناس أرزاقهم على قدر نفقاتهم» فمن 
كثر كثر له» ومن قلل قلل له". قال الواقدي: فكنت أنسيت هذا الحديث حتى حدثني به 


المأمون فكان أحظى عندي من الصلة. 
ابن هرمة يرثي الحكم بن المطلب 


حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أخبرنا أبو عثمانء قال: أخبرني رجل من 
قريش بمكة» أحسبه قال: من ولد عبد الرحمن بن عوف, قال: حدثني حميد بن مغوث 
الحمصي عن أبيه» قال: كنت فيمن حضر الحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن 
حنظب بن الحارث بن عبد بن عمر بن مخزوم وهو يجود بنفسه بمنبج» قال: ولقي من. 
الموت شدة» فقال رجل ممن حضر وهو في غشية له: اللهم هون عليه فإنه كان وكان» 
فلما أفاق قال: من المتكلم؟ قال: المتكلم أنا. فقال: إن ملك الموت يقول لك: إني بكل 


حءواجبلس ع ببلبلللببسشسس لبمحلس الخامس والعشرون د 
سحي رفيق» قال: وكأما كانت فتيلة أطفئت» فلما بلغ موته ابن هرمة قال: 

سألا عن الجود والمعروف أين هما فقلت إنهما ماتا مع الحكم 

ماتا مع الرجل الموني بذمته يوم الحفاظ إذا لم يوف بالذمم 

ماذا بمنبج لو تنشر مقابرها من التهدم بالمعروف والكرم 

قال ابن دريد: فسألت أبا حاتم عن قوله: لو تنشر مقابرها لم جزم؟ فقال: قال قوم 
من النحويين: كراهة لكثرة الحركات؛ كما قال الراجز: 

إذا اعوججن قلت صاحب قوم بالدو أمثال السفين العوم 

وقال: لو قال: لو نشت مقابرها لاستراح من اللبس وكان كلاماً فصيحاً. 

قال القاضي: وقد بينا فيما مضى من هذه امالس هذا النحو مما سكن في الشعر مع 
استحقاقه التحريك» وذكرنا ما أنشده سيبويه في هذا المعنى والاخحتللاف في روايته 
واستجازته؛ ما يغني عن إعادته» فأما قول أي حاتم في معنى نبشت في لفظ الفعل الماضي 
وإسكان عينه؛ فهو كما قال: وهو مطرد في القياس وقد جاء منه شيء كثير» ومن ذلك 
ل أني النجم: 

لو عصر منه المسسك والبان انتعصر 
ومثله: 
رجم به الشيطان في ظلمائه 
وفود جرير على عبد ال ملك بن مروان 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أني» قال: حدثنا عبد الله بن عمرو 
الوراق» قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن طهمان قال: حدثنا عمرو بن أني عمرو 
الشيباني» عن أني عمرو الشيباني» قال: حدثني مروان بن أبي حفصة. قال: جلس عبد 
الملك بن مروان يوماً للئاس على سريرء وعند رجل السرير محمد بن يوسف أحو 
الحجاج بن يوسف» وجعل الوفود يدحلون عليه ومحمد بن يوسف يقول: يا أمير 
المؤمنين! هذا فلان» هذا فلان» إلى أن دحل جرير بن الخطفي فقال: يا أمير المؤمنين! 
هذا جرير بن تلفي . قال: فلا حياه الله» القاذف للمحصنات والعاضه لأعراض الناس - 
قال أبو بكر بن الأنباري: العاضه: المغتاب» ويقال: العاضه : النمام» ويقال: الساحرء 
قال القاضي: ومنه الخبر عن النبي يَلّ: أنه لعن العاضهة والمستعضبة؛ يعني الساحرة 
والمستسحرة» قال الراجز: 

الماء من عضاههن زمزمه 
وقيل في قول الله تعالى:. الذين جعلوا القرآن عضين4 أقوال منها: هذاء وهو أن 


-- الجليس الصالح والأنيس الناصح 2 ا 1 
المشركين قالوا: هو سحرء وقيل: إنهم عضوه بأن آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. وقيل» بل 
اقتسموه بينهم استهزاء فقالوا: لفلان هذه السورة ولفلان هذه السورة» فعضوه كما تعضى 
الشاة وكما تجزأ أعضاء الجزور فتقسم وتوزع بين مقتسميها وهذا فيما يتضمن عنه بمشيئة 
الله وعونه كتابنا المسمى البيان الموجز عن علوم القرآن المعجز ونأتي على ما جاء فيه عن 
أهل العلم» وأصحاب التأويل والمفسرين» وعن أصحاب المعاني النحويين» ومن العضه 
السحرء ما أنشدنيه عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي» قال: أنشدنا أحمد بن يحبى: 
أعوذ بري من النافثا في عقد العاضه المعضه 

وقال: يعني بهما الساحر» وقال أبو موسى الحامض: المعضه الذي يأتي بالأمر العظيم 
ثم بهت - فقال جرير: يا أمير المؤمنين دحلت فاشراب الناس نحوي؛ ودخل قوم بعدي 
فلم يشرئب الناس إليهم» فقدرت أن ذلك لذكر جميل ذكرني به أمير المؤمنين» فقال عبد 
الملك: لما ذكرت لي قلت: لا حياه الله القاذف للمحصنات العاضه لأعراض الناس» فقال 
جرير: والله يا أمير المؤمنين ما هجوت أحداً حتى أجزه عرضي سنة» فإن أمسك 
أمسكت»ء وإن أقام استعنت عليه وهجوته؛ فقال له: هذا صديقك أبو مالك سلم عليه - 
يعني الأخطل - فاعتنقه وقال: والله يا أمير المؤمنين ما هجاني أحد كان هجاؤه علي أشد 
من هجائه, إلا أني كنت أظن أنه يرشي على هجائي» فال له الأحطل: كذبت وآتن 
أمكء قال له جرير: صدقت وخنازير أمك» فقال عبد الملك: أحضروا جامعة فأحضرت 
وغمز الوليد الغلام أن ناجز بهاء فقال عبد الملك للأخطل: أنشدء فأنشد: 

تأبد الربع من سلمي بأجفار وأقفرت من سليمي دمنة الدار 

حتى حتمهاء فقال له عبد الملك: قضينا لك أنك أشعر من مضى ومن بقي. 
واستأذنت قيس عبد الملك في أن ينشد جرير فأى» ولم يزل جرير مقيماً دهراً ياتمس 
إنشاد عبد الملك وقيس تشفع له وعبد الملك يأى إلى أن أذن له يوماًء فأنشده: 


أتصحو بل فؤادك غير صاح عشية هم صحبك بالرواح 
فال عبد الملك: بل فؤادك يا ابن اللحناء - قال أبو بكر: اللحناء: المنتنة الريح» فلما 
انتهى إلى قوله: 
تعلل وهي ساغبة بنيهبا بأنفاس من الشبم القراح 


قال أبوبكر: الشبم: البارد» والقراح: الماء الذي ليس معه لبن» والساغبة الجائعة» قال 
القاضي: ومن دعاء العرب: حلبت قاعداً وشربت بارداً» يريدون كنت ذا غنم تحلبها 
وأنت قاعد ولا إبل لك تحلبها قائماً» وشربت بارداً أي ماء محضاًء قال عبد الملك: لا 





5و١‏ امجلس الخامس والعشرون حت 
أروى الله عيمتهاء قال القاضي: العيمة: شهوة يقال: عمت إلى اللبن أعيم عيمة» 
ومن دعاء العرب: ما له عام وغام وآع) فغام: قرم إلى اللبن ولم يقدر عليه» وآم: مانت 
امرأته» كما قال الشاعر: 


وأبنا وقد آمت نساء كثيرة ونسوان سعد ليس فيهن أيم 
معنى آمت نساء مات أزواجهن» وغام: عطش فلم يقدر على الماءء فلما انتهى إلى 
قوله: 
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح 


قال عبد الملك: من مدحنا فليمدحنا هكذا. فلما خحتمها أمره بإعادتهاء» فلما أنشد: 
أتصحو أم فؤادك غير صاح 

لم يقل له ما قال في المرة الأولى؛ ولما حتمها أمر له بمائة ناقة بأداتها ورعاتهاء» فقال 
جرير: يا أمير المؤمنين! اجعلها من إبل كلبء وإبل كلب إبل كرام. 

قال القاضي: وقد كتبنا هذا الخبر عن أبي بكر بن الأنباري في مجلس آخر: فأتى به 
بزيادة في هذه القصيدة وأنشد فيه كلمة جرير كلها وفسر غرييبهاء وإذا عثرنا عليه رسمناه 
فيما نستقبله من مجالسنا هذه إن شاء الله. 

الرشيد يحبس محمد بن الليث ثم يطلقه ويكرمه 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا الحسن بن زيد أبو علي الكاتب 
المعروف بالحكيمي» قال: سمعت أحمد بن يوسف الكاتب يقول: حدئني شامة بن أشرس؛ 
قال: أول ما أنكر يحيى بن خالد من أمرهء أن محمد بن الليت أبي الربيع الكاتب كتب إلى 
الرشيد رسالة يعظه فيها ويذكر فيها يحيى بن خالد ويقول: يا أ مير المؤمنين إن يحيى بن 
خالد لا يغني عنك من الله شيعاًء وقد جعلته فيما بينك وبين الله عز وجل» فكيف أنت 
إذا وقفت بين يديه فسألك عما عملت في عباده وبلاده» فقلت: أي رب! استكفيت 
يحيى بن نخالد أمور عبادك» أتراك تحتج بحجة يرضاها؟ مع كلام فيه توبيخ وتقريع؛ فلما 
قرأها الرشيد دعا يحيى بن خالد وقد تقدم إلى يحيى حبر هذه الرسالة» فقال له: أتعرف 
محمد بن الليث؟ قال: نعم» قال: فأي الرجال هر؟ قال: متهم على الإسلام. فأمر الرشيد 
بمحمد بن الليث فوضع في المطبق فأقام دهرأ» فلما تنكر الرشيد للبرامكة ذكره فأمر 
بإحراجه فأحضرء فقال له بعد مخاطبة طويلة: يا محمد! أتحبني» قال: لا والله يا أمير 
المؤمنين» قال: أوتقول هذا؟ قال: نعم) وضعت في رجلي الأكبال وحلت بيني وبين 
العيال بلا ذئب ولا حدث أحدئثت سوى قول حاسد يكيد الإسلام وأهله ويحب الإالحاد 
وأهلى فكيف أحبك؟قال: صدقتء وأمر بإطلاقه» ثم قال له: يا محمد بن الليث أتحبني» 
قال لا والله يا أمير المؤمنين» ولكن قد ذهب بعض ما كان في قلبي» فأمر أن يدفع إليه من 


جح الجليس الصالح والأنئيس الناصح ص تس سم سسشسشسشسصيهو اج 
ساعته مائة ألف درهم فأحضرتء فقال: يا محمد أتحبني؟ قال: أما الآن فنعم» قد أنعمت 
وأحسنت» فقال: انتقم الله لك ممن ظلمك وأخذ بحقك ممن بغى عليك؛ فكان هذا أول 
ما ظهر من الرشيد في أمر يحيى بن خالد ثم تزيد الأمر بعد ذلك. 
خبر وضاح اليمن ٠‏ 
ثنا أبي» قال: حدثنا أ بو احم اللي قال: أتحبرنا أبو حفص النسائي».قال: حدثني 

حمد بن حباة بن صدقة عر ححمد ب ي السريء عن هدام بن حمد بن السائب» قال: 
كانت عند يزيد بن عبد الملك بن مروان ) م البنين بنت فلان» وكان لما من قلبه موضع 
قال: فقدم عليه من ناحية مصر بجوهر له قيمة وقدرء قال: فدعا خصيا له فقال: اذهب 
بهذا إلى أم البنين وقل لها: أتيت به الساعة فبعثت به إليكء» قال: فأتاها الخادم فوجد 
عندها وضاح اليمن وكان من أجمل العرب وأحسنهم وجهاً فعشقته أم البنين فأدحلته 
عليهاء فكان يكون عندها فإذا أحست بدحول يزيد بن عبد الملك عليها أدحلته في 
صندوق من صناديقهاء فلما رأت الغلام قد أقبل أدحلته في الصندوق فرآه الغلام ورأى 
الصندوق الذي دخل فيه فوضع الجوهر بين يديها وأبلغها رساك ثم 100 نا ساني فبي 
لي منه لؤلؤة» قالت: لاء ولا كرامة» فغضب وجاء إلى مولاه فقال: يا أمير المؤمئين! إنى 
دحلت عليها وعندها رجلء» فلما رأتي أدخلته صندوقاً فهو في الصندوق الذي من صف 
كذا وكذا وهو الثالث أو الرابع» فقال له يزيد: كذبت يا عدو الله جموا في عنقه فوجأوا 
عنقه ونحوه عنهء قال: فأمهل قليلاً ثم قام فلبس نعله ودحل على أم البنين وهي تمتشط في 
حزاتا, فجاء حتى جلس على الصندوق الذي وصف له الخادم» فقال: يا أم البنين! ما 

حبب إليك هذا البيت؟ قالت: يا أمير المؤمنين! أدحله لحاجتي وفيه خزانتي فما أردت 
م شي أحلته م قرب. قال: فما في هذه الصناديق التي أراها؟ قالت: حابي وأثاني, 
قال: فهبي لي منه صندوقاً قالت: كلها يا أمير المؤمنين» قال: لا أريد إلا واحداً ولك 
علي أعطيك زنته وزنة ما فيه ذهباًء قالت: فخذ ما شئت» قال: هذا الذي تحتي» قالت: 
يا أمير مير المؤمنين! عد عن هذا وحذ غير فإن لي فيه شيئاً يقع بمحبتي» قال: ما أريد 
غيره» قالت: هو لك, قال: فأحذه ودعا الفراشين فحملوا الصندوق فمضى به إلى مجلسه 
فجلس ولم يفتحه ولم ينظر ما فيه فلما جنه الليل دعا غلاماً له أعجمياًء فقال له: استأجر 
أجراء غرباء ليسوا من أهل المصرء قال: فجاء بهم فأمرهم فحفروا له حفرة في مجلسه 
حتى بلغ الماء» ثم قال: قدموا لي الصندوق فألقي في الحفرة ثم وضع فمه على شفره فقال: 
يا هذا! قد بلغنا عنك الخبر فإن يكن حقاً فقد قطعنا أثْره وإن يكن باطلاً فإنما دفنا 
حشبا ثم أهالوا عليه التراب حتى استوى» قال: فلم ير وضاح اليمن حتى الساعة» قال: 
فلا والله ما بان لها في وجهه ولا في خلائقه ولا في شيء حتى فرق الموت بينهما 


حع ١١‏ مجلس الخامس والعشرون حت 





جته وجن عليه 

قال القاضي: في هذا الخبر: فلما جنه الليل» والفصيح من كلام العرب: جن عليه الليل 
وأجنه الليل» قال الله جل اسمه «إفلما جن عليه الليل رأى كوكبً4 وفيه لغة أخرى وهو 
جنه كما جاء في الخبر» وقد روي عن بعض الماضين من القراء "جنه المأوى" وهذا وجه 
شاذ في القراءة» واللغة» وفي هذا الخبر أيضاً وجه من اللغة ليس بالظاهر السائر وهو قوله: 
ثم أهالوا عليه التراب» واللغة الفاشية الصحيحة العالية: هلت عليه التراب أهيله» قال الله 
جل ثناقه: إوكانت الجبال كثيباً مبيلاً4. 

من أدب آل البيت 

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن شاذان أبو الحسن البزازءقال: حدثنا أبو غسان» 
عن عبد الله بن محمد بن يوسف بالقلزم» قال: حدثني عبد الله بن محمد اليمائيء عن 
علي بن يوسف المدائني» قال: سمعت سفيان الثوري» يقول: دخلت على أني عبد الله 
جعفر بن علي #ن» فقلت: يا ابن رسول الله أوصني» فقال: يا سفيان! لا مروءة لكذوب» 
ولاراحة لحسودء ولا حلة لبخيل» ولا أخاً لملول» ولا سؤدد لسيع الخلق » قلت يا ابن 
رسول الله زدني» قال: يا سفيان! كف عن محارم الله تكن عابدً؛ وارض بما قسم الله لك 
تكن مسلماًء واصحب الناس بما تحب أن يصحبوك به تكن مؤمنأء ولا تصحب الفاجر 
فيعلمك من فجوره؛ وشاور في أمورك الذين يخشون الله تعالى» فقلت: يا ابن رسول الله: 
زدني» قال: يا سفيان! من أراد عزاً بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان» فليخرج من ذل معصية 
الله تعالى إلى طاعة الله عز وجلء» قلت: يا ابن رسول الله زدني قال: يا سفيان أدبني أي 
بثلاث وأتبعني بثلاث» قلت يا ابن رسول الله! ما الثلاث التي أدبك بهن أبوك؟ قال: قال 
لي أني: من يصحب صاحب السوء لا يسلم؛ ومن يدل مداخل السوء يتهم؛ ومن لا 
يملك لسانه يندم. ثم أنشدني: 

عود لسانك قول الخير تحظ به إن اللسان لما عودت معتاد 

موكل بتقاضي ما سنئنت له في الخير والشر فانظر كيف ترتاد 

قال: فقلت: فما الثلاث الأخر؟ قال: قال أني: إنا يتقى حاسد نعمة» أو شامت 
بمصيبة» أو حامل ميمة. 

وفود كثيرة عزذ على عبد الملك وحديثه معه 

حدثنا الحسين بن علي بن المرزبان النحوي؛ قال: حدثنا عبد الله بن هارون النحوي» 

قال: أحبرنا أبو بكر محمد بن أي يعقوب الدينوري» قال: أخبرني نصر بن منصور» عن 


لشي "0 كان عبد الملك بن مروان يحب النظر إلى كثيرء إذ دحل عليه آذنه يوماًء 
فقال: يا أ مير مير المؤمنين! هذا كثير بالباب») فاستبيشر عبد الملك» وقال: أدخله يا غلام) 


ماح 





حح الجليس الصالح والأنيس الناصح 
فدخل كثير وكان دميماً حقيراً تزدريه العين فسلم بالخلافة» فقال عبد الملك: تسمع 
بالمعيدي خير من أن تراه» فقال كثير: مهلاً يا أمير المؤمنين؛ فإنما الرجل بأصغريه - قال 
القاضي: العرب تقول: تسمع بالمعيدي لا أن تراه وأن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه 
وهو مثل سائر - بلسانه وقلبه» فإن نطق نطق ببيان» وإن قاتل قاتل بحنان» وأنا الذي 


أقول يا أمير الم منين: 


وجربت الأمور وجربقتني فقد أبدت عريكتي الأمور 
وما يخفى الرجال علي إني بهم لأخو مثاقبة خحصبير 
ترى الرجل النحيف فتزدريه وني ألوابه أسد يزير 
ويعجبك الطرير فتبتلبيه فيخلف ظنك الرجل الطرير 
وما عظم الرجال لهم بزين ولكن زينها كرم وخصير 
بغاث الطير أطوهًا جسوما ولم تطل البزاة ولا الصقور 
وروي: / 
بغاث الطير أكثرها فراخا وأم الصقر مقلات نزور 


وفي بغاث الطير لغتان: بغاث وبغاث بالفتح والكسرء فأما الضم فخطأ عند أهل العلم 
باللغة» فقد أجاز بعضهم الضمء والمقلات التي لا يعيش لما ولد والقلت بفتح اللام: 
الحلاك » ومن ذلك ما روي عن النبي ين أنه قال: " المسافر وما معه على قلت إلا ما 
وقى الله عز وجل" ومنه قول الشاعر: 
فلم أر كالتجمير منظر ناظضر ولا كليالي الحج أقلتن ذا هوى 
ويروى: أفلتن بالفاء» فأما القلت بسكون اللام: فالنقرة في الحبل أو الحجر يجتمع 
فيها الماء» تجمع قلات» قال الشاعر: 


كأن عينيه مسن الغئور قلتان ني جوف صفاً منقور 
ثم رجعنا إلى شعر كثير: 
لقد عظم البعير بغير لب فلم يستغن بالعظم البعسير 
فيركب ثم يضرب بالهراوي فلا عرف لديه ولا نكير 
قال القاضي فيروى: 
يجرره الصبي بكل سهب ويحبسه على الخسف الخرير 


قال القاضي: الخرير: الحبل» وبه سمي الرجل: قال الشاعر: 
يرى في كف صاحبه نخلاء فيفزعه ويجبنه اهلحرير 


عردوالليي سسب سس سس صصح المجلن الخامس والعشرون حت 


رجعنا إلى شعر كثير: 
وعود النبع ينبت مستمرا وليس يطول والقصباء خور 
قال القاضي: النبع من كريم الشجر وتتحذ منه القسي» قال الشاعر: 
ألم تر أن النبع يصلب عوده ولا يستوى والخروع المتقصف 
وقال الأعشى: 
ونحن أناس عودنا عود نبعة إذا افقتخر الحيان بكر وتغلب 
قال:فاعتذر إليه عبد الملك ورفع جلسه ثم قال: يا كثير! أنشدني في إخحوان دهرك 
هذاء فأنشده: 


خخصير إخوانك المشارك في المسر0 ر وأين الشريك في الير أينا 
الذي إن حضرت سرك في اله بي وإن غبت كان اذناً وعينا 
ذاك مثل الحسام أخلصه الق لين وجلاه الجلاء فازداد را 
قال القاضي: ويروى: جلاه التلام يريد التلامذة والتلاميذ وهم الصياقلة ها هناء 
ويقال التلام المدوس وهو حجر يجلى به رجع الشاعر: 


أنت في معشر إذا غبت عنهم بدلوا كل ما يزينك شينا 
فإذا ما رأوك قالوا جميعاً أنت من أكرم الرجال علينا 
فقال له عبد الملك: يغفر الله لك يا كثيرء فأين الإخوان؟ قال: غير أني أنا الذي 
أقول: 1 
صديقك حين تستغني كثير وما لك عند فقرك من صديق 
فلا تنكر على أحد إذا ما طوى عنك الزيارة عند ضيق 


وكنت إذا الصديق أراد غيظي على حنق وأشرقني بريقي غفرت ذنوبه وصفحت عنه 
مخافة أن أكون بلا صديق ‏ 

خروج عبد الملك بنفسه إلى حرب مصعب وتفثله بشعر لكثير 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال حدثنا محمد بن يزيدء قال: أخبرني محمد بن عبد 
الله بن طاهرء عن أبيه» عن جده» قال: وفد كثير على عبد الملك وهو يريد الخروج إلى 
مصعبء فقال له لما حرج: يا ابن أي جمعة! ذكرتك بشيء من شعرك الساعة؛ فإن أصبته 
فلك حكمكء قال: نعم يا أمير المؤمنين أردت الخروج فبكت عاتكة بنت يزيد وحشمها 
- يعني امرأته - فذكرت قولي: 

إذا ما أراد الغزو لم تثن همه خصان عليها نظم در يزينها 


حت الجليس الصاح والأنيس التاصح بسب ست سسسشس سسس سسا برو اد 
نجته فلما لم تر النبي عاقه 00 بكت فبكى مما عراها قطينها 
فقال: أصبت والله» احتكمء قال: مائة ناقة من نوقك المختارة» قال: هي لكعفلما 
كان الغد نظر عبد الملك إلى كثير يسير في عرض الناس ضارباً بذقنه على صدره يفكر 
فقال علي بكثير فجيء به قال: فإن أصبت ما كنت تفكر فيه فلي حكمي؟ قال: نعم) 
قال: الله قال: الله قال: قلت في نفسك: ما أصنع بالمسير مع هذا الرجل» ليس على 
نحلتي ولا على مذهبي يسير إلى رجل كذلك وكلاسا عندي ظالم من أهل الثارء ويلتئي 
الحيان فيصيبني سهم غرب فأكون قد حسرت الدنيا والآخرة» قال: والله يا أمير المؤمنين 
ما أنخطات حرفاً فاحتكمى قال حكمي أحسن صلتك وأصرفك إلى أهلكء, ففعل ذلك. 
معثى القرب 
قال القاضي: يقال: أصابه سهم غرب وغرب والتحريك أعلاهماء وهو أن يصيبه 
. السهم على حين غفلة منه والغرب أيضاً علة تعرض للعين» والغرب دلو عظيمة» و 
الخبر: "بالغرب ففيه نصف العشر" ويجمع غروباًء كما قال الأعشى: 
من ديار بالمضب هضب القليب فاض ماء الشؤون فيض الغروب 
والغرب مقابل الشرق» والغرب بالتحريك ضرب من الشجر معروفء والغرب بالفتح 
أيضاً من أسماء الفضةءقال الأعشى: ش 
إذا انكب أزهر بين السقاة ولغوا به غرباً أو نضارا 
قال أبو عبيدة:الغرب: الفضة» والنضار: الذهبء وقال الأصمعي: الغرب: الخشب» 
والنضار: الأثل» وكل ناعم فهو نضارء وقيل للأصمعي: إنهم لم يكونوا يشربون في آنية 
الخشب يعني الأكاسرة» ويقال للفضة:اللجين» والقطعة منه سبيكة ودبلة» والذهب: نضر 
وعقيان وعسجدء ويقال له: الزحرفء والغرب أيضاً: ما سال من الحوض والبئر من 
الماء» كما قال ذو الرمة: 
تأدرك المتبقى من شيلته ومن شائلها واستنشع الغرب 
قوله: واستنشئع الغرب معناه أنه شم من قوهم: شمت منه نشوة طيبة أي ريحاً طيبة) 
يقول :شمن الماء من شدة العطش» يعني حمر الوحش. 
المجلس السادس والعشرون 
أصل المعائقة والمصافحة 
حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم» أبو سعيد الخوارزمي» حدثنا يوسف بن محمد 
الطويل» حدثنا محمد بن حاتم الحرجائي, حدثنا سلمة بن صالح الأحمر» عن عثمان بن 
عطاء؛ عن أبيه؛ عن أني سفيان» عن تميم الداري» قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه 
وعلى آله وسلم. عن معانقة الرجل الرجل إذا لقيه؟ قال: كان تحية الأمم وخالص ودهم 


حوبوجسعدلب لل سس سح المجلس السادس والعشرون -د 
العناق» وإن أول من عانق خليل الرحمن إبراهيم عو فإنه حرج يرتاد لماشيته بجبلٍ من 
جبال بيت المقدس» إذ سبع صوت مقدس يقدس الله عز وجل؛ فذهل عما كان يطلب؛ 
فقصد ذلك الصوت» فإذا هو بشيخ طوله شانية عشر ذراعاًء فقال له إبراهيم: يا شيخ! 
من ربك؟ قال: من في السماءء قال: فمن رب من في الأرض؟ قال: الذي في السماء 
قال: ألا رب غيره؟ قال: ما لحا رب غيره» وهو رب من فيها ورب من تحتها ومن 
فوقباء لا إله إلا الله وحدهء قال إبراهيم: أين قبلتك؟ فأوما إلى الكعبة» فسأله عن طعامه؛ 
قال: أجمع من هذا التمر في الصيف فآكله في الشتاءء فقال: ما بقي معك من قومك أحد؟ 
قال: لا أعلم أحدٌ بقي من قومي غيريء قال له إبراهيم الكتئل: أين منزلك؟ قال: في تلك 
المغارة قال: أفترينا بيتك» قال: بيني وبينه واد لا يخاض» فقال إبراهيم: كيف تعبره؟ قال: 
أمشي عليه ذاهباً وأمشي عليه جائياًء فقال له إبراهيم: فانطلق بنا لعل الذي ذلّله لك أن 
يذلله لي؛ » قال: فانطلقا يمشيان حتى انتهيا | إليه» فمشيا عليه» كل واحد يتعجب مما أوتي 
صاحبه» فلما دخلا المغارة إذا قبلته قبلة إبراهيم الك فقال له إبراهيم: أي يوم خلق الله 
تعالى أشد؟ قال الشيخ: يوم الدين يوم يضع كرسيه: يوم تؤمر جهدم فتزفر زفرةٌ فلا ييقى 
نبي مرسل» ولا ملك مقرب إلا تهمه نفسهء قال إبراهيم: يا شيخ! ادع الله لي أن يؤمني 
وإياك “من هول ذلك اليوم» فقال الشيخ: وما تصنع بدعائي» إن لي في السماء دعوة 
محبوسةً منذ ثلاث سنين» قال له ! إبراهيم: ألا أحبرك يما حبس دعوتك؟ قال: بلى» قال: 
إن الله تعالى إذا أحب عبداً حبس دعواته لحب صوته ثم يجيبه من بعد ذلك» وإن الله 
تعالى إذا أبغض عبداً عجل له الحاجة وألقى اليأس في صدره لبغض صوته ما دعوتك يا 
شيخ التي في السماء محبوسة؟ قال: مر ني هاهنا شاب في رأسه ذؤابة منذ ثلاث سنين 
ومعه غنمٌ كأنها حشفء وبقر كأنها حفيت... 

قال القاضي: هكذا في الحديث وأحسبه حفلت أي جمع اللبن في ضروعها وأآخر 
حلامهاء قلت: لمن.هذه؟ قال: لخليل الرحمن إبراهيم؛ قلت: اللهم إن كان لك في الأرض 
حليل فأرنيه قبل خروجي من الدنياء قال إبراهيم: قد أجيبت دعوتكء فاعتنقاء فيومئذ 
كان أصل المعانقة» وكان قبل ذلك السجود هذا لهذا وهذا لهذاء ثم جاء الصفاح مع 
الإسلام فلم يسجدوا ولم يعانقواء ولا تتفرق الأصابع حتى يغفر الله لكل مصافح. 

التعليق على الخبر الاصر, الشراع 

قال القاضي: الحمد لله الذي وضع عنا الآصارء والآصار: جمع إصرء وهو العهد؛ 
وأصله الثقلء قال الله عز وجل: إربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من 
قبلنا# يعني التشديد في العبادة» والتثقيل في الشريعة» وقال تعالى ذكره:. #وأخذتم على 
ذلكم إصري4 أي عبديء وقال جل ثناؤه: «إويضع عدبم إصرهم والأغلال التي 


حت الجليس الصالح والأئيس التاصح سس ل سيو و اد 
كانت عليهم4 يعني التثقيل فيما كلفوه وكتب عليهم؛ وقد قرىء: آصارهم على الجمع. 

وفي هذا الخبر: أن الرجل الذي لقيه إبراهيم كييك كان طوله شمانية عشر ذراعاً» فجاء 
به على التذكير والأغلب فيه التأنيث» وفي تذكيره حلاف بين اللغويين» وقد أجازه 
بعضهم وحكاهء وقد استقصينا القول في هذا في موضع غير هذاء وشرحناه وأوضحنا 
البيان عنه وبيناه. 

حكم المصافحة والمعانقة والقيام للزائر 

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه ندب إلى المصافحة وكان 
يفعلهاء وأنه سكئل: أينحني الرجل لصاحبهء فقال: لاء قيل أفيعانقه؟ قال: لاء قيل: 
أفيصافحه؟ قال: نعم . 

وقد ذكر استعمال القيام والمصافحة عن بعض السلفء وليسا عندي بمحظورين؛ ولا 
أحد من أهل القدوة حرم ذلكء غير أن الأحذ بما أدب به رسول الله وه أمته أولى بذوي 
الألباب» وأليق بوجه الحق والصواب. 

أصل اليمن. ما هو 

عدا عمد بن ا لسن بن دريد, حدثا السكن بن سعيدع حدائنا يحبى بن عمارة؛ عن 
الحسن بن موسى الأنصاري» حدثنا أبو غزية الأنصاري» قال: حدثني قرظة المازني» عن 
زياد بن عبد الله الحارئي» وكان أميراً على المدينة في أيام المنصورء قال: حرجت وافداً 
إلى مروان بن محمد في جماعة ليس فيهم يمان غيري؛ فلما كنا ببابه دفعنا | إلى ابن هبيرة 
وهو على شرطه وما وراء بابه» فتقدم الوفد رجلاً رجلاً كلهم يخطب ويطنب في أمير 
المؤمنين وابن خبيرة٠‏ تجعل يتحلوم عن أنسابهم؛ فكرهت ذلك؛» وقلت: إن عرفني زادي 
ذلك عنده شراء وكرهت أن أتكلم فأطنب» فجعلت أتأخحر رجاء أن يمل كلامهم 
فيمسك» حتى لم بيق غيري؛ ثم تقدمت فتكلمت بدون كلامب وإني لقادر علي الكلام: 
فقال: ممن أنت؟ فقلت: من أهل اليمن» قال: من أيها؟ قلت: من مذحجء قال: إنك 
لتطمح بنفسك» اختصر. قلت: من بني الحارث بن كعبء قال: يا أخحا بني الحارث! إن 
الناس ليزعمون أن أبا اليمن قردٌء فما تقول في ذلك؟ قلت: وما أقول أصلحك اللهء إن 
الحجة في هذا لغير مشكلة؛ فاستوى قاعداًء وقال: وما حجتك؟ قلت: تنظر إلى القرد أبا 
من يكنى» فإإن كان أبو اليمن فهو أبوهمء وإن كان يكنى أبا قيس فهو أبو من كني به. 
فنكس ونكت بظفره إلى الأرض» وجعلت اليمانة تعض على شفاهها تظن أن قد هويت؛ 
والقيسية تكاد أن تزدردني» ودخل بها الحاجب إلى مير المؤمنين ثم رجعء فقام ابن هبيرة 
فدحل ثم لم يلبث أن خرج) فال الحارتي: فدحلت ومروان يضحكء فقال: إيه عنك 
وعن ابن هبيرة فقلت: قال: كذا فقلت كذاء فقال: وام الله لقد حججتهء أو ليس أمير 


جىرءع+للللسي سس بسح المجلس السادس والعشرون حت 


المؤمنين الذي يقول: 
تمسك أبا قيس بفضل هناتها فليس عليها إن هلكت ضمان 
فلم أر قرداً قبلها سبقت به جياد أمير المؤمنين أتان 


قال زياد: فخرجت واتبعني ابن هبيرة فوضع يده بين منكبي» ثم قال: يا أحا بني 
الحارث» والله ما كان كلامي إياك إلا هفوة» وإن كنت لأربأ نفس عن ذلك ولقد 
سرني إذ لقنت علي الحجة ليكون ذلك لي أدبا فيما أستقبل» وأنا لك بحيث تخب» 
فاجعل منزلك علي» ففعلت فأكرمني وأحسن منزلي. 
قال ابن دريد: والبيتان ليزيد ب بن معاوية) وذلك أنه كان حمل قرداً على أتان وحشية 
فسبق بينها وبين الخيل. 0 
٠‏ وعلى ذكر القرد 
حدثنا أحمد بن كامل» قال: حدثني داود بن محمد بن نجيح أي مضرء وقال: هو 
نجيح بن عبد الرحمن» قال: حدثني أبي» عن جديء قال: حطب عبد الله بن الزبير فقال 
من حطبته: يزيد القرد وشارب الخمر» قال: فبلغت يزيد بن معاوية» فما بات ليلته حتى 
جهز عشرين ألفاًء وجلس جلس والشمع بين يديه وعليه ثياب معصفرة وهو يرتجز» ويقول: 
وأحذ الجيش على وادي القرى خا إذا الأمر انبرى 
أجمع سكران من القوم ترى عشرون ألفاً بين كهل وفتى 
في أول لقاء بين أبي نواس وأبي العتاهية 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني محمد بن المرزبان» ثنا أحمد بن منصور 
المروزي» حدتنا عمر بن يحيى» حدنا إسحاق بن إبراهيم الموصلي» قال: اجتمع عندي 
:أبو نواس وأبو العتاهية» وكل واحد منهما لا يعرف صاحبه. فعرفت أبا العتاهية أبا نواس 
فسلم عليه» وجعل أبو نواس ينشد من شغشاف شعره؛ فاندقفع أبو العتاهية فأنشد» فقال 
له أبو نواس: هذا وله المطيع الممتع؛ ؛ فقال له أبو العتاهية: هذا القول منك - وائه . 
اس ا اه 
لوددت أني كنت سبقتتك إليه. 
قال أبو بكر بن الأنباري: وأنشدني أي هذه الأبيات لأبي نواس في الفضل بن الربيع 
بغير هذا الإستاد: 
ما من يد في الناس واحدة إلا أبو العباس مولاهها 


اج الجليس الصالح والأئيس التاصح بت ل( و , وت 
قد كنت خفتك ثم آمشني 2 من أن أنحافك حوفك الله 
فعفوت عني عفو مقتدر حلت له نقمٌ فألغاها 
هشام بن عبد ال ملك يسترضي الأبرش الكليبي 

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر الأزدي» ثنا أبو بكر بن أني الدنياء قال: حدثني 
الحسين بن عبد الرحمن» عن أني عبد الرحمن الطائي» عن عبد الله بن عباس» قال: : حدثني 
الأبرش بن الوليد الكلبي» قال: دحلت على هشام بن عبد الملك فسألته حاجة فامتنع 
علي» فقلت: يا أ أمير المؤمنين! لا بد منهاء فإنا قد ثنينا عليها رجلا قال: ذلك أضعف 
لك أن. تثني رجلك على ما ليس عندكء» فقلت: يا أم مير المؤمنين! ما كنت أظن أني أمد 
يدي إلى شيء مما قبلك إلا نلته» قال: ولم؟ قلت: لأني رأيتك .لذلك أهلاً ورأيتني 
مستحقه منكء قال: يا أنرش! ما أكثر من يرى أنه يستحق أمراً ليس له بأهل» فقلت: أف 
لك لكن إنك - والله ما علمت - قليل الخير نكده, والله إن نصيب منك الشيء إلا بعد 
مسألة؛ فإذا وصل إلينا مننت بهء والله إن أصبنا منك خيراً قطء قال: لاء والله ولكنا 
وجدنا الأعرابي أقل شيء شكراًء قلت: والله إني لأكره للرجل أن يحصي ما يعطي. 

ودخل عليه أخوه سعيد بن عبد الملك ونحن في ذلكء فقال: مه يا أبا بجاشع, لا تقل 
ذلك لأمير المؤمئين» قال: فقال هشام: أترضى بأي عثمان بيني وبينك؟ قلت: نعم» قال 
سعيد: ما تقول يا أبا مجاشع؟ فقلت: لا تعجلء صحبت - والله - هذا وهو أرذل بني 
أبيه» وأنا يومئذ سيد قومي وأكثرهم مالا وأ وأوجههم جاهاًء ) أدعى إلى الأمور العظام من 
قبل الخلفاع وما يطمع هذا يومئذ فيما صار إليه» حتى إذا صار إلى البحر الأخحضر غرف 
لنا منه غرفة ثم قال: حسب. 

فقال هشام: يا أبرش! اغفرها لي؛ فول ل أعوه لشيءٍ تكرهه أبدأء صدق با با عشمان. 

قال: فوالله ما زال مكرما لي حتى مات.: ش 

الفرزدق يؤجل ثلاثا 

حدثنا أني رحمه الله حدثنا أبو أحمد الحنبلي» أخبرنا أبو حفص النسائي» قال: حدثني 
عبد الله بن عمرو بن بشرء قال: حدثني أحمد بن عمرو الزهري» تال: حدثني عمرو بن 
حالد العماني» قال: قدم الفرزدق المدينة في سنة جدبة حصباء» فمشى أهل المدينة إلى ٠‏ 
عمر بن عبد العزيز» وهو يومئذ أميرها فقالوا له: أصلح الله 0 إن الفرزدق قدم 
مدينتنا هذه في هذه السنة الحدبة التي قد حلت أموالهاء وليس عند أحد منهم ما يعطيه) 
فلو أن الأمير بعث إليه فأرضاه وتقدم إليه ألا يعرض لأحد بمدح ولا هجا قال: فبعث 
إليه عمر بن عبد العزيزء فقال: يا فرزدق! إنك قدمت مديتنا في هذه السنة الحدبة» وليس 
عند واحد منا ما يعطي شاعراًء وقد أمرت لك بأربعة آلاف درهمء فخذها ولا تعرض 


5دسع تس لبس البجلس السادس والعشرون حت 
لأحد بمدح ولا هجاء. 

قال: فأحذها الفرزدق ومر بعبد الله بن عمرو بن عثمان وهو جالس في سقيفة داره 
وعليه مطرف وعمامة خز حمراء وجبة حز حمراءع) فقال: 


أعبد الله أنت أحق ماش وساع بالجماعير الكبار 
فللفاروق أمك وابن أروى أبوك وأنت منصدع النهار 
هما قمر السماء وأنت نجم به في الليل يدلج كل سار 


قال: فخلع عليه جبته والمطرف والعمامة ودعا له بعشرة آلاف درهم. قال: فخرج 
رجل كان عند عبد الله بن عمرو بن عثمان» وقد حضر الفرزدق عندما أعطاه عمر بن 
عبد العزيز وتقدم إليه فأحبر عمر بن عبد العزيز الخبر» فبعث إليه عمر: ألم أتقدم إليك يا 
فرزدق ألا تعرض لأحد . بمدح ولا هجاءء احرج فقد أجلتك ثلاث فإن وجدتك بعد 
ثلاث نكلت بكء قال: فخرج الفرزدق وهو يقول: 

أأوعدني وأجلني ثلائا كما وعدت لمهلكها شود؟ 
قد يصلح العشق المتيان 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» ثنا عيسى بن محمد بن ناظرة السدوسيء» قال: 
حدثني قبيصة بن محمد المهلبي؛ قال: أخبرني اليمان بن عمر مولى ذي الرياستين قال: 
كان ذو الرياستين يبعثني وأحداثاً من أحداث أهله إلى شيخ بخراسان له أدب وحسن 
معرفة بالأمور» ويقول لنا: تعلموا منه الحكمة فإنه حكيمء فكنا نأتيه» فإذا انصرفنا من 
عنده سألنا ذو الرياستين واعترض ما حفظاه فتخبره» فصرنا ذات يوم إلى لى الشيخ فقال 
لنا: أنتم أدباء وقد سمعتم الحكمة» ولكم خيرات ونعمٌ» فبل فيكم عاشق؟ فقلنا: لاء 
فقال: اعشقوا فإن العشق يطلق اللسان الغبي» ويفتح حيلة البليد والبحيل» ويبعث على 
التنظف» وتحسين اللباس» وتطييب المطعم؛ ويدعو إلى الحركة والذكاء. ويشرف الهمة؛ 
وإياكم والحرام. 

فانصرفنا من عنده إلى ذي الرياستين» فسألناه عما أفدناه في يومنا ذلك» فهبناه أن 
نخبره» فغرم عليناء فقلنا له: أمرنا بكذا وكذاء وقال لنا كذا وكذاء قال: صدق والله) 
أتعلمون من أين أحذ هذا؟ قلنا: لا قال ذو الرياستين: إن مهرام جور كان له ابن وكان قد 
رشحه للأمر من بعدهء فنشأ الفتى ناقص المروءة» خامل النفس» سيىء الأدب» فغمه 
ذلك؛ ووكل به من المؤدبين والمنجمين والحكماء من يلازمه ويعلمه» وكان يسألهم عنه 
فيحكون له ما يغمه» من سوء فهمه وقلة أدبه» إلى أن سأل بعض مؤدبيه يوماء فقال له 
المؤدب قد كنا نخاف سوء أدبه فحدث من أمره ما صرنا إلى اليأس من فلاحه» قال: وما 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح جب-------- ١١7777‏ ا لس 
ذاك الذي حدث؟ قال: رأى أمة فلان المرزبان فعشقها حتى غلبت عليه فهو لا يبهذي 
إلا هاء ولا يتشاغل إلا بذكرهاء فقال بهرام: الآن رجوت فلاحه. 

ثم دعا بأي الحارية» فقال: إني مسر إليك سراً فلا يعدونك» فضمن له سرهء فأعلمه 
أن ابنه قد عشق ابنته» وأنه يريد أن ينكحبا إياهء وأمره أن يأمرها بإطماعه في نفسهاء 
ومراسلته من غير أن يراهاء أو تقع عينه عليهاء فإذا استحكم طمعه فيها تجنت عليه 
وهجرته؛ فإن استعتبها أعلمته أنها لا تصلح إلا لملك ومن همته همة ملكء» وأنه يمنعها من 
مواصلته أنه لا يصلح للملك؛ ثم ليعلمه خبرها وخبرة» لا يطلعها على ما أسر إليه. 

فقبل أبوها ذلك منه. وفعلت المرأة ما أمرها به أبوهاء فلما انتهت إلى التجني عليه 
وعلم الفتى السبب الذي كرهته. أحذ في طلب الأدب والحكمة» والعلم والفروسية» 
والرماية وضرب الصواحة» حتى مبر ني ذلكء» ثم رفع إلى أبيه أنه يحتاج من الدواب 
والآلات والمطاعم والملابس والندماء إلى فوق ما يقدر له فسر بذلك وأمر له به. 

ثم دعا مؤدبه فقال له: إن الموضع الذي وضع ابني نفسه من حب هذه المرأة لا 
يزري به فتقدم إليه أن يرفع إلي أمرهاء ويسألني أن أزوجه إياها ففعل» فرفع الفتى ذلك 
إلى أبيه» فدعا بأبيها فزوجه إياهاء وأمر بتعجيلها إليه» وقال له: إذا اجتمعت وهي فلا 
تحدث شيئاً حتى أصير إليك» فلما اجتمعا صار إليه؛ فقال: يا بني! لا يضعن منها عندك 
مراسلتها إياك وليست في حبالك» فإني أنا أمرتها بذلك؛ وهي أعظم الناس منة عليك بما 
دعتك إليه من طلب الحكمة. والتخلق بأحلاق الملوك» حتى بلغت الحد الذي تصلح معه 
للملك من بعدي» فزدها من التشريف والإكرام بقدر ما تستحق منكء ففعل الفتى وعاش 
مسروراً بالجارية» وعاش أبوه مسروراً به وأحسن ثواب أبيهاء ورفع مرتبته وشرفه 
بصيانته سره وطاعته» وأحسن جائزة المؤدب بامتثاله ما أمره به» وعقد لابنه على الملك 
من بعده. 

قال اليماني مولى ذي الرياستين؛ ثم قال لهم ذو الرياستين: سلوا الشيخ الآن لم حملكم 
على العشق؟ فسألناه» فحدثنا حديث بهرام جور وابنه. 

الآن ظرف ولطف 

قال القاضي: وقد حكى لي بعض ذوي الفضل والأدب أنه أخبر عن فتى من خاصة 

أهله أنه عشق, على وجه الزراية عليه» فقال: الآن ظرف ولطف ونظف. 
من التلطف هي ترقية المرء إلى المعالي 

ومما يضارع خبر ببرام جور في السياسة والتدبير والتلطف والاحتيال» في ترقية المرء 
من الدناءة إلى معالي الأحوال» ما حدثني به بعض إخواننا من أهل الأدب عمن ذكره من 
نظرائه؛ أن بعض الحكماء حض أصحابه على طلب العلم» وذكر لهم عظم فضله وشرف 


حجعمء و صصص سصصصصس سس لح الجلس السادس والعشرون حت 
أهله؛ وقص عليهم فيه قصصاًء وضرب لهم أمثلة» فكان مما قاله لهم: إن الرجل قد يبلغه 
الكبرء فتكل أدواته» وتضعف آلاته) وتنقطع لذاته» فلا يحفل بشيء من أمر الدنيا إلا بأن 
يشنى عليه بالمعرفة» ويعظم بأن. يشار إليه بالعلم والحكمة, فجدوا ني طلب العلم» ولا 
تيأسوا من إدراكه. 

فقد بلغني أن رجلاً قرأ في صحيفة: أنه من أراد شيئاً وسعى في طلبه ناله أو شيفاً منه؛ 
فقال في نفسه: أريد أن أتزوج فلانة - يعني ملكة كانت في زمانه» وأذ في طلب ذلكء 
فتوجه إلى بلادها وأتى قصرهاء ورأى الحاشية المحيطة ببابها» وكان يأتي الباب في كل يوم 
فيجلس في فنائه» وصار بينه وبين الحاشية بعض: الأنس لكثرة ترداده» وكان يحدثهم 
ويحدثونه» وربما سألوه عن حاجة إن كانت له فلا يجيبهم بشيء, إلا أنه بعد قال: لي 
حاجة إلى الملكة» فقالوا له: أخبرنا بها فإن وراءنا خدماً ومن بعدهم جوار ووصائف 
بحضرتهاء ومن قبلهن تنتهي الأخبار إليهاء فقال: لا أذكر حاجتي إلا لماء فأمسكوا عنه 
وكانت الملكة تشرف من بعض مستشرفاتها على فناء قصرهاء وترى من يحضر ببابهاء 
فأرسلت بعد سنة من مصير ذلك الرجل إلى حضرتها إلى من بالباب: إني أرى منذ سنة ٠‏ 
رجلا غريها يأتي في كل يوم, فانظروا ما شأنه» فإن كان مظلوماً نصرناق وإن كان 

مستميحاً أعطينا» وإن خطب عملاً يصلح لمثله وليناه» فأرسلوا إليها بما خاطبهم به إذ 

سألوه عن حاله» فأمرت بإدحاله إليهاء فلما وقف بين يديها سألته عن حاجتهء فقال: لا 
أذكرها وأحد يسمع ما أذكره؛ فأمرت جواريها بالتباعد» ثم قالت له: قل» فقال: قصدت 
الملكة خاطباً لماء أتروجني نفسها؟ فقالت: نك لسبت بمللش ولا من ولد الملوك. ومتى 
تزوجتك سقطت منزلتي» وزال ملكي» ولكن ما الذي جرأك على أن خاطبتني بهذا؟ 
فأخبرها بما خطر له حين قرأ الصحيفة» فقالت له: فإنني أرى أن تطلب الحكمة» وتتعلم 
العلم حتى تصير رأساً فيه وتشتهر في الناس منزاتاك عند فإن منزلة امام أشرف من 
منزلة الملك» فإذا صرت فرداً في الحكمة حسن منك أن تخطبني وحسن بي أ ن أتزوجك» 
وأن أسمع أهل مملكتي فأقول لهم: قد طالت أيام ملكي وليس في أهل بيتي من يقوم به 
بعدي» وقد رأيت أن أتزوج إلى هذا وأرجع إلى رأيه في حياتي» لفضل علمه وظهور 
حكمته» ويقوم مقامي بعد وفاتي» فلا ينكر ذلك أحد من رعيتي. 

وفي هذه المدينة د تمع ب أهل الحكمة ورؤساء الفلاسفة» ويجتمع الناس إليهم 
للقراءة عليهم والتعلم منهمء وأنا أتقدم إلى المتقدم منهم بالتقديم لك والإقبال عليك» 
فاجتهد في التعلم» اوالطع يلد رارك اسه فإ بلع من ريه لية جيم كالما 
أنت راغب فيه من جهتي» ففعل ذلك وصار إلى الداز وأقبل على التعلم» وكان ذا ذكاء 
وفطنة؛ وكان يأحذ في المدة اليسيرة ما يأحذ غيره في المدة الطويلة» إلى أن لحق بمن 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح سس سس سس سه , به 
هنالك من متقدمي الحكماء؛ ثم تقدمهم إلى أن صار فردا فيهم» واشتهر في الناس فضله 
وعظموه لسعة علمه وظهور حكمته» وصار مقصوداً للاستفادة منهء فخخطر ببال الملكة 
ذكره» فسألت عنه فأحبرت بما اتتهى إليه أمره» فأمرت باستدعائه فحضرهء فقالت له: قد 
بلغني ما أصبته من الحكمة) ذل الك فيما كنت ساتنيه! فقال: ل 
فقالت: ولم» وقد كنت حريصاً عليه؟ فقال: رغبت في هذا و نه أفضل ما يبلغه 
اسان لي كاه فلن ل اك كيف ا 0 أفانين العلم 
تبينت ما بين العلم والملك من الفضلء فرغبت بعلمي عن ملك الدنياء فقالت. له: لهذا 
أمرتك بما أمرتك بهء ورأيت أنك إن لم تبلغ الغاية في العلم لم تعد إلي» وإن علت طبقتك 
فيه رغبت بنفسك عن أمور الدنيا» وعلمت أن ما ظفرت به أفضل مما كنت التمسته. 

وصرفته ولم تزل مكرمة له. 

ودرس من أفلاطون للحث على التعلم 

وقد حكى لي بعض المفلسفين بأن فتىّ كان يحضر مجلس أفلاطون ويحبه ؤيعظمهء 
ويؤثر اسشماع كلانه ولا يقرأ عليه شيئ؛ ولا يتعلم منه كما بتعلم غيره؛ وآن هذا الفتى 
قال لأفلاطون يوماً: قد ا يها الحكيم أن تحضر اليوم منزلي وتأكل من طعامي» 
لكر مشاه المادمة تأجاي قلما مسار إل ل أكلا وأحذا في تناول الشراب ' 
واستماع الملاهيء م | إن أفلاطون بصق في وجبه - يعني الفتى - فارتاع لذلك» وقال: 
ما هذا أيها الحكيم ؟ فقال: إنه عرض لي هذا الذي نفثته كما يعرض لسائر الناس فيلقونه 

في أهون الأماكن وأحسهاء ورأيت منزلك وفرشك وانيتك» نم آر موضعاً أحس من 
تفسك» فنبذت هذا الأذى فيه» فقال: قد وعظت أيها الحكيم فأبلغت» ونصحت 
فأحسنت؛ وأنا منذ الآن أسعى في تشريف نفسي بدراسة العلم وطلب الحكمة. 

ثم صار من أشد حاضري مجلس أفلاطون حرصاً على اكتساب الحكمة» وأحسنهم 
للعلم أحذا. 

المجلس السابع والعشرون 
مذق فمذق له 
93 حدانا أبي رحمه اللهء ثنا أبو عبد الله محمد بن العباس موثى بني هاشم» قال: حدئني 

محمد بن أني بي السري» حدثنا علي بن عاصمء عن حميد الطويل؛ عن الحسن.» قال: قال 
رسول الله 86: " بينا رجل ممن كان قبلكم يتجر بالخمر في البحر إذ فكر في نفسهء 
فقال: إني آتي قوماً لا معرفة لحم بجيد الخمر من رديئه» فلو أني مزجت الخمر أضعف لي 
ي النمنه فأسهل حتى استعذبوا الماى فعمد لإى أوانيه قنصفها من الخمر ثم مزجه لماع 
حتى ملأهاء ثم أتى الموضع فباع بضعف ما كان يبيع» فلما انصرف. رأى في طريقه قردةً 


جا دعب سس سح مجلس السابع والعشرون حت 
فاستحسنها فاشتراها. وحملها معه في سفينته» فلما الحجوا عدت القردة على كيسه فأحذته 
وصعدت الدقل» فأقعت عليه والكيس بين رجليهاء فصاح بها أهل السفينة» فقال لهم: لا 
تفعلوا فإني أحاف أن تقذف بنفسها والكيس في البحر» فتركوها ففتحت الكيس ثم أقبلت 
تخرج ديناراً فترمي به في السفينة وديناراً في البحرء ودرهماً في السفينة ودرهماً في البحر» 
حتى أنت على جميع ما في الكيس ثم نزلت في السفينة» فقال رسول الله صلى الله عليه 
وعلى آله وسلم: " مذق فمذق له ". 

قال القاضي: في هذا الخبر ما أوجب بجحانبة الغش» وتدليس العيب في البيع» وظلم 
الناس في أموالهم» وبخسهم أشياءهم» وتخويف لذوي الألباب بتعجيل العقوبة لهم» وسوء 
العاقبة في أموالهم» وسلبهم ما طمعوا أن يتمتعوا به في دنياهم» وينتفعوا به في معايشهم مع 
التعرض للإثم في معادهم» وحلول ما لا قبل لهم به من عقوبة ربهم. 

وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "مذق فمذق له" أي مزج سلعته بغيرها غشا 
للناس إرادة تثمير ماله وغش غيره»ء فجوزي بسلبه الفضل الذي ظلم بأحذه» فسميت 
محازاته مذقاء إلحاقا لما بالممذوق في حقيقة اللغة من جبة التسمية» وهذا ضرب من 
فصيح كلام العرب» ومستحسن خطابهاء كما قال الله تعالى: #وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل 
ما عوقبتم به» . فسمي المبتدأ باسم الجزاء» وإن كان الابتداء لا يسمى عقوبة في 
انفراده» طلباً للائتلاف» واتفاق ألفاظ الحملة ني الخطاب» وهذا كثير في القرآن وألفاظ 
الشريعة» ومنثور كلام العرب ومنظومه؛ من ذلك قول عمرو بن كلثوم: 

ألا لا يجبلن أحدٌ علينا فنجهل فوق جبل الحاهلينا 

وأصل المذق فيما ذكرنا: الخلط والمزجء يقال: لبن صرف وصريف وممذوق» ويقال 

له أيضا: مذق» فيسمى باسم المصدرء كما قال الشاعر: 


لم يسقها مذق ولا نصيف ولا شيرات ولاتعجيف 
لكن غذاها المذق والصريف 

وقد استعار هذا المعنى بعض المحدئين» فقال: 

وأراك تشربني وهذقني ولقد عبدتك شاربي صرفا 
وقال صالح بن عبد القدوس» وبعضهم يرويه لسابق البربري: 

إن الكريم إذا أحبك قلبه أعطاك منه مودة لا سذق 
وقال أبو معدان مولى آل أي الحكم: 

جرعاني ممذوقة وامزرجاهما ليس صرف الشراب كالممذوق 


وهذا النحو كثير واسع. 


ح الجليس الصالح والأنيس الناصح اس سح ه.ا 
يصارح الحجاج برأيه هي أخيه 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» أنبأنا عبد الرحمن» عن عمه. قال: بلغني أن طاووساً 
كان يقول: بينا أنا جالس مع الحجاج بمكة إذ مر رجل يلبي حول البيت» فرفع صوته 
بالتلبية» فقال الحجاج: علي بالرجلء» فأتي به» قال: ممن الرجل؟ قال: من المسلمين» 
فقال: ليس عن هذا سألتك» قال: فعم سألت؟ قال: عن البلد» قال: من أهل اليمن» قال: 
كيف تركت محمد بن يوسف؟ قال: تركته عظيماً جسيماًء ركاباً خراجاً ولاجأء قال: 
ليس عن هذا سألتك» قال: فعم سألت؟ قال: عن سيرته؟ قال: تركته ظلوماً غشوماً 
مطيعاً للمخلوق» عاصياً للخالق» قال: فما الذي حملك علي بهذا فيه» وأنت تعرف مكانه 
مني؟ قال: أتراه مكانه منك أعز بمكاني من الله عز وجل وأنا قاضي دينه» ووافد بيته؛ 
ومصدق نبيه صلى الله عليه وآله وسلم» فسكت الحجاج فما أحار جواباً» وقام الرجل 
فدحل الطواف. 

فاتبعته فإذا هو في الملتزم» وهو يقول: الليم ! ني أعوذ بكء اللهم فاجعل لي في 
الكبف إلى جودكء والرضا بضمانك» مندوحةٌ عمن سواك الباحلين» وغنيّ عما في أيدي 
المستاثرين» اللهم فرجك القريب» ومعروفك القديم» وعادتك الحسنة» فلما كان عشية 
عرفة»؛ رأيته واقفاً على الموقف فدنوت منه» فسمعته يقول: اللهم إن كنت لم تقبل حجي 
وتعبي ونصبي» فلا تحرمني الأجر على مصيبتي بتركك القبول مني» قالٍ: فلما كان غداة 
جمع أفاض مع الناس» فسمعته يقول: يا سوءتاه منك يا رب وإن غفرت. 

ثم لم أره بعد ذلك. 

معنى المندوحة وا مستأخرين 

قال القاضي: قوله: مندوحة» المندوحة: السعة والفسحة» كما قال هيم بن أبي 
مقبل: 

ش سر عامر قومي ومن يك قومه كقومي يكن له هم منستسدح 

يعني غنيةٌ ومتسعاً. 

وقوله: عما في أيدي المستآاثرين» المستأئرون: هم الذين يستبدون بما في أيديهم, 
يقال: استأثر فلان بما عنده أي استبد بما في يده وتفرد به» قال أعشى بني قيس بن ثعلبة: 

هززتها غير ممستائرٍ على الشرب أو منكرٌ ما علم 

ويروى: 

ومن أمثال العرب: إذا استأثر الله بشيء فاله عنه. 

وفي الخبر: " أو استأثرت به في علم الغيب عندك". 


عاب بطل تيد سس حت ليلس السابع والعشرون ‏ 

ويقال في الذم: استأثر فلان بماله أن يخرجه في حقه. ٠‏ 

وفي المدح: " آثر بما عنده " إذا آثر غيره على نفسهء وإذا آثر غيره مع حاجته كان 
أولى بالمدح والثناء» وأبعد من الذم والحجاءء قال الله جل اسمه: #ويؤثرون على أنفسهم 
ولو كان مهم خصاصة. ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحوك4. فبين المؤثرين 
والمستأثرين. ما بين الأجواد والباحلين» والمانعين والباذلين» وأهل هاتين المنزلتين في 
استحقاق الحمد والذم» والتفريط والقصدء على رتبة من التفاوت بحسب ما تقرر في 
الدين» وثبت في عرف المسلمين» وقد قال الله عز وجل: #والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا 
ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً4: وقال تعالى ذكره: ولا تجعل يدك مغلولة إلى 
عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسوراء إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء 
ويقدر, إنه كان بعباده خبيراً بصيراً4: وقال تقدست أسماؤه: «إوآت ذا القرى حقه 
والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيراء إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين» وكان 
الشيطان لربه كفورا». 

فقد أبان لنا ربنا بفضله وإنعامه علينا في هذا الباب قصد السبيل» وأوضح لنا محجة 
الاقتصاد والتعديل» وبين أن بين الإسراف والتبذير طريقاً أمماء وصراطاً قيماًء فإياه نسأل 
توفيقاً لسنن أولي الفضل» وهدايتنا سواء السبيل» وهو حسبنا ونعم الوكيل. 

وقد رويضا عن لي صلى اله عليه وآله وسلم» أنه ال: "لا يعيل أحدٌ على قصدء ولا 


يغنى أحدٌ على سرف كبير". 
معنى يعيل هاهنا: يفتقر» يقال: عال الرجل يعيل عيلةً إذا افتقرء قال الشاعر: 
فما يدري الفقير متى غناه ولا يدري الغني متى يعيل 


وجاء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلمع أنه قال: "إن المؤمن آخذ عن ربه 
أدباً حسنئاء فإذا وسع عليه وسعع وإذا أمسك عليه أمسك". 

حدثنا علي بن محمد بن عبيد الله البزاز» حدئنا جعفر بن محمد التمار» حدثنا 
إبراهيم بن" بشير أبو إسحاق المكي» حدثنا معاوية بن عبد الكريم الضالء» وإنما سمي 
الضال لأنه حرج يريد مكة فضل الطريق» قال: سمعت أبا حمزة الضبعي» قال: سمعت ابن 
عمرء يقول: 

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن المؤمن أحذ عن ربه أدبا حسناء فإذا 
وسع عليه وسع على نفسهء وإذا أمسك عليه أمسك ". 

تشدد القضاذ هى الحق. وتقدير الخلفاء لهم 

حدثنا محمد بن مزيد البوشنجي» حدثنا الزبير» قال: حدثني عمر بن أبي بكر 

الموصلي» عن مير .المدني» قال: قدم علينا أمير الؤمنين المنصور المدينة» و محمد بن 


حت الجليس الصاح والأئيس الناصح عمسب لللللللللللللللسلسلسس77 ا 8 .1 
عبراق اعلحي على قضاله وانا صاتيهء فاستعدى الممالوث على | مير. المؤمنين في شيء 
ذكروه» فأمرني أن أكتب إليه كتاباً بالحضور معهم أو إنصافهم» فقلت: تعفيني من هذا 
فإنه يعرف حطيء فقال: اكتب» فكتبت ثم حتمه وقال: لا يمضي به والله غيرك» فمضيت 
به إلى الربيع وجعلت أعتذر إليه» فقال: لا بأس عليكء فدخل عليه بالكتاب؛ 0 جرع 
الربيع فقال للناس - وقد حضره وجوه أهل المدينة والأشراف وغيرهم- : إن 
المؤمنين يقرا عليكم السلام ويقول لكم: ' إني قد دعيت إلى بجلس الحكم, فلا أعلمن 
أحداً قام إلي إذا حرجت أو بدأني بالسلام ' أ ثم حرج والمسيب بين يديه والربيع وأن 
حلفه) وهو ني إزار ورداء» فسلم على الناس فما قام إليه أخد ثم مضى حتى بدأ بالقبر 
فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلوء ثم التفت ! لى الربيع فقال: يا ربيع! 
ويحك أخحشى إن رآني ابن عمران تدخحل قلبه هيبة فيتحول عن بحلسه, وبالله لئن فعل لا 
وى لي ولاية أبداً» فلما رآه وكان متكياً أطلق رداءه عن عاتقه ثم احتبى به» ودعا 
با خصوم الحمالين» ثم دعا بأمير المؤمنين» ثم ادعى عليه القوم فقضى لهم عليه» فلما دحل 
الدار قال للربيع: اذهب فإذا قام وحرج من عنده من الخصوم فادعه» فقال: يا أمير 
المؤمنين ما دعاك إلا بعد أن فرغ من أمر الناس جميعاًء فدعاه فلما دحل عليه سلمء فقال: 
جزاك الله عن دينك وعن نبيك وعن حسبك وعن خليفتك أحسن الحزاء» قد أمرت لك 
بعشرة آلاف دينار فاقبضهاء فكانت عامة أموال محمد بن عمران من تلك الصلة. 
البر بالقصاد وكيف يكون 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» حدثنا أبو عبد الله الفضل بن الحسن الأهوازي» 
قال: قدم إلى الأهواز رجل من ولد الحسن بن سهل» حسن الهيئة والأدب» فأخبرنا جماعة 

من العراقيين أنه كان في نعمة واسعة فزالت عنه. وكان قصده لأحمد بن دينار» فقبله أحمد 
وقال: الزمني ووعده الإحسانء وأجرى عليه وعلى غلام كان معه نزلاً من خبز ولحم 
وتوابله مقدار ثلاثة دراهمء وقال له: سهلني فإني في شغل» فإذا انكشف وجهي بلغت لك 
ما تحبء» فطال مقامه وأخلقت أثوابه» فكتب إليه: 


صحبتكم عامين في حال عسرة أرجي نداكم والظنون فنون 
فما نلت منكم طائلاً غير أنني تعلمت حال الفقر كيف تكون 
فوصات الرقعة إلى أحمد بن ديئار» ركان يعقوب بن إسحاق اليزيدي حاضراء فقال: 


حولين» قال : قريب من ذلك؛ فانصرف 1 يوسف ووجه لالجل لأحضره ودفع له 
بمائة دينار» وقسط له على جماعة من الوجوه أربعة آلاف درهم؛ وكتب له إلى بزاز كان 





للك ل سح ابغلس السابع والعشرون حت 
يعامله بكسوة بألف درهم) ووجه من اكترى له زورقاً ! إلى مدينة السلام» وزوده زاداً 
كبيراً حسناً وقال له: اخرج لا تلق من قصدته» فقال: والله لأضربن جودك على نائل 
يكون منهء ولأفردن الشكر لك دونه ولأتجبن إلى الله تعالى في صيانتك عن كل دناءة 
ومعرة كما صنتني عنهاء وانصرف. 

وبلغ الخبر ابن دينار» وكان ذلك سبب وحشة عظيمة صارت بينهما. 

من سخاء المهدي 7 

حدثنا أحمد بن العباس العسكري» حدثنا عبد الله بن أي سعد» وحدثني أبي رحمه الله 
حدثنا أبو أحمد الختلي» قال: حدثني عبد الله» قال: حدثني عبد الله بن هارون» وموسى 
الفروي» قال: حدثني عبد الملك بن عبد العزيز» عن أبيه» قال: سألني المهدي أمير 
المؤمنين» فقال: يا ماجشون! ما قلت حين فقد أصحابك» يعني الفقباء» قال: قلت: 


يا من لباك على أصحابه جزعا قد كنت أحذر ذا من قبل أن يمّعا 
إن الزمان رأى إلف السرور بنا فدب بالهجر فيما بيننا وسعى 
فليصنع الدهر بي ما شاء محتهداً فلا زيادة شيء فوق ما صنعا 
فقال: والله لأغنينك» فأجازه بعشرة آلاف دينار فقدم بها المدينة فأكلها ثي السخحاء والكرم. 
الأقوال شي ( بين ) 


قال القاضي: فيما بيننا بالنتصب» هكذا روي على الظرف» وقد حكى بعض النحويين 
عن العرب, أتاني سواءك ودونك» وذوكرت بروايته باحر هل تجوز؟ وما وجه جوازها؟ 
ووجه الجر في هذا أن يكون معنى البين هاهنا: الوصلء» والمعنى فدب في وصلناء فيكون 

لحا وجبان: أحلهما أن تكون ما حشواً زائداً كما قيل مثل هذا ني قوله تعالى: «إفبما 
رحمة من الله24 «إفبما نقضهم ميثاقبم 4 وروي مثل هذا في قول الشاعر: 


فلو أن نفساً أخرجتها مخافة لأخرج نفسي اليوم ما قال تخالدٍ 
المعنى: قول حالد وقيل حالدء فقول وقال» مثل عيب وعاب» وذم وذام) وقيل وقال: 
مثل: : قير وقار. 


والوجه الثاني: أن تكون ما بمعنى شيء أتت للإمهام في النوع أو القدر ويبدل منها ما 
بعدهاء كأنه قال في البيت: فدب في شيء ماء ثم فسره بقوله: بيننا وجره على البدل منه 
ومثل ما هاهنا قول ذي الرمة: 
أشبهن من بقر الخلصاء أعينها وهن أحسن منها بعدها صورا 
المعنى: أحسن منها صوراء ومن البين بمعنى الوصل قول الشاعر: 
لقد كذب الواشين بيني وبينها فقرت بذاك البين عيني وعينبا 


تت الجليس الصالح والأنيس الناصح جببب--- ا 1 1 لا 

وقال الآخر: 

لعمرك لولا البين لانقطع ا موى 22 ولولا الحوى ما حن للبين آلف 

مما أتى بالرفع في بين بالفعل قول الشاعر: 

إذا هي قامت تقشعر شواتها ويشرق بين الليت منها إلى الصقل 

وقد احتلفت القراء في قراءة قول الله تعالى: «إلقد تقطع بينكم4. فقرأ ذلك كثيرٌ من 
قراء المدينة والشام وبعض أهل الكوفة "بينكم" بالنصبء وقرأ كثير من أهل الحجاز 
والعراق وغيرهم ' بينكم" بالرفع والنصبء واحتج كل واحد من الفريقين به وهو قوله: 

كأن رماحهم أشطان بثر بعيد بين جاليها جرور 

وقد عاب بعض أهل العربية ممن يتكلم في القراءات واختار منها قراءة لنفسه؛ وهي 
القراءة بالنصب في هذا الحرف» وزعم أن من اختارها حذف الموصول وأبقى الصلة 
واستنكر هذا إذ كانت الصلة تماماً للموصول؛ وكأن الذاهب إليه أتى ببعض جملة الاسم 
دون باقيها كالدال من زيد» وليس هذا كالصفة القائمة مقام الموصوف لأن كل واحد من 
الموصوف والصفة كلمة تامة في نفسهاء وجعل المعنى هذا القائل: لقد تقطع ما بينكم 
وكأن العائب لهذه القراءة يعرف للنصب فيها وجها غير الذي ذكره فطعن فيه وأنكره. 

وفي هذا عندي - بعد الذي قدمت ذكره في أول هذا الفصل - وجه آخر لم أر أحداً 
قبلي أتى به» وهو أن يكون تأويل الكلام لقد تقطع ما كنتم تزعمون بينكم وضل عنكم؛ 
كأنه قال: الذي كنتم تزعمون تقطع بينكم فلم ينتظم لكم ويصلح به أمركمء وهذا قوله 
تعالى: «إوتقطعت بهم الأسباب 4. 

يتخلص من الولاية ببيت شعر 

حدثنا محمد بن الحسسن بن دريدء أنبأنا أبو عثمان» قال: حدثني العتبي: قال: ولى 
عمر بن عبد العزيز رجلاً فكره الولاية» فكتب إلى عمر: بسم الله الرحمن الرحيم؛ لعبد 
الله عمر أمير المؤمنين» أما بعد: 

فاسقني شربة ألذ علييا ثم عد مثل شربتي لحشام 
فكتب إليه عمر: اعتزل عملي» فاعتزل ثم كتب إليه: 
عسلاً سائلاً وماءً قراحاً إنني لا أحب شرب المدام 
فكتب إليه عمر: عد إلى عملك,؛ فكتب إليه: لا حاجة لي في عملكم. 
أنت أسود أم حاتم 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» أنبأنا أ بو العباس أحمد بن يحبى» عن شما بن سلام؛ 
قال: قيل لأوس بن حارثة» وهو أوس بن سعد الطائي: أنت أسود أم حاتم؟ وكان أوس 
يمشي في ثلاثين من ولدهء فقال: لو أنني وولدي حاتم لأنهبنا في غداة. 


حو الس سس سس سب ب لصح البجلس الثامن والعشرون حت 

وقيل لحاتم: أنت أسود أم أوس؟ فقال: بعض ولد أوس أسود مني. 

يصلح بين عبد الملك وزوجه فينال حكمه 

حدثنا الحسن بن أحمد الكلبي» حدثنا محمد بن زكرياء حدثنا عبد الله بن الضحاك 
المصريء قال: حدثنا اليثم بن عدي الطائي» قال: حدثني أبي أن عبد الملك بن مروان 
كان من أشد الناس حباً لامرأته عاتكة بنت يزيد بن معاوية» وأمها أم كلثوم بنت عبد 
له بن عامر بن كريز» قال: فغضبت عليه - يعني على عبد الملك - وكان بينهما باب 
فحجبته وأغلقت غلقت ذلك الباب» فشق على عبد الملك فشكا إلى خاصته, فقال له عمر بن 
بلال الأسدي: ما لي عنك إن رضيت؟ قال: حكمكء قال: فأتى عمر بن بلال بابها 
باكياً» فحرجت إليه حاضتتها ومواليها وجواريهاء فقلن: ما لك؟ فقال: فزعت إلى عاتكة 
ورجوتهاء فقد علمت مكاني من أمير المؤمنين معاوية ومن يزيد بعدهء فقلن: ما لك؟ 
قال: كان لي ابنان لم يكن لي غيرهما فقتل أحدهما صاحبء فقال أمير المؤمنين: أنا قاتل. 
الآحرء فقلت: أنا الولي وقد عفوت. 

فقال: لا أعود الناس هذه العادة. 

ورجوت الله تعالى أن يحيا ابني هذاء فدخلن عليها فذكرن لما ذلك» فقالت: فما 
أصنع مع غضبي عليه وما أظهرت له؟ فقلن: إذا والله يقتل ابنه. 

فلم يزلن بها حتى دعت بشيابها فلبستهاء ثم حرجت إليه من الباب» فأقبل حديج الخادم) 
فقال: يا أمير المؤمنين! عاتكة قد أقبلت» فقال: ويلك! ما تقول؟ قال: قد - والله - طلعت. 

قال: فأقبلت فسلمت فلم يردء فقالت: أما - والله لولا عمر بن بلال ما جعت قطء 
فلا بد ا ش 

ني أكره أن أعود الناس هذه العادة. 

فقالت: نشدتك الله يا أمير المؤمئين» فقد عرفت مكانه من أمير المؤمنين معاوية ومن 
يزيد. 

فلم تزل به حتى أخحذت رجله فقبلتهاء فقال: هو لك. فلم يبرحا حتى اصطلحا. 

قال: ثم راح عمر بن بلال إلى عبد الملك» فقال له: رأينا ذلك الأمرء حاجتك؟ قال: 
مزرعة بعبيدها وما فيها» وألف دينار وفرائض لولدي وأهل بيتي» وإلحاق عمالي. 

قال: ذلك لك. 

المجلس الثامن والعشرون 
أنت صاحب الجبيذة بالأمس؟ 

حدثنا محمد بن عبد الله بن الحسين المستعيني» حدئنا إساعيل بن عبد الله بن ميمون») 

حدثنا الأسود بن عامر» حدثنا هرثم بن سفيان» عن بنان» عن قعين» عن أبي سهمء قال: 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح سنياس ب لالد 
كنت بالمدينة فمرت بي امرأةٌ ة فأحذت بكشحهاء وأصبح رسول الله صلى الله عليه وآله 
وسلم يبايع الناس» فأتيته فلم يبايعني؛ فقال: أنت صاحب الحبيذة بالأمس؟ فقلت: يا 
رسول الله! لا أعود, قال: فبايعني. 
تعليق لغوي الكشح والجبيذة 
قال القاضي: الكشح: الخناصرة» كما قال زهير: 
وكان طوى كشحاً على مستكنه فلا هو أبداها ولم يتندم 

وقوله: الحبيذة: تصغير جبذة» والحذبة» يقال: جبذت الشيء وجذبته إذا شددته . 
إليك» 0 صاعقة وصاقعة» وما أطيبه وما أيطبه؛ ويبتغي لي الدم 
ويتبغى في كثير من الكلام أتى كذلكء وسمى اللغويون هذا التوع " باب القلب "2 وقد 
جمع بعضهم هذا الضرب أو ما انتهى إليه منه. 

وسيلة مؤكدة 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد: أنبأنا أبو حاتم» عن العتبي» قال: قال بعض خلفاء 
بي أنه - ول يسمه .ما توصل في أحا بوسيلق ولا شرع ريع في أقرب إلى ما 
يحب مني من يد سبقت مني [ ليه أتبعها ليحسن حفظهاء لأن منع الأواخر يقطع لسان 
شكر الأوائل» وما سحت نفسي برد بكر الحوائج. 

تشدد شريك بن عبد الله هي إحقاق الحق 

حدثنا محمد بن يزيد المنزاعي» حدثنا الزبير» قال: حدثني عمي» عن عمر بن الهيام بن 
سعيد» قال: أثته امرأة يوماً - يعني شريكاً - من ولد جرير بن عبد الله البجلي صاحب 
النبي يه وهو في مجلس الحكم, فقالت: أنا بالله ثم بالقاضي» امرأة من ولد جرير بن عبد 
الله صاحب النبي صلى الله عليه وآله وسلمء ورددت الكلام» فقال: إيهاً عنك؛ الآن من 
ظلمك؟ قالت: الأمير عيسى بن موسى» كان لي بستان على شاطىء الفرات» لي فيه 
نخل» :ورثته عن آبائي) وقاسمت إخوتي» وبنيت بيني وبينهم حائطأء وجعلت فيه رجلاً 
فارسياً في بيت يحفظ لي النخل ويقوم ببستاني» فاشترى الأمير عيسى من إخوتي جميعاً 
وسامني فأرغبني فلم أبعه» فلما كان في هذه الليلة بععث حمسمائة فاعل فاقتلعوا الجائط) 
فأصبحت لا أعرف من نخلي شيئاً واختلط بنخل إخحوتي. قال: يا غلام! طينة» فختم لما 
حاتماً ثم قال لها: امضي به إلى بابه حتى يحضر معك. 1 

فجاءت المرأة بالطينة فأحذها الحاجب ودخل على عيسى» فقال له: أعدي شريكٌ 
عليكء» قال له: ادع لي صاحب الشرطة» فدعا به» فقال: امض إلى شريك فقل له: يا 
سبحان الله! ما رأيت أعجب من أمرك» امرأة ادعت دعوى لم تصحء أعديتها علي؟ 
فقال: إن رأى الأمير أن يعفيني فليفعل» فقال: امض ويلك. 


ح بال ب__ للست الهلس الثامن والعشرون ح-ح 

فخحرج فأمر غلمانه أن يتقدموا ! لى الحبس بفراش وغير ذلك من آلة الحبس» فلما جاء 
وقف بين يدي شريك القاضي فأدى الرسالة» فقال لصاحبه: حذ بيده فضعه في الحبس» قال: 
قد وا ا اعد لله عرقت الك عل بي ا 
شيء أ نت؟ قأدى الرسالة؛ فألحقه بصاحبه فحيس. 

فلما صلى الأمير العصر , بعت إلى [سحاق بن صباح الأشحني وإلى جماعة من وجوه 
الكوفة من أصدقاء شريك» فقال: أمضوا إل ليه وأبلغوه السلام وأعلموه أنه قد استخفي» 

فمضوا وهو جالسّ في مسجله بعد العصرء فدخحلوا إليه فأبلغوه الرسالة» فلما انقضى 
كلامهم» قال لهم: ما لي لا أراكم جئتم في غيره من الناس؟! من هاهنا من فتيان الحي؟ 
فابتدروهء فقال: يأحذ كل واحد منكم بيد رجل من هؤلاء فيذهب به إلى الحبسء لا بتم 
-والله- إلا فيه قالوا: أجادٌ أنت؟ قال: حقاء حتى لا تعودوا تحملوا رسالة ظالم» فحبسهم 

فركب عيسى بن موسى في الليل إلى باب الحبس قفتح الباب وأخذهم جميعا» فلما 
كان من الغد وجلس شريك للقضاءء جاء السجان وأحبره. فدعا بالقمطر فختمها ووجه 
بها إلى منزله؛ وقال لغلامه: الحقني بثقلي إلى بغداد, والله ما طلبنا هذا الأمر منهم» ولكن 
أكرهونا عليه ولقد ضمنوا لنا الإعزاز فيه. 

ومضى نحو قنطرة الكوفة يريد بغداد» وبلغ عيسى بن موسى الخبر» فركب في موكبه 

فلحقه وجعل يناشده الله ويقول: يا أبا عبد الله! تثبت» انظر إحوانك تحبسهم؟ دع 

أعواني» قال: نعم) لأنهم مشوا لك في أمر لم يجب عليهم 7 عليهم المشي فيه ولست ببارح أو 
يردوا جميعاً إلى الحبس») وإلا مضيت من فوري إلى أ مير مير المؤمنين فاستعفيته فيما قلدني. 

فأمر بردهم جميعاً إلى الحبس» وهو - والله - واقفْ مكانه حتى جاء السجانء فقال: 
فمروا به بين يديه حتى دحل المسجدء وجلس مجلس القضاى ثم قال: الجريرية المتظلمة 
من هذا؟ فجاءت» فقال: هذا حصمك قد حضرء فلما جلس معها بين يديه قال: : يخررج 
أولنك من الحبس قبل كل شيءء ثم قال: ما تقول فيما تدعيه هذه؟ قال: صدقتء فقال: 
ترد جميع ما أحذ منها إليها وتببي حائطها في أسرع وقتء كما هدم قال: أفعل» أبقي 
لك شيء؟ قال: تقول المرأة نعم) وبيت الفارسي ومتاعه» قال: اوبيت الفارسي ومتاعه) 
فقال شريك: أبقي شيء تدعينه عليه؟ قالت: لاء وجزاك الله حيرء قال: : قومي» وزبرهاء 
ثم وئب من مجلسه فأحذ بيد عيسى بن موسى فأجلسه في مجلسه, ثم قال: السلام عليك 
أيبا الأمير تأمر بشيء؟ قال: بأي شي ء آمر؟ وضحك. 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح سس سس سس سس يهو رو 
من بلاغة خالد بِنْ صموان وحسن كلامه 

حدثنا أبي» حدثنا أبو أحمد الختلي» أنبانا أبو حفص النسائي» قال: حدثني محمد بن 
عمروء عن اليثم بن عدي, قال: 

حرج هشام بن عبد الملك ومعه مسلمة أحوه إلى مصانع قد هيئت له وزينت بأنواع 
النبت» وتوافى إليه بها وفود أهل مكة والمدينة وأهل الكوفة والبصرة» قال: فدحلوا عليه 
وقد بسط له في مالس مشرفة» مطلة على ما شق له من الأنهار الحفة بالزيتون في سائر 
الأشجارء فقال: يا أهل المدينة! هل فيكم مثل هذه المصانع؟ قالوا: لاء غير أن فينا قبر 
نبينا المرسل صلى الله عليه وعلى آله وسلمء ثم التفت إلى أهل الكوفة» فقال: أفيكم مثل 
هذه المصانع؟ قالوا: لاء غير أن فينا تلاوة كتاب الله المنزل» ثم التفت إلى أهل البصرة» 
فقال: أفيكم مثل هذه المصانع؟ قال: فقام إليه حالد بن صفوان: فقال: أصلح الله أمير 
المؤمنين؛ إن هؤلاء قد أقروا على أنفسهم» ولو كان فيهم من له لسان وبيان لأجاب عنهم 
فقال له هشام: أفعندك غير ما قالوا؟ قال: نعم» أصف بلادي» وقد رأيت بلادك نفسهاء 
فقال: هات.» فقال: يعدو قانصنا فيجيء هذا بالشبوط والشيم» ويجيء هذا بالظبي والظليم؛ 
ونحن أكثر الناس عاجاً وساجأء وخرًا وديباجاً» وخريدة مغناجاً» وبرذوناً هملاجاً» ونحن 
أكثر الناس فيداً ونقدأء ونحن أوسع الناس برية» وأريفهم بحرية» وأكثرهم ذرية وأبعدهم 
سرية» بيوتنا ذهب» ونهرنا عجبء أوله رطب» وآخره عنب» وأوسطه قصب. 

فأما جره العجبء فإن الماء يقبل وله عباب ونحن نيام على فرشناء حتى يدخل 
بأرضناء فيغسل آنيتهاء ويعلو متنهاء فنبلغ منه حاجتناء ونحن على فرشناء لا ننافس فيه 
من قلة» ولا شنع منه لذلة» يأتينا عند حاجتنا إليه» ويذهب عنا عند رينا منه» وغنائنا عنه. 

النحل عندنا في منابته» كالزيتون عندكم في منازله» فذلك في أوانه» كهذا في إبانه, 
ذاك في أفنانه» كهذا في أغصانه) يخرج أسفاطاً عظاماً وأوساطاء ثم ينغلق عن قضبان 
الفضة منظومة بالزبرجد الأخضره ثم يصير أصفر وأحمر ثم يصير عسلاً في شنه مرئتجاً 
بقربه» ولا إناء حولما المذاب» ودوها الحراب» لا يقربها الذباب» مرفوعة عن التراب» من 
الراسخات في الوحل» الملقحات بالفحلء» المطعمات في الحل. 

وأما بيوتنا الذهب فإنا لنا عليهن خرجاً في السئين والشهور نأحذه في أوقاته» ويدفع 
الله عنه آفاته» وننفقه في مرضاته. 

قال: فقال هشام: وأنى لكم هذا يا ابن صفوان ولم تسبقوا إليه» ولم تغلبوا عليه؟ 
فقال: ورثناه عن الآباء ونغمره للأبناء» ويدفع لنا عنه رب السماءء فمثلنا فيه كما قال 
أوس بن مغراء الشاعر: 

فمهما كان من خير فإنا ورثناه أوائل أولينا 


دا دلبل الىالس الثامن والعشرون حت 
ونحن مورئوه كما ورثنا عن الآباء إن متنا بنينا 

'قال: فال هشام: لله درك يا ابن صفوان؛ لقد أوتيت لساناً وعلماً وبيان» فأكرمه 
وأحسن جائزته وقدمه على أضحابه. 
0 السبب هي عزل شريك بن عبد الله القاضي 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني محمد بن المرزبان» قال: حدثني أبو 
بكر العامري» حدثنا مصغب بن عبد الله الزبيري» قال: حدثني أبي ) قال: تقدم إلى 
شريك بن عبد الله وكيل لمؤنسة مع صم له فجعل يستطيل على خصمه إدلالاً بموضعه 
من مؤنسة. 

فقال له شريك: كف لا أبا لك فقال: أتقول هذا لي وأنا وكيل مؤنسة؟! فأمر به 
فصفع عشر صفعات فانصرف يجري ودحعل على مؤنسة وشكا لاء فكتبت مؤئسة إلى 
المبدي فعزل شريكاً. 

وكان قبل هذا بيسير قد دحل شريك على المهديء فقال له: ما ينبغي لك تقلد 
الحكم بين المسلمين» قال: ولم؟! قال: لخلافك على الجماعة» وقولك بالإمامة. 

قال: أما قولك: لخلافك على الجماعة» فعن الجماعة أحذت ديني» فكيف أخرج 
عنهم وهم أصلي في ديني؟ وأما قولك: بالإمامة» فما أعرف إماماً إلا كتاب الله وسنة 
رسوله صلى الله عليه وآله وسلمء وأما قولك: مثلك لا ينبغي له الحكم بين المسليمن» 
فهذا شيء أنتم فعلتموه فإن كان خطأ فاستغفروا الله منه» وإن كان صواباً فأمسكوا عليه. 

قال: ما تقول في علي بن أني طالب؟ قال: ما قال عنه جداك العباس وعبد الله قال: 
وما قالا عنه؟ 

قال: أما العباس فمات وعلي عنده أفضل الصحابة؛ وقد كان يرى كبراء المهاجرين 
يسألونه عما ينزل من النوازل» وما احتاج هو إلى أحد حتى لحق بالله تعالى» وأما عبد الله فإنه 
كان يضرب بين يديه بسيفين» وكان في حروبه رأساً متبعاً وقائداً مطاعاًء فإن كانت إمامة 
علي جوراً لكان أول من يقعد عنها أبوك لعلمه بدين الله تعالى وفقهه في أحكام الله. 

فسكت المهدي وأطرقء ولم يمض بعد هذا امحلس إلا قليل حتى عزل شريك. 

لطيفة بين خالد بن عبد الله وأعرابي قصده 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» حدثنا محمد بن كثير العبدي)» حدثنا عبد 
الملك بن قريب الأصمعي» قال: حدثني عمر بن الحيئم» قال: بينما خالد بن عبد الله بظهر 
الكوفة متنزهاً إذ حضره أعراي» فقال: يا أعرائي! أين تريد؟ فقال: هذه القرية - يعني 
الكوفة - قال: وماذا تحاول بها؟ قال: قصدت خالد بن عبد الله متعرضاً لمعروفه» قال: 
فهل تعرفه؟ قال: لاء قال: فهل بينك وبينه قرابة؟ قال: لاء ولكن لما بلغني من بذله 


اد اليس الصاح والأنئيس الناصح مس ب 77 ! ب_اااا 7 1١‏ ”ا ع 
المعروف» وقد قلت فيه شعراً أتقرب به ! إليه» قال: فأنشدني مما قلت فيه فأنشأ يقول: 


إليك ابن كرز الخير أقبلت راغباً 2 لتجبر مني ماوهى وتبددا 
إلى الماجد البهلول ذي الحلم والندى وأكرم خلق الله فرعاً ومحتدا 

إذا ما أناسْ قصروا في فعاالبم نمضت فلم يلفى هنالك مقعلدا 
فيا لك بحراً يغمر الناس موجه ٠‏ إذا يسأل المعروف جاش وأزبدا 
بلوت ابن عبد الله في كل موطن22 فاألفيت ير الناس نفساً وأمنجدا 
فلو كان في الدنيا من الناس حال لجود بمعروف لكنت مخلدا 
فلا تحرمني منك ما قد رجوته فيصبح وجهي كال اللون أربدا 


فحفظ خالد الشعرء وقال له: انطلق» صنع الله لك. 

فلما كان من غد ودخل الناس إلى خالد واستوى السماطان بين يديه» تقدم الأعراي 
وهو يقول: إليك ابن عبد القيس» فأشار إليه نال بيده أن اسكت. 

ثم أنشد حالد بقية الشعرء وقال له: يا أعراي! قد غيل هذا الشعر قبل وال شير 
الأعرائي وورد عليه ما أدهشه؛ وقال: والله ما رأ نت كاليوم سبباً لخيبة وحرمان» فانصرف 
وأتبعه ال برسول ليسمع ما يقول؛ فسمعه الرسول يقول: 

ألا في سبيل الله ما كنت أرتجي لديه وما لاقيت من نكد الجد 


دخلت على بحر يجود بماله ويعطي كثير المال في طلب الحمد 
فحالفني الحد المشوم 2 لشقوتي وقارنني نحسبي وفارقني سعدي 
فلو كان لي رزقٌ لديه النلته ولكنه أمرٌ من الواحد الفرد 


فقال له الرسول: أجب الأمير» فلما انتبى إلى خخالد» قال له: كيف قلت فأنشده ثم 
استعاده فأعاده ثلاثاً إعجاباً منه بى ثم أمر له بعشرة آلاف درهم. 
تعليق نحوي 
قوله: فلم يلفى» والوجه: لم يلف» ولكنه اضظر فجاء به على الأصلء كما قال 
الشاعر: 
ألم يأتيك والأنباء تنمي بما لاقت لبون بني زياد 
وقد استقصينا هذا الباب في غير هذا الموضع. 
اعطني من أربع 
حدئني عبيد الله بن محمد بن الأزدي» حدثنا أبو بكر بن أبي الدنياء قال: حدثني أبيء 
قال: أخبرنا بعض أصحابنا » قال: كان عبدالملك بن مروان إذا دل عليه رجل من أفقي 


<درا لط ب حت املس التاسع والعشرون حت 
من الآفاق» قال له: اعفني من أربع» وقل بعدها ما شت ألا تكذبني فإن الكذوب لا رأي 
له ولا تجبني فيما لا أسألك عنه؛ فإن في الذي أسألك عنه شغلاً عما سواه» ولا تحملني 
على الرعية» فإنهم إلى معدلتي ورأفتي أحوج. 
الزرع والجراد 
حدثنا الحسين بن علي بن المرزبان النحوي» قال: حدثني أب بو الحسن الأسدي 
أحمد بن عبد الله بن صالح بن شيخ بن عميرة» حدئنا عبدالرحمن ابن ١‏ خي الأصمعي»؛ عن 
عمه الأصمعي» قال: قيل لأعرائي: أكان لك زرع؟ قال: نعم» ولكن أثانا رجل من جراد 
تنبل مناجل الحصادء فسبحان مهلك القوي الأكولء» بالضعيف المأكول. 
المتمضل جاوز حد المنصف 
حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن حلف السكري» حدئنا أبو 
يعلى زكريا بن يحيى بن حلاد المنقري البصري الصيرفي» ثنا الأصمعي؛ عمن أخبره: 
أن أبا جعفر المنصور حين عفا عن أهل الشام» قال له رجلء يا أمير المؤمنين! 
الانتقام عدل والتجاوز فضل» والمتفضل قد جاوز حد المنصفء فنحن نعيذ أمير المؤمنين 
بالله عز وجل من أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبين» وألا يرتفع إلى أعلى الدرجتين. 
المجلس التاسع والعشرون 
الناس سواء كأستان المشط 
حدثنا إبراهيم بن المفضل بن حيان الحلواني» حدثنا أبو حمزة إدريس بن يونس الفراءع 
حدثنا علي بن عثمان بن عمر بن ساج» حدثنا سليمان بن عبد الله عن أني حازم» عن 
سهل بن سعدء قال: قال رسول الله : " الناس سواء كأسنان المشطء وإنما يتفاضلون 
بالعافية» والمرء كثيرٌ بأحيه» ولا حير لك في صحبة من لا يرى لك مثل ما ترى له ". 
قال القاضي: وقد تضمن هذا الخبر بألفاظه اللطيفة الجامعة» ومعانيه الشريفة النافعة» 
حكماً متقبلة في العقل؛ ثابتة في الفضل؛ راجحة في ميزان العدل. 
وقوله اليئكة: " الناس سواء كأسنان المشط " من أبين الكلام النبيه» وأحسن التمثيل 
والتشبيه» وقد قال الشاعر: 
سواسية كأسنان الحمار 
فنحا هذا النحو في العبارة من التساوي والتشاكلء والاشتباه والتماثل. 
فأما قول هذا الشاعر: سواسية.. فإن بعض علماء أهل اللغة ذكر أن السواسية هم 
المتساوون في الشبه» وأن هذا القول إنما يستعمل في الذم» وقول النبي وََ: " الناس سواء 
كأسنان المشط»ء وإما يتفاضلون بالعافية "» تأديب لهم وحض لمم على تفكرهم في 
أنفسهم؛ وأنهم يتساوون في الأصل» ويتفقون في الخلق والجبل» ويتفاوتون في منازل 


حت الجليس الصالح والأنيس التاصح حس سس سيو إلا 
الفضل» ليرجعوا إلى المعرفة بأنفسهم, ويتنزهوا عن المنافسة التي تفسد ذات بينهم؛ 
ويجتنبوا البغي والتفاحرء والاستطالة بالتكاثر» وليشكر المفضل منهم ربه عز وجل» إذ 
أبانه بالفضل على من سواهء وخصه بنعمته دون كثير ممن عداه؛ ويؤدي حق مولاه فيما 
أولاه وأبلاه» فإن الناس على ما جاء في الأثر معانى ومبتلى؛ وقد أحسن الذي يقول: 
كن أشكال وشتى في الشيم وكلهم يجمعه بيت الأدم 

وقوله التي: "المرء 0 ' من بليغ الكلام ونفيس الحكم, لأن المرء يشد أنحاه 
ويؤازره» ويعضده ويناصره؛ وقد أتى الخبر في الأمة الحادية نا كابنيان يشد بعضه بعضا. 

وجاء عن النبي ؤت أنه ذكر المؤمنين في تناصرهم وتواصلهم, أنهم كالحسد الواحد 
إذا اشتكى عضو من أعضائه؛ تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى. 

وقد حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي» حدثنا محمد بن زياد بن بردة» حدثنا 
أبو شهاب» عن الحسن؛ وعمروء عن الشعبي» عن النعمان بن بشير» قال: قال رسول الله طيَ: 
"المسلمون كرجل واحدء إذا اشتكى عضو من أعضائه تداعى له سائر جسده". 

وفي استقصاء ما جاء في التعاطف والتواصل» والمصافاة والتباذل» من الروايات 
والآثار» والحكايات والأخبار وتنوشد من منظوم الأشعار» طول ليس هذا من موضعه 
واشتهاره عند العامة والخاصة» يغني عن الإسهاب فيه, والإطناب في ذكره» وإحضار جميع 
ما قيل فيه وما حالفه, وإني لأستحسن ما أنشدته عن عبد الله بن المعتز وهو: 


لله إخوان صحبت هسم لا يملكون لسلوة قلبا 
وقوله في الخبر: ' ولا حير لك في صحبة من لا يرى لك مثل ما ترى له ". من أفصح 
لفظء وأوضح معنى. 


وتأويله عندي: أنه لا خير لامرىء في صحبة من لا يرى لأخيه من المناصحة 
والمكافأة والمخالصة» وأحذ نفسه له بالإنصاف والمساعدة» والإسعاف والمرافدة» مثل 
الذي يراه له أوه من ذلكء» ومن كان لأحيه الصادق في مؤاءحاته بهذه المنزلة فهو بالعدو 
أشبه منه بالولي. 

وقد اختلف ذوو الفحص والتفتيش من أصحاب المعاني» في قول الشاعر: 

وإني لأستحبي أخي أن أرى له علي من الحق الذي لا يرى ليا 

فقال بعضهم: معناه أنه لا يرى أن لي عليه حقا حسب ما أرى له من وجوب حقه 
علي» ووجهوه إلى نحو ما تأولناه. 

وقال بعض المحققين من هذه الطائفة والمتحققين بتحصيل معانيها: 


ص الس التاسع مشت 0 

. بل المعنى إني أستحيي خي أن أرى له عندي من فضل سابق منه ما لا يرى أي عنده 
ى نشل بكر دن عدي حت بت لنفسي عنده ابن انق مفله. 

وهذا ا صح التأويلين؛ وأصوب المعنين» وقوله: وإني لأستحبي أخي أن أرى له... 
يشهد بصحة.هذا التأويل» لأن قائلاً لو قال لآحر: إني لأستحييك أن آتي من حسن 
عشرتك ما لا يأتي مثله في معاشرتي» لكان من الكلام الركيك الذي يستهجن ولا 
يستحسنء ولو قال له: إني لأستحييك أن تعاشرني من التبل ما لا أعاشرك بمثله» لكان 
من أبين الكلام وأفصحه؛ وأحسن معنى وأوضحه. 

فأما قول النبي يك: في الخبر: "ولا خير لك في صحبة من لا يرى لك مثل ما تراه 
له"» فهو جار على عكس هذه الطريقة بحسب ما بيناه» وإنما يصح حمله على النحو الذي 
حملنا عليه تفسير البيت» لو كان قيل فيه: ولا خير لمن صحبته في صحبتك إذا لم تر له 
من الحق مثل الذي يرى لكء على ما تقدم من تلخيصنا. 

خبر من فتح القسطنطينية 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريدء أنبأنا أبو حاتم» عن العتبي» قال: كتب مسلمة بن 

عبد الملك إلى أبيه» وهو بالقسطنطينية: 


أرقت وصحراء الطوانة منزلي لبرق تلالا نحو عمرة يلمح 
أزوال أمراً لم يكن ليطيقه من القوم إلا القلبي الصمحمح 
فكتب القعقاع بن خليد العبسي إلى عبد الملك: 
فأبلغ أ مير المؤمنين بأننا سوى ما يقول القلبى الصمجمح 
أكلنا لحوم الخيل رطباً ويابسسا وأكبادنا من أكلنا الخيل تقرح 
ونحسبها نحو الطوانة ظلعا وليس لها حول الطوانة مسرح 
فليت الفزاري الذي غش نفسه وحان أمير المؤمنين يمسرح 


وكان أصابتهم مجاعة حتى أكلوا الخيل» فكتم ذلك مسلمة بن عبد الملك» وكتب مع 
رجل من بني فزارة» فذلك معنى قوله: ش 
فليت الفزاري الذي غش نفسه 
ش معتى بعض الكلمات ووزنها 
قال القاضي: القلبي: الذي يعرف تقلب الأمور وتدبيرهاء ويتصفحها فيعلم بمجاريهاء 
يقال: رجلٌ قلبي حولي: نحاولته وتقلبه» وتدبيره» ويقال له أيضاً: حول قلبء كما قال الشاعر: 
حول قلب معن مف كل داء له لديه دواء 
وقوله: الصمحمح: أراد به وصفه بالشدة والقوةع وبين بين أهل ملم بكلام العرب 


حت الحجليس الصالح والأنيس الناصح للك 2 11101 
اختلاف في معنى الصمحمح من جبة اللغة وفي وزنه من الفعل على الطريقة القياسية) 
فأما اللغويون فاحتلفوا في معنا فذهب سيبويه ومن قال بقوله: إنه الشديد الغليظ القصير 
وهو صفةء ويقال أيضاً للغليظ الشديد: دمكمكء وقال أبو عمرو الشيباني: الصمحمح: 
امحلوق الرأس» وأنشد: 
صمحممحٌ قد لاحه ال هواجر 

وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: الصمحمح: الأصلع. 

واحتلف النحويون في وزن صمحمح من الفعل» فقال سيبويه ومن يسلك سبيله من 
البصريين: هو فعلعل» وقال الفراء وأتباعه من الكوفيين: هو فعلل مثل: سفرجل» وكذلك 
دمكمكء ولكل فريق منهم اعتلال في قوله» وطعنٌ في مذهب خصمه. 

فأما الفراء فإنه احتج بأن قال: لو جاز أن يكون صمحمح على فعلعل لتكرير لفظ 
العين واللام» لاز أن يكون صرصر على فعفع» وسجسج لتكرير لفظ الفاء» فلما بطل أن 
يكون صرصر على فعفع بطل أن يكون صمحمح على فعلعل. 

والذي قاله سيبويه هو الصحيح الذي يشهد القياس بتصويبه» وذلك أن موافقة الحرف 
المتكرر الحرف المتقدم في صورته يوجب موافقته في الحكم على وزنه إذا استونى في وزن 
الكلمة التي هي فاء الفعل وعينه ولامه ما لم يلجىء إلى لاف هذا حجة كالقصور عن 
استكمال هذه الحروف»ء والحاجة إلى إتمام الكلمة باختصار حروف الفعل» فلهذا قضي 
على " صرضر " بأنه " فعلل "؛ ولم يجز حمله على " فعفع " لأنه لو حمل على هذا بطل 
التمام لعدم اللام» وإذا جعلت عين الفعل في صمحمح مكررة لم يفسد الكلام» وتم مع 
إقامة القياس واستقام» وقد قال بعض من احتج بهذا من أصحاب سيبويه: ألا ترى أنا 
نجعل إحدى الراءين في احمر زائدة» ولا نجعل إحدى الراءين في مر وكر زائدة لأنا لو 
جعلنا أحدهما زائدة بطل عين الفعل أو لامه. 

وقالوا: مما يبطل قول الفراء» قولهم: " خلعلع " وهو الجعل» لو سلكنا به مذهب 
"سفرجل' لم يكن له نظيرٌ في كلام العرب. لأنه ليس في كلامهم مثل سفرجلء قالوا: وني 
حروجه عن أبنية كلام العرب دليل على زيادة الحرف فيه. ْ 

وزعم الفراء أن اخلولق: افعوعل؛ فكرر العين ولم يجعله افعولل أو افعلل» وقال بعض 
من احتج لسيبويه بهذاء وأنكر قول الفراء إن قال قائل: ليس في الأفعال افعلل» قيل له: 
يلزم الفراء أن يجعلها افعلل ولا يجعله افعوعل ولا يكرر العين» إذا كان قد أنكر تكرير 
العين فيما ذكرنا. 

وفي استقصاء القول في هذه الكلمة ونظيرها وذكر اختلاف النحويين في أصل الباب 
الذي يشتمل عليها طول يضيق عنه قدر محلس بأسره من مالس هذا الكتاب» وله موضع 


ا سس سح املس التاسع والعشرون حت 
هو أولى به يؤتى به فيه إن شاء الله تعالى. - ش 
تصميم قاضي الرقة على إنصاف المظلوم 
حدثنا محمد بن أني الأزهرء» حلدثنا أبو عبد الله الزبير بن بكار بن عبد الله بن 
مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام بن أسدء قال: حدثني عمي مصعب بن 
عبد الله قال: كان عبيد الله بن ظبيان قاضي الرقة» وكان الرشيد إذ ذاك مهاء فجاء رجل 
فاستعدى إليه من عيسى بن جعفرء فكتب إليه ابن ظبيان: " أما بعدء أبقى الله الأمير 
وحفظه» وأتم نعمته عليه, أتاني رجل يذكر أنه فلان بن فلان» وأن له على الأمير - أبقاه 
الله - حمس مائة ألف درهم - فإن رأى الأمير - أبقاه الله - أن يحضر معه مجلس الحكم 

أو يوكل وكيلاً يناظر خصمه فعل ". 

قال: ودفع الكتاب إلى الرجل» فأتى باب عيسى بن جعفر فدفع الكتاب إلى حاجبه 
فأوصله إليه» فقال له: كل هذا الكتاب. 

فرجع إلى القاضي فأخبره» فكتب إليه: أبقاك الله وحفظك وأمتع بك» حضر رجل 
يقال له فلان بن فلان» فذكر أن له عليك حمقاً فصر معه إلى مجلس الحكم أو وكيلك إن 
شاء اللّه. 

ووجه بالكتاب مع عونين من أعوانه» فحضرا باب عيسى بن جعفر ودفعا الكتاب 
إليه» فغضب ورمى به فانطلقا إليه فأخبراه. 

فكتب إليه: حفظك الله وأبقاك وأمتع بك» لا بد أن تصير أنت وخصمك إلى مجلس 
الحكم, فإن أنت أبيت رفعت أمرك إلى أمير المؤمنين إن شاء الله. 

ووجه الكتاب مع رجلين من أصحابه العدول» فقعدوا على باب عيسى بن جعفر 
حتى خحرجء فقاما إليه ودفعا إليه كتاب القاضيء فلم يقرأه ورمى به» فأبلغاه ذلك. 

فختم قمطره وانصرف وقعد في بيته) وبلغ الخبر الرشيد فدعاه فسأله عن أمره 
فأخبره بالقصة حرفاً حرفأ فقال لإبراهيم بن عثمان: صر إلى باب عيسى بن جعفر 
فاحتم عليه أبوابه كلهاء ولا يخرجن أحدٌّ ولا يدحلن أحدّ عليه حتى يخرج إلى الرجل من 
حقه أو يصير معه إلى الحاكم. 

قال: فأحاط إبراهيم بداره ووكل بها حمسين فارساً وأغلقت أبوابه» وظن عيسى أنه 
قد حدث للرشيد رأي في قتله» فلم يدر ما سبب ذلك» وجعل يكلم الأعوان من خحلف 
الباب» وارتفع الصياح من داره» وصرخ النساءء فأمرهن أن يسكتن» وقال لبعض غلمان 
إبراهيم: ادع لي أبا إسحاق لأكلمه, فأعلموه ما قال فجاء حتى صار إلى الباب» فقال له 
عيسى ويلك ما حالنا؟ فأخبره خبر ابن ظبيان» فأمر أن تحضر حمسمائة ألف درهم من 
ساعته ويدفع بها إلى الرجل. 


د الجليس الصالح والأنيس الناصح بح روي ”ا !ا لاد 
فجاء إبراهيم إلى الرشيد فأحبره» فقال: إذا قبض الرجل ماله فافتح أبوابه. 
يخوف جارية بإهدائها لأصمعي 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي؛ حدثنا محمد بن القاسم بن حلادء» قال: قال 
الأصمعي: دخلت على جعفر بن يحبى بن خالد يوماً من الأيام» فقال: يا أصمعي! هل 
لك من زوجة؟ قلت: لاء قال: فجارية؟ قلت: جارية للمهنة» قال: فهل لك أن أهب لك 
جارية نظيفة؟ قلت: إني محتاجٌ إلى ذلك. 
فأمر بإخحراج جارية إلى مجلس فخحرجت جارية في غاية الحسن والحمال واطيئة 
والظرف. فقال لما: قد وهبتك لحذاء وقال: يا أصمعي! حذها. فشكرته. فبكت الحارية 
وقالت: يا سيدي! تدفعني إلى هذا الشيخ مع ما أرى من سماجته وقبح منظره؟ وجزعت 
جزعاً شديداً. 
فقال: يا أصمعي! هل لك أن أعوضك منها ألف دينار؟ قلت: ما أكره ذلك» فأمر لي 
بألف دينار» ودخلت الحارية» فقال: يا أصمعي! إني أنكرت على هذه الحارية أمراً فأردت 
عقوبتها بك ثم رحمتها منك. قلت: أيها الأمير! فألا أعلمتني قبل ذلك فإني لم آتك حتى 
سرحت حيتي وأصلحت عمتي؛ ولو عرفت الخبر لصرت إليك على هيئة نخلقتي؛ فوالله لو 
رأتني كذلك لما عاودت شيئا تنكره أبدا ما بقيت. 
المرء هي رتبة السلطان 
حدثنا محمد بن - الأنباري» قال: حدثني أني» حدثنا أحمد بن عبيد» قال: أخبرنا 
المدائني. قال: زعموا أن أن رجلاً من بني كنانة أتى نصر بن سيار وهو على خراسان» وكان 
له صديقاً فوجده قد غير عن العهده فلما رأى الإعراض قال: | 
قل لنصر والمرء في رتبة السل طان أعمى ما دام يدعى أميرا 
فإذا زالت الإمارة عنه واستوى والرجال عاد بصيرا 
فبلغه» فقال: أقسمت عليك إلا أنشدتني البيتين» فأنشده فقال: صدقت لعمر الله 
وأثبته في صحابته) وأحسن جائزته وجعله في سماره. 
تأكيد الضمير المرفوع المتصل ‏ المفعول معه 
قال القاضي: هكذا في كتاني: واستوى والرجال بالواو» ورفع الرجال عطفاً على 
الضمير الذي في استوى» والفصيح من كلام العرب في مثل هذا أن يؤكدوه ثم يعطفوا 
عليه فيقولوا: فاستوى هو والرجالء وقد جاء في الشعر غير مؤكدء قال جرير: 
ورجا الأحيطل من سفاهة رأيه مالم يكن وأبٌ له لينالا 
والبصريون من النحويين يستقبحون ترك التوكيد فيه والأمر فيه عند الكوفيين أيسرء 
على أنهم يختارون التوكيد ويؤثرونه» وقد أنشد الفراء: 


جص لالت سس ل ل صصح البجلس الثلاثون حت 
ألم تر أن النبع يصلب غعوده ولا يستوي والخروع المتقصف 

.ولو قيل: فاستوى والرجال بمعنى مع الرجال كان حسناًء وهذا من الباب الذي يسمى 

باب المفعول معه, كقوطم: استوى الماء والخشبة» وجاء البرد والطيالسة» كما قال الشاعر: 
فكونوا أنتم وبني أبيكم مكان الكليتين من الطحال 

وقد يقال: استوى الماء بالخنشبة. وروي هذا البيت: واستوى بالرجال» وجاء في 
الخبر: ذكر التبيع في ولد البقرء فقيل: هو الذي استوى قرناه بأذنيه» ومن هذا النحو 
قولهم: ما صنعت وأباك. 

وهذا باب يتسع القول فيه من قبل صناعة النحو ومذاهب أهله. وليس هذا من 
مواضع شرحهء وقد ذكرناه في موضعه من كتبنا في النحو وعلوم القرآن الكريم» وني 
رسالة أفردناها. 

ّ حماد الراوية يحاول أن يغتئم غنيمة 

حدثنا المظفر بن يحيى بن أحمد المعروف بابن الشرابي» ثنا أبو العباس أحمد بن 
محمد بن عبد الله المرئدي» قال: أحبرني أبو إسحاق الطلحي» قال: حدثني أحمد بن 
إبراهيم؛ قال: حدثني حالد بن كلثوم وغيره؛ عن حماد الراوية» قال: كنت عند الوليد يوماً 
فدحل عليه رجلان كأنهما كانا منجمينء» فقالا: قد نظرنا: فيما أمرتنا به فوجدناك ملك 
سبع سنين مؤيداً منصورً» تستقيم لك الناس» ويزكو لك المخراج . 

قال حماد: فاغتنمتها وأردت أن أخدعه كما محدعاهء فقلت: يا أمير المؤمنين! كذباء 

نحن أعلم بالرواية والآثار وضروب العلوم منهماء وقد نظرنا في هذا ونظر الناس فيه قديماً 
. فوجدناك تملك أربعين سنةً في الحال التي وصفا. 

قال: فأطرق الوليد ثم رفع رأسه إلي» فقال: لا ما قاله هذان يكسرني» ولا ما قلته 
يقرني» والله لأجبين هذا المال من حله جباية من يعيش للأبد» ولأصرفنه في حقه صرف 
من يموت في غد. 
كلمات حكيمة للخليل بن أحمد 

حدثنا محمد بن الحسسن-المقري» أنبأنا عبد الله بن حمود المروزي بمروء أنبأنا يحبى بن 
أكثم» أنبأنا النضر بن شيلء قال: سسعنا الخليل بن أحمدء يقول: التواني إضاعة» والحزم 
بضاعة» والإنصاف راحة» واللجاجة وقاحة... 

المجلس الثلاثون 
حديث سواد بن قارب 

حدثنا عبد الباقي بن قانع» حدثنا محمد بن زكريا الغلاني» حدثنا بشر بن حجر 

الشامي» حدثنا علي بن منصور الأنباري» عن عمرو بن عبد الرحمن الوقاصي» عن 


حج الجليس الصاح والأيس الناصح سس ستو ورج 
محمد بن كعب القرظي قال: بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه جالس ومعه أصحابه إذ 
مر به رجل فسلم عليه؛ فال رجل من القوم: يا أمير المؤمنين! أتعرف هذا المسلم؟ قال: 
لاء قال: هذا سواد بن قارب الذي أتاه رئيه من الجن بظهور رسول الله صلى الله عليه 
وعلى آله وسلم. 1 

فدعا عمر الرجل فقال: أنت سواد بن قارب؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين» قال: أنت 
كما كنت عليه من كهانتك؟ قال: فغضب الرجل غضباً شديداًء ثم قال: يا أمير المؤمنين! 
ما استقبلني أحدٌ بهذا منذ أسلمت» فقال عمر: ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت 
عليه من كهانتك» فأخبرني بإتيانك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمء 
قال: نعم يا أمير المؤمنين! بينا أنا نائمم ذات ليلة بين النائم واليقظان إذ أتاني رئيي فضربني 
برجله ثم قال: قم يا سواد بن قارب وافهم واعقل» قد بعث رسول من لؤي بن غالب 
يدعو إلى الله عز وجل وإلى عبادته ثم أنشأ يقول: 


عجبت للجن وأاحبارها وشدها العيس بأكوارها < 
تهوي إلى مكة تبغي المدى ما مؤمنو الجن ككفارها 
فارحل إلى الصفوة من هاشم بين روابيها وأحجارها 


فقلت: دعني أنام) فإني أمسيت ناعساً. 
فلما كان في الليلة الثانية أتاني فضربني برجله» وقال: قم يا سواد بن قارب فافهم 
واعقل إن كنت تعقل» إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادتف ثم 


أنشا يقول: 
عجبت للجن وتطلابهبا وشدها العيس بأقتابهبا 
تبوي إلى مكة تبغي المدى ما صادقو الجن ككذابها 
فارحل إلى الصفوة من هاشم ليس قدامها كأذنابهبا 


قال القاضي: وني رواية أخترى: 
واسم بعينيك إلى بامها 
فقلت: دعني أنام؛ فإني أمسيت ناعسا. 
فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجلهء وقال: قم يا سواد بن قارب فافهم 
واعقل إن كنت تعقل» قد بعث رسول من لؤي بن غالب؛ يدعو إلى الله تعالى وإلى 
عبادته» ثم أنشأ يقول: 
عجبت للجن وتحساسها وشدها العيس بأحلاسها 


2+ الس كج حت اجلس الثلاثون حجح 
توي إلى مكة تبغي الحمدى ما خير الجن كأتجاسها 
فارحل إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى راسها 

فلما أصبحت شددت على راحلتي رحلها وصرت إلى مكة» فقيل لي: قد سار إلى 

المدينة» فأتيت المدينة فصرت إلى مسجد المدينة فعقلت ناقتي؛ فإذا رسول الله صلى الله عليه 
وآله وسلمء في جماعة من أصحابه؛ فلما نظر إلي قال: هات يا سواد بن قارب فقلت: 


أناني رئيي بعد هاء ورقدة ولم يك فيما بلوت بكاذب 
ثلاث ليال قوله كل ليلة أتاك رسول من لؤي بن غالب 
فشمرت من ذيل الإزار ووسطت 202 بي الذعلب الوجناء بين السباسب 
فأشهد أن الله لا شيء غيره فأنك مأمون على كل غائب 
أنك أدنى المرسلين وسيلة إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب 
فمرنا بما نأتيه يا خير من مشى وإن كان فيما جاء شيب الذوائب 
وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة سواك بمغن عن سواد بن قارب 


قال: ففرح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه فرحاً شديداً. 

قال: فقام إليه عمر رضي الله عنه فالتزمه وقبله بين عينيه) وقال: لقد كنت أحب أن 
أسع هذا الخبر منك» فأخبرني هل يأتيك رئيك اليوم؟ قال: أما منذ قرأت كتاب الله تعالى 
فلاء ونعم البغوض كتاب الله تعالى من الجن. 

قال القاضي: قد روينا حبر سواد بن قارب هذا من طرق عدة» وفي بعض ألفاظه 
احتلاف» ومعانيها متقاربة» وقوله: فارحل إلى الصفوة من هاشم: صفوة الشيء: خياره 
وأخلصه. يقال: هذه صفوة المتاع وصفوته. والكسر أفصح اللغات فيه فإذا نزعت الحاء 
فيه» فقيل: هذا صفو الشيء بالفتح لا غير. 

وقوله: الذعلب: السريعة, والوجناء: صفة لما بغلظ الوجنة وسعتها وهو من علامات 
النجابة. 

وفي هذا الخبر: ما دل على نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم» وصحة دعوتهف وهو 
أحد الأخبار التي تقدمت بالتبشير برسالته» والإشارة إلى صفته؛ والإيماء إلى نجومه 
ومخرجه؛ وهو باب واسمٌّ كبير جداً يتعب إحصاؤه؛ وقد ضمنته العلماء كتبهم وأخبارهم. 

وقوله في هذا الخبر: بين السباسب» وهي الأفضية الواسعة من الأرض» وهي ما كان 
منها قفرا أملس» واحدها سبسب» كما قال الشاعر: 

نعم قد تركناه بأرض بعيدة مقيماً مها في سبسب وأكام 


حج الجليس الصالح والأيس الناصح بس سس م/م ا 

ويقال في هذا بسابس. 

كلمات حكيمة 

حدشا محمد بن الحسن بن دريد انا أبو حام ٠‏ عن العتبي» » عن أبيه قال: كان رجل 
من حنظلة يقول: إنه لينبغي لك أن يدلك عقلك على ترك القول في أخيكء؛ ففيه خلال 
ثلاث: أما واحدةٌ فلعلك أن تذكره بما هو فيك أو لعلك تذكره بأمر قد عافاك الله منه, 
فما هذا جزاء العافية أن تجحد الشكر عليها 

أو لعلك تذكره بما فيك أعظم منهء فذلك أشد استحكاماً لمقته إياك» أما كنت 
تسمع: ارحم أحاك واحمد الذي عافاك. 

عجيبة من العجائب الزاغ أبو عجوه 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثني أبو علي محرز بن أحمد الكاتب, قال: 
حدثني محمد بن مسلم السعديء قال: وجه إلى يحبى بن أكثم يوماً فصرت إليه» فإذا عن 
يمينه قمطر محلدة» فجلست فقال لي: افتح هذا القمطرء ؛ فتحها فإذا شيء قد حرج منهاء 
رأسه رأس إنسان» وهو من سرته إلى أسفل حلقة " زاغ ". وفي ظهره وصدره سلعتان» 
فكبرت وهللت وفزعت» ويحيى يضحكء فقال لي بلسان فصيح طلق ذلق: 


أنا الزاغ أبو عجوه أنا ابن الليث واللبوه 
أحب الراح والريحا ن والنشوة والقبوه 
فلا عدوى يدي تخشى ولا تحذر لي سطوه 
ولي أشياء تستطرف بيوم العرس والدعوه 
فمنها سلعة في الظهب رلا تسترها الفروه 
وأما السلعة الأخحرى فلو كان لما عروه 
لما شك جميع النا س فيها أنها ركوه 
ثم قال: يا كبل! أنشدني شعراً غزلاً: فقال لي يحيى: قد أنشدك الزاغ فأنشده» 
فأنشدته: 
أغرك أن أذنيت ثم تقابعت ذنوبٌ فلم أهجرك ثم ذنوب 
وأكثرت حتى قلت ليس بصارمي وقد يصرم الإنسان وهو حبيب 


فصاح: زاغ زلغ زلغ؛ ثم طار ثم سقط في القمطرء » فقلت ليحيى: أعز الله القاضي» 
وعاشقٌ أيضاً؟! فضحك» قلت: أيها القاضي: ما هذا؟ قال: هو ما تراه» وجه به صاحب 
اليمن إلى أمير المؤمنين» وما رآه بعد وكتب كتاباً لم أفضضه: وأظن أنه ذكر في الكتاب 


حإز+لللبييي0 سس سبو سج حت الجلس الثلائون حت 
شأنه وحاله. 
عدل سوار القاضي وانتصار الرشيد له 

حدثنا محمد بن أني الأزهرء حدثنا الزبير» حدثنا محمد بن سلام» قال: كان حماد بن 
موسى صاحب أمر محمد بن سليمان والغالب عليه» فحبس سوار القاضي رجلاً في بعض 
ما يحبس فيه القضاة» فبعث حمادٌ فأحرج الرجل من الحبس فجاء خصمه إلى سوار حتى 
دخل» فأخبره أن حماداً قد أحرج الرجل من الحبس. 

وركب سوار حتى دخل على محمد بن سليمان وهو قاعدٌ للناس» والناس على مراتبهم؛ 
فجلس بحيث يراه محمد بن سليمان؛ ثم دعا آخر من نظرائه» فقال له كما قال للأول» 
فأجاب مثل جواب الأول ذأقعده مع صاحيف ففعل ذلك يجماءة سيج 6 0 لهم: انطلقوا 
إلى حماد بن موسى فضعوه في الحبس» فنظروا إلى محمد بن سليمان فأعلموه ما أمرهم به؛ 
فأشار إليبم: أن افعلوا ما يأمركم به» فانطلقوا إلى حماد فوضعوه في الحبس» وانصرف سوار 
إلى منزله» فلما كان بالعشي أراد محمد بن سليمان الركوب إلى سوار» فجاءته الرسل فقالوا: 
إن الأمير على الركوب إليك» فقال: لاء نحن بالركوب أولى إلى الأمير. 

فركب إليه فقال: كنت على البحيء إليك أبا عبد الله» قال: ما كنت لأجشم الأمير 
ذاك» قال: بلغني ما صنع هذا الجاهل حماد» قال: هو ما بلغ الأمير» قال: فأحب أن تهب 
0 قال: أفعل أيها الأمير» اردد الرجل إلى الحبس» قال: نعم» بالصغر له والقماءة. 

جه إلى الرجل فحبسه وأطلق حماداً» وكتب بذلك صاحب الخبر إلى الرشيد» فكتب 

ى سوار بجوي ويحماده على ما نع وكتب إلى محمد بن سليمان كتاباً غليظاً يذكر فيه 
حماداً ويقول: الرافضي ابن الرافضي؛ والله لولا أن الوعيد أمام العقوبة ما أدبته إلا 
بالسيف» ليكون عظة لغيره ونكالاً. 

يفتات على قاضي المسلمين في رأيه» ويركب هواه لموضعه منك» ويعرض في 
الأحكام استهانةٌ بأمر الله تعالى وإقداماً على أمير المؤمنين» وما ذاك إلا بك» وبما 
أرخيت من رسنه» فأنا لله لئن عاد إلى مثلها ليجدني أغضب لدين الله تعالى» وأنتقم من 
أعدائه لأوليائه. 

أبيات هي ما يلاقيه المحبون 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» أنبأنا أبو العباس أحمد بن يحيى» قال: قال: أبو سعيد 
عبد الله بن شبيب» أنشدني علي بن طاهر بن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب اللا 
لبعض الحدثين: 
ألارب مشغوف بمن لا يناله 2 غداة تساق المنشآت إلى البحر 


غداة توانفى أهل جمع وصحبة لدى الجمرة القصوى أولو الجمجم الغبر 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصم جسم سحتو راج 
وللرمي أن تبدي الحسان أكفها 2 وتفتر بالتكبير عن شنب غر 
فيارب باك شجوه ومعول إذا ما رى الأطناب تنزع للنفر 
تمّسير الشنب والغر 
قال أبو بكر: الشنب: الثغر البارد والشنب: برد الأسنان» والغر: البيض. 
قال القاضي: ومن الشنب قول ذي الرمة: 


لمياء في شفتيها حوة لعسٌ وني اللثات وني أنيابها شنب 
فسره أهل اللغة أنه بردٌ وعذوبة في الأسنان» وقوله في هذا الشعر: 
وتفتر بالتكبير عن شنب غر 


يقال: شنب وهو نعست موحد اللفظءع كأنه قال: عن باردء ثم قال: غرء فأتى بلفظ 
الجمع؛ لأنه أراد بالشنب جميع الثغر فهو عددء ولفظه موحدء وعلى هذا الوجه قرأ من 
قرأ : " ثياب سندس حضر " لأن السندس جمعٌ في جنسه واحدّ في لفظه. 

022020 عاقبةالاستخفاف 

حدثنا أبي» قال: حدثني أبو أحمد الختلي قال: حدثني الحسين بن محمد بن خالد 
الحناط» قال: سمعت أبا عبد الله الخراساني» يقول: من استخحف بالعلماء ذهبت آخرته؛ 
ومن استخف بإخوانه قلت معوتته» ومن استخف بالسلطان ذهبت دنياه. 

عمّة جرير. وفجور المُرزدق 

| حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي» قال: أخحبرني عبيد الله بن إسحاق بن سلام 

وأحمد بن يحبى» وأبو العباس الأحولء كل بسنده: أن جريراً قدم على عمر بن عبد العزيز 
وهو يتولى المديئة» فأنزله في دار وبعث إليه بجارية تخدمه؛ فقالت له: إني أراك شعفاً فهل 
لك في الغسل؟ فجاءته بغسل وماءء فقال: : تنحي عني ثم اغتسل. 

ثم قدم الفرزدق فأنزله داراً وبعث إليه بجارية فعرضت عليه مثل ذلك» فوثب عليها 
فخرجت إلى عمرء فنفاه عن المدينة وأجله ثلاث قفي ذلك يقول: 


توعدني وأجلني ثلاناً كما لبنت لمهلكها شود 

نفاك الأغر ابن عبد العزيز يحناث تنفى عن المسج ١‏ 

وشبهت نفسك أشقى شود نقاوا: ضللت ولم هقد 
تعليق لغوي 


قال القاضي: الغسل: ما يغسل به الرأس والجسد من خطمي وغيره» والغسل مصدر 


ت مو ببس سس سس اجلس الثلاثون حت 
غسلت» وأما الغسل بالضم فقد اخحتلف أهل العلم بالعربية فيه» فال بعضهم: هو الماع 
وقال بعضهم: الغسل والغسل لغتان بمعنى واحد» كالرهب والرعب» والرهب والرعب» 
ومثله من الأسماء الأعيان: الحش والحش والرفغ والرفغ. 

وفي هذه الرواية: بحقلك تنفى» وقد رواه راوون: وحققك» واحتلف في موضع تنفى 
من الأعراب» فقّال بعضهم: موضعه رفعٌ على أصل إعراب المضارع؛ إذ لم يأت هاهنا أن 
فتنصبه» وقال آخرون: موضعه نصبُ وأضمروا أن وأعملوها مضمرة؛ لأن المعنى: 
وحقك أن تنفى» وقد اختلف نحو هذا الاختلاف في بيت طرفة» حيث يقول: 


ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي 
فروى: أحضر بالرفع والنصب على نحو ما وصفناء وروي على الوجهين أيضا قول 
الشاعر: 
يا ليتني مت قبل أعرفكم وصاغنا الله صيغةٌ ذهبا 


وقد قال الله تعالى ذكره: «إقل أفغير الله يأمروني أعبد» فزعم الكوفيون أن المعنى: 
تأمروني أن أعبد» وأنكر البصريون هذا وقالوا: تأمروني كلام أتى اعتراضاً بين الكلامين؛ 
والمعنى: أفغير الله أعبد» كقولك: زيداً أرى لقيت» ونحو هذا قول جرير يهجو عمر بن 
حا : 

أبالأراجيز يا ابن اللؤم توعدني وني الأراجيز حلت اللؤم والخورا 

المعنى: وفي الأراجيز اللؤم والخور فيما خلت. 

وهذا عندنا من الكلم الذي اختصرت فائدته من الصيغة اللغوية» وألغي عمله من 
الجهة النحوية. 

ولهذا الفصل وما ذكرنا فيه» موضعٌ من كلامنا في معاني القرآن وأبواب العربية» وهو 
أولى به. 

الحديث الحسن. أبقى للذات | 

حدثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني» حدثنا الغلاي» حدثنا ابن سلام» 
حدئنا عبد الله بن معبد» قال: بعث عبد الملك بن مروان إلى الشعبي» فقال: يا شعبي! 
عبدي بك وأنك الغلام في الكتاب فحدثني» فما بقي شيء الآن إلا وقد مللته سوى 
الحديث الحسن» وأنشد: 

ومللت إلا من لقاء محدث حسن الحديث يزيدني تعليما 
قال القاضي: ونظير هذا قول ابن الرومي: 
ولقد سعمت مآربي فكأن طيبها خبيث 
إلا الحديث فأنه مثل اسمه أبداً حديث 


-- الجليس الصالح والأنيس الناصح 77خ 11 22 
كيف عاد الزهري إلى قول الحديث 

حدثنا محمد بن ب عحى الصولي؛ حدثنا الحارث بن أي أسامة» حدثنا عبد الوهاب» 
حدثنا الحسن بن عمارة» قال: أتيت الزهري بعد أن ترك الحديث فألفيته على بابهى 
فقلت: إن رأيت أن تحدثني» قال: أما علمت أني قد تركت الحديث؟ فقلت: إما أن 
تحدثني وإما أن أحدثكء فقال: حدثني» فقلت: : حدثني الحكم بن عيينة» عن يحيى بن 
حزان كل : سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه» يقول: "ما أخذ الله على أهل الجهل 

أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلمو ". 

قال: فحدثني أربعين حديقاً. 

المجلس الحادي والثلاثون 
أنا خيركم بيتا. وخيركم نمسا 

حدثنا إبراهيم بن محمد بن علي بن بطحا في آخرين» واللفظ لإبراهيم» حدثنا علي بن 
حرب الطائي» حدثنا أبو فضيل؛ عن يزيد ؛ إن أي زياد» عن عبد الله بن الحارث» عن عبد 
المطلب بن ربيعة: " أن ناساً من الأنصار قالوا: يا رسول الله! إنا نسمع من قومك حتى 
يقول القائل منهم: إنها مثل محمد كمثل نبت في كباء فقال النبي صلى الله عليه وآله 
وسلم: أيها الناس! من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله قال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد 
المطلب - ما سمعناه أسمى قبلها - إن الله تعالى حلق حلقه فجعلني من خير خلقف ثم 
فرقهم فرقتين فجعلني من خير الفرقتين» ثم جعلهم قبائل فجعلني من خيرهم قبيلة» ثم 
جعلهم بيوتاً فجعلني من خيرهم بيتأ فأنا خيركم بيتأ وخيركم نفساً ". 

قال القاضي: قد أبان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الخبر ما فضله الله 
تعالى به على العالمين» وأرغم به أعداءه الضالين المكذبين» ولقد شرفه الله تعالى بفضله 
على سائر المسلمين» وكرمه بأن ختم به النبيين» ورفع درجته في عليين» فهناه الله ما 
أعطاه» وزاده فيما منحه وأولاه» وتابع لديه مواهبه وعطاياه» وأسعدنا بشفاعته يوم نلقاف 
وكافأه عنا وحاطه وأجزل مثوبته» ورفع في أعلى عليين منزلته» بما أداه إلينا من رسالته 
وأفاضه علينا من نصيحته» وعلمناه من كتابه وحكمته. 

ومعنى قول من قال: نبت في كباء الكبا بالقصر: المزبلة» والكباء بالمد: العود 
والبخور؛ قال المرقش الأصغر 


في كل يوم لها مقطرة 20 فيها كباء معد وحميم 
والمقطرة: هي التي يجعل فيها القطر فيتبخر به والقطر: العود الذي بمبخرته كما قال 
امرؤٌ القيس: 
كأن المدام وصوب الغمام وريح الخزامى ونشر القطر 


يعل به بردأنيابهبا إذا طرب الطائر المستحر 


حم لبس سس شح الجلس الحادي والثلائون د 
من حسن معاوية وذكائه 

حدثنا محمد بن الحسسن بن دريدء أنبأنا الرياشي» عن ابن سلام» قال: حدثت عن عبد 
الله بن الحسن» قال: قال معاوية لابن أني أحمد: أصبت لنا مالاً أبتاعه؟ فأتاه فقال: قد 
أصبت لك مالاً» قال: ما هو؟ قال: البلدة» قال: لا حاجة لي بهاء قال: النخيل» قال: لا 
حاجة لي فيه» قال: ودعان, قال: لا حاجة لي فيه» قال: الغابة» قال: نعم, اشترهاء قال 
له: يا أمير المؤمنين! سميت لك أموالاً تعرفها فكرهتهاء وأخبرتك بما لا تعرف فاحترته) 
قال: نعم» سميت لي البلدة فتبلدت علي» وسميت النخيل فكان مصغراًء وسميت لي ودعان 
فنهتني نفسي عنهاء وسميت لي الغابة فعلمت أن بها كثرة الماء» وقد قال الأول: 


إن كنت تبغي العلم أو مثله أو شاهداً يخبر عن غائب 
فاعتبر الأرض بأسائبا واعتبر الصاحب بالصاحب 
أعز أمر الله يعزك الله 


حدثنا محمد بن مزيد الخزاعي» حدثنا الزبير» قال: حدثني عمي مصعب بن عبد الله 
عن عمرو بن الحياج بن سعيد» حدثني مجحالد بن سعيد, قال: 

كنت من صحابة شريك فآتيته يوماً وهو في منزله باكرأء فخرج إلى في فرو ما تحته 
قميصّ وعليه كسا فقلت: قد أضحيت عن بجحلس الحكمء؛ قال: غسلت ثيائي أمس فلم 
تجف فأنا أنتظر جفوفهاء اجلس فجلستء فجعلنا نتذاكر باب العبد يتزوج بغير إذن 
مواليه» فقال: ما عندك فيه؟ وما تقول؟ وكانت الخيزران قد وجهت رجلاً نصرانياً على 
الطراز بالكوفة وكتبت إلى عيسى بن موسى ألا يعصي له أمرأًء فكان النصراني مطاعاً في 
الكوفة, فخحرج علينا ذلك اليوم من زقاق يخرج إلى النخع ومعه جماعة من أصحابه؛ عليه 
جبة حز وطيلسان» على برذون فارهء وإذا رجل بين يديه مكتوفٌ وهو يقول: واغوثاه 
بالله» أنا بالله ثم بالقاضي» وإذا آثار السياط في ظهره؛ فسلم على شريك وجلس إلى جانبه) 
فقال الرجل المضروب: أنا بالله ثم بك أصلحك الله أنا رجل أعمل لهذا الوشى» أجرة 
مثلى مائة درهم في الشهرء أخذني هذا منذ أربعة أشهرٍ واحتبسني ني طراز يجري علي فيه 
القوت» ولي عيالٌ قد ضاعواء فافلت منه اليوم هارباً فلحقني ففعل بظهري ما ترى. 

فقال: قم يا نصراني واجلس مع خحصمكء قال: أصلحك الله يا أبا عبد الله هذا من 
حدم السيدة, مر به إلى الحبس» قال: قم ويلك فاجلس معه كما يقال لك»؛ فجلس. 

فقال له: ما هذه الآثار التي بظهر هذا الرجل؟ من أثرها به؟ قال: أصلح الله القاضي» 
إها ضربته أسواطا بيدي» وهو يستحق اكثر من هذا» در به لى تيسن 

فألقى شريك كساءه ودخل داره و وأخرج سوطاً ربذياء ثم ضرب بيده إلى بججامع 
أثواب النصراني» وقال للرجل: انطلق إلى أهلكء» ثم رفع السوط فجعل يضرب به النصراني 


حت الجليس الصالح والأنيس اناصح جسبس سس مم راجت 
ويقول: بأصبحي قد من قفا جمل. ٍ 

لا تضرب - والله - المسلمين بعدها أبدا» فهم أصحاب النصراني أن يخلصوه من يده 
فقال: من هاهنا من فتيان الحي؟ خحذوا هؤلاء فاذهبوا مهم إلى الحبس» فهرب القوم جميعاً 
وأفردوا النصرائي» فضرب أسواطاً فجعل النصراني يعصر عينيه ويبكي ويقول: ستعلم. 

فألقى السوط في الدهليز» وقال: يا أبا حفص! ما تقول في العبد يتزوج بغير إذن 
مواليه» وأخذنا فيما كنا فيه كأنه لم يصنع شيئاًء وقام النصراني إلى البرذون ليركبه 
فاستعصى عليه» ولم يكن له من يأحذ ركابه» فجعل يضرب البرذون» فقال له شريك: 
ارفق به ويلك» فإنه أطوع لله منك, فمضى. 

فالتفت إلى شريكء فقال: -حذ بنا فيما كنا فيه» قلت: ما لنا ولذا؟ قد - والله - 
فعلت اليوم فعلةً ستكون لما عاقبة مكروهة» فقال: أعز أمر الله تعالى يعزك الله» نحذ فيما 

وذهب النصراني إلى عيسى بن موسى فدخل عليه» فقال: من بك» وغضب الأعوان 
وصاحب الشرطة؛ فقال شريكٌ فعل بي كيت وكيتء قال: لا والله» ما أتعرض لشريك» 
فمضى النصراني إلى بغداد فما رجع. 

قال القاضي: الأصبحيات: سياط معروفة» واحدها أصبحي ) وهي منسوبة إلى ذي 
أصبح ملك من ملوك اليمن. 

صلة الرحم تَخْمّف الحساب 

حدثنا الحسن بن أحمد بن محمد بن سعيد الكلبي» ثنا محمد بن زكرياء ثنا محمد بن 
عبد الرحمن التيمي» عن أبيه» قال: وقع بين جعفر بن محمد وبين عبد الله بن حسن كلام 
في صدر يوم, فأغلظ ني القول عبد الله بن حسنء ثم افترقا وراحا إلى المسجد فالتقيا على 
باب المسجدء فقال أبو عبد الله جعفر بن محمد لعبد الله بن حسن: كيف أمسيت يا أبا 
محمد, قال: بخيرء كما يقول المغضبء فقال: يا أبا محمد! أما علمت أن صلة الرحم 
تخفف الحساب؟ فقال: لا تزال تجيء بالشيء لا نعرفه» قال: فإني أتلو عليك به قرآناًء 
قال: وذلك أيضاً؟ قال: نعم, قال: فهاته» قال: قول الله عز وجل: #الذين يصلون ما 
أمر الله به أن يوصل ويخشود رهم ويخافون سوء الحساب 6©. 

قال: فلا تراني بعدها قاطعاً رحماً. 

أبيات في وصف الهوى 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» حدثنا ابن أبي الدنياء قال: حدثني أبو الوضاحء 
عن الواقدي» عن أني الجحاف, قال: إني لفي الطواف وقد مضى أكثر الليل وحف الحاج 
إذ بامرأة شابة قد أقبلت كأنها شس» على قضيب غرس في كثيب» وهي تقول: 


الهم |سلت ب ل للل ب اجلس الحادي والثلاثون حت 
رأيت الحوى حلواً إذا اجتمع الوصل ومرا على الهجران لا بل هو القتل 
ومن لم يذق للبجر طعصمساً فإنه 0 إذا ذاق طعم الحب يدر ما الوصل 
وقد اذقت من هذين ني القرب والنوى 2 فأبعده ققل وأقريه حبل 
٠‏ هو أشعر الثاس 
حدثنا محمد بن القاسم الأباري» حدثنا أحمد بن يحيى» قال: قال بعض أصحاب 
العتابي: رأيت العتالي ينظر في كتاب ويلتفت إلي ويقول: هو والله أشعر الناس» فقلت: 
ومن هو؟ قال: أما تعرفه؟ هو الذي يقول: 


إذا نحن أثنينا عليك ببصالح فأنت الذي نثني وفوق الذي نثني 
وإن جرت الألفاظ يوماً بمدحة . لغيرك إنساناً فأنت الذي نعني 
فقلت له: من هو؟ قال: أو ما تعرفه؟ هو الذي يقول: 

تسترت من دهري بظل جناحه فصرت أرى دهري وليس يراني 
فلو تسل الأيام ما اسمي لما درت وأين مكاني ما عرفن مكاني 
ويروى: فلو تسأل الأيام بي ما عرفنني» ويزوى: ما درين بي» 'فقلت: من هو؟ قال: 

هو الذي يقول: 
إن السحاب لتستحبي إذا نظضرت إلى نداك فقاسته بمافيها 
حتى تهم بإقلاع فيجمعها حوف العقوبة من عصيان منشيها 
فقلت: لمن هو؟ قال: لأني نواس 
ْ جميلة من هذيل 


حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق بن أبي حميصة الأضاحي ويعرف بأي عبد الله 
الحرمي» ويزداد بن عبد الرحمن بن يزداد المروزي» قال: حدهنا الزبير بن بكار قال: 
حدثئني سليمان بن داود المخزومي» عن أبيهء قال: : حدثني إساعيل بن يعقوب الثقفي» 
عن عبد الرحمن بن أبي الزناد» عن أبيهء قال: قدمت المدينة امرأةة من هذيل من ناحية 
مكةء وكانت جميلة ومعها صبي» فرغب الناس فيها فخطبوهاء فكادت تذهب بعقول 
أكثرهم» فقال فيها عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: 


أحبك حبا لو شعرت ببعضه الحدت ولم يصعب عليك شديد 
أحبك حبا لا يحبك مشله قريب ولا في العاشقّين بعيد 
وحبك يا أم الصبي مدلبي شهيدي أبو بكر فنعم * 9 


ويعرف وجدي قاسم بن محمد وعروة ما ألقى بكم وسعيد 


-- الجليس الصالح والأنيس الناصح حس سسسب ب سس سس ب 7# لاد 


ويعلم ما ألقى سليمان علمه وخارجة يبدي بناويعيد 
متى تسألي عما أقول وتخبري فلله عندي طارفٌ وتليد 
فقهاء المدينة السبعة 


أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام؛ والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق 
رضي الله عنه» وعروة بن الزبير» وسعيد بن المسيب بن حونء وسليمان بن يسار مولى 
ميمونة بنت الحارث الحلالية»؛ وحارجة بن يزيد بن ثابت» وهؤلاء الستة وهو سابعهم 
"فقهاء المدينة السبعة" الذين أحذ عنهم الرأي والسنن» قال: فقال له سعيد بن المسيب: 
أما أنت - والله - فقد أمنت أن تسألنا وما طمعت إن ساألتنا أن نشهد لك بزور - 
والحديث على لفظ الحرمي - وحديث يزداد نحوه. 

جارية للحجاج تشك في عفة جرير 

حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي» قال: حدثني عبيد الله بن أحمد المزني» قال: 
قالت جارية للحجاج: يدخل عليك جريرٌ فيشبب بالحرم» قال: ما علمته إلا عفيفاء 
قالت: فأخلني وإياىء فأحلاهما. 

فقالت: يا جرير! فنكس رأسه وقال: هأنذاء فقالت: بالله أنشدني قولك: 


أوانس» أما من أردن عفاءه فعان» ومن أطلقن فهو طليق 
دعون الحوى ثم ارتمين قلوبنا بأسهم أعداء وهن صديق 
فقال: ما أعرف هذاء ولكني القائل: 
ومن يأمن الحجاج أما نكاله فصعب وأما عقده فوئيق 
وحفتك حتى استنزلتني مخافتي وقد كان دوني من عماية نيق 
عماية: جبل» ونيق: أعلاه. 
يسر لك البغضاء كل منافق كما كل ذي دين عليك شفيق 
فقالت: ليس عن هذا سألتك يا بغيض, بالله أنشدني قولك: 
نام الخلي وما رقدت بحيلة ليل التمام تقلباوسهودا 
ما ضر أهلك أن يقول أميرهم قولاًء إذا نزل الملمء سديدا 
رمت الرماة فلم تصبك سهامهم ورأيت سهمك للرماة صسيودا 
فقال: ما أعرف هذاء ولكني القائل: 
دعا الحجاج مثل دعاء نوج فأسمع ذا المعارج فاستجابا 


صبرت النفس يا ابن أبي عقيل محافظة فكيف ترى الثوابا 


حمياض ‏ 9لللُّْ5ُْيُيتُإب9بؤبؤيزب5ئ5ئ5ئ7575:5ت-ت2222222225252525 ابجلس الحادي والثلاثون - 


ولو لم يرض ربك لم ينزل مع النصر الملائكة الغضابا 
فقالت: ليس عن هذا أسألك يا بغيض» أنشدني قولك: 
إن العيون التي في طرفها مرض قتلننا ثم لم يحيين قتقلانا 
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف تلق الله أركانا 
فقال: ما أعرف هذاء ولكني القائل: 
رأى الحجاج عافية ونصرا على رغم المنافق والحسود 
دعا أهل العراق دعاء نوج 1 وقد ضلوا ضلالة قوم هود 
فقالت: ليس عن هذا سألتك يا بغيض. بالله أنشدني قولك: 
نام الخلي وما تنام هومسي وكأن ليلي بات ليل سليم 
كنا نواصلكم بحبل مودة فلقد عجبت لحبلنا المصروم 
ولقد توكل بالسهاد لحمبسكم عين تبيت قليلة التهويم 
إن امرأ منع الزيارة منكم حقا لعمرو أبيك غير كريم 
فقال: ما أعرف هذا ولكني القائل: 
وتان في الحجاج لا ترك ظالم سويا ولا عند المراشاة قابل 
ومن غل مال الله غلت يمينه إذا قيل أدوا لا يغلن عامل 
وهما حيث يراهما الحجاج؛ فقال: لله درك يا ابن الخطفى» أبيت إلا كرماً وتكرماً. 
الحجاج يفضل شعر جرير 


حدتنا المظفر بن يحيى») حدننا العباس المروزي» حدتنا أبو إسحاق الطلحي» قال: 
أخبرني: إسحاق بن سعدان» قال: حدثني أبو عبد الله الثقفي» عن اله محمد بن يحيى؛) 
قال: أنشد الفرزدق الحجاج: 

وما يأمن الحجاج والطير تتقي عقوبته إلا ضعيف العزائم 
فقال الحجاج: ويحك يا فرزدق» والله إن الحبال لتوضع للطير فتتنحى عنه؛ ما قال 
جرير أحسن من هذاء حيث يقول: 
فما يأمن الحجاج أما عقابه فمر وأما عقده فوثيق 
براعة بشار في الشكاية إلى الأحرار 
إبراهيم بن عمر بن حبيب العدوي») عن الأصمعي ») قال: لم يقل أحد قط 2 التفررج 


اح الجليس الصاح والأنيس الناصح لبس ٠/7‏ لت 
بالمفاوضة إلى الأحرار» والتشكي إلى أهل الحفاظ والأقدار» وذوي الرقاب والأخطارء 


وأبثثت عمرأً بعض ما ني جوانحي وجرعته من مر ماأتجرع 
ولا بد من شكوى إلى ذي حفيظة إذا جعلت أسرار نفسي تطصلع 
لؤلوْهُ ابن جعضر 


حدثنا أبي رحمه الله» حدثنا أبو أحمد الختلي» أنبأنا أبو حفص النسائي» قال: قال 
محمد بن حاتم الترجرائي» سمعت أيوب بن سيار» يحدث: أن رجلا من أهل المدينة بعث 
بابنته إلى عبد الله بن جعفر» فقال: إنا نريد أن نخدرهاء وقد أحببت أن تمسح بيدك على 
ناصيتها وتدعو ا بالبركة. 

قال: فأقعدها في حجره. ومسح ناصيتهاء ودعا ها بالبركة» ثم دعا مولى له فساره 
بشي فذهب المولى ثم جاء فأتاه بشيء فصره عبد الله بن جعفر في حمار الفتاة ثم دفعها 
إلى الرسول. ْ 

قال: فنظروا فإذا لؤلؤة فأخحرجت إلى السوق لتباع فعرفت وقيل: لؤلؤة ابن جعفر حبا 
بها ابنة جاره» قال: فبيعت بثلاثين ألف درهم. 

ملكي خير من ملككما 

حدثني عبد الله بن محمد بن جعفر الأزدي» ثنا أبو بكر بن أي الدنياء قال: حدثني 
المفضل بن غسان» حدثنا أبو مسهر الدمشقي» حدثنا هشام بن يحيى الغساني» قال: 
حدثني أبي» قال: خرج عبد اللك بن مروان من الصحرة فأدرك سليمان بن قيس الغساني 
وابن هبيرة الكندي وهما يمشيان في صحن بيت المقدس. 

قال: فما علما حتى وضع يده اليمنى على منكب سليمان» ويده اليسرى على منكب 
بن هبيرة الكندي» ثم قال: أفرجا لملك ليس كملك غسان ولا كندة» قال: فالتفتا فإذا 

مير المؤمنين» فأرادا أن يفخرا بملكهماء فقال: على رسلكماء أليس ما كان في الإسلام 
ا 0 بلى» قال: فملكي خيرٌ من ملككم؟ قال: ثم مشيا معه 
حتى أتيا منزله فدحلء فأذن لهماء فقال هما: إن الشاعر يقول: 

جاءت لتصرعني فقلت لما: ارفقي وعلى الرفيق من الرفسيق ذمام 

وقد صحبتمائي من حيث رأيتماء ولكما بذلك علي حق وذمام؛ فإن أحببتما أن ترفعا 
ما كانت لكما من حاجة الساعة» وإن أحببتما أن تنصرفا فتذكرا على مهلكما ما فعلتما. 

قال: : فما رفعا إليه حَاجةٌ إلا قضاها. 


المأمون يسأل عن العشق 
حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري» أنبانا أحمد بن يحيى تعلب» حدثنا أبو العالية 


حر شع ل ست املس الثاني والثلاثون حت 
الشامي» قال: سأل أمير المؤمنين المأمون يحبى بن أكثم عن العشق ما هو؟ فقال: هو 
سوانح تسنح للمرء فيهيم بها قلبه؛ وتؤثرها نفسه. قال: فقال له شامة: اسكت يا يحيى؛ إنها 
عليك أن تجيب في مسألة طلاق» أو في محرم صاد ظبيا أو قتل ملة» فأما هذه فمسائلنا 
نحن» فقال له المأمون: قل يا شامة؛ ما العشق؟ فقال شامة: العشق جليسْ ممتع» وأليف 
مؤنس» وصاحبٌ ملكء مسالكه لطيفة» ومذاهبه غامضة» وأحكامه جائرة» ملك الأبدان 
وأرواحهاء والقلوب وحواطرهاء والعيون ونواضرهاء والعقول وآراءهاء وأعطي عنان 
طاعتهاء وقود تصرفهاء توارى عن الأبصار مدحله؛ وعمي في القلوب مسلكه. 

فقال له المأمون: أحسنت - والله - يا شامة» وأمر له بألف دينار. 

عبد الله بن طاهر يصلح زوجه ببيتي شعر 

حدئنا عبد الله بن جعفر بن إسحاق الحابري الموصلي بالبصرة» حدثنا محمد بن ياسر 
الكاتب» كاتب ابن طولون» قال: حدثني أبي» حدثنا علي بن إسحاقء قال: اشترى عبد 
الله بن طاهر جارية بخمسة وعشرين ألفاً على ابنة عمه؛ فوجدت عليه وقعدت في بعض 
المقاصير» فمكثت شهرين لا تكلمه؛ فعمل هذين البيتين: 

إلى كم يكون العتب في كل ساعة وكم لا تملين القطيعة والمجرا 

رويدك إن الدهر فيه كفاية لتفريق ذات البين فانتظري الدهرا 

قال: وقال للجارية: اجلسي على باب المقصورة فغني به» قال: فلما غنت البيت 
لأول لم تر شيئاًء فلما غنت الثاني فإذا هي قد حرجت مشقوقة الثوب حتى أكبت على 
رجله فقبلتها. 

الجواب من جنس السؤال 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي» ثنا يموت بن المزرع قال: سمعت أبا حاتم السجستاني» 
يقول: كان رجلّ يحب الكلام ويختلف إلى حسين النجار» وكان ثقيلاً متشادقاً لا يدري 
ما يقول» فآذى حسيناً ثم فطن له فكان يعد له الجواب من جنس السؤال فينقطع 
ويسكتء فقال له يوماً: ما تقول - أسعدك الله - في جد يلاشي التوهيمات في عنفوان 
القرب من درك المطالب؟ فقال له حسين: هذا من وجود فوت الكيفوفية على غير طريق 
الحسوبية» وبمثله يقع إلينا قي امحانسة على غير تلاق ولا افتراق. 

فقال الرجل: هذا محتاجٌ إلى فكر واستخراج» فقال حسين: افتكرء فإنا قد استرحنا. 

المجلس الثاني والثلاثون 
زوجات الرسول يسألنه النطقة 

حدئنا أحمد بن سليمان بن داود؛ أبو عبد الله الطوسي» حدثنا الزبير بن بكارء قال: 

حدثني عبد الحبار بن سعيد المساحقي» حدئنا عبد الرحمن بن أني الزناد» عن موسى بن 


جح الجليس الصالح والأئيس الناصح سس حي و رات 
عقبة» عن أني الزبير» عن جابر بن عبيد الله قال: استأذن أبو بكر على رسول الله صلى 
الله عليه وآله وسلم فوجد الناس محجوبين ببابه لم يؤذن لأحد منهم؛ فأذن لأبي بكر 
فدحلء ثم أقبل عمر بن الخطاب فاستأذن فأذن له» فوجد رسول الله صلى الله عليه وآله 
وسلم جالساً وحوله نساؤه؛ ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واجدٌء فقال عمر والله 
لأمازحن النبي صلى الله عليه وآله وسلمء ولأقولن شيئاً يضحكه. فقال: يا رسول الله! لو 
رأيت بنت حارجة سالتني آنفاً النفقة» فقمت إليها فوجأت في عنقها. فضحك رسول الله 
صلى الله عليه وآله وسلمء ثم قال: فهن حولي كما ترى يسألنني النفقة» قال: فقام أبو 
بكر إلى عائشة فوجأ في عنقهاء وقام عمر إلى حفصة فوجأ في عنقهاء وكلاهسا يقول: لم 
تسألن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما ليس عنده؛ فقلن: والله لا نسأل رسول الله 
- صلى الله عليه وآله وسلم - أبدا ما ليس عنده. 
تعليق وشرح لفوي 

قال القاضي: قول الراوي في هذا الخبر" ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: 
واجمء الواجم: الحزين» والوجوم: الحزن والفتور» يقال: وجم يجم وجوماً فهو واجم. 
مثل وقف يقف وقوفاً فهو واقف. 

قال الأعشى ميمون بن قيس: 

هريرة ودعها وإن لام لائم غداة غد أم أنت للبين واجم 

وقول عمر: فوجأت عنقهاء معناه أنه صك عنقها بيده أو غيرهاء ومن العرب من 

يترك الهمز فيه كما قال الشاعر: 
وكنت أذل من وتد بقاع يوجيء رأسه بالفهر واجي 

وقيل: إن الشاعر اضطر فترك الهمز لإقامة الوزن في البيت» كما قال الآخر: 

سألت هذيلٌ رسول الله فاحشة ضلت هذيل بما سالت ولم تصب 

يريد: سألت. 

وقال آخر: 

فارعي فزارة لا هناك المرتع 
يريد: هنأك. 
خبر صخر بن شريد السلمي 

حدئنا محمد بن الحسن بن دريدء أنبأنا أبو حاتم» أنبأنا الأصمعي » قال: التقى 
صخر بن عمرو بن الشريد السلمي ورجل من بني أسد فطعن الأسدي صخرا فقيل 
لصحر: كيف طعنك؟ قال: كان رمحه أطول من رمحي بأنبوب» فمرض صخر منها فطال 
مرضه» فكانت أمه إذا سكئلت عنه قالت: نحن بخير ما رأينا سواده بينناء وكانت امرأته 


جد )ع ا سسسب سبح الس الثاني والثلائون حت 
إذا سئلت عنه» قالت: لا حي فيرجى» ولا ميت فيبكى» فقال صخر: 


أرى أم صخر ما تمل عيادتي وملت سليمى مضجعي ومكاني 
إذا ما امرقٌ سوى بأم حليلةً فلا عاش إلا في شقاً وهوان 
لعمري لقد أيقظت لو كان نائماً وأسمعت لو كانت له أذنان 
بصيرا بوجه الحزم لو يستطيعه وقد حيل بين العير والنزوان 


قال القاضي» ويروى: أهم بأمر الحزم لو أستطيعه. 
وقول أم صخحرء ما رأينا سواده: أي شخصه.؛ قال الشاعر: 
بين المخارم يرتقبن سوادي 
أي شخصي . 
خبر عن تحليل النبين. والاستطراد إلى حكمه 
حدثنا محمد بن مزيد الخزاعي» قال: حدثنا الزبيرء قال: حدثنا عمي مصعب بن عبد 
الله عن جدي عبد الله بن مصعبء قال: حضرت شريكاً في مجلس أني عبيد الله وعنده 
الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أي طالب» والحريري رجل من ولد جرير» وكان 
خطيبا للسلطان» فتذاكروا الحديث في النبيذ الأحمر واختلافهم فيه» فقال شريك: حدثني 
أبو إسحاق» عن عمرو بن ميمون الأودي» عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه» قال: إنا 
ناكل من لحم هذه الإبل ونشرب عليها من النبيذ ما يقطعها في أجوافنا وبطونناء فقال 
الحسن بن زيد: ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة» إن هذا إلا احتلاق» فقال شريك: أجل 
والله ما سمعته» شغلك عن ذلك الجلوس على الطنافس في صدور احالس وسكت. 
فتذاكر القوم الحديث في النبيذ» فقال أبو عبيد الله: أبا عبد الله! حدث القوم بما 
سمعت في النبيذ» فقال: كلاء الحديث أعز على أهله من أن يعرض لتكذيب على من يرد 
على أبي إسحاق الحمداني أو على عمرو بن ميمون الأودي. ّْ 
تحقيق السألة 
قال القاضي: ما أسكر من الأنبذة فهو حمر محرم شرب قليله وكثيره» كما قال عبد 
الله بن إدريس الأودي: 


كل شراب مسكر ك: كثيره من عنب أو غيره عصيره 
فإنه محرمر يسيرهة إني لكم من شره نذيره 
ويحقق هذا ما رواه سعد بن أبي وقاص» عن النبي وك أنه قال: " أنهاكم عن قليل ما 
أسكر كثيره ". 


وقد ذكرنا في كتبئا الفقهية الدليل من الكتاب والسنة والقياس» على تحريم الأنبذة التي 


ح الجليس الصالح والأيس الناصح خصصب تس سبح ع اج 
أحلها من أحلها من متفقهة العراقين. وذكر من ذلك شيخنا أبو جعفر رضي الله عنه ني 
كتبه في الرد على المخالفين فيه؛ ونقض ما اعتلوا به ما تشرف به الناصح لنفسه» الناظر 
لدينه» المحقق في نظره على موضع الصواب منهء فأما الرواية التي حدث بها شريك عن 
عمر رضي الله عنه فإنها معروفة ولها نظائر مروية عنه» وهي في تأويلها غير مخالفة لما 
ذهب إليه مخالفوناء مخطئون عندنا في تأويل بعضهاء فكيف يظن بعمر غير ما أضفنا من 
القول إليه» اوحملنا تأويل الروايات عنه عليه وقد ثبت عنه أنه قال في ابنه: إن عبيد الله 
شرب شراباً وإني سائل عنه» فإن كان مسكراً حددته» فسأل عنه فكان مسكراً فحده» 
فلم يسأل أي سائل عنه: إن كان في نوع مخصوص أو نيئاً غير مطبوخ» ولا قال أي سائلٍ 
عن عبيد الله: هل تمادى في شرب ما شربه حتى أسكره؟ أم اقتصر على القليل منه؟ 
ووقف عند مقدار لا يبلغ إلى السكر به؟ وقد نقل عنه أنه كان يحد في الرائحة» فأحذ بهذا 
جمهور المتفقهين من أهل المدينة. . 

وليس كتابنا هذا من مواضع الإطناب في هذا الباب ومحاجاة الخصوم فيه. 

خلع عليه حتى استفاث 

وحدنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي» قال: حدئنا عبيد الله بن أسحاق بن سلام؛ 
قال: أتى الكميت باب مخلد بن يزيد بن المبلب يمدحهء فصادف على بابه أريعين 
شاعراً قال للآذن: استأذن لي على الأمير. 

فاستأذن له عليه فأذن له فقال له: كم رأيت بالباب من شاعر؟ قال: أربعين شاعراًء 
قال: فأنت جالب التمر إلى هجرء قال: فإنهم جلبوا دقلاً وجلبت أزاذأ» قال: فبات 


أزاذك) فأنشد: 
هلا سألت منازلاً بالأبرق درست فكيف سؤال من لم ينطق 
لعبت بها ريحان ريح عجاجة بالسافيات من التراب المععنق 
والهيف رائحة لها يشتاحها طفل العشي بذي حناتم شرق 
الحناتم: جرارٌ حضر شبه الغيم بهاء والهيف: الريح الحارة» قال القاضي: من الحيف قول 
ذي الرمة: 
وصوح البقل مازي يجيء به هيف يمانية في مرها نكب 
والحناتم: واحدها حنتمة وحنتم» قال الشاعر في الحنتم: 
وأقفر من حضارة ورد أهله وقد كان يسقي في قلال وحنتم 
وقال في الحناتم: 


يمشون حول مكدم قد كدحت متنيه حمل حناتمٍ وقلال 


حأ ) لس ربب سبلللللس77__ر 77 ب ابجلس الثاني والثلاثون حح 
قوله: كدحت متنيه حمل حناتم» كقول الشاعر: 


أرى مر السنين أحذن مني كما أخذ السرار من الحلال 


ولهذا نظائر تذكر وتشرح عللها في مواضع أخر. 


نمام شعر الكميت: 

تصل اللقاح إلى التقاج مزية 
غيرن عهدك بالديار ومن يكن 
إلا خوالد في المحلة بيتها 

متبجحاً ترك الولائد رأسه 
دار التي تركتك غير ملومة 
قد كنت قبل تتوق من هجراها 

والحب فيه حلاوة ومرارة 
ما ذاق بؤس معيشة ونعيمهبا 
من قال رب أخا الحموم ولم يبت 


لحقوق كوكبها وإن لم يحقق 
رهن الحوادث من جديد يخلق 
كالطيلسان من الرماد الأورق 
مثل السواك ودمه كالمهرق 
دنا فارع بها عليك وأشفق 
فاليوم إذ شحط المزار بها تق 
فيما مضى أحدّ إذا لم يعشق 


غرض الحهموم ونصبهن يؤرق 


حتى بلغ إلى قوله: 

بشرت نفسي إذ رأيتك بالغنى ووئقت حين سمعت قولك لي: ثق 

فأمر بالخلع عليه» فخلع عليه حتى استغاث» فقال: أتاك الغوث؛ ارفعوا عنه. 

اعتذار بليغ لدى المأمون 

حدثنا الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي» قال: حدثنا أبو الفضل العباس بن 
الفضل الربعي» قال: حدثنا أي وإبراهيم بن عيسىء قالا: دحل محمد بن عبد الملك بن 
صالح على المأمون - وقد كانت ضياعه حيزت وقبضت - فقال: السلام عليك يا أمير 
المؤمنين ورحمة الله وبركاته» محمد بن عبد الملك بين يديك» سليل نعمتك؛ وابن دولتك» 
وغصن من أغصان دوحتكء أتأذن لي في الكلام؟ قال: نعم. 

فتكلم فقال: الحمد لله رب العالمين» ولا إله إلا الله رب العرش العظيم؛ وصلى الله على 
ملائكته المقربين» وعلى محمد حاتم النبيين» ونستميح الله لحياطة ديننا ودنياناء ورعاية أقصانا 
وأدنانا ببقائك يا أمير المؤمنين» ونسأل الله أن يمد في عمرك وفي أثرك من أعمارنا وآثارناء 
وأن يقيك الأذى بأسماعنا وأبصارناء فإن الحق لا تعفو دياره» ولا يتهدم مساره» ولا ينبت 
حبله. ولا يزول ظله. ما دمت ظل الله في رعيته, والأمين على عباده وبلاده. 

يا أمير المؤمنين! هذا مقام العائذ بظلكء ال هحارب إلى كنفك وفضلكء الفقير إلى 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح خبطت سسحت : د 
رحمتك وعدلكء من تعاور الغوائب» وسهام المصائب» وكلب الدهرء وذهاب الوفر؛ وني 
نظر أمير مر ونين ما فرج كربة المكروب» وبرد غليل الملهبوف. 

ثم إنه تقدم من رأى أمير المؤمنين في الضياع التي أفادناها نعم آبائه الطاهرين» ونوافل 
أسلافه الراشدين» ما الله ولي الخيرة فيه لأمير المؤمنين» وإن عبد الملك بن صالح قدم 
الجزيرة حين قدمها والحرب لاقح» والسيف مشهورء والشام قد نفل أديمه» وتحطمت 
قرونه» والسفياني قد استعرت ناره» وكثرت أنصاره» ولبس للحرب لباسهاء وأعد لما 
أحلاسهاء وكلنا يومئذ في ثوب القلة والصغار» بين حرب دائرة رحاهاء وفتنة 5 
بأنيابهاء فكأنا مهزة ة دواعيهاء وغرض راميهاء إذا إذا ثارت عجأحةٌ من عجاجها لم تنجل الا 
عن شلو مأكولء أو دم مطلول» أو منزل مهدوم, أو مال مكلوم أو قلب يجف, أو عين 
تذرف» أو حرمة حرى: أو طريدة ولحى: قد أتعس الله جدهاء تهتف بسيدها أمير 
المؤمنين من تحت رحا الدهرء وكلكل الفقرء وتدعو الله بإلباس الصبرء وإعداد النصرء 
فالحمد لله المتطول على أوليائك يا أمير المؤمنين» إعزاز نصركء المبلغهم اليوم الذي 
كانوا يأملون» والأمد الأقصى الذي كانوا ينتظرون. 

ثم إني قمت هذا المقام متوسلاً إليك بآبائك الطاهرين» بالرشيد خير الهداة الراشدين؛ 
والمهدي ربيع السنين» والمنصور نكال الظالمين» ومحمد خير المحمدين بعد حاتم النبيين 
والمرسلين» وبعلي زين العابدين» وبعبد الله ترجمان القرآن ولسان الدين» وبالعباس وارث 
سيد المرسلين» مزداناً إليك بالطاعة التي أفرغ الله عليها غصني, واحتنكت بها سني؛ وسيط 
ما لشي ودسيء متعوذاً من شماتة الأعداء وحلول البلاء؛ ومقارنة الشدة بعد الرخاء. 

مير المؤمنين! قد مضى جدك المنصور وعمك صالح بن علي وبينهما من الرضاع 

اليه مير المؤمنين» فكان ذلك له خصوصاً ولبني أبيه عموماء فسبق به بني 
أبيه» وفات به أقربيه» وهو صاحب الجعدي الناجم في مصرء حين اجتث الله أصله. 
وأييس فرعه» وصرعه مصرعه. وهو صاحب عبد الله بن علي حين دعا الشيطان أولياءه 
فأجابوه» ورفع لحم لواء الضلالة فاتبعوه. وهو صاحب عيسى بن موسى حين رمى 
الخلافة ببصرهء وسما إليها بنظرهء ومشى إليها البخترى» ولبس لباس ولاة العهود» حتى 
أثبت الله الحق في نصابهء وأقره في قرابه. 

يا أمير المؤمنين! الدهر ذو اغتيال» وقد تقلب بنا حالاً بعد حال» فليرحم أمير 
المؤمنين الصبية الصغارء والعجائز امحجوبات الكبار» واللاتي سقاهن الدهر كدراً بعد 
صفوء ومراً بعد حلوء وهنيعاً نعم آبائك اللاتي غذتنا صغاراً وكباراًء وشباباً وأمشاجاً في 
الأصّلاب» ونطفاً في الأرحام» وقربنا بحيث قربنا الله منك في القرابة والرحمء فإن رقابنا 
قد ذلت لسخطكء وإن وجوهنا قد عنت لموجدتكء فأقلنا عثرة عائرنا» وعلى الله الملي 


حت ؛ المط لب ---__ س7 ا هلس الثالث والثلاثون حح 
الجزاء» وإن الحق في يدك, فهب لنا ما قصرنا فيه من ترك الرمم البالية» للأمم الخالية» منا 
في طاعة آبائك» فقد مضوا متمسكين بأقوى وسائلهاء معتصمين بأقوى حبائلهاء يوالون 
فيها البعيد الجنيب» وينادون فيها القريب الحبيب» على ذلك مضوا وبقينا حتى يرنا الله 
عز وجلء وهو خخير الوارثين. 

يا أمير المؤمنين! إن الله عز وجل سهل بك الوعور» وجلى بك أن تجورء وملا من 
حوفك القلوب والصدورء وجعل اسك حبلاً كثيفاً» وجبلاً منيفاً بردع بك الفاسق») 
ويقمع بك المنافق» فارتبط نعم الله عز وجل عنك بالعفو والإحسان» فإن كل إمام 
مسؤول عن رعيته» وإن النعم لا تنقطع بالمزيد فيها حتى ينقطع الشكر عليها. 

يا أمير المؤمنين! إنه لا عفو أفضل من عفو إمام قادر على مذنب عاثرء وقد قال الله 
عز وجل: «إوليعفوا وليصفحواء ألا تحبون أن يغفر الله لكم4. 


حاط الله أمير المؤمنين بستره الضافي» وصنعه الكافي» ثم قال: 


أمير المؤمنين أتاك ركب لهم قررى وليس لهم بلاد 
هم الصدر المقدم من قريش وأنت الرأس يتبعك العباد 
فقد طابت لك الدنيا ولذت وأرجو أن يطيب لك المعاد 


فقال المأمون: يفعل ذلك بمشيئة الله» وأسأله التوفيق في الرضا عنكء والإجابة إلى ما 
سألت» وأن يعقب ذلك محبوباً بمنهه وجميل عادته في مثله. 
وأمر برد ضياعه» وأحسن جائزته» وقضى حاجاته. 
المجلس الثالث والثلاثون 
لا حليم إلا ذو عثرة 
حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري» قال: حدثني موهب بن يزيد» قال: 
حدثنا عبد الله بن وهبء قال: أخبرني عمر بن الحارث» عن دراج بن السمح, عن أي 
الميشم» عن أني سعيد الخدري؛ قال: قال رسول الله يله وحدثنا علي بن محمد بن عبد الله 
الطوسي العنبري» قال: حدثنا أبو العباس السراج» ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي» 
قال: حدنا قتيبة» قال: حدثنا ابن وهبء قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج أي 
السمح» عن أني الهيثم» عن أني سعيد الخدريء عن النبي ؤُنَ: قال: " لا حليم إلا ذو 
عثرة» ولا حكيم إلا ذو تجربة ". 
قال القاضي: وهذا الخبر من بليغ الحكمة التي أتى رسول الله 8ه وعلمها أمته؛ 
والعاثر إذا كان لبيباً» وا محرب إذا كان محنكاً أريباًء فتبين هذا مغبة عثرته» وتهذب هذا 
بعواقب تجربته» استشعرا الحذار» وأنعما الاعتبار» واستصحبا الاستبصار» فتحرزا من 


حج الجليس الصالح والأئيس الناصح سس سسحت ع اد 
العثار» وتنزها عن تورط الخبط والاغترار» وقد قال بعض العلماء الربانيين» ومن بصره الله 
رشده في الدنيا والدين: ٠‏ 
لقد عثرت عثرةً لأقبر سوف أكيس بعدها وأستمر 

وفي قول الله عز وجل: إإن الذين اتقوا إذا مسبم طائفٌ من الشيطان تذكروا فإذا 
هم مبصرون6. ما يؤيد هذا ويشهد له. 

جعلنا الله وإياكم ممن يؤثر حظه من الخليقة الحسنى, والطريقة المثلى» على حظ نفسه 
من ال هوى. 

بنو أمية وتنقصها لعلي 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أحبرنا الحسن بن حضرء عن سعيد بن عثمان 
القرشي» قال: سمع عامر بن عبد الله بن الزبير ابنه ينال من علي بن أ بي طالب اكتف 
فقال: يا بني! لا تنتقصهء فإن بني أمية تنقصته شانين عاماً فلم يزده الله تعالى بذلك إلا 
رفعة» إن الدين لم يبن شيئاً فهدمته الدنياء وإن الدنيا لم تبن شيئاً إلا رجعت على ما بنت 
فهدمته. 

التخلص البارع 

حدثنا محمد بن مزيد الخزاعي» قال: حدثنا الزبير بن بكار» قال: حلثني إسحاق بن 
إبراهيم التميمي» » قال: سمعت الفضل بن الربيع يحدث عن أبيه؛ قال: كنا وقوفاً على رأس 
المنصور وقد طرحت للمهدي وسادة؛ إذ أقبل صالح ابنه فوقف بين السماطين رالا 
على مقادير أسنانهم ومواضعهمء وقد كان يرشحه لبعض أموره. فتكلم فأجادء ومد 
المنصور يده إليه ثم قال: يا بني إلي واعتنقه» ونظر في وجوه أصحابه: هل يذكر أحذ 
فضلهء ويصف مقامه؟ فكلهم كره ذلك,ء فقام شبة بن عقال بن معية بن ناجية التميمي» 
فقال: لله در خحطيب قام عندك يا أمير المؤمنين! ما أفصح لسانه, وأحسن بيانه» وأمضى 
جنانه» وأبل ريقه وكيف لا يكون كذلك وأمير المؤمنين أبوه والمهدي أخوه. وهما كما 


قال زهير بن أي سلمى: 
يطلب شأو امرأين قدما حسناً نالا الملوك وبذا هذه السوقا 
أو يسبقاه على ما كان من مهل فمثل ما قدما من صالح سبقا 


قال الربيع: فأقبل علي أبو عبيد الله فقال: والله ما رأيت مثل هذا تخلص» أرضى أمير 
المؤمنين» ومدح الغلام) وسلم من المبدي. 
قال: والتفت إلى المنصور فقال: يا ربيع! لا ينصرفن التميمي إلا بثلاثين ألف درهم. 


بود ب ب ب 77ت ال هلس الثالث والثلائون حت 
قصة عجيبة في البراعة في علم النجوم 

حدثني محمد بن العباس البرتي» قال: حدثت أن محمد بن عبد الله بن طاهر كان 
مولوداً بحد السرطانء فلما أن كان ذات ليلة جمع أهل بيته» فقال: إني مولودٌ بحد 
السرطان» وإن طالع السنة السرطان» وإن القمر الليلة ينكسف في السرطان وهي ليلة 
الأحدء فإن نجوت في هذه الليلة فسأبقى سنين» وإن تكن الأخرى فإني ميت لا محالة. 
فقالوا له: بل يطيل الله تعالى. 

قال: فلما كان في الليلة دعا غلاماً له كان قد علمه النجومء فأصعده إلى قبة له 
فأعطاه بنادق واصطرلاباً» وقال له: حذ الطالع فكلما مضى من انكساف القمر دقيقة 
فاقذدف إلي ببندقة حتى أعلم ذلك. 

وجلس محمد مع أصحابه فجعل الغلام كلما مضى من انكساف القمر دقيقة رمى إليه 
ببندقة» فلما انكسف من القمر ثلثه قال لأصحابه: ما تقولون في رجل قاعد معكم يقضي 
ويمضي وقد ذهب ثلث عمره. وقالوا له: بل يطيل الله تعالى عمرك أيها الأمير. 

فلما مضى من القمر ثلثاه عمد إلى جواريه فأعتق منهن من أحب» ووقف من ضياعه 
ما وقفء وقال لهم: " ما تقولون في رجل معلم يقضي ويمضي» وقد ذهب ثلثا عمره؛ 
فقالوا له: بل يطيل الله عمرك أيها الأمير» فلما مضى من الثلث دقيقتان قال لهم محمد إذا 
استغرق القمر فامضوا إلى أحي عبيد الله بن عبد الله بن طاهر» ثم قام فاغتسل ولبس 
أكفانه وتحفظ ودخل إلى بيت له ورد عليه الباب واضطجعء فلما استغرق القمر في 
الانكساف فاضت نفس فدحلوا إليه فإذا هو ميتء فانطلقوا إلى عبيد الله أخيه ليعلموه 
فإذا عبيد الله أحوه في طيارة على الباب قد سبقهمء فقال لهم: أمات أنحي؟ قالوا: نعم 
فقال: ما زلت آحذ له الطالع حتى استغرق القمر في الكسوفء فعلمت أنه قد قبض» ثم 
دحل فاكب على أخيه باكياً طويلاً ثم حرج وهو يقول: 
هد ركنن الخلافة االموطود زال عنها السرادق الممدود 
حط فسطاءطبها المحيط عليبا هوت أطنابها فمال العمود 
يا كسوفين ليلة الأحد النيم لس أضلتكما النجوم السعود 
أحد كان حده) من نحوس جمعت ح+ددهاإلبيهالأحود 
أحدٌ كان حده مثل حد السي سف والنار شب فيها الوقود 
كسف البدر والأمير بجميعاً فانجلى البدر والأمير عميد 


حت الجليس الصالح والأنيس اناصح ص سس ححصم اج 

أظلمت بعكله الخلافة والدن ليا عليهبا كاآابة وجمود 

لأمور قد كان دبر منها مبرماً وقد مضى ومنها عنيد 

قد بكهه العراق والشرق والغر ب فمنهماتجهائم ونج ود 

وبكى حاسدوه حزناً علي هوبكى بعله العدو الحقود 

ياابن عبد الإله لم يك للمو ت إلى من سواك عسنك محيد 
قال: فلما حمل على السرير أنشأ يقول: 


تداوله الأكف على سري ألا لله ما حمل السرير 

أكف لو تمد إليه حياً إذا رجعت وأطوها قصير 

تباشرت القبور به وأضحى تبكيه الأرامل والفقير 
الكسوف والخسوف 


قال القاضي: ورد هذا الخبر على ما وصفناه. وقيل فيه الكسوف والانكساف 
بالكاف واللغة الجيدة: حسف القمر بالخاء» قال الله عز وجل (وخسف القمر»؛ وجاء 
عن النبي وََك: "أن الشمس والقمر لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته» وإنما هما آيتاذ من 
آيات الله عز وجلء» فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة" في حبر ذكر فيه أن الشمس 
انكسفت على عهده. 1 

وقد اختلف اللغويون في هذا فقال بعضهم: يقال: كسفت الشمس إذا الحق الكسوف 
بعضها وحسفت إذا استغرق الكسوف جميعها. 

وقال بعضهم: يقال: كسفت الشمس وخسف القمر» وقيل: هما لغتان بمعنى واحد؛ 
وقال أوس بن حجر في عبد الله بن فضالة: 

ألم تكسف الشمس شس النها ر والنجم للجبل الواجب 

ويروى: البدر فيما أروي. 

والصلاة عند الكسوف سنة معروفة» وقد احتلف في صفتها وعدد ركعاتها» والجهر 
والمحافتة في القراءة فيهاء وكان مالك يرى الاجتماع لما في كسوف الشمس دون القمرء 
وكان غيره يرى الاجتماع للصلاة في الخسوفين معاء وقال جرير يرئي عمر بن عبد العزيز: 

الشمس طالعة ليست يكاسفة تبكي عليك نجوم الليل والقمرا 

وقد احتلف الرواة في رواية هذا البيت» فرواه البصريون: الشمس طالعة ليست 
بكاسفة) ورواه الكوفيون الشمس كاسفة ليست بطالعة» ورواه بعض الرواة: ويبكي 
عليك نجوم الليل والقمراء ورواه بعضهم: يبكي عليك نجوم الليل والقمرا. 


حل دوعس املس الثالث والثلاثون حت 

وقد احتلف أصحاب المعاني وأهل العلم من الرواة وذوو المعرفة بالإعراب من النحاة 
في تفسير وجوه هذه الروايات وقياسها ني العربية. 

وني ذكر ذلك طول لا يحتمله هذا الموضع؛ وقد ذكرناه في موضع هو أولى به» على أنني 
سأذكر عند آحر تفسير ما في هذا الخبر طرفاً يشرف على جملة هذا الباب إن شاء الله. 

القول في فاضت نفسه وفاظت 

وقول الراوي في هذا الخبر: فلما استغرق القمر في الانكساف فاضت نفسههء معناه أنه 
مات وفارق الحياة وحرجت نفسهء وفي هذه اللفظة لغتان محكيتان عن العرب بالظاء 
والضاد على ما سنبينه إن شاء الله. 

وقد يقال: فاذ وفاز في هذا المعنى في أحرف كثيرة. 

وقد اختلف أهل العلم بالعربية في مواضع مما يأتي فيه فاظ وفاض»ء وأنا أذكر ما حضرني 
من جملة القول فيه مما حكي عن العرب» وما أروي من مذاهب اللغويين فيه» غير مستقص 
لجميع ما رويناه لسعته وغيبة كثير منه» ومن يقف على ما أثبته من هذا الباب هاهنا يشرف 
على معرفته) ويشرك العلماء به في إدراك جملته أو معظمه؛ إن شاء الله. 

فمما رويناه في ذلك ما حدئناه محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثنا أني» قال: 
حدثنا أبو الحسن الطوسيء عن أني عبيدة» عن الكسائي» قال: يقال: فاظت نفسه وفاض 
الميت نفسهء وأفاظ الله تعالى نفسه. قال: وبعض بني تميم يقول: فاضت نفسه بالضاد. 

وحدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أني» قال: قال أبو الحسن وأبو جعفر 
محمد بن الحكم؛ عن أي الحسن اللحياني» قال: يقال: فاظ الميت بالظاء» وفاض الميت بالضاد. 

وحدثنا أبو بكر بن الأنباري: قال: حدثني أبي» قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن 
وسيمء قال: أخبرنا يعقوب بن السكيتء قال: يقال: فاظ الميت يفوظ» وفاظ يفيظ. 

وحدثنا أبو بكرء قال: حدثني أبي» قال: حدثنا محمد بن الجهم؛ عن الفراء» قال: 
يقال: فاظ الميت نفسه بالظاء ونصب النفسء قال أبو بكر» وأنشدني أني» قال: أنشدني 
أبو عكرمة الضبي: 

وفاظ ابن حضرة عانيا في بيوتنا يمارس قدا في ذراعيه مصحبا 
"المصحب ": الذي عليه وبره. 
وقال رؤبة: 
لا يدفنون منهم من فاظا 

قال القاضي: وقال ابن السكيت في كتاب الألفاظ» ويقال: فاظ الرجل وفاظت نفسه 

تفيظ فيظاً وفووظاًء وقال رؤبة: 
لا يفنون منهم من فاظا 


جح الجليس الصالح والأئيس التاصح 7ب ل وه ) وت 
أي من هلك. 
وقال الكسائي: فاظ هو نفسه. وأفظته أنا نفسهء قال: وقال أبو عبيدة: ومن العرب 
من يقول فاضت نفسه بالضاد» وأنشد لبعض الرجاز: 
زلجلحات مائرات ملس اجتمع الناس وقالوا عرس 
إذا قصاعٌ كالأكف خمس ففقئت عين وفاضت نفس 
قال: وقال الكسائي: ناس من ميم يقولون: فاضت نفسه تفيض. 
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري» قال: وحدثني أبي» قال: حدثنا أحمد بن عبيد» عن أي 
عبيدة» قال: أتينا رجلا من بني مخزوم» وكان مولى ضاحية بني تميم» فوانى دكين الراجزء 
فقال: للبواب: إني ألاع إلى السجن أدحللني, فأبى البواب أن يدخله؛ فوقف دكين الراجز 
على دكان وقد انصرف بعض القوم؛ وأنشأ يقول: 


اجتمع الناس وقالوا عرس إذا قصاع كالأكف حمس 
زلجحلحات قد جمعن ملس ففقئت عينٌ وفاظت نفس 


فقال له البواب: من أنت لا حياك الله؟ قال: أنا دكين الراجز» فأدخحله. 

قال أبو بكر, قال لي أبي» قال أحمد بن عبيد: ألاع معناه: أتوقد حرصاً عليه ويحترق 
فؤادي طلباً له قال القاضي: من هذا قول الأعشى: 

ملمع لاعة الفؤاد على الجح لش فلاه عنها فبئس الفالي 

قال ابن الأنباري: الزلحلحات: التي تجول وتذهب فكأنها لا تقر في موضع واحد - 
وجرى بين الأصمعي وأبي عبيدة في هذا الباب تشاجر ومنازعة - وفاظت نفس» فقال 
الأصمعي: العرب لا تقول: فاظت نفسه ولا فاضت نفسه» وإما يقولون: فاظ الرجل إذا 
مات وطن الضرس. 

وقال أبو عبيدة: كذب الباهلي - يعني الأصمعي -: ماهو إلا فاظت نفس. 

قال القاضي: قول الأصمعي: وطن الضرس إخبارٌ منه» لأن الرواية الصحيحة في تمام 
هذا البيت: وطن الضرس مكان وفاظت نفس»ء وقد أتى في هذا أربع روايات: فاظت 
نفس وفاضت نفس» وطن الضرس وطنت ضرسء واستشهد بهذه الرواية من رأى تأنيث 
الضرس على معنى تأنيث السن. 

وقال أبو حاتم في الضرس: ربما أنثوه على معنى السن» قال: وأنكر الأصمعي تأنيثه) 
قال: وأنشدنا قول دكين الراجز: ففقئت عينٌ وطنت ضرس إنما هو: وطن الضرس» قال: 
فلم يفهمه الذي سمعه. وأخطأ سمعه. 

قال أبو بكر: قال أصحاب الكسائي والفراء ومن نقل عنهماء فقال: فاضت نفسه 


؛ ببس سسحت الجلس الثالث والثلاثون حك 
وفاظت نفس وفاظ الميت نفسه وأفاظه الله نفسه. 

وحدثنا أبو بكر: قال: وحدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي» قال: حدثنا نصر بن 
علي» قال: حدثنا الأصمعي» عن أبي عمرو بن العلاء» قال: يقال: فاظ الميت ولا يقال: 
فاظت نفسه» وعلى قول من أجاز فاضت نفسه تفيض»ء قال الشاعر: 

كادت النفس أن تفيض عليه إذ وى حشو ريطة وبرود 

قال القاضي: وأرى أن من قال: فاض الميت مكان فاظء أخذه من قولهم: فاظ الإناء 
إذا طفح فخرج منه بعض ما فيه» وفاض الدمع: إذا انحدر وسال» فكأن النفس لما ضاق 
بها الحي لم يحملها ففاضت وسالت» يقال: نفس سائلة» قال امرؤ القيس: 


وقال الأعشى: 
من ديار بالهمضب هضب القليب فاض ماء الشئون فيض الغروب 


أنشدنا أبو محمد بن الحسن بن عثمان البزار» قال: أنشدني محمد ابن الرومي مولى 
الطاهري في أي جعفر محمد بن جرير الطبري: 


كان بحراً من العلوم لما فاض بالنفس غاض بحر معين 
من له بعده إذاهولاهو مثله غيره عليه أمين 
وقال ابن السكيت» وقال الأصمعي: وجب الرجل فهو واجب إذا مات» وأنشد 
لقيس بن الخطيم: ٍ 
أطاعت بنو عوف أميرا نهاهم عن السلم حتى كان أول واجب 


قال القاضي: فعلى هذا التأويل قد يحمل الحبل الواجب الذي في البيت» الذي قدمنا 
روايته عن أوس بن حجر: أن يكون معناه: الميت» ومعناه عندي: الواقع الساقط» ومن 
قولحم: وجبت الشمس إذا سقط القرصء وقال الله تبارك وتعالى: #إفإذا وجبت جنوبها». 
توجيه إعراب بيت جرير 
ونحن الآن منجزو ما وعدنا في البيان عن احتلاف النحويين في قول جرير: 
تبكي عليك نجوم الليل والقمرا 
وفي إعراب نجوم الليل» وفي وجه نصب قوله: والقمراء فأما من روى: 
الشمس طالعة ليست بكاسفة 
فإنه ينصب: نجوم الليل بإعمال كاسفةء كما يقال: هي ضاربة عبد الله ويعطف 
القمر على نجوم الليل» وقوله: تبكي صفة لقوله الشمس طالعة» وتبكي في موضع رفع» 
كأنه.قال: طالعة باكية» وقد يكون تبكي في موضع نصب على أنه بمعنى الحال» إما من 


ح الجليس الصالح والأنئيس الناصح اجسسسسس ب 77 ب ذاه اا 
الشمس أو من التاء في ليمست» كأنه قال: ليست في حالة بكاى وقد تكون سادة مسد 
خبر ليس» ونصب نجوم الليل بكاسفة. 

وأشهر الحوابات في هذا وأعرفهاء وأقربها مأخذا أن جملة معنى هذا القول: أن الشمس 
لم تقو على كسف النجوم والقمر لإظلامها وكسوفهاء وقد قال قائلون: نصب نجوم 
الليل بقوله: تبكي) والمعنى: تبكي عليك مدة نجوم الليل والقمر فنصب على الظرف. 

وحكي عن العرب: لا أكلمك سعد العشيرة أي زمانه» وقال آخرون: المعنى تغلب 
ببكائها عليك بكاء نجوم الليل؛ وفي هذا التأويل وجهان, أحدهما أن يكون أريد بالنجوم 
والقمر السادات الأمائل, كما قال النابغة في مدح النعمان بن المنذر: 


ألم تر أن الله أعطاك سورةٌ ترى كل ملك دونها يتذيذب 
وقد تأول المفضل الضبي قول الفرزدق: 


أخذنا بآفاق السماء عليكم لنا قمراها والنجوم الطوالع 
أنه عنى بالقمر: محمد وإبراهيم صلى الله عليهماء وبالنجوم الطوالع: أئمة الدين 
وخلفاء المسلمين» وإن كان غيره قد تأول ذلك أنه الشمس والقمر والكواكب,» ومثل 


هذا أيضاً: 
وما لتغلب إن عدوا مساعييم نجمٌ يضيء ولا سس ولاقمر 
وغالبني فغلبته, كما قال الأحطل: 


إن الفرزدق صخرةً ملمومة طالت فليس نيالها الأوعالا 
يريد: طالت الأوعال فليست تنالها أنت» ذهب إلى هذا أبو بكر بن الأنباري» وما 
علمت أحداً سبقه إليه» وجائرٌ أن يكون المعنى: أن الأوعال ليست تنال الصخرة وقد 
طالتهاء وتكون من باب الفاعلين والمفعولين اللذين يفعل كل واحد منهما لصاحبه مثل ما 
فعل به» مثل: ضربت وضربني زيدٌ وزيدأء ولحذا موضع ييسر فيه. 
وأما من روى: نجوم الليل والقمراء فإنه من باب المفعول معه. كقولهم: استوى الماء 
والخنشبة» وما صنعت وأباك» ومنه قول الشاعر: 
فكونوا أنتم وبني أبيكم مكان الكليتين من الطحال 
ويروى: الشمس كاسفة ليست بطالعة» فإنه استعظم أن تطلع ولا تكسف مع 
المصاب . 
ومثل: ألم تكسف الشمس في البيت الذي قدمنا ذكره مثل هذا قول الشاعر: 
أيا شجر الخابور ما لك مورقاً كأنك لم تجزع على ابن طريف 


حمهو+ لسببسسلسلسلسللسلسلسلسلسل لسلس لح البمجلس الثالث والثلائون حت 
فتىّ لا يحب الزاد إلا من التققى ولا المال إلا من قناة سيوف 
احذر هؤلاء الخمسة 
حدثنا أي رضي الله عنه» قال: حدثنا أبو أحمد الختلي» قال: حدثنا محمد بن يزيد 
مولى بني هشامء قال: حدثنا محمد بن عبد الله القرشي» قال: حدثني محمد بن عبد الله 
الهذلي» عن أي حمزة الثمالي» عن أني عبد الله جعفر بن محمد بن علي» قال: قال لي أي: يا 
بني! انظر خمسة لا تحادثهم ولا تصاحبهم» ولا ترى معهم في طريق» قلت: يا أبه! 
جعلت فداكء من هؤلاء الخمسة؟ قال: إياك ومصاحبة الفاسق» فإنه يبيعك بأكلة أو أقل 
منهاء قلت: يا أبه! وما أقل منها؟ قال: الطمع فيها ثم لا ينالها. قلت: يا أبه! ومن الثاني؟ 
قال: إياك ومصاحبة البخيل» فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه» قلت: يا أبه! ومن 
الثالث؟ قال: إياك ومصاحبة الكذاب فإنه يقرب منك البعيد ويباعد منك القريب» قلت: 
يا أبه! ومن الرابع؟ قال: إياك ومصاحبة الأحمق» فإنه يحذرك ممن يريد أن ينفعك 
فيضركء قلت: يا أبه! ومن الخامس؟ قال: إياك ومصاحبة القاطع لرحمهء لأني وجدته 
ملعوناً في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع في الذين كفرواء لإفبل عسيتم إن توليتم 
أن تفسدوا في الأرض4 إلخ, وفي الرعد #الذين ينقضون عبد الله من بعد ميثاقه4 
الآيق» وفي البقرة: «إإن الله لا يستحبي أن يضرب مثلاً» إلى آخخر الآية. 
واحدر هؤلاء إن... 
حدثنا محمد بن الحسن بن زياد» قال: أخبرنا داود بن وسيمء قال: أحبرنا عبد 
الرحمن ابن أحي الأصمعي» عن عمه. قال: قال أبو عمرو بن العلاء: يا عبد الملك: كن 
من الكريم على حذر إن أهنته» ومن اللئيم إذا أكرمته» ومن العاقل إذا أحرجته» ومن 
الأحمق إذا مازحته. ومن الفاجر إذا عاشرته» وليس من الأدب أن تجيب من لا يسألك» 
ولا تسأل من لا يجيبك» أو تحدث من لا ينصت لك. 
قال القاضي: وكأن قول البحتري: 
وسألت من لا يستجيب فكنت في اس ستخباره كمجيب من لا يسأل 
مأخوذ من قول أبي عمرو في هذا الخبر» وما ذكره من سؤال من لا يجيب» وإجابة 
من لم يسأل. 
معتى تعاوره الشعراء 
حدثنا عبد الله بن جعفر بن إسحاق الحائري الموصلي بالبصرة» قال: كنت في منزل 
أي عبد الله نفطويه إذ دحل عليه غلامٌ هاشي نضر الوجه. فقال له: يا أستاذ! قد عملت 
من الشعر بيتين اسمعهماء فقال: أنشدء فأنشأ يقول: 
كم صديق منحته صفو ودي فجفاني وملني وقلائني 


د الجليس الصالح والأئيس الناصح جججبسس ‏ 77 وو “ا ان 7 حت 
قل ما مل ثم عاود وصلي بعدما ذم صحبة المخلان 
قال نفطويه: يا موصلي! ليس تجيئون بمثل هذه الملاحات. قال أبو محمد: فأمسكت 
ساعة ثم عملت هذين البيتين: 


أحمد الله ما امتحّخنت صديقاً لي إلا ندمت عند امتقحاني 
ليت شعري حصصت بالغدر من كل صديق أم ذاك حكم الزمان 


قال القاضي: وقد قال متقدمو الشعراء ومتأخروهم فيما تضمنته هذه الأبيات الأربعة 
ما يتعب جمعه ويشق استيعابه» ولعلنا نودع محالس كتابنا هذا كثيراً منه إن شاء الله تعالى. 


ومما جاء في هذا: 
ذممتك جاهدا حتى إذا ما بلوت سواك عاد الذم حمدا 
ولم أحمدك من خير ولكن وجدت سواك شرا منك جدا 
فعدت إليك مسا ذليااً لأني لم أجد من ذاك بدا 
كذي جوع تحامى أكل ميت فلما اضطر عاد إليه شدا 

والبيت السائر في هذا المعنى: 

عتبت على بشر فلما جفوته وعاشرت أقواماً بكيت على بشر 


ريما تمع الحمق 
حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن محمد الأنصاري» 
حدثنا ابن المدبر» قال: انفرد الرشيد وعيسى بن جعفر بن المنصور والفضل بن الربيع في 
صيد من الموكبء فلقوا أعرابياً مليحاً فصيحاً فولع به عيسى إلى أن قال له: يا ابن الزانية! 
فقال: بئس ما قلت» قد وجب عليك ردها أو العوض» فارض بهذين المليحين يحكمان 
بيني وبينك» فقال: قد رضيت» فقالا: يا أعرائي! خذ منه دائقين عوضاً من شتمكء فقال: 
أهذا الحكم؟ فقالا: نعم» فقال: هذا درهمٌ وأمكم جميعا زانية» وقد أرجحت لكما بترك 
ما وجب لي. 
فغلب عليهم الضحكء وما كان لهم سرور يومهم ذلك غير الأعرااي» وضم الرشيد 
الأعرالي إليه وخص بهء وكان يدعوه في أكثرالأوقات» فكان الأعرابي بعد ذلك يقول 
للرشيد: لو عرفت لأبقيت» ولربما نفع الحمق. 
المجلس الرابع والثلاثون 
شكره الله أريع خصال 
حدثنا محمد بن مخلد بن حفص العطار» قال: حدثني محمد بن علي بن حمزة» أبو عبد 


حهو:ه+ سب سس سس سح البجلس الرابع والثلاثون حت 
جعفر بن أبي طالب الحعفري» ثنا محمد بن الخصيب الحنفي» أبو عبد الله» ثنا أيوب بن 
بزاز» عن أبيه» عن عكرمة» عن ابن عباس» قال: قال النبي عي الجعفر بن أي طالب: إن 
لله تعالى أوحى إلى أنه شكرك على أربع خصال كنت عليهن مقيماً قبل أن يبعنني الله 
تعالى» فما هن؟ قال جعفر: بأبي أنت وأمي» لولا أن الله عز وجل نبأك بهن ما أنباتك عن 
نفسي كراهية التزكية. 

إني كرهت عبادة الأوئان لأني رأيتها لا تنفع ولا تضر» وكرهت الزنا لأني كرهت أن 
يؤتى إلي»؛ وكرهت شرب الخمر لأني رأيتها منقصة للعقل» وكنت إلى أن أزيد في عقلي 
أحب إلي من أن أنقصه. وكرهت الكذب لأني رأيته دناءة. 

تعليق ال مؤلف 

قال القاضي: وفي هذا الخبر من المحاسن لظاهر ما فيها من الفضل لذوي اللب والعقل» 
ما لا حفاء به لمن أحسن النظر لنفسهء ونصح لماء وحرص على رشدها وصلاحهاء 
ونزهها عما يرديها ويشينها. 

وقد أنت الشريعة بالدعاء إلى هذه الخنصال» ووكدتها وحضت عليها وأيدتها» وذلك 
أظهر من أن يحتاج إلى ذكر ما أتى به التنزيل» وأنبأ به الرسول» وروي عن علماء أهل 
الفقه والتأويل» وأولي التقدم في الفهم والتحصيل» والأمر فيه أوضح من أن يحتاج إلى 
الإطلالة بإحضار ما روي فيه. 

وفقنا الله وإياكم لما يرضيهء وعصمنا من الضلالة وهدانا لصالح الأعمال وحميد 
الفعال» وهو الولي الحميد» العلي امحيد. 

ما كان زياد يقوله للرجل إذا ولاه عملا 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أخبرنا أبو حاتم» عن أني عبيدة) عن يونس» 
قال: كان زيادٌ إذا ولى رجلاً عملاً قال له: خذ عبدك وسر إلى عملكء واعلم أنك 
مصروف رأس سنتكء» وأنك تصير إلى أربع خلال» فاعتر لنفسكء إنا إن وجدناك أميناً 
ضعيفاً استبدلنا بك لضعفك؛ وسلمتك من معرتنا أمانتك» وإن وجدناك قوياً حائناً استهنا 
بقوتك» وأحسنا على حياتتك أدبك» وأوجعنا ظهركء» وثقلنا غرمكء» وإن جمعت علينا 
الجرمين جمعنا عليك المضرتين» وإن وجدناك أميناً قويا زدنا في عملكء ورفعنا ذكركء 
وكثرنا مالك» وأوطأنا عقبك. 

معنى أوطأنا عقبك 

قال القاضي: قول زياد: وأوطأنا عقبك» يريد أن نشرفك وننوه بك ونرفع من 
قدركء, فيكثر أتباعك» ويطأ الرجال عقبكء» باتباعهم إياك» وازدحامهم في موكبك» 
والعرب تقول للرجل إذا وصفته بالسؤدد: فلان موطأ الأعقاب» كما قال الشاعر: 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصم سس حو و لاج 
يا سيداً ما أنست من سيد موطأ الأعقاب رحب الذراع 
قوال معروف وقعاله وهاب أمات الفصال الرباع 
قال هذا في الشعر: موطأ الأعقاب», وإنما للإنسان عقبان على أحد وجهينء إما إن يكون 
رأي الاثنين جمعاً. كما قال الله جل جلاله: وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب؛ إذ 
دخلوا على داود ففزع منهم, قالوا: لا نعتف, خصمان بغى بعضنا على بعض» إلى قوله: 
إن هذا أخي...4: وإما يكون جمع العقبين بما حولهما كما قال الأعشى: 
والزعفران على ترائبها شرفاته اللبات والنحر 
فجمع اللبة يما حوها. 
وقال: أمات في جمع أم» وهذا معروف في كلام العرب» وقد زعم بعضهم أن أمات 
تستعمل في البهائم وأمهات تستعمل في الأناسي» والجمهور على تجويز ذلك في الجميع» 
وقد قال الشاعر: 
إذا الأمهات قبحن الوجوه فرجت الظلام بأماتكا 
وني مواضع من هذا الباب خلاف بين الكوفيين والبصريين ليس هذا موضع ذكره؛ 
واللغة المشهورة أمهبات» وفي الواحدة هاء مقدرة» وربما أظهرت» كما قال الراجز: 
ش أمهبتي خندف والياس أبي ش 
واللغة العالية المستفيضة السائرة التي جاء بها القرآن الكريم في مواضع كثيرة: أم وأمهات» 
قال الله تعالى: «إوجعلنا ابن مريم وأمه آية4: وقال تعالى: «إحرمت عليكم أمباتكم». 
ْ معاوية وإعجابه بولده يزيد 
حدثنا أحمد بن محمدء أبو عبد الله الأضاحي المعروف بحرميء ثنا أبو سعيد عبد 
الله بن شبيب» قال: حدثني محمد بن عبد الله بن عمرو بن معاوية بن عتبة بن أي سفيان» 
عن أبيه» قال: جلست ميسون بنت بحدل الكلبية ترجل ابنها يزيد بن معاوية» وميسون 
يومكذ مطلقة» ومعاوية وفاحتة بنت قرظة ينظران إليهماء ويزيد وأمه لا يعلمان» فلما 
فرغت من ترجيله نظرت إليه فأعجبها وقبلت بين عينيه» فقال معاوية بيتاً من شعر: 
إذا مات لم تفلح مزينة بتعده فنوطي عليه يا مزين التمائما 
قال: ومضى يزيد فأتبعه فاحتة بصرهاء وقالت: لعن الله سواد ساقي أمكء فال معاوية: 
قد رأيتها؟ أما والله على ذاك لما فرجت عنه وركاها خيرٌ مما تفرجت عنه وركاك. 
وكان لمعاوية من بنت قرظة عبد الله وكان أحمق الناس» قالت فاحتة: لا والله 
ولكنك تؤثر هذا عليه» فقال: سوف أبين لك ذلك حتى تعرفيه قبل أن تقومي من 
بحلسكء يا غلام! ادع لي عبد الله فدعاه فقال له معاوية: يا بني! إني قد أردت أن 


حو و+سعغعط ل سسحت البجلس الرابع والثلاثون حت 
أسعفك وأن أصنع بك ما أنت أهله؛ فسل آمير المؤمنين فلست تسأله شيئاً إلا أعطاكه. 
فقال: حاجتي أن تشتري لي كلباً فارهاً وحماراً» فقال معاوية: يا بني! أنت حمار ونشتري 
لك حماراًء قم فاحرجء قال: كيف رأيت؟ يا غلام! ادع لي يزيدً» فدعاه. 

فقال: يا بني! إن أمير المؤمنين قد أراد أن يسعفك ويوسع عليك ويصنع بك ما أنت 
أهلهء فاسأله ما بدا لك» قال: فخر ساجداً ثم قال حين رفع رأسه: الحمد لله الذي بلغ 
أمير المؤمنين هذه المدة» وأراه في هذا الرأي» حاجتي أن تعمد لي العهد من بعدك) 
وتوليني العام صائفة المسلمين» وتحسن جهازي وتقويني» فتكون الصائفة أول أسفاري» 
وتأذن لي في الحج إذا رجعت وتوليني الموسم» وتزيد أهل الشام عشرة دنانير لكل رجل» 
وتجعل ذلك بشفاعتي» وتفرض لأيتام بني جمح وأيتام بي سهم وأيتام بني عدي؛ قال: ما 
لك ولبني عدي؟ قال: لأنهم حالفوني وانتقلوا إلى داري» قال معاوية: قد فعلت - إذا 
رجعت - ذلك بكء وقبل وجبه وقال لابنة قرظة: كيف رأيت؟ قالت: يا أمير المؤمنين! 
أوصه لي») فأنت أعلم به ففعل. 

قال القاضي: قد روينا هذا الخبر من طريق آخخرء وفيه: أن عبد الله سأل مالاً وأرضأء 
وأن يزيد قال لمعاوية: اعتقني من النار أعتق الله رقبتك من النار» فقال له: وكيف؟ قال: 
لأني وجدت في الأثر أنه " من تقلد أمر الأمة ثلاثة أيام حرمه الله على النار"؛ فاعهد إلي 
من بعدك. 

سيد الثنساء 

حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم العجلي البزاز المعروف 
بالمراجلي بسر من رأى» قال: أخحبرنا محمد بن يونس الكديمي» قال: حدثنا يحيى بن عمر 
الليني) قال: حدثنا اليثم بن عدي» قال: حدثنا امجالد» عن الشعبي قال: مر بي 
مصعب بن الزبير وأنا في المسجدءفقال: يا شعبي! قم؛ فقمت فوضع يده في يدي وانطلق 
حتى دحل القصر فقصرتء فقال: ادخل يا شعبي» فدحل حجرة فقصرت» فقال: ادحل 
يا شعبي» ثم دحل بيتاً فقصرتء فقال: ادحل فدخلتء فإذا امرأة في حجلة» فقال: أتدري 
من هذه؟ فقلت: نعم هذه سيدة نساء المسلمين» هذه عائشة بنت طلحة بن عبيد الله 
فقال: هذه ليلى» ومثل: 

وما زلت في ليلى لدن طر شاري إني اليوم أخفي حبها وأداجن 

وأحمل في ليلى لقسومٍ ضغينة وتحمل ني ليلى علي الضغائن 

ثم قال لي: يا شعبي! إنها اشتهت على حديثكء؛ فحادثهاء وخرج وتركنا. 

قال: فجعلت أنشدها وتنشدني» وأحادثها وتحادثني حتى أنشلتها قول قيس بن ذريح: 


الجليس الصالح والأنيس الناصح لاه 
ألا يا غراب البين قد طرت بالذي أحاذر من لبنى فهل أنت واقع 
تبكي على لبنى وأنت قتلتها وقد هلكت لبنى فما أنت صانع 
قال: فلقد رأيتها وني يدها غراب تنتف ريشه وتضربه بقضيب وتقول له: يا مشوم. 
وغراب يضرب هي سوق الطير 
حدثنا محمد بن مزيد الخزاعي» قال: حدثنا الزبير» قال: قال الخليل بن سعيد: مررت 
بسوق الطير فإذا الناس قد اجتمعوا يركب بعضهم بعضاً فاطلعت فإذا أبو السائب قابضاً 
على غراب يباع قد أحذ طرف ردائه؛ وهو يقول للغراب يقول لك قيس بن ذريح: 
ألا يا غراب البين قد طرت بالذدي أحاذر من لبنى فهل أنت واقع 
ثم لا يقع ويضربه بردائه والغراب يصيح. 
وجارية تغني هي ذمه 
حدثنا محمد بن إبراهيم الحكيمي) قال: أحبرنا يموت بن المزرع» قال: كنت آتي أبا 
إسحاق الزيادي إذ مرت به أمة سوداء شوهاءء فقال لما: يا عنيزة! أسمعيني 


مر بالبين غراب فنعب 
فقالت* لاض: واللى أو هب لي قطعة. 


فأخرج صريرة من جيبه فناولها قطعة أريت أن فيها ثلاث حبات» فوضعت الجرة على 
ظهرها وقعدت عليها ثم رفعت عقيرتها: 


مر بالبين غراب فنعب ليت ذا الناعب بالبين كذب 
فلحاك الله من طير فقد كنت لو شعت غنيا أن تسب 
قال أبو بكر: فأحسنت. 


هذا الطائر ال مظلوم 


الناس يلحون غرا ب البين لما جبلوا 
وما غراب البين إلا ناقة أو جمل 
وما على ظهر غرا ب البين شطى الرحل 
ولا إذا صاح غرا ب في الديار احتملوا 
مافرق الألاف بع 


د الله إلا الإبل 
قال القاضي: وأنشدني محمد بن الحسن بن مقسمء قال: أنشدني أحمد بن يحيى 


وخ لشي يصي ص صسلسلسل سس صلب سح المجلس الرابع والثلائون حت 


فيا شوق لا تنفد ويا دمع فض وزد ويا حب راوح بين جنب إلى جنب 

ويا عاذلي لمني ويا عائدي الحني عصيتكما حتى أغيب في الترب 

إذا كان ربي عالماً ببسريرتي فما الناس في عيني بأعظم من ربي 
حقق الله لهم أمنياتهم 


حدئنا الحسين بن القاسم الكوكبي» حدثنا ابن أني الدنيا» حدثني أبو الحسن علي بن 
عبد الأعلى الشيباني» قال: حدثنا إسماعيل بن أبان» قال: حدثنا سفيان الثوري» عن 
طارق بن عبد العزيز» عن الشعبيء قال: لقد رأيت عجباء كنا بفناء الكعبة أناء وعبد 
الله بن عمرء وعبد الله بن الزبير» ومصعب بن الزبير» وعبد الملك بن مروان؛ قال القوم 
بعد أن فرغوا من حديثهم: ليقم رجلّ رجل منكم فليأحذ بالركن اليماني ويسأل الله 
حاجته؛ فإنه يعطي من سعة. 

قم يا عبد الله بن الزبير فإنك أول مولود ولد في الحجرة» فقام فأحذ بالركن اليماني 
فقال: اللهم إنك عظيمٌ أسألك بحرمة وجهك وحرمة عرشكء وبحرمة نبيك» ألا تميتني 
من الدنيا حتى توليني الحجاز ويسلم علي بالخلافة. 

وجاء حتى جلس» فقالوا: قم يا مصعب بن الزبير» فقام فأحذ بالركن اليماني وقال: 
اللهم إنك رب كل شيء وإليك يصير كل شيءء أسألك بقدرتك على كل شيء ألا 
تميتني من الدنيا حتى توليني العراقين» وتزوجني سكينة بنت الحسين بن علي عليهما 
السلام» وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله. 

وجاء حتى جلسء فقالوا: قم يا عبد الملك بن مروان» فقام وأعحذ بالركن اليماني» 
وقال: اللهم رب السموات السبع والأرضين السبع» ذات النبت بعد القفرء أسألك بما 
سألك المطيعون لأمرك» وأسألك بحرمة وجبكء وأسألك بحقك على جميع خلقك؛ 
وبحق الطائفين حول بيتك؛ ألا تميتني من الدنيا حتى توليني شرق الأرض وغربهاء ولا 
ينازعني أحدٌ إلا أتيت برأسه, ثم جاء حتى جلس. 

ثم قالوا: قم يا عبد الله بن عمرء فقام حتى أنحذ بالركن اليماني» ثم قال: اللهم إنك 
رحمنٌ رحيم» أسألك برحمتك التي سبقت غضبكء وأسألك بقدرتك على جميع خلقك؛ 
ألا هيتني من الدنيا حتى توجب لي الحنة. 

قال الشعبي: فما ذهبت عيناي من الدنيا حتى رأيت كل رجل منهم قد أعطي ما سأل 
من الدنياء وبشر عبد الله بن عمر بالحنة. 


د الجليس الصالح والأنيس الناصح تلات 5575151111 ] ] ]ىل شأ 10ل ل لت 
أسلوب الحكيم 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» حدثنا محمد بن أحمد المقدمي» قال: حدثنا عبد 
الله بن عمروء حدئثنا أبو عبد الله القرشي» حدثنا محمد بن الضحاك الخزاعي» عن أبيه؛ 
قال: أمر الحجاج بإحضار الغضبان بن القبعثري» وقال الحجاج: زعموا أنه لم يكذب 
قط واليوم يكذبء فلما دحل عليه قال: قد سمنت يا غضبان! قال: أصلح الله الأمير» 
القيد والرتعة» والخفض والدعة» وقلة التعتعة» ومن يكن ضيف الأمير يسمنء قال: أتحبني 
يا غضبان؟ قال: أصلح الله الأمير» أو فرق خيرٌ من محبتي» قال: لأحملنك على الأدهم, 
قال: مثل الأمير حمل على الأدهم والكميت الأشقر» قال: إنه حديد» قال: لأن يكون 
حديداً خيرٌ من أن يكون بليداً. 
الرد الخالص 
حدثنا المظفر بن يحيى بن أحمد المعروف بابن الشراي» حدثنا أبو العباس المرئدي» 
حدثنا أبو. إسحاق الطلحي» قال: أخبر ني أحمد بن إبراهيم» قال: قال سعيد بن العاص 
لمعاوية وهو معه على سريره: يا أمير المؤمنين! والله لكأن عمتك هذه حمرة هند عند 
بعض أزواجها فيما يوصف لي. قال: فلم يجبه معاوية بشي ع. 
ودخل سليمان بن صرد»ء فقال له معاوية: مرحباًء هاهنا فأجلسه بينه وبين سعيد على 
السريرء فساءله طويلاًء ثم قال له: كيف بر هذا بك؟ فقال سعيد: ما أردت بهذا يا أمير 
المؤمنين؟ قال: وما أردت بخمرة هند. 
لولا الحياء 
حدئني عثمان بن محمد بن شاذان القاضي» حدثنا عبد الملك بن القاسم الحارثي» 
قال: بلغني أن إسماعيل بن إسحاق القاضي كان يؤذن» فمر به غلامٌ حسن الوجه» فأطال 
النظر إليه» ثم قال عند فراغه من أذانه: 


لولا الحياء وأنني مستور والعيب يلحق بالكبير كبير 
لحللت بالأرض التي أنتم بها ولكان منزلنا هو المبمجور 
شيء من الصبوة 


حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: كنت عند تعلب جالساً فجاءه محمد بن داود 
الأصبهاني» فقال له: أهاهنا شي ء من صبوتك» فأنشده: 
سقى الله أياماً لنا وليالينا لمن بأكناف الشباب ملاعب 


إذ العيش غض والزمان بعزة وشاهد آفات الحبين غائب 


جع الي سح الهلس الرابع والثلاثون حت 
أحسن الشعر 

حدنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزردي» قال: استنشدني أبو سليمان داود بن علي 
بعقب قصيدة أنشدته إياها ومدحته فيهاء وسألته الجلوس فأجابني» وقال لي في شيء منها: 
لو أبدلت مكانه؟ فقلت له: هذا كلام العرب» فقال: أحسن الشعر ما دحل القلب بلا 
آذان» هذا بعد أن بدلت الكلمة» فقال لي إنسان بحضرته: ما أشد ولوعك بذكر الفراق 
في شعرك! فقال أبو سليمان: واي شيء أمضى من الفرافا! نم حكى عن عمد بن حبيب 
عن عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير» أنه قيل له: ما كان أبوك صانعاً حيث يقول: 

لو كنت أعلم أن آخر عهدكم يوم الرحيل فعلت ما لم أفعل 
قال: يقلع عينه ولا يرى مظعن أحبابه. 
تعليقات بلاغية ونحوية 

قال القاضي: ولي من أبيات لم يحضرني حفظها في هذا الوقت أيضاً هي في معنى قول 

أني سليمان داود في هذا الخبر: 


تخترق الحجب بلا حاجب وتد حل الأذن بلا آذن 
والأذن مع الآذن يؤثر للمجانسة» وما يدحل القلب أبلغ في تحقيق المعنى وقوله: 
لو كنت أعلم أن آخر عبدكم يوم الرحيل 0 


يروى: يوم الرحيل رفعاً ونصباًء فمن نصبه فعلى أنه ظرف» والمعنى أن آخر عهدكم 
في يوم الرحيل» ومن رفعه جعل يوم الرحيل نفسه هو آخر العهد. 
وقد قرأت القرأة: " قال موعدكم يوم الزيئة "2 فمن رفع جعل الموعد هو اليوم» ومن 


نصب جعل الموعد في اليوم. 
وقال يونس: سألت رؤبة: أين منزلك؟ فقال: شرقي المسجد وقال جرير: 
هبت شالاً فذكرى ما ذكرتكم إلى الصفاة التي شرقي حورانا 


فنصبء والرفع جائز وذلك على ما مضى من بيانناء والاختيار عندي رفع قول رؤبة 
ونصب قول جرير في بيته على ما قالا» مع جواز حلافه» وذلك أنه سكل عن نفس منزله 
فأحبر أنه شرقي المسجدء ويقدر جوابه: منزلي هو شرقي المسجد أو شرقي المسجد هو 
منزلي») هذا هو عرف الناس في السؤال عن مثل هذاء والجواب عن: ما ثوبك؟ فيقال: خز 
أي من خزء وما لون فرسك؟ فيقال: أشقرء ولا يقال في الغالب: شقرة» والنصب فيه 
على معنى أنه سئل في أي موضع منزلك؟ فيقال: في شرقي المسجدء وأما شرقي حوران 
في بيت جرير فمعناه إلى الصفاة التي هي شرقي حورانء» ولو أريد هذا فالوجه فيه إظهار 
هي فيقال التي هي شرقي حوران. 

وقد قرأ يحيى بن يعمر: " تماماً على الذي أحسن ". والوجه إذا أوثر هذا المعنى أن 


تت الجليس الصالح والأنيس الناصح الخٌٍٍتتت07تتآ77___ تبت ت“تتاتا ص 0 ال 
يقال: على الذي هو أحسن. 
يتعلق بالقضاذ حين يعزلون 

حدثنا ظاهر بن مسلم العبدي» حدثني محمد بن عمران الضبي» حدثنا أحمد بن 
حلايس» قال: لما عزل شريك عن القضاء تعلق به رجل ببغداد» فقال: يا أبا عبد الله! لي 
عليك ثلاشائة درهم فأعطنيهاء قال: ومن أنا؟ قال: أنت شريك بن عبد الله القاضي» 
قال: ومن أنى هي لك؟ قال: من شن هذا البغل الذي تحتك» قال: نعم تعال» فجاء 
يمشي معه حتى إذا بلغ الجسر قال: من هاهنا؟ فمام إليه أولئك الشرطء فقال: حذوا هذا 
فاحبسوه ولئن أطلقتموه لأخبرن أبا العباس عبد الله بن مالك» فقالوا: إن هذا الرجل 
يتعلق بالقاضي إذا عزل فيفتدى منه؛ وقد تعلق بسلمة الأحمر حين عزل عن واسط فأحذ 
منه أربعمائة درهم) فقال: هكذا. 

فكلم فيه فأبى أن يطلقه, فقال له عبد الله بن مالك: إلى كم تحبس هذا الرجل؟ قال: 
حتى يرد على سلمة الأحمر أربعمائة درهم؛ قال: فرد على سلمة أربعمائة درهم؛ فجاء 
سلمة إلى شريك فتشكر له؛ فقال: يا ضعيف! كل من سألك مالك أعطيته إياه. 

لعله الخضر أو إلياس 

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر الأزدي» قال: حدثنا أبو بكر بن أني الدنياء حدثنا 
إسحاق بن إبراهيم الباهلي الصراف»؛ قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي» حدثنا 
الحجاج بن فرافصة» قال: كان رجلان يتبايعان عند عبد الله بن عمر» فكان أحدهما يكثر 
الحلف. فمر عليهم رجل فقام عليهما فقال للذي يكثر الحلف: يا عبد الله! اتق الله ولا 
تكثر الحلف, فإنه لا يزيد في رزقك إن حلفت» ولا ينقص من رزقك إن لم .,تحلفء قال: 
امض لما يعنيك» قال: إن ذا مما يعنيني» فلما أخذ ينصرف عنهماء قال له: اعلم أن من 
آية الأيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك؛ وألا يكون في قولك 
فضل على عملك؛ واحذر الكذب في حديث غيرك. ثم انصرف.. 

فقال عبد الله بن عمر لأحد الرجلين: الحقه فاستكتبه هؤلاء الكلمات» فقام فأدركه. 
فقال: أكتبني هؤلاء الكلمات رحمك الله قال: ما يقدر الله تعالى من أمر يكون. 

قال: فأعادهن علي حتى حفظتهن؛ ثم مشى معه حتى إذا وضع رجله في المسجد 
فقده قال: فكأنهم كانوا يرون أنه الخضر أو إلياس. 

سبق والبة إلى بيتين جيدين 

حدثنا أحمد بن إساعيل بن القاسم الشرقي» حدثني الحسين بن سلام السكوني» قال: 
أخبرني إبراهيم بن جناح امحاربي» قال: سمعت أبا نواس يقول: سبقني والبة إلى بيتين من 
شعر قالهماء وددت أني سبقته وأن بعض أعضائي احتلج مني: 


-- الس ببس سس سبي سس ا مجلس الخامس والثلاثون‎ ١ 


وليس فتى الفتيان من راح واغتدى لشرب صبوح أو لشرب غبوق 
أسماء أوققات الشراب 


قال القاضي: شرب الغداة يقال له في كلام العرب: صبوح.ء ويقال لشرب نصف النهار: 
القيل» ولشرب العشي: الغبوق» ولشرب الليل: الفحمة؛ ولشرب السحر: الحاشرية. 

وقول أني نواس: وأن بعض أعضائي احتلج مني» أي اقتطع؛ ومنه سمي المقتطع من 
البحر إلى الوادي خليجاء كما قال الشاعر: 

ومدرك أمر كان يأمل دونه ومختلج من دون ما كان يأمل 
المجلس الخامس والثلاثون 
طائر أبيض يرسل قبل الضيف 

حدئنا سهل بن أحمد بن الفضل» أبو حميد المكي» قال: حدثنا محمد بن سعيد 
الطبري» قال: حدثنا جويرة بن أشرسء» قال: حدثنا العلاء أبو محمدء قال: 

سمعت أنس بن مالك» يقول: سمعت رسول الله لَه يقول: " إن الله تبارك وتعالى إذا 
أراد أن يبعث ضيفاً إلى أهله بعث طائراً أبيض يسمى ضيفاً قبل ذلك بأربعين صباحاًء 
فيجيء الطائر فيقوم على عتبة بابه» وعظم ذلك الطائر مسيرة سبعين عاماء قال: فينادي: 
يا أهل الدار! وليس يجيبه أحدء فيسكت عنهم ساعة؟ ثم ينادي الثانية بأعلى صوته. 
ويسمع صوته جميع أهل السماء السابعة والأرض السابعة ما خلا الثقلين» فيجيبه جبريل 
من فوق السماء السابعة من تتحت عرش الحبار: لبيك يا رسول رب العالمين» ما حاجتك 
إلى أهل هذه الدار؟ فيقول: إن الله بعئني رسولاً إلى أهلها وهو يقرأ عليهم السلام» ويقول 
إن فلاناً يأتيكم ضيفاً إلى أربعين صباحاً وهذه بركته ورزقه من الحنة» فيقول جبريل: 
ناولنيه لأقبضهء فيناوله جبريل» فيقول: ما هذه الرقعة في منقارك؟ فيقول: إنها براءة لهم 
من النارء فيقول جبريل» ناولنيها فيناوله فيقرؤها ويتعجب جبريل من ذلك» فيقول 
الطائر: أتعجب من هذا؟ فيقول: نعمء فيقول الطائر: فإن الله تعالى أمرني أن أحصي 
عليهم حسناتهم ولا أحصي عليهم سيئاتهم ما دام الضيف فيهم, فإذا خرج من عندهم 
حرج بذنوب صغيرهم وكبيرهم ورجالهم ونسائهم» وإمائهم وعبيدهم؛ وحيهم وميتهم) 
وإنما سمي الضيف ضيفا بذلك الطائر. 

قال القاضي: 2 هذا الخبر ترغيب في إضافة الضيف وقضاء حق ضيافته» ودلالة على 
وجوب حقه ورفعة منزلة مضيفه؛ ولم تزل الأمم على احتلاف أديانها وآرائهاء» وأخلاقها 
وعاداتها» تستحسن الضيافة وترغب فيها وتتواصى بهاء وتتحاض عليهاء وتتعاير بالرغبة 
عنهاء والتفريط في المسابقة إليهاء وللعرب من الخصوصية في هذاء والحفوف فيه 


- الجليس الصالح والأنئيس الناصح لللتٍ9779ت9ت070 _ ؟*تتتتتتتاتات<ت١”_ا7ئتدننن5:2‏ 10 1 2 
والمباذلة والمباهاة» وحسن الاقتداء بها عليه والمضاهاة» ما بزت به من سواها وأبرت 
عليه» حتى إنها كانت تتدين باعتقاد وجوبه» ولزوم فرضه» وتقصب من أعرض عنه 
وتنبذه» وتسبه وتعيبه» وترى الحمد والذم فيه متوارثاً ني أعقابها وأحسابهاء ثم جاء الإسلام 
بتحسين هذا الباب والندب إليه والترغيب فيه» وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه 
قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه "» فهو من أشرف أفعال الإسلام؛ 
وأخلاق النبيين عليهم السلام» وما ورد في هذا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله ومن 
بعده من أوائل السلف وأمائل الخلف» وذوي الأدب والحكمة» والبصائر والمعرفة» وعن 
الشعراء قديمهم وحديثهم مدحاً وذماً أكثر من أن يحصى المختار من لطيفه وبديعه 
فضلاً عن أن يحاط بجميعه, وقد مضى في بعض بجحالس كتابنا هذا صدر منه» ونحن نأتي 
فيما نستقبله منها بما يوفق الله تعالى بقوته ومشيئته. 
من بركة آل البيت 

حدثنا محمد بن عمر بن على الكاتب» قال: حدثني حفص بن محمد الكاتب» قال: 
عدثي علي بن حمد الكاتيء قال: حدثني أحمد بن الخصيب قبل وزارته» قال: كنت 
كاتباً للسيدة ة شجاع أم المتوكل» فإني ذات يوم في مجلسي في ديواني إذ حرج إلي حادم 
حاص ومعه كيسء فقال لي: يا أحمد! إن السيدة أم أمير المؤمنين تقرئك السلام» وتقول 
لك: هذه ألف دينار من طيب مالي» حذها وادفعها إلى قوم مستحقين تكتب لي أسماءهم 
وأنسابهم ومنازلهم فكلما جاءنا من هذه الناحية شيء صرفناه إليهم» فأحذت الكيس 
وصرت إلى منزلي» ووجهت خلف من أثق بهم فعرفتهم ما أمرت به؛ وسألتهم أن يسموا 
لي من يعرفون من أهل الستر والحاجة» فأسموا لي جماعة» ففرقت فيهم ثلاشائة دينار وجاء 
الليل والمال بين يدي لا أصيب محقاًء وأنا أفكر في سر من رأى وبعد أقطارها وتكائف 
أهلهاء ليس بها محق يأخذ ألف دينار» وبين يدي بعض حرمي ومضى من الليل ساعة 
وغلقت الدروب وطاف العسسء وأنا مفكرٌ في أمر الدنانير» إذ سعت باب الدار يدق» 
وسمعت البواب يكلم رجلاً من ورائه» فقلت: لبعض من بين يدي: اعرف الخبر» فعاد 
إلي» فقال لي: بالباب فلان بن فلان العلوي يسأل الإذن عليك» فقلت: مره 0 
وقلت: لمن بين يدي من الحرم: كونوا وراء هذا السترء فما قصدنا في هذا الوقت إلا 
لحاجة» فدحل وسلم وجلسء وقال لي: طرقني في هذا الوقت طارق لرسول الله صلى الله 
عليه وآله من ابنة لرسول الله صلى الله عليه وآله؛ ولا والله ما عندنا ولا أعددنا ما يعد 
الناس» ولم يكن في جواري من أقرع إليه غيرك» فدفعت إليه ديناراً فشكر وانصرف» 
وحرجت ربة المنزل» فقالت: يا هذا تدفع إليك السيدة ألف دينار تدفعها إلى محق أحق 
من ابن رسول الله صلى الله عليه وآله في الدنياء مع ما قد شكاه إليك؟ فقلت لما: فإيش 


اد الس سس سبلل سح البجلس الخامس والثلائون حت 
السبيل؟ قالت: تدفع الكيس إليه» قلت: يا غلام! رده فرده فحدثته بالحديث ودفعت 
الكيس إليه فأحذه وشكر وانصرفء فلما ولى جاء إبليس لعنه الله» فقال لي: المتوكل 
وانحرافه عن أهل هذا البيت» يدفع إليك ألف دينار تدفعها إلى مستحقين تكتب أسماءهم 
وأنسابهم ومنازلهم» فإيش تحتج؟ وقد دفعت إلى علوي سبع مائة دينار. فقلت لربة 
المنزل: وقعتني فيما أكره؛ فإما سبعمائة دينار أو زوال النعم» وعرفتها ما عندي» فقالت: 
اتكل على جدهمء فقلت: دعي هذا عنكء المتوكل وانحرافه فإيش أحتج إيش أقول؟ 
قالت: اتكل على جدهم., فما زالت بمثل هذا القول ومثله إلى أن اطمأننت وسكت 
وقمت إلى فراشي» فما استثقلت نوماً إلا وصوت الفرانق على الباب» فقلت: لبعض من 
يقرب مني: من على الباب؟ فعاد إلي» فقال: رسول السيدة يأمرك بالركوب إليها الساعة 
فخرجت إلى صحن الدار والليل بحالته والنجوم بحالتهاء وجاء ثان وثالث فأدخلتهم, 
فقلت: الليل بحالته! فقالوا: لا بد من أن تركب فركبت فلم أصل إلى الجوسق إلا وأنا في 
موكب من الرسل» فدخحلت الدار فقبض خادمٌ على يدي فأدحلني إلى الموضع الذي كنت 
أصل» ووقفني» وخحرج خادم خاصة من داخل فأحذ بيدي» وقال: يا أحمد! إنك تكلم 
السيدة أم أمير المؤمنين فقف حيث توقف» ولا تكلم حتى تسأل» وأدخلني إلى دار لطيفة 
فيها بيوت عليها ستورٌ مسبلة» وشعة وسط الدارء فوقفني على باب منها فوقفت لا 
أتكلم» فصاح ني صائح؛ قال: يا أحمد! فقلت: لبيك يا أم أمير المؤمنين» فقالت: حساب 
ألف دينار» بل حساب سبعمائة دينار وبكت,» فقلت في نفسي: نكبة! علوي أتحذ المال 
ومضى ففتح دكاكين التجار في السوق واشترى حوائجه) وتحدث فكتب به بعض 
أصحاب الأخبار» فأمر المتوكل بقتلى وهي تبكي رحمة لي ثم أمسكت عن الكلام» 
وقالت: يا أحمد! حساب ألف دينار بل حساب سبعمائة بار ثم يكت قفعلت ذلك 
ثلاث مرات ثم أمسكتء وسآلتني عن الحساب» فصدقتها عن القصة» فلما بلغت إلى ذكر 
العلوي بكتء وقالت: يا أحمد! جراك الله خيراً وجزى من في منزلك خيرأء تدري ما 
كان جرى الليلة؟ قلت: لاء قالت: كنت نائمة في فراشي فرأيت النبي يِه وهو يقول: 
جزاك الله خيراً وجزى أحمد بن الخصيب خيرأًء ومن في منزله خيراًء فقد فرجتم في هذه 
الليلة عن ثلائة من ولديء ما كان لحم شيء, خحذ هذا الحلي مع هذه الثياب وهذه الدنائير 
وادفعها إلى العلوي» وقل له: نحن نصرف عليك ما جاء من هذه الناحية» وحذ هذا 
الحلي وهذه الثياب وهذا المال فادفعه إلى زوجتك؛ وقل: يا مباركة! جزاك الله عنا خيراً 
فبذه دلالتك» وذ هذا يا أحمد» فدفعت إلي مالا وثيابً ورجت يحمل ذلك بين يدي» 
وركبت منصرفاً إلى منزلي» وكان طريقي على باب العلوي» فقلت: أبدأ به إذا كان الله 
رزقنا هذا على يديه» فدققت الباب» فقيل لي: من هذا؟ فقلت: أحمد بن الخصيب» فخرج 


حت الجليس الصالح والأئيس الناصح مس ات وه 1 لاحت 
إلي فقال: يا أحمد هات ما معك؛, فقلت في بالي: وما يدريك ما معي؟ فقال لي: انصرفت 
من عندك بما أحذته منك ولم يكن عندنا شيء فدحلت على بنت عمي فعرفتها الخبر» 
ودفعت إليها المال ففرحتء وقالت: ما أريد أن تشتري شيئاً ولا آكل شيئاًء ولكن قم 
فصل أنت وادع حتى أؤمن على دعائك» فقمت فصليت ودعوت وأمنت ووضعت 
رأسي وهتء» فرأيت جدي التئلا في النوم وهو يقول لي: قد شكرتهم على ما كان منهم 
إليك» وهم باروك بشيء فاقبله) فدفعت إليه ما كان معي وانصرفت» وصرت إلى منزلي 
فإذا ربة المنزل قلقة قائمة تصلي وتدعوء فعرفت أني قد جفت معافى فخخحرجت إلي 
فسألتني عن خبري» فحدثتها الحديث على وجههء فقالت لي: ألم أقل لك: اتكل على 
جدهم» رأيت ما فعل؟ فدفعت إليها ما كان لها فأحذته. 

قال القاضي رحمة الله عليه: وجدت ابن الخصيب مخطباً في نسبة المتوكل إلى الانحراف 
عن أهل البيت» وسأبين فيما يأتي من حالس هذا الكتاب ما يبطل قوله إن شاء الله تعالى. 

وقصة أخرى في هذا الشأن 

حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين الشحيمي القاضي» قال: حدثني عمر بن الحسن 
الحرضي» قال: حدثني عبد الله بن طاهر» قال: دحلت على إسحاق بن إبراهيم يوما فقال 
لي: بينا أنا ذات يوم قاعدٌ دحل علي رجلء فقال: أنا رسول رسول الله إليك» قال لك: 
أطلق القاتل احبوس» فقلت: ليس عندي قاتل محبوس» قال: فأمرت أن يفتش» فذكر لي 
رجل فأمرت بإحضاره فرنع في أ أن رجل وجد معه سكينٌ أو أنهم وجدوا السكين 
معه؟ فقلت له: ما قصتك؟ فقال: أنا رجل بتري» عملت كل بلية من الزنا والفسق والشر 
وكنا جماعة في دار فأدخلنا امرأةٌ فصاحت» فقالت: يا قوم! اتقوا الله فإني 00 
الحسن بن علي ومن ولد فاطمة بنت رسول الله َيه قال: فدفعتهم عنهاء فقالوا: أيا 
فاسق لما قضيت بحاجتك منها تدفعناء فجاذبتهم وجاذبوني حتى قتلت رجلا منهم 
وخلصتها منهم» فابتدروني ومعي السكين وحبستء قال: قلت: رسول رسول الله جاءني 
وأمرني بإطلاقك» قال: فقال: فإني تائب إلى الله وإلى رسوله من كل شيء كنت فيه ولا 
أعود في شيء منه أبداً فأطلقته. 

قال الشحيمي: هذا معنى ما حدثني به حفظته منه حفظاً. 

قال القاضي: عمر بن الحسن الحرضي هذا هو ابن الأشناني القاضي» والحرض في 
كلام العرب الأشنان والإناء الذي يجعل منه المحرضة فاتهمه لنا الشحيمي لأنا حدثنا عنه 
هذه القصة قبل موته بسنين كثيرة. 

رأي القاضي في إطلاق سراح الرجل 
قال القاضي: ودفع هذا المحبوس من حاول من أصحابه ركوب الفاحشة - على ما 


2+ س ببس سي سس ببح الجلس الخامس والثلائون حت 
ذكر في هذا الخبر - حسنٌ في الدين» جميل في شريعة المسلمين» وتخلية إسحاق بن 
إبراهيم سبيله وترك تعقبه بمكروه أو عقوبة صواب» إن كانت القصة جرت على ما 
حكاه؛ من عرض لمسلم أو معاهد يريد به مكروهاء بغير حق في نفسه أو ماله» فحق 
على المسلمين دفعه عما قصده من ذلك وشرع فيه» وحربه وقتاله إن كانت له قوة وفيه 
منعة» وإن أنى دفعهم إياه بالطعن والضرب على نفسه إذ كان قصدهم دفعه عن ظلمه. 
وإعجازه عما يرومه من بغيه وعدوه ودمه وما ناله من الخراح في نفسه وإتلاف إعضائه 
هدرٌ لا قصاص فيه ولا دية» ولا إرش ولا حكومة» ولا تبعة ولا عقوبة» ولا غرم ولا 
كفارة» وهذا هو القول المفهوم في الشريعة والموروث بين أهل الملة» والمستفيض بين 
أهل القبلة» والمتقبل من مذاهب خاصة علماء الأئمة» وعامة الأمة. 
التجمل مع المصائب 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أخبرنا عثمان» عن العتبي» قال: لما توني عبد 
الملك بن مروان أسف عليه عمر بن عبد العزيز أسفاً منعه عن العيش وكان ناعماً 
فاستشعر مسحاً تحت ثيابه سبعين ليلة» فقال له قاسم بن محمد يوماً وهو يفاكبه: أما 
علمت أن من مضى من سلفنا كانوا يستحبون استقبال المصائب بالتجمل» ومواجبة 
النعم بالتواضع» فراح عمر من عجية يومه ذلك في ثياب موشاة تقوم عليه بثمامائة دينار. 

مالك بن أسماء يضرب للحجاج مثلاً 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثني ابن أي سعيد» قال: حدثني أبو جعفر 
الضبي؛ قال: عاصم بن الحدثان» حدثني من شهد الحجاج وهو يعاتب مالك بن أسماء 
وكان يستعمله على الحيرة وطسوجهاء فشكاه أهل الحيرة فبعث إليه فقال: يا عدو الله! 
استعماتك وشرفتك وأردت أن ألحقك بعلية الرجال فأفسدت نعمتك» وأشت بأحتك 
ضرائرهاء» وفضحت نفسكء وأقبلت على الباطل وما لا يحب الله من الشرب وقول 
الشعر والانتشار به وأقبلت تغني» وتقول: 
بشرب الكاس مضت الكاس حتى يحسب الجاهلون أنا جننا 

أما لأحرجن جنونك من رأسكء يا حرسي أدخحل من بالباب من أهل الحيرة؛ 
فدحلت جماعة منهم شيخ من بني بقيلة» فقال لحم أي أمير أميركم؟ قال الشيخ: ير 
أمير» غير أن المخمر غليت منذ وليناء قال: وكيف ذاكء قال الشيخ: أحذ ألف دن في 
شهرء قال الحجاج: قاتله الله ما أمكره من شيخ! الحاد ما تخلص إلى ما يريد» قال: ال 
ساك لا يتكلم, » فأدخل عليه ملحان بن قيس الراسبي وكان شيخاً كبيراً قد شهد مشاهد 
الحرورية فبعث إليه من البصرة» فقال له الحجاج: أملحان؟ قال: نعم ملحان» قال: أحمد 


اح الجليس الصالح والأنيس الناصح عط سر« ا اه 
الله الذي خصني بقتلك وأراق دمك على يديء قال: فضحك ملحانء وقال: والله ما 
رأيت رجلا كاليوم أبعد من كل خير ولا أقرب من كل قبيح» والله يا حجاج لو عرفت 
أن لك رايا وخفت عذاباً ورجوت ثوابأ» ما اجترأت على الله هذه الحرأة» دونك دمي 
فأرقه» فالحمد لله الذي أكرمني بهوانك» عليك لغنة الله وعلى من ولى؛ فاستشاط الحجاج 
وغعضب» وقال: اضرب عنقه) فضرب عنقه فتدهده رأسه حتى كاد يصيب مالك بن 
أسماءء قال: ثم سكن الحجاج قليلاء ثم قال لمالك: تكلمء أما لك عذر؟ قبل الله عذرك» 
فقال مالك: أصلح الله الأميرء إن لي ولك مثلاًء قال الحجاج: ما هو قبح الله أمثالكم يا 
أهل العراق» قال: زعموا أن أسدا وتعلبا وذئبا اصطحبوا فخرجوا يتصيدون» فصادوا 
حماراً وظبياً وأرنب فال الأسد للذئب: يا أبا جعدة! اقسم بيننا صيدناء قال: الأمر أبين 
منذ لك» الحمار لك والأرنب لأبي معاوية) والظبي لي» فخبطه الأسد فأندر رأسهء ثم أقبل 
على الثعلب» وقال: قاتله الله ما أجهله بالقسمة هات أنتء قال الثعلب: يا أبا الحارث! 
الأمر أوضح من ذلك» الحمار لغذائك والظبي لعشائك وتخلل بالأرنب فيما بين ذلك» 
قال الأسد: ما أقضاك! من علمك هذه القضية؟ قال: رأس الذئب النادر بين عيني» ولكن 
رأس ملحان أبطل حجتي أصلحك الله قال: أخحرجوه عني قبحه الله وقبح أمثاله. 
قال عاصم بن الحدثان: ملحان الذي يقول: 


وأبيض مخبات إذا الليلى جنه رعى حذر النار النجوم الطوالعا 

إذا استثقل الأقوام نوما رأيقه حذاراً عقاب الله لله ضارعا 

فطوراً تبكي ساجداً متضرعاً وطوراً يناجي الله وسنان راكعا 
صحبت فلم أذمم وما ذم صحبتي وكان لخلات المكارم جامعا 
سحياً شجاعاً يبذل النفس في الوغى حياةً إذا لاقى العدو المقارعا 
فلاقى المنايا مسلم بن حويلد فلم يك إذ لاقى المنية جازعا 
مضى والقنائي نحره متقدماً 0 إلى قرئه حتى تكمكع راجعا 
وأدبرت الأقران عنهم وخافهم وكان قديماً للعدو مماصعا 


فمات حميداً مسلم بن خحويلد لأهل التقى والحزم والحلم فاجعا 

ومسلم بن حويلد بن زيان الراسبي» قتل يوم النهروان» وأم مسلم أحت وهب 
الراسبي أعقب السجاد» عبد الله بن وهب ذي الثفنات وكان يقال له السجاد. 

قال: القاضي: حتى تكعكع راجعا معناه ارتد راجعا ووقف عن المضي والاستمرار 
على وثير ته وقوله: وكان قديماً للعدو مماصعاً: والمماصعة المضاربة والمجالدة) يقال: 


جرء: ح سس ححا لمحلس الخامس والثلاثون حت 
ماصعه مماصعةً ومصاعاً مثل ضاربه مضاربة وضراباًء وقائله مقائلة وقتالاً وصارعه 


مصارعة وصراعاً. 
ومن المصاع. قول الأعشى: 
يصف جواري يلهون ويتلاعبن تضارباً بحليبن» وقال القطامي: 
يغمزون من استركوا ويجتبنون من صدق المصاعا 


وروي عن أ مير المؤمنين علي بن أبي طالب لتلا ني التذكية. إذا مصعت بذنبها وهو 
من هذاء وجاء عن بعض أهل التأويل في البرق: " مصع ملك " في مثل هذا المعنى. 

وفي المثل الذي ضربه مالك ب بن أسماء للحجاج تأديبٌ وتنبيه» وقياس وتشبيه» ويعتبر 
| به ذوو اللب» وتتمكن حكمته في القلب. 

ومما يضارع هذا المثل مما أتى به الحكماء على ألسن البهائم: ما ذكر من أن الأسد 
كان يلازمه ويحضر بحلسه ذئب وتثعلب» وأن الأسد وجد علةَ فتأخر عنه التعلب أياماً 
فتفقده وسأل عنه, فقال: ما فعل الثعلب فأنا لم أره منذ ثلاثة أيام مع ما عرض لي من 
المرض» فانتهزها الذئب ليغري به الأسد ويفسد حاله عند ويحمله على مكروهه. 
فقال: أيها الملك ما هو إلا أن وقف على علتك حتى استبد بنفسه ومضى فيما يخصه من 
كسبه ولحوهء وبلغ الثعلب هذا فواقى الأسد فلما دحل عليه, قال: ما أحرك عني مع علتي 
وحاجتي إلى كونك بالقرب منيء قال: أيها الملك لما وقفت على العلة العارضة لك لم 
يستقر بي قرار» وجعلت أجول وأجوب الآفاق إلى أن وقفت على ما يشفي الملك من 
مرضه» فقال: قد علمت أنك لا تفارق نصيحتي ولا تخرج عن طاعتي» فما الذي وقفت 
عليه مما أشتفي به» قال: تتناول حصى ذئبء فإنه يبرئك حين يستقر في جوفكء قال: أنا 
عامل على هذاء وخحرج الثعلب فجلس في دهليز الأسد» ووافى الذئب فحين وقف بين 
يديه ونب عليه فالتهم حصيتيه. فخحرج والدم يسيل ويجري على فخذيه؛ فلما مر 
بالتعلب» قال له: يا صاحب السروال الأحمر» إذا جالست الملوك فانظر كيف تذكر 
حاشيتهم عندهم. 

وقد روينا في بعض مجالسنا هذه أنه قيل لبعض الحكماء: ممن تعلمت العقل؟ قال: 
ممن لا عقل له كنت أرى ااهل ب يفعل الشيء فيضره فأجتنبه. 

يا فتى! ألست ظريما؟ 

حدئنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أني» قال: حدثنا عامر بن عمران أبو 
عكرمة الضبي» عن سليمان بن أني شيخ, قال: بينا عبيد الله بن الحسن بن الحسن بن 
على بن أني طالب عليهما السلام يطوف بالبيت» إذ رأى امرأة تطوف وتنشد: 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح سس بص شخ حت اج 
لا يقبل الله من معشوقة عملاً يوماً وعاشقها غضبان مبجور 
قال القاضي: وفي غير هذه الرواية يليه بِيتّ آخر وهو: 
وكيف يأجرها في قتل عاشقها لكن عاشقها من ذاك مأجور 
فقال عبد الله للمرأة: يا أمة الله! مثل هذا الكلام في مثل هذا الموقف؟ فقالت: يا فتى 
الست ظريفاً؟ قال: بلى» قالت: ألست راويةً للشعر؟ قال: بلى» قالت: ألم تسمع الشاعر 


يقول: 
بيض غرائر ما هممن بريبة كظباء مكة صيدهن حرام 
يحسبن من لين الحديث زوانيا ش ويكفهن عن الخنا الإسلام 
رأي أبي زيد شي أصحاب الحديث 
حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: حدثنا القاسم بن إسماعيل التنوخي: سرق 


أصحاب الحديث نعل أبي زيد سعيد بن أوسء» فكان إذا جاء أصحاب الشعر والأخبار 
رمى ثيابه ولم يتفقدهاء وإذا جاء أصحاب الحديث ضمها إليه؛ وقال: ضم يا ضمام) 
واحذر لا تنام. 
إنهن يكمر العشير 

حدثنا أحمد بن جعفر بن موسى البرمكي» قال: حدثي ميمون بن هارون» قال: 
حدثني عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع» عن جده الفضل بن الربيع. قال: خرج 
| سير المؤينين الرشيد من عند زبيدة -- وقد تفادى عتلها ونام وشرب .. وهو يضحات. 
فقلت: قد سرني سرور أمير المؤمنين» فقال: ما أضحك إلا تعجباًء أكلت عند هذه المرأة 
وشت وشربت فسمعت رنة» فقلت: ما هذاء قالوا: ثلاشائة ألف دينار وردت من مصرء 
فقالت: هبها لي يا ابن عمء فدفعتها إليها فما برحت حتى عربدت» وقالت: أي خير 
رأيت منك؟ قال القاضي: قد روي عن النبي #ُ أنه قال في النساء: "إنهن يكفرن 
العشير") وفسره بما ذكرت من احسان الرحل لليها وانها ترب منزفاء وتكشف وجوه 
بعد الحجر والخطرء وتقول لزوجها: ما رأيت منك خيراً قط. 

الجلسن السادس والقلاثون 
خير شجرج في الجئة 

حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين الشحيمي» قال: حدثنا عبد الرحمن بن معاوية الضبي 
إملاء بمصرء قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليمامي» قال: حدثنا الحكم بن 
أبان عن عكرمة» عن ابن عباس» قال: قال رسول الله يُم: " إن في الجنة شجرة يقال لا 
خيرً» أصلها ني منزل رجل من قريش لا أسيه لكم؛ وفرعها في سائر الحنة» فإذا قال 
الرجل لأخيه: جزاك الله خيرًء فإنما يعني به تلك الشجرة". 


ىء دعسي لسلس المجلس السادس والثلاثون حت 
لحن الراوي في كلمة خاير 

قال: القاضي: هكذا أملى علينا الشحيمي هذا الحديث؛ ولفظ به كما رويناه» فقال: 
يقال لما حيرء ولم يكن ذا علم بطريقة الإعراب» ولعله لحن فيه فغيره عن صوابه» ولحن 
فيه بعض من تقدمه من رواته الذين لا معرفة لهم بتصاريف الإعراب ووجوهه؛ والصواب 
فيه عندي أن يكون اللفظ في الخبر أتى على الصحة وهو يقال لما خير» فلو كان اللفظ 
خيراء على فعلاء» أو فعلى على خيرى» لكن وجهاً معروف المذهب في العربية» غير أنه 
كان غير مصروف ولا منون» والمشهور من هذا الخبر التنوين» وأن خيراً فيه من الخير 
الذي هو ضد الشرء وقد جاء عن النبي #ُقهُ أنه قال: " إذا قال الرجل لأخيه: جزاك الله 
خيراً فد أبلغ الثناء "» والعرب تقول: جزى الله فلاناً خيراً إذا دعت له» وجزاه الله شرا 
إذا دعت عليه» كما قال الشاعر في المعنى الأول: 


ألا رجلاً جزاه الله خيراً يدل على محصلة تبيت 
وقال أبو معبد: ّ 
جزى الله رب الناس حير جزائه رفيقاً قالا خيمتي أم مععبد 
وقال الحطيئة في المعنى الثاني: 
جزاك الله شراً من عجوز ولقاك العقوق من البنينا 


وهذا الوجه هو المعروف بين خاصة الناس وعامتهم» وغير ممتنع عندي أن يكون 
حير اسم الشجرة ويعني بقول القائل: جزاك الله خيراً الخير المعروف» فيجزى تلك 
الشجرة إذا كانت خيراً من الخيور» ونظير ذلك قولهم: ويل لفلان» وذكر سيبويه أنه 
قبوح» وقال: غيره نحو ذلك» وجاء عن عدد من أهل التأويل أنه واد في جهنم» فتأمل 
هذا فإنه وجه لطيفٌ حسن. 1 1 

إنه شيطان الأحلام 

حدثنا الحسن بن أحمد بن محمد بن سعيد الكلبي» قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلاني» 
قال: حدثني يعقوب بن جعفر بن سليمان» قال: حدثني أني» عن أبيه» عن أم الحسين بنت 
جعفر بن حسن بن حسن» عن فاطمة بنت الحسين» عن عمتها زينب بنت علي عليهم 
السلام» عن أسماء بنت عميسء قالت: 

أهدي إلى رسول الله ووه عناقّ مشوية فبعث إلى فاطمة» وعلي» والحسن والحسين 
عليهم السلام» فأجلسهم معه ليأكلوا فأول من ضرب بيده إليها الحسن فجذبت فاطمة 
يده وبكتء فقال لما رسول الله غَيك: فداك أبوك! ما شأنك لم تبكين؟ قالت: يا رسول 
الله رأيت في منامي البارحة كأنه أهدي إليك هذه العناق وكأنك جمعتناء فأول من ضرب 
بيده إليها الحسن فأكل فمات» فقال رسول الله عطق كفواء ثم قال: يا رؤيا! فأجابه شيء: 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح ج ٠‏ 1 / الح 
لبيك يا رسول الله قال: هل أريت حبيبتي شيئاً؟ قال: لا والذي بعنك بالحق» فقال: يا 
أضغاث! قال شيء: لبيك يا رسول الله قال: هل أريت حبيبتي شيئاً قال: لا والذي 
بعنك بالحق» قال: يا حديث النفس! فأجابه شيء: لبيك يا رسول الله قال: اهل أريت 
حبيبتي شيئاً؟ قال: لا والذي بعنك بالحق» قال: يا شيطان الأحلام! أجابه شيء: لبيك يا 
رسول الله قال: هل أريت حبيبتي شيئاً؟ قال: نعم أريتها كذا وكذاء قال: ما حملك على 
ذلك؟ قال: العبثء فقال: لا تعد إليهاء ثم تفل عن يساره ثلاثاً» وقال: أعوذ بالله من شر 
ما رأيت» ثم قال: كلوا بسم الله. 
خبران يرويهما الزهري عن نمسه 

حدثنا الحسن بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا ابن أي سعيدء قال: حدثني أبو عمرو 
القعنبي» قال: حدثنا صفوان بن هبيرة التميمي» عن الصدفي» عن الزهري» قال: أتيت عبد 
الملك بن مروان فاستأذنت عليه فلم يؤذن لي فدحل الحاجب» فقال: يا أمير المؤمنين إن 
بالباب رجلاً شابا أحمر زعم أ نه من قريش» قال: صفه فوصفه له قال: لا أعرفه إلا أن يكون 
من ولد مسلم بن شهاب» فدخل عليه فقال: هو من بني مسلم فلخلت» قال: من أن 
فاتسبت له وقلت: إن أي هلك وترك علا صبية» وكان رحلا ملافا لم يرك مالأء ققال: لي 
عبد الملك: أقرأت القرآن؟ قلت نعم بإعرابه قال: وما ينبغي منه من وجوهه وعلله؟ قال: 
قلت: نعم قال: إشما فوق ذلك فضل إنا يراد أن يعايا ويلغز به» قلت: نعمء قال: تعلمت 
الفرائتض؟ قلت: نعمء قال: الصلب والحد واحتلافهما؟ قلت: أرجو أن أكون قد فعلت» قال: 
وكم دين أبيك؟ قلت له: كذا وكذاء قال: قد قضى الله دين أبيك» وأمر لي: بجائزة ورزق 
يجري) وشراء دار قطيعة بالمدينة؛ وقال: اذهب فاطلب العلم ولا تشاغل عنه بشيءٍ فإني أرى 
لك عيناً حافظة وقلباً زاكيً» وائت الأنصار في منازلهم؛ قال الزهري وكنت أحذت العلم عنهم 
لمدينة, لما حرجت إإيهم إذا علم جم فاتتعتوم حتى ذكرت لي امرأة نحر قباء تروي رؤيا 
فأتيتهاء فقلت: أحبريني برؤياكٍ قال: فقالت: كان لي ولدان واحدّ حين حباء والآخر يتبعه) 
وهلك أبوهما وترك واهناً وداجناً ونخلات» فكان الداجن نشرب لبنها وتأكل شمر النحلات» 
فإني لبين النائمة واليقظانة - قال: القاضي: هكذا في الخبر والمشهور ني العربية اليقظى - ولنا 
جدي فرأيت كأن ابي الأكبر قد جاء إلى شفرة لنا فأحذهاء وقال يا أمه! قد أضررت بنا 
وحبست اللبن عناء فأخذ الشفرة وقام إلى ولد الدّاجن فذبحه بتلك الشفرة» ثم نصب قدراً لنا 
ثم قطعه ووضعه فيهاء 2 إلى أخيه فلبحه بتلك الشفرة» واستنبهت مذعورة وإذا ابني الأكبر 
قد جا فقال: يا أمه! أين اللبن» فقلت: يشربه ولد هذه الداجن» فقال: ما لنا في هذا من 
شيءء وقام إلى الشفرة فأحذها ثم أمرها على حلق الداجن ثم نصب القدرء قالت: فلم أكلمه 
حتى قمت إلى ابني الصغير فاحتضتته فأتيت به بعض بيوت الحيران فخبأته عندهم؛ ثم أقبلت 
مغتمة لما رأيت» ثم صعد على بعض تلك النخلات فأنزل رطبا ثم قال: 


-/اجالحسس سس الس السادس والثلاثون حت 
يا أمه! ادني فكلي» قلت: لا أريد» ثم مضى في بعض حوائجه وترك القدر فإني لمنكبة 

على بلس عندي إذ ذهب بي النوم فإذا أنا بآت قد أتاني» فقال: ما لك مغتمة؟ فقلت: 
لكذا وكذاء ولأن ابني صنع كذا وكذاء فنادىئ يا رؤياه يا رؤياه! فجاءت امرأةٌ شابةٌ 
حسنة الوجه طيبة الريح» فقال: ما أردت من هذه المرأة الصالحة» قالت: ما أردت منها 
شيئء فنادى: يا أضغاث يا أضغاث! فأقبلت امرأةٌ سوداء الخلقة وسخة الثياب دونهاء 
فقال: ما أردت من هذه المرأة؟ قالت: رأيتها صالحة فأردت أن أغمهاء قالت: ثم انتببت 
فإذا ابني أقبل» فقال: يا أمه! أين أحي؟ قلت: لا أدري حبا إلى بعض الحيران» قالت: 
فذهب يمشي لحو أهدى إلى موضعه حتى أحذه وجاء به فقبله» ثم قعد فأكل وأكلت معه. 

قال القاضي: قوله: في الخبر وترك لي ماهناً وداجناء الماهن: الخادم» ويقال: مهن 
الرجل مهنة ومهنة؛ وفلان في مهنة أهله ومهنة أهله؛ والفتح عند كثير من أهل اللغة أعلى) 
ويقال: مهن مهانة من ال هوان» ومن ن المهان بمعنى الخادم؛ قول الشاعر: 

وهزئن مني أن رأين مويهناً تبدو عليه شتامة المملوك 

وأما الداجن فهي الشاة من شياه البيوت التي تعلف» وجمهور الفقهاء لا ترى في 
دواجن الشاء زكاة» وهو مذهب عامة أهل العراق وبه نقول» وقد أوجب عددٌ من فقهاء 
الحجاز الزكاة في دواجن الغنم» كما أوجبها الجميع في سوائمهاء واحتلافهم في عوامل 
الإبل والبقر كاحتلافهم في دواجن الغنم» وكلامنا في هذا على استقصاء الحجج مرسوم 
فيما ألفناه من كتبنا في الفقه. 

وقول المرأة: وإني لمتكئة على بلس لي» البلس: بعض ما يكون في رحل القوم من 
المتاع الذي يتك عليه؛ وهو اسم أعجمي لا أعرفه في العربية وأراه بالرومية وقد استعمل 
على تولده قديماً وحديثاً فروي في خبر ذكر أن أبا جفر الدمحي نظر بين الحسن بن زيد 
ومحمد بن عبد العزيز» فقال: إنه أقامني على البلس يعني الحسن» فكأنه اسم لما يعلى عليه 
من كراسي أو ما أشبهه. 

ومما انتهى إلينا من عجائب أخبار الرؤيا ما يتعب جمعه وتصعب الإحاطة به» وإذا 
عثرنا منه على شيء أتيناه في مستقبل مجالسنا مما تيسر منه. إذ لم نبن كتابنا هذا على 
استقصاء نوع نوع مما يشتمل عليه» وإنما نأتي منه بأبواب ممتزجة» وأجناس موشحة» 
والخروج من قصة إلى قصة. 


سبب حدوث الزكئرلة 
حدثنا محمد بن الحسسن بن زياد المقري» قال: أحبرنا علي بن العباس بالكوفة؛ قال: 
أخبرنا أبو الأسباط» قال: أخبرنا عبد الرحمن» عن حسين» قال: سمعت أبا عبد الله 


خطد الاق يبه ل ل تعالى ذكره الحوت الذي على 
ظهره الأرض استعظم في نفسه واستكبر» وقال: ما خلق الله خلقاً هو أقوى مني فعلم الله 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح جب ل حت ات 
ذلك منهىء فخلق سمكة أكبر من النملة وأصغر من الحرادة» فدخلت في منخريه فضعف 
أربعين خريفاً ثم حرجتء ثم إذا أراد الله يوم زلزلة تراءت له تلك السمكة فاضطرب من 
خوفها فاضطربت الأرض. ْ 

قال القاضي: روينا في الزلزلة هذا القول وقد جاء في كثير من الأخبار أنها من حركة 
الحوت واضطرابه من غير ذكر السمكة المحكي في هذا الخبر ودخحولما في أنفه» وهي في 
الجملة من الآيات التي يخوف الله بها عباده» ويحث بها إلى طاعته» والتفكر في عجائب 
صنعته) ويحانبة معصيته. 

والزلزلة يقل حدوئها في بعض الأرضين ويكثر في بعضهاء كما يكثر المطر في بعض 
البلدان كطبرستان ويقل في بعضها كمصرء ونظير هذا ما يشاهد من الحزر والمد في بعض 
الأجار دون بعض وقد جاء عن بعض السلف أنه قال - وقد سئل عن الحزر والمد: إن الله 
تعالى وكل ملكاً بقاموس البحر فإذا وضع قدمه فيه فاض» وإذا رفعها غاض. 

وممن روي ذلك عنه ابن عباس» وأي الوجوه كان معناه فهو من عجيب آيات الله 
تعالى ذكره وبديع صنعته» وفيه دليل ظاهر على توحيده ولطيف حكمته؛ وظهور قدرته. 

وقد ذكر عن سفيان بن عيينة أنه قال: لولا أن سفيان الثوري أو الفضيل بن عياض - 
أنا أشك - أخبرني عن الحزر والمد لما صدقت» ورأيت غلاماً لي وأنا مصعد من البصرة 
جالساً في جانب السفينة ناظراً إلى شاطىء دجلة منذ طلوع الشمس إلى قريب من زواها 
ثم أقبل عليناء فقال: لا إله إلا الله» ما أعجب هذا! أنا أراعي دجلة منذ غدوة والماء بحاله 
لم يزد ولم ينقصء» فعجب من فقده الجزر والمد إذ لم يره. وأما ما قاله المنجمون وغيرهم 
من الفلاسفة في هذا فإننا لم نؤئر ذكره في هذا الموضع وهذا معنى لا يقع العلم به إلا 
بخبر عن الله تعالى في كتابه أو على لسان رسوله؛ ولا ضرر على أحد من الخلق في فوت 
العلم به» ولو كان مما يحتاج الناس إلى معرفته» وكلفوا عمله؛ أنصب الله تعالى جده لهم 
دليلاً عليه» وجعل لحم سبيلاً هادياً إليه» فالاعتبار به واجبء والإيمان بأنه حكمة الله 
وصحة تدبيره وحسن تقديره لازم وإن ثبت فيه ما يحيط العلماء من الخلق بحقيقته عمن 
يلزم الحجة بقوله» وجب التسليم له والدينونة به. 

أعرابي ظريف عند أحد العياد 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أخبرنا الرياشي» عن محمد بن سلام» عن أبيه» 
قال: حدئني شيخ من بني ضبة» قال: رأيت أعرابياً كبير السن كثير المزاح» بيده محجن» 
وهو يجر رجليه حتى وقف على مسعر بن كدام وهو يصلي» فأطال الصلاة والأعرابي 
واقف» فلما أعيا قعدء حتى إذا فرغ مسعر من صلاته سلم الأعرائي عليه» وقال له: حذ 
من الصلاة كفيلاً فتبسم مسعرٌء وقال: عليك بما يجدي عليك نفعه. يا شيخ كم تعد؟ 


حالسب )للستت اولس السادس والثلاثون حت 
قال: مائة وبضع عشرة سنة» قال: في بعضها ما كفى واعظأ فاعمل لنفسكء؛ فقال: 
أحب اللواتي هن من ورق الصبا ومن هن عن أزواجهن طماح 
مسرات بغض مظهرات مودة تراهن كالمرضى وهن صحاح 

فقال مسعر: أف لكء فقال: والله ما بأحيك حركة منذْ أربعين سنة» ولكنه بحر 

يجيش ويرمي بزبدهء فضحك مسعرء وقال: إن الشعر كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح. 
جزاء مجالسة الأنذال 

حدثنا أبو النضر العقيلي» قال: أحبرنا أبو إسحاق طلحة بن عبد الله الطلحي» قال: 
أحبرنا الزبير بن أي بكر» قال: كان بشكست النحوي المدني وفد على هشام بن عبد 
الملك فلما حضر الغداء دعاه هشام وقال لفتيان من بني أمية: تلاحنوا عليه» فجعل 
أحدهم يقول: يا أمير المؤمنين! رأيت أي فلان» ويقول الآخر: مر بي أبا فلان» ونحو 
هذاء فلما ضجر أدحل يده في صحفة فغمسها ثم طلى لحيته» وقال لنفسه: ذوقي هذا 
جزاؤك في مجالسة الأنذال. 

من أخبار خالد بن يزيد الكاتب 

حدثنا يزيد بن الحسن البزاز» قال: حدثني حالد الكاتب» قال: دحلت على أني عباد 

بي الرغل بن أني عباد» وعنده أحمد بن يحيى وابن الأعراني فرفع مجلسي» فقال له ابن 
ا هن ال الي ال ترفع من قدره؟ قال: أو ما تعرفه؟ قال: اللهم لاء قال: 
هذا حالد الكاتب الذي يقول الشعر» فقال: أنشدني من قولك شيئاً فأنشدته: 

لو كان من بشر لم يفن البشرا 202 ولم يفق في الضياء الشمس والقمرا 

نور تجسم محل ومعقدٌ 0 لو أدركته عيون الناس لانكدرا 

فصاح ابن الأعرائي» وقال: كفرت يا خالد هذه صفة المخالق ليست صفة المخخلوق» 
فأنشدني ما قلت غير هذاء فأنشدته: 


أراك لما بجت في غضبك تترك رد السلام في كتبك 
حتى أتيت على قولي: 
أقول للسقم إلى بدني حبا لشفىّ يكون من سببك 


فصاح ابن الأعرائي» وقال: إنك لفطِنّ وفوق ما وصفت به. 

قال القاضي: ابن الأعرئي هذا أولى بصفة الكفر من خالد, لأن خالداً لم يصف من ذكره 
في شعره إلا بصفة المخلوقين» إذ النور مخلوق متجسمه ومنحله ومنعقده. وهو والظلمة من 
خلق الله تعالى» وإنما ينكر خلقهما ويدعى أنهما أصلان قديمان الثنوية» وابن الأعرائي إذ جعل 
هذه الصفة للخالق دون المخلوق جاهل بالدين» ضال عن سبيل المؤمنين. 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح ىك سس77 ل / لاد 
لا يقبلها أو يعرفه ظ 
حدثنا أحمد بن جعفر بن موسى البرمكي» قال: قال خالد الكاتب: وقف علي رجل 
بعد العشاء متلفحّ برداء عدني أسود ومعه غلام معه صرةء فقال لي: أنت خالد؟ قلت: 
نعم) قال: أنت الذي يقول: 
قد بكى العاذل لي من رحمتي فبكائي لبكاء السعادل 
قلت: نعمء قال: يا غلام ادفع | إليه الذي معكء فقلت: وما هذاء قال: ثلثمائة دينار» 
قلت: والله لا أقبلها أو أعرفكء قال: أنا إبراهيم بن المهدي. 
الحب أعظم مما با مجانين 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني محمد بن المرزبان» قال: حدثنا 
زكريا بن موسى» قال: حدثنا شعيب بن السكن» عن يونس النحوي؛ قال: لما اختلط 
عقل قيس البمحنون وامتنع عن الطعام والشراب مضت أمه إلى ليلى» فقالت لما: يا هذه قد 
لحق ابني بسببك ما قد علمت» فلو صرت معي إليه رجوت أن يثوب لبه ويرجع عقله. 
إذا عاينك» فقالت: أما نهاراً فلا أقدر على ذلكء لأني لا آمن الحي على نفسيء» ولكن 
أمضي معك ليلاء فلما كان الليل» صارت إليه» فقالت: له: يا قيس إن أمك تزعم أن 
عقلك ذهب بسببي» وأن الذي لحقك أنا أصلهء ففتح عينيه فنظر إليهاء وأنشأ يقول: 


قالت جننت على ذكري فقلت لا الحب أعظم مما بالمجانين 
الحب ليس يفيق الدهر صاحبه وإنمايصرعالمحنون في الحين 
كان يظنه هجاء 


حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي» قال: حدثنا أبو إبراهيم الزهري» قال: 
حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي» قال: حدثني معن بن عيسىء» قال: دخل ابن سرجون 
السلمي على مالك بن أنس وأنا عنده» فقال له: يا أبا عبد الله! إني قد قلت أبياتاً من شعر 
وذكرتك فيهاء فاجعلني في حلء» قال: انت في حل» قال أحب أن تسمعهاء قال: 1 
حاجة لي بذلك» فقال: بلى» قال: هات»؛ فقال: قلت 


سوا للك السفتي عن اللهو والغنا وحب الحسان المعجبات الفوارك 
فهل في محب يكتم الحب والهوى أثامٌ وهل في ضمة المتهبالك 


فضحك مالك وسري عنهء وقال: لا إن شاء الله وكان ظن أنه هجاه. 
بيتان لأبي العتاهية من أحسن الشعر 
حدثنا الحسن بن إسماعيل المحاملي» قال: حدئنا عبد الله بن أني سعيدء قال: حدئثني 


حون بو لطبل لسلست الهلس السادس ولثلائثون حت 
الملك» قال: جاء أبو العتاهية يريد الدخحول على أحمد بن يوسف فمنعه الحاجب فكتب إليه: 
ألم تر أن الفقر يرجى له الغنسى وأن الغنى يخشى عليه من الفقر 

قال: فقلت له: لا تتعرض له وأسكته عنك» فوجه إليه بخمسة آلاف درهمء قال 

علي بن إبراهيم: فأعلمت ذلك علي بن جبلة» فقال: بئسما صنع كان ينبغي أن يقول له: 
أحمدء إن الفقر يرجى له الغنى 

فيشيد باسمه» قال: القاضي قد روينا هذا الخبر عن أي العتاهية من غير هذا الطريق» 

وبعد بيته الذي فيه بيت آخر وهو: 
ألم ثر أن البحر ينضب ماوه وتأتي على حيتانه نوب الدهر 
من لحن العامة 

في ينضب لغتان» ضم عين الفعل وكسرها وماضيه نضب بالفتح» وإما ذكرت هذه لأنني 
أسع العامة يقولون فيه: ينضب بالفتح وربما قالوا: نضب بكسر الضاد في الماضي» وهذان 
البيتان لأني العتاهية من أحسن الشعر وأوضحه؛ على أنه قد سبقه إلى بيته الأول القائل: 

فما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل 
وفيه حكمة وعبرة» وقد قال رسول الله 8: " إن من الشعر الحكمة ". 
عذري ورب الكعبة 

حدثنا جعفر بن محمد بن نصير الخنواص» قال: حدثنا أبو العباس بن مسروقء» قال: 
حدثنا عبد الله بن شبيب» قال: حدثنا محمد بن عبد الصمد البكري» أحبرنا ابن عبينة) 
قال: قال سعيد بن عقبة الحمداني لأعرائي: ممن أنت» فقال: من قوم إذا عشقوا ماتواء 
قال: عذريٌ ورب الكعبة» فقلت: ومم ذاك» قال: في نسائنا صباحة» وفي فتياننا عفة. 

أتلف ثلاثين ألف ألف درهم 

حدثنا يزداد بن عبد الرحمن بن يزداد» قال: حدثنا موسى بن إسماعيل البصري» قال: 
وحدثني ابن أبي زهير العبسي» عن عيسى بن أبي شيبة الأصغر» قال: 

دحل عبيد الله بن أبي بكرة على الحجاج وني إصبعه خاتم» فقال له: يا عبيد الله! على 
كم حتمت بخاتمك هذا؟ قال: على ثلاثين ألف ألفء قال: ففيم أتلفتهاء قال: في تزوج 
العقائل والمكافأة بالصنائع» وأكل الحار وشرب القارء قال: أراك ضليعاًء قال: ذاك 
أصلحك الله لأني لا آكل إلا على نقاء؛ ولا أجامع إلا على شهوة؛ فإذا كان الليل رويت 
قدمي زنبقء ورأسي بنفسجة يصعد هذا ويحدر هذا فالتقيا في المعدة فعقد الشحم. 

قال القاضي: العقائل جمع عقيلة» والعقيلة: درة البحر» وبها سميت المرأة لكرامتهاء 
قال ابن قيس الرقيات: 

تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي تحدام العقيلة العذراء 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح سس سح سشس ححص لا ا 

ظ يحتاج صاحب السلطان إلى ثلاث 

حدثنا محمد بن سهل بن الفضل الكاتب» قال: حددثنا أبو زيد» قال: حدثني شيخ محدث 
عن عمه) قال: خرحت من عند يعقوب بن حاود فلم استودت على لني ل 0 
بجو سي وسألني أن ن أستأذن له يعقوب» فقلت: إنك لو كنت سالتني و أنا أدحل كان أحسن 
فأما وأنا أخرج فلاء قال: فحطب علي خطبة بالفارسية واضطرني إلى أن دخلت على يعقوب 
فاستأذنت له فقال: أعرفه ثم أرسل من أدحله. فقال له الدهقان: إنك تعلم أن من أمثالنا أن 
صاحب السلطان ينبغي أن يكون معه خلال ثلاث: الصبر والعقل والمال» فأما ما لا ينفد 
منها فمعي الصبر والعقل» وأما ما تنفده الأيام فقد فني وهو المال» فإما أن مدني بمال فأقيم) 
وإما أن تقضي حاجتي» قال: فقضى حاجته وأعطاه. 

المجلس السابع والثلاثون 
من هدي التبوة 

حدبُنا أبو عبد الله الواسطي أحمد بن عمرو بن عثمان» قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق 
الفلوسي أبو يوسفء قال: حدبُنا محمد بن عرعرة» قال: حدثنا سكين بن أي سراج أبو 
عمرو الكلبى؛ عن عبد الله بن دينار» عن ابن عمرء قال: نادى رجلّ رسول الله 6 فقال: يا 
رسول الله: أي الناس أحب إلى اللهء قال: أنفعهم للناس؛ قال: فأي الأعمال أحب إلى الى 
قال: سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربةً أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاء ولأن 
أمشي لأخ لي مسلم في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً يعني مسجد 
المدينة» ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضينه لأمضاه ملأ الله 
قلبه يوم القيامة رضى» ومن مشى مع أ خ له مسلم في حاجة حتى يثبتها له ثبت الله قدمه يوم 
تزل الأقدام» وسوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل. 

رواية أخرى للحديث 

حدثنا محمد بن القاسم من زكريا ا محاربي» قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي» 
قال: حدثنا داهر بن نوح» قال: حدثنا أبو زيد الأنصاري» قال: حدثني عبد الصمد بن 
سليمان» عن سكين بن أني سراجء قال: حدثنا عبد الله بن دينار» عن ميمون بن مهران» 
عن ابن عباس: أن رجلاً أتى النبي َتّك فقال: يا رسول الله! أي الأعمال أحب إليك؟ 
قال: أنفعهم للناس وإن من أحب الأعمال إلى الله تعالى» سروراً تدخله على مسل أو 
تكشف عند كربة أو تسد عنه جوع ولأن أمشى مع أخ لى في حاجة أحب إلى من أن 
أعتكف شهرين في المسجد, ومن كف غضبه ستر الله عورته» ومن كظم غيظه ولو شاء 
أن يمضيه لأمضاه ملا الله قلبه يوم القيامة رضاًء ومن مشى مع أخ له في حاجة حتى يثبتها 
بت الله قدمه يوم نزل الأقدام» وسوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل. 


حننى دعبب سس س7 مجلس السابع والثلاثون حت 

قال القاضي: وقد روينا في هذه الحملة ونحوها أخبارا كرهنا الإطالة باستيعابهاء 
واكتفينا بما أثبتناه في هذا الموضع منهاء وفيها من إعلام النبي يّهُ بما ذكره فيها من 
مكارم الأفعال» ومحاسن الأعمال» وحضه عليهاء ووصفه ما أنبأ عنه من الفضل مما يدعو 
كل ذي بصيرة إلى الانقطاع إليه» والمواظبة عليه» وقوة الرغبة فيه» والمنافسة في وفور 
الحظ منهء وهو مؤكدٌ لما استقر في نفوس ذوي الفطن السليمة حسنه وشرفه» واستحقاق 
الأخحذ به من الإجلال والتعظيم, والتشريف والتقديم» مع عظيم ما يرجى لمن تخلق به من 
أهل الإيمان بالله ورسولهء من جزيل القواب» والفوز في المنقلب والإياب» والأمن من 
سوء الحساب» وأليم العذاب. 

يتصدق بقصب بيته 

حدثنا يحيى بن محمد بن صاعدء قال: أخحبرنا الحسين بن الحسن المروزي» قال: 
سعت اليثم بن جميل» يقول: 

كان الحسن بن صالح بن حي يتصدق» حتى إذا لم ببق في يده شيء وجاء سائلٌ نزع 
خصاً كان يكون أمام بيته فأعطاه السائل» حتى إذا وجد شيئاً اشترى قصباً وبناه» قال: 
وكانوا إذا رأوا بابه بغير خص علموا أنه لم يبق عنده شيء. 

خبر صخر بن شريد السلمي 

حدثنا محمد بن الحسين بن دريد» قال: أخبرنا أبو حاتم» ثم حدثنا الأصمعي قال: 
التقى صخر بن عمرو بن الشريد السلمي ورجل من بني أسد فطعن الأسدي صخرا 
فقيل لصحر كيف طعنكء قال: كان رمحه أطول من رمحي بأنبوب» فضمن صخر منها 
فطال مرضه؛ وكانت أمه إذا سئلت عنه» قالت: نحن بخير ما رأينا سواده بينناء وكانت 
امرأته إذا سئلت عنهء قالت: لا حي فيرجى ولا ميت فينعى» فقال صخر: 


أرى أم صخر لا مل عيادتسي وملت سليمى مضجعي ومكاني 

إذا ما امرقٌ ساوى بأم حليلة فلا عاش إلا ني شقاً وهوان 

لعمري لقد أيقظت من كان نائماً وأسعت من كانت له أذنان 

بصيراً بوجه ا حزم لو أستطيعه وقد حيل بين العير والنسزوان 
شرح معنى الصمان والسواد 


قال: القاضي قوله فضمن معناه سقم وبلي جسمهء يقول: بفلان ضمان مثل سقامٌ 
وضمانة مثل زمانة» قال ابن الدمينة: 
أميم بقلبي من هواك ضمانةٌ وأنت لها لو تعلمين طبيب 


جح المليس الصالح والأيس الناصح سس سخ سحو الاح 

ويروى زمانة» وحكي: بفلان زمن وزمانة وزمنة» وضمنٌ وضمنة وضمانة وضمان» 
وقول: أم صخحر ما رأينا سواده يعني شخصه. قال الأسود بن يعفر: 

إن المنية والحتوف كلاهما فوق المخارم يرمقان سوادي 
معاني العير 

والعير ها هنا الحمار» وهو اسم يقع على أشياء ذوات عدد. منها اسم جبل» ويقال: 
للملك عير وللعود الممتد متوسطاً لورق الشجر والنبات» وللناتىء في الكفء وللناتىء 
في ظهر القدمء ولما في سواد العين» كما قال الشاعر: 

ويمشي القبصى قبل عير وما جرى ولم تدر ما شأني ولم أدر ما لهها 

القبصى مشية فيها توثب» ومن كلام العرب: افعل هذا قبل عير وما جرى» ويقال: 
للوتد عير» وقد قال أولو المعرفة من رواة الشعر في قول الحارث بن حلزة: 

زعموا أن كل من ضرب العي سر موال لنا وأنا الولاء 

أقوالا وحمل كل منهم تأويله على وجه من الوجوه التي ذكرناهاء ولذكر ذلك موضعٌ 
غير هذء وأما النزوان فهو التوثب والتحرك صعداء وذكر أهل العلم بالعربية أها حركة 
فيها تصعد وارتفاع» ذكر نحو ذلك سيبويه» ومثل هذا الحولان والخفقان والبردان 
والرجفان والعسلان والسيلان مما يكثر تعداده. 

شعر على حائط 

حدثنا الحسين بن محمد بن عفير الأنصاري» قال: قال لي أبو علي صديقنا حدثني 

بعض أهل المعرفة» أنه بينا هو في بعض بلاد الشام نزل في دار من دورها فوجد على 


بعض الحيطان مكتوباً: 
دعوا مقلتي تبكي لفقد حبييها ليطفىء برد الدمع حر كروبها 
ففي حل خيط الدمع للقلب راحة فطوى لنفس متعت بحبييها 
بمن لو رأته القاطعات أكفها لما رضيت إلا بقطع قلوبها 


قال: فسأل عنه فأحبر أن بعض العمال ترك هذه الدار وقد أصاب ثلاثين ألف دينارء 
فعلق غلاماً فأنفق ذلك المال كله عليه قال: فبينا أنا جالسٌ ومر بنا ذلك الغلام» قال: 
فما رأيت غلاماً أحسن منه حسناً وجمالاً. 
معنى إذا سرقت فاسرق درذ 
حدثنا الليث بن محمد بن الليث أبو نصر المروزي» قال: سمعت أبا نصر محمد بن 
يحيى بن طاهر الخزاعي المروزي» يقول: سمعت عبد الله بن منصور بن طلحة» يقول: 
سمعت عمي عبد الله بن طاهر» يقول: سألني المأمون أمير المؤمنين» فقال: يا أبا العباس! 


حايص سل ل سسا لمحلس السابع والثلاثون ‏ 
ما معنى إذا سرقت فاسرق درة» وإذا زنيت فازن بحرة» فقلت: أويخبرني أمير المؤمنين» 
قال: ليس هذا حثاً على الزناء ولا على السرقة» ولكن إذا رمت الزنا من الحرة تعذر 
عليك» وإذا رمت السرقة للدرة تعذر عليك لأنها مصونة فلا تقدر عليها. 
بعض أخبار ذي الرمة وأخوته ومحبوبته 

حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي» ومحمد بن القاسم الأنباري» قال: أخبرنا 
أحمد بن يحيى» عن أبي زيد» قال: حدثنا إسحاق بن ابراهيم» قال: حدثني أبو صالح 
الفزاري» قال: 

ذكر ذو الرمة في مجلس فيه عدة من الأعراب» فقال: عصمة بن مالك شيخ منهم قد 
أتى له مائة سنة» فقال» كان من أظرف الناس» وقال: كان آدم حفيف العارضين حسن 
المضحك حلو المنطق» وكان إذا أنشد بربر وحسن صوته؛ وإذا واجهك لم تسأم حديثه 
وكلامه» وكان له إخوة يقولون الشعر منهم مسعود, وهمام» وخرواش» وكانوا يقولون 
القصيدة فيزيد فيها الأبيات فيغلب عليها فتذهب له. فأتى يوماً فقال لي: يا عصمة! إن 
مية منقرية وبنو منقر أحبث حي وأبصره بأثر وأعلمه بطريق» فهل عندك من ناقة تزدار 
عليها مية؟ فقلت: نعم» عندي الحؤذر» قال: علي بها فركبناها جميعاً حتى نشرف على 
بيوت الحي» فإذا هم خحلوف وإذا بيت مية حال» فملنا إليه فتقوص النساء نحونا ونحو 
بيت مي» فطلعت علينا فإذا هي جارية أملوةً واردة الشعر» وإذا عليها سب أصفر 
وقميص أحضرء فقلن أنشدن يا ذا الرمة» فقال: أنشدهن يا عصمة» فنظرت إليهن 


فأنشدتهين: 
وقفت على رسم لمية ناققي فما زلت أبكي عنده وأخاطبه 
وأسقيه حتى كاد مما أبقه تكلمني أحجاره وملاعبه 
حتى بلغت إلى قوله: 
هوى آلف جاء الفراق ولم تجل جوائلها أسراره ومعاتئبه 
فقالت ظريفة ممن حضر: فلتجل الآن» فنظرت إليها حتى أنيت على القصيدة إلى 
قوله: ْ 
إذا سرحت من حب مي سوارح على القلب أبته جميعاً عوازبه 


فقالت الظريفة منهن: قتلته قتلك الله فقالت مي: ما أصحه وهنيئاً له» فتنفس ذو 
الرمة نفسا كاد من حره يطير شعر وجبهه» ومضيت في الشعر حتى أتيت على قوله: 
وقد حلفت بالله مية ما الذي أقول لما إلا الذي أنا كاذبه 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح ج------------ - ٠س‏ ١١<ا‏ 1م اا 
فقالت الظريفة: قتلته قتلك الله فقالت مي: حف عواقب الله يا غيلان» ثم أتيت على 
الشعر حتى انتهيت إلى قوله: 
إذا راجعتك القول ميةأو بدا لك الوجه منها أو نصا الدرع سالبه 
فيا لك من جد أسيل ومنطكق-2 رخيم ومن خلقٍ تعلل ججادبه 
فقالت: تلك الظريفة: ها هذه وهذا القول قد راجعتكء تريد واجهتها فمن لك أن 
ينضو الدرع سالبه» فالتفتت إليها مية» فقالت: قاتلك الله ما أعظم ما تجيئين به فتحدثنا 
ساعة ثم قالت الظريفة للنساء: إن لما شأناً فقمن بناء فقمن وقمت معهن فجلست 
بحيث أراهماء فجعلت مية تقول له: كذبت» فلبئت طويلاً ثم أتاني ومعه قارورة فيها 
دهن» قال: هذا دهن طيب أتحفتنا به مية) وهذه قلادة للجؤذرء والله لا أحرجتها من 
يدي أبدأء فكان يختلف ! إليها حتى إذا انقصى الربيع ودعا الناس الصيف أتاني» فقال: يا 
عصمة! قد رحلت مي فلم يبق إلا الربع والآثار» فاذهب بنا ننظر إلى آثارهم. فخرجنا 
حتى انتهينا فوقف» وقال: 


ألايا اسلمي يا دار مي على البلى ولا زال منهلاً بجر عائك القطر 

وإن لم تكوني غير شام بقفرة تجر بها الأذيال صيفية كدر 

فقلت له: ما بالك» فقال لي: يا عصمة إني لحلد» وإن كان مني ما ترى فكان آخر 
العهد به. 


والخبر على لفظ أي عبد الله. قال: وحدثت عن ابن أبي عديء قال: سمعت ذا الرمة 
يقول: بلغت نصف عمر ال هرم أربعين سنة» وقال ذو الرمة: 
على حين راهقت الثلاثين وارعوت لداتي وكان الحلم بالجبيل يرجح 
إذا خطرت من ذكر مية حطلرة 22 على القلب كادت في فؤادك تجرح 
تصرف أهواء القلوب ولا أرى 2 نصيبك من قلبي لغيرك يمفنح 
وبعض الموى بالهجر يمحى فيمحى وحبك عندي يستجد ويربح 
ولما شكوت الحب كيما تشيبسني بوجدي قالت إنما أنت تمزح 
بعاداً وإدلالاً علي وقد رأت ضمير الحوى قد كاد بالجسم يبرح 
لئن كانت الدنيا علي كماأآرى تباريح من ذكراك للموت أروح 

ويروى تباريح من مي فللموت أروح قال القاضي: وهذه القصيدة من قصائد ذي 
الرمة الطوال المشهورة المستحسنة وأولما: 

أمنزلتي مي سلامٌ عليكما على النأي والنائي يود وينصح 


سس ١‏ ل وا م ل مجلس السابع والثلاثون ب 


ومنها ذكرتك إذ مرت بنا أم شادن أمام المطايا تشرئب وتسلنح 
من المؤلفات الرمل أدماء حرةٌ شعاع الضحى في متنها يتوضح 
رأتنا كأنا عامدون لصيدها ضحى فهي تدنو تارةٌ وتزرحزح 

هي الشبه أعطافاً وجيداً ومقلةً ومية أبهبى بعد منهاوأملح 
وهذه من أحسن ال حائيات التي أنت على هذا الروي» ونظيرها كلمة ابن مقبل التي أوها: 
وقول جرير: 


وذكر في حبر ذي الرمة بهذا الإسناد إحوة ذي الرمة فقيل فيه: مسعود» وهمام» 
وخرقاش» فأما مسعود فمن مشهوري إحوته» وإياه عنى ذو الرمة» بقوله: 
أقول لمسعود بجرعاء مالك وقد هم دمعي أن تسح أوائله 
ومنهم هشام وهو الذي استشهد سيبويه من الإضمار في ليس بقوله. 
فقال: قال هشام بن عقبة أحو ذي الرمة: 


هي الشفاء لدائي لو ظفرت بها وليس منها شفاء الداء مبذول 
ومنهم أوثى وهو الذي عناه بعض أخوته في شعر رثا فيه ذا الرمة أنحاهما: 
تعزيت من أوفى بغيلان بعده عزاءً وجفن العين ملآن مترع 
ولم تنسني أوفى المصيبات بعده ولكن نكء القرح بالقرح أوجع 
وذكره ذو الرمة) فقال: 
أقول لأونى حين أبصر باللوى صحيفة وجهي قد تغير حاهما 
وقوله: فإذا هم خلوف» يقال: لمن تخلف بالحي إذا ظعنوا واتتجعوا: حلوف» قال 
الشاعر: 
فيا لذات يوم أزور وحدي ديار الموعدي وهم خحلوف 


يروي فيالذات يوم ويوم) أزور» فمن عنى بقوله فيالذات بالإضافة ! إلى الياء التي هي 
ضمير المتكلم رأسقطها اكتف بكسرة الناء التي هي في موضيع نصب لاقامة وزن الشعرء 
فيوم منصوب لا غير على الظرف» ومن أضاف قوله فيالذات إلى اليوم جاز له النصب 
لإضافته إلى الفعل وهي التي يسميها كوفيو النحاة إضافة غير محصنة» وجاز التر واختير 
لاضافته إلى فعل معرب غير مبني. 
وقد يقال أيضا للحي الظاعن: حلوف. 
وقول الراوي في هذا الخبر: مي في مواضع فيه» ومية في مواضع أخرء فقد ذكر 


حت الجليس الصالح والأنيس اناصح سح 1ل لاجد 
النحويون أن ذا الرمة كان يسميها تارةً مية وتارةً مي» وهذا بين في كثير من شعره» من 
ذلك قوله: ٠١‏ 
ديار مية إذ مي تساعفنا ولايرى مثلها عجمٌ ولا عرب 
وروي قوله: 
فيما مي ما يدريك أين مناخنا معرقة الألحى يمانية شجرا 
بالرفع والنصب فمن رواه بالنصب فوجهبه أنه ررحم على قول من قال: يا حار أقبل 
وهو أقيس وجهي الترحيم» ومن رواه بالرفع فعلى أن مي اسم تام غير مرخحمء لأنه منادى 
مفرد وقد يجوز ترحيمه على قول من قال: يا حار. 
وما بيين أنه كان يقصد تسميتها بمي على غير الترخيم» قوله: 


تداويت من مي بتكليم ساعة فما زاد إلا ضعف ماني كلامها 
وقوله: جاريه أملودء معناه: ناعمة كما قال الشاعر: 
أريت أن جاءت به أملودا مرجلاً ويلبس البرودا 
وأما قوله وإذا عليها سب أصفرء فإنه يكون الرداء والخمار» قال الشاعر: 
وأشهد من عوف حلولا كثشيرة يحجون سب الزبرقان المزعفرا 
والسب: الخيط» والسب أيضا الكفوٌ في السباب كما قال الشاعر: 
لا تسببني فلست بسسبِو إن سبي من الرجال الكريم 
وقال الأحطل: 
بني أسد لستم بسسبي فأقصروا ولكنما سبي سليمٌ وعامسر 


قوله: أونضا الدرع سالبه» معنى نضاه: خلعه» يقال: نضا السيف من غمده وانتضاه 
ونضا الثوب عنه إذا حلعه» قال: امرؤٌ القّيس: 
فقمت وقد نضت لنوم ثيابها لدى الستر إلا لبسة المتفضل 
وقوله ومنطق رحيم, الرخيم الذي فيه تقطع يستحسن ومثله قوله أيضاً: 
لها بشرٌ مثل الحرير ومسنطق رحيم الحواشي لا هراء ولا نزر 
ومن هذا قولهم: رحمت الدجاجة إذا قطعت بيضهاء ومنه ترحيم الكلام في العربية 
كقولك: يا حار ويا مال» وقوله تعلل جادبه؛ الجادب: العائب» ومنه الخبر " جدب عمر 
السمر بعد العشاء " أي عاب السمر وكرهه بعد العشاء. 
وقوله إلا يا اسلمي» معناه: يا هذه اسلمي» وعلى هذا المذهب قراءة من قرا "ألا يا 
اسجدوا" ومن هذا النحو قول الأحطل: 
ألا يا اسلمي يا هند هند بني بدرٍ وإن كان حيانا عدىّ آحر الدهر 
وقال الآخر: 


نى اط سس سبح الهلس السابع والثلائون حت 

يا لعنة الله والأقوام كلهم والصالحين على سمعان من جار 

وهذا باب واسع جداً ونحن نشبع القول فيه إذا انتهينا إلى البيان عن قول الله عز 
وجل: " ألا يا اسجدوا لله " وشرح ما فيه من التأويل والقراآت في موضعه في كتبنا ني 
علل التأويل والتلاوة إن شاء الله. 

وقول ذي الرمة: على حين راهقت الثلائين بنصب حين» هكذا رويناه» وهو الوجه 
المتفق على صحته في الإعراب» والمختار عند كثير من نظار النحاة الفتح لإضافته إلى 
مبني غير معرب» وذلك "راهقت" الذي هو فعل ماض كما قال الشاعر: ١‏ 

على حين عاتيت لمشي على ا وقلت ألما تصح والشسيب وازع 

وعلى هذا الوجه قراءة من قرأ من القرأة "ومن حزي يومئذ" ومن قرأ: يومئذ "ومن 
عذاب يومئذ"» وهذا كله مشروح مع تسمية من قرأ به وحجج المختلفين فيه في كتبنا 
المؤلفة في حروف القرآن وتأويله. 

الصغرى أظرفهن 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا أحمد بن زهير بن حرب بن أبي 
حيئمة؛ قال: أحبرنا الزبير بن بكار» قال: حدثني مصعب عميء قال: ذكر لي رجل من 
أهل المدينة» أن رعلا شرج حاجا فنزل تمت سرحة في بعض الطريق من مكة إلى 
المدينة» فنظر إلى كتاب معلق على السرحة مكتوب فيه: بسم الله الرحمن ع الرحيم: أيها 
الحاج القاصد بيت الله إن ثلاث أوات خلون يوماً فبحن بأهوائين وذكرن أشجائهن؛ 


فقالت الكبرى: 
عجبت له إذ زار في النوم مضجعي ولو زارني مستيقظاً كان أعجبا 
وقالت الوسطى: 
وما زارني في النوم إلا خياله فقلت له أهلاً وسهلاً ؤمرحبا 
وقالت الصغرى: 


بنفسي وأهلي من أرى كل ليلة ضجيعي ورياه من المسك أطيبا 
وفي أسفل الكتاب مكتوب: رحم الله امرأ نظر في كتابنا هذا فقضى بالحق بينناء ولم 
يجر في القضية» قال: فأحذ الكتاب فكتب في أسفله: 


أحدث عن حور تحدئن مرة حديث امرىء ساس الأمور وجربا 

ثلاث كبكرات الهجان عقائل نواعم يغلبن اللبيب المهذبا 
خلون وقد غابت عون كفيرةٌ ‏ من اللائي قد يهوين أن قغيبا 
فبحن بما يخفين من لاعج الهوى20 عمعاً واتخذن الشعر ملهىئ وملعبا 


د الجليس الصالح والأنيس الناصح لج 77 لل ا الأ 7 حت 


عجبت له أن زار في النوم مضجعي ولو زارني مستيقظاً كان أعجبا 
فلما أخبرت ما أخبرت وتضاحكت2 تنفست الأخرى» وقالت تطربا 
وما زارني في النوم إلا صياله فقلت له أهلاً وسهلاً وأمرحبا 
وشوقت الأخرى وقالت مجيبة 0 طن بقول كان أشهى وأعجبا 


بنفسي وأهلي من أرى كل ليلة ١‏ ضجيعي ورياه من المسك أطليبا 
فلما تبينت الذي قلن وانبرى لي الحكم لم أترك لذي القول معتبا 
قضيت لصغراهن بالظرف إنني رأيت الذي قالت إلى القلب أعجبا 
قال القاضي: السرحة الشجرة» قال عنترة يصف رجلاً بعظم الحثة وكمال الخلقة 


وبهاء الصورة: , 
بطل كأن ثيابه في سرحة تحذى نعال السبت ليس بتوأم 
وقال بعض الأعراب: 
يا سرحة الدوح أين الحي واكبدا روحي تذوب وبيت الله من حسر 
وقال حميد بن ثور الحلالي: 
أى الله إلا أن سرحة مالك إلى القلب من بين العضاه تروق 
الدوح: جمع دوحة.» وهو ما عظم من الشجر. 


المجلس الثامن والثلاثون 
إذا أحب الله عبداً منحه القبول 
حدثنا الحسين بن محمد بن إشكاب» قال: حدثنا إبراهيم بن محشرء قال: حدثنا 
عبيدة بن حميد» عن سهل بن أني صالح» عن أبيه؛ عن أبي هريرة» قال: 
قال: رسول الله #َيَّك: "إن الله تعالى إذا أحب عبداً دعا جبريل صلى الله عليه فقال: 
إني أحببت فلاناً فأحبه قال: فيحبه جبريل؛ قال: وينادي جبريل في السماء: إن الله تعالى 


قد أحب فلاناً فأحبوه» قال: فيحبه أهل السماءء قال: ويوضع له القبول في الأرض» قال: 
ولا أدري لعله قال في البغض مثل ذلك". 
شرح الحديث 


قال القاضي إن الله جل جلاله يحب من عباده من أطاعه؛ ويضع القبول لمن قبل 
وصاياه وعمل بما يعود بمرضاته؛ فنسأل الله تعالى توفيقنا لطاعته الموجبة نحبته» وعصمتنا 
من معصيته المؤدية إلى سحطه. فطوى لمن أطاع ربه فأحبه» وويل لمن عصاه وأغضبه 
وقد قال الله تعالى ذكره: «إقل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم 
ذنوبكم4 وقال جل اسمه: «إوقالت اليبود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم 


حاىل؟ لسببسسسسسبسبسبسبس سس سس سح البهلس الثامن والثلائون جح 
يعذبكم 2# ومن أحبه ربه أكرمه ولم يهنه؛ ونعمه ولم يعذبه» ولقد أحسن القائل: 


تعضي الإله وأنت تظهر حبه هذا محال في القياس شنيع 
لو كان حبك صادقاً لأطعته إن النمحب لمن أحب مطيع 
ضبط بعض المصادر التي أتت على فعول 


قوله ني هذا الخبر: ويوضع له القبول في الأرض»ء والقبول والوقود والولوع والوضوء 
والطهور مصادر جاءت على فعولء والظاهر الفاشي في المصادر الفعول» وأكثر ما يأتي 
في اللازم من الفعل غير المتعدي» كالقعود والجلوس وما أشبههماء ويطرد الفرق بين 
الاسم بالفتح والمصدر بالضمء وذلك كالسحور والفطور والصعود والصعود والحبوط 
والمبوط وما أشبه هذاء وقد احتلف في الوقود والوضوء وبجحاريهماء وني قراءة قوله: 
"وقودها الناس والحجارة" ووقود النار» وبيان هذا مرسوم في أولى المواضع به» ومن 
الولوع قول عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة: 

إن همي قد نفى النوم عني وحديث النفس شيء ولوع 

في قوله: ولوع وجهان: يكون مصدراً مبدلاً من شيء؛ ويكون صفة لشيء مثل رجل 
ضروب؛ وحكى الفراء عن الكسائي أنه روى: وجب البيع وجوباء وذكر الفراء أنه لم 
يسمع في هذا إلا الضمء فأما جمهور أهل العلم فلم يعرفوا في هذا الباب الفتح إلا في 
الأحرف الخمسة التي قدمنا ذكرها على ما في بعضها من الاحتلاف في تفصيله وتصريفه. 
وإذا ضم إلى هذا ما حكيناه عن الكسائي فهو حرفٌ سادس» وقد وجدنا حرفاً سابعاً ني 
هذا محكياء وهو غريب نادر وذلك الجور. 

حدثنا محمد بن محمود الأزهري» عن أبي العباس تعلب: وجرت الصبي آجره وجوراً 
ووجوراً. 

بيتان شي المحبة والتضيل بينهما 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أخحبرنا عبد الرحمن» عن عمه. قال: سعت 

جعفر بن سليمان» يقول: ما معت بأشعر من القائل: 


إذا رمت منها سلوةً قال شافعٌ من الحب ميعاد السلو المقابر 
فقلت: أشعر منه الأحوص حيث يقول: 
سيبقى لها في مضمر القلب والحشا سريرة ود يوم تبلى السرائر 


قال القاضي: بيت الأحوص أوفى معنىّ وتقصير البيت المقدم عنه في المعنى الذي 
قصده الشاعران» أجلى وأظهر من أن يخفى من وجوه شتى منها: أن الأولء قال: إذا 
رمت عنها سلوةً والآخر أوماأ إلى اتصال وده وامتناع انقطاعه وتصرمه» وقال الأول: إن 
الذي يثنيه عن السلوة شافع يصرفه عنها بعد رومه إياهاء وجعل الأول وقت السلو حيث 


جح الجليس الصالح والأتيس التاصح خصتبست ‏ سس سس سسحتت ار اج 
تجنه وأهلها القبور» وصيره ميعاداً ينتظره من رام السلوة» فهذا نقد متيسر ظاهر لمتأمله, 
وإن لم يقل في جهبذة هذا الشأن وطبقته. 
بيت لأبي طالب في مدح الرسول 

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن» أستاذ الحروي» قال: حدثني علي بن سهلء» قال: 
حدثنا محمد بن المغيرة النوفلي» قال: حدثنا يحيى بن حكمة المقوم» قال: حدثنا 
سفيان بن عيينة» قال: سمعت علي بن زيد يقول: تذاكروا أي بيت من الشعر أحسن» 
قال: فقال رجل: ما سمعت بيت شعرٍ أحسن من قول أبي طالب للنبي #كا: 

وشق له من اسه ليجله فذو العرش محمودٌ وهذا محمد 

تعليق عروضي 

قال القاضي: قوله من اسمه» يروى على وجهين: أحدهما من إسمه على همزة مقطوعة 

لإقامة الوزن وقد جاء مثله في الشعر» كما قال الشاعر: 


بأي امرقؤٌ الشام بيني وبينه أتتني ببشرى برده ورسائله 
وقال الآخر: 
ألا لا ارى إثنين أكرم شيمة على حدثان الدهر مني ومن جمل 
وقال آخر: 

إذا جاوز الإثنين سر فإنه ببث وتكثير الوشاة قمين 


ويروى ألا كل سر جاوز اثنين أنه فعلى هذه الرواية لا شاهد فيه والوجه الثاني في 
رواية البيت: وشق له من اسمه على الوصل وترك القطع إقراراً له على أصله في إخخراجه 
عن قياسه» فإذا روي هكذا فهو على الزحاف وزحافه حذف حامس جزكئه الثاني 
مفاعيلن» فيصير مفاعلن ويسمى هذا الزحاف القبض» وقد يقع الزحاف في هذا الخبر 
باإسقاط سابعه» وهو نون مفاعي لن ويسمى الكف, والقبض في هذا أحسن الزحافين عند 
الخليل» والكف أحسنهما عند الأخفش» وهذان الزحافان يتعاقبان ولا يجتمعان. 

من أحسن ما قيل شي الرثاء 

حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي» قال: حدثنا عبد الله بن أي سعيد» قال: حدثنا 
أحمد بن موسى الملقي» قال: حدثنا سوار» قال: قال الأصمعي: جهدت العرب أن تقول 
مثل هذا البيت فما قدرت: 

لقد سخى ربيعة أن يوم عليها مثل يومك لا يعود 

قال القاضي: وقد نحا هذا النحو عددٌ من الشعراء؛ إما اقتداءً وإما ابتداع» وفي جمعه 
طول كرهت الإطناب فيه ومن أحسن ما قيل في معناه: 

لعمري لثن كنا فقدناك سيدا كريماً له حق التناوش والفزع 


5566 ك“"“"“"م”>كُ5ُال9ُل8ْلللظ 0 1 الثامن والثلائون حت 
لقد جر نفعاً فقدنا لكإننا أمنا على كل الرزايا من الجزع 
وقال آخر: 
لئن كانت الأيام أطولن لوعتي لفقدك أو ألزمن قلبي التفجعا 
لقد أمنت نفسي المصائب بعده فأصبحت منها آمناً أن أروعا 
وهذا النوع وما يضارعه كثير» كرهنا الإطالة بذكره. 
أبيات شي الزهد ش 
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر الأزدي» قال: حدثنا أبو بكر بن أني الدنياء قال: 
حدئني أحمد بن محمد الأزدي» قال: : حدئني حامد بن أحمد بن أسيد» قال: أخحذت بيد 
علي بن + جبلة يوماً فأتينا أبا العتاهية فوجدناه في الحمام) فانتظرناه فلم يلبث أذ جاع 
فدخل عليه إبراهيم بن مقاتل بن سهل وكان جميلاً؛ فتأمله أبو العتاهية وقال متمثلا: 


يا حسان الوجوه سوف تموتو ن وتبلى الوجوه تحت التراب 
فأقبل على علي بن جبلة» فقال: اكتب: 
يا مربي شبابه للتراب سوف يلهو البلى بعطر الشباب 
يا ذوي الأوجه الحسان المصونا ت وأجسامها الغضاض الرطاب 
أكثروا من نعيمها أو أقلوا سوف تهدونها لعفر التراب 
قد تصبك الأيام نصباً صحيحاً بفراق الإخوان والأصحاب 
قال: فقال لي أبو العتاهية: قل يا حامدء قلت: معك ومع أي الحسن؟ فقال: نعمء 
فقلت: 
يا مقيمين رحلوا اللذهاب بشفير القبور حط الركاب 
نعموا الأوجه الحسان فما صونكموها إلا لعفر التراب 
والبسوا ناعم الثياب ففي الحف رة تعرون من جميع الثياب 
قد ترون الشباب كيف يموتو ن إذا استنضروا بماء الشباب 


إسحاق الموصلي يحكم بين شاعرين 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي؛ قال: حدثني أبو بكر بن عجلان» قال: حدثني 
حماد بن إسحاقء قال: كان عند الفضل بن يحبى وعنده مسلم بن الوليد الأنصاري 
ومنصور التمري ينشدانه فقال: احكم بينهماء ف فقلت: الحكم عيب علي» والأمير أولى 
من حكم وقد سمع شعرهماء قال: أقسمت عليك لما فعلت» قلت: هما صديقان شاعران 
وقل من حكم بين الشعراء فسلم منهم» ولكن إن أحب الأمير وصفت له شعرهماء فقال: 


جح الجليس الصالح والأئيس الناصح جص سس سل شد ور ١‏ 
فصفه فقلت: أما منصور النمري فحسن البناء» قريب المعنى» سهل كلامه» صعب 
مرامه»؛ سليم المتون» كثير العيون» وأما مسلم فمزج كلام البدويين» بكلام الحضريين» 
وضمنه المعاني اللطيفة» والألفاظ الطريفة» فله جزالة البدويين ورقة الحضريين» قال: أبيت 
أن تحكم فحكمت, منصور أشعرهما. 
آراء للمؤلف هي النقد بحضره الخليفة 

قال القاضي: وكنت يوماً جالساً في دار أمير المؤمنين القادر بالله وبالحضرة جماعة من 
أمائل شعراء زمانناء وفيهم من له حظ من أنواع الآداب» وتصرف في نقد الشعر ومعرفة 
بأعاريضه وقوافيه» وخحواصه ومعانيه؛ وما يمتنع منه ويجوز فيه فأفاضوا في هذه الوجوه 
إلى أن انتهوا إلى ذكر أبي تمام ومسلم بن الوليد» وقال كل واحد منهم في تجميل 
أوصافهماء وترتيب أشعارهما بما حضره؛ ولم أصغ كل الأصغاء إلى ما أتوا به من ذلك» إذ 
لم يجر على قصد التحقيق» وظهر منهم أو من بعضهم تشوف إلى أن آتي بما عندي في 
ذلك» فقلت: أبو مام له التقدم في إحكام الصنعة وحبك الألفاظ المطابقة المستعذبةء 
وإبداع المعاني اللطيفة المستغربة» والاستعارة المتقبلة الغريبة» والتشبيهات الواضحة 
العجيبة» ومسلم له الطبع وقرب المأخذ» فقبلوا بهذا وأعجبوا به وأظهروا استحسانه 
والاغتباط باستفادته» ثم حضرني بعض من يتعاطى هذا الشأن فسألني إملاءه عليه» فقلت 
له: أنا قائل لك في هذا قولاً وجيزاً مختصراً يأتي على المعنى» وله مع الاختصار حلاوة» 
وبهاء وطلاوة» وهو أن أبا نمام أصنع» ومسلم أطبع» وكان بعض من قدمت الحكاية عنه 
من الشعراء لما قلت في ذلك امجلس ما قلته أقبل علي» وقال لي: ما أحدٌّ يدانيك في هذا 
الباب» فلم لا تكون منا؟ ولم تؤثر مجالسة غيرناء لغلبة هذا الشأن عليه» وجرى يوماً بيني 
وبين رجل له حظ من العلم والأدب ذكر بعض من كنا نجالسه من رؤساء ذوي السلطان 
والولاية؛ وأهل العلم والأدب والرواية» مع وفور حظه من التدين» والنزاهة والتصون, وأنه 
كان يخالفنا في أشياء» ويمارينا فيها مع ظهور صحة مذاهبناء وفساد احتياراته المفارقة 
لاختيارناء وتذاكرنا ما يظهره من الزراية على أي تمام وابن الرومي وأنه لا يقف عند 
التسوية بينهما وبين من هو منخفض بدرجات متفاوتة عنهماء حتى يحطهما عمن هو 
أدون رتبة وأونى منزلة» فقلت لهذا الرجل: كأن هذا الأمر يختلف بحسب اختلاف 
الأمزجة» وتركيب الأبنية» ويلحق بما يختلف فيه شهوات الناس ولذاتهم من الأطعمة 
والأشربة» ويؤثرونه من المراكب والملاييس والمواطن» ثم ذكرت له أحوال الناس في 
اختيارهم ما يختارونه من الشعر» وأن كثيراً منهم بالطويل أشد إعجاباً منه بغيره» ويذهب 
غيره إلى مثل هذا بالبسيطء وبعضهم في الكامل» وبعضهم ني الوافر» وقد كان قدامة 
الكاتب يرى تقدم أول السريع على غيره من أنواع الشعر في بهائه وتقبل الطبائع له 


+ سبلتب سس سس سلس للستت الس الثامن والثلائون حت 
وألف كتاباً في نقد الشعر وأتى بهذا المعنى فيهء وذهب غيره إلى إيثار الخفيف» وذكر أن 
الألحان أحسن موقعاً فيه منها فيما سواه» قال: ولذلك صار محتملاً من الزحاف ما لا 
يحتمله غيره» فقلت لهذا الرجل: إن نقد الشعر على التحقيق عزيرٌ جداً» وإن الناقد الذي 
يعتمد في النقد عليه» ويرجع في صحته إليه» لا يكون كاملاً حتى يكون مفرقاً على الصحة 
بين المطبوع على المنظوم المؤلف» وبين النظم المتكلفء والطريق المتعسف» ويكون 
ناقدا ني فقه اللغة غير مقصر على تأدية مسموعهاء وحفظ منصوصها ومسطورهاء 
ومضطلعاً بلطيف الإعراب وقياس النحوء حافظاً للأمثال المضروبة» مهتدياً بأعلام العقل 
المنصوبة» حاصراً بحاري العرف والعادة» آخذاً من كل علم وأدب بحظء وضارباً في 
صناعات الفكر بسهم» ويكون ناظراً مدرهاء قد أنس بجملة من أساليب المتفلسفين» 
وصناعة المتكلمين» وجدال المتناظرين» ويكون مع هذا معتدلاً بعيداً من الهوى والتعصب 
لنوع دون نوع» وشخص دون شخصء وبحسب تكامل هذه الخلال» واجتماع هذه 
الخصال » تنكامل لناقد الشعر نقده» وبحسب ما يعدم منها يقل حظه» وبقدر ما تمكن 
هذا الناقد من النقد بين الرجحانء والتساوي والنقصان» كما يميز وازن الذهب والفضة 
بين الزائد والمعتدل والناقص بالعيان» ويتجلى المعنى لأحدهما ببصره والآخر ببصيرته. 
بعض الناس يدعي من الآراء ما ليس له 

وكان بعض من مضى لسبيله من أهل زماتنا شكا لبعض من يحاضره في مجلس بعض ولاة 
هذا الزمان» وحكى عنه أنه يعارضه في أشياء يأتي مها من الآداب» يدعيها لنفسه. وكان مما 
حكى أنه وصف أبا تمام والبحتري» فقال: أبو نمام أعلى» والبحتري أحلى؛ وادعى لنفسه 
هذا القول» وقد كان عبيد الله بن محمد الأزدي حكى أنه سمع رجلاً في مجلس تعلب يقول 
هذاء فاستحييت من هذا المخاطب إلى أن أقول له هذا كلام قد سبقتما إليه» وليس هو لك 
ولا له وكلاكما مدع منه ما لا حق له فيه» وحطر بقلبي» قول القائل: 

تجمعوا في فلان فكلهم يدعيه والأم تضحك منهم لعلمها بأبيه 

وحكى لي بعض كتاب ابن الفرات: أن ابن الفرات أنشد هذاء قال: فقلت له: لو 
قال: لحهلها بأبيه» كان أجود. فأعجبه ذلك فناظرت الحاكي في هذاء وبصرت ما أتى به 
هذا الشاعر ولم أوثر إطالة كتاني بحكايته» وكان بعض أصحابنا حكى لي عن هذا 
المخاطب الشاكي إلى أنه ادعى مثل هذه الدعوى ني شيء أنا ذاكرٌ ما روي لي فيه. 

دابة وما أشبهها لا تقع شي شعر 

حدئنا صديقنا الحسن بن خالويه» قال: كتب الأخفش إلى صديق له من الكتاب 

يستعير منه دابة» ودابة لا تقع في شعر لأنه جمع بين ساكنين» فكتب إليه: 
أردت الركوب إلى حاجة فمر لي بفاعلة من دببت 


حت الجليس الصالح والأنئيس الناصح سس سمس سس سسسب رولبت 
وكان المكتوب إليه ظريفاً فأجابه: 
بريذيشا يا أحصي غامرٌ فكن سيدي فاعلاً من عذرت 
فحكى صاحبنا هذا أن هذا الرجل ادعى هذه القصة وهذا الشعر لنفسه. 
قال: القاضي: فأما امتناع دخول دابة وخاصة وما أشبهها في الشعر لثلا يلتقي فيه 
ساكنان» فهذا هو الأصل في هذا الباب» وإما يجتمع في الشعر ساكن ومسكن كقول 


امرىء القيس: 
لا وأبيك ابئنة العامري لا يدعي القوم أني أفسر 
إذا ركبوا الخيل واستلأموا تحرقت الأرض: واليوم قر 
وقول الأعشى: 
إذا أنا سلمت لم يرجعوا 2 . تحيتهم وهم غير صر 


وهذا كثير وتفسير هذا له موضع لم نر إطالة كتابنا هذا بذكره» وقد بيناه ني أولى 

المواضع» وقد جاء في الشعر اجتماع الساكنين في مزاحف للمتقارب» وذلك: 
فقالوا القصاص وكان القصا ص حقاً وعدلاً على المسلمينا 

وقد روي وكان القصاص على الأصل والوجه الحائز المعروف» وقد كان بعضهم أتى 
في الشعر بالدواب وحفف الباء فلم يلتق ساكنان» وبعضهم يكره التقاء الساكنين في منشور 
الكلام ويهرب منه إلى المهمز» فيما لا أصل للهمز فيه» وقد قرأ أيوب السختياني "ولا 
الضالين" بالحمز» وهذه قراءةً عمخالفة لقراءة سائر الأئمة» ولما نقله من في نقله الحجة من 
الأئمة وكذلك سبيل القراءة التي رويناها. 

أمثلة مما همز ولا أصل للهمز فيه 

حدثنا محمد بن ب يحتى الصولي: »؛ قال: حدثنا محمد بن يزيد» قال: حدثنا أبو عثمان 
المازني» قال: حدثنا سعيد بن أ وس) قال: سمعت عمرو بن عبيد يقرأ : "فيومئذ لا يسأل 
عن ذنبه إِنسّ ولا جان") مهموزاء فظنت أنه قد لحن» حتى سعت العرب تقول: امرأة 
شأبة» وهذه دآبة بة على أن كثيراً قد قال: 

وأنت ابن ليلى خير قومك مأثراً إذا ما احمأرت بالدماء العوامل 

فعلمت أنه ما قرأ إلا بأصل. 

قال محمد بن يزيد: فقلت للمازني: أفتحب أنت هذه القراءة؟ قال: أختارهاء والتقاء 
الساكنين اللذين أويهما من حروف المد واللين منها ما هو بمنزلة حركة من قصيم كاد 
العرب الجاري مجرى فصيح اللغة. 

وقد روينا خبراً ني معنى الخبر الذي رويناه عن ابن خخالويه والشعر الذي تضمنه. 


جو بلس سس لسلسصسصسصسلسلسلسب سح الجلس الثامن والثلائون حت 
نحوي بحادث جاريته 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدئنا محمد بن سعد الكراني» قال: حدثني 
يقدم بن محمد» قال: قال عوانة: كان رجل يتكلف النحو وكانت له جارية تسمى زهرة؛ 
فناداها: يا فعلة من زهرتء هاتي فيعلاني من طلستء يريد طيلسانه. 
رجل يعاب من لا يصطنعه 
حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلااي» قال: حدثنا أبو 
سهل الرازي» قال: لما دحل المأمون بغداد تلماه أهلهاء فقال له رجل من الموالي: يا أمير 
المؤمنين! بارك الله لك في مقدمكء؛ وزاد في نعمك» وشكرك عن رعيتك» فقد فقت من 
قبلك» وأتعبت من بعدك» وأيأست أن يعتاض منكء لأنه لم يكن مثلك» ولا علم شببك» 
أما فيمن مضى فلا يعرفونه, وأما فيمن بقي فلا يرتجونه» فهم بين دعاء لك؛ وثناء 
عليك» وتمسك بك» أخصب جانبك» واحلولى لهم ثوابك» 6 مقدرتك» وحسنت 
مبرتك» ولانت نظرتك» فجبرت الفقير» وفككت الأسيرء وأ نت كما قال الشاعر: 
ما زلت للبذل للنوال وإططل لاق لعان بجرمه غلق 
حتى تمنى البزاة أتنهم عندك أمسوا في القد والحلق 
فقال المأمون: مثلك يعاب من لا يصطنعه» ويعرى من يجهل قدره فاعذرني في 
سالفك» فإنك ستجدنا في مستأنفنا. 
بالإحسان في البديهة تفاضلت العقول 
حدثنا عبد الباقي بن قانع» قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلااي» قال: حدثنا مهدي بن 
سابق» قال: دحل المأمون ديوان الخراج فمر بغلام جميل على أذنه قلم فأعجبه ما رأى 
من حسنهء فقال: من أنت يا غلام؟ قال: الناشىء في دولتك وخريج أدبك يا أمير 
المؤمنين المتقلب في نعمتكء والمؤمل لخدمتك الحسن بن رجاءء فقال له المأمون: يا 
غلام بالإحسان في البديبة تفاضلت العقولء ثم أمر أن يرفع عن مرتبته في الديوان» وأمر 
له بمائة ألف درهم. 
تام الآلات في كل شيء 
حدثنا محمد بن الحسسن بن زياد المقري» قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن عبد الله بن سعيد 
المهرقاني بالبصرة» قال: أخبرنا العباس بن الفرج الرياشي» عن الأصمعي» عن أني عمرو بن 
العادء ند قال: كان عمرو بن معديكرب يحدث يحديث» ققال فيه: لقيت في الحاهلية خخالد بن 
الصقعب وضربته وقدوته» وخالدٌ في الحلقة» فقال له رجل: إن خالداً في الحلقة» فقال له: 
اسكت يا سيىء الأدب» إها أنت محدث فاسع أو فق ومضى في حديثه فلم يقطعه؛ فقال له 
الرجل: أنت شجاعٌ في الحرب والكذب معاًء قال: كذلك أنا تام الآلات. 


جح الجليس الصالح والأئيس التناصح سس سسشسششسشسشسصيمو بج 
المجلس التاسع والثلاثون 
حكم الحداء والاتشاد 
حدتنا محمد بن يحيى بن صاعدء قال: حدثنا عقبة بن قارم العمي ببغداد» قال: حدثنا 
عبد الله بن حرب الليني» قال: حدثني أبو عبيدة معمر بن المثنى» قال: ابن صاعد ثم 
خرجنا إلى البصرة سنة حمسين ومائتين فحدثناه أبو حاتم السجستاني سهل بن محمد» قال: 
حدتنا أبو عبيدة معمر بن المثنى» قال: حدثنا رؤبة بن العجاج» قال: حدثني أني» قال: 
سألت أبا هريرة» فقلت: يا أبا هريرة ما تقول في الحداء؟ 
طاف الخيالان وهاجا سقما خيال تكنى وخيال تكتما 
قامت تريك رهبةًٌ أن تصرما ساقاً بخنداة وكعباً أدرما 
فقال: أبو هريرة كان يحدى بنحو هذا أو مثل هذا مع رسول الله َيه ولم يعبه. 
قال القاضي: هذا الخبر قد كتبناه عن عدة من الشيوخ؛ وفيه دلالة على الرخصة في هذا 
الفن من الإنشاد والحداء والنصب, ولشيخنا أي جعفر ولنا في هذا الباب كلام واسعء وقوله: 
بخنداة يعني الساق الممتلئة الحسسنة» والأدرم: الأملس الذي ليس لحجمه تتوء. 
التوكل لم يكن منحرفاً عن أهل البيت 
بو النضر العقيلي» قال: أخبرنا أبو الحسن بن راهويه الكاتب» قال: حكى 
عل بن الب عن الشركل وقد بلفه ا و9 نكر ع حل ير إلى التشيع قولاً 
أغرق فيه من مدح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب اك فغضب المتوكل» وقال: 
الناسب هذا المدح إلى الغلو جاهل؛ وهو إلى التقصير أقرب» وهل أحد بعد رسول الله 
من أئمة المسلمين أحق بكل ثناء حسن من علي؟ وأتى من هذا المعنى بما ذكر ابن 
راهويه أنه ذهب عنه حفظه. 
قال القاضي: وكنت رويت في المحجلس حامس والثلاثين من مجالس كتابنا هذا عن 
أحمد بن المخصيب خبراً نسب فيه المتوكل !! لى الانحراف عن أهل البيت عليهم السلام؛ 
فخطأت الخصيب في قوله هذاء ووعدت أن آتي فيما أستقبله من احالس بما يشهد لما 
قلتهى فعثرت على هذا الخبر فأوردته» ولعلي آتي بكثير مما روي معناه إذا وقعت عليه 
فإن المتوكل أفضل من أن لا يعلم . أن تعظيمه أهل البيت من أعظم مفاحره بعد تعظيمه 
رسول الله يَقَق ! إذ هو من آله ديناً ونسباً ولو كان المتوكل من عامة بني هاشم دون 
خلفائهم لكان حقيقاً بتعظيمه للإمام العدل الماشي ابن الحاشيين أني سبطي رسول الله 86 
الحسن والحسين عليهما السلام. 
ابن عباس كان يأخث بركابي الحسن والحسين 
وقد حدثنا محمد بن ب يحيى الصولي» قال: حدثنا الغلاني» قال: حدثنا ابن عائشة» قال: 


حو :او سس سس سسسب سح الس التاسع والثلائون حت 
حدثئنا حسن بن حسين الفزاري» قال: حدثنا قطري الخشاب» عن مدرك بن عمارة» 
قال: رأيت ابن عباس آحذاً بركاب الحسن والحسين فقيل له: تأحذ بركاءهم وأنت أسن 
منهماء فقال: إن هذين ابنا رسول الله قي أوليس من سعادتي أن آنحذ بركابهماء 
والمتوكل لمن أحق الناس بأن يتقبل ما فعله جده؛ وأولى من تأسى بما أتاه ولم يعده» وإنما 
كان انحرافه عمن نازعه خلافته وسعى في تشعيث سلطانه؛ والقدح في ملكه؛ وكيف يظن 
ذو لب بالمتوكل الانحراف عن عشيرته وأسرته وفصيلته» ولحمته الذين شرف بهم وورث 
اد عنهم. 
خبر زيد بن موسى المعروف بزيد بالئار 

وقد حدثنا عبد الله بن منصور الحارئي» قال: أحبرنا الغلاني» قال: حدثنا رجاء بن 
مسلمة» قال: حدثني زيد بن موسى بن جعفرء قال: لما أدخلت على المأمون وبحني» ثم 
قال: اذهبوا به إلى أيه أني الحسن» فجيء بي إلى الرضا فتركت بين يديه ساعة واقفا ثم 
رفع رأسه إلي» فقال: يا زيد سوءةً لك؛ ما أنت قائل لرسول الله يك إذ سفكت الدماء 
وأحفت السبيل» وأحذت المال من غير حله؟ لعلك غرك حديث حمقى أهل الكوفة أن 
النبي #ُيْهُ قال: إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار» ويلك! إنما هذا لمن 
خرج من بطنها الحسن والحسين فقط لا لي ولك؛ والله ما نالوا ذلك ! إلا بطاعة الله فإن 
أردت أن تنال بمعصية الله تعالى ما نالوه بطاعة الله عز وجل إ: نك إذا لأكرم على الله عز 
وجل منهم. 

زيد هذا امرؤٌ يعرف بزيد النار» وله أحبارٌء وقد كان بعض ولده قدم من بلاد العجم 
إلى العراق ونوزع في نسبه» وكان له حججٌ في دعوته كانت مني معونة له» فهذا الذي 
حكى لنا عن الرضا هو اللائق بفضله وديانته ونبله ونباهته» وشرفه ونزاهته؛ وقد اتبع في 
سبيل سلفهع واهتدى بالمصطفين من آبائه المكرمين بالنبوة والإمامة» صلوات الله عليهم؛ 
وقد أوضح هذا المعنى كتاب الله عز وجلء قال الله تبارك وتعالى: إفلا أقسم بما 
تبصرون وما لا تبصرون. إنه لقرل رسولٍ كريم» وما هو بقرل شاعر قليلاً ما تؤمنون» 
ولا بقرل كاهن قليلاً ما تذكرون تنزيلٌ من رب العالمين» ولو تقول علينا بعض 
الأقاويل» لأخذناً منه باليمين, ثم لقطعنا منه الوتين» فما منكم من أحد عنه عاجزين», 
فانظر إلى ما قاله في حير الناس عنده وأسعاهم في مرضاته, وأعلمهم بطاعته وأتقاهم لىع 
وأورعهم عن محارمه؛ وأعرفهم به» وأحفظهم لحدوده, وأعلمهم بشرائعه» وأفقههم في 
دينه» وأنصحهم لخلقه» وأكرمهم عليه؛ إعلاماً منه لعباده» أنه لا محاباة لديه فذكر أمكن 
الرسل عنده؛ قصداً إلى تحذير حلقه» وتخويف عباده؛ وكذلك-قوله تعالى: ولقد أوحي 
إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين» 


د الجليس الصاح والأنيس الناصح 61 ٠؟٠؟خخخختت7_”<+؟”“اتاتت”*”*”*؟#]#]251]1]181١1]125]١]21١١‏ س١“‏ ]ىل ا 7ل ات 
فخصه بخطابه وهو يريد غيره» تشريفاً له وتعظيماً لقدره» ودلالة على خطر ما ذكره له 
كما حصه بقوله: «إيا أيها البي إذا طلقتم الدنساء4 وهكذا قص علينا في أمر غيره من 
علية أنبيائه ورسله. فذكر تعالى جده في السورة التي يذكر فيها الأنعام خليله إبراهيم العلل 
ثم قال: «إووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود 
وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسئين» وزكريا ويحبى 
وعيسى وإلياس كل من الصالحينء وإساعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلا فضلنا على 
العالمين» ومن آبائهم وذرياتهم وإخوالهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم) 
ذلك هدى الله يبدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون 
أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا قوم 
ليسوا بها بكافرين أولئك الذين هدى الله فببداهم اقتده4. 
الأسد شي سنينة نوح 

وقد حدثنا أحمد بن جعفر بن المنادي قال: حدثنا العباس بن محمد بن حاتم» قال: 
لعا خا بن عسل أبو عتمان الصفاره قال: مثا الممارك بن فضالة؛ عن بكر بن عبد 
الله المزني» قال: لما أمر نوح اقلينل أن يحمل معه في السفينة من كل شيء فكان فيما حمل 
معه الأسدء فجاع فزآر زَأرةٌ حاف أهل السفينة أن يأكلهم؛ فشكوه إلى نوح فشكاه نوح 
إلى الله عز وجل» فألقى الله تعالى عليه الحمى» وكان نوح يمر بعد ذلك فيركله برجله 
ويقول له: أرنا ما أنت بسراء قال: فيقول له الأسد: لا رباه» قال ابن المنادي» قال لنا 
العباس بن محمد: قد أكدت بهذا الحديث يحيى بن معين فاستحسنه واستغربه) وقال: مع 
كثرة كتابتي عن عفان لم أكتب هذاء فأين كتبت عنه هذا الحديث؟ فقلت: بالبصرة. 

لا يحب الله من الظلم شيئاً 

وحدثنا العباس أيضاًء قال: حدثني أبو يحيى الحماني» قال: حدثنا الأعمش .عن بجاهد, 
لما أمر نوح بإخراج من في السفينة مر بالأسدء وقد ألقيت عليه الحمى فضربه ليقيمه» 
قال: ابر يحبى: ما أدري بيده أم برجله» فخمشه الأسد فبات ساهرا فشكا ذلك توح إلى 
الله تعالى» فأوحى الله تعالى إل ليه: إني لا أحب من الظلم شيئاً. 

قضية رجل يسب السلف , 

كنت بحلوان سنة حمس وثلاثين وثلاشائة فاتفق أن شيخا كان يجالسنا بها من أهل 
الدينور يعرف بأي الحسن بن ظفران ويؤنسناء وكان محدثاً قد حلب الدهر أشطر 
وخالط الرؤساء وصحب السلطان وتعلق بأربه وتصرف في أعماله. وكنا نعجب بمعاشرته 
وحديثه) وذكر لأبي الحسن بن طاهر الكاتب فعرفه وذكر أن له ابناً هو : حليفته وصاحبه 
على البريد والخبر بالدينور. 


2 وب+وسسع ب سس البجلس التاسع والثلائون حت 

فحدثنا أبو الحسن بن ظفران هذا من حفظه. بما أن مورد معناه بلفظ دون لفظه عمن 
حدثه؛ قال: كان بالديئور شيحٌ يتشيع ويميل إلى مذهب أهل الإمامة» وكان له أصحاب 
يجتمعون إليه» ويأحذون عنه» ويدرسون عنهء يقال له: بشر الجعاب فرفع صاحب الخبر 
بالدينور إلى المتوكل أن بالدينور رجلاً رافضياً يحضر جماعة من الرافضة ويتدارسون 
الرفض» ويسبون الصحابة» ويشتمون السلفء فلما وقف المتوكل على كتابه أمر وزيره 
عبيد الله بن يحيى بالكتابة إلى عامله على الدينور باشخاص بشر هذا والفرقة التي تجالسه» 
فكتب عبيد الله بن يحيى ذلك» فلما وصل إلى العامل كتابه وكان صديقاً لبشر الجعاب» 
حسن المصافاة له شديد الإشفاق عليه همه ذلك وشق عليه فاستدعى بشراً وأقرأه ما 
كوتب به في أمره وأمر أصحابهء فقال له بشر: عندي في هذا رأي إن استعملته كنت غير 
مستبطىء فيما أمرت به» وكنت بمنجاة مما أنت خائف علي منهء قال: وما هوء قال: 
بالدينور شيخ حفاف اسمه بشر ومن الممكن المتيسر أن تجعل مكان الجعاب الخفاف» 
وليس بمحفوظ عندهم وما نسبت إليه من الحرفة والصناعة» فسر العامل بقوله وعمد إلى 
العين من الجعاب فغير عينها وغير استواء خحطها وانبساطه» ووصل الباء بما صارت به 
فاء» وكان أخبره عن بشر الخفاف أنه رجل في غاية البله والغفلة» وأنه هزأة عند أهل بلده 
وضحكة, وذلك أن أهل سواد البلد يأحذون منه الخفاف التامة والمقطوعة بنسيئة» 
ويعدونه بأشانها عند حصول الغلة» فإذا حصلت وحازوا مالحم منها ماطلوه بدينة» ولووه 
بحقه» واعتلوا بأنواع الباطل عليه» فإذا انقضى وقت البيادر» ودنا الشتاء واحتاجوا إلى 
الخفاف وما جرى بحراها وافوا بشر هذا واعتذروا إليه ودعو وابتدوا يعدونه الوفاء 
ويؤكدون مواعيدهم بالأيمان الكاذبة» والمعاهدة الباطلة ويضمنون له أداء الديون الماضية 
والمستأنفة» فيحسن ظنه بهم ويستسلم إليهم» ويستأنف إعطائهم من الخفاف وغيرها ما 
يريدونه» فإذا حضرت الغلة أجروه على العادة وحملوه على ما تقدم من السنة ثم لا يزالون 
على هذه الوتيرة من أخذ سلفه في وقت حاجاتهم» ودفعه عن حقه في أبان غلاتهم» فلا 
ينتبه من رقدته ولا يفيق من سكره وغفلته» فأنفذ صاحب الخبر كتابه وأشار بتقديم هذا 
الخفاف أمام القول» والإقبال عليه بالمخاطبة وتخصيصه بالمسألة» ساكناً إلى أنه يأتي من 
ركاكته وعيه وفبهاهته بما يضحك الحاضرين ويحسم الاشتغال بالبحث عن هذه القصة» 
ويتخلص من هذه البلية» فلما ورد كتاب صاحب الخبر أعلم عبيد الله بن يحيى المتوكل به 
وبحضور القوم فأمره أن يجلس ويستحضرهم ويخاطبهم فيما حكي عنهم؛ وأمر فعلقت 
بينه وبينهم سبنية ليقف على ما يجري ويسمعه ويشاهده» ففعل ذلك؛ وجلس عبيد الله 
واستدعى المحضرين فقدموا إليه يقدمهم بشر الخفاف» فلما جلسوا أقبل عبيد الله على 
بشرء فقال: أنت بشر الخفاف فقال: نعم» فسكنت نفوس الحاضرين معه إلى تمام هذه 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح سمس سحت( و ١ج‏ 
الحيلة» وإتمام هذه المدالسة» وجواز هذه المغالطة» فقال: إنه رفع إلى أمير المؤمنين من 
أمركم شيء أنكره فأمر بالكشف عنه وسؤالكم بعد احشارك عن حقيقته» فقال له 
بشر: نحن حاضرونء فما الذي تأمرنا به؟ قال: بلغ أمير المؤمنين أنه يجتمع إليك قوم 
فيخوضون معك في الترفض وشتم الصحابة» فقال بشر: ما أعرف من هذا شيئاًء قال: 
فقد أمرت بامتحانكم والفحص عن مذاهبكم فما تقول في السلفء قال: لعن الله 
السلفء فقال له عبيد الله: ويلك أتدري ما تقول؟ فقال: نعم» لعن الله السلف» فخرج 
حادم من بين يدي المتوكلء فال لعبيد الله: يقول لك أمير المؤمنين: سله الثالفة فإذا أقام 
على هذا فاضرب عنقه؛ فقال له: إني أسألك في هذه المرة فإن لم تشب وترجع عما قلت 
أمرت بقتلك» فما تقول الآن في السلف؟ فقال: امن الله السلف» قد خرب بيتي» وأبال 
معيشتي» وأتلف مالي وأفقرني وأهلك عيالي؛ » قال: وكيفء قال: أنا رجلّ أسلف الأكرة 
وأهل الرستاق الخفاف والتمشكان؛ على أن يوفوني الثمن مما يحصل لهم من غلاتهم» 
فأصير إليهم عند حصول الغلة في بيادرهم, فإذا أحرزوا الغلة» دفعوني عن حقي وامتنعوا 
من توفيتي مالي» ثم يعودون عند دحول الشتاء فيعتذرون إلي» ويحلفون لي أنهم لا 
يعاودون مطلي وظلميء» وأنهم يؤدون إلى المتقدم والمتأحر من مالي» فأجيبهم إلى ما 
يلتمسونه وأعطيهم ما يطلبونه» فإذا جاء وقت الغلة عادوا إلى مثل ما كانوا عليه من 
ظلمي وكسروا مالي» فقد اختلت حالي»؛ وافتقرت أنا وعيالي» قال: فسمع ضحكٌ عال 
من وراء السبنية» وخحرج الخادم» فقال: استحلل هؤلاء القوم وحل سبيلهم» فقالوا: أميرَ 
المؤمنين في حل وسعة» فصرفهم فلما توسطوا صحن الدار» قال بعض الحاضرين: هؤلاء 
قوم بحان يحثالون وصاحب الخبر فطِنٌ متيقظ». لا يكتب إلا بما يعلمه ويثق بصحتهء 
وينبغي أن يستقصى الفحص عن هذا والنظر فيه» فأمر بردهم؛ فلما أمروا بالرجوع؛ قال 
بعض الجماعة التابعة لبعض: ليس هذا من ذلك الذي تقدم» فيجب أن نتولى نحن الكلام 
ونسلك طريق الحد والديانة» ورجعوا فأمروا بالجلوس ثم أقبل عبيد الله عليهم» فقال لهم: 
إن الذي كتب في أمركم ما كتب ليس ممن يقدم على الكتب بما لم يقتله علماً ويحيط به 
حبرأء وقد أمر أمير المؤمنين باستئناف امتحانكم وإنعام التفتيش عن أمركم,ء فقالوا له: 
افعل ما أمرت بهء فقال: من خير الناس بعد رسول الله وَيَّك؟ قلنا: أمير المؤمنين علي بن 
أي طالب» فقال لخادم بين يديه: قد سمعت ما قالوا فأحبر أمير المؤمنين به فمضى ثم 
عادء فقال: يقول لكم أمير المؤمنين: هذا مذهبي» فقلنا: الحمد لله الذي وافق أمير 
المؤمنين في دينه ووفقنا لاتباعه وموافقته على مذهبه. ثم قال لحم: ما تقولون في أني بكر 
رضي الله عنه؟ فقالوا: رحمة الله على أي بكرء نقول فيه خيراء قال: فما تقولون في عمر 
قلنا: رحمة الله عليه ولا نحبه؛ قال: ولم؟ قلنا: لأنه أخرج مولانا العباس من الشورى» 


حرو+سعع ل سس جمحمحسب الهلس الأربعون حت 
قال: فسمعنا من وارء السبنية ضحكاً أعلى من الضحك الأول ثم أتى الخادم» فقال لعبيد 
الله عن المتوكل: أتبعهم صلة فقد لزمهم في طريقهم مؤونة واصرفهمء فقالوا: نحن في 
غنىّ وني المسلمين من هو أحق بهذه الصلة وإليها أحوج. 

قال القاضي: فهذه الحكاية تبين أن المتوكل على خلاف ما توهمه ابن الخصيب» 
وبمعزل مما نسبه في هذا المعنى إليه» والله تعالى أعلم بالضمائر» وخفيات السرائر» وهو 
ابمحازي كل محسن ومسيء بعمله 

اعتذار الحسن بن وهب عن الاعطاء 


حدثنا محمد بن بحيى الصولي» قال: حدثنا محمد بن موسى البربري؛ قال: كتب رجل 
إلى الحسن بن وهب يستميحه وكان مضيقاء : فكتب إليه الحسن: 
الجود طبعي ولكن ليس لي مال فكيف يحتال من بالرهن يحتال 
وشهوتي في العطايا وانبساط يدي وليس ما أشتهي يأتي به االحال 
فباك حطي فزرني بحيث لي نشب وحيث يمكن إحسان وإفضال 
المجلس الأربعون 
لن يدخل الجنة شحيح أو بخيل 


حدثنا رضوان بن أحمد بن جالينوس الصيدنائي» قال: حدثني ابن أني الدنياء قال: 
حدثني إبراهيم بن عبد الله» قال: حدثنا سليمان بن داود أبو الربيع» قال: حدثنا محمد بن 
حرب» عن سعيد بن سنان» عن أني شجرة» عن أبي الدرداء أن رسول الله يَيَقه قال: " 
أفتقولون أو يقول قائلكم: الشحيح أعذر من الظالم وأي ظلم أظلم عند الله من الشح, ما 
36 ني نقض الإسلام شيء إسراع الشحء وحلف بالله بعزته وجلاله» لا يدخل الحنة 

قال القاضي: في هذا الخبر ما يبعث عن التنزه عن الشح, والرغبة عن الدناءة والبحل» 
ويدعو إلى السماحة والبذل» ويحث على السخاءء ويبعث على العطاء؛ وقد جاء عن النبي 
يه بمثل هذا الخبر أخبار كثيرة» وعن السلف والخلف» وأتى فيه من أخبار العرب 
وجواهر كلامهاء ومنظوم أشعارهاء مما يقف الناظر ني محالس كتابنا هذا على الكثير 
المستحسن منه» ولا يحتمل هذا المكان الإتيان بجميعه في مجلس واحد لطوله. 

تعزية بليغة 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريدء قال: أخبرنا أبو حاتم قال: عزى رجل بعض ملوك 
العجمء فقال: أغناك الله عن الحاجة إلى الصبر بحسن العزاءء» ولا أنساك مصيبتك بأعظم 
منها ولا حرمك جزيل الثواب عليها 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح سس سح و واه 
مخارق يهاجم إسحاق الموصلي فيدافع هذا عن نمّسه 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثني أبو الفضل الربعي» قال: حدثني 

إسحاق بن إبراهيم الموصلي» قال: قال لي علي بن هشام: قد عزمت على الصبوح فاغد 

علي» فعانقني عائق عن البكور إليه» فجئت في وقت الظهر وعنده مخارق» فقال لي: يا أبا 

إسحاق أين كنت؟ فقلت: شغلني - أعز الله الأمير - ما لم أجد من القيام به أبدأء ثم دعا 

بطعام وجلسنا على شرابنا فغنى مخارق صوتاً من الطويل شعر المؤقل» والغناء لأبي سعيد 


مولى فايد وهو: 
وقد لامني في حب مكنونة الني أهيم بها أهل الصفاء فأكثروا 
يقولون لي مهلاً وصبراً فلم أاجد جواباً سوى أن قلت كيف التصبر 
أأصبر عن نفسي وقد حيل دونها ووافقني منها الذي كنت أحذر 
فأخطأ فيه» فقلت: أحطأت ويلك! ثم غنى صوتاً من البسيط شعره لحميد بن ثور 
والغناء للهذلي وهو: 


يا موقد النار بالعلياء مسن إضم قد هجت لي سقماً يا موقد النار 
يا رب نار هدتني وهي موقدة بالند والعنبر االبندي والغار 
تشبهاإذ خحبت أيد مخطسية من ثيبات مصونات وأبكار 
قلوين ولسم رحن شاخخصصة ينظرن من أين يأتي الطارق الساري 
فأخطأ فيه» فقلت: أخحطأت ويلك! م تغنى صوتاً ثالقاً من الكامل» شعره لكثير 
والغناء لمعبد: 
إني لأستحي أن أبوح بحاجتي فإذا قرأت صحيفتي فتهمنسي 
وعليك عبد الله إن أنباأته أحداً ولا أظهرته بتقتكلم 
فأحطأ فيه» فقلت: أحطأت ويلك! فغضبء قال: يا أبا إسحاق يأمرك الأمير بالبكور 
فتأتي ظهرأًء وتغنيت أصواتاً كلها يحبها ويطرب إليها فخطأتني فيهاء وتزعم أنك لا 
تضرب بالعود إلا بين يدي خليفة أو ولي عهد. ولو قال لك بعض البرامكة مثل هذا 
لبكرت وضربت وغنيت» فقلت: ما ظننت أن هذا يجريء ووالله ما أبديه انتقاصاً مجلس 
الأمير أعثره الله ولكن اسمع يا جاهلء» ثم أقبلت على ابن هشام» فقلت: دعاني - أصلح 
الله الأمير - يحيى بن خالد يومأء وقال لي: بكر فإني على الصبوح؛ وقد كنت يومئذ في 
دار بأجرة»فجاءني من الليل صاحب الدار فأزعجني إزعاجاً شديداً. فجرت مني يمن 
غليظة أني لا أصبح حتى أتحول» فلما أصبحت خرجت أنا وغلماني حتى اكتريت منزلاً 
وتحولت ثم صرت إلى يحيى وقت الظهرء فقال لي: أين كنت إلى الساعة؟ فحدثته بقصتي 


مسسلببلب- يي سلس ص سح ابجلس الأربعون حت 
وقعدنا على شربنا وأخذنا في غنائناء فلم ألبث أن دعا يحبى بدواة وقرطاس فوقع شيعا لم 
أدر ما هوء ثم دفع الرقعة إلى جعفر فوقع فيها شيعا ودفعها إلي» وإذا يحيى قد كتب: يدفع 
إلى إسحاق ألف ألف يبتاع بها منزلاً» وإذا جعفر قد كتب يدفع إلى إسحاق ألف ألف 
يصرفها في نفقاته ومروءته» فقلت في نفسي هذا حلم فلم ألبث أن جاء خادم أخذها من 
يدي» فلما كان في وقت الانصراف استأذنت وحرجتء فإذا أنا والله بالمال وإذا الوكلاء 
ينتظروني حتى أقبضه منهم فعلام يلومني هذا الجاهل؟ ثم قلت لمخارق: هات العود 
فأحذته ورددت الأصوات التي أخطأ فيهاء» وغنيت صوتاً من الطويل بشعر لابن ياسين» 


والغناء فيه لي وهو: 
إلحي منحت الود مني بخيلة وأنت على تغيير ذاك قدير 
شفاء الحموى بث الجوى واشتكاؤه وإن امرأً أخفى الحوى لصبور 


فطرب لذلك طرباً شديداً ثم قال: حق لكء ثم أقبل على مخارق» فقال: يا فاسق! ما 
أنت والكلام» وأمر لي بمائة ألف درهم وحلعة, وأمر لمخارق بعشرة أللاف درهم» فبلغ 


ما ضر زائره الراجي لنائله إن كان ذا رحم أو غير ذي رحم 


قال القاضي: قول حميد بن ثور: الند والعنبر الهندي» زعم بعض علماء اللغة أن الند 
أعجمي, وهذا حميد بن ثور أتى به في شعره. وقد روي شعر في خبر لمعاوية نسبه بعض 
الرواة إلى عبد الرحمن بن حسان» وبعضهم إلى أبي دهبل» فذكر بعض من رواه أنه قال فيه: 


تجعل الند والألوة والمس ك صلالما على الكانون 
وقال العرجي: 
تشب متون الحمر باللند تارة وبالعنبر الهندي والعرف ساطع 

وقال الأحوص: 

إذا حبت أوقدت بالند واشتعلت ولم يكن عطرها مسلكٌ وأظفار 
وقوله: تشبها إذا حبت» معنى تشبها: تلهبها وتضرمهاء قال الأحوص بن محمد 

الأنصاري: 
أمن حليدة وهناً شبت النار ودوننا من ظلام الليل أستار 
باتت تشب وبتنا الليل نرقبها تعنى قلوبٌ بها مرضى وأبصار 


يقال: شبت النار والرحب شبهما الإنسان يشبها شبوباً وشباً» وشب الصبي يشب 


ا- الجليس الصالح والأنيس الناصح عمسلل ب سي الى ا 
شباباً وشبيبة» وشب الفرس يشب شباباً وشبوباًء وقوله: إذا بت يعني إذا حمدت» يقال: 
خبت النار تخبو خبواً إذا سكنت» قال الشاعر: 


ومنا ضرار وابنماه وحاجبُ مؤجج نيران المكارم لا المخبي 
وقال آخر: 
أمن زينب ذي النار قبيل الصبح ما تخبو 
إذا ما مدت يلقى علينا المندل الرطب 
وقال القطامي: 
وكنا كالحريق أصاب غابا فيخبو تارة ويهب ساعا 


وقد قيل في قوله تعالى: إكلما خبت زدناهم سعيراً4 أقوال؛ قيل: إن المعنى كلما 
سكنت» وقيل المعنى كلما التهبت وتوقدت» وجعلوا هذه الكلمة من الأضدادء وقيل: بل 
المعنى بهذه الجلود, والتأويل كلما حبت جلودهم. 
وشرح هذا يأتي في كتابنا المسمى " البيان الموجز عن علوم القرآن المعجز" إن شاء الله. 
وقول كثير: إني أستحيكء اللغة الفصيحة إني أستحييك» قال: قال تعالى: إن الله لا 
يستحبي أن يضرب مغلا وقال عرز ذكره: إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحبي 
منكم, والله لا يستحبي من الحق*» وللعرب فيه لغة أحرى بعد هذا وهي استحى يستحي 
كما قال الشاعر: 
ألا يستحي منا رجال وتنقي محارمنا لا يبوء الدم بالدم 
ونسب إسحاق الشعر الذي حتم بحلسه بالغناء فيه إلى أنه من الطويل» وهو كما قال» 
إلا أنه لم يبين أي نوع من الطويل هوء فرأيت أن أبينه وأقول: إنه النوع الثالث منه» وهو 
مقبوض العروض محذوف الضرب ما كان مطلقاًء ومنه: 
أقيموا بني النعمان عنا صدوركم وإلا تقيموا صاغرين الرؤؤوسسا 
فإذا صرع الحقت عروضه بضربه» فصارت محذوفة بمنزلته وكانت في الإطلاق أتم 
وأطول منه» فمن مصرع هذا النوع قول امرىء القيس: 
لمن طلل أبقرته فشجاني كخط الزبور في عسيب يمان 
وقال أيضا: 
أجارتنا إن الخطوب تنوب وإني مقيم ما أقام عسيب 
وقبض فعولن الذي قبل الضرب من هذا الشعرء عذب في الأسماع من إيراده سالماً. 
ابن بيض يتحقق له حلمه 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثنا عبدالله بن بنان» قال: حدثنا عمرو 


الكوني» قال: دحل حمزة بن بيض على يزيد بن المهلب يوم جمعة وهو يتأهب للمضي إلى 


حا الملببببسسس ب ب ببسب المهلس الأربعون حت 
| لمسجد» وجارية تعممه فضحكء فقال له يزيد: مم تضحكء فقال: لله رؤيا رأيتها إن 
أذن لي الأمير قصصتهاء قال: قل» فأنشا يقول: 


رأيتك في المنام سننت حزا علي بنفسجاً وقضيت ديني 
فصدق ما هديت اليوم رؤيا رأتها في المنام كذاك عسيني 


قال: كم دينك؟ قال: ثلاثون ألفاء قال: قد أمرت لك بها وبمثلهاء ثم قال: يا 
غلمان! فتشوا الخزائن فجيؤه منها بكل خز بنفسج تجدونهاء فجاءوا بشلاثين جبة» فنظر 
إليه يلااحظ الجارية» فقال: يا جارية عاوني عمك على قبض الجباب» فإذا وصلت إلى 
منزله فأنت له فأخحذها والجباب والمال وانصرف. 

قال: سننت >خزا أي ألقيته وصببته علي» يقال صب عليه ثوبه كما قال أبو نواس: 

ويقال: سننت علي قميصي» وسننت الماء على وجهي بالسين المهملة؛ وشئنت علي 
الماء إذا أفضته على جسدكء بالشين النعجمة» وكذلك شن عليه الدرع» وشن عليهم 
الغارة» وقيل في قوله تعالى: لإمن حمأ مسنون6» أي مصبوب على قصدء وقيل: متغير 
الرائحة, وهذا مسنوك وسنين) وهذا الباب موضع هو مستقصى فيه) والسنة مشتقة من 
هذا الأصل لأنها شيء جار على وجهه؛ ومنه سنة الطريق وسننه» قال لبيد: 


من معشر سننت لهم آباؤهم ولكل قوم سنة وإمامها 
وسنة الوجه كأنها الشيء المصبوب الجاري على طريقة مقصودة: كما قال ذو الرمة: 
تريك سنة وجه غير مقرفة ملساء ليس بها حال ولا ندب 


يروى غير مقرفة وغير بالنصب والحرء فمن رواه نصباً فهو الوجه الظاهر في الصحة 
الذي لا شبهة فيه ولا مرية إذ هو صفة لمنصوب» وهو السنة المنصوبة بالفعل وهو 
تريك؛ ومن رواه جراً فإنه أتبعه إعراب وجه المخفوض بالإضافة» على الطريقة التي 
يجيزها من يجيزها للمجاورة» ويجعلها بمنزلة قولهم "حجر ضب خرب"”» وهذا وجه 
ضعيف مرغوب عنه؛ وكثير من النحويين لا يجيزه» ومن محققيهم من يلحن المتكلم به) 
وينسب بحيزه من النحاة إلى الخطأ والمتكلم به من العرب وإن كان قدوة حجة في اللغة 
إلى الغلط. وهذا يتسع القول فيه» وقد استقصينا بيانه في كتابنا "الشافي في طهارة الرجلين" 
وغيره من كتبنا ومسائلنا. 

توصي له بثلث مالها نظير بيت شعر 

حدثنا أحمد بن العباس العسكريء» قال: حدثنا عبد الله بن أني سعدء قال: حدثني 
أحمد بن عمر الزهري» قال: حدثني أبو بركة الأشجعي» قالك حضرت امرأةٌ من بني مير 
الوفاة» فقيل لها: أوصيء» فقالت: نعم» حبروني من القائل: 


حت الجليس الصاح والأنيس الناصح تت تت 55ل 5050© ة هت © 512 5 1ر1 0 
لعمرك ما رماح بني شير بطائشة الصدور ولا قصار 

قال: فقيل لها: زياد الأعجم» قالت: فأشهدكم أن له ثلث مالي» قال: فحمل إليه من 

ثلشها أربعة آلاف درهم. 
من جود عبد الله بن جعمّر 

حدثني عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي» قال: حدثنا أبو بكر بن أني الدنياء قال: 
حدثت محمد بن الحسنين» قال: حدثنا داود بن محمد» عن سوادة بن أني الأسود. عن 
شهر بن حوشب أن رجلاً عطبت راحلته فأتى أمير المدينة فسأله فلم يحمله فقيل له: 
ائت ابن جعفر فأتاه فقال: 


أبا جعفر إن الحجيج ترحلوا وليس لرحلي فاعلمن بعير 
أبا جعفر من أهل بيت نبوة صلاتهم للمؤمنين طهور 
أبا جعفر ضن الأمير بماله وأنت على ما في يديك أمير 
قال: فأمر له براحلة ونفقة وكسوة سابغة. 
إبليس يعلم الغناء 


حدثني أبو النضر العقيلي» قال: حدثنا الحسن بن راهويه الكاتب» قال: قال: لي شيحٌ 
من الكتاب قد أتى عليه نحو شانين سنة» انصرفت من ديواني وأنا حدث من أحسن 
الناس وجهاً فلقيني شيخٌ في موضع كان زيه زي الرهبان فعلق بكمي» ثم رفع صوته وغنى 
غناءً ما سبعت قط أشجى ولا أحسن منه فقال: انظر إلي يا طوال والحن» ثم خلى كمي 
وانصرف؛ وأحسبه إبليس. 
من أخبار ابن جدعان 
حدثني عبد الباقي بن قانع» قال: حدثنا محمد بن زكرياء قال: حدثنا ابن عائشة» قال: 
أتى رجل عبد الله بن جدعان فأعطاه شيئاً يسيراً فلامه الرجل» ولابن جدعان جارٌ من 
قريش له مال لا يعطي أحداً شيئاً» فقال عبد الله بن جدعان: 
ألام وأعطي والبخيل بمحاوري له مثل مالي لا يلام ولا يعطي 


قال القاضي: ابن جدعان التيمي من مشهوري أجواد قريش» وفيه يقول أمية بن أبي 


الصلت: 
علم جدعان بن عم رو أنه يوماً مدابر 
ومسافر سفراً بعي دا لا يؤوب له المسافر 
فقدروه بفننسائه للضيف مترعة زوافر 


وله أخبار كثيرة» لعلنا نأتي بها فيما نستقبله من هذه المحالس. 


حت . سس سس بص المهلس الأربعون حت 
العلم من ظهور الدفاتر 
حدننا محمد بن الحسين بن زياد المقري» قال: حدثنا أبو حليفة الفضل بن الحباب: أن 
أبا زيد الأنصاري» رأى رجلاً حسن العلم؛ كثير الرواية؛ جيد الحفظ لملح الأخبار» لا 
يتمثل إلا بحسن» ولا يستشهد إلا بجيد» فقال: كأن علمه والله من ظهور الدفاتر. 
أعرابي يسأل عمر 
حدثنا إسماعيل بن علي بن إساعيل الخطي» قال: حدثنا محمد بن يونس بن موسى» 
قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عتبة» قال: حدثني أني» عن المسيب بن شريك بن عبد 
الوهاب بن عبد الله بن أبي بكرة عن أبيه» عن أبي بكرة» قال: جاء أعراي إلى عمر بن 
الخطاب رضي الله عنه فقال: 
يا عمر الخير جزيت اللخنة أكس بنياتي وأمبنه 
أقسم بالله تتقعلته 
فقال له عمر: فإن لم أفعل يكون ماذا؟ قال: 
إذا أبا حفص لأذهبته 
قال: فإذا ذهبت يكون ماذا؟ قال: ّْ 
تكون عن حالي لتسألنه يوم تكون الأعطيات يمنه 
والواقف المسئول بينبنه إما إلى نار وإما جنه 
قال: فبكى عمر حتى اخضلت لخحيته؛ ثم قال: يا غلام أعطه قميصي هذا لذلك اليوم 
لا لشعر أما والله ما أملك غيره. 
نمو النبات مرتبط بطاعة الله 
حدثني أحمد بن اليثم الشبي» قال: حدثنا الحارث بن أي أسامة» قال: حدثنا هوذة بن 
حليفة» قال: حدثنا عوف الأعراي» عن محمد بن سيرين» قال: أصابوا في خزائن كسرى 
سلةٌ فيها حنطة كأمثال اللؤلؤ مكتوب فيها: هذا نبت في سنة كان يعمل فيها بطاعة الله. 
بكاء الشعراء على الشباب 
حدثنا علي بن سليمان الأحفشء قال: حدثني السكري, عن المهلبي» قال: حدثني 
إسحاق الموصلي» أحسبه عن ابن سلام» عن يونس» قال: ما بكت الأعراب في أشعارها 
شيئاً ما بكت الشباب وما بلغت كنبه, فاتبع هذا الكلام النمري» فقال: 
ما كنت أوفي شبابي كنه عزته حتى انقضى فإذا الدنيا له تبع 
قال يزيد: وسمعت أحمد بن المعذل يتعجب من بيت النمري بعد هذا ويقول: أما 
ترى حيث اشترط أن يقول: 
ما واجه الشيب من عين وإن ومقت إلاها نِوةعنهومرتدع 


- الجليس الصاح والأنيس الناصح ملكتت ب الى ل 
فتح أول الاسم فى التنسبة وعلة ذلك 
قال القاضي: النمري منسوب إلى الدمر بن قاسطء وإنما فتح الميم في النسبة» وهي في 
الاسم قبل إضافته مكسورة: فراراً من ثقل الكسرة إلى خفة الفتحة؛ لما اجتمع في الاسم 
من الكسرات والياءات» وقد أتى هذا كثيراً فاشياً في ثلائة أسماء عند النسب» أحدهن 
النمري كما فسرناه والشقري في النسب إلى بني شقرة من بني تميم» والسلمي في السب 
إلى بني سلمة من الأنصار» والشقرة الواحدة من شقائق النعمان» والسلمة حجارة سود. 
وفي علة تغيير الكسرة ونقلها في النسب إلى الفتحة حيث ذكرناء وعلى ما بيناء وجة 
آخر لم أجد أحداً تقدمني في استخراجه, وهو أنهم يسكنون أوسط ما كان فعل وإن كان 
أصله الحركة تخفيفا مثل ملك وكتف وكان تخفيفه إذا اتصل به ياء النسب أولى وكانوا 
إلى تسكينه أحوج فخففوه وفتحوا ثانيه عوضاً مما حذفوه؛ ولأنه قد ازداد بياء النسب 
ثقلأ» ولزمت الكسرة ما قبل الياء الأولى منها. 
ممازحة 
حلاما جمد بن . يحيى الصولي» قال: حدثنا عون بن محمد الكنديء» قال: : رجت مع 
محمد بن أنبي أمية إلى ناحية الجسر ببغداد» فرأى فتى من أولاد الكتاب جميلاً فمازحه 
لشب وده طلا م ادن دواته وكتب من وقته: 
دون باب الجسر دار لحموى لا أسميه ومن شاء فطسن 
قال كالمازح واستقلمسي أنت صب عاشق لي أو لمن؟ 
قلت سل قلبك يخبرك به فتحايا بعدما كان حجن 
حسن ذاك الوجه لا يسلميٍ أبداً منه إلى غير حسن 
ثم دفع الرقعة إليه فاعتذر وحلف أنه لم يعرفه. 
يعاف الشرب المشتراك 
حدئنا عبد الله بن منصور الحارئي» قال: حدثنا أبو إسحاق الطلحي» قال: حدثني 
عبيد الله بن القاسمع قال: عشق التيمي جاري عد بعش العاسن» نشكا وجده و محبته 
إلى أني عيسى الرشيد» فقال أبو عيسى للمأمون: يا أمير المؤمنين! إن التيمي يجد بجارية 
لبعض النخاسين» وقد كتب إلي بيتين يسألني فيهماء فقال: له: وما كتب إليك؟ فأنشده: 
يا أبا عيسى إليك المشتكى وأو الصبر متى عيل شكا 
ليس لي صبرٌ على هجرانها وأعاف المشرب المشتركا 
قال: فأمر له بثلائين ألف درهم فاشتراها. 
أبيات لحسان في مدح الخمر وذمها 
حدثنا محمد بن سهل بن الفضل الكاتب» قال: حدثنا أبو زيدء قال: حدثني 


2 بدبسبسدس ب ب سس مجلس الأربعون حت 
هارون بن عبد الله الزهري» قال: حدثنا يوسف بن عبد العزيز بن المحاشون» عن أبيه؛ 
قال: قال حسان بن ثابت: أتيت جبلة بن الأبهم» الغساني وقد مدحته» وكان حسان قد 
اشتكى» فقال: له: يا أبا الوليد ما تشتهي» قال: ما لا تقدرون عليه» قال نتكلفه لك؛ 
قال: رطبات محلقمات من بنات ابن طاب» قال: هذا مما لا نقدر عليه ببلادنا هذه 
فقال: يا أبا الوليد: إن الخمر قد شغفتني فاذممها لعلي أرفضهاء فقال: 


لولا ثلاث هن في الكأس لم يكن لها شن من شارب حين يشرب 

لها نزق مثل انون ومصرع دني وأن العقل ينأى ويعزرب 
فقال: أفسدتها فحسنهاء فمال: 
ولولا ثلاث هن في الكأس أصبحت كأنفس مال يستفاد ويطلب 
أمانيها والنفس تظبر طيبها على حزنها والهم يسلى فيذ هب 


قال: لا جرم لا أدعها أبداً. 
نصيحة أب لابنه 

حدثنا أبي رضى الله عنه. قال: حدئنا أبو أحمد الختلي» قال: حدثني القاسم بن الحسن 
الزبيدي» قال: حدثنا سهل بن محمدء قال حدثني العتبي) قال: حدثني أني» عن أبي حالد 
عن سفيان بن عمرو بن عتبة» قال: لما بلغت حمس عشرة سنة» قال لي أني: أي بني! قد 
انقطعت عنك شرائع الصباء فاختلط بالخير تكن من أهله. ولا تزايله فتبين منه كله ولا 
يغرنك من اغتر بالله عز وجل فيك فمدحك بما تعلم خلافه من نفسكء واعلم أنه يا بني 
لا يقول أحدٌ في أحد من الخير ما لا يعلم إذا رضيء إلا قال فيه مثله من الشر مما ليس 
فيه إذا سحطء فاستأنس بالوحدة من جلساء السوء تسلم من عواقبهم» ولا تنقل حسن 
ظني بك إلى غيره؛ قال: سفيان فما زال كلام أبي لي قبلة أتتقل معها ولا أنتقل عنها وما 
شيء أحمد مغبةً من قبول من ناصح معروف نصحه. 

ْ فليغتنا أصوا ات بد من العطاء 

حدثنا أحمد بن إبراهيم الطبري» قال: حدثني محمد بن القاسم بن مهويه» قال: 
وجدت في كتاب أني بخط قالك لما بويع إبراهيم بن المهدي ببغداد قل المال عنده 
فكان يلجأ إليه أعراب من أعراب السواد وغيرهم» فاحتبس عليهم العطاء فجعل إبراهيم 
يسوفهم بالمال ولا يرون لذلك حقيقة» إلى أن اجتمعوا يوماً فرج رسول إبراهيم إليهم 
يصرح لهم أنه لا مال عنده» فقال قوم من غوغاء أهل بغداد: فأخرجوا إلينا حليفتنا فليغن 
لأهل هذا الجانب ثلائة أصوات» ولأهل ذلك الجانب ثلاثة أصوات» فيكون عطاء لهم 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح تح 7 ل /ا. لاح 
فأنشدني دعبل في ذلك: 


يا معشر الأعراب لا تغلطوا حذوا عطاياكم ولا تسخطوا 
فسوف يعطيكم حنينية لا تدخل الكيس ولا تربط 
والمعبديات لقوادكم وما بهذااحد يفبط 
فنبكذايرزق أجناده خليفة مصحفه البربط 


قال القاضي: البربط العودء وأصله بالفارسية والعرب تسميه المزهر» وقد زعم 
بعضهم أن هذا الضرب من آلات الملاهي تسمى العود في سالف الأمم وغابرهاء وأن من 
أسمائه عند العرب الكران والبربط والموترء ولنا في هذا قول ليس هذا موضع ذكره. 

المجلس الحادي والأربعون 
وجوب ضبط العلم وتقييد الحكمة 

حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني» قال: أخبرنا سليمان بن داودء 
قال: حدثنا عبد الله بن وهبء قال: حدثني عبد الرحمن بن سليمان» عن عقيل بن خالد, 
عن عمه شعيب» أن شعيباً حدثه وبجاهداً أن عبد الله بن عمرو: حدثهما أنه قال لرسول 
الله يَيَه: اكتب ما سعت منك؟ قال: نعم قال: عند الغضب وعند الرضاء قال: نعمء إنه 
لا ينبغي أن أقول إلا حقاً. 

قال القاضي: في هذا الخبر دلالة واضحة على أنه من الصواب ضبط العلم وتقييد 
الحكمة) بالكتاب حفظاً لهما وحرزاً من تشلبهماء وعتاداً يرجع إليها» ويفزع الناسي 
إليهما فيذكر ما نسيه منه» ويستدل على ما عزب عنه؛ وعلى فساد قول من ذهب إلى 
كراهية ذلك؛» وقد جاء عن النبي و أنه قال: " قيدوا العلم بالكتاب "؛ وجاء في الأثر: أن 
سليمان بن داود» قال لبعض من أسره من الشياطين: ما الكلام؟ قال: ريح قال: فما 
يقيده» قال: الكتاب» وفي إحضار ما ورد في هذا المعنى وإيراد الحجج فيه طول لا حاجة 
بنا إلى ذكره في هذا الموضع. 

نصائح غالية للأحنف بن قيس 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أحبرنا أبو عمروء عن الثوري» قال: أخبرني 
رجل من أهل البصرة» عن رجل من بني تميم» قال حضرت مجلس الأحنف بن قيس 
وعنده قومٌ بجتمعون ني أمر لهم» فحمد الله تعالى وأثنى عليه» ثم قال: إن من الكرم منع 
الحرم» ما أقرب النقمة من أهل البغي, لا خير في لذة تعقب ندماء لن يلك ولن يفتقر من 
زهد رب هزل قد عاد جداًء من أمن الزمان خانه؛ ومن تعظم عليه هانه» دعوا المزاح 
فإنه يورث الضغائن» خير القول ما صدقه الفعل» واحتملوا لمن أدل عليكم, واقبلوا عذر 


حر بابس سشسسسس ابلس الحادي والأربعون حت 
من اعتذر إليكم» أطع أحاك وإن عصاك؛ وصله وإن جفاكء» انصف من نفسك قبل أن 
ينتصف منكء وإياك ومشاورة النساءء واعلم أن كفر النعمة لؤم» وصحبة الجحاهل شؤم, 
ومن الكرم الوفاء بالذممء ما أقبح القطيعة بعد الصلة» والحفاء بعد اللطف» وأقبح العداوة 
بعد الود» لا تكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسانء ولا إلى البخل أسرع إلى 
البذل» واعلم أن لك من دنياك ما أصلحت به مثواك؛ فأنفق في حق» ولا تكونن خازناً 
لغيرك» وإذا كان الغدر في الناس موجوداً فالثقة بكل أحد عجزء أعرف الحق لمن عرفه 
لك» واعلم أن قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل. ّ 

قال: فما رأيت كلاماً أبلغ منه. فقمت وقد حفظته. 

قال القاضي: هذا لعمري من أشرف الكلام وأبلغه وأحسنه. وأبلغ الخطاب وأبينه» 
فرحم الله أبا بحر كيف أشار بالرشد» وهدى إلى القصدء وما فصل من فصول خطبته 
هذه إلا وقد وردت الآثار بما يؤيدى مع ما في العقول مما يدعو إليه. ويؤكده؛ ومجالسنا 
هذه تتضمن كثيراً مما ورد في معناه» إن شاء الله وأيد بعونه وتوفيقه. 

بم سدت قومك؟ 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق» قال: حدثنا 
نصر بن علي» قال: حدثنا الأصمعي» قال: حدثني ابن المهيبي رجل من الأنصار» قال: 
قال معاوية لعرابة الأوسي: بم سدت قومك؟ قال: كنت أعطي سائلهم» وأعفو عن 
جاهلهم» وأسعى في مصالحهم؛ فمن فعل مثل فعلي فهو مثلي» ومن زاد عليه فهو خيرٌ 

كيف قال فيك ذوالرمة هذه الأشعار؟ 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا أبو المهلهل الحداني» قال: ارتحلت 
إلى الرمال في طلب مي صاحبة غيلان ذي الرمة» فما زلت أطلب موضع بيتها حتى 
أرشدت إلى البيت» فإذا حيمة كبيرة على بابها عجوز هتماء فسلمت عليه ثم قلت لها: 
أين منزل مي؟ قالت: مي ذي الرمة» قلت: نعم قالت: أنا مي» فعجبت ثم قلت للا: 
العجب كل العجب من ذي الرمة وكثرة ما قال فيك» ولسست أرى من الشاهد والوصف 
شيئاًء فقالت: لا تعجبن يا هذا منه» فإني سأقوم بعذره عنكء قال: ثم قالت: يا فلانة) 
قال: فخرجت من الخيمة جاريةٌ ناهدةٌ عليها برقع» فقالت: أسفري عنكء فلما أسفرت 
تحيرت لما رأيت من جمالمها وبراعتها وفصاحتهاء فقالت لي علق ذو الرمة يي وأنا في 
سنهاء فقلت: عذره الله ورحمه. أنشديني ما قال فيك» قال: فجعلت تنشد وأكتب أنا ما 
كنت مقيماً عندهاء ثم ارتحلت. فكانت مما أنشدتني قوله: 
خليلي لا ربعٌ بوهبين مخبر ولا ذو حجى يستنطق الدار يعذر 


-- اليس الصاح والأنيس الناصح 

فسيرا فقد طال الوقوف ومله 

فيا صاح لو كان الذي بي من الهوى 
حليلي هلا عجت إذ أنا واقفُ 


القصيد 


78ج 

حراجيج أمثال الحنيات ضمر 

به لم أذره أن يعزى وينظر 
أغيض البكا في دار مي وأزفر 


8 


قوله: عجوز هتماء: الهتم: سقوط الأسنان من فوق ومن أسفلء يقال: امرأة هتماء 
ورجل أهتمء ويقال: ضربه فهتم فاى قال الفرزدق: 


إن الأراقم لن ينال قديمها 


كلب عوى متهتم الأسنان 


مرثية من أحسن المراثي 
حدثنا بي رضي الله عنهء قال: حدثنا أبو أحمد الختلي» قال: أخبرنا القاسم بن الحسن» 
قال: حدثنا زكريا بن أني خخحالد البلدي» قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم الوراق» عن 
الأصمعي» قال: خرجت إلى مقابر البصرة فإذا امرأة واقفة على قبر» وهي تندب وتقول: 


هل أخبر القبر سسائليه 
أم هيل تراه أحاط علماً 
ياموت لو تقبل افتداءً 
أنعي بريداً لمجتديه 
أنعي بريداً إلى حزوب 
أنعت مس لايحيط علسسا 
ياجبلاً كانذاامت تناع 
وياهريضاً عللى فراش 
ويا صبوراً على بلاء 
ياموت مذاأردت مسشني 
دهمر رماني بفقدإلفي 
آمنك الله كإلروع 
أسسكنك الله في محل 


وقرع يناب زائكريه 
بالسسد المستعك-. ف يه 
كنت بنفسي س أفتديه 
تحسر عن منظلر كلريه 
بوصفه تدب واص ‏ فيه 
وركلين عبزلآمليه 
أذم دهري وأشتكيه 
وكلماكنت تتقسيه 


يقصر عن وصفغ ذاكريه 


قال القاضي رحمة الله عليه: هذه المرائي من أحسن المرائي وأبلغها من القلوب» 
للطف معانيهاء ورقة حواشيهاء وقرب ألفاظها وعذوبتهاء وسماحة بمحاريها وطلاوتهاء وقل 


ع ١‏ ابس سس سر سح املس الحادي والأربعون حت 
ما أثر في قلبي منظوم تأثيرها عند إنشادهاء وكانت لي ابنة لطيفة امحل من قلبي» نفيسة 
المنزلة في نفسي» ذات محاسن كثيرة» وفضائل غزيرة» ورزقت حظاً من حفظ التلاوة 
والآداب الدينية» مع عقل رصين ونزاهة ودين» وهبها الله بفضله ونعمته؛ ثم استأثر بها 
بعدله ومشيئته» فسلمت للرب جل جلاله قضاءه فيها وعرفت حسن اختياره لي ولماء إذ 
كان حالقها أملك بها من والدها ومنشيهال وأرحم بها من تاكلهاء وصابرت عظيم 
المصاب بهاء ورضيت بثواب الله عوضا منهاء ولحجت بهذه الأبيات التي قدمت ذكرها 
فمكثت زمانا أقطع ليلي ونجاري بترجيعها والترنم بهاء وأستشفي بفيض دموعي ورفع 
عفيرتي بتردادهاء ولإعجابي بها رأيت إتباعها بذكر ما حضرني من الأخبار التي تضمنتها 
شتى وطرق مختلفة. 

الملك بن قريب الأصمعي : خر بجت ذات يوم في البادية فإذا أنا بامرأة إلى جانب قبر وهي 
تشير بيدهاء فقلت: ينبغي أن تكون هذه تندب أو ترئي» فدنوت حتى قربت منها فإذا 
هي تقول: 


هل حبر القبر سائليه 
أم هل تراه أحاط علماً 
لو يعلم القبر من يواري 
يا قبر لو تقبل افققداء 
أنعي بريداً إلى حزوب 
أندب من لا يحيط علماً 
يا جبلاً كان ذا امتشاع 
أنعي بريدا ختنيه 
يا نخلة طلعها نضيدٌ 
تحلو نعم عنده ساحاً 
أيا صبوراً على بلاء 


أم قر عينساً بسزائريه 
بالجسد المستكن فيه 
تاه على كل من بليه 
كنت بنفسي سأفتديه 
تحسر عن منظر كريه 
بوصفه ندب نادبسيه 
وركن عز لآمليه 
أنعي بريداً لمعتقفيه 
يقرب من كف بحكتنيه 
وطيبها راتب بفيه 
كان به الله مبتليه 


قال: عبد الملك فحفظت ما قالتء ثم دنوت إليهاء فقلت لما: أعيدي لفظك رحمك الله 
قالت: أما والله لو علمت أن أحداً يسمعني ما تفوهت به قال: فقلت للا: إني أسألك ألا 
أعدته) فقالت: يا شيخ سوءةً لك؛ أقول لك ما أقول وتعيد علي الكلام فقلت لما: إني أسألك 


جح الجليس الصالح والأيس الناصح ب سس سس سس سس رمح 
إلا سمعته مني» فأقبلت على بوجههاء وسفرت عن تناعهاء وقالت: اللهم إن يأت في الدنيا 
أصمعي فهذا هوء فقلت: أنا هو» من الفتى تندبين؟ فقالت: أي وابن أمي. 

ورواية ثالثة حدثنا الحسن بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلاني» 
قال: حدثنا إبراهيم بن عمر» قال: سمعت الأصمعي أنه أتى المقابر ذات يوم فإذا جارية 
كادت أن تختفي بين قبرين قلة ودمامة) وهي تبكي بقلب موجع» وكلام م حزين) ولفظ 
كأنه خرزات نظمن تحدرن» وقد أدحلت رأسها ني لوح القبر؛ وهي تقول: 


هل أخبر القبر سائليه 
أم هل تراه أخاط علماً 
لو يعلم القبر ما يواري 
يا موت لو تقبل اققداءً 
أنعي بريداً نحتنيه 
أبكي بريداً إلى حزوب 
يا جبلاً كان ذا شاع 
ويا مريضاً على فراش 

ويا صبوراً على بلاءً 
يا دهر ماذا أردت مني 

دهر رماني بفقد صبري 


ذهبت ياموت بابن أمي 


أم قر عيناً بزائريه 

بالبدن المستكن فيه 
تاه على كل من يليه 
كنت بنفسي سأفتديه 
أنعي بريداً لمعقفيه 
تحسر عن منظر كريه 
وركن عز لآمليه 
يقرب من كف بحكتنيه 
تؤذيه أيدي ممرضيه 
كان به الله مبتليه 
حققت ما كنت أتقيه 
أذم دهري وأشتكيه 
بالسيد الفاضل الوجيه 


المجلس الثاني والأربعون 
فصل ابِنْ عباس 
حدثنا محمد بن حمدان بن سفيان الطرائقي» قال: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح 
الزعفراني» قال: حدثنا يحيى بن عبادء قال: حدثنا خالد , بن أبي حالد أبو العلا قال: 
حدثنا حصين وليس ابن عبد الرحمن السلمي» قال: بينما سائل يسأل وابن ن عباس في الماة 
جالسء فقال له ابن عباس: يا سائل» فقال: لبيك» قال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأن 
محمداً رسول الله يل وتصلي الخمس وتصوم رمضان؟ قال: نعمء قال: فحق علينا أن 
نصلك قال: فنزع ثوبا كان عليه وكساه إياه» وقال عند ذلك: سمعت رسول الله يه 


قو “ما مسال كسا ملعا و كا 0 والأربعون حت 
ل: "أيما مسلم كسا مسلماً ثوباً كان في حفظ الله تعالى ما بقيت منه رقعة". 
تعليق ا مؤلف 

قال القاضي: وفي هذا الحديث ما يدعو إلى فعل الخير» ويحض عليه» ويرغب في 
اصطناع المعروف» ويندب إليه» ورحمة الله ورضوانه على ابن عباس ترجمان التنزيل» 
وحبر التأويل» وبحر العلوم والحكم؛ والحود والكرم؛ فلقد أجيبت فيه دعوة ابن عمه يك 
نبي الرحمة إذ دعا له بالفقه والحكمة» فأقبس علمه لقاصديه من الأمة» وأفاض فيهم 
مكارمه) وأفادهم غرائب علم الدين ومسائله. 

عين للحجاح يوفق في مهمته 

حدئنا محمد بن الحسن بن دريدء» قال: أخحبرنا أبو حاتم؛ عن الأصمعي؛ ؛ عن يونس» 
عن أبي عمروء قال: بعث الحجاج - إذ كان يقاتل شبيباً والحرورية بالعراق - إلى 
صاحب أهل دمشق» فلما أتاه» قال له: اطلب لي من أصحابك رجلاً جليداً بئيساً ذا عقل 
ورأي» فقال: أصلح الله الأمير» وما أحسبني إلا وقد أصبته» إن في أصحابي رجلاً من 
حكم بن سعد يقال له: الجراخ جلد صحيح العقل يعد ذلك من نفسه؛ يعني البأس» قال: 
فابعث لله فلما رآه الحجاج قال له: ادن يا طويل» فلم بزل يقول له ذلك ويشير اليه بيده 
حتى لصق به أو كاد؛ ثم قال: اقعدء فقعد تحك ركبته ركبته» وليس عنده غيره ثم قال 
له: قم الساعة إلى فرسك فاحسسه وأعلفه وأصلح منه ثم تحذ سرجه ولخامه؛ وسلاحك 
فضعه عند وتد فرسكء ثم ارقب أصحابك حتى إذا أحذوا مضاجعهم وناموا فاشدد على 
فرسك سرجه ولحامه» واصبب عليك سلاحك وخخذ رمحك وارج حتى تأتي إلى عسكر 
أعداء الله تعالى تعاينهم وتنظر إلى حالاتهم وما هم عليه ثم تصبحني غداًء ولا تحدئن شيا 
حتى تنصرفء فإذا انصرفت إلى أصحابك ذلا تتخيرهم يما عهدته إلبلك. 

فنبض الجراح» فلما أتى أصحابه وهم متشوفون له سألوه عن أمرهء فقال: سألني 
لأمير عن أمر أهل دمشق واععل هم به ثم فعل ما أمره به الحجاج؛ ثم خوج من العسكر 
يريد عسكر القوم» فلما كان في المنصف من العسكرين لقي رجلاً ني مثل حاله» فعلم 
الجراح أنه عين العدو يريد مثل الذي حرج له فتواقفا وتساءلاء ثم شد عليه الجراح فقتله 
وأوئق فرسه برحله؛ ثم نفذ إلى العسكر الذي فيه القوم فعاينه» وعرف من حاله وحال 
أهله ما أمر به» ثم انصرف إلى القتيل فاحتز رأسه وأخحذ سلاحه وجنب فرسه وعلق 
الرأس في عنق فرسه؛ ثم أقبل. 

وصلى الحجاج صلاة الصبح وقعد في مجلسه: وأمر بالأستار فرفعت وهو متشوف 
منتظرٌ الجراح» وجعل يرمي بطرفه إلى الناحية التي يظن أ نه يقبل منهاء فبينا هو كذلك إذ 
أقبل الجراح يجنب الفرس والرأس منوط في لبان فأقبل الحجاج يقول ويقلب كفيه: فعلت 


-َ الجليس الصالح والأنئيس الناصح سلس 7 #22 ١‏ ا 
ما أمرتك به؟ قال: تعم) وما لم تأمرني» حتى وقف بين يديه وسلم) م نزل وحدث 
الحجاج بما صنع وما عاين من القوم, فلما فرغ من حديثه زبره الحجاج وانتهره؛ وقال له 
الحجاج: انصرف فانصرفء قبينا هو في رحله إذ أقبل فراشون يسألون عن الجراح» معهم 
رواق وفرشُ وجارية وكسوة» فدلوا على رحله؛ فلم يكلموه حتى ضربوا له الرواق 
وفرشوا له فرشا وأقعدوا فيه الجارية» ثم أتوه فقالوا: ابض إلى صلة الأمير وكرامته» فلم 
يزل الحراح بعدها يعلو ويرتفع حتى ولي أرمينية فاستشهدء قتلته الخزر. 
قال أبو حاتم: الجراح مولى مسكان أني هانىء أي أي نواس» وذلك عتى أبو نواس 
يا شقيق النفس من حكم نمت عن ليلي ولم أنم 
معنى البئيس واللبان | | | 
قال القاضي: في هذا الخبر: فاطلب لي من أصحابك رجلا جليدا بئيساء البئيس: الشجاع 
الشديد في الحرب» وهو من البأس» والبأس: الحرب قال أبو بكير الحذلي في البئيمس: 
ومعي لبوسٌ للبئيس كأنها قرن بجبهة ذي نعاج بحفل 
من قول الله عز وجل: «إبعذاب بئيس # معناه: شديد» وقول الراوي في هذا الخبر: 
والرأس منوط في لبان فرسه. اللبان: الصدر قال عنترة: 


يدعون عنتر والرماح كأنها أشطان بثر في لبان الأدهم 
ما زلت أرميهم بثغرة نحره ولبانه حتى تسربل بالسدم 
فازور من وقع القنا بلبانسه وشكا إلي بعبرة وتحمحم 
وأما اللبان بالضم فهو الكندرء واللبانة: الحاجة» قال لبيد: 
قض اللبانة لا أبا لك واذهمب والحق بأسرتك الكرام الغيب 


فأما اللبان بالكسر فهو ما يدر به ثدي النساءء ويقال له: منهن اللبان ومن غيرهن من 
إناث الحيوان: لبن» قال الأعشى: 


وقال بعض العرب: 
دعتني أخاها أم عمرو ولم أكن أحاها ولم أرضع لما بلبان 


وقد كثر استعمال الناس لفظ اللبن في اللبان» واستفاض في الآثارء» وكلام فقهاء 
السلف والخلف ومنطق الخاصة والعامة» وأنكره بعض أهل اللغة. 
الحجاج يكثر الخير شي البيوت 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا ابن أي سعدء قال: أخبرنا علي بن 

الحسن» قال: أخحبرني إبراهيم بن محمد عن الحيثم بن الربيع» قال: قال الحجاج: إني لا 


د ١‏ لاس سس املس الثاني والأربعون حت 
أرى الناس قد قلوا على موائدي فما بالهم؟ فقال له رجل من عرض الناس: أصلح الله 
الأميرء إنك أكثرت خير البيوت فقل غشيان الناس لطعامكء فقال: الحمد لله وبارك الله 
عليك» من أنت؟ قال: أنا الصلت بن قران العبدي» فأحسن إليه 
الخلفاء يغارون من أبيات جيدة قيلت في غيرهم 
حدثنا أحمد بن العباس العسكريء, قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعدء قال: حدثنا عبد 
لله بن محمد بن موسى بن حمزة» مولى بني هاشم, قال: حدثني أحمد بن موسى بن حمزة» 
قال: الفضل بن يزيغ» قال: رأيت مروان بن أني حفصة قد دحل على المبدي بعد موت 
معن بن زائدة في جماعة من الشعراء وفيهم سلم الخاسر وغيره؛ فأنشده مديحاًء فقال: 
من؟ قال: شاعرك مروان بن أبي حفصة., فقال له المبدي: الست القائل: 
أقمنا باليمامة بعد معن مقاماً لا نريد به زيالا 
وقلنا أين فرحل بعد معن وقد ذهب النوال فلا نوالا 
قد جىت تطلب نوالنا وقد ذهب النوال» لا شيء لك عندناء جروا برجله. قال: 
فجروا برجله حتى أخرجء فلما كان في العام المقبل تلطف حتى دحل مع الشعراء - وإما 
كانت الشعراء تدخعل على الخلفاء ني ذلك الحين في كل عام مرة - قال: فمثل بين يديه 
وأنشده قصيدته التي يقول فيها: 
طرقتك زائرة فحي خيالهها بيضاء تخلط بالحياء دلاللها 
قادت فؤادك فاستقاد وقبلها قاد القلوب إلى الصبا فأمالما 
قال: فأنصت لما حتى إذا بلغ إلى قوله: 
هل تطمسون من السماء نجومها بأكفك مأو تسترون هلالهبا 
أو تدفعون مقالةَ عن ربكم 2 ججببريل بلغها النبي نقالها 
شبدت من الأنفال آخر آية بشرائهم فأردتمإبطالها 
يعني بني علي وبني العباس» قال: فرأيت المهدي وقد زحف من صدر مصلاه حتى 
صار على البساط إعجاباً بما سمع» ثم قال له: فإنها لأول مائة ألف أعطيها شاعر في حلافة 
بني العباس. 
قال: فلم تلبث الأيام أن أفضت الخلافة إلى هارون الرشيد» قال: فرأيت مروان بن أني 
حفصة ماثلاً مع الشعراء» بين يدي الرشيد وقد أنشده شعراً فقال له: من؟ قال: شاعرك 
مروان بن أي حفصة.ء فقال له: ألست القائل البيتين اللذين له في معن اللذين أنشدهما 
المهدي: حذوا بيده فأخحرجوه. فإنه لا شيء له عندناء فأخرج. 
فلما كان بعد ذلك بيومين تلطف حتى دحل عليه فأنشده قصيدته التي يقول فيها: 


- الجليس الصالح والأئيس الناصح ج--------___ 7س <ا ا ١‏ ل 
لعمرك لا أنسى غداة الخحصب إشارة سلمى بالبنان المعختضب 
وقد صدر الحجاج إلا أقلهم مصادر شتى موكباً بعد موكب 
قال: فأعجبته قال له: كم قصيدتك بيناً؟ قال له: ستون أو سبعون بيتاًء فأمر له بعدد 
أبياتها ألوفاء فكان ذلك رسم مروان حتى مات. 
مزرد ينتقم لحرمانه 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أي قال: حدثنا أحمد بن عبيد» قال: 
أخبرنا الأصمعي . 
قال: كنت يوماً عند هارون أمير المؤمنين» فقدمت إليه فالوذجة» فقال: يا أصمعي! 
قلت: لبيك يا أمير المؤمنين؛ فقال: حدثني حديث مزرد أحي شاخ. فقلت: يا أمير 
المؤمنين! إن مزرداً كان غلاماً نهماً جشعاً وكانت أمه تؤثر عيالها بالزاد عليه» وكان ذلك 
يغيظه ويغمه» فذهبت أمه يوماً ني بعض حقوق أهلها وحلفت مزرداً في رحلهاء فدخل الخيمة 
وأخذ صاعي دقيق وصاع عجوة وصاع سمن؛ فضرب بعضه ببعض وأكله. ثم أنشأ يقول: 


ولما مضت أمي تزور عيالها أغرت على العكم الذي كان يمنع 

خلطت بصاعي حنطة صاع عجوة إلى صاع ممن وسطه يتسرييع 

ودبلت أمثال الآثافي كأنها رءوس نقاد قطعت يوم تحجصمع 

وقلت لبطني اشبع اليوم إنه 0 حمى أمنامما تفيد وتجمع 

فإن كنت مصفوراً فبذا دواؤه وإن كنت غرثاتاً فذا يوم تضبع 

قال: فاستضحك هارون حتى أخحذ على بطنه» واستلقى. ثم قعد» فمد يده وقال: 
حذوا باسم الله. 


معنى النهم والنقد. والصضر والغرث 

قال القاضي: قوله : كان غلاماً نما .يني حريصا على الأكل وهو كالشره والشع؛ 
يقال: نهم ينهم هما فهو نهم مثل شره يشره شرهاً ويقال أيضاً: رجل منهوم؛ وقد قدمنا 
القول في ذلك. 

والنقاد: الغنم الصغار التي هي شرط ليست خيرات ولا حرزات؛ يقال لها: نقد» كما 
قال الراجز: 

لو كنتم شاءً لكنتم نقدا 

وقول مزرد يخاطب بطنه: فإن كنت مصفوراًء يعني: وإن كان بك الصفر وهو داء 
في البطن ب يبيج الجوع على صاحبه؛ قال الشعر: 

لا يغتمز الساق من أين ولا نصب. ولا يعض على شرسوفه الصفر 


ومولبلللسشسشسسسسس سس صصح املس الثاني والأربعون حت 
وروي عن النبي ييه أنه قال: " لا عدوى ولا هامة ولا صفر ". وكان العرب ترى 
أن ذلك يعديء فتأول قوم هذا الخبر على أنه عني به هذا المعنى وذهب به آحرون إلى أنه 
الشهر المسمى صفراء وإبطال ما كانت العرب تفعله في تقديمه إلى ا حرم على ما كانوا 
يذهبون إليه في النسيء. 
واستقصاء بيان هذا مرسوم في موضعه.ء فأما الصفر في بيت مزرد وني البيت الذي 
استشهدنا به فإنه الداء الذي وصفناه دون غيره. 
وأما قوله: فإن كنت غرثاناً فإنه من الغرث؛: وهو الجوعء» يقال: رجل غرثان أي 
جائع» وامرأة غرثى» مثل غضبان وغضبىء قال الأعشى: 
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم وجاراتكم غرثئى يبتن حمائصا 
وتروى غر مكان غرثى» وقال حسان بن ثابت: 
حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل 
رد على عتاب 
حدثنا محمد بن ب يحى اصرلي» 5ل : حدثنا أحمد بن يزيد المهلبي» ؛ قال: سمعت هبة الله ابن 
إبراهيم بن المهدي» يقول: كتب أ ي إلى بعص عن حب عله ل ا لو عرفت الحسن 


لتجنبت القبيح» ولو استحليت الحلم لاستمررت الخرق» وأنا و نت كما قال زهير: 
وذي حطل في القول يحسب أنه ا 0 
عبأت له حلمي وأكرمت غيره وأعرضت عنه وهو باد مقاتله 


وإن من إحسان الله تعالى إلينا وإساءتك إلى نفسك أ نا أمسكنا عما تعلم» وقلت ما لا 

تعلم» وتركنا الممكن وتناولت المعجز. 
أشعب يتوب عن لحم الجداء 

حدثنا 0 سن بن أحمد المعروف بابن الشرائي» قال: حدثنا أبو العباس 
المرئدي» قال: أ إسحاق الطلحي» قال: أخبرني أبو محمد عيسى بن عمر بن 

عيسى التيسي» قال ؟ 

كان زياد بن عبد الله الحارثي حال أني العباس أمير المؤمنين والياً لأبي العباس على 
مكة فحضر أشعب مائدته في أناس من أهل مكةء وكانت لزياد بن عبد الله الحارئي 
صحفة يخص بهاء يها مضيسةٌ من للم جد فائى ما فأمر الغلام أن يضعها بين يدي 
أشعب وهو لا يدري أنها المضيرة» فأكلها أشعب, يعني أتى على ما فيهاء فاستبطأ 
زياد بن عبد الله المضيرة» فقال: يا غلام! الصحفة التي كنت تأتيني بهاء قال: قد أتيت بها 
- أصلحك الله - فأمرتني أن أضعها بين يدي أني العلاءء قال: هنا الله أبا العلاء وبارك 
له فلما رفععت المائدةء قال: يا أبا العلاء - وذلك في استقبال شهر رمضان - قد حضر 


حت الجليس الصاح والأنيس الناصح 22 اس سس ري ل 
هذا الشهر المبارك» وقد رققت لأهل السجن لما هم فيه من الضرء ثم لانضمام الصوم 
عليهم» وقد رأيت أن أصيرك إليهم فتلهيهم بالنهار وتصلي بهم الليل» وكان أشعب حافظاً 
لكتاب الله فقال: أو غير ذلك - أصلح الله الأمير - قال: وما هو؟ قال: أعطي الله عهدا 
ألا آكل مضيرة جدي أبداً. 
أول يوم تعرف الشعراء بأبي تمام 

حدثنا محمد بن محمود الخزاعي» قال: حدثنا علي بن الجهم» قال: كان الشعراء 
يجتمعون ني كل جمعة في القبة المعروفة بهم في جامع المدينة» فيتناشدون الشعر ويعرض 
كل واحد منهم على أصحابه ما أحدث من القول بعد مفارقتهم في الجمعة التي قبلها. 

فبينا أنا في جمعة من تلك الجمع؛ ودعبل وأبو الشيص وابن أبي فنن يجتمعون والناس 
يستمعون إنشاد بعضنا بعضاًء أبصرت شاباً في أخريات الناس جالساً في زي الأعراب 
وهيئتهم» فلما قطعنا الإنشاد قال لنا: قد سمعت إنشادكم منذ اليوم» فاسمعوا إنشادي») 
قلنا: هات» فأنشدنا: 


فحواك عينٌ على نجواك يا مذل حتام لا ينقضي من قولك الحنطل 
فإن أسج من تشكو إليه هوى من كان أحسن شيء عنده العذل 
كأنما جاد مغناه فغيره دموعنا يوم بانوا وهي تنهمل 
ولو ترانا وإياهم وموقفنا في موقف البين لاستهلالنا زجل 
من حرقة أطاعتها فرقة أسرت قلباً ومن عذل في نحره غزل 
وقد طوى الشوق في أحشائنا بقَرٌ عين طوتهن في أحشائها الكلل 
ثم مر فيها حتى انتهى إلى قوله في مدح المعتصم: 
تخاير الخشعر ليه إذ هرت بم حتى ظننت قوافيه ستقتشل 
قال: فعقد أبو الشيص عند هذا البيت حنصره ثم مر فيها إلى آحرهاء فقلنا: زدنا 
فأنشدنا: 
دمن ألم بها فقال سلامٌ كم جل عقد ضميره الإلمام 
ثم أنشدناها إلى آخرهاء وهو يمدح فيها المأمون» فاستزدناه فأنشدنا قصيدته التي 
أوها: 
قدك اتئب أربيت في الغلواء كم تعذلون وأنتم سجرائي 


حتى انتهى إلى آخرهاء فقلنا له: لمن هذا الشعر؟ فقال: لمن أنشدكموه قلنا: ومن تكون؟ 
قال: أبو نمام حبيب بن اوس انيه لل بو الشيص: ريم أن هذا الشعر لك وتقول: 


دو+لللللللبنسسسسل البجحلس الثاني والأربعون حت 

قال: نعمء لأني سهرت في مدح ملك ولم أسهر في مدح سوقة» فقربناه حتى صار 
معنا في موضعناء ولم نزل نتهاداه بينناء وجعلناه كأحدناء واشتد إعجابنا به لدماتته 
وظرفه» وكرمه وحسن طبعه. وجودة شعرهء وكان ذلك اليوم أول يوم عرفتاه فيه ثم 
تراقت حاله حتى كان من أمره ما كان. 


شرح وإعراب 
قال القاضي: قول أني تمام: يا مذلء المذلء الفتور والحندرء قال الشاعر: 


وقوله: 
حتى كك 2 قوافيه تقتتز 
أسكن الياء وحقها النصب لضرورة الشعر» وقد جاء مثله في كثير من العربية؛ ومن 


ذلك قول الأعشى: 
فتى لو ينادي الشمس ألقت قناعها أو القمر الساري لألقى المقالدا 
وقال رؤبة: 
كأن أيديون بالقاع القفرق أيدي جوارٍ يتعاطين الورق 


وقد قرأ ب بعض النحوبين من القرأة حرفاً من القرآن على هذه اللغة في رواية اتيت 
إلينا عنه» ذلك أن أبي حدثني قال: حدثنا محمد بن معاذ بن قرة الحروي» قال: حدثنا 
علي بن حشرم, قال: سمعت الكسائي يقرأ: " وإني حفت الموالي من ورائي " قال: 
كأن أيديبن بالقاع القرق أيدي جوار يتعاطين الورق 
والمعروف في هذا الموضع من التلاوة قراءتان» إحداهما: "وإني خفت الموالي" بمعنى 
قلت الموالي» فالموالي في هذه القراءة ساكنة» وهي في موضع رفع بالفعل. 
رويت هذه القراءة عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وعدد من متقدمي القرأة) 
والقراءة الثانية: وإني حفت» من الخوف الموالي بالتصبء إذ هي مفعول بها. 
وهذا باب واسع مستقصى في كتبنا المؤلفة في علوم التنزيل والتأويل» والمعروف مما 
نقله رواة الشعر في بيت الأعشى: فتى لو ينادي الشمسء فيه وجهان من التفسير. 
أحدها: أن يكون من الدعاء والمناداة» والمعنى: لو دعاها لأجابته مذعنة طائعة. 
والآعر: أن يكون المعنى: لو جالسها في الندي والنادي» ورواه أبو العباس محمد بن يزيد 
النحوي: لو يباري من المباراة» وهي المعارضة» والعرب تقول: فلان يباري الريح» أي 
يعارضهاء قال طرفة: 
تباري عناقاً ناجيات وأتعبت وظيفاً وظيفاً فوق مور معبد 
وقول أني هام: قدكء معتاه: حسبكء قال النابغة: 1 


-َ الجليس الصالح والأئيس الناصح سس سس ب ب 1 الات 
قالت: ألا ليتما هذا الحمام لنا إلى حمامتنا أو نصفه فقتهقد 

ومعنى: اتئب: استحي» أربيت: زدت في الغلواء» مأحوذ من الغلو وتجاوز الحد» قال 

الشاعر: 
إلا كناشرة الذي ضيعتم كالغصن في غلوائه المتثبت 

والسجراء بالسين المهملة جمع سجيرء وهو القريب الولي» فأما الشجراء بالشين 

المعجمة فإنه جمع شجيرء وهو البعيد والعدو. 
المجلس الثالث والأريعون 
الزجر عن أذى اليتيم 

حدننا الحسن بن إبراهيم بن عبد اميد المقري» قال: حدننا أبو يو سف الفلوسي» 
قال: حدثنا عمرو بن سفياك القطيعي» قال: حدثنا الحسن بن أي جعفر» عن علي بن 
زيد» عن سعيد بن المسيب» عن عمر بن الخنطاب» قال: قال لي رسول الله غِيَ: " إن 
اليتيم إذا بكى اهتز عرش الرحمن عز وجل لبكائه» يقول الله تعالى: من أبكى عبدي وأنا 
قبضت أباه وواريته في التراب؟ فيقولون: ربنا لا علم لناء قال: اشهدوا أن من آواه 
أرضيته يوم القيامة'". 

تعليق ال مؤلف 

قال القاضي: في هذا الخبر زجر عن أذى اليتيم وترغيب في التعطف عليه» والإحسان 
إليه» والعقول السليمة والفطن السوية» تنبئان عن حظر ظلمه. وحسن حفظه وتعهده» وما 
أتى عن الله عز وجل في محكم تنزيله وعلى لسان رسوله من التوصية به» والتوعد بأليم 
العقاب على ظلمه؛ كثير ظاهر» قد قامت الحجة به واستفاض العلم بصحته. في خاصة 
المسلمين وعامتهم) ومأموميهم وأئمتهم. فاتقى امرقاً ربه» وخحاف مقامه وأشفق مما هو 
أمامه؛ وتدبر قول الله عز وجل: #وليخشين الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا 
خافوا عليبم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديداء إن الذين يأكلون أموال الينامى ظلما 
إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا4 فإن هذا الذي تلوناه في نظائره من 
التنزيل أجزل لفظ وأبلغ وعظء وفي فضل المصيخ إليه والعامل عليه والقابل له والقائم 

وفقنا الله وإياكم لمرضاته وأعاننا على طاعته. وعصمنا من معصيته» إنه جواد كر 
رءوف رحيم. 

ساكل مثها ولو شققت بطنك 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريدء قال: أخبرنا أبو حاتم قال: أتخبرنا العتبي» عن أبيه» 

قال: حج معاوية رحمه الله وكان عامله على المدينة مروان» فلما ورد المدينة هيأ له مروان 


.مم سس ببس سس مجلس الثالث والأربعون حت 
طعاماً فأكثر وجوده؛ فلما حضر الغداء جاء متطببٌ نصراني لمعاوية فوقف وجعل ! إذا أتى لون 
قال: كل يا أمير المؤمنين من هذاء وإذا أتى لون ظن أنه لا يوافقه» قال: لا تأكل من هذا. 

فلما كان في بعض غدائهم, أقبل زنجيان مؤتزران بربطتين بيضاوين يدلحان بجفنة لها 
أربع حلقات مترعة حيساًء فلما رآها معاوية استشرف لها وحسر عن ذراعيه» فقال له 
الطبيب: أي شيء تريد يا أمير المؤمنين؟ قال: أريد - والله - أن أواقع ما ترى» قال: 
أمزق ثياي» قال: ولو مزقت بطنلف» فجعل يديل مثل ديل لير ويقذف في جوفه حتي 
إذا نمل» قال: يا مروان! ما حيسكم هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين» عجوةٌ ناعمة» وإقطة 
مزنية» وسمنة جهنمية» قال: هذه - والله - الأشفية جمعت لا كما يقول هذا النصراني. 

زهد بعض الصحابة وتقشمّهم 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثنا موسى بن علي الختلي» قال: حدثنا أبو 
السكن زكريا بن يحيى» قال: حدثني عم أبي زحر بن حصن» قال: حدثني عنبسة بن 
عمرو الوهبي» قال: مر بنا عبد الله بن مسعود ونحن بسرف وهو يريد الححج؛ » فأهدينا إليه 
إقطاً وسمناً ولبناً وطيراً جاءت بها الرعاة من مسيرة أربعة أيام» فقال: وددت أني في موضع 
هذا الطير حيث لا أرى أحداً ولا برائي» ثم جلس يآكل وجلست آكل معهء فلما فرع من 
الأكل جعل يلحس الصحفة ويلعق ما فيهاء فقلت له: يا أبا عبد الرحمن! إن هاهنا من 
يكفيك غسلباء فقال: إن لعق الصحاف يعدل عتق الرقاب. 

عود إلى خبر معاوية وأكله من الحجيس 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثنا موسى بن علي الختلي» قال: حدثنا أبو 
السكين» قال: حدثني عمي زحر بن حصن,» عن جله حميد بن منهب» قال: حج معاوية 
وعامله على المدينة مروان» فاتخذ طعاماً فلما حضر وجلس يأكل قام نصراني على رأ 
معاوية وجعل يقول: كل من هذا فإنه ينفعك» ودع هذا فإنه يضرك؛ وأتي بعد الطعام 
بجفنة عظيمة يحملها أسودان مؤتزران بربطتين بيضاوين» مملوءة حيساًء أحسب أن كل 
راح منهما بحمل جفنة؛ فاستشرف فا معاوية فلما وضعت بين يديه جعل يديل مي 
تدبيلأء فعظم ذلك على النصراني وقال: يا أمير المؤمنين! لا تأكل منها وإلا مزقت ثيابي» 
قال: والله لآكلن ولو مزقت بطنك» وجعل يمعن في الأكل حتى اكتفى, ثم قال: يا مروان! 
ما جفنتك هذه؟ قال: عجوة ناعمة) وإقطة مزينة وسمنة جهنمية» قال: هذه والله أشفيه 
كلها لا ما يقول هذا النصراني. 

قال موسى: أبو السكين بن عباس خرج إلى البادية إلى شيخنا هذا زحر بن حصن 
فكتب منه هذه الأخبار» وكان يسميها "أخبار الأشراف". 


حت الجليس الضالح والأنيس الناصح لسعلل ب ستو لم 
ابن الأنباري لا يرغب في تفسير الحيس ‏ 
قال القاضي: لما ذكر ابن الأنباري الحيس في هذا الخبر وهو يمليه علينا سئل أن يفسر 
اليس» فألى فروجعء؛ فامتنع وضجرء وكان فيما قال: لم يفسره من قبلي فأفسره أنا! 
فعجبت من اعتلاله في الامتناع من تفسيره بأنه لم يفسره من قبله» والناس يحتاجون إلى 
تفسير من تأخز لهم ما لم يتقدمه في تفسيره من رواه قبله. وأعجب من هذا أنه أورد 
تفسيره في الخبر نفسه عند آخره. ش 
قال القاضي: والحيس من مطاعم العرب المعروفة لهم المشهورة» ومنه قول الشاعر: 
وإذا تكون كريبة أدعى لها وإذا يحاس الحيس يدعى جندب 
وقد روي أن النبي عن أولم على صفية بحيس بعد أن أعتقها وتزوجها. 
وقول الراوي في الخبر الذي رويناه عن ابن دريد: دلحان» عني به حملهما وتناوهماء 
وجعلهما بمنزلة الدالح الذي هو أحد من تناول الدلو عند الاستقاءء وبعده الماتح والمائح. 
أول من ذكر الحيس ضفي شعره 
حدثنا محمد بن ب يحيى الصولي» » قال: حدبنا شيخ ذكره يقال له محمد بن عبد الرحمن» 
حدته وذهب عني اسمه؛ عن ابن دأب» قال: كان ضمرة بن بكر بن عبد مناة» سيد بني 
كنانة وقد ضم ولد أعمامه إليه فأغير على إبل له فخحرج أهله واستنقذوهاء وكان أشدهم 
بأساً أ أسر بن الكارث بن عبد مناة؛ فلما ردوا الإبل على ضمرة عمل حيساً فأطسمه انه 
جندب إذ كان أحمر قد خرجء فعمد أ حمر إلى سلاحه قفليسه وأحذ إبله ورحله وقال: 


والله لا ساكنت ضمرة أبداً وقد عرف حسن بلائي» وهو مقبل على ابنه دوني؛ وقال: 


يا ضمر أخبرني ولست بفاعل وأحوك صادقك الذي لا يكذب 

هل في القضية أن إذا استغنيكم وأمنتم وأنا البعيد الأجنب 
وإذا الشدائد بالمععنق مرةً أشجتكم فأنا الحبيب الأقرب 
وإذا تكون شديدة أدعى لها وإذا يحاس الحيس يدعى جندب 
عجباً لتلك قضيةٌ واقامتي فيكم على تلك القضية أعجب 
فأكون فيكم مثل عبدأبيكم لا أم لي إن كان ذاك ولا أب 
فقال جندب: 

لنا صاع إذا كلنا حصومنا . نطفقها ونوفي للوفي 

لأحمر حيسه ولنا غنانا | كما أغتى وإن عابوا الغني 


سسب سس خلس الثالث والأربعون حت 
سنهدي إليكم أي هاتين شئتم ونعطيكم الصاع الذي قال جندب 
المشهور من الرواية في هذا الشعر: 
وإذا تكون كريبة أدعى لها 
وشديدةٌ أيضاًء وفي البيت الذي يليه: 
ذاكم وجدكم الصغار بعينه لاأمولي 0 
وامهوان أيضاًء وقد روي: عجبٌ لتلك قضيةً بالرفع» على أنه - أعني العجب - شيء 
لازم» مثل قوهم: ويل له» وقوله: 
فتربٌ لأفواه الوشاة وجندل 
وقالوا: ترباً وجندلاً» وترابء جعلوه نائباً عن الإهانة والإذلال. 
وروي: عجباً لتلك؛ نصباً على إضمار الفعل؛ بمنزلة قولهم: سقياً ورعياً: 
وقد روي لنا هذا الخبر - أعني خبر ضمرة - عن أني محمد الأنباري وني بعض ألفاظه 
احتلاف» ولعلنا نخرجه فيما يستقبل من مجالسنا هذه إن شاء الله. 
طالب مشاكس 
حدثنا علي بن محمد بن كامل النخعي» قال: حدثنا علي بن جعفر الرماني» قال: 
حدثنا إسماعيل السدي» قال: كنت في مجلس مالك أكتب عنهء فسكل عن فريضة فيها 
اختلاف عن أصحاب رسول الله يت فأجاب فيها بجواب زيد بن ثابت» فقلت: فما قال 
فيها علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعودء فأوما إلى الحجبة فلما هموا بي حاصرتهم 
وحاصروني فأعجزتهم» وبقيت محبرتي بكتبي بين يدي مالك» فلما أراد أن ينصرفء قال 
له الحجبة: ما نعمل بكتب الرجل ومحبرته» فقال: اطلبوه ولا تهيجوه بسوء حتى تأتوني به 
فجاءوا إلى فرفقوا بي حتى جىت معهم, فقال لي: من أين أنت؟ فقلت: من أهل الكوفة» 
فقال لي: إن أهل الكوفة قوم معهم معرفة بأقدار العلماء» فأين حلفت الأدب؟ قال: قلت: 
إها ذاكرتك لأستفيد» فقال: إن عليا وعبد الله لا ينكر فضلهماء وأهل بلدنا على قول 
زيدء وإذا كنت بين ظهراني قوم فلا تبؤهم بما لا يعرفون فيبدأك منهم ما تكره. 
قال: ثم حججت من سنتي وقدمت الشام» فدخلت دمشق فجلست في حلقة 
الوليد بن مسلمء فلم أصبر أن سألته عن مسألة فأصاب» فقلت: أحطأت يا أني العباس) 
فقال: تخطئني في الصواب وتلحن في الإعراب» فقلت: حفضتك كما حفضك ربك» 
وداحلته الاحتجاج فمال الناس إلي وتركوه؛ وقالوا: أهل الكوفة أهل الفقه والعلم» فخفت 
أن يندأني منه ما ندأني من مالك بن أنسء» فإذا رجل له حلم ودين وزعه عن الإقدام. 
السملة. وسطلة السطلة 
حدثني أحمد بن محمد بن الحراح الضراب» قال: حدثنا يحيى بن محمد بن أمين» قال: 


حت الجليس 3 اسن الناصح 0 
حدثنا إسماعيل بن أويس» قال: سمعت مالك بن أنس» يقول: قال ربيعة الرأي: يا 
0 قاد مي أكل بدينه,) قال: فمن سفلة السفلة؟ قال: قلت: من أصلح 
دنيا غيره بفساد دينه» قال: زف صدقتني. 
شهره قاض بالفلمان 
حدثنا ! إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفارء قال: سمعت أبا العيناء في مجلس أني 
العباس محمد بن يزيد قال: كنت في مجلس أني عاصم النبيل» وكان أبو بكر بن يحبى بن 
أكثم حاضراً فنازع غلاماً فارتفع الصوت» فقال أبو عاصم: مهيم؟ فقالوا: هذا أبو بكر 
ابن يحبى بن أكثم ينازع غلاماًء فقال: إن يسرق فقد سرق أب له من قبل. 
وحكاية أخرى هي المعنى 
حدثنا محمد بن إبراهيم الحكيمي» قال: قال أبو عبيد الله محمد بن القاسم: لما عزل 
إسماعيل بن حماد عن البصرة» شيعوه فقالوا: عففت عن أموالنا وعن دمائناء فقال إسماعيل: 
وعن أبنائكم. يعرض بيحيى بن أكثم من اللواط. 
وقاض تَمّتنه كاء 
وحدثنا الحكيمي» قال: قال أبو عبد الله: وكان الحسن بن عبد الله بن الحسن العنبري 
قاضياً عندنا في الفتئة» وكان عابساً كالحاً فقدمت إليه جارية لبعض أهل البصرة تخاصم 
في ميراث» وكانت حسنة الوجهء فتبسم وكلمهاء فقال عبد الصمد بن المعذل: 





ولما سفرت عنها القناع متيم تروح منها العنبري متيما 
رأى ابن عبد الله وهو خحكمٌ عليهاء لما طرفاً عليه محكما 

وكان قديماً عابس الوجه كالما فلما رأى منها السفور تببسما 
فإن يصب قلب العنبري فقبلها صبا باليتامى قلب يحيى بن أكثما 


مصدر فاعل المعال والمماعلة 

قال القاضي: قول أني العيناء في الحكاية الأولى من حكايتيه هاتين في قول إسماعيل ما 
قاله يعرض بيحيى بن أكثم باللواط هكذا قال: 

فاللواط مصدر لاوط يلاوط ومصدره لواط وملاوطة في القياس؛ مثل -زانى يزاني 
مزاناةً وزناء وقائل إيقاتل قتالاً ومقاتلة في نظائر ذلك من باب الفعال والمفاعلة» وأتى 
بالمصدر فيه صحيحاً بالواو لصحة فعلف وذلك لاوط يلاوط ولو كان مصدر يلوط لأعل 
إعلال فعله فقيل لاط لياطاء وقلبت واوه ياء لانكسار ما قبلهاء ألا ترى أنهم يقولون: قام 
قياماً في مصدر قام يقوم» وقوام في مصدر قاوم يقاوم؛ قال الله تعالى: إقد يعلم الله 
الذين يتسللون منكم لواذا4 فلواذا مصدر لاوذ يلاوذء فأما مصدر لاذ يلوذا يقال فيه: 





دع بم 
لاذ لياذاً» قال حسان بن ثابت في مصدر "لاوذ": 


المجلس الثالث والأربعون حت 





وقريشٌ تغر منهم لواذاً لم يقيموا وف منها الحلوم 
وقال ذو الرمة في مصدر " لاذ": 
تلوذ من الشمس أطلاؤها لياذ الغريم من الطالب 

وفي استقصاء تصريف هذا الجنس من الأفعال والمصادر» وذكر أصوله تقديراً وتقريرأًء 

ومييز مقايسه تفصيلاً وتحريرًء طول» وله موضع وهو أولى به. 
أيهما الأصل المعل أم المصددر 

وقد تعلق نحاة الكوفيين على أصحابنا البصريين بأنهم قد اتفقوا على حمل المصدر في 
الاعتلال على الفعل فأجروه بحرى التابع التالي له وأن هذا يدل على صحة قول من قدم 
الفعل فجعل المصدر مأحوذاً منه» وفساد قول البصريين بتقديم المصدر والحكم بأنه أحذ 
منه الفعل. 

وللبصريين جوابٌ عن هذا وانفصال منه» وذلك أن كره اختلاف الجملة واضطراب 
الباب» وأوثر التوفيق بين بعضه وبعضء فلما حضر معنى أوجب اعتلال الفعل اعتل 
المصدرء على أن المعتل من المصادر ما كان متجاوزاً الأصل فإنه هو أول في اللحقيقة له» 
ألا ترى أن ن أصل المصدر في القيام قام قوم وقوماً على أصل القياس في التقدير» مثل: 
صام صوماً وعام عوماً ورام روماً. 

ومن فائدة الاختلاف في أبنية المصادر يحصل الفرق بين المعاني المختلفة؛ كقوهم: 
وجدان في المال» ووجود في الإدراك» وموجدة في الغضبء ووجد في الغنى» وجدةٌ 2 
المالك ووجدٌ في الحب والغضبء والفعل فيه كله وجد يجدء وفرع المولدون من هذا 
قولهم: وجادة: ما كان من العلم أخذ من صحيفة من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة. 

ومثل هذا في الأساء التي حفظت مصادرها يستفاد به الفرق في العلاقة بالفتح في امحبة 
والمنصومة والعلاقة بالكسر في السيف والسوطء ولا حلاف في سبق هذه الأساء للأفعال 
وتقدمها عليها. 

ومما يبين إيثارهم توفيق المفضول في الحملة وإن كان القياس يقتضي لشيء منها 0 
غيره من بابه حكماًء » فيستتبع ما سواه و| ن لم يكن فيه من العلة ما فيه» قولهم: آمن 
وأبدلوا من الهمزة مدة كراهيةَ لاجتماع الحمزتين» ثم حملوا عليه يومن وتومن ونومن 
للترفيي والتسوية» وإن كانوا قد يقرونه على أصله؛ ويتركون ! إالحاقه بما العلة مخاصة فيه. 

وفي شرح هذا الباب وبسط القول فيه طول ليس هذا موضعه والفراء وهو من أنبه 
مخالفي البصريين في هذا الفضل وأعلمهم وأنظرهم في قياسه واستدلاله قد احتج في 
استحقاق الفعل الماضي الفتح يحمله إياه على التثنية في قولك: جلس وجلساء فألزم 


حت الجليس الصاح والأنيس الناصح سس سس سمس سيو وعر- 
الواحد وهو متقدم حكم الاثنين وهو بعده؛ فأتبع الأول الثاني وعلق عليه حكمه كأن ثانيه 
أول له» ومن كان هذا مذهبه فحقيقٌ على أن لا يذكر على خصمه مثله» وكيف وقد 
أومأنا من مذهب مخالفيه إلى ما يوضح عن حقيقته» ويدل على صحته. 
علمته الحياه 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا أبو الفضل الأصفهاني» قال: حدثنا 
سان عن الأصمعيء قال. مثل فتى بين يدي الحجاجء فقال: أصلح الله الأمير» مات أي 
وأنا حمل» وماتت أمي وأنا رضيع؛ فكفلني الغرباء حتى ترعرعت» فوئب بعض أهلي على 
مالي فاجتاحه» وهو هارب مني ومن عدل الأمير. فقال الحجاج: الله! مات أبوك وأنت 
حمل وماتت أمك وأنت رضيع وكفلك الغرباء» فلم يمنعك ذلك من أن فصح لسانك» 
وأنبأت عن إرادتك! اطردوا المؤدبين عن أولادي. 

كيف تختار أصدقاءك؟ 
تنا أني» قال: حدثنا أ, بو أحمد الختلي» قال: سمعت محمد بن عمر البزاز» يذكر عن 

حمد بن عياف قال: حدثنا سفيان بن عبينة قال علقمة ؛ بن لبيد العطاردي» لابنه: يا بني! 
إن نزعتك إلى صحبة الرجال حاجة» فاصحب من إن صحبته زانك» وإن سحدمته صانك» 
وإن عركت به مانك. ٠‏ 

من إن قلت صدق قولكء وإن صلت سدد صولكء يزاول عنك من رام ونالك.. 

من إن مددت يدك يصل مدهاء وإن بدرت منك ثلمة سدهاء وإن رأى منك حسنة 
عدها. 

من إن سالته أعطاك» وإن سكت عنه ابتداك. 

من إن نزلت بك إحدى ملمات الزمان آساكء من لا تأتيك منه البوائق» ولا تختلف 
عليك من الطرائق» ولا يخذلك عند الحقائق. ش 

من إن حاولت حويلاً أمرك» وإن تنازعتما منفساً آثرك. 

قوله: إن حاولت حويلاً أي رمت أمراً طالباً ومنازعاً أمرك؛ ويتجه في قوله: أمرك 
وجهان» أحدهما: أن يأمرك بالصواب فيه» ويشير عليك بركوب الحزم فيما تحاوله؛ 
ويرشدك إلى وجه الرأي في التأتي له. والوجه الثاني: أن يكون معنى قوله: أمرك كثرك فيما 
تحاوله وأيدك فيما تجاذبه وتزاوله» وأمدك بقوته» ورفدك بمعونته. من قولهم: قد أمر بنو 
فلان: أي كثرواء كما قال لبيد: 

إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا يوماً يصيروا للذل والعار 
وقال آخر: 
أم عيال ضنؤهااآمر لو نحرت لضيفها عشر جزر 


2مسلسلسسطسطسيس سس سس بلس ابلس الرابع والأربعون حت 
لأصبحت من لحمهن تعتذر 

وقد تأول قول الله عز وجل «إأمرنا مترفيها» على وجهين في قراءة الجماعة؛ 
والوجهان: أمرنا أي أمروا بالطاعة ففسقواء وقيل: فيه أكثرناء وقرىء أمرنا من الإمارة» 
وأمرنا بمعنى أكثرناء وروي عن الحسن أنه قال: أمرنا بكسر الميم على معنى أكثرناء 
وأنكر الفراء هذه القراءة وذكر أن أمر لا يتعدى إلى مفعول. وحكى أبو زيد التعدي في 
هذا الفعل عن العرب» فصحت قراءة الحسن من جبة العربية» وإن شذت عما نقلته 
الجماعة في هذه الكلمة من القراءة. ش 

واستقصاء هذا الفعل وتلخيصه» في موضعه من كتبنا ني علوم التنزيل والتأويل. 

المجلس الرابع والأربعون 
نعيمان الصحابي الظريف . 

حدثنا أحمد بن سليمان بن داود الطوسيء قال: حدثنا الزبير - يعني ابن بكار - 
قال: وحدثني يحيى بن محمد» قال: حدثني يعقوب بن جعفر بن أبي كثير» قال: حدثني 
أبو طوالة عبد الرحمن بن عبد الله الأنصاري» عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم 
عن أبيه» قال: كان بالمدينة رجل يقال له نعيمان» يصيب الشراب» فكان يؤتى به إلى 
النبي و فيضربه بنعله» ويأمر أصحابه فيضربونه بنعاللهم» ويحفون عليه التراب» فلما كثر 
ذلك منه» قال له رجل من أصحاب رسول الله ويك: لعنك الله» فقال له رسول الله عَ: لا 
تفعل» فإنه يحب الله ورسوله. 

قال: وكان لا يدخل المدينة طرفة إلا اشترى منها ثم جاء إلى النبي عَيَّهّ فقال: يا 
رسول الله! هذا أهديته لك؛ فإذا جاء صاحبه يطالب نعيمان بثمنه جاء به إلى النبي طق 
فقال: يا رسول الله! 000 
رسول الله! إنه - والله - لم يكن شنه عندي» ولقد أ حببت أن تأكله؛ فيضحك رسول الله 
عل ويأمر لصاحبه بثمنه. ش 

وفي هذا الخبر ما أبان فضل مكارم رسول الله ييه وحسن فكاهته وسعة خلقه 
وسجاحته. وقد روينا أنه كان من أفكه الناس» وأنه كان يقول: " إني لأمزح ولا أقول إلا 
حقاً "» وأنه قال: " إن الله تعالى لا يؤاخذ المزاح الصادق في مزاحه ". 

ونعيمان هذا ممن شهد بدراً مع رسول الله ويك وكان كثير الدعابة بديع الممازحة» 
وجلده رسول الله ا في الخمر» وكانت له على عهد رسول الله ف دعاباتاً استحستة 
الناس ويعجبون بها. 

منهاء ما حدثناه أحمد بن سليمان الطوسي» قال: جدثنا الزبير» قال: وحدثني بحيى بن 
عبد الله بن أبي الحارث بن عبد الله الأصغر بن زمعة» عن جابر بن علي بن يزيد بن عبد الله 





ح الجليس الصالح والأنيس الناصح م 
الأصغر بن وهب بن زمعة» عن قرببة بنت عبد الله الأصغر بن وهبء عن أبيهاء عن أم سلمة 
زوج النبي طقَقاء قالت: حرج أبو بكر الصديق قبل وفاة رسول الله ؤَتَهْ بعام في تجارة إلى 
بصرى ومعه نعيمان بن عمرو الأنصاي وسليط بن حرملة» وهما ممن شهد بدراً مع رسول 
الله ميقل وكان سليط بن حرملة على الزاد» وكان نعيمان مزاحاًء فقال لسليط» أطعمنيء 
فقال: لا أطعمك حتى يأتي أبو بكر فقال نعيمان لسليط: لأغيظنك. 
فمروا بقوم فقال نعيمان لمم: أتشترون مني عبداً لي؟ قالوا: نعم» قال: إنه عبد له 
كلام وهو قائل لكم لست بعبده وأنا ابن عمه؛ فإن كان إذا قال لكم ذلك تركتموه فلا 
تشتروه ولا تفسدوا علي عبديء قالوا: لا» بل نشتريه ولا ننظر في قوله. 
فاشتروه منه بعشر قلائص, ثم جاءوا ليأخذوه فامتنع منهم» فوضعوا في عنقه عمامة) 
فقال: لاء إنه يتهزأ ولست بعبدهء فقالوا: قد أخبرنا خبرك ولم يسمعوا كلامه. 
فجاء أبو بكر الصديق فأحبروه الخبر» فأتبع القوم فأخبرهم أنه مزحٌ» ورد عليهم 
القلائص وأخذ سليطاً منهم» فلما قدموا على الني و أخبروه الخبر فضحك من ذلك 
رسول الله يه وأصحابه جولاً وأكثر. 
ولنعيمان أخبار كثيرة لا يحتمل كتابنا هذا إحضار جميعهاء وقد استدل مستدلون بما 
أتى في الخبر الأول من ثناء النبي يك على نعيمان» وزجره للاعنه» ونظائره من الأخبار 
على فساد مذهب المعتزلة في وعيد أهل الصلاة وعلى صحة تجويز العفو عنهم وأنهم ني 
مشيئة الله تعالى. 
وللكلام ني هذا الباب موضع آخر. 
صفة الوليد بن يزيد وبعض شعره 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: حدثنا عبد الرحمن» عن عمه؛ قال: أخبرني 
مروان بن أي حفصة, قال: قال لي هارون أمير المؤمنين:. هل رأيت الوليد بن يزيد؟ قال: 
قلت: نعمء قال: صفه لي. قال: فذهبت أتحرجء فقال: إن أمير المؤمنين لا يكره ما تقول 
فقل» فقلت: كان من أجمل الناس وأشعرهم وأشدهم. قال: أتروي من شعره شيئاً؟ قلت: 
نعم» ودخلت عليه مع عمومتي ولي جمة فينانة. فجعل يقول بالقضيب فيها ويقول: يا 
غلام! هل ولدتك سكر؟ " أم ولد كانت لمروان بن الحكم زوجها أبا حفصة " فقلت: 
نعم» فسمعته يقول أنشد عمومتي: 
ليت هاشاً عاش حتى يرى محلبه الأوفر قد اآترعا 
كلنا له الصاع التي كالهها وما ظلمناه بها آصعا 
وما أتينا ذاك عن بدعة أحلها القرآن لي أجمعا 
قال: فأمر هارون بكتابتها فكتبت؛ ” 








حاقى امجلس الرابع والأربعون حت 

قال القاضي: جمةٌ فينانة معناها الوافرة الحثلة» وقول الوليد في شعره: محلبه الأوفر: 
يعني : الإناء الذي يحلب فيه بكسر ميمه. أجراه في بابه الأعم في الأواني والأدوات» 
كالمخرف والمكتل والمرجل والمقطع والمحيط والمبضعء فأما المتطبب به الذي تغلظ فيه 
العامة فيقولون: المحلب فهو الحلب .بفتح الميم مثل المندل» وهو العود. 

الوليد يسافر ليشرب في حانة بالحيدأ 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» » قال: حدثني أبو الفضل الربعي» قال: 
إسحاق الموصليء» قال: قال محمد بن منصور الأزدي؛ حدثني شيخ من ا 07 
حدثني حمارٌ كان بالحيرة» قال: ما شعرت يوماً وقد فتحت حانوتي إذا فوارس ثلاثة 
متلثشمون بعمائم حز قد أقبلوا من طريق السماوة في البرية» فقال أي أحدهم: أنت مر عبد 
الخمار؟ قلت: نعم» وكنت موصوفاً بالنظافة وجودة الخمر وغسل الأواني» فقال: اسقني 
رطلاء فقمت فغسلت يدي ثم نقرت الدنان فنظرت إلى أصفاها فبزلته وأحذت قدحاً 
نظيفاً فملاته ثم أحذت منديلاً جديداً فناولته إياه فشرب» وقال: اسقني آخر. فغسلت 
يدي وتركت ذلك الدن وذلك القدح وذلك المنديل» ونقرت دنا آخحر فبذلت منه رطلاً 
في قدح نظيف» وأحذت منديلاً جديداً فسقيته فشربء وقال: اسقني رطلاً آخر» فسقيته 
في غير ذلك القدح» وأعطيته غير ذلك المنديل» فشرب وقال: بارك الله عليك» فما 
أطيب شرابك وأنظفك! فما كان رأبي أن أشرب أكثر من ثلاثة) فلما رأيت نظافتك 
دعتني إلى شرب آخر فهاته فناولته إياه على تلك السبيل» ثم قال: لولا أسباب شمنع من 
بيتك لكان حبيباً إلى أن أجلس فيه بقية يومي هذا. ْ 

وولي راجعاً في الطريق الذي بدا منه» وقال: اعذرناء ورمى إلي أحد الرجلين اللذين 
كانا معه بشيء فنظرت فإذا صرة فيها حمس مائة دينار» وإذا هو الوليد بن يزيد أقبل من 
دمشق حتى شرب من شراب الحيرة وانصرف. 

قال القاضي: أخبار الوليد بن يزيد كثيرة» وقد ذكرها الإخباريون مجموعة ومفرقة» 
ومعظمها يأتي متفرقاً في مالس كتابنا هذا. 

وكنت جمعت شيئاً منها فيه» من سيره وآثاره ومن شعره الذي ضمنه ما فجر به من 
خحرقه وسفاهته» وحمقه وخسارته» وهزله وبحونه» وركاكته وسحافة دينه» وما صرح به 
من الإلحاد في القرآن» والكفر وباطله ممن أنزله وأنزل عليه» وعارضت شعره السخيف 
بشعر حصيفء وباطله بحق نبيه شريف» وأتيت في هذا بما توحيت به رضا الله تعالى؛ 
واستيجاب مغفرته. ّ 

خطبة يزيد بن الوليد بعد عزله لابن عمه 
وقد حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي» قال: خحطب 


جح الجليس الصال والأئيس الناصح سح حت لاجد 
الناس يزيد , بن الوليدء فقال: أما بعد أنه اناس إن وله ما خرحت أشرا ولا بطر ل 
حرصاً على الدنياء ولا رغبة في المال» وماني إطرء نفسي) إني لظلوم لها ١‏ إن برحني 
ربي» ولكنني حرجت غضباً لله تعالى ولدينه» وداعياً إلى الله جل ثناؤه 0 
هدمت معالم المدى» وأطفىء نور أهل التقوى» وظهر الحبار العنيد المستحل لكل حرمة؛ 
الراكب كل بدعة» يعني الوليد بن يزيد» مع أنه والله ما كان يصدق بالكتاب» ولا يؤمن 
بيوم الحساب» وإنه لابن عمي في النسب» وكفئي في الحسب» فلما رأيت ذلك استحرت 
الله تعالى في أمره» وسألته ألا يكلني إلى نفسي » ودعوت إلى ذلك من أجابني من أهل 
لاني حتى اراح الله من الاد وعلير من لاد يحول الله وات ل مولي ل 

أيها الناس! إن لكم علي أ لا أضع حجراً على حجرء ولا لبنةَ على لبنة» ولا أكنز مالأ 
ولا أصل خراجا من مل إلى بل حتى أشد ثفر ذلك اليلد وحصاصته» فإ فضل عنه شنيء 

نقلته إلى البلد الذي يليه وإلى من هو أحوج إليه منهءولا أجسركم في غوركم, فأفتنكم وأفتن 
أهاليكم ولا أغلق باي دونكم, فيأكل قويكم ضعيفكم. ولا أحمل حمل أهل جزيتكم ما حلي 
عن بلادهم» ويقطع نسلهمء وإن لكم عندي أعطياتكم في كل سنة» وأرزاقكم في كل شهرء 
حتى تستوي المعيشة ب بين المسلمين» فيكون أقصاهم “ادناضع لل أنا وفيت بما قلت» فلي 
عليكم السمع والطاعة» وحسن المؤازرة» وإن أنا لم أف فلكم أن تستتيبوني فإن تبت وإلا 
فأتم في حل من بيعتي ودمي» وإن علمتم أحداً يعرف بالصلاح يعطيكم مثل الذي أعطيتكم 
فأردتم أن تبايعوه فأنا أول من بايعه ودحل في طاعته. 1 

أيها الناس! إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» ولا وفاء في نقض عهد الله تعالى» 
وإنما الطاعة طاعة الله تعالى» فمن أطاع الله عز وجل فأطيعوه بطاعة الله تعالى؛ فإذا عصى 
الله عز وجل» ودعا إلى معصيته فهو أهل أن يعصى وأن يقتل. 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. 

معنى التجمير 

قال القاضي: قوله: ولا أجمركم في تغوركم, التجمير: أن يبعث الرجل إلى الثغر ثم 
يترك فيه فلا يقفل إلى أهله؛ ويرد إلى وطنه؛ فيضر به ويعرض للفتنة في نفسه وأهله 
والعدل ألا يجمر الجند في البعث» وأن يعقب بينهم في كل ستة أشهر فيما يختاره» وقد 
كان بعض من تقدم من ولاة الأمر وبما عقب في كل سنة» والأمر ني هذا عندنا أن يتوحى 
فيه الأئمة وأولو الأمر المصلحة» ويحملوا الناس على الرفق مهم» ويجتهد في حسن النظر 
لهم ويتحرى في هذا الباب من التدبير ما هو أبلغ في سياسة الرعية» وتحصين ين التغور» 
وحفظ البيضة» وحماية الحوزة» والتحرز من الفساد والفتنة» وانتشار الكلمة» فالتجمير في 
هذا الخبر معناه ما وصفنا. 


عا موبمولبسدسع سس سس بسح البمحلس الرابع والأربعون حب 

والتجمير: حضور الجحمار بمنى ورميهاء كما قال الشاعر: 

فلم أرى كالتجمير منظر ناظرٍ ولا كليالي الحج أفتن ذا هوى 
والتجمير: مصدر جمرت النخلة إذا نزعت جمارها. 
الدارالتي كان يقف فيها ابن أبي ربيعة 

حدثنا إبراهيم بن محمد المهلبي» قال: أخبرنا أحمد بن يحيى» قال: أخبرنا الزبير بن 
بكار» قال: 

كنت أرمي الجمار راجلاً فإذا أعييت جثت إلى دار بكار مولى الأحنس بن شريق» 
وهي الدار التي عند الجمرة» فكنت مع عمي مصعب بن عبد الله ونحن نرمي الجمار» 
فقلت: هذه دار بكارء قال: أو ما عندك من حبرها أكثر من هذا؟ فقلت: لاء قال: 
موضعها كان عمر بن أنبي ربيعة يقف عليه ينظر إلى النساء إذا خرجن يرمين الجمرة» 
وكان إذا ذاك دكاناًء قال: وكان بكارٌ لي صديقاً فأنشدنا أصحابنا عنه يرئي المبدي» 
وكان المهدي أعطاه بداره أربعة آلاف ديئار فأبى وقال: ما كنت لأبيع جوار أمير 
المؤمنين بشيء أبداء فقال المهدي: أعطوه أربعة آلاف دينار ودعوه ودار فلما مات 
المبديء قال بكارٌ يرثيه: 

ألا رحمة الله في كل ساعة على رمة أمست بماسبذان 
لقد غيب القبر ثم سؤددا وكفين بالمعروف ييتدران 
قال عبد الله بن محمد: وكان المهدي مات بماسبذان سنة تسع وستين ومائة. 
يتمنى كل يوم حجة أو اعتمارا 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباريء» قال: حدثني أحمد بن سعيد الدمشقي» قال: حدثنا 
الزبير بن بكارء قال: حدثنا مسلم بن عبد الله بن مسلم بن جندب» عن أبيه» قال: أنشد 
ابن أني عتيق سعيد بن المسيب قول عمر بن أبي ربيعة: 


أيها الراكب المحد ابكاراً قد قضى من تهامة الأوطارا 
إن يكن قلبك الغداة حليا ففؤادي بالخيف أمسى معارا 
ليت ذا الدهر كان حتماً علينا كل يومين حجة واعتمارا 


وقال: لقد كلف المسلمين شططاء فقال: في نفس الحمل شيء غير ما في نفس سائقه. 
قال: وقال عبد الله بن عمر لعمر بن أبي ربيعة: يا ابن أي! ما اتقيت الله حيث قلت: 
ليت ذا الدهر كان حتما علينا كل يومين حجة واعتمارا 

فقال: يا أبا عبد الرحمن! إني وضعت ليت حيث لا تقع؛ قال: صدقت. 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح كككُاااُاُاسلُشلُس 2 ُ.ُُُْْظظ15ظا1لُل١ىةل‏ ١-ا‏ :1 بج 33 
بعض ما كان يلقاه أتباع البرامكة 

حدثنا أحمد بن العباس العسكري» قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد» عن هاشم بن 
موسى أحي مسرور الكبيرء قال: حدثني عمي مسرورء قال: لما أصيب .يحيى بن 
حالد بن برمك بعثني هارون إلى جارية له كانت قد ترهبت» مغنية يقال لما قرب» وكانت 
صاحبة أمر يحيى بن خالد» فقال: ائتني مهاء فدحلت عليها وعليها لباس الصوفء» فققلت: 
أجيبي أمير المؤمنين» فقالت: أنا أعلم لم يدعوني» وهذا أمرٌ قد تركته لله تعالى فأحب أن 
تحتال لي» فأعلمتها ألا حيلة في ذلك. 

قال: فدعت بأثواب فلبستها ثم تقنعت بسبعة أحمرة» قال: فجقت بها فدحلت بها 
عليه. فأقعدها ثم قال: هات عوداً قال: فجئته به» قال: ادفعه إليهاء فقالت: يا أمير 
المؤمنين! هذا أمرّ تركته لله تعالى ونويت ألا أفعله بعد يحيى بن خالد» قال: فألح فأبت» 
فقال: يا مسرور! خحذ مقرعة وقف على رأسها فإن أبت فاضرب رأسها أبداًء قال: 
فأبت» فضربتهاء حتى تقطعت السبعة أحمرة» فنظرت إلى شعرها والدم قد حرج من 
رأسهاء فقالت: أفعلء ثم تناولت العود» فغنت: 

لما رأيت الديار قد درست أيقنت أن النعيم لم يعد 

قال: فوالله ما فرغعت حتى نظرت إلى دموع هارون على لحيته» ثم قال: انصرفي 
فقامت من بين يديه وهي تبكي» فقال لي: يا مسرور! الحقها بعشرة آلاف دينار وقل لما: 
يقول لك أمير المؤمنين: اصرفيها فيما تحتاجين إليه» واجعليني في حل» فقالت: يا مسرور 
لا حاجة لي فيهاء وهو ني حل. 

ما أحسن الحقا 

حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي» قال: حدثنا أبو بكر بن أني الدنياء قال: 
حدثني الحسين بن عبد الرحمن» عن بعض أشياحه. عن العلاء بن المنهال» قال: أتى 
خحاقان رجل من غني في وفد أتوه من العرب» وبوجه الرجل ضربة منكرة» فقال له 
حاقان: أي يوم ضربت هذه الضربة؟ وهو يرى أنها ضربة سيف» فقال الرجل: ضربني 
فرس لي» فقال محاقان: لصدقه أعجب لي مما ظننت» ما أحسن الحق! فأضعف له الحائزة. 

كيف تولى أبو الأحوص ولاية مصر 

حدثنا محمد بن الحسسن بن زياد المقري» قال: أحبرنا محمد بن إسحاق السراج 
بنيسابور» قال: أخبرنا داود بن رشيد» عن الهيثم بن عديء قال: 

وجه المهدي أمير المؤمنين إلى أني الأحوص فأقدم عليه ليوليه مصر وأعماماء قال: 
فلما حضر عرض عليه ذلك فامتنع منه امتناعا شديداء فاغتاظ من ذلك المهدي فهم 
بضرب عنقه» وكان بحضرة المبدي محمد بن داود جليس خيرء فقال له: يا أمير 


-مم+دجلسسسسسس ست تت حا لبحلس الرابع والأربعون حت 
المؤمنين! مهل عليه ثلائة أيام» ففعل وأمره بالانصراف» فلما حرج من عنده اشتد غيظه 
وقال: أما ترى إلى هذا الشيخ قد لبس خفاً أحمر وخفاً أسود ليوهم أنه مضطرب العقل! 
فقال له محمد بن داود الجليس الصالح: لا تقل ذلكء» لعل الشيخ أحرج إليه ما يلبسه في 
الظلمة فلم يعلم» فسكن. 

ومضى محمد بن داود إلى الشيخ أني الأحوص فألفاه متشكياً ييكي» فقال له: ما شأنك؟ 
فقال: إنه حرج لي من الظلمة خف أحمر وخحف أسود, فلبستها ولم أعلم» فلما خرجت من 
عند أمير المؤمنين جعل الصبيان يصيحون ويضحكون. فلما تبينت ذلك نزعت الخفين 
ومشيت حافياً فلحقني وجمٌ عظيم في رجليء فقال له محمد بن داود: إن أمير المؤمنين وقع 
له غير هذا فثنيته عما كان وقع ل فإذا حضرت عنده فإياك أن تأى أو متنع» فمضى إلى 
المهدي فعرفه ذلك فسكن غضبه واشتد حرصه على تقليد أني الأحوص. 

فلما حضر بين يديه في اليوم الرابع دعا بسفط فأحرج منه كتاباً فيه عهده على مصر 
وأعمالهاء م دفع إليه كتابا ثانياً || لى صاحب الشرطة يأمره بالحضور بحلسه وألا يخليه, ثم 
دفع إليه كتاباً ثالنً» فقال: هذا تبيين” برزقك على العامل» وهو ألف دينار في كل شهر؛ 
ومائنا ديئار للمائدة» ثم دعا بسفط آخر فأخر ج منه ثياباً وطيباً فدفعه إليه» وأمر له 
بثلاشائة دينار للنفقة» ثم قال له: الرزق تأخذه معجلاً هنياً تستعين به وللمائدة مائتا دينار 
وكل الطيب لتقوي به نفسكء ولا مهل إلى شيء بتة» لأن نفسك غنية بالرزق» وهذه 
النلاشائة دينار تستعين بها على نفقة الطريق» فلا تعترضن من أحد شيفاً فتستحش منه 
وهذه الثياب والطيب تكون معكء فإن - وعائذ بالله تعالى - حدث حادث عليك كان 
هذا معداًء فانظر لنفسك وأعزها فقد أعززناك وأمددناك» وفقك الله تعالى للصواب. 

فخرج أبو الأحوص إلى مصر فحكم بها سنين كثيرة فحسن أثره وحمد أمره. 

ما لهذا حسنة ولا لك سيئة 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثنا أني» عن المغيرة» عن هارون» قال: 
حدثني عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون, قال: كنا نأتي المغيرة بن عبد الرحمن فجاءه 
يوماً مولى له يقال له كبة» وكان شيخاً كبيرء فقال له المغيرة: يا كبة! بالله حدثنا بعض 
ما كان في شبابك» فقال: نعم دخلنا مرةً بيت مغنية أنا وثلاثة من مزاحي المدينة» فغنت 
صوتاً فقال لها أحدهم: أسأل الله تعالى ألا ينزل لي حسنة إلا كتبها لك» ثم غنت صوتاً 
آخرء فقال لها الآحر منهم: بأي أنت» غرك والله» لا والله ما له حسنة» ولكن أسأل الله 
تعالى ألا ينزل لك سيئة إلا كتبها علي» ثم غنت صوتاً آخر» فقال لما الثالث: غراك والله 
لا والله ما لمذا حسنة ولا كرامة له» ولا لك سيئة» ولكن أسأل الله تعالى ألا يخرجك من 
الدنيا حتى تريه أعمى يقاد. 


بصت الجليس الصاح والأنئيس الناصح 1 ص ع سم 10 10 سم 

قال القاضي: قد قال جميل في نحو هذا: 

ألا ليتني أعمى أصم تقودني بثينة لا يخفى علي كلامها 
ولو كان هو القاضي 

حدثنا عثمان بن أحمد الدقيقي» قال: حدثنا سهل بن علي الدفتري» قال: حدثني فروة بن 
عبد الله المديني» قال: حدئنا أبو عبد الرحمن بشر بن آدم؛ قال: سأل الأغضف مالك بن أنس 
عن مسألة فأجابه ثم سأله فأجابه» وقال الأغضف: لم قلت ذلك؟ قال 0 
بيده فاذهب به إلى السجنء فلما ولى به الغلام قال له الأغضف غضف: إني قاضي أ مير المؤمنين! 
قال: ذاك أهون لك عليء قال: يا أبا عبد الله لا أعود» قال: حل سبيله. 

المجلس الخامس والأربعون 
لا يتمد يتمنين أحدكم اموت لضر نزل به 

حدئنا سعيد بن محمد بن أحمد حمد أبو عثمان البزاز» أحو الزبير الحافظء قال: حدثنا 
يعقوب بن إبراهيم» قال: حدثنا روح قال: حدثنا محمد بن أني حفصة: قال: حدثنا ابن 
شهاب» عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف, عن أبي هريرة» قال: قال رسول الله 
ي: " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به إما مسيء فيستعتب» وإما محسنٌ فيزداد ". 

وحدثنا سعيد بن محمدء قال: حدثنا روح» قال: حدثنا الربيع بن صبيح, قال: أحبرنا 
حبيب بن فضالة أن أبا هريرة ذكر الموت وكأنه تمناه» فقال بعض أصحابه: وكيف تمَنى 
الموت بعد قول رسول الله ©8: " ليس لأحد أن يتمنى الموت لا بارا ولا فاجراء أما بارٌ 
فيزداد» وأما فاجر فيستعتب "2 قال: وكيف لا أن تمنى الموت وأنا أحاف أن تدركني فتنة 
الدهمايى وبيع الحكمء وتقاطع الأرحام؛ وكثرة الشرطء ونشء يتحذون القرآن مزامير ". 

قال القاضي: قد ورد هذا الخبر بالنبي عن تمني الموت لما بين فيه من المعنى» وجاء 
في معناه عن النبي #ُنَقهْ وعن علماء السلف أخبار منها قول رسول الله 8: " لا يتمنين 
أحدكم الموت لضْرٌ نزل بهء فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة 
خيرا لي» وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي ". 

وروي عن ابن ن عباس أنه قال: ما أ حدٌ إلا والموت حير له من بر ولا فاجر» إن كان 
برا فقد قال الله عز وجل: وما عند الله خيرٌ للأبرار» وإن كان فاجراً فقد قال الله 
تعالى: «إنما نملي هم ليزدادوا إثماً) . 

قال القاضي: وهذا الخبر عن ابن عباس خارج على معنى يواطىء ما قاله رسول الله 
َي على ما قدمنا روايته» ولا ينافيه إذا حمل على الوجه الصحيح في المعنى. 

ذلك أن النبي ؤهُ نمجى عن تمني الموت عند الضرر ونزوله ووقع البلاء وحلوله. 
وأرشد إلى استقبال التوبة من الإساءة والوزرء والازدياد من فعل الخير وأعمال البرء وأن 


عورال كب ب [٠[شلت‏ الجلس الخامس والأربعون حت 
يستعتب المرء من فرطاته» ويستكثر من طاعاته. فأما إذا توفاه الله جل جلاله من غير تمن 
منه للموت» وهو على غير علم منه بحاله فيه» ولا متيقن أن إمائته حير له من تبقيه» فإن 
حاله في هذا مخالفة للمعنى الآخر الذي قدمنا بيانه» ولكل وجه من هذين المعنين حكم 
جار على طريقته» ومختص بحقيقته» وقد كان أعلام السلف الأخيارء وصلحاؤهم الأبرار» 
يرغبون إلى الله تعالى ني الشهادة في سبيله ويحرصون عليها ويتعرضون لها ويأسفون على 
فوتهاء ويغبطون من رزقهاء وأكرم بها لظهور فضلها وشرف أهلهاء وهذا يوضح عن 
إجراء كل جهة من هذه الجهات على حكمهاء وإنزالها منزلتهاء وأنا ما ذكره أبو هريرة 
من فتنة الدهماء وبيع الحكم وتقاطع الأرحام وكثرة الشرط ونشء يتخخذون القرآن مزامير» 
فقد رأينا جميع ما تخوفه» وأدركنا ما حاف أن يدركه؛ فإلى الله عز وجل نجأر بالشكوى» 
وإياه نستعين على كل بلوى. 

فأما قوله: فتنة الدهماء» فإنه أضاف الفتنة إلى الدهماء؛ وللنحويين في هذا مذهبان: 
منهم من يجعل الفتنة مضافة إلى الدهماء ويجيز يز إضافة الشيء إلى نفسه ويجري هذا في 
أشيئاء كثيرة: لحق اليقين» ودار الآخرة» ومسجد الجامع» وصلاة الأولى. 

وكثير من محققيهم ينكر هذا المذهبء» ويخالف هؤلاء في تأويل هذه الكلمات» وما 
أتى من نظائرهاء ويحمل حق اليقين على معنى حق العلم اليقين» والأمر اليقين على إقامة 
الصفة مقام الموصوف» ويقول: معنى دار الآحرة أي دار المنزلة الآخحرة أو النشأة 
والمذمة» ومعنى مسجد الجامع: الوقت الجامع» أو الفرض الجامع» وصلاة الأولى صلاة 
المكتوبة الأولى» ونحو هذا الوجه من التأويل الصحيح في المعنى الخاري على القياس. 

فأما الدهماء في هذا الخبر ففيه وجهان في التأويل» أحدهما صفة الفتنة أو ما أضيفت 
إليه بالدهمة والسواد والظلمة» وقد قال عبد الله بن المبارك في خبر ضمن شعراً له: 

فنحن في فتنة عشواء مظلمة نستغفر الله من أهوال ما فيها 

والوجه الآخر: غشيان الفتنة وهجومها وتراكمها وعمومهاء من قولهم دهمت القوم 
الخيل تدهمهم. 

وقوله: نشء يتخحذون القوم مزامير» فإنه عنى به من حدث ونشأ من الأشرار بعد من 
مضى من البررة الأخيار» قال نصيب: 

ولولا أن يقال صبا نصيبٌ لقلت: بنفسي النشء الصغار 

وهؤلاء الذين عنوا بهذا الخبر هم الذين يرددون القرآن لبطونهم بالأمان غير خاشعون 
ولا متعظين ولا معتبرين ولا متفهمين» وأمر هذا النشء في زماننا فاش» فهم من أشد 
الناس فتنة وأعظمهم على أهل الدين بلية» فقد جعلوا اجتماعهم على تلاوة القرآن بمنكر 
الألحان» ومزامير الشيطان» وعلى تهم القيان وملاهيهم من المعازف والعيدان» والزيادة 


حت الجليس الصالح والأنيس النامح سمس سس سس سمو رو 
في كتاب الله تعالى ما ليس منه بالإيقاع والأوزان» وحصل خواص أهل العلم والإيمان 
بمنزلة إقصاء وهوان» ومن عداهم من حليف فتنة وأسير قينة» وأكثر من تراه في وقتنا ممن 
أومىء إليه» إما واهي العزيمة ضعيف العقدة» قد تأول المحكم غير تأويله» وتشبث ث بجملة 
المتشابه لعجزه عن معرفة تفصيله؛ وإما ماجنْ حليعٌ أو مغرورٌ مخدوعٌ قد استفزه الغار له 
بجرأته وجسارته» واستنزله الماكر به فورطه في مخحسارتهء فأوهمه أن الذي دعاه إليهء 
وحمله عليه» من أعمال البر» والقرب الكاسبة للأجرء وأن النبي ؤي أشار إلى هذا بما 
ذكره من التغني بالقرآن» وتحسين التلاوة بالترم والألحان» والذي عناه النبي طَتّهْ عندناء 
قراءة القرآن بالتحسين والخشوع وتحقيقه وترتيله» وتبيينه وتفصيله» وتحسين الصوت به 
من غير إحداث زيادة في إضعافه بالزمزمة والنقرات» والهمهمة والنبزات. 
الأذان بالألحان 

حدثنا المظفر بن يحيى ابن الشراي» قال: حدثنا أبو عيسى محمد بن جعفر بن محمد 
قال: حدثنا الحسن يعني ابن عبد العزيز الحمروي» قال: حدثنا الحارث بن مسكين» عن ابن 
وهبء أو عبد الرحمن بن القاسم» عن مالكء أنه قال: لهممت أو أردت أن أكلم أمير 
المؤمنين في الأذان بالأحان أن يمنع من ذلكء قال الله عز وجل: «إفماذا بعد الحق إلا 
الضلال4 أفمن الحق أن يؤذن بألحان. 

والكلام في هذا الباب يطول ويتسع؛ واستقصاؤه يتعذر ويمتنع؛ ولنا في هذا الباب 
ولشيخنا أبي جعفر رضي الله عنه كلام كثير مرسوم في مواضعه؛ من كتبناء وقد رسمنا من 
ذلك صدرا صالحا في كتابنا المسمى " بتذكير العاقلين وتحذير الغافلين " فمن أحب 
الوقوف عليه فينظر فيه» ففيه بيان وفائدة لمن نصح نفسه ونظر لدينه» بمشيئة الله وعونه. 

عبد الملك يتوسم الخلافة بأمور في نفسه 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أحبرنا أبو حاتم» عن العتبي» عن أني عبيدة) 
عن عمارة العقيلي» أو غير رجل عن عمارة» قال: كنا نتجلس عند الكعبة وعبد الملك بن 
مروان يجالسنا من رجل عذب اللسان لا يمل جليسه حديثه» فقال لي ذات يوم: يا أبا 
إسحاق! إنك إن عشت فسترى الأعناق إلي مادة» والآمال إلي سامية. 

ثم قام فنهض من عندناء فأقبلت على جلسائي فقلت: ألا تعجبون من هذا القرشي 
يذهب بنفسه إلى معالي الأمورء وإلى أشياء لعله لا ينالحاء قال: فلا والله ما ذهبت الأيام 
حتى قيل لي: إنه قد أفضيت إليه الخلافة» فذكرت قوله. فتحملت إليه فوافيت دمشق يوم 
الجمعة» فدخلت المقصورة فإذا أنا به وقد حرج علي من النضراء فصعد المنبر فحمد 
الله جل وعز وأثنى عليه فبينما هو يخطب إذ نظر إلى ثم أعرض عني» فساءني ذلك» ونزل 
فصلى بنا ودحل النضراء. 


جح 0م سبسبسببببل__ 777 اجلس انامس والأربعون - 

ذما حلست الا هنهية حتى خرج غلامه قائة: أبن عمارة العقيلي؟ قلت: هآتذاء قال: 
أجب أمير المؤمنين فدحلت إليه فسلمت عليه بالخلافة فقال لي: أهلاً وسهلاًء وناقة 
ورحلء كيف بعدي كنت؟ وكيف كنت في سفرك؟ وكيف من خلفت؟ لعلك أنكرت 
إعراضي عنك فإن ذلك موضع لا يحتمل إلا ما صنعت» يا غلام! بوىء له بيتاً معي في 
الدار» فأنزلني بيت فكنت آكل معه وأسامره حتى مضت لي عشرون يوماًء فقال لي: يا أبا 
إسحاق! قد أمرنا لك بعشرين ألف دينار وأمرنا لك بحملان وكسوة فلعلك قد أحببت 
الإلمام بأهلك ثم الإذن في ذلك إليناء أتراني حققت أملك يا أبا إسحاق؟ قال: قلت: يا أمير 
المؤمنين» وإنك لذاكر لذلك؟!» قال: أي والله» وإن مادى به عهدء قلت: يا أمير المؤمنين! 
أكان عندك عبد ما قلت لي» أم ماذا؟ قال: بثلاث اجتمعن في» منها إنصافي جليسي في 
بخلسي» ومنها أني ما خيرت بين أمرين قط إلا اخترت أيسرهماء ومنها: قلة المراء. 

متى تكون الشركة شي الهدية 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا أبو الحسن الديباجي» قال: حدثني أبو 
عبد الله اليوسفي أن أم جعفر كتبت إلى أني يوسف: ما ترى في كذاء وأحب الأشياء أن 
يكون الحق فيه كذاء فأفتاها بما أحبت. 
فبعثت إليه بحق فضة فيه حقائق فضة مطبقات, في كل واحدة لون من الطيب» وفي جام 
دراهم وسطه جامٌ فيه دنانير» فقال له جليسٌ له: قال رسول الله يَتكِ: " من أهديت له هداية 
فجلساؤه شركاؤه فيها "2 فقَال أبو يوسف: ذاك حين كانت هدايا الناس التمر واللبن. 

شماتة الأعداء في العزل 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني محمد بن المزربان» قال: حدثنا أبو 
يعقوب النخبي) قال: حدثنا إبراهيم بن بشار» قال: حدثنا سفيان بن عيينة» قال: قيل 
لشريك لما قلد القضاء: ليتك حلصت من هذا الأمر ولو بالموت» فقال: أما بالموت فلاء 
ولكن بعور أو شلل. ٠‏ 

فلما تعصبت عليه القبائل وعزل عن القضاء جعل يسعى في أن يردء فقال له ذلك 
الرجل: ليتك أعدت إلى الحكم ولو بعورٍ أو شلل» إنك لتمنى ذلكء فقال: نعم يا ابن 
أحي» وشماتة الأعداء شديدة. 

قال القاضي: نظير هذا قول عمر لعمار: ساءك إذ عزلتك؟ فقال: والله يا أمير 
المؤمنين لقد ساءني أن وليتني» ولقد ساءني أن عزلتني. 

معبد يتحدى الغريض 

حدثنا المظفر بن يحيى بن أحمد المعروف بابن الشرائي» قال: حدثنا أبو العباس 

احمد بن محمد بن عبد الله بن بشر المرئدي» قال: حدثنا أب بو إسحاق طلحة بن عبد الله 


ح- الجليس الصاح والأنئيس الناصح سسسس سس ٠,‏ 7 7 د 
الطلحي» قال: أخبرني أحمد بن إبراهيم» قال: وحدثني أبي» عمن حدثه) قال: حرج معبدٌ 
عليه» فأتاه فقرع الباب فقالت الحارية: من هذا؟ فقال: قولي لأني فلان» هذا رجل من 
أهل المدينة من إخوانك؛ فقال: افتحي لهء فدحل فحياه وسأله عن حاجته. فقال: أنا 
رجل من أهل صناعتك» وقد أحببت ت أن أسع منك وأسعك » فقال هات على امسم اله 
تعالى» فغناه معبد» فقال: أحسنت 0 يا أخمي» حتى حتى انتهى؛ ثم اندفع هو يغني) فسمع 
معبد شيئاً لم يسمع بمثله قطء فقال له: أن نت أحسن الناس غناء» فقال له: كيف لو سمعت 
عجوزاً لنا في سفح أي قبيس» يعني ابن سريجء فقال: كيف لي - جعلت فداك - بأن 
أسعه منه؟ قال: قم بنا إليه» قال: فنهضنا حتى أتينا باب ابن سريج فقرعه الغريض فعرفته 
الجارية» فقالت: ادحل فدخلا جميعاً فإذا ابن سريج نائم الصبحة» وإذا عليه قرقرة أصفر. 

قال القاضي: كذا قال ابن الشراي» وهكذا رأيته في أصل كتابه والصواب قرقل في 
قول الجمهور» وإن كان بعضهم قد رد هذا وصواب قولحم قرقر» وقد. حضب يديه 
وذراعيه إلى مرفقيه) فقال له الغريض: جعلت فداك» هذا رجل من إخحوانك من أهل 
المدينة يتغنى» وقد أحب أن يسمعك غناه ويسمع منكء قال: هات. فغناه معبد فقال له 
ابن سريج: أحسنت والله ثم استل ابن سريج دفا مربعا وتغنى: 


نظرت عيني فلا نرت بعده عيني إلى أحد 
قال معبد: فسمعت شيئاً ما سبعت مثله قطء ولا ظننت يكونء فأحذت أهتم به 
وأختلف إليه. 
. من صمّة الفريض 


وحدثنا المظفن قال: حدئنا محمد بن أحمد المرئدي» قال: أخبرنا أبو إسحاق 
الطلحي» » قال: و وأخبرني أحمد» قال: كان الغريض مخنثاً وكان جميلاً له شعرء وكان مولى 
الثريا بنت عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغرء وكان يتعلم من ابن سريج. 

من توادر ويس 
قال: حدثني أني, قال: مر 0 وكان ء مخنقاً أحسن الناس غناءعء ومعه جماعة من 
لصحتن شمر يشير جما يكون ذراعاً فرفع ثيابه ووضعها تحت إبطه اعتزاءً وتجلداء ثم 
قال: أنا زيد الخيل» أنا عامر بن الطفيل» ؛ انا دريد بن الصمة» ثم قفز قفزة فإذا هو مستنقع 
في النهر» وصاح المخنثون الغريق الغريق. 
من مخارج أبي يوسف 
حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري» قال: أخبرنا عبد الله بن الحسن أبو شبيب» 


لاا 20 مجلس الخامس والأربعون ح- 
قال: حدثنا على بن الجعد» قال: 

أرسل أمير المؤمنين الرشيد إلى قاضي القضاة أبو يوسف, في ساعة لم يكن يرسل إليه 
في مثلهاء قال أبو يوسف: فتحنطت وتكفنت ولبست فوق ذلك ثياي» ودحلت على أمير 
المؤمنين» فألفيته جالساً على طرف المصلىء وإذا بين يديه سيف مسلول» فسلمت فرد 
علي السلام وأدناني» فشم مني رائحة الحنوطء فقال: ما هذه الرائحة فأحبرته الخبر 
فاسترجع, ثم أمر بذلك فنزع عني» وجاءني بثياب فلبستهاء ثم قال لي: تدري من حلف 
هذا الستر؟ قلت: لاء يا أمير المؤمنين؛ قال: إن حلفه أعز خلق الله تعالى علي» قال: فظننت 
أنها الخيزران» ثم قال: إني أودعتها عقوداً لا مقدار» وجوهراً له خطرء وإني فقدت منها 
عقدأء فحلفت بأيمان البيعة وأكدتها على نفسي أمها تصدقني عن حبره» فإن لم تصدقني 
ضربتها بسيفي هذا حتى أبضعبها قطعاًء قال أبو يوسف: يا أمير المؤمنين! قد أخحرجك الله 
تعالى من يمينك» فمر بالسيف يرد إلى غمد فأمر به فرد إلى غمدهء فقلت: يا أمير 
المؤمنين! سلها وعرفها يمينك» فسأها وغلظ عليها الأمرء قال: قل لها: لا تجيبك حتى 
أقول لماء ثم قال ها أبو يوسف: أمسكيء ثم قال: يا أمير المؤمنين! فسلها ثانية» فسألا 
وغلظ عليها ما حلف به فقال لها أبو يوسف: قولي إني لم آحذ فقالت: لم آحذه. 

ثم التفت إلى أمير المؤمنين» فقال: قد صدقتك في أحد القولين إن كانت أحذته فقد 
صدقت»ء وإن كانت لم تأحذه فقد صدقتك. 

فأمر له بعشرة آلاف درهم, وقاما وخرجا من البيت الذي كانا فيه إلى حزانة» فأمر بها 
ففتحت وأخرج إليه أسفاط فأمر بها فحلتء فإذا فيها جوهر له خطرء فقال أبو يوسف: يا 
أمير المؤمنين! ما رأيت أحسن من هذاء فإن رأيت أن تهبه لي؟ فقال: لا والله ما نفسي بذلك 
طيبة» فقال: فهبه لأم جعفر, فقال: لا والله» ولا نفسي به طيبة» قال: يا أمير المؤمنين! فإن لم 
تفعل لا هذا ولا ذا فتعلم أم جعفر أني سألتك أن تهب لا هذه العقود فأبيت» قال: أما ذا 
فنعم) فأعلم أم جعفر بذاك فأنفذت إلى أني يوسف بمائة ألف درهم. 

سبب شده المتصور على مخالميه 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: حدثنا أحمد بن يحيى» عن محمد بن إسماعيل» عن أبيه 
قال: قال عبد الصمد بن علي للمنصور: يا أمير المؤمنين! لقد هجمت بالعقوبة حتى كأنك 
لم تسمع بالعفوء فقال: لأن بني مروان لم تبل رممهمء وآل أي طالب لم تغمد سيوفهم 
ونحن بين قوم قد رأونا أمس سوقة واليوم خخلفاءء فليس تنمهد هيبتنا ني صدورهم إلا بنسيان 
العفو واستعمال العقوبة» ولو لم أفعل هذا لاحتجنا إلى ما هو أعظم منه. 

من مروءهُ الحسن البصري 
حدثنا أي رضي الله عنه قال: حدثني أبو أحمد الختلي» قال: أخبرنا أبو حفص 


حت الجليس الصاح والأنيس الناصح سس سح للج 
النسائي») قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن كثير» قال: حدثنا محمد بن كثير بن مخلد بن 
الحسين» عن هشام بن حسانء قال: كان الحسن إذا اشترى له شيئاً بكذا وكذا ونصف 
أتمه به فباع الحسن بغلاً له بأربع مائة درهم, فقيل لصاحبه» لو أتيته فاستحططته من ننه 
شيئء فأتاه فقال: يا أبا سعيد! إن رأيت أن تخفف عني من شن البغل! فقال له: خمسون 
درهماً أرضيت؟ قال: نعم يا أبا سعيد» قال: فلك <مسون أخرى أرضيت؟ قال: نعمء 
رضي الله عنك» قال: فلما أدبر الرجل قال: هلم فإنه بلغني أن من الإحسان أن يضع 
الرجل نصف حمقهء اذهب فلك مائتان. 
المجلس السادس والأربعون 
قصة مقتل أمية بن خلف 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أي, عن أي الفضل العباس بن ميمون» 
عن يعقوب بن محمد الزهري» عن إبراهيم بن سعد» عن أبيه» عن جده عبد الرحمن بن 
عوف» قال: كنت أعرف بعبد عمرو فسماني رسول الله َك عبد الرحمن» فلما كان يوم 
بدر سلبت أربعة أدرع من دروع المشركين وأقبلت بهن» فمر ني أمية بن حلف وابنه 
علي» ننادائي أمية. يا عبد عمرو! فلم أجبهء فقال: يا عبد الرحمن! قلت: وما شأنك؟ 
قال: أنا وابني خيرٌ لك من هذه الأدرع, فألقيتين وأقبلت بهماء فبصر بهما بلال فأقبل 
بسيفه» وقال: أمية رأس الكفر؟ الحمد لله الذي أمكنني منك, فقلت: يا بلال! كانت معي 
والله أربعة أدرع وألقيتهن واعتمدت على هذين؛ فلا تفجعني بهما. 

فأقبل يريدهما فقلت: تنح يا ابن السوداءء وقام إلى قوم من الأنصارء فقال: معاشر 
المسلمين! أمية رأس الكفر وابنه» فأقبلوا بالسيوف إليهماء فما ملكوني من أمرهما شيعا 
فضرب علي ضربةٌ فطنت ساقه فصاح أمية صيحة ما سعت مثلها قطء ثم حملوا فذففوا 
عليهما. 

فكان عبد الرحمن يقول: رحم الله بلالأ» فجعني بأسيري وذهبت أدراعي. 

معنى ذففوا: أجهزواء قال أبو بكر: قال أني: قال العباس: فحدثت بهذا الحديث ابن 

عائشة» فقال لي: حدثني أبي أن شاعراً من المسلمين مدح بلالاً لما فعل ذلك» فقال: 


هنيئاً زادك الرحمن خحيراً فقدأدركت ثأرك يا بلال 
فما نكساً وجدت ولا جباناً غداة تنوشك الأسل الطوال 


معنى التناوش مهموزا و غير مهموز 
قال القاضي: معنى تنوشك: تناولك» وهو من المناوشة) وقيل: إن التناوش: التناول 
من قريب بغير همز» والتناؤش بالهمز: التناول من بعيد» قال الراجز: 
فهي تنوش الحوض نوشا من علا نوشا به تقطع أجواز الفلا 


<< 4 م سس سبح المهلس السادس والأربعون حت 

فهذا غير مهموز» وقال نشل بن حري في الهمز: 

تمنى نئيشا أن يكون أطاعني وقد حدئت بعد الأمور أمور 

وقد قرأت القرأة:" وأنى لهم التناؤش" بالهمز وتركه؛ ونسب الصولي شيخنا أبا جعفر 
رحمه الله إلى التصحيف في بيت لمهشل» وذكر أنه رواه حبيش» وجرت بيتنا وبينه في هذا 
مخاطبة قمعته بحضرة جماعة منهم أولو علم ومعرفة» ولنا في هذا رسالة أوضحنا فيها 
سقوط ما أورده الصولي وحكاهء وضمناها من خطأ الصولي وتصحيفه وتعاطيه ما لا 
يحسنه في مواضع من تأليفه» ومن نظر في ذلك أشرف منه على علم مستفاد» وبيان 
مستجاد» إن شاء الله. 

الوليد يتوله بجارية نصرائنية 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريدء قال: أحبرنا أبو حاتم» قال: أخبرنا العتبي» قال: كان 
الوليد بن يزيد نظر إلى جارية نصرانية من أهيا الناس يقال لها سفرى» فجن بها وجعل 
يراسلها وتأنى عليه؛ حتى بلغه أن عيداً للنصارى قد قرب» وأنها ستخرج فيه وكان موضع 
العيد بستانُ حسنء وكان النساء يدحلنه» فصانع الوليد صاحب البستان أن يدخله فينظر 
إليها فتابعه» وحضر الوليد وقد تقشف وغير حليته» ودحلت سفرى البستان فجعلت 
تمشي حتى انتهت إليه» فقالت لصاحب البستان: من هذا؟ قال ها: رجل مصاب» 
فجعلت مازحه وتضاحكه حتى اشتفى من النظر إليها ومن حديثهاء فقيل لما: ويلك! 
تدرين من ذلك الرجل؟ قالت: لاء فقيل لما: الوليد بن يزيد فإنما تقشف حتى ينظر إليك» 
فجنت به بعد ذلك» وكانت عليه أحرص منه عليهاء فقال الوليد في ذلك: 


أضحى فؤادك يا وليد عميدا صباً قديماً للحسان صيودا 
من حب واضحة العوارض طفلة برزت لنا نحو الكنيسة عيدا 
ما زلت أرمقها بعيني واملق 020202 حتى بصرت بها تقبل عودا 
عود الصليب فويح نفسي من رأى منكم صليباً مشله معبودا 
فسألت ري أن أكون مكانه وأكون في لحب اللجحيم وقودا 
قال القاضي: لم يبلغ مدرك الشيباني هذا الحد من الخلاعة فيما قال في عمرو 
النصراني: 
يا ليتبي كنت له صليباً وكنت منه أبداً قريبا 
أبصر حسناً وأشم طيياً 0 الا واشياً أححشى ولا رقيبا 


فلما ظبهر أمره وعلمه الناس» قال: 
ألا حبذا سفيري وإن قيل إنني كلفت بنصرانية تشرب البمرا 


جح المليس الصالح والأئيس الناصح سب سب سبح ع وج 

يبون علينا أن نظِل لمارنا إلى الليل لا أولى نصلي ولا عصرا 

وللوليد في هذا النحو من الخلاعة واجون وسخحافة الدين ما يطول ذكره وقد ناقضناه 
في أشياء من منظوم شعره والمتضمن ركيك ضلاله وكفره؛ وما لعلنا نورده فيما نستقبله 
من حالس في كتابنا هذا. 

حكم الوادي يضطرب أمام الوليد 

حدثنا المظفر بن يحيى بن أحمد المعروف بابن الشراي» قال: حدثنا أبو العباس 
المرتدي» قال: حدثنا أبو إسحاق الثلجي, قال: أحبرني أي, عن حكم الوادي» قال: 

قال الوليد بن يزيد بن عبد الملك الحلسائه من المغنيين: إني لأشتهي غناء أطول من 
أهزاجكم واقصر من الغناء الطويل. قالوا جميعاً: قد أصبته يا أمير المؤمنين» بالمدينة رجل 
يقال له: مالك بن أبي السمح الطائي حليف لقريش وهذا غناؤه, وهو أحسن الناس خلقاً 
وأحسنهم حديتاء قال: أرسلوا إليه» فأرسل إليه فشخص حتى وافاه بالشام بدمشق. 

قال: فلما دخلنا في وقت النبيذ دحل معناء فقال له الوليد: غنهء فاندفع يضرب فلم 
يطاوعه حلقه ولم يصنع قليلاً ولا كثيراً» فقال له الوليد: قم فاخرج. 

قال: وأقبل علينا يعنفناء ويقول: ما تزالون تغروني بالرجل وتزعمون أن عنده بعض ما 
أشتهيه حتى أدحله وأطلعه على ما لم أكن أحب أن يطلع عليه أحدء ثم لا أجد عنده ما 
أريد. فقلنا: يا أمير المؤمنين! والله ما كذبنا ولكن عسى الرجل قد تغير بعدناء قال: ولم 
نزل به حتى استرسل وطابت نفسه وغنيناه حتى نام» ثم انصرفنا فجعلنا طريقنا على 
مالك فافترينا عليه وكدنا نتناوله» قال: فقال: ويحكم! دخلتني له هيبة منعتني من الغناء 
ومن الكلام لو أردته» فأعيدوني إليه فإني أرجو أن يرجع إلى حلقي وغنائي. 

قال: فكلمنا الوليد فدعا به فكان في الثانية أسوأ حالاً منه في الأولى فصاح به أيضاً 
فخرجء وفعلنا كفعلناء قال: فقال: أعيدوني إليه فامراته طالق وما يملك في سبيل الله إن لم 
أستنزله عن سريره إن هو أنصفنيء, قال: فجثنا إلى الوليد» قال: فأخبرنا» قال: فقال: 
وعلي مثل يمينه إن هو لم يستنزلني أن أنفذ فيه ما حلف به فهو أعلم. 

قال: فأتيناه فأحبرناه بمقالة الوليد ويمينه» قال: قد قبلت» قال: فحضرنا معه دارا 
نكون فيها إلى أن يدعي بناء ؛ فمر به صاحب الشراب فأعطاه ديناراً على أن يأتيه بقدج 
حبشاني مملوء شراباً من شراب الوليدء فأتاه بقدح ثم بقدح ثم بقدح, بثلاثة أقداح, 
فأعطاه ثلاثة دناثير ثم أدخلناه عليه» فقال له الوليد: هات» فقال: لاء والله أوترجع إلي 
نفسي وأضطرب وأرى للغناء موضعاًء قال: فذاك لك» قال: فاشرب يا أمير المؤمنين» 
قال: فشرب وجعل يشرب ويغني المغنون» حتى إذا شل الوليد وشل هو سل صوتاً 
فأحسن وجاء بما يغرب» فطربنا وطرب الوليد وتحرك» وقال: اسقني يا غلام فسقي 


عوبس ست المجلس السادس والأربعون ست 
وتغنى مالك صوتاً آخر فجاء بالعجبء فقال له الوليد: أحسنت أحسنت احسن الله 
إليك» فقال: الأرض الأرض يا أمير المؤمنين» قال: ذاك له ونزل فحياه وأحسن إليه» ولم 
يزل معه» حتى قتل الوليد. 
ألا أن تحمج ثانية يا أمير المؤمنين 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبيء قال: حدثنا أبو الفضل الربعي» قال: حدثنا 
إسحاق الموصلي» » قال: حدثني أي ) عن إبراهيم الحرجاني؛ قال: حججت مع أمير 
المؤمنئين الرشيد فدحلت مسجد رسول الله يت فبينا أنا بين القبر والمنبر» إذ أنا عن 
يميني برجل حسن الهيئة خاضبء معه رجل في مثل حاله» فحانت مني لفتة نحوه فإذا هو 
يكسر حاجبه» ويفتح فاه» ويلوي عنقه» ويشير بيده» فتجوزت في صلاتي وسلمت» 
فقلت: ني مسجد رسول الله يك تتغنى؟ قال: قنعك الله دار غخرمة» ما أجهلك! - قال: 
ودار مخرمة صحرة - أما في الحنة غناء؟ قلت: بلى» فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين» 
قال: فأنا في روضة من رياض الخنة قلت: لاء قال: واحرباه! ! رد على رسول الله عق 
قوله: " بين قبري ومنبري روضة من رياض الجحنة ا فنحن ني تلك الروضة؛ فقلت: قبح 


الله شيحاً وشارة» ما أسفبك! فقال: بالقبر لما أ: نصت إلي» فتخوفت ألا أنصت إليه» 
فاندفع فتغنى بصوت يخفيه: 
فليست عشيات الحمى برواجع عليك ولكن حل عينك تدمعا 


فوالله إن قمت للصلاة مما دحل علي» فلما رأى ما نزل بي» قال: يا ابن أمي! أرى 
نفسك قد استجابت وطابت» فهل لك في زيادة؟ قلت: ويحك! مسجد رسول الله صلى 
الله عليه وسلمء قال: أنا أعرف بالله ورسوله منك؛» فدعنا من جهلكء وتغنى: 
فلو كان واش باليمامة داره وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا 
وما باهم لا أحسن الله حفظهم من الحظ هم في نصرهم ليلى حياليا 

قال: فقال له صاحبه: يا ابن أحي! أحسنت والله» عتق ما يملك لو أن هذا في موضع 
أمير المؤمنين الرشيد لخلع عليك ثيابه مشقومة طرباًء قال: فقمت وهما لا يعلمان من أناء 
فدحلت على أمير المؤمنين الرشيد» فحدثته» فقال: أدركهما لا يفوتانك» فوجبت من أتى 
بهماء فلما دخلا عليه ودخحلا بوجوه قد ذهب ماؤهاء وأنا قائم على رأسهء فقال: يا 
إبراهيم! هذان هما؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين» فنظر المغني منهما إلى وقال: سعاية في 
جوار قبر رسول الله و فسري عن أمير المؤمنين بعض غضبه» فقال: ما كنتما فيه؟ قالا: 
خيرء قال: فما من ذلك الخير؟ فسكتاء فقال للمغني منهما: من أنت؟ فابتدره جماعة 
فقالوا: يا أمير المؤمنين! هذا ابن جريج فقيه أهل مكة» فقال: فقيه يتغنى في مسجد رسول 
الله يي؟ قال: يا أمير المؤمنين! لم يكن ذلك بالقصد مني» ولكني معت من هذا المخزومي 


جح الجليس الصالح والأيس الناصح ببست سس ممع رو 
-يعني صاحبه- صوتين لم يزالا في قلبي حتى التقينا وأحببت أن يأحذهما علي فأخذهما 
علي وحلفت إني قد أحسنت وأنه لو كان في موضع أمير المؤمنين لخلع علي»؛ وسكت. 

فقال: إن كنت تركت من الحديث شيئاً فباته» فقال: ما تركت يا أمير المؤمنين شيئاً 
قال: والله لتقولن ما قال أو لأضربن عنقك. 1 

قال: يا أمير المؤمنين! قال: لو كنت في موضعه لخلعت عليه ثيابك مشقوقة طرباًء 
فتبسم الرشيد وقال: أما هذا فلا» ولكن سأنبذها لك صحيحة فهو خيرٌ لك, ثم دعا 
بثياب ونبذ إليه ثيابه» وأمر له بعشرة آلاف درهم) ولصاحبه بخمسة آلاف درهم) وقال: 
لا تعود لمثل هذا. 

قال: فقال صاحب ابن جريج: ألا أن تحج ثانية يا أمير المؤمنين» فضحك وقال: 
ألحقوه بصاحبه في الجائزة. 

وصية أعرابية لولدها 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أي» قال: حدثني عبد الله بن محمد بن 
رستم» قال: حدثني محمد بن عيسى النحويء قال: قال أبان بن تغلب - وكان عابدا من 
عباد البصرة: شهدت أعرابية وهي توصي ولد هما يريد سفراً وهي تقول له: أي بني! 
اجلس أمنحك وصيتيء وبالله تعالى توفيقكء» فإن الوصية أجدى عليك من كثير عقلك. 

قال أبان: فوقفت مستمعاً لكلامها مستحسناً لوصيتها فإذا هي تقول: أي بني! إياك 
والنميمة» فإنها تزرع الضغينة وتفرق بين المحبين» وإياك والتغرض للعيوب» فتتخذ غرضاء 
وخليق ألا يثبت الغرض على كثرة السهام» وقل ما اعتورت السهام هدفاً إلا كلمته حتى 
يبي ما اشتد من قوته» وإياك والحود بدينك» والبخل بمالك» وإذا هززت فاهزز كريماً 
يلين لهزتك» ولا تهزز اللئيم فإنه صحرة لا يتفجر ماؤهاء ومثل لنفسك أمثال ما 
استحسنت من غيرك فاعمل به» وما استقبحت من غيرك فاجتنبه» فإن المرء لا يرى 
عيب نفسه؛ ومن كانت مودته بشره» وخالف ذلك فعله. كان صديقه منه على مثل الريح 
في تصرفهاء ثم أمسكت. فدنوت منها فقلت: بالله يا أعرابية إلا زدته في الوصية» قالت: 
أوقد أعجبك كلام الأعراب يا عراقي؟ قلت: نعم» قالت: والغدر أقبح ما تعامل به الناس 
بينهم) ومن جمع الحلم والسخحاء فقد أجاد الحلة ريطتها وسرباها. 

عندما يسمع المحب اسم حبيبه 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي؛ قال: حدثنا عون بن محمد قال: حدثني إدريس بن 
بدر أحو الجهم بن بدرء قال: كان أني منقطعاً إلى الفضل بن يحبى» فكان معه يوماً في 
موكبه» فقال أبي: فرأيت من الفضل حيرةً وجولة» فنظر إلي ففطن أني قد استبنت ما كان 
فيه» فقال: عرفني يا بدر» كيف قال المحنون: وداع دعا ...لم فأنشده: 


عي نسب سس خلس السادس والأربعون حت 

وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى فبيج أحزان الفؤاد ومايدري 

دعا باسم ليلى غيرها فكأنما أطار بليلى طائراً كان في صدري 

قال: هذه والله قصتي» كنت أهوى جارية يقال لها مشف, فكان مني ما رأيت ونالني 
مثل ما نال امحنون. 
كتاب سوء الأدب 

حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري» قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الشامي بهراة؛ 
قال: أخبرني علي بن التعد) قال: كتب أبو يوسف القاضي يوماً وعن يمينه إنسان») فلاحظه 
يقرأ ما يكتب» ففطن به أبو يوسفء فقال له: وقفت على شيء من خطأ؟ قال: لاء واللهء 
ولا حرف. فقال له أبو يوسف: جزيت حيرا كفيتنا مؤونة قراءته» ثم أنشأ يقول: 


كأنه من سوء تأدبه تعلم في كتاب سوء الأدب 
لم يدعه يسأل غيره 


حدئنا عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي» قال: حدثنا أبو بكر بن أي الدنياء قال: 
حدثني سليمان بن منصور الخزاعي) قال: حدثنا أبو سفيان الحميري» عن عبد الحميد بن 
جعفر الأنصاريء قال: قدم أعراي المدينة يطلب في أربع ديات حملهاء فقيل له: عليك 
بحسن بن علي) وعليك بعبد بن جعفر» وعليك بسعيد بن العاصء وعليك بعبد الله بن 
العباس» فدخل المسجد فرأى رجلاً يخرج ومعه جماعة» فقال: من هذا؟ قيل: سعيد بن 
العاص» قال: هذا أحد أصحاي الذين ذكروا لي» فمشى معه فأحبره بالذي قدم له» ومن 
ذكره وأنه أحدهم» وهو ساكت لا يجيبه» فلما بلغ باب منزله قال لخازنه: قل لهذا 
الأعرائي فليات بمن يحمل له؛ فقيل له: ائت بمن يحملء قال: عافى الله سعيداء إنما سألناه 
ورقاً ولم نسأله تمرأ» قال: ويحك ائت بمن يحمل لكء فأخرج إليه أربعين ألفأء فاحتملها 
الأعرابي فمضى إلى البادية ولم يلق غيره. 

كيف خلصه الله من الغلام 

حدثنا محمد بن أحمد بن أي الثلج قال: حدثنا الحسين بن فهم؛ قال: حدثنا عمر بن 
شيبة» عن فلان من أهل البصرةء قال: مررت بالنحاسين ببغداد فإذا أنا برجل ينادي على 
غلام نظيف له هيئة وجمال» وهو يقول: من يشتري غلاماً سارقاً آبقاً قتولاً لمواليه؟ فعد 
خلال سوءء قال: فقلت: يا غلام! ما هذه الصفات بك؟ قال: فقال لي: امض إلى عملك 
إن أردت أن تمضيء فإن مولاي يريد أن يستعيبني بهذاء قال: فرغبني هذا .الكلام فيه 
فقلت للمنادي: بعنيه» فمقال: مع كل ما وصفت من الخلال المذمومة فيه؟ قال: فقلت: 
ارم بشمن هذا في البحر. 

فاشتريته بسبعة عشر ديناراً وصرت به إلى منزلي» فمكث شهوراً لا أرى إلا كل خلة 


- اليس الصالح والأني نيس الناصح سيسصس سس صصص ب 7ق ع ا 
جميلة؛ حيطة وشفقة ونصحاً حتى أمنته وسلمت إليه فقبض على كيس لي فيه جملة ثم 
هربء فلم أعرف له خبرأء ولم يكن لي على بيعه حجة لما بين من خلاله. 

قال: فقلت: ما أرى كل ما قيل فيه إلا حقء وحمدت الله عز وجل ! إذ كانت النازلة 
بمالي ولم تكن بي. قال: ثم اتصل بي الخبر أنه بالكوفة قد انقطع إلى صيرني» قال: 
فخرجت خلفه فأراه قاعداً في الصيارف في دكان رجل تبيل منهم» قال: فقبضت عليه 
وقلت: يا عدو الله يا آبق! قال: فقال الصيرفي: أهو مملوك؟ قال: فقلت: نعم وهو 
عبدي» قال: فقال الغلام: نعم هو مولاي وأنا مملوكه؛ فراعني تماوته» قال: وحفت أن 
ينالني ما قال.المنادي» قال: فجئت به إلى حداد فقلت له: ضع بيدي ويده مصكة وثيقة) 
قال: وقلت: والله لا نزال هكذا إلى بغداد» وحرجت من الكوفة أمشي ويمشي لا يتهيأ لنا 
الركوب من أجل المصكة» حتى وافينا برقياء قال: فنمنا في الخان على تعبء» قال: فما 
شعرت إلا بوئبة الأسد فوق الغلام» قال: فأحذه يجره ويجرني معه بالمصكة قال: 
فذكرت سكيناً في حفي صغيرة» فأخرجتها فحززت يده فبقيت في المصكة» ومضى به 
الأسد» ثم نزعت المصكة ودفنت يله. 

رواية أخرى للخير 
بو النضر العقيلي بنحو هذا عن أ ي الحسن بن راهوية الكاتب» قال: حكى 

ا أن مملوكاً سرق منه كيساً فيه جملة من الدنانير وهربء قال: فخرجت في 
طلبه فأدركني المساء في موضع حدده وذكر لي أ نه مسبعٌ» فرأيت شجرة عالية فتسنمتهاء 
فلما كان في الليل أقبل الأسد والأرض كادت تنشق من زئيره» فجزعت وجذبت غصناً 

من الشجرة متعلقاً به لأرتفع من مكاني وأزداد بعداً من الأرض» فسقط شخص من 
الشجرة سمعت وجبته» فوثب الأسد عليه وجعل يلغ في دمه؛ ويلتهم لحمه ثم ولى؛ وأقمت 
بمكاني حتى جاء الصبح وانتشر الناس» فنزلت فإذا رأس غلامي ملقى وإلى جنبه كيسي 
بحاله» فأحذته وانصرفت. 

أبى إلا الحق 

حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي» قال: حدثني إساعيل بن حسان قال: حدثنا 
حماد بن داود التغلبي» عن عوانة ب بن الحكمى قال: 

أتى الحجاج برجلين من الخوارج» فال لأحدهما: ما دينك؟ قال: دين برام حبنا 
مسلماً وما أنا من المشركين» فقال: يا حرسي! اضرب عنقه؛ ثم قال للآخر: أنت 
دينك؟ قال: دين الشيخ يوسف بن الحكم - يعني أبا الحجاج - قال: ويحك رد 
كان صواماً قواماًء يا حرسي! نحل عنه؛ فقال: ويحك يا حجاج! أشقيت نفسك وأئمت 
بربك؛ قتلت رجلاً على دين إبراهيم يك قال الله تعالى: «إومن يرغب عن ملة إبراهيم 


-؛+< ابس ب ب _ حت المجملس السادس والأربعون حت 
إلا من سفه نفسه4: فقال: أبيت» يا حرسي! اضرب عنقه؛ فانطلق به فأنشأ يقول: 
سبحان رب قد يرى ويسمع وقد مضى في علمه ما تصنع 
ولو يشا في ساعة بل أسرع فيرسلن عليك ناراً تسطع 
فيترك السرير منك بلقع 
من طرائف القَضَاه 
حدثنا جعفر بن أحمد بن جعفر النهروائي» قال: حدثني أي» عمن حدثه. قال: ولى 
يحيى بن أكثم إسماعيل بن سماعة القضاء بغري بغداد» وولى سوار بن عبد الله شرقيهاء 
وكانا أعورين» فكتب فيه محمد بن راشد الكاتب: 


رأيت من العجائب قاضيين هما أحدوثة في الخافقين 
هما فال الزمان بهلك يحيى إذ افتتح القضاء بأعورين 
فلو جمع العمى يوماً بأفق لكانا للزمانة عحلتين 
تحسب منهما من هز رأساً لينظر بزاله من فرد عين 


وكان يحيى بن أكثم أعور. 
من رسائل العتابي 

حدثنا الحسين بن المزربان النحوي» قال: حدثني محمد بن العباس اليزيدي» قال: 
حدتني أبو جعفر محمد بن صدقة النحوي» قال: كتب العتاني إلى داود بن يزيد بن 
المهلب: أما بعد فإني امرؤٌ في خلتان: حصرٌ مقيد بالحياء» وعزة نفس شبيهة بالجفاء» ولم 
أزل أرغب بنفسي في صحبة غطارفة الرجال» وأبناء ذوي الفعال» فوردت العسكر فرفع 
إلي أقوام منهم من يرتاش حاله. ولا يشرف إلا بماله» ومنهم من أنحل أديمه» ولم يصل 
قديمه» في طبقات شتى يضيق عنهم المدح. ويتسع فيهم الذم ورأيت وجوه القبائل 
تصدر عنك بأنواع الفضائل في حمل الديات» وفضل الحبات» ورأيتك من نبعة أصلها 
الكرم» وأغصاها الهم تثمر الحمد, وترقع المحد» فحططت رحلي بفنائلك وشددت عراه 
بأطناب وفائك» وقلت في ذلك: 


داود خير فتىّ يعاذ بركنه ملك يجير من الزمان القاسي 

كم من يد لك أصبحت مشهورة بيضاء تجلو ظلمة الإبلاس 

فلقلما تتلقاههإلا واقفاً متحرماً بين الندى والباس 
أثر الهدية في النطوس 


حدثنا أبي » قال: حدثنا أبو أحمد الختلي» قال: أخبرنا أبو حفص - يعني النسائي - 


حت الحليس الصالح والأنيس التناصح ببس سس يرن لوجت 
قال: حدثني أحمد بن محمد بن يعقوب التميمي» عن علي بن محمد القرشي» قال: حدثنا 
حفص بن عمرو بن ححاقان» قال: حدثني يونس بن عبيد» قال: أتيت محمد بن سيرين» 
فقلت: قولوا له: يونس بن عبيد بالباب» فقال: قولوا له: أنا نائم» فقلت: قولوا له: إن 
معي هدية» فقال: كما أنت إذاً. 
هل كذب ابن سيرين 
قال القاضي: قول ابن سيرين» فقال: قولوا له: إنه نائم وليس بنائمء أراد به - والله 
أعلم - أنه نائمٌ بعد هذا الوقت» كقول الرجل: أنا قاتم غداًء قال الله عز وجل: إإنك 
ميت وإنهم ميتون4؛ وابن سيرين ممن تنزه عن الكذب لدينه وورعه. وقد روي عنه في 
ذم الكذب أشياء كثيرة. 
ثاذا يهدأ وثاذا يضرب؟ 
حدثنا أحمد بن محمد بن السري التميمي» قال: حدثنا أحمد بن فرجء قال: سمعت أبا عمر 
الدفتري» يقول: سعت الكسائي يقول: كنت يوماً أقرأ على حمزة فدخل سليم فاضطربت» 
فقال لي حمزة: يا هذا! تقرأ على وأنت مستمر حتى إذا دحل سليم اضطربت؟ قلت: إني إذا 
قرأت عليك فأخطأت قومتني؛ وإذا أخطأت فسمعني سليم عيرني. 
القصة يرويها الكسائي 
حدثنا محمد بن الحسين بن مقسم) قال: حدثنا أبو أحمد المخرمي ) قال: حدثنا أبو 
هشام» قال: حدثني سليم» قال: رأيت الكسائي يقرأ على حمزة فجئته فاستندت إلى 
المحراب بجنب حمزة» فجعل الكسائي يرعد, فقال له حمزة: كأنه أهيب في عينك مني؟ 
قال: لاء ولكني إذا أحطأت علمتني» وهذا إذا سمعني أخطىء شنع علي. 
ألاظ التلبية 
حدثنا عبد الله بن الحسن بن محمدء أبو عمر البزازء قال: حدثنا محمد بن حلف»ء قال: 
حدثني محمد بن إسحاق» قال: حدثنا الحسن بن موسىء قال: حدثنا زهيرء قال: قال ابن 
إسحاق لأحي: يا رجيل! قال: لبيك» قال: لبى يديك. 
قال القاضي: قول القائل: لبيك» بالإضافة فيه إلى كاف المخاطبة» وليست الإضافة 
فيه إلى الأسماء الظاهرة أعلامها ومبهمهاء كقولك: لبى زيد» ولبى هذا الظاهر المستعمل 
في العربية» وقد أتى على شذوذه كما أتى في هذه الكلمة؛ أعني لبى يديك» وذلك أن 
عدداً من النحويين أنشدوني هذا البيت: 
دعوت لما نابني مسوراً فلبى فلبى يدي مسسور 
وللتلبية أحكام قد رسمنا فيها رسالة تحوي تفسير معانيهاء وما اتفق عليه واختلف فيه 
منهاء من جهة النحو والإعراب» وأبواب الفقه» وسببها وبمجحاريها في الحج والعمرة؛ 


عدو سس سس البحلس السابع والأربعون حت 
ومن نظر فيه أشرف على أنواع من الفائدة. ش 
الهموم تزيد مع النعم 
حدثنا أبي» قال: وحدثني بعض أصحابناء قال: حدثنا أبو عمرو الضرير بالكوفة» 
قال: قال يحيى بن معين: كنت أنا وأحمد بن حنبل عند عبد الرزاق» وكنت أكتب الشعر 
والحديث» وكان أحمد يكتب الحديث وحدهء فخرج إلينا يوما عبد الرزاق» وهو يقول: 
كن موسراً إن شئت أو معسراً لا بد في الدنيا من الهم 
وكلما زادك من نعمة زا دك مازادك من غم 
فقال له أحمد: كيف قلت؟ فأعادها عليه فكتبها. 
رواية أخرى للخبر فيها زيادة 
حدنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: وحدثني أبي ) عن بعض أصخابه عن أي 
عاصم: عن ابن جريج قال: حرجت في السحرء فرأيت رقعة تضربها الرياح فأحذتها فلما 
أضاء الصبح فتحتباء فإذا فيها: 
وكلمسازادك من نعمة زادك الذي زادك في الشضشسم 
إني رأيت النس في دهرنا لا يطلبون العلم للعلئلم 
إلا مباهاةً لأصحابهم وعدةً للنغشم والظلم 
قال ابن جريج: والله لقد منعتنى هذه الأبيات عن أشياء كثيرة. 
المجلس السابع والأربعون 
تأكل من فم رسول الله 
لله بن الرومي» قال: حدق انر بن جمد عن شكرمة بن خماره حل أثل بن قر ل 
شهر بن حو شب») قال: ' كانت بالمدينة امرأة تضحك الفكلى» قال: فد حلت على عائشة 
ورسول الله ويه عندها وهو يأكل قديداًء فقالت: انظروا يأكل ولا يطعمني! قال: فناوها 
رسول الله َي مما كان بين يديه» فقالت: لا آكله إلا من فيك» فأحرج لا النبي 6 من 
فيه فأكلت» فما تكلمت بعد ذلك بكلمة بطالة' . 
تعليق الموّلهفه ‏ .2 
قال القاضي وكيف يستبعد هذا وقد أكلت من طعام كان في وعاء الصدق» وظرف 
الحق» وطريق العلمى والوقار والجلم. 
وفي القصة التي أتى هذا الخبر بها ما فيه البيان عن فضل النبي ؤَلَهُ وبركته» ويمن نقيبته» 


د الجليس الصالح والأنيس الناصح تلت اسسسُْسُُسُْْْ5 ١]_‏ ]ل “١‏ لل 12021 2 
ووضوح أعلام نبوته» وظهور جاهه عند ربه» ونحن نحمد الله تعالى على هدايتنا 
لتصديقه» وتوفيقنا للإيمان به» ونسأله أن يثبتنا على التمسلك بملته» وحفظ شريعته, 
ويعصمنا من معصيته ويجعلنا من الفائزين يوم الحساب بولايته فيسعدنا برفع الدرجات 
بشفاعته إنه سميع الدعاء» لطيف لما يشاء. 
اللحن شي أذنه أوقع 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: أخبرنا أبو معمرء عن أبيه» قال: كان أمير على 
الكوفة من بني هاشمء وكان لحاناً فاشترى دوراً من جيرانه ليزيدها في داره» فاجتمع إليه 
جيرانه فقالوا له: أصلحك الله هذا الشتاء قد هجم علينا فتمهلنا إن رأيت حتى يقبل 
الصيف ونتحولء فقال: لسنا بخارجيكم. 

قال: ودعا يوماً بابنه وبمؤدبه وهو على سطح فمر ثوران في الطريق» فقال الغلام: ما 
أحسن هذان الثوران! فلما نزلا من عنده قال المؤدب للغلام: ويحك! أهلكتني» فقال له 
الغلام: هذا حمار» ولو قلت هذين الثورين ما وقع عنده موقعا وستنظر ما يكون؟ فلم 
يلبث أن جاءته حمس مائة درهم وتخت ثياب» فقال: كيف رأيت؟ 

تخريج قولهم ما أحسن هذان 

قال القاضي: أما قول هذا اللحان الجاهل: لسنا بخارجيكم يريد بمخرجيكم» فمن 
النوادر المضحكة الدالة على انحطاط منزلة المتكلم وركاكاته. وأما قول ابنه: ما أحسن 
هذان الثوران» فليس بلحنء» وإن كان الفصيح المختار حلافه» وقد رسمنا من القول في 
هذا ما يوضح عن علله ووجوهه فيما بيناه في وجه قراءة من قرأ: #إن هذان 
لساحران#» ولا حاجة بنا في هذا الموضع إلى التشاغل به. 

حيلة عراقي في أخذ جارية ابن جعضر 
بو النضر العقيلي» قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن حمدون النديم» عن 

كر المجلي” عن جماعة من مشايخ قريش من أهل المدينة» قالوا: و0 
جعفر جارية مغنية يقال له عمارة» وكان يجد بها وجداً شديداًء وكان ها منه مكان لم 
يكن لأحد من جواريه» فلما وفد عبد الله بن جعفر على معاوية حرج بها معه. فزاره يزيد 
ذات يوم فأخرجها إليه» فلما نظر إليها وسمع غناءها وقعت في نفسه» فأخذه عليها ما لا 
يملكه» وجعل لا يمنعه من أن يبوح بما يجد بها إلا مكان أبيه مع يأسه من الظفر بها. 

ولم بزل يكام الناس أمرها إلى أن مات معاوية وأفضى الأمر له فامتخار بعس ون 
قدم عليه من أهل المدينة وعامة من يثق به في أمرها وكيف الحيلة فيباء فقيل له: إن 
ا ا ةا لق م ل 
تستجيز إكراهه» وهو لا يبيعها بشيء أبدأء وليس يغني في هذا إلا الحيلة. 


د وادععلبمبللسسست البهلس السابع والأربعون حت 

فقال: انظروا لي رجلاً عراقيا له أدب وظرفٌ ومعرفة, فطلبوه فأتوه به» فلما دحل 
رأى بياناً وحلاوة وفهماًء فقال يزيد: إني دعوتك لأمر إن ظفرت به فهو حظوتك آخر 
الدهر» ويد أكافئك عليها إن شاء اللى ثم أحبره بأمره فقال له: إن عبد الله بن جعفر ليس 
يرام ما قبله إلا بالخديعة» ولن يقدر أحدٌ على ما سألت» وأرجو أن أكونه والقوة بالله» 
فأعني بالمال» قال: حذ ما أحببت» فأخذ من طرف الشام وثياب مصر واشترى متاعاً 
للتجارة من رقيق ودواب وغير ذلك» ثم شخص إلى المدينة فأناخ بعرصة عبد الله بن 
جعفر) واكترى منزلاً إلى جانبه ثم توسل إليه» وقال: رجل من أهل العراق قدمت بتجارة 
وأحببت أن أكون في عز جوارك وكنفك إلى أن أبيع ما جئت به. 

فبعث عبد الله إلى قهرمانه أن أكرم الرجل ووسع عليه في نزله» فلما اطمأن العراقي 
سلم عليه أياماً وعرفه نفسه وهياً له بغلة فارهة وثياباً من ثياب العراق وألطافاً» فبعث بها 
إليه وكتب معها: إني يا سيدي رجلّ تاجر ونعمة الله تعالى علي سابغة» وقد بعثت إليك 
بشيء من لطف وكذا وكذا من الثياب والعطر وبعثت ببغلة خحفيفة العنان وطيئة الظهر 
فاتخذها لرجلكء فأنا أسألك بقرابتك من رسول الله وه إلا قبلت هديتي» ولا توحشني 
بردهاء فإني أدين لله تعالى بمحبتنك وحب أهل بيتك» فإن أعظم أملي في سفرتي هذه أن 
أستفيد الأنس بك والتحرم بمواصلتك. 

فأمر عبد الله بقبض هديته وخرج إلى الصلاة» فلما رجع مر بالعراقي في منزله فقام 
وقبل يده واستكثر منه فرأى أدبا وظرفاً وفصاحةً فأعجب به وسر بنزوله عليه فجعل 
العراقي ني كل يوم يبعث إلى عبد الله بلطف وطرفء فقال عبد الله: جزى الله ضيفنا هذا 
خيراً» فقد ملأنا شكراً وما نقدر على مكافاته» فإنه لكذلك إلى أن دعاه عبد الله ودعا 
عمارة وجواريه» فاما عاب هما افلس وسيع غناء عمارة تعجب وجعل يزيد في جمد 
فلما رأى ذلك عبد الله سر به إلى أن قال له: هل رأ يت مثل عمارة؟ قال: لا والله يا 
سيدي ما رأيت مثلها ولا تصلح إلا لك» وما ظننت أنه يكون في الدنيا مثل هذه اللحارية 
حسن وجه وحسن غناءء قال: وكم تساوي عندك؟ قال: ما لما شن إلا الخلافة» قال: 
تقول هذا لتزين لي الي نيا وتجتلب سرورية ثال اه يا سيدي والله إني لأحب 
سرورككء وما قلت لك إلا الجدء وبعد فإني تاجر أجمع الدرهم إلى الدرهم طلباً للربح» 
ولو أعطيتها بعشرة آلاف دينار لأحذتهاء فقال له عبد الله عشرة آلاف دينار؟ قال: نعم 
ولم يكن في ذلك الزمان جارية تعرف بهذا الثمن» فقال له عبد الله: أنا أبيعكها بعشرة 
آلاف دينار» قال: وقد أحذتهاء قال: هي لكء قال: وجب البيع؛ فانصرف العراقي. 

فلما أصبخ عبد الله لم يشعر إلا بالمال قد وافى به فقيل لعبد الله: قد بعث العراقي 
بعشرة آلاف دينار» وقال: هذا شن ععمارة فردها وكتب إليه: إنما كنت أمزح معك؛ ومما 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح جح ر ورج 
أعلمك أن مثلي لا يبيع مثلهاء فقال له: جعلت فداكء إن الحد والحزل في البيع سوا 
فقال له عبد الله: ويحك! ما أعلم جارية تساوي ما بذلت» ولو كنت بائعها من أحد 
لآثرتك» ولكني كنت مازحا وما أبيعها بملك الدنيا لحرمتها بي وموضعها من قلبي؛ فقال 
العراقي: إن كنت مازحاً فإني كنت جادً» وما اطلعت على ما في نفسك» وقد ملكت 
الحارية وبعثت إليك بثمنهاء وليست تحل لك وما لي من أحذها من بد. 

فمانعه إياهاء فقال له: ليست لي بينة» ولكني أستحلفك عند قبر رسول الله ويك ومنبره» 
فلما رأى عبد الله الحد قال: بئس الضيف أنت»ء ما طرقنا طارقٌ ولا نزل بنا نازل أعظم علينا 
بليةَ منك» تحلفني فيقول الناس اضطهد عبد الله ضيفه وقهره فالجحأه إلى أن استحلفهء أما والله 
ليعلمن الله جل ذكره أني سائله في هذا الأمر الصبر وحسن العزاءء ثم أمر قهرمانه بقبض المال 
منه وتجهيز الحارية بما يشبهها من الثياب والخدم والطيب» فجهزت بنحو من ثلاثة آلاف 
دينار» وقال: هذا لك وها عوضاً مما الطفتناء والله المستعان. 

فقبض العراقي الحارية وخرج بهاء فلما برز من المدينة قال لما: يا عمارة! إني والله ما 
ملكتك قطء ولا أنت لي» ولا مثلي يشتري جارية بعشرة آلاف دينار» وما كنت لأقدم 
على ابن عم رسول الله يلك فأستلبه أحب الناس إليه لنفسي» ولكنني دسيسُ من يزيد بن 
معاوية وأنت له» وفي طلبك بعث بي فاستتري مني» وإن داخلني الشيطان في أمرك وتاقت 
نفسي إليك فامتنعي. 

ثم مضى بها حتى ورد دمشق فتلقاه الناس بجنازة يزيد وقد استخلف ابنه معاوية بن 
يزيد» فأقام الرجل أياماً ثم تلطف للدحول عليه فشرح له القصة - وروي أنه لم يكن أحدٌ 
من بني أمية يعدل بمعاوية بن يزيد في زمانه نبلا ونسكا - فلما أخبره قال: هي لك؛ 
وكل ما دفعه إليك في أمرها فهو لك. وارحل من يوممك فلا أسمع من حبرك في بلاد 
الشام» فرحل العراقي» ثم قال للجارية: إني قلت لك حين حرجت بك من المدينة» 
وأحبرتك أنك ليزيد وقد صرت لي» وأنا أشهد الله أنك لعبد الله بن جعفرء فإني قد 
رددتك إليه فاستتري منيء ثم حرج بها حتى قدم المدينة فنزل قريباً من عبد الله بن جعفرء 
فدخل عليه بعض خدمه. فقال له: هذا العراقي» ضيفك الذي صنع بنا ما صئع وقد نزل 
العرصة لا حياه الله. 

فقال عبد الله: مه! أنزلوا الرجل وأكرموه. 

فلما استقر به» بعث إلى عبد الله: جعلت فداكء إن رأيت أن تأذن لي أذنة حفيفة 
الغانياك بشيء! فتلت : فأذن ل فلما حل سلم عليه وقبل يده وقريه عبد اله نم اققص 
عليه القصة حتى فرغ ثم قال: قد - ولله - وهيتها لك قبل أن أراها أ ضع يدي عليها 
فهبي لكء ومردودة عليكء» وقد علم الله جل وعز أني ما رأيت لها وجهاً 0 


سموم ببسب سسب لص لصحت البجلس السابع والأربعون حت 
إليها فجاءت. وجاءت بما جهزها به موفراً» فلما نظرت إلى عبد الله رت مغشياً عليهاء 
وأهوى إليها عبد الله وضمها إليه. 

وخرج العراقي وتصايح أهل الدار: عمارة عمارة» فجعل عبد الله يقول ودموعه 
تجري: أحلم هذا؟ أحقٌّ هذا؟ ما أصدق هذا! فقال له العراقي: جعلت فداءك» ردها ال الله 
عليك بإيثارك الوفاء وصبرك على الحق» وانقيادك له فال عبد الله: الحمد لله اللهم إنك 
لم ا ميرت عنياء وأثرت الوثاء وسلمت لأمركة فرددتا علي بمتلك؛ وللك جمدم 

ثم قال: يا أخا العراق! ما ني الأرض أعظم منة منك» وسيجازيك الله تعالى. 

فأقام العراقي أياماً» وباع عبد الله غنماً له بثلائة عشر ألف دينار» وقال لقهرمانه: 
الها ليه وقل له: اعذر واعلم أني لو وصلتك بكل ما أملك لوا يتك أهلاً لأكثر منه. 

فرحل العراقي محموداً وافر العرض والمال. 

الوليد وعطرد المفني 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا محمد بن عجلان أبو بكرء قال: 
حدثني حماد بن إسحاقء عن أبيه» قال: حدثني محمد بن عبد الحميد , بن إسماعيل بن عبد 
المميد بن يحبىه عن عمه أبوب بن إسماعيل» قال: لما استخلف الوليد كتب إلى عامله 
بالمدينة: أن أ شخص إلي عطرد المغني قال عطرد: فدفع إلي العامل الكتاب فقرأتى 
وقلت: سمعا وطاعة. 

فدحلت عليه في قصره وهو قاعدٌ على شفير بركة ليست بالكبيرة» يدور فيها الرجل 
سباحة» فوالله ما كلمني كلمة حتى قال: أعطرد؟ فقلت: لبيك يا أمير المؤمنين» قال: غنني 
حي الحمول. قال عطرد: فغنيت: 1 


حي الحمول بجانب العزل إذ لا يناسب شكلها شكلي 
الله أنجح ما طلببت به والبر خير حقيبة الرحل 
إني بحبلك واصل حبلي وبريش نبلك رائشٌ نبلي 
وشائلي ما قد علمت وما نبحت كلابك طارقا مثلي 


قال: فوالله ما تكلم بكلمة حتى شق بردةً صنعانية عليه - ما يدرى ما شنها - نصفين 
فخرج منها كما ولدته أمه ثم رمى بنفسه في البركة فنهل منها حتى تعرفت فيها النقصان 
فأخبرج منها ميتاً سكراًء فضربت يدي إلى البردة فأخحذتها فوالله ما قال لي الخادم حذها 
ولا دعهاء وانصرفت إلى منزلي وأنا أفكر فيه وفيما رأيت منه. 

فلما كان من الغد دعاني في مثل ذلك الوقت» وهو قاعد في مثل ذلك الموضع» فتمقال: 
عطرد؟ قلت: لبيك يا أمير المؤمنين» قال: غنني؛ فغنيته: 


جح الجليس الصالح والأنيس اللاصح سس حر وو 
أيذهب عمري هكذا لم أنل منه بخالس تشفي قرح قلبي من الوجد 
وقالوا: تداوى إن في الطب راحة فعزيت نفسي بالدواء فلم يجد 

فلم يتكلم حتى شق بردة كانت عليه مثل البردة الأمسية فخرج منها ورمى بنفسه في 
البركة فنهل والله حتى تبينت النقصان» فأخرج ميتا سكراء وضممت البردة إلى فما قيل 
لي حذ ولا دعء فانصرفت إلى منزلي» فلما كان في اليوم الثالث دعاني فدحلت إليه وهو 
يبر قد اتنت حاف ستورد فكلمني من وراء السترء فقال: أعطرد؟ فقلت: لبيك يا 

مير المؤمنين » قال: كأنني بك الآن قد أتيت المدينة فقلت: دعاني أمير المؤمنين فدحلت 
فل او ا لف 2 - بشيء مما كان - شفتاك» لأطرحن 
الذي فيه عيناك» يا غلام! أعطه حمسمائة» الحق بالمدينة. 

قلت: أفلا يأذن لي أمير المؤمنين فأقبل يده وأتزود نظرة إلى وجبههء قال: لاء قال 
عطرد: فخرجت من عنده فما تكلمت بشيء من هذا حتى دحلت الحاشية. 

قوله: وقالوا: تداوى.....خرجه على الأصل لإقامة الوزن» وقد بينا هذا فيما مضى 
بشواهده. 

شعر لا يصدر من قلب سليم 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثنا أحمد بن يحيى النحوي» قال: حدثنا 
عبد الله بن شبيب» عن عمرو بن عثمان» قال: مرت سكينة بعروة بن أذينة» وكان 
يتنسكء فقالت له: يا أبا عامر! ألست القائل: 


إذا وجدت أذى للحب في كبدي أقبلت نحو شفاء الحب أبترد 
هذا بردت ببرد الماء ظاهمره فمن لحر على الأحشاء تقد 
أولست القائل: 

قالت وابثتتها سري فبحت به قد كنت عهدي تحب الستر فاستتر 


الست نيصر من حولي فقت ل غطى هواك وما ألقى على بصري 
هؤلاء أحرار - وأشارت إلى جواريها - إن كان هذا حرج من قلب سليم. 
قال القاضي: وأنشدنا بيتي عروة الأولين من غير هذه الرواية: 
لما وجدت أوار الحب في كبدي أقبلت نحو سجال القوم أبترد 
هذا بردت ببرد الماء ظاهره فمن لنار على الأحشاء تتقد 
والأوار: ما يجد من الغلة والحرارة» كما قال الشاعر: ّ 
والنار قد تشفي من الأوار 
وأما السجال فجمع سجلء وهو الكبير من الدلاى قال الراجز: 
لطالما حلأتماها لا ترد فخلياها والسجال تبترد 


حو ء»اببس--_ 7777777 و مجلس السابع والأربعون د 
وأما قوله: أبترد فهو أفتعل من قولهم: برد الماء حرارة جوني» قال الشاعر: 
عطل قلوصي في الركاب فإنها ستبرد أكباداً وتبكي بواكيا 
وروي لنا قوله في الشعر الثاني: وأبثثتها وجدي مكان سري. 
الالتذاذ بالتلاقي بعد المراق 
حدثنا محمد بن يحبى الصولي» قال: حدثُنا المبرد» قال: حرم محمد بن عبد الله القيان) 
وكتب إليه أحمد بن عبد السلام الخزاعي رقعة ولم يترجمها ودسها في رقاع المتظلمين» فيها: 


عرفات الأمير أيده الل ه بطول التوفيق واالتسديد 
فرقت بينناوبين مدل وعجاب ومنصف وفريد 
كم قلوب قد أحرقت ني صدور ودموع قد أقرحت من حدود 
فوقع محمد بن عبد الله بن طاهر في رقعته: 

حسن رأي الأمير في العشاق وفر الحب بامتناع التلاق 
حاف أن تحدث الملال سلواً فتلانى المهوى ببعض الفراق 

وأغض اللقاء ما كان منه من تناء وبعد طول اشتياق 

شجرٌ غرسه كرية ولكسن يجتنى غبه لذيذ المذاق 


قال القاضي: قد قال الناس في تضاعيف الالتذاذ. بالتلاقي بعد الفراق» وفي تسهيل 
الفراق» واستحبابه لوفور الاستمتاع بالأوبة والاتفاق» فأكثرواء وإن كان أكثرهم يعلل 
نفسه ويرضيها بما لو خحلي وما يحتاره لم يرضه لماء لم نبن كتابنا هذا على استقصاء 
أنواعه؛ واستيفاء الأبواب فيه» فنجمع ذلك ونستوعبه» وهو يأتي في هذه المجالس متفرقاً 
بحسب ما يحضرناء ويخرج لناء وبالله توفيقناء وبمشيئته وحسن معرفته نرجو أن تجري 
مقاصدنا ومتصرفاتنا. 

أبيات وجدت على سد مأرب 

حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي» قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنياء قال: 
حدثني محمد بن الحسين» قال: حدثني بعض أصحابناء قال: لما هدمت مأرب سبأ أصيب 
في ركن من أركاها: 


ستأتي سنون هي المعضلا ت ترجع مل المجعة الأجدل 
ترى الشيخ يلقي العصا طائعاً ويمشي عليها الفتى الأرجل 


- الخليس الصاح والأئيس الناصح سسسب 7٠‏ هه #احد 


ما يكن كائناً لا شك فيه يزده الصبح والليل اقترابا 
وليسا زائدي شيئاً تولسى وحالاً دونه إلا ذهابا 
وفي الركن الثالث: 
أيا لك دهراً قد حلا عجبه دهراً تحول رأسه وذنبه 
دهراً تداوله الإماء فقد ترضى بماء بطونها عربه 
وفي الركن الرابع الأخير: 
الأخير شر الأخير شر 


قال القاضي: ترجع مل الحجعة أراد من المجعة» فحذف النون, ولم يأت بالكلمة على 
أصلها لثلا ينكسر الشعرء وهذا مذهبْ معروف في العربية إذا كانت هذه اللام ظاهرةً 
كقوهم: بلعنبر وبلحرث وبلقين» فإذا كانت اللام لا تظهر أخرج على أصله كقولك» بنو 
الرحل ويقولون: بلمرة لظهور اللام» قال الشاعر: 
غدا بني علباء بكر بن وائل وعجا صدور الخيل نحر تميم 
ومن الكثير الفاشي من هذا الباب في كلامهم قولم: ما أنس مل أشياء بمعنى من 
الأشياء؛ قال الأعشى: 
فما مل أشياء لأنس قولها لعل النوى بعد التغرق تصقب 
فما أنسى مل أشياء لا أنسى قوها وأدمعها يغسلن حشو المكاحل 
وهذا باب يتسع» ويتصل به البيان عن قراءة أني عمرو: " وأنه أهلك عادل أولى "2 
وقال الشماخ بن ضرار يمدح عرابة الأوسي 
رأيت عرايتل أوسي يسمو إلى الخيرات منقطع القرين 
ولشرح هذا المعنى موضع من كتبنا هو أحق به. 
المجلس الثامن والأربعون 
خبر بني أبيرق ٠‏ 
حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد» سنة شانئي عشرة وثلاشائة» قال: حدثنا أبو مسلم 
الحسن بن أحمد الحراني ببغداد سنة شان وأربعين ومائتين» قال: حدثنا محمد بن سلمة 
الحرانيء قال: : حدثنا محمد بن إسحاق» عن عاصم بن عمرء عن قتادة» عن أبيه» عن جده 
قتادة بن النعمان» قال: كان أهل بيت منا يقال لهم " بن بنو أبيرق ": بشر وبشير ومبشر» 
وكان بشير رجلاً منافقاًء وكان يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله يي ثم ينحله 
بعض العربء ثم يقول: قال فلان كذا وقال فلان كذاء فإذا سمع أصحاب رسول الله 88 
ذلك الشعر قالوا: والله ما يقول هذا الشعر إلا الخبيث» فقال: 


ووم سياس سس ل ل لل سس البجلس الثامن والأربعون حت 
أو كلما قال الرجال قصيدةً أصموا وقالوا ابن الأبيرق قالها؟ 
وكانوا أهل بيت فاقة وحاجة في الجاهلية والإسلام» وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة 
التمر والشعيرء وكان الرجل إذا كان له يسارٌ فقدمت ضافطة من الشامء ابتاع الرجل منها 
فخص به نفسه فأما العيال فإها طعامهم التمر والشعير» فقدمت ضافطة من الشام فابتاع 
عمي رفاعة بن زيد حملاً من الدرمك فجعله في مشربة له وفي المشربة سلاحٌ له درعان 
وسيفاهما وما يصلحهماء فعدي عليه من تحت الليل فنقبت المشربة فأحذ الطعام 
والسلاح» فأتى عمي رفاعة» فقال: ابن أخ! أتعلم أنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه فنقبت 
مشربتنا فذهب بطعامنا وشرابنا وسلاحناء قال: فتحسسنا في الدار وسألناء فقيل لنا: قد 
رأينا بني أبيرق استوقروا في هذه الليلة» ولا نرى فيما نراه إلا بعض طعامكمء قال: وقد 
كان بنو أبيرق - قالوا ونحن نسأل في الدار: والله ما نرى صاحبكم ا 
رجل منا له صلاح وإسلام - فلما سبع ذلك بيذ استرط سيقه وقال: أ بني أبيرق! دا 
ليخالطنكم هذا السيف أو لتبن هذه السرقة» قالوا: إليك عنا أب يها الرجل» فوالله ما أنت 
بصاحبهاء فسألنا في الدار» حتى لم نشلك ) نم أصحابناء فقال: لي عمية يا ابن أخني لو 
أتيت رسول الله عَيُّ فذكرت له ذلكء قال: ؛ قادة: فأتيت رسول الله #ك فذكرت ذلك 
له فقلت له: يا رسول الله! إن ن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد 
فنقبوا مشربة له وأحذوا سلاحه وطعام فليردوا سلاحنا فأما الطعام فلا حاجة لنا به 
فقال رسول الله وَيَقهُ: سأنظر في ذلك» فلما سمع ذلك بنو أبيرق أتوا رجلاً منهم يقال له: 
أسيد بن عروة فكلموه في ذلك؛ واجتمع إليه قوم من أهل الدار فأتوا رسول الله دك 
فقالوا: إن قتادة بن النعمان وعمه عمدوا إلى بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم 
بالسرقة على غير بينة ولا تثبت» قال قتادة: فاتيت رسول الله يي فكلمته فقال: عمدت 
إلى أهل بيت ذكر فيه إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة على غير تثبت ولا بينة» قال: 
فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله يي في ذلك» فاتى 
عمي رفاعة» فقال يا ابن أخ! ما صنعت؟ فأحبرته بما قال رسول الله عي فقال: الله 
المستعان» فلم يلبث أن نزل القرآن إإنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس 
بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً4 - أي بني أبيرق - وأنت» «إواستغفر الله إن 
لله كان غفوراً رحيما»4 - أي مما قلت لقتادة -. «إولا تجادل عن الذين يحتانون 
أنفسهم 4 - أي بني بيرق - «إإن الله لا يحب من كان خواناً أثيمًء يستخفون من 
الناس ولا يستخفون من الله وهو معبم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما 
يعملون محيطاً» هأنتم هؤلاء جادلتم عنبم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنبم يوم 
القيامة أم من يكون عليهم وكيلاء ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح سسسب ب سس 1/7 ه لأ 
الله غفوراً رحيماً» - أي أنهم لو استغفروا الله غفر لهم - «إومن يكسب إثما فإنما 
يكسبه على نفسه وكان الله عليماً حكيماً, ومن يكسب خطيئة أ إشا م يرم به برا 
فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيئاً. ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفةٌ منبم أن 
يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيءء؛ وأنزل الله عليك الكتاب 
والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم؛ وكان فضل الله عليك عظيماً لا خير في كثيرٍ من 
نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس؛ ومن يفعل ذلك ابتغاء 
مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً4 إلى: «إومن يشاقق الرسول4. فلما نزل 
القرآن إلى رسول الله َك فرده | إلى رفاعة» قال: قتادة: فلما فلما أتيت عمي بالسلاح وكان 
شيخاً قد عمي في الجاهلية وكنت أرى إسلامه مدحولاً» فلما آتيته بالسلاح» قال: يا ابن 
أخي ! هو في سبيل الله قال: فعرفت أن ن إسلامه كان صحيحاً فلما نزل القرآن لحق بشيرٌ 
بالمشركين وتزل على سلافة بنت سعد بن شهيد» فأنزل الله تعالى فيه: إومن يشاقق 
الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم 
وساءت مصيراء إن الله لا يغفر أن يشرك به» إلى آحر الآية» فلما نزل على سلافة 

رماها حسان بأبيات من شعرء فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم حرجت به فرمته في 
الأبطح. ثم قالت: : أهديت إلى شعر حسانء ما كنت تأتيني بخير. 

معنى الضافطة. والدرمك 

قال القاضي: قول الراوي في هذا الخبر: ضافطة أراد عيراً أو رفقة فيها ميرة» وقوله: 
الدرمك يريد النقى» ومنه الخبر: " أن الأرض بعد البعث درمكة بيضاء "2 قال: أعشى بني 
قيس بن تعلبة: 

له درمك في رأسه ومشارب وقدرٌ وحبارٌ وصاع وديسق 
وروي عن النبي هيه أنه قال: في تربة الحنة: إمها الخبز من الدرمك. 
وقال ابن الأنباري: الدرمك حبز الحوارى» وأنشد: 
ذهب الذين إذا استجعت فزرتهم خبزوا الفؤاد بدرمك وشراب 
حذف الياء هي مثل يا ابن أخ ويا ابن أم . 

وفي الخبر: يا ابن أخ» بحذف الياء المضاف إليها وإبقاء الكسرة دلالة عليها » وهذا 
وجه معروف في كلام العرب. غير أن معظم النحويين زعموا أن الذي يكثر استعماله في 
هذا الباب موضعان: يا ابن أم ويا ابن عم على اختلاف القراءة في فتح الميم وكسرها 
من قوله يا ابن أم» وعلى ما في هذه الكلمة من لغات العرب» واعتل بعضهم في اختصاص 
هذين الاسمين لهذا المعنى بابن الرجل يقول: يا ابن أم ويا ابن عم؛ لمن ليس بأخيه ولا ابن 
عم وهذا عندي لازم في يا أي ويا ابن أي لكثرة قولهم: يا أي ويا ابن أخي 


-205 2ح للْت559096969676 5 + +”<”؟<ت”؟”<تا١”اتاتات_]١<١١<‏ 7ص تصلت]لد]ىل]ل]ل-”<<ت5ك الجلس الثامن والأربعون د 
للأجنبي» وقد يقولون يا ابن أمي في الإضافة في يا ابن أمي» ويسكنونها تارة ويحركونها 
أخرى» قال الشاعر: 


يا ابن أمي ويا شقيق نفسي أنت خليتني لدهر شديد 


وقوله: وكان شيخاً قد عسىء يعني أن الكبر قد بلغ منه وأثر فيه» وقد قرىء " وقد 
بلغت من الكبر عسياً " وعسيا على ما بين القراء من الاختلاف في ضم العين على الأصل 
وكسرهاء قال الشاعر: 

لولا الحياء وأن رأسي قد عسا فيه المشيب لزرت أم القاسم 
ويروى: وقد بداء ويقال: في هذا الباب العسو والعتو. 
كتب بني أمية أقصر من كتب بني العباس 

حدثنا محمد بن الحسين بن دريد» قال: حدثنا أبو حاتم» قال: سمعت بعض أصحابنا 
يحدث عن عبد الله بن سوار» قال: كنت غلاماً أكتب بين يدي يحيى بن خالدء فدحل 
عليه شيخ ضحم جميل الحيئة» فأعظمه يحيى وأقعده إلى جانبه وحادثه ثم قال له: ما بالكم 
كنتم تكتبون الكتب إلى عمالكم في سائر أموركم فلا تطيلون» وإنما الكتاب بقدر الفضل 
من كتبناء ونحن تيل ا لس اي اعفني» فأبى عليه إلا أن يجيبه 
فال وأنت غير ساحط؟ قال: : نعم قال: إن بني أمية كانت لا تكتب في الباطل أنه حق» 
ولافي الحق باط قل تعب ال قد فل اقم أت قلا اجر إلى الإطالة وطلب 
المعاذير والتلبيس» وأنتم تكتبون في الشيء الحق أنه باطل والباطل أنه حق» ثم تعقبون 
ذلك بخلافه فلا بد لكم من الإطالة. 

قال عبد الله بن سوار: فسألت عن الشيخ فقيل لي: هذا رجل من كتاب بني أمية 
القدماء من أهل الشام. 

قال القاضي: قول يحيى لهذا الكتاب في سائر أموركم, إن كان أراد فيما يسير وينتشر 
من أموركم» فهو صواب في اللفظء وإن كان أراد به العموم والإحاطة على معنى جميع 
أموركمء فهو خطأ من جبهة اللفظ والمعنى؛ إذ السائر في هذا المعنى تأويله الباقي» وإنما 
يقال: فعلت في باب كذا كيت وكيت وفي سائر الأبواب لمعنى الفاضل والبقية» يقال: 
أسأرت في الإناء أسأر بالحهمز قال الشاعر: 

أعط الملوح سؤر الكلب يشربه إن الملوح شرابُ على الكدر 

وقال الأعشى: 

بانت وقد أسأرت في النفس حاجتها بعد اتتلاف وخير الود ما نفعا 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح حسس ‏ سراي به مد 


وقال أيضاً: 

فبانت وقد أسأرت في الفوا د صدعاً على نأيها مستطيرا 
وقال حميد بن ثور اللالي: 

ألا إن أمي ما يزال مطالهها شديدا وفيها سؤرة وهي قاعد 
يعني بقية من الشباب» وهي من القواعد» وقد روي بيت الأخطل على وجهين: 

وشارب مربح بالكأس نادمني لا بالحصور ولا فيها بسوار 


بلهمز في سوار وغيره فمن رواه مهموزاً فالمعنى أنه لا يفضل في الكأس شيئاً إذ أن 
هذا عيب عندهم من وجبين» أحدهما: أنه يدل على عجزه عن الشراب أو كراهية 
الشراب والندام؛ ومن رواه بسوار غير مهموز فمعناه بوئاب من المساورة والموائبة» فهذا 
بيان الخطأ في هذا من جبة اللفظء وأما من جبهة المعنى فلكثرة كتب بني أمية في عظيم 
الآثام وجسيم الإحرام» وذميم الحور والإحكام؛ ولكثرة الإطالة في كتبهم؛ والعجب من 
يحبى كيف أمسك عن جواب هذا المتكلم من أن يريه من إطالة كتب بني أمية وخخدلا 
معانيهاء ونقضها أكثر ما أصدرت من أحكامها. 

ما للشيطان ذنب هي هذا 

صلى رجل منهم خلف إمام فلما قرأ " الحمد " أرتج عليه فلم يدر ما يقول» فجعل 
يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ويردد ذلك مرارء فقال الشاطر من خلفه: ما 
للشيطان ذنب إلا أنك أنت ما تحسن تقرأ. 

مجان الشعراء يصمون صلاهُ أحدهم 
بو النضر العقيلي» قال: حدثنا أبو الحسن بن راهويه» قال: صلى يحيى بن 

المعلى 0 وكان في بلس فيه أبو نواس ووالبة بن الحباب وعلي بن الخليل والحسين 
الخليع صلاةً فقرأ فيها: قل هو الله أحدء فغلظ فسلم ققال: أبو نواس: 


أكثر يحيى غلظاً في قل هو الله أحد 
فقال والبة: 
قام طويلاً ساكناً حتى إذا أعيا سجد 
فال علي بن الخليل: 
يزحر في محرابه زحير حبلى بولد 
فقال الحسين الخليع: 
كأنما لسانه شد بحبل من مسد 


منزلة أبي العتاهية عند العباسيين 
حدثنا محمد بن ب يحى لصوا قال: حدثنا عون بن محمدء قال: حدثنا إبراهيم بن 


حر وم سملل لل لل لل جح مجلس التاسع والأربعون ع 
الحسسن» قال: سيعت أبا العتاهية ينشد المأمون: 


مولاي أعلم ذي علمٍ بما يأتني يزيدني كل يوم في كراماتني 
لم يأت شيئاً من الأشياء أعلمه إلا تحرى به بري ومرضاتئي 
أعطيت فوق المنى من سيد ملك وخصني الله منه بالكرامات 
عدوه من جميع الناس كلهم فالحمد لله من يبغي معاداتي 
فقل لحاسد هذا الحب مت كمدا فالحب يقسمه رب السموات 
إن لم يعاوده شكري في مدائحه فلا تمليت منه حسن عاداتي 


فقال المأمون: أنت يا أبا إسحاق شهدحنا منذ <مسين سنة» لو كنت تذمنا لكانت لك 

حرمة؛ وكل ما نفعله بك من استحمقاقك. 
المجلس التاسع والأربعون 
الحب في الله ومنزلته 

أخبرنا المعانى» قال: حدثنا الفضل بن أحمد بن منصور المقري أبو العباس الزبيدي» 
قال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد الرسي» قال: حدثنا حماد بن سلمة»؛ عن ثابت البناني» 
عن أبي رافع؛ عن أبي هريرة عن النبي 86 أنه قال في رجل زار أخاً له في قرية أخرى؛ 
فأرصد الله على مدرجته ملكأ فلما أثى عليه قال له الملك أين تريد؟ قال: أريد أحاً لي 
في هذه القرية أسلم عليه» قال: هل له عليه قرض؟ قال: لاء غير أني أحببته في الله قال: 
فإني رسول الله إليك يعلمك أنه قد أحبك كما أحببته فيه". 

تعليق ا مؤلف 

قال القاضي: هذا بر معروف قد كتبناه عن عدد من الشيوخ من طرق شتى» وأتى 
في معناه عن النبي يه عدةٌ من الأخبار» وأنه قال في" بعضبا: إن الله تعالى ذكره» قال: 
"حقت محبتي للمتحابين في» وحقت محبتي للمتزاورين في» وحقت محبتي للمتباذلين في 
وإن المتحابين في الله يوم القيامة على منابر من نور" . 

مما أشبه هذا مما يرغب في التحاب في الله والتواصل فيه» وإنما يخلص المودة 
والمخالة في الله وله مع التقوى, وقد جاء في الأثر: " أنه ما تحاب قط رجلان في الله إلا 
كان أحبهما إلى الله أشدهما حباً لصاحبه "» متى عري المتحابان من تقوى الله فإلى أشد 
العداوة مآلهماء وأقبح التباغض عاقبة أمرسماء وقد قال الله جل جلاله: «#الأخلاء يومئذ 
بعضهم لبعض عدو إلا المتقين4» وقد اقتص الله من أحوال الكفار وإحوانهم وطواغيتهم 
وأذناهم؛ ومن تبرؤ بعضهم من بعض» ولعن بعضهم بعضاًء ما فيه تنبية للناظرين» وعظة 
للمعتبرين» والله نسأل التوفيق لما يرضيه؛ والعصمة من جميع معاصيه. 


حت الجليس الصالح والأئيس الناصح تت 7020لااتاالاتالللللتك11027711 11 
من أعلام الثبوة 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» قال: حدثنا أبو حاتم» عن أني عبيدة» عن يونس» 
قال: قال رجل من بني ليث: بعثني قومي إلى النبي يك لما دحل مكة لآتيهم بخبره» 
فقدمت فبت في جبل آل حويلد» ومعي فلان ابن فلان» فلم أر كرعبه» فقلت: أبهبذا 
القلب تقاتل محمد ويك فقال: إن نفسي تخبرني أنه إن رآني قتلني» فلما أصبح أتيت النبي 
وقد قال لي الرجل: ائنني بخبره ولا يعلمن بمكانيء قال: فأتيته فأجده جالساً بالأبطح 
في ثوبين أبيضين كأني أنظر إلى أعكان بطنهء وبلال قائم يقرأ «إيس, والقرآن الحكيم» 
فقلت له: مره فليزدنا من هذا الكلام الطيب» فقال: زده يا بلال» فقرأ إاقتربت الساعة 
وانشق القمر» فدنوت منه فقلت: يا رسول الله» كيف الإسلام؟ قال: تشهد أن لا إله 
إلا الله وأن محمداً رسول الله وتفعل ما تؤمر به وتنهبى عما تنهى عنه؛ فقلت: يا رسول 
الله! إن عندي أمانة لرجل أفأكتمها أم أحدئك بها؟ فقال رسول الله 6: اكتمها وهو 
فلان ابن فلان» بات معك في هذه الليلة في جبل آل خويلد وللظالمين مصارع, الله 
صارعه فيها؟ قال: ورحل رسول الله يه إلى حنين ورحلت معه فانكشفت هوازن» 
ووقف رسول الله يِه على ذلك الرجل صريعاً يركض برجليه. فقال: أبعدك الله فإنك 

قال القاضي: في هذا الخبر علمٌ من أعلام النبي قي الدالة على ثبوت رسالته»؛ وصحة 
نبوته» وما أطلعه الله عليه من غيبه» الذي يكرم من يخصه به» وعلى منزلة قريش قوم 
رسول الله هُ وأسرته ورهطه الأدنين وعزته. وقد روي عن النبي ك8 أ نه قال: " من يرد 
هوان قريش أهانه الله " وكيف يبغض ذو حجىّ قبيلاً منهم رسول الله سيد أصفيائه» 
وخحاتم أنبيائه . 

يستحيي من التهر 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحا 
القاضي» قال: حدثنا يحيى بن صالح الوحاصي» قال: حدثنا إسماعيل بن عياش» عن 
صفوان بن عمروء عن شريح بن عبيد الحضرمي» عن كعب الأحبار أن رجلاً من بني 
إسرائيل أتى فاحشة فدخل هرا يغتسل فيه» فناداه الماء: يا فلان ألا تستحي ألم تتب من 
هذا الذنب؟ فقلت إنك لا تعود فيه؟ فخرج من الماء فزعاً وهو يقول: لا أعصي الله فأتى 
جبلاً فيه اثنا عشر رجلاً يعبدون الله فلم يزل معهم حتى تخطوا موضعهم فنزلوا يطلبون 
الكلأ» فمروا على ذلك النهر» فال الرجل: أما أنا فلست بذاهب معكم. قالوا له: لم؟ قال: 
لأن ثم من قد اطلع مني على خطيئة فأنا أستحبي منه أن يراني» فتركوه ومضواء فناداهم 
النهر: يا أيها العباد! ما فعل صاحبكم؟ قالوا: زعم لنا أن هاهنا من قد اطلع منه على خطيكة 


<م+ب+وجللللسسح البهلس التاسع والأربعون جد 
فهو يستحيي منه أن يراه» قال: يا سبحان الله! إن بعضكم ليغضب على ولده أو على 
قراباته» فإذا تاب ورجع إلى ما يحب أحبه, وإن صاحبكم قد تاب ورجع إلى ما أحب فأنا 
أحبه» فأتوه فأخبروه؛ واعبدوا الله على شاطئي. فأخبروه فجاء معبهم فأقاموا يعبدون الله 
زماناء ثم إن صاحب الفاحشة توفي» فناداهم النهر: يا أيها العباد والعبيد الزهاد! غسلوه من 
مائي وادفنوه على شاطئي حتى يبعث يوم القيامة من قربي» ففعلوا به ذلك» وقالوا: نبيت 
ليلتنا هذه على قبره نبكيء فإذا أصبحنا سرناء فباتوا على قبره ييكون» فلما جاء وجه 
السحر غشيهم النعاس» فأصبحوا وقد أنبت الله على قبره اثنتي عشرة سروة» فكان أول 
سروٍ أنبته الله تعالى على وجه الأرضء فقالوا: ما أنبت هذا الشجر في هذا المكان إلا وقد 
أحب عبادتنا فيه» فأقاموا يعبدون الله على قبره» كلما مات منهم رجل دفنوه إلى جانبه حتى 
ماتوا بأجمعهم» قال كعب: فكانت بنو إسرائيل يحجون إلى قبورهم. 
خطبة زياد البتراء. وتعليق بعض من سمعها 

حدثئنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أبي» قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أني 
يعقوب الدينوري» قال: حدثنا عبد الله بن محمد الفريابي» قال: حدثنا سفيان بن عبينة) 
قال: حدثنا عبد الملك بن عمير» قال: شهدت زياد بن أي سفيان وقد صعد المنبر فسلم 
تسليماً حفياً» وانحرف انحرافاً بطي وحطب حطبة بتيراء قال ابن الفريالي: والبتيرا: التي 
لا يصلى فيها على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلمء ثم قال: إن أمير المؤمنين قد قال 
ما سمعتم» وشهدت الشهود بما قد علمتم؛ وإها كنت امرأ حفظ الله مني ما ضيع الناس» 
ووصل مني ما قطعواء ألا إنا قد سسنا وساسنا السائسون» وجربنا وجربنا امحربون» وولينا 
وولي علينا الوالون» وإنا وجدنا هذا الأمر لا يصلحه إلا شدة في غير عنف» ولينْ في غير 
ضعف»ء وأيم الله إن لي فيكم صرعىء فليحذر كل رجل منكم أن يكون من صرعايء 
فوالله لآخذن البريء بالقسيم» والمطيع بالعاصي» والمقبل بالمدبر» حتى تلين لي قناتكم؛ 
وحتى يقول القائل: ' انج سعد فقّد قتل سعيد " ألا رب فرح بإمارتي لن تنفعه» ورب 
كاره لا لن تضرهء وقد كانت بيني وبين أقوام منكم إحن وأحقاد وقد جعلت ذلك 
لف ظهري وتحت قدمي؛ ولو بلغني عن أحدكم أن البغض لي قتله ما كشفت له قناعاً» 
ولا هتكت له سترأء حتى يبدي لي صفحته فإذا أبداها لم أقله عثرته» ألا ولا كذبة أكثر 
شاهد عليها من كذبة إمام على منبر» فإذا سعتموها مني فاغتمزوها في» وإذا وعدتكم 
خيراً أو شراً فلم 0 ؛ ألا وأيما رجل منكم كان مكتبه 
خراسان فأجله سنتان ثم هو أمير نفسه ألا أيما رجل منكم كان مكتبه دون تحراسان 
فأجله ستة أشهر ثم هو أمير نفسهء وأيما مرا احتاجت فإننا نعطيها عطاء زوجها ثم 
نقاصه به» وأيما عقال فقددموه من مقامي هذا إلى خراسان فأنا له ضامن» فقام إليه 


جح الجليس الصالح والأيس الناصح سس سم مج 
نعيم بن الأهتم المنقري» فقال: أشهد قد أوتيت الحكمة وفصل الخطاب» فقال: كذبت 
أيها الرجل ذاك نبي الله داود اليتق ثم قام إليه الأحنف بن قيسء فقال: أيها الرجل إنما 
الجواد بشدهء والسيف بحدهء والمرء بجدهء وقد بلغك جدك ما ترىء» وإنما الشكر بعد 
العطاءء والثناء بعد البلاء» ولسنا نشني عليك حتى نبتليك» فقال: صدقت» ثم قام أبو بلال 
مرداس بن أدية» فقال: أيها الرجل: قد سمعت قولك: والله لآخحذن البريء بالسقيم 
والمطيع بالعاصي والمقبل بالمدبر» ولعمري لقد حالفت ما حكم الله في كتابه إذ يقول: 
«إولا تزر وازرة وزر أخرى» فقال: إيهاً عني» فوالله ما أجد السبيل إلى ما تريد أنت 
وأصحابك حتى أحوض الباطل حوضاً. ثم تزل. 
فقام مرداس بن أدية» وهو يقول: 


يا طالب الخير نر الخور معترض طول التهجد أو فقكُ بجبار 
لا كنت إن لم أصم عن كل غانية حتى يكون بريق الحور إفطاري 
فقال له رجل: أصحابك يا أبا بلال شباب» فقال: شباب مكتهلون في شبابهم؛ ثم قال: 
إذا ما الليل أظلم كابدوه فيسفر عنهم وهم سجود 


فسرى وانجفل الناس معهء فكان قد ضيق الكوفة على زياد. 

قال القاضي: قول زياد: إن هذا الأمر لا يصلحه إلا ما ذكره قد سبق إلى معناه ولفظه 
عمر بن الخطاب رضي الله عنه» فذكر من يلي شيئا من أمور المسلمين فقال: يكون قويا 
في غير عنفء ليناً في غير ضعف»ء وفي ضعف لغتان: الضم والفتح» وقد قرأت القرأة مهما 
في القرآن» وزعم بعض علماء اللغة أن وجه الكلام فيه أن يضم حيث يكون إعراب 
الكلمة فيه غير النصبء ويفتح مع النصبء واستقصاء الكلام في هذا في موضعه من 
الكتب المؤلفة 2 علوم القرآن. وقوله: قل كانت بيني وبين قوم منكم دمن وأحقاد 
الدمن: الأحقاد واحدها: دمنة» يقال في نفسه دمنة وحسيكة وغمر وسخيمة وضغن 
وكتيفة) ويجمع كتائف كقول الشاعر: 

أحوك الذي لا يملك الحس نفسه وتهتز عند الحفظات الكتائف 
وفيه غل»؛ في أسماء كثيرة. وقوله: انج سعد فقد قتل سعيد كان ابني ضبة بن أد حرجا ني 
بغاء إبل لهماء فرجع سعد ولم يرجع سعيد» فكان أبوهما إذا أقبل أحدهما يقول: أسعد أم 
سعيد» فأرسلها مثلاً. 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: حدثنا عوف بن محمدء قال: قال دعبل 
لإبراهيم بن العباس: أريد أن أصحبك إلى خراسان؛ فقال له إبراهيم: حبذا أنت صاحباً 


جوم« بلسي يسيس ست سس سس سلب سح البجلس التاسع والأربعون حت 
مصحوباً إن كنا على شريطة بشار قال: وما شريطة بشار قال: قوله: 

أخ خيرٌ من آخيت أحمل قله ويحمل عني حين يفدحني تقلي 

أخّ إن نبا دهِرٌ به كنت دونه 202 وإن كان كون كان لي ثقة شلي 

أخ ماله لي لست أرهب بخحله ومالي له لا يرهب الدهر من بخلي 

قال: ذلك لك وهزية فاصطحبا. 

من كنوز العلم 

حدثنا عبد الباقي بن قانع» قال: محمد - يعني بن زكريا الغلاني- » قال: حدثنا ابن 
عائشة» قال: قال: ابن يحيى الأسلمي» عن ليث؛ عن مجاهد, قال: 

شهدت مائدةً عليها الحسن والحسين» ومحمد بنو على بن أني طالب؛ وعبد الله بن 
العباس» وعبد الله بن جعفر» وعبد الله بن عمرء وعبد الله بن الزبير» وعبد الله بن صفوان» 
فسقطت جرادةٌ على المائدة» فقال ابن عباس لمحمد بن الحنيفة: يا أبا القاسم! ما كان 
أبوك يقول على جناح الجرادة مكتوب؟ قال: ما كنت لأتكلم بحضرة أبي محمد - يعني 
الحسن - فقال: يا أبا محمد! ما كان أبوك يقول؟ قال: كان أبي يقول: على جناح الجرادة 
مكتوب بالسريانية: أنا الله رب الحرادة وخالقهاء فإذا شئت أ ن أبعثها رزقاً لقوم فعلت» 
وإذا شكت أن أبعثها عذاباً على قوم فعلت» فقام محمد إلى الحسن فقبل رأسه» وقال: هذا 
والله من كنوز العلم. 

سبب غضب بشار على سلم 

حدثنا عبد الله بن الحسن بن محمد البزاز» حدثنا محمد بن حلف بن المرزبان» حدثني 

أبو الحسن علي بن يحيى) حدثني أحمد بن صالح المؤدب وكان أحد العلماء» قال: أخبرني 
جماعة من أهل الأدب أن بشاراً غضب على سلم الخاسر وكان من تلامذته ورواته) 
فاستشفع عليه: بجماعة من إخوانه فأتوه» فقالوا: جثناك في حاجة» قال: كل حاجة لكم 
مقضية إلا سلماًء قالوا: ما جئناك إلا في سلم فلا بد من أن ترضى عنه؛ قال: فأين هو؟ 
قال: هوذا فقام سلم فقبل رأسه ويديه» وقال: يا أبا معاذ! حريجك وأديبكء قال: يا 


قال: أنت يا أبا معاذء جعلنى الله فداك» قال: فمن الذي يقول: 
من راقب الناس مات غماً وفاز باللذة االجسور 


قال: حريجك يقول ذلك - يعني نفسه - فقال: فتأخذ معاني التي عنيت بها» وتعبت 
في استنباطهاء فتكسوها ألفاظاً أخف من لفاظي حتى يروى ما تقول: ويذهب شعريء لا 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح .للا م 2 اُظُ سس :ل ل 
أرضى عنك بدا قال: فمازال يتضرع ! ليه ويتشفع له الجماعة حتى رضي عنه. 
انثقام العثري ْ 
حدثني عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي» حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي 
قال: كان رجل من عنزة دعا رؤبة بن العجاج فأطعمه وسقاه, وأنشده فخره على عنزة) 
فساء ذلك العنزي» فقال لغلامه سراً: اركب فرسي وجثني بأني النجم فطلبه فجاء وعليه 
جبة حزوبت من غير سراويل» فدحل وأكل وشربء ثم قال: العنزي: أنشدنا يا أبا النجم 
ورؤبة لا يعرفه. فاتتحى في قوله: 
الحمد لله الوهوب المجرل 
حتى بلغ: 
تبقلت من أول التبقل بين رماحي مالك ونمهشل 
قال القاضي: : ثنى أبو النجم في قوله بين رماحي, لأن رماح الفريقين وإن كانت جمعا 
جملتان كما قال الشاعر: 
ألم يحزنك أن جبال قيس وتغلب قد تباينتا انقطاعا 
وقد قال الله عز وجل: «إهذان خصمان اختصموا» وقال جل ذكره: إستفرغ 
لكم أيبا النقلان4 فثنى وجمع على ما فسرناه» فقال له رؤبة: إن نمشلاً ابن مالك يرحمك 
الله فقال له: يا ابن أي إن الناس أشباه, إنه ليس مالك بن حنظلة, إنه مالك بن ضبيعة» 
قال: فحزي رؤبة وحبي من غلبة أ بي النجم إياه ثم أنشده أبو النجم فخره على شميم؛ 
فاغتم رؤبة» وقال لصاحب البيت: لا يحبك قلبي أبداً. 
قال القاضي: والبت: الكساء ويجمع بتوتاً. 
وقد ذكر أن رؤبة ذوكر بالأراجيز» فقال: وقد ذكر أبو النجم قصيدته تلك: لعنها 
الله يعني هذه اللامية لاستجادته إياها وغضبه منها وحسده عليها. 
القصيدة أيضا 
حدثنا المظفر بن يحيى بن أحمد» قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن 
بشر المرشدي» أحبرني أبو إسحاق الطلحي» حدثنا المازني» قال: حدثنا الأصمعي» قال: 
حدثني أبو سليم العلاء» قال: قلت لرؤبة: كيف رجز أي النجم عندكم؟ قال: لاميته تلك 
عليها لعنة الله» قال: فإذا هي قد غاظته وبلغت منه. 
أسوأ الثاس حال 
حدئنا أحمد بن محمد بن سلم الكاتب» قال: حدثنا الزبير بن بكارء قال: قال بعضهم: 
أسوأ الناس حالا من قويت شهوته» وبعدت همته») واتسعت معرفته وضاقت قدرته. 


د دمع بك سس املس التاسع والأربعون حت 
أين حدث الخرق 
قال: وقال: الزبير: كان بالبصرة رجل بصيرٌ بالغناء» فحضر مجلس بعض الأشراف 
فحفظ عنه بعضهم صوتاً أحل به بعد, فلقيه يوماً يباب بعض الأمراءء فقال: يا أبا فلان! 
الثوب الذي أعطيتنا كان فيه خحرق» فقال: عندكم حدث ذلك. 
هذه الأحاديث الصفار 
حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي» قال: سعت محمد بن يونس» يقول: سمعت 
أبا عاصم وذكر هذه الأحاديث الصغار» فقال: هذا اللؤلؤ. 
شكر ورد عليه 
حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري» قال: حدثنا أبو حليفة قال: أخبرني القاضي 
محمد بن الفتح السياري قال: اجتزت بالكوفة في بعض شوارعهاء فأخحذني بطني فلم أدر 
ما أصنع؛ إذ رأيت خصيا على باب كبير؛ فقلت: أصلحك الله» هل من موضع أبول فيه؟ 
فقال لي: ادحل» فدحلت فإذا دار كبيرة قوراء» في وسطها بستان» فرأيت عينا من ثقب 
في الستارة» ووجهاً لا ينبغي أن يكون أحسن منه» فلما قضيت حاجتي؛ قلت في نفسي: 
إن كان مع هذا الوجه الحسن براعة لسان فهو غاية» فقلت وأنا حارج لأسمعها: أحسن 
الله لكمء وبارك عليكم؛ وتولى مكافاتكم بالحسنى» فقالت مسرعة: وأنت» فبارك الله 
عليك وأحسن إليك» فما رأينا خارئاً أاشكر منك» فأفحمتني. 
لا. ولا العوراء 
حدثنا الحسين بن محمد بن سعيد المطيقي» حدثنا يوسف بن موسى المروزي» قال: 
قال عبد الله بن حبيق» سمعت بعض أصحابناء يقول: قيل للفضيل بن عياض مات حماد 
البربري وأوصى بخمسة أفراسء» قال فضيل: وأصابوا من يقبلها؟ قالوا: نعم» قال: وإيش 
يطلبون عليباء قالوا: الحوراء؛ قال: لا ولا العوراء. 
معثى الرفه 
حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي) قال: أنبأنا أحمد بن أي حيثمة» قال: أنشدت 
لسعيد بن سليمان المساحقي القاضيء في هارون بن زكريا كاتب العباس بن محمد: 


أزورك رفها كل يوم وليلة ودرك مخزون علي قصير 
لأي زمان أرتجيك وحلة إذا أنت لم تنفع وأنت وزير 
فإن الفتى ذا اللب يطلب ماله وفي وجبه للطالبين بشير 


قال. القاضي قوله: أزورك رفهاًء يعني كل يوم من غير إغباب» وقد أبان ذلك بقوله: 
كل. يوم وليلة» وهو مأخحوذ من قوم في الإبل: هي ترد الماء رفهاء إذا اتصل وردهاء ثم 
يقال في إظمائها غبُ وربعٌ وخمس إلى عشرء وهو أقصى الإظماء؛ وكنت بحضرة بعض 


حت الجليس الصاح والأئيس الناصح جسس سح نر 
امحدودين يوماً ممن حكمه زمان السوء فينا» وجار ببسط يده وقبض أيديناء وأشاع له في 
عامة الناس وعشرائهم؛ وأغمارهم وغوغائهى أنه أوحد دهرهء وقريع عصره علماً 
وذكا وأدباً ومضاءء فتمثل ببيت البحتري من كلمته السينية التي يصف فيها إيوان 
كسرى» وهي من جيد شعره وحسته» وأوطا: 


صنت نفسي عما يدنس نفسي وترفعت عن جدا كل جبس 
والبيت الذي مثل به هذا الرجل على قبح حطئه فيه: 
وبعيدٌ ما بين وارد حمس علل شربه ووارد سدس 


فما رأيت أحداً من حاضري محلسه يومئذ على كثرتهم قد تبين منه إنكار هذا اللفظ 
ولا لحظء وعاد بعد بمثل هذا في مجلس آخرء ثم إنني كنت أنا وهو يوماً خاليين» فأنشد 
هذا البيت غير مرة على الوجه الذي أنكرته فقلت له: قد سمعتك تنشد هذا البيت غير 
مرة على ما أنشدته في هذا الوقت؛ ولست أدري كيف اتفق لك الخطأ فيه مع ظهوره؟ 
وكيف لم تتأمله فتعرف فساد المعنى الذي إنشادك عبارة عنه؟ قال: فكيف هر؟ فقلت له: 

وبعيدٌ ما بين وارد رفه علل شربه ووارد خمس 

فقال: لاء وهو على ما رويته» فقلت له: وأي بعد بين الخمس والسدس؟ هو تاليه 
المتصل به الذي يليه وبين ن الرفه وبين الخمس وما دونه بعد ظاهرء وفضل حائل» فلم يبن 
لي منه رجوع؛ وقد كان كثيراء ما يرجع في أشياء كثيرة إلي» ويرجع عنها عند توقيفي 
إياه وتثبيتي له. 

المجلس الخمسون 
لها نستعمل على عملنا من طلبه 

حدثنا أحمد بن محمد بن المغلس» قال: حدثنا حماد بن الحسن» حدثنا عبد العزيز بن 
الخطاب» حدثنا مندل» عن أبي إسحاق, عن عبد الله بن أني بردة» عن أبيه قال: قال أبو 
موسى: " دخلت على رسول الله يه ومعي رجل» فقال: استعملني» فقال: إنا لا نستعمل 
على عملنا من طلبه ولا من حرص عليه". 

شرح السبب هي ذلك 

قال القاضي: تأملوا رحمنا الله وإياكم؛ ما ورد به هذا الخبر عن نبينا عَيََّْ من إحباره أنه 
لا يستعمل على الناس من طلب العمل عليهم؛ ولا من حرص على ولاية أمورهم؛ لأن 
من سأل هذا وحرص عليه لم يؤمن زيغه عن العدل في من يلي عليه؛ ومحاباته لمن يواليه؛ 
وشفاء غيظه ممن يعاديه» والاستطالة بما بسط فيه على من بسط عليه» فيجور في حكمه. 
ويستعين بسلطانه على ظلمه؛ وقد روي عن النبي وُهَههُ فيمن سأل القضاءء واستعان عليه 
بالشفعاء» ما روي من أن الله وكله إلى نفسه. 


حرو سيب سسسب لبح المجلس الخمسون ح-د 

وروي عن عبد الرحمن بن سمرة أن رسول الله عُتَكه قال له: "يا عبد الرحمن! لا تسل 
الإمارة» فإنك إن أوتيتها عن غير مسألة أعنت عليهاء وإن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها . 

وروي عن النبي َي أنه قال: "لا يحرصن أحدٌ على الإمارة فيعزل'. 

وقد كان سلفاؤنا من علماء المسلمين ينأون عن الولايات ويمتنعون من ملابستها 
والدحول فيهاء ويجانبون أهلها مع دعائهم إليها وإكراههم عليهاء حتى إن منهم من يتجيب 
الفتيا في الدين» ويكل مستفتيه إلى غيره من المفتين» ولو ذكرنا ما روي في تفصيل هذه 
الجملة لأطلنا القول والوصف» وملانا الأجلاد والصحف» وقد مضى في بعض ما تقدم من 
بجالس كتابنا هذا من ذلك طرف ولعلنا نأتي بكثير من هذا الباب في المؤتنف» وبالله 
نستعين» وإلى الله المشتكى مما يراد في زماننا هذاء من تقليد السفلة والجهال السخفاء 
الضلال للأحكام؛ وإجلاسهم حالس الأئمة الأعلام؛ مع عظيم جهالتهم» وسقوط عدالتهم؛ 
وفساد أمانتهم» وقبح الظاهر والباطن من أمرهمء والله ولي الانتقام ممن يطوي في هذا 
الباب بصحة الإمام» ويسعى لما يساق إليه من الأحكام؛ في هدم شريعة الإسلام؛ ونستعين 
الله على تمكيننا من إيضاح هذا الأمرء وإنهائه إلى من إليه الأمرء ساسة الأمة» ومدبري 
الملة» حتى تنكشف له نصيحة المحقين» وفضيلة المحققين» ويظهر له تمويه المخرقين» وما 
تنحوه ولبسو وتبجحوا فيه ودنسوه ويوفقه الله جل جلاله لتأمله حق تأمله, والإصغاء 
إليه وتقبله» ويبسط فيه لسانه ويدهء ويعلي فيه أمره ونيه» فينزل كل ذي منزلة منزلته» 
ويقف كل امرىء عند انتهاء قدرهء اللهم فبك نستعين» وأنت حير معين» وأنت أرضى بما 
نحبه وأكره لما نكرهه؛ وأقدر على نصرة الحق وأهله» ومحق الباطل وحزبه. 

الشكوى من تولي الجهال الأمر 

وقد حدئنا عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي» حدثنا أحمد بن يحيى» أخبرني أبو 
عبد الله محمد بن زياد الأعرائي» قال: كان من كلام علي بن أي طالب ايد وكثيراً ما 
يقوله في حروبه: اللهم أنت أرضى للترضي» وأسخط للسخطء وأقدر على أن تغير ما 
كرهت» وأعلم بما تقدر» ولا تغلب على باطل» ولا تعجز عن حقء وما أنت بغافل عما 
يعمل الظالمون. ْ 

ثم إني أقول: اللهم إني أستعدي على الوسائط الفجار» والسفراء الأشرارء» وكل 
ساحط حامل» وسفيه جاهل» ممن قدم على نبيه فاضل» ورضي به بدلا من كل عالم 
عاقل» فهو يغر إمام ويفجر أمامه وتأملوا أيها الألباء قضاة الحضرة, والعراقين الكوفة 
والبصرة» بله أطراف البلاد ورساتيق السواد» أين هم من العلم بالكتاب والسنة وفقه 
الشريعة؟ وأي حظ لهم من العدالة والعفاف والأمانة؟ وقد كان الأئمة فيما مضى ربما 
دلس عليهم في أعمالهم من هو على بعض الصفات التي قدمنا ذكرهاء فينتبه الراقد منهم 


ح الجليس الصالح والأيس الناصح بسب سخ ححصت درج 
من غفلته» ويستيقظ الوسنان من رقدته» ويقبل على سوام رعيته؛ فيبني ما انجدم» ويسد ما 
انقلم» ويستدرك الفاسد بإصلاحهء ويتلانى التفريط باستصلاحه» وكانت الرعايا تمتعض 
من منكر هذا النوع» وتشمئز منه فلا تقار عليه» فيؤدي ذلك إلى رفض الأراذل» واجتباء 
الأماثل» وتقديم الأفاضل» ولم يكن أحد يقلد شيئاً من شعب الدين والمملكة؛ إلا بعد 
الابتلاء والخبرة» والامتحان والتجربة. 
ما قيل في تقلد نوح بن دراج القضاء 

وقد حدثنا الحسن بن علي أبو سعيد البصريء قال: حدثنا الحسن بن علي بن راشدء 
قال: قيل لشريك بن عبد الله: قد تقلد القضاء نوح بن دراج» فقال: ذهبت العرب الذين 
كانوا إذا غضبوا كفرواء وقد كان لنوح بن دراج ني العلم والمعرفة والفهم منزلة معروفة) 
لا ينكرها ذو معرفة» وقد كان استدرك بعض ما ا غفله رجلّ من علماء القضاة» حتى قال 
ذلك القاضي: 

كادت تزل به من حالق قدمٌ لولا تداركها نوح بن دراج 
تصحيح رواية البيت 

قال القاضي: رأيت المحدثين يقولون في رواية هذا البيت: لولا تداركها بفتح الراء 
والكاف» وهذا حطأ منهمء لأنه إذا كان على هذا كانت لولا فيه بمعنى التحضيض» 
كقولاك: يا هذا فعلت كذا ولولا ما فعلت وإلا فعلت؛ ولا معنى أذلك هاهناء وإتما لمرام 
لولا التي تؤذن بامتناع الشيء لوجود غيره» كقولك لولا أنت للقيت زيداًء والصواب [إ إذا 
أن تروى لولا تداركها بضم الراء والكاف وعلى إعمال المصدرء والمعنى لولا أن 
تداركباء كقول الله تعالى: «إلولا أن تداركه نعمة من ربه4 ومن قصد هذا المعنى فقد 
أحطأ بحذفه الموصول وإبقائه الصلة. 

فهم القضية. فولاه القضاء 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريدء قال: حدثنا عبد الأول بن مريد»ء عن أبيه» عن 
الحيثم بن عديء عن مجالد» عن الشعبي؛ قال: أتت امرأة عمر رضي الله عنه» فقالت: يا 
أمير المؤمنين! ما رأيت أفضل من زوجي» إنه ليقوم الليل ولا ينام» ويصوم النهار ما 
يفطر» فقال عمر: جزاك الله خيراء مثلك أثنى بالخير» فاستحيت ثم ولت» وكان كعب بن 
سور الأزدي ثم أحد بني لقيط بن الحارث بن مالك بن فهم حاضراًء فقال: يا أمير 
المؤمنين ألا أعديت المرأة إذ جاءت تستعدي؟ قال: أوليس إنها جاءت ثثني على زوجها 
وتذكر حصال الخير؟ فقال: والذي أعظم حقك لقد جاءت تستعدي» فقال عمر: علي 
بهاء فجاءت» فقال لما عمر: أصدقيني فلا بأس بالحق» فقالت: والله يا أمير المؤمنين إني 
لامرأة» وإني لأشتبي كما يشتهي النساءء فقال: يا كعب! اقض بينهما فإنك قد فهمت 





حا باس امجلس الخمسون حت 
من أمرهما ما لم أفهمء فقال: يا أمير المؤمنين! تحل له من النساء أربع؛ فله ثلاثة أيام 
وثلاث ليال يتعبد فيهن ما شاءء وها يوم» وليلتهاء فقال عمر: ما لحق إلا هذاء اذهب 
فأنت قاض على أهل البصرة» فلم يزل قاضياً بقية خلافة عمر وخلافة عثمان» فلما كان 
يوم الحمل تقلد مصحفاً ورج يصلي بين الناس فأتاه سهمٌ غربٌ فقتله» وقثل يومكذ 
أخوان فجاءت أمهم بعدما انقضت الحرب فحملتهم وهي تقول: 
أعيني جودا بدمسع سرب فتية من نخيار العرب 
وما ضرهم غير حتف النفو س أي أميري قريش غلب 

قال القاضي: الذي قضى به كعب بن سور فيما بين هذه المرأة وبين زوجها هو قول 

علماء السلفء وعليه فقهاء الخلف وبه تقول» وما احتج به كعب فيه صحيح على ما ذكره. 
السبب في زوال ملك بني أمية شي رأي ملك النوبة 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا أبو العباس الفضل بن العباس الربعي» 
قال: حدثني إبراهيم بن عيسى بن أني جعفر المنصورء قال: سمعت عمي سليمان بن أي 
جعفر يقول: 

كنت واقفاً على رأس المنصور ليله وعنده إسماعيل بن عليء . وصالح بن علي» 
وسليمان بن علي» وعيسى بن عليء فتذاكروا زوال ملك بني أمية وما صنع بهم عبد الله 
وقتل من قتل منهم بنهر أي فطرس» فقال المنصور: رحمة الله ورضوانه على عميء ألا من 
عليهم حتى يروا من دولتنا ما رأينا من دولتهم» ويرغبوا إلينا كما رغبنا إليهم؛ فلقد 
لعمري عاشوا سعداء وماتوا فقراء»ء فقال له إسماعيل بن علي: يا أمير المؤمنين! إن في 
حبسك عبد الله بن مروان بن محمد» وقد كانت له قصة عجيبة مع ملك النوبة» فابعث 
فسله عنهاء فقال: يا مسيب! علي به» فأخرج فت مقبدا بيد ثقيل وغل ثقيل فمثل بين 
يديه» فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاتهء فقال: يا عبد الله! رد 
السلام أمن» ولم تسمح لك نفسي بذلك بعدء ولكنٍ اقعدء فجاءوا بوسادة فثنيت فقعد 
عليياء فاك م لقد بلغني أنه كانت لك قصةٌ عجيبةٌ مع ملك النوبة فما هي؟ قال: يا 

مير المؤمنين! لا والذي أكرمك بالخلافة» ما أقدر على النفس من ثقل الحديد» ولقد 
0 وأصب عليه الماء في أوقات الصلوات» فقال: 
يا مسيب! أطلق عنه حديده. ثم قال: نعم يا أمير المؤمنين» لما قصد عبد الله بن علي 
إليناء كنت المطلوب من بين الجماعة؛ لأني كنت ولي عهد أني من بعدهء فدحلت إلى 
خزانة فاستخرجت منها عشرة آلاف دينار» ثم دعوت عشرة من غلماني وحملت كل 
واحد على دابة ودفعت إلى كل غلام ألف دينار وأوقرت حمسة أبغلٍ فرشا وشددت في 
وسطي جوهراً له قيمة مع ألف دينار» وخرجت هارباً إلى بلاد النوبة فسرت فيها ثلاث 


- الجليس الصاح والأئيس الناصح ببسب ب بوص | مه 
فوقفت إلى مدينة خراب فأمرت الغلمان فعدلوا إليها وكشحوا منها ما كان قذراً ثم بسطنا 
بعض تلك الفرش» ودعوت غلاما لي كنت أثق بعقله» فقلت: انطلق إلى الملك فأقرئه مني 
السلام» وحذ لي منه الأمان وابتع لي ميرة» قال: فأبطأ علي حتى سؤت به ظناء ثم أقبل 
ومعه رجل آخحرء فلما أن دحل كفر لي ثم قعد بين يدي فقال لي: الملك يقرأ عليك 
السلام» ويقول لك: من أنت؟ وما جاعم بك إلى بلادي؟ أحارب أم راغب إلي أم 7 مستجي* 
بي» قلت: ترد على الملك السلام؛ وتقول له: أما محارباً لك فمعاذ الله وأما راغباً في دينك 
فما كنت أبغي بديني بدلا وأما مستجيراً بك فلعمري» قال: فذهب ثم رجع إلي؛ فقال: 
إن الملك يقرأ عليك السلام» ويقول لك: أنا صائر إليك غدا فلا تحدثن في نفسك حدثا 
ولا تنخذ شيئاً من ميرة فإنها تأتيك وما تحتاج إليه» فأقبلت الميرة فأمرت غلماني ففرشوا 
كذلك إذ أقبل غلماني يحضرون.ء قالوا: إن الملك قد أقبل» فقمت بين شرفتين من شرف 
القصر أنظر إليه» فإذا أنا برجل قد لبس بردين ائتزر بأحدهما وارتدى الآخر» حاف راجل 
وإذا عشرة معهم الحراب ثلاثة يقدمونه وسبعة خلفه» وإذا الرجل الموجه إلى جنبة 
فاستصغرت أمرهء وهان علي لما رأيته في تلك الحال» وسولت لي نفسي قتله» فلما قرب 
من الدار إذا أنا بسواد عظيم» فقلت: ما هذا السواد؟ فقيل: الخيل» فوانى أمير المؤمنين 
زهاء عشرة آلاف عنان» وكان موافاة الخيل الدار في وقت دخحوله فأحد قوابهاء فدخل إلي 
فلما نظر إلي» قال: لترجمانه: أين الرجل؟ فأوما الترجمان إلي» فلما نظر إلي» وثبت له 
فأعظم ذلك وأخذ بيدي فقبلها ووضعها على صدره؛ وجعل يدفع ما وإلى الفسطاط 
برجله ويشوش الفرش» فظننت أن ذلك شيئاً يجلونه أن يطؤوا على مثله حتى اتتهى إلى 
الفراش فقلت لترجمانه: سبحان الله لم لم يقعد على الموضع الذي قد وطىء» فقال: قل 
له: إني ملكٌ» وحق كل ملك أن يتواضع لعظمة الله إذ رفعه الله قال: ثم أقبل طويلاً 
ينكت بإصبعه في الأرض ثم رفع رأسه» فقال لي» كيف سلبتم هذا الملك وأحذ منكم 
وأنت أقرب الناس إلى نبيكم وده فقلت: جاء من كان أقرب قرابة إلى نبينا 8 فسلبنا 
وقتلنا فطردناء فخرجت إليك مستجيراً بالله عز وجل ثم بكء قال: كنتم تشربون الخمر 
من غير رأيناء قال: فلم كنتم تلبسون الحرير والديباج» وعلى دوابكم الذهب والفضة وقد 
حرم ذلك عليكم؛ قلت: عبيدٌ وأتباعٌ دحلوا في ملكناء قال: فلم كنتم أنتم بأعيانكم ذا 
خرجتم إلى نزهكم وصيدكم تقحمتم على القرى فكلفتم أهلها ما لا طاقة لحم به 
بالضرب الوجيع ثم لا يقنعكم ذلك حتى تدوسوا زروعكم فتفسدوها في طلب دراج 
قيمته نصف درهم., أو في عصفور قيمته لا شيء والفساد محرم عليكم في دينكم؛ قلت: 


ح؟/ م" بسب 77 خلس الخنمسون حت 
عبيدٌ وأتباع» قال: لا ولكنكم استحللتم ما حرم الله عليكم وأتيتم ما عنه نهاكم» فسلبكم 
الله العز وألبسكم الذل» ولله فيكم نقمة لم تبلغ غايتها بعد» وإني أتخوف أن تنزل النقمة 
وهي إذا نزلت عمت وشّلت» فاخرج بعد ثلاث؛ فإني إن وجدتك بعدها أحذت جميع ما 
معك وقتلتك وقتلت جميع من معك, ثم وثب فخرج. فأقمت ثلاثاً وخرجت إلى مصرء 
فأخذني واليك فبعث بي إليك فها أنذا والموت أحب إلي من الحياة » قال: فهم أبو جعفر 
بإطلاقه» فقال له إسماعيل بن علي: في عنقي بيعة له قال: فماذا ترى؟ قال: ينزل في دارٍ 
من دورنا ونجري عليه ما يجري على مثله» قال: ففعل ذلك به فوالله ما أدري أمات في 
حبسه أن أطلقه المبدي. 

قال القاضي في هذا الخبر اتعاظ ومعتبر وتحذيرٌ ومزدجرء والله نسأل توفيقنا وعصمتنا 
مما يوجب حلول الغير» ويلهمنا الشكر وييسرنا لأعمال البر» وأن يحكم عقدة الأنس 
بيننا وبين نعمه. حتى يألفنا لشكرنا إياهاء وتأدية حق ربنا المنعم علينا بهاء ويوطنها فلا 
ننأى عنها. 

أبيات في تحذير بني العباس 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي؛ حدثني عبد الله الألوسي» قال: لما صار جيش الدعي 
بالبصرة إلى النعمانية طرحت رقعة في دار الناصر مختومة» فجاءوا بها إلى الموفق» فال: 
فيها عقرب لا شكء ففتحوها فإذا فيها: 


وقد نامت بنو العباس عنبا وأصبحت وهي غافلة رتاع 
كما نامت أمية ثم هبت لتدفع حين ليس لما دفاع 


فأمر الموفق من ساعته بالارتحال إلى البصرة. 
قال القاضي: وهذا الشعر مما يجابه قائله قول القائل في بني أمية 


أرى تحت الرماد وميض جمر وأخلق أن يكون له ضرام 

وقد غفلت أمية عن سناها ويوشك أن يكون لما اضطرام 

أقول من التعجب ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيام 
مروان بن محمد حين أحيط به 


وحدثني أبو النضر العقيلي؛ » قال أبو الحسن بن راهويه لكاتب عمن أخيرة. أن 
مروان بن محمد جلس يوماً وقد أحيط به» وعلى رأسه حادم له فقال له: أ 0 
فيه؟ لحفي على يد ما ذكرت» ونعمة ما شكرت» ودولة ما نصرت» فقال له: يا أ 
المؤمنين! من ترك القليل حتى يكثرء والصغير حتى يكير والخفي حتى يظهرء وآخر فعل 


حت الجليس الصالح والأنيس انامح خم سسحت ]لاح 
اليوم لغد» حل به أكثر من هذاء فقال: هذا القول أشد علي من فقّد الخلافة. 

قال القاضي: ونحن نلجأ إلى الله جل جلاله راغبين إليهحاضعين ل وائقين به 
راجين لإحسانه» مستجيرين بعفوه وكرمى في أن يحفظ علينا الخلافة الحاشية والدولة 
العباسية» ونعوذ به أن نضحى بعد الاستظلال بظلهاء والتقلب في عداء والبشر بخدمة 
أهلباء ونسأله سؤال من وجه رغبته إليه» واعتمد في دينه ودنياه عليه أن يتمم نعمته؛ 
ويهني موهبته» ويوفر تشريفه وتكرمته؛ لعبده القادر بالله أمير المؤمنين» ويعز نصرهء 
ويرفع في الملأ الأعلى ذكره؛ وينفذ في شرق البلاد وغربها أمره» ويبسط يده في جميع 
الرعايا ولسانه» ويديل من كل مخالف عليه سلطانه؛ حتى يفيض العدل فيناء ويديل ظالمناء 
وينيل مظلومناء ويظهر له ما ستره المنافقون» ويمكنه من نقض ما أبرمه المارقون» حتى 
يدني كل أمين» ويقصي كل ظنين» ويستبطن أولي النعم من أهل الدين» ويصطنع ذوي 
الفقه والإمامة» ويطرح أهل الريب والخيانة» إنه لطيف خبير. 

المهتدي يتشبه بعمر بن عبد العزير 

حدثني بعض الشيوخ ممن شاهد جماعة من العلماع وخالط كثيراً من الرؤساء أن 
هاشم بن القاسم الحاشي» حدثئه وقد حدث هاشم هذا حديئاً كثيراً وكتبنا عنه الآن هذه 
الحكاية» لم أسمعها منه وحدئني بها هذا الشيخ الذي قدمت ذكرهء قال أبو العباس 
هاشم بن القاسم: كنت بحضرة المبتدي عشية من العشاياء فلما كادت الشمس تغرب 
وثبت لأنصرف» وذلك في شهر رمضان. فقال: اجلس فجلست» ” ثم إن الشمس غابت» 
وأذن المؤذن لصلاة المغرب وأقامء فتقدم المبتدي فصلى بنا م ركع وركعناء ودعا 
الطعام فأحضر طبق خلاف وعليه رغف من الخبز النقي» وفيه آنية في بعضها ملح و 
بعضها خل» وفي بعضها زيت» فدعاني إلى الآكل فابتدات آكل مقدارا أنه سيؤتى بطعام 
له نيقة وفيه سعة» فنظر إلى وقال لي: ألم تنك صائماً؟ قلت: بلى» قال: أفلست عازماً على 
صوم غد» فقلت: كيف لا وهو شهر رمضان. فقال: فكل واستوف غذاءك فليس هاهنا 
من الطعام غير ما ترى» فعجبت من قولف ثم قلت: والله لأحاطبنه في هذا المعنى» فقلت 
ولم يا أمير المؤمنين؟ وقد أوسع الله نعمته وبسط رزقه وكثير الخير من فضلهء فقال: إن 
الأمر لعلى ما وصفت والحمد لله» ولكنني فكرت في أنه كان في بني أمية عمر بن عبد 
العزيز» وكان من التقلل والتقشف على ما بلغك» فغرت على بني هاشم أن لا يكون في 
حلفائهم مثله» فأاحذت نفسي بما رأ 

قال القاضي: ولم تزل المنافسة في أعمال البر وأبواب الخير» في أثر المتقين وسبيل 
الصالحين» وقد وفق الله المبتدي رضوان الله عليه من هذا لما يرجى له المثوبة منه 
والزلفى لديه, وفقنا الله وإياكم لطاعته وحسن عبادته. 


حن |الالس 277٠٠٠‏ مجلس الخمسون حت 
آراء تهشام بن عبد ال ملك 

حدثني محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أني أحمد بن الحارث» قال: قال أبو الحسن: 

قال يوماً هشام بن عبد الملك وهو يسير في موكبه: يا لك دنيا ما أحسنك! لولا أنك 

ميراث لاخرك» وآخرك كأولك» فلما حضرته الوفاة نظر ! إلى ولده ييكون حوله؛ فقال: 

جاد لكم هشام بالدنيا وجدتم عليه بالبكاء» وترك لكم ما جمع؛ وتركتم عليه ما كسب» 

ما أعظم منقلب هشام إن لم يغفر الله له! 

ش متى أحصل عندك؟ 

حدثني محمد بن عمر بن نصير الحري» قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوني» قال: 

أخبرني عبد الله بن إبراهيم الوراق» قال: صحبت رجلاً في السفر وأنست به لأدبه وحسن 

أخلاقه» فصرنا إلى مصرء وكنت أقصده وأبيت عنده الليلة والليلتين في الأسبوع؛ وقل ما 

أخل بزيارته في ليلة كل جمعة» وكان ينزل غرفة من الغرف فقصدت في بعض العشايا 


زيارته فوجدت غرفته مغلوقة وعليها مكتوب: 
أبدا تحصل عندي فمتى أحصل عندك 
إن تناصمنا وإلا أنت يا وراق وحدك 


فانصرفت إلى منزلي ثم لقيته من غد فضحك كل واحد منا إلى صاحبه فيما كان من 
مداعبته فيما كتبه» واستدعيت بعد ذلك زيارته إياي» وكان يبيت الليالي عندي وأبيت 
عنده إلى أن فرقت بيننا حوادث الأيام. 

تأخير كل وتقديمها 

قال القاضي: قوله في هذه الحكاية: في ليلة كل جمعة واللفظ الآتي في هذا الخبر 
صحيح يؤدي عن هذا المعنى» وقد جاء في بعض القرآن نحو هذا في موضع من القرآن» 
وهو قول الله تعالى «إكذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار» فقرأ جمهور القراء 

من أهل الحرمين والشام والعراقين على كل قلب متكبرء بإضافة كل إلى قلب» على أن 
قوله متكبر جبار» من صفة ذي القلب» وإن كان القلب نفسه قد يوصف بذلّك» ونحو 
هذا قولهم: فلان سليم القلب» وقلب فلان سليم؛ فيجري الصفة على اللفظ تارةً أي على 
القلب إذ كانت السلامة والتكبر والحبرية في وتارة على صاحبه ويجعل صفة حملته 
لاستحقاقه الوصف للاء وإن كانت حالة في قلبه» وقد قرأ , بعض القراء على كل قلب 
متكبر بتنوين القلب» وجعل الصفة له إذ كانت فيه» وممن قرأ هكذا أ أبو عمرو بن العلاء 

من البصرة» وذكر أنها من قراءة عبد الله بن مسعود على كل قلب متكبر؛ بإضافة قلب إلى 
كل على الوجه الذي قدمنا ذكره؛ وهذه القراءة شاهدة للإضافة موافقةٌ في المعنى قراءة 
من أضاف على الوجه الآخر». وحكى الفراء أنه سمع بعض العرب يقول: رجل سفره يوم 
كل جمعةء يريد كل يوم جمعة» قال: والمعنى واحد. 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح سس سس سي سس سمو لد 

قال القاضي: ولفظ قراءتنا على ما في مصاحفنا على الإضافة أولى بإبانة المعنى وطريق 
التحقيق دون التجوزء لأن قراءتنا أنت بإضافة كل إلى قلب؛ واستوعبت قلوب المنكرين؛ 
وجرت على إضافة جمع إلى ما دليل الجمع ظاهر في لفظه. وقراءة عبد الله أضيف فيها 
واحد إلى جماعة تجوزاً وعني به معنى الجمع وهو بمنزلة قول الشاعر: 


كلوا ني نصف بطنكم تعيشوا فإن زماننا زمن حمسيص 
وقول الآخر: 
كأنه وجه تركيين قد عصبا مستهدف لطعان-غير تذبيب 
وقول ابن عبدة: 
بها جيف الحسرى فأما عظامها فبيض وأما جلدها فصليب 
وقول جرير: 
الواردين وتيم في ذرا سباً قد عض أعناقهم جلد الحواميس 
وقال الآخر: 
لا تتكروا القتتل وقد سبينا في حلقكم عظمٌ وقد شجينا 
على أن وجه قراءة عبد الله ني هذا المعنى أقوى مما في هذه الأبيات» لأن لكل لفظاً 
يقتضي التوحيد» ومعنى يقة يقتضي الجمع؛ وقد ينجه في قراءة عبد الله حملها على ما لا يتغير 


21 به من التجوزء الذي يسميه النحويون القلب» وقد تأول عليه قوم من النحويين 
كثيراً من آي القرآن وما وردت به الأخبار» وهو الباب الذي بلغتين: أدحلت القلنسوة 
رأسي» وتهيبني الفلاة» كما قال الشاعر: 
لا تهيبني الموماة أركبها إذا تجاوبت الأصداء بالسحر 

وهذا باب قد استقصيناه في كتبناء وأمللنا منه قدرا واسعا على شرج وتفصيل فيما 
أمللناه من النثر والنظم»؛ ومن شرح مختصر أبي عمرو الجرمي في النحوء انا فيه با لا 
نعلم أحداً سبقنا إليه» ومن نظر فيما هنالك تبين منه ما وصفنا إن شاء الله. 

المجلس الحادي والخمسون 
أي الخلق أعجب إيماناً 

حدثنا محمد بن الحسن بن محمد أبو عيسى القرشي» قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن 
إسحاق البصريء» قال: حدثنا منهال بن بحر» عن هشام بن أي عبد الله عن يحيى بن أني 
كثير» عن زيد بن أسلم» عن أبيه» عن عمرء قال: قال: رسول الله يِل " أي الخلق 
أعجب إيماناً؟ قالوا: الملائكة» فقال رسول الله ©: كيف لا يكونون مؤمنين وهم عند 
الرحمن؟ قالوا: فالنبيون» قال: كيف لا يكونون مؤمنين والوحي ينزل عليهم؟ قالوا: 
فنحن؛ قال: كيف لا تكونون مؤمنين وأنا بين أظهركم؟ وإن أعجب الخلق إيماناً قومٌ 
يأتون من بعدي يجدون اسمي في ورقة فيؤمنون بي ويصدقوني". 


سس سس ٍ بل للحت الجلس الحادي والخمسون ب 
تعقيب المؤلف 

قال القاضي: فالحمد لله الذي هدانا لدينه» والإيمان بنبيه» وتصديقنا بكتابه ووحيه؛ 
ووفقنا لموالاة من تقدمنا من السابقين الأولين» وتابعيهم بإحسان من السلف الصالحين» 
وبصر بأفضل أئمتنا الخلفاء الراشدين المهديين» الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا 
غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم.ء ونبرأ إلى الله تعالى ممن عادى الأئمة» وسب 
الأيار من سلف الأمة» وكان فيما وجدته عن عمر بن ذر» ثم وجدته عن عبد الله بن 
عمر» ثم وجدته عن علي بن أبي طالب كبك أنه قال - وقد ذكر له أن أناساً يشتمون 
أصحابه -: قاتلهم الله أيشتمون قوماً - يعني الصحابة - أسلموا من مخافة الله عز وجل» 
وأسلم الناس من مخافة أسيافهم؟ 

أطع كل أمير 

وقد حدثنا محمد بن الحسين بن علي بن سعد الترمذي» قال: حدثنا عبد الله بن أحمد 
قال: حدثنا الحكم بن موسى» قال: حدثنا إسماعيل بن عياش» عن جميل بن مالك 
الحمصي» عن مكحولء عن معاذ بن جبل» قال: قال لي رسول الله طق "يا معاذ! أطع 
كل أمير» وصل خلف كل إمام» ولا تسبن أحداً من أصحابي". 

قال القاضي: وما ورد في هذا الباب من الأخيار ونقل الروايات والآثار مما لا يتسع 
استقصاؤه؛ ويمتنع على رواته جمعه و[حصاؤه. 

كيف يسب أحد أصحاب الثبي 

وقد حدثنا أني رضي الله عنه» قال: حدثنا موسى بن هارون» قال: حدثنا أبو بشر 
هارون بن حاتم البزاز» قال: سمعت محمد بن صبيح ابن السماك» يقول: علمت أن اليهود 
لا يسبون أصحاب موسى اتلك وأن النصارى لا يسبون أصحاب عيسى اللي فما 
بالك يا جاهل سببت أصحاب محمد 8ق وقد علمت من أين أتيت» لم يشغلك ذنبك» 
أما لو شغلك ذنبك لخفت ربك» لقد كان في ذنبك شغل عن المسيئين» فكيف لم 
يشغلك عن المحسنين» أما لو كنت من المحسنين لما تناولت المسيئين» ولرجوت لهم أرحم 
الراحمين» ولكنك من المسيئين» فمن ثم عبت الشهداء والصالحين» أيها العائب لأصحاب 
محمد وو لو دمت ليلك وأفطرت نهارك لكان خيراً لك من قيام ليلك وصيام نهارك» مع 
سوء قولك في أصحاب محمد طق فويحك! لا قيام ليل ولا صوم نهار وأنت تتناول 
الأخيار» فأبشر بما ليس فيه البشرى إن لم تتب مما تسمع وترى» ويحك! هؤلاء شزفوا 
في أحدء وهؤلاء جاء العفو عن الله تعالى فيهم» فقال: #إن الذين تولوا منكم يوم التقى 
الجمعان إنما استنزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عدهم# فما تقول فيمن 
عفا الله عنهم؟ نحن نحتج بخليل الرحمن إبراهيم» قال: «إفمن تبعني فإنه مني ومن عصاني 


حج الجليس الصالح والأئيس الناصح بص سسسب سر ال 
فإنك غفورٌ رحيم# فقد عرض العاصي للغفران فلو قال: فإنك عزيرٌ حكيم؛ أو عذابك 
عذابُ أليم» فبم تحتج يا جاهل إلا بالجاهلين» شر الخلف خلف شتم السلف, والله لواحدٌ 
من السلف خير من ألف من الخلف. 
القول في كلمة «خلف» 

قال القاضي: في هذا الخبر قد حرك لام الخلف» وقد احتلف أولو العلم باللغة والعربية 
في هذاء فقال معظمهم: يقال: هؤلاء خلف صدق بالتحريك» وحلف سوء بالتسكين» 
ومن أمثال العرب في الذي يطيل السكوت ثم يتكلم بالفاسد من الكلام: " سكت الفا 
ونطق حلفا " ومنه قول لبيد: 

ذهب الذين يعاش في أكنافهيم وبقيت في حلف كجلد الأجرب 

وذكر أن أعرابياً كان مع قوم فحبق فتشور ثم أ ومى بيده إلى استه؛ فقال: حلف سوء 
نطقت علفاء ويقال للمحال الفاسد من المقال: هذا حلف» وذكر الأحفش أنه يقال: 
خلف للمتبع لمن سلف قبله» وحلف لمن أتى بعد من تقدمه من غير تفريق منه بين 
المدح والذم فيه» وهذا قول حسن غير مستبعد» وقد يكون تحريك اللام في الخلف ني 
هذا الخبر لاقترانه بالسلف كما قال من قال: من العير الخير» كما قالوا: الغدايا والعشاياء 
وهذا باب يتسع منظومه ومنئوره» وقد أتينا به أو بمعظمه في مواضع من كتبنا. 

وقال الفراء: هو خحلف سوء من أبيه؛ ولك عندي خلفُ من مالكء؛ وربما ثقلوا حلف 
سوءء وهو قليل. 

وصية معاوية 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريدء قال: أنبأنا أبو حاتم» عن العتبي» عن أبيه» عن خالدء 
عن أبيه» عن عمرو بن عتبة» قال: لما اشتكى معاوية مشكاته التي هلك فيها أرسل إلى 
آنا من بي أمية قخص ولم يمي ثقال: فى أنية! إن ما قرب ما ل يكن با 
وخحفت أن يسبقكم الموت إلي سبقته بالموعظة إليكم؛ لا لأرد قدراً ولكن لأبلغ عذراء لو 
وزنت بالدنيا لرجحت بهاء ولكني وزنت بالآخرة فرجحت بي» إن الذي أخلف لكم من 
يار متقاركوة د أو لبون علي والذي أعلف اكلم من رأ أمر قور عليااج 
نفعه إن فعلتموى مخوف عليكم ضرره إن ضيعتموه؛ فاجعلوا مكافاتي قبول وصيتي» إن ن 
قريشاً شاركتكم في نسبكم وبنتم منها بفعالكم: فقدمكم ما تقدتم فيه | د 0 
تأخروا له؛ وبالله لقد جهر لي فعلمت» ونغم لي ففهمت» حتى كأني أنظر إلى أبنائكم 
بعدكم نظري إلى آبائهم قبلهم» إن دولتكم ستطولء وكل طويل مملول ل فإذا 
انقضت مدتكم كان أول تجادلكم فيما بينكم: واجتماع المختلفين عليكم؛ فيدبر الأمر 
بضد الحسن الذي أقبل به فلست أذكر عظيماً يركب منكم ولا حرمةًٌ تنتهكء إلا والذي 


حرابدسسسسسسسبببسبسست البجلس الحادي والخمسون حت 
أكف عن ذكره أعظمء فلا معول عليه عند ذلك أفضل من الصبرء وتوقع النصرء 
واحتساب الأجرء فيمادكم القوم دولتهم امتداد العنانين في عنق الحواد» فإذا بلغ الله عز 
وجل بالأمر مداهء وجاء الوقت امحتوم» كانت الدولة كالإناء المكفوء فعندها أوصيكم 
بتقوى الله الذي لم يتقه غيركم فيكم, فجعل العاقبة فيكم والعاقبة للمتقين. 
سليمان بن عبد الملك وشرهه إلى الطعام 

حدثنا. الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا ابن أي سعدء قال: حدثني علي بن 
محمد بن سليمان الحاشمي » قال: : عحدثني أبي ) قال: حدثني عبد الله وصلهء قال: قال: لنا 
سليمان يوماً: إني قد أمرت قيم بستاني أن يحبس علي الفاكهة ولا يجني منها شيئاً حتى 
تدرك» فاغدوا علي مع الفجر - يقول: لأصحابه الذين كان يأنس بهم: لنأكل الفاكبة في 
برد النهار - فغدونا في ذلك الوقت, فصلى الصبح وصيناء ثم دحل ودخلنا معه, فإذا 
الفاكبة متهدلةٌ على أغصانها وإذا كل فاكبة مختارة قد أدركت كلهاء فقال: كلواء ثم أقبل 
فأكلنا بمقدار الطاقة» وأقبلنا نقول: يا أمير المؤمنين: هذا العنقودء فيخرطه في فيه» يا أمير 
المؤمنين» هذه التفاحة» كلما رأينا شيثاً نضيجاً أومأنا إليه فيأحذه فيأكله ويحطم 
حطماًء حتى ارتفع الضحى ومتع النهار» ثم أقبل على قيم البستان» فقال: ويحك يا فلان» 
إني قد استجعت فهل عندك شيء تطعمنيه؟؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين عناقٌ حولية 
حمراء» قال: ائتني مها ولا تأتين معها بخبزء فجاء بها على خوان لا قوائم له وقد انفخت 
وماأت الخوان» وجاء بها غلمة يحملوها فأدنوها منه وهو قائم» فأقبل يأحذ العضو 
فيجيء معه لنضجه فيطرحه فيخرطه في فيه» ويلقي العظم حتى أتى عليهاء ثم عاد لأكل 
الفاكبة فأكل فأكثر ثم قال للقيم: ويحك! ما عندك شيء تطعمنيه؟ قال: بلى يا أمير 
المؤمنين» دجاجتان قد عبئتا شحماًء قال: ائتني بهماء ففعل بهما كما فعل بالعناق» ثم عاد 
لأكل الفاكبة» فأكل مليا ثم قال للقيم: هل عندك شيء تطعمنيه فإني قد جعتء قال: 
عندي سويق جديدة يعني الحنطة كأنه قطع الأوتار وسمن سلاء وسكرء قال: أفلا أعلمتني 
بهذا قبل: ائتني وأكثر» فجاء بقعب يقعد فيه الرجل» وقد ملأه من السويق قد خلطه 
بالسكر وصب عليه سمن سلاء؛ وأتى بجرة ماء بارد وكوز فأحذ القعب على كفه؛ وأقبل 
القيم يصب عليه الماء فيحركه حتى كفأه على وجمه فارغاًء ثم عاد لأكل الفاكبة فأكل 
مليا حتى حرت عليه الشمس» فدخل وأمرنا أن ندحل إلى مجلسه فدحل وجلسناء فما 
مكث أن خرج علينا فلما جلس قام كبير الطباحين حياله يؤذنه بالغداءء فأومأ إليه أن 
انت بالغدا» فوضع يده فأكل» فما فقدنا من أكله شيعاً. 

أكمّأه وكمأه 
قال القاضي: في هذا الخبر حتى أكفأه على وجبه بمعنى قلبه وهو حطأ إما هو كفأه, 


حت اتليس الصالح والأئيس الناصح سس سيو باه 
فرويناه على الصواب» يقال: كفآت الإناء فهو مكفوء»ء وأنا كافىء, وأما أكفا فإنه في 
الشعرء وهو من عيوب قوافيه» وأهل هذه الصناعة مختلفون في ماهيته» وله موضع هو 
مذكور فيه على شرح لمعانيه وقد روي لنا هذا الخبر من طريق آخحرء وفيه أن سليمان بن 
عبد الملك بعد فراغه من أكله هذا عرضت له حمى أدته إلى الموت. 
الأعرابي الذي استحمل ابن الزيير 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أني» قال: حدثني أحمد بن الحارث» 
قال: قال أبو الحسن» قال أني: أتى فضالة بن شريك الكاهلي الأسدي - أسد بني خزيمة 
- عبد الله بن الزيير» فقال له: قد نفدت نفقتي ونقبت راحلتي فاحملني» فقال له: أحضر 
راحلتك, فأحضرهاء فقال له: أقبل بها أدبر بها ففعلء فقال: ارقعها بسبت واخحفصها 
بلبهب» وأنجد بها يبرد حفها وسر عليها البردين تصح») فقال ابن فضالة: إنما أتيتك 
مستحملاً ولم آنك مستوصفاًء لعن الله ناقةٌ حملتتي إليك» فقال ابن الزبير: إن وراكبهاء 
يريد نعم وراكبهاء فانصرف ابن فضالة وهو يقول: 


أقول لغلمتي شدوا ركابي أفارق بطن مكة في سواد 
فمالي حين أقطع ذات عرق إلى ابن الكاهلية من معاد 
سيبعد بيننا نص المسطايا وتعليق الأداوى والمزاد 
وكل معبد قد أعلمته مناسمهن طلاع النجاد 
أرى الحاجات عند أني خبيب -نكدن ولا أمية بالبلاد 
من الأعياص أو من آل حرب أغر كغرة الفرس الجواد 


قال: فالكاهلية إحدى جدات ابن الزبير» فقال: علم أنها ألأم جداتي فسبني بها قال 
القاضي رضي الله عنه: إن في قول ابن الزبير إن وراكبها معناها نعم؛ وهي لَغة مشهورة 
يمانية»؛ وقد حمل قوم عليها إن في قول الله عز وجل: " إن هذان لساحران " فقالوا: المعنى 
نعم» وجاء في بعض فصيح الخطب: إن الحمد لله برفع الحمد بمعنى نعم الحمد لله ومن 
ذلك قول الشاعر: 
بكرت على عواذلي 200 يلحونني والومينه 
ويقلن شيب قد علا ك وقد كبرت فقلت إنه 
يعني بقوله إنه: نعم» والحاء للسكت والوقف» كقوهم: تعاله» والقول مستقصي على 
شرحه في إن هذه وفيما أتى من القرآن والتلاوات في قوله: إن هذان في مواضعه من 
تآليفنا وإملائناء وقول ابن فضالة في شعره هذا: نص المطايا النص ”رب من السير فيه 
ظهور وارتفاع» ومن هذا اشتق اسم المنصة أعني الارتفاع والظهور» وروي عن النبي ويك 


دا رموللبس بسح الهلس الحادي والخمسون حم 
في قصة ذكرت أنه كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص» ومنه: نصصت الحديث إلى 
صاحبه أي رفعته ليه وقال امرق القيس: 


وقوله: وكل معبد: لسر اذلو قال ف 
إلى أن تحامتني العشيرة كلها وأفردت إفراد البعير المعبد 


وأبو حبيب: هو عبد الله بن الزبير» كان يكنى أبا حبيب وأبا بكر. وقال الشاعر فيه 
وفي أخيه مصعب: 
قدني من نصر الخبيبين قدي ليس أميري بالشحيح الملحد 
يروى الخبيبين مثنى» يراد هو وأخحوه؛ ويروى الخبيبين على الجمع؛ من باب الأشاعثة 
والمسامعة والمهالبة» يراد هو وذووهء وقوله: ولا أمية في البلاد نصب بلا النافية» وإنما 
تعمل في النكرة دون المعرفة» لأنه أراد: ولا مثل أمية» كما قال الآخر: 
لاهيئم الليلة للمطي 
أي لا مثل هيئمء وقوله: من الأعياص» نسب بني أمية مقسوم على الإضافتين 
الأعياص والعنابس والأعياص أعلاهما. 
قال القاضي رحمه الله: ابن الزبير حين ذكر الكاهلية ونسبة ابن فضالة إياه إليها معنى 
لطيف» وتعريض بسبه أبلغ من التصريح» إذ علم أن الكاهلية ألأم أمهات ابن الزبير فسبه 
هاء فالسب راجعٌ عليه بأعظم من سبه من هجاه إذ بنو كاهل رهط ابن فضالة وعصبته. 
وقول ابن الزبير: ارقعها بسبت» السبت: جلودٌ يؤتى بها من اليمن تتخخذ منها النعال») 
وهي من جلود البقر» وكانت من ملابس الملوك» وروي أن النبي وه قال لرجل رآه 
يمشي في المقبرة لابساً شيتاً منها: يا صاحب السبتين: اخلع سبتيك. 
وقال عنترة يصف رجلاً بالنبل وتمام الخلق: 
بطل كأن ثيابه في سسرحة يحذى نعال السبت ليس بتوأم 
وقوله: اخحصفها بهلب: يعني ما أحذ من شعر الذنب» وقوله: وأنجد. بهاء يريد: ائت 
بها نجدا: أنجد الرجل إذ أنىٍ نجداء وأغار إذا أتى الغور» ومن كلام العرب " أنجد من 
رأى حصنا " أي شارف نجداً» وحصن جبيل؛ قال الأعشى: 
نبي يرى ما لا ترون وذكره أغار لعمري في البلاد وأنجد 
وقوله: وسر عليها البردين: البردان: أول النهار وآحره» وروي عن النبي ويه أنه قال: 
"من صلى البردين دخخل الحنة". قال: الله عز وجل: إوأقم الصلاة طرفي النبار وزلفاً من 
الليل4 ومن الدليل على ما قلناه في معنى البردين قول حميد بن ثور الحلالي: 
فلا الظل من برد الضحى نستطيعه ولا الفيء من برد العشي نذوق 


-_ الجليس الصاح والأئيس 0 مُُُظظلُل0لُلهلا-هحل6السهىل]©ىهد-”9-9ل”<-ست 1ل لأ سم 


حدثنا محمد بن ب يحيى الصولي» 0-0 نا عبد لله بن عبد الله بن طاهرء قال: : حدثني 
الفضل بن محمد اليزيدي» قال: كنت أ خحتلف إلى محمد بن نصر ويقرأ علي وأولاده 


الأشعار» وكذلك إلى ولد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم» وكان محمد بن نصر وعبد 
الله بن إسحاق صفرين من الأدب» على جلالة مروعءتهما وشرفهما وسروهماء فاجتمعا 
يوماً ني مجلس يشبه بحالس الخلفاء» وأحضر طعام كطعامهم ثم ضربت ستارةً وجلسا وبين 
أيديهما أو لادهماء فغنت الستارة بشعر جرير: 
ألا حي الديار بسعد إني أحب لحب فاطمة الديارا 

فقال: عبد الله بن إسحاق محمد بن نصر: يا أحي! لولا حمق العرب وجهلها ما ذكر 
السعد هاهناء فقال محمد بن نصر: لا تفعل يا أحي فإن فيه منافع» يشد اللثة ويطيب 
النكهة ويصلح المعدة» فالتفت علي بن محمد إلى إحوته وإلى ولد عبد الله فقال: أما 
فقد أطلقت على هذا العلم أن يصفع أني» فما رأيكم أنتم؟ فقالوا: مثل رأيك» وامتاأ 
امحلس ضحكاً. 

المأمون وكلب الجنة 

حدثنا عبد الباقي , بن قانع» حدثنا محمد بن زكرياء قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن» 
قال: حدثني بعض الحاشين» قال: حرج المأمون يوما من الرصافة يريد الشماسية فدنونا 
من ركابه فسلمنا عليه وقبلنا يده قال: وكان أمامي رجل من الطالبيين يلقب بكلب 
الجنة» وكان طيباً ظريفاً» فلما دنا من المأمون قبل يدهء فقال له المأمون كالمسر إليه: 
كيف أنت يا كلب الجنة؟ قال: أما الدنانير والدراهم والزينة فلعمرو بن مسعدة وأني عباد» 
وأما الطنز والتجمهر فلبني هاشمء فرد المأمون كمه على فيه» وقال: ويلك كف لا 
تفضحني؛ قال: لا والله أوتضمن لي شيقاً تجعله لي» قال: العشية يأتيك رسولي» فأتاه 
عمرو بن مسعدة بثلاثين ألف درهم. 

ويخرج بأسلحته لتنصرذ المأمون 

وحدثنا عبد الباقي بن قانع» قال: حدما محمد بن زكرياء قال: حدثنا محمد بن عبد 
الرحمن» قال: حدثني هذا الحاشي» قال: ركب المأمون يوماً إلى المطبق وبلغ القواد ركوبه 
فتبعوه» قال: فكان كلب الحنة ممن ركب تلك العشية» قال: فبصر به المأمون وفي يده حشبة 
من حطب الوقودء وني اليد الأحرى لحافه» فقال: يا كلب الحنة؟ قال: نعم كلب الحنة بلغه 
ركوبك فجاء لنصرتكء والله ما وجدت سلاحاً إلا هذه المشققة من حطب البقال» ولا ترساً 
إلا لحافي هذاء وعياش , بن القاسم في بيته ألف ترس وألف درع وألف سيف قائم غير مكترث 
فوصله بثلاثين ألفا وجاء عياش يركض»ء فشتمه المأمون وناله يمكروه. 


حورم سس رح مجلس الثاني والخمسون حت 
أول مكس وضيع في الأرض 

وحدثنا علي بن محمد بن الجهم أبو طالب الكاتب» قال: حدثنا العباس بن عبد الله 
الترفقي» قال: حدثنا محمد بن يوسف القربان» عن سفيان» عن أي إسحاقء» قال: سعت 
هشام بن الحارث يقول: أول مكس وضع على وجه الأرض» حرجت عجورٌ على عهد 
سليمان النبي عُتَّقه ومعها دقيقٌ لما فسكبته الريح فذرته» فأتت سليمان تستعدي على 
الريح» فقال: انظروا من طابت له الريح اليوم في البحر فأغرموه دقيقها. 

قال القاضي رحمه الله: الذي أنت به شريعة النبي َل في هذا أن لا عوض مما تذروه 
الريح على من طابت له وعلى من لم تطب له وشريعة نبينا هي المأوذ بها إلى يوم القيامة 
وما خالف شيئاً منها في الصورة من شرائع الأمم الخالية والقرون الماضية فهو منسوخ بما 
أنت» وهذا الخبر لم يأت من طريق ينقطع العذر به ويقطع على مغيبه» ولا عزي إلى من 
تجب الحجة بقوله».وإن ثبت أن نبي الله سليمان اليك قضى هذه القضية, فإنها كانت 
هكذا في شريعته إذ هو نبي معصومٌ ولا يقضى بغير الحق؛ ولا يحكم بخلاف العدل» وقد 
قال الله جل ذكره: إلكل جعلنا منكم شرعة ومنباجاًء ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة 
ولكن ليبلوكم فيما آتاكم#. وقال: جل ثناؤه: تلك أمةٌ قد خلت لها ما كسبت 
ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون4. 

قال القاضي: ولم يكن من الصواب عندي أن يعبر فيما أتى به هذا الخبر بالمكسء إذ 
المكس ما يأخذ الظالمون من العشارين وغيرهم من المسلمين قسراً بغير وجه حق وقد 
روي عن النبي يه ني بعض الزناة وغيرهم أنه قال: "لقد تاب هذا توبة لو تاها صاحب 
مكس لغفر له"2 وفي بعض الحرمات: "من فعل هذا كان عليه من الإثم مثل ما عليه 
صاحب مكس"؛ وكل هذا ينبىء عن عظيم إثم المكس؛ وفي المكس قول الشاعر: 

وني كل أسواق العراق إتاوة وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم 

المجلس الثاني والخمسون 
مكافأة قيمة على تصحيح كلمة من حديث شريف 

حدثنا محمد بن محمود بن أي الأزهر اخراعي؛ قال: حدثنا الزبير ين بكار» قال: 
حدثي النضر بن شيل» قال: دحلت على أمير المؤمنين المأمون بمروء وعلي أطما 
مترعبلة» فقال: لي: يا نضر أتدحل على أمير المؤمنين في مثل هذه الثياب؟ فقلت: يا أمير 
المؤمنين إن حر مرو لا يدفع إلا بمثل هذه الأخلاق» قال: لاء ولكنك تتقشفء قال: 
فتجاذبنا الحديث,» فقال المأمون: حدئني هشيم بن بشير» عن بحالد؛ عن الشعبي» عن ابن 
عباس» قال: قال: رسول الل 3 "إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالما كان فيها سداد 
من عوز". قلت: صدق قول أ مير المؤمنين عن هشيم» حدثني عوف الأعرائي» عن 


حت الجليس الصالح والأنيس التاصح ب سس حر رن 
الحسن, أن النبي يك قال: " إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها كان فيها سدادٌ من 
عوز " فكان المأمون متكثاً فاستوى جالساًء وقال: السداد لحن يا نضر؟ قلت: نعم 
هاهناء وإنما لحن هشيم وكان لحاتاء فقال: ما الفرق بينبماء قلت: السداد: القصد في 
السبيل» والسداد: البلغة وكل ما سددت به شيئاً فهو سداد قال: أفتعرف العرب ذلك» 
قلت: نعم» هذا العرجي من ولد عثمان بن عفان يقول: 
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد لغر 
فأطرق المأمون ملياً ثم» قال: قبح الله من لا أدب له ثم قال: أنشدني يا نضر أخلب 
بيت للعرب» قلت: قول ابن بيض في الحكم بن مروان: 
تقول لي والعيون هاجعة أقم علينا يوماً فلمأقم 
لأي وجه إلا إلى االحكم 
أي الوجوه انتجعت قلت لما: 
متى يقل حاجبا سرادقه هذا ابن بيض بالباب» يبتسم 
قد كنت أسلمت قبل مقتبلاً هيهات أدخل أعطني سلمي 
قال القاضي: قوله: أسلمت مقتبلاًء معناه أسلفت وأحذت قبل قبيلاً يعني كفيلاً 
ومن السلف من كره الرهن والقبيل في السلم» ومنهم من أجازه؛ وقال: استوئق من حقه؛ 
فقال المأمون: لله درك! فكأما شق لك عن قلبي» أنشدني أنصف بيت قالته العرب» 
قلت: قول ابن أني عروبة المديني يا أمير المؤمنين: 


إني وإن كانابن عمسي عاتباً 
ومفيده نصري وإن كان امراً 
وأكون والي سسره وأصونه 
وإذا الحوادث أجحفت بسوامه 
وإذا آأتى من وجبه بطريفة 
وإذا ارتدى ثوياً جميلاً لم أاقل 


لمزاحم من خلفه وورائه 
مترجرجاً في أرضه وسائله 
حتى يحيز إلى وقت ذدائه 
قرنت ص حيحنا إلى جربائه 
لم أطلع فيماوراء حبائه 


ياليت أن علي حسن روائه 


فقال: أحسنت يا نضرء أنشدني الآن أقنع بيت للعرب» فأنشدته قول ابن عبدل: 


إني امل رةٌ لم أزل وذاك 
أقيم بالدار ما اطمأنت بي الد 
لا اجستوي خلة الصديق ولا 
أطلب ما يطلب الكريم من الر 


من الله أديباً أعلم الأدبا 
ار وإن كنت نازحساً ربا 
أتبع نفسي شيا إذا ذهبا 
زق بنشسي وأجمل الطلبا 


حورم سس سس ب سبسبسبسس وح المجلس الثاني والخمسون حت 
وأحللب القلرة الص في ولا أجهد أحلاف غريب حلبا 

قال ابن أبي الأزهر: ويروى الضفيء» قال أبو بكر: وسمعت بنداراً الكرحي» يقول: لا 
أحب الضفي بالضاد فيما يرويه الناس» لأن الضفي يكون للملك دون السوقة» والصفي 
بالصاد أبلغ في المعني لأا الغزيرة اللبن» قال القاضي رحمه الله: والذي حكي في هذا عن 
بندار قريب» وجائرٌ أن يكون الصفي بمعنى الشيء الذي يختار ويصطفى» وإن كان 
مصطفيه غير ملك؛ لأن صفي المال إنما وسم بهذه السمة لأن الملك اصطفاه لنفسه؛ 
وجائرٌ أن يصطفيه الملك ثم يصير لبعض السوقة» وجائز أن يقال للشيء الكريم صفي بمعنى 
أنه لنفاسته مما يصطفيه الملوك ويصلح أن يصطفوه. فيعبر عنه بذلك قبل أ ن يصطفىء» كما 
قال الله عز وجل: «إولا يأى الشبداء إذا ما دعوا4 فسماهم شهداء قبل أن يشهدواء 
وكقوله: إإني أران ني أعصر خمراً4 وكانت الملوك قبل الإسلام تصطفي من الغنيمة علقاً 
منها كريماً أو غرة مشتراة لأنفسها فيأحذه دون الجيش» وني ذلك يقول الشاعر: 

لك المرباع منها والصفايا وحكمك والنشيطة والفضول 

يعني بالمرباع: ربع الغنيمة» والصفايا: جمع صفية» وهي ما ذكرناء وقوله: وحكمك 
أي ما تنحكم فيه وتحكم به والنشيطة ما تنشطه من المغنم فتأخذه» والفضول ما فضل 
عن القسمة أو كان القسم لا يحتمله؛ ثم جعل الله تبارك وتعالى لنبيه َه فيما غنمه 
المسلمون من المشركين الخمس ولذوي القربى من رهطه ومن سمى معهم» فحط ما جعل 
له عن قدر ما كانت الملوك تأحذه قبله» تطييبا لنفوس أصحابه» وتوكيدا لما نزهه عن 
أحذ الأجر على ما جاء به وروي عن النبي 8ه أنه قال: " ما لي في هذا المال إلا 
الخمس, وهو مردودٌ فيكم ". وكان وَيَقهُ يأحذ منه حاجته لمؤونته ومؤونة أهله» ويصرف 
ما بقي مما خلص له وهو حمس الخنمس في الكراع والسلاح وما كان تأبيداً للدين وعتادا 
لنوائب المسلمين» وكان له يي الصفي أيضاًء فكان يأحذه من أصل الغنيمة» وروي أنه 
عَنَهُ أغار على بني المصطلق وهم غارون؛ فقتل مقاتلهم وسبى ذراريهم» واصطفى منهم 
جويرية ابئنة الحارث. 


إني رأيت الفتى الكريم إذا رغبته ني صنيعة رغبا 
والعبد لا يطلب العلا ولا يعطيك شيئاً إلا إذا ضربا 
ولم أجد عروة الخلائق إلا الد ين لما اختبرت والحسبا 
قد يرزق الخافض المقيم وما شد بعنس رحلاً ولااقعبا 


ويحرم الرزق ذو المطية والر حل ومن لا يزال مغتربا 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح ع ع مس سس ٠.‏ 7 و سمس 

قال: أحسنت يا نضرء أفعندك ضد هذا؟ قلت: نعم أحسن منهء قال: هات 
فأنشدته: 

يد المعروف غنم حيث كانت تحملها كفورٌ أو شكور 

فقال: أحسنت يا نضرء وأحذ القرطاس فكتب شيئاً لا أدري ما هوء ثم قال: كيف 
تقول: أفعل من التراب؟ قلت: أترب» قال: الطين؟ قلت: طن» قال: فالكتاب ماذا؟ قلت: 
مترب مطين» قال: هذه أحسن من الأولى» قال: فكتب لي بخمسين ألف درهم, ثم أمر 
الخادم أن يوصله إلى الفضل بن سهل فمضيت معههء فلما قرأ الكتاب قال: يا نضر! لحنت 
أمير المؤمنين؟ قلت: كلاء ولكن هشيماً لحانة) فأمر لي بثلاثين ألفاً فخرجت إلى منزلي 
بثمانين ألفا وقال لي الفضل: يا نضر! حدثني عن الخليل بن أحمد» قلت: حدثني الخليل بن 
أحمد» قال: أتيت أبا ربيعة الأعرائي وكان من أعلم ما رأيت» وكان على سطح أو سطيح, 
فلما رأيناه أشرنا إليه بالسلام» فقال: استوواء فلم ندر ما قال» فقال لنا شيحٌ عنده: يقول 
لكم: ارتفعواء فقال الخليل بن أحمد: هذا من قول الله عز وجل: لثم استوى إلى السماء 
وهي دخان ؛ ثم ارتفع ثم قال: هل لكم في خبز فطيرٍ ولبن هجير وماء ميرء فلما 
فارقناه» قال: سلاماًء قلنا: فسر قولك هذاء فقال: متاركة لا خبير ولا شرء فقال الخليل: 
هذا مثل قول الله جل وعز إوإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما» أي متاركة. 

قال القاضي رحمه الله: قوله في الخبر أطمارٌ مترعبلة» يريد ثياباً متقطعة؛ يقال: رعبلت 
النوب وغيره إذا قطعته؛ قال الشاعر: 

يا من رأى ضرباً برعيل بعضه بعضاً كمعمعة الأباء المحرق 

الأباء: القصب. قال القاضي: : خبر النضر بن شيل هذا قد كتبناه من طرق شتى متقاربة 
الألفاظ والمعاني» وفيه زيادة ليست في غيره» والأشعار التي أنشدها النضر المأمون فيه لما 
استنشده غير ما في سائر ما كتبناه من قبل الرواية المشهورة» وهي بليغة حسنة» فرأيت 
إحضار هذه الرواية ليتكامل للناظر الفائدة في كتابناء وإن تكرر بعض ألفاظ متن الخبر. 


الرواية اللأخرى 
حدثنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم الخراساني» قال: 0 
أبو زيد» قال: النضر بن شيل: قال: دحلت على المأمون» وعلي أطما ف غسيل» 


فقال لي: يا نضر! 0 
التقشف» ثم تجاذبنا الحديث» فقال: المأمون: حدثنا هشيم بن بشير» عن مجالد» عن 
الشعبي» عن ابن عباس» قال: قال: رسول الله ييَ: "إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجماها 
وكمالما كان فيه سداد من عوز" قال: فقلت: يا | مير المؤمنين: أخبرني عوف الأعرالي» 
عن الحسن» عن علي بن أني طالب اولك ايل قال: قال رسول الله عَهَه: "إذا تزوج الرجل 


دوب ب لل الهلس الثاني والخمسون حت 
المرأة لدينها وجمالها وكمالها كان فيه سداد من عوز" وكان متكثاًء فجلس واستوى» 
وقال: يا نضر! السداد في هذا الموضع لحنٌ؟ قلت: نعمء يا أمير المؤمنين» وإنما لحن 
هشيم» فقال لي: ماالفرق بين السداد والسداد» قلت: السداد: القصد في الدين والسبيل» 
والسداد: البلغة في الشيء أسد به الشيء؛ فقال: هل تعرف ذلك العرب؟ قلت: نعمء هذا 
العرجي من ولد عثمان بن عفان» يقول: 
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريبة وسداد لغر 
كأني لم أكن فيهم وسيطا ولم تك نسبتي في آل عمرو 
فأطرق طويلا ثم رفع رأسهء وقال: قبح الله من لا أدب له. ثم تجاذبا الحديث ثم قال: 
قبح الله اللحن» قلت: ما لحن أمير المؤمنين» وإما لحن هشيم» وكان هشيم لحانة) فتبع 
أمير المؤمنين ألفاظه» قال: وكيف روايتك الشعرء قلت: قد رويت الكثير منه» قال: 
فأنشدني في أحسن ما قالت العرب في الحكمء فأنشدته: 
إذا كان دوني من بليت بجبله هويت إذاً حلماً وصفحاً عن المثل 
وإن كان مثلي في محلي من العلا فإن له حق التتقدم والفضل 
وإن كنت أدنى منه في الفضل والحجا 
قال: ما أحسن ما قال! فأنشدني أحسن ما قالت العرب في الحزم» فأنشدته: 


على كل حال فاجعل الحزم عدة لما أنت باغيه وعوناً على الدهمر 
فإن نلت أمراً ناه عن عزيمة وإن قصرت عنه الحقوق ففي عذر 
فقال: ما أحسن ما قال! فأنشدني ما قالت العرب في إصلاح العدوء حتى يكون 
صديقاً فأنشدته: 
وذي غيلة سالمته فثقبرته فأوقرته مني بعبء التجممل 
ومن لا يدافع سيئات عدوه بإحسانه لم يأحذ الطول من عل 
ولم أر في الأشياء أسرع مهلكا لضغن قديم من واد معجل 
قال: ما أحسن ما قال! فأنشدني أحسن ما قالت العرب في السكوت» فأنشدته: 
إني ليبجرني الصديق تجنباً فأريه أن لمجره أسبابا 
وأراه إن عاقبته أغريته فيكون تركي للعتاب عتابا 
وإذا بليت بجاهل مستحكم يجد الخال من الأمور صوابا 
أوليته منى السكوت وربما كان السكوت عن الجواب جوابا 


ثم قال: ما مالك؟ قلت: أريضة بمرو الروذ أتمززهاء قال: أفلا نفيدك مالاً؟ قلت: إن 
رأى أمير المؤمنين ذلك» فدعا بدواة وقرطاس وكتب» ولا أدري ما كتب)» م قال: إذا 
أردت أن تتر ب الكتاب كيف تأمر» قلت: يا غلام أترب الكتاب» قال: فهو ماذا؟ قلت: 


حج الخمليس الصالح والأئيس الناصح سس سس ررمت 
متر ب قال: فمن السحاة» قلت: يا غلام أسح الكتاب» قال: فهو ماذا؟ قلت: كتاب 
مسحئ» قال: الطين» قلت: يا غلام طن الكتاب» وأطن الكتاب» قال: فهو ماذا؟ قلت: 
مطين ومطانء قال: يا غلام اترب واسح وطن الكتاب» ثم قال امض إلى الفضل بن سهل 
بهذا الكتاب» فمضيت فأوصلته, فقال: بم استأهلت أن يأمر لك بخمسين ألف درهم؟ 
فحدثته الحديث على جهته» فقال: لحنت أمير المؤمنين؟ قلت: ما لحن» وإشا لحن هشيمء 
فتبع أمير المؤمنين ألفاظه» فأمر لي بأربعين ألف أخحرى من عنده» وانصرفت بكلمة 
أفادتني بتسعين ألف درهم. 
تعقيب للمؤلف بشرح حال العلماء هي زمنه 

قال القاضي رحمه الله: قد كان من مضى من العلماء وأهل الفضل من الأدباء» نمسهم 
الفاقة» وتنالهم العسرة والإضافة, ثم يصلون من الخلفاء» والسادة الرؤساءء بيسير ما 
عندهم من العلم والحكمة» والأدب والمعرفة» إلى الحظ الخطير» والوفر الكبير» والنضر بن 
شيل ممن اتفق له ذلك بعد شدة عظيمة لحقته» وفاقة بححفة لزمته» وكان أحد الأعلام 
ممن أخذ عن الخليل علم العربية» وله من رواية السنن والآثار» والأحاديث والأخبار 
منزلته ولما أضر به إيطان البصرة» ونبت بها عنه المعيشة» شرع في الظعن عنهاء فذكر 
فيما روي لنا عنه من طريق لم يحضرني في هذا الوقت, ولعلي أورده إذا عثرت عليه بعد؛ 
أنه تبعه سبع مائة رجل أو نحوهم من أصحابه يشيعونه» وجعلوا يبكون توجعاً لمفارقته 
إياهم, وأظهر لهم نحو هذا من استيحاشه وكراهته النأي عليها عنهم» وقال: لو كان لي في 
كل يوم ربع من الباقلى أتقوته لما ظعنت» قال الراوي: فعجبت من أنه لم يكن في هذا 
الجمع الكثير من المتفجعين لفقده من يكفيه هذا القدر» ويقوم له به ثم إنه أتى خخراسان 
فاستغنى وأثرى بما أسدى إليه المأمون لما وصل إليه وسمع كلامه. ووقف على أدبه» ولقد 
ظهر من المأمون في هذا الخبر من النبل والإنصاف لأهل العلم والتواضع لمن تجيء له من 
قبله فائدة» وظهر له منه علم ومعرفة» ما شكر الله تعالى لما أراده به» ألا ترون إلى ما 
اقترحه من الأشعار في المعاني التى ذكرء وإلى نقده إياهاء وإلى نقد استحسانه لماء ولقد 
كان في الشعراء إذا أنشده التقاد» والشعراء إذا أنشدوه كان من الأجواد» ولقد روي لنا 
عنه من نقد الشعر وتبريزه في التمييز بين جيده ورديئه» وإبرازه على أهل هذه الصناعة 
فيه» وعلوه بالحجة عليهم عند مخالفتهم إياه ما يطول ذكره. وسنأتي بما يحضرنا منه في 
مستأنف ععكالسنا هذه. 

صنئاعة نقد الشعر ش 

ونقد الشعر والتحقيق في معانيه من الصناعات التي أكثر المضطلعين لها قد عدموا وقد 

قلواء وقد كان بعض من يحتلف إلي للأخذ عني» والقراءة علي من أهل بعض الأطراف» 


حرروسع س لسلس الجلس الثاني والخمسون حت 
قد قرأ علي شيئاً مما صنفه ابن السكيت في هذا المعنى وابن قتيبة» وما ألفه أ بو الفرج 
قدامة الكاتب في نقد الشعر والكتاب المنسوب إلى أي عثمان الأشنانداني علق عني صدراً 
صالحاً من الزيادة في ذلك» وشرح مستغلقه وإيضاح شكله وتفسير محمله وتلخيص 
مهمله, وتخطئة من عط في تاويله, نم غاب عني فانقعامت عن التخرع تيع ما يقي ملم 
وقد وقع إلينا في هذا الباب فقرٌ حسنة عن شيخي هذه الصناعة في زمانهما وهما أبو 
لعباس أحمد بن يحير» ومحمد بن يزيد التحويان؛ وكان محمد بن يحي الصولي يتكلم كثير 
في هذا النوع» ويدعي فيه دعاوى يدفعه عن التقدم فيهاء ظهور تأخره عنهاء وتفاحش 
خطئه فيما يورده منهاء وقد أحرج قوم من هذا القبيل إعجابهم بأنفسهم؛ وفساد تخيلهم؛ 
إلى تخطئة الفحول من الشعراء الجاهليين» ومن بعدهم من المخضرمين» ومن بينهم من 
الإسلاميين الذين قولهم حجة على من بعدهم؛ ومن تأخر عنهم» فأحسن حالاته في هذا 
الباب أن يكون تبعاً لهم» فمن ذلك أن لغدة الأصبهاني أقدم على تخطئة الطبقة الأولى؛ 
كامرىء القيس وزهير والنابغة والأعشى ومن يجري بجحراهم» فخطأهم فيما أصابوا فيه 
فتفاقم حطؤهء وتعاظم خطله, وقد كنت أمللت على بعض من حضرني ما يتبين فيه 
قصور معرفته» وضعف بصيرته؛ ثم رأيت أبا حنيفة أحمد بن داود الدينوري قد صمد 
لكتاب لغدة هذا فنقضه» وأورد أشياء صحيحة تنبئ على إغفاله وضعف تأمله, ومع هذا 
فلسنا ننكر أن يخطىء الرئيس في عمله والسابق في فهمه فلا يضع ذلك من قدرهء ولا 
يحطه عن مرتبته» إذ فوق كل ذي علم عليم حتى ينتهي العلم إلى ربنا عالم الغيب 
والشهادة العزيز الحكيم 

وقد كان لمتوال حادم يعرف " بعرق الموت " قد شدا أشياء من الأدب» وحفظ 
صدراً من الشعر إلا أنه حل بقلبه من النقص نحو ما حل بجسمه. فظن أنه قد اضطلع 
بأفانين الأدب» واطلع على بلاغات العرب» وأحذ في نحو-ما كان لغدة أخذ فيه؛ ونسب 
امرأ القيس إلى ذهابه في بعض شعره عن صحة ترتيب نظمه» ووصل الشكل بشكله 
وإلحاق المثل بمثله» وحمل الفرع على أصلهء وتوهم عليه هذا الباب من العيب» ونعاه 
عليه» وتكلف بإغفاله إصلاحه عند نفسه بخطأ أتى به من عند وذكر هذا في بيتين من 


كلمة امرىء القيس التي أوها: 
ألا انعم صباحاً أ يها الطلل البالي وهل يعمن من كان في العصر الخالي 
والبيتان: 
كأني لم أركب جواداً للذة ولم أتبطن كاعباً ذات علعال 
ولم أسبا الزق الروي ولم أقل لخيلي كري كرةٌ بعد ! 


فظن أن امرأ القيس قلب وجه الترتيب» وعدل عن محجة التأليف» وات 00000 


د الدليس الصاح والأنيس الناصح للللالا7لتتسطتتتتت_ش سلحىحىلىلتل-ل-- :001:20 الست 
في صدر البيت وقرن به تبطن الكاعبء ثم صدر البيت الثاني بسبئه الخمر وجعل عجزه في 
حثه الخيل على الكرء وتوهم أن هذا متنافرٌ غير متشاكل» ومتخالف غير متمائل» وأ 
الوجه في هذا لو تنبه عليه هو أن يقول: 
كأني لم أركب جواداً ولم أقل خخيلي كري كرة بعد إجفال 
ولم أسبا الزق الروي للذة ولم أتبطن كاعباً ذات خلخخال 
قال القاضي رحمه الله: ولو ثاب إلى هذا الخادم عازب لبه» وفتح له القفل الضاغط 
عليهء لتيقظ للوقوف على فساد توهمه ولتجلى له الخلل فيما آثره وقدمه) وتعلم أن 
ترتيب امرىء القيس في هذين البيتين من أصح الترتيب وأحسنه» وأوضح التأليف وأبينه» 
وأنه متسقّ مستتب» ومتفقٌ متلئب» ولاستفاد علما جما لما يتبينه من اطراده وتلاومه, 
واثتلافه وتقاومه» وأنه من أحسن الشعراء» وقد قال رسول الله وَيَك: " إن من الشعر 
حكمة " وأنا مبين هذا بياناً كافياًء وملحصه تلخيصاً مفيداً شافياً إن شاء الله وبه التوفيق. 
إن الجواد يركب لأغراض شتىء منها المحاربة وشن الغارة وإدراك العدو والهارب» 
وفوت الثائر الطالب» وطلب الأوتار وأحذ الثأرء والتماس المعيشة والبرهان وزيارة 
الإخوان وبمحاراة الأقران» والسبق والنضال» والتدرب بالفروسية والقتال» والركض 
والرياضة» والإسراع والمواشكة في الحاجة, في لواحق هذه الأمور وتوابعهاء أو ما يقاربها 
ويضارعهاء كاحازاة والمضاهاة والمباهاة» وكانوا إذا كان لهم ذحل يحرمون المخمر على 
أنفسهم حتى يثأروا فحينئذ يستحلونهاء قال امرؤ القيس: 
حلت لي المخمر وكنت امراً عن شريبها في شغل شاغل 
فاليوم أسقى غير مستحقب إثماً من الله ولا واغل 
ومنها القصد لضروب اللهو والمتعة) والنشاط والرتعة» والالتذاذ باحتيال الحواد 
وقطعه الجدد, فالركوب الذي قصده امرؤ القيس بقوله: كأني لم أركب جواداً» إنما عنى به 
بعض ما فيه التذاذ ومتعة» وهو ورتعة» وقد أبان ذلك بقوله: للذة» فكان من أليق ما يليه 
ويقرن به ما جانسه في التمتع واللهوء إذ لم يكن ركوبه للغارة والغزو فلذلك قال: ولم 
أتبطن كاعباً ذات خلخال؛ ولو قال بعد قوله: كأني لم أركب جواداً للذة» حسب ما 
اقترحه وقال الخادم وأشار به» لكان قد أتى بمجمع من القول غير متسق» ومضرب من 
التأليف غير متفق» ولم يقدم هذا الخادم على هذا الرأي الفائل» والتوهم الباطل» إلا بعد 
حذفه من قول امرىء القيس ما ينكشف المعنى بإثباته» ويزداد وضوحه بإحضاره» وذلك 
قوله: للذة» ولو لم يذكر اللذة لم يؤمن على مثل هذا أراد الشبهة وإن كانت من المتأمل 
الناظر» والنحرير الماهر» مأمورٌ به لوجوب حسن الظن بامرىء القيس في نظمه» ونسبته 
إلى وصل بعض كلامه بحسب ما يليق به» وكيف وقد أوضح المعنى وأوما إليه» وأفصح 


حج. ودوك بوجت الهلس الثاني والخمسون حت 
به ونص عليه وأما قوله: ولم أسبأ الرزق الروي فإنه قد يسبأ رزق الخمر للنادم واللذة) 
والارتياح والنشوة» وقد يسبأ للبيع والتجارة ولإهدائه إلى ذي المروءة لتحريك الطبائع 
بشربه على تذكر الأضغان والغمرء وتهيج الحقد وطلب الوترء والحد في القيام بالثأرء 
وتجرئة الحبان» وتنشيط الجنان» والسماحة في إدراك الشرف بالنفوس» وبذل كل علق 
مضنة نفيس» وأراد امرؤٌ القيس بما سبأه من الخمر هذه المعاني أو ما أراد منهاء فكان 
اللائق بقوله: ولم أسبأ الزق الروي أن يكون عجز بيته هذا ما وصفه في قوله: ولم أقل 
خيلي كري كرةً بعد إجفال فأغفل هذا الخادم المقصوصء والأتي المنقوص»؛ هذا المعنى» 
وأخحذ من البيت الأول قوله للذة فألحقها بالبيت الثاني» فلم يتم له بما غيره ما قدره. 
وذهب عنه فهم ما رتبه امرؤ القيس وقرره؛ وما ذكرنا من تقسم المعاني التي وصفنا بها 
سبايا المخمر أشهر في عرف الناس وكلام العرب من أن يحتاج إلى الاستشهاد عليه» وقد 
قال الله جل وعز لإيسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبيرٌ ومنافع للناس؛ 
وإثمبما أكبر من نفعبهما» وهذا معنى بين الصحة غير مشكل على ذي بصيرة» قال: 


حسان بن ثابت: 
نوليها الملامة إن ألمنا إذا ما كان مث أو الجاء 
ونشربها فتتركنا ملوكاً وأسداً ما ينهنهنا اللقاء 
وقال الأعشى: 
لعمرك إن الراح إن كنت سائلاً لمختلف عشيها وغداتهبا 
لنا من صحاها خحبث نفس وكأبة وذكر هموم ما تغب أذاتها 
وعند العشي طيب نفس ولذة ومال كثير غدوةً نشواتها 
وقال المتدنحل: 
ولقد شربت من المدا مة بالكبير وبالصغسير 
فإذا اتشيت فإنني رب الخورنق والسدير 
وإذا صحوت فإنني رب الشويبهة والبعير 


وهذا كثير جداً» وقول امرىء القيس: لم أقل لخيلي كريء أراد لفرسان خيلي» كما 
قالت العرب: يا خيل الله اركبي وأبشري بالجنة» أي: يا فرسان خيل الله» وقال: الله جل 
ثناؤه» وقوله أصدق القول وأحسنه «إواسأل القرية4 يعني أهلباء وقال: تعالى ذكره: 

#فأشربوا في قلوبهم العجل» أي حب العجل في قول معظم أهل التأويل» وذكر 
بعضهم أنه سحل وألقي في اليم فشربوه» والقول الأول أولى بالصواب لأنه لا يقال في ما 
شرب ولحس من الماء وغيره قد أشربته في قلبي» وإنما يقال: أشرب فلان حب فلان في 
قلبه أو عداوته وبغضهء وذكرت أبياتاً غزلة لبعض امحدثين فأوردتها ها هنا لأني استحسنتها 


حت الجليس الصالح والأنيس النامصح مسمس سيبس شد روب 
هاهنا وني بيت منها نحو هذا المعنى» وهي: 

وقد كنت أرجو ني مغييك سلوةً ولم أدر أن الطيف إن غبت طالبي 

ووالله لا ينكى محب بمثلها وإن كان مكروهاً فراق الحبايب 

وأشرب قلبي حبها ومشى به تمشي حميا الكأس في رأس شارب 

يدب هواها في عظامي ولحمها كما دب في الملسوع سم العقارب 

المجلس الثالث والخمسون 
من قال لا إله إلا الله.. 

حدئنا أحمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن داود المنادي» وأبو الحسين» قال: 
حدثنا جديء قال: حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد بن قيس السكري الكوفي» قال: 
حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأثري» قال: حدثنا مالك بن قيس» عمن حدثه. عن 
عقبة بن عامر الحهني» قال: كنا مع رسول الله ويا ني بعض أسفاره» وكان على كل رجل 
منا رعية الإبل يوماًء فكان اليوم الذي أرعى فيه» فبصرت بالنبي يي في حلقة يحدثهم 
فسعيت إليه فأدركته وهو يقول: من توضأ فأحسن وضوءه ثم ركع ركعتين لا يريد فيهما 
إلا وجه الله تعالى غفر الله تعالى ما كان قبلهما من ذنب» فكبرت فإذا رجل يضرب على 
كتفي فالتفت فإذا هو أبو بكر الصديق» فقال أبو بكر: التي قبلها يا ابن عامر أفضل منهاء 
قلت: وما هي؟ قال: قال رسول الله يَّ: "من قال: لا إله إلا الله يصدق لسانه قلبه دحل 
من أي أبواب الحنة الثمانية شاء". 

رواية أخرى للحديث 

حدئننا ابن المنادى» قال: حدثنا العباس بن محمد الدوري» وعلي بن سهل النسائي» 
قال: حدثنا عبيد الله بن موسى أبو محمد العبسي الكوني» قال: أخبرنا إسرائيل بن يونس 
عن أني إسحاق السبيعي. عن عبد الله بن عطاءء عن عقبة بن عامر الجهني» قال: أتيت 
النبي يل أنا ونفرٌ من جهينة فكنا نتناوب رعي الإبل على كل رجل منا يوم؛ فجاءت 
نوبتي فرعيتها ثم روحت نفسي فأتيت النبي ؤلَهُ وهو يخطبء فجلست إلى جنب عمر بن 
الخطاب فأدركت من كلامه وهو يقول: ما من رجل مسلم يتوضأ فيحسن الوضوءء ثم 
يقوم إلى مصلاه فيعلم ما يقول فيهاء إلا أنقي كيوم ولدته أمه من الخطايا "؛ قال: فلما 
سمعتها لم أملك نفسي أن قلت: بخ بخ فقال: عمر - وهو إلى جنبي قاعدٌ - قال: أجود 
منها قبل أن تجيء» قلت: وما هي: فداك أني وأمي؟ فقال: قال: " ما من رجل مسلم 
يتوضاأ فيحسن الوضوء ثم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له 
شانية أبواب الجنة يدحل من أيها شاء. 


-؟:وب+وءحلللللسسست الهلس الثالث والخمسون حت 
معنى بخ بخ واللغات فيها 

قال القاضي أبو الفرج: قوله بخ بخ» هذه كلمة تقولا العرب عند الشيء تفضله 
وتمدحه وتعجب به» وفيها لغتان: التسكين والكسر والشوين» فمن سكن فعلى الأصل 
فيما يبنى ولا يعرب» والكسر على الباب في الساكن إذا حرك» والتنوين في قول محققي 
نحاة البصريين يؤذن بالتنكيرء وحذفه يدل على التعريف» وأكثر ما تستعمل هذه الكلمة 
بالتكرير وها نظائر فيما وصفنا من حكمهاء قال الشاعر: 

بين الأشج وبين قيس باذخٌ بخ بخ بوالده وبالمولود 

ومثل هذا صه صه ومه مه. 

وني القصة التي رويناها بهذين السندين ما يرغب في العمل بما أنبأت بفضله. ويدل 
على سعة إحسان الله تعالى وتفضله وقد روي لنا هذا الخبر من وجه فيه علل عارضته في 
سنده» وأنا ذاكره ليحصل لمن وقف عليه الفائدة منه إن شاء الله. 

العلل التي شي سند الحديث 

حدثنا محمد بن مخلد بن حفص العطارء قال: حدثنا أبو يحيى محمد بن سعيد بن 
غالب العطار» سنة ست وحمسين ومائتين» قال: سمعت نصر بن حماد» قال: كنا على باب 
شعبة نتذاكر» فقلت: حدئنا إسرائيل بن يونس» عن أني إسحاقء» عن عبد الله بن عطاءء 
عن عقبة بن عامر» قال: كنا نتناوب رعية الإبل على عهد رسول الله يك فجئت وحوله 
أصحابه» قال: فسمعته يقول: " من توضأ فأحسن الوضوء وصلى ركعتين» واستغفر الله 
تعالى غفر الله تعالى له "؛ قلت: بخ بخ» فحدثني رجلّ من حلفي فإذا عمر» فقال: الذي 
قال قبل احسن» قلت: وما قال؟ قال: * من شهد | أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله 
قيل له ادحل من أي أبواب الجنة شئت "2 قال: فرج شعبة فلطمني ثم رجع فدخل من 
ايه الاب خم عي لقال ما له بعد يكر» فقال لد عي الل بن رين: انلك 1 أسأت 
إليه» قال شعبة: انظر ما يحدث عن إسرائيل» عن عبد الله بن عطاءء عن عقبة بن عامرء 
عن النبي َتَِّ؟ قلت لأبي إسحاق: من حدثك؟ قال: حدثني عبد الله بن عطا عن 
عقبة بن عامر» عن النبي يه قلت: سمع عبد الله بن عطائ عن عقبة» فغضبء» ومسعر بن 
كدام حاضرء فقال مسعر: أغضب الشيخ؟ قلت: يصححن هذا الحديث أو لأرمين 
بحديئه» فقال لي مسعر: عبد الله بن عطاء بمكة. قال شعبة: فرحلت إلى مكة لم أرد الحج 
أردت الحديث,» فلقيت عبد الله بن عطاء فسألته» فقال: سعد بن إبراهيم حدثني» قال 
شعبة: فلقيت مالكاًء قال: سعد بالمدينة لم يحج العام» قال شعبة: فرحلت إلى المدينة 
فلقيت سعد بن إبراهيم» فقال: الحديث من عندكم زياد بن مخراق» قلت: إيش هذا 
الحديث؟ بينما هو كوني إذ صار مكياًء إذ صار مدنياً» إذ صار بصرياء قال شعبة: فرحلت 


جح الجليس الصالح والأئيس التاصح جب سس خم و ب 
إلى البصرة فلقيت زياد بن مخراق فسألته» فقال: ليس هذا الحديث مما تبغي» قلت: حدثني 
به» قال: لا ترد قلت: حدثني) فقال: حدثني شهر بن حوشب, عن أبي ريحانة» عن 
عقبة بن عامر عن النبي يك فلما ذكر شهرأء قلت: دمر على هذا الحديث» لو صح لي 
هذا الحديث عن رسول الله َيه لكان أحب إلي من أهلي ومالي والناس أجمعين. 

وقد حدثا أبي رضي الله عنه» عن العباس بن الفضل البغدادي» عن محمد بن سعيد» 
وساق القصة على احتلاف ألفاظها مع تقارب معانيها وني آخر الحديث أعني حديث 
أبي؛ عن العباس بن الفضل - قال: محمد بن سعيد: قدم علينا مغني بن معاذء فذكرت له 
هذا الحديث» فقلت له: عندكم أصلء قال: نعم حدثني بشر بن المفضل» عن شعبة؛ 
كبذه القصة وزاد فيها حرفاً هو قال محمد بن سعيد: لم أحفظه. 

التدليس هي الحديث 

قال القاضي أبو الفرج: والتدليس في الحديث كثير» والمدلسون من أهله كثير, 
وكذلك الإرسال وكان شعبة ينكر التدليس» ويقول فيه ما يتجاوز الحد مع كثرة روايته 
عن المدلسين» وشاهدت من كان مدلساً من أعلام أهل العلم المحدثين كالأعمش وسفيان 
الثوري وسفيان بن عيينة وهشيم بن بشير وغيرهم؛ والمدلس من هؤلاء ليس بكذاب في 
روايته» ولا محروح في عدالته» ولا مغموص في أمانته» وأعلام الفقباء يحتجون في الدين 
بنقله» وكان الشافعي لا يرى ما يرويه المدلس حجة., إلا أن يقول في روايته: حدثنا أو 
أخبرنا أو سمعت» وقد وجدناه لشعبة مع سوء قوله في التدليس في عدة أحاديث رواهاء 
وجمعنا ذلك في موضع هو أولى به» قال القاضي: وني ظاهر هذه الحكاية عن شعبة أنه قد 
انتهك من حرمة هذا الرجل ما هو حمى محظورء وإلى الله تصير الأمور» وفي ما يصلح 
إثبات مثله في هذا الكتاب» من الأحبار المدلسة وأحوال المدلسين ما يتسعء فلعلنا نأتي 
منه بجملة فيما نستقبل إن شاء الله. 

أحكم ما قالته العرب وأوجزه 

حدثني محمد بن الحسين بن دريد» قال: أبو عثمان الأشناندائي» قال: أخبرني العتبي» 
قال: دحل الشعبي على عبد الملك» فقال: يا شعبي! أنشدني أحكم ما قالت العرب 
وأوجزهء فقال: يا أمير المؤمنين» قول امرىء القيس: 


صبت عليه وما تنصب من أمم إن الشقاء على الأشقين مصبوب 
وقول زهير: 
ومن يجعل المعروف من دون عرضه يفره ومن لا يتق الشتم يشتم 


ولست بمستبق أخاً لاتلمه على شعث أي الرجال المهذب 


جع و م جبسسسسببببب ب ب ب سرر77 7س ا مجلس الثالث والمخمسون حت 


وقول عدي بن زيد: 


عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه إن القرين بالمقارن يقتدي 
وقول طرفة: 

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأحبار من لم تزود 
وقول عبيد بن الأبرص 

وكل ذي غيبة يؤوب وغائب الموت لا يؤوب 

وقول لبيد: 

إذا المرء أسرى ليله ظن أنه قضى أملاً والمرء ما عاش عامل 
وقول الأعشى: 

ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى مصارع مظلوم بخراً ومسحبا 
وقول الحطيئة: 

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس 
وقول الحارث بن عمرو: 

فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائما 
وقول الشماخ: 

وكل خليل غير هاضم نفسسله لوصل خليل» صارمٌ أو معسارز 
فقال عبد الملك: حججتك يا شعبي بقول طفيل الغنوي: 

ولا أخالس جاري في حليلته ولا ابن عمي غالتني إذاً غول 

حتى يقال إذا دليت في جدث أ ين ابن عوف أبو قران جعول 


قال القاضي أبو الفرج: بيتا طفيل اللذان أنشدهما عبد الملكٌ وفضلهما وزعم أنه حج 
الشعبي من أشعار الشعراء غير مقصر عنهماء ومن تأمل ما وصفنا وجده على ما ذكرناء 
من غير أن يحتاج إلى تكلف تفسير ذلك» وإطناب في الاحتجاج له؛ فأما بيت الشماخ 
فإن معنى قوله: غير هاضم نفسه, أي حامل عليها لخليله والهضم: التقص» يقال: هضم 
فلانُ فلاناً حقه أي نقصه. قال الله جل جلاله: «إومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن 
فلا يخاف ظلماً ولا هضماً» وأما قوله: أو معارزء فالمعارز المتقبض» يقال: استعرز 
علي فلان إذا انقبض» وألقيت البضعة على النار فعرزت» وكأن الشماخ سلك سبيل 
النابغة في بيته الذي أنشده الشعبي في هذا الخبرء وأصل الغرض في هذه الحملة؛ على ما 
بين البيتين مما لأحدهما من الشف من تنقيح ألفاظ الشعر» وفضل استغناء أجزاء أحد 
البيتين على أجزاء الآحر» وأنا قائل في هذا قولاً يبين صحته ويوضح حقيقته إن شاء الله 
وأقول وبالله التوفيق: إن جملة الألفاظ للبيتين التي تجمعهما على معنى واحد» هو أن الذي 


ج الجليس الصالح والأئيس التناصح ب سيو ولو 
يحفظ الأخوة بين الأحوين» ويحرس الخلة بين الخليلين أن يلم أحدهما صاحبه على شعثه 
ويبضم له نفسه ومتى لم يفعل هذا لم يكن على ثقة من استبقائه وكان بعرض مصارمته, 
وانقباضه عنه ومعارزته» وبيت النابغة في هذا الباب أفحل وأوفى» وأجزل وأشفى» وقد 
كشف عن العلة فيما أتى به بقوله: أي الرجال المهذب» فأحسن العبارة عن هذا المعنى: 
"من تك يوماً بأحيك كله " وقد نوه بيت النابغة هذا رواة الشعر ونقلته ونقاده 
وجهابذته» واستحسنوا تكافؤ أجزائه, واستقلال أركانه» واشتماله على فقر قائمة 
بأنفسهاء كافية كل واحدة منهاء وهذا من النوع المستفصح, والفن المستعذب» من أعلى 
طبقات البلاغة» وقد أتى القرآن منه بالكفير الذي يقل ما أتى منه في الشعر إذا قيس إليه» 
فتبين للمميزين كثير فضل ما في القرآن عليهء فمن ذلك قول الله جل وعز: #فلذلك 
فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت 
لأعدل بينكم. الله ربنا وربكم, لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله 
يجمع بيننا وإليه المصير» ولنا في هذا الباب رسالة أبنا فيها رجحان ما في القرآن من 
هذا الجنس على كثرته؛ على ما أتى منه في الشعر على قلته. فلم نطل كتابنا هذا بإعادته؛ 
وقد ضممنا معه شطراً صا حاً كتابنا المسمى " البيان الموجز في علوم القرآن المعجز " 
ومن نظر فيه أرشف على ما يبة يبتهج بدراسته» ويغتبط باستفادته بتوفيق الله تعالى وهدايته. 
ثمامة وهو سكران ومحاورته للمأمون 

حدننا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا القربي» قال: حدثني صالح بن سعيد 
الضبعي» قال: حدثني أبي» قال: قال الوليد بن عياش بن زفر» حرج شامة من منزل 
محمد بن نوح العمكري مع المغرب وهو سكران, وإذا هو بالمأمون قد ركب في نفرء 
فلما رآه شامة عدل عن طريقه» وبصر به المأمون فضرب كفل دابته وحاذاه» فوقف شامة 
فقال له المأمون: شامة؟ قال: إي والله» قال: سكران؟ قال: لا والله» قال: أفتعرفني؟ قال: 
إي والله قال: من أنا؟ قال: لا أدري والله» فضحك المأمون حتى تثنى عليه عن دابته: ثم 
قال: عليك لعائن الله قال: تترى يا أمير المؤمنين» قال: فعاد في الضحكء وأمر له 
بخمسين ألف درهم. 

متى حلت له الخمر 

حدثنا محمد بن أبي مزيدء قال: حدثنا الزبير» قال: حدثني عبد الله بن الحسين» قال: 
حدثني الضحاك بن عثمان» قال: أتى عبد الملك بن مروان بفتىّ من قريش قد شرب 
نبيذاء فقال: له أين شربت؟ فقال: 
شربت مع الجوزاء كأساً روية وأخرى مع الشعرى إذا ما استقلت 
معتقةَ كانت قريش تصونها فلما استحلوا قتل عثمان حلت 


حووءم بيس سي سس سبل حح المجلس الثالث والخمسون حت 
قال: فخلاه» وأعطاه عشرة آلاف درهم. 
فى أقل من هذا ما يحمّظ لك 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثني أني؛ قال: حدثنا أحمد بن عبيد» عن 
الحرمازي» قال: أتى رجل من الأنصار عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي بفارس فتعرض 
له فلم يصب منه طائلاء فانصرف وهو يقول: 


رأيت أبا حفص تجهم مقدمي فلط بقول عدوه مواريا 
فلا تحسبني إن تجهمت مقدمي أرى ذاك عاراً أو أرى الخير ذاهبا 
ومثلي إذا ما بلدةلمتواته تنكب عنها واسترم العواقبا 


قال: فبلغت الأبيات عمر بن عبيد الله فقال: على بالرجل فجاءوا به فقال: يا عبد 
الله! ما أخرج هذا منك؟ أبيني وبينك قرابة؟ قال: لاء قال: أفلك عندي يذدّ أسديتهاء قال: 
لا» قال: فما دعاك إلى هذا؟ قال: أفضل الأشياء» كنت أدحل مسجد المدينة أحفل ما 
يكون فأتجاوز من الحلق إلى حلقتك فأجلس فيها وأوثرك» فقال: في أقل من هذا والله ما 
يحفظ لك؛ كم أقمت؟ قال: أربعين ليلة» فأمر له بأربعين ألفاً وجهزه إلى أهله. 

بيتان يلغيان قراراً للأمير 

حدثنا الحسين بن محمد بن خالويه النحوي» قال: حدثني اليزيدي» قال: حدثني أبو 
موسى» عن دماذء عن الأصمعي» قال: حرم خالد بن عبد الله القسري الغناء فأتاه 
حنين بن بلوع مع أصحاب المظالم ملتحفاً على عودء فقال: أصلح الله الأمير شيخ كبير 
ذو عيال» كانت له صناعة حلت بينه وبينهاء قال: وما ذاك؟ فأخرج عوده وغنى: 


أيها الشامت المعير بالشي ب أقلن بالشباب افتخارا 
قد لبست الشباب قبلك حيناً فوجدت الشباب ثوباً معارا 


فبكى خالد» وقال: صدق واللى إن الشباب لثوب معارء عد إلى ما كنت عليه» ولا 

تجالس شاباً ولا معربداً. 
قل إن شاء الله 

حدثنا الحسن بن علي بن زكريا البصري» قال: الحسن بن علي بن راشد» قال: سمعت 
القاضي شريك بن عبد الله» يقول: كنت ذات ليلة أصلي في السطح وإلى جنب سطحي 
امرأة تطلق وقد عسر عليها ولادهاء فكادت تموت فشغلت قلبي» وزوجها في ناحية 
السطح يسمع صراخباء فسمعته يقول: والله يا هذه لئن خلصك الله تعالى لا أعود 
أضاجعك أبداًء فقالت له مسرعة: قل إن شاء الله يا مشؤم» فأضحكني قوطاء وما ذكرتها 
وأنا في الصلاة إلا وضحكت من قوطا. 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح جس سس حر وب 
معلومات أبي حنيغة في التاريخ 

حدثنا محمد بن الحسين بن زياد المقري» قال: حدثنا ابن حزيمة بنيسابور» عن المزنيع 
عن الشافعي» قال: مضى أبو يوسف القاضي ليسمع المغازي من أي إسحاق أو من غيره 
فحضر مجلس أي حنيفة أياما فلما أتاه» قال له أبو حنيفة: يا أبا يوسف من كان صاحب 
راية طالوت؟ قال له أبو يوسف: إنك إمام وإن لم تمسك عن هذا سألتك والله على 
رؤوس الملا أيما كانت أولى بدراً أو أحداء فإنك لا تدري أيهما كان قبل» فأمسك عنه. 

بعض ما رثي به البرامكة 

حدثنا محمد بن مزيد» قال: حدثنا الزيير بن بكار» قال: حدثني عمي مصعب بن عبد 
الله» قال: لما قتل جعفر بن يحيى وصلب بباب الحسن رأسه في ناحية وجسده في ناحية) 
مرت به امرأ ة على حمار فاره فوقفت عليه؛ ثم نظرت إلى الرأس» فقالت بلسان فصيح: 
الله لثن صرت اليوم آي لقد كنت في المكارم غاية م أنشات تقول: 


0 يقست أنما قصارى الفتى يوماً مفارقة الدنيا 
0 تخول ذا نعمى وتعقب ذا بلوى 
: ,7 
إذا أنزلت هذا منازل رفعة من الملك حطت ذا إلى غاية سفلى 


ثم حركت الحمار فكأنها كانت ريحاً لم تعرف. 

قال القاضي أ بو الفرج: قد روى لنا فيما رثي به البرمكي بعض من وقف على حشبته 
غير حكايةع وستأتي بعد إن شاء الله. 

أضمر املك لنا شرا 

حدثنا أحمد بن كامل» قال: حدثئني محمد بن موسى بن حماد القيسي) » قال: حدثنا 
محمد بن أني السرى» قال هشام بن محمد بن السائب الكلبي» عن أبيه قال: حرج كسرى 
في بعض أيامه للصيد ومعه أصحابه» فعن له صيدٌ فتبعه .حتى انقطع عن أصحابه وأظلته 
سحابة فأمطرت مطراً حال بين أصحابه وبين ن اللحوق به فمضى لا يدري أين يقصدء 
فرفع له كوخ فقصده فإذا عجورٌ بباب الكوخ وأدخل فرسه وأقبل الليل فإذا ابنة العجوز 
قد جاءت معها بقرة قد رعتها بالنهارء فأدحلتها الكوخ وكسرى ينظرء فقامت العجور 
إلى البقرة ومعها آنية فاحتلبت البقرة لبناً صا حاً وكسرى ينظرء قال: فقال في نفسه: ينبغي 
أن يجعل على كل بقرة إتاوة» فبذا حلابة كثيرٌ وأقام بمكانه» فلما مضى أكثر الليل» 
قالت العجوز: يا فلانة! قومي إلى فلانة فاحتلبيهاء فقامت إلى البقرة فوجدتها حائلاً لا 
لبن فيهاء فنادت أمها: يا أمتاه قد والله أضمر لنا الملك شرأًء قالت: وما ذاك؟ قالت: 
هذه فلانة حائل ما تبس بقطرة» قال: فقالت لما أمها: امكثي عنها قليلاً قال: فقال 


حرودللسسسسس سس سسحت املس الرابع والخمسون حت 
كسرى في نفسه: من أين علمت ما أضمرت في نفسي؟ أما إني لا أفعل ذلكء؛ قال: 
فمكثت ثم نادتهاء يا بنية! قومي إلى فلانة» قال: فقامت إليها فوجدتها جافلاً» فنادت 
أمها: يا أمتاه! قد والله ذهب ما كان في نفس الملك من الشر هذه فلانة جافل فاحتلبتهاء 
وأقبل الصبح وتتبع الرجال إثر كسرى حتى أتوه؛ فركب وأمر بحمل العجوز وابنتها إليه 
فحملتاء فأحسن إليهماء وقال: كيف علمت أن الملك قد أضمر شراء وأن الشر الذي 
أضمره قد عدل عنهء قالت العجوز: أنا بهذا المكان من كذا وكذا ما عمل فينا بعدل إلا 
حصب بلدا واتسع عيشناء وما عمل فين بجور إلا ضاق عيشن والقطمت موا افع عن 

قال القاضي: قول المرأة في هذا الخبر فلانة يعني البقرة؛ قال كثير من أهل اللغة: إنما 
يقال فلانة في المرأة» فأما ما عداها من البهائم وغيرها فوجه الكلام أن يقال: الفلانة؛ 
والوجه الآخر عندي غير مستنكرء إذ قد كانوا يخصون كل واحد منه التلقيب والتسمية. 

المجلس الرابع والخمسون 
من أدب المؤاكلة 

حدئنا أحمد بن محمد بن سعد أن الصيداني» قال: حدثنا جعفر بن محمد الوراق» 
حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي» قال: حدثنا عبد الأعلى بن أعين» عن يحيى بن أي 
كثير» عن عروة. عن ابن عمر» قال: قال: رسول الله : " إذا وضعت المائدة فلياكل 
أحدكم مما يليه» ولا يتناول مما يلي جليسه. ولا يأكل من ذروة القصعة فإن البركة تأتيها 
من أعلاهاء ولا يرفع الرجل يده حتى يفرغ القوم؛ فإن ذلك يخجل جليسه فيمتنع من 
الطعام» ولعله أن يكون له فيه حاجة ". 

تعليق للمؤلف 

قال القاضي: وفي هذا الخبر من أدب الطعام وحسن الأكل والمؤاكلة» ما يحق على 
كل ذي لب وحجى الأحذ ب والله تعالى يجازي نبينا محمداً يي على تعليمه إيانا أولى 
الأمور في ديننا ودنياناء أفضل ما جزى نبياً عن أمته 

سوف يبحث عنه سئة كاملة 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريدء قال: أخبرني الحسن بن الخنضرء قال: أبو بكر - 
أظن عن أبيه؛ قال: كتب الحسن بن سهل إلى محمد بن سماعة القاضي: أما بعد فإني قد 
احتجت في أموري إلى رجل جامع لخصال الخير» ذي عفة ونزاهة طعمة» قد هذبته 
الآداب» وأحكمته التجارب» ليس بظنين في رأيه» ولا بمطعون في حسبه) إن أؤمن على 
الأسرار قام بها وإن قلد مهما من الأمور أدى قبوله» له سن مع أدب ولسان» تقعذه 
الرزانة» ويسكته الحلم» قد فر عن ذكاء وفطنة» وعض عن قارحة من الكمال» تكفيه 
اللحظة» وترشده السكتة» قد أبصر خدمة الملوك وأحكمهاء وقام بأمورهم فحذقها له 


جح الجليس الصالح والأنئيس الناصح حمس سس سس سحت واه 
أناة الوزراء» وصولة الأمراء» وتواضع العلماء» وفهم الفقهاءء وجواب الحكماءء لا يبيع 
نصيب يومه بحرمان غدى يكاد يسترق قلوب الرجال بحلاوة لسانه وحسن لفظه. 
دلائل الفضل عليه لائحة» وأمارات العلم له شاهدة» مضطلع بما استنبض» مستقلاً بما 
حمل» وقد آثرتك بطلبه وحبوتك بارتياده» ثقة بفضل اختيارك» ومعرفة بحسن تأتيك» 
فكتب إليه: إني عازم على أن أرغب إلى الله حولاً كاملاً في ارتياد هذه الصفة» وأفرق 
الرسل الثقات إلى الآفاق لالتماسه. وأرجو أن يمن الله تعالى بالإجابة» وأفوز لديك بقضاء 
حاجتك إن شاء الله. 

قال القاضي أبو الفرج: قوله: في هذا الخبر: ونزاهة طعمه بكسر الطاء الطاعم وهو 
هيئة على فعلة للتطعم مثل الركبة والجلسة» والطعمة بالضم الشيء المطعوم وما جعل 
للإنسان من ضد الطعمة» قال الشاعر: 

وماأن طبنا جين ولكن منايانا وطعمة آخرينا 

ويقال: قد جعلت هذه الأرض لفلان طعمة أي جعلها لطعمه؛ والطعمة بالفتح المرة 

في القياس من طعمت طعمة واحدةٌ مثل الركبة والحلسة. 
لا آمن أن يكون معه حديدة 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال: حدثنا ابن أي سعدء قال: حدثنا أبو زكريا 
يحيى بن الحسسن بن عبد الخالق» قال: حدثني محمد بن القاسم. 

قال: دخل الربيع على المهدي وأبو عبيد الله جالس يعرض كتباًء فقال له أبو عبيد 
الله : يا أمير المؤمنين يتنحى هذاء يعني الربيع» فقال له المهدي: تنح» قال: لا أفعل» قال: 
كأنك تراني بالعين الأولى» قال: بل أراك بالعين التي أنت بهاء قال: فلم لا تتنحى إذ 
أمرتك؟ قال: لا آمن أن يكون معه حديدة ينالك بها وأنت سعرة المسلمين وقد قتلت 
ابنه» فقام المهدي مذعوراً وأمر بتفتيشه» فوجدوا بين جوربه وحفه سكينئأء فردت الأشياء 
إلى الربيع» فجعل كاتبه يعقوب بن داود مكانه, فال فيه الشاعر: 


أدخلته فعلا علي ك كذاك شوم الناصيه 
يعقوب يحكم في الأمو روأنت تنظر ناحيه 
محمد البيدق ينتقم من النمري 


حدثنا محمد بن مزيد البوشنجي» قال: حدثنا الزبير» قال: حدثنا محمد البيدق - وكان 
أحسن الشعراء إنشادا كان إنشاده أحسن من الغناء - قال: دعاني هارون الرشيد في عشي 
يوم وبين يديه طبق وهو يأكل مما فيه ومعه الفضل بن الربيع» فقال لي الفضل: يا محمد! أنشد 
أمير المؤمنين ما يستحسن من مديحه؛ فأنشدته للنمري» فلما بلغت إلى هذا الموضع. 
أي امرىء بات من هارون في سخط فليس بالصلوات الخمس ينتفع 


سسا بسلللللبلإلإ-ا ا اس يسم الهلس الرابع واللخمسون حت 


إذا رفعت أمراً فالله رافعه ومن وضعت من الأقوام متسضع 
نفسي فداؤك والأبطال معلمة يوم الوغى والمنايا بي نهمقرع 


قال: فأمر برفع الطعام» وقال: هذا والله أطيب من كل الطعام ومن كل شيء؛ وأجاز 
النمري بجائزة سنية» قال محمد البيدق: فأتيت النمري فعرفته أني كنت سبب الحائزة فلم 
يعطني شيئأ وشخص إلى رأس عين فأحفظني وأغاظني» ثم دعاني الرشيد يوماً آخرء 
فقال: أنشدني يا حمدء فأنشدته: 

شاء من الناس راتعٌ هامل يعللون النفوس بالباطل 
فلما بلغت إلى قوله: 
إلا مساعير يغضبون لا بسلة البيض والقنا الذابل 

قال: أراه يحرض علي» ابعثوا إليه من يجيئني برأسه» فتكلم الفضل بن الربيع فلم يغن 
كلامه شيئاء فوجه الرسول إليه فوافاه في اليوم الذي مات فيه وقد دفن» فأراد نبشه 
وصلبه فكلم في ذلك فأمسك عنه. 

قال القاضي أبو الفرج: النمري منسوب إلى النمر بن قاسط والميم من النمر مكسورة 
إلا أنها فئحت في الغضافة استثقالاً للكسرتين والياءين» وقد أتى ذلك عن العرب مستفيضاً 
مطرداً في ثلائة مواضعء قالوا: النمري والشقري في النسب إلى شقرة بن تميم» والسلمي 
في النسب إلى بني سلمة من الأنصار» وقد يأتي النسب كثيراً على غير القياس» وقد قالوا 
الدهري ني النسب إلى الدهر إذا وصفوا الرجل بطول العمرء وهو كثير جداً وعلله 
وشواهده مذكورة في مواضعها. ٠‏ 

من المفاخرة بين المدن 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثني أبي» قال: حدثنا محمد بن أحمدء حدثنا 
عمرو بن علي بن بحر بن كثير السقاء مولى باهلة أبو حفص» قال: حدثنا محمد بن عباد 
المهلبي» عن أي بكر الحذلي» قال: كتب بباب أبي العباس حين ولي الخلافة فخرج آذنه 
فأدحل من كان بالباب من أهل الكوفة» فدحل عليه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ 
والحجاج بن أرطأة» والحسن بن زياد» وأدحل من كان من أهل البصرة» فقال محمد بن 
عبد الرحمن بن أني ليلى: نحن أكثر من أهل البصرة خراجاً وأوسع منهم أنهاراًء فقال لي: 
ما تقول يا أبا بكر؟ قال: قلت: معاذ الله من ذلك يا أمير المؤمنين» وكيف يكونون 
كذلك ولنا كرمان ومكران وفارس والأهواز والسند والهند والقرص والقرصء افتتحناها 
بالبيض القواضب» حتى ربطنا أعنة الخيل بأصول القَنا بأرض الفلفل» قال: فقال محمد بن 
عبد الرحمن: نحن أكثر منكم علماً وفقهاء قال: فما تقول يا أبا بكر؟ قال: قلت: بل هم 


ح المليس الصالح والأيس النامح سخب ل حص ,وه 
أعظم كبرياء وأقل قل أتقياء وأكثر أنبياء كان منهم المغيرة الخبيث السريرة» وبيان وأبو بيان» 
والله يا أمير المؤمنين» ما رأيت شيئاً قط أكثر بدناً مصلوباً ولا راس منصوباً من هل 
الكوفة؛ وما لنا إلا نبي واحد يك قال: فتبسم أبو العباس» فقال الحسن بن زياد: أتشتم 
أصحاب علي؟ وقد سرتم إليه لتقتلوه» فإن قلت: نحن والله أصحاب علي سرنا إليه لنقتله 
فكف الله تعالى شوكتنا وسلاحنا عنه حتى أخرجه من بين أظهرناء فقتله أهل الكوفة من 
ْ بين أظهركم فأينا أعظم ذنباًء فقال الحجاج بن أرطأة: بلغني أن أهل البصرة كانوا يومكذ 
ثلاثين الفا وأهل الكوفة تسعة آلاف فلما القت حلقتا البطان» وتناهد النهدان» وأعذت 
الرجال أقرالهاء ما كانوا إلا كرماد اشعدت به الريح في بوم عاصفء قال: ما تقول يا أبا 
بكر؟ قلت: معاذ الله تعالى من ذلك يا ] مير المؤمنين» ومن أين كنا ثلاثين ألفا وقد 
حرجت ربيعة تعين عليناء وخرج الأحنف بن قيس في سعد والرياب وهم الشام الأعظم 
والجمهور الأكبر» ولكن سلهم كم كان عددنا يوم استغاثوا بنا؟ فلما التقت حلقتا البطان» 
وتناهد النهدان» وأحذت الرجال أقرانها» شدخ منهم في صعيد واحد تسعة آلاف وذبحوا 
ذبح الحملان» قال: فقال محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: يا أمير المؤمنين نحن أكثر 
منهم أشرافاً وأكرم منهم أسلافاء قال: ما تقول يا أبا بكر؟ قلت: معاذ الله يا أمير 
المؤمنين» هل كان في تميم الكوفة مثل الأحنف بن قيس الذي يقول فيه الشاعر: 


إذا الأبصار أبصرت ابن قيس ظللن مهابة منه عشوعا 
وهل كان في قيس عيلان الكوفة مثل قتيبة بن مسلم الذي يقول فيه الشاعر: 
كل يوم يحوي قتيبة مجباً ويزيد الأموال مالا جديدا 
باهلي قد عصب التاج حتى شاب منه مفارقً كن سوادا 


ويروى: كل يوم يجري قتيبة نجباء وهل كان في بكر بن وائل الكوفة مثل مالك بن 
مسمع الذي يقول له الشاعر: 


إذا ما حشينا من أمير ظلامة دعونا أبا الأيتام يوماً فعسكرا 
وهل كان في أزد الكوفة مثل المهلب بن أني صفرة الذي يقول له الشاعر: 
إذا كان المهلب من ورائي هدا ليلي وقر له فؤادي 
ولم أحش الدنية من أناس ولو صالوا بقوة قوم عاد 
وهل كان في عبد قيس الكوفة مثل الحكم بن المنذر بن الحارود» الذي يقول له 
الشاعر: 
يا حكم بن المنذر بن الارود أنت الحواد ابن الجواد الحمود 
حكم نذر الكتاي إذا - سرادق المجد عليك ممدود 


قال: فتمال أبو العباس ما رأيت مثل هذه الغلبة. 


جع ى )ع سح سس الجهلس الرابع والخمسون حت 
قال: وقال أبو حفص: حدثني عون بن أبي سنان الراسبي» عن أني بكر الحذلي» قال: 
سألنا أبو العباس في هذا المجلس عن يهودية مرضت فنذرت في مرضها إن الله سلمها 
لتسرحن في كنيسة من كنائس اليهود» ولتطعمن مساكين من مساكينهم» فقامت من 
مرضها وقد أسلمتٌ» قال: فسكت القوم فقلت: يا أمير المؤمنين سألت عنها الحسن بن 
ني الحسن» فقال: تسرج في مسجد من مساجد المسلمين وتطعم مساكين من مساكينهم» 
وسألت قتادة وهو إلى جانبه. فقال لي: مثل مقالة الحسن, فلقيت محمد بن سيرين فسألته 
عن ذلك, فقال لي: ليس عليها شيء, هدم الإسلام ما كان قبله. فلقيت الشعبي فأخبرته 
بما قال الحسن وقتادة» فقال لي: فأين أنت عن الأصم بن سيرين؟ فقلت له: قد سألته عن 
ذلكء» فقال لي: ليس عليها شيء هدم الإسلام ما كان قبله» فقال: أصاب الأصم وأحطأ 
الحسن وقنادة» وقال: يعني محمد بن أحمد: حدثني جعفر بن عبد الواحد» قال: كنت 
أتغدى مع المتوكل فسألت عن نصراني حلف على يمين ونذر نذراً ثم أسلم» هي يجب 
عليه؟ فال له: حدثني عبد الله بن بكر السهمي» قال: حدثنا بهز بن حكيم, عن أبيه» عن 
جده. قال: قلت: يا رسول الله! ما أتيتك حتى حلفت بعدد أولاء» وجمع بين أصابع يده 
على أن لا آتيك ولا آتي دينك» فقبل رسول الله و إسلامه ولم يأمره بكفارة يمينه. 
قال القاضي أبو الفرج: قد احتلف أهل العلم في الكافر ينذر نذراً في هذه أو يخلف 
يميناً ثم يسلمء فأسقط عنه الكفارة والإتيان بما نذره كثيرٌ من فقهاء الحجاز والعراق» 
وأوجب ذلك عليه عددٌ منهم» واحتجوا بأن الإسلام يجب ما قبله» وأن الكافر في كفره 
لا تصح منه قربة إلى ربه قبل إسلامهء وأن الأسباب التي تؤدي إلى وجوب أسباب 
الطاعات تجري بحرى مواقيت الفروض والنوافل في خحصوصية المسلمين مهاء ومفارقة أهل 
الكفر لهم فيهاء واعتل في ذلك بعضهم بقول الله عز وجل: قل للذين كفروا إن ينتبوا 
يغفر لهم ما قد سلف© واحتج مخالفوهم بأن العبادات التي أتت شريعة الإسلام بها لازمة 
لكل ذي مرة سوي فعلها والرجوع إليها والأحذ بهاء وما أسقط الله عنهم بعد الإسلام 
أداءه وقضاءه سقط دون غيره مما لم ينصب دلالةَ على إسقاطه» إذ الواجب إقراره على 
أصلهء واحتجوا أيضاً بأن عمر بن الخطابء قال: نذرت أن أعتكف ليله في الجاهلية» فلما 
أسلمت سألت رسول الله لَه فقال: " أوف بنذرك ". ورأيت شيخنا أبا جعفر ذكر في 
الكافر يحلف في حال كفره ثم يحنث فيها بعد إسلامه أنه لا كفارة عليه» واعتل بأن 
الكافر يحلف بإلحه الذي يعبده» ومن مذهبه أنه من حلف بغير الله تعالى ثم حنث فلا 
كفارة عليه» فكأنه أسقط الكفارة عمن حلف بغير الله من الكفار» وقال في حديث عمر» 
لما رواه أنه يدل على وجوب النذر فيما ورد حبر عمر فيه» وقد شرحت مذهبه في هذا 
وأتيت بما حضرني فيه فيما صنفته من كتب الفقه» وكرهت الإطالة في هذا الموضع 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح متب 10اةالاُاُاُظظ سس :شا 23 
بإعادته» وأما ما أفتى فيه الحسن وقتادة من الإسراج في مسجد من مساجد المسلمين 
مكان نذر الناذرة في كفرها أن تسرج في كنيسة من كنائس اليهود فإن إبطال نذرها في 
الكنيسة صواب إذ هو معصية» وقد قال رسول الله يَتكِ: " من نذر أن يطيع الله فليطعه 
ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه "2 وقال: " ولا نذر في معصية» وكفارته كفارة يمين 
والكفارة في هذا عندنا غير واجبة» وقد ضعف شيخنا سند هذا الخبر الآتي بها وجمهور 
فقهاء الكوفيين يوجبونها ويوجبون معها كفارة يمين» إذا كان الناذر يميناً والإسراج في 
مسجد من مساجد المسلمين غير واجب عندنا في هذه المسألة إذ لم يكن نذره ولا أتت 
حجة بوجوبه ومن أوجبه فقوله: مضارع لمن أوجب على الناذر أن ينحر ولده ذبح شاة 
من الغنم أو نحر شيء من الإبل» وأما ما أفتيا به من إطعام مساكين من المسلمين مكان 
من نذرت إطعامه من مساكين اليهود فإن إطعام مساكين اليهود يجزىء في النذر إذا جعل 
لم؛ وفيه قربة إلى الله جل وعزء وقد أجاز كثيرٌ من فقهاء المسلمين صرف صدقة الفطر 
وكفارة الأيمان والجهاد إلى أهل الذمة» ومن أجاز إطعام مساكين المسلمين ما نذر إطعامه 
مساكين أهل الذمة؛ فشاهده من القياس جواز صلاة القادر أن يصلي في مسجد سماه 
وعينه إذا صلى في مسجد غيره هو مثله أو أفضل منه» فأما إبطال نذر إطعام مساكين أهل 
الذمة وإيجاب نقله إلى مُساكين أهل المسلمين فلا وجه له في الصحة؛ وأما فتيا الشعبي 
وابن سيرين فهبي جارية على أصل مذهب من قدمنا حكاية مذهبه؛ ممن يبطل أصل نذر 
الكافر ني أصل كفره؛ وأما الخبر الذي رواه جعفر بن عبد الواحد للمتوكل فلا حجة له 
فيه) وذلك أن جد بهز بن حكيم القشيري وهو معاوية بن حيدة للنبي 8ك إنه حلف» 
وقال له: حلفت ولم يذكر الذي حلف بهء وجائز أن يكون حلف بغير الله تعالى فلا 
كفارة عليه عندنا بعد حنثه؛ وأيضاً فإنه قال: حلفت» ومن قال حلفت لأفعلن كذا وكذاء 
أو لا أفعل كذا ليس عليه عندنا ما على القائل: أحلف بالله من الكفارة إذا حنث» حتى 


يقول: أحلف بلله وأتسم أد أي الله ) و أشهد بالله وإن كان من أهل العلم من 
يجعل قول القائل: أشهد وأولي وأقسم يمينء ويسوي بين هذا وبين ما وصله 
باسم الله تعالى» فقال: 0 7 وأحلف بالله وأولي بالله وأقسم بالله. 

هل يتلازم الجود والشجاعة 


حدثنا محمد بن يحيى الصوليء قال حدثنا البربري» قال: من كلام أحمد بن أني حالد: 
لا يعدن شجاعاً من لم يكن جواداء فإن من لم يقدر على نفسه بالبذل لم يقدر على عدوه 
بالقتل. 

قال القاضي: ذكر عن بعض أهل العلم أنه قال: كان الناس يقولون إن الشجاع لا يكون 
بخيلاء وإن الشجاعة والبخل لا يجتمعان» وذلك أن من جاد بنفسه كان بماله أجود» حتى 


حجن ع بللسبب سس بصت الجلس الخامس والخمسون كت 
نشأ عبد الله بن الزبير فكان من الشجاعة بحيث لا يدانيه كبير أحد» وكان من البخل على 
مثل هذا الحد» ونحو قول من استنكر اجتماع الشجاعة والبخل» قول الشاعر: 
يجود بالنفس إذ ضن الحواد بها والحود بالنفس أقصى غاية الجود 
خليغة يأمرابنه بكتابة بيتين 
أبو النضر العقيلي» قال: أحبرني أحمد بن محمد بن عيسى» قال: حدثني عمر بن 
عد اله الإحاري قال: سمعت المهتدي يقول: كنت أمشي خلف أبي الواثق على ميدان 
من البستان في الماروني فالتفت إلي» فقال: اكتب هذين البيتين واحفظهما: 
تنح عن القبيح ولا تسرده ومن أوليته حسناً فزده 
ستلقى من عدوك كل كيد إذا كاد العدو ولم تكده 
لا يضرح إلا بما قدت يده 
حدثنا أحمد بن محمد بن التراح» قال: العباس بن محمد الهاي مولى لممء قال: عبد 
الرحمن بن أبي البختري الدلال الكوني, قال: سمعت يحيى بن آدم يقول لأبي بكر بن 
عياش: يا أبا بكر! ما أصبحت تفرح بشيء من الدنيا؟ فقال: ما أفرح إلا بدرهم ني كمي 
مصرورء وقدر قد جعاتها الحارية في التنور. 
رب نصح خير من مال 
أبو هاشم الحمصي»ع ؛ عن عيد الخائر بن سلامة اسضرمي» قال جاتر أبو حميد) 
قال: ا 0 حدثنا أبو عتبة» قال: حدثني أبو سبأ عتبة بن تميم التنوخي» 
عن أني عمير الصوريء قال: كلمة لك في أخيك خيرٌ لك من مال يعطيكء» لأن كلمته 
تحييك؛ والمال يطغيك. ' 
من نوادر المعلمين 
حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أبي شيبة» قال: حدثني أبو يعلى المعروف بالبربري» 
قال: جاءني رجل» فقال أشغلني في موضع أؤدب فيه قلت: ما تحسن حتى أطلب لك على 
قدر ذلك؟ قال : احفظ القرآن وليس عندي من العربية شيء؛ فشغلته عند رجل فأنشده: 
من يذق الحرب يجد طعمها مرا وتتركه بجعجاع 
فقال له: هذه الآية في أي سورة هي؟ قال: هي ني: بإحم عسق #. 
المجلس الخامس والخمسون 
من جوامغ الكلم 
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بر بن إساعيل ‏ أبو بكر الناقد» بسر من رأى» سنة ثلاث 
وعشرين وثلاشائة» قال: حدثنا إبراهيم يعني ابن الحيثم» قال: حدئنا إبراهيم بن العلاء 
الزبيدي الحمصي, حدئثنا إسماعيل بن عياش» احدلنا مطعم بن المقدام؛ عن نصيح القيسيء 


حت الجدليس الصاح والأنئيس الناصح سملل ب ب م . غ د 
عن ركب المصريء قال: قال رسول الله #َيْه: " طوبى. لمن تواضع في نفسه من غير 
منقصة» وذل في غير مسكنة» وأنفق مالا جمعه في غير معصية» ورحم أهل الذل 
والمسكنة» وحالط أهل الفقه والحكمة ". 
رواية أخرى للحديث 

حدثنا إبراهيم بن سليمان بن حمدويه الدهان المروزيء بالنهروان» قدم للحج سنة 
تسع عشرة وثلاشائة» قال: حدثنا أحمد بن علي بن سلمان أبو بكرء قال: حدثنا محمد بن 
شيلة» قال: حدثنا محمد بن عيسى» عن أبان» عن أنسء قال: سمع النبي ## قبقبةٌ عند 
القبور» فقال: ما يؤمن هذا بيوم الحساب» ثم خطب فقال: يا أيها الناس! كأن الموت فيها 
على غيرنا كتب؛ وكأن الحق فيها على غيرنا وجبء وكأن الذين نشيع من الموتى يعني 
في نفر وهم إلينا راجعون وكأنا مخلدون بعدهم؛ طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس؛ 
طوبى لمن تواضع لله في غير منقصة» وأنفق مالا جمعه في غير معصية» ورحم أهل الذل 
والمسكنة, وحالط أهل الفقه والحكمة؛ طوى لمن ذل في نفسه؛ وطاب كسبه» وصلحت 
سريرته» وحسنت علانيته» واعتزل عن الناس شره؛ طوبى لمن عمل بعلمه» وأنفق الفضل 
من ماله» وأمسك الفضل من قوله» ووسعته السنة» ولم يتعدها إلى بدعة. 

قال: القاضي: لقد أبلغ رسول الله َي في هذه الموعظة» وضمنها أصولاً من الحكمة) 
وأرشد فيها إلى ما يكسب النجاة والعصمة» ويأمن العامل به المتقبل له العطب والهلكة. 

وقد روي أن عبد الله بن مسعود سمع رجلاً ضحك في المقبرة» فقال له: لا أكلمك 
أبدا. 

وحكي لنا عن بشر بن الحارث مثله. ولعمري إن المقبرة محلة يدعو حضورها ذا 
اللب وسلامة الصدر والقلبء إلى الرهبة والدعاءء والتذكر والبكاءء» روي أن النبي و 
استأذن ربه في زيارة قبر أمه. فأذن له وأنه زارها في ألف مقنع» فلم ير باك ولا باكية أكثر 
من يومئذ. 

مجاهد تلفظه الأرض 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريدء قال: حدثنا العكلي» قال: أخبرني رجل من أهل 
البصرة» قال: رأيت رجلاً له هيئة وسمتُ وعليه الصوفء فسألته عن اسمه. فقال: اسسي 
على بن محمد فجلست إليه فحدثته فخبرني أنه مضى إلى المصيصة غازياًء فرأى في 
مسجدها شيخاً جميلاً هيبا وحوله قومٌ يسمعون من حديثه» قال: فجلست إليه فسألني 
عن حالتي» فقلت: رجل من أهل العراق قدمت أريد وجه الله تعالى والدار الآخرة» فقال: 
رزقك الله حياةً طيبة ومنقلباً كريماًء ثم قال لي: إن لي إليك حاجة لا تردني عنهاء قلت: 
نعم» قال: تتحول إلي وتنزل علي فما كان إلا ساعة» ثم نزلت برجل قد وهب الله له قوة 


ددع النخلس الخامس والخمسون حت 
على الصيام والقيام وطلب الخير؛ فأقمت عنده حتى تهيأ لصاحب الثغر الغزوء وخف معه 
عشرة آلاف من المطوعة» فقدم ابنه وكان حدثاء وكان رب منزلي فيمن حرج فخرجت 
بخروجه؛ فلما أوغلنا في بلاد العدو دلف إلينا جمعٌ عظيمٌ فوقفنا لهم وأقبل الفتى يحرض 
الناس ثم برز الشيخ فتكلم» وقال: هذه أبواب الجنة فافتحوها بسيوفكم» فحمل الفتى 
فأصيب؛ وحمل الشيخ رب منزلي فأصيب رحمهما الله ثم إن الله تعالى منحنا أكتاف العدو 
فقتلنا وأسرنا ورجعنا إلى مواضعناء فخفرنا لمن أكرمهم الله بالشهادة فدفناهم» ودفنا 
الشيخ» وسوينا عليه لحده» فارتجت الأرض ورجفت بناء ثم لفظت الشيخ فوقع على 
عشرة أذرع من قبرهء فقلنا: رجفة أو زلزلة» فحفرنا له قبرا آخر وسوينا عليه» فسمعنا ما 
هو أهول وأفظع؛ ولفظت به الأرض أبعد من ذلك الموضعء فحفرنا له قبراً ثالثاً ودفناى 
فجاءت هدةٌ طاشت منها عقولنا ولفظته الأرض» وسعنا هاتفاً يقول: أيتها العصابة! إن 
هذا الرجل لم يزل يدعو الله أن يجعل محشره من بطون السباع وحواصل الطير» فدعوه إن 
الله جل جلاله قد سمع نداءه» فتركناه وانصرفنا. 
ابن صفوان ينصح السفاح بالاستمتاع بالنساء 

حدثنا الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي» قال: حدثنا أبو الفضل الربعي» عن 
العباس بن الفضلء» قال: قال: إسحاق يعني ابن إبراهيم الموصلي» قال شبيب بن شيبة: 

دخل خالد بن صفوان التميمي على أبي العباس وليس عنده أحدء فقال: يا أمير 
المؤمنين! إني والله ما زلت منذ قلدك الله تعالى خلافة المسلمين إلا وأنا أحب أن أصير 
إلى مثل هذا الموقف في الخلوة» فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بإمساك الباب حتى أفرغ 
فعل» قال: فأمر الحاجب بذلكء. فقال: يا أمير المؤمنين! إني فكرت في أمرك» وأجلت 
الفكر فيك فلم أر أحداً له مثل قدرك؛ ولا أقل استمتاعاً في الاستمتاع بالنساء منك» ولا 
أضيق فيهن عيشاًء إنك ملكت نفسك امرأةً من نساء العالمين واقتصرت عليهاء فإن 
مرضت مرضتء وإن غابت غبت» وإن عركت عركت» وحرمت نفسك يا أمير المؤمنين 
التلذذ باستطراف الحواري وبمعرفة اختلاف أحوالمن» والتلذذ بما يشتهى منهن؟ إن منهن 
يا أمير المؤمنين الطويلة التي تشتهى الحسمهاء والبيضاء التي تحب لروعتهاء والسمراء 
اللعساءء والصفراء العجزاءء ومولدات المدينة والطائف واليمامة ذوات الألسن العذبة 
والجواب الحاضر» وبنات سائر الملوك؛ وما يشتهى من نظافتبن وحسن هندامهن» وتخلل 
بلسانه فأطنب في صفات ضروب الحواري وشوقه إليهن» فلما فرغ خالد» قال: ويحك! 
ما سلك مسامعي والله كلام قط أحسن من هذاء فأعد علي كلامك فقد وقع مني موقعاًء 
فأعاد عليه خالد كلامه بأحسن مما ابتدأه» ثم قال: انصرف»ء وبقي أبو العباس مفكراً فيما 
سمع من حالد يقسم أمرهء فبينا هو يفكر إذ دحلت عليه أم سلمة» وقد كان أبو العباس 





حت الجليس الصالح والأيس النامح ج سس حت , وح 
حلف أن لا يتخذ عليها ووفى لماء فلما رأته مفكراً متغيرأًء قالت له: إني لأنكرك يا أمير 
المؤمنين» فهل حدث أمر تكرهه أو أتاك حبر ارتعت له؟ فقال: لاء والحمد لله ثم لم تزل 
تستخبره حتى أخبرها بمقالة خالد» قالت: فما قلت لابن الفاعلة؟ فقال: ينصحني 
وتشتمينه! فخحرجت إلى مواليها من البخارية فأمرتهم بضرب خالد» قال خالد: فخرجت 
إلى الدار مسروراً بما ألقيت إلى أ مير المؤمنين؛ ولم أشك في الصلة» فبينا أنا مع الصحابة 
واقفاً إذ أقبلت البخارية تسأل عني» فحققت الحائزة والصلة» فقلت لحم: هأنذاء فاستبق 
إلي أحدهم بخشبة فلما أهوى إلي غمزت برذوني ولحقني فضرب كفله وتنادى إلى 
الباقون وغمزرت المرذون فأسرعء ثم راكضتهم فت واختفيت في مزلي أياماً - قال 
القاضي: الصواب: استخفيت - ووقع في قلبي أن ني أت من يل | أم سلمة» فطلبني أبو 
العباس فلم يجدني» فلم أشعر إلا بقوم قد هجموا علي» فقالوا: أجب أمير المؤمنين» 
فسبق إلي قلبي أنه الموت» فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ لم أر دم شيخ أضيع؛ فركبت 

إلى دار أمير المؤمنين» ثم لم ألبث أن أذن لي فأصبته خالياً فرجع إلي عقلي؛ ونظرت في 
امجلس ببيت عليه ستورٌ رقاق» فقال: يا حالد لم أرك! قلت: كنت عليلاً» قال: ويحك! 
إنك وصفت لأمير المؤمنين في آخر دحلة دخلتها علي من أمور النساء والحواري صفة لم 
خرف مسامعي قد كلا أحسن من فأعده علي. ؛ قال: وسمعت حساً خلف الستر- 
فقال: نعم يا أ مير المؤمنين» أعلمتك أن العرب إنما اشتقت اسم الضرتين من الضرء» وأن 
أحدا لم يكن عنده من النساء أكثر من واحدة إلا كان في ضر وتنغيص» قال له أبو 
العباس: لم يكن هذا في الحديثء قال: بلى والله يا أمير المؤمنين» قال: فأنسيت إذأء فأنمم 
الحديث» قال: وأخحبرتك أن الثلاث من النساء كأثاني القدر يغلى عليهن» قال: برئت من 
قرابتي من رسول الله عله إن كنت سمعت هذا منك ولا مر في حديفكء قال: وأحبرتك أن 
الأربع من النساء شر مجموع لصاحبهن يشيبنه ويهرمنه ويحقرنه ويقسمنه؛ قال: لا والله 
ما سبعت هذا منك ولا من غيرلك قلت: بلى ولث قال: أفشكذيني؟ قلت: اتقتلني! نهم 
والله يا أمير المؤمنين وأحبرتك أن أبكار الإماء رجال إلا أنهن ليست لمن خصىء قال 
خالد: فسمعت ضحكاً من خلف الستر » ثم قلت: نعم) وأخبرتك أن عندك ريحانة 
قريش» وأنك تطمح بعينيك إلى النساء والحواري» قال: فقيل لي من وراء الستر: صدقت 
والله يا عما بهذا حدثته ولكنه غير حديئك ونطق عن لسانكء فقال أبو العباس: ما لك 
قاتلك الله وفعل بك وفعل؟ قال: وانسللت» قال: فبعثت إلي أم سلمة بعشرة آلاف 
درهم وبردوة وتات 

قال القاضي أبو الفرج: قوله في هذا الخبر: السمراء اللعساء التي في شفتها سمرة 
وسواد» ومن ذلك قول ذي الرمة: 


حر وطس سح املس الخامس والخمسون حت 
لمياء في شفتيها حوة لعسس وني اللثات وني أنيابها شنب 

اللما مقصور: سمرة الشفة» والحوة: الحمرة إلى السواد شبيه به» واللعس مثل ذلك» 
والشنب برد وعذوبة في الأسنان» ويقال: امرأة لمياء ورجل ألمى» وذكر عن الأصمعي أنه 
قال: اللعس السواد الخالص» ويقال: ليل ألعس» ولا أدري يقال: لعس أم لا؟ ويقال: 
حوي يحوى وقياسه في اللما لمي يلمى» وقوله: ينصحني وتشتمينه الكلام الفصيح 
السائر: وينصح لي» قال الله تعالى: «إإن أردت أن أنصح لكم» ويقال: فنصحت لكمء 
ونصحت فلاناً: لغة قد حكيت» وهي دون هذه في الفصاحة من ذلك قول الشاعر: 


نصحت بني عوف فلم يتقبلوا لديهم رسائلي 
وأصل النصح: الإخلاص والمناصحة المخالصة ويقال: هذا شيء ناصح أي خالص» 
كما قال الشاعر: 
تركت بنا لوحا ولو شئت جادنا بعيد الكرى تلج بكرمان ناصح 


أأزرع أنا ويحصد يوشع 
حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال: حدثنا عبد الله بن أني سعد» حدثنا أبو 
الأصبغ» قال: حدثنا ضمرة. عن ابن عطاى عن أبيه» قال: أوحى الله إلى موسى بن 
عمران أن يوشع هو القائم على الناس بعدك» فقال: يا رب أأزرع أنا ويحصد يوشع 
أأرعى أنا الغنم حتى إذا صلحت واستوت صارت إلى يوشع» فقال الله تعالى: إن أيام 
يوشع مخرجتك من الدنياء فقال: يا رب فأنا أكون من قبل يوشع, فقيل له: فاصنع به كما 
كان يصنع بكء» فقال: نعم» وكان من رسم يوشع أن ينبه موسى للصلاة؛ فجاء موسى 
إلى باب يوشعء فقال: يا يوشع! فضرب الله على أذنه فلم ينتبه» وجعل :بنو إسرائيل يمرون 
على موسىء فقال: يا رب مائة موتة أهون من ذل ساعة» وائتبه يوشع فلما رأى موسى 
فزع وقال: يا نبي الله أنت واقفّ هاهناء ومضى موسى إلى الخبل واتبعه يوشع فجعل 
موسى يوصيه: اصنع ببني إسرائيل كذا وافعل كذاء ثم قال له: ارجع فأنى فخلع موسى 
نعليه ورمى بهماء وقال: جتني بنعلي» فذهب ليجيء بهما فأرسل الله نوراً حال بين يوشع 
وموسى فلم يصل إليه فرجع يوشع إلى بني إسرائيل فأخبرهم فجاءوا إلى الموضع من 
الحبل فإذا موسى قد قبض» ورصفت الحجارة عليه. 
قد قاريتك جهدي 
حدثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي, قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد 
عن المازني» قال: اجتمعت مع يعقوب بن السكيت» عن محمد بن عبد الملك الزيات» 
فقال لي محمد بن عبد الملك: سل أبا يوسف عن مسألة» فكرهت ذلك وجعلت أتبطأ 
وأدافع» مخافة أن أوحشه لأنه كان لي صديقاًء فألح علي محمد بن عبد الملك» فقال لي: لم 


جح الجليس الصالح والأنيس النامصح يبب سسسحتو , وم 
لا تسأله؟ فاجتهدت في اختيار مسألة سهلة لأقارب يعقوب» فقلت له: ما وزن " نكتل " 
من الفعل من قول الله تعالى: «إفأرسل معنا أخانا نكتل » فقال لي: نفعل» فقلت: ينبغي 
أن يكون ماضيه كتل» فقال: ليس هذا وزنه إنما هو نفتعل» فقلت له: نفتعل كم هو 
حرف؟ قال: حمسة أحرفء فقلت له: فنكتل كم حرف هو؟ قال: أربعة أحرف» فقلت: 
له أيكون أربعة أحرف بوزن حمسة أحرف»ء فانقطع وحجل وسكتء فقال محمد بن عبد 
الملك: فإنما تأحذ كل شهر ألفي درهم على أنك لا تحسن ما وزن نكتل؟ فلما خرجناء 
قال لي يعقوب: يا أبا عثمان! هل تدري ما صنعت؟ فقلت له: والله لقد قاربتك جهدي؛ 
وما لي في هذا ذنبُ قال القاضي أبو الفرج: نكتل في هذا الموضع هو في أوليته وابتدائيته 
في ماضيه ومستقبله: كال يكيل على فعل يفعل» مثل مال يميل وقياسه في أصل تقديره 
كيل يكيل» نظيره من الصحيح ضرب يضربء إلا أن الياء في كيل انقلبت ألفاً لتحركها 
وانفتاح ما قبلهاء والألف لا تكون إلا ساكنة إلا أنها في نية حركة ونقلت كسرة الياء في 
المضارع ونقلت كسرتها إلى الكاف وكانت ساكنة» فكسرت إذ لم يستقم التقاء الساكنين 
فصار نكتلء وقيل في الجمع: كلنا نكتل» ثم لما زيدت التاء دلالة على الافتعال قيل: اكتال 
نكتال وأصله اكتيل يكتيل» نحو افتعل يفتعل نظيره من الصحيح: اكتتب يكتتب واكترث 
يكترث واستبق يستبق ثم قلبت الياء من اكتيل ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلهاء فصار اكتال 
ومضارعه يكتال؛» وأصله يكتيل» وني الجمع نكتيل وزنه نفتعل» فلما قيل نكتل فأعرب 
بالجزم إذ هو جواب الأمر اقتضى الحزم سكون اللام: فالتقى ساكنان اللام والألف 
المنقلبة من الياء فأسقطت الألف لذلك فبقي نكتل» ووزنه في الأصل نفتعل ثم لما حذفت 
الألف المنقلبة من الياء وهي عين الفعل صار نكتل فوزنه نفتعل» على طريقة التحرير 
وتمبيز الزوائد من الأصول بالعبارة عن الأصليات بالفاء والعين واللام وتسمية الزوائد 
بأنفسهاء ألا ترى أنا نقول في وزن جهور أنه فعول فيعبر عن الحيم والحاء والراء 
الأصليات بالفاء والعين واللام» وتأتي باسمها الواو فهي الزيادة إذ ليست من الفعل فاءً ولا 
عيناً ولا لامأء ويعقوب لما رأى نكتل موافقاً لوزن نفعل تسرع إلى ما أجاب به مع ذعر 
امحنة وإزعاج البديهة وهيبة الحاث لسائله على شراسة خلقه وإشفاقه من تشعث منزلته 
عند وقطع مادة المعيشة من جهته. 
ووزن ألفاظ الكلم تأتي على جهات مختلفة بحسب أغراض الوازنين» وعلى قدر 
ترتيب الصناعة من المقابلين» والنحويون يزنون الحروف على أخصر من وزن العروضيين؛ 
لأنهم يقابلون ني الزنة الحركة بجنسها من التحريك الذي هو حلاف السكون ونوعها إن 
ضماً وإن فتحاً وإن كسراً على اختصاص كل واحد من هذه الأنحاء دون صاحبه 
والعناية بذات الحرف دون الإاعراب والتنوين وما يزاد ويحذف حطًا ولفظاًء والعروضيون 


جد اع وح سس سسسب ححص المهلس الخامس والخمسون حت 
يراعون ذلك كله ويسوقونه ويبنون وزنهم على اللفظء ويجرون وزنهم على مقابلة الحركة 
جنسا لا نوعاء» فيسوون فيها بين الضم والفتح والكسر ولما تساوى نكتال واكتال في 
عدد الحروف وسبيل حرف المضارعة أن تجري به الزيادة على حروف الماضيء» فلأن 
همزة اكتال زائدة للوصل تذهب إذا تحركت فاء الفعل وليست بلازمة للكلمة» 
عق لازام السام لا الذي وذ وعدا ول فى ويا حاسم 
أن يكون فيه شيء من حروف الزيادة كقولك جعفر وفرزدق» فحكم بعضهم على 

هذا هذا بأن احرف والحرفين منه مما أتى بعد الفاء والعين واللام محهول» وقضى بأن الطرف 
أولى منه بباب الزيادة» وذهب آخرون إلى مثل هذا في العين» وميزوا بين تجانس الحرفين 
في آخره وذلك كفعلل الذي هو وزن قردد» وبين ما احتلفا فيه نحو جعفر» وهذا باب 
لا يحتمل كتابنا هذا الاتساع فيه وله موضع هو أولى به. 

ومما اتفق في هذه القصة مع ما ذكرنا من الأحوال العارضة أن يعقوب كان في صناعة 
النحو ذا بضاعة مزجاة نزرة» وقد صنف مع هذا في النحو كتاباً مختصراً لم يعد فيه القدر الذي 
تناله يدم وإن كان إماماً علماً في اللغة وقدوة سابقاً مبرزاً في احتلاف أهلها من البصريين 
والكوفيين» وله فيها كب مؤلفة حسئة) وأنواع مصنفة مفيدة) وأبو عثمان المازني وإن كان 
قد قصد الحميل من مقاربته وتسهيل مناظرته فإنما أتى بما هو متيسر له دونه» وقد كان الأولى 
بما قصده تنكب ما فيه اعتلال وقلب» والعدول به عن التصريف الكاد للقلب الشاق على 
اللب» وقد رد المازني على سيبويه مسائل في بعضها حجججٌ وني بعضها شبةٌ» وسأل الأخعفش 
عن مسائل نسبه إلى التقصير والانقطاع في بعضهاء وحكي أن الأحفش رجع عند أول 
توقيف منه عليها في البعض منباء وقد ذكرنا من هذا طرفا في موضعه. 

بنو الأحرار تهجي وتمدح 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي» قال: حدثنا الغلابي» قال: حدثنا الضبي» قال: سمع 
أعرابي رجلاً يقول: #الأعراب كفرا ونفاقا4 ثم سمعه يقول: «إومن الأعراب من يؤمن 
بالله واليوم الآخر») الآية» فقال: هجا ومدح, لا بأس» ثم أنشد 

هجوت بحيراً ثم إني مدحته كذاك بنو الأحرار تهجو وتمدح 
كيف يفعل مع هذا الأنف؟ 

حدئنا محمد بن الحسن بن زياد المقري» قال: حدثنا عبد الله بن محمود. قال:ار 
لضي القضاة بحي : بن أكثم بمكة وقد وقف يلاحظ حجاماً عليه أنف كأنه ست 

له: أيها القاضي! ما هذا الوقوفء فقال لي: ذرني فإني أريد أنظر إلى هذا كيف يستوي له 
مص المحجمة مع هذا الأنف؟ وقد كان رجل جالسٌ بين يدي الحجام ففطن به الحجام 
فال له: ما لك قائم تنظر إلي؟ ليس ونور الله أضرب في قفا هذا بمعولي وأنت واقف» 


ح- الجليس الصالح والأنيس الناصح 222707072727222 _!إ!9]ى]ى]ىلسسلسل ا 0 ا 
فتوارينا عنه فإذا هو يعطف أنفه بيده اليسرى ويمسك المحجمة بيده اليمنى ويمص بفيه» 
فقال يحيى: أما هكذا فنعم, قال عبد الله: وكان يحيى بن أكثم أعور. 
شعر مكتوب على حائط 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري أبو بكرء حدثنا أبو علي العنزي الحسن بن عليل؛ 
0 حدثنا علي , بن الحسين الدرهمي» قال: كنا عند محمد بن عبيد الطنافسي) فقال: 
ت على حائط با خيرة منذ أربعين سنة: 


إن البلسية أن تحب ولا يحبك من تحبه 
أقلل زيارتك الصدي سق يراك كالثوب استجده 
إن الصديق يمله إلا يزال يراك عنده 


قال أبو بكر: هذا مما لا يعاب فيه الشاعر. 

قال القاضي أبو الفرج: في هذا الشعر موضعان فيهما قوله " يراك "» وذاك أن وجه 
الكلام يرك بالحزم» لأنه جواب الأمرء وهو قوله: أقلل» ولو أنشد يراك على من يقول هو 
يرآني كما قال الشاعر: 

أري عيني ما لم ترأباء كلانا عالم بالترهات 

لكان جيداً وزحافه جائزاً» وما ' ' يزال " فإنه لم يحذف فيه الألف» على رده إلى الأصل 
في التقدير» وله نظائر في الكلام وقد قرأ بعض القراء في غير موضع من القرآن على هذه 
الغ وقد ذكرنا في بعض حالس كتابنا من هذا الباب» وما أتى فيه من شواهد الشعر ما لا 
طائل في إعادته وروينا هذه الأبيات عمن ذكر أن الشافعي تمثل بهاء وأما الوجه الآخر فإن 
منه ما قد جاء مثله» وهو من عيوب الشعر المعروفة ومنه ما لا يجوز البتة. 

المجلس السادس والخمسون 
فضل رسول الله وبني هاشم 

أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكرياء قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن محمد بن 
عبيد الله بن المنادي حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أني العوام الرياحي حدثنا بهلول بن 
المورق أبو غسان الشامي حدثنا موسى بن عبيدة حدثني عمرو بن عبد الله بن نوفل من 
بني عدي بن سعد الزهري عن أني سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة هيا قالت» قال 
رسول الله َيَها: قال لي جبريل: قلبت الأرض مشارقها ومغاريها فلم أجد رجلاً أفضل 
شلك ب مك وثلبت الأرض مشارقها ومغارما فلم أجد بني أب أفضل من بني هاشم. 

قال القاضي | د رع فالحمد لله الذي فضل نبينا محمداً ويه على سائر الأنبياء 
وفضل بني أب بيه على سائر بني الآباء؛ وجعلنا من أمته التي هي خير أمة أرجت للناس 


ح؟( ) س تس س سس سس سس سح البجلس السادس والخمسون د 

وهدانا لتصديقه والإيمان به» ووفقتا لاتباعه وأباننا ممن عانده وجحده» وبغى عليه 
وحسده. وعصمنا من أن ننفس على رهطه وأسرته وأقربيه وعترته» بما آتاهم الله من 
فضله وكرامته» وحباهم به من شريف نعمته» وذلك بحسن توفيقه وجميل عصمته. 
وفضلنا على كثير من أنسبائه الراصدين محاربته» واللحادين في مخالفته» فقد هلك كثير منهم 
بمشاقته؛ ألا تسمعون إلى ما أنزل الله في أني لمب وإن كان أحد الحاشيين» وإلى قول 
الرسول 8َتَههِ في سلمان الفارسي رضي الله عنه وهو من العجم الأجنبيين إذ قال: سلمان 
منا أهل البيت؛ وقال الله تعالى: إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي 
والذين آمنوا والله ولي المؤمنين4 (آل عمران: 87). 

نجا إبراهيم بن عبد الله بحيلة عجيبة 

حدثنا أحمد بن أي العلاء الأضاحي المعروف بحرمى قال حدثنا عبد الله يعني ابن 
شبيب قال أخبرني جعفر بن محمد قال حدئني إبراهيم بن رياح قال أخبرني محمد بن 
حيان أبو عبد الله الحراني قال: كان إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن قد صار إلى 
مدينة الموصل فى توارية. وصح ذلك عند أي جعفر فكتب إلى الوالي هناك يعلمه أنه قد 
صح عنده أن إبراهيم في مدينة الموصلء» ويأمره إذا ورد عليه كتابه أن يتحفظ في بقية 
يومه فإذا هو أمسى غلقت أبواب المدينة فلم يخرج منها أحد ولم يدحل» ثم استقبل 
التفتيش لغد فإنك ستجده. وكان مع إبراهيم يومئذ من أهل الحزيرة ومن الزيدية قوم لهم 
بصائر وأموال وغناء عناية به» وكانت لمم عيون قد أذكوها على السلطان» فبلغهم خبر 
الكتاب وما عزم عليه الوالي فاشتروا بغلين وحذفوهما كما يعمل ببغال البريد» عملت لهما 
لحم وأداة على حسب ما يعمل بدواب البريد» وحرج أحدهم إلى بعض القرى التي تقرب 
من الموصلء» فلما كان وقت العشاء الآخرة وأغلقت الأبواب ركب إبراهيم بن عبد الله 
أحد البغلين» وركب الآخر رجل يتشبه بالفرانق» وخحرج الرجل على البغل يصيح كما 
يصيح الفرانق» ومعه خحريطة» واتبعه إبراهيم حتى إذا صار إلى الباب صاح ففتح له الباب 
على أنه من قبل الوالي ثم مضيا فانتهيا إلى الرجل ومضيا. وصح الخبر على هذه الحكاية 
عند المنصور فكثر منه تعجبه واشتد عليه تأسفه. 

وصية حكيم لابينه 

حدئنا محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال: قال بعض 
الحكماء لابنه: يا بني أقبل عهدي ووصيتي: إن سرعة ائتلاف قلوب الأبرار حين يلتقون 
كسرعة اختلاط قطر المطر بماء الأهار» وبعد الفجار من الاتتلاف وإن طال تعاشرهم كبعد 
البهائم من التعاطف وإن طال اعتلافها على آري واحد. كن يا بني بصالح الوزراء أعنى منك 
بكثرة عددهم, فإن اللؤلؤة حفيف محملها كثير شنهء والحجر فادح حمله قليل غناؤه عنك 


حت الحليس الصالح والأنيس الناصح ببس 77 اح ”7# ١‏ 4 د 
علي يرسل إلى معاوية هي أمر البيعة 

حدثنا محمد بن مزيد الخزاعي قال حدثنا الزبير بن بكار حدثنا محمد بن يحيى قال 
حدثني عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عون قال: بلغني أن جرير بن 
عبد الله البجلي قال: بعثني علي بن أبي طالب إلى معاوية ١‏ بن أي سفيان يأمره أن يبايع هو 
ومن قبله؛ قال: فحرجت لا أرى أحداً سبقني إليه» حتى قدمت على معاوية» فإذا هو 
يخلب اناس وهم حوله يكون حول قميص عثمان رضي الله عنه وهو معلق في رمح: 
فدفعت إليه كتاب علي» ومثل رجل إلى جنبي كان يسير بمسيري ويقيم بمقامي لا أشعر 


به» فقال لمعاوية: 

إن بني عمك عبد المطلب هم قتلوا شيخكم غير كذب 
وأنت أولى الناس بالوثب فنب واغضب معاوي للإله وارتقب 
بادر بخيل الأمة الغاب التشب بجمع أهل الشام ترشد وتصب 
وسر مسير امحزئل المقلكب وهزهز الصعدة للشأس الشغب 
قال: : ثم دفع إليه كتاباً من الوليد بن عقبة بن أني معيط أحي عثمان لأمه. فإذا فيه: 
معاوي إن الملك قد جُسّ غارئة وأنت بما في كفك الوم صاحية 
أتاك كتابٌ من علي بس خطصلة هي الفصل فاعتر سَلْمَهُ أو تحارية 
وإن كنت تنوي أن تجيبَ كتابة فقبحَ ممليه وقبح كاتبة 
وإن كنت تنوي ترك رجع جوابه فأنت بأمر لا محالةً راكبة 
فألق إلى الحي اليمانين كلمة تال بها الأمر الذي أنت طالبة 
تقول أمير المؤمنين أصابه عدو ومالاهم عليه أقاربه 
وكنت أميراً قبل بالشام فيكم وحسبي من الحق الذي هو اجبة 
يجيبوا ومن أرسى ثيراً مكانه تدافع بحر لا ترد غواربه 
فأكثر أو ال مف بغر ما سواك فصرح لست ممن تواربه 


قال» فقال: أقم فإن الناس قد نفروا عنه لمقتل عثمان حتى يسكنوا؛ قال: فأقمت 
اربعة أشهر» ثم جامد كتابة آخر من الوليد بن عقبة فيه: 
ألا أبلغ معاوية بن حرب20 فإنك مناخحي ثق ةمُْليم 
قطعت الدهرّ كالسّادم المعنى تدر في دمشقّّومائكريم 
فإنك والكتاب إلى علييا 2 كدابغفةوقد حل -مٌلأدم 


حه(وو ستيسس سب سبح البجلس السادس والخمسون حت 
فلو كنت القعيل وكان حيّاً ‏ لشم لاألْفأْولاس ووم 
فلما جاءه كتابه وصل ما بين طومارين ثم طواهما أبيضين وكتب عنوائهما: من معاوية بن 
أبي سفيان إلى علي بن أني طالب؛ ودفعهما إلي وبعث معي رجلاً من عبس ولا أدري ما مع 
العبسي؛ قال: فخحرجنا حتى قدمنا الكوفة» فاجتمع الناس إلى علي في المسجد ولا يشكون 
أنها بيعة أهل الشام؛ فلما فتح الكتاب لم يوجد فيه بشيءء وقام العبسي فقال: من هاهنا من 
أفناء قيس؟ إني أعص من قيس غطفان وأحص من غطفان عبساً » وإني أحلف بالله لقد 
تركتُ تحت قميص عثمان رضي الله عنه أكثر من خمسين ألف شيخ خاضبين الحاهم بدموع 
أعينهم» متعاقدين متحالفين ليقتلن قتلته» وإني بي أحلف بالله ليقتحمنها عليكم ابن أني سفيان 
بأكثر من أربعة آلاف من خخصيان الخيل فما ظنكم بعد بما فيها من الفحول؟ فقال له قيس بن 
سعد: يا أخخا عبس لا نبالي بخصيان خيلك ولا يكاء كبولك؛ ولا يكون بكاؤهم بكاء 


يعقوب على يوسف. م دفع العبسي كتاباً من معاوية فيه: 


أتاني أمر فيه للناس غمة 
مصاب أمير المؤمنين وهذلة 
فلله عينا من رأى مثل هالك 
دعاهم فَضَمُوا عنه عند دعائه 
ندمت على ما كان من تَبّع الموى 
سأنعى أبا عمرو بكل مهئّد 
ما التي فيها المسودةٌ بيننا 
سألقحُها حرباً عواناً مُلحَهٌ 


وفيه اجتداع للأنوف أصيل 
تكادُ لها صم االجبال تزول 
أصيب بلا ذنب وذاك جللسيل 
وذاك على ما في النفوس دلسيل 
وحسبي منه حسرة وعسويل 
وبيض لما في الدارعين صليل 
فليس إليها ما حبيت سبيل 
وإني بها من عامها لكفيل 


قال: فأمر علي اكيت قيس بن سعد أن يجيبه عن كتابه» فكتب إليه قيس: 


مساوي لا تعجل علينا مسعساوي 
وحركت منا كل شيءٍ كرهته 
بعثت بقرطاسين صفرين ضّلة 
مضى أبو يُقسى بعد النبي محمد 
ألا ليت شعري والأماني ضلَ 
على أن فينا للموارب مطمعاً 
أأى الله إلا أن ذا غغير كائن 


فقد هجت بالرأي السفيه الأفاعيا 
وأبقيت حَزرَات النفوس كما هيا 
إأى خير من يمشي بنعل وحافيا 
عليه سلامٌ الله عَوْدا وباديا 
على أي ماتنوي أردت الأمانيا 
وإنك متروكٌ بشامك عاصيا 


- الجليس الصاح والأئيس الناصح طسببسسبسبسسسوح و ازوجع 


وأكثر وأقلل إن شامَكَ شحمة تَعَجَلها طاهه يبادرٌ شاويا 
من العام أو من قابل كل كائن قريب واأبُعذد بالذي ليس جايا 
شروح وتعليقات 


قال القاضي أبو الفرج قوله: الغاب النشب؛ الغاب جمع غابة وهي الغيضة؛ والنشب 
المشتبك الذي قد انتشب» يقال: قد نشبت المنصومة بين فلان وفلان» ويروى الأشب » 
وأراه أصح في الرواية» وهو الاختلاطء والأشابة: الأخلاط؛ قال الشاعر: 


أولئنك قومي لم يكونوا أشابة وهل يعظ الضليل إلا أولعكا 
وقوله: ا محزئل المتلئب: امحزئل: المنحاز الناهض امجتمع» قال الشاعر: 
واستطربت ظعنهم لما احزأل بهم مع الضحى ناشط من داعيات 


والمتلكب: المستقيم المستتب» وقوله: وهزهز الصعدة يعني هز القناة» واستئقل 
الإدغام فأظهر التضعيف وكرر كما قالوا قد كركر كلامه وكمكم قال الله تعالى : 
إفكبكبوا فيها» (الشعراء: 44) أي كبوا. وهذا كثيرٌُ في العربية جداً . والشأس: الشديدٌ 
المستصعب الشرس. وقول قيس بن سعد في شعره مضى أو بقى يقال: إن بقى ولقى 
بمعنى بقي ولقي لغة طيئ » قال الشاعر: 

لعمرك ما أحشى التصعلك ما بقى على الأرض قيسي يسوق الأباعرا 

وقال آخر: 

حتى لقى الله على بغيه والله من ذي البغي قد ينصف 

وقد ذكر عن الحسن أنه قرأ: «إولا أدراكم به4 (يونس: )١١‏ بمعنى أدريتكم 
فحمله بعضهم على هذه اللغة. وطييع تنحو هذا النحو في الأسماء فتقول في جارية: جاراة) 
ويقولون في ناصية: ناصاة» كما قال الشاعر: 

ألا آذنت أهل اليمامة طيئ بحرب كناصاة الأغر المشقر 

وقد زعم بعضٌ المحققين في علل النحو واللغة في قوهم أبى يأبى من هذه اللغة» وذاك 
أنه أنكر أن يكون في العربية فعل يفعل مما ليست عينه ولا لامه من حروف الحلق» وأن 
سيبويه لم يحك غير هذه الكلمة» وإن كان غيره قد حكى في هذا الباب حروفاً عدةً. 
وزعم من حكينا قوله أن أصل أبى يأى ثم استعمل على هذه اللغة» ومن الفاشي في رواية 
الكوفيين قلى يقلى وقد حكي قلي يقلى والأفصح قلى يقلي. 

أبو الأسود يعوذ من جماله 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثني أني قال حدثنا أبو اليثم الغنوي قال 
حدثنا الرياشي عن الأصمعي عن أبي مهدية قال أخبرني أبو عفير الدؤلي وكان شاعراً 
قال: كنت عند عبد الملك بن مروان إذ دل أبو الأسود الدؤلي وكان أحول دميماً قبيح 


دوررولللللنن سس لبمحلس السادس والخمسون حت 
المنظر» فال له عبد الملك يمازحه: يا أبا الأسود لو علقت عليك عوذة تدفع عنك 
العين» فقال: إن لك جواباً يا أمير المؤمنين» وأنشد 


أفنى الحديد الذي فارقت جدتة كد المديدين من آت ومنطلق 
لم يتركا لي في طول احتلافهما شنا يضاف عليه لذعة امدق 
أما والله لئن كانت أبلتني السنون» وأسرعت إلي المنون» لما أبلت ذلك إلا في 


موضعه؛ ادس م إلى الآنسات البيض تلن اليين في يرماك علا ع 


ده ولامن رآين ع الشيب فيه وقوسا 
ولقد كنت كما قال أيضاً 
يرعن إلى صوتي إذا ما سبمعنه كما ترعوي عيط إلى صوت أعيسا 
قال له عبد الملك: قاتلك الله من شيخ ما أعظم همتك. 
شرح 


قال القاضي أ بو الفرج: العيط: جمع عيطاءء وهي الناقة الطويلة العنق والأعيس: فحل 

أبيض تعلوه شقرة؛ ومن العيط قول ذي الرمة: 
وعيط كأسراب الحدوج تشوفت معاصيرها والعاتقات العوانس 
يحرض على بيعة القاسم بن الرشيد 

حدئنا أحمد بن العباس العسكري قال حدثنا ابن أني سعد قال حدثني عمر بن 
محمد بن حمزة الكوفي قال حدثني سليمان بن سعد قال حدثني إسماعيل بن صالح بن 
علي بن عبد الله» وكان انقطاعه إلى الرشيد» قال: دحلت على الرشيد وقد عهد إلى محمد 
والمأمون في من يهنئه من ولد صالح بن علي» فأنشأت أقول: 


يا أيهااالملك الذي لو كان نجماً كان سعدا 
الله فرد واحد فاجعل ولاة العبد فردا 


قال: فاستضحت ماروة وبعثت إلى أم جعفر: كيف تحبنا وأنت شآم؟ وبعثت إلي أم 
المأمون: كيف تحبنا وأنت أخو عبد الملك بن صالح؟ وبعثت إلي أم القاسم بعشرة آللااف 
يتا 2 
يحيى بن أكثم وقاعة في الناس 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثني يعقوب بن بنان الكاتب قال حدثني 
علي بن يحيى قال: كان يحبى بن أكثم وقاعة في الناس وكان شريراً» وكان يغري المأمون 
بالناس ويقع فيهم عنده» وكان يثني على عمرو بن مسعدة ويقرظه عنده» ولا يزال يذكر 


جح الجليس الصالح والأيس الناصح ب سب ب للح ود 
فراهته ونصيحته وحسن صناعته؛ فبلغ ذلك عمراً فدحل على المأمون فقال: يا أمير 
المؤمنين بلغني أن يحيى بن أكثم يثني علي عندك؛ وأنا أسألك بالله يا أمير المؤمئين أن 
تريه أنك قبلت شيئاً من قوله في» فإنه إها قدم الثناء علي لوقيعة يريد أن يوقعها بي لديك 
لتصدقه فيما يقول» قال: فضحك المأمون منه وقال: قد أمنت من ذلك فلا تخفه مني. 
كيف يسمي بحيى بن أكثم الثقلاء 
حدثنا محمد بن السحن بن زياد المقري قال أخبرنا أحمد بن يحيى تعلب قال أحبرنا أبو 
العالية الشامي مؤدب ولد المأمون قال» قال المأمون ذات يوم ليحيى بن أكثم القاضي: أريد 
منك أن تسمي لي ثقلاء أهل عسكري وحاشيتي» فقال له: يا أ مير المؤمنين اعفني فإني لست 
أذكر أحداً منهم وهم لي على ما تعلم؛ فكيف يف إن جرى مثل هذا؟ قال له: فإن كنت لا تفعلٍ 
فاضطجع حتى أفتل لك مخراقاً دبيقياً وأضربك به وأسسمي مع كل ضربة رجلاًء فإن كان ثقيلاً 
تأوهت» وإن يك غير ذلك سكتء فأكون أنا على معرفة منهم ويقين من ثقلائهم. 
فاضطجع له يحبى وقال: أرأيت قاضي قضاة وأميراً ووزيراً يعمل به مفل ذا؟ فلف له مخراقاً 
دبيقياً وضربه به ضربة وذكر له رجلاً ثقيلاً فصاح يحبى: آه آه يا أمير المؤمنين في المخراق 
آجرة فضحك المأمون منه حتى كاد يغشى عليه وأعفاه من الباقين. 
من أكرم الناس أبأ وأمأ وجدا وجد:... 
حدثنا الحسن بن علي بن المرزبان النحوي قال: أخبرنا عبد الله بن هارون النحوي 
قال أخبرنا الحسن بن علي قال أخبرنا أبو عثمان قال: سمعت أبا الحسن المدائني يقول؛ 
قال معاوية وعنده عمرو بن العاص وجماعة من الأشراف: من أكرم الناس أباً وأما وجداً 
وجدةٌ وخالاً وحالة وعمًّا وعمة؟ فقام النعمان بن العجلان الزرقي فأحذ بيد الحسن اليا 
فقال: هذا أبوه علي» »؛ وأمه فاطمة) وجده رسول الله طق وجدته حديجة) وعمه جعفر 
وعمته أم هانئ بنت أبي طالب» وحاله القاسم» وخحالته زينب. فقال عمرو بن العاص: 
فحب بني هاشم دعاك إلى ما عملت؟ فقال ابن العجلان: يا ابن العاص أما علمت أنه من 
التمس رضى مخلوق بسخط الخالق حرمه الله تعالى أمنيته وخختم له بالشقاء في آخر عمره؟ 
بنو هاشم أنضر قريش عودا وأقعدها سلف وأفضل أحلاماً. 
يشتم عمربن ذر 
حدثنا محمد بن أحمد بن هارون العسكري قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن عبد 
الحميد قال حدثني رجل قال: جاء رجل إلى عمر بن ذر وهو في بحلسه فشتمهء فلما 
سكت أقبل عمر على أصحابه فقال: ما علم الله فسترء أكثرٌ مما قال هذا وأظهر. 
حين عما المنصور عن أهل الشام 
حدثُنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن حلف السكري قال حدثنا أبو 


حبمابوسعع بيسح البجلس السادس والخمسون حت 
أخبره أن أبا جعفر المنصور حين عفا عن أهل الشام قال له رجل: يا أمير المؤمنين» 
الانتقام عدل» والتجاوز فضل» والمتفضل قد جاوز حد المنصف» فنحن نعيذ أمير 
المؤمنين بالله من أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبين وأن لا يرتفع إلى أعلى الدرجتين. 
ابن الرومي يجود بنمسه 
حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي قال: رأيت علي بن العباس بن جريج الرومي 
يجود بنفسه فقلت له: ما حالك؟ فأنشد: 


في من صرف عن عمله 


قال القاضي أبو الفرج: جرت بيني وبين بعض إخواننا من أهل الأدب مذاكرة جرى 
فيها قطعة مما مدح به من صرف عن عمل كان يتولاه» وما روي عن بعض أهل الأدب 
أنه قال: شيعوا المعزول واستقبلوا الوالي؛ وذكرت ما في هذا من الحكمة وإرهاص المنزلة 
والاحتراس من الظنة وإيئار حسن المحالفة وتمكين المودة» فأنشدني هذا الأخ أبياتاً ذكر أنها 
لجعيفران في إبراهيم بن المدبر وقد عزل عن البصرة» ثم أخبرني صديقنا أبو الحسن بن 
حوزان أنه وجدها في شعر سوار بن أني شراعة وأن الأخفش أنشده إياها لسوار أيضاً 


وهي هذه: 
يا أبا إسحاق سِرٌْ في دعة وامض مصحوباً فما منكَ حَلْفْ 
ليت شعري أي أرض أجدبت فأغيثت بك من هذا العجحف 
نزل الرحمٌ من الله لهم وَحرسَاك لذنب قد سلف 
إتلماآنت ربيمٌ باكرٌ حيث ما صَرّفهُ الله انعرف 


الأحتف يتستر على مغاوية 

حدثنا محمد بن سهل بن الفضل الكاتب قال حدثنا أبو زيد يعني عمر بن شبة قال: 
حدثت أن الأحنف بن قيس كان عند معاوية وليس عنده غيره» فغنت جارية من جواري 
معاوية في جانب الدار» فأقبل على الأحنف فقال: يا أبا بحر لا ترم حتى أعود إليك» إني 
لأطلب حلوة هذه الجارية فلا أكاد أقدر على ذلك» ثم قام في أثرها فكأنما كانت لابنئة 
قرظة امرأة معاوية عين على معاوية» فأقبلت به فلبيته» فقلت لما: أكرمي أسراكم فقالت: 
اسكت يا قواد. 

وصية المهلب لابنه يزيد 
حدثنا عبد الله بن أحمد المعروف بابن النحوي قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن 


اح الجليس الصاح والأنئيس الناصح المج بك ١‏ ع عد 
العباس اليزيدي قال وحدثني محمد بن الحسن الأحول قال حدثنا المدائني قال: أوصى 
المهلب ابنه يزيد فقال: إياك يا بني والسرعة عند مسآلة بنعم) فإن أوهًا سبل وآخرها 
ثقيل في فعلهاء واعلم أن لا وإن قبحت فريما روحت» فإن كنت من أمر تسأله على ثقة 
فأطمع ولا توجب) م افعل) وإن علمت أن لا سبيل إليه) فاعتذر» فإنه من لا يعتذر 
بالعذر فنفسه ظلم. 
ما بين نعم ولا 
قال أبو عبد الله وأنشدنا ثعلب قال أنشدني ابن الأعراي : 
لا تتبعن نعم لا طائعاً أبداً فإن لا أفسدت من بعدها نعم 
إن قلت يوما نعم بدءا فتم ها فإن إمضاءها صنف من الكرم 
قال القاضي رحمه الله: قد أنشدنا هذين البيتين جماعة من شيوخنا عن تثعلب عن ابن 
الأعرائي» قال وأنشدنا أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش لرجل من طيئ هذه الأبيات: 


والله والله لولاأنني فرق ٠‏ من الأمير لعاتبت ابن نبراس 
في موعد قاله لي ثم أخعلفني غداً غداً ضرب أحماس لأسداس 
حتى إذا نحن الجانا مواعده إلى الطبيعة في حفز وإبساس 
أجلت مخيلته عن لا فقلت له لو ما بدأت بها ما كان من باس 
وليس يرجع في لا بعدما سلفت منه نعم طائعاً حر من النساس 


قال القاضي أبو الفرج: وقد روينا في جهات نعم ولا أشياء كثيرة من ملح الأخبار 
ولطيف الأشعار ومن فنون الآداب الغريبة وفوائد العلم النبيبة مما يطول ولا يتسع مجلس 
من محالس كتابنا له» ولكنا نذكر فيما هاهنا طرفاً منه وفيما نستأنفه من مجالسنا هذه ما 


نعثر أولاً عليه. 

وحضرني في باب نعم ولا شيء كنت نظمته وهو: 
لافي مقدمة اللأواء مؤذنة بالمحد والنفي والحرمان والعدم 
وقد رأينا نعم ني أصل بنييتيهبا صيغت مناسبة النعماء والنتعم 

ومما أنشدوناه في ذم لا قول الذي قال: 
قبحت لافإنها خلقت خلقة االجلم 

تذهب العرف والجمي ل وتأتي على الكرم 
اللفات في نعم 


وفي نعم لغتان مشهورتان ولغة شاذة» فأشهر المشهورتين منهما نعم بفتح العين» 
وعليها قراءة الجمهور من أهل الحجاز والشام والعراقيين؛ وقرأ باللغة الثانية عمر بن 
الطاب رضي الله عنه فيما روي عنه وهي نعم ) بكسر العين» وهي قراءة أي وائل 


:سس مجلس السسايع واخنمسوف 22 
شقيق بن سلمة» واختارها الكسائي فقرأ بها في القرآن كله كقوله «إقال نعم وإنكم لمن 
المقربين4 (الأعراف: )١١4‏ ولإقال نعم وإنكم إذن لمن المقربين4 (الشعراء:؟4) 
واللغة الشاذة نعام وبالقراءة الأولى نقرا لاستفاضتها في الخاصة والعامة لغة وتلاوة. وقد 
ذكر عن أبي وائل أنه كان إذا سمع قارثاً يقرأ : نعم بالفتح قال له: نعم وشاءء يعني إبلاً 
وغنماً؛ كما قال زهير. 
فيوم منك حير من أناس كثير حولهم نعم وشاء 

ويقال للإبل والبقر والغنم نعم وأنعام. وقال بعض أهل اللغة يقال للإبل على انفرادها 
نعم» ولا يقال ذلك للبقر والغنم إلا إذ كانت مع الإبل. 

وأما الأنعام فيستوي كل نوع من ذلك في التسمية به نعم» قال ذلك الأصمعي. وقال 

بعضهم أناعيم لجماعة الإبل» يقال: نعم ثم أنعام ثم أناعيم قال ذو الرمة: 


دانى له القيدٌ في ديمومة قذف قينيه وانحسرت عنه الأناعيم 
ومما في نعم 0 


لحام دابتي هذه فقال: نعم أولاء ل فإكن شيخنا أبا جعفر ذهب إلى أن 
هذا إقرار منه بالسرج واللجام. وحكي هذا عن أني حنيفة وأني يوسف ومحمد» واحتج 
بأن قوله : نعم إنعام بالفعل» لا إباء لىع وهذا عندي كما قال. وحكي عن أني ثور أنه قال: 
قوله نعم إقرار وقوله لا ليس بإقرار» وبين فساد قوله بنحو ما قدما بيانه. 
المجلس السابع والخمسون 
رسول الله يعرض نفسه على القبائل 

الأضاحي قال حدثنا عبد الله بن شبيب قال حدثني إسماعيل بن مهران قال حدثني 
أمد بن محمد بن أي نصرٍ عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب عن عكرمة عن ابن 
عباس رضي الله عنه قال حدئني علي بن أبي طالب الت قال: لما أمر رسول الله غَقَمه أن 
يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكرء فدفعنا إلى خلس من ماس 
العرب فتقدم أبو بكر وكان رجلاً نسابة فسلم فردوا السلام فقال: ممن القوم؟ قالوا: من 
ربيعة» قال: من هامتها أو من لمازمهاء قالوا: بل من هامتها العظمى قال: وأي هامتيا 
العظمى؟ قالوا: ذهل الأكبر» قال: فمنكم عوف الذي كان يقال: لا حر بوادي عوف؟ 
قالوا: لاء قال: فمنكم بسطام أبو اللواء ومنتهى الأحياء؟ قالوا: لاء قال: فمنكم 
حسان بن ربيعة حامي الذمار ومائع الجحار؟ قالوا: لا» قال: فمنكم الحوفزان قاتل الملوك 
وسالبها أنفسها؟ قالوا: لا» قال: فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة؟ قالوا: لاء قال: 


جح الجليس الصالح والأنيس اناصح سس ممم هه ١‏ أو 
فأنتم أحوال الملوك من كندة؟ قالوا: لاء قال: فأنتم أصهار الملوك من لخم؟ قالوا: لاء 
قال: فلستم أنتم ذهل الأكبر أنتم ذهل الأصغر. فقام إليه غلام من بني شيبان يقال له 
دعفل حين بقل وجهه فقال: 
إن على سائلنا أن نسأله والعبء لا تعرفه أو تحمله 

ا هذا إنك قد سانا فلم نكتمك شيئاء فسمن الرحل؟ قال: من قريش» قال: بع بع 
أهل الشرف والرئاسة» فمن أي قريش أنت؟ قال: من بني تيم بن مرة» قال: أمكنت والله 
الرامي من صفا النغرة» فمنكم قصي بن كلاب الذي جمع الله به القبائل من فهرٍ فكان 
يدعى مجمعاً؟ قال: لاء قال: فمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون 
عجاف؟ قال: لاء قال: فسكم شبية يمد مطفم طأير السماء الي كأنا وجية تبر 
00 الداجي قال: : قال: أفمن المفيضين بالناس أ: نت؟ قال: لا» قال: 

فمن أهل الندوة؟ قال: لا. قال: أفمن أهل الحجابة؟ قال: لاء قال: أفمن أهل السقاية 

نت؟ قال: لاء قال: فاجتذدب أب بكر رضي لله نه زمام اه فرج إلى سول لله 85" 
ل 

صادف درء السيل درءاً يدفعه يبضبه يرفعه أو يصدعه 

وابم الله لو بشت لأخبرتك أنك من زمعات قريش أو ما أنا بدغفل قل 
رسول الله طَي. قال على فقلت: يا أبا بكر وقعت من الأعرابي على باقعة» قال: أجل. إن 
فوق كل ذي طامة طامة والبلاء موكل بالمنطق. قال على الة: ثم دفعنا إلى بحل آخر 
عليه السكينة والوقار» فتقدم أبو بكرء فسلمء فردوا الكو فقال: ممن القوم؟ قالوا: من 
بني شيبان بن تعلبة» فالتفت إلى رسول الله ويه فقال: أي أنت وأمي يا رسول الله ليس 
بعد هؤلاء عز في قوم. وكان في القوم مفروق بن عمرو وهانئ بن قبيصة والمثنى بن 
حارثة والنعمان بن يزيد. وكان مفروق بن عمرو قد علاهم جمالاً ولساناء وكانت له 
غديرتان تسقطان على تريبته» وكان أدنى القوم إلى أي بكر فقال له أبو بكر: كيف العدد 
فيكم؟ قال: إنا لنزيد على ألف ولن نغلب عن قلة» قال: فكيف المنعة فيكم؟ قال: علينا 
الجهد ولكل قوم حدء قال: فكيف الحرب بينكم وبين عدوكم؟ قال: إنا أشد ما نكون 
غضباً حين نلقى وأشد ما نكون لقاء حين نغضبء وإنا نؤثر جيادنا على أولادناء 
والسلاح على اللقاح» النصر من عند الله تعالى يديلنا لنا وعلينا» لعلك أحو قريش؟ قال: 
إن كان بلغكم أنه رسول الله فها هوذا في الرحلء» قال: قد بلغنا أنه يقول ذلك. قالوا: 
فإلى ما تدعو يا أحا قريش؟ فقال رسول الله َي أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني 
رسول الله وأن تؤووني وتنصروني» فإن قريشاً قد ظاهروا على أمر الله وكذبوا رسله 
واستغنوا بالباطل عن الحق» وهو الله الغني الحميد» قال فإلى ما تدعو أيضاً؟ قال: فتلا 


جم سس سس ص المجلس السابع والخمسون حت 
عليهم رسول الله يي: إقل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا 
وبالوالدين إحساناً) إلى قوله: إذلكم وصاكم به (الأنعام:151١)‏ قالوا: وإلى ما تدعو 
أيضاً؟ قال: فتلا عليهم رسول الله يَيَك: إإن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي 
القربى وينبى عن الفحشاء والمنكر والبغي4 (النحل: )1١‏ الآية. فقال مفروق بن 
عمرو: دعوت والله إلى محاسن الأعمال ومكارم الأحلاق ولقد أفك قوم ظاهروا عليك 
وكذبوك. وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة فقال وهذا هانئ بن قبيصة) 
وهو شيخنا وصاحب حيناء فتكلم هانئ بن قبيصة فقال: يا أخحا قريش قد سمعت 
مقالتك» وإن لنرى تركنا ديننا واتباعنا دينك مجلس جلسته منا لم ننظر في أمرك ولم نتثبت 
ني عاقبة ما تدعو إليه ولهاً في الرأي وإعجالاً في النظرء والوله يكون مع العجلة» ومن 
ورائنا قوم نكره أن تعقد عليهم عقدأء ولكن نرجع وترجع؛ وننظر وتنظر. وكأنه أحب 
أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة فقال: وهذا شيخنا وكبيرنا وصاحب حربناء فتكلم 
المثنى فقال: يا أخما قريش قد سمعت مقالتك» فأما الجواب فهو جواب هانئ بن قبيصة» 
وأما أن نؤويك وننصرك فإنا نزلنا بين صيرين: اليمامة» السمامة. فال رسول الله و2: 
فما هذان الصيران؟ فقال: مياه العرب وأنغهار كسرىء فأما ما كان مما يلي مياه العرب 
فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول» وأما ما يلي أنهار كسرى فذنب صاحبه غير مغفور) 
وعذره غير مقبول؛ وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى أن لا نحدث حدثاً ولا نؤوي 
محدثاء ولسنا نأمن أن يكون هذا الأمر الذي تدعونا إليه مما يكره الملوك» فإن أحببت أن 
تؤويك مما يلي مياه العرب آويناك ونصرناك؛ فقال رسول الله وَي: ما أسأتم الرد إذ 
أفصحتم بالصدق» وليس يقوم بدين الله إلا من حاطه من جميع جوانبه, أرأيتم إن لم تلبثوا 
إلا قليلاً حتى يمنحكم الله عز وجل أموالهم ويفرشكم نساءهم ويورثكم ديارهم 
أتسبحون الله تعالى وتقدسونه؟ فقال النعمان: هذا لكء فتلا عليهم رسول الله عي #إنا 
أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً4 (البقرة: )١١8‏ #وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً4 
(الأحزاب: ”4) ووثب رسول الله يي فأحذ بيدي وقال: يا علي؛ أي أحلام في الجاهلية 
بها يكف الله بأس بعضهم عن بعض وبها يتحاجزون في هذه الدنيا؟! 
تعليقات على الخبر 

قال القاضي أبو الفرج: قول أني بكر رضي الله عنه: من لازمهاء اللهازم: نواحي 

العنق وجوانبه» قال الراجز: 
يا خاز باز أرسل اللهازما 

وقوله: من صفا الثغرة: الصفا الحجر الأملس ومنه إإن الصفا والمروة» «البقرة: 

) قال جرير: 


ع الجليس الصالح والأئيس الناصح جلتلللتتللاد7للللممشمششُششاُُ س1 :تر الت 


هبت شالاً فذكرى ما ذكرتكم إلى الصفاة التي شرقي حورانا 
وقال أبو ذؤيب: 
حتى كأني للحوادث صخرة بصفا المشقر كل يومٍ تقرع 
ويروى بقفا المشقرء ويروى المشرق؛ وذكرت أبياتاً عن لي في بعضها ذكر الصفا 
وقرعها وهي: 
حلفت يمينا برةوشفكعتها فهل أنت مني باليمينين قانع 
فما تازعت نفسي إلى ما كرهته ولا حلتبايوماإليه تنازع 
لقد قرع الواشي بأهون سعيه صفاة قديما أحطأتها القوارع 
فأزعجني في ضعفه وهو ساكن وشرد عن عيني الكرى وهو هاجع 
وأما الثغرة فهي اللبة» قال عنترة: 
ما زلت أرميهم بئغرة نحره ولبانه حتى تسربل بالدم 


وروي ثغرة وجهه. وقال ثابت: الثغرة: الهزمة التي بين الترقوتين. وقوله: الحضبة: 
الدفعة من المطر تجمع هضباء قال ذو الرمة: 
فبات يشئزه أد ويسهره تذوب الريح والوسواس والحمضب 
وأما قول هاني بن قبيصة: وله في الرأي الوله: الحيرة القلق» ولعله قال: وهل» فمن ها 
هنا اشتبه. والوهل: النطأ والغلط والزلل. 
وأما قول المثنى بن حارثة: فإنا نزلنا بين صيرين فإن الصير: الحانب والناحية والحد. 
قال زهير: 
وقد كنت من سلمى سنين ثمانيا على صير أمر ما يمر ولا يبحلو 
شاهك يا أبا مسلم 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أي عبيدة قال حدثني رجل 
من أهل حراسان عن أبيه قال: كنت أطلب العلم فما آتي موضعاً إلا وجدت أبا مسلم قد 
سبقني إليه» فألفني فدعاني إلى منزله. ودعا بما حضر فأكلت, ثم قال: كيف لعبك 
بالشطرنج؟ فقلت: إني لاعب بهاء فدعا بشطرنجه: فتناولت السواد فوضعته بين يدي» 
فتناولها من بين يدي وأعطاني البياض» فأشفت شاهه على القتل» فداحله أمر عظيم؛ 
فاغتممت له. ثم قال لي: العب فقد فرج الله » فخلص شاهه وجعل يقول: 
ذروني ذروني ما قدرت فإنني متى ما أهج حرباً تضق بكم أرضي 
وأبعث في سود الحديد إليكم كتائب سودا طالما انتتظرت نمضي 
قال: فكنت ألاعبه ويلهو بهذين البيتين حتى بلغني خروجه. 


جع سس طح الس السابع والخمسون حت 
وجوه الأعراب شي وأبعث 

قال القاضي أبو الفرج وأبعث فيه من جبة الأعراب ثلاثة أوجه: الجزم على العطف إلا 
أنه لا يستعمل في هذا الموضع لإقامة وزن البيت» والرفع على الاستئناف؛ والنصب بإضمار 
أن والتقدير: يكون مني هيج فأبعث؛ فلا يعطف أبعث على هيج لأن هيج مصدر وأبعث 
فعل فتقدر أن إذ هي والفعل مصدرء فيصح حينئذ عطف الثاني على الأول لأنه عطف اسم 
على اسم ويسمي الكوفيون هذا الوجه الصرف لأنه صرف عن الحزم؛ وقد جاء هذا كثيراً 
في القرآن والشعر؛ قال الله تعالى: إإن تنصروا الله ينصركم ويغبت أقدامكم4 (محمد: 0) 
فجزم الثاني على العطف. قال تعالى: وإوإن تبدوا ما في أنفسكم أو تحفوه يحاسبكم به 
الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء» (البقرة: 1/4) فقرىء فيغفر ويعذب جزماً ورفعاً 
ونصباء وقرا القرأة: أو يوبقبن بما كسبوا ويعف عن كثير ويعلم الذين4 (الشورى: 
4*» 75) بالرفع والنصب في يعلم. وقرىء: «إولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم 
الصابرين4 (آل عمران: 47 )١‏ على النصب والحزم. وقوهم لا تأكل السمك وتشرب اللبن 
بالنصب إذ إذ أريد به النبي عن الجمع بينهما دون الإفراد» وإن أريد النبي عن كل واحد 
منهما فالجزم هو الكلام. وقد أتى كثير من هذا في الشعر» قال الشاعر: 


فإن لم أصدق ظنكم بتيقن فلا سقت الأوصال مني الرواعد 
ويعلم أكفائي من الناس أنني أنا الحافظ الحامي الذمار المداود 
وقال الأعشى: 
ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى مصارع مظلوم بحرا ومسحبا 
وتدفن منه الصالحات وإن يسع يكن ما أساء النار في رأس كبكبا 
فإن يبلك أبو قابوس يهلك ربيع الناس والبلد الحرام 
ومسك بعده بذناب عيش أجب الظهر ليس له سنام 


ويروى بذناب دهر. الحزم في نمسلك والرفع والنصب وجوه جائزة) وجاز في هذا 
البيت الحزم الذي لا يجوز في فيما أنشدناه؛ قيل لعلة أنا ذاكرها إن شاء اللّه. 

وأقول مستعيناً بالله: إن بيت النابغة من النوع الذي يسميه العروضيون الوافر وهو 
أول أنواعه عند جمهورهم) وإذا روي بالرفع والنصب فلا حاف فيه) ويسمى سالماً 
لسلامته من الزحاف» وإذا روي بالجزم سكنت لام مفاعلتن فصار مفاعلتن فنقلت إلى 
مفاعيلن ويسمى معصويباً. وبيت النابغة يروى على وجهين: أجب الظهر بالإضافة) 

١ 6‏ #ولء 

ويصرف أجب فيكسر لإضافته»؛ ويروى أجب الظهر فيفتح وهو في موضع جر إذ هو 
صفة لعيش أو دهر لأنه لا ينصرف والتنوين مقدر في أصله. ومن هذا الباب زيد حسن 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح 9595ةتا22 17 210 
الوجه. قال زهير: 
أهوى لها أسفع الخدين مطرق ريش القوادم لم ينصب له الشرك 
فالنصب في ريش القوادم كالنصب في زيد الحسن الوجه؛ والحسن الوجه أقوى عند 
البصريين من حسن الوجه وهما عند الكوفيين سواء. قال الحارث بن ظالم: 


فما قومي بتعلبة بن سعد ولا بفزارة الشعر الرقابا 
وقال عدي بن زيد: 


وهذا باب من النحو له شعب وفروع ولاستقصائه موضع هو أولى به. 
بين عريب وعلويه 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثنا الفضل بن العباس أبو الفضل الربعي قال 
حدثنا إبراهيم بن عيسى الحاشي قال» قال علويه: أمرني المأمون وأصحاي أن نغدو عليه 
لنصطبح؛» فغدوت فلقيني عبد الله بن إماعيل صاحب المراكب فقال: يا أيها الرجل الظالم 
المعتدي» أما ترحم ولا ترق ولا تستحي من عريب» هي هائمة بك وتحتلم عليك في كل 
ليلة ثلاث مرات؟ قال علويه: وكانت عريب أحسن الناس وجهاً وأظرف الناس وأفكه. 
وأحسن غناء مني ومن صاحبي مخارق؛ فقلت له: مر حتى أجيء معك. فحين دحلت 
قلت له : استوثق من الأبواب فإني أعرف الناس بفضول الحجاب. فأمر بالأبواب 
فأغلقت» ودحلت فإذا عريب جالسة على كرسي بين يديها ثلاث قدور زجاج» فلما 
رأتني قامت إلي فعانقتني وقبلتني وأدخلت لسانها في فمي» ثم قالت: ما تشتهي تأكل؟ 
قلت: قدراً من هذه القدور فأفرغت قدراً منها بيني وبينها فأكانا ثم دعت بالبيل فصبث 
رطلاً فشربت نصفه وسقتني نصفه» فما زلنا نشرب حتى سكرنا. ثم قالت يا أبا الحسن» 
أخحرجت البارحة شعر أي العتاهية فاخترت منه شعرأً» وقلت: ما هو؟ قالت: ؟ 
وإني لمشتاق إلى ظل صاحسب يروق ويصفو إن كدرت عليه 
عذيري من الإنسان لا إن جفوته صفا لي ولا إن كنت طوع يديه 
فصيرناة لست لالت بقي علي فيه شيء فأصلحه؛ قلت: ما فيه شيء» قالت: بلى 
في موضع كذاء فقلت: أنت أعلمء فصححناه جميعاً. جا الحجاب فكسروا الباب 
واستخرجت فأدخلت على المأمون» فأقبلت أرقص من أقصى الصحن وأصفق بيدي 
غني الصوت» فسمع وسمعوا ما لم يعرفوه فاستظرفوه. فال المأمون: ادن يا علويه» 
فدنوك فقال: رد الصوت» فرددته سبع مرات» فقال: أنت الذي تشتاق إلى ظل صاحب 
يروق ويصفو إن كدرت عليه؟ فقلت: نعمء فقال: حذ مني الخلافة وأعطني هذا الصاحب 
بدها. وسألني عن حبره فأحبرته فقال: قاتلها الله فبي أجل أبزار من أبازير الدنيا. 


- 2 لبس صصص ب المجلس السابع والخمسون حت 


من الحكم السياسية 
حدثنا مبارك الطبري قال: سمعت أبا عبيد الله يقول: سعت مير المؤمنين المنصور يقول: 


الخليفة لا يصلحه إلا التقوى») ) والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة؛ 00 
وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة» وأنقص الناس عقلاً من ظلم من هو دونه. 
في وصف الأحمق 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثني أبي قال حدئنا أحمد بن عبيد قال؛ قال 
لميئم بن عدي قال وهب بن منبه: الأحتق ! إذا تكلم فضحه حمقه. وإذا سكت فضحه 
عيه» وإذا عمل أفسد وإذا ترك أضاع. لا علمه يغنيه» ولا علم غيره ينفعه» تود أمه مه لو أنها 
ثكلته وتود امرأته لو أمها عدمته» ويتمنى جاره منه الوحدة» وتأحذ جليسه منه الوحشة؛ 
وأنشد لمسكين الدارمي في ذلك: 


اق الأحمق أن تصحبه إها الأحمق كالثوب الخلق 
كلما رقعت منه جانباً حركته الريح وهنا فانخرق 
أو كصدع في زجاج فاحش هل ترى صدع زجاج يتفق 
وإذا جالسته في مجلس أفسد ا مجلس منه بالمخرق 
وإذا نبته كي يرعوي زاد جهلاً وتمادى في الحمق 


من جاد يهالك للا 0 
قال المعانى: وحدثني أبو النضر العقيلي قال حدثنا أحمد بن أني طاهر قال حدثني أبو 
نمام حبيب بن أوس الطائي قال حدئني محمد بن حالد الشيبائي قال» قال يزيد , بن أني يزيد 
الغساني: من جاد بنفسه عند اللقاء» وبماله عند العطاء فقد جاد بنفسيه كليهما. 
طوق بن مالك يستزير العتابي 
دعامة الشاعر قال: كتب طوق بن مالك إلى العتالي يستزيره ويدعوه إلى أن يصل 
القرابة بينه وبينه» فرد عليه: إن قريبك من قرب منك خيره. وإن عمك من عمك 
نفعه» وإن عشيرتك من أحسن عشرتكء» وإن أحب الناس إليك أجداهم بالمنفعة 
عليك» ولذلك أقول: 
ولقد بلوت الناس ثم سبرتهم وخبرت ما وصلوا من الأسباب 
فإذا القرابة لا تقرب قاطعاً وإذا المودة أقرب الأنساب 
ويروى أكبر. 


ح الجليس الصالح والأيس الناصح جص سس سر ؟ ود 
المجلس الثامن والخمسون 
خطبة لعمر رضي الله عنه 

أخبرنا المعانى بن زكريا قال حدثنا ابن أبي داود عبد الله بن سليمان في شعبان سنة 
ست عشرة وشامائة إملآء من لفظه بتلقين ابنه أي معمر إياه قال حدثنا المسيب بن 
واضح قال حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن سيعد الجريري عن أبي نضرة عن أبي فراس 
قال: حطبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال في حطبته: أيها الناس إنما كنا نعرفكم إذ 
كان رسول الله عِلَهْ بين أظهرناء وكان ينزل عليه الوحي وإذ ينبئنا الله تعالى من أخباركم؛ 
ألا فقد مضى رسول الله يه وانقطع الوحي؛ وإنما نعرفكم بما نقول لكم: من أظهر 
منكم خيراً ظننا به خيراً وأحببناه على ذلك» ومن أظهر منكم شراً ظننا به شراً وأبغضناه 
عليه. أسراركم فيما بينكم وبين الله تعالى. ولقد أتى علي زمان وما أرى أحداً يقرأ القرآن 
يريد به إلا ما عند الله تعالى» وقد خيل إلي أن أناساً يقرأون القرآن يريدون به ما عند 
الناس؛ ألا فأريدوا الله بقراءتكم وأعمالكم ألا وإني لم أبعث عليكم عمالاً ليضربوا 
أبشاركم ولا ليأكلوا أموالكم. ولكن بعثتم ليحجزوا بينكم ويقسموا فيكم فيئكم» فمن 
كانت له قبل أحد منهم مظلمة فليقم. فما قام أحد غير رجل واحد فقال: يا أمير 
المؤمنين إن عاملك ضربني مائة سوط» فسأله عمر لم ضربته فاعتل له فقَال له عمر: قم 
فاستقد منه» فقام عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين إنك إن تفتح هذا على عمالك 
كبر عليهم وكانت سنة يأخذ بها من بعدك» فقال عمر: إني رأيت رسول الله ويه أقاد من 
نفسه» قم فاستقد منهء فقال له عمرو بن العاص: أو فدعنا إذن فلنرضهء قال: دونكم 
فأرضوه. فافتدوا منه بمائة دينار» قال قلنا لعطاء يعني ابن عجلان: وكيف أقص رسول الله 
عن من نفسه؟ قال: أقبل من منى يزور البيت حتى إذا كان ني بعض الطريق عرض له 
إنسان» فكره أن يوطئه فضربه بمخصرته» فلما طاف بالبيت وصلى قال: يا أيها الناس إني 
أقبلت من منى فعرض لي إنسان فضربته بمخصرتي» فإن كان في الناس فليقم. فقام رجل 
فقال له: أناء فقال له رسول لله قَيَك: استقد فقال: بل أعفو يا رسول الله. 

تعليق المؤلف على خطبة عمر | 

قال القاضي أبو الفرج: قد ضمن عمر رضي الله عنه خطبته هذه من الحكم التي 
تتقبلها العقول ويشهد بصحتها المعقول ما فيه أكثر النفع لمن استمع إليه؛ وأجرى أمره 
في دينه عليه» وذكر أنه يحمل الناس في موالاتهم ومعاداتهم على ما أبدوه ويكلهم إلى ربهم 
عز وجل فيما أخفوه» ونصح الناس في ما أمرهم به من أن يريدوا الله تعالى بتلاوة كتابه 
كما كان السلف الذين نزل الوحي بينهم» وأحبر أنه سيأتي من يريد بتلاوته الناس وحطام 
الدنياء ويأتي بالتلاوة للسمعة والرياء» وذكر ما لم يكن عند أحد ممن سمعه رد له ولا مرية 


دلبب سس سيبس سب البجلس الثامن والخمسون حت 
فيه من إنفاذه عماله على الناس للعدل فيهم وأداء حقوقهم إليهم» وأنه حكم بالقصاص 
ممن جنى منهم» وبإانصاف 0 وها نحن في زمان الور فيه ظاهر 
غامر والظالم قاهرء والمظلوم وأما تلاوة القرآن في زماننا فإن من يتلوه فيه تقربا 
إلى ربه واعتباراً به» وتفكراً في حكمه) وتدبراً في آياته» وتفقباً في دينه» فإنه في قلته 
ومهانته وذلته على حد عظيم في منزلته» وهو بمنزلة الكبريت الحمر في عزته» وبمنزلة 
الشامة البيضاء في الثور الأسودء إذا نظر في أمره في عدد أهلهء ومعظم من يتلوه في وقتنا 
إما مباه لأمثاله مفاخرء أو مبار لأشكاله مكائر» أو مستميحاً للحطام والسحت لحرا من 
ذوي البغي والضلالة» واللبو والبطالة بالتغني لهم به على الوجه الذي زجر الله تعالى عنه 
ورسوله من لحان اللاهين وترجيع اللعابين» قد جعل ذلك له طعمة واتخذه لنفسه معيشة» 
ودرت عليه الحبات» والعطايا والصلات» من المغرورين» المسحورين منهم والمفتونين؛ 
المطبوع على قلوبهم» وتعلقوا عند العامة بادعاء التأويل في الخبر الوارد عن النبي ع أنه 
قال: زينوا القرآن بأصواتكمء وبقوله: ليس منا من لم يتغن بالقرآن» فحملوه على غير 
وجهه ووجهوه إلى خلاف ما قصد له به» فكانوا في تلاوتهم للقرآن من الذين ذكر النبي 
عه أنهم يتعجلونه ولا يتأجلونه» وضلوا عن سواء السبيل في ما يتأولونه. 

وقد أتينا من الكلام في هذا المعنى بما ينتفع به الناظر فيه) إذا وقف على معانيه, 
ناصحاً لنفسه مشفقاً من خشية ربه» في كتابنا المسمى: التذكير والتحذير وفي بعض ما 
مضى من بجحالس كتابنا هذا وفي غيرهما. 

تعال فاستقد 

ومما روي عن النبي ود في معنى القصاص الذي ذكره عمر في خطبته ما حدثناه 
إبراهيم بن حماد في المحرم سنة سبع عشرة وثلاشائة قال حدثنا أبو موسى يعني محمد بن 
المننى قال حدئنا وهب بن جرير قال حدئنا أني قال: سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن 
يد بن أي حبيب بن بكير بن عبد الله عن عبيدة بن مسافع عن أبي سعيد الخدري قال: 
بينا رسول الله #ُ يقسم شيئاً إذا أكب عليه رجل فطعنه بعرجون كان في يده فصاح 
لرحل» فقال له رسول الله : فاستقد فقال الرجل: قد عفوت يا رسول الل 

قال القاضي أبو الفرج: وما روي في هذا النحو كثير» وإلى الله تعالى من زمان السوء 
المشتكى والمفر والملجأء وغوثه المأمول المرتجى» وهو حسبنا ونعم الوكيل. 

اضربني ضرياً تقوى عليه 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد الأزدي قال؛ حدثنا أ بو حاتم قال: ضرب رجل من 
ذوي السلطان رجلاً فأوجعه فقال له: أصلحك الله اضربني ضرباً تقوى عليه فإن 
القصاص أمامك. 


سحت الجليس الصاح والأنيس الناصح تس م سبمبببسببببببببببببب ٠‏ ره 7 ع د 
الأشتر وجيداء 


حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثنا عبد الله بن موسى القرشي بن أبي الدنيا 
قال حدثنا محمد بن صالح الحسني قال حدثني أبي عن مير بن قحيف الملالي قال: كان في 
بني هلال فتى يقال له بشر ويعرف بالأشترء وكان سيداً حسن الوجه شديد القلب سحي 
النفس» وكان معجباً بجارية من قومه تسمى جيداءء وكانت الحارية بارعة الجمال» 
فاشتهر أمره وأمرهاء ووقع الشر بينه وبين أهلها حتى قتلت بينهم القتلى وكثرت 
الجراحات» ثم افترقوا واصطلحوا على ألا ينزل أحد منهم بقرب الآخر» قال مير بن 
قحيف: فلما طال على الأشتر البلاء والمحجر جاءني في ذات يوم فقال: يا شيرء هل فيك 
من خير؟ قلت: عندي كل ما أحببت» قال: أسعدني على زيارة جيداء» فقد ذهب الشوق 
إليها بروحي وتنغصت علي حياتي» قلت: بالحب والكرامة» فالهض إذا شفت؛ فركب 
وركبت معه. فسرنا يومنا وليلتنا والغد» حتى إذا أن قربنا من مغرب الشمس نظرنا إلى 
ماقم ودخلنا شا نيا فأئا راحتنا وجلين؛ فجلس عند الراحاتين وقالة ها شير 
اذهب بأبي أنت وأمى فادخل الحي ) واذكر لمن لقيك أنك طالب ضالة) ولا تعرضن 
بذكري بين شفة ولسانء فإن لقيت جاريتها فلانة الراعية فأقرها مني السلام» وسلها عن 
الخبر وأعلمها بمكاني. فخرجت لا أعذر في أمري حتى لقيت الحارية فأبلغتها الرسالة 
وأعلمتها بمكانه وسألتها عن الخبر» فقالت: هي والله مشدد عليها متحفظ منهاء وعلى 
ذلك فموعدكما الليلة عند تلك الشجرات اللواتي عند أعقاب البيوت» فانصرفت إلى 
صاحبي فأحبرته الخبر» ثم مضنا نقود راحلتينا حتى جئنا الموعد, فلم نلبث ! إلا قليلاً إذا 
جيامم قد حاوس صني حتى دنت مناء فوثب إليها الأشتر فصافحها وسلم عليها وقمت 
مولياً عنهماء فقالا: إنا نقسم عليك إلا ما رجعتء فوالله ما بيننا ريبة ولا قبيح نخلو به 
دونك» فانصرفت راجعاً إليهما حتى جلست معبماء فتحدثا ساعة, ثم أرادت الانصراف 
فقال لما الأشتر: أما فيك حيلة يا جيداء» فنتحدث ليلتنا ويشكو بعضنا إلى بعض؟ قالت: 
والله ما إلى ذلك سبيل إلا أن نعود إلى الشر الذي تعلمء قال لما الأشتر: لا بد من ذلك 
ولو وقعت السماء على الأرضء قالت: هل في صديقك هذا من خير أو معه مساعدة لنا؟ 
9 الخير كله؛ قالت: يا فتى هل فيك من خير؟ قلت: سلي ما بدا لك فإني منته إلى 

يك ولو كان في ذلك ذهاب روحيء» فقامت فنزعت ثيابها فجعلتها على فابستهاء ثم 
قالت: انزع ثيابك» فخلعتها فلبستها ثم قالت: اذهب إلى بيتي فادحل إلى خبائي فإن 
زوجي سيأتيك بعد ساعة أو ساعتين فيطلب منك القدح ليحلب فيه الإبل فلا تعطه إياه 
حتى يطيل طلبه ثم ارمه به رمياً ولا تعطه إياه من يدك فإني كذلك كنت أفعل به» فيذهب 
فيحلبء ثم يأتيك عند فراغه من الحلب والقدح ملآن لبناً فيقول: هاك غبوقكء فلا تأحذ 


ح. ءوعو سعط ب ست املس الثامن والخمسون حت 
منه حتى يطيل» نكداً عليه, ثم ذه أو دعه حتى يضعه؛ ثم لست تراه حتى يصبح إن شاء 
الله قال: فذهبت ففعلت ما أمرتني به حتى إذا جاء بالقدح الذي فيه اللبن أمرني أن آحذه 
فلم آحذه حتى طال نكدي عليه ثم أهويت لآخحذه وأهوى ليضعه واحتلفت يدي ويده. 
فانكفا القدح واندفق ما فيه» فقال: إن هذا طماح مفرط» وضرب بيده إلى مقدم البيت 
فاستخرج منه سوط مفتولاً كمتن الثعبان المطوق ثم دحل علي فهتك الستر عني وقبض 
بشعري ثم أتبع ذلك السوط متني» فضربني مهام ثلاثين» ثم جاءت أمه وإحوته وأحت له 
فانتزعوني من يدهء ولا والله ما أقلع حتى زايلني روحي وهممت أن أوجره السكين وإن 
كان فيه الموت فلما خرجوا عني وهو معهم شددت ستري وقعدت كما كنت» فلم ألبث 
إلا قليلاً حتى إذا أم جيداء قد دحلت علي تكلمني؛ فكلمتني وهي تحسبني ابنتهاء فأتقيها 
بالسكات والبكاء» وتغطيت بثوبي دونهاء فقالت: يا بنية اتقي الله ربك ولا تعرضي 
لمكروه زوجكء فذاك أولى بكء فأما الأشتر فلا أشتر لك آخر الدهر. ثم خرجت من 
عندي وقالت: سأرسل إليك أخحتك تونسك وتبيت عندك الليلة» فلبثت غير ما كثير؛ فإذا 
الجارية قد جاءت فجعلت تبكي وتدعو على من ضربني» وجعلت لا أكلمهاء ثم 
اضطجعت إلى جانبي» فلما استمكنت منها شددت بيدي على فمها وقلت: يا هذه تلك 
أحتك مع الأشترء وقد قطع ظهري الليلة في سببهاء وأنت أولى بالستر عليهاء فاختاري 
لنفسك واء فوالله لئن تكلمت بكلمة لأصيحن بجهدي حى تكون الفضيحة شاملة. ثم 
رفعت يدي عنها فاهتزت الحارية كما تهتز القصبة من الزرع؛ ثم بات معي منها أملح 
رفيق رافقته وأعفه وأحسنه حديثاً فلم تزل تتحدث وتضحك مني ومما بليت به من 
الضرب حتى برق النور وإذا جيداء قد دحلت علينا من آخر البيت» فلما رأتنا ارتاعت 
وفزعت وقالت: ويلك من هذا عندك؟ قلت: أحتكء قالت: وما السبب؟ قلت: هي 
تخبرك؛ ولعمر الله إنها لعالمة بما نزل بي» وأحذت ثيابي منها ومضيت إلى صاحبي فركبنا 
ونحن خائفان فلما اطمأننا حدثته بما أصابني وكشفت عن ظهري فإذا فيه ما غرس الله 
من ضربة إلى جانب أخرى» كل ضربة تخرج الدم وحدهاء فلما رأى ذلك قال: لقد 
عظمت صنيعتك ووجب شكرك إذ حاطرت بنفسك فبلغني الله مكافاتك. 

قال الكوكبي وحدثني أحمد بن جعفر المستملي قال حدثنا أبو يونس محمد بن نعيم 
الوراق حدثني محمد بن صالح مثله سواء. 

هذا فصدي أنه 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثني أني قال حدثنا أحمد بن الحارث قال» قال 
أبو عبد الله ابن الأعرائي: كان حاتم الطائي أسيراً في عنزة فقالت له امرأة منهم يوماً: قم 
فافصد لنا هذه الناقة» وكان الفصد عندهم أن يقطع عرق من عروق الناقة ثم يجمع الدم 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح ببح خخ سح الوه 
فيشوى» فقام حاتم إلى الناقة فنحرها فلطمته المرأة» فقال حاتم: لو غير ذات سوارٍ 
لطمتني. فذهب قوله مثلاً. وقالت له النسوة: إنما قلنا له افصدهاء فقال: هكذا فصدي 
أنه. قال أبو بكر: يريد أنا وهي لغة طيئ. 
اللغات فى أنا 

قال أبو بكر وبغير هذا الإسناد: في أنا أربع لغات: أنا قائم بإثبات الألف في الوصل» 
وأنا قائم بإسقاط الألف في الوصلء وأنا قائم بإثبات الآلن في الوصل. وأنه بإدخال هاء 
السكت,ء والرابعة أخبرنا بها أبو العباس عن بعض النحويين عن العرب أن قائم بإسكان 
النون» يراد مها أنا قائم» قال الشاعر: 

أنا شيخ العشيرة فاعرفوني حميداً قد تذريت السناما 
فنصب حميداً على المدح؛ وتذريت معناه ارتفعت إلى ذروة الحسبء» وذكر السنام مثلاً. 
تعليقات وتوضيحات 

قال القاضي أبو الفرج: قد كان أهل الجاهلية فيما ذكر يشوون الدم مخلوطاً بالوبر 
ويأكلونه ويسمونه العلهز. ولما قال حاتم: لو غير ذات سوارٍ لطمتني فأرسلها مثلاً 
صارت كلمة يقوها القائل عند عدو الدقيق الحسب على من هو فوقه) وحين يهتضم 
الرفيع ذا القدر من هو دونه. ويروى أن حاتماً قال في هذا الخبر: هكذا فزدي أنه» وإشام 
الصاد الساكنة الزاي إِذا ولتيها الدال لغة للعرب معروفة جيدة قد قرأ بها في القرآن عدد 
من القرأة كقوله: يصدفون؛ ويصدر الناس» ويصدر الرعاء. والذي رواه لنا أبو بكر ابن 
الأنباري من اللغات في أنا كما روي؛ وقد قرأه بإثبات الألف في الوصل والوقف بعض 
قرأة المدينة في مواضع عدة. وممن روي عنه هذا نافع بن عبد الرحمن 

خالد بِنَ صدوان يرد على ماخر اليمنية 

حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال حدثنا عبد الله بن أني سعد قال حدثني أبو 
جعفر محمد بن إبراهيم بن يعقوب بن داود قال حدثنا الحيثم بن عدي قال: كان أبو 
العباس يعجبه السمر ومنازعة الرجال» فحضره ذات ليلة في سمره إبراهيم بن مخرمة 
الكندي وناس من بني الحارث بن كعب» وهم أخواله وخالد بن صفوان بن إبراهيم 
التميمي فخاضوا في الحديث وتذاكروا مضر واليمن» فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين إن 
اليمن هم العرب الذين دانت لهم الدنياء وكانت لهم القرى؛ ولم يزالوا ملوكاً أربابً» ورثوا 
ذلك كابراً عن كابر وأولاً عن آخرء منهم النعمانيات والمنذريات والقابوسيات والتبابعة) 
ومنهم من حمت لحمه الدير) ومنهم غسيل الملائكة؛ ومنهم من اهتز لموته العرش» ومنهم 
مكلم الذئب» ومنهم الذي كان يأحذ كل سفينة غصباء وليس شيء له حطر إلا وإليهم 
ينسب: من فرس رائع» أو سيف قاطع؛ أو درع حصينة؛ أو حلة مصونة» أو درة مكنونة) 


سس سح الس الثامن والخمسون كت 
إن سئلوا أعطواء وإن سيموا أبواء ولد نزل مهم ضيف قرواء لا ييلغهم مكائر» ولا ينام 
مفاخرء هم العرب العاربة 0 قال أبو العباس: ما أظن التميمي يرضى 
بقولك, ثم قال: ما تقول يا خحالد؟ قال: إن نت أذنت لي في الكلام وأمنتني من الموجدة 
تكلمت» كال: قد أذ للك تكلم ولا عي اح فقال: أخطأ يا أمير المؤمنين المتقحم 
بغير علمِ» ونطق بغير صواب» فكيف يكون ما قال؟ القوم ليست لمم ألسن فصيحة, ولا 
لغة صحيحة» ولا حجة نزل بها كتاب» ولا جاءت بها سنة» وهم منا على منزلتين: إن 
جاروا عن قصدنا أكلواء وان جازوا حكمنا قتلواء يفخرون علينا بالنعمانيات والمنذريات 
وغير ذلك مما سنأتي عليه» ونفخر عليهم بخير الأنام» وأكرم الكرام» محمد الكل ولله عز 
جل علينا المنة به وعليهمء لقد كانوا أتباعه فبه عزوا وله أكرمواء فمنا النبي المصطفى» 
ومنا الخليفة المرتضى» ولنا البيت المعمور والمسعى وزمزم والمقام والمنبر والركن 
والحطيم والمشاعر والحجابة والبطحاءء مع ما لا يخفى من المآثر» ولا يدرك من المفاخر 
وليس يعدل بنا عادل» ولا يبلغ فضلنا قول قائل. ومنا الصديق والفاروق والوصي وأسد 
الله سيد الشهداءء وذو الجناحين وسيف الله عرفوا الدين وأتاهم اليقين» فمن زاحمنا 
زحمناه» ومن عادانا اصطلمناه. ثم التفت فقال: أعالم أنت بلغة قومك؟ قال: نعم. قال: 
فما اسم العين؟ قال: الدحمة قال: فما اسم السن؟ قال: الميزم. قال: فما اسم الأذن؟ 
قال: الصنارة» قال: فما اسم الأصابع؟ قال الشناتر» قال: فما اسم اللحية؟ قال: الزب» 
قال: فما اسم الذئب؟ قال: الكتع) قال فال له: أفمؤمن أن نت بكتاب الله تعالى؟ قال: 

نعم: قال: فإن الله تعالى يقول: إإنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون» (يوسف: )١‏ 
وقال: لإوبلسان عربي مبين4 (الشعراء )١55:‏ وقال: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان 
قومه© (إبراهيم:؛) فنحن العرب والقرآن بلساننا نزل؛ ألم تر أن الله عز وجل قال: 
#والعين بالعين4 (المائدة:45) ولم يقل: الجحمة بالجحمة. وقال: إوالسن بالسن» 
(المائدة: 55) ولم يقل الميزم بالميزم وقال جل اسمه «إوالأذن بالأذن» (المائدة:ه4) 
ولم يقل الصنارة بالصنارة. وقال: #يجعلون أصابعهم في آذالهم» (البقرة:9١)‏ ولم يقل 
شنائرهم في صناراتهم وقال تعالى: «إلا تأخذ بلحيتي ولا برأسي 4 (طه: 5 ولم يقل لا 
تأحذ بزي. وقال: إفأكله الذئب4 (يوسف: )١7‏ ولم يقل فأكله الكتع. ثم قال: أسألك 

عن أربع إن أنت أقررت بهن قهرت وإن جحدتهن كفرت. قال: وما هن؟ قال: الرسول 
منا أو مكم؟ قال: منكم, قال: والقرآن نزل علينا أو عليكم؟ قال: عليكم.؛ قال: فالبيت 
الحرام لنا أو لكم؟ قال: لكمء قال: فالخلافة فينا أو فيكم؟ قال فيكم. قال خالد فما كان 
بعد هذه الأربع فلكم. 


ح الجليس الصاح والأنيس الناصح 155555551110561 5 5ةهته “ان ا 10 111 
المجلس التاسع والخمسون 
رائحة عتبة بن فرقد 
أخبرنا المعافى قال حدثنا أني قال حدثنا أحمد يعني ابن يحيى الحلواني قال حدثنا سعيد 
يعني ابن سليمان عن عباد عن حصين قال: أخبرتني أم عاصم امرأة عتبة بن فرقد قالت: 
كنا عند عتبة نسوة نتطيب فيخرج وهو أطيبنا ريحاً» ما يزيد على أن يدهن» فقلنا: ما 
هذه الريح؟ قال: أحذني الشرى على عهد رسول الله َكَهُ فشكوت ذلك إليه فأمرني أن 
ألبس علي ثوبأء قال: يعني يغطي فرجه؛ ثم تفل ني يده ثم مسح بها ظهري وبطني. 
قال القاضي أبو الفرج: وهذا مما أبان الله تعالى لعباده من فضائل نبيه الك وآياته 
وخصائصه وبركاته» ونحن نرجو إذ هدانا إلى الإيمان به أن نصل إلى شريف المنزلة بعد 
البعث ببركته صلوات الله عليه وسلامه. 
بين معاوية وابِن الزيبير 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال حدثني محمد بن الحسين عن سليمان بن أحمد 
قال: حدئثني عبد الله بن محمد بن حبيب أن معاوية لما حج مر بالمدينة فلقيه عبد الله بن 
الزبير فقال: آدني على الوليد بن عتبة فقد تزايد خطله» وذهب به جهله إلى غاية تقصر 
عنها الأنوق» ودون قرارها العيوق» فال معاوية: والله ما يزال أحدكم يأتيني يغلي جوفه 
غلي المرجل على ابن عمه» فقال ابن الزبير: أما والله ما ذاك عن فرارٍ منه ولا جبن عنه» 
ولقد علمت قريش أني لست بالفه الكهام ولا بالحلباجة النثرء فقال له معاوية: إنك 
لتهددني وقد عجزت عن غلام من قريش لم يبر في سباق ولا ضرب في سياق» وإن شئت 
خلينا بينك وبينه» فقال ابن الزبير: ما مثلي يهارش به ولكن عندك من قريش والأنصار 
ومن ساكني الحجون والآطام من إن سألت حملك على محجة أبين من ظهر الحفير» قال: 
ومن ذلك؟ قال: هذاء يعني أبا الجهم بن حذيفة» فقال معاوية: تكلم يا أبا الحهم. فقال: 
أعفني» قال: عزمت عليك لتقولن» قال: نعم أمك هند» وأمه أسماء بنت أبي بكر وأسماء 
خير من هندء وأبوك أبو سفيان وأبوه الزبير» ومعاذ الله أن يكون أبو سفيان مثلٌ الزيين 
وأما الدنيا فلك وأما الآخرة فله إن شاء الله. 
شرح النص السابق 
قال القاضي أ بو الفرج: قول ابن الزبير لمعاوية: آدني على الوليد معناه أعدني)» وزعم 
بعضهم أن فلاناً يستادي على فلان أفصح من يستعدي» وهما عندي سواء. وقد روي أن 
رجلاً قال للنبي ييك: أعدني على رجل من أصحابك» وقوله: يقصر عنها الأنوق» يعني الرخم 
وهو يرتاد لبيضه شوامخ الحبال وحيث يبعد متناوله ويخفى مكانه» فلا يكاد إنسان يجده أو 
يصل إليه؛ والعرب تضرب المثل في من طلب ما يعز وجوده ويتعذر إدراكه ونيله فيقولون: 


<ح؟. حص المجلس التاسع والخمسون حت 
إنه يطلب بيض الأنوق. وقد روي لنا أن رجلاً سأل معاوية حاجة معتاصة مستثقلة فرده 
عنهاء فسأله حاجة هي أيسر منها إلا أن فيها استصعاباء فقال معاوية: 
طلب الأبلق العقوق فلما لم يئله أراد بيض الأنوق 

والأبلق: الفرسء» والعقوق: ذات الحمل» وذلك في الذكر مستحيل. وبيض الأنوق ما 
فسرنا؛ فلما طلب هذا الرجل أمراً مستبعداً لا سبيل إليه» ثم طلب ما ينال على صعوبة لما 
منع ما لا مطمع له فيه» ضرب معاوية هذا البيت مثلاً له. وهذا من المثال القريب 
والتشبيه المصيب. وأما العيوق فنجم عال معروف. وأما قوله: لست بالفه: فمعنى 
الفباهة في الكلام ما يأتي على غير استقامة) ويقال: أتى فلان في قوله بفهة) أي بقول 
ساقط في لفظه ومعناه. وأما الكبام فالكليل يقال: سيف كهام [ إذا كان نابياً كليلاً. وأما 
الحلباجة فالأحمق. وأما النثر فذو الرأي السخيف واللب الضعيف. كما قال الشاعر: 

هذريان همذر هذاءة موشك السقطة ذو لب نثر 

وأما قول معاوية: لم يبر في سباق: أي لم يسبق مجحارياً فيفضله ويظهر غلبته إياهى 
يقال: أبر فلان على فلان إذا غلبه وزاد في الفضل عليه» يبر إبراراً فهو مبرء كما قال ذو 
الرمة يمدح بلال بن أي بردة: 

أبر على الخصوم فليس خصم ولا خصمان يغليبه جدلا 
رئيس سين اقسواء فال أعد له الشغازب والمحالا 

قال القاضي أبو الفرج: الشغازب: : جمع شغزبة وأ صله أن يدحل الرجل رجله بين 
رجلي الرجل فيصرعه» يقال: صرعه شغزبية. وا محال الكيد والمكر» من قول الله تعالى: 
وهو شديد اخال4 (الرعد:7١)‏ وأما قوله: ولا ضرب في سياق فمعناه أنه لم يرض 
فيحتنك ولم يؤحذ بالتئقيف ولذع التأديب فتستحكم عزيمته وتستحصد مرته. وأما قول 
ابن الزبير: "من ساكني الحجون والآطام": فإن الحجون موضع بمكة معروف وإياه عنى 


الشاعر بقوله: 
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أئيس ولم يسمر بمسكة سامر 
وقال آخر: 
هيجتني إلى الحجون شجون ليته قد بدا لعيني الحججون 


وأما الآطام فإنها جمع أطم» والعرب تسمي ما كان من البيوت مربعاً كعبة» وما كان 
مدورا أطما. وأما الحقير. فإنه الكنانة» وجمعه جفرء قال الشماخ: 

كي أبو عبيدة عن ل" عمرو: الكنانة جعية السهام؛ الكالة مي الرقضة وجمعها 
وفاض؛ الكسائي مثله؛ الأحمر: الحفير والحشير جميعاً الوفضة أيضاً. 


حت الجليس الصالح والأئيس الناصح ا ا 902020 05تة ة ة هه 022 1 0220 
ابن أبي دواد يخرج عيئاً على المعتصم 

حدئنا المسين بن القاسم الكركبي قال حدئني يعقوب بن بنان الكاتب تل حداني أب 
العباس ابن الفرات قال: كنا ليله في دار ) ي الصقّر إسماعيل بن بلبل فوافى يعقوب بن 
إسحاق الصائغ برسالة من أي اقاسم عيد الله بن سليمان في حاجة له فجلس معن إلى 
أن يؤذن له على ) بي الصقر» فجرى ذكر أحمد بن أبي دواد فكل حدث عنه وعن أيامه 
بشيء. فحدثنا يعقوب بن الصالغ قال: لما وجه المأمون بلي ! إسحاق المعتصم إلى مصر 
وعقد له من باب الأنبار إلى أق قصى المغرب قال ليحيى بن أكثم: ينبغي أن ترتاد لي رجلاً 
حصيفاً لبيياً له علم وأمانة وثقة أنفذه مع أي إسحاق» وأوليه المظالم في أعماله واتقدم 
إليه سراً بمكاتبتي ًُ بأخباره وما تجري عليه أموره؛ وبما يظهر ويبطن» وما يرى من أمر 
قواده وخاصته» وكيف تدبيره في الأموال وغيرهاء فإني لست أ تق بأحد ممن يتولى البريد؛ 
وما أحب أن أجشمه بتقليد صاحب البريد عليه فيكون معتمدي عليه وتكون كتبه سرية 
إليك لتقرئني إياها إذا وردت» فقال: يا أمير المؤمنين عندي رجل من أصحاي أثق بعقله 
ودينه ورأيه وأمانته وصدقه ونزاهته. فقال: جئني به في يوم كذا وكذاء فصار يحيى بن 
أكثم بأحمد بن أبي دواد إلى المأمون في اليوم الذي حدّده له. 

فكلمه المأمون فوجده فهماً راجحا فقال له: إني أريد إنفاذك مع أخحي أني إسحاق» 
وأريد أن تكتب بأخباره سرأء وتنفقد أحواله وبحاري أموره وتدبيراته وخبر خاصته 
وحلواته وتنفذ كتبك بذلك إلى يحبى بن أكثم مع ثقاتك ومن تأمنه على دمك» فإني 
أشهر أمرك بتقليد المظالم في عسكره؛ وأتقدم إليه بمشورتك والأنس بك. فقال له أحمد 
أبلغ لك يا أمير المؤمنين في ذلك فوق ما قدرته عندي وبي» وأنتهي إلى ما يرضي أمير 
المؤمنين ويزلف عنده. فجمع المأمون بين أحمد بن أي دواد وبين المعتصم وقال له: إنك 
تشخخص في هذا العسكر وفيه أوباش الناس وجند وعجم وأخلاط من الرعية» ولا بد 
لعسكرك من صاحب مظالم يكون فيه لينظر في أمور الناس» وقد احترت لك هذا الرجل 
فضمه إليك وأحسن صحبته وعشرته؛ فأخذه المعتصم معهء فلما بلغوا الأنبار وافت كتب 
أصحاب البريد بموافاة المعتصم الأنبار» فقال المأمون ليحيى: ترى ما كان من بغداد إلى 
الأنبار خبر يكتب به صاحبك إليك؟ قال فقال يحيى: لعله يا أمير المؤمنين لم يحدث خبر 
تحسن المكاتبة به؛ وكتب يحيى إلى أحمد يعنفه ويستبطئه ويخبره أن أمير المؤمنين قد 
أنكر تأحر كتابه. فلما ورد الكتاب على أحمد ووقف على ما فيه احتفظ به ولم يجب 
عنه؛) وشخص المعتصم حتى وافى الرحبة ولم يكتب أحمد بحرف واحد من أخبار 
المعتصم التي تقدم إليه فيها. وكتب أصحاب البريد بموافاة المعتصم الرحبة وأخبار 
عسكره» فدعا المأمون يحيى بن أكثم فقال: يا أسخن الله عينك» عجبت أن تحتار إلا من 


دن سس ٠‏ 77ح اججلس التاسع والخمسون حت 
هذه سبيله» تختار لي ويحك رجلاً تصفه بكل الصفات فأتقدم إليه بما كنت حاضره فلا 
يكتب من بغداد إلى أن يوافي الرحبة ! إليك كتاباً ني معنى ما اعتمد عليه فيه:؟! قال: فكتب 
يحبى إلى أحمد كتااً أغلظ له المخاطبة وأسعه فيه المكروه ويقول له: ! نما أشخخصناك لما 
تقدمنا به إليك» وإنا إن نما أظيرن تقليدك المطام ليتيسر با أت يه قما هله الطقلة وما 
هذا الجهل بما يراد منك؟ فورد الكتاب على أحمد فقرأه واحتفظ به وسار المعتصم من 
الرحبة حتى وافى الرقة» فدعا المأمون بيحيى فقال له: يا سخمين العين» هذا مقدار رأيك 
وعقلك؟ اللهم إلا أ ن تكون غررتني معتمداً» وأوطأتني العشوة قصداً أولا فتجيئني برجل 
تعلم موقعه عندك وتطلعني على الوقوف عليه فتصفه وتقرظه حتى أودعته سراً من 
أسراري وأمراً ادم على شل أموري, تمضى من ماين السلام إلى ديار مصر فلم يكتب 
يحرف مما أمر بالكتاب به؟! فقال: يا أمير المؤمنين من يعمل بغير ما يؤدي إلى محبتك 
ويقود إلى إرادتك فأذاقه الله بأسكء, والبسه نكالك» وصب عليه عذابك. 

وكتب إلى أحمد كتاباً يشتمل على كل إيعاد وإرهاب وتخويف وتحذير» وخاطبه 
بأوحش مخاطبة وأنكلهاء فورد الكتاب على أحمد فقرأه واحتفظ به. 

وأمر المأمون عمرو بن مسعدة أن يكتب إلى أ ي إسحاق المعتصم كتاباً يأمره فيه 
بالبعثة بأحمد بن أني دواد مشدودة يده إلى عنقه مثقلاً بالحديب محمولاً على غير وطاء. 
فورد الكتاب على على المعتصم ودخل أحمد بن أني دواد إليه وهو بالرقة ما جاوزهاء فرأى 
المعتصم كثيباً مغموماء فقال: أيها الأمير أراك متغيراً وأرى لونك حائلاً» فقال: نعم 
لكتاب ورد علي من حالش ونبة إإيه بالكتاب فتراء ه أحمد تقال اك المعتصم: تعرف لك 
ذنبا يوجب ما كتب به أ مير المؤمنين؟ قال: ما اجترمت ذنباًء إلا أن مير المؤمنين ١‏ 
يستحل هذا ني إلا مجم فما الذي عند الأ فيما كنب بد لك ا مر أمير 
لمؤمنين لا يخالف لك أعُفيك من الفل والحديد ) حملك إليه على حال لا توهنك ولا 
تؤلمك وأوجه بك مع غلام من غلماني أتقدم إليه في ترفيهك وأن لا يعسفكء فقال: 
جراك الله أيها الأمير افضل ما حازى منعما» فإن رأى الأمير أن ياذن لي في المصير إلى 
منزلي ومعي من براعيني إلى أن يردني إلى بلس الأمير فيأمر بأمره فعل» فقال له: امض؛ 
ووجه معه حادما من خحدمه فصار أحمد إلى منزله واستخرج الكتب الثلاثة التي كاتبه بها 
يحبى بن أكثم وهم بالأنبار» والكتاب الذي ورد وهم بالرحبة» والكتاب الذي ورد وهم 
بالرقة» ورجع ![ ى المعتصم فاقراء ه الكتاب الأول ثم الثاني ثم الثالث وقال له: إنما بعثت 
لأكتب بأحبارك وأتفقد أحوالك وأكاتب يحيى بذلك ليقرأه على أمير المؤمنين فخخالفت 
ذلك لما رجوته من الحظوة عندك ولما أملته في غدك. فاستشاط المعتصم غضباً وكاد 
يخرج من ثيابه غيظاً وتكلم ني يحيى بكل مكروه وتوعده بكل بلاء وقال: ويلي على 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح تي 00 
البقار البليد السراويل» وقال لأحمد: يا هذا لقد رعيت لنا رعاية لم يتقدمها إحساننا إليك 
وحفظت علينا ما نرجو أن نتسعء لمكافاتك عليه ومعاذ الله أن أسلمك أو أفرج عنك أو 
تنالك يد ولي قدرة على منعها منك » أو أوثر خاصة وحميما عليك ما امتد بي عمر أو 
تراحى بي أجل» فكن معي فأمرك نافذ في كل ما ينفذ فيه أمري؛ ولم يجب المأمون على 
كتابه» فلم يزل معه إلى أن ولي الخلافة وإلى أن ولي الواثق وإلى أيام المتوكل» فأوقع به. 

قال القاضي أبو الفرج: قول المأمون ليحيى: أوطأتني العشوة يقال فيها: العشوة 
والعشوة. وقال بعض علماء اللغة: الضم فيها أفصح اللغات. 

لا ينقص الكامل نمع عياله 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثئنا محمد بن المرزبان قال حدثنا عبد الله بن 

محمد قال: رأى رجل محمد بن كناسة يحمل بيده بطن شاة فقال له: أنا أحمله لك فقال: 
لا نقص الكامل من كماله ما جر من نفع الى عياله 
شعر لعريب 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا أبو العيناء قال حدثا أحمد بن جعفر بن 
حامد قال: لما توفي عمى محمد بن حامد وهو الذي كانت عريب تحبه صار أبي إلى منزله 
لينظر إلى تركته فأخرج إليه سفط عختوم» فإذا فيه رقاع عريب» فجعل يتصفحها 
ويضحكء فأحذت منها رقعة فإذا فيها شعر لما: 





ويلي عليك وسكا أوقعت في القلب شكا 

زعمت أني خحؤون جوراً على وإفكا 

ولم يكن ذاك مني إلا بحونا وفتكا 

إن كان ما قلت حقاً أو كنت حاولت تركا 

فأبدل الله قلبي بفتكة الحب سكا 
الرشيد ولحم الجزور 


حدثنا محمد بن الحسن بن زياد والمقري قال حدثنا أحمد بن يحيى علب قال حدثنا 
أبو العالية الشامي عن إبراهيم بن المهدي أنه كان يتغدى مع الرشيد في يوم شات» وإن 
الرشيد سأل صاحب المطبخ: هل عنده برمة من الحم الجحزور؟ فأعلمه أن عنده عدة ألوان 
منه» فأمر بإحضار ما عنده منه» فقدمت إليه صحفة ومد يده إلى لقمة منها فأدحلها في 
فيه» فلما حرك لحييه عليها مرتين ضحك جعفر بن يحيى» فسأله الرشيد عن سبب 
ضحكه. وأمسك عن المضغ» فقال: ذكرت كلام دار بيني وبين جاريتي البارحة 
فضحكت منهء فقال له الرشيد: هذا محال» فأخحبرني عن السبب بحقي عليكء فقال له 
جعفر: إذا ابتلع أمير المؤمنين لقمته حدثئته السبب» فأحرج لقمته من فيه وألقاها تحت 


حنئ؟) حص سح اججلس التاسع والخمسون حت 
المائدة» فلما فعل ذلك قال له جعفر بكم يتوهم أمير المؤمنين أن هذا اللون يقوم عليه؟ 
فقال له الرشيد: أتوهمه يقوم علي بأربعة آلاف درهم. فمّال له جعفر: والله إن هذا اللون 
ليقوم عليك بأربع مائة ألف درهم.ء فقال: وكيف ويحك؟ فقال جعفر: سأل أمير 
المؤمنين صاحب المطبخ منذ أكثر من أربع سنين عن برمة من لحم الجزور فأخبره أنه لم 
يتخذهاء فأنكر ذلك علي أمير المؤمنين وقال: لا يفت مطبّخي لون يتخذ من لحم الجزور 
في كل يوب فآنا منذ ذلك البرم أنحر جزوراً في كل يوم لأن الخلفاء لا يبتاع لهم لحم 
الحزور من السوق؛ ولم يدع أمير المؤمنين بشيءٍ من -لحمها إلى يومه هذا. قال إبراهيم: 
وكان الرشيد في أول طعامه ولم يكن أكل إلا ملهوجة واحدةٌ» وكان أشد خلق الله تقززاء 
فصعق حين قال له جعفر ما قال» وضرب بيده اليمنى وفيها الغمر وجهه ومد بها لحيته ثم 
قال: هلكت ويلك يا هارونء واندفع يبكي» وأمر برفع المائدة وطفق يبكي حتى أذنه 
المؤذنون بصلاة الظهرء فأمر بإعطاء ألف ألف درهم وأن يفرق في كل جانب من جانب 
من جانبي بغداد <مسمائة ألف درهم وأن يفرق في كل مدينة من الكوفة والبصرة 
خمسمائة ألف درهي» وقال: لعل الله تعالى أن يغفر لي هذا الذنب. وقام يصلي الظهرء ثم 

عاد في مكانه فلم يزل باكياً حتى أذنه المؤذنون بصلاة العصر وقام فصلى: وعاد 5-9 
إلى أن قرب ما بين صلاة العصر والمغرب» فأحبره القاسم بن الربيع مولاه أن أباه يوسف 
القاضي بالباب فأمره بإدحاله» فدحل وسلم فلم يرد عليه وأقبل يقول: يا يعقوب هلك 
هارون» فسأله يعقوب عن القصة فقال: يخبرك جعفر بها وعاد لبكائه. وحضر جعفر 
فسأله أبو يوسف عن القصة فقال: المخرج للرشيد إلى ما حرج إليه» فحدثه جعفر عن 
الجزور التي كانت تنحر في كل يوم طول تلك المدة ومبلغ ما أنفق في أشانها من الأموال» 
فقال له أبو يوسف: أحبرني عن هذه الإبل التي كانت تبتاع هذه الدراهم هل كانت تترك 
إذا نحرت حتى تفسدء ولا تؤكل لحومها حتى تنتن فيرمى بها؟ قال جعفر: اللهم لاء قال 
أبو يوسف: فكان يصنع بها ماذا؟ قال: يأكلها الحشم والموالي وعيال أمير المؤمنين» فقال 
أبو يوسف: الله أكبر الله أكبر» أبشر يا أمير المؤمنين بالثواب الحزيل من الله عز وجل على 
نفقتك» وأبشر بثواب الله تعالى على ما فتح لك من الصدقة في يومك هذاء ومن البكاء 
للتقية من ربك» فإني لأرجو يا أمير المؤمنين أن لا يرضى الله تعالى من ثوابه على ما قد 
داخلك من النوف من سخطه عليك إلا الجنة» فإنه يقول تعالى: إولمن خاف مقام ربه 
جنتان4 (الرحمن: ”4) وأنا أشهد بالله تعالى أنك حفت مقام ربك» فسري عن الرشيد 
وطابت نفسه ووصل أبا يوسف بأربعمائة ألف درهم.؛ ثم صلى المغرب ودعا بطعامه 
فأكل» فكان غداؤه في اليوم عشاءه. 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح جح حم ا 117 
المجلس الستون 
بايعنا الرسول على السمع والطاعة 
حدثنا عبد الله بن محمد بن ثابت البزازء» قال حدثنا محمد بن عمرو بن أي مذعور قال 
حدثنا عبد الله بن إدريس» قال سمعت يحيى بن سعيد الأنصاري و محمد بن إسحاق وعبيد 
الله بن عمر ومحمد بن عجلان عن عبادة بن الوليد عن أبيه عن جده عبادة بن الصامت قال: 
بايعنا رسول الله عي على السمع والطاعة ني العسر واليسر والمنشط والمكره؛ وعلى أثرة عليناء 
وعلى أن لا تنازع الأمر أهله» وأن نقول بالحق حيث ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم. 
قال القاضي أ بو الفرج: هذا الذي ذكره عبادة أنهم بايعوا عليه رسول الله َه هو دين الله 
الذي أمره بالدعاء إليه والمبايعة عليه» فأداه عن ربه وقام لله تعالى فيه بحقه» نسأل الله تعالى أن 
يوفقنا ويعيننا عليه» ويعصمنا من الزيغ عنه والتفريط فيه. ونرجو إجابته دعاءنا إنه قريب محيب. 
بين العباس بن مرداس وخمّاف 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال حدثئنا أبو حاتم قال قال أبو عبيدة: ذكرت بنئو 
سليم أن العباس بن مرداس ندم على ما كان منه في خفافي» قال فقال في بجمع من قومه: 
جزى الله خفافاً والرحم عني شراء كنت أخف بني سليم من دمائهم ظهرأء و وأخمصهم من 
أذاها بطناًء فأصبحت ثقيل الظهر من دمائهاء منفضج البطن من أذاها وأصبحت العرب 
تعيرني بما كان مني» وايم الله لوددت أني كنت أصم عن هجائه؛ أخرس عن جوابه ولم 
أبلغ من قومي ما بلغت؛ ثم قال: 


الم ترأني كرهت الحروب 
ندامة زار على تفسه 
وأيبقنت أني بمبباجفته 
حياءً ومثلي حقيق به 
وكانت سليمإذا قدمت 
وكنت أنفيء عليها النهاب 
ولم أوقدالحرب حتى رمى 
فأفبت حرياً بأصبارها 
قال القاضي: الأصبار: النواحي 
فإن تعطف اليوم أحلامبا 
فلست فقيرأً إلى حربها 


وأني ندمت على مامضى 
وتللك التي عارهها_ يتقى 
ولم لبس الناس مثل المحيا 
فتى للحوادث كنت الفتى 
وأبلسي علسيها وأحمي الحمى 


ويرجع من ودها ما نأى 
ولابي عن سلمها من غنى 


.عع مجلس الستون حت 

فلما بلغت خفافاً قال: عرف والله العباس حطأ ما ركبء الآن لما فدحته الحرب 
واحتمل ثقل الدماء أنشأ يظهر الندامة» لا والله ما احتلفت الدرة والحرة حتى يبوء بعذر 
أو يلبس نوب ذلء وقال: 





أعباس إِمّا كرهت الحروب فقد ذقت من حرها ما كفى 

والقحت حرباً لها درة زبوناً تسعرها بااللظى 

ولما ترقيت في غيها دحضت وزل بك المرتقى 

وأصبحت تبكي على زلة وماذا يرد عليك البكا 

فإن كنت أخخطأت في حربنا فلسنا مقيليك ذاك المخطا 

وإن كنت تطمع في صلحنا فحاول ثبيراً وركني حرا 
شرح النص 


قال القاضي أبو الفرج: قول العباس بن مرداس: وأخمصهم من أذاها بطناً: من 
المخمصة وهي المججاعة) وخمص البطن اضطماره» يقال: بطن حميص») قال الله تعالى: 
«إفمن اضطر في مخمصة4 (المائدة :"”) ومن الخمص قول أعشى بني قيس بن تعلبة: 


تبيقون في المشتى ملاءً بطونكم وجاراتكم غبر يبتن خمائصا 
ويروى غرئى أي جياعاً. ويقال: امرأة خمصانة إذا دق خصرها. وقال الشاعر: 
' خصانة قاق موشحها روه الشباب شلاما مع 
وقوله: منفضج البطن أراد حلوه من أذاها. وقوله: أفيء عليها النهاب أي أرده ويتجه 


في مدحه نفسه برده النهاب على قومه وجهان: أحدهما أن يستعيد ما انتبب من أمواههم. 
فيرده عليهم؛ والآخر أنه يعف عن غنائمهم ولا يستأثر بها فيحويها لنفسه دونهم» كما 
قال عنترة: 

يخبرك من شهد الوقيعة أنني أغشى الوغى وأعف عند المغنم 

ويقال: فاء الشيء إذا رجع. وأفاء الرجل الشيء على غيره أي رده عليه قال الله 
تعالى: «إما أفاء الله على رسوله من أهل القرى4 (الحشر: 7) أي ما رده؛ ومن الفيء 
قول امرئ القيس: 

تيممت العين التي عند ضارج يفيء عليها الظل عرمضها طامي 

والفيئة الرجعة. وقوله: ويرجع من ودها ما نأى» قد عطفه على قوله: فإن تعطف 
اليوم؛ ووجه الإعراب فيه الحزم؛ إذ هو معطوف على امحزوم على ما يجب في باب الجزاء 
إلا أنه لما لم يجد بداً من الحركة لتمام وزن البيت نوى النون الخفيفة كما قال الشاعر: 

اضرب عنك الحموم طارقها ضربك بالسيف قونس الفرس 


جح الجليس الصالح والأيس الناصح مسح ( عو 

وقد يحمل على إرادة أن وبمعنى الجمع «إولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم 
الصابرين 4 (آل عمران: 47 )١‏ على ما بيناه في ما مضى من المجالس. وأما قول خفاف: 
الآن لما فدحته الحرب معناه أثقلته» كما قال الشاعر: 

إذا لم تزل يوماً تؤدي أمانسة وتحمل أخرى أفدحتك المغارم 

وجاء في الأثر: لا يترك في الإسلام مفدحء فقيل: معناه الذي قد فدحه الدين وأثقله. 
وقال بعضهم في الرواية لا يترك مفدج بالجيم وقيل في تفسيره قولان: أحدهما أنه لا أحد 
يؤدي عنه من أهله: والآحر أنه الجاني الذي لا عشيرة له ولا عاقلة تعقله وتؤدي عنه عقل 
جنايته وأرش جريرته. , 

والدرة ما يحتلب» والحرة ما يجتر. وقوله: ألقحت حربا لها درة أنها تدر وتتصل ويتبع 
بعض مكروهها بعضاً. وقوله: "زبوناً" أي تدفع ببأسها من أصابته» يقال: حرب زبون» 
والزبن: الدفع» ويقال زبنه أي دفعه» ومنه الزبانية» سموا بذلك لأنهم يزبنون أي يدفعون 
أهل النار فيها. قال الله تعالى: «إيوم يدعون إلى نار جبنم دعا» (الطور:؟١)‏ أي 
يدفعون فيها دفعا. 

ويقال: ناقة زبون أي تدفع الحمال» قال الشاعر: 

ومستعجب مما يرى من أناتنا ولو زبنته الحرب لم يترمرم 

ونهى النبي ييه عن المزابنة من هذاء وهو بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر كيلا 

وكذلك بيع العنب بالزبيب» هو من دفع كل واحد من المتزابنين ما يبيعه إلى صاحبه. 
كيف بدأت نقمة المأمون على يحيى بن أكثم 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثنا أبو يوسف يعقوب بن بنان الكاتب قال 
حدثنا علي بن يحبى المنجم أن المأمون كان احتظى يحبى بن أكثم ورفع منزلته وخحص به 
خاصةً باطنةٌ فدخل عليه يوماً وهو يتغدى وعبد الوهاب بن علي إلى جانب المأمون» 
فسلم فرد اع ثم قال: هلم يا أبا محمد؛ يا غلام وضئه» قال: فرج يحيى والطويلة على 
رأسه يتوضأء فقال المأمون: أوسع لأبي محمد فأوسع له عبد الوهاب بينه وبين المأمون 
فغسل يده ودخحل فوضع طويلته من غير إذنه» فال المأمون لعبد الوهاب: عد إلى 
مكانك» وأقعد يحيى بين يديه» وكان ذلك بدء ما نقمه عليه. 

اذا كان عمر بن عبد العزيز كذلك 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثنا أبو العباس» قال حدثنا عمر بن شبة قال 
حدثنا ابن عائشة» قال سمعت أني يقول: قيل ليحيى بن الحكم بن أبي العاص: 9 
عمر بن عبد العزيز ومولده مولده ومنشؤه منشؤه جاء على ما قد رأيت؟ فقال: ! 
أرسله إلى الحجاز سوقة فكان يغضب الناس ويغضبونه» ويمخضهم ويمخضونه» ا 


02ج سس٠سسصسبلسسببب‏ بسح مجلس الستون - 
الحجاج بن يوسف لا يعرف عربي أحسن منه أدبا فطالت ولايته» فكان لا يسمع إلا ما 
يحب؛ فمات وإنه لأحمق وسيئ الأدب. 
حول أبي العتاهية وهو ينشد 
حدثنا محمد بن بحيى الصولي قال حدئنا الغلااي قال حدثنا عبد الله بن الضحاك قال: 
رأيت الناس في النفر وقد اجتمعوا على رجل وهو ينشد؛ فدنوت فقلت: من هذا؟ فقيل: 
أبو العتاهية» وكان ينشد: 


أجاب الله داعسيك وعادى من يعاديك 
كأن الشمس والبدر جميعاً في تراقيك 
وفي فيك جنى النحل وما أحلاه من فيك 
وقد شاع بأن امخغن زيؤذيك ويدميك 
وما يدريك من ذل بك أسماء جواريك 
ولا فاحتة االخل من الطاووس والديك 
تعالى الله ما أ ن ها براك باريك 





فقال له رجل: يا شيخ أفي مثل هذا الموضع؟ قال: وما على من قضى حجه أن يشكو 

به ويصف من هويه. 
حسد إسحاق الموصلي للأصمعي 

حدثنا أحمد بن العباس العسكري» قال حدثنا عبد الله بن أني سعد قال حدثني 
أحمد بن علي بن أي نعيم قال: كان الرشيد يحب الوحدة» فكان إذا ركب حماره عادله 
الفضل بن الربيع؛ وكان الأصمعي يسير قريباً منه بحيث يحادثه؛ وإسحاق الموصلي على 
دابة يسير قريباً من الفضل. نأقبل الأصمعي لا يحدث الرشيد شيئاً إلا سر به وضحك 
منه)» فحسله إسحاق. 

وكان فيما حدثه الأصمعي قال: يا أمير المؤمنين مررت على رجل زانكي جالس 
على بايد قال: ويحاف فم الزانكية فوصفه له قال المسكري: هو ال رط قال: فقلت له: 
يا فتى أيسرك أنك أمير المؤمنين؟ قال: لاح قلت: ولم؟ قال: لا يدعوني أذهب حيث 
شعتء» قال فقال 0 صدق والله ما يدعونا نذهب حيث شثنا. قال: فاستضحك 
الرشيد. قال فقال إسحاق للفضل: ما يقول كذبء, فقال الرشيد: أي شيء قال؟ فأخبره 
فغضب فقال: والله إن كان ما يقول كذباً إنه لأظرف الناس» وإن كان حقاً إنه لأعلم 
الناس فمكث بينهما شر دهراً من الدهرء فال إسحا 


جح الجليس الصالح والأئيس الناصم ببس ممع وم 
أصيمع باهلي يستطيل 
التخار ومعاوية 
حدثنا أبو النضر العقيلي» قال حدثني عبيد الله اليزيدي قال حدثنا محمد بن حبيب عن 
ابن الأعراي قال: دخل النخار العذري النسابة على معاوية وعليه عباءة فكلمه فأعرض 
عنه فقال: يا معاوية إن العباءة لا تكلمك» إما يكلمك من فيهاء فأقبل عليه. 
رؤبة والتسابة البكري 
حدثنا عبد الله بن منصور الحارثي قال حدثنا الفضل بن محمد اليزيدي قال حدثنا أبو 
عنما المازني بكر بن محمد قال حدئنا الأصمعي عن العلاء بن أسلم قال: سمعت روّبة بن 
العجاج يقول: أتيت النسابة البكري فقال لي: من أنت؟ قلت: رؤبة بن العجاج» فقال 
لي: تصرت وعرفت» لماك من قوم عندي إن سكت عنهم لم يسألوني وان حداتهم ام 
يعوا عني» قال قلت: أرجو أن لا أكون كذلكء قال: فما أعداء المرء؟ قال قلت: لا د 
فألحبرني) قال بنو عم السوء إن رأوا قبيحاً أذاعوه وإن رأوا حسناً دفنوه. ثم قال لي: إن 
للعلم آفةَ ونكداً وهجنة؛ فآفته نسيانه» ونكده الكذب فيه وهجنته نشره عند غير أهله. 
عافية بن يزيد القاضي 
حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري قال حدثنا داود بن وسيم البوشئجي ببوشنج قال 
حددنا عبد الرحمن بن عبد الله عن عمه عبد الملك بن قريب الأصمعي أنه قال: كنت عند 
الرشيد يوماً فرفع إليه في قاض كان استقضاه هو يقال له عافية» فكثر عليه فأمر باحضاره 
فأحضر» وكان في بحلسه جمع كثير» فجعل أمير المؤمنين يخاطبه ويوقفه على ما رفع فيه 
وطال المحلسء ثم إن أمير المؤمنين عطس فشمته من كان بالحضرة من قرب منه سواه فإنه لم 
يشمته» فقال له الرشيد: ما بالك لم تشمتني كما فعل القوم» فقال له عافية لأنك يا أمير 
امؤنين ام تحمد الله عز وجل فلذلك لم أشتك» هذا الني # عطس عنده رجلان فشمت 
عنصا وام يشمت الاخخر ثقال: يا رسول لله ما يالك شت داك ولم تشمتتي؟ فقال: إن هذا 
1 نت فلم تحمده فلم أشتك» فقال له الرشيد: ارجع إلى عملك؛ أنت 
لم تسامح في عطسة» ؛ تسامح في غيرها؟ وصرفه منصرفاً جميلاً. 
قال أبو بكر: هذا عافية بن يزيد الأودي قلده المهدي القضاء وأشرك بينه وبين 
محمد بن عبد الله بن علاثة الكلاني» قال أبو بكر فأخبرنا عبد الله بن الحسن الخزاعي عن 
علي بن الجعد قال: رأيت محمد بن عبد الله وعافية بن يزيد وقد أشرك المهدي بينهما في 
القضاء يقضيان جميعا. 
التشميت والتسميت 
قال القاضي أبو الفرج: يقال لما يدعى به للعاطس سمت وشت» وهو بالشين المعجمة 


حع عب 7ح الس الحادي والستون حت 
أفصح في اللغة وأشهر في الرواية» وقيل إنه مأحوذ من قوهم: استأشت الماشية في الرعي 
بمعتى أنها ابسطت فيه. وأما التسميت بالسين المهملة فكأنه أراد به الرفق والتسكين. وأحل 
من السمت ومن القصد ومثله: رفوت فلاناً إذا رفقت به ولاينته كما قال الهذلي: 
رفوني وقالوا يا حويلد لا ترع فقلت وأنكرت الوجوه هم هم 

وقال بعضهم: التشميت مبادرة العاطس بالدعاء له» والمبادرة إلى تشميته كسرعة 
الشامت بالشمائة إلى من يشمت به. وقد ذكر أن بعض جلساء الرشيد شت الرشيد وقد 
عطسء فمَال له بعض الحاضرين: لا ينبغي أن تفعل مثل هذاء ولا تخاطب أمير المؤمنين 
بما يقتضي منه تكلف الرد» وأن بعضهم قال: أصاب المشمت السنة وأصاب المعترض 

عليه أدب امجالسة للسلطان. 

قال القاضي أبو الفرج: قد أصاب المشمت في هذه القصة إصابةً مطلقةً لا حطأ فيها 
ولا شريطة» وأححطأ الراد عليه والمعتذر لمن نهاه والموبخ له» ولو كان الأمر على ما ذكره 
لكان ينبغي للناس ترك السلام على أئمتهم إذا دحلوا عليهم والكف عن تعزيتهم وتبنئتهمء 
وأحق من سمت ودعي في مواطن الدعاء له أمير المؤمنين» وأولى من سارع إلى تحية المسلم 
بأحسن منه تحيته أو مثلها كما أمر الله عز وجل وبادر بتأدية الفرض فيه وفي ما جرى بحراه 
من التشميت وغيره أئمة الدين. وقد كان رسول الله يت يرد على من شته من أمته وأهل 
ذمته ويشمت من عطس من المسلمين بحضرتهء وروي أن اليهود كانوا يتعاطسون عنده 
رجاء أن يدعو لهم. وعلى نحو ما وصفنا مضت الأئمة الراشدون والسلف الصا حون 
والخلفاء المهديون. وذكر أن الحجاج بن يوسف قال للناس يوماً: بلغني أن أمير المؤمدين 
عبد الملل عماس غشمته من حوله قرد عاييم. » فيا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً. 
وروى بعضهم أنه كتب بهذا القول والأمنية إلى عبد الملك. وأكثر من يشير في هذه الأمور 

غير للق من ل رأي له ولا أمانة ولا للأئمة عنده موالاة ولا نصيحة. وقد تجاوزوا هذا 

لى السعي فيما يقدح في المملكة ويشعث أسباب الخلافة» ولكن ما الحيلة إذا كان 

ري ب يذ مي اكه وك من تصرينه على هود فيه دون من تحرف وبضطئع في رقي 
مرتبته وإنزاله منزلته ويؤثر الحق على نفسه وأقربيه ولا يخاف لومة لائم. 

قال 0 وما أتى في سنئة العطاس وما ندب فيه العاطس وأرشد إليه وصفة 
التشميت والرد على المشمت من الآثار والرواية والأحبار ومنظوم الأشعار أكثر من أن 
يحيط امرؤ به في مثل هذا الموضع. 

المجلس الحادي والستون 
حديث هي أشراط الساعة 
أخبرنا المعافى بن زكرياء قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن سعيد أبو الحسن 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح تب خخ حححتهه ع ود 
الترمذي في صفر سنة سبع عشرة وثلاشائة إملاء من أصل كتابه» قال حدثنا أبو سعيد 
محمد بن الحسين بن ميسرة» قال حدثنا أبو بكر محمد بن أبي شعيب الخواتيمي» قال 
حدئنا إبراهيم بن مخلد عن سليم الخنشاب مولى لبني شيبة قال أخبرني ابن جريج عن عطاء 
عن ابن عباس قال: لما حج النبي َه حجة الوداع أحذ بحلقتي باب الكعبة ثم أقبل 
بوجبه على الناس فقال: يا أيها الناس فقالوا: لبيك يا رسول الله فدتك آباؤنا وأمهاتناء ثم 
بكى حتى علا انتحابه فقال: يا أيها الناس إني أحبركم بأشراط القيامة» إن من أشراط 
القيامة إماتة الصلوات واتباع الشهوات والميل مع الموى وتعظيم رب المال» قال فوثب 
سلمان فقال: بأبي أنت وأمي وإن هذا لكائن؟ قال إي والذي نفسي بيده» عندها يذوب 
الملح في الماء مما يرى» ولا يستطيع أن يغير» قال سلمان: بأني أنت وأمي وإن هذا 
لكائن؟ قال إي والذي نفسي بيده إن المؤمن ليمشي بينهم يؤمئذ بالمخافة» قال سلمان: 
بأي أ نت وأمي وإن هذا لكائن؟ قال: إي والذي نفسي بيده عندها يكون المطر قيظا 

والولد غيظاًء تفيض اللئام فيضاًء يغيض الكرام غيضاًء قال سلمان: بأبي أنت وأمي وإن 
هذا لكائن؟ قال: إي والذي تفسي بيده للمؤمن يومئذ أذل من الأمة» فعندها يكون 
المنكر معروفاً والمعروف منكراً ويؤتمن الخائن ويخون الأمين» ويصدق الكذاب» 
ويكذب الصادق» قال سلمان: بأي أ نت وأمي وإن هذا لكائن؟ قال: إي والذي نفسي 
بيده» عندها يكون أمراء جورة» ووزراء فسقة» وأمناء حونة» وإمارة النساء ومشاورة 
الإماء» وصعود الصبيان المنابر» قال سلمان: بلي أنت وأمي وإن هذا لكائن؟ قال: إي . 
والذي نفسي بيده يا سلمان» عندها يليهم أقوام إن تكلموا قتلوهم وإن سكا 
استباحوهم, ويستأثرون بفيئهم يطأون حريمهم ويجار ني حكمهم يليهم أقوام جثاهم جنا 
الناس» قال القاضي أبو الفرج: هو هكذا في الكتاب» والصواب جثثهم جثث الناس 
وقلوءهم قلوب الشياطين لا يوقرون كبيراً ولا يرحمون صغيراً قال سلمان: بأبي أنت وأمي» 
وإن هذا لكائن؟ قال: إي والذي نفسي بيده» يا سلمان» عندها تزحرف المساجد كما 
تزخرف الكنائس والبيع» وتحلى المصاحف, ويطيلون المنابر» وتكثر الصفوفء قلوهم 
متباغضة وأهواؤهم جمة والسنتهم مختلفة» قال سلمان: بلي أنت وأمي وإن هذا لكائن؟ 
قال: إي والذي نفسي بيده عندها يأتي سبي من المشرق يلون أمتي فويل للضعفاء منهم؛ 
وويل لهم من الله قال سلمان: بأبي أنت وأمي وإن هذا لكائن؟ قال: إي والذي نفسي 
بيد عندها يكون الكذب ظرفاً والزكاة مغرماً» وتظهر الرشاء ويكثر الرباء ويتعاملون 
بالعينة» ويتخخذون المساجد طرقاًء قال سلمان: بأني أنت وأمي وإن هذا لكائن؟ قال: إي 
والذي نفسي بيده يا سلمان» عندها تتحذ جلود النمور صفاقاًء وتتحلى ذكور أمتي 
بالذهب ويلبسون الحرير» ويتهاونون بالدماء» وتظهر الخمور والقينات والمعازف»؛ 


حو ؛ سسسب 0 7ب الجلس الحادي والستون حت 
وتشارك المرأة زوجها في التجارة؛ قال سلمان: بأي أنت وأمي وإن هذا لكائن؟ قال: إي 
والذي نفسي بيده يا سلمان» عندها يطلع كوكب الذنب وتكثر السيجان ويتكلم 
الروييضة» قال سلمان: وما الرويبضة؟ قال يتكلم ني العامة من لم يكن يتكلم» ويحتضن 
الرجل للسمنة» ويتغنى بكتاب الله تعالى ويتخذ القرآن مزامير» وتباع الحكم وتكثر 
الشرط؛ قال سلمان: بأني أنت وأمي وإن هذا لكائن؟ قال: إي والذي نفسي بيده؛ عندها 
يحج أمراء الناس وا وتنزهاء وأوساط الناس للتجارة؛ وفقراء الناس للمسألة» وقراء الناس 
للرياء والسمعة؛ قال سلمان: بأبي أنت وأمي وإن هذا لكائن؟ قال: إي والذي نفسي 
بيده؛ عندها يغار على الغلام كما يغار على الحارية البكرء ويخطب الغلام كما تخطب 
المرأة» ويهيا كما تيا المرأة» وتتشبه النساء بالرجال وتتشبه الرجال بالنساءء ويكتفي 
الرجال بالرجال والنساء بالنساءء وتركب ذوات الفروج السروج فعليهن من أمتي لعنة 
الله قال سلمان: بأني أنت وأمي وإن هذا لكائن؟ قال: إي والذي نفسي بيده؛ عندها 
يظهر قراء عبادتهم التلاوم بينهم» أولئك يسمون في ملكوت السماء الأنجاس والأرجاس؛ 
قال سلمان: بي أنت وأمي وإن هذا لكائن؟ قال: إي والذي نفسي بيده» تتشبب 
المشيخحة» قال قلت: وما تشبب المشيخخة؟ قال: أحسبه ذهب من كتابي أن الحمرة هذا 
الحرف وحده حضاب الإسلام والصفرة خحضاب الإيمان والسواد حضاب الشيطان قال 
سلمان: بأبي أنت وأمي وإن هذا لكائن؟ قال: إي والذي نفسي بيده» عندها يوضع الدين 
وترفع الدنيا ويشيد البناء وتعطل الحدود ويميتون سنتي» فعندها يا سلمان لا ترى إلا ذاما 
ولا ينصرهم الله قال: بأني أننت وأمي وهم يومئذ مسلمون كيف لا ينصرون؟ قال: يا 
سلمان إن نصرة الله الأمر بالمعروف والنبي عن النكرء وإن أقواماً يذمون الله تعالى 
ومذمتهم إياه أن يشكوه وذلك عند تقارب الأسواقء» قال: وما تقارب الأسواق؟ قال 
عند كسادها كل يقول: ما أبيع ولا أشتري ولا أربح» ولا رازق إلا الله تعالى. قال 
سلمان: بأني أنت وأمي وإن هذا لكائن؟ قال: إي والذي نفسي بيده. عندها يعق الرجل 
والديه ويجفو صديقه» ويتحالفون بغير الله ويحلف الرجل من غير أن يستحلف 
ويتحالفون بالطلاق» يا سلمان لا يحلف بها إلا فاسق» ويفشو الموت موت الفجاءة 
ويحدث الرجل سوطه؛ قال سلمان: بأني أنت وأمي وإن هذا لكائن؟ قال: إي والذي 
نفسي بيدهء عندها تخرج الدابة»؛ وتطلع الشمس من مغريهاء ويخرج الدجال وريح حمراءء 
ويكون حسف ومسخ وقذف ويأجوج ومأجوج وهدم الكعبة» وتمور الأرضء وإذا ذكر 
الرجل رؤي. 
ابن عباس يتوقع أشراط الساعة 
حدثنا محمد بن الحسن الترمذي» قال حدثنا محمد بن شاذان الجوهري» قال حدثنا 


ح الجمليس الصالح والأيس الناصم ص سس تأ ) وج 
هوذة بن خليفة قال حدثنا ابن جريج قال حدثني ابن أي مليكة قال: غدوت على ابن 
عباس ذات يوم فقال: والله ما نمست حتى أصبحت» قال قلت: ولم ذاك؟ قال: قالوا طلع 
الكوكب ذو الذنب» حشيت أن يكون الدجال قد طرق» فوالله ما نست حتى أصبحت. 
ماده ش رط 
قال القاضي أبو الفرج: قوله: أشراط القيامة يعني أعلامها وأماراتها قال الله تعالى: 
#فبل بنظرون إلا الساعة أن تأتيبم بغتة فقد جاء أشراطها» (محمد: )١/‏ يعني علاماتها؛ 
يقال أشرط الرجل نفسه أي وسمها بسيما وجعل لما علامة تعرف بهاء قال أوس بن حجر: 
فأشرط فيها نفسه وهو معلم وألقى بأسباب له وتوكلا 
والواحد من الأشراط» وشرط المال رذاله» قال الشاعر: 2 7 
وفي شرط المعزى لمن مهور 
وقوله: يكثر السيجان وهي الطيالسة واحدها ساجء ومثله تاج وتيجان ونار ونيران 
وجار وجيران» وقال بعض اللغويين: هي الخضر منها خاصة. 
المؤلف يرى كثيرا من أشراط الساعة 
قال القاضي أبو الفرج: وقد رأينا كثيراً من أشراط القيامة وأدركنا منها ما فيه عظة 
وكأنا بباقيها قد ردف ما فرط من ماضيهاء وحقيق على كل ذي مرة سوي وأخي دين 
رضي أن يبادر ما قد أظله بالتوبة وبحسن الإقلاع والإنابة» ويتأهب لما هو لاقيه لا محالة؛ 
ولا يضيع ما أنعم الله تعالى عليه من المهلة» ولا يغتر بالأماني الكاذبة» فإن أجل الله إذا 
جاء لا يؤخرء والغار نفسه بالتسويف بعد الزجر والتخويف لا يعذرء وفقنا الله وإياكم 
للجد فيما يرضيه» وعصمنا من ركوب معاصيهء وأعاننا على عدوه القاصد بكيده 
لضلالتناء والحريص على غوايتنا واستزلالناء برأفته. 
خطبة عتبة في حجته 
حدثنا محمد بن الحسن بن محمد بن دريد قال حدثنا أبو عثمان عن العتبي عن أبيه عن 
هشام بن صالح عن سعيد القصير قال: حج عتبة سنة إحدى وأربعين والناس قريب 
عهدهم بالفتنة» فصلى بمكة الجمعة ثم قال: يا أيها الناس إنا قد ولينا هذا المقام الذي 
يضاعف للمحسن فيه الأجر وعلى المسيء فيه الوزر» ونحن على طريق ما قصدناء فلا 
تهدوا الأعناق إلى غيرنا فإنها تنقطع دونناء ورب متمن حتفه في أمنيته» فاقبلوا العافية ما 
قبلناها فيكم وقبلناها منكم. وإياكم ولو فإنها أتعبت من كان قبلكم ولن تريح من بعدكم» 
وأنا أسأل الله تعالى أن يعين كلا على كل؛ قال فصاح به أعرابي: أيها الخليفة» فقال: 
لست به ولم تبعد» فقال: يا أخاه فقال: قد أسمعت فقلء» فقال: تالله إن تحسنوا وقد 
أسأنا خير من أن تسيئوا وقد أحسناء فإن كان الإحسان لكم دوننا فما أحقكم 


ح ) ؛ سس بوصو المهلس الحادي والستون حت 
باستتمامه» وإن كان منا فما أولاكم بمكافأتنا» رجل من بني عامر بن صعصعة يلقاكم 
بالعمومة» ويقرب إليكم بالخؤولة؛ قد كثره العيال ووطبه الزمان» وبه فقر وعنده شكرء 
فقال عتبة: أستغفر الله منكم وأستعينه عليكم؛ قد أمرت لك بغناك فليت إسراعنا إليك 
يقوم بإبطائنا عنك. 
قد بلغ السيل الزبى 

حدثنا محمد بن مزيد الخراعي قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا محمد بن الحسن 
قال: لما كثر الطعن على عثمان رضي الله عنه تنحى علي الك إلى ماله بينبع فكتب إليه 
عثمان: أما بعد فقد بلغ السيل الزبى وجاوز الحزام الطبيين وبلغ الأمر فوق قدره» وطمع 

فإن كنت مأكولاً فكن خيرا آكلٍ وإلا فأدركني ولماأمزق 

قال ابن مزيد حدثني بهذا الحديث بعينه أحمد بن الحارث الخزاز عن أني الحسن 

المدائني سنة اثنتين وحمسين ومائتين. 
ظلم آل علي أحب إلى الزبير 

حدثنا ابن مزيد قال حدثنا الزبير بن بكار قال: كان الزبير إذا جاءه من ناحية ولد 

على بن أني طالب عليهم السلام أذى وجاءه من ناحية ولد عمر بن الخطاب و مثله 


قال: والله لأن يظلمني آل علي أحب إلي وينشد: 


تمسير ما تقدم 


قال أبو عبيدة: قوله: بلغ السيل الزى فإنها زبى الأسد التي تحفر له وإنما جعلت مثلاً 
في بلوغ السيل إليها لأنها إنما تجعل ني الروائي من الأرضء ولا تكون في المنحدر» وليس 
يبلغها إلا سيل عظيم. 
قال القاضي أبو الفرج رحمه الله: وقوله: وجاوز الحزام الطبيين يعني قد اضطرب من 
شدة السير حتى خلف الطبيين من اضطرابه» يضرب هذا المثل للأمر الفظيع الفادح 
الجليل: وأما قوله: 
فإن كنت مأكولاً فكن خير آكل وإلافادركي ولماأ مزق 
فإن هذا بيت دمثل به لشاعر من عبد القيس جاهلي يقال له الممزق» وإنما سمي ممزقا 
لبيته هذاء وقال الفراء الممزق. 
قال القاضي أبو الفرج: ومن الزبية التي هي مصيدة الأسد قول الطرماح بن حكيم: 
يا طيئ السهل والأجبال موعدكم كمبتغي الصيد أعلى زبية الأسد 


وقال الراجز: 


د الجليس الصاح والأئيس الناصح ع كك لاحر 5 5 د 


قد كنت في الأمر الذي قد كيدا كاللذ تزى زبية فاصطِيدا 
اللذ: لغة في الذي. ومن العرب من يقول اللذ بكسر الذال من غير إثبات ياء كما قال 
الشاعر: 
ويقال من هذه اللغة يعني الذ مسكنة الذال» في المؤنث اللت» قال الشاعر: 
فقل للت تلومك إن نفسي أراها لا تعلل بالنمسير 


والزبية على ما بينا لا تتخذ إلا في قلة رابية أو رأس قلعة أو هضبة؛ قال العجاج: وقد 
علا السيل الزبى فلا غير أي جل الأمر عن التلاني والإصلاح للتغيير» وقيل إن الغير هاهنا 
الديات» والمعنى لكثرة القتل. ومن الغير بمعنى الديات قول هدبة بن النشرم: 
لنجدعن أنوفاً من أنوفكم بني أمية أن لا تقبلوا الغيرا 
والعرب تقول في شدة الأمر تفاقمه واستشراء الشر وتعاظمه: قد علا الماء الزى» 
وانقد في البطن السلى» وبرح الخفاء وحلت الحباء وبلغ السكين العظيمء والتقت حلقتا 
البطان» وهو مضارع لقولهم: بلغ الحزام الطبيين» قال أوس بن حجر: 
وازدحمت حلقتا البطان بأقف وام وطارت نفوسهم جزعا 
ومن أفصح ما أتى في هذا المعنى ما جاء القرآن به وذلك قوله عز وجل: #والتفت 
الساق بالساق© (القيامة:5؟) وقال الشاعر: 
وقامت الحرب بنا على ساق 
والطبيان تثنية طبي وجمعه أطباء» ويقولون: التقت حلقتا البطان والحقب» ومنه: 
أشدد بمثنى حقب حقواها 
ويقال حقب البعير إذا صار الحزام في الحقب» قال الشاعر: 
إذا ما حقب جال شددناه بتصدير 
والأطباء موضع الثدي من السباع» ويقال لذلك الموضع من ذوات الخف والظلف 
أحلاف والواحد حلف» قال ابن عبدل: 
وأحلب الثرة الصفي ولا أجهد أحلاف غيرها حلبا 
عتاب بين علي وعثمان 
وحدثني عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي قال حدئثنا أبو العباس محمد بن يزيد 
الأزدي قال: ويروى عن قنبر مولى علي قال: دخحلت مع على على عثمان فأحبا الخلوة 
تأومى الي علي بلتشحي فتنحيت غير بعيدء فجعل عثمان يعاتب علياً وعلي مطرق» فاتبل 
عليه عثمان فقال: ما لك لا تقول؟ قال: إن قلت لم أقل إلا ما تكره» وليس لك عندي 
إلا ما تحب؛ قال أبو العباس: تأويل ذلك أني إن تكلمت اعتددت عليك بمثل ما اعتددت 


د هه سسسب وح املس الحادي والستون حت 
به علي فلذعك عتاي» وعقدي أن لا أفعل وإن كنت عاتباً إلا ما تحب. 
تأويل المؤلفف معنى العتاب 
قال القاضي أبو الفرج: هذا الذي تأوله أبو العباس وجه مفهوم, وفي هذا القول تأويل 
آخرء وهو أن يكون أراد أنه إن شرع في مخاطبته بما استدعي أن يخاطبه فيه ذكر له أنه أتى 
بخلاف الأصوب عندهء وترك ما كان الأولى به أن يفعله؛ إلا أنه لإشفاقه عليه مع إيثاره 
النصيحة له آثر محبته وكره إظهار ما فيه تثريب عليه أو لائمة له وهذا التأويل عندي أصح 
من تأويل أبي العباس» وقد ورد في معناه ما يشهد لما وصفناه في القصة التي ذكرنا. 
عثمان يشكو عليا إلى ابن عباس 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثنا عبد الرحمن بن منصور قال حدثنا العتبي 
عن أبيه قال: بعث عثمان بن عفان إلى ابن عباس وهو محصور عنده مروان بن الحكمء 
فقَال عثمان: يا ابن عباس أما ترى إلى ابن عممك كان الأمر في بني تيم وعدي فرضي 
وسلم حتى إذا صار الأمر إلى ابن عمه بغاه الغوائل» قال ابن عباس فقلت له: والله إن ابن 
عمي ما زال عن الحق ولا يزول» ولو أن حسناً وحسيناً بغيا في دين الله الغوائل لحاهدهما 
في الله حق جبهاده» ولو كنت كأني بكر وعمر لكان لك كما كان لأني بكر وعمر بل كان 
لك أفضل لقرابتك ورحمك وسنك» ولكنك ركبت المر وهاباه. قال ابن عباس: 
فاعترضني مروان فقال: دعنا من تخطئتك يا ابن عباس فأنت كما قال الشاعر: 
دعوتك للعتاب ولست أدري أمن حلفي المنية أم أمامي 
فشققت الكلام رمي بال وقد جل الفعال عن الكلام 
إن يكن عندك لمذا الرجل غياث فأغثه» وإلا فما أشغله عن التفهم لكلامك والفكر 
في جوابكء؛ قال ابن عباس» فقلت له: هو والله كان عنك وعن أهل بيتك أشغل إذ 
أوردتموه ولم تصدروه؛ ثم أقبلت على عثمان رضي الله عنه فقلت له: 
جعلت شعار جلدك قوم سوء وقد يجزى المقارن بالفرين 
فما نظروا لدنيا أنت فيبا بإصلاح وما نظروا لدين 
ثم قلت له: إن القوم والله غير قابلين إلا قتلك أو حلعك» فإن قتلت على ما قد 
علمت وعملت»ء وإن تركت فإن باب التوبة مفتوح. 
قال القاضي أبو الفرج: فقد أنبأ هذا الخبر أن أصح التأويلين في ما قاله علي لعثمان في 
الخبر المتقدم هو ما وصفنا. 
حق العالم على غيره 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثنا أبي قال حدثنا أحمد بن عبيد قال أحبرنا 
ابن الأعرائي وسهل بن هارون قالء قال علي بن أي طالب الكلتكل: من حق العالم أن لا 


جح الجليس الصالح والأنتيس الناصح حب سس سس سح وو وج 
تكثر عليه السؤال ولا تعنته في الجواب» ولا تلح عليه إذا كسل» ولا تأخذ بثوبه إذا نجمض» 
ولا تفشي له سراء ولا تغتاب عنده أحداًء وأن تجلس أمامه؛ وإذا أتيته حصصته بالتحية 
وسلمت على القوم كافة» وأن تحفظ سره ومغيبه ما حفظ أمر الله عز وجل؛ فإنما العالم 
بمنزلة النخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيء؛ والعالم أفضل من الصائم القائم الغازي 
في سبيل الله تعالى: وإذا مات العالم شيعه سبعة وسبعون ألفأ من مقردي السماء وإذا مات 
العالم انثلم بموته في الإسلام ثلمة لا تسد إلى يوم القيامة. 
ليلة قر 

حدئنا حمد بن يحبى الصولي قال حدثنا أحمد بن يحيى علب قال حدثنا أحمد بن 
سعيد بن سلم الباهلي عن أبيه قال: أدخلت إلى الرشيد يوماً فقال لي: أنشدني في شدة 
البرد فأنشدته لابن 57 السعدي: 
في ليلة من جمادى ذات أندية لا ييصر الكلب من ظلمائها الطنبا 
ما ينبح الكلب فيها غير واحدة حتى يلف على خرطومه الذيبا 

قال القاضي: وقد روي على خيشومه. 

فقال هات غير هذاء فأنشدته: 


وليلة قر يصطلي القوس ربها وأقدحه اللائي بها يتنبل 
فقال لي ما بعد هذا شيء. قال الصولي وأنشدني عبد الله بن المعتز لنفسه: 
وليل يود المصط لون بناره لو أنهم حتى الصباح وقودها 
رفعت ها ناري لمن يبتغي القرى على شرف حتى أتتها وفودها 
شرح وتوضيح 


قال القاضي: قول ابن محكان ذات أندية: ذكر جمهور أهل العلم أن جمع الندىء» أنداء 
على أفعال وأنه الباب في هذا النوع من المقصورء وأن الباب في الممدود من جنسه على 
أفعلة ومنه حشا وأحشاء وطلا وأطلاء وأما الممدود فمنه عطاء وأعطية وخلاء وأحلية 
وقباء وأقبية» ألا ترى أنهم يقولون هوى في هوى النفس مقصور ويجمعونه أهواءء قال الله 
تعالى ذكره: #واتبعوا أهواءهم» (محمد: )١17 2١4‏ وقالوا في جمع هواء الحو الممدود 
أهوية» وأن أندية في بيت ابن محكان شذ عن القياس. وزعم بعضهم أن أندية في هذا 
البيت جمع ناد وهو المحلس» وأن المعنى أم نهم كانوا يجلسون ني النادي يصطلون عند شدة 
البرد» وأن ذلك بمنزلة قولحم واد وأودية» وقيل إنه جمع ندي وهو مثل النادي» وأنكر 
هؤلاء جمع الندى الذي هو في معنى الطل أندية.وقد زعم الفراء في قول الله تعالى: 
#وأاحسن ندياً4 (مريم: 7) أن الندي تجمع أندية والنادي نوادي القوم. وقال: ولو 
جمعت الندى نوادي والنادي أندية كان صواباً لأن معناهما واحد. 


مو سسسب بسح البجلس الثاني والستون -ح 

قال القاضي أبو الفرج: يتجه صرف الأندية في بيت ابن محكان إلى وجه يطرد في 
القياس جمعه على أفعلة لكن المعنى الظاهر أنه عنى به يبطل أو يتشعث؛» والذي عندي في 
هذا أنهم جمعوا الندى بمعنى الطل أنداء على أصله وقياسه ذو أندية على الشذوذ وإدحاله 
في غير بابه» كما قالوا في جمع رحى أرحاء على القياس وأرحية على الشذوذء والباب في 
الجمع أحد الأبواب التي أخحرج كثير منها عن أصل قياسه والحق بغير بابه. ومن الأندية 
بمعنى امالس قول الشاعر: 

يومان يوم مقامات وأندية ويوم سير إلى الأعداء تأويب 

التأويب: سير النهارء والسرى: سير الليل» والإساد: سير الليل والنهار» هذا قول 
محققي أهل اللغة في هذه الفصول التي ذكرناها في هذا الباب من الجمع. وقد استقصينا 
القول فيها وفيما يضارعها وني البيت الذي أنشدناه في بيت ابن محكان في موضع غير 
هذاء وأتينا فيهما بما لم نر لإعادته في هذا الموضع وجهاًء وقد روينا خبراً في هذه القصة 
وفيها أبيات لابن محكان عدة وفي أوها: 

يا ربة البيت قومي غير صاغرة ضمي إليك رجال القوم والقربا 
ولعلنا أن نورد هذه الرواية فيما بعد إن شاء الله تعالى. 
المجلس الثاني والستون 
يا عبادي كلكم مذنب إلا من عافيت 

أخبرنا المعانى قال حدثنا إبراهيم بن الفضل ال حلواني سنة سبع عشرة وثلاشائة قال 
حدئنا أحمد بن حازم الكوفي قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدئنا شيبان عن ليث 
عن شهر بن حوشب الأشعري عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي ذر عن رسول الله صلى 
الله عليه وعلى آله قال: إن الله عز وجل يقول يا عبادي كلكم مذنب إلا من عافيت» 
فاستغفروني أغفر لكم» ومن علم منكم أني ذو قدرة على المغفرة فاستغفرني بقدرتي 
غفرت له ذنوبه» وكلكم ضال إلا من هديت فسلوني أهدكم وكلكم فقير إلا من أغنيت 
فسلوني أرزقكمء ولو أن أولكم وآحركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا 
على إشقاء قلب عبد من عبادي لم ينقص ملكي جناح بعوضة؛ ولو أن حيكم وميتكم 
وأولكم وآخركم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا فسأل كل سائل ما بلغت أمنيته فأعطيت 
كل سائل ما سأل لم ينقص ملكي إلا كما لو أن أحدكم مر على شفة البحر فغمس فيه 
إبرة ثم انتزعباء وذلك بأني جواد واجد أفعل ما أشاءء عطائي كلام» وعذابي كلام إذا 
أردت شيئاً فإها أقول له كن فيكون. 

تعليق على الحديث 
قال القاضي أبو الفرج: في هذا الخبر ما يبعث على التفكر في عظمة الله ورأفته 


حت الجليس الصاح والأنيس الناصح سسسب سس 37 8 حت 
ورحمته وسعة ملكه وجوده وكرمه» ويدعو إلى توجيه كل راغب إليه رغبته ومسألته 
ومغفرته وإنزاله كل حاجة به ثقة بتفضله وإيماناً بأنه الملك الأعز الأكرم وحده الذي بيده 
ملكوت كل شيءء وهو يجير ولا يجار عليه؛ وأنه لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه» وأن 
الفضل كله بيده اللهم فاغفر لنا ذنوبنا واستر عيوبنا واكشف كروبنا وطهر قلوبنا فقد 
فرطنا في أمورنا وظلمنا أنفسناء وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين» اللهم 
وأجرنا من سخحطك واعصمنا من معصيتك ووفقنا لطاعتك وأعنا على عبادتك وأوزعنا 
شكر نعمتك وأهمنا ذكرك؛ ويسر لنا الحلال الطيب من رزقك والبسنا عافيتنك وافتح لنا 
أبواب فضلك وأحينا متقلبين في نعمك منعمين بخيرك واحتم لنا خير خحاتمة وأكرمنا 
بحسن المنقلب» واجعل قبضك إيانا راحة لنا من فتن الدنيا ومهالكها ومفضياً بنا إلى 
روح الحنة وممالكهاء إنك جواد كريم رؤوف رحيم. 
وصية عبد الملك لأبتائه 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال أحبرنا أبو حاتم عن العتبي قال: لما حضرت عبد 
الملك بن مروان الوفاة جمع ولده وفيهم مسلمة وكان سيدهم فقال: أوصيكم بتقوى الله 
تعالى فإنها عصمة باقية وجنة واقية» وهي أحصن كهف وأزين حلية» وليعطف الكبير 
منكم على الصغير» وليعرف الصغير منكم حق الكبير» مع سلامة الصدور» والأحذ 
بجميل الأمور» وإياكم الفرقة والخلاف فبهما هلك الأولون» وذل ذوو العزة المعظمون. 
انظروا مسلمة فاصدروا عن رأيه فإنه نابكم الذي عنه تفترون وبمجنكم الذي به تستجنون» 
وأكرموا الحجاج فإنه وطأ لكم المنابر وأثبت لكم الملك» وكونوا بني أم بزرة وإلا دبت 
بينكم العقارب» كونوا في الحرب أحراراً وللمعروف منارء واحلولوا في مرارة» ولينوا في 
شدة» وضعوا الذخائر عند ذوي الحساب والألباب» فإنه أصون لأحسابهم وأشكر لما 
يسدى إليهم. ثم أقبل على ابنه الوليد فقال: لا ألفينك إذا مت تجلس تعصر عينيك وتحن 
حنين الأمة» ولكن شر وائتزر والبس جلدة نمر ودلني في حفرتي وخلني وشأني وعليك 
وشأنكء ثم ادع الناس إلى البيعة فمن قال هكذا فقل بالسيف هكذا. ثم أرسل إلى عبد الله 
ابن يزيد بن معاوية وخالد بن أسيد فقال: هل تدريان لم بعثت إليكما؟ قالا: نعم لترينا 
أثر عافية الله تعالى إياك» قال: لاء ولكن قد حضر من الأمر ما تريان» ؛ فهل في أنفسكما 
من بيعة الوليد شيء؛ فقالا: لا والله ما نرى أحداً أحق بها منه بعدك يا ) مير المؤمنين» 
وقال: أولى لكماء » أما والله ولو غير ذلك قلتما لضربت الذي فيه أعينكماء ثم رفع فراشه 
فإذا السيف مشهورء ولم يزل بين مقالتين حتى فاظء مقالته الأولى: 

فبل من خالد إما هلكنا وهل بالموت يا للناس عار 
ومقالته الثانية: الحمد لله الذي لا يبالي من أخحذ من خلقه أو ترك» صغيراً أو كبيراً 


<عه:؛ ببسب سس سس ب سح البهولس الثاني. والستون عحت 


حتى مات» فسجاه الوليد» وكان هشام أصغر ولده فقال: 


وما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما 
فلطمه الوليد ثم قال له: اسكت يا ابن الأشجعية فإنك أحول أكشف» تنطق بلسان 
شيطان. ألا قلت: 
إذا مقرم منا ذرى حد نابه تخمط منا ناب آخر مقرم 
فقال مسلمة: إياكم والضجاج فإنكم إن صلحتم صلح الناس» وإن فسلتم كان الفساد 
أسرع» ثم ثم قال: 
لقد أفسد الموت الحياة وقد أتى على شخصه يوم علي عصيب 
فإن تكن الأيام أحسن مرة إلى فقد عادت لمن ذنوب 


أتى دون حلو العيش حتى أمره نكوب على آثارهن نكوب 
فقال سليمان: مات والله أمير المؤمنين وصار في منزلة هو فيها والذليل الضعيف 
سواء. ثم صعد المنبر الوليد فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي قُيَُ ثم قال: إنا لله وإنا 
إليه راجعون يا للها مصيبة ما أعظمها وأفظعهاء وأخصها وأعمها وأوجعهاء موت أمير 
المؤمنين» ويا ها نعمة ما أعظمها وأجسمها وأوجب الشكر علي لله فيها: حلافته التي 
سربلنيها. فكان أول من عزى نفسه وهنأها بالخلافة. ثم قال: الهضوا رحمكم الله فبايعوا 
على بركة الله. فلما بايعه الناس جلس مجلس عبد الملك وجمع أهل بيته ثم قال: 
ألقوا الضغائن والتحاسد بينكم عند المغيب وفي الحضور الشهد 


بصلاح ذات البين طول بقائكم إن مد في عمري وإن لم يمدد 
فلمثل ريب الدهر ألف بينكم بتواصل وتراحم وتودد 
وانفوا الضغائن والتخاذل عنكم بجهكرموتوازر وتغمد 
حتى تلين جلودكم وقلوبكم لمسود منكم وغير مسود 
إن القداح إذا اجتمعن فرامها بالكسر ذو حنق وبطلش أيد 
عزت فلم تكسر وإن هي بددت فالوهن والتكسير للمتبدد 
شروح وتعليقات 
قال القاضي: قوله: تحن حنين الأمة» الحنين: البكا» وقيل صوت البكاء» كما قال 
الشاعر: 
فلا اتبكواعلي ولا تحنوا بقول الإثم إن الالئلم حوب 


وأما نمثل هشام بالبيت الذي ذكرناه فإنه لعبدة بن الطبيب قاله في قيس بن عاصم 
يرئيه في شعر له وهو: 
عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمسته ما شاء أن يترحما 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح سس _- سل هق ه غ حم 
تحية من أسديته منك نعمة إذا زار عن شحط بلادك سلما 
فما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما 
ويروى: هلك واحدء رفعاً ونصبأء فمن نصب فعلى أنه خبر كان» وجعل قوله هلكه 
بدلاً من قيس» البدل المعروف بالاشتمال لاشتماله على المعنى» كقولك أعجبني عبد الله 
علمه؛ المعنى: أعجبني علم عبد الله. 
قال الله تعالى: #إيسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه» (البقرة: 17١؟)‏ المعنى: 
يسألونك عن قتال في الشهر الحرام. ومن هذا النوع قول الأعشى بهجو الحارث بن وعلة: 
لعمرك ما أشبهت وعلة في الندى شائله ولا آباه المجالدا 
المعنى: شائل وعلة؛ والبدل في الكلام له أقسام وفروع وأحكامء والكوفيون يعبرون عن 
هذا الباب بالتكرير والترجمة والإتباع» ولبسطه وشرحه موضع هو أولى به وقد ذكرناه في 
غير موضع من كتبنا وضمنا طرفاً منه في كتابنا المسمى الشافي في طهارة الرجلين. 
حوار بين ابن الزيير وابن عباس 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال أخبرنا أبو عكرمة الضبي عامر بن عمران قال 
أخبرنا العتبي عن أبيه قال: لما حرج الحسين بن علي عليهما السلام إلى الكوفة اجتمع ابن 
عباس وعبد الله بن الزبير بمكة؛ قال: فضرب ابن عباس على جنب ابن الزبير وتمثل: 
يا لك من قبرة بمعمر خلا لك الحو فبيضي واصفري 
00 ونقري ما شت أن تققري 
خلا والله يا ابن الزبير الحجاز وصار الحسين إلى العراق؛ قال فقال ابن الزبير لابن 
عباس: والله ما ترون إلا أنكم أحق بهذا الأمر من سائر الناس» فقال له ابن عباس: إما 
يرى من كان في شلك فأما نحن فمن ذلك على يقين؛ ولكن أخبرني عن نفسك: لم 
زعمت أنك أحق بهذا لامر من سائر العرب؟ قال ابن الزبير: لشرني عليهم قديماً لا 
ينكرونه» قال: فأيما أشرف أنت أم من شرفت به؟ قال: إن الذي شرفت به زادني شرفاً. 
قال: وعلت أصواتهماء فال ابن أخ لعبد الله بن الزبير: يا ابن عباس دعنا من قولك فوالله 
لا تحبونا يا بني هاشم أبداً قال: فحفقه عبد الله بن الزبير بالنعل وقال: أتتكلم وأنا 
حاضر؟» فقال له ابن عباس: لم ضربت الغلام وما استحق الضرب وإنما يستحق الضرب 
من مرق ومذق قال: يا ابن عباس أما تريد أن تعفو عن كلمة واحدة؟ قال: إنما نعفو عن 
من أقر فأما من هر فلا؛ قال: فقال ابن الزبير: فأين الفضل؟ قال ابن عباس: عندنا أهل 
البيت لا نضعه في غير موضعه فنندم, ولا نزويه عن أهله فنظلم. قال: أولست منهم؟ 
قال: بلى إن نبذت الحسد ولزمت الحدد؛ قال: فاعترض بينهما رجال من قريش 
فأسكتوهما. 


حوره ؛ سس د الس الثاني والستون د 
قصة جحدر اللص والحجاج والأسد 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثني أي قال أخبرني أحمد بن عبيد عن أبي 
عبد الله محمد بن زياد الأعرابي قال: بلغني أنه كان رجل من بني حنيفة يقال له جحدر بن 
مالك فتاكاً شجاعاً قد أغار على أهل حجر وناحيتهاء فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف» 
فكتب إلى عامله باليمامة يوبخه بتلاعب جحدر بهء ويأمره بالإجداد في طلبه والتجرد في 

مره؛ لما وصل الكتاب ! ليه أرسل إلى فنية من بني بربوع من يني حنطاة لجل رب 
جعلاً عظيماً إن هم قتلوا جحدراً أ و أنوا به أسيرأًء فانطلق الفتية حتى إذا كانوا قريباً منه 
أرسلوا إليه أنهم يريدون الانقطاع إليه والتحرز به فاطمأن إليهم ووثق بهمء فلما أصابوا 
منه غرة شذوه تحاف وكدموا بد على العامل» فوج به مهم إلى اجاج واخنب لني 0 
خيراً» فلما أدحل على الحجاج قال له: من أنت؟ قال: أنا جحدر بن مالكء» قال: ما 
حملك على ما كان منك؟ قال: جرأة الجنان» وجفاء السلطان» وكلب الزمان» فقال له 
الحجاج: وما الذي بلغ منك فيجترى جنانك ويجفوك سلطانك ويكلب زمانك؟ قال: لو 
بلاني الأمير أكرمه الله لوجدني من صالح الأعوان والفرسان» ولوجدني من أنصح رعيته) 
وذلك أني ما لقيت فارساً قط إلا كنت عليه في نفسي مقتدرأًء قال له الحجاج: إنا قاذفون 
بك في حائر فيه أسد عاقر ضار فإن هو قتلك كفانا مؤونتك» وإن أنت قتلته خلينا 
سبيلك؟ قال: أصلح الله الأمير» عظمت المنة» وأعطيت المنية» وقويت امحنة» فقال 
الحجاج: فإنا لسنا بتاركيك لتقاتله إلا وأنت مكبل بالحديد» فأمر به الحجاج فغلت يمينه 
إلى عنقه وأرسل به إلى السجن. فقال جحدر لبعض من يخرج إلى اليمامة: تحمل عني 


شعرأً» وأ: نشأ يقول: 


ألا قد هاجني فازددت شوقاً 
فهقالا الدار جامعة قريب 
فكان البان أن بانت سظليمى 
إذا جاوزتما نخلات حجر 


وقولا جحدر أممسى رهينا 


بكاء مامتين تجاوبان 
على غصنين من غرب وبان 
ببعض الطير ماذا تحزوان 
فقللت بل أتما متمنيان 
وفي الغرب اغتراب غسير دانئي 
وإيانا فذاك بنا تداني 
ويعلوها النبار إذا علائني 
وأودية اليمامة فانعياني 


يحاذر وقع مصقول يماني 


حج الجليس الصالح والأئيس الناصح سس حت رو وج 

قال: وكتب الحجاج إلى عامله بكسكر أن يوجه إليه بأسد ضار عات ويجر على عجل؛ 
فلما ورد كتابه على العامل امتثل أمره» فلما ورد الأسد على الحجاج أمر به فجعل في حائر 
وأجيع ثلاثة أيام» وأرسل إلى جحدر فأتي به من السجن ويده اليمنى مغلولة إلى عنقة» وأعطي 
سيفاً والحجاج وجلساؤه في منظرة لهم فلما نظر جحدر إلى الأسد أنشأ يقول: 


ليث وليث في محل ضنك كلاهما ذو أنف ومحك 
وشدة في نفسه وفتك إن يكشف الله قناع الشك 
حي ا 9 احق منزل عية 0 


رمح ونب وثبة شديدةٌ فتلقاء جحدر بالسيف فضربه ضربة حتى خالط ذباب السيف 
لهواته» فخر الأسد كأنه حيمة قد صرعتها الريح» وسقط جحدر على ظهره من شدة وثبة 
الأسد وموضع الكبول» فكبر الحجاج والناس جميعاًوأنشاً جحدر يقول: 


يا جمل إنك لو رأيت كريهتي في يوم هول مسدف وعجاج 
وتقدمى لليث أرسف موثفاً كيما أثاوره على الإاحراج 
شثن براه كأن نيوبه زرق المعاول أو شباة زجاج 
يسمو بناظرتئين تحسب فيهبما لما أحدهما شعاع سراج 
وكأنما خيطت عليه عباءة برقاء أو حرق من الديياج 
لعلمت أني ذو حفاظ ماجد من نسل أقوام ذوي أبراج 
ثم التفت إلى الحجاج فقال: 
ولئن قصدت بي المنية عامدا إني بخيرك بعد ذاك لراجي 
ويروى: إني لخيرك يا ابن يوسف راج. 
علم النساء بأنني لا أقنسي إذ لا يثقن بغيرة الأزواج 
وعلمت أني إن كرهت نزاله أني من الحجاج لست بناج 


فقال له الحجاج: إن شئت أسنينا عطيتك» وإن شئت خلينا سبيلك» قال: لا» بل 
احتار مجاورة الأمير» أكرمه الله. ففرض له ولأهل بيته وأحسن جائزته. 
قال القاضي: مسدف: مظلم من السدفة» والرسف: مشي المقيد» والبرائن: مخالب 
الأسد. والشبا والشباة: حد الأسنة» قال أبو بكر: البرقاء التي فيها سواد وبياض. 
المأمون يترحم على ابن أبي خالد 
حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: سمعت جرير بن أحمد بن أبي دواد يحكي عن أبيه أن 
أحمد بن أي خالد وزير المأمون توفي في آخر سنة اثنتي عشرة ومائتين» وأن المأمون صلى 


حرو ؛ سس وجح الس الثاني والستون حت 
عليه ووقف على قبره ؛ فلما دلي في قبره قال: رحمك الله أنت والله كما قال الشاعر: 
أحو الجد إن جد الرجال وشروا وذو باطل إن كان في القوم باطل 
سعة علم المأمون 
حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا محمد بن زكريا الغلاي قال حدثنا عثمان بن 
عمران العجيفي عن محمد بن سعد قال حدثني محمد بن حفص الأشاطي قال: تغدينا مع 
المأمون في يوم عيدء قال: وأظنه وضع على مائدته أكثر من ثلاشائة لون؛ قال: فكلما 
وضع لون نظر المأمون ! إليه فقال: هذا نافع لكذا ضار لكذاء فمن كان منكم صاحب 
بلغم فليجتنب هذاء ومن كان منكم صاحب صفراء فلياكل من هذاء ومن غلبت عليه 
السوداء فلا يعرض لمذاء ومن قصد قلة الغذاء فليقتصر على هذا. قال: فوالله إن زالت 
تلك حاله في كل لون يقدم إليه حتى رفعت الموائد» فال له يحيى بن أكثم: يا أمير 
المؤمنين إن خضنا في الطب كنت جالينوس في معرفته» أو في النجوم كنت هرمس في 
حابى أو في الحقه كنت علي بن بي طالب ايلا في عار و ذكر السخحاء كنت حاتم 
طيئ في صفته؛ أو صدق الحديث فأنت أبو ذر في لجته أو الكرم فأنت كعب بن مامة 
في فعاله؛ أو الوفاء فأنت السموأل بن عاديا في وفائه. فسر بهذا الكلام وقال: يا أبا محمد 
إن الإنسان إنما فضل بعقله. ولولا ذلك لم يكن لحم أطيب من لحم ولا دم أطيب من دم. 
00 مي لاللأمون إلى التواضع | ' 
قال: ونظر يوما إلى رؤؤوس آنيته محشوة بقطن وكانت قبل ذلك بأطباق فضة» فقال 
لصاحب الشراب: أحسنت يا بني إنما يباهي بالذهب والفضة من غلا عنده) وأما نحن 
فينبغي أن نباهي بالأفعال الجميلة والأخلاق الكريمة» فإياك أن تحشو رؤوس أوانيك إلا 
بالقطن فذاك بالملوك أهيا و! 
ولد لأبي دلامة ابئة 
لتنا أحمد بن العبلس العسكري قال حدئنا عبد الله بن أبي سعد قال حدئنا يحيى بن 
بن الجهم الدارمي قال حدثني محمد بن حفص المعجلي قال: ولد لأي دلامة ابنة فغدا 
عل أي جع تسر ققال ل يا أمير المؤمنين لله واي اليلة انا قال: فما سميتها؟ قال: 
أم دلام. قال: وأي شيء تريد؟ قال: أريد أن يعينني عليها أمير المؤمنين» ثم أنشد 
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم قوم لقيل اقعدوا يا آل عباس 
ثم ارتقوا ني شعاع الشمس كلكم إلى السماء فأنتم أكرم الناس 
قال: فبل قلت فيها شيئا؟ قال: نعم» قلت: 
فما ولدتك مريم أم عيسى ولم يكفلك لقمان الحكيم 
ولكن قد تضمك أم سوء إلى لباتها وأب لكيم 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح جب شخ بسب سشحخححتت: و ود 

قال: فضحك أبو جعفر ثم أحرج أبو دلامة خريطة من حرق فقال: ما هذه؟ قال: يا 
أمير المؤمنين أجعل فيها ما تحبوني به فقال: املؤوها له دراهم فوسعت ألفي درهم. 

إياس دخل الشام وهو غلام 

حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري قال حدثنا مسبح بن حاتم بالبصرة قال حدثنا 
عبد الله بن عائشة عن أبيه قال: دحل إياس , بن معاوية الشام وهو غلام» فقدم خخصماً له 
إلى قاض لعبد الملك بن مروان» وكان حصمه شيخاً صديقاً للقاضي» فقال له القاضي: يا 
غلام أما تستحي أن تقدم شيخاً كبيراً؟! قال إياس: الحق أكبر منه» قال له: اسكتء قال 
له: فمن ينطق بحجتي إذا سكت؟ قال: ما أحسبك تقول حقاً حتى تقوم؛ قال: أشهد أن 
لا إله إلا الله قال: ما أظنك إلا ظالماًء قال: ما على ظن القاضي خرجت من منزلي. 
فدخل القاضي على عبد الملك فأخبره الخبر فقال له: اقض حاجته واصرفه عن الشام لا 
يفسد الناس علينا. 

كرم إبراهيم بن عاصم العقيلي 

حدثنا محمد بن أحمد بن علي الإسكاني حدثني جدي قال وحدثني أبو محلم قال: كان 

هشام بن عبد الملك ولى سجستان إبراهيم بن عاصم العقيلي» وكان من كرماء الناس» 


أما قبيحات النساء فإنتا أبيناء وأما منجبات الكرائم 
فيمنعني منهن أن ليس عندنا لهن مهور أو يزار ابن عاصم 
قال: فحمل إليه من سجستان قبل أن ينزع إليه مائة ألف درهم. 


أنواع المماتيح 

حدثنا محمد بن الحسسن النقاش قال حدثنا السراج قال حدثنا داود بن رشيد قال 
حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثني ليد خحليد بن دعلج عن قتادة قال: مفاتيح البحر السفن» 
ومفاتيح الأرض الطرق» ومفاتيح السماء الدعاء. 

ضوال الكلام وضوال الإبل 

حدثنا علي بن سليمان الأحفش قال حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد قال» قال بعض 
الحكماء: ضوال الكلام أحب إلي من ضوال الإبل» قيل له: نحو ماذا؟ قال: نحو قول 
الشاعر: 

وإني لأرجو الله حتى كأنما أرى بجميل الظن ما الله صانع 
وصف دعوذ مظلوم 


حدضودع 

أحمد بن يحيى ولكنه قال: أن 
وسارية لم تسرف الأرض تبتفي عا 
سرت حيث لم تحد الركاب ولم تنخ 
مر مرور الليل والليل ضارب 
إذا وردت لم يردد الله وفدها 


تفتح أبواب السموات دونها 


وإني أرحو الله الى 


مجلس الثاني والستون حت 


نشد إسحاق لأعراني يصف دعوةٌ ه دعا بها مظلوم: 


ولم يقطع بهاالبعدقاطع 
لورد ولم يقصر لها القيد مانع 
بجثمانه فيه سمي وهاجع 
على أهلها واللهراء وسامع 
إذا قرع الأبواب منهن قارع 


أرى بجميل الظن ما الله صانع 


لؤنفن يتعلم الحو 


بو الحسين الجوهري حدثني محمد بن موسى 


الواسطي الفراقي بو الحسين 0 هذا كان نظير تعلب» قال حدثي سلمة أو 
الطوال شلك أ ب المسين كال دين راان سل علي ؤس وكان قريش وده قال 
له الفراء: أين بلغ الأمير؟ يعني من العربية فقال: سلهء فقال له الفراء: كيف تقول: إن ما 
ضربت زيد؟ فقال له المؤهن: إها ضربت زيد» فقال الفراء: يجمل بالأمير النظر فيهاء 
ولم يقل له أحطأت» فقال: قد أصبتء فقال له الفراء: وأين توجد ما في معنى الذي؟ 
قال: في كتاب الله تعالى» قال: أين؟ قال: قول الله تعالى: أو ما ملكت أيمانكم »# 
(النساء:؟) معناه الذي ملكت أيمانكم.» قال الفراء: فقمت وقد حممت. 

قال أبو الحسين: وكان الكسائي يؤدب المؤدمن» فظهر به في كفه بياض» فبلغ ذلك 
أمه فخحشيت أن يؤذيه الكسائي وجيء بقريش يؤديه. 

ما ومن 

قال القاضي: قد ذهب قوم إلى أن ما تأتي بمعنى الذي ومنء والأصل الظاهر 
اختصاص من يعلم ومن يعقل بمن وأن ما لما لا يعقل وحنس ما يعقل» وأن الذي لمما 
جميعاً. ومن أحكام ما أنها قد تكون هي وصلتها بمعنى المصدرء وقد حكي عن بعض 
العرب: سبحان ما سبحت لهء يعنون الرعد» فذهب به بعضهم إلى معنى من وكذلك 
قوله: #والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها» (الشمس:ه-0) 
وقال منكروه من محققي النحاة: هذا كله بمعنى المصدر والمعنى وبنائها وطحوها 
وتسويتهاء وقالوا: معنى «إوما ملكت أيمانكم» (النساء: 75) وأيمانهم أي ملك أيمانكم 
وأيمانهم كقولك: أعجبني ما صنعت أي صنيعك. وقيل في قوله: «إوما خلق الذكر 
والأنشى4 (الليل:7) أنه بمعنى: وخلقه الذكر والأنثى» وقيل غير ذلك. ويقال: ما زيد؟ 
فيقال: إنسان فهذا صحيح في جنس ما يعقل. ٍ 

والعجب من استخذاء الفراء عندما احتج عليه المؤتمن به وكيف لم يورد شيئاً مما 


5 الجليس الصالح والأنيس الناصح ع كك ولولججسةشح ١‏ 5و2 
تعلق به الموافقون له في مذهبه» وقد كانت رتبته تجل عن أن يذهب هذا المعنى عليه 
وأن ينفك عن نصرة قوله والقيام به» ولكن ربما ارتبك النحرير والبليغ المزير عند شيء 
يفجؤه أو عارض يفدحه. 
كتاب من عمروبن مسعلذ إلى ابن الزيات 

حدثنا علي بن محمد بن الجهم أ بو طلب الكاتب قال حدئني عبد الله بن هاروف ال 
حدثنا أبو عبد الله محمد بن موسى البيمارستاني» قال أب بو طالب: أحسبه سمعه من أني عبد 
الله البيمارستاني» هو البرطني» قال حدثني أبو حفص الكرماني» وكان من كتاب عمرو بن 
مسعدة؛ أنه كتب إلى محمد بن عبد الملك الزيات: أما بعد فإنك ممن إذا غرس سقى وإذا 
أسس بنى» ليستتم بناء أسه. يجتني شر غرسه. وبناؤك في ودي قد وهى وشارف 
الدروس» وغرسك عندي قد عطش وأشفى على اليبوس. فتدارك بناء ما أسست» وغرس 
ما زرعت. قال أبو عبد الله البيمارستاني: فحدثت بذلك أبا عبد الرحمن العطوي فقال في 
هذا المعنى أبياتاً يمدح بها محمد بن عمران بن موسى بن يحيى بن نخالد بن برمك: 


إن البرامكة الكرام تعلموا فعل الكرام فعلموه الناسا 


كانوا إذا غرسوا سقوا وإذا بنوا لم يبدموا لبنائهم أساسا 

وإذا هم صنعوا الصنائع في الورى جعلوا لما طول البقاء الباسا 

فعلا تسقيني وأنت سقيتني كأس المودة من جفاتك كاسا 

أنستني متفضلاً أفلا ترى أن القطيعة توحش الإيناسا 
مثامان 


حدثنا عبد الله بن محمد بن الفرج الواسطي قال حدثنا أبو بكر بن أي الدنيا قال 
حدثنا يحبى بن عبد الله المقدمي قال سمعت محمد بن عمر بن على يحدث عن هارون بن 
رحيم قال: رأيت الحسن بن حبيب بن ندبة في النوم فقلت: ما صنع بك ربك؟ قال: ما 
تراه صنع بي؟ رحمني وأكرمني وغفر لي وطيبني وقال: هكذا أفعل بأبناء ثلاث وشانين. 

حدثنا أحمد بن محمد بن عي الديباجي» قال حدثنا محمد بن يونس» قال حدثنا 
الأصمعي» قال حدثني أني قال: رأى رجل في المنام جرير بن الخطفي فقال: ما فعل بك 
ربك؟ قال: غفر لي» قال: بماذا؟ قال: بتكبيرة كبرت الله تعالى في المقر قال الأصمعي: 
ماء بالبادية قلت: فما فعل أخوك الفرزدق؟ قال: هيبات أهلكه قذف المحصنات» قال 
الأصمعي: لم يدعه في الحياة ولا في الممات. 

المجلس الثالث والستون 
علي بن الجهم وحديث العشرذ المبشرين بالجنة 


أخبرنا المعافى قال حدثنا عبد الباقي بن قانع» قال حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن 


ا المجلس الثالث والستون حت 
عبد الرحيم المعروف بعبدان الشافعي بالبصرة» قال حدثني إبراهيم بن صالح الشيرازي 
قال: نزل علي , بن الهم بشيراز فقال لي: أأخصك بحديث؟ قال: فقلت له: افعل» فقال: 
قال لي المتوكل يوماً: يا علي هذا الحديث الذي يروى عن النبي ي: عشرة من قريش في 
الجنة» أي حديث همر؟ قال قلت: يا أمير المؤمنين أصح حديث) قال: فمن رواه؟ قال 
قلت: رواه سفيان الثوري عن منصور عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم عن 
سعيد بن زيد قال قال رسول الله وَيَك: عشرة من قريش في الحنة» قال فقال لي: ما أحسنه 





من حديث!! قال: قلت: يا أمير المؤمنين قد حضرني شيء فأقوله؟ قال: قل» قلت 


محمد خير بني التضر 
صديق خير الخلق لاوائني 
وثالث القوم الذي بعدله 
ذاك أبو حفص فمامثله 
سبحان من أكرمهم بالتقى 
هذا ه والفخر فللا غسيره 
ورابع القوم إمام الهدى 
كفى رسول الله ما همه 
يخمسهم إبن أبي طالب 
وطلحة الخسير لهم سادس 
وسيع القسوم الزبير الذي 
هذا وسعد لهم ثامن 
وحمزة السيد في قومه 
وعم خير الخلق لايشترى 
فالملك فيبمابداً ثابت 


حكله بالع دل أبو ىما 
ينص ره في العسر واليبسسر 
يخلفهم في البر والبحر 
يكون حتى آأحر الدهر 
وصير الأإبرار في قبر 
ما بعد ذاك الرمس من فخخر 
عثمان ذو النور أبوعممرو 
وجبزالجيش لدى العسسر 
إمام عدل ظاهر اللتصر 
إلى حنين وإللى ببدر 
أتقذهالله مسنالكفر 
كان حلسيف الشفع والوتر 
وابن عوف طيب اللشر 
على وجوه القوم كال بدر 
أبو الملوك السادة الزرهر 
من أول الدهسر إلى اضر 


قال: فضحك» وأخحرج ذلك اليوم مالا عظيماً وقسمه على بني هاشم وقريش 
والأنصار وبين المهاجرين وأعطاني منه صدراً صا حاً. 


تعليق الجريري 
قال القاضي: الخبر الوارد عن النبي ؤقّهُ بشهادته للعشرة من أصحابه بالحنة خبر 


جح الجليس الصالح والأيس الناصح خخخ لصح حت" يج 
صحيح) وقد أتت الرواية به من طرق عدة؛ وني بعضها أن النبي يي ذكر نفسه وتسعة 
معه وفي بعضها أنه ذكر من صحابتة عشرةً» والأخبار بكل واحد من الوجهين ثابتة. 
وقول علي بن الحهم في شعره لا واني أتى به على الأصل» وهذا مما يسوغ للشاعر لإقامة 
الوزن» قال الشاعر: 
كمشتري بالحمد أحمرةٌ تترى 
وقال آخر: 
لا بارك الله في الغواني هل يصبحن إلا لهن مطلب 

وقوله: كفى رسول الله ما همه العرب تقول: همك ما أهمك أي أذابك ما يعذبك» 
ويقال: سمت الشحم أي أذبته» فكأنه قال: ما كرئه ولذعه بمضضهه وقوله: يخمسهم 
ابن أني طالب يقال: حمست القوم أخمسهم إذا صرت خامساً لحمء ومثله ثلثتهم أثلشهم 
وسدستهم أسدسهمء ومثله شنتهم وعشرتهمء؛ فإذا قلت أحمسهم بالضم فمعنا أحذت 
حمس أموالهم» ومثله أثلشهم وأسدسهم وأشنهم وأعشرهم إذا أحذت هذه الأجزاء منهمء 
فإذا قلت: ته وساعهم ولسعديع كنت في الوجيين أربعهم وأتسعهم؛ ففتحت عين 
الفعل من أجل حرف الحلق. وقوله: ! بن أي طالب وإبن عوف بالقطع والألف فيه للوصل 
لضرورة الشعر وتصحيح الوزن» وقد أتى مثل هذا كثيراً في أشعار العرب» وذكرنا منه 
فيما مضى من كتابنا هذا أبياتاً عدة» من ذلك قول الشاعر: 


ألا لا أرى إثفين أكرم شيمةً على حدثان الدهر مني ومن جمل 
فأي امرئ الشامٌ بيني وبينه أتتني ببشرى برده ورسائله 


ولاستقصاء القول في هذا بين يدي هشام: 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا أ بو عثمان عن العتبي قال: صعد رجل إلى 
هشام بن عبد الملك في خضراء معاوية» فمثل بين يديه لا يتكلم فقال له هشام: ما لك 
لا تتكلم؟ قال: هيبة الملك وبهر الدرج؛ فلما رجعت نفسه إليه قال له هشام: تكلم وإياك 
ومدحناء فقال: لست أحمدك إنما أحمد الله تعالى فيك. ثم قال: إن الدنيا ذمت بأعمال 
العباد إذا أساءواء ولم تحمد بأعمالهم فيها إذا أحسنواء وإن الدنيا لم تكتم بما فيها فتذم 
ولكن إما جهرت به فأحذها من أحذها بذلك وهي عليه وتركها من تركها لذلك وهي 
له. وإن الدنيا نادت أهلها بأنها تاركة من أخذهاء ومفارقة من صحبهاء ومخربة عمران من 
عمرهاء فمن زرع فيها شروراً حصد حزناًء ومن أبر فيها هوى اجتنى ندامة) وإنما هي 
لمن زهد فيها اليوم وأعرض عنها وآثر الحق عليها؛ وأحذها من أخذها بعد البيان منها 
والإخبار عن نفسهاء فغر نفسه وسماها غرارةٌ وكذب نفسه وسماها كذابة» وزهد فيها 


ح- :ع مجلس الثالث والستون حت 
آخرون فصدقوا مقالتهاء ورأوا آثارها في فعلها فأحذوا منها قليلاٌ» وقدموا فيها كثيراً: 
وسلموا من الباطل» وصارت لهم عوناً على الحق في غيرهاء فلم تحمد ياحسان من أحسن 
فيها وهي له» وذمت بأساءة من أساء فيها وهي عليه فأنت أحق بإساءتك فيها إذ كان 
الإحسان لك دونها. فأطرق هشام يفكر في كلامه وأملس الرجل فلم يره. 
شرح غريب التص 
قال القاضي: ومن أبر فيها هوى أي لقح يقال: أبرت النحل وأبرته إذا القحته) ومنه 
قول النبي 856: من باع نخلاً مؤيرأ وقوله: ا وقال الشاعر: 
لا تأمنن قوماً وترتهم بدأتهم بالغشم والظلم 
أن يأبروا نخلاً لغيرهم ل تحقره وقد ينمي 

وقوله: فأملس معناه زال عن موضعه بسهولة» وهو مأخوذ من الملاسة» يقال: أملس من 
كذا وسلس أي زال سرع لملاسة موضعه وأنه ليس فيه أجزاء لها نتوء ونبو وتضريس. 
ويقال في هذا المعنى أملص وملص فكأنه من الدحض والزلق» ويقال إن هذا الوجه أفصح 
الكلامين» ومنه أملصت المرأة فأزلقت إذا أسقطت جنينهاء ومنه الخبر الوارد أن النبي عي 
قضى في إملاص امرأة بغرة عبد أ و أمة وذلك إذا ضربت فأسقطت جنيناً ميتاً. 

وهذا الخبر مما ينبه على الحذر من غرور الدنياء وقال الله تعالى ذكره: «يا أيها الناس 
إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور» (فاطر:5). 

شعوانة تبكي وتبكي 

حدثنا أبي قال حدثنا أبو أحمد الختلي قال حدثنا الحسين بن يحيى قال: كانت شعوانة 
تردد هذا البيت فتبكي وتبكي النساء معها 

لقد أمن المغرور دار إقامة ويوشك يوماً أن يخاف كما أمن 

ما أنفق يوم تحذيق المعتز 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثني أبو يوسف يعقوب بن بنان الكاتب 
قال حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن موسى بن الفرات قال: حدثنا أي وجماعة من 
شيوخنا قال: لما حذق المعتز القرآن دعا المتوكل شفيعاً الخادم بحضرة الفتح بن نحاقان 
فقال: إني عزمت على تحذيق أبي عبد الله ني يوم كذا وتكون حطبته علي وحذاقه 
ببركواراء فأحرج من خزانة الجوهر جوهرا بقيمة مائة ألف دينار في عشر صواني فضة 
لنثار على من يقرب من القواد مثل محمد بن عبد الله ووصيفٌ وبغا وجعفر الخياط 
ورجاء الحصاري ونحو هؤلاء من قادة العسكر» وأخرج مائة ألف دينارٍ عدداً للنغا ر على 
القواد الذين دون هؤلاء في الرواق بين يدي الأبواب» وأحرج ألف ألف درهي بيضاً 
صحاحاً للنثار على من في الصحن من خلفاء القواد والنقباء. 





حت الجليس الصالح والأنيس الناصح سس سح حهد هو دود 

قال شفيع: فوجهت إلى أحمد بن حباب الجوهري فأقام معنا حتى صنفنا في عشر 
صواني من الجوهر الأبيض والأحمر والأزرق والأخضر بقيمة مائة ألف دينارٍ ووزن كل 
صينية ثلاثة آلاف درهم؛ وقال شفيع لابن حباب : اجعل في صينية من هذه الصواني جوهرا 
يكون قيمته حمسة آلاف دينار وانتقصه من باقي الصواني حتى يكون في كل واحدة تسعة 
آلاف دينار راتقصه من باثي الصواني حنى يككون في كل واحدة تسعة الا 0 
دينار فإن أمير المؤمنين أمرني أ ن أدفع هذه الصينية إلى محمد بن عمران مؤدب الأمير 
عبد الله إذا فرغ من خحطبتهء ففعل ذلك» وشدوا كل صينية في منديل» وحمت بام 
شفيع» وتقدم شفيع إلى من كان معه من الخدم أن ينثروا العين في الرواق» والورق في 
الصحنء وأوعز إلى الناس من الأكابر ووجوه الموالي والشاكرية بحضور بركوارا في يوم سي 
لهم ليشهدوا خطبة الأمير المعتز» وكتب إلى محمد بن عبد الله وهو بمدينة السلام بالقدوم 
إلى سر من رأى لحضور الحذاق. قال: فتوافى الناس إلى بركوارا قبل ذلك بثلاثة أيام» 
وضربت المضاربء وانحدر المتوكل غداة ذلك اليوم ومعه بييحة ومن خخصت من حرم 
المتوكل ومن حشمها إلى بركواراء وجلس المتوكل في الإيوان على منصته وأحرج منبر 
أبنوس مضبب بالذهب مرصع بالحوهر مقابضه عاج؛ وقال بعضهم: عود هندي» فنصب 
تجاه المنصة وسط الإيوان؛ + ثم أمر بإدحال محمد بن عمران المؤدب» فدخل فسلم على أمير 
المؤمنين بالخلافة ودعا له فجعل أمير مير المؤمنين يستدنيه حتى جلس بين يدي المنبر» وخخرج 
المعتز من باب في جنبة الإيوان حتى صعد المنبرء فسلم على أمير المؤمنين وعلى من 
حضرء ثم خطبء فلما فرغ من خخطبته دفعت الصينية إلى محمد بن عمران» ولثر شفيع 
صواني الحوهر على من في الايوان» ونثر الخدم الذين كانوا ني الرواق والصحن ما كان 
معهم من العين والورقء وأقام المتوكل ببركوار أياماً ني يوم منها دعته قبيحة» فيقال إنه يوم 
لم ير مثله سروراً و حستاً وكثرة نفقة» وإن الشمع كله كان عنبراً إلا الشمعة التي في 
الصحن فإنه كان وزنها ألف منّ فكادت تحرق القصرء ووجد حرها من كان في الجانب 
الغربي من دجلة. وقد كان أمر المتوكل أن يصاغ له سريران: أحدهما ذهب والآخر فضة 
ويفرش السرير الفضة ببساط حب وبرذعة حب ووسادي حب ومخدتي حب ومسند حب 
منظوم على ديباج أسود» وكان طول السرير تسعة أذرع؛ قال: فأخرج من خزانة الوم 
حب عمل له ذلك فكان أرفع قيمة الحبة دينارً» وأقل القيمة درهساًء فاتخذ له ذلك وأمر 
بفرش السرير الذهب بمثل فرش السرير الفضة منقوشاً بأنواع الجوهر الأحمر والأخضر 
والأصفر والأنواع» ففرشا فقعد عليهما هو وقبيحة ثم وهبهما لها. 

دافع عن أبي هريرة شي مجلس الرشيد 


حدثنا محمد بم القاسم الأنباريى قال حدثنا محمد يم ب الكديمى, قال حدثنا 
بن سم ري بن يونس يمي 


7 سسسسسسس ب _ ٠‏ سح املس الثالث والستون حت 
يزيد بن مرة الدباغ قال حدثنا عمر بن حبيب قال: كنا عند هارون أمير المؤمئين» وبين 
يديه قوم يتناظرون» فذكروا حديثاً فقالوا: رواه أبو هريرة عن رسول الله يك وكذب أبو 
هريرة»؛ وارتفعت أصواتهم بتكذيب أني هريرة» فرأيت هارون قد نحا نحوهم ومال إلى 
قولهم» فقلت أنا: صدق أبو هريرة» وأبو هريرة الصادق في روايته عن رسول الله ولك 
وقمت فانصرفت. 

فلما دحلت منزلي وافاني بريد فأدحلته فقال: أجب أمير المؤمنين إجابة مقتول لأنك 
لا ترجع» فقلت في نفسي: الله يعلم أني قمت بحو ونصرت صاحب رسول الله 4# 
ومضيت إلى هارون فدخلت عليه وهو جالس على كرسي من ذهب حاسرا عن ذراعيه؛ 
بيده سيف» فقال: يا عمر بن حبيبءتقبل علي بالرد بما أقبلت به؟! فقلت: يا أمير 
المؤمنين» الذي قلته إزراء على رسول الله © إذا كان أصحاب رسول الله َه كذابين 
فأمر الإسلام كله باطل» والصلاة الصوم والطلاق والحدود. قال: صدقت يا عمر بن 
حبيب» أحييتني أحياك الله أحييتني أحياك الله. 

قال القاضي: الفصيح زريت على الرجل زراية وأزريت به إزراء. 

تقبل السواد في أيام المأمون فريح كثيرا 

حدثنا علي بن محمد بن الجهم أبو طالب الكاتب» قال حدثني القاسم بن أحمد 
الكاتب؛ قال حدئشي أحمد بن محمد بن مدبرء قال حدئي إسحاق بن ابراهيم بن مصعب 
قال: تضمنت السواد من المأمون لسنة ثلآأث عشرة ومائتين بأربعمائة ألف كر شعيراً 
مصرفاً بالفالم حاصلاً» وشانية آلاف ألف درهم سوى مؤن العمل وأرزاق العمال وغير 
ذلك؛ فارتفع لي فيه من الفضل بعد المؤن والأرزاق الجارية عشرون ألف ألف درهم 
قال: فأتيت المأمون» فقلت: يا أمير المؤمنين إني قد استفضلت في ضمان السواد عشرين 
ألف ألف درهم؛ قال: قد سررتني وقد سوغتهاء ولكن اكتب إلى عبد الله بن طاهر فعرفه 
أني إها ضمنتك السواد له وسوغتك هذا الفضل لمكانه ومحله مني» ففعلت» قال: فكتب 
إلي عبد الله بن طاهر: قد سرني ما كتبت به من ربحك عشرين ن للف نف درم وتسويخ 
أمير المؤمنين إياك ذلك» وأمير المؤمنين أجل قدراً وأعظم خطراً من أن يستكثر هذا من 
فعلهء إذ كان أهلاً لما هو أكثر منه) وليس ينبغي أن تقدع لك بهذا دون أن أضيف إل 
شيئا آخر من مالي فاقبض من غلة ضياعي مائة ألف ألف درهم. 

بين بني هاشم وبي أمية 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا محمد بن زكريا الغلاي قال حدثنا عبد الله بن 
عائشة عن جويرية قال» قال عمر بن عبد العزيز: ما زلنا نحن وبئو عمنا من بني هاشم 
مر لنا ومرةً عليناء نلجا إليهم ويلجأون إلينا حتى طلعت سمس الرسالة فاكسدت كل 


حك الجليس الصالح والأنيس الناصح بح حت ود 
نافق وأخحرست كل ناطق. 
جرير يحكم بتفوق الأخطل 
حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال 
حدثنا ابن الأعرابي قال» قيل لحرير: أيما أشعر أنت في قولك: 


حي الغداة برامة الأطلال رساً تحمل أهله فأحالا 
أم الأحطل 2 جوابها: 
كذبتك عينك أم رأيت بواسط غلس الظلام من الرباب خيالا 


قال: هو أشعر منيء إلا أني قد قلت في قصيدتي بيتاً لو أن الأفاعي نهشتهم ني 
أستاههم ما حكوها حيث أقول: 


والتغلبي إذا تتحنح للقرى حك استه وشمثل الأمثالا 
تعليقات للمعافى بن زكريا 


قال القاضي: من فضل جرير تفضيله الأحطل في الشعر واعترافه بأن شعره يفضل 
شعر نفسه» على ما بينهما من العداوة والملاحاة والمقارعة والمهاجاة والمفاخرة 
والمباراة» مع أن جريراً قد أتى في قصيدته هذه بما ليس في قصيدة الأحطل ولا غيرها من 
شعره ما يدانيه ويقارب معناف وذلك قوله: 

مازلت تحسب كل شيء بعدهم خيلاً تكر عليكم ورجالا 

وهذا من أصر كلام وأفصحه. وأبلغ نظام وأوضحه. وقد روي أن الأخطل لما 
أنشد هذا البيت بهت عنده وكثر تعجبه منه وقال: من أين لابن المراغة هذا؟ فقيل له: إن 
هذا المعنى في القرآن وتلي عليه قول الله جل وعز: لإيحسبون كل صيحة عليبم هم 
العدو» (المنافقون: 4) فقال الأخطل: أنا من أين لي مثل كتاب محمد آذ منه وأستعين 
به؟! والذي أتى القرآن به في هذا مبر على ما قاله الشعراء فيه لأمر متفاوت في قلة عدد 
حروفه وقرب مأخذه ووضوح معناه. وما يشبه قول جرير في هذا المعنى قول الذي قال: 


ولو أنها عصفورة لحسبتها مسومة تدعو عبيداً وأزنها 
ونحو هذا قول الآخر 
كأن بلاد الله وهي عريضة على الخائف المطلوب كفة حابل 
تؤدي إليه أن كل ثنسية تطلعها ترمي إليه بقاتل 
ويروى تسنمها. 


قال القاضي: قوله: كفة حابل يعني حبالة الصائد» وقال اللغويون: الكفة ما كان 
مستديراً ككفة الميزان» والكفة بالضم ما كان مستطيلاً ككفة الثوب» والوجهان يرجعان 
إلى معنى واحدء وهو الكف والحصر والحبس وإحاطة النهايات بالحواشي المتوسطات؛ 


عد+هة وس لس املس الثالث والستون حت 
ومنه حاجة لها كفة» وحاجات لما كفف أي نهاية تجمعها وتحيط بها وتكفها عن التشذب 
والانتشار. ومن ذلك قول الأعشى ميمون بن قيس: 
كانت وصاة وحاجات لما كفف أوأن صحبك إن ناديتهم وقفوا 
همُوهُ من سوارح العقّل الباطن 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثني أبي قال حدثنا إبراهيم بن سعدان قال 
حدثنا الأصمعي عن عبد الله بن صالح قال» قال لي رجل من حارئة بن لام: أضافني رجل 
من بني تغلب فأحسن ضيافتي فأفلت من لساني هذا البيت: 

والتغلبي إذا تنحنح للقرى حك استه وتمثل الأمثالا 
فلما قلته حجلت وسقط في يديء فقال لي: يا عبد الله انبسط» فإنما قلت كلمة مقولة. 
أحلى قول للمستملي 

حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري قال حدثنا عبد الله بن محمود بمرو قال» 
سعت يحبى بن أكثم يقول: كنت قاضياً وأميراً ووزيراً وقاضياً على القضاة ما ولح سمعي 
أحلى من قول المستملي: من ذكرت رضي الله عنك؟ 

مجموعة حكم 

حدثنا محمد بن عبد الله السليطي قال حدثنا محمد بن المنذر الحروي أبو عبد الرحمن 
شكرء قال حدثني حطان بن عبد الرحمن الجندي» قال حدثنا عبد الله بن سليمان الجندي 
قال» قالوا: دعامة العمل الحلم وجماعه الصبر. واعلم أن هذه الدنيا دول» فما كان منها 
للإنسان أتاه على ضعفه. وما كان منها عليه لم يدفعه بقوته. وقالوا: الشر مخوف من كل 
وجه. والنفع مرجو من كل ناحية» وما أكثر ما يأتي الخير من وجوه النوف ويأتي الشر 
من ناحية الرجاء. 

حدثنا أحمد بن علي القاضي النيسابوري» قال حدثنا محمد بن المسيب الأرغياني» قال 
حدثنا عبد الله بن حبيق» قال حدثني أبو عبد الله الحلبي» قال معت أبا إسحاق الفزاري 
يقول: إن للحوئج فرساناً كفرسان الحرب. وقال لي أبو إسحاق إن الرجل ليسألني عن 
حالي ولو أخبرته لشمت بي. 

عمروبن عبيد يعظ المتنصور 

حدثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني قال حدثنا الحارث بن أني أسامة, 
قال حدثنا المدائني» قال: دخل عمرو بن عبيد على المنصور فقال: إن الله تعالى أعطاك 
الدنيا بأسرهاء فاشتر نفسك منه ببعضهاء واحذر ليلة مخض عن يوم لا ليلة بعده. قال: 
فبكى أبو جعفرء قال عمرو: البذ عنك البكاء واترك ما تنكر إلى ما تعرف» واعلم أن 
ربك لبالمرصارد؛ والسلام. 


حت الجليس الصاح والأنيس الناصح اام ا الل5151121226ظ]ه1]1١ىلس‏ 1 21 
شعر إسحاق الموصلي 
حين أبل صباح بن خاقان 
حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال حدثنا محمد بن أحمد بن عمار قال 
حدثنا أحمد بن القاسم بن جعفر بن سليمان بن علي قال حدثنا صباح بن خحاقان قال: 
اعتللت علة أشفيت منهاء فبلغ ذلك إسحاق بن إبراهيم الموصلي فاغتم منهاء ثم ورد 
عليه الخبر بإفاقتي فكتب إلي: 


حمدت الله إذ عانى صباحا وأعقبه السلامة والصلااحا 

وكنا خائفين على صباح من الخبر الذي قد كان باحا 

وحوفني من الحدثان أني رأيت الموت إن لم يغد راحا 
الأخطل يسرق معنى للأعشى 


حدثنا المظفر بن يحيى بن أحمد الشراي» قال حدثنا أبو العباس المرئدي» قال أخبرني 
طلحة بن عبد الله الطلحي, قال أخبرني إبراهيم بن سعدان» قال حدثنا ابن بشير المديني 
قال: وفدت إلى بعض ملوك بني أمية فمررت بقرية فإذا رجل مرنح من الشراب قائم 
يبول» فسألته عن الطريق فقال: : أمامكء ثم لحقني فقال: أنزل» فنزلت» فقال: ادن دونك 
وعليك الحانة» فدحلت» فأحضر ار واستل سلة فأحرج منها رغفا ووذراً من لحم 
فقال: أصبء ثم سقائي حمراً» ؛ فإذا أبو مالك. ثم قال لي: كيف علمك بالشعر؟ قلت: قد 
رويت» فأنشدني قصيدته: 
صرمت حبالك زينب ورعوم 
فلما انتهى إلى قوله: 
حت إذا أذ اجاج ال ل نفحت فأدرك ريحبا المزكوم 
قال: ألست تزعم أنك تبصر الشعر؟ قلت: بلى» قال: فكيف لم تشقق بطنك فضلاً 
عن ثوبك عند هذا البيت؟! قال: قلت: قد فعلت عند البيت الذي سرقت هذا منه؛ قال: 
وماهو؟ قلت: بيت الأعشى: 
من حمر عانة قد أتى لختامها حول» تفض غمامة المزكوم 
قال: أنت تبصر الشعر» فلما صرت إلى سليمان سمرت معه بهذا أول بدأتي. 
تعليق الجريري 
قال القاضي: للأعشى في هذا المعنى بيت هو أبلغ من هذا البيت في كلمة له أحرى وهو: 
من اللاتي حملن على الروايا كريح المسك تستل الزكاما 
واستلال الزكام أبلغ من فضه لأن استلاله نزعه وإحراجه» وفضه نشره وتفريقه 
وكسره كفض الخاتم» وفي فضه مع هذا إزالته وتنحيته كما يزول الخاتم عند فضه ويفارق 


ج. لوج ست املس الثالث والستون حت 
ما كان حالاً فيه ولازماً له. وني قول الأحطل: فأدرك ريحها المزكوم من البلاغة أنه إنما 
يفوت إدراك المشمول لحلول الزكام به وغلبته إياه» فإذا أدرك ريح الخمر التي كان الزكام 
حائلاً بينه وبينها عند نفحتها فإها ذلك لزوال الزكام وزوال بعضه وإن ن لم يزل بكليته» 
فمن هاهنا كان الفض والاستلال أبلغ وأبين في المعنى. 
ما يقوئه الحسن إذا أصبح وإذا أمسى 
حدك صلحة بن حمد بن إسرائيل الحوهري قال حدثي أ بو الحسن أحمد بن عبد 
الرحمن الجوهري قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا سفيان الثوري عن حصين الأسدي 
قال: كان الحسن إذا أصبح قا 
يسر الفتى ما كان قدم من تقى إذا عرف الداء الذي هو قاتله 
وإذا أمسى قال: 
فما الدنيا بباقية لحي ولا حي على الدنيا باق 
من أول من قال شعرا يعقوب أم آدم 
حدثنا أحمد بن جعفر بن محمد المنادي» قال حدثنا محمد بن إسماعيل بن يونس أبو 
إساعيل إملاء» قال حدثنا أبو صالح سهل بن خاقان» وكان من خيار الناس» قال: سعت 
أبا المورع يقول: أول من قال بيت شعر يعقوب ؤي لما جاءوه فأخبروه عن يوسف 
لطا بالذي أحبروه به فقال: 
لصبر جيل يلدي جام به رحسي ابي في المهدات لي 
قال القاضي أبو الفرج: قد أنت هذه الرواية بما وصفناه» وقد روي لنا أن أول من 
قال الشعر آدم اكيم لما قتل قابيل أخحاه هابيل» وأن إبليس لعنه الله أجاب آدم اليكل عن 
شعره ذلك» وهي رواية معروفة» ولعلنا نأتي بها فيما بعد إذا حرجت لنا إن شاء الله تعالى. 
معاوية يغري ابن عمر با مال ليبايع ليزيد 
حدثنا محمد بن العباس بن نجيح البزاز قال حدثنا إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعي 
من كتاب أبيه يلقن» قال حدثني أبي قال حدثنا مؤمل قال: حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا 
أيوب عن نافع أن معاوية لما أراد أن يبايع ليزيد أرسل إلى ابن عمر بمائة ألف ثم أرسل 
إليه أن بايع ليزيد فقال ابن عمر: إن كان ذاك لذلك إن ديني عندي إذن لرخيص. 
اذا يختلف إلى الثاس 
حدثنا الحسن بن أحمد بن محمد بن سعيد الكلبي الدينوري» قال حدثنا أحمد بن 
علي بن نعيم الدينوري» قال حدثني محمد بن يزيد بن هارون الواسطي بسر من راى» في 
سنة ثلاث وستين ومائتين» قال حدثنا القاسم بن بهرام عن أبي الزبير عن جابر عن 
علي بن أني طالب اليك قال: لا يؤتى الرجل إلا لخصلة من أريع ختصال: لشرفء أو 


ح الجليس الصالح والأئيس الناصح جص سح ( لاي 
لشكر معروف سلفء أو لأمر يؤتنف» أو لحديث يطرف. 
حدئثنا محمد بن زياد المقري قال سبعت أحمد بن صالح النحوي السرخحسي قال» 
سمعت المسعودي يقولء» قال المأمون: يحتلف إلى الناس لأربعة أشياء: لصحة شرف»ء أو 
لعلم مطرف, أو لأمر مؤتنف» أو لمعروف قد سلف. ' 
ما في جيب ابن الجهم حين قتل 
حدثنا محمد بن الحسن ابن أستاذ الحمروي» قال سمعت عبد الله بن عروة يقول» سبعت 
أبا عشانة يقول: لما قتل علي بن الحهم وجد في جيبه رقعة فيها: 
يا وحشتا للغريب في البلد لنا زح ماذا بنفسه صنعا 
فارق أحبابه فما اتتفعوا بالعيش من بعده ولا انتفعا 
أف للدئيا وتف 
حدثنا عبد الله بن الحسن بن محمد البزاز قال حدثنا محمد بن خلف قال حدثني عبد 
الله بن محمد بن مرزوق العتكي عن عبد الواحد بن غياث أو آخر غيره ذهب عني اسمه 
العتكي يقول هذا قال: قد د:حلت دار المورياني ليلاً فسمعت قائلاً يقول: 


أف للدنيا وتفاه كل من فيها يلف 
فأجابه آخر: 
لم تقل والله شيعا إن فيها من يعفف 
منهم القاضي ويحيى والحجيمي المعخف 
توضيح 
قال القاضي أبو الفرج: القاضي معاذ بن معاذ» ويحيى بن سعيد القطان» وحالد بن 
الحارث المهجيمي. 


قال القاضي: أف عند جمهور أهل العلم كلمة يقوها المرء عند الشيء يضجره أو 
يتبرم منه ويتقذره؛ وتف بمعناهاء وقيل إنها إتباع لأف مثل حسن بسن وعطشان نطشان. 
وقيل هي بمعنى النتن» وقيل التف الشيء الحقير نحو الشظية تؤخذ من الأرض. وقال 
بعض المحققين في علم العربية الأف وسخ الظفرء والتف وسخ الأذن. وقال الله تعالى: 
«إفلا تقل هما أف4 (الإسراء:7؟) وأتت هذه اللفظة في مواضع عدة من القرآن وفيها 
لغات عدة وقراءات مختلفة» وقد ذكرنا هذا مستقصى في مواضع من كتبنا. 

المجلس الرابع والستون 
كيف نولى عمر بن حبيب القضاء 

حدثنا القاضي أبو الفرج المعانى بن زكرياء بن يحيى إملاءً من لفظه سنة تسعين 

وثلاشائة) حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثنا أبو العباس الكديمي» قال حدثنا 


/) سس سح املس الرابع والستون حت 
عمر بن حبيب اعدوي القاضي قال : قدمت مع وفد . من أهل البصرة حتى دخلنا على 

مير المؤمنين المأمون» فجلسنا وكنت أصغرهم سنا فطلب قاضياً يولى علينا بالبصرة» 
جا نح كذلك لحي برحل كي با خديد طلا د إلى قدا قحلي يله م عق 
ثم جيء بنطع فوضع في وسطه ومدت عنقه وقام السياف شاهراً السيف» فاستأذن أمير 
المؤمنين في ضرب عنقه فأذن له فرأيت أمراً فظيعاًء فقلت في نفسي: والله لأتكلمن فلعله 
أن ينجو فقمت فقلت: يا أمير المؤمنين اسمع مقالتي. فقال لي: قل» فقلت: إن أباك 
حدثي عن جدك عن ابن عباس عن رسول الله ته أنه قال: إذا كان يوم القيامة ينادي 
مناد من بطنان العرش ليقم من على الله تعالى أجرهء فلا يقوم إلا من عفا عن ذنب أخيه. 
فاعف عنه عفا الله عنك يا ) مير المؤمنين» فقال لي: آلله إن أني حدئك عن جدي عن ابن 
عباس عن النبي #تَه هذا؟ فقلت: آلله إن ن أباك حدثني عن جدك عن ابن عباس عن النبي 
عن مهذا. فقال: صدقتء إن أبي حدثني عن جدي عن ابن عباس عن رسول الله ويك ببذاء 
يا غلام أطلق سبيله» فأطلق سبيله ثم أمر أن أولى القضاء ثم قال لي: عن من كتبت؟ قلت: 
أقدم من كتبت عنه داود بن أنبي هند» قال: فحدثء قلت: لاء قال: بلى فحدثء فإن 
نفسي ما طلبت مني شيئاً إلا وقد نالته ما حلا هذا الحديث فإني كنت !أ حب أن أقعد على 
كرسي ويقال لي من حدثك.؟ فأقول: حدثني فلان» قال: فقلت: يا أمير المؤمنين فلم لا 
تحدث؟ قال: لا يصلح الملك والخلافة مع الحديث للناس. 

مدح حسن العمُو 

قال القاضي: ما قرره الله عز وجل ني العقول من حسن العفو وتفضيل أهله وما أنزله 
فيه وأحكمه في كتابه وعلى لسان رسول الله أكثر من أن نأتي على ذكر جميعه وقد قال 
الله تعالى: #إفمن عفا وأصلح فأجره على الله4 (الشورى:٠‏ 5) وقال جل ذكره: إوإن 
تعفوا أقرب للتقوى ولا تدسوا الفضل بينكم؟ (البقرة: )١010‏ وكل هذا مؤكد لما مكنه 
الله جل وعلا في العقول وشاهد لما تواتر من الأخبار عن الرسول َلك 

لعائف اللهبي 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه عن يونس عن شيخ 
من عنزة قال: حرج رجل من لهب؛ وهم حي من الأزد» وهم أعيف العرب» ومعه سقاء 
لبن» فسار صدر يومه ثم عطش فأناخ ليشرب فإذا غراب ينعب» فأثار راحلته ومضى؛ 
فلما أجهده العطش أناخ ليشرب فنعب الغراب» وتمرغ في التراب» فضرب الرجل السقاء 
بسيفه فإذا فيه أسود سالخ. ثم مضى لوجهه فإذا غراب واقع على سدرة» فصاح به فوقع 
على سلمة» فصاح به فوقع على صخرة؛ فإذا تحت الصخخرة كنز ذهبء فلما رجع إلى 
أبيه قال له: ما صنعت؟ قال: سرت صدر يوميء ثم أنخت لأشرب فنعب غراب» فقال: 


جح الجليس الصالح والأيس الناصح بست حت" يد 
أثره وإلا لست بابني» قال: فأئرته ثم أنخت لأشرب فنعب غراب قال: آثره وإلا لست 
بابني) قال: أثرته» ثم أنخت الثالثة لأشرب فنعب غراب وتمرغ في التراب فقال: اضرب 
السقاء بالسيف وإلا لست بابني» قال: فضربته فإذا فيه أسود سالحخ. 

قال: ثم مه قال: ثم رأيت غراباً واقعاً على سدرة قال: أطره وإلا فلست بابني» قال: 
أطرته فوقع على صخرة» قال: أحذني يا بني» قال: فأحذاه. 

معنى أحذى 9 2 

قال القاضي: قوله أحذني أي أعطني فأعطاه. يقال: أحذى فلان فلانا شيئا من ماله 

إذا رضخ له؛ قال رجل من بني سعد لرؤبة بن العجاج: أحذ أبا اللجحاف إذ حبينا. 
أعرابية ترثي قوماً هلكوا 

حدثنا علي بن محمد بن الهم الكاتب أبو طالب» قال حدثني أبو الحسين الحسن بن 
عمرو السبيعي» قال حدثني رجل من الأعراب وفد إلى ابن البعيث» قال حاتي عم لي 
قال: نزلت ماء لبني فزارة ثم ارتحلت عنه وأتيته في العام المقبل فإذا ليس من الحي أحد 
خلا عجوز في سفح جبلٍ تبكي» فقلت: ما ييكيك يا عجوز؟ قالت: على أثر الحي» قلت 

لما: أعسى حيياً نزلت به عام أول؟ قالت: أقلت حييا؟ والله لقد كان حي ربحلء إذا 
ارتحلوا على ألف فحلء» لقد كان فيهم مليل» وما مليل؟ سحاب ذيل على ذيل عطاؤه 
سيل» وغضبه ويلء لم تحمل مثله إبل ولا خيل» ولقد كان فيهم مالك وما مالك؟ خير 
من هنالك. ولقد كان فيهم مبجعة وما مبجعة؟ فارس كأربعة» يكر والخيل معه: ولقد 
كان فيبم عمار وما عمار؟ يوم الفخر فخار» ويوم الجر جرار» لم تخمد له نار طلاب 
بأوتار» ولقد كان فيهم هجين لهم يقال له حممة» وما حممة؟ له ألف ناقة مسنمة» وألف 
مهرة مسومة» وألف نعجة مزمة» وألف عبد وأمة؛ قعد ذات يوم قعدةٌ له حسنة فأنهبها 
كلها في ساعة لم يقض نهمه: ٠‏ قال: فكأنما القمتني عنها وعن قومها حجراً. 

شرح الغريب في حديث الأعرابية 

قال القاضي: قوها حي ربحل أي حي قيل كريم نبيه» واسع عطاؤه» رحب فناؤه) ومنه 
قول القائل: مرحباً وأهلاً وناقة ورحلاء وملكاً ربحلاً» يعطي عطاءً جزالاً. وأما قوها: ولقد 
كان فيهم هجين لهم فالهجين الذي أمه مه أمة» ومنه قول عنترة قبل أن يحرره أبوه: 


أنا اشجين عنترة 
وجمع الحجين هجناء مثل أمين وأمناء» وقرين وقرناء» وكمين وكمناء. ومن ال هجين 
قول الشاعر: 
ألا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا قضب الرحمن ربي يمينها 


ع اع ا خلس الرابع والستون حت 
إذا بركت على نشز وألقفت عسيب جرائها كعصا ال هجين 

والمسنمة من الإبل: العظيمة الأسئمة؛ والمسومة من الخيل: المحسنة المهيأة. وقيل في 
قول الله عز وجل: «إوالخيل المسومة4 (آل عمران: )١5‏ هي المطهمة: أي التي يعنى 
بها ويقام عليهاء والغنم المزهة: ذوات الزهات التي تحت ألحيها الزهات. وعسيب 
الجران: الحلقوم. والتران: باطن العنق. 

رؤيا المأمون وما قال أرسطاطاليس 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال حدثنا ابن أني سعد قال أخبرني محمد بن 
يحبى بن خالد بن يزيد بن مثنى المروزي» قال حي منصور بن طلحة بن طاهرٍ بن 
الحسين» قال حدئني عبد الله بن طاهر قال: : عجبني أمير المؤمنين من رؤيا رآهاء فسألته 
عنها فذكر أنه رأى في منامه كأن رجلاً جلس بحلس الحكماء فقلت له: من أنت؟ قال: أنا 
أرسطاطاليس الحكيمء فقلت له: أيها الحكيم ما أحسن الكلام؟ قال: ما يستقيم في الرأي 
قلت: ثم ماذا؟ قال: ما يستحسنه سامعه» قلت: ثم ماذا؟ قال: ما لا تخشى عاقبته» قلت: 
ثم ماذا؟ قال لا ثم. قال المأمون: لو كان حياً ما كان يتكلم بأكثر مما تكلم به. 

الكندي رأى جالينوس هي المنام 

وحدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثني أبو الحسن الأشج قال قال: حدثني 
يعقوب الكندي قال: رأيت جالينوس فيما يرى النائم فقلت بأبي أنت» رجل من الملوك 
اعتل لا يبرئه إلا فتح الباسليق وليس يوجد له فما ترى؟ قال: افتح له عرقاً بين الخنصر 
والبنصر يقال له الأسيلم» قال الكندي: فأنا أول من فصد الأسيلم. 

أعرابي يسأل 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثني أني قال حدثنا أحمد بن عبيد عن ابن 
الأعرابي قال: قدم أعرابي من البادية افوقف على الناس فقال: أنا عكاب بن عدينة أبوت 
عشرةً وأخوت عشرةً» وكنت مفزعاً للجمة, مقنعاً للهمة أهنا الفقير» و أفك الأسير, 
وأذيل العسير» فانباق علي الدهر متخوفاً لإإخوتي وبنيه يوديهم واحداً واحداً حتى اخترم 
ظهرتي» وأفنى عمارتي» وأساف ماليه» وأباد رجاليهء» وكنت أورد إبلي سحراًء وأصدرها 
طفلاً عكراً دثرا ومالاً وفراًء قليلة الفرش والإفال» حسنة الحلية والفحال» فانتسفها 
الزمان» واجتملها الحدثان» حبجاً وغدة) فقرع مراحي» وفنت أوضاحي» فهل من راحم 
أخا جهذ ولأواء وشصاصاءء شلكم الله باسباغ الرزق. 

تمسير حديث الأعرابي 

قال أبو بكر ابن الأنباري قولهم: أبوت وأخحوت معناه كنت أبا لعشرة وأا لعشرة. 

وقوله: أهنا الفقير: أصلح شأنه؛ قال القاضي: وأصله من المناء الذي تطلى به الإبل من 





-- الجليس الصالح والأنيس الناصح سس ه 17خ حل 


الحرب» قال زهير: 
فأبرى موضحات الرأس منه وقد يشفي من اللحرب المناء 
ومنه قول الآخر: 
ما إن رأيت ولا سسمعت به كاليوم طالي أينق جرب 
متبذلاً تبدو محاسنه يضع الهناء مواضع التقب 


ثم استعير هذا في كل من رفد غيره لسد فقر أو إصلاح أمرء وهو من حسن التشبيه 
وقريبه؛ قال أبو بكر: وأذيل العسيرة معناه: ألين الناقة الصعبة لأحمل عليها الضعيف 
والمجتدي. وقوله: فانباق علي الدهر معناه: قصدني ببائقة» وهي البلية والداهية ومتخوفاً: 


متنقصاً قال الله عز وجل: إأو يأخذهم على تخوف» (النحل: قال القاضي: يقال 
تخوفه إذا اتتقصه كما قال الشاعر: 


تخوف السير منها تامكاً قرداً كما تخوف عود التبعة السفن 
يعني ناقة تنقص سيرها من سنامها بعد شمكنه واكتنازه. والنبع شجر معروف وقال 
الأعشى : 
ونحن أناس عودنا عود نبعة إذا افتحر الحيان بكر وتغلب 


والسفن: الفأس» وهو يتنقص العود وينحته حتى يصنع منه سفينة» ومنه سميت سفينة 
بمعنى مسفونة أي منحوتة منجورة منتقصة الأعواد بالسفن. وقد قرئ على تخوف بمعنى 
الانتقاص من الحافات والجوانب. قال أبو بكر: والحمة: القوم يسألون في الدية ويقال 
أيضاً للدية جمة. قال الشاعر: 

وجمة تسألني أعطيت وسائل عن خبري لويت 
فقلت لا أدري وقد دريت 

وقوله: حتى اخترم ظهرتي ني الظهرة قولان: الظهرة قولان: الظهرة عشيرة الرجل. 
وقال لي أني قال أحمد بن عبيد: الظهرة والأهرة متاع البيت وما يصونه الرجل مما يودعه 
منزله من الآنية وأفنى عمارتي العمارة: القبيلة. وأساف ماليه معناه أوقع السواف في إبلي. 
وأصدرها طفلاً معناه عند غيبوبة الشمس» يقال طفلت الشمس إذا تهيات للغروب. وفي 
السواف لغتان: السنّواف والسنّواف بضم السين وفتحها وهو داء يأحذ الإبل فيقتلها. قال 
أبو عمرو الشيباني: السواف من أدواء الإبل بالفتح» وقال الأصمعي: السواف مضموم من 
الأدواء بمنزلة الكباد والسعال والنخار. عكراً دثراً العكر جمع عكرة وهي سبعون من 
الإبل إلى المائة» والدثر هو المال الكثير وجمعه دثور. 

قال امرؤٌ القيس: 

لعمري لقوم قد نرى في ديارهم مرابط للأمهار والعكر الدثئر 


جح سس سح اججلس الرابع والستون حت 

يريد العكر الدثرء فكسر الثاء لكسرة الراء على لغة من يقول قام بكر ومررت ببكر. 
وقال أبو ذر: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجورء يعني أصحاب الأموال الكثيرة. 1 

قال القاضي:والوقف في بكر على حركة إعراب طرفة لغة معروفة للعرب» وقد روي 
عن أبي عمرو أنه قرأ: «إوتواصوا بالصبر» (البلد: )١1‏ في بالوقف بكسر الباء» ومن 
هذه اللغة قول الشاعر: 

علمنا إخواتنا بو ع جل شرب النبيذ واعتقالً بالررحل 

وقد شرحنا علة هذه اللغة ني موضعها. والعرب أيضاً تقول مال دثر وأموال دثر. قال 
أبو بكر: قليلة الفرش والإفال» الفرش: الصغار من الإبل التي لا تطيق أن يحمل عليهاء 
والإفال: الصغار من الإبل واحدها أفيل. قال القاضي: قد قيل إن الفرش الغنم» والحمولة 
الإبل والبقر والبغال والحمير» فأما الإفال فبي الصغار عند اللغويين» قال الفرزدق: 

وجاء قريع الشول قبل إفالها يزف وجاءت خلفه وهي زفف 

ويروى يرف» وهي رففء والمعنى واحدء وهو المشي السريع. قال الله عز ذكره: 
#فأقبلوا إليه يزفون4 (الصافات: 34) ومن القرأة من يقرأ يرفون. قال أبو بكر 
واجتملها الحدثان ذهب بجملتها ولم يبق منها شيثاً. 

حبجاً وغدة الغدة: من أدواء الإبل» الحبج: أن تأكل الإبل النبات فتنتفخ بطولها حتى 
نموت. وقال الزبير بن بكار: لما ورد نعي مصعب بن الزبير على أهل مكة صعد عبد 
الله بن الزبير المنبر فقال: الحمد لله الذي له الخلق والأمر يؤتي الملك من يشاء وينزرع 
الملك ممن يشاءء ويعز من يشاء ويذل من يشاء؛ ألا وإنه لم يذلل الله تعالى من كان 32 
معه ولو كان فرداً ولم يعرز من كان الشيطان وليه وحزيه ولو كان الأنام كلهم معى ألا 
وإنه أتانا خبر من العراق أحزنا وأفرحناء أتانا قتل المصعب ب بن الزبير رحمه اللى فأما الذي 
أحزننا فإن لفراق الحميم لذعةٌ يجدها حميمه عند المصيبة ثم يرعوي من بعدها ذوو العزم 
إلى جميل الصبر وكرم العزاءئ 0 الذي أذ رحنا فإن القتل كان له شهادةٌ وإن الله عز 
وجل جعل ذلك لنا وله خخيرة. وإن أهل العراق أهل الغدر والنفاق أسلموه ه وباعوه 
قل لدم إن يقل فنا وله ما رت حياً كما بمرت نو اعاصية وما وت ل 
قتلاً قعصاً بالرماح وموتاً تحت ظلال السيوف, ألا وإنما الدنيا عارية من الملك الأعلى 
الذي لا يزول ملكه ولا يبيد, فإن تقبل علي الدنيا لا آحذها أحذ الأشر البطرء وإن تدبر 
عني لا أبلك عليها كالخرف المهتر. 

قال أبو بكر: فقرع مراحي المراح: موضع الإبل الذي تراح إليه» يعني أن إبله مانت 
وتلفت وبقي مراحها أقرع» والعرب تقول قد قرع مراح الرجل إذا ذهب ماله؛ قال الشاعر 

إذا آداك مالك فانت هبه الحاديه وإن قرع المراح 


حت الجليس الصاح والأنيس الناصح جب 7 د 17 17 لست 
فإن أعيا عليك فلم تجده فنبت الأرض والماء القراح 
فإن الفقر إلف فناء قوم وإن آسوك والموت الرواح 
وفنت وضاحي معناه: فنيت دراهمي» فنت بلغة طيئ» يقولون في فني فنى وني رضي 
رضى لي ل قال الشاعر: 
لعمرك ما أخحشى التصعلك ما بقى على الأرض قيسي يسوق الأباعرا 
واللاواء والشصاصاء: الشدة وكلب الزمان. 
قال القاضي: الذي ذكره أبو بكر في نفى ورضى وبقى أنه لغة طيئ هو على ما ذكرء 
وقد ذكرنا من هذه اللغة وحكايتها صدراً في ما مضى من مالس كتابنا هذاء وقد تتداخل 
لغات العرب ويأخذ بعضهم من لغة بعضء قال زهير: 
تربع صارةً حتى إذا إذا فنى الدحلان عنه والأضاء 
يريد فني.. 
إسماعيل بن صالح يغني الرشيد 
حدثنا محمد بن ب يحيى الصولي قال حدثنا أحمد بن محمد الطالقاني قال حدثني فضل 
اليزيدي عن محمد بن إسماعيل بن صبيح قال: 0 
قد قدم إسماعيل بن صالح بن علي وهو صديقكء وأريد أن أراه» فقال له: إن أخحاه عبد 
الملك في حبسكء وقد نهاه أن يجيئك» قال الرشيد: إن أتعلل حتى يجيي عائد. تعال: 
فقال الفضل لإسماعيل: ألا تعود أمير المؤمنين؟ قال: بلى» فجاءه عائداء فأجلسه ثم دعا 
بالغداء فأكل» وأكل إسماعيل بين يديه» فال له الرشيد: كاني قد نشطت برؤيتك إلى 
شرب قدحء فشرب وسقاه. ثم أمر فأحرج جوار يغنين وضربت ستارة وأمر بسقيه؛ فلما 
شرب أنخذ الرشيد العود من يد جارية ووضعه في حجر إساعيل؛ وجعل ني عتق العود 
سبحةً فيها عشر درات اشتراها بثلاثين ألف دينار وقال: غنني يا إساعيل وكفر عن يمينك 
شمن هذه السبحة فاندفع يغني بشعر الوليد بن يزيد في غلية أخمت عمر بن عيد العزيز 
وكانت تحته» وهي التي ينسب إليها سوق غالية بدمشق: 
فأقسم ما أدنيت كفى لريبة ولا حملتني نحو فاحشة رججلي 
ولا قادني معي ولا بصري لما ولا دلني رأبي عليها ولا عقلي 
أعلم أني لم تصبنسي مسصسيية من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي 
فسمع الرشيد أحسن غناء من أحسن صوت») فقال: الرمح يا غلام» فجيء بالرمح؛ 
فعقد له لواءً على إمارة مصرء قال إساعيل: فوليتها ست سنين» أوسعتهم عدلاً وانصرفت 
بخمسمائة ألف دينار) قال: بلغت عبد الملك أحاه ولايته فقال: غنى والله الخبيث همع 
ليس هو لصا بابن. 


جر؛؛ سب سس سس لل سلللللللشششششسست ابلس الرابع والستون حت 
إذا قصر من يؤاكل المأمون 
حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري قال أحبرنا عبد الله بن محمود قال حدثنا 
يحيى بن أكثم قال: كان المأمون إذا قصر بعض من يأكل معه أمر بإقامته عن المائدة ولقد 
رأيته يوماً وقد أمر أن يقام بابنه العباس عن المائدة لتقصير كان منه وقال: إذا قصرت 
احتشم غيرك لتقصيرك» فقال العباس: لم أقصر ولكني وجدت عل قال: هلا ذكرتها قبل 
جلوسك على الطعام, فإما احتملناك على التقصير وإما أعفيناك من الأكل معنا. 
أعرابية تفثل نموذجا للصبر 
حدثنا عبد الباقي , بن قانع قال حدثنا محمد بن زكرياء قال حدثنا إبراهيم بن عمرو بن 
حبيب قال حدثنا الأصمعي قال: حرجت أنا وصديق لي إلى البادية فضللنا الطريق» فإذا 
نحن بخيمة عن يمين الطريق» فقصدنا نحوها فسلمناء فإذا امرأة ترد علينا السلام» ثم 
قالت: ما أن نتم؟ فقلنا: قوم ضالون رأيناكم فأنسنا بكم فقالت: يا هؤلاء ولوا وجوهكم 
عني حتى أقضى من حقكم ما أندم له أهل» ففعلناء فألقت لنا مسا فقالت: اجلسوا علي 
إلى أن يأتي ابني» ثم جعلت ترفع طرف الخيمة وتردها إلى أن رفعتها فقالت: أسأل الله 
بركة المقبل» أما البعير فبعير ابني وأما الراكب فليس بابني» فوقف الراكب عليها فقال: يا 
أم عقيل» عظم الله أجرك في عقيل» قالت: ويحك مات ابني؟ قال نعم قالت: وما سبب 
موته؟ قال: ازدحمت عليه الإبل فرمت به في البئرء فقالت: انزل فاقض ذمام القوم, 
ودفعت إليه كبشاً فذبحه وأصلحه وقرب إلينا الطعام» فجعلنا نأكل ونتعجب من صبرهاء 
فلما فرغنا حرجت إلينا وقد تكورت فقالت: يا هؤلاء» هل فيكم أحد يحسن من كتاب 
الله تعالى شيئاً؟ قلت: نعم أناء قالت: اقرأ علي آيات من كتاب الله عز جل أتعزى بهاء 
قلت: يقول الله تعالى وجل جلاله: #وبشر الصابرين الذين إذا أصابتبم مصيبة قالوا إنا 
لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ريهم ورحمة وأولئك هم المبتدون» 
(البقرة: 55 )١5!-١‏ قالت: الله إنها لفي كتاب الله عز وجل هكذا؟ فقلت: آلله لفي 
كتاب الله تعالى هكذا. قالت: السلام عليكمء ثم صفت قدميها وصلت ركعتين ثم قالت: 
إنا لله وإنا إليه راجعون, وعند الله تعالى أحتسب عقيلاً» تقول ذلك ثلاث اللهم إني فعلت 
ما أمرتني فأنجز لي ما وعدتني. 
لأي علة خلق الله الذياب 
حدثنا محمد بن مخلد بن حفص العطار قال حدثنا محمد بن الحسن بن محمد بن ميمون 
قال حدثني وزيرة بن محمد بمصر قال حدثني معمر بن شبيب بن شيبة قال: سمعت 
المأمون يقول محمد بن إدريس: يا محمد لأي علة خلق الله تعالى الذباب؟ فسكت ثم قال: 
مذلة للملوك» فضحك المأمون ثم قال له: يا محمد رأيت الذبابة وقد سقطت على ندي؟ 


حت الجليس الصالح والأئيس الناصح بسح حت اوح 
قال: نعم ولقد سألت عنها وما عندي فيها جواب» فأحذني من ذلك الزمع» فلما رأيت 
الذبابة قد سقطت منك بموضع لا يناله من معه عشرة آلاف سيف وعشرة آلاف رمح 
انفتح لي فيها الجواب» فقال: لله درك يا محمد. 
ذباب وذبان 

قال القاضي: قيل في هذا الخبر الذبابة على لغة حكيت ضعيفة» يقال فيها ذبابة في 
التوحيد وذباب في الجمع» مثل رقاقة ورقاق» وشامة وشام» وجزارة وجزار فما أشبه هذا 
مما سبق جمعه واحده وكانت الماء فارقة بين واحده وجمعهء فأما اللغة الفصيحة في العربية 
الفاشية عند أهل اللغة فهو أن الذباب واحد. قال الله عز وجل: «إن الذين تدعون من 
دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه» 
(الحج:7/) ويجمع الذباب في القلة أذبة» وفي الكثرة ذبان» مثل غراب وأغربة وغريان. 

المأمون يمتحن محمد بن العباس 

حدثنا ابن مخلد قال حدثنا محمد بن الحسن.» قال حدثنا وزيرة» قال حدثنا معمر بن 
شبيب» قال سمعت المأمون يقول: قد امتحنت محمد بن العباس في كل شيء فوجدته 
كاملا» وقد بقيت حصلة وهو أن أسقيه من النبيذ ما يغلب على الرجل اليد الشرب» 
قال فحدثني ثابت الخادم وقد دعا به فأعطاه رطلاً فقال: اشرب يا محمدء قال: يا أمير 
المؤمنين ما شربت قطء قال: عزمت عليك لتشربن» فشربه؛ ثم وإلى عليه بالأرطال حتى 
سقاه عشرين رطلاً» فما تغير ولا زال عن حجة. 

قوهُ طبع ووثاقة بنية 

قال القاضي: وهذا ممن لم يعتد شربه ولم يأنس به مزاجه وطباعه أبلغ في الأعجوبة 
وأدل على اعتدال التركيب وقوة الطبع ووثاقة البنية» والله أعلم بصحة هذه الحكاية 
وثبوتها من جهة الرواية. 

محمد بن الحسن والشافعي 

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف قال حدثني أحمد بن أني الصلت الحماني 
قال سمعت أبا عبيد يقول: رأيت الشافعي عند محمد بن الحسن وقد دفع إليه حمسين 
ديناراً وقد كان دفع اله قبل هذا خسين درضا وقال: إن اشتهيت العلم فالزم» ثم د 
إليه هذه الدنانير ولزمه الشافعي؛ قال أبو عبيد: فسمعت الشافعي يقول: كتبت عن 
محمد بن الحسسن وقر بعير؛ وسمعته يقول محمد بن الحسن وقد دفع إليه الدنانير بعد 
الخمسين درهماً وقال له: لا تحتشمء فقال: ما أنت عندي في موضع أحتشمك. وجرى 
ذكر الشراب فقال الشافعي: الحمد الله لو علمت أن الماء البارد يضر مروءتي في ديني لما 
شربت إلا الماء الحار ألقى الله تعالى» ولو كنت عندي ممن أحتشمك ما قبلت برك. 


<. طاو سس سس ببسب بسحت ا مجلس الخنامس والستون كت 
المجلس الخامس والستون 
معنى النعم الظاهره والباطنة 
أخبرنا المعائى قال حدثنا أحمد بن حمدان بن عبد العزيز الختلي» قال حدثنا محمد بن 
عثمان بن أي شيبة العبسي» قال حدثنا ! إبراهيم بن محمد بن ميمون قال حدثنا عمرو بن 
هاشم أبو مالك الحنبي قال حدثنا جويبر عن الضحاك عن ابن عباس ]: نه سكل عن هذه 
الآية: إوأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة4 (لقمان: )٠١‏ قال ابن عباس: هذه مما 
سألت عنه رسول الله عَهَكهْ قلت: يا رسول الله ما هذه النعمة؟ فقال: أما ما ظهر فالإسلام 
وما سواه من خلقك وما أسبغ عليك من رزقه. وأما ما بطن فما ستر عليك من مساوئ 
عملكء يا ابن عباس إن الله عز وجل يقول: ثلاث جعلتهن للمؤمن: صلاة المؤمنين عليه 
من بعد موته)» وجعلت له ثلت ماله يكفر عنه من خطاياه» وسترت مساوئ عمله أن 
أفضحه بشيء منها ولو أبديها لنبذه أهله فمن سواهم. 
آراء شي تفطسير الآية 

قال القاضي : جاء هذا الخبر بتلاوة هذه الآية وتأويلها ووردت بتلاوتها فيه على قراءة 
من قرأ: "وأسبغ عليكم نعمة" بلفظ التوحيد وهي قراءة كثيرٍ من المكيين والكوفيين» وقد 
قرأها كثير من المدنيين والشاميين والبصريين «وأسبغ عليكم نعمه» على لفظ الجمع 
وهما قراءتان مشهورتان قد استفاض نقلهماء وقرأت الأئمة بهما ورائة عن النبي ع 
ومعناهما يرجع إلى معنى واحد لأن قائلاً لو قال: ما يتقلب فيه فلان من المال والولد 
والصحة والأمن وأنواع الخير وجميل الستر نعمة أسداها الله تعالى إليه» أو قال هذه نعم 
من الله تعالى تفضل بها عليه» لكان القولان صحيحين» وكذلك تقارب المعنى في قراءة من 
قرأ: لإفانظر إلى آثار رحمة الله (الروم: )5٠١‏ ومن قرأ: "أثر رحمة الله" وقراءة من قرأ: 
«إبلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيكئته» (البقرة: )8١‏ وخطيئاته وقد قيل إن معنى 
قوله خطيئته في هذا الموضع الشركء وقيل بل كبائر ذنوبه التي مات ولم يتب منها 
وروي عن عبد الله بن كثير أنه قال في معنى قوله تعالى: "وأسبغ عليكم نعمة" هي شهادة 
أن لا إله إلا الله في ما زعمواء وقيل بل هو عام شامل للنعم؛ ومثل هذا في القرآن كثير. 
وقيل إن هذا مما ينبئ الواحد منه عن جملة جنسه؛ كقولهم: هلكت الشاة والبعير» وكثر 
الدرهم والدينار في أيدي الناس» وقال الله تعالى ذكره: #والعصر. إن الإنسان لفي 
خسر »4 (العصر: ١‏ ؟) أراد الجنس دون اختصاص إنسان واحدء ألا ترى أنه استثتى منه 
جمعاً فقال: #إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات© (العصر: ) وهذا باب مستقصى في 
ما رسمناه من علوم القرآن. 


جح الجليس الصالح والأئيس الناصح حب سل ل شح روح 
وصية أبي بكر ليزيد بن أبي ستيان 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال أحبرنا أبو حاتم عن أني عبيدة قال» قال أبو بكر 
رضي الله عنه لبد بن بي سفيان وقد به إلى الشام: 
بدأ بالصلاة إذا حل لك وقتها ولا تشاغل عنها بغيرهاء فإن الإمام تقتدي به رعيته 
وس بعمله في نفسه. وإذا وعظت فأوجزء ولا تكثر الكلام فإن كثرة الكلام تنسبي 
بعضه بعضاًء وإنما يغني منه ما وعي عنك. وإذا استشرت فاصدق الحديتث تصدق 
المشورة» ولا تدخرن عن المشير شيئاً فتكون إنها تؤتى من نفسكء ولا تلجن في عقوبة 
فإن أدناها وجيع» ولا تسرعن إليها وأنت مكتف بغيرهاء ولا تكشف الناس عن 
أسرارهم» واستغن علانيتهم ولا تجسس في عسكرلك فتفضحها ولا تغفله فتفسده. ولا 
تقاتلن بمجروح فإن بعضه ليس معه, واستشر الناس بالدنيا فإن ذا النية تكفيك نيته» ومن 
أعطيته شيئاً بشيء فف له ولا تتحذن حشماً تضع عنهم ما تحمله على غيرهم فإن ذلك 
يضغن الناس عليك ويستحلون به معصيتك. 
قال القاضي: رضي الله عن أي بكر فقد أبلغ في وصيته. وبالغ في نصيحته» ومن 
حفظ عنه ما علمه؛ احتذى ما أشار به ورسمهء كان سالكاً محجة الرشاد» في المعيشة 
والمعاد» ونسأل الله التوفيق للسداد وحسن الاستعداد. 
ربيعة بن مكدم 
وعمرو بن معديكرب الأكول 
حدتنا محمد بن مزيد الخزاعي قال حدثنا الزبير بن بكار» قال حدشني عمر بن أني بكر 
المؤملي عن عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: دحل عمرو بن 
معديكرب الزبيدي على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعنده الربيع بن زياد وشريك بن 
الأعور الحارثيان فسلم عليه وقال: يا أمير المؤمنين دحلت على حالك أي سليمان يعني 
حالد بن الوليد فأتى بور وقوس وكعب فأطعمنيه؛ فقال عمر: إن في ذلك لشبعة. قال: يا 
أمير المؤمنين لك أو لي؟ قال: بل لي ولكء قال كلا يا أ مير المؤمنين» فلقد رأيتني آكل. 
الأزهر: التبن هو القدح العظيم, والثور: الأقط والكعب القطعة من التمر رئيئة وصريفاً. 
قال القاضي: وليس في كتابي عن ابن أي الأزهر» تفسير القوس» وهو القطعة من 
السمن» وقيل إن هذه الأسماء الثلاثة هي البقية الفضلة من الأنواع التي وصفنا. 
قال: فنظر عمر إلى الربيع بن زياد كالمتعجب من قوله. فقال له الربيع: يا أمير 
المؤمنين إنه لكذلك» وإن الخيل لتتقي ذراه إذا كان بين الصفين وانتعلت الخيل الدماء؛ 
على أنه قد نقض الإل قال ابن أبي الأزهر: الإل هو العبد وقطع أواصرنا قال ابن أني 
الأزهر: الأواصر الأصول قال عمرو: يا أمير المؤمنين جاورت هذا الحي من بني 


حون سس سس سس سس سس سس سبح المجلس الخنامس والستون حت 
الحارث بن كعب عشرين سنةً فمشوا إلي الضراء ودبوا إلي الخمر. 

قال القاضي: الضراء: ما واراك من شجرة والخنمر: ما وراك من شيءء قال زهير: 

فمهلاً آل عبد الله عدوا مخازي لا يدب لها الضراء 
وقال آخر: 
ألا يا زيد والضحاك سيرا فقد جاوزتما حمر الطريق 

فلما بدت لي ضباب صدورهم وحسك قلوبهم أوجرتهم أمر من نقيع الحنظل. فقال 
شريك بن الأعور: يا أمير المؤمنين إن هذا ما أعجزنا لما أحذته أنيابنا وكلمته أظفارناء 
فقال عمرو: إليك يا ابن الأعور فإني لا أغمز غمز التين ولا يقعقع لي بالشنان؛ فلما حشي 
عمر أن يتفاقم الأمر بينهم ويخرجوا إلى ما هو أعظم من هذا قال: إيباً عنكم الآن» وأقبل 
على عمرو فقال: يا أبا ثور لقد حدثت عن نفسك بمأكل ومشربء ولقد لقيت الناس ني 
الجاهلية والإسلام فأخبرني هل صدفت عن فارس قط؟ قال: يا أمير المؤمنين» قد كنت 
أكره الكذب في الجاهلية وأنا مشرك فكيف إذ هداني الله تعالى للإسلام؟ لقد قلت ذات يوم 
لخيل من بني ذهل: هل لكم في الغارة؟ قالوا: على من؟ قلت: على بني البكاءء قالوا: مغار 
بعيد على شدة كلب وقلة سلب» قلت: فعلى من؟ قالرا : على هذا الحي من كنانة فإنه بلغنا 
أن رجاهم خلوف. فخخرجت في خيل حتى انتهيت إلى واد من أوديتهم فدفعت إلى قوم 
سرأة؟ قال له عمر: وما أدراك أنهم سراة؟ قال: انتهيت إلى قباب عظيمة من أدم» وقدور 
متأقة وابلٍ وغنم» فقال عمر: هذا لعمري علامة السرورء قال عمرو: فانتهينا إلى أعظمها 
قب فأكشفها عن جارية مثل المهاة» فلما رأتني ضربت يدها على صدرها وبكتء فقلت فقلت 
ما يبكيك؟ قالت: ما أبكي على نفسي ولا على المال» فقلت: على أي شيء تبكين؟ 
قالت: على جوارٍ أتراب لي قد ألفتبن وهن في هذا الوادي» قال: فببطت الوادي على 
فرسي فإذا أنا برجل قاعد يخصف نعله وإلى جانبه سيف موضوع. فلما رأيته علمت أن 
الحارية قد خدعتني وماكرتني» فلما رآني الرجل قام غير مكترثء ثم علا رابيةٌ» فلما نظر 


إلى قباب قومه مطروحةً حمل علي وهو يقول: ٍ 
قد علمت إذ منحتني فاها ولحفتني بكرة رداها 
أني سأحمي اليوم من حماها يا ليت شعري ما الذي دهاها 
فقلت محيبا له: 
عمرو على طول السرى دهاها بالخيل يزجيها على وجاها 


ثم حملت عليه وأنا أقول: 


أنا ابن عبد الله محمود الشيم مؤتمن الغيب وفي بالذمم 


حج الجليس الصالح والأنيس الناصح بس سس سس ببسم وه 
من تحير من يمشي بساق وقدم 
قال: فحمل علي وهو يقول: 
أنا ابن ذي الأقيال أقيال البهم من يلقني يود كما أودت إرم 
أتركه لحماً على ظهر وضم 
قال: واختلفنا ضربتين» فأضربه أحذر من العقعق» ويضربني أثقف من اللهر» فوقع 
سيفه في قربوس سرجي فقطعه» وعض كاثبة الفرس» فوثبت على رجلي قائماً وقلت: يا 
هذا ما كان يلقاني من العرب إلا ثلاثة: الحارث بن ظالم لسنه والتجربة» وعامر بن الطفيل 
للشرف والنجدة؛ وربيعة بن مكدم للحياء والبأس» فمن أنت ثكلتك أمك؟ قال: بل من 
أنت ثكلتك أمك؟ قلت: أنا عمرو بن معديكرب الزبيدي» قال: وأنا ربيعة بن مكدمء 
قلت: اختر مني إحدى ثلاث حصال: إما أن نتضارب بسيفينا حتى يموت الأعجز؛ وإما 
أن نصطرع فأينا صرع صاحبه قتله» وإما المسالمة» قال: ذاك إليك فاحترء قلت: إن 
بقومك إليك حاجة وبقومي إلي حاجة؛ والمسالمة أولى وخير للجميع. ثم أخذت بيده 
فأتيت به أصحاي وقلت لهم: خلوا ما بأيديكم قالوا: يا أبا ثور غنيمة باردة بأيدينا تأمرنا 
أن نتركها؟ فقلت لهم: لو رأيتم ما رأيت لخليتم وزدتم» لوا وسلوني عن فرسي ما فعل؛ 
قال: فتركنا ما بأيدينا وانصرفنا راجعين. 
معنى الغنيمة الباردة 
قال القاضي: في قوله: غنيمة باردة وجهان: أحدهما أنها الغنيمة التي لم ينل غانمها حر 
السلاح وحازوها سالمين ظاهرين موفورين غير مكلومين» وقد يكون البرد في هذا القول 
بمعنى الطمأنينة والراحة كما يقال: اللهم أذقنا برد عفوك» ومنه برد اليقين بمعنى الطمأنينة 
والسكون. ويقولون برد الميت أي سكن. والوجه الثاني أن الغنيمة الباردة هي المستقرة 
الحاصلة والمحوزة الثابتة من قولهم: ما برد بيدي من هذا شيء»؛ أي ما حصل ولا ثبت» 


كما قال الراجز: 
اليوم يوم بارد سسومه من عجز اليوم فلا تلومه 
أي ثابت سمومه. وقد أنشدنا محمد بن القاسم الأنباري: 
عافت الشرب في الشتاء فقلنا برديه تصادفيه مسخحينا 


على وجهين: برديه أي احبسيه وأقريه لينكسر برده» والآخر بل رديه من الوردء 
فأدغم اللام في الراى وهذا كثير في كلام العرب, والإظهار هاهنا قليل في السماع ضعيف 
في القياس» وان كان بعضهم قد أظهر» وقد روي عن حفص بن سليمان الأسدي عن 
عاصم بن أني النجود بل راك# (المطففين: 5 )١‏ بالإظهار. 








سيارع المحلس الخامس والستون حت 
نصيحة وصيفٌ وتردد ابن بلبل 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثني يعقوب بن بنان المنقري قال حدثنا أبو 

العباس ابن الفرات» وقد جرى ذكر إساعيل بن بلبل وأيامه, فقال: كنت يوماً بين يديه 
وقد ورد عليه خبر الناصر ودحوله قرماسنين») فرأيته قد أطال الفكر ثم قال لأحمد 
الحاجب: وج إلى بي علي وصيف إى موسى ابن أخنت مفاج فلم لي أن حضرا ثم 
قال: وجه إلى عبد الله بن الفتح» فقال له وصيف: أريد أن ن أقول شيئاً قبل أن توجه إلى 
عبد الله بن الفتح» فقال: قل» فكأنه كره أن يقول بسبب من حضر المحلسء فقال أبو 

الصقر: نحتاج أن نخلو» ولم يكن بالحضرة إلا أربعة أنا خامسهم: أحمل بن ممما ين خخالد 
3 حو أبي صححرة» وما شاء الله الذي كان يكتب للطائي وإساعيل بن ثابت الزغل» وابن 
فراس وقد كان استكتبه للعبدي» فقمناء فقال: مكانك يا أحمد» فجلست ناحية وبين 
يدي أعمال أنظر فيهاء وقال لوصيف: قلء فقال له: إن كنت توجه إلى عبد الله بن الفتح 
تشاوره في أمر ورد عليك وتظن أنه لك مثل من حضر فلا تظن ذاكء فإن عبد الله كان 
بمصر يقول: ليس لي صلاة ما دمت مع ابن طولون لأن الناصر ليس براض عنه» وهو الآن 
إنما هو معك على أن الناصر يستنصحك ويرضى بك فيما ولاك من أمره؛ فإن وقف على 
تدبير تدبره على غير ما يوافق الناصر رأى ى أن دمك.حلال» فأفكر أ بو الصمّر ساعة وقاموا 
معه فدخلوا مجلساً وأسبلت الستور دونهم» ومعهم نخادم لأبي الصقر أسود يقال له صندل 
حسن الفكر؛ فلما قدم الناصر ونكب إسماعيل وتخلصنا من النكبة واستخلفني أبو القاسم 
عبيد الله بن سليمان كان الخادم يجيئني كثيرأًء فسألته عما جرى في تلك الخلوة فقال لي: 
لا تلد النساء مثل وصيف الخادم» ولا يرى في الدول مثله» قال مولاي لمما يعني وصيفا 
وموسى: قد قرب هذا الرجل ولم يبق في بيوت الأموال شيء ولا والله ما ورائي ما أرضيه 
به ونحن في عدة عظيمة قد 0 أفكرت في 
أن أوجه وأقطع جسر النهروان وأوجه بأكثر الحيش إليه مع أحمد بن الحسن المادرائي؛ 
فقال له موسي الرأي لسيدنا ونسن بين يديه في كل ما نهضنا إليهه فقال لوصيف: ما 
تقول يا أبا علي؟ فقال: أرى لك رأياً لا يخلص لك غيره» أرى أن تأحذ ابنه وتأخحذ 
معك من اميش من تعلم أنه للك ناصح وتقيد من تتهمه؛ وشخرج لي اسسملة ني فق 
حتى توافي المدائن» فتأخذ المعتمد وأولاده وتخلفني بواسط وتصير أنت إلى الصرة» 
والخليفة وأولاده معك» ويكون أبو العباس ومن قد قيدته معك؛ فإن أهل البصرة إذا رأوا 
الخليفة حارب دونك رجاهم وخولهم وصبيانهم ونساؤهم؛ ويكون مال الأهواز وواسط 
والبصرة في يديك» وتحدر معك الشذاءات والحراقات والزلالات والطيارات» وتكاتب 
عمرو بن الليث فإنه عدوه؛ فإن كفيت أمره بهذه العلة التي يقال إنه فيها رجعت إلى بغداد 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح + سس7__7277«ااااااسي 4 ا 5 
وأنت أعز الناس» وإن عاش كنت مع أمير المؤمنين وإمام المسلمين لم تخلع ولم تحدث 
في أمره حادثة تزيل إمامته ومعك ولي عهد مقدم على أخيه ولم تخرج من طاعة؛ فالناس 
كلهم معك» وقاتلناه أشد قتال» ولعنته على المنابر وكان ابنه في يديك وأنت مستظبر به 

وإذا نظر الأولياء إلى جودك وبخله واستنقاذك حليفةَ مظلوماً وقيامك بنصرته 
ناصحوك وبذلوا مجهودهم لك وإد حالفت هذا فأنت والله مأحوذ مقتول» وأنت أعلم. 
فقال له: القول ما قلت» وهذا هو التدبير» وأنا آحذ في هذا وأعمل به» وخرجا من عنده. 
فبلغ وصيفا أن مولاي عرض دوابه وبغاله لاستقبال الناصرء وأنه أنفذ كتاباً إلى أني بكر 
ابن أخخته» وكان مع الناصرء ليعرضه على الناصر ليجد له موضعاً في استقباله» وورد 
الكتاب بدحول الناصر حلوان» فجاءه وصيف فقال: ما عزم سيدنا الوزير؟ قد كاد ما 
جرى أن يفوت» فقال: الليلة أنظر في هذاء فقال: فإلى أن تنظر أتقدم أنا إلى واسط لأكون 
ما يدحل بغداد. فما معنى الانزعاج وتنبيه الأولياء على المطالبة بالشخوص؟ فقال: والله 
إن دحل الناصر بغداد في تابوت ليخرجن المحبوس من غير أمرك» ليجتمعن الناس كلهم له 
ولينقلبن عنك كل من اصطنعته؛ فإن كنت لا تطيعني فيما أشرت به فدعني حتى أكبس 
ا حسني كأني قد عاصيتك» وآحذ ابوس معي ) واخحذ ابوس معي ) وآخحذ الخليفة من 
تتخلص حتى تلحق بي أو تستتر إلى أن تجد الفرصة بالتخلصء فقال له: ألى أن يقفل ذاك 
من حلوان ربما ينجلي المرء فقال له: أما أنا فما أقيم ساعة أخرج من عندك وأنا بواسط 
إلى أن يأتيني أمرك إن بقي لك أمرء وودعه وحرجء فخخلا به المادرائي وأشار عليه بمثل 


رأي معاوية في ما يستحسن من الشعر 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدئنا أحمد بن يحيى قال حدئثنا عمر بن شبة عن 
أشياحه قال: قال معاوية بن أني سفيان لعبد الرحمن بن الحكم: أراك تعجب بالشعرء فإن 
فعلت فإياك والنسيب بالنساء فإنك تعر به الشريفة وترمي به العفيفة وتقر على نفسك 
بالفضيحة» وإياك والهجاء فإنك تحنق به كريما وتستئير به لثيماء وإياك والمدح فإنه 
كسب الوقاح وطعمة السؤال؛ ولكن افخر بمفاخر قومكء, وقل من الأمثال ما تزين به 
نفسك وشعرك وتودد به إلى غيرك. 


ويقال الشعر أدنى مروءة السري وأفضل مروءة الدني. 


عخددووسعللللبسسس مجلس الخامس والستون حت 
نصيب الشاعر ورأيه شي شعراء عصره 

أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي قال حدئنا أحمد بن يحيى» قال: حدثنا 
الزبيرء قال: حدثنا محمد بن أحمد عن محمد بن عبد الله عن معاذ صاحب الروي قال: 
دخلت مسجد الكوفة فرأيت رجلاً لم أر قط أنقى ثياباً منه و لا أشد سواداًء فقلت له: 
من أنت؟ فقال: أنا نصيب» فقلت: أخبرني عنك وعن أصحابكء فقال: جميل إمامناء 
وعمر أوصفنا لربات الحجالء وكثير أبكانا على الأطلال والدمن» وقد قلت ما سبعت») 
قلت: فإن الناس يزعمون أنك لا تحسن أن تهجوء قال: فأقروا لي أني أحسن المديح؟ 
قلت: نعم» قال: أفترى لا أحسن أن أجعل مكان عافك الله أحزاك الله؟ قلت: بلى» قال: 
ولكني رأيت الناس رجلين: رجلاً لم أسأله فلا ينبغي أن أهجوه فأظلمه؛ ورجلاً سالته 
فمنعني فكانت نفسي أحق بالحجاء إذ سولت لي أن أطلب منه. 

شاعر يسترهد مكديا 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا الغلاي قال: قدم أحمد أو إبراهيم بن 
الحسن بن سهل البصرة وقد ولي شيئا من أعمالها فنزل طاحية» فمضى إليه بعض شعراء 
البصرة فامتدحه» فوقع إليه : 


شاعر يطلب رفداً من أحي شع مكدي 
إن ذا أعجب أمر خاض فيه الناس بعدي 
أناني أخذ ثياب ال اس مذ كنت أسدي 
جلب الريح أالري سح الذي يطلب رفدي 


قال: فأردت هجاءه فلم أفعل» فلقيني يوماً فقال لي: يا هذا مازحناك فجددت ني 
هجرناء ثم قال لغلامه: لا تفارقه» فمضى بي معه فأقمت عنده يومي ووهب لي حمسمائة 
درهم وقال: لا تقطعني» فكنت أمضي إليه» فلما أراد الخروج من البصرة أمر لي بجميع ما 
بقاه في الدار مما لم يحمله مع فبعته بمائة دينار» قال أبو عبد لله: لا أدري من حدثني 
بهذا الجماز أو الحمدوي أو غيرهما. 
ضروب من القبح 
العالية» قال سمعت المأمون يقول: ما أقبح اللجاجة بالسلطان» وأقبح والله من ذلك 
الضجر من القضاة قبل التفهم» وأقبح منه سخافة الفقهاء بالدين» وأقبح منه البحل 
بالأغنياء والمزاح بالشيوخ والكسل بالشباب والحبن بالمقاتل. 
0 3 قَّ في شت ما 
حدثنا أحمد بن جعفر قال حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر قال حدثنا ابن إسحاق بن 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح بس سس بس سس سر وس 
إسماعيل الطالقاني قال حدثنا سفيان بن عيينة قال: كان بين عمر بن ذر وبين رجل يقال 
له ابن عياش شحناءء؛ وكان يبلغ عمر بن ذر أن ابن عياش يتكلم فيه» قال: فخرج عمر 
ذات يوم فلقي ابن عياش فوقف معه, فقال له: لا تغرق في شتمنا ودع للصلح موضعاً فإنا 
لا نكافئ أحداً عصى الله تعالى فينا بأكثر من أن نطيع الله تعالى فيه. 
لا تدع على أخيك 
حدثنا ابن المنادي قال حدثنا جعفر الصائغ أيضاً قال حدثنا الحسن بن بشرء قال 
حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله قال: سمع مسلم بن يسار رجلاً يدعو 
على أخ له من أجل أنه ظلمه؛ فقال له مسلم: يا أخي لا تدع على أخيك ولا تقطع 
رحمهء وكله إلى الله فإن خطيئته أشد له طلباً من أعدى عدو له. 
كبش من إفريقية 
حدثنا عبيد الله بن مسلم العبدي قال حدثنا الغلاي قال حدثنا إبراهيم بن حبيب 
القاضي الغلابي قال: رأيت في دار محمد بن زبيدة كبشاً قدم به من إفريقية أسود فيه حلق 
مكتوب ببياض: لا إله إلا الله وفي الشق الآخر محمد رسول الله. 
انتقل من جوار ابن طاهر 
حدثنا أحمد بن أبي سهل بن عاصم الحلواني» قال حدثنا أبو الحسن علي بن هارون بن 
علي بن يحيى بن أبي منصور قال: كان أبي نازلاً في جوار عبيد الله بن عبد الله بن طاهر 
فانتقل عنه إلى دار ابتاعها بنهر المهدي وهي دار إسحاق بن إبراهيم الموصلي» فكتب 
إليه عبيد الله مستوحشا: 


يا من تحول عنا وهو يألفنا بعدت جداً فاياً صرت تلقانا 
فاعلم بأنك إذ بدلت جيرتنا بدلت داراً وما بدلت إخوانا 
فأجابه هارون بن علي: 
بعدت عنكم بداري دون خالصتي ومحض ودي وعهدي كالذي كانا 
وما تبدلت مذ فارقت قربكم إلا هموماً أعانييا وأحزانا 
وهل يسر بسكنى داره أحد وليس أحبابه اللدار جيرانا 
غزل لهارون الرشيد 


حدثنا عمر بن أحمد بن علي المروزي الجوهري إملاء من حفظه سنة اثنتين وعشرين 
وثلاشائة قال: أخبرني أبو العباس أحمد النيسابوري أن هذه الأبيات كتبها هارون الرشيد 
إلى جارية له كان يحبها وكانت تبغضه: 
إن التي عذبت نفسي بما قدرت كل العذاب فما أبقت ولا تركت 
مازحتها فبكت واستعبرت جزعاً عني فلما رأتني باكياً ضحكت 


همد سسسب لبس سسبسبسح لمجلس السادس والستون حد 
فعدت أضحك مسروراً بضحكتها حتى إذا ما رأتتي ضاحكاً فبكت 
تبغي خلافي كما خبت براكبها يوماً قلوص فلما حثها بركت 
أو لعله لابن إياس 
حدثنا حمر بن خمد بن نصير الخواص» قال حدثنا أبو العباس بن مسروق» قال 
حدثني محمد بن أحمد أبو الحسن المدائني» قال حدثني عبد الله بن يحبى بن فرقد مولى 
المبدي قال: اشترى محمد بن إياس جاريةً مغنية فهويها وكان مستهتراً بحبها وعشقها 
فأعرضت بوجهها عنه يوماًء فلقيني وهو كئيب حزين» فقلت: ما شأنك؟ فأنشأ يقول: 


اليس من عجب بل زادني عجباً مملوكة ملكت من بعد ما ملكت 
هي التي عذبتني في مودتنها كل العذاب فما أبقت ولا تركت 
أولشاع رآخر 
أنشدنا يعقوب بن محمد بن صالح الكريزي قال أنشدنا عبد الحليل بن الحسن لذوؤيب: 
هي التي عذبتني في مودتها كل العذاب فما أبقت ولا تركت 
عاتبتها فبكت واستعبرت أسفاً عني فلما رأتني باكياً ضحكت 
فظلت أضحك مسروراً لضحكها فاستعبرت إذ رأتتي ضاحكاً فبكت 
تبغي لاني كما خبت براكبها يوماً قلوص فلما حثها سركت 
كأنها درة قد كنت أذخحرها ليوم عسر فلما رمتها هالكت 
المجلس السادس والستون 


يذهب إلى دمشق ليسمع حديثأ من أبي الدرداء 

أحبر نا القاضي أ بو الفرج المعافى بن زكريا قراءة عليه قال حدثنا الحسين بن إسماعيل 
امحاملي؛ قال حدثنا محمود بن حداشء» قال حدثنا محمد بن يزيد الواسطي» قال حدثنا 
عاصم بن رجاء بن حيوة عن قيس بن كثير قال: قدم رجل من المدينة إلى أي بالدرداء 
وهو بدمشقء فقال: ما أقدمك يا أحي؟ قال: حديث بلغني أنك تحدث به عن رسول الله 
يي قال: أما جمت لحاجة؟ قال: لاء قال: ما قدمت لتجارة؟ قال: ما جفت إلا في طلب 
هذا الحديت» قال: فإني سعت رسول الله © يقول: من سلك طريقاً يبتغي به علماً سلك 
الله به طريقاً إلى الجنة» وإن الملائكة لتضع أجنحتها إرضاءً لطالب العلمء وإن العالم 
ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء» وإن فضل العالم على 
العابد كفضل القمر على سائر الكواكب» وإن العلماء ورئة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا 
ديناراً ولا درهماً وإنما أورثوا العلم» فمن ن أحذه فقد أذ بحظ وافر. 

قال القاضي: هذا حبر قد كتبناه عن عدد من الشيوخ؛ وروينا في معناه عن النبي يك 
وأئمة العلماء من السلف والخلف. واستقصاء القول في شرف العلم وفضله؛ وارتفاع 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح جم ا 8 ع حت 
منزلته» وعلو شأن اقتباسه وحمله» وجلالة القائمين بروايته ونقله, مما يصعب ويبعد 
ويتعب المتعاطي له ولا يتيسرء ونحن نأتي بالشيء بعد الشيء في المجلس بعد المجلس 
فيسهل مورده؛ ويعظم على الناظر فيه الانتفاع به وبالله نستعين فإنه خير معين. 
الخليل يرى أن الرجال أربعة 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرنا أبو معمر عن أبيه قال حدثنا النضر بن 
شيل قال» سمعت الخليل , بن أحمد يقول: الرجال أربعة: رجل يدري ولا يدري أنه يدري 
فذاك غافل فنبهوه» ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري فذاك جاهل فعلموه؛ ورجل 
يدري ويدري أنه يدري فذاك عاقل فاتبعوه» ورجل لا يدري أنه لا يدري فذاك مائق 
فاحذروه. وأنشدت في بعض ما يشتمل بعض الحكاية عليه: 

ما زلت في تيه الظلام أجحري حتى دريت أنني لا أدري 
بين الطاهري وبعض أهل الأدب 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي, قال حدثنا أبو الحسن علي بن عصمة الأواني 
الشهراباني الشاعر قال حدثني بعض المشايخ من أهل الأدب قال: كنت مقيماً بالري 
فدعاني ذات يوم محمد بن علي الطاهري» فلما استوى مجلسي عنده قال لي: قد حطرت 
ببالي أشياء أنا سائلك عنها فقل فيها بما حضرك» قلت: يسأل الأمير وأسمع؛ قال: ما أطيب 
الطعام؟ قلت: طعام لقي جوعاً ومطعم وافق شهوة» قال: فم ألذ الشراب؟ قلت: شرمة ماء 
بارد تبرد غليلك أو كأس راح تعاطيها حليلكء» قال: فما أمتع الغناء؟ قلت: أوتار أربعة» 
وجارية متربعةً» غناؤها مصيب» وضربها عجيبء قال: فما أذكى الطيب؟ قلت: ريح بدن 
تحبه» أو ولد تربه» قال : فما أشهى النساء؟ قلت التي تخرج من عندها كارهاء وترجع إليها 
والهاء قال: فما أفره خيلا قلت الأسوق الأعنق الذي إذا طلب لم يسبق» وإذا طلب لم 
يلحق» إذا صهل أطربك» وإذا رأيته أعجبكء» قال: أحسنت يا غلام أعطه مائة دينار قلت: 
اعز الله الأمير وأين تقع مني مائة دينار؟ فقال لقد زدت نفسك مائة دينار قلت: أولست 
كذا؟ قال الأمير قال: لاء ولكني أحقق ظنكء يا غلام أعطه مائتي دينار. 

إهانة الحجاج لأنس وما نجم عنها 

حدثني محمد بن القاسم الأنباري قال حدثني أني قال حدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا 
هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن عوانة بن الحكم الكلبي قال: دحل أنس بن مالك 
على الحجاج بن يوسفء فلما وقف بين يديه سلم عليه فقال يا أنيس» يوم لك مع علي» 
ويوم لك مع ابن الزبيره» ويوم لك مع ابن الأشعث؛ والله لأستأصلنك كما تستأصل 
الشأفة» ولأقلعنك كما تقلع الصمغة, فقال أنس: إياي يعني الأمير أصلحه الله ؟ فقال: 
إياك سك الله سمعك, قال أنس: إنا لله وإنا 7 راجعونء والله لولا الصبية الصغار ما 


جىنو) س7 ست صس تس سح املس السادس والستون عحجد 
باليت أي قتلة قتلت ولا أي ميتة مت. ثم خرج من عند الحجاج فكتب إلى عبد 
الملك بن مروان يخبره بذلك» فلما قرأ عبد الملك كتاب أنس استشاط غضباً وصفق 
عجباً وتعاظمه ذلك من الحجاج. وكان كتاب أنس بن مالك إلى عبد الملك بن مروان: 
بسم الله الرحمن الرحيم إلى عبد الملك بن مروان أمير المؤمئين من أنس بن مالك أما 
بعد فإن الحجاج قال لي هجراء وأسمعني نكراء ولم أكن لذلك أهلاء فحذ لي على يديه 
فإني أمن بخدمتي رسول الله يَيَقهُ وصحبتي إياه» والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. 

فبعث عبد الملك إلى إسماعيل بن عبد الله بن أني المهاجرء وكان مصادقاً للحجاج؛ 
فقال له: دونك كتاي هذين فخذهما واركب البريد إلى العراق» فابدأ بأنس بن مالك 
صاحب رسول الله ؤَكهُ فادفع كتابه إليه وأبلغه مني السلام وقل له: يا أبا حمزة قد كتبت 
إلى الحجاج الملعون كتابا إذا قرأه كان أطوع لك من أمتك. وكان كاب عب المللك إلى 
أنس بن مالك: بسم الله الرحمن الرحيمء من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى 
أنس بن مالك حادم رسول الله وق أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت من 
شكاتك للحجاجء وما سلطته عليك ولا أمرته بالإساءة إليك» فإن عاد لمثلها فاكتب إلي 
بذلك أنزل به عقوبتي» وتحسن لك معونتي» والسلام» فلما قرأ أنس بن مالك كتابه 
وأخبر برسالته قال: جزى الله أمير المؤمنين عني خيراً وعافاه وكافأه عني بالجنة» فهذا 
كان ظني به والرجاء منه. فقال إسماعيل بن عبد الله لأنس: يا أبا حمزة إن الحجاج عامل 
أمير المؤمئين وليس بك عنه غنى ولا بأهل بيتك» ولو جعل لك في جامعة ثم دفع إليك 
لقدر أن يضر وينفع» فقاربه وداره» فقال أنس: أفعل إن شاء الله. ثم خرج إسماعيل من 
عنده فدخل على الحجاج فلما رآه الحجاج قال: مرحباً برجل أحبه وكنت أحب لقاءه 
فقال له إسماعيل: وأنا والله كنت أحب لقاءك في غير ما أتيتك به» قال: وما أتيتني به؟ 
قال: فارقت أمير المؤمنين وهو أشد الناس عليك غضباً ومنك بعداًء قال: فاستوى 
الحجاج جالساً مرعوباً فرمى إليه إساعيل بالطومار» فجعل الحجاج ينظر فيه مرة ويعرق 
وينظر إلى إسماعيل أحرىء فلما نفضه قال: قم بنا إلى أبي حمزة نعتذر إليه ونترضاهء فقال 

له إساعيل: لا تعجل» قال: كيف لا أعجل وقد أتيتني بآبدة؟ وكان في الطومار: إلى 
الحجاج بن يوسف: بسم الله الرحمن الرحيم؛ من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى 
الحجاج بن يوسف: أما بعد فإنك عبد طمت بك الأمور فسموت فيها وعدوت طورك؛ 
وجاوزت قدرك» وركبت داهية إداء وأردت أن تبورني» فإن سوغتكها مضيت قدماء وإن 
لم أسوّغها رجعت القهقرى, فلعنك الله عبداً أحفش العينين منقوص الحاعرتين» أنسيت 
كاسب آبائك بالطائف وحفرهم الآبار ونقلهم الصحور على ظهورهم في المناهل يا ابن 
المستفرمة بعجم الزبيب؟! والله لأغمزنك غمز الليث الثعلب والصقر الأرنب» وثبت على 


ح الجليس الصالح والأئيس الناصح ل سسب لصح ويج 
رجل من أصحاب رسول الله وُه بين أظهرنا فلم تقبل له إحسانه ولم تجاوز له إساءته 
جرأةً منك على الرب عز وجلء واستخخفافاً منك بالعهد, والله لو أن اليهود والنصارى رأت 
رجلاً حدم عزير بن عزرة وعيسى ابن مربم لعظمته وشرفته وأكرمته» فكيف وهذا أنس بن 
مالك حادم رسول الله ينه حدمه شاني سنين يطلعه على سره ويشاوره في أمره؛ ثم هو مع 
هذا بقية من بقايا أصحابه» فإذا قرأت كتاي هذا فكن أطوع له من ححفه ونعلهء وإلا أتاك 
مني سهم مثكل بحتف قاض و «إلكل نبأ مستقر وسوف تعلمون» (الأنعام:/710). 
تمسير بعض المغفردات 

قال القاضي: قول الحجاج: سك الله سمعك يقال: استكت الأذنان واصطكت 
الركبتان. وقوله للحجاج: يا ابن المستفرمة بعجم الزبيب كانت المرأة تستعمل عجم 
الزبيب لتضيق قبلها في ما ذكر بعض أهل العلم وهو حبه. والنوى كله يقال له عجم 
واحدته عجمة؛ قال الأعشى: 

مقادك بالخيل أرض العدو وجذعانها كلقيط العبجم 

قيل: صارت من صلابتها مثل النوى. وقال أبو عبيدة: عجم عجماً أي ليك لأنه نوى 
الفم فهو أصلب ليس بنوى خل ولا نبيذ فهو أصلب وأملس» وإنما أرارد صلابتها وضمرهاء 
ولقيط أراد "ملقوط" مثل جريح وبحروح؛ ويروى كلفيظ العجم أي ملفوظ ملقى. 

بين دعبل والمطلب الخزاعي 

حدثنا محمد بن الصولي قال حدثني عون بن محمد قال لما هجا دعبل المطلب بن عبد 
الله بن مالك الخزاعي فقال: 

اضرب ندى طلحة الطلحات متئداً بخل مطلب فينا وكن حكما 

تخرج حزاعة من لوم ومن كرم فلا تعد لها لؤماًولا كرما 

ويروى تسلم خزاعة. فدعاه بعد ذلك المطلب» فلما دحل إليه قال: والله لأقتلانك 
لجائك لي» فقال: له فأشبعني إذن ولا تقتلني جائعاء فقال: قبحك الله هذا أهجى من 
الأول» ثم وصله فحلف أنه يمدحه ما عاش» فقال فيه: 


سألت الندى لا عدمت الندى وقد كان منا زماناً غغرب 
فقال بلى لم أزل غائهِا ولكن قدمت مع المطالب 


قال القاضي: في هذا الخبر ما دل على دهاء دعبل ولطف حيلته وأنبا عن ذكاء المطلب 
ودقة فطنته. وقد روي مثل هذا عن معن بن زائدة وأتي بجماعة قد عاثوا ني عمله فأمر 
بقتلهم» ؛ فقال له أحدهم: أعيذك بالله أن تقتلنا عطاشاً فأمر باحضار ماع يسقونهم» فأحضرء 
فلما شربوا قال: أيها الأمير لا تقتل أضيافكء» فقال: : أولى لك» وأمر بتخليتهم. 


جهوو: سلسلللل ‏ -اا سب سس سس حح البملس السادس والستون -ّ 


حدشا محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا عون قال: أنشدني دعبل لنفسه يرثي 
المطلب: 
مات الثلاثة لما مات مطلب مات الحياء ومات الرغب والرهب 
لله أربعة قد ضمها كفن أضحى يعزى بها الإسلام والعرب 
يا يوم مطلب أصبحت أعيشئنا دمعاً يدوم لما ما دامت الحقب 
هذي حدود بني قحطان قد لصت بالترب منذ استوى من فوقك الترب 
جمع فعلة 


قال القاضي: قول دعبل في شعره في الخبر المتقدم: اضرب ندى طلحة الطلحات 
أسكن اللام في قوله الطلحات للضرورة وحقها التحريك» والعرب تقول طلحة 
الطلحات» وحمزة وحمزات» وشرة وتمرات» وجمرة وجمرات» ومثله الركعات والسجدات 
بفتح عين الفعل من فعلات في الأسماء من هذا الباب» ما لم تكن العين واواً أو ياء أو ألفاً. 
وقد أسكن الراجز العين من الاسم في الباب الذي وصفت فقال: 

عل صروف الدهر أو دولاتها تديلنا اللمة من لماتها 
فتستريح النفس من زفراتها 

هكذا روي عل صروف بالحر وله علة مختلف فيهاء فمن الناس من زعم أن إحدى 
لامي عل التي في معنى أمل حلفت وأن اللام التي في شرف في اا ا 
لغة» وأكثر أهل العلم ينكرون هذا التأويل ويذهبون إلى أن حفض ما يلي لعل لغة من 
0 

وما كان من الأسماء في هذا الباب عينه مدغمة في لامه لتجانسهما مثل حبة وحبات 
وعمة وعمات فإنه ساكن» وكذلك الألف مثل دارة ودارات» وتارة وتارات» وبابة 
وبابات؛ لأن الألف لا تكون إلا ساكنة ومتى ما ريم تحريكها انقلبت عن جنسها كى 
الحمزة. فأما الواو والياء كجوزة ولوزة وعورةً وغيبة وبيضة وربطة» فالمستفيض من لغة 
العرب فيه الإسكان للتخفيف ولئلا يلزم القلب فيه الواوً والياء لتحركهما وانفتاح ما 
قبلهما ويقع الالتباس» فتكون عارة في عورة بمنزلة دارة» وهذيل بن مدركة يحركون 
فيقولون عورات وبيضات. قال الله تعالى ذكره: إثلاث عورات لكم» (النور: 58) 
فبذه القراءة السائرة بنقل العامة والخاصة» وقد قرأ بعضه م عورات بالتحريك» وهذه 
قراءة شاذة. وأما فعلات إذا كانت نعتاً فبابها التسكين تحفيفاً مثل: ضخمة وضخمات» 
وعبلة وعبلات» وكما شذ في الأسماء قول الراجز زفراتها على ما قدمنا ذكره» فقد شذ في 
القياس واطرد في الاستعمال قولهم: ربعات في جمع رجل ربعة وامرأة ة ربعة. وقد زعم 
جماعة من النحاة أن مما شذ أيضاً في هذا الموضع قولهم شاة لحبة وشياه بات وهي 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح سس سحتو ود 
القليلة اللبن. وأرى أنه قيل على التفاؤل بالغزر كما قيل للعطشان ناهل؛ وللضرير بصيرء 
وللديغ سليم» في قول كثير منهم. ألا ترى إلى قول الشاعر: 

وقد حكي شاة حبة بالفتح» وحكى الكسائي عن العرب فيما روي عنه جحبة ولجبة) 
فعلى هذين الوجهين يكون لحبات جارياً على أصله وقياسه وغير حارج عن بابه. وأما 
قوهم لقبيلة من قريش العبلات فإنه تقرر في أصله اسماً ورج أن يكون صفةً ونعتاً. قال 
الشاعر في لغة هذيل التي قدمنا ذكرها: 

أبو بيضات رائح متأوب رفيق بمسح المنكبين سبوح 

وقد احتلف أهل العلم بالعربية في علة تحريك عين فعلات بحيث وصفنا وفعلة منه 
ساكنة العين» فقال أكثرهم: فعل هذا ليفرق بين الأسماء في هذا الباب وبين النعوت» 
وكانت الأسماء لخفتها أحمل للحركة والنعوت أولى بالتسكين لثقلها وأنها تأتي ثانيةَ بعد 
الأسماء. وقال بعضهم: فعلات في هذا الباب فيها تاءان في الأصل والتقديرء وإحداهما هاء 
تنقلب في الوقف تاء كقولك جفنة وكان التقدير في جمعها جفنتات لأن التاء الأولى لازمة 
في الواحدة والتاء الثانية أنت للجمع» فاكتفي بإحداهما جعلت حركة العين عوضاً مما 
حذف» وكانت الأسماء أحق بهذا لسعتها وخفتهاء ولم يؤت بها في النعب للتخحفيف. وقد 
حكي امرأة صعدة؛ كأنها صعدة توصف بالطول تشبيهاً بالقناة» يقال في يد فلان صعدة 
يمانية» كما قال الشاعر: 


في كفه صعدةٌ يمانية فيا سنان كشعلة القبس 
يعني وهجا ومثله: 
صعدة قد ثبتت في حائر أينما الريح شيلها مل 


فأسكن هاهنا المشبه والمشبه به وهو النعت والاسم في الواحد» وقالوا: نسوة 
صعدات فأسكنوا لأنه نعت» وكأنهن صعدات فحركوا لأنه اسم. 

قال القاضي: وهذا باب تتصل به أبواب تشاركه في أصوله ولما أحكام وعلل» وفيها 
لغات تتشعب وتتفرع» وهي مرسومة على حدودها مقرونة بعللها في أو إلى المواضع بها. 

حكمة للحسن 

حدثنا إساعيل بن يونس بن أني اليسع أبو إسحاق, قال حدثنا يحيى بن جعفر بن عبد 
الله بن أي طالب» قال حدئثنا محمد بن إبراهيم الشامي» قال حدثنا الوليد بن مسلم 
وضمرة بن ربيعة عن أحمد بن أبي حميد عن الحسن قال: ما عرف الخير من لم يتبعه» ولا 
عرف الشر من لم يجتنبه» وما أيقن عبد بالجنة والنار حق يقينهما إلا رؤي ذلك في عمله 
فانظر ما تجب أن يكون معك غداً فقدمه اليوم. 


حجن او بلس سر ست اهملس السادس والستون حت 
خسف بدركلتي ونجا أبو زبيبة 

حدثنا محمد بن أحمد بن أسد الحروي» قال حدئنا ابن أبي سعد الوراق قال: كان رجل 

يقال له أبو زبيبة متعبداً يجيء إلى مدينة من مدائن اليمن يقال لما دركلتي قال: فيقف 


عليهم فينشد هذه الأبيات: 


قال فكان هذا دأبه» وكان أهل القرية ملحين ني المعاصي فخسف بهم فمر مها رجل 

فلقيه آخر فقال: ما فعلت دركلتي؟ قال: حسف بهاء قال: فأبو زبيبة؟ قال: سلم. 
المشي إلى الصين أهون من تلك الخطوذ 

حدننا عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني» قال حدثنا محمد بن القاسم» قال 
حدثنا الأصمعي قال: نظر الأحنف إلى سيف مع رجل من بني تميم فقال له: إن فيه 
لقصرا وإنه لجيد» فقال صاحب السيف: يا أبا بحر إلا تطيله حطوةء كما قال الشاعر: 

نصل السيوف إذا قصرن بخطونا قدماً ونلحقها إذا لم تتلحق 

قال الأحنف: يا ابن أحي» المشي والله إلى الصين أهون من تلك الخطوة. 

لا بد من إنصاف الشعراء 

حدثنا أبو النضر العقيلي» قال حدثنا عسل بن ذكوانء قال حدثنا الزيادي قال: كان 
الخليل بن أحمد صديقا لجعفر بن سليمان الحاشي» فجاء يوما ليدحل عليه فوجد على بابه 
شعراء قد أنشدوه وقبلت أشعارهم وتأخحرت جوائزهم» فشكوا ذلك إليه وسألوه إذكاره, 


فدحل إليه فأنشده: 
لا تقبلن الشعر ثم تعقله فتنام والشعراء غير نيام 
واعلم بأنهم إذا لم ينصفوا حكموا لأنفسهم على الحكام 
وجناية الحاني عليهم تنقضي وعقابهم يبقى على الأيام 


قال القاضي: وقد روينا هذه الأبيات منسوبة إلى ابن الرومي في ما روي لنا من 

شعره) والله أعلم بحقيقة الأمر في ذلك. 
بين الحسن بن علي وزياد 

حدثنا أحمد بن الحسن بن الكلبي قال حدثنا محمد بن زكرياء قال حدثنا عبد الله بن 
الضحاك قال حدثنا هشام بن محمد عن أبيه قال: كان سعيد بن سرح مولى حبيب بن 
عبد سس شيعةً لعلي , بن أبي طالب الكت فلما قدم زياد الكوفة والياً عليها أحافه وطلبه 
زياد» فأتى الحسن بن علي» » فوثب زياد على أخيه وولده وامرأته فأحذهم وحبسهم وأحذ 
ماله وهدم داره؛ فكتب الحسن إلى زياد: من الحسن بن علي إلى زياد أما بعد فإنك 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح خمست طخ خخ ده و يود 
عمدت إلى رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم فهدمت داره وأحذت ماله 
وعياله فحبستهم, فإذا أتاك كتاني هذا فابن له داره واردد عليه عياله وماله» فإني قد أجرته 
فشفعني فيه. فكتب إليه زياد: من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة: أما بعد فقد 
أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي» ؛ وأنت طالب حاجة) وأنا سلطان وأنت سوقة» كتبت 
إلي في فاسق لا يؤويه إلا مثله» وشر من ذلك توليه أباك وإياك» وقد علمت أنك قد آويته 
إقامة منك على سوء الرأي ورضى منك بذلكء» وايم الله لا تسبقني به» ولو كان بين 
جلدك ولحمك 0 
للحم الذي أنت منه. فأسلمه بجريرته إلى من هو أولى به منك» فإن عفوت عنه لم أكن 
شفعتك فيهء وإن قتلته لم أقتله إلا حبه إياك. 

فلما قرأ الحسن الكل الكتاب تبسم وكتب إلى معاوية يذكر له حال ابن سرح وكتابه 
إلى زياد فيه وإجابة زياد إياه» ولف كتابه في كتابه وبعث به إلى معاوية. وكتب الحسن إلى 
زياد: من الحسن بن فاطمة عليهما السلام إلى زياد بن سمية: الولد للفراش واللعاهر 
الحجر. فلما وصل كتاب الحسن إلى معاوية وقرأ معاوية الكتاب ضاقت به الشام» وكتب 
إلى زياد: أما بعد فإن الحسن بن علي بعث بكتابك إلى جواب كتابه إليك في ابن سرحء 
فأكثرت التعجب منك» وعلمت أن لك رأيين: أحدهما من أني سفياكت والآخحر من سمية) 
فأما الذي من أني سفيان فحلم وحزم. وأما رأيك من سية فما يكون رأي مثلها؟ ومن 
ذلك كتابك إلى الحسن تشتم أباه وتعرض له بالفسق» ولعمري لأنت أولى بالفسق من 
الحسن» ولأبوك إذ كنت تسب إلى عبيد أولى بالفسق من أبيه؛ وان امسن بذا بنفسه 
ارتفاعاً عليك وإن ذلك لم يضعك. 

وأما تركك تشفيعه فيما شفع فيه إليك فحظ دفعته عن نفسك إلى من هو أولى به 
منك» فإذا قدم عليك كتابي هذا فخل ما في يديك لسعيد بن سرح. وابن له داره» ولا 
تعرض له واردد عليه ماله» فقد كتبت إلى الحسن أن يخير صاحبه إن شاء أقام عنده وإن 
شاء رجع إلى بلده» وليس لك عليه سلطان بيد ولا لسان. وأما كتابك إلى الحسن باسمه 
ولا تنسبه إلى أبيه فإن الحسن ويلك ممن لا يرمى به الرجوان» أفإلى أمه وكلته لا آم لك 
هي فاطمة بنت رسول الله يي أفحر له إن كنت تعقل؛ وكتب في أسفل الكتاب: 


تدارك ما ضيعت من بعد جرأة وأنت أريب بالأمور حبير 
أما حسن بابن الذي كان قبله إذا سار سار الموت حيث يسير 
وهل يلد الرئبال إلا نظيره فذا حسن شبه له ونظير 


قال القاضي: الرئبال ولد الأسد. 
ولكنه لو يوزن الحلم الحجى برأي لقالوا فاعلمن تبسير 


دوع للك سح املس السابع والستون حت 
قال الغلابي: قرأت هذا الخبر على ابن عائشة فقال: كتب إليه معاوية حين وصل إليه 
كتاب الحسن في أول الكتاب الشعر والكلام بعده. 
تعليقات لفوية ونحوية 
قال القاضي: قول معاوية: من لا يرمى به الرجوان يعني تثنية الرجا وهو الجانب 
والناحية جمعه أرجاءء قال الله عز وجل: «إوالملك على أرجائها» (الحاقه:0١)‏ والعرب 
تقول: فلان لا يرمى به الرجوان أي لا يستهان به وتستضعف منزلته فيطرح به ويرمى 


به» كما قال الشاعر: 
فلا يرمى بي الرجوان اني أقل القوم من يغني مكاني 
وأما قوله: تدارك ما ضيعت فإنه حرك الكاف في الأمر لأنه أراد النون الخفيفة» كما 
قال الشاعر: 
اضرب عنك الهموم طارقها ضربك بالسيف قونس الفرس 
أراد: اضربن؛ والله تعالى الموفق للصواب. 


المجلس السابع والستون 
معالجة محارب بن دثار لشهود الزور 

أخبرنا المعانى قال حدثنا نصر بن بيزويه المعروف بابن أني منصور الشيرازي في شهر 
ربيع الآحر سنة تسع عشرة وثلاشائة قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم شاذان قال حدثنا 
سعد بن الصلت قال حدثني هارون بن الجهم أبو الجهم القرشي عن عبد الملك بن عمير 
القبطي قال: كنت عند محارب بن دثار الذهلي وهو في قضائه حتى تقدم إليه رجلان» 
فادعى أحدهما قبل الآخر حقاً فأنكره» فقال: ألك بينة؟ قال: نعم فلان. فقال له الرجل 
المدعي قبله: إنا لله وإنا إليه راجعونء والله لئن شهد علي ليشهدن بزور» ولئن سألني عنه 
لأزكينه» فلما جاء الشاهد قال محارب بن دثار: حدثني عبد الله بن عمر قال: سمعت 
رسول الله عد يقول: إن الطير يوم القيامة لتضرب بمناقيرها وتقذف ما في حواصلها 
وتحرك أذنابها من هول يوم القيامة» وما يكلم شاهد الزور ولا تقار قدماه على الأرض 
حتى يقذف به في النار. ثم قال للرجل: مم تشهد؟ قال كنت شهدت على شهادة وقد 
نسيتهاء أرجع فأتذكرهاء ترجع وام يشهد عليه بشي ». 

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن شاذان أبو الحسين البزاز قال حدثنا أبو بكر 
سليمان بن داود بن كثير الكندي قال: شهد رجل على رجل عند محارب بن دثار» وكان 
محارب متكئاً. فقال المشهود عليه: والله الذي تقوم السماء والأرض بأمره ما شهد علي 
إلا بزورء وما علمت إلا خيراً إلا هذه الشهادة» وإنما ذلك لحقد له علي» فاستوى محارب 
جالساً ثم قال: يا هذا سعت ابن عمر يقول» سعت رسول الله َه يقول: يأتي على الناس 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح “0 5 1259891 لالهلل سدسلسلد لس 0111.١‏ 1 شك 
يوم تشيب فيه الولدان» وتضع الحوامل ما في بطونهاء وتضع الطير ما في حواصلهاء 
وتضرب بأذنابها ولا ذنب عليهاء فإن كنت شهدت على حق فأقم على شهادتك» وإن 
كنت شهدت على باطل فاتق الله تعالى وغط رأسكء, واخحرج من هذا الباب» فغطى 
الرجل رأسه وحرج من الباب. 
فظاعة شهادة الزور 

قال القاضي: الأمر في عظيم جرم شاهد الزور وجسيم إشمه وفظيع ما تحمله وقبيح ما 
ارتكبه واقتحمه واحتمبه وأقدم عليه وما ورد من توعد الله جل جلاله إياه يي كتابه 
رويناه؛ وقد روي عن النبي عنهُ أنه قال: شاهد الزور لا تزول قدماه حتى يؤمر به إلى 
النار. وروي عنه أيضاً أنه قال: عدلت شهادة الزور الشرك. 

وقال الله جل وعز: #فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور» (الحج: 
"٠‏ وقال تعالى جده: إإنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم 
الكاذبون4 (النحل:5١٠)‏ وروي عن ابن عباس أنه قال في قوله جل ذكره: «إإن الذين 
اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين © 
(الأعراف: ؟5١)‏ هي والله لكل مفتر كذباً إلى يوم القيامة. وقد احتلف أهل العلم فيما 
ينبغي أن يعمل بشاهد الزور: فذهب بعضهم إلى تعزيره وتأديبه» ورأى آخرون إظهار 
وتظبر توبته وتحسن إنابته أو تأتي عليه منيته) ونسأل الله توفيقه وعصمته) وأن يجعلنا 
ممن يؤثر دينه على دنياه» ورضى ربه على هواه؛ وأن لا يجعلنا ممن يبيع حظه من ولاية 
الله تعالى بشيء من حطام الدنيا وزينتهاء ولا يشري صا ما بينه وبين ربه بمنازل الدنيا 
ومراتبهاء إنه سميع الدعاء لطيف لما يشاء. 

كيف تم استخلاف عمر بن عبد العزيز 

حدئنا أحمد بن يحيى قال حدثنا أبو بكر بن أي حيثمة قال حدثنا عبد الوهاب بن 
نجدة الحوطي قال حدثنا محمد بن المبارك الصوري قال حدثنا الوليد بن مسلم عن عبد 
الرحمن بن حسان الكناني قال: لما مرض سليمان بن عبد الملك المرض الذي توفي فيه 
وكان مرضه بدابق) ومعه رجاء بن حيوة» فقال لرجاء بن حيوة: يا رجاء من لهذا الأمر 
من بعدي؟ أستخلف ابني؟ قال: ابنك غائب» قال: فالآحر؟ قال: ذاك صغيرء قال: فمن 
ترى) قال: أرى أن تستخلف عمر بن عبد العزيز. قال: أنتخوف بني عبد الملكء أن لا 
يرضواء قال: فول عمر بن عبد العزيز ومن بعده يزيد بن عبد الملك» وتكتب كتابا وتختم 
عليه وتدعوهم إلى بيعته مختوماً عليهاء قال: لقد رأيت» ايتني بقرطاس» قال: فدعا 


حرو ححط كك سس سس املس السابع والستون حت 
بقرطاس فكتب فيه العهد لعمر بن عبد العزيز ومن بعده يزيد بن عبد الملك ثم حتمه 
ودفعه إِلَى رجا قال: اخرج إلى الناس فمرهم فليبايعوا على ما في هذا الكتاب مختوماًء 
قال: فخرج إليهم رجاء فجمعهم وقال: إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا لمن في هذا 
الكتاب من بعده؛ قالوا: ومن فيه؟ قال: عفتوم لا تخبرون بمن فيه حتى يموتء» قالوا: لا 
نبايع حتى نعلم من فيه» قال: فرجع رجاء إلى سليمان» قال: انطلق إلى أصحاب الشرط 
والحرس وناد الصلاة جامعة» ومر الناس فليجتمعواء ومرهم بالبيعة على ما في هذا 
لكتاب» فمن أى أن يبايع منهم فاضرب عنقه» قال: نفعل» فبايعوا على ما فيه قال 
رجاء: فلما خرجوا خحرجت إلى منزلي فبينا أنا أسير في الطريق أذ سمت جاية اي 
فالتفت فإذا هشام؛ فقال لي: يا رجاء قد علمت موقعك منا و! مير المؤمنين قد صنع 
شيئاً لا أدري ما هوع وأنا خرف ان يكوك قد أرقا عر فإ بكي 
ما دام في الأمير نفس حتى أنظر في هذا الأمر قبل أن يموت» قال قلت: سبحان الله 
يستكتمني أمير المؤمنين أمراً أطلعك عليه؟ لا يكون ذلك أبدأء فأدارئي والاصني فأبيت 
عليه قال: فانصرف. فبينا أنا أسير إذ سمعت جلبة خلفي» فإذا عمر بن عبد العزيز فقال 
لي: يا رجاء إنه قد وقع في نفسي أمر كبير من هذا الرجل» أتخوف أن يكون قد جعلها 
إلي؛ ولست أقوم بهذا الشأن فأعلمني ما دام في الأمير نفس لعلي أتخلص منه ما دام حياًء 
قلت: سبحان الله يستكتمني أمير المؤمنين أميرأً أطلعك عليه؟» فأدرائي والاصني فأبيت 
عليه؛ قال رجاء وئقل سليمان» وحجب الناس عنه حتى مات» فلما مات أجلسته 
وأسندته وهيأته وحرجت إلى الناس فقالوا: كيف أصبح أمير المؤمنين؟ فقلت: إن أمير 
المؤمنين قد أصبح ساكناًء وقد أحب أن تسلموا عليه وتبايعوا على ما في هذا الكتاب» 
والكتاب بين يديهء قال: فأذنت للناس فدخلوا وأنا قائم 0 إن أميركم 
يأمركم بالوقوفء ثم أحذت الكتاب من عند ثم تقدمت إليهم فقلت: إن أمير المؤمنين 
يأمركم أن تبايعوا على ما في الكتاب لمحي وفرضت من يعي لح هرا كم 0 
أمير المؤمنين قالوا: فمن فافتح الكتاب» فإذا فيه العهد لعمر بن عبد العزيز» فلما نظرت 
بنو عبد الملك تغيرت وجوههم, فلما قرأوا من بعده يزيد بن عبد الملك كأنهم تراجعواء 
فقالوا: أين عمر بن عبد العزيز؟ فطلبوه فلم يوجد في القوم» قال: فنظروا فإذا هو في 
مؤخر المسجدء قال: فأتوه فسلموا عليه بالخلافة فعقر فلم يستطع النهوض حتى أحذوا 
بضبعيه فرقوا به المنبر» فلم يقدر على الصعود حتى أصعدوه؛ فجلس طويلاً لا يتكلم 
فلما رآهم رجاء جلوساً قال: ألا تقومون إلى أمير المؤمنين فتبايعوه؟ قال: فنبض القوم 
إليه فبايعوه رجلاً رجلاً» قال فمد يده إليهم» قال: فصعد إليه هشام فلما مد يده إليه قال 
يقول هشام إنا لله وإنا إليه راجعون» فقال عمر: نعم إنا لله وإنا إليه راجعون حين صار 


جح الجليس الصالح والأنيس التاصح ب ب شتت و ود 
يلي هذا الأمر أنا وأنت. قال: ثم قام عمر فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس إني 
لست بقاض ولكني منفذ» ولست بمبتدع ولكني متبع» وإن حولكم من الأمصار والمدن 
فإن هم أطاعوا كما أطعتم فأنا وليكم؛ وإن هم نقموا فلست لكم بوال. ثم نزل يمشي 
فأتاه صاحب المراكب فقال: ما هذا؟ قالوا: مركب الخليفة» قال: لا حاجة لي فيه ايتوني 
بدابتي» فأتوه بدابته فركبها ثم حرج يسير وخرجوا معه فمالوا إلى طريق» قال: إلى أين؟ 
قالوا:' إلى البيت الذي يهياً للحليفة» قال: لا حاجة لي فيه» انطلقوا بي إلى منزلي» قال 
رجاء: فأتى منزله فنزل عن دابته» ثم دعا بدواة وقرطاس وجعل يكتب بيده إلى العمال ني 
الأمصار ويملي على نفسه» قال رجاء: فلقد كنت أظن أن سيضعف فلما رأيت صنيعه في 
الكتاب علمت أنه سيقوى بهذا ونحوه. 
هل تجوز الشهاده على الكتاب المختوم 

قال القاضي رحمه الله: قد احتلف أهل العلم في الشهادة على الكتاب المختوم كالذي 
جرى في هذه القصة» وكالرجل يكتب وصيته في صحيفة ويختم عليها ويشهد قوماً على 
نفسه أنها وصيته من غير أن يقرأوها عليه أو يقرأها عليهم ويعاينوا كتبه إياهاء وما أشبه 
هذا مما يشهد المرء فيه على نفسه وإن لم يقرأه الشاهد أو لم يقرأ عليه فأجاز ذلك 
وأمضاه وأنفذ الحكم فيه جمهور أهل الحجاز» وروي عن سالم بن عبد الله وذهب إلى 
هذا مالك بن أنس ومحمد بن سلمة المخزومي» وأجاز ذلك مكحول وير بن أوس 
وزرعة بن إبراهيم والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز في من وافقهم من فقهاء أهل الشام؛ 
وحكى نحو ذلك حالد بن يزيد بن أني مالك عن أبيه وقضاة جنده» وهو قول الليث بن 
سعد في من وافقه من فقهاء أهل مصر والمغرب» وهو قول فقهاء أهل البصرة وقضاتهم؛ 
وروي عن قتادة وعن سوار بن عبد الله وعبيد الله بن الحسن ومعاذ بن معاذ العنبريين في 
من سلك سبيلهم» وأحذ بهذا عدد من متأحري أصحاب الحديث منهم أبو عبيد 
وإسحاق بن راهويه. 

وألى ذلك جماعة من فقهاء أهل العراق منهم إبراهيم وحماد والحسن» وهو مذهب 
الشافعي وأني ثور» وهو قول شيخنا أي جعفر رحمة الله عليه» وكان بعض أصحاب 
الشافعي بالعراق يذهب إلى القول الأول لعلل ذكر أنه حاج بعض مخالفيه فيها. 

قال القاضي: وإلى القول الذي قدمت حكايته عن أهل الحجاز والشام ومصر 
والمغرب والبصرة أذهب» ولكل ذي قول من هذين القولين علل يعتل بها لقوله» ويحتج 
بها على خصمه؛ وليس هذا الموضع مما يحتمل إحضارهاء وهي مشروحة مستقصاة في ما 
رسمناه من كلامنا في كتب الفقه ومسائله. وقوله: "الاصني" قريب من معنى قوله أدارني 
وهو ليه وفتله. 


د . ومع ل ل سح ا بجلس السابع والستون جت 
أشرف من حرب من أمية من أكطأ عليه إناءه 
حدثنا الحسن بن أحمد الكلبي قال حدثنا محمد بن زكريا الغلاي قال حدثنا العباس بن 
بكار قال حدثنا أبو بكر الحذلي وعبيد الله بن محمد الغساني عن الشعبي قال: دخل عبد 
الله بن جعفر بن أبي طالب على معاوية وعنده يزيد ابنه» فجعل يزيد يعرض بعبد الله في 
كلامه وينسبه إلى الإسراف في غير مرضةة الله فقال عبد الله ليزيد: إني لأرفع نفسي عن 
جوابك» ولو صاحب السرير يكلمني لأجبته؛ قال معاوية: كأنك تظن أنك أشرف منه 
قال: إي والله» ومنك ومن أبيك وجدكء فقال معاوية: ما كنت أحسب أن أحدا في عصر 
حرب بن أمية يزعم أنه أشرف من حرب بن أمية» قال عبد الله: بلى والله يا معاوية» إن 
أشرف من حرب بن أمية من أكفأ عليه إناءه وأجاره بردائه» قال: صدقت يا أبا جعفرء 
سل حاجتك فقضى حوائجه وخرج. 
قال الشعبي: ومعنى قول عبد الله لمعاوية إن أشرف من حرب من أكفا عليه إناءه 
وأجاره بردائه» لأن حرب بن أمية كان إذا كان في سفر فعرضت له ثنية أو عقبة تنحنح فلم 
يجترئ أحد أن يرقاها حتى يجوز حرب بن أمية» وكان في سفر فعرضت له ثنية فتنحنح» 
فوقف الناس ليجوزء فجاء غلام من بني تميم فقال: ومن حرب؟ ثم تقدمه» فنظر إليه حرب 
وتهدده وتاك سيمكنني الله تعلى منك اذ دخلت مكة. فضرب الدهر من ضربه؛ ثم إن 
التميمى بدت له حاجة بمكة فسأل عن أعر عز أهل مكة فقيل له عبد المطلب بن هاشم 
فقال أردت دون عبد المطلب؛ فقرح عليه ببه؛ شرج الي الزير فقال ما أنت ؟إن كنت 
مستجيراً أجرناك» وإن كنت طالب قر قريناك» فأنشأ التميمي يقول: 


لاقيت حرباً بالثنية مقبلاً والصبح أبلج ضوءه لللسا 
قف لا تصاعد واكتنى ليروعني ودعا بدعوة معلن وثشعار 
فتركته حلفي وسرت أمامه وكذاك كنت أكون في الأسفار 
فمضى يبددني الوعيد ببلدة فيها الزيير كمثل ليث ضار 
فتركته كالكلب ينبح وحذده وأتيت قوم مكارم وفخار 
قوما هزبرا يستجار بقربه رحب المباءة مكرماً للجار 
وحلفت بالبيت العتيق وركنه وبزمزم والحجر ذي الأستار 
إن لا لزبير لمانعي بمبند عضب المهزة صارم بقار 


فقال له الزبير: قد أجرتك» وأنا ابن عبد المطلب؛ فسر أمامي فإنا معشر بني عبد 
المطلب إذا أجرنا رجلاً لم نتقدمه؛ فمضى بين يديه والزبير في أثره» فلقيه حرب فقال: 
التميمي ورب الكعبة» ثم شد عليه؛ ثم اخترط سيفه الزبير ونادى في إخوته» ومضى حرب 
يشتد والزبير في أثره حتى صار إلى دار عبد المطلب» فلقيه عبد المطلب خارجاً من الدار 


حت الجليس الصاح والأنيس الناصح امم الالاُ5س سلش2 000 5010 
فقال: مهيم يا حرب» قال: ابنك» قال: ادحل الدارء فدحل فأكفاأ عليه جفنة هاشم التي 
كان يهشم فيها النريد» وتلاحق بنو عبد المطلب بعضهم على أثر بعض فلم يجترئوا أن 
يدحلوا دار أبيهم» فاحتبوا بحمائل سيوفهم وجلسوا على الباب» فخرج إليهم عبد 
المطلب» فلما نظر إليهم سره ما رأى منهم» فقال: يا بني أصبحتم أسود العرب. ثم دحل 
إلى حرب فقال له: قم فاحرج» فقال يا بني أصبحتم أسود العرب. ثم دخل إلى حرب 
فقال له: قم فاحرجء فقال يا أبا الحارث هربت من واحد وأخرج إلى عشرة؟ فقال: حذ 
ردائي هذا فالبسه فإنهم إذا رأوا ردائي عليك لم يهيجوك. فلبس رداءه وحرج فرفعوا 
رؤوسهم فلما نظروا إلى الرداء عليه نكسوا رؤوسهم» ومضى حرب»ء فهو قوله إن أشرف 
من حرب» من أكفأ عليه إناءه وأجاره بردائه. 
حذف القول وإضماره 

قال القاضي رحمه الله: قول التميمي جار الزبير في أول بيته الثاني من كلمته قف لا 
تصاعد بعد قوله في آخر بيته الأول: والصبح أبلج ضوءه للساري معناه: فقال قفء 
فأضمر القول. وحذف القول وإضماره كثير في كلام العرب» قال الله جل ثناؤه: 
إوالملائكة يدخلون عليبم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم» (الرعد:351. 54) 
المعنى يقولون: سلام عليكم؛ وقال الله تعالى: #والذين اتخذوا من دونه أولياء ما 
نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى4 (الزمر: 7) وهو كثير في القرآن وسائر العربية ومن 
ذلك قول الشاعر: 


ما للجفان تخطاني كأنهم لم يلف حول ذرى بيتي مساكين 
أراد كأنهم يقولون ١‏ وقال آخر: 
وقائلة ما بال لونك شاحباً كأنك يحميك الطعام طبيب 
تتابع أحداث تخرمن منيقي وأبلين جسمي فالفؤاد كئيب 


فأضمر القول. وفي هذا الخبر: "أكفأ عليه الإناء" أي الحفنة والفصيح السائر في كلام 
العرب: كفأت الإناء» فأما أكفأت فإنما يقال في بعض عيوب الشعرء يقال: أكفأ الشاعر 
يكفئ إكفاءً. وبين أهل العلم بالقواني حلاف في ماهيته) وهو مبين في موضعه. 

حلف الفضول 

حدثنا محمد بن مخلد العطار قال حدثنا عبد الله بن شبيب بن حالد قال حدثني أبو 
بكر بن شيبة قال حدثني عمر بن أبي بكر العدوي» قال حدثني عثمان بن الضحاك عن 
أبيه عن عبد الله بن عروة قال: سمعت جدي حكيم بن حزام يقول: انصرفت قريش من 
الفجار ورسول الله َيه ابن عشرين سنة» وكان الفجار في شوال: وكان حلف الفضول 
أكرم حلف كان قط وأعظمه شرفاًء وكان أول من تكلم فيه ودعا إليه الزبير بن عبد 





جد .اه 





امجلس السابع والستون حت 
المطلب؛ وذاك أن الرجل من العرب وغيره من العجم, ممن كان يقدم مكة بتجارته ريما 
ظلموا شنهاء وكان آخر من ظلم رجل من زبيد من مذحج.؛ وقدم بسلعة له فباعها من 
العاص بن وائل السهمي» وكان شريفاً عظيم القدر فظلمه شنهاء فناشده الزبيدي في حقه 
فأبى عليه فأتى الزبيدي الأحلاف: عبد الدار ومخزوماً وجمح وسهماً وعدي بن كعب 
فأبوا أن يعينوه على العاص بن وائل وزبروه» فلما رأى ذلك الزبيدي أونى على أبي قبيس 
عند طلوع الشمس وقريش في أنديتها حول الكعبة فنادى بأعلى صوته: 


يا آل فهر لمظلوم بضاعته ببطن مكة نائي الدار والنفسر 
ومحرم أشعث لم يقض عمرته يا للرجال وبين الحجر والحجر 
إن الحرام لمن تمت حرامته ولا حرام لثوب الفاجر الغدر 


فقال الزبير بن عبد المطلب: ما لهذا مترك؛ فاجتمعت هاشم وزهرة وتيم بن مرة 
وأسد بن عبد العزى في دار عبد الله بن جدعان» فصنع لمم طعاماً وتحالفوا في ذي 
القعدة» في شهر حرام وتعاهدوا وتعاقدوا بالله القائم ليكونن يدا واحدة مع المظلوم على 
الظالم حتى يرد إليه حقه. ما بل بحر صوفة؛ وما رسا ثبير وحراء مكاءهما. فسمت قريش 
ذلك الحلف حلف الفضولء وقالوا: لقد دحل هؤلاء في فضل من الأمرء ثم مشوا إلى 
العاص بن وائل فانتزعوا سلعة الزبيدي منه فدفعوها إليه؛ قال ابن مخلد: بعض هذا 
الحديث لم أفهمه من ابن شبيب وثبتني فيه بعض أصحابنا. 
يا للكهول وللشبان 
قال القاضي رحمه الله: قوله في البيت الثاني يا للرجال بفتح اللام وهي التي يسميها 
النحويون لام الاستغاثة» يقال يا للقوم للماء فتفتح لام المدعو وتكسر اللام في الماء لأنه 
المدعو إليه» كما قال الشاعر: 
يا للرجال ليوم الأربعاء أما ينفك يحدث لي بعد النهى طربا 
وإذا قالوا: يا للعرب وللموالي فتحت اللام الأولى وكسرت الثانية لأن الأولى فتحت 
لتفيد معنى الاستغائة ثم كسرت الثانية لما علم أنها معطوفة عليهاء كما قال الشاعر: 
يبكيك ناء بعيد الدار مغترب يا للكبول وللشبان للعبجب 
وذهب بعضهم إلى أن الأصل في يا لبكر ويا لتميم: يا آل بكر ويا آل هيم» وترك 
ال همز فيه تخفيفاًء وممن كان يرى هذا الرياشي» وأول أبيات التميمي في هذا الخبر مما 
للرياشي فيه متعلق» وذلك قوله يا آل فهر وللبصريين والكوفيين من النحويين في 
الاحتجاج لقوهم وانحاجة لمن خالف ما عليه جمهورهم كلام واستشهاد بالقياس» وأتى 
فيه من الشعر ما تطول حكايته» وله موضع هو أولى به. 


- الجليس الصاح والأنيس الناصح اج7ستلسصسبببيبببب ب بإب وى ود 
الرسول يشهد حلف المضول 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد قال حدثني أبو 
مصعب قال حدثني أبو السائب عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن . قال: دخلت على أي العباس 
فما سألني عن شيء إلا عن المسح على الخفين وعن حلف الفضولء» فأعلمته أن المسح 
جائزء وأن هاشاً وزهرة وتيماً كانوا اصحاب حلف الفضولء وأن النبي يها قال: شهدت 
حلفا في دار عبد الله بن جدعان بين هاشم وزهرة وتيم؛ وأنا فيهمء ولو دعيت به لأحبت؛ 
وما أريد أن أخخيس به ولي حمر النعم» وكان تحالفهم على الأمر بالمعروف والنبي عن 
المنكرء وأن لا يدعوا لأحد عند أحد فضلاً إلا أحذوه وبذلك سمي حلف الفضول. 
قال القاضي رحمه الله: وقد احتلف في السبب الذي من أجله سمي هذا الحلف حلف 
الفضول؛ ففي الأول أنه سي بهذا لقوهم لقد دحل هؤلاء في فضل من الأمر» وني الخبر 
الثاني لما قالوا في حلفهم إنهم لا يدعون لأحد عند أحد فضلا إلا أحذوه. 
رمي بسهام السحر 
حدثنا أحمد بن أي سهل بن عاصم أبو بكر الحلواني قال أبو بكر ختن المبرد قال: 
لقيني الأسباطي على الجسر وقد أحذ إسماعيل بن بلبل دور أهل الخلد فقال لي: 
بغى وللبغي سهام تقنتقتظر أنفذ في الأكباد من وحز الإبر 
سهام أيدي القائتين في السحر 
قال فما مضت الأيام حتى كان من أمر إسماعيل ما كان. 
أصحاب الحديث يؤذون ابن عياش 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثنا عبد الله بن حلف قال حدثنا محمد بن 
زكرياء وليس بالغلائي قال حدثني سليمان بن محمد بن عبد الرحمن العرزمي قال: كنت 
عند أي بكر بن عياش فجاءه أصحاب الحديث فآذوه؛ فبعث إلى صاحب الربع فجاءه 
فقال له: حاجتك يا أبا بكرء قال: أقم هؤلاء عني قال: وما حالحم؟ قال: أصحاب 
الحديث» قد آذوني وأضجرونيء قال: ارفق بهم يا أبا بكر فقد قصدوك وطهم حق» فغخضب 
وقال: انظروا إلى هذا البتيارك!! ثم قال: أتدرون ما البتيارك؟ قالوا: لا قال: كانت امرأة 
بالكوفة ها زوج قد عسر عليه المعاش؛ ققالت له: لو حرجت فضربت في البلاد وطلبت 
من فضل الله تعالى» فرج إلى الشام فكسب ثلاشائة درهم» فاشترى بها ناقة سمينة فارهة» 
فركبها وسار عليهاء فأضجرته فحلف بطلاق امرأته ليبيعنها يوم يقدم الكوفة بدرهمء 
فقالت له امرأته: ما جقفت به؟ - أصبت ثلاشائة درهم فاشتريت هذه الناقة 
فأضجرتني» فحلفت بطلاقك ثلاناً أن بيعها أول يوم أقدم الكوفة بدرهم) فقالت: أنا 
أحتال لك فعلقت في عنث الناقة سنوراً 0-0 أدخلها السوق فناد من يشتري السنور 


حع.ه مجلس السابع والستون حت 
بنلاشائة درهم والناقة بدرهم؛ ولا أفرق بينهماء قال: ففعل» فجاء أعراي فجعل يدور 
حول الناقة ويقول: ما أسمنك ما أفرهك ما أرحصك لولا هذا البتيارك. 
زلة العاقل وزئة الجاهل 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم القزاز قال حدثنا نصر بن 

أحمد قال قال الخليل بن أحمد: زلة العاقل يضرب بها بها الطبل» وزلة الجاهل تخفى في الجهل. 
ابن المنجم يستدين من بختيشوع فيعاتبه المتوكل 
بو النضر العقيلي قال حدثنا أ بو أحمد يحيى بن علي بن يحيى المنجم قال 
حدشي أي قال حرا مع المتوكل إلى دمشق فلحقتنا ضيقة بسبب. المؤن والنفقات التي 
كانت تلزمناء قال: فبعثت إلى بختيشوع وكان لي صديقا أسأله أن يقرضني عشرين ألف 
درهم, قال: فأقرضنيهاء فلما كان بعد يوم أو يومين دلت مع الجلساء إلى المتوكل» فلما 
جلسنا بين يديه قال: يا علي لك عندي ذنب وهو عظيم؛ قلت: يا سيدي فما هوء فإني 
لا أعرف لي ذناً ولا جناية؟ قال: لى؛ أضقت فاستترضت من يختيشوع عشرين ألف 
درهمء أفلا فلا أعلمتني؟ قال قلت: يا أمير المؤمنين صلات أمير المؤمنين عندي متواترة 
وأنزاله علي دارة» واستحييت مع ما قد أنعم الله علينا به من هذا التفضل أ ن أسأله شيئاًء 
قال: ولم؟ إياك أن تستحيي من مسألتي والطلب مني وأن تعاود مثل ما كان منك» ثم 
قال: مائة ألف درهم بغير صروف, فأحضرت عشر بدر فقال: حذها واتسع بها. 
تحول أبي العتاهية من الغزل إلى الزهد 

حدثنا المظفر بن يحيى بن أحمد الشراي قال حدئنا حسن بن عليل الغنوي قال حدثنا 
أبو مالك اليمامي محمد بن موسى بن يحيى بن يزيد النجار» قال حدثني داود بن يحيى بن 
عيسى بن النجار بن زياد بن النجارء قال: صحبت أبا العتاهية في طريق مكة فترافقنا 
فأنشدته يوماً بيناً فضحك» ؛ والشعر: 

اخلع عذارك فيما تستلذك به واجسر فإن أعحا اللذات من جسرا 

واحفظ خليلك لا تغدر به أبداً لا بارك الله في من حان أو غدرا 
والشعر لأبي العتاهية» فقال لي: يا داود هل معك من شعري في عتبة شيء؟ قلت: 
نعم قال: أرنيه» قال: فأحرجته فنظر إليه فجعل يلوي رأسهء فلما مر هذا البيت: 

فالليل أطول من يوم الحساب على عين الشجي إذا ما نومه نفرا 
قال: فجعل يحرك رأسه ويقول: يا أبا العتاهية ليس لك والله علم بيوم الحسابء قال 
ثم قال: علي بنارء فأحذ الكتب فأحرقها وقال لي: عليك بما هو خير من هذاء فأخرج 
ان به م 


ألا هل منيب إلى ربه فيستغفر الله من ذنسبه 





عد الجليس الصالح والأنيس الناصح لسع سسب سس سج جه م . هم د 


على أن في بعض أحواله حوادث يخبرن عن قلبه 
فلم أر كالميت في أهله يحب ويهرب من قربه 
يحب محبوه إيعاده 00 وهم بجمعون على حبه 
وقال لي: اكتب فكتبت» وأملى علي: 
لاتكذبن فإني لك ناصح لا تكذبنه 
واعمل لنفسك ما استطع لت فإنها نار وجنه 
واعلم بأنك في زنما ن مشبهات هن هنه 
صار التواضع بدعة فيه وصار الكبر سنة 
المجلس الثامن والستون 
طوبى ل ن رآني وآمن بي 


أخبرنا المعافى قال حدثنا احمد بن محمد بن إساعيل الأدمي قال حدئما فضل يعني ابن 
سهلء قال حدثنا موسى بن , داود قال حدثنا ابن لهيعة عن دراج عن أي بي الهيثئم عن أبي 
سعيد الخدري قالء قال رجل: يا رسول الله طوي لمن رآك أ بل فقال علوي ل 
رآني وآمن بي» وطوى ثم طوى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني» فقال رجل: يا رسول الله 
فما طونى؟ قال: شجرة في الحئة مسيرة مائة سنة» ثياب أهل الحنة تخر ج من أكمامها. 
قال القاضي: قد وردت الأخبار من طرق شتى بأن طوبى شجرة في الحنة؛ وقال أهل 
العربية: طوبى فعلى من الطيب وأصلها طيبي بالياء فقلبت واواً لانضمام الطاءء ومثل هذا 
الكوسى من الكيس. 
هذا وابيك الشرف 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا أ بو حاتم عن العتبي عن أبيه قال: ابتنى 
معاوية بالأبطح بحلساً فجلس عليه ومعه ابنة قرظة؛ فإذا هو بجماعة على رحال لهم و! وإذا 
شاب منهم قد رفع عقيرته يغني: 
من يساجلني يساجل ماجدا أحضر الجلدة في بيت العرب 
قال: من هذا؟ قالوا: عبد الله بن جعفرء قال: حلوا له الطريق فليذهب. ثم إذا هو 
بجماعة فيهم غلام يغني: 
بينما يذكرنني أبصرنني عند قيد الميل يسعى بي الأغر 
قلن تعرفن الفتى قلن نعم قد عرفناه وهل يخفى القمر 
قال: من هذا؟ قالوا: عمر بن أي ربيعة» قال: حلوا له الطريق فليذهب. 0 
هو بجماعة وإذا رجل منهم يسأل فقال: رميت قبل أ ن أحلق»و حلقت قبل أ ن أرمي؛ 
لأشياء أشكلت عليهم من مناسك الحج, فقال: من هذا؟ قالوا: عبد الله بن عمرء فالتفت 


ح اكه 








المجلس الثامن والستون حب 
إلى بنت قرظة فقال: هذا وأبيك الشرفء هذا والله شرف الدنيا وشرف الآخرة 
تعليقات وفوائد 
قال القاضي: وقد روي من طريق آخر أنه قال هذا والله الشرف لا ما نحن فيه 
وروي أنه قال: كاد العلماء يكونون أرباباً. والشعر المتقدم في هذا الخبر: المشهور منه أنه 
للفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لحب وروايته المعروفة 
نا الأخضر من يعرفني أخحضر الجلدة في بيت العرب 
من يساجلني يساجل ماجداً يملأ الدلو إلى عد الكرب 
وقد ذكر أن الفرزدق قال لما أنشد هذا البيت: ما يساجلك إلا من عض بهن أمه. 
أما تعظيم معاوية شأن عبد الله بن عمر من أجل العلم فقد أحسن القول فيه وأنصف» 


1 3 . 
ومنزلة العلماء في المسلمين وفقههم في الدين أعلى وأظهر وأبين وأشهر من أن يحتاج 
فيها إلى إطناب وإطالة وإ وإسهاب. 


شعرلمجنون بني جعدذ 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال أنشدنا هارون بن محمد قال أنشدنا الزبير 
بحنون بني جعدة: 


يا حبذا راكب كنا نسربه 


يبدي لنا من أراك الموسم القضبا 
قالت لحارتها يوما تساججلها 


لما تعرت وألقت عندها السلبا 
ناشدتك الله الا اقلت صادقة أصادفت صفة انون أم كذبا 
قال فقلت: تراه سرقه من قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي: 
ولقد قالت لجارات لها وتعرت ذات يوم تبترد 
أكما ينعتني تبصرنني عمركن الله أم لا يقتتصد 
حسذا منهين قد حملتهة وقديما كان في الناس الجسسد 
أبو العتاهية يسرق معنى لبشار 
حدثنا الحسين , 


بن القاسم الكوكبي قال حدثنا أبو العباس , 


بن الفضل الربعي قال حدثني 
أبو غسان رفيع بن سلمة قال حدثني محمد بن الحجاج قال قال بشار لأي العتاهية 
أنشدني» فأنشده: 
كم من صديق لي أسا رقه البكاء من الحياء 
فإذا تفطن لامني 


فأقول مابي من بكاء 


لكن ذهبت لأرتدي 
قال بشار: ما أشعرك ويحك» لولا أنك سرقتني» قال: وما قلت يا أبا معاذ؟ قال قلت 


- الجليس الصالح والأئيس الناصح سسمسسسسس 2< ا /7 .معت 


وقالوا قد بكيت فقلت كلا وقد يبكي من الحزع الحليد 

ولكن قد أصاب سواد عيني عويد قذى له طرف حديد 

فقالوا ما لدمعبما سواء أكلتا مقلتيك أصاب عود 
معتى الطرب 


قال القاضي: بين هذه الأبيات في الخبرين من التناسب والتقارب في معانيهما ما يمكن 
أن يكون بعض من أنشأهما أخذ من صاحبه» وجائز أن يكون الاتفاق فيهما وقع من غير 
شعور» من كل ناظم من الشاعرين بما نظمه غيره. وقد روي لنا بيت بشار المتقدم في أبياته 
هذه من طريق آخحر وعجزه وهل يبكي من الطرب الجليد والطرب هو استطارة تلحق 
الرجل عند غلبة السرور أو الحزن عليه» وهو مما تغلط فيه العامة وتذهب فيه عن وجه 
الصواب» فيظنون أنه يقال في الفرح خاصة دون الغمء والأمر فيه بخلاف ما يتوهمون, وقد 
زعم بعض أصحاب اللغة أنه من الأضدادء وأنكر ذلك كثير منهم؛ فقال لنا ابن الأنباري: 
هو عندي حفة تلحق الرجل عند الشيء يسره أو يحزنه» وقد قال الأعشى: 
فهباجت شوق محزون طروب فأسبل دمعه فيها سبجاما 
وقال لبيد: ْ ّ 
وأراني طرباً في إثرهم طرب الواله أو كالمخقبل 
ومما يدل على ما وصفنا في الطرب قول الكميت بن زيد: 
طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب ولا لعباً مني وذو الشيب يلعب 
ثم قال في هذه الكلمة: 
ولكن إلى أهل الفضائل والنهسى وخير بني حواء والخير يطلب 
بي هاشم آل النبسي ورهطه بهم ولهم أرضى مراراً وأغضب 
ومعلوم أن الطرب إلى بني هاشم الذي عناه الكميت إها هو ارتياحه إليهم وما 
يستفزه ويزدهيه ويستحفه من غلبة الموالاة لهم والإإخلاص في مودتهم؛ وتوخي القربة إلى 
الله تعالى بمسالمة من سالمهم ومحاربة من حاربهم؛ وهذا هو الحق الواجب في الدين 
واللازم للمسلمين. 
المُصل وصلاح الامام 
حدثنا أني رضي الله عنه قال حدثنا إدريس بن عبد الكريم قال سعت مزدويه يقول» 
سمعت الفضيل يقول: لو أن لي دعوةً مستجابة لجعلتها للإمام؛ فإن صلاحه صلاح العباد 
والبلاد. فقام إليه ابن المبارك فقبل وجهه وقال: يا معلم الخير من يحسن هذا غيرك؟ قال 
القاضي: ولعمري إن في صلاح الإمام أعظم صلاح للمسلمين في دينهم ودنياهم» و 
دعاءهم له بذلك من أحسن ما يأتونه» وهم فيه من وفور الحظ في اتساق معايشهم 


حر. مس س سلس المجلس الثامن والستون حت 
واستقامة متصرفاتهم ما لا يخيل على من كان له قلب ذكي ولب رضي. وقد أصاب 
الفضيل ف قوله وأحسن ابن المبارك في فعله, ونحن نسال الله تعالى أن يرزقنا معدلة 
أئمتنا وإحسالهم) ويعطف علينا قلوبهم. ويمدهم بأيده» ويشد سلطائهم بكيده ويوفتنا 
لطاعتهم وتأدية حقوقهم», وإخلاص النصيحة لهمء ومظاهرة أوليائهم؛ وجهاد أعدائهم. 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثني محمد بن المرزبان قال حدثني أحمد بن 
أي طاهر قال قال أحمد بن بدرء حدنا الأصمعي قال: مداح بشار عقبة بن سلم فأعطاه 
عشرة آلاف درهم» ومدحه مروان بن أبي حفصة بالقصيدة التي يقول فيها: 
يا واحد العرب الذي ما في الأنام له نظير 
لو كان مثلك واحد ما كان في الدنيا فقير 
ودحل أبو الشمقمق يوما على عقبة بن سلمء وهو جالس بين بشار ومروان» 
فاستأذنه في الإنشاد فأذن له فأنشده: 


إن أبا عمرة قد زارني فشق سربالي وقد الردا 
فالطمه يا عقب لنا لطِمةً إذا رآني في طريق عدا 


قال: بم الطمه؟ قال: بخمسمائة درهم قال: أنا أبو الملد» ربحت عليك أربعة آللاف 
وحمسمائة درهم. ثم قال: أعطوا شيمقاً حمسمائة درهم واحملوه على بقرة. قال 
الأصمعي: عقبة بن سلم يكنى أبا الملد: وهو الذي يقول له بشار: اسلم وحييت أبا الملد. 

توجيهات نحوية 

قال القاضي: قول مروان بن أني حفصة: لو كان مثلك واحد يجوز فيه مثلك ومثلك 
بالرفع وبالنصب على الحال لأن صفة النكرة إذا قدمت عليها نصبت على الحال كما قال 
الشاعر: 

خولة موحشاً طلل يلوح كانه حلل 
وقال آخحر: 
والشر منتشراً يأتيك عن عرض والصالحات عليها مغلقاً باب 

العلة في نصب النكرة إذا قدمت أن النعت لا يكون قبل المنعوت والحال مفعول فيهاء 

وتقدم المفعول وتأخره سائغان» وقد يكون النصب بأن يجعل خبراً لكان. 
صور شعرية محورها البرق 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال حدئنا عون بن محمد الكندي قال: وعدني 

سليمان بن وهب وهو يزر للمهدي أن يوقع لي بإيعاز ضيعة أي فأبطأ في ذلك» فقلت له: 


جح الجليس الصاح والأنيس الناصح سسسب ب حت 8 . وج 
قد تأحرت حاجتيء؛ فأنت والله كما قال ابن المولى: 
وإذا تباع كرمية أو تشترى فسواك بائعها وأنت المشتري 
وإذا نشخيل من سحاباث لامع سبقت مخايله يد المستمطر 
فجذب الدواة وقال: ما أحلب برقك ولا كذبت مخفيلتك» ووقع لي بما أردت. 
قال الصولي: أنشدت المبرد يوماً قول بشار: 


أبرقت لي حتى إذا قلت جادت أقشعت عن سحائب تشفتر 
تركتني وما أومل منها كالمرجي حلوبة ماتدر 
فأنشدني: 
كأنك مزنة برقت بليل خيران يضيء له مناه 
للم نشعار عه وجاوز ةم وقد أرسى المنى لما رآها 
فسألته عن أرسى فقال: أثبتت المنى في قلبه» أما قرأت «إواجبال أرساهاك 
(النازعات: 37). 
قال القاضي: قول بشار: أبرقت لي لغة قد أثبتها قوم ومنها قول الكميت: 
أرعد وأبرق يا يزي د فما وعيدك لي بضائر 
وكان الأصمعي ينكر هذا ويرده ولا يعرف إلا رعد وبرق. 
يعوض على معاونيه بسخاء بالغ 


حدثني أبو النصر العقيلي قال حدثنا يعقوب بن بنان الكاتب قال» قال لي أبو العباس 
ابن الفرات» حدثني كاتب إبراهيم بن سيما قال: لما صرنا إلى البصرة نحارية الناجم بها 
وقعت النار في عسكرنا فأحرقت كل ما كان لإبراهيم من مضرب وغيره. قال: فانصرفنا 
إلى سر من رأى وعملنا حساب نفقات عسكرناء ففضل في أيدينا من المال الذي تسبب لنا 
أربعة وشانون ألف دينار» قال فقال لي إبراهيم: صر إلى أني القاسم عبيد الله بن سليمان 
وأعلمه ما نالنا في مضاربنا وآلتناء وسله أن يبب لنا من هذا المال الذي فضل قبلا ما نرم 
به حالناء فلعله يصفح لنا عن <مسة آلاف دينار نصرفها في نفقتناء» قال: فصرت إليه 
فوجدته مستخاياًمستلقياً على مصلاه؛ فس ألي عن لبراهيم وحدئني ساعةء ثم قال يذ .. 
جاء بك في هذا الوقت؟ إليه ما قال إبراهيم فقال: وكم بقي قبلك من المال؟ قلت: أربعة 
وشانون ألف دينار» قال: فأدحلها في حسابكمء وقل له يأحذها بارك الله له فيها قال: 
ففعلت ذلك وأحذنا المال كله وإنما كان تقديرنا أن يترك لنا منه خمسة آلاف دينار. 

الرسول كان يحب أن يرى عتترة 
حدثنا يزداد بن عبد الرحمن بن يزداد المروزي الكاتب قال حدثنا أبو موسى عيسى بن 


إسماعيل البصري المعروف بتينة» قال وسمعت ابن عائشة يقول: أنشد النبي ييه لعنترة: 


حت ١و‏ سسسب ب #٠777‏ | ليس الثامن والستون حت 
ولقد أبيت على الطوى وأظله حتى أصيب به كريم المأكل 
قال: فقال النبي #َيَ: ما أحد من فرسان العرب كنت أحب أن أراه ما محلا عنترة. 
حدثنا يزداد بن عبد الرحمن» قال حدثنا أبو موسىء» قال حدثنا القحذمي عن عمه عن 
ابن داب قال: جاءني أعراي منعبس ما رأيت قط أشد عصيبة منه» فقال: يا أبا الوليد ما 
شيء بلغني عنك؟ قال قلت: وما هو؟ قال: بلغني أنك تقول إن عنترة فقّئت عينه قبل أن 
يموت» قال قلت: نعم» قال: ومن فقأها؟ قال قلت: غلام من بني قبال» قال: عندك في 
ذلك شاهد؟ قلت:نعم» قال: فأنشدنيه» فأنشدته: 


غزا ثم آب العبد حائب جده إلى ضخخحمة الأذنين والكف شهبره 
فبات إليها كاسسرا شق عينه فقالت له من عار عينك عنتره 
فقال لمالا ضير إن ملمة ألمت وإن الدهر يقلب أعصره 
وإن غلاما من قبال أصابهم وما كان عن كف القبالي اهدره 
قال فقال لي: أمعك غير هذا؟ قال قلت: نعم. 
أما بنو عبس فإن دعيهم ولت فوارسه وأفلت أعورا 
سمع التذامر والتواصي بينهم لا يفلتن العبد عنتر عنترا 


قال فقال لي: يا أبا الوليد قد صح هذا عندك؟ قال قلت: قد حدثتك الحديث 

وأنشدتك الشعر» قال: والله ما تفقت عينه في قبره» كيف تزعم أنها تفقت قبل موته! ؟ 
تعليق على ما جاء هي الخبرين السابقين 

قال القاضي: قد روينا عن النبي ل في غير هذا الطريق في ذكر عنترة محبته رؤية 
عنترة وأنه قال: لو أدركته نفعته؛ وقول الشاعر إلى ضححمة الأذنين والكف شهبرة 
الشهبرة: العجوز المولية» ويقال شهورة وينشد في هذا: 

أم الحليس لعجوز شهوره 
وجاء في بعض الأحبار أن النبي َلهُ قال لزيد بن حارثة لا تتزروج حمساء فذكر فيهن 
أم الحليس لعجوز شهربه ترضى من اللحم بعظم الرقبة 

وقوله: وما كان عن كف القبالي أهدره يقال أهدر دم فلان إذا طل ولم يثأر به 
وأسقط القصاص والعقل عنه. وقول الشاعر في الشعر الثاني: لا يفلتن العبد عنتر عنتراً فيه 
إغراء به» كأنه قال عليك عنترة أو اقتل عنترة» كما تقول: الطريق الطريق فأضمر الفعل» 
ومثله قولك لمن رأيته يضرب رجلا أو يتهيأ لضربه: رأسه؛ وهذا باب واسع معروف في 
العربية يضمر الفعل فيه اكتفاءً يما حضر أو ظهر من الأحوال والأشياء الدالة على العامل 


ممصت الجليس الصالح والأنيس الناصح سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسببوروصبب!! ‏ )وح ١‏ أمع- 
المنوي والمتروك. وأما قول العبسي "تفقت عينه" فإنه ترك الهمز في هذه الكلمة وهو 
أصل فيهاء قال الشاعر: 


تفقأ فوقه قلع السواري وجن الخنازباز به جنونا 
وكنت أبا ستة كالبدور أفقي بهم أعين الحاسدينا 


بيت شريف في امرأة خضرة 
حدثنا عبد الله بن منصور الحارئي» قال حدثنا محمد بن زكرياء الغلابي» قال حدئنا 
مهدي بن سابق» قال حدثني اليثم بن عدي قال: : كنا جلوساً عند صالح , بن حسان فقال: 
أنشدوا بيتاً شريفاً في امرأة حفرة» قلنا قول حاتم الطائي: 


يضيء لها البيت الظَّليم صاصه إذا هي يوماً حاولت أن تبسما 
فقال: أريد أحسن من هذا البيت. قلنا قول الأعشى: 
كأن مشيتها من بيت جارتها مر السحابة لا ريث ولا عجل 
قال: أريد أحسن من هذا. قلنا بيت ذي الرمة: 
تنوء بأولاها فلأياً قيامها ونمشي الطوينا من قريب فتبهر 
قال: أريد أحسن من هذا. قلنا: ما عندنا شيء» قال بيت أبي قيس بن الأسلت: 
ويكرمنها جاراتها فيزرنها وتعتل عن إتيالمن فتعذر 


أحسن بيت في وصف الثريا 
ثم قال: أتدرون أحسن بيت وصفت به الثريا؟ قلنا بيت ابن الزبير: 
وقد لاح في الحو الثريا كانه به راية بيضاء تخفق للطعن 

فقال: أريد أحسن من هذاء قلنا: بيت امرئٌ القيس: 

إذا ما الثريا في السماء تعرضت تعرض أثناء الوشاح المفصل 
قال: أريد أحسن من هذاء قلنا: بيت ابن الطثرية: 

إذا ما الثريا في السماء كأنها جمان وهي من سلكه فتسرعا 
قال: أريد أحسن من هذا؛ قلنا قول ذي الرمة: 

وردت اعتسافاً والشريا كأنها على قمة الرأس ابن ماء محعلق 


بعشرين من صغرى النجوم كأنها وإياه في الجرباء لو كان ينطق 
قلاص حداها راكب متعمم هجائن قد كادت عليه تفرق 


وقد لاح في الحو الثريا لمن رأى كعنقود ملاحية حين نورا 


حرو سس ص ا خلس التاسع والستون حت 
تعليقات للقاضي على ما تقدم 
قال القاضي: قول حاتم: البيت الظليم أراد: المظلم» ومفعل قد ينصرف إلى فعيل» 
ومن ذلك عذاب أليم أي مؤلمء قال الله تبارك وتعالى: والذين كفروا لهم شراب من 
حميم وعذاب أليم4 (يونس:4) ومن هذا قول الشاعر: 


ونرفع من صدور شردلات يصك وجوهها وهج أليم 
ومنه سميع بمعنى مسمع) قال الشاعر: 
أمن ريحانة الداعي السميء يؤرقني وأصحاي هجوع 


أراد المسمع. وقد يقال سميع بمعنى سامع؛ ويأتي على فعيل للمبالغة مثل راحم 
ورحيم» وحافظ وحفيظء وعالم وعليم؛ وقادر وقدير» وناصر ونصيرء في نظائر لهذا كثيرة 
جداً. وقول ذي الرمة فلأياً قيامها أي بطيء؟؛ وقال زهير: 

وقفت بها من بعد عشرين حجة فلأياً عرفت الدار بعد توهم 

وقول أني قيس: "ويكرمنها جاراتها" هكذا روي لنا على لغة من يأتي بعلامة الجمع 

مع تقدم الفعل وفراغه من الضمير» كما قال الشاعر: 
ولكن ديافي أبوه وأمه بحوران يعصرن السليط أقاربه 

الأفصح ويكرمها وقد مضى في بعض ما تقدم من محالسنا هذه قول لنا في هذا المعنى 
وتفريق بين علامة التثنية والجمع في العلاقة» وبين علامة التأنيث» ويستغنى به عن إعادته في 
هذا الموضع. وقول أني قيس بن الأسلت "كعنقود ملاحية" روي لنا في هذا الخبر ملاحية 
بتشديد اللام» ولغة العرب الفصيحة السائرة ملاحية يقولون عنب ملاحيء ورواة الحديث 
والأخبار الذين لا علم لحم بكلام العرب يغلطون في هذا كثيراً وفي ما أشبهه» وأرى أن الذي 
أوقعهم في هذا ألهم لما رأوا هذا البيت رأوا ظهور الزحاف فيه إذا روي مخففا على الوجه 
الصحيح وسلامته من ذلك إذا شدد, ثم لم يعلموا جواز الزحاف واطراده وظهور استعماله 
وأن أكثر الشعر مزاحف», وما لا زحاف فيه قليل نزر جدا؛ وهذا البيت من الطويل والزحاف 
فيه ذهاب ياء مفاعيلن ورده إلى مفاعلن» ويسمى هذا النوع من الزحاف قبضا لذهاب 
خامس حروف الجزء» ويسمى الحزء الذي لحقه هذا الزحاف مقبوضاً» وقد يسقطون نون 
مفاعيلن على معاقبة القبض فيه وهو ذهاب الياء ولا يجتمعان في السقوط» ويسمى هذا 
الزحاف الكف لذهاب السابع من حروف جزئه؛ ويسمى الجرء مكفوفا. 

المجلس التاسع والستون 
حديث في الخطيئة 

أحبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكرياء» قال حدثنا أبو مروان القاضي عبد 

الملك بن محمد المديني بمدينة الرسول َيه قال حدثنا أبو بشر الأنصاري» قال حدثنا 


حت اتليس الصالح والأنيس الناصح سس ا حت 
أحمد بن يحيى» قال حدبّنا يزيد بن مهران الأسدي» قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن 
مغيرة بن زياد عن عدي بن عدي عن العرس» وهو ابن عميرة» قال قال رسول الله 8ه: إذا 
عملت الخطيئة في أرض فمن أنكرها كان كمن غاب عنهاء ومن رضيها كان كمن شهدها. 
تعليق الجريري على الحديث 
قال القاضي: قد ثبت بدليل العقل والسمع أن الراضي بفعل المحسن شريك في 
إحسانه» والراضي بفعل المسيء شريك في إساءته» من جبة المدح والذم» والأجر والإثم. 
وقد ذم الله تعالى في كتابه من كان من اليهود في عصر نبيه َه بإضافته قتل أنبيا نهم إليهم» 
وان كان المباشر لذلك من تقدم من آبائهم لرضاهم به وموافقتهم إياهم في دينونتهم بما 
ضلوا فيه وكفروا بفعله وعصوا بارتكابه. 
حسن سياسة ملك 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن المدائني قال: بلغ بعض ملوك 
الطوائف حسن سياسة ملكء قال: فكتب إليه يسأله أن يفيده علم الذي بلغ به ذلك» 
نكب إليه: لم أهزل في أمر ولا نبي» ولا وعد ولا وعيدء واستكفيت أهل الكفاية) 
ثبت على الغناء لا على الهوى» وأ ودعت القلوب هيبةٌ لم يشنها مقت» ووداً لم يشبه 
5 وعممت بالقوت ومنعت الفضل. 
قول لبعض الحكماء 
بو التصر العقيلي قال حدثني أ بو الحسن بن راهويه الكاتب قال: بلغني أن 
بعض 3 قال: إن الله تبارك وتعالى جعل خزائن نعمته عرضة لمؤمليه.» وجعل 
مفاتيحها صدق نية راجيه. 
دفتر لابن دريد 
قال القاضي رحمه الله: أخبرني بعض أصحابنا أنه قرأ على دفتر لابن دريد بخطه: 
حسبي من نخزائن عطاياه مفتوحة لمؤمليه. ومن جعل مفاتيحها صحة الطمع فيه. قال: 
وقرأت على هذا الدفتر أيضاً 
أفوض ما تضيق به الصدور إلى من لا تغالبه الأمور 
محاوره بين ابن عباس ومعاوية 
حدثنا محمد بن مزيد الخنزاعي قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني أ بو الحسن الأثرم 
عن هشام بن محمد الكلبي عن أبيه قال: لم يكن أحد من بني هاشم أكثر غشياناً لمعاوية 
من عبد الله بن عباسة فوفد ليه مر وعندء وقود العرب فاقعدم على ينه م أقبل عليه 
فقال: نشدتك الله يا ابن عباس أن لو وليتمونا أتيتم تينا إليكم من الترحيب 
والتقريب وعطائكم الحزيل وإكرامكم عن القليل» ضرم على ما عبينا حلم سك إني 


نر وم سسسب وح املس التاسع والستون حت 
لا آتي إليكم معروفاً إلا صغرتموه: أعطيكم العطية فيها قضاء حقوقكم فتأخذرنها 
شكارمين عاموا تقولون: قد نقص حقنا وليس هذا تأميلناء فأي أمل بعد ألف لف ألف 
عطيها الرجل منكم ثم أكون أسر بإعطائها منه بأذها؟ والله لقد انخدعت لكم في مالي» 
7 لكم ني عرضيء أرى انخداعي تكرماًء وذلي حلماء ولو وليتمونا رضينا منكم 
بالإنصاف ثم لا نسألكم أموالكمء لعلمنا بحالنا وحالكمء ويكون أبغض الأموال إلينا 
أحبها إليكم لأن أبغضها إلينا أحبها إليكمء قل يا ابن عباس. فقال ابن عباس: لو ولينا 
منكم مثل الذي وليتم منا اخترنا المواساة ثم لم يعش الحي بشتم الميت» ولم ننبش الميت 
بعداوة الحي» ولأعطينا كل ذي حق حقه. فأما إعطاؤكم الرجل منا ألف ألف فلستم 
بأجود منا أكفاًء ولا أسخى منا أنفساًء ولا أصون لأعراض المروءة وأهداف الكرم؛ 
ونحن والله أعطى في الحق منكم على الباطل» وأعطى على التقوى منكم على الهوى. فأما 
رضاكم منا بالكفاف فلو رضيتم به منا لم نرض لأنفسنا بذلك والكفاف رضى من لا 
حق لهء فلو رضيتم به منا اليوم ما قتلتمونا عليه أمس» فلا تستعجلونا حتى تسألوناء ولا 
تلفظونا حتى تذوقونا. فقال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب: 
وقال ابن حرب قولة أموية يريد بما قد قأل تفتيش هاشم 
أجب يا ابن عباس تراكم لو أنكم ملكتم رقاب الأقربين الأكارم 
أتيتم إليناهاأتينا إليكم من الكف عنكم واجتباء الدراهم 


فقال ابن عباس مقالاً أمضه 
نعم لو وليناكم عدلنا عليكم 
ولم نعتمد للحي والمسيت غمة 
ولم نعطكم إلا الحقوق التي لكم 
ما ألف ألف تستميل ابن جعفر 
فأصبح يرمي من رماكم ببغضه 


ولم يك عن رد الجواب بنائم 
ولم تشتكوا منا انتهاك الخارم 
تحدثئها الركبان أهل المواسم 
وليس الذي يعطي الحقوق بظالم 
بها يا ابن حرب عند حز الحلاقم 
عدو المعادي سالماً للمسالم 


فأعظم بما أعطاك من نصح جيبه ومن أمن غيب ليس فيه بنسادم 
رسالة من خالد القسري إلى أبان البجلي 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثُنا أبو جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح قال 
حدثنا محمد بن عمران عن أبيه قال: كتب خالد بن عبد الله القسري إلى أبان بن الوليد 
البجلي وكان قد ولاه المبارك: أما بعد فإن بالرعية من الحاجة إلى ولاتها مثل الذي بالولاة من 
الحاجة إلى رعيتهاء وإنما هم من الوالي بمنزلة جسده من رأسه» وهو منهم بمنزلة رأسه من 
جسله فأحسن إلى رعيتك بالرفق بهم» وإلى نفسك بالإحسان إليهاء ولا يكونون هم إلى 
صلاحهم أشرع منك إليه» ولا عن فسادهم أدفع منك عنه» ولا يحملك فضل القدرة على 


د الجليس الصالح والأنيس الناصح ملسب سج ف 1١‏ اه حت 
شدة السطوة بمن قل ذنبه ورجوت مراجعته. ولا تطلب منهم إلا مثل الذي تبذل لهم وائق 
الله تعالى في العدل عليهم والإحسان إليهم؛ فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. اصرم 
فيما علمت» واكتب إلينا فيما جهلت يأتك أمرنا في ذلك إن شاء الله والسلام. 
أبو الأسود يوصي حارثة أن يستغل ولايته 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال حدثني محمد بن المرزبان قال حدثني المغيرة بن 
محمد المهلبي قال حدثني العتبي قال: كان حارئة بن بدر الغداني صديقاً لزياد بن أبيه 
وكان أبو الأسود الدؤلي مؤاحياً الحارثة بن بدرء فقلد زياد حارئة بن بدر سرق» فكتب 


إليه أبو الأسود: 
أحار بن بدر قد وليت إمارة فكن جرذاً فيها تعق وتسرق 
وباه تميماً بالغنى إن للغغنى لساناً به المرء الحيوبة ينطق 
ولا تحقرن يا حار شيئاً أصبته فحظك من ملك العراقين سرق 
فإني رأيت الناس إما مسكذب يقول بما يبوى وإما مصدق 
يقولون أقوالاً بظلسن وشبهة فإن قيل هاتوا حققوا لم يحققوا 
فكتب إليه حارئة بن بدر: لم يعم علينا الرأي يا أبا الأسود» وتم كتابه بهذا الشعر: 
جزاك مليك الناس خير جزائه فقد قلت معروفاً وأوصيت كافيا 
أمرت بحزم لو أمرت بسغيره لألفيتني فيه لأمرك عاصيا 
ستلقى امرءا يصفيك بالود منله ويوليك حفظ الغيب إن كنت نائبا 
وأقرب ما عندي المواساة مسمحاً إذا لم يجد قوم صديقاً مكافيا 


تعسير الترخيم وشرح السماحة 

قال القاضي: رحم أبو الأسود حارئة في شعره, فحذف الماء والثاء» وبعض النحويين 
لا يجيز هذاء ويقول يا حارث في ترحيم حارثة فتحذف الحاء خاصة فيقول: أحارث 
وأحارث على لغتين للعرب فيه أفصحهما إقرار حركة الحرف في الترخيم على ما كانت 
عليه» وهو الوجه المختارء والأخرى ضمه على حكم النداء المفرد والقضاء على ما بقي 
بعد حذف الطرف للترحيم بأنه اسم قد قام بنفسه وكفى من غيره. ولا نجيز هذا الترخيم 
على هذين الوجيهن إلا في ترحيم حارث؛» وقد احتج بشعر أبي الأسود وغيره في إجازة 
هذا الترحيم من أجازه. وقوله: وأقرب ما عندي المواساة مسمحا يقال من السماحة 
والسماح؛ سمح فلان بماله ومعروفه وسامح وتسمح وتسامح؛ ويقال أسمح فلان فهو 
مسمح إذا انقاد وأصحب ولان جانبه وقارب غير مستصعب» قال ميم بن أني بن مقبل 
العجلاني: 

هل القلب عن دهماء سال فمسمح فتاركه منها الخيال المبرح 


حرو سسبتبت سس سسسب حححح البمجلس التاسع والستون حت 
رواية أخرى عن 
تولية حارثة ووصية أبي الأسود 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال حدئنا محمد بن عبد الرحمن التيمي عن أبيه قال 
حدئنا حالد بن سعيد عن أبيه قال: لما ولى زياد حارثة بن بدر الغداني سرق خرج معه 
المشيعون» فقال له أبو الأسود الدؤلي مسيراً إليه: أحار بن بدر وذكر الشعر وجواب 
حارئة عنهء والألفاظ فيه وفي حبر ابن الأنباري متقاربة المعاني» وفي هذا الخبر زيادة بيت 
يلي قول أبي الأسود: يقولون أقوالاً بظنَّ وشبهة. 

وهو: 
ولا تعجزن فالعجز أوطما مركب وما كان من يدعى إلى الرزق يرزق 

سماه معروفا وكثاه أبا الحسنئ 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا الغلاي قال حدثنا ابن عائشة قال: سمى رجل 
ولداً له معروفاً وكناه بلي الحسنء فلما شب قال له: يا بني إنما سميتك معروفاً وكنيتك 
بأبي الحسن لأحبب إليك ما سميتك به وكنيتك به. قال الصولي: فحدثت بهذا الحديث 
وكيعاً فقال لي: يقال إن قائل هذا أبو معروف الكرحي لمعروف. 

نباذة عن معروف الكرخي 

قال القاضي: المعروف من كنية معروف الكرحي أبو محفوظ»ء واسم أبيه الفيرزان» 
وكان من المعروفين بالصلاح في دينه مشهورا بالاجتهاد في العبادة والورع والزهادة» فكان 
الناس في زمانه وبعد مضيه لسبيله يتحدثون أنه مستجاب الدعوة» وله أخبار مستحسنة 
جمعها الناس تشتمل على أحلاقه وسيرته» وقد رويت لنا عنه أخبار مسندة وموقوفة. 
وحدثت عن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل أنه قال» قلت لأبي: هل كان مع معروف 
الكرحي شيء من العلم؟ فقال لي: يا بني كان معه رأس العلم» حشية الله تبارك وتعالى. 

قال القاضي: ولعمري إن خحشية الله تعالى وتقواه رأس العلم. وإنما يكتسب العلم 
ليؤدي إلى خخحشية الله تعالى ومراقبته» والسعي إلى ما يعود بثوابه والأمن من عقابه» وقد 
قال محاهد: إما الفقيه من يخشى الله عز وجل لأنه قال عز ذكره: إإنما يخشى الله من 
عباده العلماء» (فاطر: )١8‏ وقد كان نينا يت أعلم الناس بربه» وأفقههم في دينه 
وأخشاهم له وأحفظهم لحدوده. وقد جاء في الأثر: إن رأس الحكمة حشية الله تعالى وان 
حب الدنيا رأس كل خطيئة. نسأل الله الكريم إصلاحنا له حتى نؤثر رضاه على هواناء 
ولا نشتغل عن الاستعداد لمعادنا إليه بغرور دنياناء إنه سميع الدعاء لطيف لما يشاء. 

حمدويه صاحب الزنادقة والطويل الزنديق 
حدثنا محمد بن عبد الواحد أبو عمر الزاهد قال أحبرني أبو بكر الملطي قال أخبرني 


ج الجليس الصالح والأنئيس الناصح بت ل حت( روح 
من رأى حمدويه الزنديق التائب» تائب الزنادقة» قال: فأخبرني أن الخليفة رأى في منامه 
كأن الكعبة قد مالت» وكأنه أقامها هو وآخر يعرف صورته إذا رآه في اليقظة» فاستوت 
الكعبة» قال: فطلبوني فقيل لي يا حمدويه ما نشك فيك أنك أنت صاحب الخليفة» قال: 
فأدحلت عليه فقال: نعم هذا هوى قال: فخلع علي وحملني» ثم أمر صاحب الشرطة أن 
يقبل مني كل شيء أقوله؛ وقال له: مر أصحاب الأرباع والأعوان بالطاعة له قال: نعمى 
ثم قال لي انظر كل زنديق فارفعه إلي» قال: وأمر لي بسجن حتى أحبس فيه الزنادقة» فقال 
لي ابن مسروق الصوني: هي التي يقال لما دار مفلح قال حمدويه: فالتقطت منهم جماعة؛ 
فمن أقر وتاب حلاه السلطان ومن جحد حبسه. قال» فمررت ذات يوم على مسجد 
الطويل وهو يقول في أذانه: أشهد أن محمداً رسول الله قال حمدويه: فقلت زنديق والله 
الذي لا إله إلا هوء قال: فبعثت إلى صاحب الربع فركبء» فقلت: اقبض على ذاء فرفعه 
إلى السلطان» قال: وكان مقرئاً قد علم ألوفاً من الناس» قال: فتسامع أهل الكرخ, قال: 
فاجتمعوا وهم ثلاثون ألفاً فدحلوا على السلطان الأعظم فَمَالوا له: ليس حمدويه نبياً ولا 
صحابيا ولا تابيعاً حتى يصدق ني كل شيء يقوله» ونحن وجوه الرعي نحلف للسلطان 
بالله الذي لا إله إلا هو لقد أبطل حمدويه» قال: وابتدأ قوم فحلفوا بالطلاق وأيمان البيعة 
أن حمدويه كذب على أستاذناء قال: وخرجوا وقد وعدهم أن يتوقف في قتله ثلاثة أيام» 
فإن حرج حمدويه بعذر بين قتل حمدويه وحلى المقري» قال: فخلا بي من بعد ما حرج 
الناس فقال لي: يا حمدويهء قد بلغك الخبر ورأيت الأمة قد أقبلت إلى وزعموا أنه 
أستاذهم وقد حلفوا بالطلاق» وقد أجلته ثلاثة أيام فإذا كان اليوم الرابع فإما قتلته وإما 
أقتلك» فقلت: قد رضيت بالله ربا ومحمد يه نبياً وقد رضيت بالله كافياً ومعيناً وأنا 
أقمت معك الكعبة لا همء قال: وخرجت فأخذني المقيم المقعد ولا أجد أحداً إلا وهو 
يثني عليه بالصيام والقيام والأذان والإمامة» قال: فدحلت في اليوم الثالث إلى سجني» قال: 
وكان من الزنادقة في حبسي غلام عاقل نظيف» قال فقال لي: ما لي أراك مهتما؟ قال 
قلت: دعني ليس هذه الساعة من ساعاتكء» قال: لعل فرجك عندي» قال قلت له: ويحك 
الطويل المقري» قال قل لي: وقعت عليه قال قلت: ويحك فرج عني» قال فقال لي: 
ففرج عني حتى أفرج عنكء قال فقلت: وما صدقت عليك فيه؟ قال فقال لي: والله ما 
كذبت علي ولا على غيري» قال قلت: تب حتى أحليكء قال فقال لي: قد تبت» قال 
فقلت: فحدثني بحديث هذا الرجل وأنا أحرجك معي الساعة من الحبس لأني مطاع عند 
السلطان» قال فقال لي: 

هذا أستاذي الكبير في الزندقة» وليس في الدنيا زنديق داعية إلا من قبل هذا الذي 
يقال له الطويل» قال قلت: صدقت» ولكن السلطان لا يجعلك أنت حجة على رجل له 


حرر. سس سس سب بل ص البمحلس التاسع والستون حسم 
ثلاثون ألف ناصرء قال فال لي: اعرض عليه ثلاثة أشياء» فإنك لو قطعت الزنديق ما 
فعلهاء قال قلت: ما هي؟ قال: في إصبعه حاتم يختم بهاء عليه مكتوب: أنا زنديق فإذا 
وافى خحاتمه بعض الزنادقة قضى حاجة الرجل ولو كان فيها فقده وتلفه» قال قلت: فإن 
حرج منها؟ قال فقال لي: ادفع إليه ديكاً نبطياً قلطياً أصفر المنقار دقيق الساقين أبح 
الصوت حتى يذبحه قال قلت: فإن خرج منها؟ قال: بقيت واحدة لا يفعلها زنديق أبدأء 
فإن فعلها فقد سلم وهلكت أنتء وإن لم يفعلها وليس يفعلها أبداً فقد نجوت أنت 
وهلك هوء واعلم أني قد آمنت بالله وصدقت النبي والمرسلين» وآمنت بكل كتاب نزل 
وكل نبي مرسلء وأن محمد وَيْكهْ حاتم النبيين وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم؛ من 
صدقه نجاء ومن كذبه هلك؛ قال حمدويه: فأحذت يده وأحرجته حتى أديته إلى منزله, 
ووهبت له دنانير وقلت له: أنا اتيك بالخبر في غد ! إن شاء الله اتعالى فهات العلامة الثالثة» 
قال: فأخحرج إلي من جيبه حرقة حرير فيها صورة سمجة جداً: حاجباها غليظان وأنفها 
مفلطح وفمها كأنه مشافرء قال لي: قل له فلييزق على هذه الصورة» قال حمدويه فقلت: 
وما هذه الصورة؟ قال: هذه صورة ماني» قال حمدويه: فبت بليلة كليلة الحبلى إذا أحذها 
الطلق» قال: ثم غدوت إلى السلطان؛ قال: فجلس على سريره سرير الخلافة قال: وغدا 
الكرحيون فامتلاً الصحن» ثم قلت: يا سيدي إن رأيت ت أن تحضر حصميء قال: فقوي 
قلب السلطان لقوة كلامي» قال فقال: الطويل الطويل» قال: فأتي به» قال: فتشرف 
الناس» وحضرت القضاة والعدول والمحدثون والفقهاءء قال فقال لي الطويل: هات ما 
عندك يا كذاب» قال قلت خاتمكء» قال: هذا حاهي» قال فقلت لبعض العدول: اقرأ ما 
عليه» فقرأ ذلك أنا زنديق» قال فقال الطويل: يا أمير المؤمنين هذا العدل أبكم من هذا 
الكذاب؛ واعلم أن لي صديقاً في ذلك الحانب يكنى أبا زيد فنقشت على خاتمي أبا زيد 
ثق وجعلتها علامة بيني وبينه لقضاء حوائجي» وهو باق») قال: فنظر إلي الخليفة فقلت: 
علامة أخرى يا أمير المؤمنين» فأحرجت الديك وقلت: فليذبح هذ قال فقال الخليفة له: 
اذبح هذاء قال فقال له الطويل: والله يا أمير المؤمنين ما ذبحت شيئاً قط بيدي» وما أمتنع 
من ذيحه إلا من ارتعاشي في يديه قال تنظر إإي اسايق ودال: يمكن ما قال» فهات 
غيرهاء قال: فأخحرجت الصورة قال فقلت له يا أمير المؤمنين: مره فليبزق على هذه 
الصورة» قال فقال له: ابصق على هذه الصورة, قال فقال: هاتهاء قال: فدفعتها إليه» قال 
فقال: بأِي هذه الصورة» وأمي هذه الصورة» ثم قبلها وسجد لها ووضعها على عينيه 
وبكى» قال حمدويه: فلو طار إنسان فرحاً لطرت أنا تلك الساعة» قال فدعا الخليفة 
بصاحب الشرطة فقال: حذه واضرب عنقه في باب الطاق في رحبة الجسرء قال: وقام 
السلطان» وانصرف القوم والعامة تصيح بهم: رحم الله معاوية» رحم الله معاوية. 


- الجليس الصاح والأئيس الناصح جججببس ل 777ات 8 ١‏ ود 

حدثنا أبو عمرو قال أخبرني أبو بكر الملطي قال أخبرني أبو عبد الله بن أبي عوف 
البزوري قال أخبرني رويم المقري قال: كنت ذات يوم سلمت من صلاتي وقعدت لأحذ 
على بعض غلماني» قال: فجاءت جاريتي فقالت: يا مولاي إن أردت أن تنظر إلى الطويل 
المقري فإن الناس قد انجفلوا وقالوا إنه تضرب عنقه الساعة في باب الطاق في رحبة 
المسر لأنه قد صحت زندقته» قال فقلت لغلامي: أسرج الحمار» قال: فركبت» قال: 
فلما رآني الناس قالوا لصاحب الشرطة هذا أستاذ القراء» قال: فأوسعوا لي قال: فجئت 
فرأيت رأسه قد شد وقد مد رقبته» قال فقلت للسياف: اصبر لي حتى أكلمه: قال فصاح 
به السلطان: اقض حاجة الشيخء قال: فتقدمت إلى الطويل فقلت: يا طويل» إما كان 
بلغنا عنك أنك تشتم أبا بكر وعمر دَق فحرجت زنديقا؟! قال فقال لي: يا مبلغم أي 
شيء كان بيني وبين أبي بكر وعمر؟ إنما أردت صاحبهما وإني لم أجد من يعينني على 
صاحبهماء قال فقلت للسياف: اضرب رقبة عدو الله وعدو رسوله وق قال فرمى برأسه 
وانصرفت وكبر الناس. 

فصل في تاريخ الزندقة 

قال القاضي رحمه الله: قد كانت الزندقة فشت في عهد المبديء وانتشر الدائنون بهاء 
فوفقه الله تعالى للفحص عن أهلها والسعي ني محوها وتعفية آثارهاء وعني نى بالنظر في هذاء 
وقتل جماعة منهم وأسلم آخرون حوفاً من الفناء وآخرون لما أقيمت حجة الإسلام 
ووضحت أعلامه لهم» ونصب للتنقير عنهم والحد في طلبهم حمدويه الذي ذكرناه في هذا 
الخبر. وكان منهم ذوو عدد يحامون عن جهالتهم يذبون عن ضلالتهم»وجرت بين بعض 
من بقي منهم مناظرات وبين بعض متكلمي أهل الإسلام بحضرة الرشيد والمأمون وكان 
في من يجادل منهم يزدان بخت ويزدا نفروخ وغيرهماء ولهم أحبار عدة» ولعلنا نأتي بما 
يتفق خروجه لنا من أخبارهم وأخبار ماني اللعين صاحبهم الضال المضل لهم. 

بعض أخبار الخناقين 

ومن عجيب ما بلغنا من أخبارهم ما حدثناه الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثني 
أبو العباس الحروي أحمد بن محمد قال أخبرني سهل بن صالح الأصبهاني الكاتب قال: أذ 
النخشبي بالبصرة رجلاً يختق الناس ولا يسلبهم ثياهم فقال له: ويلك ولم تفمل هذا | إذا 
كنت لا ترغب في ثياب الرجل وماله فلم تقتله؟ فقال له: ويلك أ ما أول ذلك فإني الحق 
المخلوق بالخالق» والثانية أن هذه الأرواح محتبسة في هذه الأجساد فأخلصها تلحق 
بالميولى والصفاء قال: فلم لا تخلص نفسك أنت؟ قال: أخلص مائة نفس أحب إلي من 
أن أخلص نفساً واحدة» على أن نفسي لا بد لما من مخلص» ونفسي نفس طاهرة وأنفس 
هؤلاء قذرة» وأيضاً يخف عنا السفل ولا يزاحمونا ني الأمور» ويطيب الحهواء وتتسع الديار 
وينقطع الغبار. وبعد فكل من كان من أهل الخير الحقته بالخير الذي له في الآخرة» وأيضاً 


جح ؟ءو سس سس لسلس 7 لح مجلس السبعون حت 
إن كان الإنسان في هذه الدنيا في ضيق أرحته منهء وإن كان فاسد الكيموس أرحته» وإن 
كان سفلة أرحت الكرام من معاشرته» فأمر بضرب عنقه. 
قال القاضي رحمه الله: في هذا الخبر السفل وسفلة على كلام العامة» والصواب: فلان 
من السفلة. 
أبو شاكر الديصاني 
وقد حكي لنا عن أني شاكر الديصاني والديصانية ضرب من الثنوية أنه اشترى كارة 
دقيق وحملها على رأس رجل شيخ, فلما صار إلى داره سأل الحمال عن سنه ورأى ضعف 
جسمهء فأحبره بسن عالية) وسأله عن عياله ومعيشته فذكر له سوء حاله وكثرة عياله» 
فقال: لقد رحمتك ورققت لك» وأريد أن أذبحك وأميط الشقاء عنك» فأضجعه فذبحه. 
ونحن نعوذ بالله من الخذلان ونسأله أن يوفقنا لما وفق له أولياءه من أهل الايمان. وقد 
كان من المهدي ما يجازيه الله تعالى بحسن نيته فيه ويجزل مثوبته عليه. 
المجلس السبعون 
سيان يدلس هي الحديث 
أخبرنا المعاني حدثنا محمد بن عخلد بن حفص العطار قال حدئثنا عبد الله ين عمر بن 
حبيب أبو رفاعة قال حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال حدثنا سفيان بن عبينة عن 
عمر و بن دينار عن الحسن بن محمد قال: كان النبي هل لا يبيت مالاً ولا يقيله. قال رجل 
يا أبا محمد سماعاً من عمرو؟ قال: ان جريج عن عمرو بن دنار 3ل سماعاً من ابن 
جريج؟ قال: ويحك لم تفسده؟ قال: سماعاً من ابن جريج؛ قال: أبو عاصم النبيل عن ابن 
جريج» قال: سماعاً من أبي عاصم؟ قال: ويحك لم أفسدته؟ قال: سماعا من أني عاصم؟ 
قال: حدثنيه علي بن المديني عن أني عاصم. 
وحدثنا الليث بن محمد بن الليث المروزي قال: سمعت ابن ناجية يقول سمعت عبد 
الله بن هاشم يقول حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار» قلت له: سماعاً من 
عمرو بن دينار؟ قال: ويحك لا تفسده. حتى كررت عليه ثلاث مرات» قال: حدثني ابن 
جريج عن عمرو بن دينار. 
قال القاضي رحمه الله: وهذا مما دلسه سفيان بن عبينة. وقد ذكرنا في بعض ما تقدم 
من بجالسنا هذه بعض ما وقع إلينا فيه من الأخبار تدليس» وذكرنا أن حبر المدلس مقبول 
غير مردود إذا كان عدلاً ولم يكن في ما يخبر به ما يوجب توهينه» وأن الشافعي ومن 
وافقه كانوا لا يرون خبر المدلس حجة إلا أن يقول حدثنا أو أحبرنا أو سمعت؛ وقد 
حدثنا الليث بن محمد بن الليث المروزي قال سعت عبد الرزاق بن محمد المعدل 
الفارسي قال سمعت محمد بن عيسى بن زيد الطرسوسي يقول» سمعت أبا حفص الفلاس 


جح الجليس الصالح والأئيس الناصح سب سكب حت ( راوح 
يقول» سمعت ابن عبينة يقول: نخطئ ونصحف وندلس ولا نكذب. 
أبو النشناش النهشلي 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أي عبيدة قال: كان أبو 
النشناش النهشلي من ولد مخربة بن أبير بن نمشل وأم أبي جهل والحارث ابني هشام أساء 
بنت مخربة وكان أبو النشناش يصيب الطريق» فطلب فخاف وأنشأ يقول: 
وسائلة أين ارتحالسي وسائل 2 ومن يسأل الصعلوك أين مذاهبه 
ودوية تيهاء يخنشى بها الردى سرت بأبي النشناش فيها ركائبه 
ليدرك ثأراً أو ليمكسب مغنماً جزيلاً وهذا الدهر جم عجائبه 
إذا المرء لم يسرح سواماً ولم يرح سواماً ولم تعطف عليه أقساربه 
فللموت خير للفتى مسن قعوده عديماً ومن مولى تدب عقاربه 
ولم أ ر مثل الفقر ضاجعه الفتى ولا كسواد الليل أحعفق صاحبه 


فمت معدماً أو عش كريماً فإنني أرى الموت لا ينجو من الموت هاربه 
ودع عنك مولى السوء والدهر إنه ستكفيه ايام له ونوائبه 
تلقى عدوا مسر فيرده إليك وتلقاه وقد لان جانبه 


فأنشد عبد الملك هذه القصيدة فلما سمع قوله: ولا كسواد الليل أحفق صاحبه قال: 

لص ورب الكعبة» وأمر بطلبه فطلب فأعجز. 
شرح لبعض ما جاء في الأبيات 

قال القاضي رحمه الله: قوله يسرح سواماً يعني الغدو بالماشية إلى المسرح إلى الرعي. 
ولم يرح يعني الرواح إذا أراحت من المرعى قال الله تعالى وذكر إنعامه على حلقه بما 
سخحره لهم من الأنعام لإولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون» (النحل: )١‏ 
وقوله: فإنني أرى الموت لا ينجو من الموت هاربه فأتى بالموت ثانياً بالإظهار في 
الموضع الذي بابه اللإضمار لتقدم اسمه ظاهراء لإقامة وزن الشعر» ولو أتى به في منثور 
الكلام لكان أظهرء ونحو هذا أن تقول: فإني أرى الموت لا ينجو منه هاربه» وقد أتى 
مئل هذا كثير في الشعرء من ذلك قول الشاعر: 

لا أرى الموت يسبق الموت شيء نغص الموت ذا الغنى والفقيرا 

وقال آخر: 

إذا الوحش ضم الوحش في ظللاتها سواقط من حر وقد كان أظهرا 

وقد قال الله تعالى ذكره #ولله ما في السموات وما في الأرض وإلى الله المصير» 
(النور: ؟4) فحمله قوم على أنه جاء على هذا لإن الإظهار فيه والإضمار واحدء وليس 
الأمر على ما ذهبوا إليه» وإنا أتى الاظهار هاهنا لتعظيم القصةء ولما في إعادة ذكر 


معو ينبس سس سس سس سس سح ا مجلس السبعون حت 
الموت بالاسم الظاهر من التخويف والحض على الاعتبار والمراعاة والإذكار» وقد قال 
الله جل وعز في موضع آخخر: «ولله غيب السموات والأرض وإليه يرجع الأمر كله4 
(هود: )١١*‏ فأعاد على الاسم الظاهر اس مضمراً على أصل الباب وظاهره؛ ومن قال 
لقيت زيداً فأكرمت زيداً لم يقل لقيت زيداً فأكرمت أبا عبد الله وهي كنية زيدء لأنه 
مشكل لا دلالة له فيه تنفي اللبس عنه. 
المعرفة تنمع عند الكلب العقور 

حدثنا يزداد بن عبد الرحمن بن يزداد المروزي الكاتب قال حدثنا أبو موسى 
عيسى بن إسماعيل البصري المعروف بتينة قال حدثني التوزي عن سفيان بن عبينة قال: 
عرض المغيرة بن شعبة بالكوفة فوجدهم أربعة آلاف» فمر به شاب من الحند فقال: يا 
غلام زد هذا في عطائه كذا وكذاء قال: فقام شاب كان إلى جانبه فقال: أصلحك الله هذا 
ابن عمي ليس له علي فضيلة في نسب ولا نجدة فألحقني به» قال: لا» قال فمر من يحط 
من عطائي ليظن من حضر أن بك علي موجدة؛ قال: لا !1 أيا ا خانت بيني وين 
مودة وكان صديقاً لي وإن المعرفة تنفع عند الحمل الصؤول والكلب العقور فكيف 
بالرجل ذي المروءة والحسب؟ 

الربيع بن خثيم وصديقه العابد 

حدثنا علي بن محمد بن الهم أبو طالب الكاتب قال حدثنا أحمد بن يحبى السوسي 
قال حدثنا على بن عاصم عن أنبي الأصبغ قال: كان رجل من همدان ني الكوفة يذكر 
بعبادة» فلزم بيته وترك الناس» وكان لا يخرج من بيته إلا لصلاة مكتوبة أو حق يلزمه لا 
يجد منه بدا وكان صديقاً للربيع بن حثيم» والذي بينهما حسنء لا يأتيان أحدا إلا 
أحدهما لصاحبه» قال: وكان الحمداني لا ينام من الليل إلا قليلاً فنام ساعته التي كان ينام 
فيهاء فأتاه آت في منامه فمغثه شديداً وقال له: ايت الربيع بن عشيم فقل له: إنك من أهل 
النار» ثم تنحى عنه فانتبه الحمداني فتعاظمه ذلك وقال: الربيع بن حثيم؟! قال:فلم يأته 
وأبطأ عنه؛ قال ثم أتاه في الليلة الأخرى وهو نائم فمغنه مغثاً شديداً فقال: ألم أقل لك أن 
تأتي الربيع بن خفيم تقول له إنك من أهل النار؟ لقن لم تفعل لأفعلن بك ولأفعلن بك 
ولأفعلن» ثم تنحى عنه فانتبه الحمداني وقد تعاظمه ذلكء» وقال: الربيع بن عثيم؟! قال: 
فلم يأته وأبطأ عن الربيع قال: فلما كانت الليلة الثالثة أتاه فمغنه مغثاً شديداً فقال: لئن لم 
تفعل لأفعلن بك ولأفعلن» وتنحى عنه فانتبه الهمداني وقد تعاظمه ذلك» فلما أصبح ورأى 
الربيع بن عثيم أنه قد أبطأ عنه أتاه فدحل عليه فسلم عليه فرآه متثاقلاً عنه» فقال: يا 
أحي ما لك؟ قال: خيرء قال: الربيع: إنا لله وإنا إليه راجعونء يا أحي» إنما هذا الشيطان» 
فأعيذك بالله ونفسي من الشيطانء وتفل الربيع عن يساره ثلاث تفلات وتعوذ بالله من 


د الجليس الصالح والأئيس الناصح -9717ل9لاللتتفققتتتت”ا””اتت7تتتتتتت ‏ لي لمم 
الشيطان؛ ثم رجع إلى منزله» فلما كانت الليلة المقبلة قام الحمداني في ساعته التي كان ينام 
فيها وقد قوي بعض القوة مما سمع من الربيع» فإذا هو قد أتاه آت في منامه بيده ساجور 
كلب أسود, ني وجه الكلب ثلاث جراحاتء قال له: أتدري من أنا؟ قال: لا» قال: فهل 
تدري من هذا الكلب؟ قال: لاء قال: هذا الشيطان الذي دحل بينك وبين أحيك 
الربيع بن حثيم» وقد وكلت بكما وبهذا إلى أن تموتا لا ينفلت من هذا الساجور» تدري 
ما هذه الجراحات التي بوجه الكلب؟ قال: لاء قال هي بزقات الربيع بن خثيم عن يساره؛ 
قال: فانتبه الحمداني» فلما أصبح غدا على الربيع فأخبره بما رأى فحمد الله وقال: قد 
أخبرتك أنه من عمل الشيطان. 
معثى المفث 

قال القاضي رحمه الله: قوله فمغئه مغثاً شديداً أي ناله يمكروه من الحذب والمعصر 
وما أشبهه. ويقال بين القوم مغث إذا كان بينهم شر ومكروه من الأمر» قال حسان بن 
ثابت في صفة الخمر: 

نوليها الملامة إن ألمت إذا ما كان مغث أو لحاء 
يحب علياً لثلاث 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور قال 
حدثنا العتبي عن أبيه عن أبي بكر الدمشقي أن معاوية , بن أني سفيان قال الخالد ب بن المعمر 
السدوسي: إنْك لتحب علياً حباً مفرطاً قال: أحبه والله لحلمه إذا غضبء وعلله إذا 
حكم., ووفائه إذا وعد. 

قال القاضي رحمه الله: هكذا كان أمير المؤمنين اكت ولقد فاز من أحبه واهتدى من 
اقتدى به وسلك سبيله. 

سليمان يقرع يزيد بن أبي مسلم 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثني أي قال أخبرني أحمد بن الحارث قال قال 
المدائني: دخل يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج على سليمان بن عبد الملك» وكان 
مصفرا فقال له سليمان: على رجل أجرك رسنك وسلطك على المسلمين لعنة الله» 
فقال: يا أمير المؤمنين» رأيتني والأمر عني مدبر ولو رأيتني والأمر علي مقبل لاستعظمت 
مني ما استصغرت اليوم» قال: فأين الحجاج؟ قال: يجي ء يوم القيامة بين أبيك وأحيك 
فاجعله حيث شئت. 

الملأمون يغرم يحيى بن خاقان 

حدثنا أبو النضر العقيلي قال حدثنا يعقوب بن بنان قال قال أبو العباس ابن الفرات 

حدثني دينار بن يزيد بن عبد الله قال حدثني أبي عن يحيى بن خاقان قال: كنت كاتب 


جه ببسب 77 7 املس السبعون حت 
الحسن بن سهل» فقدم المأمون مدينة السلام فقال لي: يا يحيى خلوت بالسواد ولعبت في 
أموالي واحتجنتها واقتطعتهاء قال فقلت: يا أمير المؤمنين إما أنا كاتب لرجل» والمناظرة 
في الأموال والأعمال مع صاحبي لا معي» قال: ما أطلب غيرك» ولا أعرف سواكع 
فصا حني على مائة ألف ألف» قال: فضحكتء فقال: يا يحيى أجد وتهزل؟» قلت: يا أمير 
المؤمنين نما ضحكت تعجباء وبالله ما أملك إلا سبعمائة ألف درهم» فكيف أصالحك 
على مائة ألف ألف؟ قال دع عنك ا 
ويجاذبني إلى أ ن بلغ إلى اثني عشر ألف ألف. فلما بلغ إليها قال: نفيت من الرشيد إن 
نقصتك شيئاً منباء فقلت: السمع والطاعة» قال: أقم لي ضميناً ! ن لم تف طالبته بها 
قلت: صاحبي يا أمير المؤمنين يضمنني») قال: أتراني إن دافعت بالأداء أطالب الحسن بن 
سبل بما عليك؟ هذا ما لا يكون» قال فقلت: عبد الله بن طاهرء فقال: عبد الله سبيله 
سبيل صاحبكء» قلت: فحميدء قال: وهذه سبيله» فقلت: أتضمنه يا فرج؟ قال: نعم يا 
أمير المؤمنين» فقال: إني والله أحر جه بالإالحاح عليه في المطالبة حتى يبرب أو يستتر ثم 
آحذك بالمال فتؤديه لأنك ملي به فقال فرج: صاحبي ثقة وهو لا يخفرني إن شاء الله. 
قال يحيى: فكتبت إلى الحسن بن سهل وعبد الله بن طاهر وحميد ودينار بن عبد الله 
وغسان ورجال المأمون أسألهم إعانتي في هذا المال» قال: فحملوه إلي كله عن آخره؛ 
حمل كل إنسان منهم على قدره؛ قال يحيى: وكتبت رقعة إلى المأمن أعرفه أن المال قد 
حضر وأسأله أن يأمر بقبضه. قال: فأحضرنيء فلما وقعت عينه علي قال لي: يا خائن 
الحمد لله الذي بين حيانتك وأظبر لي كذبكء ألم تذكر أنك لا تملك إلا سبعمائة ألف 
درهي نكيف تيأ اث أن حملت في عشرة أيام اثني عشر ألف ألف؟ قال قلت: حملتها يا 
مير المؤمنين من هذه الحريدة» ودفعت إليه الجريدة بأسماء من حمل المال ومبلغ ما حمل 
7 منهمء قال: فقرأ الجريدة ثم أطرق ملياً ورفع رأسه فقال: لا يكون أصحابنا 
أجود منا بهذا المال» قد وهبناه لك وأبرأنا ضمينك» قال يحيى: فانصرفت ورددت المال 
إلى أصحابه فأبوا أن يقبلوه وقالوا: قد وهبناه لك فاصنع به ما أحببت» قال فحلفت أن لا 
أقبل منه درهما واحداء وقلت لحم: أحذته في وقت حاجتي إليه» ورددته عند استغنائي 
عنه) وقبولي إياه في هذا الوقت ضرب من التغنم» فرددته عليهم. 
في قدر وجهان 

قال القاضي رحمه الله: حمل كل إنسان منهم على قدره يجوز أن يكون فيه إسكان 
الدال وفتحهاء وهما لغتان يرجعان إلى معنى واحدء وقد قرأت القرأة #ومتعوهن على 
الموسع قدره وعلى المقتر قدره© (البقرة: 17؟) بالتحريك والإسكان وقد أنشد أهل 
العلم بالعربية هذا البيت: 


د الجليس الصالح والأنئيس الناصح لل سلب7 اس ه الا واد 
وما صب رجلي في حديد بجاشع مع القدر إلا حاجة لي أريدها 
بمعنى مع القدر. 
أبو حرملة الحجام راوية للشعر 
حدثنا عبد الله بن منصور الحارئي قال حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن ميمون 
الكاتب قال حدثني جدي أبو الفضل ميمون بن هارون قال: أراد سليمان بن وهب أن 
يأحذ من شعره في وقت من الأوقات» فطلب أبا حرملة فلم يجدهء» ووجد غلام أبي 
حرملة» فأحذ من شعره» فقبل أن يفرغ جاء أبو حرملة فقال له سليمان: قم يا غلام؛ 
أعط القوس باريهاء فقال له أبو حرملة: تعرف يا سيدي أول هذا البيت قال: ما أعرف 
فيه غير هذاء فقال أبو حرملة أنشد ابن الأعراي: 
يا باري القوس برياً ليس يحكمه لا تفسد القوس أعط القوس باريها 
حدثنا عبد الله بن محمود الكاتب قال حدثنا أبو علي أسباط خليفة محمد بن يحيى 
قال» قال لي أبو حرملة: حذفت عبيد الله بن سليمان فلما فرغت قال: أعط القوس 
باريهاء فقلت: أتعرف صدر هذا البيت؟ قال: لاء فأنشدته إياه» فضرب يده إلى الدواة 
وكتبه) وهو: 7 
يا باري القوس بريا ليس يحكمه أفسدت قوسك أعط القوس باريها 
تعليقات نحوية ولفوية 
قال القاضي في الرواية الأولى: تعرف من غير حرف استفهام في الكلام أو في ما 
عطف به عليهاء وهذا عند بعض المحققين من النحاة حطأء وقد أجازه كثير منهمء 
وأنشدوا فيه أبياتا منها قول عمر بن عبيد الله بن أني ربيع ساححه الله: 
ثم قالوا تحبها قلت بهراً عدد الرمل والحصى والتراب 
وقالوا أراد: أتحبهاء وأنكر هذا من قدمنا الحكاية عنه» وقال: هو حبر وليس باستفهام 
وغير جائز الاشراك بين الخبر والاستخبار» لما فيه من فساد الكلام في القياس» ودخول 
الإشكال والالتباس» وقد عاب كثير من أهل المعرفة بالعربية على امرئ القيس إيتائه بمئل 
هذا في بيت من شعره يقول فيه: 
أصاح ترى برقاً أريك وميضه كلمع اليدين في حبي مكلل 
فقال: ترى والمعنى أترى؛ فأما قوله: 
تروح من الحي أم تبتكر وماذا يضرك لو تنتظلر 
فإنه جائز لأن قوله: أم تبتكر قد دل على المعنى» ومثله كثير» من ذلك قول الشاعر: 
لعمرك ما أدري وإن كنت دارياً بسبع رمين الحمر أم شمان 
وأما قول الشاعر في البيت الذي أنشده أبو حرملة: أعط القوس باريها فإنه أنشدوناه 





حوره امجلس السبعون حت 
باريها بتسكين الياء التي هي مدةء وهي الرواية الحارية على ألسنة خاصة الناس وعامتهم؛ 
وحقيقة الإعراب فيها هاهنا أن تنصب في الفعل» وقد تسكن في الشعر تحفيفاً كما قال 
الراجز: كأن أيديهن بالقاع القرق وقال الأعشى: 
فتى لو يباري الشمس ألقت قناعها أو القمر الساري لألقى المقالدا 
وريما أسكنوها وحذفوها في النصب كما قال الشاعر: 
فلو أن واش باليمامة بيته وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا 
فإذا روي هذا البيت على هذا كان من البسيط الثاني وبيته في العروض: 
قد أشهد الغارة الشعواء تحملني جرداء معروقة اللحيين سرحوب 
عروضه فعلن وضربه فعل) وعروضه في مصرعه فعلن الحاقاً له بضربه؛ وإن رواه راو 
على أصله في تحقيق الإعراب فتح الياء فقال باريها وكان إذا من الضرب الأول من 
البسيط» وبيته في العروض: 
يا حار لا أرمين منكم بداهية لم يلقها سوقة قبلي ولا ملك 
وإذا روي هكذا استقام إعرابه ووزنه واستوى عروضه وضربه فكانا معاً فعلن في 
إطلاقه وتصريفه» إذ ليس بينهما في المطلق اختلاف في الزيادة والنتقصان فيغير العروض 
ليلحق الضرب به. 
قولة لابن مسمع تذ تضمنت معناها أبيات للبحتري 
حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا الغلاي قال حدثنا ابن عائشة قال قال مالك بن 
مسمع للأحنف: يا أبا بحر ما أنتفع بالشاهد إذا غبت» ولا أفتقد غائباً إذ شهدت. 
قال القاضي: لكأن البحتري ألم بهذا المعنى: 
رحلت فلم نفرح بأوبة آيب وأبت فلم نجزع لغيبة غائب 
قدمت فأقدمت النبى عمل الرضى إلى كل غضبان على الدهر عاتب 
فعادت بك الأيام زهراً كائما جلا الدهر منها عن خدود الكواعب 
خطبة للمنصور في يوم عرفة 
حدثنا محمد بن العباس العسكري قال حدثني أحمد بن يونس بن زهير بن المسيب قال 
حدثت عن إسماعيل الفهري قال: سمعت المنصور في يوم عرفة» على منبر عرفة يقول في 
حطبته: أيها الناس إما أنا سلطان الله في أرضه» أسومكم بتوفيقه ورشده» وحازنه على فيئه 
بمشيئته أقسمه بإرادته وأعطيه بإذنه» وقد جعلني الله تعالى عليه قفلاً إذا شاء أن يفتحني 
لإعطائكم وقسم أرزاقكم يسر لي؛ وإذا شاء أن يقفلني عليه أقفلني» فارغبوا إلى الله تعالى 
أيها الناس وسلوه في هذا اليوم الشريف الذي وهب لكم فيه من فضله ما أعلمكم به في 
كتابه إذ يقول: #إاليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام 





حت الجليس الصالح والأنيس الناصح 5951©“ هس :221109 
ديناً6 (المائدة:") أن يوفقني للصواب ويسددني للرشاد ويلهمني الرأفة بكم والإحسان 
إليكم؛ ويفتحني لإعطائكم وقسم أرزاقكم بالعدل عليكم فإنه سميع بحيب. 
جعمر بن محمد يعلم نصر بن كثير والثوري 
ما يقولونه شي الحج 

حدثنا محمد بن جعفر بن أحمد بن يزيد الطبري قال حدثنا أبو أحمد جعفر بن محمد 
الجوهري قال حدثنا عبيد بن إسحاق العطار قال حدثنا نصر بن كثير قال: دحلت على 
جعفر بن محمد عليهما السلام أنا وسفيان الثوري منذ ستين سنة أو سبعين سنة فقلت له: 
إني أريد البيت الحرام فعلمني شيئاً أدعو بهء قال: إذا بلغت البيت الحرام فضع يدك على 
حائط البيت ثم قل: يا سابق الفوت؛ ويا سامع الصوتء ويا كاسي العظام لحما بعد 
الموتء ثم ادع بعده بما شئت؛ فقال له سفيان شيئاً لم أفهمهء فقال اكَيي: يا سفيان أو 
يا أبا عبد الله إذا جاءك ما تحب فأكثر من الحمد لله وإذا جاءك ما تكره فأكثر من قول 
لا حول ولا قوة إلا بالله وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار. 

دعاء جعضر يردده الجريري ويكتبه الطبري 

قال القاضي: كنت منذ سنئين كثيرة دعوت الله عز وجل وقلت يا سابق الفوت» 
وقلت في وقت آخحر: يا سابق كل فوتء وكان عندي أنه شيء خخطر لي ولم أكن ذاكراً 
لهذه الرواية ولا عالما بها في الوقت» فاستحسنت هذه الدعوة ثم وجدتها عندي في ما 
سمعته وكتبته ورويته. وحكى لي بعض بني الفرات عن رجل منهم, أو من غيرهم, أنه 
كان بحضرة أني جعفر الطبري رحمه الله قبل موته وتوفي بعد ساعة أو أقل منهاء فذكر له 
هذا الدعاء عن جعفر بن محمد عليهما السلام فاستدعى محبرة وصحيفة فكتبهاء فقيل له 
أفي هذه الحال؟ فقال: ينبغي للإنسان أن لا يدع اقتباس العلم حتى يموت. 

المجلس الحادي والسبعون 
حيونا نحييكم 

أخبرنا المعافى حدثنا أحمد بن عبد الله صاحب أني صخرة قال حدثنا مصعب بن عبد 
الله يعني الواسطي قال حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا يزيد بن عبد الملك قال أخبرني 
يزيد بن خحصيفة عن أبيه عن السائب بن يزيد قال: لقي النبي كل جواري يتغنين يقلن: 
حيونا نحييكم فوقف النبي قله مهن ثم دعاهن فقال: لا تقلن هكذاء قلن: حيانا الله 
وحياكم؛ فقال رجل: يا رسول الله ترحص للناس في هذا؟ قال: نعمء إنه نكاح لا سفاح» 
أشيدوا بالنكاح. 

أي غناء فيه رخصة 
قال القاضي: وقد ذكرنا في غير موضع من كتبنا غناء النتصب وما جاء فيه من 


حر ؟و سم سس بسب سحت الجلس الحادي والسبعون حت 
الرحصة عن النبي َه وعن الأئمة بعده من الصحابة رضوان الله عليهم وحظر ما فيه 
ترجيع وتمطيط؛ وأن ذلك منهي عنه في تلاوة القرآن وغيرهاء وذكرنا ما أمر به النبي عَدَك 
من الضرب في النكاح بالدف» وأنه قال: أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف. ورخص 
في هذا في عرسات المسلمين ومواطن مسارهم. وأنه في النكاح سنة لا ينبغي تركها. 
وقوله: أشيدوا بالنكاح معناه أظهروه وأعلنوه.وقد ذهب مالك في من وافقه من أهل 
المدينة إلى أن نكاح السر باطل؛ وحضرني بعد إثباتي هذا الخبر خبر إسماعيل بن جامع مع 
الرشيد فرأيت أن ن أرسمه هاهنا إذ هو مما يستحسنه ويصغي إلى استماعه ذوو الفضل من 
الأدباء» وينشك للوقوف عليه أولو الحجى من الرؤساء. 
خبر ابن جامع هي مجلس الرشيد 

حدثنا أبو النضر العقيلي قال حدثنا يعقوب بن نعيم الكاتب» قال حدثني محمد بن 
ضوء التيمي قال سمعت إسماعيل بن جامع السهمي يقول: ضمني الدهر ضماً شديداً بمكة) 
فانتقلت منها بعيالي إلى المدينة» فأصبحت يوماً لا أملك إلا ثلاثة دراهم» فخرجت وهي 
ني كمي) فإذا بجارية حميراء على رقبتها جرة تريد الركي» نمشي بين يدي وتترنم بصوت 


شجي تقول فيه: 
شكونا إلى أحبابنا طول ليلنا فقالوا لنا ما أقصر الليل عندنا 
وذلك أن النوم يغشى عيوهم سراعاً وما يغشى لنا النوم أعينا 
إذ ما دنا الليل المضر بذي الحوى جزعنا وهم يستبشرون إذا دنا 
فلو أنهم كانوا يلاقون مثل ما نلاقي لكانوا في المضاجع مثلنا 


فوالله ما دار لي منه حرف واحد فقلت لما: يا جارية ما أدري أوجهك أحسن أم 
صوتك أم جرمكء فإن شكت أعدته علي» فقالت: حباً وكرامة» ثم أسندت ظهرها إلى 
جدار كان بالقرب منها ورفعت إحدى رجليها فوضعتها على ركبتها وحطت الجرة 
فوضعتها على ساقها واندفعت تغني بأحسن صوتء فوالله ما دار لي منه حرف واحدء 
فقلت لما: لقد أحسنت وتفضلت فلو شكت أعدته مرةً أخرى» فقطبت وكلحت وقالت: 
ما أعجب هذاء أحدكم يجيء إلى الحارية عليها ضريبة فيقول لها: أعيدي مرةٌ بعد 
أخحرى فضربت يدي إلى الثلاثة الدراهم فدفعتها إليها وقلت لها: أقيمي بهذا وجهك 
اليوم إلى أن نلتقي» فأحذتها شبه المتكرهة ثم قالت: الآن تريد أن تأحذ عني صوتا 
أحسبك تأخذ عليه ألف دينار» وألف دينارٍ وألف دينار» ثم انبعئت تغني وأعملت فكري 
في غنائها فدار لي الصوت وفهمته؛ وانصرفت به مسروراً إلى منزلي المكاري على باب 
المحول» فدحلت لا أدري أين أتوجه ولا من أقصدء وانتهى بي الناس إلى الجسرء فعبرت 
في من عبر حتى انتهوا بي إلى شارع الميدان عند دار الفضل بن الربيع» فرأيت هناك 








حت الجليس الصالح والأنيس الناصح - 
مسجداً مرتفعاً فقلت: هذا مسجد قوم سراة وحضرت المغرب فصعدت المسجد فما 
لبغت أن جاء المؤذن فأذن وأقام وصليت» وانصرف الناس وأقمت مكاني إلى أن رجع 
المؤذن فأذن وأقام» وصليت وانصرف الناس وأقمت مكاني إلى أن رجع المؤذن فأذن 
وأقام» وصليت مع الناس على تعب وجوع) وانصرف الناس وبقي رجل يصلي ملياً وخلفه 
جماعة من الخدم والفحولة ينتظرونه» فلما فرغ من صلاته انصرف إلي ببدنه كله فقال: 
أحسبك غريباً» قلت : أجل» قال: متى كنت بهذه المدينة؟ قلت: آفاً متها وليس لي 6 
معرفة) وليست صناعتي من الصنائع التي يمت بها إلى أهل الخير» قال: وما صناعتك؟ قلت 
الغناء» فوئب مبادرا أ ووكل بي رجلاًء فقلت للموكل ي: من هذا؟ قال: أوما تعرفه؟ هذا 
سلام الأبرش قال: وإذا رسول قد جاء في طلبي ثم مشينا حتى انتهى بي إلى قصرٍ من قصور 
الخلافة وجعل يجاوز هي مقصورة بعد مقصورة إلى أن دخلنا مقصورةً في آخر الدهليز 
ندع لي بالطعام؛ فأتيت بمائدة عليها من كل شيء؛ فاقبلت على أكلي حتى تراجعت إلي 
نفسي» وسمعت ركضاً في الدهلّيز» فإذا إنسان يقول: أين الرجل» أين الرجل؟ فقيل: ها هو 
ذاء فقال يدعى له بغسول وطيب وحلعة» فغلفت ت وحلع علي وأحذ الرجل بيدي فحملني 
على دابة وأتى بي منزل الخليفة فاستدللت على ذلك بالحرس والتكبير والنيران» فما زال 
يدخلني من دار إلى لى دار إلى أن دحلت إلى دارٍ قوراء وإذا فيها أسرة مضاف بعضها إلى 
بعض» فلما انتهيت إلى الأسرة أمرني بالصعود فصعدت» وإذا رجل جالس على يمينه ثلاث 
جوار في حجورهن العيدان» وإذا في حجر الرجل عود فسلمت فرحب بي وأمرني بالتلوس 
فجلستء وإذا مجالس حالية قد كان فيها قوم فقاموا عنهاء فما لبئت أن خرج حادم من 
وراء الستر فقال للرجل: تغنه فاندفع يغبي بصوت لي يقول فيه: 

لم تعش ميلاً ولم تركب على جل ولم تر الشمس إلا دونها الكلل 

نمشي الحوينا كأن الشوك يحبسها مشي اليعافير في جيئاتها الوجل 

تولله ما أحست الغناء» ولقد غنى بغير بغير إصابة وأوتار متنافرة ودساتين مختلفة» ثم عاد 
ذلك الخادم إلى الحارية التي تلي الرجل فقال لها: تغني فانبعثت تغني بصوت لي كانت فيه 
أحسن حالا من الرجل تقول فيه: 


يا دار أضحت خلاء لا أنيس بها إلا الظباء وإلا الناشط الفرد 
أين الذين إذا ما زرتهم جذلوا وطار عن قلبي التشواق والكمد 
ثم عاد الخادم إلى الجارية الثانية فقال لما: تغني فانبعثت تغني بصوت حكم الوادي 
تقول فيه: 
فوالله ما أدري أيغلبني البوى إذا جد وشك البين أم أنا غالبه 


فإن أستطع أغلب وإن يغلب الهوى ففي دون ما لاقيت يغلب صاحبه 


حدم سه 








مجلس الحادي والسبعون د 


ثم عاد الخادم إلى الحارية الثالثة فقال لما: تغني فغنت بصوت لحنين تقول فيه: 


مررنا على قيسية عاميية 
فقَالت وألقت جانب السجف د دونها 
رفيقان ضم السفر بيني وب 


لما بشر صائفي الأدم هفجان 
من آية حي أو من الرجلان 
هديت وأما صاحبي فيماني 
وقد يلتقي الشتى في اأًتلفان 


قال فعاد الخادم إلى الرجل فقال له: تغنه» فغنى بصوت لي شبه فيه والشعر لعمر بن 


أي ربيعة الغناء للغريض يقول فيه: 
أمس بأسماء هذا القلب معمودا 
كأن أحور من غزلان شي شيهمة 
قامت تراءى وقد جد الرحيل بنا 
بمشرق كشعاع الشمس بهبجته 


إذا أقول صحا يعتاده عيدا 
أعارها شبها حديه والجيدا 
لتنكا القرح من قلب قد اصطلدا 
ومسبكر على لباتها سودا 


ثم عاد الخادم إلى الحارية التي تليه فقال لما: تغني» فغنت بصوت لحكم الوادي يقول 


فيه: 
تعيرنا أنا قيل عديدنا 
وما ضرنا أنا قليل وجارنا 
وإنا لقوم ما نرى القتل سبةً 
يقرب حب الموت آجالنا لنا 


فقلت لما إن الكرام قليل 
عزيز وجار الأكثرين ذليل 

إذا كرهته عامر وسلول 

وتكرهه آجالهم فتطلول 


وتغنت الحارية الثانية عند قول الخادم لما تغني: 


وددتك لما كان ودك خالصاً 
ولن يلبث الحوض الوثيق بناءه 


وأعرضت لما صار لهباً مقسما 
إذا كثر الوراد أن يتبدما 


وتغنت الثالثة بشعر الخنساء بنت عمرو بن الحارث في أخيها صخر: 


وما كر إلا كان أول طاعن 
فيدرك ثارأثم لم يخطه الغنى 
وإن طلبوا وتراً بدا بقراتهم 
فلست _رزا بعكله برزية 

وكان غناء الرجل في الدور الثالث: ْ 
لجاالله صعلوكا ييبيت وهمه 
ينام الضحى ححتى إذا نومه استوى 


ولا أبصرته العين إلا اقتشعرت 
ويضرههم شزراً إذا الخيل ولت 
فأذكره إلا سلت وتجلت 


من الدهر أن يلقى لبوساً ومطعما 
تتبه مسلوب الفؤاد مورما 


ح- الجليس الصالح والأئيس الناصح المح 
ولكن صعلوكاً يساور همه ويمشي على الهيجاء ليثا مصمما 





وكان غناء الجارية في الدور الثالث بشعر حاتم يقول فيه: 


إذا كنت ربا للقلوص فلا تدع رفيقك بمشي خلفها غير راكب 
أنخها فأردفه فإن حماتكما فذاك وإن كان العقاب فعاقب 
وكان غناء الجارية الثانية في الدور بشعر عمرو بن معديكرب: 
ألم تر لما ضمني البلد القفر سمعت نداءٌ يصدع القلب يا عمرو 
أغثنا فإنا معمشر مذحجية نزار على وفر وليس لنا وفر 
وكان غناء الثالئة بشعر لعمر بن أبي ربيعة والغناء فيه للغريض: 
فلما تلاقينا وسلمت أشرقت وجوه زهاها الحسن أن تتقنعا 
تباهلن بالعرفان لما رأشني وقلن امرؤ باغ أكل وأوضعا 
فلما تواضعنا الأحاديث قلن لي أحفت علينا أن نغر ونخدعا 


قال فقلت في نفسي: أي شيء أنتظر؟ يجيء الخادم الساعة يطالبني بمثل ما طالب به 
أصحاي» فقلت للرجل: بأبي أنت حذ العود إليك وشد وتر كذا وارفع الطبقة وغير وتر 
كذا وحط دستان كذاء فعلم ما أريد فوزنه» فلم ألبث أن حرج الخادم فقال لي تغنه) 
عافاك الله» فانبعئت أغني بصوت الرجل الأول على غير ما غنى به فإذا بنحو من خمسين 
أو ستين حادما يحضرون حتى استندوا إلى الأسرة ثم قالوا: ويحك لمن هذا الغناء؟ قلت: 
لي فانصرفوا عني بتلك السرعة» فخرج إلي الخادم فقال: كذبت هذا الغناء لابن جامع» 
فسكتء ودار الدور فلما انتهى إلى خرج الخادم فقال تغنه» فقلت للجارية التي تلي 
الرجل: حذي العود فانبعثت أغني صوتهاء فخرجت الجماعة من الخدم فقالوا: ويحك لمن 
هذا؟ فقلت: لي» فمضوا ورجع الخادم فقال لي: كذبت» هذا لابن جامع. فأمسكت عنه 
ودار الدور» فلما بلغ إلى حرج الخادم فقال: تغنه» فقلت في نفسي» وقد شربت وقويت 
منتي: ما أنتظر؟ فاندفعت أغني بصوت لا يعرف إلا بي: 
عوجي علي فسلمي جبر فيم الوقوف وأنتم سفر 
ما نلتقي إلا ثلاث منى حتى يفرق بيننا النفر 
قال: فتزلزلت والله عليهم الدار» وخرج الخادم فقال: ويحكء لمن هذا؟ فقلت: لي» 
قال: فرجعوا فقالوا: هذا لابن جامع؛ فقلت: أنا إساعيل بن جامع؛ قال: فما شعرت إلا 
وأمير المؤمنين وجعفر بن يحيى قد أقبلا من وراء الستر» فلما صعدا السرير وثبت على 
قدمي) فابتدأني أمير المؤمنين فقال: أبن جامع؟ فقلت: ابن جامع جعلني الله فداك يا أمير 


مس س2 72ح مجلس الحادي والسبعون حت 
المؤمنين» قال: ويحك متى كنت في هذه المدينة؟ قلت: آنفا دخلتها في الوقت الذي علم 
بي أمير المؤمنين قال: اجلس ويحك يا ابن جامع» وجلس أمير المؤمين وجعفر بن يحيى 
في بعض تلك احالس وقال لي: يا ابن جامع» أبشر وابسط أملك» فدعوت له دعوات ثم 
قال: غن يا ابن جامع» قال: فخطر بقلبي صوت الحارية المدينية» فقلت للرجل: أصلح 
عودك وارفع طبقته قال: فعلم ما أريد فوزن العود وزنا وتعهدته حتى استقامت الأوتار 
وأحذت الدساتين مواضعهاء وانبعثت أغني بصوت الجحارية الحميراء» فنظر أمير المؤمنين 
إلى جعفر بن يحيى فال له: أسمعت كذا قط؟ قال: لا والله يا أمير المؤمنين ما سمعت ولا 
خرق سمعي مثله قط ولا ظننت أن الله عز وجل خلق على وجه الأرض مثل ما أسسمعء 
قال فرفع الرشيد رأسه إلى حادم بالقرب منه فقال له: كيس فيه أ لف دينار قال: فمضى 
الخادم فلم يلبث أن عاد بكيس فيه ألف دينار» فصيرته متحت فخذي ودعوت لأمير 
المؤمنينء فقال لي: يا ابن جامع رد على ) مير المؤمنين هذا الصوت» فرددته وتزيدت في 

وأعانني على ذلك استواء الأوتار» قال: فنظر جعفر إلى أمير المؤمنين فقال: يا 
سيلي أما تسسمعه كيف يتزايد في الغناء؟ هذا حلاف الذي سمعنا أولاً» على أن الأمر فيه 
واحدء قال: فرفع الرشيد رأسه إلى الخادم فقال: كيس فيه ألف دينار» فمضى الخادم وجاء 
بكيس فيه ألف دينار فرمى به إلي فصيرته تحت فخخحذيء ثم قال لي أمير المؤمنين: تغن ما 
حضركء فأقبلت أقصد إلى الصوت بعد الصوت مما كان يبلغني أنه يشتري عليه الجواري 
فأغنيه» فلم أزل أفعل ذلك إلى أن عسعس الليل» فقال: يا إسماعيل قد أتعبناك في هذه 
الليلة لسروري بغنائك» فتعيد على الصوت الذي تغنيت به أولا يعني صوت الحارية فغنيته 
إياه» فرفع رأسه إلى الخادم فقال: كيس فيه ألف دينار» وذكرت قول الحارية: إني أحسبك 
تأحذ عليه ألف دينار وألف دينار وألف دينار» فكان مني شبه التبسم ولحظني من بين 
الشمع فقال لي: مم تبسمت؟ قال: فجثوت على ركبتي ثم قلت: يا أمير المؤمنين الصدق 
منجاة» فقال لي بانتهار: قل» فحدثته حديث الجارية فقال: صدقت قد يكون هذا 
وأعجب منه؛ ثم قال لي: انصرف مودعاء فقمت لا أدري إلى أين أنفذ ذلك الوقت» فما 
هو إلا أن نزلت من الأسرة حتى وثب إلي غفيران من الفراشين» فأحذ أحدهما بيدي 
اليمنى والآخر باليسرى ومضيا بي لا أدري أين يتوجهان بي» حتى وقفا بي على باب 
داري هذه فإذا أمير المؤمنين قد أمر سلاماً فابتاع لي هذه الدار وحول أهلهاء وحشيت 
بالفرش والوصائف والوصفاء والطعام والشراب» ودفع إلي أحدهما إضبارة مفاتيح وقال 
لي: ادحل بارك الله لك فيهاء وهذا مفتاح بيت كذاء وهذا مفتاح بيت مالك» وهذا 
مفتاح سبرة الجواري» وهذا مفتاح بيت فرشك وآنتيك» وأوقفني على ما أردت» 
فأصبحت وأنا من مياسير أهل بغدادء ودحلتها وأنا أفقر أهلباء والحمد لله رب العالمين. 


إصت الجليس الصاح والأنيس الناصح سلس ب ب س7 ل ماحد 
تعليقات على بعض ما جاء في هذا الخبر 

قال القاضى رحمه الله: قول الشاعر في هذا الخبر اليعافير» اليعافير جمع يعفور وهي 

التي يضرب لونها إلى الحمرة من الوحش» وهي المعفرة» ويقال للتراب أعفر كما قال أبو 


كبير الهذلي: 
يا لهف نفسي كان جدة خالد وبياض وجهك للتراب الأعفر 
وقال الشاعر: 
وبلدة ليس بها أنسيس إلا اليعافير وإلا العيس 
والعيس: البيض. وقرله فى الشعر الذي يليه وإلا الناشط القرد الناشط: الثور الوحشي 
قال الشاعر: 
واستقبلت ظعنهم لما احزأل بهم مع الضحى ناشط من داعيات دد 


وقول عمر بن أني ربيعة: وقلن امرق باغ أكل وأؤضعا الباغي هاهنا طالب ضالة 
وناشدها؛ أكل يعني أن ركابه كلت من سيره عليها وقوله: أوضعا يعني أنه أسرع بها قال 
الله تعالى: #ولأضعوا خلالكم» (التوبة:47) ومن الإيضاع قول دريد بن الصمة: 
يا ليتني فيها جاع أحب فيها وأضع 
الخبب والإايضاع ضربان من السير السريع. وقول الرشيد لابن جامع: أ بن جامع وجه 
الكلام فيه فتح الحهمزة» وذلك أن ن الألف في ابن جامع أ لف وصل وإنما جيء بها في الخبر 
لسكون الباء وأنه لا يبدأ بساكن فإذا دلت عليها الهمزة للاستفهام سقطت كما قال ابن 
قيس الرقيات: 
فقالت أبن قيس ذا وبعض الشيب يعجبها 
قال الله عز وجل: «أفترى على الله كذباً4 (سبأً: 8) وقال عز ذكره: #أصطفى 
البنات على البئين4 (الصافات: 5) وقد روي لنا بيت ذي الرمة على وجهين: 


أستحدث الركب من أشياعهم خبراً أم راجع القلب من أطرابه طلرب 
بالوصل والقطع على ما بينا اكتفاء بدلالة قوله: أم راجع القلب من أطرابه طرب» 
كما قال امرؤٌ القيس: 
تروح من الحي أم تبتكر وماذا يضرك لو تنتطضر 


وقول ابن جامع: إلى أن عسعس الليل يقال عسعس الليل إذا أقبل وعسعس إذ ولى» 
وقيل هو من الأضدادء وقال الله جل ذكره: والليل إذا عسعس4 (التكوير: )١7‏ قيل 
فيه القولان اللذان ذكرناء وقال الشاعر: 

عسعس حتى لو يشاء ادلى كان له من ضوئه مقتبس 
قيل في قوله: أدنى قولان أحدهما أنه افتعل من الدنو» وأصله ادئناء وقيل بل هو اذدنا 





ح له المجحلس الحادي والسبعون ست 
وأصله أن يقطع فيقال: لو يشاء اذدناء ولكنه ترك الهمز في الشعر لإقامة وزنه» وقد جاء 
مثله في الشعر كقول الطرماح بن حكيم: ٍ 

ألا أيها الليل الطويل ألا اصبح سريعا وما الإصباح فيك بأصلح 


وأصله ألا أصبح لأنه رباعي من أصبح يصبحء فعلى هذا الوجه أكثر ما روي في هذا 
البيت» وقد رواه بعضهم ألا أيها الليل الذي طال أصبح فأتى به على أصله. 
وفاده جرير على الحجاج 
حدثنا أبو النضر العقيلي قال أخحبرني الزبير قال حدثي محمد بن أيوب اليربوعي عن 
أني الذيال السلولي قال حدثني جرير قال: وفدت على الحجاج بن يوسف في سفرة 
تسمى سفرة الأربعين» فأعطاني أربعين راحلة ورعاءها وحشو حقائبها القطائف 
والأكسية» كسوةٌ لعيالي» وأوقرها حنطة ثم حرجت فلما شددت على راحلتي كورها وأنا 
أريد المضي جاءني حادم فقال: أجب الأمير» فرجعت معه؛ فدحلت على الحجاجء فإذا 
هو قاعد على كرسيء وإذا جارية قائمة تعممه بعمامة فقلت: السلام عليك أيها الأمير 
فقال: هات قل في هذ فقلت: بأبي وأمي نتمنعني هيبة الأمير وإجلاله وأفحمت فما 
أدري ما أقول» فقال: بل هات قل فيهاء فقلت: بأبي وأمي فمااسمها؟ قال: أمامة, فقلت: 
ودع أمامة حان منك رحيل إن الوداع لمن تحب قليل 
تلك القلوب صوادياً شميتها وأرى الشفاء وما إليه سبيل 
فقال: بل إليه سبيل» حذ بيدها فجبنتها فتعلقت بالعمامة وجبذتها حتى رأيت عنق 
الحجاج قد صغت ومالت مما جبذتهاء وتعلق بالعمامة» قال: ويخطر ببالي بيت من شعر 
فقلت: 
إن كان طبكم الدلال فإنه حسن دلالك يا أميم جميل 
فقال الحجاج: إنه والله ما بها دلال ولكن بها بغض وجبهك وهو أهل ذلك» حذها 
بيدها جرهاء فلما سمعت ذلك منه خلعت العمامة. وحرجت بها فكنيتها أم حكيم 
وجعلتها تقوم على ودي لي وعمالي وتعطيهم نفقاتهم بقرية يقال لها الغنية من قرى الوشم 
حتى نفد الودي. قال طلحة: فأخبرني الزبير قال» قال محمد بن أيوب: وسمعت حجناء بن 
نوح يقول: كانت والله مباركة. 
شروح وتعليقات 
قال القاضي رحمه الله: قول جرير جبنتها وأجبذها بمعنى جذبتها وأجذبهاء تقول 
جبذته أجبذه جبذأء وجذبته أجذبه جذباًء ومثله تبيغ به الدم وتبغى» وما أيطبه وما أطيبه 
ومثله كثير. وأما الودي فإنه الفسيل كما قال الشاعر: 
تحن بغرس الودي أعلمنا منا بركب الجياد في الغلس 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصم صخ سمهو أو 
وقول جرير: إن كان طبكم الدلال يعني الخلق والطبع» كما قال الشاعر. 
وما إن طبنا جبن ولكن منايانا وطعمة آخرينا 
يجوز فيه طبكم الدلال» وطبكم الدلال لأهما معرفتان كما قال الفرزدق: 
فقد شهدت قيس فما كان نصرها قتيبة إلا عضها بالأإباهم 
ويروى فما كان نصرها إلا عضهء وقال آخر: 
لقد علم الأقوام ما كان داؤها بشبلان إلا الخزي ممن يقودها 
ويروى داءها إلا الخزي» وقال آخر: 
إن يكن طبك الدلال فهلا ذاك في الدهر والسنين الخوالي 
المجلس الثاني والسبعون 
وفاه أبي ذر 
حدثنا القاضي أ بو الفرج المعائى بن زكرياء الجريري قال حدثنا أحمد بن إسحاق بن 
بهلول قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا يحبى بن سليم الطائفي قال حدني 
عبد الله بن عثمان بن خشيم عن مجاهد عن إبراهيم بن الأشتر عن أبيه عن أم ذر قالت: لما 
حضرت أبا ذر الوفاة بكيت» فقال: ما يبكيك؟ فقلت: وما لي لا أبكي وأنت موت بفلاة 
من الأرض» ولا يد لي بدفنك وليس عندي ثوب يسعني كن لي ولا للك؟ قال: فلا تبكي 
وأبشري فإني سمعت رسول الله وي يقول لنفر أنا فيهم: ليموتن منكم رجل بفلاة من 
الأرض يشهده عصابة من المؤمنين» وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد هلك في قرية 
وجماعة» وأنا الذي أموت بفلاة» والله ما كذبت ولا كذبت» فأبصري | لى الطريق» قالت 
قلت: أنى وقد ذهب الخاج واتقطع الطريق؟ قال: اذهبي فتبصري) قالت: فكنت أذهب 
لى نيس بصو عليه وأرجع إليه فأمرضهه. فبينا أنا كذلك إذا أنا برجال على رحالهم 
نهم الحم فألحت بثودي» فأقبلوا إلي حتى وفقوا علي فقالوا: ما لك يا أمة الله؟ فقلت: 
0 تكفنونه» قالوا: ومن هو؟ قلت: أبو ذر» قالوا: صاحب رسول 
الله ينْك؟ قالت قلت: نعمء قالت: ففدوه بآبائهم وأمهاتهم وأسرعوا إليه» ودحلوا عليه 
فرحب بهم وقال: إني سمعت رسول الله ع يقول لنفر أنا فيهم: ليموئن منكم رجل بفلاة 
من الأرض يشهده عصابة من المسلمين» وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد هلك في 
قرية أو جماعة» وأنا الذي أموت بالفلاة» أتسمعون؟ إنه لو كان عندي ثوب لي يسعني 
كفنا لي أو لااتي م اكفن ا ل 0 
يكفنني أحد منكم كان أميراً أو عريفاً أو بريداً أو نقيبء وليس من القوم أحد 
قارب يعض ما قال إلا فتىّ من الأنصارء فقال: يا عم أنا أكفنك لم سا فعرد 
؛ أكفنك في ردائي هذا وفي ثوبين من عيبتي من غزل أمي حاكتهما لي» فكفنه 








حددمه ا مجلس الثاني والسبعون حت 
الأنصاري في النفر الذين شهدوه منهم حجر بن الأدبر ومالك الأشتر في نفر كلهم يمان. 

للخبر دلالة على نبوة الرسول قال القاضي رحمه الله: في هذا الخبر أكبر دليل على 
نبوة رسول الله َك وثبوت رسالته لإخباره من الغيب بما وجد على ما وصفه؛ وهذا مما 
لم يعلمه إلا بوحي من الله عز وجل ألقاه إليه يت وفيه ما ينبئ عن فضل النفر الذين ولوا 
أمرهء و«إذلك فضل الله يؤتيه من يشاءء والله واسع عليم4 (المائدة: 4 ه). 

يشكو والي السماوة إلى عبد المكك 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرنا أبو عثمان المازني عن التوزي عن أبي 
عبيدة قال: ولى عبد الملك بن مروانٌ صدقات كلب رجلاً من بني آمية وكانت الروم قد 
نزعتهءوكان أشقر غضاًء فدخل أعرابي جلف جاف على عبد الملك ني جفة الناس» فلما 
مثل بين يديه قال يا إنسان إنك مدبر مربوب» قال: أجل فما تشاء؟ قال: قد احتجبت 
بهذه المدرة ووليت حطابنا أصبب غضاً كالقرعوش طمطمانياً أطوماً كأن وجهه جهوة 
قرد قد قشر بصرهاء وكأن فاه سرم أتان» قد قاشها عير فهي ترمزء إن كشرت بسر» وإن 
حاطبت نهر» وإن تألفت زبرء فلا الكلام مدفوع؛ ولا القول مسموعء ولا الحق متبوع, 
ولا الجور مردوع؛ ولنا ولك مقام فيه ينصف الخصام؛ وترجف الأقدام» وينتصف 
المظلوم» وينعش المبضوم؛ ها إن ملكك هناك زائل» وعزك حائل» وناصرك حاذل» 
والحاكم عليك عادل؛ فاكبأن عبد الملك وتضاءلت أقطاره وترادت عبراته في صدره؛ ثم 
قال: لله أبوك: أي ظلم نالك منا حتى أجاءك إلى هذا المقال؟ قال: ساعيك في السماوة؛ 
ناره لهوء ومقاله لغوء وغضبه سطوء يجمع المباقط ويحتجن المشائط ويستنجد العمارط» 
فأمر عبد الملك بصرف العامل. 

تفسير ألطاظ وردت شي الخبر السابق . 

قال القاضي رحمه الله: الغضا الغتم» وقال ابن دريد القرعوش ولد البختية وهو لا 
ينجب ولا ينفع: والطمطماني: الأعجم, والأطوم: الذي لا يفهم ولا يفهم. وإنما أخذ من 
جلد الأطوم وهي دابة من دواب البحر صلبة الجلد» وقال قوم: هي السلحفاة. 

قال القاضي: في السلحفاة لغتان سلحفاة وسلحفية. وقوله: جهوة قرد: يريد دبره وما 
والاه» وكذلك هو لك ذي أربع» وربما استعمل في الناس. وقوله: قشر بصرها فالبصر 
قشر أعلى كل شيء. وقوله: قاشها أي نزا عليهاء والترمز التحرك» والمشائط: الواحد 
مشياط وهو الذي يسرع إليه السمنء والمباقط المتفرقة» يقال بقط هذا أي فرقف 
والعمارط الواحد عمروط وهو الذي لا يرى شيئاً إلا احتلسه وهو اللصء والوأي: 
الوعدء روي عن أبي حاتم عن أني عبيدة قال: كان رجل من بني ميم خليعاً يقال له 
عمير بن مالك فمرض فحضر نساء الحي يعدنه؛ فأطلن الحلوس فقال: 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح لوج 
لقل غناء عن عمير بن مالك ترمز أستاه النساء العوائد 
فقمن وقلن: لا شفاه الله. وقوله: فاكبأن عبد الملك أي تداحل بعضه في بعضء قال 
الشاعر. 
فلم يكبثنوا إذ رأوني وأقبلت علي وجوه لسر ل 
وقوله: تضاءلت أي تصاغرتء والأقطار: النواحي» وقوله: أجاءك أي اضطرك وأ 
من ابجيء تقول جاء زيد وأجاءه غيره مثل صار وأصار إليه غيره. ومنه 5-8 
المخاض إلى جذع النخلة# (مريم: )١7‏ كأنه جاء بها إليه. قال القاضي: وفي تفسير ابن 
دريد غريب هذا الخبر في موضع آخر: المباقط أي المتفرق من الماشية» وهو مما نهى عنه 
رسول الله عََيُ في كتابه لأكيدر لا تعد فاردتكمء ولا ترد قاصيتكم, والمشائط: واحدتها 
مشياط وهي الناقة السريعة السمن» يريد أنه يأحذ المشائط في الصدقة» وهذا مما لهي عنه 
أيضاً من قوله وي: لا تأحذوا حزرات أنفس الناس» يريد خيار أموالهم» والعمروط: اللص 
يقال لص ولص. 
ابن الزيات يتفجع على دابه , أخذها المعكتصم 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال ل حدثني أبو بو علي محرز الكاتب قال حدثني 
سهل بن عبد الكريم قال: كان محمد بن عبد الملك دابة أشهب ب أحم لم ير مثله في الفراهة 
والوطاء والحسنء» فذكر المعتصم يوماً الدواب فقال: أشتبي دابة في نهاية الوطاء تصلح 
للسراياء فقال له أحمد بن حالد حيلويه قد عرفته لك يا أمير المؤمنين على أن لا يعلم 
صاحبه أني ذكرته لك؛ قال: لك ستر ذلك» قال: عند كاتبك محمد بن عبد الملك دابة لم 


ير مثله. فوجه المعتصم فأحذه من محمد فقال فيه: 


قالوا جزعت فقلت إن مصيبتي 
كيف العرّاء وقد مضى لسبيله 
دب الوشئناة فباعدوك وربما 
نفسي مقس مة أقام فريقها 
الآن إذ كملت أداتك كلها 
واختير من نخصير الحداقد نخيرها 
وغدوت طنن اللجام كأها 


وكأن سرجك فوق مت غمامة 


جلت رزيتها وضاق المذهب 
عنا فودعنا الأحم الأشهب 
بعد الفتى وهو الحميم الأقرب 
وسابت قربك أي علق أسلب 
ودعاالعيون ! 
لك خالصاً ومن ن المي الأغرب 
في كل عضو منك صنج يضرب 
وكأنساتحت الغمامة كوكب 


ليك زي معجب 


رمه 

ورأى علي بك الصديق مهابة 
أساك لا برحت إذاً منسيةً 
أضمرت عنك اللسيأس حين رأيتني 
ورجعت حون رجعت منك بحسرة 
فليعلمن ألا تزال عدوة 
يا صاحبي بمثل ذا من أمره 


إن تسعدا قفصنيعة مش كورة 


انجلس الثاني والسبعون حت 


نفسي ولازالت بمثلك تسنكب 
وقوى ححبالك من قواي تقضب 
لله ما صنع الأصلم الأشيب 
مني مريضة وثار يطللب 
صحب الفتى في دهره من يصحب 


أو تنشذلا فعهداوة ل اتذهب 


لا تشعراه بنافليس لذي هوى ‏ شكوى الحزازة عنده مستعتب 
يعني بالأصم: أحمد بن تخالد خيلويه. 
قال القاضي: الأحم يصف عينه بالسواد. وقوله: لا يراب يعني لا يشعب ويقال لما 


هل المحد إلا السؤدد الحض والتقى ورأب الثأى والصبر عند المواطن 
ومن النأى قول ذي الرمة: 
وفراء غرفية أتأى خحوارزها مشلشل ضيعته بينها الكتب 


اؤلف ينتقد ابن الزيات على موقنه 

قال القاضي: هذا الذي أتى به الخبر في هذه القصة عن محمد بن عبد الملك من 
خلائفه المستعجبة الكاشفة لما كا فيه من الآداب المستخشنة؛ وما الذي بلغ من قدر دابة 
ولو أنه الوجيه ولاحق» أو العصا دابة قصير بن سعد» حتى يضن بها عن المعتصمء وهو 
الخليفة المبرز في فضله وسروه وجوده وشرفه وشرف خلائقه وجميل طرائقه» وقد 
استكتبه وموله» وشرفه وحوله, أو ما كان قمناً أن يبتدئ بقود الدابة إليه عند وقوفه على 
نزاعه إليه ورغبته فيها ويغتبط بقبوله إياها ويرى ذلك من المآثر التي يغبط بها ويفتخر 
بحيازتهاء وقد سبق القول السائر بالمثل المتوارث الغابر: أي الرجال المهذب. 

أم قيس ترجو ليلى أن تزوره 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثي محمد بن المرزبان قال حدثنا زكريا بن 

موسى قال حدثنا شعيب بن السكن عن يونس النحوي قال: لما اخقلط عقل قيس المجنون 


حت الجليس الصاح والأنئيس الناصح جل ب ,8 8# عست 
وامتنع من الطعام والشراب مضت أمه إلى ليلى فقالت لها: يا هذه» قد لحق ابني بسببك ما 
قد علمت فلو صرت معي إليه رجوت أن يثوب لبه ويرجع عقله إذا عاينك» فقالت لا: 
أما نهاراً فلا أقدر على ذلك لأني لا آمن الحي على نفسي» ولكن أمضي معك ليلاً» فلما 
كان الليل صارت إليه فقالت له: يا قيس إن أمك ترعم أن عقلك زال بسببي» وأن الذي . 
الحقك أنا أصله ففتح عينيه فنظر إليها وأنشأ يقول: 

قالت جننت على ذكري فقلت لما الحب أعظم مما بالمجانين 

الحب ليس يفيق الدهر صاحبيه وإنما يصرع المجنون في الحين 
أعرابي معه نصيحة يدخل على الرشيد 

حدثنا أبو النضر العقيلي قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه إسحاق بن إبراهيم 
الموصلي قال: بينا أنا جالس مع الرشيد على المائدة إذ دحل الحاجب فأعلمه أن بالباب 
أعرابيا معه نصيحة» فأمر بإحضاره» فلما دخل أمره بالجلوس على المائدة ففعل وكان 
معه صباحة وفصاحةةء فلما تم الغداء ورفعت الموائد وجاء الغسل غسل يده ثم أمر 
بالشراب فأحضرء فقال: يا أمير المؤمنين ما حالتي في اللباس» فاستحسن هارون ذلك من 
فعله وأمر بثياب حسنة فطرحت عليه؛ وقال له: يا أعراي من أين؟ قال: من الكوفة قال: 
أعرابي أم مولى؟ قال: بل أعراي قال: فما الذي قصد بك إلينا وما نصيحتك؟ قال: قصد 
بي إليك قلة المال وكثرة العيال» وأما نصيحتي فإني علمت أني لا أصل إليك إلا بهاء قال: 
فأحذ إسحاق العود فغنى صوتاً يشتهيه الرشيد ويطرب عليه وهو: 
ليس لي شافعإل سي 2 للك سسوى الدمع يشفع 


عشت بعدي ومت قبداه 
070 ا : 5 3-5 


فاإلىالله أشتكي 


لك م | فيك مط . 
صاارلىي م نه أربع 


كبداً لني تقطع 


فقال الرشيد كالمازح: كيف ترى هذا يا أعراي؟ قال: بئس والله ما غنى» فغضب من 
ذلك هارون وصعب عليه» قال إسحاق: وسقط في يدي» فقال هاروك: ويلك يا أعرااي» 
وهل يكون شيء أحسن من هذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين» قولي حيث أقول: 


لاوجب يك لاأصطلا 





عد ع و سس بوبح الس الثاني والسبعون حت 
قال: فاستملح هارون ذلك منه وأمر إسحاق أن يغنيه به شهراً لا يقطعه عنه وأمر 

للأعرائي بعشرة آلاف درهم وصرفه. 

المّضل بن يحيى يودع أصحابيه 

يحيى الصولي قال حددثنا أحمد بن يحيى قال: لما حرج الفضل بن 

يحيى إلى خحراسان ودع أصحابه ثم قال: 

لمادنا / 8 بين الحي واقتسموا 

جادت بأدمعها سلمي و عجالني 


حدثنا محمد بن ب 


حبل النوى فبو في أيديهم قطع 


يا قلب ويحك لا سلمى بذي سلم 
أكلما مر ركب لا يلاثلمهم 


علقتني بهوى فيهم فقد جعلت 


ولا الزمان الذي قد مر مرنجع 
ولا يبالون أن يشتاق من فجعوا 


قال القاضي: هذه أبيات حسنة. وقوله: واقتسموا حبل النوى من أحسن القول 
وأظرفه. 
أبيات للمصعب تعجب الرشيد 
حدثنا يزداد بن عبد الرحمن المروزي قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني أي قال: 
كان هارون أ مير المؤمنين يستنشدني كثيراً قول ) 
في وإن قصرت عن غير بغضة 
0 زال يدعوني إلى الصرم ما أرى 


ي عبد الله بن مصعب ويعجبه: 
مراع لأسباب المودة حافظ 
فآلى و تثنيني عليك الحفائظ 
الاين طلوراً مرةً وأغالظ 
وأنتظر الإقهال بالود منكم وأصبر حتى أوجعتني المغايظ 
جسربت ما يسلي المحب على الهوى فأقصرت والتجريب للمرء واعظ 

قال القاضي: ولعمري إن هذه الأبيات لمن مستحسن الشعر في معناهاء وإعجاب 
الرشيد بها مما ينبى عن خلوص أدبه وصفاء قريحته. 

أبيات لإبراهيم بن ال مهدي في جارية كانت نتخدمةه 

حدثنا المظفر بن يحيى بن أحمد الشراي قال حدثنا أبو العباس المرئدي قال حدثنا 
طلحة بن عبيد الله الطلحي قال أنشدني يعقوب بن عباد الزبيري لإبراهيم بن المهدي» وقد 
أخدمته بعض العباسيات في حال استخخفائه عندها جارية وقالت طا: أنت له فإن مد يده 
إليك فلا تمتنعي ولم يعلم مهبتها له» وكانت مليحة» فجمشها يوماً بأن قبل يدها وقال: 
باغ لزلاً لي إلسيه شافعمن مققيه 


-ُ الجليس الصالح والأنيس الناصح سس ب سس ببس سبل سس ! ؛ موحد 
والذي أك رمت خحدي لمللهفقه سبلت يديه 
بأبي وجبك ماأك لشر حس ادي عليه 
أنا ضيف وجزاء الضيف إحسان إليه 
بيتان لابن عرفة 
قال القاضي: ومما يضارع بعض ما تضمنته هذه الأبيات من جبة ما أنشدناه 


| يادائم المجر والصدوه مافوق بلواي من مزيد 
أصبحت عبداً ولست ترعى وصية الله ني العبيد 
بيتان لمحمد بن داود 
أنشدني أبو النضر العقيلي عن محمد بن داود: 
ترى من كوى قلبي بنار فراقه وصير حظي من مودته بعدا 
تفكر يوماً ني أو قال مرةً تركنا له عبداً أسأنا به جدا 


إسماعيل الديلمي اشتهى حلوى 
حدثنا محمد بن مخلد بن حفص العطار قال حدثنا حامد بن محمد بن الحكم بن عبد 
الرحمن أبو محمد قال حددّنا كردان قال قال لي إساعيل الديلمي: اشتهيت حلوى وأبلغت 
شهوته إلي؛ فخرجت من المسجد بالليل لأبول فإذا جنبتي الطريق أخحاوين حلوى» 
فنوديت يا إسماعيل هذا الذي اشتهيت وإن تركه حير الشه نتركته؛ 5ل أبن مخلد: وقد 
كتبت أنا عن كردان وكان يكون في قنطرة بني زريق» وقد رأيت إسماعيل الديلمي فكان 
ما شئت من رجلء رأيته عند أبي جعفر بن إشكاب. 
قال القاضي: إسماعيل الديلمي هذا من خيار المسلمين» والناس يزورون قبره» وقبره 
وراء قبر معروف الكرخحي» بينهما قبور يسيرة» وهو ينه دين المسجد المعروف بمسجد 
الخضر وقد زرته مرارا. وحدثني بعض شيوحنا من أهل العلم أنه كان حافظاً للحديث 
كثير السماع وأنه كان يذاكر بسبعين ألف حديث. 
خوان وأخونة 
قال القاضي: قوله: أحاوين حلوى يقال لما يجعل عليه الطعام قبل جعله حوان فإذا 
جعل الطعام عليه فهو مائدة» فإذا رفع الطعام عنه عاد إلى تسميته حواناً. . وزعم بعضهم 
أن المائدة إهما تسمى بهذا الاسم إذا مف ما عليها من الطعام لأا حينئذ ميد. وزعم 
الفراء أنه بمنزلة المهدي يرجع ![ إذا كان فارغاً إلى اسمه الأول فيقال: طبق وقناع ومثله 
عنده الكأس تسمى كأساً إذا كان فيها الشراب» فإذا أحذت منه رجعت إلى اسمها؛ وقال 
بعض أهل اللغة: الخوان بالكسر كلام العرب» وهو خحوان بالضم باللسان الفارسي. 


ح؟) ود س7 اججلس الثالث والسبعون حت 
وروي لنا عن الفراء كدر لضم ني الكوان من جلا العرب» وجمعه أخاوين مثل سوار 
وأساوير ويجمع السوار أيضا أسورة وأساورة» والحاء في أساورة عوض من الياء في 
أساوير. وذكر نحو هذا سيبويه في زنديق وزنادقة وفرزان وفرازنة. 

وقال الأعفش إسوار وأسورة في قوله تعالى: إفلولا ألقي عليه أسورة4 (الزحرف: 
57) لأنه جمع أسوار وأسورة وقال بعضهم أساورة فجعله جمعاً للأسورة وأراد أساوير» 
والله أعلم» فجعل الحاء عوضاً من الياء التي في أساوير. 

قال القاضي: وقد قال الله جل ذكره: #وحلوا أساور من فضة» (الإنسان: ١؟)‏ 
وقال تعالى: وإيحاون فيا من أساور من ذهب) (الكيف: ١؟)‏ فأتى الجمع هاهنا على 
أساور. وحكى تعلب أن الفراء قال: أسورة جماعة سوار للذي في اليد يضم ويكسر بلا 
ألف وجمعه أسورة» ويجوز أن يكون أساورة جمع أسورة كما قيل في الأسقية أساق» 
والأسوار والإسوار الرامي. وقد قيل في سوار اليد إنه يجوز فيه إسوار وأسوار» فيجوز 
على هذه اللغة أن تكون أساورة جمعه. وقال الفراء في كتابه في المعاني: من قرأ أساورة 
جعل واحدها أسوارأًء ومن قرأ سورة فواحدها سوار وقد تكون الأساورة جمع أسورة 
كما يقال في جمع الأسقية» النحويين: في واحد أساور لغتان: ضم السين وكسرهاء وهو 
على القياس» لأن جمع فعال وفعال أفعلة» فأما أسوار بمعنى سوار فليس بصحيح في 
القياس؛ فإن كانت لغة فبي شاذة؛ ولا يكون جمعه أسورة لأن أفعالاً لا يجمع على أفعلة 
وإنما الأسوار على أفعال فارسية معربة» وهو اسم الفارس بالفارسية وليس باسم الرامي 

كما زعم الفراء. وجمعه أساوير وأساور بياء وبلا ياءء وأساورة بالحاء عوضاً عن الياء. 
وليست أساورة مثل أساق لأن أساقي لا هاء فيها فبي مثل أساور. 

قال القاضي: وهذا القول أشبه القولين عندي بالصواب. 

المجلس الثالث والسبعون 
حديث إن أمتك منتتنة بعدك 

حدثنا عبد بن سليمان بن الأشعث السجستاني قال حدثنا كثير بن عبيد قال حدثنا 
شما بن حمير عن مسامة بن علي عن عمر بن در عن أبي افلاية عن أبي مسلم الخولاني 
عن أي عبيلة بن اصراح عن عمر بن النطاب رضي الله عنه قال: | خذ رسول الله صلى 
الله عليه وعلى آله بلحيتي وأ نا أعرف الحزن في وجبه فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون,ء أتاني 
جبريل ١‏ يلا آنفاً فقال لي إنا لله وإنا إليه راجعون» قلت: أجل إنا لله وإنا إليه راجعون» 
فمم ذاك يا جبريل؟ قال: إن أمتك مفتتنة بعدك بقليل من الدهر غير كثير» فقلت: فتنة 
كفر أو فتنة ضلالة؟ قال: كل سيكونء, قلت: من أين ذاك وأنا تارك فيهم كتاب الله 
تعالى؟ قال: بكتاب الله يضلون» وأول ذلك من قبل أمرائهم وقرائهم, يمنع الأمراء الحقوق 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح سخ لصحت وح 
ويسآل الناس حقوقهم فلا يعطونهاء فيقتتلون ويفتتنون» فيتبع القراء هوى الأمراء فيمدونهم 
في الغي ثم لا يقصرونء قلت: فبم يسلم من سلم منهم؟ قال: بالكف والصبرء إن أعطوا 
الذي لهم أحذوه وإن منعوه تركوه. 
الجريري يستغيث يستفيث بالله من الظلم والظلمة 

قال القاضي: قد رأينا ما قدم نبينا عَيَّهْ الإخبار به وشاهدناه وظهر لنا ما أنبآنا به وعايناه 
ومنعنا الذي لنا فصبرناء وليت مانعنا حثنا والمستبد به اقنتصر على ما أتاه ولم يتجاوزه إلى 
اغتصاب التالد والطريف من أموالنا بالخبط والعسف والتعذيب والعنف» ولم يتخطه إلى 
تكليفنا ما لا نقدر عليه ولا نصل إليه» فإلى الله المشتكى والملتجاء وهو المستغاث 
المرتجى» بعدله نستجير من جور من غلبنا على أقواتنا فشبع بها وأجاعناء وحفظ بها نفسه 
وأضاعناء فإنه قاصم العتاة المترفين» وعاصم العناة المستضعفين» وما هو بغافل عما يعمل 
الظالمون. وقد إقال موسى لقومه استعيئوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء 
من عباده والعاقبة للمتقين, قالوا أوذينا من قبل أن تأتيدا ومن بعد ما جئتنا قال عسى 
ربكم أن يبلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون4 (الأعراف: /17) 
9) اللهم وإنا أصبحنا مستغيثين بك فصبرنا على بلائك ووفقنا لشكر آلائك والهمنا 
تقواك حتى تكون العاقبة لنا واستنقذنا من عدوك وعدونا إنك رؤوف رحيم جواد كريم. 
فأما ممالأة قراء السوء أشكالحم من أمرائهم فقد ظللنا منه في أمر عظيم وخطب جسيمء 
وصار من يعتزي إلى تلاوة القرآن ويدعى له علم شرائع الإيمان ممن ليس عنده مما ينسب 
إليه إلا ادعاؤٌه وقد موه له بجده وامتحان العباد به ما يظن أنه حاصل له وإن كان صفراً 
منه) ومنهم من قد جعل الزحرفة والغلط والهجر له صفة معرضه الذي يدلس به نفسه. 
ويوهم الجهال أن وراء ما يظهره ما يضاهي ما اغتروا به» ومنهم من قد اتفق له من بعض 
المترفين وجهلة المتعلمين قبول له وصبابة نحوه واطراح الدين شامل لحذه الفرق المتقدمة 
المفتتن بهاء والله نسأل إدالة أوليائه وإزالة أعدائه. 

الجمانة الكنانية تقع في حب حممة 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال أحبرني عمي الحسين بن دريد عن أبيه قال حدثنا 
هشام بن محمد بن السائب الكلبي وعن أبي مسكين عن عبد الرحمن بن مغراء أبي زهير 
الدوسي قالوا: كان حممة بن رافع بن الحارث الدوسي من أجمل العرب وكانت له جمة 
يقال لما الرطبة كان يغسلها بالماء ثم يعقصها وقد احتقن فيها الماء» فإذا مضى لما يومان 
حلها ثم يعصرها فيملا جلساءهء فحج على فرس له فنظرت إليه الجمانة الكنانية وهي 
خناس» وكانت عند رجل من بني كنانة يقال له ابن الحمارس فوقع بقلبهاء فقالت له: من 
أنت؟ فوالله ما أدري أوجهك أحسن أم شعرك أم فرسكء ما أنت بالنجدي الثلب» ولا 


د ع و سس 77ح ابجلس الثالث والسبعون حت 
التهامي الترب» فاصدقني» قال: أنا امرؤٌ من الأزد من دوس, ومنزلي ببروق» قالت: فأنت 
أحب الناس إلي» وقد وقعت في نفسي فاحملني معكء فأردفها خلفه ومضى إلى بلده؛ فلما 
أوردها أرضه قال: قد علمت هربك معي كيف كان؛ والله لا تهربين بعدي إلى رجل أبداًء 
فقطع عرقوبيهاء فولدت له عمرو بن حممة» وكان سيداًء وولد عمرو بن حممة الطفيل بن 
عمرو ذا النورء وفد على رسول الله يه قالوا: وخرج زوجها ابن الحمارس في طلبها فلم 
يقدر عليها فرجع وهو يقول: 


ألامي الخسناس على قلاهها وإن شحطت وإن بعدت نواها 
تبدلت الطبسيخ وأرض دوس بهجمة فارس حمر ذراها 
وقد خحبرتها جاعت وذلت وأن الخرمن طلوهد شواها 
وقد خبرتها نحلت ركياً| 2 وألوراً مص يقة شوها 
وقدأنبهتها وللدت غلاماً فلاش بالفغفلام ولا هناها 


فلما أنشد عمر بن الخنطاب هذا الشعر قال: قد والله شب الغلام وقد هناها. 

قال القاضي: قوها: " ما أنت بالنجدي الثلب ولا التهامي الترب من التراب جميعاً 
والأثلب من أسماء التراب» يقال: بفيه الأثلب والإثلب» وقوله: "لا هناها" من قولهم كل 
هنياً مرياًء وأصله اللهمزء يقال: هنأني الطعام وقد يترك همزه وتركه في الشعر كثير لتصحيح 
الوزن كما قال: 

فارعي فزارة لا هناك المرتع 
ألسنة السمك يقدمها إبراهيم بن المهدي للرشيد 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثنا أحمد بن أبي طاهر قال حدثنا حماد بن 
إسحاق عن أبيه عن جده قال: استزار إبراهيم بن المهدي الرشيد بالرقة فزاره» وإن 
الرشيد كان لا يأكل الطعام الحار قبل البارد» وأنه لما وضعت البوارد على المائدة رأى 
فيما قرب منه جام قريس السمكء فاستصفر طباحي القطع» وإنما هذه ألسنة السمك» 
فقال: يشبه أن يكون في هذا الحام مائة لسان» فقال له مراقب حادم إبراهيم وكان يتولى 
قهرمة إبراهيم: فيه يا أمير المؤمنين أكثر من مائة لسان» فاستحلفه على مبلغ شن السمك 
' فأخبره أنه آلف درهمء فرفع هارون يده علن الطعام وحلف أن لا يطعم شيئاً دون أن 
يحضر مراقب ألف دينار» فأمر أن يصدق بهاء وقال لإبراهيم: أرجو أن تكون هذه كفارةً 
لسرفك في إنفاقك على جام سك ألف درهم, ثم أذ الجام بيده ودفعه إلى بعض خخدمه 
وقال: احرج به من دار أحي ثم انظر إلى أول سائل تراه فادفعه إليه» قال إبراهيم: وكان 
شراء الجام علي مائتين وسبعين ديناراً» فغمزت خدمي أن يخرجوا مع اللخام فيبتاعونه 


ح- الجليس الصالح والأنئيس الناصح سس سس سس سح هم م وا 
ممن يدفع إليه» وكأن الرشيد فهم ذلك منيء فهتف بالخادم فقال: إذا دفعت الام إلى 
السائل فقل له: يقول لك أمير المؤمنين احذر أن تبيع الجام بأقل من مائتي دينار فإنه خير 
منهاء ففعل خادمه ما أمره به» فوالله ما أمكن خادمي يخلص الحام إلا بمائتي دينار. 
السرف والإسراف 

قال القاضي: إن طعم اللسان من السمك أشبه الطعوم بطعم لحم الخنزير» وقول 
الرشيد: كفارة لسرفك فإن السرف في كلام العرب التجاوز للشيء؛ حكي عن العرب 
مررت بكم فسرفتكم؛ وقال الشاعر: 

أعطوا هنيدة يحدوها شانية مافي عطائهم من ولا سرف 

فأما الزيادة في الإنفاق وغيره فهو الإاسراف» وهو ضد التقتير» يقال: أسرف يسرف 
إسرافاً قال الله تعالى ذكره: إوالذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا» (الفرقان: /510) 
وقال: «إفلا يسرف في القعل»4 (الإسراء: *©) وقال: «إولا تأكلوها إسرافاً وبداراً» 
(النساء: 5) وقال: إولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين» (الأنعام: )١4١‏ وقال: «وقل 
يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم # وهذا كثير جداً. 

أخ يعشق زوجة أخيه وهما من بني كنة 

حدثنا محمد بن مخلد بن حفص العطار قال حدثنا إبراهيم بن راشد بن سليمان الأدمي 
قال حدثنا عبد الله بن عثمان الثقفي قال حدثنا المفضل بن فضالة مولى عمر بن الخنطاب 
رضي الله عنه عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني قال: كان في الجاهلية أحوان من 

حي يدعون بني كنة» أحدهما متزوج والآخر عزب» فقضي أن المتزوج حرج في بعض ما 
يخرج الناس فيه» وبقي الآخر مع امرأة أخيهف فحرجت ذات يوم حاسرةً فإذا أحسن 
الناس وجباً وأحسن الناس غرأ» فلما علمت أن قد رآها ولولت وصاحت وقالت 
بمعصمها فغطت وجهها قال القاضي: المعصم موضع السوار فزاده ذلك فتنة» فحمل 
الشوق على بدنه حتى لم يبق إلا رأسه وعيناه تدوران في رأسه. وقدم الأخ فقال: يا أي 
ما الذي أرى بك؟ فاعتل عليه فقال: الشوثة قال: الشوصة يسميها العرب اللوي وذات 
الجنب فقال له ابن عم له: لا تكذبنه» ابعث إلى الحارث بن كلدة فإنه من أطب العرب» 
فجيء به فلمس عروقه فإذا ساكنها ساكن وضاربها ضارب» فقال: ما بأحيك إلا العشق» 
فقال: سبحان الله تقول هذا لرجل ميت» قال: هو ذاك» عندكم شيء من شراب؟ فجيء 
به ودعا بمسعط فصب فيه وحل صرةٌ من صراره فذر فيه ثم سقاهء ثم سقاه الثانية ثم سقاه 
الثالثة» فاتتشى يغني سكراً فقال: 
هيد ماتهبجج ويذككر أييا القلب الحزين ما يكونته 


حي و ع 7 سح اجلس الثالث والسبعون حت 
ألمابي على الأبيا ت من حيف أزرهنه 
غزلاً مسابرايت اليد لومفي دور شى كته 
غزالاحورالعين وني متطقه غ تنه 
قال القاضي: البيت الأول من هذه الأبيات مضطرب»ء وأرى بعض من رواه كسره 
وأخل بنيانه ونظمه لأنه لم يكن له علم بوزن الشعر فقال الرجل: هذه دور بني كنة فليت 
شعري من؟ فقال الحارث: ليس فيه مستمتع غير هذا اليوم» ولكن أغدو عليكم من الغد 
ففعل كفعله بالأمسء فانتشى يغني سكراً واسم امرأة أحيه ريا فقال: 
أيها الجيرة اسلموا كي تحيوا وتكرموا 
خرجت مزنة من البح رريا تحمحم 
هي ما كنتي وتز عم أني للماحمو 
فقال الرجل لمن حضره: أشهدكم أنها طالق ثلاثاً ليرجع إلى أحي فؤاده» فإن المرأة 
توجد والأخ لا يوجد, فجاء الناس يسعون ويقولون: هنيئاً لك يا أبا فلان» فإن فلاناً قد 
نزل لك عن فلانة» فقال لمن حضر: أشهدكم أنها علي مثل أمي إن تزوجتهاء قال عبد 
الله بن عثمان» قال المفضل قال ابن سيرين قال عبيدة السلماني: ما أدري أي الرجلين 
أكرم: الأول أم الآخر. 
خبر الأخوين من بني كنة برواية أخرى 
قال القاضي: قد روي هذا الخبر من غير هذه الطريق وفي بعض ألفاظه اختلاف» 
فرأيت تكرار جملته لتكمل الفائدة» ولا يفوت منه شيع وما يتكرر من اقتصاصه لا ضرر 
فيه: حدثنا أي رضي الله عنه قال» حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سهل الرازي قال 
حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال» حدثني عمي محمد بن سعيد» قال حدثنا عبد 
الملك بن عمير قال: كان أخوان من ثقيف من بني كنة بينهما من التبار والتحاب شيء لا 
يعلمه إلا الله كل واحد منهما أخوه عند رأسه) وإن الأكبر حرج إلى سفر وله امرأة 
فأوصى أححاه بحاجة أهلهء فبينا المقيم في دار الظاعن إذ مرت امرأة أخيه» وكانت من 
أجمل البشر» تجوز من بيت إلى بيت» فرآها شيئاً مختلفًء فلما رأته ولولت ووضعت يدها 
على رأسها ودخلت بيت فوقع حبها في قلبه؛ فجعل يذوب وينحل جسمه وتغير لون 
وقدم أحوه وقال: يا أي مالي أراك هكذا؟ وما وجعك؟ قال: ماني وجعء فدعا الأطباء 
فلم يقع أحد على دائه» حتى أتى الحارث بن كلدة وكان طبيباً فقال: أرى عينين 
صحيحتين وما أدري ما هذا الوجعء وما أظنه إلا عاشقاًء فقال أخحوه: سبحان الله 
أسالك عن وجع أخي وأنت تستهزئ ني؟! قال: ما فعلت» وسأسقيه شراباً عندي» فإن 


الست الجليس الصالح والأنيس الناصح للللُُُُْْْااالااشتللل””ش_”<]لدشصلس“ششش ا 11 ل سمس 
كان عاشقاً فسيستبين لكم فأتي بشراب فجعل يسقيه قليلاً قليلاً كما يزق الفرخ؛ فلما 


أحذ الشراب منه تهيج فتكلم فقال: 
ألما بي على الأبيا ت بالخيف أزرهنه 
غزالاً ما رأيت الي وم في دور بني كنه 
أسيل الخد مربوب وفي منطقه غنه 
فقال: أنت أطب العرب» فمن؟ قال: سأعيد الشراب فلعله يسمي فأعاد له بالشراب 
فقال: 
أيها الخيرة اسلموا واربعوا كي تكلموا 
وتقضى لبانة وتحيوا قتغنموا 
حرجت مزنة من البح سرريا تح محم 
هي ما كنتي وتز عم أني لما احمو ٍ 
قال: فطلق أخحوه امرأته, فقنال له المريض: علي كذا وكذا إن تزوجتها أبدا فماتا ولم 
يتزوجا. 
موده ابن المهاجر للعباسيين 


حدثنا عمد بن يح الصو قال حدثنا ا عمرو بن تركي لقاضي أ بو الفضل قال 


إبراهيم , لمر لبجلي ذأ فأنشده: 


م يا رأس النفاق ب بسيفهم وهم ملأوا ثوبيه من دمه دما 
فمن لم يدن منا بحبك ربه فليس يلاقيه إذا مات مسلما 


فقال أبو العباس: ما أدل ظاهر ابن المهاجر على باطنه في ودناء إن ذلك ليبين في 
عينيه أكثر مما يبين في لسانه. 
يسأل شريكا الطنبور أطيب أم العود 
حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العدوي قال أحبرنا الحسن بن علي بن راشد قال: 
جاء رجل إلى شريك بن عبد الله فقال: أيها القاضي أيما أطيب الطنبور أم العود؟ فقال: 
أحسبك بايعت يا عدو الله فحلف أنه لم يبايع» وأنه مستفهمء ققال له: كم على الطنبور 
من وتر؟ قال: اثنات» قال: وعلى العود؟ قال: أربعة» فقال: فكلما كثر هذا كان أطيب. 
قولة لأبي يوسف يرويها ابن حتبل 
حدثئنا محمد بن الحسن بن زياد قال أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا أبي 
قال: سمعت أبا يوسف القاضي يقول: إن للعيون حبايا بالغدوات ما ليس لما بالعشيات» 


حر وو لل سح اهلس الرابع والسبعون حت 
فقلت له: يا أبت» أليس ذكرت أنك لا تروي عن أي يوسف فقال: هذه حكمة يأحذها 
العبد عن كل من وجدها عنده. 
المجلس الرابع والسبعون 
حديث وجبت 

حدئنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا عمرو بن زرارة قال: حدثنا عيسى 
يعني ابن يونس عن موسى يعني ابن عبيدة قال: أخبرني إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه 
قال: كنا مع النبي َيه فأتي بجنازة فأئني عليها خيراً فقال: وجبتء ثم أتي بجنازة فأئني 
عليها بعض الثناء فقال: وجبت» فقال ناس: ما وجبت؟ فقال: إن الملائكة شهداء الله في 
السماء وأنتم شهداء الله في الأرضء وما شهلتم عليه من شيء وجبء ثم تلا هذه الآية: 
#إوقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون4 (التوبة:8١٠١)‏ ا 

تعليق للقاضي 

قال القاضي: فما أولى بالمرء المؤمن الناصح لنفسه الراجي لربه» الخائف من غضبه 
أن يتقي الله ويهذب سريرته» ويخلص من الرياء والفساد عمله؛ حتى يجعل الله تعالى المقة 
بعد وفاته في قلوب عباده؛ فيثني مؤمنهم عليه» غير مسف إلى ثنائهم وتزكيتهم في حياته) 
فقد قال جل ثناءه: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداك 
(مريم: 57) ومن فارق الدنيا على الطريق التي وصفنا أظهر الله حسناته» وأجراها على 
أفواه عباده» وستر ما حفي على الناس من مساوئ عمله؛ أصحبنا الله وإياكم جميل ستره 
في دنياناء وبعد قبضه إياناء إنه جواد كريم رؤوف رحيم. 

صبر أعرابية ينوق صبر الرجال 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال: كان بحمى 
ضرية عجوز من بني أي بكر بن كلاب يتحدث قومها عن سروها وعقلهاء فأخبرني من 
حضرها وقد مات ابن لما وقد كان واحدهاء وقد طالت علته فأحسنت مريضهء فلما 
فاظ قعدت بفنائها وحضرها قومها فأقبلت على شيخ منهم فقالت: يا فلان أو يا أبا فلان 
ما أحق من ألبس العافية وأسبغت عليه النعمة فاعتدلت به الفطرة أن لا يعجز عن التوقي 
لنفسه قبل حل عقدته» والحلول بعقوته» والحيال بينه وبين نفسه؛ ثم أنشأت تقول: 


هو ابني وأنسي أجره لي وعزني على نفسه رب إليه ولاؤهها 
فإن احتسب أو جر وإن أبكه أكن كباكية لم يغن شيئاً بكاؤها 


فقال الشيخ: إنا لم نزل نسمع أن الجزع إما هو للنساء فلا يأس رجل في مصيبته؛ 
ولقد كرم صبرك وما أشبهت النساءء فأقبلت عليه بوجهها وقالت: إنه ما تحير امرقٌ بين 
جزع و صبر إلا وجد بينهما لهجين بعيدي التفاوت في حالتيهماء أما الصبر فحسن 


د اليس الصاح والأنيس الناصح بسح - 77ل ات ,8 8 مد 
العلانية محمود العاقبة» وأما الجزع فغير معوض عوضاً مع مأشهء ولو كانا في صورة 
رجلين لكان الصبر أولاهما بالغلبة بحسن الصورة وكرم الطبيعة في عاجله في الدين وآجله 
في الثواب» وكفى بما وعد الله فيه لمن أهمه الله إياه. ش 
تفسير بعض الألاظ 

قال القاضي: في هذا الخبر أن هذه المرأة قالت: والحيال بينه وبين نفسه ولا يعرف الحيال 
في هذا الموضع وإنما يقال: حالت الناقة أو الشاة حيالاً إذا لم تلقح وهي حائل. وروي عن 
النبي دا أنه قال في سبي أوطاس: لا تقربوا حاملاً حتى تضع ولا حائلاً حتى تحيض. 

ومن الحيال قول الشاعر: 

قربا مربط النعامة مني لقحت حرب وائل عن حيال 

وقال الفراء: ومن كلام العرب: حائل حولء إذا تتابع الحيال عليها ثلاثة أعوام. 

وأما الحول بين الشيء وغيره من قول الله تعالى: «إواعلموا أن الله يحول بين المرء 
وقلبه4 (الأنفال:؟) وقوله: «إوحال بينهما الموج»4 (هود: 47) وقوله: إوحيل 
بينبم وبين ما يشتبون» (سبا: 6 وهذا معنى اللفظة الواردة في هذا الخبر فإنه يقال 
فيه: حلت بين الرجلين حولاً وحؤولاً. 

وقوله: والحلول بعقوته يقال: ساحة الدار وباحتها وقاعتها وعقوتها كما قال الشاعر: 

فمن بعقوته كمن بنجحوته والمستكن كمن يمشي بقرواح 
الأحوص يسرق شعرابن أبي دباكل 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدئنا هارون بن محمد بن عبد الملك قال: 
حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عمرو بن أني بكر المؤملي عن عبد الله بن أبي 
عبيدة بن عمار بن ياسر قال: خرجت أنا والأحوص الأنصاري مع عبد الله بن حسن 
للحج» فلما كنا بقديد قلنا لعبد الله بن حسن: لو أرسلت إلى سليمان بن أبي دباكل 
الخزاعي فأنشدنا من شعره» فأرسل إليه فجاءنا فأنشدنا قصيدته: 


أصبحت أمنحك الصدود وإنني قسماً إليك مع الصدود لأجنب 
مالي أحن إذا جمالك قرببت وأصد عنك وأانت مني أقرب 


لله درك هل لديك معول لمقيوام هل لودك مطلب 
فلقد رأيتك قبل ذاك وإاننتى 2 لمقيمهواك لو تجنب 
وأرى السمية باسمكم فيزيدني شوقاً إليك جنابك المتسبب 
وأرى العدو يودكم فأوده إذ كان ينسب منك أو يتنسب 


جم و.ع٠سس‏ بي سسب لبحلس الرابع والسبعون حت 
وأخمالق الواشين فيك تجملاً وهم علي ذوو ضغائن ذرب 

وانصرف. فلما كان القابل حج أبو بكر بن عبد العزيز بن مروان فمر بالمدينة؛ 
فدحل عليه الأحوص واستصحبه فأصحبه., فلما حرج الأحوص قال له بعض من عنده: 
تقدم بالأحوص الشام فتعير به» فبعث إلى الأحوص فقال له: يا حال إني نظرت فيما 
سألتني من الاستصحاب فكرهت أن أهجم بك على أمير المؤمنين بلا إذن» ولكني 
أستأذنه لك فإن أذن كتبت إليك بالمسير إلي؛ فقال الأحوص: لا والله ما بك ما ذكرت» 
ولكني سبعت عندك, ثم حرج فأرسل إليه عمر بن عبد العزيز بصلة واستوهبه عرض أبي 
بكر فوهبه له ثم قال: 


يا بيت عاتكة الذي أاتعزل حذر العدى وبه الفؤاد موكل 

إني لأمنحك الصدود وإنقني قسماً إليك مع الصدود لأميل 
ثم قال فيها يعرض بأني بكر بن عبد العزيز: 

ووعدتني في حاجتي فصدقتني ووفيت إذ كذبوا الحديث وبدلوا 

حتى إذا رفع الحديث مطامعي يأساً وألفني الذين أؤمل 

زايلت ما صنعوا إليك برحلة عجلاً وعندك عنهم متحول 

وأراك تفعل ما تقول وبعضهم مذق اللسان يقول ما لا يفعل 


فال له عمر بن عبد العزيز: ما أراك أعفيتني مما استعفيتك منه. 
إنه أبو ثابت وابنه أثبت منه 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثني أبي قال حدثني الحسن بن عبد الرحمن 
الربعي قال: حدثني أحمد بن عمر بن عمران بن إسماعيل بن عبد العزيز بن أني ثابت بن 
عمر بن عبد الرحمن بن عوف قال حدثني عمي عمر بن عمران قال: انتظرت قريش 
عمران بن عبد العزيز يوم قدم المهدي المدينة فقالت قريش: لا ندحل حتى يدخل أبو 
ثابت فدخل أبو ثابت فتكلمء فلما فرغ من كلامه قال الناس: الأمير» يعنون المهبدي 
وكان ولي عهدء فقال عمران: ابني عمر يتكلم بعدي» قال: فتكلم عمر بن عمران فأبلغ 
قال: فخرج الحاجب فقال: أنا أشهد أنه أبو ثابتء وابنه أثبت منه» قال: فأنشد المهدي 
هذه القصيدة من قول عمر: 
غشيت لهند بالعقيق ربوعاً فأذريت في دار المبيب دموعا 
وليس بها إلا أثاف كأنها حمائم ظلت في الديار وقوعا 
فيا سائلي ما الحب صادفت عالماً بصيراً بماعته سألت سيعا 


ح الجليس الصالح والأنيس الناصح 
فإني وجدت الحب كالتار جره 
فمن مسرع يأتي الإمام بمنطقي 
لطفت مير المؤمنين لباشم 
فأديت حق الله في بر والد 
رفعنا وأنتم بالحبيب محمد 
فأعمامه كنتم وكان ابن جنا 


فلن يقبل الرحمن برا لوالد 


امم 
وحلواً ومراً بعد ذاك فظيعا 
ويبلغني منه اللحجواب سريعا 
وكنت لما بعد المحول ربيعا 
فلا تك لباقي هديت مضيعا 
وكان على الخلق النبي رفيعا 
فبجاءت به طلق اليدين قريعا 
إذا لم يبر الوالدين جميعا 


فقد أمر الرحمن بالبر فيييما 2 فكن فيهما يا ابن الكرام مطيعا 
. قال: فألحق بني زهرة ني العطاء ببني هاشم يومئذ. 
أحمد بن حنبل يكتب شعر أبي نواس 

حدثنا محمد بن العباس بن الوليد قال: سمعت أحمد بن يحيى تثعلب يقول: دحلت على 
أحمد بن حنبل فرأيت رجلاً تهمه نفسه لا يحب أن يكثر عليه كأن النيران قد سعرت بين 
يديه» فما زلت أرفق به» وتوسلت بالشيبانية إليه فقلت: أنا من مواليك يا أبا عبد الله 
وذكرت له عبد الله بن الفرج» قال أبو العباس: وعبد الله بن الفرج هذا من صالحي أهل 
البلد فقرم إلى حديثي وانبسط إلي وقال: في أي شيء نظرت؟ فقلت: في علم اللغة 
والشعرء فقال: مررت بالبصرة وجماعة يكتبون الشعر عن رجلء فقيل لي هذا أبو نواس» 
فتخللت الناس ورآني» فلما جلست أملى علينا: 


إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل 

ولا تحسبن الله يغفل ساعة 

هونا لعمر الله حتى تتابعت 

نيا ليت أن الله يففبر مسا مضي 
ثم أطرق» فعلمت أنه قد مل» فسلمت 


حلوت ولكن قل علي رقيب 
ولا أن مايخفى عليه يغيب 
ويسأذن ني توياتدا فستوب 


قال محمد بن العباس: فحدث أني بهذا عبد الله بن المعتز وأنا حاضر أسمع فأنشده 
الأبيات» فقال لنا عبد الله: هذه الأبيات لأبي نواس من زهدياته. 
قال محمد بن العباس: فنظرت فيما حدثنا به الناس عن أني عبد الله هل رأى أبا نواس 


فوجدت فيما حدثنا عبد الله بطريق حراسان وهو قاضي الناحية قال: 
كنت في البصرة في مجلس ابن علية فالتفت فإذا بدعابة وضحكء وإذا بأبي نواس 


حاو و سس سح الججلس الرابع والسبعون حت 

قال القاضي: وقد رويت لنا هذه الأبيات عن بعض من تقدم أبا نواس من الشعراء 
واستشهد ببعضها طائفة من النحويين في موضع من فصول النحوء وقد ذكرنا من هذا 
طرفاً ني موضع غير هذا فلم أر لإعادته في هذا الموضع وجهاً. 

وفادهُ عبد الله بن جعمر على معاوية 

حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال حدثنا عبد الله بن أني سعد قال حدثني محمد بن 
صالح التميمي قال: حدثني عمر بن عبد الوهاب الرياحي قال: حدثنا عبد الله بن سعيد بن 
أبان بن سعيد بن العاص عن خخالد بن سعيد عن سعيد بن عمرو قال: وفد عبد الله جعفر 
على معاوية بن أني سفيان فأنزله في داره فقالت له ابنة قرظة امرأته: إن جارك هذا يسمع 
الغناء» قال: فإذا كان ذلك فأعلميني فأعلمته فاطلع عليه فإذا جارية له تغنيه وهي تقول: 

إنك واللهلذوملة يطرفك الأدنى عن الأبعسد 

وهو يقول: يا صدقكاه. قال: م قال اسقيني قالت: ما أسقيك؟ قال: ماء وعسلا 
قال: فانصرف معاوية وهو يقول: ما أرى بأساً. فلما كان بعد ذلك قالت له: إن جارك 
هذا لا يدعنا ننام الليل من قراءة القرآن» قال: هكذا قومي رهبان بالليل ملوك بالنهار. 

ابن المبارك يقسم لاخوانه 

حدثنا محمد بن داود سليمان النيسابوري قال: سمعت الحسسن بن سفيان يقول: قال 

حبان عن ابن المبارك إنه قسم يوماً لإخوانه ومن حضره من أصحابنا ألف درهم ثم قال: 
لا خير في المال وكنازه بل لحواد الكف وهابه 
يفعل أحياناً بزواره ما يفعل الخمر بشرابه 
قال القاضي: ذكر ابن المبارك الخمر والمعروف تأنيثهاء أراد الشراب. 
قول شريح في الجراد 

حدثنا محمد بن الحسسن بن زياد قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحيم قال: أخبرنا وكيع 
عن الأعمش قال: أخبرنا عامر قال: سكل شريح القاضي عن الحراد قال: قبح الله الجرادة 
فيها حلقة سبعة جبابرة: رأسها رأس فرس وعنقها عنق ثور وصدرها صدر أسد وجناحها 
جناح نسر ورجلاها رجلا جمل وذنبها ذنب حية وبطنها بطن عقرب. 

أفتثئت سعيداً 

حدثنا محمد بن مخلد قال: حدثني أحمد بن محمد بن بكر بن خالد قال حدثنا أبو 
العباس داود بن رشيد قال حدثنا أبو شسيلة عن عمرو بن زائدة قال: حدثتني امرأة من بني 
أسد قالت: زففنا عروساً في الحي فمررنا بسعيد بن جبير والمغنية تقول: 

لئن فتنتني لهي بالأمس أفتنت سعيداً فأضحى قد قلى كل مسلم 

وألقى مفاتيح المساجد واشترى وصال الغواني بالكتاب المنمنم 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح سس سس سس سج يي لا ويه 

قال ابن مخلد؛ فقال سعيد: كذب. 

التآخي بين صعب بن جثامة وعوف بن مالك 

حدثنا أحمد بن العلاء الحرمي قال: حدثنا عبد الله بن شبيب قال حدثني ابن عائشة 
قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن شهر بن حوشب عن صعب بن جثامة وعوف بن 
مالك كانا متواخيين فقال صعب لعوف: أي أحي أينا مات قبل صاحبه فليتراء له قال: 
أيكون ذاك؟ قال: نعم» فمات صعبء قال: فرأى عوف فيما يرى النائم كأنه أتاه قال: 
فقلت: أي أحي ما فعل بكم؟ قال: غفر لنا بعد المشائب قال: ورأيت لمعة سواد في عنقه 
فقلت: أي أحي ما هذا؟ قال: عشرة دنانير استسلفتها من فلان اليهودي فهي في قرني 
فأعطوها إياى واعلم أي أحي أنه لم يحدث في أهلي حدث بعدي إلا وقد لحق ني أجره 
حتى هرة لنا ماتت لنا منذ أيام» واعلم أن بنتي دموت إلى ستة أيام فاستوصوا بها معروفاء 
قال: فلما استيقظت قلت إن في هذا لمعلماء فلما أصبحت أتيت أهله فقالوا: مرحبا 
مرحباً بعوف أهكذا تصنعون بتركة إحوانكم. لم تقربنا منذ مات صعبء قال: فاعتللت 
بما يتعلل به الناس» قال: فنظرت إلى القرن فأنزلته» وانتثلت ما فيه فندرت الصرة التي فيها 
الدنانير» فبعثت إلى اليبودي فجاء فقلت له: هل كان لك على صعب شيء؟ قال: يرحم 
الله صعباً كان من خيار أصحاب محمد ييه هي له قلت لتخبرني قال: نعم؛ أسلفته عشرة 
دنانير» فنبذتها إليه» قال: هي والله بأعياءها قال: قلت هذه واحدة» قال» قلت: فهل حدث 
فيكم حدث بعد موته؟ قالوا: نعم حدث فينا كذاء قلت: اذكرواء قال: نعم هرة ماتت لنا 
منذ أيام» قال: قلت هاتان اثنتان» قال: قلت: أين ابنة أي؟ قالوا: تلعب» قال: فأتي بها 
فمستها فإذا هي محمومة» فقلت: استوصوا بها خيرًء فماتت لستة أيام. 

تطسير ما يتطلب توضيحاً 

قال القاضي: قوله: بعد المشائب يتجه فيه وجهان من التأويل أحدهما: أنه من قولهم 
شاب الشيء إذا خالطه ومازحه فكأنه عنى أنه لقي مع أنه نجا وفاز أموراً فظيعة راعته 
حيت عاينها يومئذ» وهو يوم الفزع الأكبر» نسأل الله العظيم خحيره والسلامة فيه» ونعوذ 
به من شره. والوجه الثاني أنه من الشيب والمشيب» وقد وصفه الله تعالى بأنه يجعل 
الولدان شيباً. 

وأما القرن فإنه الكنانة أو القنديل» فإذا اجتمعت الكنانة النبل من السلاح فهو قرن 
كما قال الشاعر: 

يا ابن هشام أهلك الناس اللبن فكلهم بمشي بسيف وقلرن 

ما هو إلا شيء جرى على لساني ا 
حدثنا محمد بن مزيد البوشنجي قال: حدثنا الزبير قال حدثني عمي عن معانى بن 


ح و و سسب سح الججلس الرابع والسبعون حت 
نعيم: أن والياً كان على اليمامة ولاه بلال بن جرير بعض أعماله» فجلس يوماً يحكم 
والخصوم جلوس إذ تمثل أحدهم: 
وابن المراغة حابس أعياره مرمى القصية ما يذقن بلالا 

ولا يشعر أنه من ذلك بسبيل» قال فقال: أين هذا الراوية:؟ قال: ها أنا ذا أصلحك 
الله قال: ادن أنت وحصمكء فدنوا قال: هلم أعد البيت» فغمزه إنسان» فقال: أصلحك 
الله والله ما هو إلا شيء جرى على لساني وما أردت بذلك مكروهاً» فقال: هو أشهر 
من ذلك هلم؛ فاحتجا. 

كتابة على قبر 

حدثنا أي رضي الله عنه قال» حدثنا أبو أحمد الختلي قال» حدثنا عمر يعني ابن 

محمد بن عبد الحكم النسائي ) حدثني أحمد بن بشير بن سليمان الشيباني قال: سمعت 


أحمد بن عبد الله الدينوري يقول: قرأت على قبر: 


أخ طال ما سرني ذكره 
وقد كنت أغدو إلى قصره 
وقد كنت دهري ضنيناً به 
وكنت إذا جسنت في حاجة 
فصار علي إلى ربه 
أقم واكمل مال ميزل 
أتنته المنية مغتالة 
فلم تغين أجناده حوله 
أشدالبررية وجذابه 
فأصبح ييدى إلى متزل 
تغلق بالترب أبوابه 
وخلى القصور التي شادها 
وبدل بالعرش سسط القثرى 
أحوسفرةمالهةويبه 
فلست مشيعه غاديا 
ولاامتلتقق له ق فافلا 


فقد صرت أشجى لدى ذكره 
فقد صرت أغدو إلى قبره 
عن الناس لو مد في عمره 
فأمري يجوز على أمره 
وكان علي فتى دهره 
وانسبل مسن كان في عصره 
رويداً تخلل من سثره 
ولا المسسرىعون إلى تنص ره 
أجد البرية في طمره 
تنوق ناعيه في حفره 
إلى يوم يؤذن في حشره 
وحل من القبر في قعره 
وريح ثرى الأرض مسن عطيره 
غريب وإن كا في مصره 
أميراً يسير الى ثلغسره 
بقتسل ع لودو ولا أسسره 
فكل سيمضي على إثسلره 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح ههه - 
توجيهات نحوية 
قال القاضي: قوله ولا متلق له بالجرء وقد عطفه على قوله: فلست مشيعه وهو 
منصوب لأن قوله: فلست مشيعه بمعنى: فلست بمشيعه» ومن هذا قول زهير: 
بدا لي أني لست مدرك ماضي 


- 


ولا سابق شيئا إذا كان جائيا 

وقد استشهد النحاة في هذا الوجه بقول امرئٌ القيس: ا 

فظل طهاة اللحم من بين منضج صفيف شواء أو قدير معجل 

وقالوا: قد عطف على قوله: صفيف شواء » وحمل هذا بعضهم على أنه معطوف على 
قوله: شواء وتأول هذا بعضهم على الحوار كما حكي هذا جحر ضب خرب» وهذا باب 
يتسع القول فيه» ولنا فيه كلام كثير مشروح في مواضع من كتبنا في القرآن والفقه والنحو. 

شعر لسابق البربري 

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر الأزدي قال: حدثنا أبو بكر بن أني الدنيا قال 
حدثني محمد بن الحسين قال حدثنا حماد بن الوليد الحنظلي قال: سمعت عمر بن ذر يذكر 
أنه بلغه عن ميمون بن مهران أنه قال: دحلت على عمر بن عبد العزيز يوما وعنده سابق 


البربري الشاعر فانتهى في شعره إلى هذه الأبيات: 


فكم من صحيح بات للموت آمنا 
فلم يستطع إذ جاءه الموت بغتةً 
فأصبح تبكيه النساء مقنعاً 
وقرب من لحد فصار مقيله 
فلا يترك الموت الغني لماله 


أتته المنايا بغتةَ بعدما هصجع 
فراراً ولا منه بحيلته امتنع 
ولا يس مع الداعي وإن صوته رفع 
وفارق ماقد كان بالأمس قد جمع 


ولا معدماً في المال ذا حاجة يدع 


فلم يزل عمر يضطرب ويبكي حتى غشي عليه؛ قال: فقمنا فانصرفنا عنه. 
ولكن تَمُيص التمّس عند امتلائها 
أنشدنا محمد بن يحيى الصولي قال: أنشدنا المبرد: 


ولي حاجة قد راث عني نجاحها 
ومال شفيع غير نفسك إنني ال 
شكوت وما الشكوى لنفسي عادة 


وجودك أجدى وافد في اقتضائها 
كلت من الدنيا على حسن رائها 
وتبقى وجدمه الراغبين بمائها 
ولكن تفيض النفس عند امتلائها 


حرو سل لج اهلس الخامس والسبعون حت 
كن باذلاً للخير 

أنشدنا عمر بن الحسن الشيبائني» قال: أنشدنا أبو بكر القرشي قال: أنشدني 

الحسين بن عبد الرحمن: 
إذا ما الليالي أقبلت بإساءة رجونا بأن تأتي بحسن صنيع 
وذلك فعل الله بالناس كلهم فكن باذلاً للخير غير منوع 
المجلس الخامس والسبعون 
طير الجنة 

حدثنا جعفر بن محمد بن عبدويه المروزي البرائي قال حدثنا الزعفراني قال حدثنا أبو 
معاوية الضرير قال حدثنا عبيد الله بن الوليد عن عطينة عن أبي سعيد الخدري رضي الله 
عنه قال» قال رسول الله ييْك: إن في الحنة طيراً فيه سبعون ألف ريشة فيجيء حتى يقع 
على صحفة الرجل من أهل الخنة» فينتفض فيخرج من تحت كل ريشة لون أبيض من 
الشلج وألين من الزبد وأحلى من العسل ليس فيها لون يشبه صاحبه؛ ثم يطير فيذهب. 

تعليق القاضي على الحديث 

قال القاضي: قد أنبأ هذا الخبر عن عظيم قدرة الله تعالى ذكره وجسيم نعمته وعجيب 
رزقه» وعما أعده لأوليائه في جنته مما لم تتصوره نفوسهمء ولم تبلغه أمانيهم» فهنيئاً لهم 
ما أنعم به عليهم ربهم» وإياه نسأل أن يدخلنا جنته ولا يحرمنا رحمته» فإنه لا يتعاظمه 
خير يجود به ولا يستصعب عليه شر يصرفه. بيده الخير كله؛ وهو على كل شيء قدرير. 

إعجاب الأخطل بأبيات للقطامي 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال أحبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال: سأل 
عمرو بن سعيد القرشي الأطل: أيسرك أن لك شعراً بشعرك؟ قال: لا والله ما يسرني أن 
لي بمقولي مقولاً من مقاول العرب» غير أن رجلاً من قومي قد قال أبياتاً حسدته عليهاء 
وام الله إنه لمغدف القناع) ضيق الذراع) قليل السماع. قال: ومن هو؟ قال: القطامي» 
قال: وما هذه الأبيات؟ قال: قوله: 
يمشي رهواً فلا الأعجاز حاذلة ولا الصدور على الأعجاز تتكل 
من كل سامية العينين تحصسبها بحجنونة أو ترى مالا ترى الإبل 
حتى وردن ركيات الغوير وقد كاد الملاء من الكتان ييشتعل 
يمشين معترضات والحخصى رمض والريح ساكرة والظل معتدل 
والعيش لا عيش إلا ما تقربه عيني ولا حال إلا سوف ينتق|م 
إن تصبحي من أني عثمان منجحة فقد يهون على المستنجح العمل 





سسسمم الجليس الصالح والأنئيس الناصح 
والناس من يلق خيرا قائللون له مايشتبي ولأم المخطئ الهبل 
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقذ يكون مع المستعجل الزلل 





قال القاضي: لعمري إن هذه الأبيات لمن رصين الشعر وبليغه, وكلمة القطامي التي 
هذه الأبيات منها من أجود شعرهء وأولها: 
إنا محيوك فاسلم أيها الطللل وإن بليت وإن طالت بك الطول 
ويروى الطيل. 
وقد ذكر بعضهم أن أجود ما أتى من أشعار العرب على هذه العروض وهذا الروي 
هذه الكلمة وكلمة الأعشى التي أولها: 
ودع هريرة إن الركب مرتحل وهل تطيق وداعاً أيها الرجل 
وقول الأحطل: إنه لمغدف القناع المغدف: المغطى فكأنه نسبه إلى الخمول وقصوره عن 
الشرف و أن يكون بارزاً مبدياً صفحته بحداً واقتخارً» كما قال سحيم بن وثيل الرياحي: 


أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني 
ويقال أغدفت المرأة قناعها كما قال عنترة: 
إن تغدني دوني القناع فإنني طب بأحذ الفارس المستكم 


وأما قول القطامي: يمشين رهواً فإنه أراد أنهن يمشين ني سكون وتؤدة» وقد قيل ني قول 
الله تعلى: إوأترك البحر رهوا4 (الدحان: 4؟) أي ساكناً وقيل طريقاً يبساً. وحكي أن 

بعض العرب قال في فالح من الإبل: رهو بين سنامين. وقال بعض أهل المعرفة: لو كان 
نل كل هذ بتي ةنس لكل قد أحسن. ون الهو ول لقاع 


وقل عمرو بن كلنوم: 
نصبنا مثل رهوة ذات حد محافظة وكنا السابقييا 


ويروى: نصبنا مثل رهوة وادحر. 

قيل هي الخيل» وقوله: والريح ساكرة يعني ساكنةٌ وإذا كانت ساكنة فبي فعل 
الأشياء المفقودة المعدومة» يقال سكر الشيء إذا سكن» وقيل للسكر الذي هو منسكر 
الأودية والأجار سكرء لأنه سكن إذا انسد وعدمت سورته؛ ومنه السكر من الشراب 
وغيره» قيل فيه ذلك لاحتباس ما كان منطلقاً من السكران وصحة رأيه وصواب منطقه 
وقيل سكر الحر إذا سكنت فورته وهدأ احتدامه وشدته» كما قال الراجز: 





حدرهوه مجلس الخامس والسبعون حت 
واستخفت الأفعى وكانت تظهر جاء الشتاء واجثأل القبسر 
وجعلت عين الحرور تسكر 

وقد قال الله تعالى وهو أصدق القائلين إلقالوا إنما سكرت أبصارنا» (الحجر: )١٠١‏ 
بمعنى سدت وصعب النظر بإسكانها عن الحركة التي تدرك المبصرات بها. وقرأ جمهور 
القرأة سكرت بالتشديد للتكرار إذ كانت الأبصار جماعة» وقرأ بعضهم سكرت بالتخفيف 
لدلالة هذه القراءة على المعنى» ومثله فتحت أبواءها وفتحت في نظائر لهذا كثيرة» وهي 
مشروحة فيما تضمنته الكتب في علوم القرآن من كلامنا وكلام من تقدمناء وبالتخفيف 
قرأ ابن كثير في من وافقه من المكيين. وقوله: 

إن تصبحي من أي عثمان منجحة فقد يهون على المستنجح العمل 

من الكلام الحسن في الإنباء عن أن من أنجح سعيه وأدرك ما ألمه هان عليه ما كان 
أنصبه وعناه وأتعبه في قصد مطلوبه» ومثله قول سابق البربري: 

إذا ما نال ذو طلب نجاحاً بأمر لم يجد ألم الطلاب 
ونظائر هذا المعنى كثيرة يتعب إحصاؤها ويمل استقصاؤها. 
قصة خيالية عن احتيال معاوية 
لتطليق زوج ابن عامر ليتزوج هو منها وما نجم عن ذلك 

حدئنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدنا محمد بن زكريا الغلاي قال حدثنا ابن 
عائشة؛ قال الكوكبي وحدثنا عسل بن ذكوان قال حدثنا التوزي عن أبي عبيدة» قال 
الكوكبي وحدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور قال حدئنا محمد بن سلام قال حدئني 
شعيب بن صخر قال الكوكبي وحدئنا محمد بن القاسم الضرير قال حدثنا ابن عائشة عن 
محمد بن المختار عن أبيه» يزيد بعضهم على حديث بعضء قالوا: كان عند معاوية بن أي 
سفيان جماعة نفر من سماره في ذات ليلة» فقال: والله لقد فني مني اللذات من المطاعم 
والمشارب إلا من ل صغير يلاعبني والاعبه وأضمه إلى صدريء فقال عمرو بن 
العاص: أفلا أدلك يا أ مير احؤمنين على امرأة أو تزوجتها عدت بها شاباً في سن ابن 
ثلاثين سنة ثم لا تزال معها نعم الناس عيشاً بقية عمرك؟ قال معاوية: ومن هي؟ "قال 
محمد بن القاسم أبو العيناء دون الجماعة: هي فاطمة بنت عبد الرحمن بن سهل» وقالت 
الجماعة دون محمد بن القاسم: هي هند بنت سهيل بن عمروء وأحسبه هو الثبت قال 
مماوية: أوامست تحت عبد الله بن عامر بن كريز؟ قال: بلى» قال: فبئس ما عرضت به 
إلي» أن تذكر زوجة رجحل من خيار قريش» قال عمرو: رأيتك حدثت نفسك بشيء 
فعرضت عليك ما عرضت»ء وقد يتزوج الرجل المرأة ويتزوجها غيرهء فقال معاوية: 
اكتموا هذا الأمر لا تشهروه» فلعمري إن نال أحد حاجته بالرفق والتأني الحيلة لأنالنه 





حح الجليس الصالح والأنيس الناصح اا م 2 اىللتش 1 لت 
منها. ثم دعا معاوية خادماً له من أبر خدمه عنده وأحصهم لديه» فقال له: انطلق إلى عبد 
الله بن عامر فزره» وإذا حضر الباب فألطفه وأكرمه وأوقع في قلبه كثرة ذكري له وأني 
ربما ذكرته عند نسائي وحرمي وحيث لا يذكر فيه أحد من الرجال» وأن ذلك ليس إلا 
لقدره عندي ومنزلته مني» فإذا أوقعت ذلك في قلبه فأعلمني» ففعل ادم ما مزه د سني 
ظن عبد الله أنه ليس أحد بمنزلته عند فقال معاوية لخادم انطلق الآن شبه الناصح 
والمتحظي عنده فمره أن يخطب إلى أمير المؤمنين إذا أ حب. فتهيأ عبد الله بن عامر 
لذلك وهيأ له كلامه» فأدحله الخنادم على معاوية فبره والطفه وأقبل عليه بوجبه يحدئه 
ودعا بالطعام وألوان الأشربة وأقبل يستطعمه الكلام» فحصر عبد الله وانقطع وانقبض 
وهابه» فقال معاوية حين رأى حصره وهيبته: إنه لن يمنعك من أمير المؤمنين الخلوة» قل 
ما أحببت وانبسط في كلامك وسل ما أحببت فدعا له وأثنى عليه وانصرف يومه ذلك 
ولم يكلمه في شيء»؛ فدعا معاوية خادمه ذلك فأعلمه أن الرجل هاب وحصر؛ فاغد إليه 
ومره أن يسأل حاجته وشجعه وأعلمه أن أمير المؤمنين قاض حاجته. فمضى الخادم إلى 
عبد الله فأمره بالعود إلى معاوية ومسالته حاجته فإنه لن يمنع ما يريد؛ فغدا عبد الله على 
معاوية فأكرمه وألطفه ودعا له بالطعام والشراب» فلما أكلا وشربا قال عبد الله: جئتك يا 
أمير المؤمنين في حاجة على حسن ظني بأمير المؤمنين ومنزلتي منهء فإن وافق منه ما 
أحب فذاك الذي أبغي» وإن خالفه فأعوذ بالله من سخط أمير المؤمنين ومن موجدته. 
قال معاوية: تكلم يا ابن أي بما بدا لك» قال عبد الله: جئتك أحطب ابنتك رملة» قال: 
فنظر إليه معاوية شبه المنكر عليه المستعظم له والمنقبض منه ثم قال: ننظر في ذلكء» فقام 
ابن عامر وقد سقط في يديه وظن أنه أغضبه» فلما حرج دعا معاوية حادمه فقال: انطلق 
الآن فلا تظهر ثلاثة أيام» فإن ابن عامر سيطابك» ثم ألقه بعد وأعلمه أنه أحمق رجل في 
قريش وأقلهم عقلاً حيث يخطب إلى أ مير المؤمنين ابنته وعنده امرأة غيرها إنما يريد 
الإضرار بها وأن يؤذيباء وتشدد بذلك» ومره أن يعود ويكتب كتاباً يذكر فيه أنه لم 
يطلب هذا الأمر وهو يريد أن يضر بابئة أمير المؤمنين ويكون عنده غيرهاء وأنه يخلي 
عن كل امرأة تعظيماً لحقهاء , ففعل لخادم دكت م لني لبن عابر فالغ فته ما أرادء فقال له 
ابن عامر: كيّف الحيلة لإصلاح هذا الأمر ؟ قال: تدحل إن شكت أو تكتب كتاباً تذكر فيه 
أنك مطلق لنسائك إكراماً لابنة أمير المؤمنين وتعظيماً لحقهاء ففعل ذلك ابن عامر» فلما 
قرأ معاوية كتابه دعا بعشرة من قريش» فحمد الله وأد تنى عليه ثم قال: إنكم عرفتم حال 
ابن عامر في شرفه وحسبه ومكانه من أمير المؤمنين وقرابته, وقد طب إلى أمير المؤمنين 
ابنته» وقد زوجه على ما ضمن من تطليق ما عند فقال عبد الله عند ذلك: فإن فاطمة 
بنت عبد الرحمن» كما قال أبو العيناء» وقال غيره: فإن هند بنت سهيل بن عمرو طلق 


خلبءومس٠‏ يي سس ص لص سح الحلس الخامس والسبعون ‏ 
البتة» فدعا له معاوية والقوم جميعاً .ثم خرج عبد الله إلى دار سوى الدار التي كانت فيهاء 
ثم أرسل إليها أن اعتدي» فلما أتاها الرسول قالت له: وبيحك ما لك؟ قال: طلقك عبد 
الله قالت: ما أظنه فعل هذا وعقله معه, ثم سألت عن الأمر فأخبرت» فدعت قهرمانها 
فأمرته أن يجهزهاء ثم ارتحلت نحو المدينة وقالت: فرق معاوية بيني وبين صاحبي 
ليتزوجنيء والله لا يصل إلى ذلك حتى يصل إلى أمه» وقيل لمعاوية إنها قد شخصتء قال: 
دعها فلتذهب حيث شاءت فلعمري لا تخرج من سلطاني إلا أن تخرج إلى أرض الشرك. 
فلما انقتضت عدتها كتب معاوية إلى مروان بن الحكم» وهو عامله على المدينة» يأمره 
أن يخطبها عليه فأرسل إليها بذلك» فأرسلت إليه : اذ عدضي ل تنقضء فقال: نحن أعل 
بعدتك » فقالت: لي 1 لسرا در ير لمعت ا إلى الحسن بن علي الككلة: 
اي أستفتيك فيه» فأرسل إليها إن مثلي لا يأتي النساء للفتياء فأرسلت 
إن لم تأتتي أتيتك في مجلس حاسرة فإن كنت ترضى أن تخرج إليك امرأة من قريش 
و ا ورأيك» فأعظم ذلك وخحرج حتى أتاهاء فأذنت له فدحل 
وأمسك جواريها بينه وبينها ثوباً فحمدت الله وصلت على النبي وَلَكهُ وقالت: أعندك يا 
ابن رسول الله خير؟ قال الحسن: والله لقد اللحأتني إلى أمر لم يكن من كلامي» من أ 
أن يكون عنده الخير مني وأدنى طرني رسول الله وعلي بن أني طالب صلى الله عليهماء 
قالت: إنه كان من معاوية في فرقته بيني وبين صاحبي ما أحسب أنه قد بلغكء» ووالله ما 
لي فيه من حاجة؛ ولقد احترتك لنفسي» فإن وجدت أحداً أحق بي منك فقد رضيت 
بحكمكء أو ما شئت»ء قال الحسن رضي الله عنه: قد علمت ما كان بيني وبين معاوية 
حتى أصلح الله ذلك» وهذا أمر ما أحدث به نفسي» وما لي يومي هذا فيه من حاجة» 
قالت: أذكرك الله أن ترد علي نفسي بعد إذ بذلتها لك واخترتك» قال: ما لي إلى ذلك 
سبيل» فلما رأت تأبيه عليها قالت لحواريها نحين الثوب عني» فنحين الثوب فإذا بمثل 
القمر لأربع عشرة» وكانت من أحسن النساء وأتمهن وكان الحسن صاحب نساءء فلما 
رأى جمالهاء ولم يكن رأى مثلهاء أحذت بقلبه» فقال: قد رضيت وقبلتء فأرسلت إلى 
رجال من قريش فأشهدتهم أنها قد جعلت أمرها إلى الحسن بن علي» فحمد الله وأثنى عليه 
وأشهدهم أنه قد تزوجها على كذا وكذاء وبلغ الخبر مروان فأرسل إلى الحسن فحبسهء 
وأرسل إليها فحبسها وأقام عليها الرقباء» وكتب إلى معاوية يعلمه أن الحسن وثب 
فتزوجها بغير علم قاض ولا سلطان ولا ولي» جرأة عليك وخلافاً لك وإني قد أمرت 
بحبسهما إلى إن يأتين منك رأي» فكتب إليه معاوية: قد فهمت ما كتبت به في أمر 
الحسن وأمرهاء وقد أجبتك في ذلك بكتاب بعئت به إليك ممتوماًء فاجمع إليك ثلائين 
رجلاً من قريش» ثم فض الخاتم بحضرة الحسن وحضرة القوم, ثم اقرأ كتابي واعمل بما 








ح الجليس الصالح والأنيس الناصح ألم 
فيه ففعل ست 0 
حكم حاكم ولا علم سلطان» وساألتني أن ليك برأبي فيهما ومكالهماء ولعمري ما 
ذا ناو أدبي اسه يحل جا قد حزم ال والحسن لا 
أن يعلم السلطان لمخافته مني» لما سبق من خطبتي المرأة ه قبله» واحتارته وآثرته 
0 » فإذا قرأت كتالي هذا فخل عن الحسسين» وادفع إليه زوجته» ولا تعرض هما في شيءٍ 
يؤذيهما؛ وادفع للى امحسن من مالي قبلك عشرة آلاف ديتار معونة له على تزويجه» وااقع 
إلى زوجته حمسة آلاف دينار وأحسن جوارهماء فلما قرأ مروان الكتاب قبل ما أمر به 
وأعانهما أيضاً من ماله» ومنع معاوية عن ابن عامر ابنته وقال: إنما زوجتك على أن أتزوج 
امرأتك وبنتي صغيرة حتى تبلغ» فاستأذن ابن عامر للحج وأتى المدينة فرأى الحسن على 
بابه فأقبل إليه فسلم» فرحب به الحسن وأنزله» ثم قال ابن عامر: أبا محمد أتأذن في 
الدحول على فاطمة بلفظ أي العيناء والسلام عليها؟ قال: وكرامة؛ ثم أرسل إليها هذا ابن 
عمك عبد الله يريد الدحول عليك فأذني له فأذنت له وجلست وأحذت زينتهاء ثم قام 
الحسن فدحل عليه فإذا هي تبكي» فقال الحسن: يا هذا قد علمت مثل هذاء وقد صير الله 
الأمر إلى ما تريد» وأنا طيب النفس بالنزول عنها والتخلية بينك وبينها غير زاهد فيها ولا 
قال لهاء ولكن كراهة مساءتك» قال ابن عامر: لا والله ما لي بذاك من حاجة وقالت 
هي : : والله لا أرجع ! إليه وقد طلقني بغير ذنب ولا حدث إلا طمعاً في ابنة معاوية» قال 
الحسن: فما بكاؤكما؟ قالت: ذكرت ابنتي حيث نظرت إلى وجهه؛ وكان لعبد الله بن 
عامر منها ابنة) وكانت عند أخوات عبد الله بالمدينة. ثم كشف عبد الله عن شيء تحت 
ثوبه فإذا سفطان في أحدهما جوهر وفي الآخر در» فقال: يا أبا محمد إن هذا شيء كان لي 
عندها سألتها عنه وما أطمع أن ترده عليء وما أظن أحداً تسخو نفسه عن مثله» فردته 
علي» فأقسمت عليك لما أخذت منه حاجتكء؛ قال الحسن: ما لي فيه من حاجة وأنت 
أحق بما لك» ولكن حاجتي إليك غير هذاء أحب أن تسعفني بهاء قال: ما هي؟ قال: 
ابنتك هي ابنتي وأحب أن تضمها إلى أمهاء قال: هي لكء فأرسلها إليها من ساعتها 
فحملت وكل ما كان لما من نخدم ومال فدفعها إلى الحسن. 
قال أبو بكر محمد بن زكرياء: فأحبرنا أبو عثمان عبيد الله بن عثمان بن عمر القرشي 
التيمي قال أخبرني أني وكان أبوه قاضي المنصور قال: لما طلق عبد الله بن عامر بن كريز 
هند بنت سهيل بن عمرو وله منها ابنة وتزوجها الحسن بن علي اطق فلم يدر ما الحيلة 
لها لما كان في نفسه منهاء فبعث إلى ابنته ليقبضها فصرفه الحسن بالرجال فكلمه وكان 
من قوله: ما حجر رجل عندي أشرف ولا أفضل من حجر الحسن بن علي الكثا» ولكنها 
امرأة قد بلغت وأحب كينوتتها عندي والأنس بهاء فلما رأت ذلك هند قالت للحسن: 





ارده امجلس الخامس والسبعون حت 
إني والله أعرف أنه لا يدعها لأحد إلا لي فتأذن لي أن آتيه؟ قال: نعم لأنك المأمونة وهو 
المأمون. وكان قد قبض ابنته إليه» فأرسلت إليه: إني آتيك ليلة كذا وكذاء فأقام لما ابن 
عامر في داره الخارجة وصفاء بالشمع وني قبته التي كان يسكنها من دراته وصائف» 
وجلس على سرير إلى باب خحلفه وقد بسط له وجاءت فجلست أسفل من سريره؛ 
وجاءت ابنتها فاعتنقتها وتباكياء فقالت هند لابن عامر: إني جئتك في بنتي ولا حجر لها 
حير من حجري ولا أدب أنفع لما من أدبي» والله إن أحب ما فيها إلى أنها منك» فإن 
رأيت أن تهبها لي وتشفعني فيها فعلت؛ قال: هي لكء ثم دعا بسبنية خز فملقت خزأء 
ودعا من أصناف الثياب بثوب فملاه من كل صنفء ودعا بأربعة آلاف دينار وحلل ما 
يدرى ما قيمتها ثم ولى إلى الباب الذي خلف سريره فقام بين البابين ثم قال: لك ما بين 
سريري هذا إلى ما دحلت فيه من ملكيء» فانصرفت بذلك المتاع المال والرقيق. 

قال محمد بن زكرياء قال أبو عثمان وأحبرني أني قال: كان ابن عامر قد استودع هنداً 
بنت سهيل بن عمرو أسفاظاً فيها حلي كثير ودر وجوهر لم يأمن عليها أحداً غيرهاء 
وطلقها وهو عند معاوية» وهي بالمدينة» قد انتقلت من منزله وتزوجها الحسن بن علي 
رضوان الله عليه فأرسل إليها ابن عامر يطلب ما استودعهاء فأنكرت الرسول أن يكون 
استودعها شيئاً أوله عندها شيء! فلما كثرت الرسل فيما بينها وبينه لقي ابن عامر 
الحسن بن علي عليهما السلام؛ فقال له: كنت استودعت هنداً وديعة وقد أرسلت إليها 
فيهاء وقد سبق إلى قلبي أن جحدها لمن أرسلته محبة أن لا يفشو ذلكء» وأنها لا تحب 
دفعه إلا إلي» فإن رأيت يت أن تأذن لي عليها فعلت» فقال: نعم» فجاء الحسن فأعلمها أن ابن 
عامر بالباب» فشدت عليها ثيابهاء فلما دخل ابن عامر غلبته العبرة وبكت الأخرى قبل 
أن يتكلم أحدهماء فقال الحسن بن علي رضوان الله عليه لما رأى ذلك» إن شئتما كنت 
حير محل. فقال ابن عامر: إذا والله لا نجتمع أبداء فسألها عما وضع عندها فقالت: : نعم 
والله ما كنت لأقر به لأحد أبدا ولا أدفعه ! إلى سواك أبدأًء يا جارية ضعي لي هناك فراشاً 
فوضع لها فراش واستقر بمجلسهاء » ثم قالت: ارذ فعي الفراش الذي كان تحتي فرفع ثم قالت: 
احفري» فحفرت تحت فراشها فأخرجت تلك الأسفاط بخاتم ابن عامر لم تحرك» 
فقالت: والله ما رأيتها وما زلت أنقله معي حيث ما كنت مع فراشيء إلى أن رده الله 
إليك» قال ابن عامر: حذي منه ما أحببت» وفتح بعضها ليعطيها فحلفت لا تأخذ منه 
شيئاًء فقام عبد الله بن عامر وقد قبض متاعه. 

غلام يمازح أبا نواس وهو ضجر 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال أخبرني أبو علي بن سعيد الشيباني قال حدثني 

هارون بن سفيان مولى بجيلة قال: كنت مع أبي نواس يوماً في بعض طرق بغداد وهو 








حح- الجليس الصالح والأئيس الناصح ٠م‏ 
ضجر قليل النشاط» فجاء غلام حسن الوجه رائق» فجعل يمازحه ويعبث به وأبو نواس لا 
يلتفت إليه» فانصرف الغلام وهو يقول: أصبيحت والله يا أبا نواس بارداًء فقال لي أبو 


اذهب نجوت من المهجاء ولذعه وأما ولئغة أحمد بن نجساح 
لولا فتور ني كلامك يشتهمبى وترفقي لك بعد واستملاحي 
وتكسر في مقلتيك هو الذي عطف القلوب عليك بعد جماح 
لعلمت أنك لا مازح شاعراً في ساعة ليست بحين مزاح 
المجلس السادس والسبعون 
معنى كل يوم هو شي شأن 


حدثنا الحسين بن الحسين بن عبد الرحمن الأنطاكي قال: حدئثنا محمد بن الحسن يعني 
أبا الحارث الرملي قال حدئنا صفوان بن صالح الدمشقي قال حدثنا الوزير بن صبيح 
الثقفي قال حدئنا يونس بن ميسرة بن حلبس عن أم الدرداء عن أي الدرداء قال» قال 
رسول الله ميك ني قول الله عز وجل: «إكل يوم هو في شأن4 (الرحمن: 15) من شأنه 
يغفر ذنباً ويكشف كرباً ويجيب داعياً ويرفع قوماً يضع آخرين. 

قال القاضي: وقد روينا هذا الخبر من طريق آخخر وفيه : ويعطي سائلاً. اللهم فاجعلنا 
ممن غفرت ذنبه وكشفت كربه» وأجبت دعاءه وأعطيته سؤله ورجاءه» وممن ترفعه 
بتوفيقك إياه لطاعتك وحسن عبادتك» وأجرنا أن نكون ممن تضعه وتخفض قدره وتحط 
منزلته لتقصيره في تأدية حقك ومخالفته لأمرك» واحلل الضيعة إعدالك وأعداتا من ل 
المسرفين» والطغاة المترفين» والبغاة الحبارين» والفجرة الظالمين» إنك ولي المؤمنين 
ومهلك الكفرة الضالين. 

خداش ومذهب الخداشية 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرنا عبد الأول عن ابن أبي حالد قال: كان 
خداش صاحب الخداشية يفسد قوماً من أهل الدعوة برأيه» وهو رأي الخرمية» إبا 
المحارم» وكان ممن رأى هذا الرأي مالك بن الحيقم والحريش بن سليم الأعجمي») كان 
خداش يقول لحم: لا صوم ولا صلاة ولا حج؛ ويقول: إنما تأويل الصوم أن يصام عن 
ذكر الإمام ولا يباح باسمه لأحدء والصلاة الدعاء للإمام وذكره وطاعته؛ الحج أن تحجوا 
الإمام أي تقصدوه فإنه ليس في الحج إلى الكعبة درك» ولا في ترك الأكل والشرب للصائم 
منفعة» ولا في الركوع والسجود طائل» فلا ينبغي أن تمتنعوا مما تحبون من طعام أو 
شراب أو جماع أو غير ذلك في كل حين» ولا جناح عليكم فيه» ويتأول لهم من القرآن 
قوله عز وجل: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما 





دع وده مجلس السادس والسبعون حت 
اتقوا وآمنوا» (المائدة: 4) الآية» وكان خداش نصرانياً بالكوفة ثم أسلم ولحق 
بخراسان وهو الذي يقول فيه الشاعر: 
تفرقت الظباء على خداش فمايدري نحداش ما يصيد 

قال القاضي رحمه الله: وقد كان المنصور عند روج من حرج عليه ونهدوا محاربته 

نمثل بهذا البيت عند أخبار بعض المخبرين له عنهم. 
الخرمية ٍ 

وأما رأي الخرمية هذا فقد كثر المتدينون به والعاملون عليه من غير أن يعتقدوه ديناً 
لهم لكنهم ركبوا ابحون والخلاعة» وانقادوا لدواعي نفوسهم الأمارة بالسوء الخداعة؛ 
والمهمكوا في الشهوات الخسيسة» واستثقلوا عبادة الله وطاعته المفضية بهم إلى المراتب 
النفيسة» والله نسأل التوفيق والعصمة. 

الرشيد وأعرابي باقعة 

عدي نحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثي | بو الفضل الربعي قال حدثني أي قال: 
حرج الرشيد في بعض متنزهاته فلما أسرع السير في بعض البراري انفرد من الناس على 
نحو من ميل» فرفع له خباء منصوب فأمه حتى وقف عليه فإذا فيه أعرائي جالس» فسلم 
عليه الرشيد؛ فرد عليه الأعرائي السلام ثم رفع رأسه إليه فقال: من أنت يا حسن الوجه؟ 
فقال له الرشيد: أنا من أبغض الناس إلى الناس» قال الأعراني: أنت إذاً من معد قال نعم, 
قال: من أي معد؟ قال: : من أبغض معد إلى معدء قال: فأنت ! إذا من مضرء قال: 1 نعم 
قال: فمن أي مضر أنت؟ قال: من أبغض مضر إلى مضرء قال: فأنت إذاً من كنانة» قال: 
نعم» قال: من أي ا لل : من أبغض كنانة إلى كنانة» قال: فأنت ! إذاً من قريش» قال: 
نعم» قال: من أي قريش أن نت؟ قال: من أبغض قريش إلى قريش» قال: فأنت إذا من بني 
هاشم قال نعم قال: فمن أي بني هاشم أ حا غال: من أبفض بي هاشم لى بني هاشم؛ 
قال: فأنت إذاُ من ولد العباس» قال: نعمء قال: فمن أ ي ولد العباس؟ قال: من أبغض بني 
العباس إلى بني العباس» قال: فوثب الأعرالي قائماً ثم قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين 
ورحمة الله وبركاته» وتوافت الحيوش» فقال الرشيد: احملوه قاتله الله أعرابياً ما أدهاه!! 

هشام بن عبد الملك يعزل إبراهيم المخزومي 

حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال حدثنا عبد الله بن ني سعد قال حدثنا محمد بن 
الحسن الأنصاري قال حدثنا عبد العزيز بن محمد المخزومي قال: كتب هشام بن عبد 
الملك إلى إبراهيم بن هشام المخزومي» وكان عامله على الحجاز: أما بعد فإن أمير 
المؤمنين قد قلد ما كان ولاك من الحجاز حالد بن عبد الملك» وإن أمير المؤمنين لم 
يعزلك حتى كنت وإياه كما قال القطامي: 








وكلن الأديم إذا تفرى بل وتعيباً غلب الصناعا 


وإني والله ما عزلتك حتى لم يبق من أديمك شيء أنمسك به. 
فلما ورد كتابه على إبراهيم تغير وجبه وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون» أصبحت اليوم 
واليا وأنا الساعة سوقة» فقام إليه رجل من بني أسد بن حزيمة فقال: 
فإن تكن الإمارة عنك راحت فإنك للبشام وللوليد 
وقد مر الذي أصبحت فيه على مروان ثم على سعيد 
قال: فسري عنه وأحسن جائزة الأسدي. 
قال القاضي: قول هشام حتى كنت وإياه عطف وإياه الذي هو النصب على التاه وهي 
في موضع رفع؛ لأنه من باب المفعول معه. كقولحم: ما صنعت وإياكن ومنه قول الشاعر: 
فكان وإياها كحران لم يفق عن الماء إذ لاقاه حتى تعذرا 
أبو الأسود يريد وليده 
حدثنا يزداد بن عبد الرحمن قال قال أبو موسى» يعني ثينة) حدثني القحذمي قال: 
جاء أبو الأسود الدؤلي إلى بحير بن ريسان الحيمري فقال: 
بحير بن ريسان الذي ساد حميراً بأفعاله الدائرات تدور 
وإني لأرجو من بحسير وليدة وذاك على المرء الكريم يسير 
فقال: يا أبا الأسود سألتنا على قدرك» ولو سألتنا على قدرنا ما رضينا بها لك» قال: 
إما لا فاجعلها روقة أي تعجب مالكها. 
أعرابي ثكل تسعة من أبنائه 
حدانا محمد بن الاسم الأنباري قال حدثنا أبو عمارة المستملي قال حدثنا الأصمعي 


قال: رأيت أعرابياً بمكة يصيح واويلاه اواتكلام» فقت ١‏ ما كلك يا أعراي؟ قال: 
سن اكور عم ار نهم البدورء قلت: لا إحالك إلا وقد قلت في 
ذلك شعراًء قال: أجل» ثم 


ا يوقي الببنات وفني البنينا 
وكنتأباتسعة كال بدور قد فقأواأعينالحاسدينا 
فمروا على حادئات الزمان كمر الدراهم بالتاقدينا 
أضر بهم ريب هذا المنون حت أبادهم أجمعينا 
وحتى بكاهم حسادهم فقد أقرحصوا بالدموعالجحفونا 
وحسبك من حادث بامرئ ترى حاس ديه له راحميناا 





دده ا مجلس السادس والسبعون حب 
الأصمعي يصحف في شعر الراعي 

حدثنا محمد بن يحبى الصولي قال حدثنا القاسم بن إسماعيل قال حدثنا أبو ذفافة بن 
سعيد بن سلم الباهلي قال: قرأنا على الأصمعي شعر الراعي» فمر في قصيدته ما بال دفك 
بالفراش مذيلا: 

وكأن ريضها إذا باشرتها كانت معودة الرحيل ذلولا 

فقلنا له: ما معنى باشرتها؟ قال: ركبتها من المباشرة» فحكينا ذلك لأبي عبيدة فقال: 

صحف والله الأصمعي» إنما هو إذا ياسرتها وهذا كقول الآخر: 
إذا يوسرت كانت ذلولاً أدييةً وتحسبها إن عوسرت لم تؤدب 
قال القاضي: الأمر في هذا لعمري كما قال أبو عبيدة» واستشهاده فيه صحيح على ما 


وصف. 





الأصمعي لا يأبه لاعتراض ابن الأعرابي 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا الطيب بن محمد الباهلي قال حدثنا أحمد بن 

سعيد بن سلم الباهلي قال قرأنا على الأصمعي شعر العجاج؛ فمر بنا: 
من أن تبدلت بآد آدا لم يك يناد فأمسى انادا 
فقد أراني أصل القعادا 

قال: ودخحل ابن الأعرابي فأوماً إلينا: سلوه ما القعاد» فقال: الشيوخ الذين قعدوا عن 
الغزل كبراً وكذلك هو من النساءء فقال ابن الأعراني: أما القعاد من الرجال فصحيحء 
وأما النساء فقواعد كما قال الله عز وجل: #والقواعد من النساء» (النور: )5١0‏ قال: 
فوالله ما التفت الأصمعي إليه» ثم أنشد للقطامي: 

أبصارهن إلى الشبان مائلة وقد أراهم عني غير صداد 

فما الفرق بين صداد وقعاد, فما نطق ابن الأعراي بحرف وقام فخرج. 

قال القاضي: الأمر في هذا على ما قال الأصمعي» وقد أغفل ابن الأعرابي إنكاره منه 
ما أنكره. 

خطبة للحجاج بعد دير الجماجم 

حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكلبي قال حدثنا محمد بن زكريا الغلاي قال حدثنا 
محمد» يعني ابن عبيد الله بن عباس» عن عطاءء يعني ابن مصعبء عن عاصم قال: خطب 
الحجاج أهل العراق بعد دير الجماجمء فقال: يا أهل العراق إن الشيطان قد استبطنكم 
فخالط اللحم والدم والعصب والمسامع والأطراف؛ ‏ ثم أفضى إلى الأصماخ والأمفاخ, ثم 
ارتفع فعشش» ثم باض وفرخ؛ ثم دب ودرجع فحشاكم نفاقاً وشقاقاًء وأشعركم خلافاًء 
اتخذتموه دليلاً تتبعونه» وقائداً تطيعونه» ومؤامراً تشاورونه» فكيف تنفعكم تجربة أو 





- الجليس الصاح والأنئيس الناصح اسللبللسبببببب سبلب / ودمعه 
ينفعكم بيان؟ ألستم أصحابي بالأهواز حيث رمتم المكر وأصسم على لكر وظننتم أن 
الله عز وجل 5 دينه وخلافته» وأنا أرميكم بطرفي وأنتم تتسللون لواذاً وتنهزمون 
سراعاً يوم الزاوية بما كان من فشلكم وتنازعكم وتخاذلكم وبراءة الله منكم ونكوص 
وليكمء إذا وليتم كالإابل الشاذة عن أوطانها النوازع» لا يسأل المرء عن أخيه. ولا يلوي 
الشيخ على بنيه» حين عضكم السلاح وتجشمتكم الرماح يوم دير الجماجم» وما يوم دير 
الجماجم, مها كانت المعارك والملاحم؟: 
ضرب يزيل الحام عن مقيله ويذهل الخليل عن حليله 
يا أهل العراق: الكفرات بعد الفجرات» والغدرات بعد الخترات» والنزوة بعد 
النزوات» إن بعثناكم إلى ثغوركم غللتم وجبنتمء وإن أمنتم أرجفتم وإن حفتم نافقتم» لا 
تتذكرون نعمة» ولا تشكرون معروفاً. هل استخفكم ناكث أو استغواكم غاو أو استفزكم 
عاص أو استنصركم ظالم أو استعضدكم جالع إلا لبيتم ثم دعوته وأجبتم صيّحته ونفرتم 
إليه حفافاً وثقالاً وفرسناناً ورجالاً؟؟! يا أهل العراق: هل شغب شاغب أو نعب ناعب أو 
زفر زافر إلا كنتم أتباعه وأنصاره؟! يا أهل العراق: ألم تنفعكم المواعظ؟ ألم تزجركم 
الوقائع؟ ألم يشدد الله عليكم وطأته ويذقكم حر سيفه وأليم بأسه ومثلاته؟! ثم التفت إلى 
أهل الشام فقال: يا أهل الشامء إما أنا لكم كالظليم الرامح عن فراخه ينفي عنها القذرء 
ويباعد عنها الحجرء ويكنها من المطرء ويحميها من الضباب ويحرسها من الذباب. يا 
أهل الشام أنتم الحنة والرداء» وأنتم الملاءة والحذاء, أنتم الأولياء والأنصار» والشعار دون 
الثار» بكم يذب عن البيضة والحوزة» وبكم ترمى كتائب الأعداء ويهزم من عاند وتولى. 
القاضي شريح يتزوج زينب التميمية 
بو النضر العقيلي قال حدثنا الغلاي قال حدثنا عبد الله بن الضحاك قال حدثنا 
رن عل عن المي قال ل لا شرج يا شعبي عليكم بنساء بني ميم فإنمن 
النساء» قلنا: وكيف ذلك يا أبا أمية؟ قال: رجعت يوماً من جنازة مظهراً فمررت بحباء 
فإذا بعجوز معها جارية رؤد» فاستسقيت فقالت: اللبن أ عجب إِلَيك أم الماء أم النبيذ؟ 
قال قلت: اللبن أعجب إلي. قالت: يا بنية اسقيه لبناً فإني أظنه غريباً فسقتني» فلما شربت 
قلت: من هذه الجحارية؟ قالت: هذه بنتي زينب بنت حدير إحدى نساء بني تميم ثم من بني 
حنظلة ثم من بني طهية» قلت: أتزوجينيهاء قالت: نعم إن كنت كفؤناء قال: فانصرفت 
إلى منزلي» فامتنعت من القائلة» فلما صليت الظهر وجهت إلى إحواني الثقات: 
مسروق بن الأجدع والأسود بن يزيد فصليت العصر ثم رحت إلى عمها وهو في 
مسجده فلما رآني تنحى لي عن بحلسه. فقلت: أنت أحق بمجلسك» ونحن طالبو 
حاجة) فقال: مرحباً بك يا أبا أمية» ما حاجتك؟ قلت: إني ذكرت زينب بنت أخيك» 


جره ا مجلس السادس والسبعون حت 
فقال: والله ما بها عنك رغبة ولا بك عنها مقصرء قال: وتكلمت فزوجني ثم انصرفت 
فما وصلت إلى منزلي حتى ندمت وقلت: ماذا صنعت بنفسي» فهممت أن أرسل إليها 
بطلاقهاء ثم قلت: لا أجمع بين حمقتين» ولكني أضمها إلي» فإن رأيت ما أحب حمدت الله 
تعالى» وإن تكن الأخرى طلقتها. فأرسلت إليها بصداقها وكرامتهاء فلما أهديت إل وقام 
أنساء عنها كلت يا هله إن من السنة إذا أهديت المرأة إلى زوجها أن تصلي ركعتين 
خلفه ويسألا الله عز وجل البركة» فقمت أصلي فإذا هي خلفي» فلما فرغعت رجعت إلى 
مكانهاء ومددت يدي فقالت: على رسلكء» فقلت: إحداهن ورب الكعبة» فقالت: الحمد 
لله وصلى الله على محمد وآلهء أما بعدء فإني امرأة غريبة» ولا والله ما ركبت مركباً هو 
أصعب علي من هذاء وأنت رجل لا أعرف أخلاقك» فخبرني بما تحب آته وبما تكره 
أزدجر عنه» أقول قولي هذاء وأستغفر الله لي ولك. قال فقلت: الحمد لله وصلى الله على 
عمد وله أما بعد فقد قدمت خبير مقاديء قدمت على أهل دار زوحك سيد رجاهم 
وأنت إن شاء الله سيدة نسائهمء أحب كذا وأكره كذاء قالت: : لدي عن عن أحتانك» 
أتحب أن يزوروك؟ قال قلت: إني رجل قاض وأكره أن يملوني» وأكره أن ينقطعوا عني» 
قال: فأقمت معها سنة أنا كل يوم أشد سروراً مني باليوم الذي مضى» فرجعت يوماً من 
مجلس القضاء فإذا عجوز تأمر وتنبى في منزلي» فقلت: من هذه يا زينب؟ قالت: هذه 
حتنتك» هذه أمي» قلت: كيف حالك يا هذه؟ قالت: كيف حالك يا أبا أمية» وكيف 
رأيت أهلك؟ قال قلت: كل الخير» قالت: إن المرأة لا تكون أسوا خلقاً منها في حالتين: 
إذا ولدت غلاما وإذا حظيت عند زوجهاء فإن رابك من أهلك ريب فالسوط السوط» 
قلت: شهد أنها ابتتك» قد كفيتني الرياضة وأحسنت الأدب. فكانت تجيئني في كل حول 
خرصي بذ الرصية م تراه كأنست مسب عشرين سما عطي لا ل 
ليلق إلا يوماً وكنت لما ظالماً وذلك أني ركعت ركعتي الفجر وأبصرت عقرباً فعجلت 
عن قتلها فكفأت عليها الإناء وبادرت إلى الصلاة وقلت: يا زينب إياك والإناء» فعجلت 
إليه فحركته فضربتها بتها العقرب» فلو رأيتني يا شعبي وأنا أمص إصبعيها وأقرأ عليهما 
المعوذتين» وكان لي جار يقال له قيس بن جرير لا يزال يقرع مريئته» فعند ذلك أقول: 





وأنا الذي أقول: 
إذا زينب زارها أهفلبا حشدت وأكرمت زوارههما 
وإن هي زارتهم زرتها وإن لم تكن لي هوى دارها 


يا شعبي» فعليك بنساء بني ميم فإنهن النساء. 


-- اليس الصالح والأئيس الناصح سس 77ج بق " م د 
شروح وتعليقات على خبر شريح 
قال القاضي: قد روينا حبر شريح في نكاحه زينب من غير طريق» عثرنا على هذا 
منها فأئبتنافى وهو كاف من غيره. وفي بعض ما رويناه» بيت يلي قوله: 


رأيت رجالاً يضربون نساءهم فشلت يميني يوم أضرب زينبا 
وهو: 
وزينب سمس والنساء كواكب إذا طلعت لم تبق منهن كوكبا 
قال القاضي: وقد أغار شريح في هذا البيت على قول النابغة في مدح النعمان بن 
المنذر: 
ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب 
فإنك شس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهن كوكب 
قال القاضي: قوله في الخبر جارية رؤد يريد وصفها بأنها في اقتبال شبابها كما قال 
الشاعر: 
خمصانة قلق موشحها رؤد الشباب غلا بها عظم 


وقوله: أهديت إلى زوجها فيه لغتان: هديت العروس إلى زوجها هداء وأهديت 
إهداءً» وطرح الألف أكثرء فكأنه من الهداية لا من الحدية» وهو أشبه وأليق بالمعنى» ومن 
الهداء قول زهير: 
فإن تكن النساء مخبآت فحق لكل محصنة هداء 
وأما قول زينب لشريح هذه ختنتك فقد تكلم في هذا قوم من الفقهاء واللغويين» 
وحاجة الفقهاء إلى معرفة ذلك بينه» وإذ قد يوصي المرء لأصهار فلان وأختانه؛ وقد 
يحلف لا يكلم أصهار فلان وأختانه» فقال قوم: يكون الأحتان من قبل الرجل والأصهار 
من قبل المرأة. وذهب قوم في هذا إلى التداحل والاشتراك وهذا أصح المذهبين عندي» 
وقد قال أمير المؤمنين على بن أني طالب اتللة: 
محمد النبي أي وصهري أحب الناس كلهم إليا 
والنبي أبو زوجته؛ ويدلك على هذا قولهم: قد أصبر فلان إلى فلان» وبين القوم 
مصاهرة وصبرء فجرى هذا بحرى النسب والمناسبة في إجرائهما على الطرفين والعبارة 
مهما عن الحهتين» وقد قال الله تعالى: «إوهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً 
وصهراً4 (الفرقان: 4 ه) وقد جاء عن أهل التأويل في قول الله تعالى: «إوالله جعل لكم 
من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة» (النحل: ؟7) أقوال: قال 
بعضهم: هم الأصبارء وقال بعضهم: هم الأختان» وظاهر هذا العمل على احتلاف 
المعنيين بحسب ما ذهب إليه من قدمنا الحكاية عنه» وقد قال: وجائر أن يكون عبر 


ج. مس777 امجلس السابع والسبعون - 
باللفظين عن معنى واحد» وقد قال بعضهم: الحفدة الخدم» قال الشاعر: 


حفد الولائد حون وأسلمت بأكفهن أزمة الأحجمال 
وقال رؤبة يخاطب أباه: 
إن بنيك لكرام نجده ولو دعوت لأتوك حفده 


أي سراعاً إلى معاونتك واتباع أمرك؛ ومن هذا قولهم: وإليك نسعى ونحفد أي نجد 

في عبادتك ونسعى في طاعتك. | 
المجلس السابع والسبعون 
خطبة عمر شي الجابية واستجابته لدعوهة قسطنطين 

حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم بن إسحاق بن الحارث أبو النضر العقيلي قال حدثنا 
أبو إسحاق طلحة بن عبد الله بن محمد الطلحي النديم قال حدثنا أبو بكر أحمد بن 
معاوية بن بكر الباهلي قال: سمعت أبا عبيد الله محمد بن سليمان بن عطاء بن قيس يقول 
حدثني أني سليمان بن عطاء عن مسلمة بن عبد الله الجهني عن عمه أني مشجعة بن ربعي 
قال: لما قدم عمر بن الخنطاب رضي الله عنه الحابية لفرض الخراج» وذلك بعد وقعة 
اليرموك» قال: فشهدته دعا بكرسي من كراسي الكنيسة فقام عليه فقال: إن نبي الله َيه 
قام فينا فقال: أيها الناس أكرموا الناس» إن خياركم أصحايء ألا ثم الذين يلونهم ألا ثم 
الذين يلونهم, ألا ثم يظبر الكذب ويكثر الحلف حتى يحلف الرجل وإن لم يستحلف» 
ويشهد وإن لم يستشهدء ألا فمن أراد بحبوحة الحنة فعليه بالجماعة. يد ربكم مع 
الجماعة» ألا وإن الشيطان ذئب بني آدمء فهو مع الواحد وهو من الاثنين أبعد, ألا لا 
يخلون رجل بامرأة لا تحل له إلا كان الشيطان ثالثهماء ألا ومن ساءته سيئاته وسرته 
حسناته فهو مؤمن. قمت فيكم بقدر ما قام النبي لَك فينا. 

ثم ارتحل حتى نزل أذرعات» وقد ولى على الشام يزيد بن أي سفيان» فدعا بغدائه» 
فلما فرغ من الثريد وضعت بين يديه قصعة أحرى. فصاح وقال: ما هذا؟ فأرسل يزيد 
إلى معاوية» وكان صاحب أمره فقال معاوية: ما الذي أنكرت يا أمير المؤمنين؟ قال: ما 
بالي توضع بين يدي قصعة ثم ترفع وتوضع أخحرى؟ قال: يا أمير المؤمنين» إنك هبطت 
أرضاً كثيرة الأطعمة فخفت عليك وخامتهاء فأشر إلى أيها شعت حتى ألزمكه: فأشار إلى 
الثريد» فقال قسطنطين لمعاوية: جاد ما خرجت منها. 

فلما فرغ من غدائه قام قسطنطين وهو صاحب بصرى بين يديه فقال: يا أمير 
المؤمنين» إن أبا عبيدة قد فرض علي الخراج فاكتب لي به فأنكر عمر ذلك وقال: ما 
فرض عليك؟ قال: فرض علي أربعة دراهم وعباءة على كل جلجلة يعني الجماجم فقال 
عمر رضي الله عنه لأني عبيدة: ما يقول هذا؟ قال: كذب, ولكني كنت صالحته على ما 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح ببس سسبلسبصصوو لاود 
ذكر ليستمتع به المسلمون في شتائهم هذاء ثم تقدم أنت فتكون الذي يفرض عليهم 
الخراج» فقال له عمر: أبو عبيدة أصدق عندنا منك» فقال قسطنطين: صدق أبو عبيدة 
وكذبت أناء قال: فويحكء ما أردت بمقالتك؟ قال: أردت أن أحدعك» ولكن افرض 
على يا أمير المؤمنين أنت الآن» قال: فجاثاه النبطي بحاثاة الخصم عامة النهار» ففرض 
على الغني شانية وأربعين درهماًء وعلى الوسط أربعةٌ وعشرين درهماًء وعلى المفلس 
المدقع اثني عشرء وشرط عليهم عمر أن يشاطرهم منازلهم وينزل فيها المسلمون». وعلى 
أن لا يضربوا بناقوس» ولا يرفعوا صليبا إلا في جوف كنيسة؛» وعلى أن لا يحدثوا إلا ما 
في أيديهم» وعلى أن لا يقروا خنزيراً بين أظهر المسلمين» وعلى أن يقروا ضيفهم يوم 
وليلقه وعلى أن يحملوا راجلهم من رستاق إلى رستاق» وعلى أن يناصحوهم ولا 
يغشوهم؛ وعلى أن لا يمالئوا عليهم عدواء فمن وفى لنا وفينا له ومنعناه مما نع منه 
نساءنا وأبناءناء ومن اتتهك شيئاً من ذلك استحللنا بذلك سفك دمه وسباء أهله وماله. 
فقال له قسطنطين : يا أمير المؤمنين اكتب لي به كتابأء قال: نعم, ثم ذكر عمر فقال: 
إني أستثني عليك معرة الجيش» فقال النبطي: لك ثنياك» وقبح الله من أقال. فلما فرغ قال 
له قسطنطين: يا أمير المؤمنين» قم في الناس فأعلمهم كتابك لي ليتناهوا عن ظلمنا 
والفساد عليناء فقام عمر فختطب حطبة رسول الله يك فلما بلغ: من يهده الله فلا مضل 
لهء ومن يضلل فلا هادي له قال النبطي: إن الله عز وجل لا يضل أحداً» فقال عمر رضي 
الله عنه: ما يقول؟ قالوا: يا أمير المؤمنين» شيئاً تكلم به فعاد عمر في الخطبة» ثم أعاد 
النبطي المقالة» فقال: أخبروني ما يقولء قالوا: إنه يقول إن الله لا يضل أحدأء فقال عمر: 
والذي نفسي بيده لئن عدت لأضربن الذي فيه عيناك» ومضى عمر في خطبته؛ فلما فرغ 
م تسطنطن ثقالة يا أمير المؤشين؛ لي | إليك حاجةً فاقضها لي» فإن لي عليك حقاًء 
قال: وما حققك علينا؟ قال: إني أول من أقر لك بالصغار» قال: وما حاجتك إن كان لك 
فيها منفعة فعلناء قال: تغدى عندي أنت وأصحابك» قال: ويحك إن ذلك يضركء قال: 
ولكنها مكرمة وشرف أناله» قال: فانطلق حتى نأتيك» فانطلق فهيأ في كنيسة بصرى 
ونجدها وهيأ فيها الأطعمة وقباب الخبيص وكانوناً عليه المحمر» فلما جاء عمر وأصحابه 
نزلوا في بعض البيادر» ثم حرج يمشي وتبعه الناس والنبطي بين يديه ثم بدا لعمر فقال: لا 
يتبعني أحدء ومضى هو والنبطي» فلما أن دخل الكنيسة إذا هو بالستور والبسط وقباب 
الخبيص والمحمر» فال عمر للنبطي: ويلك» لو نظر من خلفي إلى ما هاهنا لفسدت علي 
قلوهم؛ اهتك ما أرى» قال: يا أمير المؤمنين» إني أحب أن ينظروا إلى نعمة الله علي» 
قال: إن أردت أن نأكل طعامك فاصنع ما آمرك به فهتك الستور ونزع البسط وأخحرج 
عنه ا محمر» ثم قال: احرج إلى رحالنا فأتنا بأنطاع» فأحذها عمر فبسطها في الكنيسة, ثم 


حت / او سس 7 مجلس السابع والسبعون حت 
عمد إلى ذلك الخبيص وما كان هيأ فعكس بعضه على بعض وقال: أعندك شيء آخر؟ 
قال: نعم عندنا بقل وشواءء قال: إيتني ب فأحذه فخلط الشواء بالخبيص بعضه على 
بعض وجعل يحمل بيديه ويجعله على الأنطاع. 

قال طلحة فأخبرنا أحمد بن معاوية قال: فأمليت هذا الحديث على رجل من أصحاب 
الحديث فزادني فيه» قال فقال النبطي: يا أمير المؤمنين» إن هذا الطعام لا يؤكل هكذاء 
قال فقال عمر: ويل لك ولأصحابك إذا جاء من يحسن يأكل هذاء ثم قال: ادع الناس» 
فجاءوا فجئوا على ركبهم وأقبلوا يأكلون» فربما وقعت اللقمة من الخبيص في فم الرجل 
فيقول: إن هذا طعام ما رأيناف فيقول عمر: ويلك أما تسمع؟ كيف لو رأوا ما رأيت!؟ 

فلما فرغوا قال النبطي لمعاوية: إن الأحبار والرهبان قد اجتمعواء وهم يريدون أن 
ينظروا إلى أمير المؤمنين» وإنما عليه أحلاق وسخة؛ فهل لك أن تخدعه حتى ينزعها 
ويلبس ثيابا حتى يقضي جمعته: فقال له معاوية: أما آنا فلا أدخل ني هذا بعد إذ نجوت 

منه أمس» فقال له النبطي: يا أمير المؤمنين» ثيابك قد اتسخحت,ء فإن رأيت أن تعطيناها 
حتى نغسلها ونرمهاء قال: نعم» فغسل الثياب وتركها في الماءء ثم هيا له قميصاً مروياً 
ورداء قصبياً فلما حضرت الجمعة قال له عمر: إيتني بثيائي» فقال له: يا أمير المؤمنين» ما 
جفت» ونحن نعيرك ثوبين حتى تقضي جمعتكء فقال: أرني» فلما نظر إلى القميص قال: 
ويحك كأنها رفي هذا رفوأء أغرءهما عني وائتني بثيني» فجاء بها تقطرء فجعل يتناوهاء 
وجعل النبطي يأخذ بطرف الثوب وعمر بالطرف الآخر ويعصرهاء ثم دعا بكرسي من 
كراسي الكنيسة فقام عليه يخطب الناس ويمسح ثيابه ويمددهاء قال: فسأله أي شيع 
كانت ثيابه؟ قال: غزل كتان. قال: وجاءت الرهبان فقاموا وراء الناس وعليهم البرانس 
تبرق بريقً ومعهم عصي فيها تفاح الفضة» ومعهم المواكبء فلما نظروا إلى هيئته قالوا: 
أنتم الرهبان!! لا والله» ولكن هذه الرهبانية» ما أنتم عنده إلا ملوك. 

مشاطره السكان بدمشق منازلهم 

قال: ثم ارتحل عمر حتى أتى دمشق ارد منازلهم وكنائسهم وجعل يأحذ الحيز 
القبلى من الكنيسة لمسجد المسلمين لأنها أنظف وأظهرء وجعل يأخذ هو بطرف الحبل 
ويأحذ النبطي بطرف الحبل حتى شاطرهم منازهم.» قال: فربما أزحف فأخذ الحبل منه 
فأعقبه. ففرغ عمر من دمشق وحمص وبعث أبا عبيدة إلى قنسرين وحلب ومنبج» ففعل 
بها كما فعل عمر» ورجع عمر من حمص إلى المدينة. 

عياض بن غنم وصلح الرها ٍ 

قال: فلما نزل أبو عبيدة منبج بعث عياض بن غنم في عشرين فارسا فأتى الرها وقد 

اجتمع بها أهل الجزيرة من الأنباط؛ فأتاها ابن غنم فوقف عند بابها الشرقي على فرس 


ح الجدليس الصاح والأنيس الناصح 2 7 /ا ود 
أحمر محذوف» فأحبرنا أحمد بن معاوية عن محمد بن سليمان بن عطاءء قال حدثني أبي 
عن جدي عمن سسع عياضاً وهو يدعوهم إلى الإسلام فأبوا عليه» فعرض عليهم الجزية 
فأقرواء وقد عرفوا شرط عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أهل الشام فقالوا: نعم نقر 
على أن نشترطء قال: نعم فاشترطوا ونشترط» فاشترطوا كنائسهم التي في أيديهم على أن 
يؤدوا خراجها وما لحا إليها من طائر وصلمهم التي في كنيستهم قال محمد بن سليمان بن 
عطاء: الصلم الخشبة التي يزعمون أن عيسى ابن مريم اي صلب عليها لم يقل صلبهم 
وسور مديتتهم؛ قال عياض: فإني أشترط أنا أيضاًء فاشترط عليهم أن يشاطرهم منازلهم 
وينزل فيها المسلمون» وعلى أن لا يحدثوا كنيسة إلا ما في أيديهم وعلى أن لا يرفعوا 
صليباً ولا يضربوا بناقوس إلا في جوف كنيسة» وأن يقروا ضيف المسلمين يوماً وايلة, 
وعلى أن يحملوا راجل المسلمين من رستاق» إلى رستاق وعلى أن لا يعمروا خنزيراً بين 
ظهراني المسلمين» وعلى أن يناصحوا المسلمين ولا يغشوهم ولا يمالئوا عليهم عدوا 
ومن وفى لنا وفينا له ومنعناه مما نمنع منه نساعءنا وأبناءنا» ومن ع انتهك شيئاً من ذلك 
استحللنا سفك دمه وسباء أهله وماله» فقالوا: اكتب بيننا وبينك كتاباً» فتورك عياض على 
فرسه» فلما فرغ قالوا: اشهد لناء قال: فكتب شهد الله وملائكته وكفى باللّه شهيداً. 
ودفع الكتاب إليهم فدحل في شرطهم جميع أهل هل الحزيرة. وأما الأرض فهي للمسلمين 
وأنتم عمالحهم فيها. 
تعليقات للقاضي 
قال القاضي: قوله: فمن أراد بحبوحة الحنة يعني فضاءها وسعتها كما قال جرير: 
قومي تميم هم القوم الذين هم ينفون تغلب عن بحبوحة الدار 

وفي هذا الخبر أن عمر بن الخنطاب رضي الله عنه جعل أهل الحزية طبقات» ففرض 
على أغنيائهم مقداراً من الحزية» وعلى المتوسط منهم مقداراً متوسطاً بين ما فرضه على 
أعلاهم طبقة وما جعله على أدونهم في الوجد منزلةًٌ» وظهر ذلك من فعله واستفاض في 
الصحابة فلم يظره من أحدهم إنكار له ولا مخالفة فيه ثم تلاه في ذلك أئمة أهل العلم 
بالدين في جميع أمصار المسلمين» وبهذا نقول؛ وكان الشافعي يرى ألا يتجاوز في قدر 
الجزية دينارا أو عدله» واستقصاء الكلام والحجاج في هذا يطول» وهو مرسوم في مواضعه 
من كتبنا في الفقه. 

عمر يرحل لتمّسه 

حدثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول أبو جعفر الأنباري قال حدثني أني قال حدثنا 
إسحاق بن عيسى الطباخ عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده قال: خرجت 
مع عمر إلى الشام» فاستيقظنا ليله وقد رحل لنا رواحلنا وهو يرحل لنفسه وهو يقول: 


حت اد سس كح اولس السابع والسبعون حت 
لا يأحذ الليل عليك بالبم والبس له هذا القميص واعم 
وكن شريك رافع وأسلم ثم احدم الأقوام حتى تخدم 
قال فقلت: رحمك الله يا أمير المؤمنين لو أيقظتنا لكفيناك. 
قال القاضي: كأن أبا تمام سمع هذا فأخذ منه قوله: 
فمن حدم الأقوام يرجو نوالهم فإني لم أحدمك إلا لأخدما 
قمت وأنا عمر ورجعت وأنا عمر 
وردينا في معنى ما فعله عمر بن اخخطاب رضي الله عنه فيما أتى هذا الخبر به عن 
بعض السلف أنه قال لابن عمر بن عبد العزيز: ما رأيت رجلاً اكرم من أبيلك» سعرت مي 
ذات ليلة فخفت المصباح» فقام إليه ا فقلت له: يا أمير المؤمنين هلا أمرت 
بإصلاحه؛ فقال: قمت وأنا عمر بن عبد العزيز ورجعت وأنا عمر بن عبد العزيز. 
إنا لا نتخث الاخوان خولة 
وروي نحو هذا عن الأبرش الكلبي وقد قام ليصلح المصباح فقال له صاحب ابجلس: مه 
ليس من المروءة أن يستخدم الرجل ضيفه؛ ويروى أنه قال: إنا لا تتخذ الاحوان خولا. 
فروهُ بن مسيك يمد على الرسول 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرنا أبو عثمان قال أحبرنا الأصمعي عن أني 
عمرو بن العلاء قال: كان بين مراد وبين بني الحارث بن كعب قتال في الجاهلية فاستعانت 
بنو الحارث بهمدان على مراد» فقتل من هؤلاء ألف ومن هؤلاء ألف. وذلك يوم الرزم» 
فدحل فروة بن مسيك بعد ذلك على النبي كه فقال: أين كنت عن قومك يوم الرزم؟ 
فقال فروة: يا رسول الله: 


إن نهزم فهزامون قدماً وإن نهزم فغير مهزميئيا 
كذاك الحرب صولتها سجال تكر صروفها حيناً فحينا 
فقال النبي دَه: ما أردت هذاء وإن الذي أصيب به قومك هو الذي حرضهم على 
الإسلام. 


نت الذي يكذب من يحدث بأنعم الله 

ثنا أبو طالب الكاتب علي بن محمد بن الجهم قال حدثنا أبو بكر أحمد بن منصور 
الزيادي قال حدشنا عبد الرراق قل أخبرنا معمر عن زياد بن جبل عن أبي كعب ال حارثي» 
وهو ذو الإداوةق قال: سمعته يقول: حرجت في طلب إبل لي ضوال» فتزودت لبناً في 
إداوة» قال ثم قلت في نفسي: ما أنصفت ربي فأين الوضوء؟ قال: هرت اللبن وملاتها 
ماء فقلت: هد] وضوء وهذا شراب» قال ذكنت أبني إبلي فإذا أردت أن أتوضاً اصطببت 
من الإداوة ماء فتوضأت» وإذا أردت أن أشرب اصطببت لبنا فشربته» فمكثت بذلك 
ثلاثاً فقالت له أسماء النجرانية: يا أبا كعب أحقيناً كان أم حليباً» فقال: ! إنك لظالمة» كان 


د الجليس الصالح والأنيس الناصح ججج 7 _للللل ل 1/7 ف ست 
يعصم من الجوع ويروي من الظمأء أ ما إني حدثت بهذا نفرأً من قومي منهم علي بن 
الحارث سيد بني قنان فقال: ما أظن الذي تقول كأن تقول» قال قلت: الله أعلم بذلك» قال 
فرجعت إلى منزلي فبت ليلتي تلكء؛ قال: فإذا أنا به صلاة الصبح على باي فخرجت إليه 
قال فقلت: يرحمك الله لم تعنيت إلي؟ ألا أرسلت إلي فآتيك؟ قال: لا » فإني أحق بذلك أن 
آتيك» ما هت الليلة إلا أتاني آت فقال: أنت الذي يكذب من يحدث بأنعم الله؟! 
موقفْ المتكلمين من الكرامات 

قال القاضي: قد أنكر جماعة من المتكلمين أن يظبر الله تعالى من آياته ما يخرج عن 
عادات الناس على مرور الزمان وكرور الأيام إلا لنبي» » علماً له شاهداً بصدقه قه ودليلاً على 
صحة نبوته» أو في زمان نبي ونفوا جواز هذا وأن يؤيد به أحد من الآدميين ليس بنبي وإن 
كان على غاية الصلاح في دينه» والطهارة في نفسه وقوة يقينه» وجمهور المعتزلة من أشد 
الناس دفعاً له وتكذيياً لمن حكى شيئاً منه» وقد كان أبو بكر ابن الإخشيد يجيز هذا إذا 
جرى على يد من ليس بنبي إذ أيد به على وجه يرجع إلى تصديق النبي لَه والشهادة بصحة 
رسالته وأبو بكر من أماثل المعتزلة في علمه وبيانه ونظره وتدينه. ورأيت بعض من شاهدناه 
من نظاري المعتزلة وذوي التدين منهم يجيز إظهار مثل ذلك» هذا للصالحين وعلى أيدي 
الأبرار المخلصين؛ وفي ذكر ما يحتج به لأهل هذا القول وعليهم وإثبات ما روي فيه من 
الأخبار المستفيضة المنتشرة وما حكي عمن ظهرت عدالته واشتهر علمه وأمائته طول ليس 
هذا موضع استقصائه؛ وليس هذا الباب مما يدفعه عقل ولا نظر ولا سمع ولا خبر. 

وقد كان بعض المتكلمين ددا" الأخبار من المتثبتين يجيزون ظهور هذه الوائج على 
أيدي الأنبياء والصالحين من أئمتهم وأئمة الدين بعدهم ويمنع من ظهورها على من 
يدعي النبوة كاذباً ويتدين ديناً باطلاً ويذهبون إلى أن في تجويز ذلك إفساد الأدلة 
والتباس الحجة والتسوية بني ذوي الحدى والضلالة والولاية والعداوة» وأجازوا ظهور هذه 
الأشياء على يد من يدعي الربوبية على وجه الفتدة وتغليظ الفتنةء كالذي روي من آمر 
الدجال وأنه يتبعه جنة ونار وقالوا: ليس في إضلال الناس ولا لبس في دينهم» لأن الإنسان 
مرسوم بما لا ينفك منه مما يدل على حدثه وأنه مخلوق كائن بعد أن لم يكن» فأما 
الدجال فإنه مع ما فيه من سمة الحدث التي يشارك فيها سائر الناس مرمي بالعاهة الظاهرة 
لأعين الناظرين» النافية للشك في أمره عن قلوب العاقلين. وأما النبوة فصدق من يدعيها 
وكذب من هو مبطل في ادعائهاء فإن هذين الفريقين مشتركان من جبة الخلقة والصورة 


والهيئة الإنسانية. 
المجلس الثامن والسبعون 
حديث الرسول عن فتئة الدجال 
أخبرنا القاضي ابن الفرج المعانى بن زكريا الجريري قال حدثنا عبد الله بن محمد بن 


دس سسصسس سسستس العام الاين والسبعون حت 
إساعيل يعني ابن رجاء قال حدثنا معقل يعني ابن عبيد الله عن ابن أني حسين عن 
شهر بن حوشب عن أسماء قالت: دخحل علينا رسول الله 8 وقد حدث أصحابه حديا 
غليظاً حتى فاضت أعين القوم يتتحبون عن فتنة الدجال؛ ثم قام عنهم فخرج وهم كذلك؛ 
فسكبت له وضوءاً في الإناء فدحل ثم حرج فتوضاً ثم رجع إليهم وهم على تلك الحالء 
والوضوء يقطر منه» فاعتمد على عارضتي الباب ثم قال: مهيم» قالت أسماء: فكنت جارية 
ناهداً جريت على مسالته, فقلت حين لم يجيبوه: مهيم د يا رسول الله» حلعت قلوبنا 
بالأعور الدجال وقد كان حدث القوم في حديثه عن الدجال أنه تنحاز إليه شار الأرض 
وأطعمتها فقلت له: فكيف يا رسول الله يومئذ؟ والله إني لأعجن عجيني ثم ما يأني لي 
حتى إني لأحشى أن يفتنني» تعني الجوع) قال: لا بأسء لا بأس» إن حرج وأنا حي فأنا 
حجيجه؛ وإن يخرج بعدي فالله حليفتي على كل مسلم. 
وحدثني أن مما وصفه به أنه قال: ما أشكل عليكم فيه فإنه أسود جعد أعور مكتوب 
بين عينيه: كافر» يقرأه كل مسلم كاتب أو غير كاتب. 
قال القاضي: وقد روي أن النبي 8م ذكر له ما يقال إنه يتبع الدجال من الطعام 
والشراب ونحوهماء فقال: هو أهون على الله من ذلك. 
والأحبار الواردة في أمر الدجال وظهوره ومبلكه كثيرة جداًء ونسأل الله أن يعيذنا 
من فتنته» ويجيرنا من ضلالته» ويعصمنا من فتنة اميا والممات برحمته. 
إنها حسناء فلا تمرك 
حدثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول قال حدثني أي قال حدثنا معن بن عيسى قال: 
سبعت أن عمر بن الخنطاب رضي الله عنه كان يطوف بالكعبة فإذا أعرائي طوال على عنقه 
مثل المهاة البيضاء وهو يقول: 
عدت لحذي جملاً ذلولا موطأ أتبع السهولا 
أعدلما بالكف أن تميلا أحذر أن تسقط أو تزولا 
أرجو بذاك نائلاً جزيلا 
فقال عمر: يا عبد الله» من هذه المرأة التي قد وهبت حجك لا؟ قال: امرأتي» أما 
والله إنها على ذاك لحمقاء مرغمة» أكول قمامة» لا يبقى لما حامة» ولكنها حسناء فلا 
تفرك وأم عيال فلا تترك» فقال عمر: فشأنك إذاً مها. 
1 شروح وتعليقات 
قال القاضي: قوله: مثل المهاة البيضاء يعني البقرة الوحشية» ويقال للبلورة مهاة؛ 
وكأنه قصد بهذا القول البيان عن الصفاء والحسن والضياء. ويقال ما لهذا العيش مهاه أي 
نور وبهجة» كما قال الشاعر: 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح سمس بس حص | لاوح 
وليس لعيشنا هذا مهاه وليست دارنا الدنيا بدار 

يروى مهاة بتاء في الوصل يوقف عليها بالهاء» لأنها للتأنيث» وهي فعلة مثل حصاة 
ويروى مهاه على أن المهاء أصلية وهي لام الفعل وزنها فعال مثل سفاه. وقوله: أعدها 
بالكف أن دتميل قيل معناه: عن أن تميل» والكوفيون يتأولونه بمعنى لثلا تميل» وقالوا مثل 
هذا ني قوله تعالى: «إوجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بكم4 (الأنبياء: )١‏ أنه بمعنى 
ألا ميد بكم؛ وقالوا في قوله عز وجل: «إيبين الله لكم أن تضلوا» (النساء: )١77‏ معناه 
أن لا تضلوا. وأنشدوا في هذا قول الشاعر: 


رأينا ما يرى البصراء فيها فآلينا عليها أن تباعا 
أي أن لا تباع. 
وأنكر البصريون هذا وقالوا: المعنى يبين الله لكم كراهية أن تضلوا وحملوا معنى البيت 
على نحو هذا الوجه. 


وقوله: إنها الحمقاء مرغامة إن كانت الرواية هكذا فهو من المراغمة» وهي المشاقة 
والمخالفة» وإن كان الصحيح من الرواية مرعامة بالعين المبهمة فهو من الرعام وهو 
المخاط. روي عن النبي يله أنه قال: صلوا في مرابض الغنم وامسحوا رعامها فإنها من 
دواب الحنة. فإن كانت الرواية هكذا فإنه وصفها بالحمق» تقول العرب: أحمق يمتخحط 
بكوعه. ومن قال في الخبر مرغامة بالغين المعجمة فإنه ينبغي أن يقول رغامها بفتح الياء. 
وقوله: لا تبقى لما حامة أي طائفة تطوف لإفنائها خبز بيتها. وقوله: ولكنها حسناء فلا 
تفرك زعم أهل العلم باللغة أن العرب تقول: فركت المرأة زوجها تفركه إذا أبغضته, 
وأنهم يقولون في الرجل إذا أبغض امرأته: قد صلفت عندهء ولا يقولون فركها. وقد جاء 
في هذا الخبر حسناء فلا تفرك فإن كان هذا الكلام محفوظأ وكان رواية من يضبط هذا 
ويوئق بنقله ومعرفته فهو صحيح مستعمل» مسقط لقول من زعم أنه مرفوض مهمل» وإن 
كانت الرواية غير ثابتة فما ذكره اللغويون الذين عنوا بكلام العرب وميزوا مستعمله من 
مهمله أولى باتباعهم والأخذ بروايتهم وإثبات ما أثبتوه ونفي ما نفوه وأسقطوه. وقد قيل 
إن امرأ القيس كان مفركاً أي تبغضه النساءء ويقال امرأة فارك كما قال متمم بن نويرة: 


أقول لهند حين لم أرض فعلها أهذا دلال العشق أم فعل فارك 
ويجمع الفارك فوارك» مثل قاعد وقواعد» وطالق وطوالق» وطاهر وطواهرء كما قال 
ذو الرمة: 
إذا الليل عن نشز تجلى رمينه بأبصار أمثال النساء الفوارك 


وهذا من الجمع المطرد في العربية سماعاً وقياساً. 


ررم سس بست الهلس الثامن والسبعون عت 
أسئلة علي لابنه الحسن 

حدسنا بدر بن اليثم الحضرمي قال حدثنا علي بن المنذر الطريقي قال حدثنا 
عثمان بن سعيد قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا محمد بن عبيد الله أبو رجاء من 
أهل تستر قال حدثنا شعبة بن الحجاج الواسطي عن أبي إسحاق الحمداني عن الحارث 
الأعور أن علياً اتيك ساءل ابنه الحسن ا عن أشياء من أمر المروءة» فقال: يا بني ما 
السداد؟ قال: يا أبة السداد دفع المنكر بالمعروف» قال: فما الشرف؟ قال: اصطناع 
العشيرة وحمل الحخريرة» قال: فما المروءة؟ قال: العفاف وإصلاح المرء ماله» قال: فما 
الدقة؟ قال: النظر في اليسير ومنع الحقيرء قال: فما اللؤم؟ قال: إحراز المرء نفسه وبذله 
عرسه من اللؤم» قال: فما السماحة؟ قال: البذل في اليسر والعسرء قال: فما الشح؟ قال: 
أن ترى ما في يديك شرفاً وما أنفقته تلفأ قال: فما الإحاء؟ قال: الوفاء في الشدة 
والرخاءء قال: فما النبن؟ قال: الحرأة على الصديق والنكول عن العدوء قال: فما 
الغنيمة؟ قال الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة» قال: فما الحلم؟ قال: 
كظم الغيظ وملك النفسء قال: فما الغنى؟ قال: رضى النفس بما قسم الله عز وجل لا 
وإن قل فإما الغنى غنى النفس» قال: فما الفقر؟ قال: شره النفس في كل شيء؛ قال: فما 
المنعة؟ قال: شدة الباس ومنازعة أشد الناس» قال: فما الذل؟ قال الفزع عند المصدوقةء 
قال: فما الحرأة؟ قال موافقة الأقران» قال: فما الكلفة؟ قال كلامك فيما لا يعنيك» قال: 
فما البحد؟ قال: أن تعطي في الغرم وأن تعفو عن الحرم» قال: فما العقل؟ قال: حفظ 
القلب عن كل ما استرعيته» قال: فما الخرق؟ قال: معاداتك لإمامك ورفعك عليه 
كلامكء, قال: فما السناء؟ قال إتيان الحميل وترك القبيح» قال: فما الحزم؟ قال: طول 
الأناة والرفق بالولاة والاحتراس من الناس بسوء الظن هو الحزم» قال: فما السرو؟ قال: 
موافة الإخوان وحفظ الخيران» قال: فما الستمه؟ قال: اتباع الدناة ومصاحبة الغواة قال: 
فما الغفلة؟ قال: تركك المسجد وطاعتك المفسدء قال: فما الحرمان؟ قال: تركك 
حظك وقد عرض عليكء» قال: فما السيد؟ قال: السيد الأحمق في ماله المتهاون في 
عرضه يشتم فلا يجيب المتحرز بأمر عشيرته هو السيد. 

علي يروي كلمات للرسول 

قال: ثم قال علي الكَيل: يا بي سمعت رسول الله وك يقول: لا فقر أشد من الجهل؛ 
ولا مال أعود من العقل» ولا وحشة أوحش من العجبء ولا مظاهرة أوثق من المشاورة؛ 
ولا عقل كالتدبير» ولا حسب كحسن الخلق» ولا ورع كالكف, ولا عبادة كالتفكرء ولا 
إيمان كالحياء والصبر. وآفة الحديث الكذبء وآفة العلم النسيان» وآفة الحلم السفه» وآفة 
العبادة الفترة» وآفة الظرف الصلف» وآفة الشجاعة البغي» وآفة السماحة المن وآفة 


ح الجليس الصالح والأنيس الناصح سمس سس حت لاود 
الجمال الخيلا» وآفة الحسب الفخر. يا بني لا تستحفن برجل تراه أبداً» فإن كان أكبر 
منك فعد أنه أبوك؛ وإن كان في مثل عمرك فهو أخوك؛ وإن كان أصغر منك فاحسب أنه 
ابنك. فهذا ما ساءل علي بن أني طالب ابنه الحسن عليهما السلام عن أشياء من المروءة 
وما أجابه الحسن رضي الله عنه. 
تعليق القاضي 

قال القاضي: في هذا الخبر من جوابات الحسن أباه عما ساءله عنه من الحكمة وجزيل 
الفائدة ما ينتفع به من راعاه وحفظه؛ ووعاه وعمل به وأدب نفسه بالعمل عليه وهذبها 
بالرجوع إليه؛ وتتوفر فائدته بالوقوف عنده. وفيما رواه في أضعافه أمير المؤمنين عن النبي 
يل ما لا غنى بكل لبيب عليم ومدره حكيم عن حفظه وتأمله والمسعود من هدي 
لتقبله» وامحدود من وفق لامتثاله وتقبله. 

ا مغيرة ابن حبناء عند طلحة الطلحات 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال أحبرنا أبو حاتم قال أخبرنا أبو عبيدة قال: قدم 
المغيرة ابن حبناء أحد بني مالك بن حنظلة على طلحة الطلحات يطلب صلتهء فأخرج 
إليه حجري ياقوت في درجين فقال: أيما أحب إليك عشرة آلاف أو الحجران؟ فقال: ما 
كنت لأختار الحجارة على الدراهم, فأمر له بعشرة آلافء ثم قال: أيها الأمير إن نفسي 
تنازعني إلى أحد الحجرين» فدفعه إليه» فأنشأ يقول: 


أرى الناس غاضوا ثم فاضوا ولا أرى بني خحلف إلا رواء االموارد 
إذا نفعوا عادوا لمن ينفعوته وكائن ترى من نافع غير عائد 
فألقى إليه الحجر الأخر. 
أعرابي قاتل اللصوص ونجا 


حدثنا يزداد بن عبد الرحمن قال قال أبو موسى يعني عيسى بن إسماعيل تينة حدئني 
الرياشي أن لصوصا وقعوا على قوم فيهم أعرائي فسلبوهم ثيامهم» وقاتل الأعرالي حتى 


نجل فأنشأ يقول: 
سائلا سيفي هل رويته حين عز الري من هام اللصوص 
فر أصحابي وقاتلتهم باذلا نفسي لهم دون القميص 
كاد يدعو وينادي بائع من يفوز اليوم بالثوب الرخحخيص 
عمر بن هبيرة يلجأ إلى يزيد بن المهلب 
ليحمل عنه غرما 


حدثنا أبو النضر العقيلي قال حدثنا أبو إسحاق طلحة بن محمد الطلحي النديم قال 


ح. رمم سلس الهالس الثامن والسبعون حت 
عمر بن هبيرة من غزاته في البحر ألف ألف درهم؛ فمشى إلى يزيد بن المهلب وقد ولي 
العراق بعثمان بن حيان المري والقعقاع بن خالد العبسي والحذيل بن زفر بن الحارث 
الكلابي وغيرهم من قيس» فلما انتهوا إلى باب سرادق يزيد أذن لهم الحاجب في دخوله؛ 
وأعلمهم أنه يغسل رأسه, فلما فرغ حرج في سبنية فألقى نفسه على فرشه ثم قال: ما 
ألف بينكم؟ فقال عثمان: هذا ابن هبيرة شيخنا وسيدناء كان الوليد حمل معه مالا حيث 
وجمه إلى البحر» فأعطاه جنده. فخرج عليه من غرمه ألف ألف درهم.ء فقلنا: يزيد سيد 
أهل اليمن ووزير لسليمان وصاحب العراق ومن قد تحمل أمثالحا عمن ليس مثلناء ووالله 
لو وسعتها أموال قيس لاحتملناها. ثم تكلم القعقاع فقال: يا ابن المهلب هذا حير ساقه 
الله إليك» وليس أحد أولى به منك؛ فافعل به كبعض فعلاتك الأول» فلن يصدك عن 
قضاء هذا الحق ضيق ولا بخل» وقد أتيناك مع ابن هبيرة فيما حمل» فهب لنا أموالنا واستر 
في العرب عورتنا. ثم تكلم الهذيل بن زفر فقال: يا ابن المهلب؛ إني لو وجدت من 
الممشى إليك بدا لما مشيت إليك؛ لأن أموالك بالعراق» وإنما أتيتنا خائفاً» ثم أقمت فينا 
ضيفأء ثم تخرج من عندنا محروباً. وايم الله لئن تركناك بالشام لنأتينك بالعراق» وما ها هنا 
أقرب في الحظوة وأوجب للذمام. ثم تكلم ابن حيثمة فقال: إني لا أقول لك يا ابن 
المهلب ما قال هؤلاء. أخبرني إن أنت عجزت عن احتمال ما على ابن هبيرة فعلى من 
المعول» لا والله ما عند قيس له فكاكء ولا في أموالهم متسعء ولا عند الخليفة له فرج. ثم 
تكلم ابن هبيرة فقال: أما أنا فقد قضيت حاجتي رددت أم أنجحت لأنه ليس لي أمامك 
متقدم ولا حلفك متأخحرء وهذه حاجة كانت في نفسي فقضيتها. فضحك يزيد بن 
المهلب وقال: إن التعذر أحو البخلء ولا أعتذر» فاحتكمواء فقال القعقاع: نصف المال» 
فقال يزيد: قد فعلت»ء أرنا يا غلام غداءك» قال: فجيء بالطعام فأنكرنا منه أكثر مما 
عرفناء فلما فرغنا أمر بتطييبنا وحملاننا وإجادة الكسوة لناء قال: ثم حرجناء حتى إذا 
مررنا قال ابن هبيرة: أخبروني عما بقي من يحمله بعد ابن المهلب؟ لقد صغر الله 
أقداركم وأخطاركمء والله ما يدري يزيد ما بين النصف والتمام؛ وما هما عنده إلا سواءء 
ارجعوا إليه فكلموه في الباقي» قال: وقد كان يزيد ظن بهم أن سيرجعون إليه في التمام) 
فقال للحاجب: إذا عادوا فأدحلهم» فلما عادوا أدحلهم» فقال هم يزيد: إن ندمتم 
أقلناكم» وإن استقللتم زدناكم» فقال له ابن هبيرة: يا ابن المهلب» إن البعير إذا أوقر 
أثقلته أذناه وأنا بما بقي مثقل» فقال: قد حملتها عنك؛ ثم ركب إلى سليمان فقال: يا أمير 
المؤمنين إنك إنما رشحتني لتبلغ بي وإني لا أضيق عن شيء اتسع له مالكء» وما في أيدينا 
عوار لك تصطنع بها الناس وتبتني بها المكارم؛ ولولا مكانك ظلعنا بالصغير. ثم قال: إنه 
أتاني ابن هبيرة في وجوه أصحابه» فقال له سليمان: أمسك أتاك في مال الله عند حب 


سس اليس الصاح والأئيس القامصح ب 7ب ب ب ب سس و 
ضبء جموع منوع» خحدوع هلوع» هيه فصنعت ماذا؟ قال: حملتها عنه» قال: احملها إذا 
إلى بيت مال المسلمين» قال: والله ما حملتها خدعة وأنا حاملها بالغداة» ثم حملها فلما 
أخبر سليمان بذلك دعا يزيد فلما رآه ضحك وقال: ذكت بك ناري» ووريت بك 
زنادي» غرمها علي وحمدها لك» قد وفت لي يميني فارجع المال إليك» ففعل. 
حين تأتى حماد عجرد في استرداد غلام آبق 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثنا محمد بن القاسم بن خلاد قال أحبرنا 
عمر بن حماد عجرد وكان حماد يكنى به قال: آحر شعر قاله أبي أنا كنا بواسط فأبق له 
غلام فبلغنا أنه بالكوفة» فوجه أبي في طلبه» فأخبرت أنه عند ابن أخي إسحاق بن الصباح 
الكندي» وكان على الكوفة» فلم أصل إلى الغلام» فكتبت إلى أني بخبره وقلت: انظر من 
يفقل على إسحاق فخذ كتابه يشفع لك عنده» قال: فكتب إلي: 
أماكتابك يا شي فإنه جزع وليس بحازم من يبجزع 
انظر وصيتي التي أوصيكها 2 فاعمل بها إن كنت مني تسمع 
لا تطلبن إلى الأمير شفاعة إن الشفاعة عنده لاتنفع 
ولوان ذلك في الحكومة نافعي عند الأمير لكان لي من يشفع 
لكل نيهوك ثتثيرة آلاؤه وسماؤه بالغيث ليست تقلع 
إن كان يطلب للصنيعة موضعاً حسناً فعندي للصسنيعة موضسع 
ماكان إسححق ليصنع بابنه في الحكم إلا مثل ما بك يصنع 
فإذا قضى فاقنع فإن قضساءه لي إن قضى لي أو علي لمقنع 

قال الحسين: فأنشدتها في مسجد الكوفة فتلقفها أهل الكوفة فبلغت إسحاق فأرسل 
إلي فقال: يا ابن أخير أنت هاهنا مقيم ولم تعلمني؟ وأمر بالغلام فرد على ووصلني 
بخمسمائة درهم» فانصرفت إلى أبي فوجدته قد مات. 

أقوال منثورة ومنظومة شي المشورذ 

حدئنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثنا أي عن أني جعفر محمد بن عمران قال 
يقال: توأم الرأي خير من الفذ ورأي الثلاثة لا ينقض. قال محمد: ويقال نصف عقلك مع 
أخيكء» يعني في المشاورة. قال محمد: ويقال رأي الفذ لا تستغني به الخاصة ولا يصلح 
للعامة. قال محمد: ويقال ما هلك امرؤ عن مشورة ولا سعد امرؤٌ باستغناء برأي» وإذا 
أراد الله أن يبلك عبداً أغناه برأيه فكان أول ما يهلكه» قال الله عز وجل: #وشاورهم في 
الأمر» (آل عمران: )١55‏ من غير حاجة منه إليهم ولكن لتبقى سنة» وقال الشاعر: 


حال سس سس سس سس البجلس الثامن والسبعون حت 
خليلي ليس الرأي في صدر واحد أشيرا علي اليوم ما تريان 


وقال الآخر: 
إذا بلغ الرأي المشورة فاستتعن برأي نصيح أو نصيحة حازم 
ولا تحسب الشورى عليك غضاضةً مكان الخوائي نافع للقوادم 


في العجلة والبطء 
وحدثنا محمد بن القاسم قال حدثني أني عن أني جعفر محمد بن عمران قال يقال: 
بيتوا الرأي يكشف لكم عن محضه. قال ويقال: العجلة تسلب الوقار. قال ويقال في مثل: 


أسرع تبطئ. 
عتبة بن ربيعة يعرض على الرسول 
أن يكف عن أمره 
حدثنا أبو بكر ابن الأنباري قال حدثنا محمد بن يحيى المروزي قال حدثنا أحمد بن 


أيوب قال حدئنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عن زياد مولى بني هاشم عن 
محمد بن كعب القرظي قال قال عتبة بن ربيعة وهو جالس في نادي قريشء ورسول الله 
© منفرد ناحية: أريد أن أقوم إلى محمد فأعرض عليه أموراً ليكف عن أمره هذا فأيها 
شاء أعطيناه إذا رجع لنا عن هذاء فقالوا له: شأنك أبا الوليد, وكان عتبة سيدا حليماً 
فجاء إلى رسول الله يده فقال له: يا ابن أخي إنك منا بحيث قد علمت من السلطة في 
النسب والمكان من العشيرة وإنك قد أتيت قومك بما لم يأت أحد قومه بمثله: سفهت 
أحلامنا وكفرت آباءنا وعبت آلتنا وفرقت كلمتناء فإن كان هذا لمال تبغيه جمعنا لك 
أموالنا حتى تكون أيسرناء وإن كنت تميل إلى الرئاسة رأسناك علينا ولم نقطع أمراً دونك» 
وإن كان لرئي من الحن بعتادك أعذرنا في اللحد والاجتهاد حتى ينصرف عنك فإن الرأي 
يحمل صاحبه على ما لا يصل معه إلى تركه. ورسول الله يخ ساكت يسمع»ء فلما سكت 
عتبة قال له رسول الله غَيَّه: اسمع يا أبا الوليد ما أقول: ليسم الله الرحمن الرحيم؛ حم 
تنزيل من الرحمن الرحيم؛ كناب فصلت آياته قراناً عربياً لقوم يعلمون؛ بشيرا ونذيراً 
فأعرض أكثرهم فبم لا يسمعون» (فصلت: )١5‏ ومضى رسول الله و في القراءة 
حتى انتهى إلى السجدة» فسجد وسجد معه المسلمون» وعتبة مصغ يستمع وقد اعتمد 
على يديه من وراء ظهره» فلما قطع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القراءة قال له: 
يا أبا الوليد قد سمعت الذي قرأت عليك فأنت وذاك. فانصرف عتبة إلى قريش في ناديها 
فقالوا: لقد جاءكم ا بو الوليد بغير الوجه الذي مضى به من عندكم. ثم قالوا: ما وراءك يا 
أبا الوليد؟ فقال: والله لقد معت من محمد كلاماً ما سبعت مثله قطء والله ما هو بالشعر 
ولا السحر ولا الكهانة) فأطيعوني في هذه وأنزلوها بي وخلوا محمداً وشأنه واعتزلوه فوالله 


حج الجليس الصالح والأيس الناصح م سس سسسب حت ”روح 
ليكونن لما سعت من قوله نبأء فإن أصابته العرب كفيتموه بأيدي غيركم؛ وإن كان ملكا 
أو نبياً كتتم أسعد الناس به لأن ملكه ملككم وشرفه شرفكمم, فقالوا: هيبات» سحرك 
محمد يا أبا الوليد» فقال: هذا رأبي لكم فاصنعوا ما شئتم. 
الرسول يصف القرآن 
حدثنا محمد بن يحيى قال حدئنا محمد وهو ابن سعدان قال حدثنا الحسين بن محمد 
عن يزيد بن عطاء وحكيم بن نافع عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله بن 
مسعود قال» قال رسول الله وَتّهّ: إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبته ما استطعتم. 
إن هذا القرآن هو حبل الله النور المبين والشفاء النافع» عصمة من تمسك به نجاء ولا 
يعوج فيقوم ولا يزيغ فيستثبت ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق عن كثرة الرد فاتلوه فإن 
الله عز وجل يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات. أما إني لا اقول لكم الم 
حرف ولا ألفين أحدكم واضعاً إحدى رجليه يدع أن يقرأ سورة البقرة فإن الشيطان وإن 
أصفر البيوت صفر من كتاب الله. 
علي غير مرتاح لوقوع الناس هي الأحاديث 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثنا إدريس بن عبد الكريم قال حدثنا حلف 
قال حدثنا منصور بن عطاء. رجل من أصحابنا قال: سمعت حمزة الزيات يحدث عن أي 
المختار الطائي عن ابن اي الحارث عن الحارث قال: دحلت المسجد فإذا الناس قد 
وقعوا في الأحاديث فأتيت علياً الكتيئكا فقلت: يا أمير المؤمنين» ألا ترى الناس قد وقعوا في 
الأحاديت» فقال: أو قد فعلوها؟ قلت: نعمء قال: فإني سمعت رسول الله ين يقول: إنها 
ستكون فتنة» قلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله فيه نبأ من قبلكم 
وبر من بعدكم وحكم ما بينكم؛ هو الفصل الذي ليس بالحزل» من تركه من جبارٍ 
قصمه الله» ومن ابتغى الحدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين» وهو الذكر الحكيم» 
وهو الصراط المستقيم» هو الذي لا تزيغ به الأهواءء ولا تشبع منه العلماء» ولا تلتبس به 
الألسن» ولا يخلق عن رد» ولا تنقضي عجائبه» وهو الذي لم تنته الجن لما سمعته غير أن 
قالوا: «إإنا سمعنا قرآناً عجباً يبدي إلى الرشد» (الجن: ١‏ 7) من قال به صدق» ومن 
حكم به عدل» ومن عمل به أجرء ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم» أو قال: من 
اعتصم به هدي إلى صراط مستقيم» خحذها إليك يا أعور. 
من أعطي كل القرآن أوجزءا منه 
حدثنا سليمان بن يحيى بن الوليد المقري أبو أيوب الضبي قال حدثنا محمد بن سوار 
قال حدثنا عبد الوهاب عن بشر بن شير عن القاسم مولى نحالد بن يزيد عن أبي أمامة 


الحمصي قال» قال رسول الله غيم : من أعطي ثلث القرآن فقد أعطي ثلث النبوة ومن 


جو روه طح كك سح اولس الثامن والسبعون حت 
أعطي ثلثي القرآن فقد أعطي ثلثي النبوة» ومن أعطي القرآن كله فقد أعطي النبوة كلها 
غير أنه لا يوحى إليه. 

ويقال له يوم القيامة اقرأ وارق فيقرأ آية ويصعد درجه حتى ينجز ما معه من القرآن» 
ثم يقال له اقبض فيقبض» ثم يقال له: أتدري ما في يديك؟ فإذا في يده اليمنى الخلد وني 
اليسرى النعيم. 

موعظة علي لكميل بن زياد 

حدثنا محمد بن أحمد المقدمي وحدثنا عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن الوراق وحدثنا 
ابن عائشة قال حدثني أني عن عمه عن كميل» وحدثني أي قال حدثنا أحمد بن عبيد قال 
حدثنا المدائني» والألفاظ في الروايتين مختلطة» قالاء قال كميل بن زياد النخعي: أحذ 
علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بيدي فأخرجني إلى ناحية الحبان» فلما أصحر تنفس ثم 
قال: يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاهاء احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: 
عالم رباني» ومتعلم على سبيل نجاة» وهمج رعاع أتباع كل ناعق غاو» يميلون مع كل ريح 
لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجاوا ! لى ركن وثيق. يا كميل العلم حير من المال العلم 
يحرسك وأنت تحرس المال» والعلم يزكو على الإنفاق والمال تنقصه النفقة. يا كميل محبة 
العالم دين يدان به في كسبه العلم لذته في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته» ونفقة المال 
تزول بزواله» والعلم حاكم والمال محكوم عليه. يا كميل مات حزان الأموال وهم أحياء. 
والعلماء باقون ما بقي الدهر: أعيانهم مفقودة, وأمثالهم في القلوب موجودة. إن هاهنا لعلما 
وأشار إلى صدره لو أصبت له حملة. ثم قال: اللهم بلى أصبته لقنا غير مأمون عليه يستعمل 
آلة الدين في الدنيا ويستظهر ب بحجج الله على أوليائه وبنعمه على كتابه, أو منقاداً الجملة الحق 
لا بصيرة له في إحيائه؛ يقدح الزيغ في قلبه بأول عارض من شببة» الهم لا ذا ولا ذاك» أو 
منهوماً بالذات» سلس القياد في الشهوات» ومغرماً بالجمع والادحار» وليسا من رعاة 
الدين» أقرب شبهاً بهما الأنعام السائمة؛ وكذلك يموت العلم بموت حملته. 

ثم قال اللهم بلى» لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهر مشهور وإما خائف 
مغمورء لثلا تبطل حجج الله وبيناته فيكم» وأين أولئك؟ أولئك الأقلون عدداً؛ الأعظمون 
قدرأء بهم يحفظ الله حججه حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها ني قلوب أشباههم» هجم 
بهم العلم على حقيقة الأمر فباشروا روح اليقين» واستسهلوها واستوعر المترفون» وأنسوا 
بما استوحش منه الجاهلون) وصحبوا الدنيا بأرواح معلقة باحل الأعلى. يا كميل؛ أولئفك 
خلفاء الله في أرضه الدعاة إلى دينه» هاه وشوقا إلى رؤيتهم؛ أستغفر الله لي ولك. 

ما رأيت أقرأ لكتاب الله من علي 
حدثنا محمد بن الحسين بن زياد قال حدئنا حسين بن الأسود قال حدئنا يحيى بن آدم 


د اليس الصالح والأنيس الناصح سلب7 سروح وار هد 
عن أني بكر بن عياش عن عاصم بن أبي النجود عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: ما 
رأيت أحداً أقرأ لكتاب الله من علي بن أني طالب اللفلة. 
علي لم يصب من الميء إلا قارورة 

حدثنا أحمد بن محمد الأسدي قال حدثنا عباس بن الفرج الرياشي قال حدثنا أبو 
عاصم عن معاذ بن العلاء أي أني عمرو بن العلاء عن أبيه عن جده قال: سبعت علي بن 
أي طالب اتلك يقول: ما أصبت من فيئكم إلا هذه القارورة أهداها إلي الدهقان بضم 
الدال ثم أتى إلى بيت المال فقال حذه وأنشأ يقول: 


أفلح من كان له قوصرة يأكل منها كل يوم مرة 
نيرزوا كل يوم 


حدثنا إسماعيل بن الحسين القاضي قال حدئنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن 
سلمة عن علي بن زيد عن السعر التميمي قال: أهدي إلى علي بن أبي طالب فالوذج في 
جام يوم النوروز فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم النوروز» فقال: نيرزوا كل يوم» بالياء. 
شعر لعبد الله بن زياد الحارثي 
حدثنا أبو بكر بن دريد قال أنشدني عمي قال أنشدنا ابن عائشة لعبد الله بن زياد 


الحارني : 
لا يبلغ المحد أقوام وإن كرموا حتى يذلوا وان عزوا لأقوام 
ويشتموا فترى الألوان مسفرة لا عفو ذل ولكن عفو أحلام 
وإن دعا الجار لبوا عند دعوته في النائبات بإسراج ولام 
مستلئمين لهم عند الوغى زجل كأن أسيافهم أغرين بالهام 


شعر لأعرابي ٍ 

أخبرنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن العتبي قال معت أعرابيا يقول: 
إذا كان المهياج سحبت درعي وإن كان الرحعاء جررت بردي 
وأبذل للخحليل تلاد مالي وإن قل التلاد بذلت جهدي 
وأغني في الحروب غسناء مثلي ولست بموحش إن كنت وحدي 

شعر في الدعوة إلى المّضيلة 

أنشدنا أبو بكر قال أنشدنا السكن قال أنشدنا محمد بن عباد: 
إذا عثرة نابت صديقك فاغتنم مرمتها فالدهر بالناس قلب 
وبادر بمعروف إذا كنت قادراً زوال اقتدار أو غنى عنك يعقب 
إذا كنت في الأمرين تأتي مخيراً فأتقاهما لله أولى وأوجب 


حدويره 

وأحر هديت السوء إن كان نازلاً 
وكف عن السوءات لا تقربنهبسا 
فكم فائت في فوته لك خيرة 
وكم مدرك أمنيةً كان داؤه 


ا مجلس الثامن والسبعون حت 
وإدراكه لو نلته لك أعطب 
بإدراكبا والغيب عنه محجب 


رشونا فقضيت حاجتنا 
حدثنا أبو بكر قال أخبرنا الرياشي قال حدثنا أبو معقل قال سمعت عبد الله بن رؤبة قال: 
كانت لنا حاجة إلى السلطان فاستشفعنا إليه فلم يشفعنا فرشونا فقضى حاجتنا فقال روّبة: 


لما رأيت الشفعاء بلدوا 


وسألوا أميرهم فأنكدوا 
وسهل الله بها ما شددوا 


غزل جميل لأبي حية 
أنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لأني حية النميري: 


إذا هن اقطن الأحاديث للفتى 
رمين فأنفذن القلوب فلا ترى 
وخحبرك الواشسون أن لا أحبكم 
أصد وما لالص د الذي 
حياء وبقيا أن تشيع نميمة 
أما إنه لو كان غيرك أرقلت 


سقوط حصى المرجان من سلك ناظم 
دما مائراً إلا جرى في الحيازم 
بلى وسغور البيت ذات المحارم 
عزاء بن إلا ابتلاع العلاقم 
بناوبكماف لأهل التمائم 
إليه القنا لمر هفات اللهاذم 


ويروى: أرقلت صعاد القنا بالراعفات الملاغم 


ولكن وبيت الله ما طلا مسلماً كعز الثنايا واضحات المباسم 
وإن دما لو تعلمين جنيته على الحي جاني مثله غير سالم 
جمع فأوعى وسئل فأكدى 
أخبرنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال: سئل المساحقي عن عبد 
الله بن الحسن فقال: جمع فأوعى» وسئل فأكدى» وحكم فتعدى. 
رأي ابن المسيب شي مصارع بني هاشم 
أخبرنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال: ذكر لسعيد بن المسيب مصارع بني 
هاشم فقال: إني أظن أن الله جل اسمه أراد أن يطهر بهم بطن الأرض كما عمر بهم ظهرها. 
صاحب يجيد تمزيق عرض صاحبه 


هه ٠‏ هو 


أخبر نا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن أي عبيدة: 


- الجليس الصالح والأئيس الناصح سمس سروح ا م ود 
لي صاحب ليس يخلو لسانه من جراحي 
يجيد شزيق عرصي على طريق المزاح 
يجود بخير أو يهم به 
أنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن أي عبيدة عن يونس: 
فتى لا تراه الدهر إلا ونفسه تجود بخير أو تهم بخير 
تيه الغتى ومدلة الممقّر 
أنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة عن يونس: 
خحلقان لا أرضى فعاللههما تيه الغنى ومذلة الفقر 
فإذا غنيت فلا تكن بطراً وإذا افتقرت فته على الدهر 
واصبر فلست بواجد خلقا أدنى إلى فرج من الصبر 
أريع ضائعة 
حدثنا أبو بكر قال سعت الأصمعي يقول قال بعض الحكماء: لا شيء أضيع من 
أربع: مودة شنحبا من لا وفاء له» وبلاء تصطنعه عند من لا شكر له وأدب تؤدب به 
من لا ينتفع به وسر تستودعه من لا صيانة له. 
أخبرنا أبو بكر قال أحبرنا أبو حاتم قال سمعت أبا عبيدة يقول: بلغني أنه قيل لمعن بن 
زائدة ما أحسن ما مدحت به؟ قال: يقول سلم الخاسر: 
أبلسغ التقفياان مالكة أن خحسير الود مانمعها 
إن قرماً من بسني مطلر أتلفت كفاهماساجمعا 
كلما عدنا لتاالئ اله عادفي معروفه . جلذأعا 
عدم جواب اللئيم أشد عليه من الشتم 
أنشدنا أبو بكر ابن الأنباري قال أنشدنا أحمد بن عبيد قال أنشدنا الأصمعي: 


وما شيء أحب إلى لثيمٍ إذا شتم الكريم من الحواب 


متاركة اللثيم بلا جواب أشد على اللثيم من السباب 
شديد عادة منتزعه 


وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثي محمد بن المرزبان قال حدثنا محمد بن عمران 
الضبي قال: كانت لأبي الأسود الديلي من معاوية ناحية حسنة» فوعده وعدا فأبطأ عليه 
فقال له أبو الأسود: 
لايكن برقك بسرقاً حلباً إن خير البرق ما الغيث مسعله 
لاتمني بعدإذاكرمتني فشديد عادة منتزعه 


حررهح ع ست ابلس الثامن والسبعون د 
من مشى في حاجة أخيه المسلم 
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الله بن أني ناجية قال حلئنا عبد الله ين عمران العابدي 
المعزومي بكة سنة اثتين وأربعين وماتين قال حلا عبد الرحيم بن زيد الدمي عن عن أبيه عن 
نس قال قال رسول الله 856: من مشى في حاجة أعيه المسلم كتب الله له بكل خطوة سبعين 
وا عه بحي سل حي رج ليا نت ا 0 
ذنوبه كيوم ولدته أ مف وان مات بين ذلك دحل الخحنة بغير حساب. 
ألم اختار الوحدة 
وحدثنا أبو بكر قال حدثني أبي عن محمد بن الحسن الجوهري قال: دحلت على 
أحمد بن صاعد الصوري وهو جالس وحده في مسجده. فلت له: مالي أراك وحدك؟ 
فقال: 
قنعت بعلم الله ذحري وواحدي بمكنون أسرار تضمنها صدري 
فلو جاز ستر السر بيني وبينه عن القلب والأحشاء ما علما سري 
النعم مفضوب عليها 
حدثنا أبو بكر قال حدثني محمد بن المرزبان قال حدثنا عبد الرحمن بن موسى قال 
حدثنا أبو عاصم أحمد بن يونس قال حدثنا روح بن عبد الرحمن البوشنجي قال سمعت 
سفيان بن عبينة يقول: ما أرى النعم إلا مغضوباً عليهاء أراها ني غير أهلها. 
وأنشدني محمد بن المرزبان قال أنشدني أبو عبد الله النهبمي لسعيد بن حميد في هذا 


المعنى: 
يا حجة الله في الأرزاق والقسم ومحنة لذوي الأخطار والممم 
تراك أصبحت في نعماء سابغة إلا وربك غضبان على النعم 
أنشدنا أبو الحسن بن البراء: 
ليست النعمة عند الله في مثلك نعمة 
غضب الله عليها فابتلاها بك نقمة 


أمرنا رسول الله بسبع ونهانا عن سبع 
حدثنا أبو برقال حدثنا علي بن محمد بن أبي الشوارب القاضيء» قال حدثنا أ 
الوليد قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة قال حدثنا الأشعث بن سليم قال: سبعت 
معاوية بن سويد بن مقرن يحدث عن البراء قال: أمرنا رسول الله َه بسبع ونهانا عن 
سبع» وأمرنا بعيادة المريض وتشييع الجنائز وتشميت العاطس وإجابة الداعي ونصرة 
المظلوم وإبرار القسم وإفشاء السلام؛ ونهانا عن آنية الفضة وححاتم الذهب والميثرة 
والخرير والديباج والإستبرق والقسي. 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح لبي بس يلب ب بلص ة رودت 
تمسيرات لغوية 
قال اللغويون: التشميت هو الدعاءء؛ يقال له التسميت والتشميت» والتشميت معجمة 
فيه أعرف وأفصح. من ذلك أنه يه لم أدحل علياً على فاطمة عليهما السلام قال: لا 
تعجلا حتى آتيكماء فلما أتاهما شت عليهما وانصرف» يعين دعا لمما. والميثرة: سرج 
من سروج العجم فيه حديد والإستبرق الغليظ من الديباج والقسي ثياب فيها حرير تعمل 
في ناحية مصر بقرية يقال لما القس. 
أيمن بن خريم لا يقاتل مصليا 
وحدثنا أبو بكر قال» حدثنا محمد بن أحمد المقدمي قال حدثنا أبو حفص الفلاس» 
قال: أخبرنا وكيع عن إسماعيل بن أني خالد عن الشعبي أن عبد الملك بن مروان قال 
لأيمن بن خريم بن فاتك: ألا تخرج فتقاتل معنا؟ فقال: إن أني وعمي شهدا بدراً مع 
رسول الله وك وأمراني أن لا أقاتل رجلاً يصليء فإن أعطيتني براءةً من النار قاتلت معك؛ 
فتركه. وهو الذي يقول: ‏ 
فلست مقاتلا رجلا يصلي 
له سلطانه و علي وزري معاذ الله من سفه وطليش 
أأقتل مسلماً ني غير جرم فليس بنافعي ما عشت عيشي 
إلى متى هذا المّراق 
أنشدنا أبو بكر قال أنشدنا المظفر بن عبد الله رحمة الله عليه: 
وقد ضقت ذرعاً بشق الإزار غداة الرحيل وبل امار 
كأن الدموع على حدها بقية طل على جلنار 
تلبية لأبي نواس 
حدثنا أبو بكر قال حدثني أي قال حدثنا عبد الله بن عمر قال حدثنا سعيد بن اليمان 
قال حدثنا ابن صفوان قال: لما حج أبو نواس لبى فقال: 


على سلطان آخر من قريش 


إهناما عدلك مليك كل من ملك 
لبيك قد لبيت لك لبيك إن الحمد لك 
والملك لا شريك لك ما حاب عبد سألك 
أنت له حيث سلك لولاك يا رب هلك 
لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك 
والليل لما أن حلك والسابحات في الفلك 
على مجاري المنسلك لبيك إن الحمد لك 


والملك لا شريك لك 


كل نبي وملك 


د أ و سس سح سسسب ااا ا مجلس الثامن والسبعون حت 


وكل من أهل لك سبح أو صلى فلك 
لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك 
يا مخطئاً ما أغفلك عجل وبادر أجلك 
واحتم بخير عملك لبيك إن الحمد لك 
1 والملك لا شريك لك 
في القوت غنى 
وأنشدني أبي رحمه الله: 
ليس بذل الوجوه في طلب الف ضل عن القوت من فعال الكرام 
فإذا ما أنالك الله قوتاً من حلال فأنت أغنى الأنام 
جود حاتم ' 
أنشدني أبو بكر قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعراي حاتم بن عبد الله: 
سلي البائس المقرور يا أم مالك إذا ما أتاني بين ناري ومحزري 
أأبسط وجهي أنه أول القرى وأبذل معروني له دون منكري 
إن الحديث طرف من القرى 
وأنشدنا أحمد بن يحبى عن ابن الأعراي: 
إنك يا ابن جعفر نعم الفتى ونعم مأوى طارق إذا أتى 
فرب ضيف طرق الحي سرى صادف زاداً وحديثاً ما اشتهى 
إن الحديث طرف من القرى ثم اللحاف بعد ذاك في الذرى 
شريك يتلقى الخيزران 


حدثنا أبو بكر قال حدثني أبي قال حدثنا أبو عكرمة الضبي قال حدثنا سليمان بن أي 
شيخ عن أني سفيان الحميري» قال: وحدثني محمد بن المرزبان قال حدثنا أبو بكر 
العامري قال حدثنا سليمان بن معصوم قال حدثنا عبد الله بن صالح بن مسلم والألفاظ في 
الروايتين مختلطة» قالا: حجت الخيزران أم موسى وهارون فخرج شريك يتلقاها وحمل 
معه خبزاً فأبطأات فأقام لان ينتظرها فيبس حبزه فجعل يبله بالماء ويأكله فبجاه ابن 
عبدل قال أبو بكر: كذا في رواية أبي» وفي رواية ابن المرزبان فهجاه أبو المنهال العلاء 


الغنوي فقال: 
فإن يكن الذي حدثت حقاً بأن قد أكرهوك على القضاء 
فما لك حين تخرج كل يوم تلقى من يحج من النسساء 


مقيماً ني قرى شاهي ثلاثاً بلا زاد سوى كسر وماء 


جح الجليس الصالح والأنيس الناصح تت االاُاُشُشُشدشطط©2 ات 
يزيد الناس خيراً كل يوم وترجع يا شريك إلى وراء 
المودة أقرب الأنساب 
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعراني: 
ولقد سبرت الناس ثم خبرتهم وعلمت ما عرفوا من الأسباب 
فإذا القرابة لا تقرب قاطعاً وإذا المودة أقرب الأنساب 
أرقني أن لا ضجيع ألاعبه 
حدثنا أبو بكر قال حدثني أبي قال حدثنا حميد بن الربيع الخزاز قال حدثني يونس بن 
بكير الشيباني قال حدثني أبو إسحاق عن السائب بن جبير مولى ابن عباس وكان قد 
أدرك أصحاب رسول الله ييه قال: ما زلنا نسمع حديث عمر بن الخنطاب رضي الله عنه 
هذا إنه حرج ذات ليلة يطوف بالمدينة» وكان يفعل ذلك كثيراً» إذ مر بامرأة من نساء 


العرب مغلقة عليها بابها وهي تقول: 
تطاول هذا الليل تسري كواكبه وأرقني أن لا ضجيع الاعبه 
ألاعبه طوراً وطوراً كانما بدا قمر في ظلمة الليل حاجبه 
يسر به من كان يلهو بقربه لطيف الحشا لا تجتويه صواحبه 
فوالله لولا الله لا شيء غيره لنقض من هذا السرير جوانبه 
ولكنني أحشى رقيباً موكلاً بأنفسنا لا يفتر الدهر كاتبه 


غم رو ت الصعداي وقالت: لمان على عمر بن الخطاب وحشتي وغيبة زوجي عني» 
' وكتب في أن يقدم زوجها عليها. 


وصايا أخلاقية 
أنشدنا أبو بكر قال أنشدني أني رحمه الله: 
اسلك من الط... المناهج واصبروإن حملت لاعج 
انبذهمومك لاتضق ذرعاً بها فلهامفارج 
واقض الحجوائح ما استطعب لت وكن لهم أحيك فارج 
فلخير أيام الفتتى يوم قضى فيه الحوائج 
وأنشدني ...رحمه الله: 
ليس في كل ساعة وأوان تتهيا صنائع الإحسان 
فإذا أمكنت فبادر إليها حذراً من تعذر الإمكان 


وأنشدني أبي رحمه الله : 


وإني ليثنيني عن الجهل والخنا وعن شتم أقوام خلائق أربع 


لوه املس الثامن والسبعون حت 
حياء وإسلام وتقوى وأنني كريم ومثلي قد يضر وينفع 
تغسير ابن عمرلآية النور 

وحدثنا أبو بكر قال حدثني أي قال حدثنا أبو علي العنبري قال حدثني علي بن ثابت 
الجحزري عن الوازع بن نافع العقيلي عن سالم عن ابن عمر في قول الله عز وجل: #الله 
نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيبا مصباح» (النور: 75) قال: المشكاة: 
جوف محمد قله والمصباح: النور الذي يي قلبه» والزجاجة قلبه #يوقد من شجرة 
مباركة4 (النور: 75) الشجرة إبراهيم اكت «إلا شرقية ولا غربية» (النور: ) لا 
يمودي ولا نصراني) ثم قرأ: «إما كان إبراهيم يبودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً 
مسلماً وما كان من المشركين» (آل عمران: /17"). 

مصير عبدهُ زوج هشام 

حدثنا أبو بكر قال حدثني أي قال حدثنا الحسن بن عبد الزحمن الربعي قال حدثنا 
عياش بن عبد الواحد قال حدثني ابن عائشة قال حدثني أني قال: كانت عبدة بنت عبد 
الله بن يزيد بن معاوية عند هشام بن عبد الملك» وكانت من أجمل النساء» فدحل عليها 
يوماً وعليها ثياب سود رقاق من هذه التي يلبسها النصارى يوم عيدهم, فملاته سروراً 
حين نظر إليها ثم تأملها فقطب» فقالت: ما لك يا أمير المؤمنين» أكرهت هذه البس 
غيرها؟ قال: لاح ولكن» رأيت هذه الشامة التي على كشحك من فوق الثياب» وبك 
يذبح النساء وكانت بها الشامة ني ذلك الموضع أما إنهم سينزلونك عن بغلة شهباء يعني 
بني العباس وردة» ثم يذبحونك ذيحاً قال وقوله يذبح بك النساء يعني إذا كانت دولة 
لأهلك ذبحوا بك من نساء القوم الذين ذبحوك فأخذها عبد الله بن علي بن عبد الله بن 
العباس فكان معها من الجوهر ما لا يدرى ما هوء ومعها درع يواقيت وجوهر منسوج 
بالذهب» فأخذ ما كان معها وحلى سبيلباء فقالت في الظلمة: أي دابة تحتي؟ قيل لها 
دهماء» لظلمة الليل» فقالت: نجوتء قال: فأقبلوا على عبد الله بن علي فقالوا: ما 
صنعت؟ أدنى ما يكون يبعث أبو جعفر إليها فتخبره بما أحذت منها فيأخذه منك. 

اقتلها. فبعث في أثرهاء وأضاء الصبح فإذا تحتها بغلة شهباء» وردة» فلحقها الرسول 
فقالت: مد قال: أمرنا بقتلك» قالت: هذا أهون علي» فنزلت فشدت درعها من تحت 
قدميها وكميها على أطراف أصابعها وخمارها فما رئي من جسدها شيء» والذي لحقها 
مولى لآل العباس» قال ابن عائشة: فرأيت من يدخل دورنا يطلب اليواقيت للمهدي ليتم 
به تلك الدروع التي أحذت منهاء وإنما كانت بدنا يغطي المرأة إذا قعدت. 

من أشاعيل الزئج بالبصرة 
قال الحسن بن عبد الرحمن: ولما دخل الزنج البصرة فيما أخبرني مشايخنا لا يختلفون 











جح الحليس الصالح والأنيس الناصح #ومد 
دحلوا دار جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس فجاءوا إلى بنته آمنة وهي 
عجوز كبيرة قد بلغت تسعين سنة» فلما رأتهم قالت: اذهبوا بي إليه فإنه ابن حال جدتي 
أم الحسين بنت جعفر بن الحسن بن الحسسن بن علي» قالوا: بل أمرنا بقتلك فقتلوها. 
ابن الزيير ينشد معاوية ثلاث أبيات 

حدثني أي قال حدثني أبو أحمد العباس قال أخبرنا عمر بن محمد أبو حفص قال 
حدثنا عبد الله بن حبيق قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله قال قال معاوية لعبد الله بن 
الزيير: أنشدني ثلائة أبيات غريبة» قال: أنشدكها بثلاثين ألفاً تدفعها إلي» قال: حتى تنشد 
وأسمع قال: فأنا أقول وتسمع وأنت الحكم, فأنشده أبيات الأفوه الأودي: 


بلوت الناس قرناً بعد قرن فلم أر غير حتال وقال 
ولم أر في الخطوب أشد ضراً وأضنى من معاداة الرجال 
وذقت مرارة الأشياء طراً فما شيء أمر من السؤال 
قال: فحكم له ودفع إليه ثلاثين ألفاً. 
أحبوا العرب لثلاث 


حدثنا أبو بكر قال حدئنا أبو حصين قاضي الكوفة قال حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي 
قال حدثنا يحيى بن يزيد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله وَل : 
أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي والقرآن عرري وكلام أهل الحنة عرني. 

بلسان سؤول وقلب عقول 

وحدثنا أبو بكر قال حدثني أبو عيسى الختلي قال حدثنا أبو يعلى الساجي قال حدئثنا 
الأصمعي عن عبد الحميد بن الحسن الحلالي عن مغيرة عن الشعبي قال: قيل لابن عباس: 
أين أصبت هذا العلم؟ قال: بلسان سؤول وقلب عقول. 

مقطعات في العتاب 
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدني أبي رحمه الله عليه: 


أعاتب ذا المروءة من صديقي إذا ما رابني منه اجتناب 

إذا ذهب العتاب فسليس ود يبقى الود ما بقي العستاب 
وأنشدني أي : 

أعاتب من أبقي على حفظ وده ولاقدر عندي للذي لا أعاتبه 
وأنشدني أبي : 

إن بعض العتاب يدني من العتب ويؤذي به ا لمحب الحبيبا 


وإذا ما القلوب لم تضمر الود د فلن يعطف العتاب القلوبا 


جد قه 


امجلس التاسع والسبعون ست 





المجلس التاسع والسبعون 
أنق ولا تخش من ذي العرش إقلالا 
حدثنا القاضي أبو الفرج المعافنى بن زكريا بن يحيى إملاء من لفظه في يوم الاثنين 
الثاني من شهر رمضان سنة تسع وتسعين وثلاشائة قال حدثنا محمد بن أحمد بن صالح 
الأودي قال حدثنا يوسف بن موسى القطان قال حدثنا رجا بن مرجى قال حدثنا 
اسحاق بن إبراهيم ااتنيني عن هشام بن سعد عن زيد | بن أسلم عن أبيه عن عمر بن 
الخطاب رضي الله عنه أ ن رجلاً قال: يا رسول الله أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالاً 
قال: بذلك أمرت. 
قال القاضي: وقد روي عن النبي لَه أنه قال: أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش 
إقلالا. 
وقد قال الله عز وجل: «إوما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين4 (سباأةم؟). 
أعرابية قسرية عند خالد القسري 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرنا أبو حاتم قال أخبرنا الأصمعي قال: 
ذكروا أن خالد بن عبد الله القسري لما أحكم جسر دجلة واستقام له نهر المبارك أفشى 
عطايا كثيرة وأذن للناس إذناً عاماً» فدحلت عليه أعرابية قسرية فأنشأت تقول: 


يعمدفي الحاجات كل عامد إليك ياابن السادة الأماجد 
مثل حجيج البيت نحو خالد فالناس بين صادر ووارد 
أصبحت عد الله بانخحامد وآأنت ييا خالد خير والد 


ليس طريف ابجحد مثل التالد محصدك قبل الشمخ الرواكد 

قال: فقال لما خالد: حاجتك كائنة ما كانت» فقالت: أصلح الله الأمير» أناخ علينا 
الدهر بجرانه» وعضنا بأنيابه» فما ترك لنا صافناً ولا ماهنأء فكنت المنتجع وإليك المفزع: 
قال فقال لما حالد: هذه حاجة لك دوننا فقالت: والله لئن كان لي نفعها إن لك لأجرها 
وذخرهاء مع أن أهل الحود لو لم يجدوا من يقبل العطاء لم يوصفوا بالسحاءء قال لما 
خالد: احسنت فهل لك من زوج؟ فقالت: لاء وما كنت لأتزوج دعياً» وإن كان موسراً 
غنياً» وما كنت أشتري عاراً يبقى بمال يفنى» وإني بجزيل مال الأمير لغنية» قال الأصمعي: 
فأمر ما بعشرة ألاف درهم. 

شرح الغريب 

قال القاضي: أما قولها فما ترك لنا صافناً ولا ماهناً: الصافن من الخيل فيما ذكر أبو 

عبيدة الذي يجمع بين يديه وبين طرف سنبك إحدى رجليه» والسنبك مقدم الحافر. قال 


حت الحليس الصالح والأنيس الناصح موه- 
وقال بعض العرب: بل الصافن الذي يجمع بين يديه» والذي يرفع طرف سنبك رجليه 
فهو مخيم؛ يقال أخام برجله. 

وقال الفراء: الصافنات فيما ذكر الكلبي بإسناده: القائمة على ثلاث» وقد أناحت 
الأخرى على طرف الحافر من يد أو رجل» وهي في قراءة عبد الله "صوافن فإذا وجبت" 
الحج :5 يريد معقولةٌ على ثلاث» وقد رأيت العرب تجعل الصافن القائم على ثلاث أو 
غير ثلاث» وأشعارهم تدل على أنه القائم حاصة» والله أعلم بصوابه. 

وقد روي عن ابن عمر أنه قال لرجل يريد نحر ناقته: انحرها معقولة اليمنى أو اليسرى 
قائمةَ على ثلاث» سنة محمد وَوْ أو نحو هذا القول. وقد قرئ: «إفاذكروا اسم الله عليبا 
صوافن4 (الحج:7) على ما تقدم من الحكاية عن ابن مسعود وصوائي بمعنى خالصة لله عز 
وجل من الصفاء والخلوص» فأما قراءة الجمهور الأعم والسواد الأعظم فإنه #صواف»# على 
جمع الصافة وهي المصطفة» ورسم مصاحف المسلمين شاهد لهذه القراءة بالصحة مع 
استفاضة النقل لما في الأمة» وقد قال عمرو بن كلثوم في معنى هذه اللفظة: 





تركنا الخيل عاكفة عليه مقلدة أعنتها صفونا 
وأما قولها: ولا ماهناً فإنها تعني ولا محادماء ومن الماهن قول الشاعر: 
وهزئن مني أن رأين مويهنا تبدو عليه شتامة المملوك 


المويهن: تصغير ماهن, والخويدم تصغير حادم» والشتامة القبح والكلوح؛ يقال: وجه 
شتيم أي بأس قبيح» ومن هذا الشتم والشتيمة في القول معناه قبحه وقذعه» والمشائمة 
المسابة وهما من هجر القول وفحشه. 

وقال بعض اللغويين: لا يقال عضنا الدهر وإشها يقال عظنا بالظاء» والمعروف فيه 
الضاد. 

أعزشيئين درهم حلال وأخ شي الله 

حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي قال: حدثنا محمد بن عيسى الواسطي قال 
حدئنا ابن عائشة عن حزم بن أي حزم قال: كان يونس بن عبيد يمر بنا في بني لاحق 
فيقول: ما أعرف اليوم شيئاً أعز من شيئين: درهم حلال وأخ في الله عز وجل. وأنشدنا 
إبراهيم قال أنشدنا أحمد بن يحيى: 


حير إخوانك المشارك في المر وأين الشريك في المر أينا 
مثل سر العقيان إن مسه النا ر جلاه القلام فازداد زينا 


تعفسير بعض الألماظ 
ويروى: أخلصه القين وهو الحداد» العقيان من أسماء الذهب. وسره أخلصه وأشرفه. 





حدحدوه املس التاسع والسبعون حت 
وسر كل شي ء جيده ومختاره والتلام هو الذي يجلى ب يقال له المدوس» وقيل: هو 
التلام يريد التلامذة والتلاميذ مثل الأساورة والأساوير وقيل إنها في قراءة عبد الله أساوير 
من ذهب وقال: التلام بالحذف دون التمام كما قال الشاعر: 





عفت المنا بمتالع فأبان 
يريد المنازل فحذف اكتفاءً بدلالة ما بقي من الكلام وأقام وزن شعره مستغنياً فيه 
عن التمام. 
حكاية غريبة عن 


توسط عمر بن عبد العزيز لدى يزيد بن المهلب 

حدثنا أبو النضر العقيلي قال: حدثنا أبو إسحاق الطلحي قال: أخبرنا أحمد بن معاوية 
قال: وقال ابن الكوني وكان بشر بن مروان قد ادخر وهو على العراق عن ابنه عبد الملك 
وعن عبينة بن أسماء من غلات أراضيهم مالاً عظيماً فلما ولي الحجاج أخخرج تلك البقايا 
فوجد ما على عبد الملك وعيينة بن أسماء فقال: وما على بشر أن يهب من مال الله تعالى 
لابنه وحتنه هذا وأكثر منه, والله لأحذنهما به أحذ الضب ولد وطالبهما فريئاه حتى 
هلك فلحقا بالشام فنزلا على عمر بن عبد العزيز فقالا له: إن بشراً كان أطعمنا شيك 
كثيراً من غلاتنا فبسطنا فيه أيديناء وإن الحجاج بسفهه وحرقه وظلمه أخرج علينا ثم 
لخدن به فلم نزل تخدعه عن أنفسنا حتى هلك» فكلم أ مير المؤمنين في هبة ذلك لناء 
فضحك عمر وقال: لست أ نق لكما بكلامي» ولكن لكما عندي رأي فيه نجاح 
طلبتكماء قالا: فادللنا عليه» قال: هسشي إلى يزيد بن المبلب فإما أن يحملها من ماله 
وإما ن يعينا على سليمان فيببها لكماء ولا وله ما كنت لأمشي إلى عربي على الأرض 
غيره ليس من ولد مروان. ثم أتوا يزيد فقال له عمر: إن آتيناك زواراً وهذان من قد 
عرفت» فلا تنظرن إلى جرم أبويهما عند أبيك» فضحك يزيد وقال: عفا الله عنك يا أبا 
خض لجع في ختس عد لقره أي لي!! وله ما عجز عن مكاذاتهما في جياه ول 
أوصاني بالثأر من بعده. فإنهما لأخواي وصاحباي» هاتوا حاجتكم فقال عمر: ! 
الحجاج أخرج عليهما مما كان بشر ترك لما من غلاتهما ألف ألف و<مسمائة الف فما 
ترى؟ قال: يكم كاحتكمواء قال تحمل منها ا شن قال علي فيا مطل ل 
أمير المؤمنين في بقيتهاء فإن حمله عني وإلا حملته» فقال عبد الملك بن بشر: والله ما ظلم 
الناس أن زعموا أنك سيدهم. ثم خرجوا وعمر يقول: ما رأينا مثل هذا العراقي في وطأته 
فعل قبلها مثلهاء ثم حمل عن القيسيين وعن يزيد بن عاتكة» وهذه آلف ألف و<مسمائة 
ألف. ثم ركب يزيد إلى سليمان فدخل عليه وعنده جماعة من وجوه أهل اليمن فقام 
فقال: يا أمير المؤمنين» فقال له سليمان: أمسكء, وأبيك إنك لقادر على خلواتي» اجلس» 


جح الجليس الصالح والأنيس اناصح سس خخ حت ]و ود 
فقال يزيد: ما قمت لأجلس فأذن لي في الكلام» فقال: هات» فأخبره بمجيء عمر إليه 
وقال: قد حملت النصف وضمنت عليك الباقين والله يا أمير المؤمنين إن مقامي بالشام 
لمن نمام نعمة الله علي بأمير المؤمنين» إنه لم يعمد إلي أحد في حاجة إلا قضاها الله بك يا 
أمير المؤمنين على يديء فقال سليمان: قد وهبنا ذلك كله لك, فلك حمده وعلينا غرمه. 
الرشيد يستنشد الكرماني شعرا 
في خلوب جارية الرشيد 

حدثئنا الحسين بن القاسم الكواكبي قال: حدثني عمي أبو عبد الله أحمد بن فراس 
السامي قال حدثنا الجهم بن بدر قال: قال الكرماني في حلوب جارية الرشيد شعراً» فبلغ 
الرشيد فوجه إليه وأقعد الرشيد حلوب حلف سترء ومر الكرماني بالفضل بن الربيع فقال: 
إن أمير المؤمنين قد وجه إلى فأنشده إن استنشدني؟ قال؛ نعمء بعد الأمان. فلما دحل 
قال له الرشيد: أأنت الكرماني؟ قال: نعم قال: أنشدني» قال في الرهد؟ قال: لست 
هناك قال: ففي المديح؟ قال: ولاء قال: فما أنشدك يا أمير المؤمنين؟ قال: شعرك في 
حلوب» قال: بعد الأمان يا أمير المؤمنئين قال: نعم فأنشده قوله فيها حتى بلغ: 

لو لم أذقها طاب لي حبها لكنني ذقت فلا ذقت 

فخرجت خلوب من وراء الستر فقالت: والله يا أمير المؤمنين ما ذقته ولا ذاقني» ولا 
رأيته ولا رآني» وقد أقر بالزنا فحده؛ قال: يا حلوب قد أعطيناه الأمان» قالت: لا أمان 
في حدٌ من حدود الله عز وجلء قال: قد سمعت يا كرماني» قال: يا أمير المؤمنين قال الله 
عز وجل: والشعراء يتبعبم الغاوون4 (الشعراء: 4؟5) إلى قوله: إوأنهم يقولون ما 
لا يفعلون4 (الشعراء: 17؟) قال: صدقت»ء وأمر له بثلاثين ألف درهم. 

طريقة الشعراء 

قال القاضي: ومن الموجود في طريقة الشعراء أنهم يقولون ما لا يفعلون» ويصفون من 
يمدحونه أو يهجونه بما ليس فيه وبما لا علم لهم به وقد قال في هذا عمران بن حطان 
للفرزدق: 
أييا المادح العباد ليعطى إن للهمابأيديالعباد 
فسل الله ماطلبت إليهم وارج فضل المهيمن العواد 
ولا تقل في الحواد ما ليس فيه وتسم البخيل باسم الجواد 

وأنشدني عن ابن الرومي: 

يقولون ما لا يفعلون مسبة من الله مسبوب بها الشعراء 
وما ذاك فيهم وحده بل زيادة يقولون ما لا يفعل الأمراء 


حوروه سك سح اولس التاسع والسبعون حت 

ونظير حبر الكرماني مع الرشيد ما روي أن الفرزدق أنشد عبد الملك: 

فبتن جنابتي مصرعات وبت أفض أغلاق الختام 

فقال له: قد أقررت بما أوجب علي أن أقيم عليك الحد» فقال: يا أمير المؤمنئين 
يمنعك من ذلك آية من كتاب الله عز وجلء فقال: وما هي؟ قال: قوله عز وجل: 
وأنهم يقولون ما لا يفعلون» (الشعراء: .)١570‏ 

هشام يستدعي حمادا الراوية ليسمع منه شعرا 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثنا أبو الحسن بن البراء قال حدثني حميد بن 
محمد الكوفي قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله القرشي قال حدثني محمد بن أنس صاحب 
شعر الكميت قال: حماد الراوية: كان انقطاعي إلى يزيد بن عبد الملك وكان هشام يقليني 
على ذلكء فلما ولي هشام مكثت سنة لا أخرج؛ فلما لم أذكر حرجت فصليت الجمعة 
وجلست على باب الفيل» وهو باب مسجد الكوفة» فإذا شرطيان قد وقفا علي فقالا لي: 
يا حماد أجب الأمير يوسف بن عمرء فقلت: من هذا كنت أحذرء ثم قلت لمما: هل 
لكما أن تدعاني آتي أهلي فأودعهم وداع من لا يرجع إليهم أبداً ثم أصير إليه معكما؟ 
قالا: ما إلى ذلك سبيل» فاستسلمت في أيديهما ودحلت على يوسف بن عمر في الإيوان 
لأمرء نسلمت فرد علي السلام فطابت نفسي برده علي السلام؛ نم رمى إلى بكتاب 
فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من هشام أمير المؤمنين إلى يوسف بن عمرء إذا أتاك كتاي 
هذا فابعث إلى حماد الراوية من يأتيك به غير مروع ولا متعتع؛ وادفع إليه خمسمائة دينار 
وجملاً مهرياً يسير عليه اثنتي عشرةً ليله إلى دمشق» فأحذت الخمسمائة الديئار ونظرت 
فإذا جمل مرحول فوضعت رجلي في الغرز وسرت إحدى عشرة ليلة» فلما كان اليوم 
الثاني عشر وافيت باب هشام فاستأذنت فأذن لي» فدحلت عليه في دار قوراء مفروشة 
بالرخخام» بين كل رخحامتين قصبة من ذهبء وحيطانها على ذلك العمل» وإذا هشام جالس 
على طنفسة من خز أحمر وعليه ثياب خرٌ حمر مضمخة بالعنبر؛ فسلمت فاستدناني حتى 
قبلت رجله وأجلسنيء فإذا أنا بجاريتين لم أر مثلهما قبلهماء في أذن كل واحدة منهما 
حلقة من ذهب فيها جوهرة تتوقد» فقال لي: يا حماد كيف أنت وكيف حالك؟ قلت: 
بخير يا أمير المؤمنين قال: أتدري لم بعنت إليك؟ قلت: لاء قال بعثت إليك لبيت خطر 
ببالي لم أدر من قائله» قلت وما هو؟ قال: 

فدعت بالصبوح يوماً فجاءت قينة في يمضسهاإبريق 
قلت هذا يقوله عدي بن زيد العبادي في قصيدة له فقال أنشدنيهاء فأنشدته: 
بكر العاذلون في وضح الصب لخ يقولون مال هلايفيق 


جح الجليس الصالح والأيس النامح سح د وود 
ويلومون فيك يا ابنه عبد الل ه والقلب عندكم موئوق 
للست أدري إذ أكثروا العذل عندي أعدو يلومني أم صديق 
زانها حسنهبا بفرع عميم وأاثئيث صلت الجبين أنيق 
وثنايا مغلجات عذاب لا قصاراً ترى ولاهن روق 
فدعت بالصبوح يوماً فجساءت قينة في يمينهاإبريق 
نم كان المزاج مساء سماء ليس ماآجن ولا مطروق 

فقال: أحسنت يا حماد» يا جارية اسقيه فسقتني شربة ذهبت بثلث عقليء ثم قال: 
أعد» فأعدت فاستخفه الطرب حتى نزل عن فرشهء ثم قال للأخرى: يا جارية اسقيه» 
فسقتني شربة ذهب ثلثا عقلي, فقلت: إن سقتني الثالثة افتضحت»ء ثم قال: سل حوائجك 
كائنةَ ما كانت» قلت: إحدى الحاريتين قال: هما لك بما عليهما من حلي وحللء ثم قال 
للأولى: اسقيه» فسقتني شربة سقطت فلم أعقل حتى أصبحت» فإذا أنا بالجاريتين عند 
رأسي» وإذا حادم تقدم عشرة خدم مع كل واحد بدرة فقال: أمير المؤمنين يقرأ عليك 
السلام ويقول لك: حذ هذه فاتتفع بها في شأنكء» فأحذتها والحاريتين وانصرفت. 

تعليقات وتمّسيرات 

قال القاضي: قد رويت قصة هذا الشعر عن حماد أنها كانت مع الوليد بن يزيد وفيها 
ما ليس في هذا الخبرء وفي هذا الخبر ما ليس فيهاء وجائز أن تكون القصتان جرتا في 
وقتين فيكونا غير متنافيتين وقد أثبتنا القصة الأخحرى في بعض مجالس كتابنا هذا والله أعلم 
بصواب ذلك. 

وقول عدي بن زيد في هذا الشعر يصف ثايا هذه المرأة: ولا هن روق الروق 
الطوال» يقال ناب أروق وثنية روقاء والجمع روق مثل أحمر وحمراء وحمرء قال الأعشى: 

وإذا ما الأكس شبه بالأر وق يوم الميجا وقل البصاق 

يقال ناب أكس وثنية كساءء إذا كانا قصيرين» وإما وصف الحرب بالشدة وأن ريق 

المحارب قد شبهت أسنانه على كسسها بالروق لتجردها وقلة البصاق فيها. 
النوشجاني يتغاضى للمأمون فلا يرضيه ذلك 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا الحسين بن يحيى الكاتب قال حدثني من سمع 
قحطبة بن حميد بن قحطبة يقول: حضرت المأمون يناظر محمد بن القاسم النوشجاني في 
شيء ومحمد يغضي له ويصدقه فقال له المأمون: أراك تنقاد لي إلى ما نظن أنه يسرني قبل 
وجوب الحجة عليك ولو شكت أن أقتسر الأمور بفضل بيان وطول لسان وأبهة الخلافة 
وسطوة الرياسة لصدقت وإن كنت كاذباً» وصوبت وإن كنت عخطئاً وعدلت وإن كنت 


حح0 ١ ١‏ 
جائراًء ولكني لا أرضى إلا 
رأياً من رضي بقولهم صدق الأمير. 








ابجلس التاسع والسبعون ست 


بإزالة الشبهة وغلبة الحجة» وإن شر الملوك عقلاً وأسخفهم 


لا بأس أن يكون الخال أشرف من العم 


قال: تزوج قيس بن معديكرب بنت الحارث بن عمرو من بني آكل المرار فولدت له 


الأشعث بن قيس ففال أبو هانيع الكندي: 


بنات اللحارث الملك بن عمرو 

لمهاالويلات إذا أنكحتموها 

وقد نبعتها وللدت غلاماً 
فأجابه أبو قساس الكندي: 

ألا أبشلغ لديك أباهذد 

فقد طالبت هنذا قبل قيس 


تخيرها فتنكح في ذراهها 
الا طعسنت بمديتها حشلاها 
قلا عاش الغلام ولا هناها 


ألا تتبى لسانك عن رداهها 
لقنكحها فلم تك من هواها 
إذا ما سسيل منقصة اباهما 


قال عيسى قال القحذمي: وآل الأشعث ينشدون هذا الشعر ولا ينكرونه قال: 

والأشراف لا يبالون أن يكون أحوالهم أشرف من أعمامهم. 
اللسان هي اللفة 

قال القاضي: قوله في هذا الشعر: ألا تنبى لسانك عن رداها أنث اللسان» وذكر أهل 
العلم بالعربية أن العرب تذكر اللسان وتؤنثه وقيل من أنثه أراد به اللغة والرسالة كقول 
الشاعر: 

إني أتتني لسان لا أسر بها من علو لا صخب فيها ولا سخر 

مقولة لعلي في مذهوم القضاء والقدر 

حدثنا الحسين بن أحمد بن محمد الكلبي قال حدثنا محمد بن زكريا الغلاي قال حدثنا 
العباس بن بكار قال حدثنا أبو بكر الحذلي عن عكرمة قال: لما قدم علي رضي الله عنه 
من صفين قام إليه شيخ من أصحابه فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن مسيرنا إلى أهل 
الشامء بقضاء وقدر؟ فقال علي اك: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما قطعنا وادياً ولا 
علونا تلعةً إلا بقضاء وقدرء فقال الشيخ: عند الله أحتسب عنائي» فقال علي | لق ولم؟ 
بل عظم الله أجركم في مسيركم وأنتم مصعدون, وفي منحدركم وأنتم منحدرون» وما 


جح الجليس الصالح والأنئيس النامح سس ححص ١‏ بأد 
كنتم في شيء من أموركم مكرهين ولا إليها مضطرينء فقال الشيخ: كيف يا أمير 
المؤمنين والقضاء والقدر ساقنا إليها؟ قال: وبيحك لعلك ظننته قضاء لازما وقدرا حاتماء 
لو كان ذاك لسققط الوعد والوعيدء ولبطل الثواب والعقاب ولا أتت لائمة من الله 
لمذنب» ولا محمدة من الله لمحسن, ولا كان المحسن أولى بشواب الإحسان من المذنب» 
ذلك مقال إحوان عبدة الأوثان وجنود الشيطان وخصماء الرحمن» وهم قدرية هذه الأمة 
وبحوسهاء ولكن الله تعالى أمر بالخير تخييرًء ونبى عن الشر تحذيراًء ولم يعص مغلوباًء ولم 
يطع مكرهاء ولم يملك تفويضاء ولا حلق السموات والأرض وما أرى فيهما من عجائب 
آياتهما باطلاً لإذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار4 (ص: 17؟). 

فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين فما كان القضاء والقدر الذي كان فيه مسيرنا 
ومنصرفنا؟ قال: ذلك أمر الله وحكمته. ثم قرأ علي رضي الله عنه #وقضى ربك ألا 
تعبدوا إلا إياه4 (الإسراء: ؟) فقام الشيخ تلقاء وجبه ثم قال: 


أنت الإمام الذي نرجو بطاعته يوم النشور من الرحمن رضوانا 
أوضحت من ديننا ما كان ملتبساً جزاك ربك عنا فيه إحسانا 
المجلس الثمانون 


يا أبا بكر دعها فإن لكل قوم عيدأا 
أخبرنا المعائى بن زكريا قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي شيبة قال حدثنا علي بن 
شعيب قال حدثنا ابن شير قال حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة ألها كانت عندها جاريتان 
تغنيان في يوم عيد وعندها رسول الله يه لا ينباهاء فدحل عليها أبو بكر رضي الله عنه 
فانتهرهاء فقال رسول الله يي: يا أبا بكر دعها فإن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا. 
الرخصة فى الغناء المباح ‏ ظ 
قال القاضي: قد ضمنا هذه احالس نظائر لهذا الخبر» وذكرنا في غير موضع من كتبنا 
ما جاء من الرحصة في الغناء المباح وما يستعمل معه من آلات الملاهي كالدف ونحوه؛ 
وأن ذلك يحتار ويؤمر به في الأعياد والعرسات وما يجري بمحراها مما ينبسط عنده 
المسلمون وينشطون فيه في مجحامعهم ومآدبهم. وذكرنا في عدة مواضع ما يكره من ترجيع 
الغناء والتمطيط ني تلاوة القرآن وإنشاد الشعر» وأوضحنا سقوط من موه على الناس في 
ذلك وتعلق بسخيف الشبه فيه إرهاصاً لمعيشته وتوطفاً للحطام من مأكلته» وأن في وفور 
السرور واستقامة الأمور بالتصرف فيما أباحه الله عز وجل وأذن فيه لمندوحة عما حظره 
وزجر عنه وعابه. 
ابن ورقاء يحسب الشعر ققرآناً 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرنا ابن عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال: 


جملا باصسيطل ي ص سس ليمحلس الثمانون ل 
خحطب عتاب بن ورقاء الرياحي على المنبر فقال: أقول كما قال الله تعالى في كتابه: 
ليس شيء على المنون بباق غير وجه المسبح الخلاق 
فقيل له: أيها الأمير» هذا قول عدي بن زيد؛ فقال: فنعم والله ما قال عدي بن زيد. 
قال ابن دريد أخبرنا أبو عثمان في عقب هذا الحديث ولم يسئده إلى أحد قال: أتي 
عتاب بن ورقاء بامرأة من الخوارج فقال لما: يا عدوة الله ما حملك على الخروج علينا؟ 
أما سسعت الله يقول: 
كتب القتل والقتال علينا وعلى اخحصنات جر الذيول 
فقالت: جهلك بكتاب الله حملني على الخروج عليك وعلى أئمتك يا عدو الله. 
كيف سار المثل الخير يبقى والشر أخبث... زاد 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدئنا أبو الفضل الربعي قال حدثني أني» 
وحدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال حدثني أي قال حدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا 
محمد بن السائب عن أبيه عن الشرقي بن القطامي وألفاظ الروايتين مختلفة ومعانيهما 
متقاربة قال» قال الرشيد للمفضل الضبي: أخبرني يا مفضل عن قول العرب: 
الخير يبقى وإن طال الزمان به والشر أحبث ما أوعيت من زاد 
فقال: يا أمير المؤمنين هذا مثل لمم سائر قبل الإسلام» وكان من حديث هذا المثل 
أن عبيد بن الأبرص الأسدي كان حكيماً من حكماء العرب وشاعراً محيداًء قتله 
المنذر بن ماء السماء من أجل الغريين وكان من حديث هذا المثل قبل أن يقتله المنذر 
ثلائة أحوال أن ناساً نزلوا عليه فقراهم وأحسن ضيافتهم وكان يقري الضيف ويحسن 
إلى المنقطع به» فلما أراد القوم الرحيل خرج معهم يشيعهم؛ فشيعهم حتى أبعدوا ونزلوا 
في موضع وقال غيره: فلما نزل القوم وعرسوا حرج عبيد وصاحب له يمشيان في الموضع 
الذي نزل القوم فيه» وسارا حتى أتيا حبا هناك فرأيا شجاعا عظيما أقرع يلبث قد أدلع 
لسانه من العطش» فآأخذ صاحب عبيد حجراً وهم أن يشدخه به؛ فقال له عبيد: ما أنت 
صانع؟ قال: أقتل هذا الشجاع فإنه عدوء قال عبيد: لا تفعل فإن الأسير قد يجار وإن 
كان عدوا ثم استقى من الحب ماءً فسقى الشجاع؛ فجعل يشرب حتى روي» ثم 
تسبسب في الرمل فغاب» قال: ورجع عبيد إلى القوم فودعهم ثم رحلواء ورجع عبيد إلى 
منزله فأقام حولين» فأتاه بعض الرعاة فخخبره أن إبله قد شردت فركب راحلة له وخرج 
ني طلب الإبل» وكان شجاعاً بطلاً» فسار عشر مراحل لا يرى له أثْراً ولا يعرف لما 
حبرأ حتى إذا كان في بعض الليالي وقد كلت راحلته وتعب وأظلم الليل وهبت الرياح 
فلم ير سهلا ولا جبلا نفقت الراحلة» فقال: يا لك من ليل ديجور ومن نفوق راحلة 
بالليل» وكان الموضع الذي هو فيه يقال له الصادي وهناك ماءء فقال: والله ما أرى إلا 


ح- الجليس الصالح والأنئيس الناصح سمس 071 اسم 
الإقامة على هذا الماء والموت» ثم حط رحله عن راحلته وأسند ظهره إليه وطأطأ رأسه 
إلى الأرض وجمع أثوابه عليه فإذا هاتف يهبتف به من حلفه يسمع صوته ولا يرى 


شخصه وهو يقول: 
يا أيها الشخص المضل مذهبه وليس معه من أنيس يصحبه 
دونك هذا البكر حذه فاركبه حتى إذا الليل توارى مغربه 


قال القاضي: ويروى توارى غيهبه» والغيبب الظلمة. فالتفت وراءه فإذا بكر معقول 
عليه رحل» فوثب حتى حل عقاله وصار في متنه» فوثب البكر من غير أن يثيره حتى 
استقام على الطريق يسير به كالبرق. الخاطف وكالريح العاصف لا يلوي على شيء ولا 
يفتر من السير» حتى إذا كان في وجه الصبح ونظر عبيد إلى بياض الحيرة برك البكر فلم | 
يقم؛ فاستحنه فلم يقم» فقال: إنه لمأمورء وثنى رجله فنزل عنه وولى ناحية فثار البكر 
يجر بزمامه» فقال عبيد: بكر يسري في ليلة واحدة عشر مراحل لا أسأله ما أنت ولا من 
الذي أرسلك إلى؟! ثم أدار وجبه إليه وهو يقول: " 


ياأيها البكر قد أنجيت من كرب 

الا انبت لنا بالقول تعرقفه 

اذهب سليماً فقد بلغت مأمننا 
قال: فأجابه البكر وهو يقول: 

أنا الشجاع الذي ألفيته رمضاً 

فجدت بالماء لما ضن حجامله 

الخير يبقى وإن طال الزمان به 


من الذي جاد بالنعماء في الوادي 


بوركت من ذي سنام حامل حادي 


ينازع الماء من ذي المورد الصادي 
رويت هامي ولم تولع بإنكادي 


والشر أخحبث ما أوعيت من زاد 


قال القاضي ويروى: ما أوعبت في الزاد 
هذا جزاؤك من لا أمن به فسر سليماً وقاك الله من هاد 
فقال له الرشيد: أحسنت يا مفضلء يا ربيع أعطه عشرين ألفأء عشرة آلاف لمعرفته 
بالمثل وأصله» وعشرة آلاف الحسن روايته له. 
قال القاضي: في هذا الخبر نفقت الراحلة وإما يقال نفق الفرس وتنبل البعير. 
ابن الزيير ينشد معاوية ثلاثة أبيات 
حدثنا محمد بن القاسم الأباري قال حدثني أبي قل حدثني أبو أحمد العباس قال 
أخبرنا عمر بن محمد بن حفص قال حدثنا عبد الله بن حبيق قال حدثنا عبد الرحمن بن 
عبد الله قال قال معاوية لعبد الله بن الزبير: أنشدني ثلاثة أبيات غريبة» قال: أنشدكها 


ا الااااالسشات تت تت ئتئتت ئ ئ امم 2222 0ك انجلس الثمانون حت 
بثلاثين ألفاً تدفعها إلي» قال: حتى تنشد فأسمع قال: فأنا أقول وتسمع وأنت الحكمء 
فأنشله أبياتا للأفوه الأودي: 


بلوت الناس قرناً بعد قرن فلم أر غير حتال وقال 
ولم أر في الخطوب أشد شراً وأضنى من معاداة الرجال 
وذقت مرارة الأشياء طراً فما شيء أشد من السؤال 
قال: فحكم له ودفع إليه ثلاثين ألفا. 
عمر معجب بمعاوية 


حدثنا يزداد بن عبد الرحمن قال حدثنا أبو موسى يعني تينة قال حدثنا العتبي قال 
حدثني أني قال: خرج عمر يسير في عمله» فلما قرب من دمشق تلقاه معاوية في موكب 
له رز وعمر على حمار إلى جنبه عبد الرحمن بن عوف على حمار آخحرء فلم يرهما معاوية 
وطواهماء فقيل له: حلفت أمير المؤمنين وراءك» فرجع فلما رآه نزل عن دابته فأعرض 
عنه عمر ومشى حتى علق نفسه بأرنبته» فقال له عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين» أجهدت 
الرجل؛ فال عمر: يا معاوية أأنت صاحب الموكب آنفاً مع ما يبلغني من طول وقوف 
ذوي الحاجات ببابك؟ فقال معاوية: نعم فرفع عمر رضي الله عنه صوته فقال: ولم 
ويلك؟ فقال: إنا في بلاد لا يمتنع فيها من جواسيس العدوء ولا بد لهم مما يرهبهم من آلة 
السلطان» فإن أمرتني أقمت عليه وإن ميتني عنه انتهيت» فقال عمر: يا معاوية والله ما 
ما قلت حقاً إنه لرأي أديب» وإن كان باطلاً إنها لخدعة أريب» لا آمرك به ولا أنهاك عنه 
فال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين لأحسن الفتى المصدر فيما أوردته فيه» فقال عمر 
رضى الله عنه: الحسن مصادره وموارده جشمناه ما جشمناه. 

تولية المهلب خراسان 

قال ابن الكوفي: لما قدم المهلب على الحجاج بعد فراغه من أمر الأزارقة وقتاللهم» أكرمه 
الحجاج وشرفه وبلغ له الغاية» قال: فحرج الحجاج يوماً آخذاً بيد المبلب» حتى إذا اتتبى 
إلى المحراب قالم ثم قال: يا أبا سعيد أنا أطول أم أنت؟ فقال: الأمير أطول مني وأنا أشخص 
منه» فلما انصرف من صلاته أخذ بيده فأدحله معه ثم قال له: سجستان حير ولاية أم 
خحراسان؟ قال: سجستان قال: وكيف؟ قال: لأنها ثغر كابل وزابلستان» وأن خراسان ثغر 
الترك» قال أيهما أحب إليك أن يليه رجل مثلك؟ قال: إن أمثالي في الناس لكثير وما نحن 
حيث يرى الناس» قال: سر إلى سجستانء قال: غيري خير لك فيها مني وأنا بخراسان خير 
لك من غيري» قال: ولم؟ قال: لأن بدء نعمة الله علي بعد الإسلام كان في غزوتي خراسان 


حج الجليس الصالح والأئيس الناصح ص سمس سحتو . دج 
مع الغفاري» وابن أني بكرة بسجستان حير لك مني لأن أهلها أحبوه لحسن أياديه فيهم وأنا 
بخراسان خير منه» قال: وما كنت تلي من أمر الغفاري؟ قال: كنت فيمن صحبه فلما نزلنا 
بيبق ودنونا من عدونا قال الغفاري: هل من فوارس ينظرون لنا أمامنا وإن أصابوا أحداً أتوا 
به» فااتدب منا مع صاحب شرطته عشرة فوارس فلقينا عدتنا من عدوناء فقال أصحالي: قد 
عاينا طلائع القوم فانصرفواء فقلت: وما عليكم أن نشامهم؟ فأبوا وأنصرفوا وتقدمت فقتل 
الله العشرة على يدي» ثم انصرفت برؤوسهم ودوابهم وأسلابهم معي» وقد كان أصحابي 
نعوني إلى الغفاري» فلما رآني ضحك وقال: 


كبا القوم عند عيان الرهان 
ففار المهلب بالمكرمات 


ونال المهلب حظ الفرس 
وآب عمير بحد التعس 


ثم ولاني شرطته وحرج إلي من أ مره. . فولاه الحجاج حراسان» وكان والييها حتى هلك 


بهاء فقال نهار بن تؤسعة يرئيه: 

لله دركم غداة دفنتم 
إن تدفنوه فإن مثل بلائه 
كان المدافع دون بيضة مصره 
والكافي الثغر المخوف بحرمه 
أنى هما مثل المبللب بعلهة 
كلامرئ ولي الرعية بعده 
ما ساسنامثل المبهبلب سائس 
لالا وأيسن في الحروب نقيبة 
وأشد في ححتق العراق شكيمة 
جمع المروءة والسياسة التقفى 
تجري له الطصير الأيامن عمره 
لما رأى الأمر العظضيم وأنه 
وأرنت العوذ المطافل حوله 
ألقى القناع وسار نحو عصابة 
كان المبلب للعراق سكينة 


سم العداة ونائلاً لا يحظر 
في المسلمين وذكره لا يقبر 
والجحابر العظم الذي لا يجبر 
وبيمن طائره الذي لا ينكسر 
هيهبات هيهات اللجناب لأخضر 
بدل لعمر أبيك من هأعور 
أعفى عن الذنب الذي لا يغفر 
منه وأعدل في النهاب وأوقر 
يخشى بوادرها الإمام الأكبر 
ومحاسن الأخرق منها أكثر 
ولو أنه حمسين عاماً يخطر 
سيحل بالمصرين أمسر منكر 
حذر السباء وزل عتنها المفقزر 
حزر فذاقوا الموت وهو مشمر 


وولي حادثها الذي يستتكر 


جد ببس لسلست الجلس الثمانون د 
أبو الديك ال معتوه 

حدثنا حمزة بن الحسين بن عمر السمسار قال حدثنا العباس بن محمد بن عبد الرحيم 
الأنصاري قال حدثني أني قال قال أبو نعيم: أرسل إلي عمران بن إسحاق بن الصباح» 
وكان كثيراً ما يرسل إلى الفقهاءء وكان أبوه قبله يفعل ذلكء قال: فأتيته فإذا أبو الديك 
وكان معتوهاً ذاهب العقل مختلاً محتالاً جيد البديبة حسن الحواب على باب عمران بن 
إسحاق يخاصم ويجلب يحتلط ويشير إلى الحائط كأنه يرى شيئاً يخاصمه: وكان ذلك لا 
يعتريه إلا عند الجوع وكان قد عرف بذلك, وكان علية أهل الكوفة: فقباؤها وأمراؤهاء 
يأمرون بتفقد ذلك. فدحلت على عمران فلم أجلس حتى قلت له: أيبا الأمير» أبو الديك 
على الباب يخاصم ويخلط ولا أحسبه إلا جائعاًء فإن ذلك يعتريه مع الجوعء. فقال 
عمران: يا غلام, المائدة» بها مهيأة» ثم قال: أبو الديك» فدحلء فلما عاين المائدة ورأى 
حسنها قال» قال الله تعالى في كتابه يحكي مسألة نبيه #ربنا أنزل علينا مائدة من السماء 
تكون لنا عيداً لأولئا وآخرنا» (المائدة: )١١5‏ الآية؛ وهذه المائدة لأول أهل الكوفة 
وآخرهم. والآية معرفة أني نعيم بما كنت فيه؛ قال أ بو نعيم: : ثم أقبل علي فقال: يا أبا نعيم 
هذه فطنة العقلاء وأذهان الفقهاء واختيار العلماءء جزاك الله خيراً. ثم أقبل علىٍ عمران 
فقال: أيه الأميرء قال الله تعالى في كتابه: «ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيما 
وأسيراً4 (الدهر: 8) وأنا مسكينء يتيم من عقلي» أسير في حبس شيطان موكل بي. 

فتيان بني عبد مناف وفتيان بني أسد 

حدثنا محمد بن سهل بن الفضل الكاتب قال حدثنا أبو زيد يعني عمر بن شبة قال 
حدثني الوليد بن هشام قال قال معاوية للحارث بن نوفل: أدخحل علي فتيان بني عبد 
مناف» فأدحلهم كأن وجوههم الدنانير» فنظر إليهم فقال: بأي أنتم 

بنو امحد لم تقعد بهم أمباتهم وآباؤهم آباء صدق فأنجبوا 

هم حفظوا غبي كما كنت حانظ لهم غيب أخرى مثلها لو تغيبوا 

فقال عبد الله بن الزبير: يا أمير المؤمنين ألا أدحل عليك فتيان بني أسد قال: 
فأدخلهم كأن وجوههم الحيات» فقال معاوية: 


أكلن حمضاً فالوجوه شيب شربن حتى نزح القايب 
ابو الدرداء ينظم شعرا 


حدئنا أحمد بن العباس العسكري قال حدثنا ابن أبي سعد قال حدثي محمد بن 
إسحاق المسيبي قال: سمعت شيخاً يقال له عبد الملك بن عمارة من ولد حزيمة بن ثابت 
ذي الشهادتين من الأنصار يحدث أني أن أبا الدرداء قيل له كل أصحابك قد قال الشعر 
غيرك» فنكس أو أطرق قليلاً ثم قال: 


حجت الجليس الصالح والأنيس الناصح لب ب 17/7 - 
يريد العبد أن يعطى مناه ويأى الله إلا ماررادا 
يقول العبد فائدتي ومالي وتقوى الله أفضل ما استفادا 
فقالوا: لقد أحسنت فزدء فقال: لاء إنما قلت حين قلتم إن أصحابك كلهم قد قالواء 
فكرهت أن يعملوا عملاً لا أعمله» وليس الشعر من شأني. 
لا تملأوا أعينكم من أئمة الجور 
حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا عبد الله بن علي بن الحسن الخواص العابد قال 
حدثنا الحسن بن جرير الصوري قال حدثنا محمد بن عمرو العسقلاني قال حدثنا 
إبراهيم بن أدهم عن أبي عيسى المروزي قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول في إمرة عبد 
الملك بن مروان: لا ملأوا أعينكم من أئمة الجور ولا من أعوانهم إلا بإنكار بقلوبكم 
كيلا تحبط أعمالكم الضالحة. 
السفاح يعمل بيتين لتخويف بني أمية 
حدئنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا الحسين بن فهم قال حدثنا ابن النطاح قال: 
روينا أن السفاح عمل بيتين ووجه برجل إلى عسكر مروان ليقوم على الحبل ليلاً فيصيح 


بهما وينغمس فلا يوجدء وهما: 


يا آل مروان أن الله مبلككم ومبدل أمنكم خوفاً وتشريدا 
لا عمر الله من أنسالكم أحداً وينكم في بلاد الخوف تطريدا 
قال: ففعل ذلك فدحلت قلوبهم مخافة. 
وصية علي لشريح 


حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري قال حدثنا موسى بن شبيب بشيزر عن 
يونس بن موسى البصري عن الحسن بن حماد عن الرماح بن المنذر النهدي عن محمد بن 
علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن جده عن علي بن أني طالب عليهم السلام أنه قال 
لشريح: لسانك عبدك ما لم تتكلمء فإذا : تكلمت فأنت عبده» فانظر ما تقضي وفيم 
000 وكيف تقَط وفيما تمض وإليه تفض ١‏ 
قال القاضي: هذا الذي خاطب به أمير المؤمنين شريحاً من أحسن الكلام» وأشرفه 
لفظأ ومعنى ومتى تأمله من يلي الأحكام واعتبر به وأجرى أمره عليه فاز ورشد؛ وأفلح 
وسعد) نسأل الله توفيقه وعصمته برأفته ورحمته. 
المجلس الحادي والثمانون 
أسئلة أبي ذر للرسول 
حدئنا على بن محمد بن أحمد البصري قال حدثنا الفضل بن جعفر بن همام أبو العباس 
البصري قال حدثنا عبد الله بن سعيد القيسي قال حدثنا يحيى بن سعيد السعدي قال 


حرل.ء وح ب للست البجلس الحادي والثمانون حت 
حدثنا ابن جريج عن عطاء بن أني رباح عن عبيد بن عمير الليثي عن أي ذر قال: دحلت 
على رسول الله ويه المسجد وهو جالس وحده فاغتئمت خلوته, فقال يا أبا ذر إن 
للمسجد تحية» قلت: ما تحيته يا رسول الله؟ قال: ركعتان» فركعتهما ثم التفت إليه 
فقلت: يا رسول الله أنت أمرتني بالصلاة فما الصلاة؟ قال: حير موضوع فمن شاء أقل 
ومن شاء أكثرء قلت: يا رسول لله أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الإيمان بالله ثم الجهاد 
في سبيل الله قلت يا رسول الله أي المؤمنين أكمل إيماناً؟ قال: أحسنهم خلقاًء قلت: يا 
رسول الله فأي المسلمين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويد قلت فأي 
الحجرة أفضل؟ قال: من هجر السوءء قلت: فأي الليل أفضل؟ قال: جوف الليل العابرء 
قلت: فأي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت» قلت فأي الصدقة أفضل؟ قال: جهد من 
مقل إلى فقير في سرء قلت: فما الصوم؟ قال: قرض محزي وعند الله أضعاف كثيرة» قلت: 
أي الرقاب أفضل؟ قال: أغلاها شناً وأنفسها عند أهلهاء قلت: فأي الحباد أفضل؟ قال: 
من عقر جواده وهريق دمه: قلت: أي آية أنزها الله عليك أعظم؟ قال: آية الكرسي. ثم 
قال: يا أبا ذرء ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة» وفضل 
العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة؛ قلت: يا رسول الله كم النبيون؟ 
قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي» قلت: يا رسول الله» كم المرسلون منهم؟ قال: 
ثلاشائة وثلاثة عشرء جم الغفير» قلت: من كان أول الأنبياء؟ قال: آدم» قلت: وكان من 
الأنبياء مرسلاً؟ قال: نعم نبياً مكلماً حلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه. ثم قال: يا أبا ذرء 
أربعة من الأنبياء» سريانيون: آدم وشيث وإدريس وهو أول من خط بالقلم ونوح؛ وأربعة 
من العرب: هود وصالح وشعيب ونبيك محمد وَل وأول الأنبياء آدم وآخرهم محمد ؤَيَك 
وأول نبي من أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى صلى الله عليهماء وبينهما ألف 
نبي» قلت: يا رسول الله كم أنزل الله تعالى من كتاب؟ قال: مائة كتاب وأربعة كتب؛ 
أنزل على شيث حمسين صحيفة» وعلى إدريس ثلاثين صحيفة» وعلى إبراهيم عشرين 
صحيفة» وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان» قلت: يا رسول الله فما كانت 
صحف إبراهيم؟ قال: أمثال كلها: أيها الملك المبتلى المغرورء لم أبعثنك لتجمع الدنيا 
بعضها إلى بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر» 
وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا أن تكون له ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه» وساعة 
يحاسب فيها نفسه ويتفكر بما صنع؛ وساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال فإن في هذه 
الساعة عوناً لتلك الساعات استجماماً للقلوب وتفريغاً لما وعلى العاقل أن يكون بصيراً 
بزمانه» مقبلاً على شانه» حافظاً للسانه» فإن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا في 
ما يعنيه. وعلى العاقل أن يكون طالباً لفلاث: مرمة لمعاشء أو تزوداً لمعاد. أو تلذداً في 


د الجليس الصاح والأنيس الناصح للب ااا ا ا ا حت 
غير محرم. قلت: يا رسول الله فما كانت صحف موسى؟ قال: كانت عبراً كلها: عجبت 
لمن أيقن بالموت ثم يفرح؛ ولمن أيقن بالنار ثم يضحك, ولمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم 
يطمئن إليهاء ولمن أيقن بالقدر كيف ينصبء ولمن أيقن بالحساب ثم لا يعمل. قلت: يا 
رسول الله هل في الدنيا مما أنزل الله عليك شيء مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟ قال: 
يا أبا ذر» تقرأ «إقد أفلح من تركى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة 
خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى# (الأعلى: )١5 -1١14‏ 
قلت: يا رسول الله أوصني قال: أوصيك بتقوى الله فإنه زين لأمرك كله» قلت: يا رسول 
الله زدني» قال: عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض» 
قلت: زدني» قال: عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك» 
قلت: زدني» قال: إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه» قلت: زدني» 
قال: قل الحق» وإن كان مرأء قلت؛ زدني» قال: حب المساكين وجالسهم؛ قلت: زدني» 
قال: لا تخف في الله لومة لائم» قلت: زدني» قال: ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك؛ 
ولا تجد عليهم في ما تأتي. ثم قال: كفى بالمرء عيباً أن تكون فيه ثلاث خصال: أن يعرف 
من الناس ما يجهل من نفسه. ويستحبي لهم مما هو فيه» ويؤذي جليسه في ما لا يعينه» ثم 
قال: يا أبا ذر» لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق. 
تعليق على خبر أبي ذر 

قال القاضي: في خبر أبي ذر هذا أنواع من الحكم وفوائد من العلم والإنباء عن الأمور 
الخالية» وإخبار عن الأمور الماضية» وفيه اعتبارٌ لأولي البصائر والعقول» وتنبيه لذوي 
التمييز والتحصيل» وقد روينا في كثير من فصوله روايات موافقة لألفاظه ومعانيه» وأخر 
مضارعة لما اشتمل عليه من الأغراض فيه» وروينا في بعض فصوله روايات مختلفة لظاهر 
ما تضمنه إلا أمها إذا تؤملت رجعت إلى التقارب إذ اقتضت غلطاً من بعض الرواة. فأما 
ما ثبت أن رسول الله يُيَعَهْ قاله وأحبر به فهو الحق الذي لا مرية فيه ولا ريب في صحته 
والقطع على حقيقة مغيبه. 

قال القاضي: وفي خبر أني ذر ما دل على أن من الأنبياء من أوتي النبوة وأرسل إلى 
طائفة» ومنهم من كان نبياً غير مرسل إلى أحد. وقد قال الله تعالى ذكره: «إوما أرسلنا من 
قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته4 (الحج: 07) وروي عن 
النبي كد أنه قال فيه: "ولا محدث" وقال: "إن منكم محدثين" وذكر عمر رضي الله عنه. ومن 
الدعاء المنتشر المستعمل الظاهر على ألسنة خاصة المسلمين وعامتهم: اللهم صل على 
ملائكتك المقربين وعلى أنبيائك والمرسلين» وظاهر هذا يقتضي الفصل بين الفريقين» وقد 
أحال هذا بعض المنتسبين إلى علم الكلام ومن يدعي له فريق مفتون به مغرور بمخاريقه؛ 


.سس سس الجلس الحادي والثمانون حت 
وأحال أيضاً أن لا يختص أحد من الأنبياء بشيء من الشريعة محدد على يده مخالف ني 
الصورة لما أتى به من قبله» وأن يقتصر به في الدلالة على صدقه وصحة نبوته بخبر نبي من 
الأنبياء بذلك وتعبينه عليه تعييناً لا يشكلء وكل ما أحاله من ذلك على غير ما قدره؛ ولا 
حجة له في شيء مما أتى به من ذلك» ولا شبهة توقع العذر له إذ لم يكن السمع ولا العقل 
يحيلانه» بل يدلان على جوازه ويشهدان بصحته» وقد ثبت الخبر الصادق به وله في إعجاز 
القرآن وصحة شهادته بالصدق للنبي ول وإنه لكلام يبعد من إطلاق مثله من صحت 
فطرته وسلمت من التعصب والتحامل والغفلة والتجاهل طريقته» وكانت استبعدت هذا حين 
حكي لي عنه إذ لم يكن عندي ممن بلغ في الذهاب عن النظر الصحيح هذا الحد؛ إلى أن رأيته 
منبناً بخطه» وقد حكيته على جهته في معناه ولفظه في غير موضع؛ من ذلك كتابنا المسمى 
البيان الموجز عن علم القرآن المعجزء وليس كتابنا هذا من مواضع البيان عن ذلك والاشتغال 
بحكايته وإيضاح القول فيه وتبيين فساده. وقد قال بعض أهل العلم: لو سكت من لا يعلم 
لاسترحناء وأنا أقول: لو كان له دين يردعه؛ ويكفه ويمنعه» ويقبضه فيقدعه؛ فيسكته قهراً 
ويصمته قسرأء أو كان من يصرفه عن شنيع الحبالات وبديع الضلالات بالتأديب والقصب 
والتثريب» والتبكيت والتأنيب» ولرجونا أن يعفي الناس بذلك عما ينالهم من الضرر أو كثير 
منه من جهته» وإلى الله المشتكى وهو المستعان على كل حادثة وبلوى. 
كلمة بليغة لعلي 

حدثي محمد بن عمر بن نصير الحري الحمال سنة ست عشرة وثلاشائة إملاء من 
حفظه. قال: حدثنا حاجب بن سليمان المنبجي وهو يومئذ بحلب سنة اثنتين وستين 
ومائتين قال حدثنا الوصاف بن صالحء وحدثنا محمد بن محمد بن زيد المقري النهرواني 
المعروف بابن زندويه قال حدثنا أبو منصور يعني سليمان بن محمد بن الفضل بن جبريل 
البجلي قال حدئنا حاجب بن سليمان ومحمد بن حسن بن سفيان المنبجيان» قالا: حدثنا 
الوصاف بن حاتم أبو الحسن قال القاضي: وهو الصواب عندي وقالا جميعاً: أعني الحربي 
وابن زندويه قال حدثنا أبو إسحاق الكوني عن خالد بن طليق عن أبيه عن علي بن أبي 
طالب الل أنه قال: ذمتي رهينة وأنا به زعيم» لا يبيج على التقوى زرع قوم ولا يظمأ 
على التقوى سنخ أصلء وإن أجهل الناس من لم يعرف قدره؛ وإن أبغض الناس إلى الله 
عز وجل رجل قمش علماً ني أغمار من الناس غشوه؛ أغار فيه بأغبار الفتنة عمى عما في 
ريب الهدنة وقال ابن زندويه مكان الحدنة الفتنة سماه أشباه الناس عالماً ولم يغن في العلم 
يوماً سالماً ولم يقل الحري في العلم ذكر فاستكثر ما قل منه وقال الحربي: وما قل منه خير 
مما كثر حتى إذا ارتوى من آجن واستكثر من غير طائل» جلس للناس مفتياً قال الحرني: 
لتلخيص ما لبس على غيره وليس هذا في حديث ابن زندويه؛ وقالا: فإن نزلت به إحدى 


ح الجليس الصالح والأئيس الناصح بحبح رو 
المهمات قال الحربي: هيا لما حشواً من رأيه وقال ابن زندويه: هيا حشواً لرأي من رأيه 
فهو من قطع المشتببات في مثل نسج العنكبوت لا يدري أخطأ أم أصاب وقال ابن 
زندويه مكان نسج غزل وقال الحربي: حباط جهالات» ركاب عمايات وقال ابن زندويه 
ركاب جهالات خباط عشوات لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم» ولا يعض على العلم بضرس 
قاطع فيغنم» تبكي منه الدنيا وقال ابن زندويه مكان الدنيا الدماء وكأنه أشبه بالصواب 
عندي؛ وقالا: وتصرخ منه المواريث» ويستحل بقضائه الفرج الحرام» لا ملي والله ولا 
أهل بإصدار ما ورد عليه ولا هو أهل لما فرض له وقال ابن زندويه: لا ملي والله بإصدار 
ما ورد عليه ولا هو أهل لما قرظ به؛ وقال الحربي: أولئك الذين حقت عليهم النياحة أيام 
الدنيا. قال القاضي: وأنهى ابن زندويه حدينه عند قوله لما قرظ به ثم قال: وزاد فيه غيره» 
وأتى بما رويناه بعد هذا عن الحربي منفرداً به على ما وصفناه. 
تمسير ما غمض هي كلمة علي 

قال القاضي: قول أمير المؤمنين نضر الله وجهه "ذمتي رهينة وأنا به زعيم" إبانة عن 
تيقنه ما أخخبر به وبصيرته فيه وثقته بحقيقته وتوئيقه لمن أخبره بثبوته وصحته. وأما قوله: 
وأنا به زعيم فإن الذي ترجع إليه هاء الضمير في جملة الكلام ومعناه وما دل عليه مفهومه 
وفحواهء كأنه قال: وأنا بقولي زعيم وإن لم يأت بصريح اسم خاص ولا مصدر يعود 
الضمير عليه أصله وذلك مستعمل فصيح فاش في العربية وقد يأتي في مثل هذا فعل أو 
اسم فاعل يدل على مصدر يعود الضمير إليه دون لفظ جملة من كلام يحمل عليه فأما 
الفعل الدال على مصدره فكقوهم: من كذب كان شرا له؛ أضمر في كان الكذب الذي 
دل عليه كذب وعاد الضمير إليه وإن لم يأت على بينته» قال الله تعالى: «إولا يحسبن 
الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لحم بل هو شر نهم (آل عمران: 
٠‏ يعني البخل الذي لم يأت على خاص لفظه اكتفاء بدلالة الفعل الذي هو يبخلون 
عليه. وأما اسم الفاعل فكقوهم: إذا أحسن كما أمر فجازه عليه» يريد على إحسانه الذي 
دل أحسن عليه» ورجع عائد الضمير إليه» ومثل هذا قول الشاعر: 

إذا نمي السفيه جرى إليه وخالف والسفيه إلى خللاف 

أراد إلى السفيه» على ما بيناء وقد يكتفون في هذا الباب بدلالة العهد والحال وتجلي 
الأمر الشائع فيه؛ قال الله جل ذكره: إولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليبا من 
دابة4 (النحل: )1١‏ وقال تعالى: ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظبرها 
من دابة# (فاطر: 45) فأعاد الضمير على الأرض ولم يجر لما في هذه القصة ذكر. وقال 
جل ثناؤه: «إنا أنزلناه في ليلة القدر» (القدر: )١‏ يعني القرآن» وقال: إحتى توارت 
بالحجاب4 (ص: ؟77) يعني الشمس في قول جمهور أهل العلم» قال الشاعر: 


د +للسسسسس سسسب _ب لست الجلس الحادي والثمانون حت 
هذا مقام قدمي رباح غدوة حتى دلكت براح 
يريد الشمس. وقال الله تعالى وهو أصدق القائلين «إفأئرن به نقعاً فوسطن به جمعاً» 
(العاديات: 4»: 5) يريد الوادي أو الموضع أو المكان أو المنزل. وهذا باب واسع وله 
شرح ليس هذا موضعه وقد أتينا منه هاهنا بما يكفي معه بعضه بل هو جميعه. 
وأما الزعيم فإنه الكفيل» ومنه قول رسول الله وك: الزعيم غارم. وقال جل ذكره: 
«إولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم4 (يوسف: 70) وقال جل ثناؤه: إسلبم أيهم 
بذلك زعيم» (القلم: )4٠‏ ويقال: فلان زعيم القوم أي القائم بأمورهم المتكفل بها. 
ومنه ما جاء به الأثر في ذكر أشراط الساعة: وصار زعيم القوم أرذلهم. قال: الشاعر: 
إني زعيم يا نويقة إن نجوت من الرواح 
وسلمت من غرض الحتو ف مع الغدو إلى الرواح 
أن تهبطين بلاد قو م يرتعون من الطلاح 
ويقال أيضاً في الزعيم ضمين وقبيل وحميل» من القبالة والحمالة» وصبير ير وتبيع كما 
قال الشاعر: 
غدوا وغدت غزلانهم وكأنهم ضوامن غرم أزهن تبيع 
وقد قيل في قول الله جل ثناؤه: «إأو تأتي بالله والملائكة قبيلاً4 (الإسراء: 97) إنه 
بمعنى القبيل أي الكفيل» وقيل بل هو من الجماعة» وقيل هو من المقابلة والمعاينة. 
واختلف في تأويل قوله عز وجل: لإأو يأتيبم العذاب قبلاً4 (الكهف 25) وقوله تعالى: 
«إوحشرنا عليهم كل شيء قبلا (الأنعام: )1١١‏ على أقوال مع اختلاف القراءة في 
كسر القاف وفتح الباء وفي ضمهما وفي الجمع بين الموضعين والتفريق بينهماء وهذا 
مشروح في كتبنا التي الفناها في القراءات والتأويل. . 
وقوله: "لا يبيج على التقوى" أي يفسد فيصير هشيماًء من قول الله عز وجل: ثم 
يبيج فتراه مصفراً» (الزمر: وى الحديد: .)5١‏ 
وقوله: سنخ أصلء» يقال قلع سنه من سنحهاء وقوله في الخبر بأغبار الفتنة يعني 
بقاياهاء ويقال بفلان غبر من المرض أي بقاياء كما قال الشاعر: 
فإن سألت عني سليمى فقل لها به غبر من دائه وهو صالح 
وقوله: حتى إذا ارتوى من آجنء الآجن: الماء المتغير لركوده وطول وقوفه وكذلك 
الآسن» يقال: أسن الماء يأسّن ويأسن وأجن يأجن ويأجن؛ قرأ ابن كثير غير أسنء 
مقصور الهمزة. وقيل في قوله تعالى: «إفانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه» (البقرة: 
9 إنه من السنة أي لم تؤثر فيه السنون فتحيله وتغيره» ووصلوا بالمحاء ووقفوا عليها إذ 
كانت فيه أصلاء يقولون: بعته مسائهة ومساناة» فجعل من قرأ هكذا الماء لام الفعل 


حت الجليس الصالح والأنيس اناصح بس ست سسب حت اوح 
وأصلاً فيه» وأثبت الحاء فيه آخرون زائدة للسكت إذا وقفوا كقوله اقتده» وكقولهم: ارمه 
وتعاله وحذفوها في الوصل فقالوا: يتسن وانظرء وزعموا أنه من أسن الماء. وهذا التأويل 
عندنا غلط من متأوليه» وذهاب عن وجه الصواب فيه» ولو كان على ما توهموه لوجب 
أن يقال لم يتأسن لأن الحمزة فيه فاء الفعل. والسين عينه والنون لامهء وإشباع هذا في ما 
ألفناه من حروف القرآن معانيه. ومن الآجن قول عبيد بن الأبرص: 
يا رب ماء آجن وردته سبيله عخائف جديب 
ريش الحمام على أرجائه للقلب من خوفه وجيب 

وقوله: حباط عشوات يعني الظلم. وهذا الفريق الذين وصفهم أمير المؤمنين من 
الجهلة الأراذل السفلة قد كثروا في زماننا وغلبوا على أهله واستعلوا على علمائه والربانيين 
فيه» وإلى الله المشتكى. وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله يْيَهَْ أنه قال: "إن الله لا 
يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس» ولكن يقبض العلم بقبض العلماء» حتى إذا لم ييق 
عالم» اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا". 

ما أحوجك إلى محدرج 

حدئنا محمد بن الحسن بن دريد قال أخحبرنا عبد الأول بن مزيد السعدي قال حدثني 
أبو عدنان عن اليثم بن عدي عن ابن عياش الهمداني قال: كان الشعبي إذا ابتدأ في حديث 
أحببت أن ل يقطعه من حستهء قال: فإنه ليتتحدث يوماً وعنده خنيس العلاك» قال: فقام 
حنيس فقال: ما أبغض إلي الفقيه يكون جيد الكلام» فقال الشعبي: من هذا؟ فقالوا: 
حنيس العلاك» قال: وما حنيس؟ قال: يبيع العلك» فأقبل عليه وقال: ويحك يا حنيس» ما 
أحوجك إلى محدرج شديد الإحصاد لين المهزة قد أخذ من عجب ذنب عود إلى مغرز 
عنقه فيوضع منك على مثل ذلك الموضع فتكثر له رقصاتك من غير جذلء قال: ما ذاك؟ 
قال: شيء لنا فيه أرب ولك فيه أدب. 


شرح الغريب 
قال القاضي: قوله: محدرج أي سوط محكم جيد الفتل كما قال الشاعر: 
أخاف زياداً أن يكون عطاوره أداهيم سوداً أو محدرجةً حمرا 


وقوله: شديد الإحصاد أي قد أحكم واشتد» يقال حبل محصد أي موثق. وقوله: لين 
المهزة يصفه بالتثني إذا هز» كما قال الشاعر يصف رمحا: 
تقاك بكعب واحد وتلذه يداك إذا ما هز بالكف يعسل 
وأما قوله: قد أحذ من عجب ذنب عود فإن العود البعير المسن» وعجب الذنب 
أصلهء وهو العصعصء ويقال له القحقح. وروي عن النبي َيِه أنه قال: يبلى من ابن آدم 
كل شيء إلا عجب الذنب فإنه منه ركب وبدئ خلقه. وروينا عن الشعبي هذا من طريق 


حو( + ال سس سح المجلس الثاني والثمانون حت 
آخر أنه قال في صفة السوط: يؤوحذ من صليف العنق إلى عجب الذنب» وصليف العنق 
صفحته. ويقال: عجم الذنب في هذا بالميم» وهذا مما تعاقبت فيه الباء والميم كما قالوا 
ركمة سوء وركبة» وضربة لازب ولازم؛ في حروف كثيرة» قال الله تعالى: «إإنا خلقناهم 
من طين لازب » (الصافات: )١١‏ ومن اللازب قول نابغة بني ذبيان: 


ولا يحسبون الخير لا شر بعده ولا يحسبون الشر ضربة لازب 
وقال كثير في الميم: 
وما ورق الدنيا بباق لأهله وما حدثان الدهر ضرية لازم 
وفي هذا لغة أحرى وهي لاتب بالتاء والباء» وهي لغة في قيسء» وأنشد الفراء: 
صداع وتوهيم العظام وفترة وغثي مع الأحشاء في الحوف لاتب 


وأما قوله: من غير جذل فالحذل الفرح» يقال قد جذل الرجل يجذل جذلاً إذا سر 
وفرحء فأما الحذل بالإسكان فهو العود المنتتصبء وفيه لغتان جذل وجذلء قال ذو الرمة: 
ترى ذكر الحرباء فيها مصلياً على الحذل إلا أنه لا يكبر 
إذا حول الظل العشي رأيقه حنيفاً وني قرن الضحى يتنصر 
والحرباء دابة يقال للأنثى منها أم حبين» وهو يقف على العود مستقبل الشمس يدور 
معها حيث دارت» وقد احتلف في علة هذاء فقال قائلون: هذه دابة مقرورة تتبع الشمس 
لتستدفئ بهاء وقال آخرون: بل تستضر بالشمس فتتقيه برأسها لأنه أقوى ما فيهاء والقول 


الأول أشبه القولين بالصواب عندي. 
وقوله: لنا فيها أرب أي حاجة» قال ذو الرمة: 
والهم عين أثال ما ينازعه من نفسه لسواها مورداً أرب 
قال القاضي: وإني لأستحسن قول أبي نواس: 
كما لا ينقضي الأرب كذا لا يفتر الطلب 
وهذا من أفصح الكلام وأوضحه وأعذبه» ولله در السابق إلى أصل هذا المعنى؛ القائل: 
تموت مع المرء حاجاته وتبقى له حاجة ما بقي 


قال القاضي: وقد روينا عن الشعبي من وجه آخر أنه أجاب خنيساً عن قوله: ما 
هذا؟ بأن قال: بعض الأمر وهذا جواب حسن بليغ مختصرء وإن كان كما أنت به الرواية 
موقعها من الحسن والبلاغة. 
المجلس الثاني والثمانون 
وفد عند ملك الروم يباحثهم ويريهم صور الأنبياء 
أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا الجخريري» قال حدثنا الحسن بن علي بن 
زكرياء العدوي أبو سعيد البصري قال حدثنا أحمد بن محمد المكي أبو بكر قال حدثنا 


حت اليس الصالح والأنيس الناصح االلا 0202 ”لد ا 
محمد بن عبد الرحمن المديني عن محمد بن عبد الواحد الكوني قال حدثنا محمد بن أني 
بكر الأنصاري عن عبادة بن الصامت» وكان عقبياً بدرياً نقيبء أنه قال: بعثني أبو بكر 
رضي الله عنه إلى ملك الروم يدعوه إلى الإسلام ويرغبه فيه» ومعي عمرو بن العاص بن 
وائل السهمي» وهشام بن العاص بن وائل السهمي وعدي بن كعب ونعيم بن عبيد الله 
النحام» فخرجنا حتى قدمنا على جبلة بن الأيهم دمشق» فأدخلنا على ملكهم بها الرومي» 
فإذا هو على فرش له مع الأسقفء فأجلسنا وبعث إلينا رسوله وسألنا أن نكلمهء فقلنا: لا 
والله لا نكلمه برسول بيننا وبينه» فإن كان له في كلامنا حاجة فليقربنا منه» فأمر بسلم 
فوضع ونزل إلى فرش له في الأرض فقربناء فإذا هو عليه ثياب سود مسوح. فقال له 
هشام بن العاص بن وائل: ما هذه المسوح التي عليك؟ قال: لبستها ناذراً أن لا أنزعها 
حتى أخحرجكم من الشامء فقلنا: قال القاضي: وذكر كلاماً خفي علي من كتابي معناه: بل 
شلك بحلسك وبعده ملككم الأعظم فوالله لنأحذنه إن شاء الله فإنه قد أحبرنا بذلك نبينا 
يك الصادق البارء قال: إذاً أنتم السمراءء قلنا: وما السمراء؟ قال: لستم بهاء قلنا: ومن 
هم قال: الذين يقومون الليل ويصومون النهارء قال فقلنا: نحن والله همء قال فقال: 
وكيف صومكم وصلاتكم وحالكم؟ فوصفنا له أمرناء فنظر إلى أصحابه وراطتهم وقال 
لنا: ارتفعواء ثم علا وجهه سواد حتى كأنه قطعة مسح من شدة سواده» وبعث معنا رسلا 
إلى ملكهم الأعظم بالقسطنطينية فخرجنا حتى انتهينا إلى مدينتهم» ونحن على رواحلنا 
علينا العمائم والسيوف»ء فقال لنا الذين معنا: إن دوابكم هذه لا تدحل مدينة الملك؛» فإن 
شئتم. جتناكم ببراذين وبغالء -قلنا: لا والله. لا ندحلها إلا على رواحلناء فبعثوا إليه 
يستأذنونه» فبعث إليهم أن حلوا سبيلهم» فدخلنا على رواحلنا حتى انتهينا إلى غرفة 
مفتوحة الباب» فإذا هو جالس فيها ينظر» قال: فأنخنا تحتها ثم قلنا: لا إله إلا الله والله 
أكبر» فيعلم الله لانتتفضت حتى كأنها نخلة تصفقها الريح» فبعث إلينا رسولاً: إن هذا ليس 
لكم أن تجهروا بدينكم في بلادناء وأمر بنا فأدخلنا عليه» فإذا هو مع بطارقته» وإذا عليه 
ثياب حمرء وإذا فرشه وما حواليه أحمرء وإذا رجل فصيح بالعربية يكتب» فأوماأ إلينا 
فجلسنا ناحيته فقال لنا وهو يضحك: ما منعكم أن تحيوني بتحيتكم فيما بينكم؟ فقلنا: 
نرغب بها عنك» وأما تحيتك التي لا ترضى إلا بها فإنا لا يحل لنا أن نحييك بهاء قال: وما 
تحيتكم فيما بينكم؟ قلنا: السلام» قال: فما كنتم تحيون به نبيكم؟ قلنا: بهاء قال: فما 
كان تحيته هو؟؟ قلنا: بهاء قال: فبم تحيون ملككم اليوم؟ قلنا: مهاء قال: فبم يحييكم؟ 
قلنا: مهاء قال: فما كان نبيكم يرث منكم؟ قانا: ما كان يرث إلا ذا قرابة» قال: وكذلك 
ملككم اليوم؟ قلنا: نعم) قال: فما أعظم كلامكم عندكم؟ قلنا: لا إله إلا الله قال: فيعلم 


الله لانتفض حتى كأنه طير ذو ريش من حسن ثيابه» ثم فتح عينيه في وجوهناء قال فقال: 


ددا لس بح الهلس الثاني والثمانون حت 
هذه الكلمة التي قلتموها حين نزاتم متحت غرفتي؟ قلنا: نعم» قال: كذلك إذا قلتموها في 
بيوتكم تنفضت ها سقوفكم؟ قلنا: والله ما رأيناها صنعت هذا قط إلا عندك» وما ذلك 
إلا لأمر أراده الله تعالى» قال: ما أحسن الصدق! أما والله لوددت أني حرجت من نصف 
ما أملك وأنكم لا تقولونها على شيء إلا انتفض لاء قلنا: ولم ذاك؟ قال: ذلك أيسر 
لشأنها وأحرى أن لا تكون من النبوة وأن تكون من حيل ولد آدم» قال: فماذا تقولون إذا 
فتحتم المدائن والحصون؟ قلنا: لا إله إلا الله والله أكبرء قال: تقولون لا إله إلا الله والله 
أكبر ليس غيره شيء؟ قلنا: نعم» قال وتقولون: الله أكبر الله أكبر هو أكبر من كل شيء, 
قلنا: نعم» قال: فنظر إلى أصحابه فراطنهم ثم أقبل علينا فقال: تدرون ما قلت لمم؟ قلت: 
ما أشد اختلاطهم. ثم أمر لنا بمنزل وأجرى لنا نزلاً فأقمنا في منزلنا تأتينا ألطافه غدوة 
وعشية ثم بعث إلينا فدخلنا عليه ليلاً وحده ليس معه أحدء فاستعادنا الكلام فأعدناه 
عليه» ثم دعا بشيء كهيئة الربعة ضخمة مذهبة فوضعها بين يديه ثم فتحها فإذا فيها بيورت 
صغار عليها أبواب» ففتح منها بيتاً فاستخرج منه خرقة حرير سوداء فنشرهاء فإذا فيها 
صورة حمراء» وإذا رجل ضحم العينين عظيم الأليتين لم ير مثل طول عنقه في مثل جسده» 
أكثر الناس شعراًء فقال لنا: هل تدرون من هفا؟ قلنا: لا» قال: هذا آدم صلى الله عليه 
ثم أعاده وفتح باباً آخر فاستخرج منه خحرقة حرير سوداء فنشرها فإذ فيها صورة بيضاى 
وإذا رجل أشعر كثير الشعر قال القاضي: أراه قال: ضححم العينين بعيد ما بين المنكبين 
عظيم الحامة فقال: هل تدرون من هذا؟ قلنا: لاء قال: هذا نوح اكيت ثم أعادها في 
موضعها وفتح بيتاً آخر فاستخرج منه خرقة حرير خضراءء فإذا فيها صورة شديدة 
البياض» فإذا رجل حسن العينين شارع الأنف سهل الخدين أشيب الرأس أبيض اللحية 
كأنه حي يتنفس فقال: أتدرون من هفا؟ قلنا: لاء قال: هذا إبراهيم عَيَيد ثم أعادها وفتح 
يتا آخر فاستخرج منه حرقة حرير خحضراء فإذا فيها صورة محمد كنك قال: تدروك من 
هذا؟ قلنا: هذا محمد يط وبكيناء فقال: بدينكم أنه محمد؟ قلنا: نعم بديننا إنها صورته 
كأها ننظر إليه حي قال: فاستخف حتى قام على رجليه قائماً ثم جلس فامسك طويلاً 
فنظر في وجوهنا قال: أما إنه كان آخر البيوت ولكني عجلته لأنظر ما عندكم» فأعاده 
وفتح بيتاً آخر فاستخرج منه خرقة حرير حضراء فإذا فيها صورة رجل جعد أبيض قطط 
ثر العينين حديد النظر عابس متراكب الأسنان مقلص الشفة كأنه من رجال أهل البادية 
فقال: أتدرون من هذا؟ قلنا: لاء قال: هذا موسى ؤََههْ وإلى جانبه صورة شبيهة به رجل 
مدور الرأس عريض الحبين بعينه قبل قال: أتدرون من هذا؟ قلنا: لاء قال: هذا هارون 
الا. وفتح بيتا آخر فاستخرج منه حرقة حرير حضراء فنشرها فإذا فيها صورة بيضاء 
وإذا رجل شبه المرأة ذو عجيزة وساقين» وسأل قال: أتدرون من هذا؟ قلنا: لاء قال: 


ح الجليس الصالح والأيس الناصح خم مس ب ححت/ اوح 
هذا داود الَكدا. فأعادها وفتح بيتاً آخر فاستخرج منه خرقة حرير نخضراء فنشرها فإذا 
فيها صورة بيضاءء وإذا رجل أوقص قصير الظهر طويل الرجلين على فرس لكل شيء منه 
جناح» فقال: تدرون من هفا؟ قلنا: لاء قال: هذا سليمان وهذه الريح تحمله الكقلة. ثم 
أعادها وفتح بيتاً آخر فيه حريرة خضراى فنشرها فإذا فيها صورة بيضاءء وإذا رجل 
شاب حسن الوجه حسن العينين شديد سواد اللحية يشبه بعضه بعضاً فقال: أتدرون من 
هذا؟ قلنا: لاء قال: هذا عيسى ابن مريم الم فأعادها وأطبق الربعة» قال قلنا: فأخبرنا 
عن قصة الصور ما حالما فإنا نعلم أنها تشبه الذين صورت صورهم فإنا رأينا نبينا عَيَك 
يشبه صورته قال: أحبرت أن آدم اليَيل سأل ربه أن يريه أنبياء بنيه فأنزل عليه صورهم 
فاستخرجها ذو القرنين من خزانة آدم في مغرب الشمس فصورها لنا دانيال في حرق 
الحرير على تلك الصور فهي هذه بعينهاء أما والله لوددت أن نفسي طابت بالخروج من 
ملكي فتابعتكم على دينكم,» وأن أكون عبداً لأسوئكم ملكة؛ ولكن نفسي لا تطيب» 
فأجازنا وأحسن جوائزنا وبعث معنا من يخرجنا إلى مأمننا فانصرفنا إلى رحالنا. 
تعليق القاضي على الخبر المتقدم 

قال القاضى: قد كنا أمللنا هذا الخبر من طريق آخرء ومعاني الخبرين متقاربة» ولما 
حضرنا هذا الخبر من هذا الطريق رسمناه هاهناء وقد تضمن ما يدل على صدق نبينا غ2 
وصحة نبوته على كثرة الأحبار والروايات فيه وشهادة الكتب السالفة مع تأييد الله جل اسه 
إياه بالآيات التي أظهرها الله على يديه والأعلام الشاهدة له. وفي هذا الخبر عند ذكر داود 
الكل وصفته بأنه ذو عجيزة وقد أنكر كثير من علماء الفقه أن يقال في الرجل: ذو عجيزة 
وذكروا أن هذا يقال في النساء حخاصة دون الرجال» وذكروا أنه إنما يقال عجز فلان» وقد 
رأيت بعض أهل العلم قال في صفة الصلاة وما ينبغي للمصلي أن يكون عليه في صلاته: 
ويرفع عجيزته ولست أدري أهذا شيء وقع إليه من جبة اللغة أم ذكره لأنه وصف جملة 
المصلين ذكورهم وإناثهم وقد أتى في هذا الخبر ما وصفناه» والله أعلم بصواب ذلك. 

براعة العجماء المغتية 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرنا أبو الفضل الرياشي عن محمد بن سلام 
قال: بلغني عن غرير بن طلحة الأرقمي قال» قال لي أبو السائب» وكان من أهل الفضل 
والنسك: هل لك في أحسن الناس غناء لا تسأمه قلت: نعم» وكان علي يومئذ طيلسان 
لي أسميه من غلظه وثقله مقطع الأزرار» قال: فخخرجنا حتى جثنا الحبانة إلى دار مسلم بن 
يحيى الأرت صاحب الخمر مولى بني زهرة فأذن لنا فدحلنا بيتاً طوله اثنا عشر ذراعاً في 
مثلباء وطول البيت في السماء ستة عشر ذراعاً» وفي البيت شرقتان قد ذهب عنهما 
اللحمة وبقي السدى.» وقد حشيتا بالليف» وكرسيان قد تفككا من قدمهما بينهما ثلاث 


نر حب سس ب سحت المحلس الثاني والثمانون حت 
وسائدء ثم طلعت علينا عجوز عجفاء كلفاء عليها قرقل هروي أصفر غسيل لم يجدد في 
الصبغ» وكأن وركيها في حيط من رسحها فقلت لأني السائب: بأني أنت من هذه؟ فقال: 
اسكتء فتناولت عوداً فضربت ثم غنت: 
بيد الذي شعف الفؤاد بكم تفريج ماألقى من الهم 
فاستيقني أني كلفت بكم ثم افعلي ماشتت عن علم 
قد كان صرم في الممات تنا فعجلت قبل الموت بالصرم 
قال: فتحسنت في عيني» فتلاها نقاء وصفاء فأذهب الكلف عنها وزحف أبو السائب 
وزحفت مع ثم تغنت: 
برح الخفاء فأي ما بك تكتم ولسوف يظهر ما تسر فيعلم 
مما تضمن من غرير قلبه يا قل ب إنك بالحسان لمغرم 
بل ليتأنك يا حسام بأرضنا تلقي المراسي طائعاً وتخيم 
فتذوق لذة عيشنا ونعيمه ونكون إخواناً فماذا تنقم 
فقال أبو السائب: إن نقم هذا فأعضه الله بكذا وكذا من أمه؛ ولا يكني. وزحفت مع 
أني السائب حتى فارقنا النمرقتين» وربت العجفاء في عيني كما يربو السويق شيب بماء 
قربة. م غنت: 
يا طول ليلي أعالج السقما إذا حل كل الأحبة الحرما 
ما كنت أخشى فراقكم أبداً فاليوم أمسى فراقكم غرما 
قال غرير: فألقيت طيلساني مقطع الأزرار» وأحذت شاذكونة فوضعتها قال القاضي: 
أحسبه قال: على رأسي وصحت كما يصاح في المدينة: الدجر بالنوى» وقام أبو السائب 
فتناول ربعة كانت في البيت فيها قوارير ودهن فوضعها على رأسه. وصاح صاحب 
الجارية وكان ألئخ: قوانيني قوانيني» وحرك أبو السائب رأسه فاصطكت القوارير 
فتكسرت وسال الدهن على صدر أنبي السائب وظهره وقال للعجفاء: لقد هجت لي داء 
قديماًء ثم وضع الربعة. فكنا نختلف إليها حتى بعث عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن 
عبد الملك من الأندلس فابتيعت له العجفاء وحملت إليه. 
تطسيرات وتوضيحات , ٍ 
قال القاضي: قول الأرقمي في هذا الخبر اثنا عشر ذراعا وستة عشر ذراعا على لغة 
من ذكر الذراع والتأنيث فيها أظهرء وإن كانت اللغتان فيها قد حكيتا. 
أنشدنا في التأنيث محمد بن القاسم الأنباري قال أنشدنا أبو العباس عن سلمة عن الفراء: 
أرقى عليها وهي فرع أجمع وهي ثلاث أذرع وإصبع 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح لبس 77ج رق 1 جد 

وحدثنا ابن الأنباري قال حدثني أني عن محمد بن عبد الحكم عن اللحياني قال: 
الذراع والكراع يذكران ويؤتثان» قال: ولم يعرف الأصمعي التذكير فيهما. قال ابن 
الأنباري وحكى السجستاني عن أنبي زيد أنه قال: الذراع يذكر ويؤنث؛» وقوهم هذا ثوب 
سبع في شانية» ذكروا شانية وأنثوا سبعاً لأنهم أرادوا سبع أذرع في شانية أشبار» والشبر 
مذكر فلذلك الحقوا الحاء في شانية. وقال الفراء عند ذكره تأنيث الذراع: وقد ذكر الذراع 
البيت مرقتان الواحدة مرقة بضم النون والراء فيما حكى اللغويون وذكر الفراء أنه سع 
بعض كلب يقول شرقة بكسرهما وتجمع شارق وهي الوسائد والمرافق» قال الله تعالى 
ذكره: «إونمارق مصفوفة4 (الغاشية: )١5‏ ومن هذا قول امرأة من بني عجل ني يوم ذي 
قار تحض قومها على قتال الأعاجم: 


إن تقدموا نعانئق ونفرش النمارق 
أو تهزموا نفارق فراق غير وامق 
وقالت على نحو هذا هند بنت عتبة: 
نحن نات طارق شي على النمارق 
ونلبس اليلامق 
إن تقبلوا نعانق أو تدبروا نفارق 
فراق غير وامسق 
ومن النمارق قول ذي الرمة: 
كان فؤادي قلب جاني مخحوفة على النفس إذ يكسين وشي النمارق 


قال القاضي: وفي تسمية الوسادة مرفقة وجهان: أحدهما أنه من الرفق والارتفاق 
بالشيء والانتفاع من مرافق الدار والأثاث» قال الله عز ذكره ويببئ لكم من أمركم 
مرفقاً4 (الكبف: )١١5‏ وقرئ مرفقا. وقالوا: قد ارتفق فلان بمال فلان وأرفقه صاحبه» 
وجاء ني مرفق اليد مُرفق وَمرفق أيضاًء تكسر الأدوات مثل مقطع ومخرز ومخيط» قال 
أمية بن أني الصلت يخاطب سيف بن ذي يزن لما ظفر بالحبشة وأجلاهم عن اليمن: 


فاشرب هنيئاً عليك التاج مرتفقاً في رأس غمدان داراً منك محلالا 
وقيل لما وسادة لتوسدهاء قال الأعشى: 
إن كنت لا تشفين غلة عاشق كلف بحبك يا جبيرة صادي 
فالجي خيالك أن يزور فإنه في كل منزلة يعود وسادي 


وقال الأسود بن يعفر: 
نام الخلي وما أحس رقادي والهم محتضر لدي وسادي 


ح. ؟١‏ ا لسلس سس البجلس الثاني والثمانون حت 

قد يقال في الوسادة إسادة فتبدل الواو همزة استثقالاً لابتداء الكلمة بها كما قالوا: 
إشاح ووشاح ووجوه وأجوه؛ وحكي عن العرب سماعاً: ما أحسن هذه الأجوه؛ في كثير 
من الكلام» ومنه قول الشاعر: 

يحل أحيده ويقال بعل ومثل تمول منه افتقار 

أصله وحيده. وهذا باب نأتي على شرحه وتفصيله وذكر جائزه وممتنعه وما هو 
مرسوم فيه. وقد قرأت عامة القرأة «إوإذا الرسل أقتت4 «(المرسلات: )١١‏ وهو من 
الوقت» وقرأ أبو جعفر المدني وقتت بالواو والتخفيف» وقرأ أبو عمرو بالواو وقتت» عل 
الأصل أيضاًء إلا أنه شدده؛ وهم يكرهون كثيراً افتتاح الكلام بالواو» ونخاصة إذا 
تكررت» وقالوا إن ذلك يشبه بنباح الكلاب» وقالوا في تصغير واصل أو يصل وفي جمعه 
أواصل فقلبوا الواو همزة» ويقولون حضر زيد وواصل فلا يقابون لأن الواو زيدت للعطف 
كالفاء وثم وليست من سنخ الكلام في أصلهاء ويقال فلان يتوسد القرآن وهذا يكون 
مدحاً بمعنى يجعله وسادة أي يتلوه مكان توسده إياه ويكون ذماً أي ينام عن القيام به 
وتأدية الحق فيه. وجاء عن النبي َه أنه قال في رجل ذكر عنده: "ذاك رجل لا يتوسد 
القرآن". وروي عن عدي بن حاتم أنه ذكر للنبي ويه أنه جعل تحت وسادة خيطين أسود 
وأبيض فلم يبن له بذلك أمر الفجرء فقال له: إنك لعريض الوسادة» ويروى عنه أنه قال 
لعريض القفاء إنما هو بياض النهار من سواد الليل. فأما اشتقاق اسم المرفقة من المرفق 
فهو باب معروف مستمرء ألا ترى أنهم يقولون مخدة من الخد لأنه يوضع عند الاضطجاع 
عليهاء ويقولون مصدغة من الصدغء وقد يقولون مزدغة فيبدلون من الصاد زاياً لسكونها 
وإتيان الدال تالية لحاء وهذه لغة معروفة في العربية» وقد قرأ بعض القرأة بها في مواضع من 
القرآن كقوله يصدر ويصدقون وقصد السبيل. وقوله: قد ذهبت عنها اللحمة وبقي 
السدى, فاللحمة لحمة الثوب والسدى سداهء واللام هاهنا مفتوحة» فأما لحمة السب 
فمضمومة وكذلك لحمة البازي والصقر وهو ما أطعمه إذا صاد. وقوله: من رسحها فإنه 
يقال منه: امرأة رسحاء ورجل أرسح إذا كان مؤخرهما من العجز وما والاه عارياً من 
اللحم. وقول غرير: وأحذت شاذكونة معناه وسادة» وهي عندي في الأصل فارسية تكلم 
بها من تكلم من العرب» وهي مشتقة من موضع الحلوس ويقال له بالفارسية كون وهذا 
من الباب الذي بينا الاشتقاق فيه كالمصدغة والمحدة. وقد فسر أبو عبيدة الزرائي في قول 
الله جل ثناؤه: إوزرابي مبفوثة» (الغاشية: )١5‏ فقال: هي البسط كما قال غيره من أهل 
التأويل والعربية» ثم قال: واحدها زربية ثم قال: والزراي في لغة أحرى الشواذكين وأتى به 
على هذا اللفظ في الجمع. وقوله: الدجر بالنوى حكى بذلك نداء من يطوف بالدجر من 
باعته ويعرض بيعه بالنوى» كأنه يقول اشتروا الدجر بالنوى أو يعني الدجر يباع بالنوى؛ 


كك الجليس الصالح والأنيس الناصح 22255131313133 3 ة؟181#شهش ١ه١ا‏ :0ر11 
والدجر من أسماء اللوبياء وله أسماء ذوات عدد: اللوبياء واللوبيا بالمد والقصرء وليا 
الواحدة لياءة» ويقال للجارية المستحسنة كأنها لياءة مقشورة» وروي عن بعضهم أنه 
قال: دحلت على معاوية وني يده لياء مقشو أي مقشور ويقال له اللويباج والأحبل 
والحبيل والدجر. 
ما بال العرب تطيل كلامها وأنتم تقصرونه 

حدثنا يزداد بن عبد الرحمن قال حدثنا أبو موسى يعني تينة قال حدثنا العتبي عن أبيه 
عن أني خالد عن أبيه قال: وفد محمد بن عطارد بن محمد إلى الحجاج في نيف وسبعين 
راكباً فاستزارهم عمرو بن عتبة فقال: يا أبا سفيان ما بال العرب تطيل كلامها وتقصرونه 
معاشر قريش؟ فقال عمرو: بالجندل يرمى الحندل» إن كلامنا كلام يقل لفظه ويكثر معناه 
ويكتفى بأولاه ويشتفى بأخراه» ويتحدر تحدر الماء الزلال على الكبد الحرى» ولقد نقص 
كما نقص غيره بعد أقوام والله أدركتهم كأنما جعلوا لتحسين ما قبحت الدنياء سهلت لهم 
ألفاظهم كما سهلت لهم أنفاسهمء فصانوا أعراضهم وابتذلوا أموالهم حتى ما يجد المادح 
فيهم مزيداًء ولا العائب فيهم مطعناًء فلو احتفلت الدنيا ما تزينت إلا بهم» ولو نطقت ما 
افتخرت إلا بفعالحم» ولقد كان آل أبي سفيان مع قلتهم كثيراً منه نصيبهم ولله در 
مولاهم حيث يقول: 

وضع الدهر فيهم شفرتيه فمضى سالماً وأضحوا شعوبا 

شفرتان والله وضعتا على من كان قبلهم فأفنت أبدانهم وأبقت أحبارهم» فأبقت 
حسناً في الدنيا ثوابه» وسيئاً في الدنيا عقابه وفي الآخرة أسوأ. 

قال القاضي: قول عمرو بن عتبة في هذا الخبر من أبلغ كلام وأحسنه وكان قوله: 
فأفنت أبدائهم وأبقت أحبارهم مأخوذ من قول أمير المؤمنين علي بن أي طالب رضي الله 
عنه في خبر كميل بن زياد النخعي وقد ذكر العلماء وفضلهم على المال وشرفهم: مات 
حزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهرء أعيانهم مفقودة» وأمثالهم في 
القلوب موجودة. على أن فضل كلام أمير المؤمنين الكت وجزالته وبهاءه وطلاوته وظهور 
تقدمه ومزيته بين» وإن كان هذا وقع لعمروء لقد امتار علمه من معدن الحكمء واقتبس 
شريف الفائدة من الإمام الرباني العلم. 

المجلس الثالث والثمانون 
حديث إذا أراد الله بقوم خيراً 

حدثنا القاضي أبو الفرج المعانى بن زكريًا قال: حدثنا أي رضي الله عنه قال: حدثنا 
محمد بن عبد بن عامر السعدي» قال: أحبرنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أبو يعقوب» قال: 
أخبرنا عيسى بن يونس السبيعي عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي عن حيّان بن أبي 





ح قل اتحلس الثالث والقمانون حس 
جبلة» قال: قال رسول الله يَه: "إذا أراد الله بقوم خيراً أكثر فقهاءهم وقلّل جبّاهم؛ حتّى 
إذ ذا تكلّم العالم وجد أعوانا, وإذا تكلم الجاهل قهر» وإذا أراد الله بقوم سوءاً كثر جبّا لهم 
وقلل فقهاءهم, حنّى 2 إذا تكلّم الجاهل وجد أعوانا وإذا تكلم الفقيه قهر". 

قال القاضي: قد ورد عن النبي يك نظير ما أتى به هذا الخبر من طرق كثيرة بألفاظ 
مختلفة في صورها متفقة في معانيهاء وممًا روي عنه ويك في هذا الباب إخباره أن من 
أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل» وقد فشا هذا الأمر المنكر المذموم في زماتنا 
وصار الجاهل فيه مقدماً متبوعاً والعالم المتقدم في علمه مقصياً حتّى يتسرّع إلى الفتيا في 
الدين والحكم بين المسلمين من لم يعن بدراسة الفقه» ولم يعرف بمجالسة أهله؛ ولا بحاثاة 
الخصوم فيما اختلف أيمة الفقه فيه» ومناظرتهم وبمجحاراتهم ومذاكرتهم. وسألت هذه الطائفة 
المضلّلة احتقرة المسترذلة بعض من قد اشتهر طلبه للعلم ومذاكرته واشتغاله بالنظر فيه 
واثئفاق أصحاب له يأخذون عنه ويرجعون إلى تلخيصه المشكل منه لاختلاط بعضهم 
ببعض) ومعاشرتهم بعضهم بعضاًء وممالأة كل فريق منهم صاحبه على ما يؤثره» ووقوف 
كل حزب منهم على ما يرغب عنه ذو الدين وينكره» فصاروا على الحد الذي قال في 
أهله مالك بن دينار: افتضحوا فاصطلحواء وكما قال الشاعر: 

ذهب الرجال المقتدى بفعالهم والمدكرون لكل أمرٍ منكر 
وبقيت في خلف يزيْن بعضهم بعضاً ليدفع معور عن معور 

ولقد بلغني أن رجلاً استفتى بعض أهل زماننا في شيءٍ بينه وبين حصي له» فأفتاه بما 
فيه حجَّة له فيما استفتاء عنه» وإنكاراً على خصمه ما حاول منازعته فيه فلمًا وى لقيه 
بعض أنسباء المنصم المستفتي عليه فأخذ صحيفة الفتيا من يده وأخبر المفتي أن ذلك 
استفتاه المستفتي فيه شيء هم الخصوم فيه وما أفتى به مما يكرهونه ويستضرٌون به 
فارتجع الفتيا من صاحبهاء وألحق بها ما عاد على فتياه الأولى فنقضها وقلبها عن جهتها. 
ولنا في هذا الفصل كلامٌ قد أثبته ووصلته بأبيات حضرتني؛ وأودعت ذلك كتابي المسمّى 
"تذكير العاقلين وتحذير الغافلين" والأبيات: 
تناع اله وملمتا عاووا دع ة السثللامه 
تفاسدلوائ 'واأابدوا صصلحاً بغي اأسستقامه 
والمملح مالم يي ذب عل دوة سس ستلامه 


وكل لود سس قيم فمشن -تلهاهال تلامه 


أول من قال برح الخناء 





ح الجليس الصالح والأنيس الناصح فك 
أوّل من قال:"برح الخفاء' ' أن رجلاً من كندة يقال له صدّاد ابن أساءى وأسماء أمّه, وهي 
امرأة من بني الحارث بن كعب» وكانت متحت صذاد امرأةٌ من قومه كندية وامرأة من بني 
الحارث» وكان له من ابنة عمه أربعة رجال ولم يكن له من الحارئية ولدء» فوقع على 
جارية سوداء فأحبلهاء ف فلمًا تبيّن حملها تحاف ام رأته فأنكر ذلك في العلانيّة وأقزَّ به في 
السرّء وسمّاه تعلبة» وأشهد امرأته الحارنية وأا له أن تعلبة ابنه. فلمّا مات صذاد أخبرت 
السوداء ابنها أنه من صدّادء فخرج الغلام حتّى أتى ملكا من ملوك اليمن» فذكر له أمره 
وأتاه بعمّه وامرأة أبيه فشهداء فقالت الكندية: إنّما شهدا للعداوة» فبعث الملك إلى 
سطيح الكاهن و با له دينارا؟ بين قدمه ونعله» فلمًا دحل إليه قال:إني قد حبأت لك 
شيكاً فأحبرني به فقال سطيح أحلف بالبلد ارم والحجر الأصمء والليل إذا أظلمء 
والنهار إذا تبسمء وبكل فصيح وأعجم؛ لقد خبأت ديناراً بين نعل وقدم؛ قال: فأخبرني 
مع من هو. قال: أحلف بالشهر الحرام؛ وبالله محبي العظام» وبما خلق من التسامء إنه 
لتحت قدم الملك الحمام؛ قال: فأحبرني مم أرسلت إليكء» قال: أرسلت إلي تسألني عن 
ابن السوداء» ومن أبوه من الآباء» وقد برح الخفاءء وهو أول من قالهء وأبوه صذاد ابن 
أسماى لا شك فيه ولا مراءء فالحقه الملك بأبيه وورئه.قال الملك: يا سطيح ألا تخبرني 
عن علمك هذا؟ قال:إن علمي ليس مي؛ ولا بجزم ولا تطاني» ولكن أعذته من أخ لي 
جني» قد سمع الوحي بطور سني. قال الملك: أراب يت أحاك هذا الجني» أهو معك لا 
يفارقك؟ قال: إنّه ليزول حيث أزولء» ولا أنطق ! إلا بما يقول» قال له الملك: فهل عندك 
من حبر بما يكون تخبرنا به؟ قال: نعم» عندي حبر طريف» شهركم هذا خريف» والقمر 
فيه كسيّف» ويأتي غداً سحابٌ كثيفء فيملا البرّ والريف» فكان كما قال. 
سطيح الكاهن 

قال القاضي: أخبار سطيح كثيرة» وقد جمعها غير واحدٍ من أهل العلمء وكذلك 
أخبار غيره من الكهان. والمشهور من أمر سطيح أنه كان كاهنا وقد أحبر عن النبي لها 
وعن نعته ومبعثه بأحبار كثيرة) وقد روي ' أنه عاش سبعمائة سنة وأدرك الإسلام فلم 
يسلم» وروي أنّه هلك عندما ولد النبيي 32 لكين وأحبر بذلك ابن أحته عبد المسيح بن 
حيان بن بقيلة» وقد أوفده إليه كسرى أنوشروان لارتياعه من أمور ظهرت عند مولد 
النبي ل وأمره أن يسأل حاله سطيحاً عنها ويستعلم منه تأويلهاء وذكر عبد المسيح أنه 
أنبأه بذلك» ونعى إليه نفسه ثم قضى مكانه. 

وروي لنا من بعض الطرق بإسناد الله أعلم به به أن النبي يي سكل عن سطيح فقال: نبي 
ضيّعه قومه» وهو مشهورٌ عند العرب يذكرون سجعه وكهانته» ويضربون المثل بعلمه 
وصدقه فيما يخبر به. وقد قال الأعشى يذكر زرقاء اليمامة لما أخبرت أهل اليمامة 





عب المجلس الثالث والثمانون سل 
برؤيتها ما رأت من مكان بعيد لم يعلم آدميّ أدرك مرئياً من مثل مداهء فلم يصدقوهاء 
فأتاهم العدوّ الذي أنذرتهم به فاستباحهم وخرب ديارهم: 

ما نظرت ذات أشفار كنظرتها حقاً كما صدق الذئبي إذ سجعا 
قالت أرى رجلاً في كفه كتف أو يخصف النعل للفى أيه صنعا 
فكذبوهابماقالت فصبحهم ذو آل حسّان يزجي الموت والشّرعا 
فاستنزلوا أهل جو من منازلهم واستخفضوا شاخحص البنيان فاتضعا 

قوله: "الذئبي" يعني سطيحاً أله من ولد ذئب بن حجنء وبسطيح الذئبيّ كان 
يعرف» وقد قال له عبد المسيح ابن أحته حين وفد عليه من عند كسرى: 

أتاك شيخ الحيّ من آل سنن بأفاصل الخطّة أعيت من ومن 
وأمّه من آل ذئب بن حجن 
ولكل فصل مما ذكرنا أخبار وأنباء وقصص تأتي في أماكنهاء إن شاء الله. 
الثياب لا ترفع مكانة لابسها 

حدئنا الحسين بن القاسم الكوكبي» قال حدَئْنا أبو سعيد الحارئي» قال حدثنا العتبي 
عن أبيه قال: : دل سالم بن عبد الله بن عمر على سليمان بن عبد الملك؛ على سالم بياب 
غليظة رنّة» فلم يزل سليمان يرحب به ويرفعه حتى أقعده معه على سريره؛ وعمر بن عبد 
العزيز في المجلس» فقال له رجل في أخريات الناس: أما استطاع حالك أن يلبس ثيابا 
فاخرةً أحسن من هذه ويدخل فيها على أمير المؤمنين؟ وعلى المتكلّم ثيابٌ سريّةٌ لها 
قيمة» فقال له عمر: ما رأيت هذه الثياب التي على الي وضعته في مكانك هذاء ولا 
رأيت ثيابك هذه رفعتك إلى مكان خالي ذاك. 

قال القاضي: لقد أحسن عمر في جوابه» وأجاد في الذب عن خاله» وقد أنشدنا ابن 
دريد في حبر ذكرته في غير هذا الموضع لبعض الأعراب: 





يغايظونا بقمصان لهم جدد كنا لا نرى في السوق قمصانا 
ليس القميص وإِنّ جدّدت رقعته بجاعل رجلاً إل كما كانا 
وأنشدنا أيضاً لأعرائي قصد باب بعض الملوك فحجبه الأذن وجعل يستأذن لغيره ممن 
له برة: 
رأيت آذنا يستام برّتنا وليس للحسب الزاكي بمستام 
فلو دعينا على الأحساب قدّمنا بحدٌ تليدٌ وجدٌ راجح نام 


قد يدرك الشرف الفتى وإزاره خلق وجيب قميصه مرقصوع 





وما أتى في هذا المعنى من مرسل الكلام وموزونه كثيرٌ جداء وقد يأتي كثير منه في 
يجالسنا. 





ولد عتبة بِنَ مسعود 

حدثنا محمّد بن القاسم الأنباري قال» أحبرنا أبو عيسى الختلي قال» حذثنا أبو يعلى 
السّاجيّ قال» حدثنا الأصمعي قال» حذثنا أبو نوفل الحذلي عن أبيه قال: ولد عتبة بن 
مسعود عبد الله وكان واليأً لعمر بن المخطاب رضي الله عنه فولد عبد الله: عبيد الله وعوناً 
وعبد الرحمن» فأما عبيد الله فكان من أذ فقه أهل المدينة وخيارهم؛ وكان أعمى» فمرّ عليه 
عبد الله بن عمرو بن عثمان وعمر بن عبد العزيز فلم يسلّما عليه فأحبر بذلك فانشا 
يقول: 

ولا تعجبا أن تؤتيا فتكما فما حشي لأقوام شراً من الكبر 

ومسا تراب الأرض منها خلقتما وفيها المعاد والمصير إلى الحمشر 

وروينا هذا الخبر من وجه آخر وفيه من شعر عبيد الله زيادة على أبياته هذه وقد 
رسمنا ذلك في موضعه. وكان عبيد الله أحد السبعة من فقهاء المدينة الّذين جمع أ بو الزناد 
ما جمع من فقههم. وأمّا عون بن عبد الله فكان من آدب أهل المدينة وأفقههم وكان 
مرجماً فرجع عن ذلك وأنشاً يقول: 


أوّل ما نفارق غير شك نفارق ما يقول المرجئونا 
وقالوا مؤمنْ من أهل جور وليس المؤمنون بجائرينا 
وقالوا مؤمنّ دمه حلال وقد حرمت دماء المؤمنينا 


ثم حرج مع ابن الأشعث فبرب حيث هربواء فأتى محمد بن مروان بنصيبين فأمنه 
وألزمه ابنه» فقال له محمد: كيف رأيت ابن أحيك؟ قال: ألزمتني رجلاً إن بعدت عنه 
عتب» وإن ن أنيته حجب» وإن عاتبته صخب» وإن صاحبته غضبء فتركه ثم لزم عمر بن 
عبد العزيز وهو خليفة وكانت له منه منزلة. وخرج جريرٌ فأقام بباب عمر بن عبد العزيز 
فطال مقامه فكتب إلى عون بن عبد الله: 


يا أيها القارئ المرخي عمامته هذا زمانك إني قد مضى زمني 
أبلغ حلي ناإن كنت لاقيه أنْي لدى الباب كالمصفود في قرن 
وأمّا عبد الرحمن بن عبد الله فهو الذي يقول: 
تأثّل حب عنمة في فؤادي فباديه مع الخافي يسسير 
صدعت القلب ثم ذررت فيه هواك فليط فالتام الفطور 


قال أبو بكر: ليط معناه ألصق. وضمٌ رسول الله كه امحسن والحسين ! ليه وهو على 
المنبر وقال: إن للولد لوط يعني التصاقاًء بالقلب. وقال الشاعر: 








د م0 مجلس الثالث والثمانون حت 
سأحبس مالي على لذّتني وأؤثر نفسي على الوارث 
وأسبق في المال سهمانهم وقول المعرّق والرائث 
قال أبو بكر: وزادني فيها أني رحمه الله: 
أعاذل عاجل ما أشتبي أحب إلى من اللأبسث 


قال القاضي: الأبيات المنسوبة في هذا الخبر إلى عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة قد 
رويت لنا من غير وجه عن أيه عبيد الله» وفيها زيادة وأنشدناها: تغلغل حب عثمة.. 
والبيت الثاني: 
تغلغل حيث لم يبلغ شرابٌ ولا حزن ولم يبلغ سرور 
شققت القلب ثم ذررت فيه هواك فليم فالتام الفطور 
فليم من الالتئام وأصله بالهمزء وترك همزه لإقامة الوزن فصار مساوياً للفظ ليم من 
اللوم. وإن كان المعنيان مختلفين. وليط في هذا المعنى أيضا وحكي هو أليط بقلبي» 
وحكي عن الفراء في قلبهم الواو ياء أنهم كرهوا أن يشبه الوجه المكروه. وأمًا قول 
عون بن عبد الله محمد بن مروان في ابنه: :"إن بعدت عنه عتب» وإن أتيته حجب" فلي ني 
مثله أبيات من قصيدة "أردٌ بها على قصيدة كتب بها إلي بعض رؤساء الزمان» وقد استبطاً 
زيارتي وعاتبني في تأخري عنه وكنت أتيت داره فحجبت عنه» والأبيات: 


إذا لم آت أزعجني العتاب وإن وافيت أحجلني الحجاب 
وإنّي حاجبُ قدري بهجري معززةً تذل لها الرقاب 
ونعتي أحمر الكبريت عرزا وأصلي حين تكرمني التراب 
فإن تنصف فأرضك مستقري وإن تظلم فمنزلي السحاب 
وما قيل في هذا المعنى كثير» فممًا قيل فيه: 

لما تتكرت في حجابك رغبت بالتفس عن عتابك 

فإن تزررني أزر وإما تقف ببابي أقف ببابك 

واللّه لا كنت في حسالي إلا إذا كنت في حسابك 


الكلام الفصيح: لم يكن هذا ني حسباني أي في ظني» وليس يبعد أن يقال في حسائي 
أي فيما أعده وأحصيه وأحسبه من الحساب. وممًّا أنشدناه أيضاً ورويناه في خبر مذكور 
في موضع آخر: 
يا أيهها امحر الكريم الكافي ليس الحجاب من آلة الأشراف 
ولقل من يأتي فيحجسب مرةً فيعود ثانية بقلب صافي 
واستقصاء هذا الباب يطول وقد أتينا منه بما فيه كفاية. ّ 


جح المليس الصالح والأئيس الناصح جس ب خخ حت ااه 
المأمون والرجل ال متحنط ال متكمئن 

حدثنا أبو التضر العقيلي قال» أخبرنا أبو القاسم النوشجاني قالء قال الحسن بن عبد 
الجبار المعروف بالعرق: بينا المأمون في بعض مغازيه يسير مفرداً عن أصحابه ومعه 
عجيف بن عنبسة إذ طلع رجل متحنّط متكفن» فلما عاينه المأمون وقف»ء ثم التفت إلى 
عجيف فقال: ويحك أما ترى صاحب الكفن مقبلاً يريدني» فقال له عجيفء أعيذك بالله 
يا أمير المؤمنين» قال: فما كذب الرجل أن وقف على المأمون» فقال له المأمون: من 
أردت يا صاحب الكفن وإلى من قصدت؟ قال: إياك أردت» قال: أو عرفتني؟ قال: لو لم 
أعرفك ما قصدتكء قال: أفلا سلّمت علي؟ قال: لا أرى السلام عليك» قال: ولم؟ قال: 
لإفسادك علينا الغزاة» قال عجيف: وأنا ألين مس سيفي لثلاً يبطئع ضرب عنقه؛ إذ التفت 
المأمون فقال: يا عجيف إني جائع ولا رأي ججائع» فخذه إليك حتى أتغدى وأدعو به 
قال: فتناوله عجيفٌ فوضعه بين يديه» فلما صار المأمون إلى رحله دعا بالطعام» فلمًا 
وضع بين يديه أمر برفعه وقال: والله ما أسيغه حتّى أناظر خصميء يا عجيف علي 
بصاحب الكفن» قال: فلمًا جلس بين يديه قال: هيه يا صاحب الكفن ماذا قلت؟ قال: 
قلت: لا أرى السلام عليك لإفسادك الغزاة علينا قال: بماذا أفسدتها؟ قال: بإطلاقك 
الخمور تباع في عسكرك وقد حرّمها الله عرّ وجل في كتابه» فابدا بعسكرك فنظفه ثم 
اقصد الغزو» لماذا استحللت أن تبيح شيئاً قد حرّمه الله كبيئة ما احل الله عرّ وجل؟ قال: 
أو عرفت الخمر أنها تباع ظاهراً أو رأيتها؟ قال: لو لم أرها وتصحّ عندي ما وقفت هذا 
الموقف» قال: فشيءْ سوى الخمر أنكرته؟ قال: نعم» إظهارك الجواري في العماريّات» 
وكشفهنٌ الشعور منهن بين أيدينا كأنهن فلق الأقمار» حرج الرجل منّا يريد أن يهراق دمه 
في سبيل الله ويعقر جواده قاصداً نحو العدوء فإذا نظر إليهنّ أفسدن قلبه وركن إلى الدنيا 
وانصاع إليهاء فلم استحللت ذلك؟ قال: ما استحللت ذاك» وسأحبرك بالعذر فيه فإن 
كان صواباً وإل رجعت. نعم قال: شيء غير هذا أنكرته؟ قال: نعم شيء أمرت به: تنهانا 
عن الأمر بالمعروف» قال: أما الذي يأمر بالمنكر فإنّي أنهاه وأمًا الذي يأمر بالمعروف 
فإني أحثه على ذلك وأحدوه عليه. ثم قال: أفشيء سوى ذلك؟ قال: لاء قال: يا صاحب 
الكفن أمّا الخمر فلعمري لقد حرّمها الله تعالى» ولكن الخمر لا تعرف إلا بثلاث جوارح: 
النُظر والشمُ والذوق» أفتشربها أنت؟ قال: معاذ الله أن أنكر ما أشرب»ء قال: أفيمكن في 
وقنك هذا أن تقغنا على بيعها حتّى نوجه معلك من يشتري منها؟ قال: فمن يظهرها لي 
أو يبيعنيها وعلي هذا الكفن؟ قال: صدقت. قال: فكأنك إنما عرفتها بهاتين الجارحتين» يا 
عجيف علي بقوارير فيها شراب. فانطلق عجيف فأتاه بعشرين قارورة فوضعها بين يديه 
في أيدي عشرين وصيفاًء ثم قال: يا صاحب الكفن» نفيت من آبائي الراشدين المهديين 





حم ؟ 0 ا مجلس الثالث والثمانون حت 
إن لم تكن الخمر فيهاء فإنّك تعلم أن الخمر من ستر الله على عباده؛ وإنّه لا يجوز لك أن 
تشهد على قوم مستورين إلا بمعاينة بيّنة وعلم ولا يجوز لي أن آحذ إلا بمعاينة بينة 
وشاهدي عدل. 

قال: فنظ رصاحب الكفن | إلى القوارير» فقال له عجيف: أيها الرجل لو كنت حماراً ما 
عرفت موضع الخمر بعينها من هذه القوارير, قال فقال له: هذه الخمر بعينها من هذه 
القوارير» فأحذ المأمون قارورة فذاقها ثم قطْب ثم قال: يا صاحب الكفن انظر هذه 
الخمر» فتناول الرجل القارورة فذاقها فإذا حل ذابح فقال: قد حرجت هذه عن حد 
الخمرء فقال المأمون: صدقت إن الخل مصنوعٌ من الخمر لا يكون خلا حتّى يكون حمراًء 
ولا والله ما كانت هذه خمراً قطء وما هو إلا رمّان حامض يعصر لي أصطبغ به من 
ساعته؛ قد سقطت الجارحتان وبقي الشمء يا عجيف صيّرها في رصاصيّات وأت بهاء 
قال: ففعل» فعرضت على صاحب الكفن فشمّها فوقه فوقع مشمه منها على قارورة فيها 
النبيختج فقال: هذه فأحذها المأمون فصبها بين يديه وقال: انظر إليها كأنها طلا قد 
عقدتها لثارء بل تقطع بالسكين» قد سقطت إحدى الفلاث التي أنكرت يا صاحب 
الكفن, ثم رفع المأمون رأسه إلى السماء فقال: الهم !: ني أتقرب إليك بنهي هذا ونظرائه 
عن الأمر بالمعروف. ا صاجب الكفن أدخملك الأمر بالمعروف في أعظم المنكرء شتت 
على قوم باعوا من هذا الخل ومن هذا النبيختج الذي شمت فلم تسلّم. استغفر الله من 
ذنبك هذا العظيم وتب إليه. ما الثاني؟ قال: الجواري قال: صدقت, أخحرجتهن أبقي عليك 
وعلى المسلمين» كرهت أن تراهنٌ عيون العدو والجواسيس في المعاريّات والقباب» 
والسجوف عليهن» فيتوهمون أنْهنَ بنات وأحوات فيجدّون في قتالنا ويحرصون على 
الغلبة على ما في أيديا حلى يجتذيوا خطام واحد من هذه الإبل يستقيدوتكم بكل طريق 
إلى أن يتبين لهم أنهن إماء» فأمرت برفع الظلال عنهن وكشف شعورهن فعلم العدو أنهن 
إماء نقي مهن حوافر دوابنا لا قدر لحن عندنا؛ هذا تدبير دبّرت للمسلمين» ويعرٌ علي أن 
رك في عر شدع هنا ليس هو من شان فقد صصح عندك أي في هذا مصيب وآئك 
أنكرت باطلاً. أي شيء الثالثة؟ قال: الأمر بالمعروفء قال: : نعم أرأيتنك لو أنك أصبت 
فتاةٌ مع فتى قد اجتمعا ني هذا الفجّ على حديث ما كنت صانعاً بهما؟ قال: كنت أسأهما 
ما أنتماء قال: كنت تسأل الرجل فيقول: امرأتي» وتسأل المرأة فتقول: زوجي» ما كنت 
صانعاً مهما؟ قال: كنت أحول بينهما فأحبسهماء قال: حتَّى يكون ماذا؟ قال: حتّى أسأل 
عنهماء قال: ومن تسأل عنهما؟ قال: كنت أسأهما من أين أنتماء قال: سألت الرجل من 
أين أنت فقال لك: أنا من أسبيجاب» وسألت المرأة: من أين أنت؟ فقالت: من 
أسبيجاب» ابن عمي» تزوجنا وجثنا. 





حت الجليس الصالح والأنيس الناصح سس خخ حت أله 

كنت حابساً الرجل والمرأة بسؤالك وتوهّمك الكاذب إلى أن يرجع الرسول من 
أسبيجاب فمات الرسول أو ماتا إلى أن يعود رسولكء قال: كنت أسأل في عسكرك 
هاهناء قال: فلعلّك لا تصادف في عسكري هذا من أهل أسبيجاب إل رجلاً أو رجلين 
فيقولان لك: لا نعرفهما على هذا النسب. يا صاحب الكفن ما أحسبك إلآ أحد ثلاثة 
رجال إِمّا رجل مديونء وإمًا مظلوم؛ وإمًا رجل تأوّلت في حديث أبي سعيد الخدري ني 
خطبة النبي صلى الله عليه وعلى آله قال: وروي الحديث عن هشيم وغيره» ونحن نسمع 
الخطبة إلى مغيربان الشمس إلى أن بلغ إلى قوله:"إن أفضل الحهاد كلمة حقّ عند سلطان 
جائر"فجعلتني جائراً وأنت الجائر» وجعلت نفسك تقوم مقام الآمر بالمعروف» وقد 
ركبت من المنكر ما هو أعظم عليكء لا والله لا ضربتك سوط ولا زدت على تخرق 
كفنك» ونفيت من آبائي الراشدين المهديين لثن قام أحد مقامك هذا لا يقوم بالحجة فيه 
إن نقصته من ألف سوط ولآمرن بصلبه في الموضع الذي يقوم فيه» قال: فنظرت إلى 
عجيف وهو يخرق كفن الرجل ويلقي عليه ثياب بياض. 

شرح: انصاع 

قال القاضي رحمه الله: قوله في هذا الخبر: "وركن إلى الدنيا وانصاع إليها" يقال 

انصاع إذا أشنق في ناحية ومضى آحذاً فيها كما قال ذو الرمّة: 


فانصاع جانبه الوحشيً وانكدرت يلحبن لا يأتلي المطلوب والطّلب 
وقال أيضاً 
رمى فأحطأ والأقدار غالبة فانصعن والويل هجيراه والحرب 
وقال أيضاً: 
فانصاعت الحقب لم تقطع صرائرها وقد نشحن فلاري ولا هيم 
المجلس الرابع والثمانون 
حديث عثمان بن مظعون 


قال القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا الحريري» حدثنا إسحاق بن موسى بن سعيد 
أبو عيسى الهذيلي قال حذثنا أبو العباس القنطري قال حدثنا آدم عن الهيثم بن عدي بن 
عباد المنقري وابن جبلة وأبي الوليد ابن أحي علي بن زيد بن جدعان قالوا: حدثنا 
على بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيّب عن عثمان بن مظعون رضي الله عنه قال: 
شكوت إلى رسول الله يه حديث النفس وما ألقى منها فقلت: يا رسول الله إأني كرهت 
أن أحدث شيعا حتّى أوامرك» وإن نفسي تحدئني بالاختصاءء قال: مهلاً يا عثمان إن 
اختصاء أمّتي الصّوم والصّلاة» قلت: وتحدّثني نفسي بالترهّب في الحبال» قال: مهلاً يا 
عثمان و ترهّب أمّتي الجلوس في المساجد انتظاراً للصلاة» قال: قلت: يا رسول الله 


ح. سس 77ح الججلس الرابع والثمانون حت 
وتحدثني نفسي بالسياحة» قال: مهلاً يا عثمان إن سياحة أمّتِي الحجٌ والعمرة واللحهاد في 
سبيل الله قال: قلت يا رسول الله وتحدّئني نفسي أن أحرج مما أملك؛ فقال: مهلاً يا 
عثمان أمسك مالك ترحم المسكين واليتيم والفقيرء فتطعمه كل يوم فذاك أفضل» قال: 
قلت: يا رسول الله فتحدّثني نفسي أن أطلّق حولة» فقال: مهلاً يا عثمان» فإن هجرة أمّتي 
0 إلي وأنا حيء أو زار قبري» أو مات يوم يموت وله امرأة أو امرآتان أو ثلاث أو 
أربع. قال: قلت يا رسول الله أما لذ ميتي عن الطألاق فإ نفسي تحذئتي أن لا أغشى 
أهلي أبداء قال: مهلاً يا عثمان فإنّه ليس من أمتي عبد يغشى أ هله أو ما ملكت يمينه فلم 
يصب في وقعته تلك ولداً إل كان له وصيفٌ في النّة وإن أصاب ولداً فمات ولده قبله 
أو بعده كان له فرطأ في الجنة» فإن مات قبل أن يبلغ الحلم كان رحمةٌ له وشفاعةٌ يوم 
القيامة. قال: قلت وتحدثني نفسي أن لا آكل اللحم أبدأًء فقال: مهلاً يا عثمان فإن أكل 
اللحم يعجبني ولو وجدته كل يوم لأكلته ولو سألت ربي لأطعمنيه. قلت: وتحدثني نفسي 
أن لا أمس الطيب أبداء فقال: مهلاً يا عنمان فإن جبريل أمرني بالطيب غبَاًء وأمّا الجمعة 
فلا مترك لحاء يا عثمان لا ترغبن عن سنّتي فمن رغب عن سنّتي ثم لم يتب حتّى يموت 
ضربت الملائكة وجهه عن حوضي. 
تعليق القاضي على الحديث 

قال القاضي: في حبر عثمان بن مظعون هذا عن النبي ويه ما فيه إرشادٌ للناس إلى 
مصا حهم وإبانة لإصابة القصد في معايشهم ومتصرفاتهم في شرائع دينهم» والتقلب فيما 
أبيح لهم من أسباب دنياهم. وحقيق على من أحسن الاختيار لنفسه وآثر صلاح أحواله 
واستقامة أموره أن يجعل ما أرشد إليه النبي ين أمته وآثره لحم وأشار به عليهم ! إمامه 
الذي يأتم به ودليله الذي يتبعه» ومنهاجه الذي يتقيّله ويستحكم رجاؤه نيل نيل العواقب التي 
وعدها النبي يه من امتثل أمره ورجع عمًا تسوّله له نفسه إلى ما دعاه إليه رسول الله وكا 
ورغبة فيه. 

معنى الخرط 

وقول النبي يك ني ولد الوالد يموت كان له فرطاً: الفرط السّابق المتقدّم كأنه يقول 
نه يتقدّم أباه سابقاً له إلى الئّة منتظراً له. وقد جاء في الخبر عن النبي ؤي في الطفل أنه 
يظل بباب الجن يقول: لا أدحل حتّى يدحل أبواي. 

وروي عنه أن السقط يكون بباب المنّة كذلك. وأصل الفرط التقدّم» يقال للّذي 
يتقدّم القوم في مسيرهم لارتياد الماء وإعداده لهم هو فارط القوم» قال الشاعر: 

فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا كما تعمّل فراط لوراد 


وقال آخر: 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح 5]5]59595951313151971ئ19585]ش]]١]هله‏ ة ١9‏ سل 01 1 5 
فأثار فارطهم حماماً جثما أصواتها كتراطن الفرس 
وقال العجاج: 
ومنهلٍ وردته التعقاطاً لم ألق إذ وردته فرًاطا 
إلا الحمام الورق والغطاطا 
والأرق الذي يشبه لونه لون الرماد» ويقال بعيرٌ أورق وحمامة ورقاء» والدميع ورق 
مثل أحمر وحمر وأزرق وزرق» والغطاط ضرب من القطا. 
وقال الله عر دحل حاكياً عن نبيّه موسى وهارون عليهما السلام «إقالا ربنا إننا 
نخاف أن يفرط علينا أ و أن يطغى # (طه: ©) المعنى أن يسبق إلينا من بوادر فرعون ما 
نكرهه. ويقال: فرط من فلان كلام سوء أي سبق وبدر. ويقال في دعاء المصلين على 
من مات من أطفال المسلمين: اللَّهِمّ اجعله لنا فرطأ أي سابقاً لنا إلى الحنّة ينتظرنا. 
وروي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال لما دفن عثمان بن مظعون: هذا قبر فرطناء 
ونه وضع حجراً عند رأسه؛ وكان أوّل من دفن في بقعة ارتادها رسول الله صلى الله عليه 
وعلى آله من بقيع الغرقد» وإنّه إذا مات المت بعده قيل: يا رسول الله أين ندفنه؟ يقول: 
عند فرطنا عثمان بن مظعون. وروي عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أن أوّل 
من دفن بالبقيع أسعد بن زرارة» قال الواقدي: هذا قول الأنصار» والمهاجرون واد 
أرّل من دفن بالبقيع عثمان بن مظعون. وقال تعلى: إلا جرم أن لهم الثّار وأنّهم 
مفرطون# (النحل: ؟17). هكذا قول أكثر القراء في معنى أنّهم مقدّمون إليها يعجلون. 
وقرأ أبو جعفر المدني وأنّهم مفرّطون» بكسر الراء وتشديدها على وصفهم بالتفريط 
وهو الإضاعة لما فيه نجاتهم» يقال فرّط فلان في أمره إذا أهمله وأضاع الأحذ بالحزم فيه 
ومن ذلك قول لبيد بن ربيعة العامري: 
أقضي اللبانة لا أفرّط ريبةَ و أن يلوم بحاجة لرَاأمها 
اوقيل: إن هذا ني الأصل من الباب الذي قدّمنا ذكره» وفسر معناه بأنّه أراد لا أقدّم 
شكاً ولا أدع ريبة تتقدّمني. وقرأ نافع: "وانهم مفرطون" بكسر الراء وتخفيفها من 
الإفراط» يقال أمرّ مفرط. وقد أفرط الإنسان وغيره إذا تجاوز الحدٌ وصار بذلك مفرطاً. 
وقد يرجع هذا إلى الأصل الْذي قدمنا القول فيه وكأنّه بدر وسبق إلى تجاوز الحدٌ فصار 
بذلك مفرطاً. وقد جاء عن النبيّ صلى الله عليه وعلى آله أنه قال: "أنا فرطكم على 
الحوض" أي السابق لكم إليه منتظراً ورودكم عليه. 
00 مصعب بن الزيير وابن ظبيان 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أحبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة وأنخبرنا 
الاشنانداني عن التوزي عن أني عبيدة قال: قتل مصعب بن الزبير نابي بن ظبيان أحد بني 


خفنل 


امجلس الرابع والثمانون حت 


عابس بن مالك» وكان أخحوه عبيد الله فاتكاًء فنذر أن يقتل به مائة» فقتل شانين وختمهم 


بمصعب» وأز نش يقول: 

يرى مصعبٌ أنّي تناسيت نابياً 

وكفي لهم رهن بعشرين أو يرى 

أأرفع سيفي وسط بكر بن وائل 

فوالله لا ألساه ما ذرٌ شارقٌ 

وقبت عليه ظالماً فقتلته 
وجاء بالرأس 


سمت ولم أفعل وكدت وليتني 


وبئس لعمر الله ماظن مصعب 
علي مع الإصباح نوخٌ مسلب 
ولم أرو سيفي من دم يتصببب 
ومالاح في داج من الليل كوكب 


2 ع 
فقصرك منه يوم شر عصبصب 


إلى عبد الملك فهمٌ عبد الملك ساجداً فأراد أن يقتله ثم قال: 


فعلت فكان المعولات أقاربه 


م حاف عبد الملك فلحق بعمان فجاء إلى سليمان بن سعيد بن جعفر بن... 
قال:... مكانه 0 ان بقعي فدس إليه نصف بطيخحة قد سمّها وقال: هذا أل ما رأيناه 


من البطيخ» فلمًا فلمًا حسً بالموت» ودخل إليه سليمان يعوده فقال: ادن مني أيبا 
الأمير ليك كي قال قل ما بدا لك فليس في البيت غيري وغيرككء فمات هناك. 
التسمية بالمصدر مثل نوح وكرم, 


تال القاضي: قول عبد الله أي نابي "مع الإصباح ىس م مسلبٍ' ' أراد النساءء وقال: 
نوح" وفيه وجهان: أحدهما أنه وصفهما بالنياحة فقال: نوح) وسمّاهن بالمصدر مثل زور 
وفطر وصومء وهذا باب مشهور واسع؛ ومنه قول الشاعر:. 


لقد زاد الحياة إليّ حي 
مخافة أن يذقن البؤس بعدي 


وأن يعرين إذ كسي اللحواري 


وأن يشربن رنقاً بعد صاف 
فتنبو العين عن كرم عجاف 


فسمّاهن بالمصدر» ومن قال هذا قال "كرم" في الواحد والواحدة والاثنين والاثنتين, 
فلم يئن ولم يجمع ولم يؤنْث؛ ومن أتى فيه بالاسم ذكر وأنْث وثثّى وجمع؛ ومثله حصم 
وخصمان وخصوم وحصماء وخصمات عند قصد الاسم» وحصم في التذكير والتأنيث 
والتثنية والجمع على مذهب المصدرء قال الله تعالى #وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا 
المخراب» (ص:55) وقال: #إهذان خصمان اختصموا في ربهم» (الحج: )١5‏ قيل 
نزلت في المؤمنين والمشركين» وقيل نزلت في المتبارزين يوم بدرء ويقال فلان خصم 
فلان» وبنو فلان خصم فلان وخصومد) على ما ذكرنا من مذهبي العرب فيه: وقال 
"خصمان" أراد فريقين وحزبين» وقال "احتصموا' ' لأن تحت كل فريق جماعة قال الله 


ح اليس الصالح والأنيس الناصح ببس ل )حي ا و و 
تبارك وتعالى: #سنفرغ لكم أيّها الثقلان4 (الرحمن: )١‏ ومن هذا قول القطامي: 


ألم يحزنك أن حبال قيس وتغلب قد تباينتا أنقطاعا 
والوجه الثاني في قوله "نوح" أراد النّساء المتقابلات» يقال: الشّجر والمنازل تتناوح 
أي تتقابل. 
وقال الشاعر: 
فلو انها طافت بطنب معجّم نفى الرقاً عنه جدبه فهو كالح 
الحاءت كأن القسور اللحون بجَّها عساليجه والثامر المشتناوح 


يريد المتحاذي المتقابل. قوله: "بطنب معجم" يريد أن ما فيه مما يحمل الثمرة من 
نفيهن وما جرى بحراه» معجم أي قد أسرع فيه بالعض والأكل. يقال: عجمت العود 
أعجمه عجماً إذا عضضته» ويقال عجمت العود لأعرف صلابته؛ ومن كلام الخاصة: 
عجمته وخبرته» يشيرون إلى هذا المعنى» فقلبته العامة وصحُفته فقالوا: عجنته وخبزته. 
وقصدوا هذا المعنى وأتوا بلفظ مشاكل؛ وإن كانوا أحالوا الكلام عن أ صله. وحكي لي 
عن أبي العباس محمد بن يزيد النحوي أنه قال: ما رأيت قارئاً صحف في تلاوة القرآن 
تصحيفاً متشاكلاً كإنسان قرأ: بل عجنت ويخبزون» لتشاكل العجن والخبز» وأحسبه عزا 
هذه الحكاية عن ابن الراوندي. وقول هذا الشاعر: نض الرق عنه جدبه الرق الورق ها 
هنا والحدب ضد الخصب وقوله: "فهو كالح" أي كريه المنظر لحدوبته. يقال: فلان كالح 
الوجه إذا كان عابسا باسرا. 
وقوله: "الحاءت كأن القسور اللحون" القسور: الشجرء وقيل: إِنّه شجرٌ بعينه» وقيل في 
قول الله جل جلاله: #فرّت من قسورة»# (المدثر:١5)‏ أي من الأسدء وقالوا: هذا من 
أسمائه» وقال قائلون: هذا من لغة الحبشة. قالوا: وهو بالعربية» أسد وبالنبطية أرياء 
وبالفارسية شير» وبالحبشيّة قسورة» وقيل: عنى به الشجر لأن الحمر فرّت منه لما عاينت 
جماعته» وقيل: بل عنى بذلك الرماة وقيل: إنه عنى به ظلمة الليل. وقوله "الجون" وصفه 
بالسواد الذي يدل على الريّ من شدة الخضرة. وقد قيل في قوله جل ثناؤه إمدهامّتان4 
(الرحمن: 714) خضراوان من الري. وقيل إن أرض السواد سميت بهذا لكثرة الخضرة بها. 
وقيل إن الون من حروف الأضدادء وإنه يقال للأبيض جون ولاأسود جون:؛ ومما أتى 
منه في معنى الأبيض قول الشاعر: 
يبادر الحونة أن تغيبا 
يعني الشمس. وقد يقال لكل واحد من بياض النهار وسواد الليل جون» قال الشاعر: 
غيّر يا بنت الحليس لوني | مر الليالي واختلاف الجون 
وسفرٌ كان قلي الأون 


جد 1 اس سس سح املس الرابع والثمانون حت 

وأشرك في هذه الصفة بين الليل والنهار. وقوله: "بجها عساليجه" أراد فتقها بالسمن» 
"وعساليجه" أغصانه» واحدها عسلوج وعسليج. 

نجر ذؤابتيها للجهاد 

حدَّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدئنا أبو عكرمة الضبي قال: حدثنا العتبي 
عن أبيه قال: سبا الروم نساء مسلمات فبلغ الخبر الرقة وبها الرشيد ومنصور بن عمار 
هناك فقصّ منصور يحض على الغزوء فإذا خرقة مصرورة مختومة قد طرحت إلى 
منصورء وإذا كتاب مضمومٌ إلى الصرّة فقرأه فإذا فيه: إنّي امرأة من بيوتات العربء بلغني 
ما فعل الروم بالمسلمات؛ وبلغني تحضيضك على الغزو؛ فعمدت إلى أكرم شيء ني بدني 
علي» وهما ذؤابناي» فجززتهما وصررتهما في هذه الصرّة المختومة» فأنشدك بالله العظيم 
لما جعلتهما قيد فرس غاز في سبيل الله فعل الله ينظر إل نظرة على تلك الحال فيرحمني» 
فبلغ ذلك الرشيد فبكى ونادى النفير. 

تعليق القاضي على الخبر ٍ 

قال القاضي: قد أنت هذه المرأة بما دل على خلوص دينها و صحة يقينهاء وغضبها 
لربهاء وغيرتها على أهل ملتهاء وامتعاضها عندما بلغها من اتتهاك أعداء الله محارمه التي 
حرّمهاء واستخفافهم بحدود الإسلا م التي عظّمهاء »؛ وقصدت بما أتته من جرّها ذوؤابتيها 
التقرّب إلى حالقها ورجاء مغفرته لهاء والله يحقق , برأفته وسعة رحمته رجاءهء ويغفر لنا 
وهاء ولم نقصد بما فعلته الأمر الذي حرّم عليها فيؤشههاء فقد جاء عن النبي 4 ) له لعن 
الغارفة وهني التي تجزٌ ناصيتها عند المصيبة» وإلى الله نرغب في أن يجعلنا ممّن يغضب له 
ويحامي عن دينه ويوالي ويعادي فيه. بتوفيقه. 

[ْ لم كثر شي جنازة الحسن البصري 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال» حذئثنا محمد بن أحمد المقدّمي قال حدثنا 
بن أخرم قال» حدثنا الأصمعي قال» حدثنا مبارك بن فضالة عن ثابت البناني قال: 
اصرفت من جنازة الحسن ققات لدتي: والله ما رأيت جنازةٌ قد اجتمع فيها من الناس 
مثل ما اجتمع فيهاء وإن كان الحسن لأهلاً لذلك» فقالت لي: يا أبة ما ذاك إلا لستر الله 
عليه» فصغرت واللّه نفسي. 
سليمان والمارد 

حدثنا عبيد الله بن محمّد بن جعفر الأزدي قال» حذثنا أبو بكر بن أني الدنيا قال 
حدثنا المفضّل بن غسان قال» حدثنا وهب بن جرير قال» حدثني أي قال: سمعت عبد 
الله بن عبيد بن عمير قال: بعث سليمان بن داود إلى مارد من مردة الجن كان في البحر 
فأتي به» فلمّا كان عند باب داره أذ عوداً فشبره بذراعه ثم رمى به من وراء الجائط 


ح الجليس الصالح والأنيس النامح مسح لصصصححته لد 
فقال سليمان: ما هذا؟ فأحبر بالذي صنع المارد» فقال: تدرون ما أراد؟ قالوا: لاء قال: 
فإنه يقول اصنع ما شئت فإنما تصير إلى مثل هذا من الأرض. 
عهد أبي بكر إلى عمر 1 

حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال» حدئنا عبد الله بن أبي سعد قال» حدثا أبو 
إبراهيم إسحاق بن ابراهيم بن أبي بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: سعت 
جدّي أبا بكر بن سالم قال: لما حضر أبا بكر رضي الله عنه الموت أوصى: بسم الله 
الرحمن الرحيم؛ هذا عبد أبي بكر الصدّيق عند آخر عهده بالدنيا خارجاً منهاء وأوّل 
عهده بالآخرة داحلا فيها» حيث يؤمن الكافر ويتقي الفاجر ويصدق الكاذب» أنّي 
استخلفت من بعدي عمر بن الخطاب فإن قصد وعدل فذلك ظنّي به وإن جار وبدّل 
فالخير أردت؛ ولا أعلم الغيب» وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. ثم بعث إلى 
عمر فدعاه فقال: يا عمر أبغضك مبغضٌ وأحبّك محب» وقدماً يبغض الخير ويحب الشر 
قال: فلا حاجة لي فيهاء قال: ولكن لما بك حاجة» قد رأيت رسول الله يه وصحبته 
ورأيت أثرته أنفسنا على نفسه حتى إن كنا لنهدي لأهله فضل ما يأتينا منه» ورأيتني 
وصحبتني فإنّما اتبعت أثر من كان قبلي» والله ما نمت فحلمت» ولا شبهت فتوهّمت» 
واي لعلى طريقي ما زغت. تعلّم يا عمر أن لله تعالى حقاً في اللْيل لا يقبله في النهار, 
وحقاً في النهار لا يقبله في الليل» وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة 
باتباعهم الحق» وحق لميزان أ ف يثقل لا يكون فيه إل لمق وإما فت موازين من نظت 
موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل؛ وحقّ لميزان أن يخف لا يكون فيه إلا الباطل. إن 
أوّل من أحذرك نفسك واحذرك النّاس فإنهم قد طمحت أبصارهم وانتفجت أجوافهم؛ 
وإن لهم لحيزة عن زلّة تكونء فإيّاك أن تكونه فإنّهم لن يزالوا خائفين لك فرقين منك ما 
حفت من الله وفرقته» وهذه وصيّتي» وأقرأ عليك السّلام. 

قال القاضي: لقد أحسن الصدّيق رضوان الله عليه الوصيّة ومحض النصيحة, وبالغ في 
الاجتباد للأمة» وأنذر بما هو كائنٌ بعدهء فوجد على ما قال» وحذر مما يوتغ الدين 
ويقدح في سياسة أمير المسلمين» بأوجز قول وأفصحه؛ وأحسن بيان وأوضحه؛ وأوصى 
لعمرء وكان ولله كافياً أميناً شحيحاً على دينه ضنيناً» فصدّق ظنّه به وحقق تأميله وتقديره 
فيه» فانقادت الأمور إليه» واستقامت أحوال الأمّة على يديه وعدّلت الشدة واللّين في 
رعاياه» وعدل في أحكامه وقضاياه؛ والله يشكر له حسن سيرته» ويجزل ثوابه على العدل 
في بريته» إِنّه ولي المؤمنين ومفيض إحسانه على المحسنين. 

كيف يصف أبو بكر نفسه بالصديق 
فإن قال لنا قائل: ما وجه وصف أني بكر نفسه في هذا الخبر بأنه الصديق» وكيف 





حدم ا مجلس الرابع والثمانون حت 
استجاز إطلاق هذا النّعت على نفسهء وفيه تزكية وتعظيم لا يصف الألباء بها أنفسهمء 
وإن كانت ثاتة فهم وكان النّاس يضيفون | إليهم ويثنون بها عليهمء قيل له: في هذا 
وجهان؛ أحدهما أن يكون الكاتب أثبته من قبل نفسه ولم يكن من أني بكر رضوان الله 
7 عليه ذكرٌ له كما مل الممل شيئاً على غيره فيجري فيه ذكره فيصله الكاتب بتقريظه 
والدعاء له» والوجه الثاني أن يكون أبو بكر استجاز هذا لأنّه قد اشتهر به واستفاض 
إلحاقه بتسميته» ألا ترى إلى قول الشاعر يعنيه: 
سيّيت صديقاً وكل مباجر سواك يسمّى باسمه غير منكر 

وقوله في الخبر:"ما نمت فحلمت" فإنّهِ يقال: حلم في نومه» كما قال الشاعر: 

حلمت بكم في نومتي فغضبتم ولا ذنب لي أن كنت في النوم أحلم 

وحلم عن خصمه كما قال الآخر: 

حلمت عن السفيه فظن أنّي عييت عن الجواب وما عييت 
وحلم الأديم إذا فسدء كما قال الآخر: 
فإنك والكتاب إلى على كدابغة وقد حلم الأدم 
دخول عبد الملك بن صالح على جعطضر بن يحيى 
شي مجلس منادمة 

حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن القاسم الكوكبي قال» حذثنا العبّاس بن الفضل الربعي 
قال) حدثنا إسحاق الموصلي قال: كان جعفر بن يحيى يقول لإحوانه: لا يشغلني عنكم 
إل ما يشغلني عن نفسيء فإذا تخلّيت من الخدمة فإليكم راجع؛ فَإِن السّلطان لا يبقى لى» 
وأنتم تبقون لي ما بقيت لكم. تعالوا نتفرّج يومنا هذاء فنتضمخ بالخلوق» ونلبس ثياب 
الحرير» ونفعل ونفعل. فأجابه إحوانه وصنعوا ما صنع» وتقدّم إلى حاجبه في حفظ الباب 
إلا من عبد الملك بن بجران كاتبه» فوقع في أذن الحاجب عبد الملك. 

وبلغ عبد الملك بن صالح مقام جعفر في منزله» فركب فوجد الحاجب عبد الملك قد 
حضرء فقال: يؤذن له وهو يظته ابن بجران» فدحل عبد الملك في سواده ورصافيته» فلمًا 
رآه جعفر اسودٌ وجههء وكان عبد الملك لا يشرب النبيذ» وهو كان سبب موجدة 
الرشيد عليه. فوقف عبد الملك ودعا غلامه فناوله قلنسوته وسواده وقال: افعلوا بنا ما 
فعلتم بأنفسكمء ففعل ودعا برطلل فشرب وقال: جعلني الله فداك» والله ما شربته قبل 
اليوم فإن رأيت يت أن تأمر بالتخفيف لي» فدعا برطليّة فوضعت بين يديه؛ وجعل كل ما فعل 
بن ذلك شيئاً سرّي عن جعفرء فلمًا راد الانصراف قال له جعفر: سل حاجتك مما 
تحيط به مقدرتي مكافأةً لما صنعت. قال: إن في قلب ) مير مير المؤمنين هنةً فتسأله الرضى 
عنّي رضى صرفأء قال: قد رضي عنكء قال: على أربعة آلاف ألف درهم ديناً فيقضيها 
عني» قال: والله نْبا عندي لحاضرة ولكن تقضى من مال أمير المؤمنين فإنّه أنبل لك 


- الجليس الصالح والأنيس اناصح ل ل 

حب إليك؛» قال: وإبراهيم ابني حب أن أشدٌ ظبره بصبرٍ من أولاد الخلافة» قال: قد 
زوجه أ مير المؤمنين انه ا 7 وأحبّ أن يخفق اللواء على رأسه قال: قد ولأه 
أمير المؤمنين بلاد مصر. 

وانصرف عبد الملك ونحن نتعجّب من إقدام جعفر على قضاء حوائجه من غير 
استئذان» وقلنا: لعله يجاب إلى ما سأل فكيف بالتزويج؟ فلمًا كان من الغد وقفنا بباب 
الرشيد» ودخحل جعفر فلم يلبث أن دعا بأبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن 
وإبراهيم بن عبد الملك» فحرج إبراهيم وقد خلع عليه وعقد له وزوّج وحملت البدر إلى 
منزل عبد الملك» وخرج جعفر فأشار إلينا باتباعه ثم قال لنا: تعلقت تاربكم بأول أمر 
عبد الملك فأحببتم علم آخره. إنْي لما دحلت على أ مير المؤمنين سألني عن خبري 
فأحبرته حتّى انتهيت إلى خبر عبد الملك فجعل يقول: أحسن واللى أحسن والله فقال: 
هذا ما صنع فماذا صنعت أنت به؟ فأحبرته أنْي حكمته فاحتكم» فضمنت له قضاء 
حوائجه. فقال: أحستت ودعا بما رأيتم حبّى استتمٌ له كل ما سأل. 

المجلس الخامس والثمانون 
الرسول يتجر لخديجة 

حدّثنا القاضي )أ بو الفرج المعانى بن زكريا بن يحيى الحريري إملاء من لفظه قالء 
حدِنا عبد الباقي بن قانع قال» حذئنا محمّد بن زكريا قال» حدئنا شعيب بن واقد قال؛ 
حدثنا الحسين بن زيد عن عبد الله بن حسن بن حسن عن أمه فاطمة بنت اللحسين عن 
عمّتها زينب عن عبد الله بن جعفر قال: كان ا بو طالب قد تبى البي يق ثم إن ن أبا طالب 
املق وف ما بيدهء فقال للنبي : يا محمّد إن حديجة توجّه غلامها ميسرة في تجارة 
إلى الشام» فأكلّمها لك قتخرج معه؛ قال: افعل يا عم فجاء معه إلى خديجة فكلّمهاء 
فكانت تعطي كل رجل بعيراًء فخرج مع ميسرة» فأصاب ميسرة ضعفي ما كان يصيب 

من الربح؛ ثم قدماء ووقع حبّهِ ني قلب ميسرة» فلمًا قربوا من مكة قال له ميسرة: يا محمد 
إن ديجة تعطي كل أجير بعيراً إذا ذهب إليها يبشرها بقدومناء فاذهب فإنّها ستعطيك 
بعيرين» ففعل . وكانت خديجة قد قدّرت قدومهم فجلست في مشربة لها ومعها نسوةٌ من 
قريش ينتظرون قدومهم إذ نظرت فإذا رجل على بعيرٍ مقبل على رأسه سحابة تظلّه من 
الشمس تسير معه» فجعلت تنظر إليه» وقالت للنسوة : هل تنظرن ما أنظر؟ قلن: نرى 
رجلاً مقبلاً على بعير» قالت: فما ترين على رأسه؟ قلن: ما نرى شيئاًء فوقع في قلبها أنه 
ا ا 0 
فقالت: يا محمد [ كنت أعطي كل أجير بعيراً وقد أعطيتك بعيرين بحمليهما فاذهب 

هما إلى منزلك؛ فقول ذلك النبي يك ثم أتاها وقد دل ميسرة فسألته عن النبي يي فقال: 
ما رأيت ت مثله أحسن صحبةً ولا أعظم بركة» ما مددنا أيدينا إلى شيء إلا نلناه» فوقع في 


ح رودل سسحت الجهلس الخامس والثمانون حت 
قلبها. ثم حلت برسول الله َل فقالت: يا محمّد: يا محمّد أما لك أرب في النساء؟ قال: 
بلى ولكن ليس لي مالء قالت: فهل لك أن تزوّج بي؟ قال: وتفعلين؟ قالت: نعمء قال: 
أستأذن عميء قالت: فاستأذنه» قال: فجاء إلى عمّه فأحبره فقال: يا محمّد إن حديجة أَيم 
قريش وأكثرهم مالآء وأنت يتيم قريش ولا مال لكء ولكتّها قالت لك هذا على العبث» 
فقال: ما قلت لك إلا ما قالت لي؛ ؛ قال: إِنّك لصادق. 

ثم إن أبا طالب بعث امرأةً من أهله إلى منزل خديجة ليعلم ذلك» فذهبت ثم أتته 
فقالت: يا أبا طالب ما تعثر بشيء إلا قالت: لا شقيت يا محمد وما تعجب من شيء إلا 
قالت: لا شقيت يا محمّد. فمضى معه أبو طالب وحمزة والعبّاس ومن حضر من عمومته 

حتّى أتى أباها فاستأذن عليه فأذن له وتنحّى له عن بحلسه قال أبو طالب: أنت أولى 
بمجلسكء قال: ما كنت لأجلس إلا بين يديك» قال: فيم قصدت؟ قال: : في حاجة محمد 
قال: لو سألني محمّد أن أرّوجه خديجة لفعلت فما أحدٌ أعر على منهاء قال: فم جثناك 
إلا لنخطبك حديجة على محمّد قال: فتكلّم؛ فقال: إن محمداً هو الفحل لا يقرع أنفى ثم 
تكلم أبو طالب فخطب» فأخحذ بعضادتي الباب ومن شاهده من قريش حضورء ثم قال: 
الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذريُة إلساعيل» وجعل لنا بيتأ معموراً وحرماً آمنا 

تجبى إليه ثمرات كل شيءء وجعلنا الحكام على النّاس في مولدنا الذي نحن فيه ثم إن ابن 
أخي محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب لا يوزن برجل من قريش إلا رجح به» ولا يقاس 
بأحد منهم إلا عظم عنهء وإن كان في المال قلة فإن المال رزقٌ جاء وظل زائل» وله في 
حديجة رغبة وها فيه رغبة) والصّداق ما سألتم» عاجله وآجله من مالي» وله حطرٌ عظيم 
وشأن شائع جسيم. فزوّجه ودحل بها من الغد, فأوّل ما حملت ولدت عبد الله بن محمد 
صلى الله عليهم أجمعين. 

أولاد الرسول من خديجة 

حدننا عبد الباقي قال» حدننا محمد قال: حدثنا العباس بن بكار قال» حدثني محمد بن 
زياد والفرات بن السائب ب عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال: ولدت خحديجة من النبي 
عبد الله بن محمد ثم أبطأ عليه الولد من بعده» فبينا رسول الله © يكلم رجلا 
والعاص بن وائل ينظر إليه إذ قال له رجل: من هذا؟ قال: هذا الأبترء يعني النبيّ وله فكانت 
تريش إذا ولد للرجل ثم أبطا عليه الولد من بمده قالوا: هذا الأتر. قأنزل الله عر وجل: طن 
شائئك هو الأبتر» (الكوثر: ") أي: مبغضك هو الأبتر الذي بتر من كل خير. 

ثم ولدت له زينب» ثم ولدت له رقيّق ثم ولدت له القاسم ثم ولدت له الطاهر ثم 
ولدت له المطبّرء ثم ولدت له الطيّب» ثم ولدت له المطيّبء ثم ولدت له آم كلفوم, ثم 
ولدت فاطمةق وكانت أصغرهم صلوات الله عليهم. 


جح الجليس الصالح والأيس النامح ص مب سس حت للج 

وكانت خديجة إذا ولدت ولداً دفعته إلى من يرضعه» فلمًّا ولدت فاطمة لم يرضعها 
أحدّ غيرها. 

قال القاضي: في هذا الخبر ما دل على نبوة النبيي يق وبديع آياته» ورفيع منزلته 
وعظيم بركته» وثبوت حجته» ومن سعادة خليجة ما وفقت له من تكرمته وإيثاره وتقدمته, 
وما اثفق لا من الشرقه يزو جيتد» ولحظلوة بالمتعالمة ل م تصليقه ومس رمه ل يي 
واتباعه على دينه بعد أن ن شمكن عندها من تظاهر الأخبار عن نبوته» والتبشير بنجومه ّ 
إلى ربّه وتبليغ شريعته» والوعد بثوابه والتوعدٌ بعقابه» وما تقدّم من إلقاء ورقة بن نوفل إليها 
وتقرير من أمره عندها صلوات الله عليه وسلامه ورضوان الله وسلامه عليها. 

الأيم والناكح 

قال القاضي: قول أبي طالب: "إن خديجة أيْم قريش" الأبم ني كلام العرب: من لا 

زوج له من رجل أ وامرأة كما قال جميل: 


أحب الأيامى إذ بثينة أيم وأحببت لما أن غنيت الغوانيا 
وقالت صفيّة بنت عبد المطلب تخاطب ابنها الزبير: 
لله در ببي عل أَيْمٍ منهم وناكح 
وقال آخر: 
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي وإن كنت أفتى منكم أتاأيّم 


ويروى: يد الدهر ما لم تتكحي أتأيم. وهو معروف كثير. والأيم بالتخفيف الحية. 
وقال الله عرّ وجل في الأيامى: «إوانكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم» 
(النور: 17) يريد من لا زوج لها من نسائكم؛ ومن الأيامى أيضاً قول الشاعر: 

إن القبور تنكح الأيامى والنسوة الأرامل اليتامسى 
والمرء لا ينقى له سلامى 

ومعنى هذا أن الموت إذا أتى على الرجال وأفنى أكارمهم أنكح بناتهم ووليّاتهِم من 
يقصر عن أحساءهن وليس بكفؤ لهن. ٍ 

النقي والرير َ 

وقوله:"لا تنقى له سلامى" أي: من هو قليل الخير أو لا حير فيه» وشبه ذلك بالمخ 
فكأنه يقول: من ليس في سلامياته من قوائمه مخ وهو الثّقي» كما قال الشاعر: 

أرار الله نفسك في السّلامى على من بالحنين تعرّلينا 

ويقال: إن آخر ما يبقى من النقي في السّلامى والعين كما قال الشاعر: 


ج. ع امس صصص المملس الخامس والثمانون حت 
لا يشتكين ألما ما5أنقين ما دام فيهنّ سلامى أو عين 

ويروى ما دام نقي في سلامى أو عين. معنى: أرار: أذاب, ويقال: للمح الرقيق ريرٌ) 

ورارٌ لأنّه يرق عند الهزال» قال ابن السكيت: وزعم القناني أنّه الررير بفتح الراء وأنشد: 
والسّاق مني باديات الرّير 

قال ويقال: باردات الرّير» وقال الفرّاء: رير ورير ورار» وقال بعض اللغويّين: باردات 

لا غير مكان باديات» يقال فلان بارد العظام إذا كان مهزولاً كما قال الشاعر: 
الأبيضان أبردا عظامي القت والماء بلا إدام 

وحدثنا أبو عمرو عن تعلب قال: فسألت ابن الأعرالي: ما تقول؟ قال: العرب تقول 
فلان بارد العظام إذا كان مهزولاً وفلان حار العظام إذا كان سيناً ممحنّاً. والقَتُ حب 
ايض يشبه لاورس يتيز ويؤكل: وزعم محمّد بن الحسن أن من وصّى لأيامى بني فلان 
فوصيته لثيبهم دون أبكارهم؛ وهذا خطأ ظاهر لما ذكرناه ووصفناه. واحتج له بعض 
أصحابه بأّه حمل هذا على عرف النّاس» وليس الأمر على ما وصفه لأن عرف الخاة هو 
ما قدمنا ذكره؛ وأما العامة فلا تعرف هذا أصلاً ولا علم لها به. ون انقي قول ابي 
جر ذي الصوف واتتقاء لذي المخمّة وانعق ودعدعن بالبهام وروي أن مما أ مر النبي عي 
أن تقصى في الأضاحي العجفاء التي لا تنقي) أي لا مخ لها. والسلامى عظام القوائم. 

هو المحل لا يقرع أنمّه 

وقول حويلد بن عبد العرَّى أي خحديجة: "إن محمداً الفحل لا شر أنفه" أن العرب 
إذا نزا الفحل من الإبل وليس من كرائمها على ناقة كريمة قرعوا أنفه طرداً له عنها 
ورغبة عنه بهاءوإذا كان فيهم فحل كريم لم يدفعوه عن الضراب في إبلهم ولم يقرعوا أنفه 
فقالوا في الكريم النجيب من النّاس: لا يقرع أنفه؛ آى برغب فيه ولا بره عن حاحة 
لدناءته ولؤمه فوصف أبو حديجة رسول الله َم بهذه الصفة التي هو أحق الثاس بما. 
وقول أي طالب: "وإن كان في المال قلة " المشهور من الرواية: وإن كان في المال قل 
وهو القلة والضيق؛ والعرب تقول: الحمد لله على القل والكثرء أي على قليل الرزق 
وكثيره» وقال الشاعر: 


قد يقصر القلّ الفتى دون همه وقد كان لولا القلّ طلاع أنجد 
وقال لبيد: 

كل بني حرة قصارهم قل وإن أكثرت من العدد 

إن يغبطوا يببطوا وإن أمروا يوماً يصيروا للقل والككد 


ويقال: هو قل بن قل» وضل بن ضلء إذا كان لا يعرف أباه و لا يعرف أبوه 


ح الجليس الصاح والأنيس الناصح تا 12525253130لالاالةلةلللسس0011 1 2 

وأما قول العاص بن وائل -فض الله فاهء وقبُحه وأخزاهء وأبعده وأقصه - في النبي 
ين الذي اختاره الله واصطفاه وأكرمه واجتباه» ورفع قدره وأعلاهء إِنّهِ "أبتر" على ما 
كانت العرب تقوله في من لا ولد له يذكر به بعده هو أبترء أي منقطع الذكرء» فحسب 
بيّنا # قول الله جل ذكره في كتابه: «إورفعنا لك ذكرك4 (الشرح: 4). وقال في عدوّه 
وعدوٌ رسوله: «إإن شانئك هو الأبتر» (الكوثر: *)» فوسمه الله عز وجل بهذه السمة 
التي لا ترحض ولا تغسل» ولا تمحى ولا تبدل» كما وسم أبا جهل بهذه الكنية على 
لسان رسوله ينه فصارت عيباً لازماًء وعاراً واقعاً به دائماء حتّى كان مما قيل فيه من 
الشعر المتضمّن لهذا الذي وسم به: 

الناس كنوه أبا حكم والله كاه أبا جهل 

ومما يحقّ لذوي الألباب أن ينعموا التفكر فيه قول الله عز وجل لنبيه عَلْ: إورفعنا 
لك ذكرك# (الشرح: 4). جاء في التفسير: لا أذكر إلا ذكرت معي. ألا ترى أن 
الشهادة له بالرسالة مقرونة بالشهادة لله عرَّ وجل الربوية» فلن يدخعل إلسة الإسلام إلا 
ببماء وأنه يذكر في الليل والنهار» والغدوٌ والآصالء ويكرّر ذكره في الأذان وإقام الصلاة 
والإمامة لما على ترادف الساعات وتتابع الأوقات» وأن آدم اللي الذي كل آدمي ولده 
إسا يذكر في الأحيان والإبان بعد الإبان وفي الفينة بعد الفينة عندما يعرض من ذكره أو 
تلي من القرآن ما تقتصٌ فيه قصته وهذا مما فكرت فيه واستخرجته وما علمت أحداً 
سبقني إليه ولا تقدّمني في استنباطه. 

نصيب لا ينشد الشعر يوم الجمعة 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال» أحبرنا العكلي عن ابن الكلبي عن عوانة» عن 
رجل من قريش من ساكني الكوفة قال: سينا بي إليه, وكان له 
صديقاً فقال: أبلغه عني السلام وقل له: يقول لك أنى بت أن تهدي إلى شيعا من 
قولك فعلت. فأتيته في يوم جمعة وهو يصلي» ل ساي ) قرأته السلام 
وأديت إليه الرسالة» فد وأحسن ثم قال: قد علم ابوك إني لا أند الشعر في يوم الجمعة؛ 
ولكن تعود ويكون ما تحب» فلما ذهبت لأنصرف دعاني فقال لي: أتروي الشعر؟ قلت 

نعم» قال: فأنشدني لحميل فأنشدته: 
إني لأحفظ سركم ويسرّني لو تعلمين بصالح أن تذكري 
ويكون يوماً لا أرى لك مرسلاً أو ناتفي فيه علي كأشهبر 
ياليتني ألقى المنية بغتة إن كان يوم لقائككم لم يقدر 


دغ اس سس املس الخامس والثمانون حت 
يقضي الديون وليس ينجز عاجلاً هذا الغريم لنا وليس بمعسر 

فقال: لله درى والله ما قال أحدٌ إلا دون قوله ولقد ترك لنا مثالاً يحذى عليه أما 
أصدقنا في شعره فجميلء وأما أوصفنا لربّات الحجال فكثيّرء وأما كذبنا إذا قال الشعر 
فعمرء وأما أنا فأقول ما اعرف. 

سمره الخارجي والحجاج 

وعشرين وثلاشائة قال» حدثنا العنبري قال» حدثنا قاسم بن محمد بن عباد قال» حدثني 
أني قال» حدثني الشرقي بن القطامي قال: كان سمرة بن الجعد من قعد الأزارقة» غير أنه لم 
يكن يعرف بذلك» وكان قد وقعت له من الحجاج منزلة حتى كان يدخله في سمره» فلما 
سار قطري بن الفجاءة إلى جيرفت كتب إلى سمرة بن الجعد يعيّره مقامه عنهم وركونه إلى 


الدنياء وكان في كتابه إليه: 

لشئان ما بين ابن جعد وبيننا 
نجالد فرسان المبيلب كنا 

4 2 

وراح يجر الْفر نحو أميره 
ألم تر أن الموت لا بد نازل 
حفاةً عراةً والثواب لديهم 
فسر نحونا إن الجباد غنيمة 


نن لغ المجاج أن سسيرة 


إذا نحن رحنا في الحديد المظاهر 
صبورٌ على وقع السيوف البواتر 
أمير بتقوى ربّه غير آمر 
وميراث آباء كرام العسنساصر 
ولا بد من بعش الألى في المقابر 
فمن بين ذي ربح وآخر خحاسر 
تفدك ابتياعا رابحا غير بار 


قلى كل دين غير دين الخوارج 


قال القاضي: : يجوز " كل دين غير" خفضاً ونصباً الخفض على الصفة لدين والنصب 


على الصفة لكل وعلى الاستثناء. 

رأى الناس إلا من رأى مثل رأيهم 
فإلي امرؤأي يا ابن يوسف 
إذا لرأيت الحقّ منه مالفا 
فأقبلت نحو الله بالله واثلقاً 


إلى قطريأ في الشراة معاررجساً 


ملاعين تراكين قصد المخحارج 
ظفرت به لو نلت علم الولائج 
لرأيك إذ كنت امرءاً غير فالج 
وما كربتي غير الإله بفارج 
ولست إلى غير الشسراة بعارج 


- الجليس الصاح والأئيس الناصح تت تسم سب سس عمسم 34و ! وسح 
إلى عصبة أما النهار فإنهم هم الأسد أسد البأس عند التهايج 
وأما إذا ما الليل ج بن فإنهم قيامٌ كأنواح النساء النواشج 
ينادون بالتحكيم لله رأوا حكم عمرو كالرياح الموائج 
تمسير الولائج وشالج وناهج ٠‏ 
قال القاضي: قوله" علم الولائج" أي الدخائل من وج أي دخلء قال الله عز وجل: 
إولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمئين وليجة4 (التوبة: )١17‏ أي دعلة 
يستبطنونها تخالف ما يظهرونه من إيمالهم» وقوله: "غير فالج" أي غير مصيب ظفر فائز 
قد فلجت حجّته. وأما قوله: "كأنواح النساء" فقد فسّرناه في بجلس قبل هذا. وأما: "ليس 
بناهج" أي ليس يبال مخلق» يقال: قد ألمج البرد وغيره من الثياب إذا صار كذلك» كما 
قال سحيم عبد بني الحمسحاس: 
وما زال بردي طيباً من ثياهها إلى الحول حتى أنبج البرد باليا 
خطبة لعمربن عبد العزير ش 
حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي عن ابن أحت أبي الوزير عن المدائني قال: 
حطب عمر بن عبد العزيز الناس بخناصرة فقال» بعد أن حمد الله عز وجل وأثنى عليه 
أيها الناس إنما الأمان عند الله غداً لمن باع قليلاً بكثير» فنظر امرؤ لنفسه وحاسبها ني 
بين المؤلف وجمال 
قال القاضي: رأيت شيخا جمالا بالنهروان سنة ست عشرة وثلاشائة بيده حطام بعير 
يقوده وهو يترم بأبيات» فاستحسنت إنشادها وهششت له فقربت منه فقلت له: ما 
اسك؟ قال: حصيبء قلت: ابن من أنت؟ فااتسب ب إلى أب نسيت اسه فقلت له: هل 
كتبت شيفاً من العلم والأدب أم عندك شيع من الحديث؟ فقال: قد سمعت كثيراً فقلت: 
أتحفظ منه شيئا تمله علي» وكان معظم حرصي على ذلك من أجل اسمه؛ فقال لي: كتبت 
مما ذكرت شيئاً كثيراً ولم ببق عندي منه شيء؛ وما أحفظ مما سمعته شيئاً إلا هذه 
الأبيات التي تسمعني أترنّم بهاء فإن شيخاً بخراسان أملاها علي وزعم أنها لأني العتاهية. 
فسألته ! إملاءها علي» » فأنشدني» ثم وجدتها فيما يعزى إلى أبي العتاهية من الشعر وهي: 
يارب سام أضر مسن حرب ا 
وربما كان في التبسم والإقبا ا لايك ون لك رن 


حدع ع 
ورب عر في حسال مخمصة 
وربمسا كانت الملالة إف 
ورب ذي بغغلية يعاجلله 
وربدمادارت المسية في اتقو 
يا صوراً نقلت إلى الترب بال 
تجري إلينا بالرفع والخفض 
يشفي امرئ غيظه بسب امرئ 
وقد تلين العيدان حتى يكو 


قوله "اللّين أراد اللين فخفف» كما قال: 


مجلس الخامس والثمانون ‏ 
ورب ذل في الأكقل والش رب 
راطا شديداً من وامق صب 
م كدور العقرار في التشغرب 
موت كما صورت من الترب 
واالجزم على ذا الإنسان والنصب 
لابدّمنه ل ذلك النحب 
والحجلمأشفى له من السب 
أن اللسين منها أقسوى من الصلب 
ميت وميّت» وهين وهيّنء ولين وليّن. 


المؤلف ينتقد تصرف رئيس جاهل 
ولي في معنى أول هذه الأبيات شيء؛ وذلك لأن بعض من قدم من رئيس في زماتنا 
أرسل إلي صاحباً له وأنا عليل وقد اجتمع حولي جماعة يعودوني» فقال لى وهم يسمعونه: 
إن فلاناً - يعني صاحبه - يعتذر من تأخخره عن عيادتك بشيء ذكره ليس فيه عذرٌ له) 
فاستجهلت الرسول والمرسل واستسخفتهما وقلت: 
رب حقيرٍ من الذنوب عظمه العذر ني القلوب 
أبداه ذو غفلة وخرق فجاء يوني على المنطوب 
ولو لم يود إليّ هذه الرسالة ظاهراً لما علم الحاضرون ) نه لم يعدني» مع علمهم بما كان 
بيننا من ظاهر المودة. وقد ابتذلت العامة هذين المثلين: عذره أشدٌ من ذنبه واضربه على 
ذنبه مائة وعلى عذره مائتين. 
إن امرءاً قد سار خمسين حجة 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري» قال: حدثنا أبو العباس يعني أحمد بن يحيى قال» 
حدثنا عمر بن شبَة قال» حدثنا خحلاد الأرقط قال: كنا على باب أبي عمرو بن العلاء 
فتذاكرنا أن الحجاج كتب إلى قتيبة بن مسلم إني وإياك لدم وإن امرءاً قد سار خمسين 
حجَةَ إلى منهل لقمنٌ أن يرده. 
فأدرنا ذلك بيننا وجعلناه شعراً فقلنا: 
وإن امرءاً قد سار خمسين حجةً 
قال نحلاد: وقلت أنا وانفردت مهذا البيت: 


إلى منهل من ورده لقريب 


- الدليس الصاح والأنيس الناصح مما 2 اللسلللللل52 01 ل 

ومن كان في الدنيا على حال قلعة وإن طال فيها عمره الغريب 
قال أبو بكر الأنباري» وأنشدنا أبو علي العنزي قال» أنشدنا أحمد بن بكير الأسدي: 
إذا ما حلوت الدهر يوماً فلا تقل حلوت ولكن قل علي رقيب 
وإن امرءاً قد سار سين حجة إلى منبل من ورده لقريب 
إذا ما نقضى القرن الذي أنت فييم وخلفت في قرن فأنت غعريب 
نسيبك من أمسى يناجيك طرفه وليس لمن تحت التراب نسسيب 
فأحسن قروضاً ما استطعت فإنُّما بقرضك تجزى والقروض ضروب 
قال القاضي: قد ّنا في بعض ما مضى من هذه احالس معنى "قمن" وما فيه وفي 
أحواته من اللّغات» فاستغنينا عن تفسيره من كلام الحجّاج في هذا الخبر. وأمًا الشعر 
الذي أنشدناه ابن الأنباري في هذا الخبر عن العنزي عن أحمد بن بكير فقد قدّمنا في بعض 

ما قدمنا من مجالسنا هذه خبراً فيه هذا الشعر» وذكرنا الخنلاف في من ينسب إليه. 

المجلس السادس والثمانون 
حديث عكراش بن ذؤيب 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال» حدَنا إساعيل بن إسحاق القاضي قال» حدثنا 
العلاء بن الفضل بن أبي سوية قال» حدّثنا عبيد الله بن عكراش بن ذؤيب قال» حدثني أبي 
عكراش بن ذؤيب قال: بعثني بنو مرّة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله #ك 
فقدمت عليه المدينة فوجدته جالساً , بين المهاجرين والأنصارء وأتيته بابل كأنها عروق 
الأرطى فقال لي: من الرجل؟ فقلت: عكراش بن ذؤيب» فال لي: ارفع النسب» فقلت: 
ابن حرقوص بن جعدة بن عمرو بن النزال بن مرة بن عبيد» وهذه صدقات بني مرة بن 
عبيد» فتبسم الرسول 8ك وقال: هذه إبل قومي» هذه صدقات قوميء فأمر بها أن 5 

بميسم الصدقة وأن تضم إليهاء ثم أحذ رسول الله يله بيدي ومضى بي إلى منزل أمّ سلمة 
زوج النبي َل فقال: عل من عأمام؟ فأتينا بجفنة كثيرة التريد والوذرء فجعات ت أخبط في 
نواحيهاء وجعل الرسول وُه يأكل من بين يديه؛ ثم أحذ رسول الله قي بيده اليبسرى يدي 
اليمنى وقال: يا عكراش كل من موضع واحد فإنه طعام واحدء ثم أتينا بطبق فيه ألوان 
رطب أو تمر فجعلت آكل من موضع واحد» وجالت يد رسول الله يك ني الطبق» وقال 
لي: يا عكراش إنه غير لون واحد فكل من حيث شكت. ثم غسل رسول الله هلك يديه 
ومسح. يبلل يديه وجبه وذراعيه ورأسه وقال: يا عكراش هكذا الوضوء مما غيّرت النار. 

تمسير الحديث 

قال أبو بكر: قوله " كأنها عروق الأرطي" : الأرطى شجرء واحدها أرطاة» وعروق 


حو علس )لح امجلس السادس والثمانون ست 
الأرطى عروق حمرء وكذلك عروق السدرء فشبّه الإبل بعروق الأرطى لحمرتهاء وذلك أن 
أشرف الإبل عند العرب حمرها. وفيه قول آخر وهو أنه شبّه الإبل بعروق الأرطى 
لضمرهاء وذلك أن ضمرها يدل عل نجابتها وكرمهاء والعرب تشبّه الفور والحمار بعروق 
الأرطي في الضمرء قال الشاعر في صفة حمار: 


حاظ كعرق السدر يس سبق غارة الخوص النجائب 
يعني بالخاظي الحمار الممتلئ السريع. وقال ذو الرمة يذكر ورا يحفر عن أصل 
شجرة: 
توخاه بالأظلاف حتى كاأنما يثير الكثاب الجعد عن متن محمل 


الكثاب ما يكثب من الرملء وا محمل واحد حمائل السيف» يشبه حمرة عروق الشجرة 
بحمرة حمائل السيف. والوذر جمع الوذرة وهي قطعة الحم مجتمعة؛ والحبرة تشبهها إلا أنها 
أكبر منهاء وجمع البرة هبر. قال القاضي: وفضل حمر الإبل على غيرها مشهور» ومن 
معروف كلامهم قول قائلهم: كذا وكذا أحبُ إلى من حمر انعم فخصوا حمرها لشرفها. 
والأرطى شجر معروف عند العرب» وهي شجرة مستطيلة الورق الواحدة منها أرطاة 
وقال العجاج: 

بات إلى أرطاة حقف أحمفا 
وقال الشماخ في الجمع: ١‏ 
إذا الأرطى توسّد أبرديه حدود جوازئ بالرمل عين 

وقال آحر: 

ولولا جنون الليل أدرك ركضنا ‏ بنذي الرّمث والأرطى عياض بن ناشب 

والشاهد في هذا كثير جدا. 

قال القاضي: وألف أرطى أب نبت للإلحاق بالأربعة كجعفر وسلهب» وهو ثلاثي أصله 
"أرط' ' يدل على هذا قولحم أديم مأروط» أي مدبوغ بالأرطى» وإذا سميت به رجلاً لم 
تصرفه في المعرفة لشبهه ألف التأنيث وأنه معرفة» وانصرف في النكرة ليفرق بين ألف 
التأنيث وبين الألف الزائدة لغير التأنيث. 

وني هذا الخبر من حسن مخالقة النبي كا وجميل عشرته وكريم شيمته» وتأنيسه 
عكراش بن ذؤيبٍ وتواضعه لله بمؤاكلته» وتعليمه كيف يأكل أنواع الطعام مؤتلفه ومختلفه 
00 

وحقّ على كل ذي لب ودين وفطرة سليمة 1 من أهل الدين تقيّل فعله واتّباع سبيله 
والانتهاء إلى ما ندب إل ليه والتأدب بما اختاره. وفيما جاء في هذا الخبر أن النبي ويه بعد 
أن أكل وغسل يديه ومسح بهما وجهه وذراعيه قال: هكذا الوضوء مما غيرت الثار 


ح- الجليس الصاح والأئيس الناصح للللطلُُس 2222 1ل]لئ]لءل 7 0200 م 
وهذا يدل على أن النبي يك أراد بما أمر به من الوضوء مما غيرت النار وما مسّت النار 
الأدب والتنظف دون الوضوء المفروض على من قام إلى الصلاة. وآراء المحدثين» وترتيب 
الأحبار فيه تتضمنه كتبنا في الفقه. 
قَوهُْ منطق الحجاج 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال» حدثنا أحمد بن عيسى عن العباس بن هشام عن 
أبيه عن عوانة قال: خحطب الحجاج الناس بالكوفة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أهل 
العراق» تزعمون أنّي من بقية شودء وتزعمون أني ساحرء وتزعمون أن الله عر وجل 
علّمني اساً من أسمائه أقبركم به وأ نتم أولياؤه بزعمكم وأنا عدوهء فبيني وبينكم كتاب 
الله تعالى. قال عز وجل: فل جاء أ" أمرنا نجينا صاححاً والْذين آمنوا دم (هود: 55) 
فنحن بقية الصا حين إن كنا من شود. وقال جل وعز: «إإنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح 
الساحر حيث أتى4 (طه:19) والله أعدل في حكمه من أن يعلّم عدواً من أعدائه اساً 
من أسمائه يهزم به أولياءه. ثم حمي من كثرة كلامه فتحامل على رمانة امثير فحطمهاء 
فجعل الناس يتلاحظون بينهم وهو ينظر إليهم» فقال: يا أعداء الله ما هذا الترامز؟ أنا 
حديا الظبي السانح والغراب الأبقع والكوكب ذي الذنبء ثم أمر بذلك العود فأصلح قبل 


الحديا 
قال أبو بكر: الحديًا أن يتحدَّى الرجل فيقول: افعل كذا حتى أفعله» ثم يفعل كفعل 
أخحيه . 
قال القاضي: قد أ 0 تى أبو بكر بالأصل في معنى حديًا إلا إلا أنه لم يحقق تفسيره» وما ذكره 


من تحدّي الرجل ليأتي بفعل ثم يأتي هو بمثله فيكون هذاء ويكون أن يبرز الرجل على غيره 
في شيء ويبر فيه على من سواه وبيذ في تمكنه منه وسبقه إليه من عداه» فإن عارضه فيه 
غيره وحكاه فد قاومه وساواهة) وإن عجز من مقاومته وكلّ من مناهضته فالمتحدّى غالب 
ظاهر والمتحدّي مغلوب غير ظافرء وعاجرٌ غير قادرء لا سيما إن كان في قصرته عن 
المقاومة نبأ عظيم وخطب جسيم كالذي كان في تحدي النبي ييه قومه أن يعارضوا القرآن 
الذي أبانه اللّه من سائر الناس» وجعله من أكبر أعلامه ودلائه) وأن يأتوا بسورة مثله فظهر 
عجزهم وثبتت الحجة عليهم. وقتلوا دون ذلك وأسروا وأحربت ديارهم وتعقبت آثارهم, 
فانقلبوا صاغرين أذلاء داحرين. وهذا باب قد استقصينا الكلام فيه في مواضع مما ألفناه 
وأمللناه من ذلك صدر كتابنا المسمّى: "البيان الموجز عن علوم القرآن المعجر". 

والحديًا في هذه الكلمة أتى مصفْراً ولم يستعمل المكبّر في بابه» ومثله كثير كقولهم 
السّكيت من الخيل؛ وحميل للطائر وكميت. ونظير الحديا الثرياء تقدير الأصل فيها غير مصغر 


درو لس سس بس البمملس السادس والثمانون حت 
يروى مثل شروى» فهكذا حديا كأن أصله حدوى, من حدوته على كذاء ومثله حمياً الكأس 
أصله من حموها وحميها أي احتدامها وحرارتها وحدتها وسورتهاء يقال: حمي الشيء يحمى 
حمواً وحمي وقول من قال: حمى يحمى حمئ خعطأء وإنما مر على قياس الباب في الأصل مثل 
شجي يشجى شجى وعمي يعمى عمى. وقد جرى في هذا المعنى بيني وبين رجل من أهل 
زماننا له حظ من حفظ اللغة كلام في هذا المعنى» وأنكرت عليه قوله أصابه ظلع» فقلت له: 
إنما هو ظلعٌّ بإسكان اللام» فأقام على خطائه متعلقاً بالقياس الذي قدمت ذكره» فقلت له: 
كيف تلفظ بالمصدر الذي منه حمي يحمى فقال: حماء ماراً على وتيرته فعرّفته فساد ما أتى 
به وذكرت له شيئاً حدّنت به عن أحمد بن يحيى النحوي وهو أنه ذكر الحمو والحمي وأ 
قول من يقول حمى, قيل له إن حاكياً حكى عنه حمى فقال من حكى عني هذا فاصفعوه. 
فكأنه انكسر باله ولم يظهر رجوعاً عن قوله. ومثل الحديا من الصحيح الستّكري وسكيرى 
وقولحم غضبى وغضيبي. ومن الحديا قول عمرو بن كلثوم التغلبي: 
حديًا الناس كلهم جميعاً مقارعة بنيهم عن بنينا 

فسره بعض أهل العلم فقال: المقارعة المخاطرة هاهنا. حديا الناس: يقال أنا حدياك عن 
هذا الأمر أي أنا أخاطرك عليه» أراد إذ نحن نقَاتل الناس أجمعين نقارعهم بينهم عن بيناء فإن 
غلبناهم سبينا نساءهم» وإن غلبونا فعلوا بنا مثل ذلك. وقول الحجاج: "أنا حديًا الظبي 
السانح والغراب الأبقع والكوكب ذي الذنب" فإنه أراد إِنّا لقتنا بالغلبة والاستعلا. والإحاطة 
والاستيلاء» نتحدى ارتفاع الظبي سانحاًء وهو أحمد ما يكون في سرعته ومضائه» والغراب 
الأبقع في تحذره وذكائه» ومكره وحبثه ودهائه» وذا الذنب من الكواكب فيما ينذر به من 
عواقب مكروهه وبلائه» فقال الحجاج هذا مختالاً ني غلوائه» ومرهباً لمن بين ظهرانيه من 
أعدائه, والله ذو البأس الشتّديد بالمرصاد له ولحزبه وأوليائه. 

السخاء في ممهوم ابن المقمطع 

حدثنا الحسين , بن القاسم الكوكبي قال: حدما محمّد بن زكريا الغلاي قال: : حذئتي 
مسعود بن بشر المازني قال» حدثنا أبو عمرو خلاد بن يزيد الأرقط قال» قال ابن المقفع: 
السخخحاء سخحاءان: سخحاء المرء بما في يديه وهو أذكرهما في التاس وأشهرهماء وسخحاء المرء 
عن ما في أيدي الثاس وهو أمحضهما في الكرم. وأنشد مسعود: 

إن الغنى عن لام النّاس مكرمة وعن كرامهم أدنى إلى الكرم 
تفسير ألقت عصاها حين تمثلت بها عائشة 

حدّتنا محمّد بن القاسم الأنباري قال: أخبرنا أ بو الهيئم الغنوي قال:لما نعي علي بن 
أني طالب إلى عائشة وبا قالت: 

فألقت عصاها واستقرً بها النوى كما قر عيناً بالإياب المسافر 





جح الجليس الصالح والأئيس لناصح 4- 
عائشة بهذا البيت: اتصنع العرب بعد علب" ما شاءت فليس عليها من يقمعها ويصرفها عن 
الباطل إلى الحق. قال: ثم قالت عائشة بعد تمثلها بهذا البيت : إنه كان لمن أكرم رجالنا 
على رسول الله صلى الله عليه و سلم. 
بم تفثل معاوية حين جاءه نعي علي 

قال:ولما نعي علي بن أني طالب إلى معاوية رضي الله عنه» تمثل بأبيات لبيد: 
قضي القضاء وأنجز الموعود والله ري ماجاة محمود 
وله النوافل والفضائل كبا ولهاثيث الخير والمعلدلود 
ولقد بلت إرمٌّ وعادٌ كيده ولقد بلته قبل ذاك مود 

ثم قال معاوية رضي الله عنه: 

قد كنت حذرت الغداة محرقا فأتت منيّته الحذار التاجزا 
٠‏ تمثل ابن الزبير وابن عباس حين بلغهما ذعي معاوية 
ولما نعي معاوية قال عبد الله بن الزبير: ذهب والله عز بني أمية» كان واللّه كما قال الشاعر: 


ركوب المنابر ذو همة معن بخطبته بخبصر 
تثوب إليه هوادي الكلام إذا ضل خخطبته المهمر 
ولما بلغ نعيه عبد الله بن العبئاس قال: 
جبلٌ تصدّع ثم مال بركنه في البحر لارتقت عليه الأبحر 


تمثل معاوية لما نعي إليه عمرو بن العاص 

قال: ولما نعي عمرو بن العاص إلى معاوية قال: 
ماذا رزئنابه من حية ذكر نضناضة للمنايا صل أصلا 
ولاجة من ذرى الأهوال إن نزلت خمرًاجة من ذراهها غير زيّال 

موقف جرير حين نعي إليه المُرزدق 

قال: ولما نعي الفرزدق إلى جرير وهو بالبادية اعترض الطريق فإذا أعرابي على قعود 
له فقال له جريي: من ين ومكن؟ قال: من البصرة ومن بني حنظلة» قال: هل من جائية 
حبر؟ قال: نعم عبينا أنا بالمربد فإذا أنا بجنازة عظيمة قد جفل لها الناس فيها الحسن بن 
أي الحسن البصري فقلت: من؟ قالوا: الفرزدق» فبكى جرير بكاء شديداً فقال له قومه: 
أتبكي على رجل يبجوك وتهجوه مذ أربعين سنة؟ قال : إليكم عنّي فوالله ما تبارى 
رجلان ولا تناطح كبشان فمات أحدهما إلا تبعه الآخر عن قريب. وأنشدنا أني الأبيات 


1 ه دجس سح | مجلس السادس والثمانون -- 


عن أني اليثم وغيره: ٍ / 
لعمري لئن كان المخبّر صادقا لقد عظمت بلوى تميم وجلت 
فلا حملت بعد الفرزدق حر ولا ذات حمل من نفاس تعلّت 

هو الوافد امحبو والراقع الثأى إذا لعل يوما بالعشيرة زلت 


قال: م عاش بعده أربعين يوم ومات. 
قال القاضي: قد أتى في وفاة الفرزدق ونعيه إلى جرير وما رثاه به عدّة أخباره وهي 
تأتي في إخبارنا على تفرقها واختلافهاء إن شاء الله. 


إذا بلغت المده 
حدأنا عد بن الحسن بن زياد المقري قال: حدثنا داود بن وسيم البوشنجي يبوشنج 
قال: حدثنا عبد الرحمن ابن حي الأصمعي عن عمّه قال: قلت لأبي على يحيى بن خالد 


ابرمكي وهوش مجلس ل فلي كلا لكان يل قال ا أ سعيد إذا بلغت المدّة 
ونفدت العدّة» حجز بين الإنسان وبين حيله سدة. 
7 تعزية للعباس بن الحسن 
حدثنا عمر بن الحسن بن مالك الشيباني قال: حدثنا محمد بن زيد قال: عرّى 
العباس بن الحسن رجلا فقال: لم آتنك شاكاً في حزمك ولا زائداً ني علمك؛ ولكنّه حق 
الصديق على الصّديق» فاسبق السلوً بالصبر. 
الحديث شي اقتناء الكلب 
حدبنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا الغلاي قال: حدثنا عبد الله بن الصبّاح قال: 
قال المنصور لعمرو بن عبيد: ما بلغك في الكلب؟ قال: قد جاء عن رسول الله 5ك: من اقتنى 
كلباً لغير زرع ولا حراسة ولا صيد نقص من أجره كل يوم قيراط» قال: ولم ذاك؟ قال: 
كذلك جاء الحديث» قال المنصور: حذها بحقهاء ذاك لأنّه ب: ينبح الضيف ويروّع السائل. 
أموي يتشضع بيحيى البرمكي لد الرشيد 
بو النصر العقيلي قال: أخبرني أ بو الحسن بن راهويه الكاتب قال: قال 
بحي بن سال السك في ايم اليا جاءني رج وأنا في دار أمير المؤمنين فذكر أنه 
من بني أميّة» وقال: إنْي قصدت أمير المؤمنين لأستوصله وأمت إليه برحمي» فإن رايت 
أصلحك الله أن توصلني إليه لأاطبه بما يبعثه على بري وصلتي فعلت» وأنت الشريك في 
الشكر والأجرء فتذمّمت أن أردّه بغير قضاء حاجته» فدحلت على الرشيد فاستأذنته له 
فأذن فدحل فسلّم وأحسن ودعا فأكثر»ثم أنشأ يقول: 
ياأمين الله إني قائل قول ذي دين وصدق وحسب 


لكم الفضل عليناولنا بكم الفخر على كل العرب 


دح الجليس الصالح والأنيس الناصح عيبس طب جه ١‏ مك 


عبد شس كان يتلو هاششاً و«همابع دلأمٌ ولأب 
فص لالأرحام منَاإئما عبد شس عم عبد المطّلب 


قال: نأمر له الرشيد بجائزة عطيمة تاحضرت فتبضها © اجرج وحرجت لألحقه 
وأضيف إلى جائزة أ مير المؤمنين صل من ملي فلم أرد فأمرت بطلبه فلم أجده. قال 
القاضي: قوله في هذا الخبر: "وأمت إليه برحمي" أي أدلي) ومثله أمط وأمد. 

ذوالقرتين وأمة متزهدة 

حدئنا عبيد الله بن محمّد بن جعفر الأزدي قال» حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال» 
حدثني القاسم بن هاشم أبو محمّد قال»حدثنا الحكم بن نافع قال: حذثنا صفوان بن عمرو 
عن عبد الرحمن بن عبد الله الخزاعي أن ذا القرنين أتى على أمة من الأمم ليس في أيديهم 
شيء مما يستمتع به الناس من دنياهم قد احتفروا قبوراً» فإذا أصبحوا تعيّدوا تلك القبور 
فكنسوها وصلُوا عندهاء ورعوا البقل كما ترعى البهائم» وقد قيّض لهم في ذلك معاش من 
نبات الأرض» فأرسل ذو القرنين إلى ملكبم فقال له: أجب الملك ذا القرنين» فقال: ما 
لي إليه حاجة» فأقبل إليه ذو القرنين فقال: إني أرسلت إليك لتأتيني فأبيت» أنا ذا قد 
جئتك» فقال له: لو كانت لي ! إليك حاجة لأتيتك» فقال له ذو القرنين: ما لي أراكم على 
الخال التي رأيت لم أر أحداً من الأمم عليها؟ قالوا: وما ذاك؟ قال: ليس لكم دنيا ولا 
شي ع) أفلا انُحذتم الذهب والفضّة فاستمتعتم بها؟ فقالوا: نما كرهناها لأن أحداً لم يعط 
منها شيئاً إل تاقت نفسه ودعته إلى أفضل منهء فقال: ما بالكم قد احتفرتم قبوراً فإذا 
أصبحتم تعهدتموها فكنستموها وصليتم عندها؟ قالوا: أردنا ! إذا نظرنا إليها فأمّلنا الدنيا 
منعتنا قبورنا من الأمل» قال: وأراكم لا طعام لكم إلا البقل من الأرضء أفلا انُخذتم 
البهائم من الأنعام فاحتلبتموها وركبتموها واستمتعتم بها؟ قالوا: كرهنا أن نجعل بطوننا 
قبورا لماء ورأينا أن في نبات الأرض بلاغ وإنْما يكفي ابن آدم أدنى العيش من الطعام 
وإِنْ ما جاوز الحنك لم نجد له طعماً كائناً ما كان من الطعام. ثم بسط ملك تلك الأرض 
يده حلف ذي القرنين فتناول جمجمة فقال: يا ذا القرنين أتدري من هذا؟ قال:لاء ومن 
هو؟ قال: ملك من ملوك الأرض أعطاه الله سلطاناً على أهل الأرض فغشم وظلم 
وعتاءفلمًا رأى الله عرّ وجل ذلك منه حسمه بالموت» فصار كالحجر الملقى قد أحصى 
الله عليه عمله حتَّى يجزيه في الآخرة. ثم تناول جمجمة أحرى فقال: يا ذا القرنين هل 
تدري من هذا؟ قال: لاء ومن هو؟ قال: هذا ملك ملكه الله بعدهم» قد كان يرى ما 
يصنع الذي قبله بالتاس من الغشم والظلم والتجبّرء فتواضع وخخشع لله عرّ وجل وعمل 
بالعدل في أهل مملكته فصار كما ترى» قد أحصى الله عليه عمله حتى يجزيه في آخرته. 
ثم أهوى إلى جمجمة ذي القرنين فقال: وهذه الجمجمة كأن قد كانت كهاتين» فانظر يا 


حمهو« لب سس ست هلس السادس والثمانون حد 
ذا القرنين ما أنت صانع. فقال له ذو القرنين: هل لك في صحبتي فأتّحذك أخاً ووزيراً 
وشريكاً فيما آتاني الله من هذا المال؟ قال: ما أصلح أنا وأنت في مكان ولا أن نكون 
جميعاً. قال ذو القرنين: ولم؟ قال: من أجل أن النّاس كلهم لك عدو ولي صديق» قال: 
ولم ذاك؟ قال: يعادونك لما في يدك من الملك والمال والدنياء ولا أجد أحداً يعاديني 
لرفضي لذلك ولما عندي من الحاجة وقلة الشيء» فانصرف عنه ذو القرنين. 

قال القاضي: في هذا الخبر ما إذا اعتبره ذو اللّبّ وفكر فيه وتأمّله أذّاه بتوفيق الله جل 
وعز إلى الزهد في الدنيا والرغبة في الآحرة. ولذي القرنين عندنا في هذا المعنى أحبارٌ تأتي 
متفرقة فيما يأتي من مجالس هذا الكتاب إن شاء الله. 

جود أبي دلف وجود أبي البختري 

حدَنا عبد الله بن منصور الحارثي قال: حدثنا محمّد بن يزيد النحوي قال: أنشدني 
ابن أبي دلف قول ابن أبي فنن في أبيه أبي دلف: 
مالي ومالك قد كلفتني شططاً ْ حمل السلاح وقول الدارعين قف 
أمن رجال المنايا خاضي رجلاً أمسي وأصبح مشتاقاً إلى النّنف 
تسعى المنايا إلى غيري فأكرهها فكيف أسعى إليها عاري الكتف 
ياهل حسبت سواد الليل غيرني وأن روحي ني جنبي أي دالف 

قال: فبعث إليه أبو دلف بخمسمائة ديار» فقلت © هلا فعل أبوك كما فعل أبو 
البختري القاضي؟ قال: وما فعل؟ قلت: روي لنا أن رجلاً باذ الميئة دحل على قوم وهم 
على شراب لهم فحطوا مرتبته في الشراب فقال: 
نبيذان في ججلس واحد لإيثار مشر على مقتر 
ولو كنت تفعل ذافي الطعام لزمت قياسك في المسكم 
ولو كنت تسلك سبل الكرام سلكت سميل أي البعخقتري 
مسي عسوا في لاه فأغنى المقل عن المكثر 

قال: فبعث إليه أبو البختري بألف دينار. 

قال يل وفي غير هذه الرواية قبل البيت الأول من هذه الأبيات: 


تأمل قبيح الذي جئقه تجده خلوف فم الأبخر 
وهذا من قبيح الحجاء وفيه مبالغة في الم عجيبة. وأنشدنا في هذا المعنى: 
رأيت نبيذين في بجلس فقلت لساق لنا ما السبب 


فقال الذي نحن ني بيه يفضل قوماً بسوء الأدب 





اما 





حت الحليس الصالح والأنيس الناصح 
تعريف بأبي البختري 
فأمًا أبو البختري هذا فهو وهب القرشي الأسدي الفهري؛ قال القاضي: وله أخبار 
كثيرة» ومدحه الشعراء مدحاً كثيراً لسماحته وسعة عطائه واستفاضة مكارمه وسجاحة 
أخلاقه» وقد ذمّه آخرون وطعن فيه الأئمة من الأكابر والرؤساء وأعلام المحدثين والعلماء 
ونسبوه إلى الكذب فيما يرويه ووضع كثير من الحديث الذي كان يأتيه» وهجاه بهذا 
المعنى بعض الشعراء» ولعل بعض ما لم نذكره من أخباره يأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى. 
المجلس السابع والثمانون 
حديث في أداء حقوق اكال 
أخبرنا المعائى قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي سنة ثلاث وعشرين 
وثلاشائة قال» حدثنا محمد بن عبد الله بن زيد قال» حدثنا إسحاق يعني الأزرق قال» 
حدثنا عبد الملك وهو ابن أبي سلمى عن أبي الزبير عن جابر عن النبي ؤَهُ قال: "ما من 
صاحب ايل ولا بقير ولا غنم لا يؤدّي حقها إلا أمد ا يوم لقامة باع قرقر تطاه ات 
الخفّ بحفهاء وتنطحه ذات القرن بقرهاء ليس فيها يومئذ لا جمّاء ولا مكسورة القرن"» 
قيل: يا رسول الله وما حقها؟ قال: إطراق فحلها. 
شرح بعض ألفاظ الحديث 
قال القاضي : قوله: بقاع قرقر" أي أملس مستوء ويقال قاع قرق وقرقر وقرقوس» 
ومن القرق قول الراجر: ٠‏ 
كأن أيديبن بالقاع القرق أيدي جوار يتعاطين الورق 
وقوله: "إطراق فحلها": يقال أطرق الرجل فحل إبله: من طلبه ليطرق إناث إبله 
للتتاج» وفي هذا ما يدل على وجوب الإطراق على صاحب الفحل» ولذلك نهى رسول 
الله يك عن عسيب الفحل وهو إجارته للضراب. 
حدثنا محمد بن علي بن إسماعيل الإبلي قال» حدثنا أبو سهل عمر بن عبدوس الحمذاني 
بالإسكندرية قال: حدثنا هاني بن متوكل قال: حدثنا ابن لميعة عن زيد بن أي حبيب 
وعقيل بن خالد عن ابن شهاب عن أنس أن رسول الله يي نبى أن يبيع الرجل فحلة فرسه. 
وحدثنا محمد بن علي قال» حدثنا بكر بن سهل القرشي قال» حدئنا عبد الله بن 
يوسف قال» حدثنا ابن لهيعة عن زيد بن أني حبيب وعقيل عن ابن شهاب عن أن نس قال: 
نبى رسول الله عي فذكر نحوه. 
وحدثنا محمد بن على قال» حدثنا محمد بن الحيئم القاضي قال» حدثنا سعيد بن أبي 
مريم قال» حدثنا ابن لميعة عن زيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب عن أن نس أن رسول الله 
#: نهى أن يبيع الرجل فحلة فرسه»ء ولم يذكر عقيل بن حالد. قال القاضي: فإجارة 





حت ها اس السايع والئمانون > 
لذي ىعد اليا و إذ قد يراد الفحل على على الضراب فيمتنع» وقد بكر نه اي 
فيتوئب عليه» فهو محظور بما ورد من الأخبار وبدليل النظر من جهة القياس والاعتبار 
وكان مالك في من سلك سبيله من أهل المدينة يجيزون هذا ويرخحصون فيه ولا يرون به 
بأسأًء والسنة والقياس أولى بالاتباع. ومن العسب قول زهير: 
ولولا عسبه لتركتموه وشر منيحة أيرٌ معار 

وقد جاء في الأمر بإطراق الفحل أخبارٌ كثيرة» وروي من التوعد مثل ما ذكرنا في هذا 
الخبر في مانع الزكاة» وجائز أن يقع التعذيب بما وصفناء وكل من منع حقاً وجب في هذا 
المال عليه بركاة أو غيرها. 





أعرابي يخضب لحيته 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا عبد الرحمن عن عمه الأصمعي قال: قدم 
علينا أعراني من البادية شيخ كبيرٌ فقصدته فوجدته يخضب لحيته» فقال ما حاجتك؟ 
فقلت: بلغني ما حصّك الله به فجئتك لأقتبس منكء فقال: يا ابن أخي إنك جثتني وأنا 
أخضب» وإن الخنضاب من علامات الكبر» ووالله لطالما غدوت على صيد الوحوش» 
وسرت أمام الجيوش» واختلت في الرداء» ولهوت بالنساء» وقريت الضيف» وأرويت 
السيف» وشربت الراح» ونادمت المحجاح, والآن فقد حناني الكبر» وضعف مني البصرء 
وحل بعد الصفو الكدرء وأن نش يقول: 


شيب تعلله كيماتغر به كبيئة الثوب مطوياً على مزق 
قد كنت كالغصن ترتاح الرياح له فصرت عوداً بلا ماء ولا ورق 
قال القاضي: ويروى "كيما تدلسه"؛ وقال أيضاً: يروى "كالعود". 

صبراً على الدهر إن الدهر ذو غيرٍ وأهله منه بين الصفو والرّنق 


خطبة لممر بن عبد العزيز وشرح بعض ألفاظها 

حدثنا إبراهيم بن محمد الأزدي عن ابن أخمت أني الوزير عن المدائني قال: طب 
عمر بن عبد العزيز الناس بعرفة فقال» بعد أن حمد الله وأثى عليه: ايها الناس إنكم قد 
جئتم من القريب والبعيد» وأنضيتم الظهرء وأخلقتم الثياب» وليس السابق اليوم من 
سبقت راحلته أو دابته» ولكرء السابق اليوم من غفر له. 

قال القاضي: قوله: "أنضيتم الظهر" أي اشتد سيركم عليه» فكل وضمر لأنكم 
جهدتموه وهزلتموه فصار نضوأء يقال: هو نضوء في الذكر والأنثى والجمع» وقد يقال: 
للأنثى نضوة وجمعها نضوات وأنشدوا: 


وروضة سقيت منه نضوتي 





همماأع- 


ح الجليس الصالح والأنيس الناصح 
والروضة ما يبقى من الماء في الحوض. ويقال: حمل نضوء وجمعه أنضاء. وقد زعم 
بعض اللغويين أنه يقال: نضوت الظهر كما يقال: نضا ثوبه إذا نزعه ينضوه نضوأ ومن 
ذلك قول امرئ القيس: 
فجكت وقد نضت لنوم ثيابها لدى الستر إلا لبسة المتفضّل 
وقال من ذهب إلى هذا: إنه يقال نضا الرجل ثوبه إذا نزعه» ونضوته عنه إذا ألقيته 
عنهء فكأن الذي جهد راحلته وكدّها حتى هزلها أو أرذاها نزع عنها ما كان لما من سمن 
وقوة» ويقال: راحلة مهزولة وهزيل مثل مقتولة وقتيل» وإذا سقطت من إتعابك ها 
وعنفك بها وشدة سيرك عليها فقد أرذيتهاء وهي رذية» كما قال الشاعر: 
يا رب ملك قد تركت رذية تقلب عينيها إذا طار طائر 
وتجمع رذايا كما قال الإيادي: 
رذايا كالبل”"يا أو كعيدان من القضب 
ومن كلامهم: أنت الرذايا تحمل البلايا» والقضب الرطبة» قال الله تعالى ذكره: 
إفأنبتنا فيها حبّاً وقضباً4 (عبس: 207). 
تصرف مؤذن في زمن الورد 
حدئنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال» حدثنا | محمد بن يزيد المبرد قال» حدثني 
بعض أصحابنا قال: كان في زمان المأمون شيحٌ موَدَن في مسجد وإمام فكان إذ جاء 
زمان الورد أغلق باب المسجد ودفع مفتاحه إلى بعض جيرانه وأنشأ يقول: 





يا صاحبي اسقياني من قهوة خندريس 
على جنيّات ورد يذهبن هم التفوس 
خخذا من الورد حظاً بالقصف غير خسيس 
ما تتظران وهذا أوان حث الكؤوس 
فبادرا قبل فوت لا عطر بعد عروس 


قال: فلا يزال على هذا حتى إذا انقضت أيام الورد رجع إلى مسجده وأنشأ يقول: 


تبدلت من ورد جني ومسممع 
وأانس بمن أهوى وصحب الفتهم 
أذاناً وإخباتاً وقوماً أؤمّهبم 
أو أرى الورد طالعاً 
وأرجع في لهوي وأترك مسجدي 


فذلك دأني 


شهي ومن لحو وشرب مدام 
بكأس ندامى كالشموس كرام 
لصرف زمان مولع بغرام 
فأترك أص حابي بغي إمام 
يؤذن فيه من يشا بسلام 


قال القاضي: الخندريس من أسماء الخمر وقد أكثر الشعراء من تسميتها بهذاء وزعم 





حدردم د 





ا مجلس السابع والثمانون حت 
بعضهم أن أصله بالفارسيّة وأنّه كندريش أي أن شاريها يخفٌ ويطرب فينتف لحيته. 
دسائس الأحوص 

حدَتنا محمد بن القاسم الأنباري قال: أخبرنا أبو علي العنزي قال: حدثنا محمد بن 
عبد الرحمن الذارع قال: حدثني الوليد بن هشام القحذمي قال: وفد وفد من المدينة إلى 
الوليد بن عبد الملك بالشامء فبينما هو جالس والنّاس عنده إذ دخل عليه عبد 
للأحوص بن محمد الأنصاري فقال: أعوذ بالله وبك يا أمير المؤمنين مما يكلفني الأحوص 
قال: وما يكلفك؟ قال: فأحبره أنه يريده على أمر مذمومء فقال له الوليد: كذبت أي 
عدر الله على مولاك» ارج قال: فخرج فلمًا شاع الخبر اندسً الأحوص إلى غلام رجل 
من آل أبي لهب فقال له: إن دخلت على أمير المؤمنين فشكوت من مولاك ما شكا 
عبدي مني أعطيتك مائتي دينار» فدخل العبد على الوليد فشكا من مولاه ما شكا عبد 
الأحوص منهء ومولاه جالسٌ عند الوليد في السماطين» فنظر إليه الوليد فقال: ما هذا يا 
فلان؟ فقال: مظلومٌ يا أمير المؤمنين والله ما كان هذاء وهذا وفد أهل المدينة فسلهم 
عنّي» فسأطهم فقالوا: ما أبعده مما رماه به غلامه فقال: حذوه فأخذ الغلام فضرب بين 
يدي الوليدء فقال: يا أمير المؤمنين لا تعجل علي حتّى أخبرك بالأمرء أتاني الأحوص 
فجعل لي مائتي دينار على أن أدخل عليك فأشكو من مولاي ما شكا عبد منه. فأرسل 
إلى الأحوص فأتي به فأمر به الوليد فجرّد وضرب بين يديه ضرباً مبرحاً وقال: أي عدو 
الله سترت عليك ما شكا عبدك فعمدت ! إلى رجل من قريش تريد أن تفضحه؟! فسيّر إلى 
دهلك» جزيرة في البحرء فلم يزل مسيّراً يام الوليد وسليمان» فلمًا كانت خحلافة عمر بن 
عبد العزيز رجع الأحوص إلى المدينة وقال: هذا رجل أنا خخاله- يعني عمر- فما يصنع 
بي. وكانت أم عمر بن عبد العزيز بنت عاصم بن عمر بن الخطّاب وأم عاصم أنصارية 
بنت عاصم بن أني الأقلح الأنصاري. 

قال القاضي: هو عاصم بن ثابت بن قيس وهو أبو الأقلح. 

الأحوص ومعبد وزين الغدير 

فبلغ ذلك عمر بن عبد العزيز فأمر به فردٌ إلى دهلكء فلما قام يزيد بن عبد الملك 
رجع الأحوص إلى المدينة ثم إِنه خرج وافداً إلى يزيد بن عبد الملك فم بمعبد المغنّي 
فقال له معبد: الصحبة يا أبا عثمان» قال: ما أحبُ أن تصحبني» تقول وفود العرب هذا 
ابن الذي حمت لحمه الدّبر والغسيل معبدٌ معه مغن فقال: لا بدّ والله من الصحبة» فلما أألى 
إلا أن يصحبه ذهب فلمًا نزل البلقاىء وهي من الشام, أصابهم مطرٌ من الليل» فأصبحت 
الغدر مملوءة؛ فقال للأحوص: لو أقمنا اليوم هاهنا فتغدينا على هذا الغدير» ففعلاء ورفع 
لهما قصرٌ لم يريا بناء غيره» فلمًا أصبحوا خرجت جارية معها جره إلى غدير من تلك 


حت الجليس الصبالح والأئيس الناصح /اه*- 
الغدر فماأت جرّتهاء فلمًا رفعتها ومضت بها رمت بالحرّة فكسرتهاء فقال معبد 
للأحوص: أرأيت ما رأيت وما صنعت هذه؟ قال: نعم» فأرسل إليها الأحوص بعض 
غلمانه فقال: ما حملك على ما صنعت فقد رأينا الذي صنعت؟ قال: إنْي طربت» قال: 
وما أطربك؟ قال: ذكرت صوتاً كنا نغنّي به أنا وصواحب لي بالمدينة فأطربني فكسرت 
الجرّة» قال: وما الصوت؟ قال: 
يا بيت عاتكة الذي أتعرّل حذر العدى وبه الفؤاد موكل 

قال: ولمن هذا الشعر؟ قالت: للأحوص الأنصاري» قال: فالغناء؟ قالت: لمعبد» فقالا 

لما: أفتعرفيننا؟ قالت: لاء قال: فأنا الأحوص وهذا معبد» لمن كنت بالمدينة؟ قالت: لآل 
فلان» اشتراني أهل هذا القصر فصرت هاهنا ما أرى أحداً غيرهم» وقالت: فإن لي 
حاجةً» قالا: ما حاجتك؟ قالت لمعبد تغنيني؛ 9 الأحوص لمعيد: غنّهاء» قال: فجعلت 
تقترح ويغتّيها حتّى قضت حاجتها ثم قالا لها: أتحبّين أن نعمل لك في الخرو ج من هاهنا؟ 
قالت: نعم فلمًا قدما على يزيد بن عبد الملك ودضخلا عليه قال له الأحوص: يا أمير 
المؤمنين إنّي رأيت في مسيرنا عجباًء نزلنا ! إلى البلقاء فرأينا جارية» وقص عليه قصّتها قال: 
أفتعرفها؟ قال: نعم» فسمّاها وأهلها موضعها وقال: يا أمير المؤمنين أنا الذي أقول فيها: 
إن زين الغدير من كسر الحر وغثلتى غاء فحل محجيد 
قلت منأنت ياظعين فقالت كنت فيما مضى لآل الولسيد 








ثم ا | 08 ِ قريش 
: فغنائي لمعبد ونشيدي 


يعجز المال عن شراك ولكن 


لفتى الناس الأحوص الصنديد 


قال: فمضى لذلك ما مضىء ثم دحل الأحوص ومعبد جميعاً على يزيد فأخرج إليهما 

الجارية ثم قال لما الأحوص: أوفينا لك؟ قالت: نعم جزاكما الله خيراً. 
من هي عاتكة التي يذكرها الأحوص 

قال أبو علي وحلئني مد بن عب الرحمن الذارع قال: حدثنا الوليد بن هشام قال: 
حدثني سليمان بن محمّد الأنصاري أن عاتكة التي ذكر الأحوص بيتها هي عاتكة بنت 
يزيد بن معاوية» وإنما كنى عن امرأة ة سمّاها غيرهاء وكان يشبّب بها فذكر عاتكة وبيتهاء لأن 
بيت عاتكة كان ! إلى جنب بيت تلك المرأة» وقد أدخلا جميعاً في مسجد رسول الله يا 

تعليق وشرح 

قال القاضي: الذي حكي عن الأحوص في هذا الخبر من سعيه في أمر اللهبي والكذب 

عليه وإضافة ما ليس فيه إليه من الأم الأخلاق وأفحشهاء وأقبح المذاهب وأوحشهاء 





جره ١‏ المجلس السابع والثمانون حت 
وفاعله متعرض لما وعد الله من فعله من عذابه وأليم عقابه» وقد مضى فيما تقدّم من 
بحالسنا هذه ذكر قصّة بني أبيرق ورميهم بفعلهم من هو بريء منه» وإن الله تعالى أنزل في 
ذلك: ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئاً فقد احتمل هتاناً وإثما مبينأ» 
(النساء:7١١)‏ وقوله في عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح: "الذي حمت الحمه الدّبر" لما قتل 
أراد المشركون أخحذه وكان قد دعا الله تعالى أن لا يمسنّه مشركء فأرسل الله تعالى الدّبر 
فأحاطت بهم وحمته فلم يصلوا إليه» فلمًا جاء الليل أرسل الله سيلاً فاحتمله من الوادي 
وفاتهم» ولقتله قصة أنا ذاكرها: 





عاصم حمي الدبر 
كان أبو سليمان عاصم بن ثابت بن أي الأقلح شهد بدراً وأحدا وثبت حين ولَى 
الناس يوم أحد عن رسل الله يي معه؛ وبايعه على الموت؛ وكان من الرماة المذكورين من 
أصحاب رسول الله وقاء وذكر أله قتل يوم أحد من أصحاب اللواء من المشركين الحارث 
وشافعاً ابني طلحة بن أي طلحة وأمّهما سلافة بنت سعيد بن الشهيد من بني عمرو بن 
عوفء فنذرت أن تشرب في رأس عاصم الخمر» وجعلت لمن جاء برأسه مائة ناقة» فقدم 
ناس من بني لحيان من هذيل على رسول الله يي فسألوه أن يوجّه إليهم من يفقَههم في 
الدين» فبعث رسول الله وي معهم سنّة نفر أحدهم عاصم بن ثابت بن أني الأقلح. 
فلما صاروا على الرّجيع استصرحوا عليهم هذيلاً. فلم يشعروا وهم في رحاهم إلا 
وبارقة السيوف قد غشيتهم. فقاتلهم مرئد , بن أبي وخخالد ؛ بن البكير وعاصم بن ثابت 
حتى قتلواء وأما الآخحرون فاستأسروا وحال بين الّذين قتلوا وبين رأس عاصم أن يأخذوه 
الدذبر» فتركوه وقالوا: حتّى مسي فتأحذهء فبعث الله السّيل إلى الوادي فاحتمل عاصماً 
هذهب به. 
قال القاضي: والدبر النحل كما قال أبو ذؤيب الحذلي: 
إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها وخالفها في بيت نوب عوامل 
ويروى: عواسل. النوب: السود من النوبة واللوبة والأوبة» ويروى إذا لسعته النحل. 
وقيل: إن النوب الذين ينوبون وليس من اللون. وقوله: "لم يرج لسعها" معناه لم يخف. 
وقيل: في قول الله تعالى: «إما لكم لا ترجون للّه وقارأ» (نوح: )١8‏ إن معناه لا 
تخافون لله عظمة. ومن ذلك قول الراجز: 


ما تررتجي حين تلاقي الزائدا أسبعةً لاقت معاً أو واحداً 
لعمرك ما أرجو إذا كنت مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي 


يعني: ما أخاف؛ وقيل في قول الله عز وجل: «إوترجون من الله ما لا يرجون 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح لبس ببس سسب بسب ب ب بحص ةمود 
(النساء: 5 )٠١‏ إن معناه وتخافون من الله ما لا يخافون» وممّن قال هذا قطرب. 

قال القاضي: كأئما احتزل الرجاء بين الأمل والخوف لأنهما مما ينتظر ويرتجى 
ويتوقع؛ وليس المخلوقون منه على أمر يثقون به ويرقبونه ويقطعون عليه بعينه. وأنكر 
الفراء ما ذكره قطرب في هذا الموضع وقال: العرب تذهب بالرجاء مذهب الخنوف ني 
الإثبات» وإِنّما تفعل هذا في المحد والنفي. والأحوص بن محمد الشاعر من ولد عاصم بن 
ثابت هذا. 

حنظلة الفسيل 

وأما ذكره في الخبر الغسيل فإِن الغسيل حنظلة بن أبي عامرء واسم أنبي عامر عبد 
عمروء وذلك لله استتشهد مع وسول الله © يوم حل قأخبر أصحابه أله رأى الملكة 
تغسله» فأرسل إلى امرأته فسألها عن أمره فأحبرته أنه كان مضاجعها فلما استنفر للجهاد 
مع رسول الله يِه قام عن بطنها مبادراً ولم يغتسل» فقال: إِنِي رأيت الملائكة تغسله. 
وكان أبو حنيفة يرى أن شهيد المعركة إذا قتل جنباً فواجبٌ على المسلمين غسله؛ 
ويحتج بقصة حنظلة هذه؛ وكان أصحابه وغيرهم ممّن يذهب إلى أن لا يغسل الشهيد 
يرون أن الجنب وغيره سواء في ترك الغسلء» وإلى هذا نذهب والاحتجاج فيه مرسوم في 
كتبنا المؤلفة في الفقه. وأبو عامر أبو حنظلة كان يقال له الراهب» فسماه النبي طق 
الفاسق) وكان ممّن سعى في بناء مسجد الضترار الذي ذكره الله عر وجل في كتابه» والله 
تعالى يقول: «إوالذين اُخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المسلمين وإرصاداً 
لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إل الحسنى واللّه يشبد إلهم 
لكاذبون4 (التوبة: .)١٠١1/‏ 

رواية أخرى في خبر الأحوص وزين الغدير 

قال القاضي: وقد كان ابن الأنباري أملى علينا خبر الأحوص وزين الغدير بغير هذا 
الإسناد وعلى مخالفة ني مواضع من المتن» فإن كنت قد رسمته فيما مضى من هذه احالس 
ففي هذه الرواية زيادةٌ ليست فيه وإن كان فيما مضى فاتني فإثني آتي بما أحفظه من 
جملته ليحصل بما أثبته منه ما فيه من زيادة من غير إطالة بذكر إسناده وأعيان ألفاظه» 
وهو في الرواية التي وصفت أمرها أن يزيد بن الوليد كتب إلى الضحاك بن محمد عامله 
على المدينة أن وجه إلى الأحوص بن محمد الأنصاري الشاعر ومعبداً المغني» فجهزهما 
وأمرهما بالمسيرء فكانا ينزلان في طريقهما للأكل والشرب إلى أن أتيا البلقاء» وهو منزل 
بين المدينة والشام؛ فجلسا هنالك فأكلاء وجلسا على هرها. فإذا هما بجارية قد حرجت من 
قصر هنالك ومعها جر فاستقت فيه من الغدير» ثم إنْها ألقت الحرٌ فانكسر فجلست تبكي» 
فسألاها عن شأنها ولمن كانت» فقالت: لرجل بمكة من قريش» فاشتراني صاحب هذا 


2< س7سسستس حت ابحلس السابع والثمانون حت 
القصرء وهو رجل من بني عامر من آل الوحيد؛ بخمسين ألف درهم؛ فنزلت من قلبه ألطف 
منزلة» ثم نه توج ابنة عم لهم فهديت إليه» فكانت تسيء إلي وتكلفني أن أستقي في كل يوم 
من هذا الغدير بجر فشكوت ذلك إلى الرجل فقال: إنْما أنت أمة وهذه ابنة عمّي» فريما 
ذكرت ما كنت فيه فيسقط اجر من يدي فيتكسر فتضريني على هذاء ولما رأيتكما وما أنتما 
عليه ذكرت ما مضى من أيامي فسقط الحرٌ من يدي, ثم أحذت العود وغنّت 


يابيت عاتكةالذي اأتعورّل 
إني لأمنحك الصدود وإنني 
ولقد نزلت من الفؤاد بمنزل 
ولقد ش كوت إليك بعض صبابتي 
هل عيشنا بك في زمانك راجع 
أعرضت عنك وليس ذاك لبغضة 


حذر العدى وبه الفؤاه موكل 
قسماً إليك مع الصدود لأميل 
ماكان غيرك والأمانة ينزل 


أعشى مقالة كاشح لا يعتقل 


فتملنا لما: لمن هذا الشعر؟ قالت: للأحوص بن محمد الأنصاري» قلنا: فلمن الغناء؟ 
قالت: لمعبد المغني. فقال الأحوص: فأنا والله الأحوصء وقال معبد: وأنا والله معبد 


فأنشأت تقول: 

إن تروني الغداة أسعى بجر 
فلقد كنت في رحاء من الع 
ثم قد تبصران مافيهأصبح 
أبلغا عثي الإمام وما بلغ 
أثني أضرب الخلائق بالعو 
فلع لل الإالهيتقذهنا 
ليتتي مسلا يسوم فارنت أهلي 


أستقي الماء نحو هذ الغدير 
ليش وني ظل نعمة وسرور 
لت وماذا إليه صار مصيري 
صدق الحديث مث المتبير 
د وأحكاهم للبم وزيبر 
أنافيه فإئني كالأسير 


وبسلادي وزرت أهل القبور 


إن زين الغدير من كسر الجر 
فتبشّمت ثم قللت أناالأح 


روغقى اغتء نحل بحي 
كنت فيما مضى لآل الوليد 
في ببني عامر لآل الوحيد 
لفتى التاس الأحوص الصنديد 
وص والشيخ معبادٌ فأعيدي 








--- الجليس الصالح والأنيس الناصح ١؟--‏ 
فأعادت فأحستت ثم ولت تتبادى فقلت كم سسعيد 
يعبجز المال عن شراك ولكن أنت في ذمّة الممام يزيد 


إن نذكر بك الإمام بصوت معبد يزيل حبل الوريد 
يفعل الله ما يشاء فظلئي كل خير منا هناك وزيدي 

ثم ودّعاها وانصرفاء فلمّا دخلا على يزيد قال للأحوص: أنشدني أقرب شعر قلته فأنشله: 

إن زين الغدير من كسر الج سر وغنَّى غناء فحل بحيد 

وقال لمعبد: غنني أقرب غناء غَنيتهء فاه إنّ زين الغدير من كسر الح فقال: لقد 
اجتمعتما على أمرء فقصًا عليه القصّة فكتب إلى عامله على البلقاء: ابتع هذه الخارية بما 
بلغت» فابتاعها بمائة ألف درهم وأهداها | إلى يزيد فحظيت عنده؛ وحلّت الطف محل من 
قلبه. قال: فوالله ما انصرفنا حيّى صار إلينا من الحارية مال وعلعٌ , وألطاف كثيرة. 

المجلس الثامن والثمانون 
ما وقعت بئو اسرائيل شي ال معاصي 

أخبرنا المعانى قال: حدثنا الحسين بن محمد بن سعيد المطبقي قال» حدثنا عبد 
الرحمن بن الحارث قال» حدثنا يزيد بن هارون قال» أحبرنا شريك عن علي بن بذيمة عن 
بي عبيدة عن عبد الله قال: قال رسول الله 5 لما وقعت بنو اسرائيل في المعاصي تيم 
علماؤهم فلم ينتهواء فجالسوهم في مجالسهمء قال يزيد: وأحسبه قال: وفي أسواقهم. 

وواكلوهم وشاربوهم فضرب الله جل ثناؤه قلوب بعضهم ببعضء فلعنهم على لسان 
داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. وكان رسول الله يي متكثاً فجلس 
فقال: لا والذي نفسي بيده حتى يأطروهم على الحق أطراً. 

وجوب الأمر با معروف والنهي عن ال مذكر 

قال القاضي: في هذا الخبر ما دل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) 
وهجر أهل المعاصي وبحانبة المجالسة لهم والأنس بهمء وإيناسهم بالمقاربة ومخالطتهم 
بالمؤاكلة والمشاربة» والتنزه عن مداهنتهم» ولزوم المسلمين عطفهم على واجبات الدين 
وردهم إلى اتباع سبيل المؤمنين. 

وقوله حتى يأطروهم على الحق أطراً. معناه يعطفونهم عليه عطفاً. يقال: أطرت الرجل 
على الشيء آطاره أطرأء ف فأنا آطر به وهو مأطورء دمن ذلك قول طرفة بن العيد: 


الضالة: السدرة في البّرية ايده سل الماء تجمع شا كم كال الشاعر: 
يا ما أميلح غزلانا شدن لنا من هؤليائكن الضال والسمر 


والعبرية السدرة التي على الماء تجمع عبرياً كما قال الشاعر: 





اا النجلس الثامن والثمانون حت 





لاث به الأشياء والعبري 
وأما السدرة التي تكون متوسطة بين الماء وبين البر فإنها تسمى الأشكلة. قال آخر: 


وأنتم أناس تقمصون من القنا إذا مار في أكتافكم وتأطرا 
امتحان شمر يرعش لبنيه 


حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن 
ابن الكلبي عن الشرقي بن القطامي قال: كان شمر يرعش الملك الحميري ميمون النقيبة 
مغضور الناصية مظفراً بعيد الصيت وطاءً للسعد, وملك شانياً وأربعين سنة» هكذا يقول 
لأهل اليمن في سيرة ملوكهم فلما تقاربت أيامه وأشفى على انقضاء مدته» وهو شر 
يرعش بن تبع بن ياسر ينعم تبع بن عمرو ذي الأذعار تبع بن أبرهة ذي المنار تبع بن 
الرائش تبع بن قيس بن صيفي» جمع بنيه وهم ثلاثة: دريد ومكنف وشرحبيل» فقال: 
تناهت المدّة) وتقضّت العدّمّع وجاء ما لا يدفع» وحل ما لا يمنعء وقد بلغت من السن 
مدى في دونه تنجّذ التجارب ذا الحجى» وإني ملق إليكم كلاماً استدل بجوابه على 
البابكم, وأسبر به حصافة رويتكم ؛ لتطمئ نفسي عند فراقكم: آنا لي حلفا أذكر به وإن 
كان غناء ذلك عني قليلاً فقالوا: قل: فقال: ما المحد؟ فقالوا: ابتناء المكارم» وحمل 
المغارم» والاضطلاع بالعظائم» وظلف النفس عن ركوب المظالم. قال: فما الشرف؟ 
قالوا: كرم الجوار» وصيانة الأقدار» وبذل المطلوب في اليسر والإعسار. قال: فما الدناءة؟ 
قالوا: تتبع التّافه اليسير» ومنع النزر الحقير. قال: فما المروّة؟ قالو: سمو الحمّة» وصيانة 
النفس عن المذمة قال: فما الكلفة قالوا: التماس ما لا يعنيك ومطالبة مالا يؤاتيك. قال: 
فما الحلم؟ قالوا : كظم الغيظ» وضبط النفس عند الغضبء وبذل العفو عند القدرة. قال: 
فما الجهل؟ قالوا: معاجلة الوثوب» والغباوة بعواقب الخطوب. قال: فما الحرأة؟ قالوا: 
حفظ ما استرعيت» وبجانبة ما استكفيت. قال: فما الأربة؟ قالوا: انتظار الفرصة» 
والتوقف عند الشبهة. قال: فما الشجاعة؟ قالوا: صدق الباس» والصبر عند المراس. قا 
فما العجز؟ قالوا: العجلة قبل الاستمكان, والتأنّي بعد الفرصة. قال: فما اللحبن؟ قالوا: 
النزق عند الفزعء والحلع عند التزع. قال: فما السماحة؟ قالوا حسن البشر عند السؤال 
واستقلال كثير النوال قال فما الشح. قالوا: أن ترى القليل إسرافاء والبذل إتلافاً. قال: 
فما الظرف؟ قالوا: حسن البمحاورة» ولين المعاشرة. قال: فما الصّلف؟ قالوا: التَعظم مع 
صغر القدرء واستشعار الكبر مع قلة الوفر. قال: فما الفهم؟ قالوا: لسان مراعء وقلب 
واع. . قال: فما الغنى؟ قالوا: قلة التمني والرضى بما يكفي قال فما السؤدد قالوا: اصطناع 
العشيرة) وحمل الحريرة. قال: فما السمّنا؟ قالوا: حسن الأدب» ورعاية الحسب. قال: فما 
اللّؤم؟ قالوا؛ إحراز النْفس وإسلام العرس. قال: فما الدناءة؟ قالوا: الجلوس على الخنسف» 


جح الجليس الصالح والأئيس الناصح سخب صصختت اج 
والرّضا بالهوان. قال: فما الفقر؟ قالوا: شره النفس» وشدة القنوط. قال: فما الشرف؟ 
قالوا: الفعل الكريم, والحسب الصميم» والفرع العميم. قال: انصرفوا يا بني» الآن 
أسحت للموت قرونتي» وأنشأ يقول: 
هون فقدالحيةاألي حلفت ذكرا على السزمان 
أحلاف أسلاف بيت ملك مؤهيد الأس والبوااني 
فالآن فلشر_رشف المسنايا ماأسأر الدهر من جسنانتي 
تعليقات 

قال القاضي: قول الشرقي في شر يرعش "ميمون الثقيبة مغضور الناصية" وصفه 
باليمن والبركة مع خلوص الحريّة وكرم النّجر والشّيمة» يقال للأرض الحرّة الطين الطيّبة 
الترب غضراء؛ ومنه غضارة العيش وغضارة النعمة» ومنه اشتق اسم غاضرة من بني أسدء 
ويروى بيت توبة بن الحمير: 

أبيني لنا لا زال ريشك ناعماً ولا زلت في غضراء غض نضيرها 

على وجهين: غضراء وخضراء. وقوله "لا يمنع" بمعنى لا يرد ولا يدفع» وقوله "مدى 
في دونه تنجّذ التجارب ذا الحجى" معنى تنجذه: تحكمه وتقرّ عقله وحلمه؛ والنواجذ 
الأضراس واحدها ناجذء وفيها ناجذ ينبت عند تناهي الششّباب ومقاربة التكبّل يقال له 
ضرس الحلم؛ وتسميه العامة ضرس العقل» قال سحيم بن وثيل: 


أخو حخمسين بحجتمعٌ أشدي ونجذني مجحاورة الشؤون 


كسر نون الجمع في" الأربعين" لتتفق حركات الإطلاق في قوافيه» وهي لغة ضعيفة 

جارية في شذوذها مجرى فتح نون الاثنين كقول الشاعر: 
على أحوذيِّينَ استقلّت ركاها فما هي إلا نحةٌ فتغفيب 

وقد يقال ني الناب ناجذة. وقول بني شر" الحلوس على الخنسف" معناه الحوان 
والمذلة» وفيه لغتان: الخنسف والخسفء قال الراجز يصف النبئ 56: "إن سير حسفا 
وجبه تربّدا" في إعراب هذا البيت وجبان: أحدهما أن يكون سيم فعلاً فارغا لقوله 
وجبه ووجبه مرفوع لأنّه لم يسم فاعله» والتقدير فيه إن سيم وجبه حسفاًء وهذا من 
الباب الذي يقال فيه فعلت هذا لوجبك أي لك» والوجه الثاني أن يكون في سيم ضمير 
هو اسم للنبي َي أي سيم بمعنى إن سيم رسول الله َيه حسفا وقوله تربّدا ابتداء» وخبر 
جملته جواب الشرط" وهو إن سيم". كأنه قال إن سيم رسول الله يي حسفاً تربّد وجهه 
أي تنكرء وأى أنفاً وحميّة وغضباً. وقول شر: "الآن أسحت للموت قرونتي" أي طابت 


2 سسسب س7 ببستت املس الثامن والثمانون حت 
. به نفسي واستسهلته؛ يقال: سمحت بالشيء وأسمحت قال ابن مقبل: 

هل القلب عن دهماء سال فمسمح وتاركه منها الخيال المببسرّح 

وقوله "قرونتي”: القرونة: النفس» وقوله "فلترشف المنايا" أي تمتص. وقوله "ما أسأر 
الدهر من جناني" ما أبقى من قلبي» والسؤر البقية من كل شيءء؛ من ذلك قول الأعشى: 
بانت وقد أسأرت في النفس حاجتها بعد اتتلاف. وخير ير الود ما نفعما 

كاذا سود اللأحئف 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال» حدّئنا محمد بن زكرياء الغلاي قال: حدثنا 
العباس بن بكار قال: حذئنا شبيب بن شيبة عن حالد بن صفوان انه كان بالرصافة عند 
هشام بن عبد الملك. فقدم العباس بن الوليد بن عبد الملك فغشيه الناس» فكان حالد في 
من أتاه» وكان العباس يصوم الاثنين والخميس؛ قال تحالد: فدحلت عليه في يوم خيس 
فقال: يا ابن الأهتم» خبرني عن تسويدكم الأحنف وانقيادكم له وكنتم حيّاً لم تملكوا في 
جاهليّة قط. فقلت: إن شت أخبرتك عنه بخصلة لها سرّد» وإن شت شنتين» وإن شئت 
ثلاث وإن شعت حدثتك بقية عشيّتك حتّى تنقضني ولم تشعر بصومك. قال: هات 
الأولى فإن اكتفينا وإلا سألناك. قال: فقلت: كان أعظم من رأينا وسمعنا - ثم أدركني ذهني 
فقلت: غير الخلفاء - سلطاناً على نفسه فيما أراد حملها عليه وكفها عنه. قال: لقد ذكرتها 
نجلاء كافية» فما الثانية؟ قلت: قد يكون الرّجل عظيم السلطان على نفسه ولا يكون بصيراً 
اخاسن والمساوىء ولم ير ولم يسيع باحر كان أبصر باحاسن والمساوىء من فلا يحم 
السلطنة ! إل على حسنء ولا يكفها ! إلا عن قبيح. قال:قد جئت بصلة للأولى لا تصلح إلا 
بهاء فما الثالثة؟ قلت: قد يكون الرجل عظيم السلطان على نفسه بصيراً بالمحاسن 
والمساوىء ولا يكون حظيظاء فلا يفشو ذلك له في النّاس ولا يذكر به فيكون عند النّاس 
مشهورا. قال: وأبيك لقد جئت بصلة الأولتين فما بقية ما يقطع عني العشي قلت: أيامه 
السالفة قال: وما أيامه السالفة؟ قلت: يوم فتح حراسان» اجتمعت له جموع الأعاجم بمرو 
الروذ فجاءه ما لا قبل له به» وهو في منزل مضيعة» وقد بلغ الأمر به فصاء ى عشاء الآخرة 
ودعا ربّه وتضرّع إليه أن يوققهه ثم خرج يمشي في العسكر مشي المكروب يتسمّع ما 
يقول الفاس؛ فمر بعباد يعجن وهو يقول لصاحبه: العجب لأميرنا ية يقيم بالمسلمين في منزل 
مضيعة وقد جاءه العدرٌ من وجوه» وقد أطافوا بالمسلمين من نواحيهم ثم انُخذوهم أعراضاً 
وله متحوّل. فجعل الأحنف يقول: اللهمّ وفق» اللهمّ وفقء اللّهم سدّد . فال صاحب العبد 
للعبد: فما الحيلة؟ قال: أن ينادي الساعة بالرحيل» فإنما بينه وبين الغيضة فرسخء فيجعلها 
حلف ظهره فيمنعه الله بهاء فإذا امتنع ظهره بعث بمجئّبته اليمنى واليسرى فيمنع الله بهما 
ناحيته ويلقى عدرًه من جانب واحد.فخر الأحنف ساجداًء ثم نادى بالرحيل مكانه 


حت الجليس الصاح والأنيس الناصح م م ”للسللالسلسل س2 1 1 ا 
فارتحل المسلمون مكبّين على رايتهم حتى الغيضة, فنزل في قبلها وأصبح فأتاه العدو» فلم 
يجدوا إليه سبيلاً إلا من وجه واحدء وضربوا بطبول أربعة» فركب الأحنف وأخذ الراية 
وحمل بنفسه على طبل ففتقه وقتل صاحبه وهو يقول: 

إن على كل رئيس حقا أن يخضب الصعدة أ 

ففتق الطبول الأربعة وقتل حملتها. فلمًا فمّد الأعاجم أصوات ار فركب 
المسلمون أكتافهم فقتلوهم فتلاً لم يقتلوا مثله قطء وكان الفتح. واليوم الثاني أن علي 
رضي الله عنه حين ظهر على أهل البصرة يوم الحمل أتاه الأشتر وأهل الكوفة بعدما 
اطمأن به المنزل وأئخن في القتلء فقالوا: أعطناء ! إن كنا قاتلنا أهل البصرة حين قاتلناهم 
وهم مؤمنون فقد ركبنا حوباً كبيرأ» وإن كنا قاتلناهم كفاراً وظهرنا عليهم عنوةٌ فقد 
حلت لنا غنيمة ماهم وسبي فراريهم» وذلك حكم لله تعلى وحكم به 5 في الكقار 
إذا ظهر عليهم. فقال علي: نه لا حاجة بكم أن تهيجوا حرب إخوانكم» وسأرسل إلى 
رجل منهم فأستطلع رأ وم دا طلم سل قي الأحنف ب في ف وم 
فأخبرهم بما قال أهل هل الكوفة» فلم ينطق أحدٌ غير الأحنف فإله قال: يا مسر المؤمنين اب 
أرسلت ينا فوا المواب عن لعندك. ولا نتبع الحقّ ! إلا بك ولا علمنا العلم إلا 
منك. قال: ن يكون الجواب عنكم منكم ليكون أثبت للحجة وأقطع 
ا فقا إنهم قد أخطأوا وخالفوا كتاب الله تعالى وسنّة نبيهم قَ إنما كان 
السبي والغنيمة على الكفار الذين دارهم دار كفرء والكفر لهم جامعٌ ولذراريهم» ولسنا 
كذلك » وإنّها دار إيمان ينادى فيها بالتوحيد وشهادة الحقّ وإقام الصلاة» وإنّما بغت 
طائفة أسماؤّهم معلومة, أسماء أهل هل البغي؛ والثاني: حجتنا أنا لم نستجمع على ذلك البغي) 
فإ قد كان من أنصارك من أنبتهم بصير في حقك واعظمهم غناءً عنك» طائفة من 
أهل البصرة» فأي أولتك يجهل حقه وتنسى قرابته؟ إن هذا الذي أتاك به الأشتر تر وأصحابه 
قول متعلّمة أهل الكوفة» وام والله لئن تعرضوا لها ليكرهنّ عاقبتها ولا تكون الآخرة 
كالأولى. فقال علي رضي الله عنه: ما قلت إلا ما نعرف» فهل من شيء تخصون به 
إخوانكم لما قاسوا من الحرب؟ قالوا: نعم أعطياتنا ما في بيت المال ولم نكن لنصرفها في 
عدلك عناء فقد طبنا عنها نفساً في هذا العام فاقسمها فيهم. فدعاهم علي كرّم الله وجهه 
فأحبرهم بحجج القوم وبما قالوا وبموافقتهم إياه) ْم قسم المال بينهم حمسمائة لكل 
رجل. فهذا اليوم الثاني. وأمّا اليوم الثالث فإن زياداً أرسل إليه بليلٍ وهو جالس على 
كرسي في صحن داره» قال يا أبا بحر ما أرسلت إليك في أمر تنازعني فيه مخلوجة» 
ولكني أرسلت إليك وأنا على صريمة» وكرهت أن يروعك أمرٌ يحدث لا تعلمه. قال: ما 
هو؟ قال: هذه الحمراء قد كثرت بين أظهر المسلمين وكثر عددهم وخحفت عدوتهم» 





حت 0 المحلس الثامن والثمانون حت 
والمسلمون في ثغرهم وجهادهم عدوهم, وقد خلفوهم في نسائهم وحريمهم؛ فأردت أن 
أرسل إلى كل من كان في عرافة من المقاتلة فيأنوا سلاحهم وبأتيني كل عريف يمن في 
عرافته من عبد أو مولىَ فأضرب رقاءهم فتؤمن ناحيتهم. قال الأحنف: ففيم القول وأنت 
على صريمة؟ قال: لتقولن. قال: فإن ذلك ليس لكء يمنعك منه خصالٌ ثلاث: أمّا الأولى 
نكم لله ني كتابه وحكم رسول الله عن الله وما قتل رسول الله له من الناس من 
قال: لا ! إله إلا الله وأن محمّداً رسول الله بل حقن دمهء والثانية: أهم غلّة الّاس لم يغز غازٍ 
فعلف لأهله ما يصلحهم لمن غلاتهم؛ وليس لك أ ن تحرمهمء وأما الثالثة: فهم يقيمون 
أسواق المسلمين؛ أفتجعل العرب يقيمون أسواقهم قصارين وقصابين وحجامين؟؟! قال: 
فوب عن كرسيه ولم يعلمه أنه قبل منه» وانصرف الأحنف. قال:فما بت بليلة أطول منها 
أتسمّع الأصوات.ء قال: فلمًا نادى أول المؤذنين قال لمولى له: ! إيت المسجدٌ فانظر هل 
حدث أمرّء فرجع فقال: صلَّى الأمير ودحل وانصرف ولم يحدث إلا خير. 
إضاءه على الخير السابق 

قال القاضي: قول زياد للأحنف" تنازعني فيه مخلوجة": أي تعتر ضني فيه عارضة 

بترحة ليست على ممت ولا استقام فتقطعني عن الامتعرار فتجذبني إلى الانحراف عن 
حجة إلى الشبهة المؤدّية إلى الحيرة» قال امرؤ القيس: 
نطعنهم سلكى ومخلوجة كرك لامين على نابل 

ويروى كر كلامين» وني رواية هذا البيت وتفسيره احتلاف» وشرحه مستقصى في 
غير هذا الموضع. وأصل الاختلاج الاقتطاع والاجتذاب» ومنه سمي الخليج خليجا لأنه 
مخلوج من البحر ومعظم الماءء بمنزلة محروح وجريح ومقتول وقتيل. وقوله: "وأنا على 
صريمة” أي على أمر أنا قاطعٌ عليه ووائق به من صرم الحبل إذا قطعه فصريمة ذاك 
مقطوعٌ عليها غير مرتاب بها. ومن ذلك قول الأعشى 

وكان دعا قومه دعوةٌ هلم إلى أمركم قد صرم 

أي قطع وأحكم. وفي هلم لغتاذ أفصحهما اللّغة الحجازيّة» وهي هلم للواحد والاثنين 
والجمع والمذكر والمؤنّث على اختلاف اهل اللّغة في جمع المؤنّث» فمنهم من يقول 
هلمن ومنهم من يقول: هلممنء وأمّا أهل الحجاز فلغتهم هلم في المواضع كلها على ما 
قدمنا ذكره. . و بنو تميم وأهل نجد يقولون هلما وهلمًوا وهلمّي وهلمنٌ وهلممن. وقد 
روي بيت الأعشى على اللُغتين الحجازيّة والتميميّة هلم إلى أمركم وهلمّوا إلى» وجاء 
القرآن في هذا بلغة أهل الحجازء قال الله تعالى: #قل هلم شبهداءكم» (الأنعام: )١5٠١‏ 
وقال تبارك وتعالى: جإوالقائلين لإخوانهم هلم إلينا4 (الأحزاب: 4). 





حج الجليس الصالح والأئيس الناصح ص سس حت 
المجلس التاسع والثمانون 
الملائكة وعيد القطر 
أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريًا قال » حذدثنا نصر بن أحمد بن أزهر 
الخطاب قال» حذثنا محمد بن طاهر بن عمران الموصلي قال» حدثنا سليمان بن الفضل 
اليزيدي قال» حدثنا مسلم بن سالم البلخي عن سعيد بن عبد الحبار الحمصي عن ألي توبة 
عن سعيد بن أوس الأنصاري عن أبيه قال» قال رسول الله 556: إذا كان يوم عيد الفطر 
وقفت الملائكة عليهم السلام في أفواه الطرق فنادوا: يا معشر المسلمين اغدوا إلى رب 
رحيم يأمر بالخير ويثبت عليه الحزيل» أمركم بصيام النهار فصمتم وأطعمتم ربكم عز 
وجلء» فاقبضوا جوائزركمء فإذا صَلُوا العيد نادى مناد من السنّماء: ارجعوا إلى منازلكم 
راشدين فقد غفر لكم ذنوبكم. ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الحائزة. 
قال القاضي: في هذا الخبر ما يرغب المؤمنين في طاعة ربهم وتأدية فرضه عليهم وما 
يرجون نيله من ثوابه بحسب ما وعدهم في كتابه وعلى لسان رسوله طل. 
وريث ابن راعي الإبل 
حدثنا محمد بن الحسن بن جريد قال: أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال: قدم الراعي 
على خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد ومعه ابنّ له» فمات ابنه بالمدينة» فلمًا دخل على 
حالد سأله عنه فقال: مات بعدما زوجته وأصدقت عنه» فأمر له بدية ابنه وصداقهء فقال 


الراعي 
وديت ابن راعي الإبل إذ حان يومه وشقّ له قبراً بأرضك لاحد 
وقد كان مات الحود حتّى نشرته وأذكيت نار الجود والتود حامد 
فلا حملت أنتى ولا آب آيب ولا بل ذو سقم إذا مات خالد 


قال القاضي: قول الراعي "وديت ابن راعي الإبل": أراد أدّيت ديته يقال: وديت 
القتيل إذا أديت ديته إلى أهله» ووديت عنه من مالك دية جنايته» وقيل إن هذا مما عالى به 
الكسائيّ محمد بن الحسن فلم يعرف الفرق بينهما. 

وأمّا قوله "وشقّ له قبراً بأرضك لاحد" فإن وجه الكلام في هذا أن يقال: شق شاقً 
ولحد لاحدٌّء ويقال: الحد ملحدء وذلك أن الشق ما كان من الحفر في وسط القبرء 
واللحد ما كان في جانبه. بيّن هذا قول النبي وَي: "اللحد لنا والشق لغيرنا". ولكته لما 
كان اللحد شقاً قد ميل به عن الوسط إلى الجانب قال: وشقّ له. وأصل اللّحد مأخودُ من 
الميل» يقال فيه: لحد والحد في الدين وغيره» من الميل. وقد قرئ باللغتين في القرآن فقرأ 
الجمهور: «وذروا الذين يلحدون في أسمائه4 (الأعراف: ٠‏ : إلسان الذي 
يلحدون إليه أعجمي» («النحل: )٠١*‏ «وإن الْذين يلحدون في آياتنا لا يخفون 


حدر ولك حت المجلس التاسع والثمانون حت 
علينا4 (فصلت: .)4١‏ وقرأ الآخحرون الأحرف الثلاثة بالفتح؛ وممّن قرأ كذلك حمزة. 
وكان الكسائي يقرأ التي في الأعراف وحم السجدة بالضمء ويفتح الذي في لتحل 
لوضوح دلالته على الميل ؛ بقوله "إليه" فكان أ: حص بالدلالة [ إلى معنى الميل من "في". و 
بكون ما اختاره الكسار عيداً في تفريقه بين اللفظين إلى لى الحم بي اللشين كما قال ال 
عر وجل: «فمبل الكافرين ن أمبابم رويداً4 (الطارق:7١)»‏ وقد كان الكسائي يفعل 
هذا كثيراًء من ذلك ما روي عنه من اختياره ني قراءة: «إلم يطمشين4 (الرحمن:57) ضم 

عين الفعل في أحد الموضعين وكسرها في الآخر. والّذي اختاره من القراءة على لغة من 
يقول الحد في موضع وعلى لغة من يقول "الحد' في غيره حمسن جميل عندي. 

وقول الراعي "وقد كان مات الحود حتّى نشرته" الغة الصحيحة" أنشر الله الميّت» 
لخر عو ونشرة هر شور أغة فد ترك با وقد الى أبن شرح كلا هما جا من 
من مرضه وأبل واست | إذا رأ وس قل العام" 

إذا بل من داء به ظنّ اه نجا وبه الذاء الذي هو قاتله 
وقال الأعشى: 
وكأئها محموم خيبر بل من أوصابها 
هارون الرشيد يكتشف أن الكأمون , نظم الشعر 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال» حدثنا أ بو حليفة الفضل بن الحباب شبح ذا 
حدثنا عبد الله بن محمّد التيمي قال: أراد الرشيد سفراً فأمر التاس أن يتأهْبوا وأعلمهم أنه 
خارج بعد الأسبوع» فمضى الأسبوع ولم يخرجء فاجتمعوا إلى المأمون فسألوه أن يستعلم 
ذلك» ولم يكن الرشيد يعلم أن المأمون يقول الشع ف 2 فكتب إليه المأمون: 
ياخير من دبّت المطي به ومن تقذى بسسرجه ف رس 
ماعلم هذاللاً إلى ملك من نورهفي الظللام نقتبس 
إن سسرت سسار الرشاه متسبعا وإن تقفغ فلرشاه محتبس 

فقرأها الرشيد فسرّ بها ووقع فيها: يا بنيّ ما أنت والشعر؟ أما علمت أن الشعر أرفع 
حالاات الدني وأقلّ حالات السري» والمسير إلى ثلاث ! إن شاء الله. 

قال القاضي: قول المأمون في شعره ومن تقدى بسرجه فرس: تقدَّى استمرٌ كما قال 

تقدّت بي الشهباء نحو ابن جعفر سواء عليها ليلها ونهارها 





جح الجليس الصالح والأنيس الناصح 8- 

أي استمرّت وجرت قاصدةً إليه. 

تعزية يحيى بن زياد لبعض أهله 

حدثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني قال» حدثنا محمد بن زيد قال: كتب 
يحيى بن زياد إلى بعض أهله يعرّيه: أما بعد فإن المصيبة واحدة إن صبرت ومصائب إن لم 
تصبر» وقد مضى لك سلف يحسن عليهم البكاء» وبقي خلف في مثلهم العزاء فلا البكاء 
يرد الماضي وبالعزاء يطيب عيش الباقي؛ ونحن عمًا قليل بهم لاحقون؛ فآثر الصّبر فإنّه 
أردُ الأمرين عليك وأرجعهما بالنفع إليك. 

قال القاضي: ولمن تقدمنا من التعازي ما يستحسنه الألباء لبلاغته وفصاحته وجودة 
معناه وقوته وجزالته» وتعزية يحيى بن زياد هذه من أحسن ما روي في هذا الباب وأبلغه. 

رؤبة في صفره ش 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال» حدثني أي قال» حدثنا أبو بكر محمد بن عباه 
الله بن آدم العبدي قال العجاج: سقط حبالي علي فاستغثت بولدي فلم يجبني أحد منهم؛ 
ثم جاءني رؤبة وهو صبي صغير فقلت له: 

إن نبني للتامٌزهدم مالي في صدورهم من مودده 
إلا كودٌ مسد لقرمده 
قال فقال رؤبة: 
إن نيك لكرمٌ مجده ولو دعوت لأتوك حفدله 
عجاج ما أنت بأرض مأسده 

قال: ة فضممته إلي وقلت: ابني سيكون. قال أ بو بكر: المسد حبال تعمل من ضروب 
من أوبار الإبل» والقرمد: الآجر. 

قال القاضي: قد مضى بر العجّاج هذا ني بعض ما تقدّم من هذه المجالس» وفسّرنا 
ما فيه من إعراب وغريب» وأوردناه عن شيخ حدثنا به عن أبي بكر ابن الأنباري. 

شاهك فما معنا شى البيت أحد 

حدّثنا الحسن بن أحمد بن محمد بن سعيد الكلبي قال حدئنا محمد بن زكريا الغلاني 
قال» حذثنا عبد الله بن الضحّاك ومهدي بن سابق قالا: حذثنا اليثم بن عدي عن 
صالح بن حسان قال: كان عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أني طالب صديقاً 
للوليد يأتيه ويؤانسه؛ فجلسا يوماً يلعبان بالشطرنج إذ أتى الآذن فقال: أصلح الله الأمير» 
رجل من أخوالك من أشراف ثقيف قدم غازياً وأحبً السلام عليك» فقال: دعه» فقال 
عبد اللّه: وما عليك إئذن لهء فقال: نحن على لعبتنا وقد أجحت عليك. قال: فادع 
بمنديل فضع عليها ويسلّم الرجل ونعود ففعلء ثم قال: ائذن لهء فدحل مشمرٌ له هيبة) 


- سس سح اجحلس التاسع والقمانون حت 
بين عينيه أثر السجودء وهو معدم قد رجّل لحيته فسلّم ثم قال: أصلح الله الأمير قدمت 
غازياً وكرهت أن أجوزك حبّى أقضي حقّكء قال: حياك الله وبارك عليكء ثم سكت عنه. 

فلما أنس أقبل عليه الوليد فقال: يا حال هل جمعت القرآن؟ قال: لا كانت تشغلنا عنه 
شواغل. قال: حفظت من سنئة رسول الله وَيَعهُ ومغازيه وأشعارها؟ قال: لا. قال: فأحاديث 
أهل الحجاز ومضاحكها؟ قال: لا. قال: فأحاديث العجم وآدابها؟ قال: إن ذلك شيء ما 
كنت أطلبه. فرفع الوليد المنديل وقال: شاهك. قال عبد الله بن معاوية: سبحان الله قال: 
لا والله ما معنا في البيت أحد. فلمًا رأى ذلك الرجل خرج فأقبلوا على لعبهم. 

الحسب بلا أدب 

قال القاضي: ما أعجب كلام الوليد هذا وألطفه وأحسنه وأظرفه. وشبيه هذا ما روي 
ان رجلاً حاطب معاوية فأكثر الخو في كلامه فضجر معارية وأعرض عنه» فقال: اكت 

مير المؤمنين؟ فقال: وهل تكلّمت؟ ولعمري إن ذا امجهل والغباوة إلى منزلة من التقص 
5-9 القدر وبمعزل من الطبقة التي تستحق التهيّب والإعظام والتبجيل والإكرام» وإن 
اتفق لهم بالجد وطائر السعد إعظام كثير من الناس لهم واغترار طائفة من الأغنياء بهم. وقد 
ذكر أن بزرجمهر سئل: ما نعمة لا يحسد صاحبها عليها؟ قال: التواضعء قيل: فما بلية لا 
يرحم صاحبها؟ قال: الكبر» قيل: فما الذي إذا انفرد لم يساو شيئاً؟ قال: الحسب بلا 
أدب. وفي استقصاء القول في هذا الباب طول لا يحتمله هذا الموضع 

حلم سلمى بن نوفل 

حذثنا محمد بن ب يحبى الصولي قال» حدئنا محمّد بن يزيد قال» حدَئنا تحمّد بن صفوان 
عن أبيه قال: كان سلمى بن نوفل الدّيلي سيداً في كنانة» فوثب رجل من أهله على ابنه 
فجيء به إليه» فقال له: ما أسّنك منّي وأجراك علي؟ أما خحشيت عقابي؟ قال: لاء قال: 
ولم؟ قال: لأنا سودناك لكظم الغيظ والحلم عن الجاهل» فخلى سبيله. 

ول البكاء أهله . مصرع أبناء الحارث الباهلي 

حدثنا عبد الله بن منصور الحارثي قال» حدذثنا محمّد بن زكريا الغلاني قال» حدذثنا 
إبراهيم بن عمر بن حبيب قال» حدثني سعيد بن سلم الباهلي قال: كان الحارث بن 
حبيب الباهلي كثير البنين فنحي بنيه عن قومه يخشى معرتهم عليهم» فغاب الحارث بن 
حبيب وشوى بنوه شاة لهم فأحرجت وغطوها فأكلوا منها فماتوا وهم شانية» فجاء 
فرآهم موتى حول الشاة» فأكل منها وأكثر ليموت فلم يمتء فركب ناقة له يريد قومه 
ليعينوه على دفنهم» فمر وهو راكب برجلٍ جالس يبكي» وهو رجل من بني قشيرء فقال: 
ما لك؟ قال: كانت لي شاة فأكلها الذئب فنزل عن راحلته فقال: هذه لك بدل شاتك 
وول البكاء أهله ثم قال: 


حك الجليس الصالح والأيس الناصح ص سس سب سبح اوح 
يا أيها الباكي على شاته 22 يبكي جهاراً غير إسرار 
إن الرزيّات وأشباهها ما غادر الحارث في الدار 
والحارث الذي يقول: 
المرء يأمل أن يعيش وطول عيش قد يضره 
تفنى بشاشته وييقى بعد حلو العيش مره 
وتسوءه الأيام حنى لا يرى شيئاً يسرًه 
كم شامت لي إن هلكت وقائل لله دره 
الحطيئة يعجب بابن عباس 
حدثنا الحسين بن أحمد بن محمّد بن سعيد الكلبي قال» حذثنا محمد بن زكريًا قال» 
حدئنا محمد بن سلام عن محمّد بن حفص قال» وحدئنا محمد بن زكريا قال وحذثنا ابن 
عائشة عن أبيه قال: نظر الحطيئة إلى ابن عبّاس في مجلس عمر وقد فرغ من كلامه؛ فقال: 
من الذي قد نزل عن القوم في سنّه وعلاهم في قوله؟ قالوا: هذا ابن عبّاس» هذا ابن عم 
رسول الله يك فأنشا يقول: 


إنِي وجدت بيان المرء نافلة تهدى له ووجدت العي كالصّمم 
المرء يبلى ويبقى الكلم سائره وقد يلام الفتى يوما ولم يلم 
الكلم والكلم 


قال القاضي: قوله "ويبقى الكله" : الكلم ها هنا جمع كلمة» وأصل صل الكلم بكسر اللام 
فسكنه تخفيفاً لإقامة وزن البيت كما قالوا في ملك ملكء وفخخذ وكبد. قال الله تعالى: 
«إيحرفون الكلم عن مواضعه» (المائدة: .)١‏ وقد روي عن تميم بن حذام أنه قرأ: 
"تحرفون الكلام". وقد قرأه علماء الأمصا ريريدون أن يبدّلوا كلام الله4 (الفتح: )٠١‏ 
و"كلم الله". وممًا قيل في هذا وهو مما يستحسن لبعض المحدثين: 
قالت عييت عن الشكوى فقلت لما جهد الشكاية أن أعيا عن الكلم 

فأمًا الكلم الذي عين فعله ساكنة في أصل بنائه فإنه مصدر كلمه يكلمه كلماًء بمعنى 
جرحه يجرحه جرحاً كما قال الشاعر: 

لعمرك إن الدّار غفرٌ لذي االحموى كما يغفر امحموم أو صاحب الكلم 

يعني إن ذا الحوى يهتز لذكرها كما يهتز المحموم والمكلوم أي امخروح ويهتران. 
ويجمع الكلم كلاماً مثل جرح وجراح؛ وجمع فعل على فعال كثير جداً في القلة مثل 
كلب وكلاب وسهم وسهامء ومنه قول الشاعر: ‏ , 

أجدَّك ما لعينك لا تنام كأن جفوبها فيها كلام 
وروي عن النبي يلك أله قال: ما من أحد يكلم كلماً في سبيل الله عر وجل إلا جاء 


ح-؟ لس _-_- لس اولس التاسع والثمانون د 
يوم القيامة وأوداجه تشخب دماً: اللون لون دم والريح ريح مسك. ويجمع الكلم أيضاً 
مثل فلس وفلوس»وصقر وصقورءومثله كثير. ومن الكلوم قول بعض الشعراء: 
فلو أن قولا يكلم الحلد قد بدا بجلدي من قول الوشاة كلوم 
وقوله "سائره" يعني أنّهِ يبقى سائر الكلام يريد الحكم السائرة من الكلم» يقال: قول سائر 
ومثلٌ سائر» وقوله "سائره" بدل من الكلم تابعٌ له في إعرابه كقولك يعجبني القول بليغه. 
اذا أكلت المأر أذن الإسرائيلي 
حدننا أي رضي الله عنه قال حدثنا أ بو أحمد الختلي» أخبرنا عمي يعني النسائي قال» 
حدّثي سليمان بن عبد الحميد المهراني قال» حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي قال حدثنا 
إساعيل بن عيّاش قال: حدثتي بشر بن عبد الله بن سيار نا رجلا من بني إسرائيل حضره 
الموت» فرأى جزع امرآته عليه فقال: ) تحبين أن لا أفارقك؟ قالت: نع قال! فاصنعي 
ي تابوتاً نم اجعليني في بيتك هذا فإله لا يتفيّر جسديء ففعلت؛ فاطلعت بعد زمان فإذا 
هي بيإاحدى أذنيه قد أكلتء» فقالت: فلان ما كذبتني قبلهاء قال: فاستاذن ريه عز وجل 
فردٌ الله عنّ وجل عليه روحه. فقال لها: إن الذي رأيت من أذني أني سمعت ملهوفاً يوماً 
من الأيام يستغيث فلم أغئه فأكلت أذني التي كانت تليه. 
عمربن عبد العزيز يرد المظالم 
حدثنا ! إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي قال» حذثنا عبد الله ابن أت ي الوزير عن 
ني محمّد الشامي قال: كنت غلاماً في حلافة عمر بن عبد العزيزه فلم ) أخذ عمر في ردٌ 
المظالم غلظ ذلك على أهل بيته وعلى جميع قريش» فكتب إليهم عبد الرحمن بن 


الحكم بن هشام: ا 
فأبلغ هشاما والذين تجمعوا بدابق لا سلمتم آخر الدهر 
ويروي: 
فقل لحهشام والذين تجمّعوا بدابق موتوا لا سلمتم يد الدّهر 


فأتم أخذتم حتفكم بأكفكم كباحئثة عن مدية وهي لا تدري 

عشيّة بايعتم إماماً محالفاً له شجرٌ بين المدينة والحجر 
فأجابه بعض ولد مروان عن هشام بن عبد الملك: 

لعن كان ما تدعو إليه هو الردى فماأنت فيه ذو غسناء ولا وفر 

وأنت من الريش الذنلى ولم تكن من اللجزلة الأولى ولا وسط الظهر 

ونحن كفيناك الأمور كما كفى أبونا أباك الأمر في سالف الدهر 


جح الجبليس الصالح والأنئيس الناصح سلس ررب للا 17 17 د 
صرف دابق وعدم صرفه 
قال القاضي: قال عبد الرحمن بن الحكم في شعره هذا "بدابق" فلم يصرفه في 
موضعين» وفي صرفه وترك صرفه وجهان معروفان في كلام العرب» والعرب تذكره 
وتؤنّثه» فمن ذكره صرفه كما قال الشاعر: 
بدابق وأين مني دابق 
ومن أنّنه لم يصرفه كما قال الآخر: 


الباحثة عن حتعمها 


وقوله " كباحثة عن حتفها هي لا تدري" هذا مثل يضرب للذي يثير بجهله ما يؤذيه 
إلى هلاكه أو الإضرار به. وأصله أن ناسا أحذوا شاةً ليست لهم فأرادوا أكلباء فلم 
يجدوا ما يذبحونها به فهموا بتخليتهاء فاضطربت عليهم؛ ولم تزل تثير الأرض وتبعثرها 
بقوائمهاء فظهر لهم فيما احترفته مدية فلبحوها بها» وصارت هذه القصة مثلا سائرا فيما 
قدّمنا ذكره. وقول المرواني "وأنت من الريش الذنابي". يقال ذنب الفرس وغيره» وذناى 
الطائر وذناى الوادي وذنابته ومذنب النهر قال الشاعر: 


أيا جحمتا بكي على أمّ صاحب قتيلة قلُوب باحدى الذنائب 
ويروى المذانب» والجمحمتان: العينان» والواحدة جحمق ويقال إنها بلغة أهل اليمن» 
والقلوب: الذئب. 


شعر ابن البخاتري شي خالد بن الوليد 

حدثنا أحمد بن العبّاس العسكري قال» حذثنا عبد الله بن أي سعد قال» حذثني عبد 
الرحمن بن حمزة اللخمي قال» حدثنا أبو علي الحرمازي قال: دخل هشام البختري في 
ناس من مخزوم على عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فقال له: يا هشام أنشدني شعرك في 
خالد بن الوليد» فأنشده فقال: قصّرت في البكاء على أني سليمان رحمه الله)إن كان 
حب أن يذل الشرك وأهله؛ وإن كان النشامت به لمتعرضاً لمقت الله. م قال عمر رضي 
الله عنه: قاتل الله أخحا بني تميم ما أشعر ْ 
فقل للّذي يبقى خلاف الذي مضى تيأ لأحرى مثلبا فكأن قد 
فما عيش من قد عاش بعدي بنافع ولا موت من قد مات يوماً بمخلدي 

ويروى: "ولا موت من قد مات قبلي" . ثم قال: رحم الله أبا سليمان ما عند الله خيرٌ 
له مما كان فيه» ولقد مات فقيداً وعاش حميداً» ولكن رأيت الدهر ليس يقاتل. 

قال القاضي: لقد أحسن عمر بن المخطّاب رضوان الله عليه الثناء على خخالد ؛ بن الوليد 
رحمه الله على تشعّث قد كان بينهماء فلم يثنه عن معرفة حقه وصحبته وصلة رحمه 


دلللسسسس سسسب سس ابهلس التسعون حت 
وكان ابن خالته. وقد كان الصحابة» رضوان الله عليهم» ربّما عرض فيما بينهم بعض 
العتب وبعض ما يوحش الإخوان فلا يخرجهم ذلك عن الولاية إلى العداوة. 
المجلس التسعون 
ما أعده الله للصالحين 
حدَثنا طلحة بن محمّد بن إسرائيل الجوهري قال» حدثنا يحيى بن أبي طالب أبو بكر 
قال» حدثنا عبد الوهاب قال» حدثنا أبو محمد الحمائي عن أني هارون العبدي عن أبي 
سعيد الخدري عن النبي يك قال: إِنّي رفعت إلى الحنّة فاستقبلتني جارية فقلت: لمن أنت 
يا جارية؟ قالت: لزيد بن حارثة. وإذا بأنجار من ماء غير آسنء وأنهار من لبن لم يتغير 
طعمهء وأنهارٍ من حمر لذَة للشاربين» وأنهار من عسل مصفىء وإذا رمأنها كأنه الدلاء 
عظماً وإذا بطائرها كانه بحتكم هذه فقال عندها 8: "إن الله عز وجل أعدّ للصالحين 
ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خحطر على قلب بشر". 
مكانة زيد بن حاركة 
قال القاضي: قد جاء عن التي 98 في فضل زب | بن حارثة وني أنه صادفه في احنّة؛ 
وكان من أبر الناس بأمّهء وقال النبي َه حين :١‏ حبر بإكرام الله تعالى زيداً وإسكانه جتته: 
كذلكم البِرّ كذلكم الْبرُ ولن يضيع لأولياء الله عند ربهم إحسائهم بطاعته إلى أنفسهم 
نسأل الله التوفيق لطاعته والعصمة من معصيته؛ إِنّه رؤوفٌ رحيم جواد كريم. 
التابغة الجعدي 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد» حدثنا أبو حاتم قال» قال النابغة الجعدي أبو ليلى» 
واسمه قيس بن عبد الله بن عدس» وقال القحذمي: اسمه حبّان بن قيس بن عبد الله بن 
وحوح بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة» وكان أسن 
من النابغة الذبياني» والدليل على ذلك قوله: 
تذكرت والذكرى تهيج على المحوى ومن حاجة المحزون أن يتذكرا 
نداماي عند المنسذر بن محرّق أرى اليوم منهم ظاهر الأرض مقفرا 
كبول وفتيان كان وجوههم دنانير ممًا شيف في أرض قيصرا 
قال: فهذا يدلك على أنه كان مع المنذر بن محرقء» والنابغة كان مع النعمان بن 
المنذر بن محرق» وكان النابغة غبر ثلاثين سنة لا يتكلّمء ثم تكلم بالشعر» ومات وهو ابن 
مائة وعشرين سنة بأصبهان» وكان ديوانه بها» وهو الذي يقول: 
فمن يك سائلاً عنّي فإني من الشبّان أيّام الختان 
وأيام الخنان كانت أياما في العرب قديمة لداء هاج فيهم: 
مضت مائة لعام ولدت فيه وعشرٌ بعد ذاك وحجتان 


- الجليس الصالح والأنئيس الناصح جب ااا © / د 


فأبقى الدّهر والأيام مستي كما أبقى من السيف اليماني 
تحسر وهو مأثور جرازرٌ إذا جمعت لقائمه اليدان 
وقال أيضاً ني طول عمره: 
لبست أناساً فأفنيتهم وأفنيت بعد أناس أناسا 


ثلاثة أهلين أهلكتهسم وكان الإله هو المستآسا 
قال أبو حاتم» قال أبو عبيدة: وكان النابغة ممن فكر في الجاهليّة فأنكر المخمر والسكر 
وما يفعل بالعقل؛ وتجنّبٍ الأزلام والأوثان» وقال قصيدته النّي أوَها: 
الحمد لله لا شريك له من لم يقلها فنفسه ظلما 
وكان يذكر دين إبراهيم وإساعيل صلَى الله عليهماء ويصوم ويستغفر ويتوقى أشياء 
لعواقبهاء ووفد على النبي ## وقال في ذلك: 


لأتيت رسول الله إذ جاء باالمدى ويتلو كتاباً كالم جسرة نيّرا 
وجاهدت حبَّى ما أحس ومن معي سهيلاً إذا ما لاح ثلمتغوًرا 
يقول: كنت بالشام وسهيل لا يكاد يرى هناك. 

يقوم على التقوى ويوصي بفعلها وكان من الثار المخوفة أوجسرا 


قال أبو حاتم» وأخبرنا داود بن رشيد قال» أحبرنا يعلى بن الأشدق العقيلي قال: 
سمعت النابغة يقول: أنشدت رسول الله عَيّق: 


بلغنا السماء مجدنا وجدودنا وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا 
فقال: أين المظهر يا أبا ليلى؟ قلت: الحنة» قال: أجل إن شاء الله. ثم أنشدته قولي: 

ولا خير في حلم إذا لم يكن له بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا 

ولا خير في جهلٍ إذا لم يكن له حلم إذااما أورد ا 


فقال النبي طَدَه: "لا يفضض فوك" . فمات وله عشرون ومائة سنة لم يغيّر له سن 
استطراد في شرح شيف وغيرها 

قال القاضي: قول النابغة في أرض قيصرا": معنى شيف جلي ومسح حتى أنار وصفاء 

كما قال عنترة: 
ولقد شربت من المدامة بعدما ركد الحواجر بالمشوف المعلم 

يقال للديئار والدرهم المحلوين: دينار مشوف ودرهم مشوفء ويقال شافه يشوفه 

شوفاً كما قال امرؤٌ القيس: 
بأسحم ملتف الغدائر وارد وذي أشرٍ تشوفه وتشوص 

قال القاضي: قوله "تشوفه " أي تجلوه؛ والأشر: تحديد أطراف الأسنان ورقتها. وذكر 

أن أعرابيًاً أتي بطفل لم تنبت أسنانه فجعل يقبّله ويقول: وابأبي دردرك» فرأته امرأته ولم 


دا سح سس اولس التسعون حت 
تكن حظيّةَ عند فظنّت أن الفم الأدرد يعجبه» فعمدت إلى فهر فصكت به أسنائها حتى 
ألقتها ثم جاءته فلمًا رآها قال: أعييتني بأشر فكيف بدردر؟! والأدرد: الذي ليس في فيه 
شيء من الأسنان» يقال: درد الرجل يدرد إذا لم يبق له سن. دردي عن التي 38 أل 
قال: "أوصاني جبريل لكلو بالسواك حتّى حفت أن أدرد". ويقال: رجل أدرد وامرأة 
درداء» ودريدٌ تصغير أدرد, ويسمّي هذا البصريّون من النحويّين تصغير الترحيم الحذف ما 
حذف منهء ولو صعّر على أصله وتمامه لقيل أديرد. ومثل هذا أحمد وأحميد وحميد وأزرق 
وأزيرق وزريق. ومن الأدرد قول الشاعر: 
فما تذري من حيّةِ حبلية سكات إذا ما عض ليس بأدردا 

وقول امرئ القيس "وتشوص " أي تغسله غسلاً تبالغ فيه بالمضمضة وروي عن النبي 

يي أنه كان إذا قام من اليل يشوص فاه بالسواك. 
طوق بن مالك وأعرابية 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال» حذثنا علي بن هشام الرقي قال» حدثني 
محمد بن يحبى بن مسلم الحراني قال: كان طوق بن مالك يتولّى الدبار وكان من عادته إذا 
صلَّى الجمعة أن ينادي مناديه: من له مظلمة» من له قصّة من له حاجة فليشهد الباب 
ولينصرف. ففعل هذا في جمعة من الجمع» فلما صار بين باب داره والمسجد اعترضته 
امرأة أعرابية من بني كلاب كاللبؤة المجرية»فاحذت بعنان دايّته ثم أنشأت تقول: 
يا طوق يا ذا الجود فاسمع إلى مقصد هذي المرأة المسلمه 
ناديت من كانت له قصة أو حاجة أو من لهمظلمه 
فليشبد الباب» فقد جنتته أشكو إليك السنة المظللمه 
أمّ بنين كل يوم لها قتل وني أموالنا ملحمه 
اعد بسني الائنيا على دسرمم وأبن لعدتان بها مكرمه 

فقال: أي والله أيْتها المرأة» نعديك على دهرك. ثم أمر الخدم بضمهاء فرأيتها بعد 
ذلك بحال حسنة وبزة جميلة. 

الشعراء يستأذنون على عقيلة بنت عقيل بن أبي طالب 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال» حذثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن 
صالح قال» حذثنا أبو عبد الله ابن النطاح قال» حدثنا أبو عبيدة عن أني عبد الرحمن عن 
صالح بن كيسانء قال: كانت عقيلة بنت عقيل بن أني طالب تجلس للرجالء» فاستأذن 
عليها جميل فأذنت له؛ فلمًا دخل قيل لها: هذا كثيّر بالباب» فقالت: أدحلوه. فما لبث أن 
قيل لها: هذا الأحوص بالباب» فقالت: أدخلوه. فأقبلت على جميل وقالت: ألست القائل: 


- الجليس الصاح والأنيس الناصح 7 1 17 م 


فلو تركت عقلي معي ما طلبتها ولكن طلابيها لما فات من عقلي 
أما تطلبها إلا لذهاب عقلك؟! أما والله لولا أبياتث قلتها ما أذنت لك» وهي: 
علقت الحوى منها وليداً فلم يزل إلى اليوم ينمي بها ويزيد 
فلا أنا مرجوعٌ يما جئت طالباً ولاحبّهافيمايبيد يبيد 
يموت الهوى مني مارم ويحيا إذا فارتقها فيعود 


ثم أقبلت على كثير فقالت: و ما أنت يا كثيّر فأقل الناس وفاءً في قولك: 
اي لأسي فكيها فكال تثل لي ليلى بكلّ سبيل 
أما تريد أن تذكرها حتى تمثل لك؟! أما والله لولا أبياتة قلتها ما أذنت لك؛» وهي: 


عجبت لسعي الذهر بيني وبينها فلمًا انقضى ما بيننا سكن الذهر 
فيا حب ليلى قد بلغت ي المدى وزدت عل ما ليس يبلغه الهمجر 
قال القاضي: المشهور من هذين البيتين أنهما من كلمة لأبي صخر الحذلي منسوبة إليه 
أولها: 
لليلى بذات اليش دار عرفتها وأخرى بذات البين آياتها سطر 


وقد أملها علينا عن أحمد بن يحيى عن عبد الله بن شبيب معزوَةً إلى أبي صخر ع 
محمد بن القاسم الأنباري ومحمّد بن يحيى الصولي. 
ثم أقبلت على الأحوص وقالت: وأما أنت يا أحوص فاألأم العرب ني قولك: 


من عاشقين تراسلا وتواعدا ليل إذا: نجم الثْريا حقا 
باتا بأنعم عيشة وألدّها حبّى إذا وضح التهار تفرّكا 
لم قلت: تفرقا؟! أما والله لولا شو قلت ما أذنت للك وهو: 
كم من دني لما قد صرت أتبعه ولو صحا القلب عنها كان لي تبعا 
قال: ثم قالت لكثير: يا فاسق أنخبرني عن قولك: 
إن زم أجمال وفارق جسيرة وصاح غراب البين أنت حزين 
أين الحزن إلا عندها؟ فقال كثيّر؟ أعرّك الله» قد قلت شيئاً أذهب هذا العيب عنّيء 
وهو ش 
وأزمعن بيناً عاجلاً وتركنني بصحرا خريم قاعداً أتبد 
وبين التراقي واللهاة حرارة مكان الشجا لا تطمئن فتبرد 


وقد كانت قالت لحواريها: مرّقن ثيابه عليه فلمًا أنشد هذين البيتين قالت: خلين عنه " 
يا حبائث» وأمرت له بحلة يمانية وبمائة دينار فأحذهما وانصرف. 


دعوى عريضة تنسب للجرمي 
حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال» حدثنا محمد بن يزيد قال» قال أبو عمر الجرمي 


نر« سس سح الغلس التسعون حت 
يوماً: أنا أعلم الناس بكلام العرب» فسمعه الأصمعي فقال: كيف تنشد هذا البيت: 
قد كن يخبأن الوجوه تسئّراً فالآن حين بدان للنثار 

أو حين بدين؟ قال أبو عمر: حين بدأن» فقال: أحطأت» فقال: بدين» فقال: أحطأت 

يا أعلم التاس بكلام العرب» حين بدون. 
القاضي ينمي الدعوى عن الجرمي. ويخطته 

قال القاضي: أبو عمر اللحرمي أرفع طبقة عندنا في علم العربية من أن يذهب مثل هذا 
عليه ولكنّه أجاب على البديبة» وترك التبين والروية فوقع في حطأ العجلة) وهو أعلم 
بالتصريف والأبنية وأمضى في معرفة المهموز والفصل في غير المهموز من بنات الواو 
وبنات الياء من الأصمعي . وأما تخطئة الأصمعي له ني قوله بدأن ني البيت الذي أنشده 
فهو كما ذكرء وقد أصاب في تخطئته. وأمّا تخطتته إِيّاهِ في قوله بدين فكما قال أيضاًء 
وإنّما يقال بدأن بكذا إذا ابتدأن به بتحقيق الهمزة» وبدان بتليين الحمزة» وبدين على قلبها 
ياء حين ألقاهاء كما يقال قرأت وقريت» وصحيفة مقروءة على تحقيق الممزة) ومقروة 
على تليينباء ومقراة على الطرح والقلب» وقد قرأ جمهور القرأة: "أرأايت" "أريت" 
بالطرح» واحتار الكسائي هذا الوجه فقرأ به وهو معروف في العربية) وفيه تفريق بين 
الخبر والاستخبار. ومن هذه اللّغة قول أني الأسود الدؤلي: 


أريت امرءاً كنت لم أبله أتاني فقال اتنُحذني خليلاً 
وقال آخر: 
أريت الآمريك بصرم حبلي مريهم في أحبتهم بذاك 
وقال آخر: 
أريتك أن منعت كلام ليلى أتمنعني على ليلى البكاء 
وقال آخر: 
معّما ويلبس البرودا أريت أن جاءت به أملودا 
أقائلون أحضروا الشهودا 


وهذا باب مستقصى في كتبنا المرسومة في علوم القرآن. 
أبو خلية وطغلة تصبو إلى زين الورى 
حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقري قال: ألقيت رقعة إلى أني حليفة الفضل بن 
الحباب القاضي فيها: 
إني قصسدتك لل نذي كااتهمت من حذر وخحيفه 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح 
ماذا تقول لطفلة 
تصبوإللى زين الورى 
فقلب الرقعة وكتب على ظهرها: 
إن كنت صادقة الذي 
فلك السعادة والشها 


هذا الفصاح بعينه 


48- 
في الجسسرننزلىها شريفه 


حال الهوى حال شريفه 
كاتمت من حذر وحخحيفه 
ده والجلالة يا شريفيه 
وبه يقول أبو حنيفه 


رقعة تلقى إلى القاضي الأنطاكي وجوابه عنها 
قال أبو بكر النقاش: وألقيت رقعة إلى أبي بكر القاضي أحمد بن موسى الأنطاكي 


مكتوب فيها: 

أيها الفاضل الكثير االعدات 
أيكون القصاص من فتك لحظ 
أم يخاف العذاب من هو صب 

ليس إلا العفاف والصوم والنس 

فأحذ الرقعة وكتب على ظهرها: 

يا ظريف الصمنيع والآلات 

إن تكن عاشقاً فلم تأت ذنباً 
فلك الحقّ واجباً إن عرفنا 
أن أكون الرسول جهراً إليه 
ومتى أقض بالقصاص على اللح 


صانك الله عن مقام الدّناة 

من غزال مورّد الوجنات 

مبتلى بالزفير واللحسرات 
كك زاجرا عن الشبهات 


وعظيم الأشجان واللوآعمات 
بل ترقيت أرفع الدرجات 
من تعلقته من االحجرات 
إذ تتكبت موبق الشبهات 
ظ حبيبي أخطئ طريق القضاة 


الفتك: بطش الإنسان بغيره على وجه المكر والغدرء يدل على ذلك ما روي عن النبي 

نه أنه قال: "الإيمان قيّد الفتك» لا يفتك مؤمن"» وفيه ثلاث لغات فتك وفتك وفتك. 
خبر آخر لذي القرنين 

حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي قال» حدثنا أبو بكر بن أي الدنيا قال» 
حدثي يعقوب بن إسماعيل قال» أخبرنا حيان بن موسى قال, أخبرنا عبد الله بن المبارك 
قال» أحبرنا رشيد بن سعد قال: حدثنا عمرو بن الحارث عن سعد بن أي هلال أنه بلغه 
أن ذا القرنين في بعض مسيره دحل مدينةً فاستكف عليه أهلها ينظرون إلى موكبه: الرجال 
والنساء والصبيان» وعند باءها شيحٌ على جملء فمرٌ به ذو القرنين فلم يلتفت الشيخ إليه» 
فعجب ذو القرنين له. فأرسل إليه فقال: ما شأنك؟ استكف الناس ونظروا إلى موكبي» 
فما بالك أنت؟ قال: لم يعجبني ما أنت فيه» إني رأيت ملكا مات ني يوم كذا هو 


<ى+دل يس ل _ لل سح الحلس التسعون ‏ - 
ومسكين» ولموتانا موضعٌ يجعلون فيه فأدحلا جميعاً فأطلعتهما بعد أيام وقد تغيرت 
أكفالهماء ثم أطلعتهما وقد تزايلت لحومهماء ثم رأيتهما وقد تفصلت العظام واحتلطت 
فما أعرف المسكين من الملك» فما يعجبني ملكك. فلما خرج استخلفه على المدينة. 
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته 

حدثني أبو النضر العقيلي قال» حدثنا محمد بن زكريا قال» حدثنا عبد الله بن محمد بن 
عائشة قال: حدثني أبي أن هشام بن عبد الملك حجّ في خلافة عبد الملك أو الوليد 
فطاف بالبيت وأراد أن يستلم الحجر فلم يقدر عليه من الزحام» فنصب له منبر فجلس 
عليه» وأطاف به أهل الشامء فبينا هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين بن علي عليهم 
السلام عليه إزار ورداء» أحسن الناس وجهاًء وأطيبهم رائحة بين عينيه سجّادة :أنها ركبة 
عير» فجعل يطوف بالبيت» فإذا بلغ الحجر تنحى الناس حتى يستلمه هيبة له وإجلالا. 
فغاظ ذلك هشاماًء فقال رجل من أهل الشام لهشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه 
الهيبة وأفرجوا له عن الحجر؟ قال هشام: لا أعرفه» لثلا يرغب فيه أهل الشام» فقال 
الفرزدق وكان حاضراً: لكني أعرفه؛ فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟ فقال الفرزدق: 


هذا الذي تعرف البطحاء وطأته 
هذاابن مصير عباد الله كليم 
إذا رآاتنه قريش قال قائلها 
ينمي إلى ذروة العلرّ التي قتصرت 
يكاد يمسسكه عرفان راحته 
يغضي حياء ويفضى من مبابته 
بكفه خيزران ريحه عبق 
مشتقة من رسول الله نبعته 
ينجاب نور المحمدى عن نور غرته 
حمّال أثقال أقوام إذا قدحوا 
هذاابن فاطمة إن كنت جاهله 
اللهفئله قدا وشرفه 
من جده دان فضل الأنبياء له 
عم البرية بالإحسان فانقتشضعت 
سبل الخليقة لا تخشى بوادره 


والبيت يعرفه والحل والحرم 
هذ النقيّ لهي الطاهر العلم 
إلى مكارم همذا ينتبمي الكرم 
عن نيلها عرب الإسلام والعجم 
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم 
ولايكلماللا حسين ييتشسسم 
من كف أروع في عسرنينه شم 
طابت عناصره والمخيم والششسيم 
كالشمس يتجاب عن إشراقها الظّلم 
حلو الشمائل تحلو عنده نعم 


2 


بجده أبياءاللهقدحتموا 
جرى بذاك لهفي لوحه القلم 
وفض ل أمته دانت لهالأمم 
عنها الغياية والإاملاق والظلم 
يستوكفان ولا يعروهما العدم 


يزينه اشقتان الجلم والكرم 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح 

لايخللف الوعد ميمون نقييته 
من معشر حبهم دين وبغضهم 
يستدفع السوء والبلوى بحبهم 
مقدمٌ بعد ذكر اله ذكرهم 
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم 
لايستطيع جوادٌ بعد غايتهم 
همالغيوث إذامااً 
يأى لهم أن يحل الذمٌ ساحتهم 
لا ينقص العسر بسطً من أكفهم 
أي الخلائق يست في رقاهم 


41- 
رحب الفناء أريببٌ حين يعتزم 
كفرٌ وقريبهم منجسى ومعتصم 
ويسسترقً به الإحسسان والنعم 
في كل يوم ومختومٌ به الكلم 
أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم 
ولايدانيهم قوم وإن كرموا 
والأسد أسد الشّرى والبأس محتدم 
حيمٌ كريمٌ وأيد بالنّدى هضم 
سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا 
لأوئيةه نذاوله حم 
فالدّين من بيت هذا ناله الأمم 


قال: فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق» فحبس بعسفان بين مكة والمدينة. فبلغ 
ذلك علي بن الحسين عليهم السلام» فبعث إلى الفرزدق اثني عشر ألف درهم وقال: اعذر 
أبا فراس» ولو كان عندنا أكثر منها لوصلناك بها. 

فردّها وقال: يا ابن رسول الله. ما قلت الذي قلت إلا غضباً لله ولرسوله» ما كنت 


لأرزأ عليه شيئاً. فردّها 


إليه وقال: بحقي عليك لما قبلتهاء فقد رأى الله مكانك وعلم 


نيتك» فقبلهاء فجعل يبجو هشاماًء فكان مما هجاه به: 


أيحبسني بين المدينة والقتني 


إليها قلوب الناس يهوي منيبها 


وعينين حولاوين باد عيوبها 


المجلس الحادي والتسعون 
وفد ثُقَيْ إلى الرسول 


حدثنا إسماعيل بن يونس بن يس أبو 


إسحاق قال» حدثنا إسحاق بن إسرائيل قال» 


حدثنا مسعدة البصري عن خصيب بن جحدر عن النضر بن شف عن أني أسماء الرحبي 
عن ثوبان قال: قدم وفد ثقيف على رسول الله عي في هيئة أهل الكتاب طويلة أشعارهم 


دشرم وأذ 


ظفارهمء فقال لهم رسول الله ©: "امكثوا وتعلموا القرآن» وحذوا من 
شعاركم وشواربكم وأظافركم"2 فمكثوا ما شاء الله أ 


ن يمكثواء فاستعرضهم رسول الله 


تعد لب ال أطبرهم ثياباً وأكثرهم قرآناً قد فضلهم بسورة البقرة» 
مره عليهم» فقال: إذا صلَّيت بقومك فصل بأضعفهم فإنَ حلفك الكبير والسقيم وذا 


عم ع ب لصوت الجلس الحادي والتسعون د 
الحاجة ولا يتخذون مؤذناً يطلب على أذائه الأجرة. 
تعليق على الحديث 
قال القاضي: في هذا الخبر أوضح دليل على أن رسول الله يك كان يؤثر التنظف 
وإماطة الأذى عن الجسدء ويكره القذارة التي هي من هيئات أهل الحفاء ومفارقة ما يؤثره 
ذوو الأدب والمروءة. وقد أتى عنه اللي في هذا المعنى وما أشبهه أخبار كثيرة» وذلك 
أكثر وأوضح وأظهر من أن يحتاج إلى استقصاء ما ورد فيه لاشتراك الخاصة والعامة في 
معرفته» واستحسان تفصيله وجملته. وفيه أيضاً الدلالة البيّنة على فضل أهل القرآن 
وحفظته وحملته) وأن من جمعه أوفرهم حظاً وأشرفهم منزلةٌ وأعلاهم رتب وأولاهم 
بالتقدمة وأحقهم بالتأمر عليهم. وما روي في هذا المعنى أكثر من أن يحيط الآدميون به 
ولو لم يأت فيه إلا ما تواترت الأخبار به من قول النبي َه "أهل القرآن أهل الله 
وخاصته"2 وقوله: "خي ركم من تعلّم القرآن وعلّمه" . وفي بعض الروايات: أفضلكم. وكان 
رسول الله وك يقدّم الأقرأ فالأقرأ اكتاب الله من أصسحا. 
وروي أنه قال في من استشهد منهم يوم أحد: "زمّلوهم بدمائهم ولا تغسلوهم, 
وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد» وقدَّموا إل القلة أكثرهم قرآناً". 
مقالة أعشى همدان في أهل البصره والكوفة 
حدثنا محمد بن الحسسن بن دريد قال» حدثنا العكلي قال» حدثنا سعيد بن يحيى 
الأموي قال» حدثني عمي عبيد بن سعيد عن بحالد عن الشعبي قال: قدمت البصرة 
وا 00 ممن أنت؟ قلت: 
هل الكوفة» فالتفت ! إلى جليسه فقال: هذا مولاناء فقلت له: أتدرون ما قال أعشى 
مان فينا وفيكم؟ قال: وما قال؟ قلت 
وإذا فاح ررقتونا فاذكرووا مافعلتاه بكميوماللجمل 
بين شيخ خاضب عثنونه وفتىّ أبيض وضاح رقفل 


جاءونا يبيدر في سابغة قد ذبحتناه ضحىئى ذبح الحمل 
وعفونا فنسيتم عفونا وكفرتم نعمة الل هالأجل 


قال: فغضب الأحنف وقال لحاريته: هاتي تلك الصحيفة فإذا فيها من المختار بن أي 
عبيد إلى الأحنف بن قيس ومن قبله من مضر: أما بعد فويل لمضرء من شر أمر قد حضرء 
وان الأحنف مورد قومه حر سقرء حيث لا يقدر لهم على صدرء ولقد بلغني أنكم 
تكذبون رسليء » ولئن فعلتم لقد كذبت الرسل من قبلي» وكتبت بخبر من كذب منهمه 


حت الجليس الصالح والأئيس الناصح لجس كك )ب 1# 17 
والسلام. قال الأحنف: هذا منا أو منكم ؟ فقمت وما أحير جواباً. 
دفن الرشيد محمد بن الحسن والكسائي بالري 
حدثني أبو النضر العقيلي قال» أحبرني أبو الحسن بن راهويه الكاتب قال: حدثت أن 
محمد بن الحسن وعلي بن حمزة الكسائي كانا بالري مع الرشيدء وأنهما مانا في يوم واحد 
بقرية من قرى الري يقال لها الرنبويه» فجزع الرشيد عليهما وقال: إنا لله وإنا إليه 
راجعون» دفنت الفقه واللغة في يوم واحدء وكان اليزيدي حاضراً فأنشاً يقول: 


تصرمت الدنيا فليس حلود وما قد يرى من بهجة سسيبسيد 
أسيت على قاضي الَْضِاةٌ محمد فأذريت دمعاً والفؤاد عميد 
وقلت إذا ما الخطب أشكل من لنا بإيضاحه يوماً وأنت فقيد 
فأوجعني موت الكسائي بعله وكادت نبي الأرض الفضاء تميد 
ساعالمم ان أوديا وتخَرّما ومالحمافي العاالمين نديد 
قال الرشيد: أحسنت يا بصري» قد كنت تظلمه في حياته وأنصفته بعد موته. 
شروح لفوية 
قال القاضي: قوله: "أوديا معناه هلكاء كما قال الأعشى: 
ولم يود من كنت تسبعى له كما قيل في الحرب أودى درم 
ومعنى "وتخرما" مثله فهو الحلاك وانقطاع الأجل وتصرم العمرء كما قال أبو ذؤيب 
المذلي: 
سبقوا هوي وأعنقوا لسبيلهم فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع 


ويروى: فقدتهم. وقال: "هوي" وهي فيما قيل لغة هديل يجعلوها بمنزلة علي وإلي؛ 
وذكر أنها لغة بعض بني سليم» وقد قرأت القرأة مهاتين اللغتين في القرآن. فأما جمهور 
القرأة فيقرأون بلغة أهل الحجاز وعامة العرب» وقد رويت القراءة الأخترى عن أني طفيل 
عامر بن واثلة وعبد الله بن إسحاق الحضرمي وعاصم الححدري وعيسى بن عمر الثقفي» 
ورفع بعضهم ما روي عن أني الطفيل إلى النبي طَلَّ. ومن هذه اللغة قول الشاعر: 


فأبلوني بليّتكم لعلي أصالحكم وأستدرج نويا 


يريد: نواي. 

وقال آخر: 
يطوف بي عكبٌ في معد 2 ويطعن بالصّملة في قفي 
فإن لم تثارا لي من معد فلا أرويتما أبداً صديًا 


أراد: قفاي وصداي. وذكر أن طلحة قال وقد ذكر له بيعته أمير المؤمنين علي بن أبي 


سس اتلس اأناديي والتسعون حس 
طالب اعلكم: بايعت واللجّ على قفي. اللج: السيف» وقيل إن طلحة تزوج امرأة هندية 
فتكلّم بلغتها. وقد اختلف البصريون والكوفيون من النحاة في علة الفرق بين عل وإلي 
ولديّ وبين هواي وقفاي وعصايء وبيان هذا واستقصاء ما فيه مرسوم في كتبنا المؤلفة 
في القرآن. وقول اليزيدي "وما لهما في العالمين نديد": النديد" الندّ ومنه قول لبيد: 


أحمد الله قلا ند له بيديه الخير ما شاء فعل 
أتيتم تجعلون إلي نذا وما تي يم بذي حسب نديد 


وفي الذّم هلباجة وفروقة وملولة. ورعم الفراء أن الماء أدحلت في هذا يراد بها أن 
الممدوح بمنزلة الداهية والمذموم بمنزلة البهيمة. ومن النديدة قول الشاعر: 


لعلا يكون السندري نديدتي وأترك أعماماً عموماً عماما 
ويجمع الند أندادأ» قال الله عز وجل لإفلا تجعلوا لله أنداداً 4 (البقرة: 7؟) ومنه 
قول الأعشى ٍ 
فقال تزيدونني تسعة وليس بكفوٍ لأندادها 
وزعم بعضص أهل اللغة أنه يقال للضد ند أيضا يضاً وأنّه من حروف الأضداد. 


متازعات اللفويين في مجلس للدي 

وقد كانت تجري بين الكسائي واليزيدي منازعة وهفوات» ومماراة وخصومات» عند 
الملاحاة في اللغة) وابحادلة في مقاييس النحو وأبواب العربية» وما منهما إلا متقدم وعلم 
مبرز في معرفته) ذو حظ عظيم من علم القرآن وإعرابه) وجملة النحو وأبوابه» رحمة الله 
1 علينا وعليهما وبركاته. فممًا دار بينهما من الخصومة واللحاء والمنازعة والمراى» ما حدذثنيه 
عبيد الله بن أحمد الكاتب أحد إخواننا قال: حدثنا أبو عبد الله محمّد بن العباس اليزيدي 
قال حدّتي عمي عبيد الله بن محمد قال: أخبرني أي محمد بن أي محمد قال: أخبرني أبو 
محمد أبي قال: كنا مع المهدّي ببلد في شهر رمضان قبل أن يستخلف بأربعة أشهر» وكان 
الكسائي معناء فذكر المهدي العربيّة وعنده شيبة بن الوليد العبسيّ عم دفافة» فقال 
المهدي: يبعث إلى اليزيدي وإلى الكسائي» وأنا يومئذ مع يزيد بن منصور ال المهدي, 
والكسائي مع الحسن الحاجب» قال: فجاءنا الرسول فجقتء وإذا الكسائي على الباب» 
فقال لي: يا أبا محمد أعوذ بالله من شرّكء قال فقلت له: والله لا تؤتى من قبلي حتّى أوتى 
من قبلكء» قال: فلمًا دحلنا عليه أقبل علي فقال: كيف نسبوا إلى البحرين بحرائي ونسبوا 
إلى الحصنين فقالوا: حصني ولم يقولوا حصناني كما قالوا بحراني؟ قال» قلت: أصلح الله 





جح الجليس الصالح والأنيس الناصح ه6- 
الأمير» إِنّهم لو نسبوا إلى البحرين فقالوا بحري لم يعرف إلى البحرين نسبوه أم إلى البحر 
ولما جاءوا إلى الخصنين لم يكن موضع آخخر يقال له الحصن ينسب إليه غير اآنصنين قرا 
حصني. قال أبو محمد: فسمعت الكسائي يقول لعمر بن بزيع» وكان حاضراً: لو سألني 

الأمر لأخبرته بعلة هي أحسن من هذه. قال أبو محمّد فقلت: أصلح الله الأمير إن هذا 
يزعم أنّك لو سألته لأجاب بأحسن مما أجبت به. قال: فقد سألته» فقال الكسائي: إنهم 
لما نسبوا إلى الحصنين كانت فيه نونان» فقالوا حصني فاجتزءوا بإحدى النونين عن 
الأخرى» ولم يكن في البحرين إلا نون واحدة فقيل بحراي» فقلت: أصلح الله الأمير كيف 
ينسب رجلاً من بني جنان؟ يازمه أن يقول جني لأن في جتان نونين» فإن قال ذلك فقد 
سوَى بينه وبين المنسوب إلى الحن. قال المهدي: فتناظرا في غير هذاء قال: فتناظرنا في 
مسائل حفظ قولي وقوله فيها قال: إلى أن قلت: كيف تقول إن من خير القوم أو خيرهم 
بتة فقلت: أعرٌ الله الأمير لأن يجيب فيخطئ فيتعلم أحسن من هذه الإطالة» قال فقال: إن 
من حير القوم أو خيرهم نية زيدأء قال: فقلت: أصلح الله الأمير ما رضي أن يلحن حتى 
لحن وأحال» قال: كيف؟ قال قلت: لرفعه قبل أن يأتي بالاسم ونصبه بعد رفعهء قال: فقال 
شيبة بن الوليد: أراد بأو بل» قال: فقلت: هذا تعني» فقال الكسائي: ما أردت غير ذلك» 
قال فقلت: قد أحطأ جميعاً أيّها الأمير» لو راد بأو بل لرفع زيداً لأله لا يكون بل خيرهم 
زيداً. قال فقال له المهدي: يا كسائي لقد دخحلت لي مع سلمة النحوي وغيره فما رأيت 

كما أصابك اليوم. ثم قال المبدي: هذان عالمان ولا يقضي بينهما إلا أعرايّ فصيح تلقى 
عليه المسائل التي اختلفا فيها فيجيب. 

قال: فبعث إلى فصيح من فصحاء الأعراب. قال أبو محمّد: فإلى أن يأتي الأعرائي 
أطرقت» وكان المبديّ عبّاً لأحواله» ومنصور بن يزيد بن منصور خاله حاضراً. قال 
فقلت: أصلح الله الأمير كيف ينشد هذا البيت من هذه القصيدة: 
ياأيباالسالي لأخعحبر عمن بصنعاء من ذوي الحسب 
حمير سادتها تقر لها بالفضل طراً جحاجح العرب 
وإن من خيرهم وأكرمهم أو خيرهم بتةً أبو كرب 

فقال المبدي: كيف تنشد أنت؟ قال فقلت: أو خيرهم بتة أبو كرب على معنى إعادة 
"إن". قال فقال الكسائي: هو قالما الساعة أصلح الله الأمير. 

قال: فتبسسّم المبدي وقال إنْك لتجيد له وما تدري. قال: ثم ظلع الأعرابي الذي بعث 
إليه فألقيت المسائل عليه» وكانت ست مسائل» فأجاب عنها كلها بقولي. قال: فاستفزني 
السّرور حتّى ضربت بقلنسوتي الأرض وقلت: أنا أبو محمد. قال فقال شيبة بن الوليد: 


ددن 


مجلس الحادي والتسعون ح 


تكنّى باسمك أيّها الأمير!! فقال المبدي: والله ما أراد مكروهاً ولكنه فعل ما فعل للظفرء 
ولعمري لقد ظفر. قال فقلت: إن الله عز وجل أنطقك أيها الأمير بما أنت أهله, وأنطق 


غيرك بما هو أهله. 


قال: فلمًا حرجنا قال لي شيبة: تخطّئني بين يدي الأمير؟! أما لتعلمن. قال فقلت: قد 
معت ما قلت وأرجو أن تجد غبها. قال: ثم لم أصبح حتّى كتبت رقاعاً عدّة» فلم أدع 
ديواناً حتّى دسست إليه رقعة فيها أبيات قلتهاء فأصبح الناس ينشدونها وهي: 


عسش بجدً ولا يضرك نوك 
عش بجد وكن هبثقة القي 
لاولافيك خحلة من خلال ال 
غير ما أئك المحيد لتقطي 
فعلى ذا وذاك يحتمل الده 


إلمسامين ترى بالجدود 
سني نوكا أو شيبة بن الوليد 
القعقاع ماأنت بالحليم الرشيد 
شير أحرتتها بحزم وجود 
ع غناء أو ضرب دف وعود 

ربحيداً له وغير مجيد 


قال أبو عبد الله وحدثني عمّي عبيد الله قال؛ ا 0 
محمد قال: كانت تحتبس أرزاق الكسائي فيصير إلي فيقول لي: اكتب لي رقعة إلى 
جعفر بن يحيى فأكتب له. | 

قال القاضي: وقد أحسن اليزيدي فيما أجاب به» وألطف في نظره وقياسه» وأتى فيما 
ينه وبين الكسائي من اللحفاء بما كان الأولى به خلاقه, وما كان عليه لو حابى الكسائي 
وأغضى له فقد كان يعرف فضله وسكنه من العلم ونبله. والمسألة التي سأله عنها 
بحضرة المهدي لطيفة وتعرض كثيراً في أمثالها الشبهة» وقد سأله عنها واستبطأه في 
جوابها وأنّبه على تأخيره الجواب عنهاء وما أرى اليزيدي حصّل جوابها عند ابتداء قوعي 
إليه على البدار والبديهة حتى أنعم فيها نظره وأعمل فيها فكره. وقد كنت أمللت ني هذه 
المسألة كلاماًء وشرحت ما استدل به اليزيدي فيها والوجه الذي تعلق به الكسائي في 
إجابته عنهاء» كرهت إعادته والإطالة هاهنا بذكره. 

الأصمعي والجارية 

حدذثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال» حدذثنا محمد بن القاسم بن لاد قال» قال 
الأصمعي: دحلت على جعفر بن يحبى بن خالد يوماً من الأيام فقال لي: يا أصمعي هل 
لك من زوجة؟ قلت: لاء قال: فجارية؟ قلت: جارية للمهنة» قال: فهل لك أن أهب لك 
جاريةٌ نظيفة؟ قلت: إني تاج إلى ذلك» فأمر بإخراج جارية إلى مجلسه» فحرجت جارية 
في غاية الحسن والحمال والحيئة والظرف» فقال لما: قد وهبتك لهذا. وقال لي: يا أصمعي 


- الجليس الصاح والأنيس الناصح جح كك ا ار تكد 
حذهاء فشكرته؛ وبكت الجارية وقال: يا سيّدي تدفعني إلى هذا الشيخ مع ما أرى من 
سماجته وقبح منظره؟! وجزعت جزعاً شديداًء فقال: يا أصمعي: هل لك أن أعوضك 
منها ألف دينار؟ قلت: ما أكره ذلك. فأمر لي بألف دينار ودحلت الحارية» فقال لي: يا 
أصمعي إني أنكرت على هذه الجارية أمراً فأردت عقوبتها بك؛ ثم رحمتها منك. فقلت: 
أيها الأمير فألا أعلمتني قبل ذلك؟ فإني لم آتك حتّى سرحت لحيتي وأصلحت عمَتي» ولو 
عرفت الخبر الحضرت على هيئة خاقتي» فوالله لو رأتني كذلك لما عاودت شيئاً تكرهه 
منها أبدا ما بقيت. 
النساء تفقت بحشلاً لدمامته وجهامة صورته 

حدثني الحسن بن محمّد بن إسحاق أحد حد إخواننا عن بحشل القارئ» وكان مشهوراً 
بحسن الصوت ينتابه الناس لاستماع قراءته وعذوبة تلاوته» قال: كان بحشل مشنوء 
الخلقة شتيم الوجه جهم الصورة» وكان يريد النكاح؛ فإذا خطب النساء رد ولم يرد 
لبشاعة منظرهء وإذا شرع في ابتياع الإماء أبينه ونبون عنهء والتوين عليه» ورغبن عن 
مخالطته. فشكا إلى صديق له يآنس به ما يلقى من مضض التعرّب وتعذر المباعلة» ويقاسي 
من شذة الشّبق وفقد المباضعة ونفور النساء عنه لسماجة الخلقة» فقال له: أنا أسعى لك 
في هذا بما يؤدّي إلى محبتك. ومضى إلى سوق الرقيق فابتاع جارية حلوة مقبولة وصار بها 
في آخر النهار إلى منزل بحشل؛ فلمًا استقرا في منزله أحضر الطعام واجتمعا على العشاء 
ثم وثب الرّجل فودّع بحشلاً وخلّف الحارية عنده فتعلقت يثوبه وقالت: إلى أين تمضي 
وتخلفني؟ فقال: أمضي إلى منزلي وأنت عند مولاك. قالت: ومن مولاي؟ فقال: هذل 
فصرحت وقالت: ظننت أنك مولاي» وأما هذا فلو أرغبت أو أرهبت بكلّ شيء ما 
خاليته في منزل. فلم يزل الرجل يديرها ويلويهاء ويستعطفها ويداريهاء ويبذل لها فاخر 
الكساء ونفيس الحلى والإخدام؛ والتكرمة والإعظام» وهي مصرةٌ على نفورهاء مقيمة 
على إبائها. فلمًا يفس من قبوا قال لما: فإني مباكرٌ إلى هاهنا وحاملك إلى السوق للبيع. 
قالت: فأين أبيت؟ قال: هاهناء قالت: لا أفعل» قال: فإنّا ندحلك بيتاً تبيتين فيه ونقفله 
عليك؛ قالت: على أن يكون مفتاحه معي. ففعل ذلك وانصرفا الرجل» وقام بحشل 
وقت ورده من الليل لصلاته»؛ ورفع بالقراءة صوته. فطربت إليه وشغفت به» ووقع في 
قلبها حبّه؛ فجعلت تناديه: يا مولاي؛ يا مولاي؛ نحذ المفتاح وافتح الباب وأ رجني إليك 
أو أدسسل إلى فأنا طوع يديك. فلم يلتفت إليها حثى قضى صلاته. ثم فتح الباب فجعات 

تعتذر إليه وقبّلت يديه ورجليه واستولدها. 

قال القاضي: وقد روينا خبراً يضارع هذا من وجه بعض المضارعة وأخمّرنا إثباته لثلا 
بطول ال مجلس به ويتجاوز حدّه؛ ونحن راسوه في المحلس الذي يليه إن شاء الله. 


حررد+دحل ل بس سسحت ابمحلس الثاني والتسعون حت 
المجلس الثاني والتسعون 
حديث لا تحاسدوا ولا تباغضوا 

حدثنا عثمان بن إساعيل بن بكر السكري سنة تسع عشرة وثلاشائة قال» حدثنا 
يعيش بن الحهم الحدئي قال» حدثنا أبو يحيى الحماني عن عبيد الله بن عمر عن الزهري 
عن أنس بن مالك قالء قال رسول الله ##: "لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا 
وكونوا عباد الله إخواناًء ولاايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام يلقاه هذا فيعرض» 
ويلقاه هذا فيعرض عنهه فأيهما بدأ بالتسليم سبق إلى الحنة". 

قال القاضي: قد جاء عن النبي يِل بمثل هذا وبما في معناه أخبارٌ كثيرة من طرق شتّى» 
وإسناد هذا الخبر غريب لم نسمعه إلا من هذا الشيخ, وحفاظ الحديث لا يعرفونه إلا من 
روايته» وفيه حث من النبي يِه على التواصل والتبارٌ والتباذل وحسم أسباب العداوة وتشتيت 
الألفة وتشعيت المودة بالحسد والتقاطع والتدابر والتمانع والمصارمة والتنازع. 

نصيحة لقمان لابنه 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال» أخبرنا أبو عثمان الأشنانداني قال» حدثنا 
. التؤزي قالع حدئني أبو عبيدة قال: حدّئت أن لقمان قال لابنه: يا بني عليك بخلال إن 
تمسكت بهن لم تزل سيداً: أبسط حلمك للغريب والقريب» وأمسك ججهلك عن الم 
واللئيم؛ واحفظ إحوانك» وصل أقاربك» وليكن خلانك من إذا فارقتهم وفارقوك لم 
تبعهم ولم يبيعوك؛ وخصلتان يزينانك: اعلم أنه لا يطأ بساطك إلا راغب فيك أو راهب 
منك. فأما الراهب منك فأدن مجلسه؛ وتهلل في وجههء وإياك والغمز من ورائه. وأما 
الراغب فيك فابذل له البشاشة وأبدأه بالنوال قبل السؤال» فإنك متى تلجئه إلى مسألتك 
تأحذ من حر وجهه ضعفي ما تعطيه. 

المُرزدق يمدح عمروبن عتبة 

حدثنا الحسن بن القاسم الكوكبي قال» حدثنا محمد بن يزيد قال» أخحبرنا المازني عن 
أبي عبيدة قال: دخل الفرزدق على عمرو بن عتبة في داره بالزاوية وهو يسلت العرق عن 
وجبه فأنشده: 
لولاا ابن عتبة عمرو والرجاء له ما كانت البصرة الحمقاء لي وطنا 
أعطاني المال حتى قلت يودعني أو قلت أودع مالا قدرآهلنا 
فجوده متعبٌ شكري ومنّه فكلمازدت شكراً زادني مننا 
يرى بهممته أقصى مسافتها ولا يريد على معروفه شنا 

قال: فقال عمرو بن عتبة: يا أبا فراس نحن نبتاع منك حماقة بصرتنا بألف دينار» 





- 8 





حت الجليس الصالح والأئيس الناصح 
وأمر له بها. 


من كان على شرط جالوت 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال» حدثني محمد بن المرزبان قال» حدثنا 
الصلت بن مسروق الكوني قال» حدثني أبي قال قال رجل لأبي حنيفة: ما بقي علي من 
العلم شيء» فقال له: من كان على شرط جالوت يوم لقي طالوت؟ قال: لا أدري؛ قال: 
فهذا شيء من العلم قد بقي عليك. 

تأبين ابن الحنيئة لأخيه الحسن 

حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال» حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال» حدثني 
حمزة بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب ككل 
قال» حدثنا محمد بن علي بن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب الك عن 
أبيه عن جده عن عمر بن علي بن أني طالب اكيم قال: لما قبض الحسن بن علي بن أبي 
طالب عليهما السلام وقف على قبره أخوه محمد بن علي فقال: يرحمك الله أبا محمد 
فلئن عرّت حياتك لقد هدَّت وفاتك» ولنعم الروح روح تضمنه بدنك» ولنعم البدن بدن 
تضمّنه كفنك» وكيف لا تكون هكذا وأنت سليل المحهدى» وحليف أهل التقى» وخامس 
أصحاب الكساء غذتك كف الحق» وربيت في حجر الإسلام؛ ورضعت ثدي الإيمان» 
فطبت حيّاً وميتء وإن كانت أنفسنا غير طيبة بفراقك ولا نشكٌ في الخيرة لك» يرحمك 
الله. ثم انصرف عن قبره. ١‏ 

بازل عامين 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال» حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: قال لي الرياشي 

يوما: كيف تنشد هذا: 
ما تنقم الحرب العوان منّي بازل عامين حديث سنٌى 

فقلت له: بازل عامين على الابتدا وبازل عامين على الحال» وبازل عامين على 
البذل من الياء» والله يا أبا الفضل ما آتيك إلا هذه المقطّعات» قال أبو العباس: وكانت 
قطعه والله عسلاً. 

قال القاضي رحمه الله: وقد حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بهذه القصة على خلاف 
هذا الوجهء فحكى أن أحمد بن يحيى قال: كنت عند ابن الأعراي فسألني: كيف تنشد 
"بازل عامين" فذكر أنه أخبر بهذه الأوجه الثلاثة» قال: فكأنه لم يرض ما قلت فقلت له: 
إياك أن تكلمني في النحو فإها آتيك هذه الخرافات. 

قال القاضي: ومما حكاه الصولي أن أحمد بن يحيى قال: "على البدل" وليس هذا من 
ألفاظ الكوفيين» وإنما يقولون في هذا النحو وما جرى مجحراه أنه ترجمة وإتباع ورد 





حل ود ا مجلس الثاني والتسعون حت 
وتكريرء وإن كان أحمد بن يحيى لفظ بالبدل فلعله قصد حطاب الرياشي بما يعرفه من 
قول أصحابه البصريين. 
الاسكتدر يمر على مدينة ملكها سبعة وبادوا 

حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر قالع حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال» حدثني 
الحارث بن محمد التميمي عن شيخ من قريش قال: مر الإسكندر بمدينة قد ملكها أملاكٌ 
سبعة وبادواء فقال: هل بقي من نسل الأملاك الذين ملكوا هذه المدينة أحد؟ قالوا: نعم 
رجل يكون في المقابر. 

فدعا به فقال: ما دعاك [ إلى لزوم المقابر؟ قال: أردت أن أعزل عظام الملوك عن 
عظام عبيدهم فوجدت عظامهم وعظام عبيدهم سواء. قال له: فهل لك أن تتبعني فأحيي 
بك شرف آبائك إن كانت لك همة؟ قال: ! إن همتي عظيمة إن كانت بغيتي عندك» قال: 
حياة لا موت فيهاء وشبابُ ليس معه هرم وغنىّ لا فقر بعده» وسرور بغير مكروه؛ قال: 
لاء قال: فامض لشأنك ودعني أطلب ذلك ممن هو عنده ويملكه. قال الاسكندر: هذا 
أحكم من رأيت. 

قال القاضي: وكنا رسنا ني امحلس الذي قبل هذا خبرين أ حببت أن أصلهما بخبر 
ثالث يضاهيهما من بعض وجوههما وكرهت إطالة مجلس بذكره» ووعدت بأن أثبته في 
المجحلس الذي يليه وهو بجلسنا هذاء وها أنا راسمه هاهنا إن شاء الله. 

فم الحوت وعلي بن يقطين 

حدثنا أبو عمر الحريري عبد الله بن الحسن بن محمد المعروف بصاحب المروي قال» 
حدثني محمد بن : حلف وكيع القاضي قال» حدثني محمد بن موسى قال» حدثنا أبو عمرو 
العمراوي قال» حدثنا العتبي قال: قدم لم لحرت من المدينة بقياد نا على علي إن 
يقطين» وكان لاعباً بالشطرنج؛ فقال له علي : لاعبني قال: إن على يمينا ألا بدا إلا 

في إمرة مطاعة؛ قال: فها هنالك» فلاعبه فقمره فم الحوت؛. وكان مشوه ا أهدل 
الشفة السفلى مَقَلّص العليا مائل الشدق قبيح الأسنان» فقال له: احتكم, قال: تقبّلني قبلة» 
قال: أو الفدية قال ذاك لك قال ألف درهم قال: لا والله قال ألفين: قال لا والله» قال: 
ثلاثة آلاف» قال: لا والله» قال: أربعة آلاف» قال: هاتها. فدفعها !| ليه وركب علي بن 
يقطين إلى المهدي فأخبره فاستضحك وقال: ويحك أرنيه من حيث لا يراني» فأدحلته 
عليه من موضع يراه المبدي: وهو لا يراه فلما نظر إليه وإلى تشويه خحلقه وقبح فمه قال 
له المبدي: ويحك يا علي قد والله ربحت ستة وثلاثين ألفا. قال: وكيف؟ قال: من لا 


ع 


يفتدي قبلة من هذا بأربعين ألفاً؟! قد ربحت ستة وثلائين ألفاً. 





ح المليس الصالح والأيس النامح سس سس كح جح ١‏ وح 
0 

قال القاضي: قوله "إمرة مطاعة" الصواب فيها أمرة بفة بفتح الهمزة وهذا مما ذكره أهل 
العلم فيما تلحن فيه العامة فتقول: إمرة بالكسرء والأمة باح معنها ام الواحدة من 
الأمرء وأما الإمرة فالولاية. وهذا باب مطْردٌ منسحب على قياسه جار مستمرٌ في نوعه 
يقال هي الجلسة والركبة والقعدة والنيمة بمعنى الحيئة» فإذا أراد العبارة عن المرة والمرتين 
قيل جلسة وجلستان وركبة وركبتان وقعدة وقعدتان ونومة ونومتان» وفي هيئة نوم النائم 
نيمة وأصلها الواو لأنّها من النوم كما قيل خيفة من النوف» فقلبت الواو ياء لانكسار ما 
قبلها. فأمًا حجة فإنّها مكسورة الجا وزعم قومٌ أنّه إذا أريد بها المرّة وطريق العدد 
فتحت حاؤها فقيل حج حجَّة واحدةٌ وممّن قال هذا الفراء والأصمعي» وقال جمهور 
امحققين: الكلام فيها بالكسر في كل موضع. فأمّا الحجّة بمعنى السنة فهي بالكسر لا غير 


ومن ذلك قول زهير: 
وقفت بها من بعد عشرين حة ١‏ فلاياً عرفت الدار بعد توم 
وقول النابغة الجعدي: 
مضت مائة لعام ولدت فيه وعشرٌ بعد ذاك وحجتان 


قضاء ابن شبرمة 
حدثنا محمد بن الحسن بن زياد المقرئ قال» أخحبرنا ابن عبد العزيزء قال القاضي: 
وقد كتب بهذا إلينا الحسين بن أحمد بن عبد العزيز الجوهري من البصرة قال أخبرنا أبو 
زيد يعني عمر بن شبّة قال؛ أخبرنا زهير بن حرب عن جرير قال: قضى ابن شبرمة 
بقضية» فبلغه أن بعض من كان بينه وبينه وحشة تكلم فيهاء فقال ابن شبرمة: 


ما في القضاء شفاعة لمخاصم عند اللبيب ولا الفقيه الحاكم 
أهون على إذا قضيت بسسئَة أو بالكتاب برغم أنف الراغم 
وقضيت في ما لم أجد أثراً به بنظائر معروفة ومعالم 


أولياء الله والدفع عنهم 

حدثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني قال» حدثنا أحمد بن يوسف بن 
يعقوب قال» حدثنا محمد بن علي قال» حدثنا عبد الله بن حماد عن أبان بن تغلب عن 
جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن لله تعالى أولياء مع ولاة الظلمة يدفع بهم عن أوليائه. 

بين عمر وجميل 

حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي قال» حدثنا أحمد بن يحيى عن أني عبد الله 
القرشي قال: خرج عمر بن أبي ربيعة إلى الشام» حتى إذا كان بالجناب لقيه جميل بن 
معمر» فاستنشده عمر بن أبي ربيعة فأنشده كلمته التي يقول فيها: 


2 سس لل سس لمجلس الثائي والتسعون حت 
حليلي فيما عشتما هل رأيتما قتيلاً بكى من حب قاتله قبلي 
ثم استنشده جميل» فأنشده قافيته التي أولما 


عرفت مصيف الحي والمتربّعا 





حتى بلغ إلى قوله فيها: 
وقربن أسباب الحوى لمتيّمٍ يقيس ذراعاً كلما قسن إصبعا 
فصاح جميل واستحيا وقال: لا واللّه ما أحسن ن أن أقول مثل هذا فقال له عمر: اذهب 


بنا إلى بثينة لتتحدث عندهاء فقال له: إن السلطان قد أهدر لهم دمي متى جتتهاء قال: 
دلي على أبياتهاء فدلّه. ومضى حتى وقف على الأبيات وتأنس وتعرف», ثم قال: يا 
جارية أنا عمر بن أبي ربيعة فأعلمي بثينة مكاني. قال» فأعلمتها فخخرجت إليه فقالت له: 
لا والله يا عمر ما أنا من نسائك اللاتي تزعم أن قد قتلهن الوجد بك» قال: وإذا امرأة 
طوالة أدماء حسناء» فقال لها عمر: فأين قول جميل: 


وها قالتا لو أن جميلاً عرض اليوم نظرة فرآنا 
نظرت نحو تربها ثم قالت قد أتانا وما علمنا منانا 
بينما ذاك منهما رأتاني أوضع النقض سيره الرّتكانا 


ويروى أعمل النقض سيره زفيانا فقالت له: لو استمد منك جميل ما أفلح» وقد قيل: 
أشدد العير مع الفرس فإن لم يتعلم من جريه تعلّم من خلقه. 
بعض أنواع السير 
قال القاضي: "أوضع النقض سيره الرتكانا" أنه يحمل على سرعة السيرء قال الله 
تعالى: «إولأوضعوا خلالكم» (التوبة: 0) قال أبو عبيدة: الإيضاع سرعة السير» يقال: 
أوضعت بعيري وأوضعت ناقتي إذا أسرعت» فإذا كانت هي الفاعلة قلت: وضعت الناقة 
تضع وضعاء ويقال وضع الرجل يضع إذا سار أسرع سيرء ال دري بن العممة: 


من الخبب والوضع. وقد حل في بيت حمر بن عبد له ني بي 
تبالهن بالعرفان لما عرفشضي وقلن امرقٌ باغ أكل وأوضعا 


فرواه قوم هكذا وجعلوا أكل من الكلال» وهو من الذروح والإعياء» وقالوا: إنه كد 
في بغاء ناقته» وأوضع في طلبهاء وأسرع مع الكلال ليدركهاء لايع عليه الكلال 
والإيضاع. ورواه آخرون: "وقلن امرق باغ أضل وأوضعا" بمعنى أ نه أضل بعيره فجد في 
بغائه وأوضع في طلبه. وقوله: 'النقض" بريد الذي قد هزله السير فصار نقضاً باليا ويجمع 
أنقاضاً. والزفيان كنحوه. وقوله: "امرأة ة طوالة" يعني طويلة» وهذا مما جاء على فعيل 
وفعال» يقال رجل طويل وطوال وطوّال» قال الراجز: 


- 





حت الحجليس الصالح والأنيس الناصح 
جاءوا بصيد عجب من العجب أزيرق العينين طوال الذنب 
ويقال: أمر عجبُّ وعجابء قال الله عز وجل: لإن هذا لشيء عجاب# (ص: ه) 
ومثله كبير وكبّار» قال الله تعالى: إومكروا مكراً كباراً» (نوح: 0؟) ومن الكبار قول 
الأعشى: 
كحلفة من أبي رياح يسمعها لاهه الكبار 
وهذا باب واسع واستقصاؤه يطول وله موضع هو أولى به. 
عمر وحيلته على أبي الأعور السلمي 
حدثنا الحسين بن أحمد الكلبي قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلاي قال حدثنا محمد بن 
حالد الغلاي قال» حدثنا القحذمي عن مسلمة بن أني محارب قال: قال معاوية: إن 
عمرو بن العاص احتجز دوتنا راج مصرء فعزله واستعمل أبا الأعور السلمي. فبلغ عمرا 
الخبر فدعا وردان مولاه وقال: ويحك يا أبا عثمان عزلنا أمير المؤمنين» قال: فمن 
استعمل؟ قال: أبا الأعور السلمي» فهل عندك من حيلة؟ قال: نعم» اصنع له طعام ول 
تنظر له في كتاب حتى يأكل» ودعنا نعمل ما نريد. قال: نعم. فلما قدم علينا أبو الأعور 
السلمي وأخرج كتاب معاوية بتسليم العمل إليه قال له عمرو: 00 
جئتنا برسالة لقبانا ذلك منك» دع الكتاب وكلء قال: انظر في الكتاب» قال: ما أنا بناظر 
فيه حتى تأكل. فوضعه إلى جانبه وجعل يأكل» فاستدار له وردان فأحذ الكتاب والعهد» 
0 لأعور من غداته ملب ال 0 ين كتابي؟ فقال له 
: أليس إنما جتنا زائراً لنحسن إليك ونكرمك ونبرّك؟ فقال: استعملني أمير 
5 وعزلك» فقال: مهلا لا يظهرن هذا منك» !إ نه ييح» نحن نصلك وتحسن 
جائزتك فارض بالجحائزة. فبلغ معاوية الخبر فاستضحك وأقر عمراً على مصر 
قال القاضي: ويشبه هذا خبر المأمون ودينار لما أنفذه إلى المدائن محاسبة ياسر 
واستيفاء الأموال منه» ولعلنا إن عثرنا عليه نورده فيما بعد إن شاء الله. 
مواعيد عرقوب 
حدثنا عبد الله بن منصور اخارني قال» حدثنا الغلاي قال» حدثنا محمد بن عبد 
الرحمن التيمي قال: حدثنا هشام بن سليمان المخزومي قال: كان عرقوب رجلاً من 
الأوس فجاءه أخ له فقال: إذا أطلعت هذه النخلة فبي لك» فلما أطلعت قال: دعها حتى 
تصير بلحاًء فلما صارت بلحاً قال: دعبا حتَّى تشقح» فلما شقحت قال: دعها حتّى 
تصير رطباًء فلما صارت رطباً قال: دعها حتَّى تصير تمرأء فلما صارت تمرا جاء ليلا 
فجدّهاء فلذلك قال الأشجعي: 
وعدت وكان الخلف منك سجيَّةٌ مواعيد عرقوب أنخحاه بيشثرب 





1 


المحلس الثاني والتسعون حت 





تحقنيقات 
قال القاضي: ذكر بعض المحققين أن الكلام الفصيح بلح بضم الباءء كم قال الأعشى: 
مثل ما مدّت نصاحات البلح 
1 0 . 2 8 1 15 #لس . 
ويروى: مثل ما مدت نصاحات الربح وقوله: حتى تشقح أي حتى تزهو وتظهر 
فيها حمرة أو صفرة. جاء عن النبي ؤلَ أله نمى عن بيع النمر حتّى يشقح. وأرى أنه قيل 
فيها ذلك لأنها حينئذ يفارقها لوص الخنضرة ولما تتكامل فيها الحمرة أو الصفرة فليست 
لها حلاوة. وهذا من مشهور أمثال العرب وقد ذكره كعب بن زهير في كلمته التي قالها 
في النبي يك ومدحه فيهاء واعتذر إليه وأظهر توبته من سالف كفره؛ ورغب إليه في عفوه 
عنه» وإعفائه مما توعّده به فقال في ذلك: 
بدت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول 
وبيته الْذي ذكر فيه عرقوباً في هذه الكلمة قوله: 
كانت مواعيد عرقوب لما مثلاً وما مواعيدها إلا الأباطيل 
استقلال اصطناع المعروف 
حدئني عبيد الله بن مسلم الحارثي قال: حدثنا أبو الفضل الحاسٌي الربعي قال» 
وحدثني سليمان بن أي شيخ قال» قال يحيى بن خالد: من استقل اصطناع المعروف 
إذا تكرّمت عن بذل القليل ولم تقدر على سعة لم يظهر الجود 
بث النوال ولا منعك قلّته فكل ما سد فقراً فهو نحمود 
قال القاضي: استقلال المعطي عطاءه حتّى يمنعه, يح رمه أجره وشكره واستقلال 
المعطى يحرمه من مستقل العطاء كثيره ووفيره» وقد جاء في الأثر: من يستقل قليل الرزق 
يحرم كثيره. 
وروي في نحو هذا بإسناد لم يحضرني في هذا الوقت ذكرهء وقد عرزي إلى المأمون أنّه 
قال وذكر هذا المعنى: 
قدّم طعامك وابذله لآكله 2 واحلف على من أنى واشكر لمن أكلا 
ولا تكن سابري العرض محمتشماً ٠‏ من القليل فلست الدّهر محتفلا 


حت الجليس الصالح والأيس النامح سس سحتو وح 
المجلس الثالث والتسعون 
سراقة يتتبع آثار الرسول عند هجرته 

أخبرنا المعانى قال» حذئنا محمد بن يوسف بن يعقوب أبو عمر القاضي سنة تسع 
عشرة وثلاشائة» حدثنا عبيد الله بن سعيد قال» حدّثني عمّي عن أبيه عن صالح عن ابن 
شهاب قال: حدذثني عبد الرحمن بن مالك بن جعشم المدلحي أن أباه أخبره أن سراقة بن 
مالك احبره آله لما حرج رسول اله له من مككة مهاج إلى الدينة جعلت فريشن لمن 
رده مائة ناقة» قال: فبينا أنا جالس في نادي قومي إذ أقبل رجل” فقال: والله لقد رأ 
ركباً ثلاث مرُوا على آنفاء إن لأراه مسد قال فأومآت إليه أن اسكت» ألما هم بشو 
فلان يبغون ضالتهم؛ قال: فمكفت قليلاً ثم قمت فدحلت فأمرت بفرسي فقيد إلى بطن 
الوادي» وأخرجت سلاحي من وراء حجرتي» ثم أحذت قداحي التي أستقسم بهاء 
ولبست لأمتي» ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السّهم الذي أكره "لا يضره'"» 
قال" وكنت أرجو أن أرذه وآنحذ المائة ناقة. 

قال القاضي: هكذا هو في الحديث» والوجه مائة الناقة» فتكون الألف واللام ني 
المضاف إليه دون المضاف كما يقال غلام القوم» ولا يقال الغلام قوم. 

فركبت على أثره؛ فبينما فرسي يشتدٌ بي عثر فسقطت عنه» فأخحرجت قداحي 
فاستقسمت بها فخرج السسّهم الذي أكره "لايضرًه"» قال: فأبيت إلا أن أتبعه» فركبت 
فلما بدا لي القوم فنظرت إليهم عثر بي فرسي وذهبت يداه في الأرض وسقطت عنه؛ 
فاستخرج يديه وانبعث دحان مثل الإعصار فعرفت أنّه قد منع مني وأنّه ظاهر» فناديتهم 
فقلت: انظروني فوالله لا أريبكم ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه؛ قال رسول الله ل: ماذا 

تبتغي؟ قال: فقلت اكتب لي كتاباً يكون بيني وبينك آية» قال: اكتب له يا أبا بكرء قال» 
تكب ليم لقا في 

قال: فرجعت فسكئلت فلم أذكر شيئاً مما كان» حتّى إذا فتح الله على رسوله مكة 
وفرغ من حجنن :حرجت إلى رسول الله قي لألقاه ومعي الكتاب الذي كتب لي فبين أنا 
عامد له دحلت بين كتيبة من كتائب الأنصار فطفقوا يفزعونني بالرماح ويقولون: إليك 
إليك» حنّى دنوت من رسول الله وهو على ناقته أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة. 
قال: فرفعت يدي بالكتاب وقلت: يا رسول الله هذا كتابك» فقال: رسول الله عَنَا: يوم 
وفاء وبرٌء قال: فأسلمت وسقت إليه صدقة مالي. 

دلالة قصة سراقة ودلائل النيي جملة 

قال القاضي: خبر سراقة بن مالك هذا وما كان من أمره آية من أعلام النبي يك 

ودلائله الشاهدة بنبوته والدّالة على صدقه. وقد تواترت الأحبار بأن قوائم راحلته ساحت 


حدر ود النجلس الثالث والتسعون حت 
في الأرض» فنادى رسول الله ا مستغيئاً به ولاجثاً إليه في استنقاذه مما وقع فيه» وتائباً 
مما قصد له ومنيباً مما سلف من كفره» فدعا الله تعالى له حتّى نجاه مما نزل به وصحب 
رسول الله وق وروى عنه روايات من أخباره وسننه وآثاره. وقد ألّف العلماء في أعلام 
ابي يك وآياته الكثير الذي بح من بلغه ويقطع عذر من انتبى إليه» ولعلي بن محمد 
المدائني كتابٌ ضمّنه من دلائل النبي ا وآياته خمسمائة, آية أو نحوهاء ولو لم يكن له 


من الشواهد على رسالته والدلائل على نبوته ! إلا الكتاب الذي أتى به من وحي الله تعالى 
إليه وتنزيله جل اسمه عليه الذي ذلت له الرقابء, وهر بنوره ألباب دوي الألباب» لكان 


ذلك بليغاً كافياً» وحاساً للشكٌ ومن أدوائه شافياء وهو في أيدينا إلى حيث انتهينا نتلوه 
ونقرأه في محاريبنا وصلواتناء ونرسمه في صحفنا ومصاحفناء ونعلمه أبناءنا وعبيدنا وإماءناء 
ولا يزداد إلا مماءً وإشراقاً وضياء وائتلاقًء ولا يزداد المؤمنون إلا عياء بمعارضته وعجراً 
عن مقاومته. وقد رتّبنا القول في وجه إعجازه ومفارقته أنواع كلام البلغاء والفصحاء بما 
خحصه الله به من بديع نظمه وعجيب رسمه ما كان كافياً من غيره. 

وقول سراقة : "لأمتي" اللأمة: الدرع؛ يجمع لؤماً على غير قياس» قال الأعشى: 





وقوفاً بما كان من لأمة وهنّ صيامٌ يلكن اللجم 
موعظة علي لكميل بن زياد 


حدثني محمد بن عمر بن نصير الحري الجمال سنة ست عشرة وثلاشائة إملاء من 
حفظه قال» حدثني نجيح بن إبراهيم الزماني قال» حدثنا ضرار بن صرد عن ثابت بن أي 
قتيبة عن عبد الرحمن بن جندب عن كميل بن زياد قال: أخذ بيدي على بن أبي طالب 
لتقلا فأحرجني إلى الحبان» فلما أصحر جلس ثم تنفس ثم قال: يا كميل بن زياد» القلوب 
أوعية فخيرها أوعاهاء احفظ عنىي ما أقول لك: الناس ثلاثة فعالم ربّائي) ومتعلمٌ على 
سبيل نجاة) وهمجٌ رعاح أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيكوا بنور العلم ولم 
يلجأوا إلى ركن وئيق. يا كميل بن زياد» العلم خيرٌ لك من المال» العلم يحرسك وأنت 
تحرس المال؛ العلم يزكو على العمل والمال تنقصه النفقات» ومحبة ال لم دين يدان به 
يكسبه الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته. 

يا كميل بن زياد» العلم حاكم والمال محكومٌ عليه» وصنيعة المال تزول بزواله» مات 
حرّان الأموال وهم أحياءء والعلماء باقون ما بقي الدهرء أعيانهم مفقودة وأمثالحم في 
القلوب موجودة. إن هاهنا لعلماً جما وأشار بيده إلى صدره لو أصبت له حملة» بل أصبت 
له لقنا غير مأمون عليه يستعمل له آلة الدين بالدنياء يستظهر بنعم الله على عبادته 
وبحجته على كتابه» أو منقاداً لأهل الحقّ لا بصيرة له في إحيائه» يقدح الشلكُ في قلبه 
بأول عارض من شبهة» فلا ذا ولا ذاء أو منهوماً باللذة» سلس القياد للشهوات» أو مغرماً 


ح الجليس الصالح والأنئيس الناصح ص سخ خخخ حت و 
بجمع الأموال والادخار» ليسا من دعائم الدين» أقرب شبهاً بهما الأنعام السائمة. 
كذلك يموت العلم بموت حامليه. اللهم بلى» لن تخلو الأرض من قائم الله بحجة 
لكيلا تبطل حجج الله وبيناته. أولعك الأقلون عدداًء الأعظمون عند الله قدرأء مهم يدفع 
الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم» ويزرعوها في قلوب أشباههم» هجم بهم العلم 
على حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعره المترفون» وأنسوا بما استوحش منه اللجاهلون 
صحبوا الدنيا بأبدان أراوحها معلقةٌ بالملكوت الأعلى؛ أولتك خلفاء الله في بلاده 
والدعاة إلى دينه» آه آه شوقاً إلى رؤيتهم» واستغفر الله لي ولكم. 
قال القاضي: لقد ألقى أمير المؤمنين العالم الرباني إمام المسلمين أصلوات الله عليه 
وآله إلى كميل بن زياد في بجلسه هذا علماً عظيماً وحكماً جسيماًء ولف بما أتى به منه 
للمسلمين حكمة شافيةً ووصية كافية» ومن جعل من العلماء مستودع هذا الخبر إمامه 
واحذ به في دينه اقتبس علماً غزيرأء واستفاد خيراً كثيراً. ونسأل الله التوفيق لإصابة 
القول والعمل» والعصمة من الخطأ والزلل. 
بنت معاوية تمتنع على زوجها 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال» أخبرنا أبو حاتم قال» أخبرنا محمد بن عبد 
الله بن عمر بن معاوية بن عتبة بن أني سفيان قال: زوج معاوية بن أي سفيان ابنته من 
عبد الله بن عامر بن كريزء فلما ابتنى بها امتنعت عليه امتناعاً شديداً لم يصل معه منها إلى 
شي ع) فضربها فبكت وسمع الحواري بكاءها فصحنء ووقع ذلك في أذن معاوية» فجاء 
سادراً ومع مقالة النواري» فدنل على عبد الله البيت فقال لم. مثل هذه تضرب؟ قبّح 
يك وقبح ما أتيت به» احرج عن هذا البيت إلى غيره» فلما حرج أقبل على ابنته 
قا يا بيه ل تفعل قلعا هر تويك الذي اسل له لله أرما سحت يا بيد قول 
الشاعر: 
م الخنفرات البيض أما حرامها فصعبٌ وأمّا حلّها فذلول 
ثم نمض فخرج وعاد زوجها إلى البيت فلانت وأذعنت. 
معنى بنى وابتنى 
قال القاضي: في هذا الخبر: "فلما ابتنى بها" وقد استعمل هذه اللفظة جماعة من 
المتفقبين ومن له معرفة بالعربية» وأنكرها من اللغويين منكرون وقالوا: الكلام الصحيح 
0 أن الرجل من العرب كان إذا تزوج بنى على امرأته بنيّا من خخباء 
غيره للخلوة ها والإفضاء إليها » وكثر ذلك وعرف حتى قيل لكل من دحل بزوجته: قد 
بى عليها. ومما حدث في زماننا من كلام سفلة العامة أن يقولوا لمن غشي امرأة: قد ابتنى 
بهاء وإن كان [ إتيانه إياها زناً وسفاحاً. 


حرو وح  _‏ ل ٠س‏ الواس الثالث والتسعون حت 
دماء الذين قتلوا في فخ 

حدثنا أحمد بن محمد بن أني العلاء الإيصاحي المعروف بحرمي قال» حدثنا أبو سعيد 
يعني عبد الله بن شبيب قال» حدثي علي بن طاهر قال: التقى العباس بن محمد 
وموسى بن عبد الله فقال له العباس بن محمد: يا أبا حسن ما رئيت به أصحابك الذين 
قتلوا بفخ؟ قال: قلت: 

' بني عمنا ردُوا فضول دماثنا ينم ليلكم أولا تلمنا اللوائم 

قال: فقال العباس: دماء واللّه لا ترد عليك أبداً. فقال موسى بن عبد الله: ذلك إذا 
كان الأمر إليك فصدقت. 

قال القاضي: ينم ليلكم آمنين غير حائفين وتستقر بكم مضاجعكم. والعرب تقول: 
ليل نائم وسر كاتم» تريد ليل منوم فيه وسر مكتوم؛ كما قال الشاعر: 


لقد لمتنا يا أمّ غيلان في السّرى ونمت وما ليل المطيّ بنائم 
وقال آخر: 

إن الذين قتلتم أمس سيّدهم لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما 
وقال آخر: 1 

حارث قد فرّجت عنّي غمي فنام ليلي وتجلى همي 


يريد أنهم لم يناموا عن وترهمء وأنهم طالبون له منقطعون للسعي في إدراكه. وهذا 

النحو من بمحاز العربية كثير في اللغة فصحّ عند العلماء بها» مطردٌ مستمرٌ فيها. 
فرغ رأيك للمهم 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال» حدثنا ابن أبي سعيد البلحي الوراق قال» 
حدثني أبو العباس أحمد بن محمد السكري عن الفضل بن محمد العلوي العباسي عن عبيد 
لله بن الحسمن الطالبي أنه كان يقول: ان رابك صيع اكل شيء ففرظه للمهع؛ وإن مالك 
لا يرضي الناس كلهم فتوحٌ , به أهل الحق» و إن كرامتك لا تطيق العامة فاخصص بها أهل 
الفضل» وان ليلك وبارك لا يستوعبان حاجتلك» فإن دأبت بهما فأحسن قسيههما بين 
عملك ودعتك. قال الكوكبي: وزادني أحمد بن محمد بن سليمان الهحروي: فإن شغلت من 
رأيك في غير المهم أزرى بك في المهم» وما صرفت من مالك إلى أهل الباطل فقدته عند 
طلب الحق» وما عدلت به من كرامتك إلى أهل النقص أضرّ بك في العجز عن أهل 
الفضلء وما شغلت من ليلك ونهارك في غير الحاجة أزرى بك في الحاجة. 

توالي ذهاب السلطان وأصحابه 

حدثنا محمد بن الحسن أستاذ الهروي قال»؛ حدثنا محمد بن عبد الرحمن الشامي» قال» 

حدثنا أبو المنذر محمد بن المنذر قال أخبرني آدم بن عتيبة قال» أخبرنيه رجل من بني 


حك الجليس الصالح والأئيس النامح جس سس جحد و و 
تميم عن عبد الملك بن عمير قال: لقد رأيت في هذا القصر عجباً: دحلت على عبيد 
لله بن زياد في بهو وهو على سريرء والناس عنده سماطان» على يمينه ترس عليه رأس 
الحسين بن علي علَيهما السلام, ثم دحلت على المختار في ذلك البهو على ذلك السرير 
والناس عنده سماطان» على يمينه ترس عليه رأس عبيد الله ثم دحلت على مصعب في ذلك 
البهو على ذاك السرير والناس عنده سماطان» على يمينه ترس عليه رأس المختار ثم دحلت 
على عبد الملك في ذلك البهو وعلى ذلك السرير والناس عنده سماطان» على يمينه ترس 
عليه رأس مصعبء ثم قام عبد الملك وقمنا فانتهى إلى منزل فقال: لمن هذا؟ فقيل له: 
كان لفلان يا أمير المؤمنين» ثم انتهى إلى دار فقال: لمن هذه؟ قيل له: كانت لفلان» حتى 
فعل ذلك بدار ثالثة ورابعة» كل ذلك يقال: كانت لفلان» فضرب بإحدى يديه على 
الأحرى ثم قال: 
وكل جديدي يا أميم إلى بلى وكل امرئ يوماً يصير إلى كانا 
فاعمل على مبل فإنك ميت وامهيد لنفسك أيهبا الإنسسلان 
فكأن ماقد كان لم يك إذ مضى وكأن ماهو كائنٌ قد كانا 

ثم مضى على وجهه. 

مصير ظالم / 

قال القاضي: وحكى لي بعض إخواننا أن بعض الظلمة المترفين جلس يوما من الأيام 
في موضع من داره وقد نجد له وعنده جماعة وظهر منه ظلمٌ أسرف فيه ثم إِنّه لم تطل 
أيامه حتّى هلكء فجلس مكانه رجل من ضربه» وشرع في مثل ظلمه فقال له بعض من 
يرام ظلمه من حضر مجلس الذي كان قبله: 

في مثل ذا اليوم في هذا المكان على هذا السرير تدلّى السرٌ فاصطلما 

قال: فانكسر وأ 

اللهم فاجعلنا ممن يتأمل العبرء ويخشى الغيرء ويستعدٌ لليوم الذي وصفه في كتابه 
وأمر نبيه ييه أن ينذرهم إياه إذ يقول: #وأنذر الئاس يوم يأتيبم العذاب فيقول الذين 
ظلموا ربّدا أخْرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل؛ أو لم تكونوا أقسمتم 
من قبل ما لكم من زوال. وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وبيّنا لكم كيف 
فعلنا هم وضربنا لكم الأمثال4 (إبراهيم: 4 15-4). 

جزع الحسن من ال موت 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال» حدثنا محمد بن علي المدائني قال» حدثنا أبو 

الفضل الحاشي الربعي قال» حدثني أحمد بن يعقوب قال» حدثني المفضل بن غسان بن 


جد . طم بس ص ال مجلس الثالث والتسعون حت 
الفضل بن عبد الرحمن الغلاي قال: حدثني علي بن إبراهيم المطبخي قال: سمعت أبا عبد 
الرحمن بن عيسى بن مسلم الحنفي أخحا سليم بن عيسى قارئ أهل الكوفة قال: لما 
حضرت الحسن بن على عليهما السلام الوفاة كأنه جزع عند الموت» فقال له الحسين 
صلوات الله عليه كأنه يعزيه: يا أححي ما هذا الجزع؟ إنك ترد على رسول الله وه وعلى 
على صلوات الله عليه وهما أبواك» وعلى خديجة وفاطمة وهما أماك» وعلى القاسم 
والطاهر وهما حالاك» وعلى حمزة وجعفر وهما عماكء فقال الحسن اكلت: أي أحي إني 
أدخل في أمر من أمر الله لم أدحل في مثله» وأرى خخلقاً من خلق الله لم أر مثله قطء قال: 
فبكى الحسين صلى الله عليه. 

قال القاضي: أشدٌ الناس حشيةً لله جل وعلا أعظمهم طاعةً له وأجدّهم في عبادته 
وهم ملائكته وأصفياؤه وأنبياؤه» وقد قال جل ثناؤه في صفة من ذكر من ملائكته 
المقربين إنهم: وإعبادٌ مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. يعلم ما بين 
أيديبم وما خلفبم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون4 «الأنبياء: 
087) وقال: «إوالذين يؤتون ما آتوا وقلوهم وجلة إلبم إلى ربّهم راجعون. 
أولئتك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون4 (المؤمنون:21-70). اللهمّ اجعلنا ممّن 
يخلص عبادتك» ويؤئر طاعتك» ويستشعر حوفك ورهبتك» وارزقنا من حشيتك ما 
يحجز بيننا. وبين معصيتك» ويفضي بنا إلى الأمن من عذابك وأليم عقابك» وهب لنا من 
رجاء عفوك ما يوافق مرضاتكء ويؤذي إلى تحقيق ما نرجوه من مغفرتك وسعة رحمتك؛ 
وعدّل رجاءنا وخوفناء واعصمنا فيهما من العلوٌ والغلوٌ والتقصير والسموًّء ولا تكلنا إلى 
أنفسناء وأعنًا على عدوّك وعدوناء إِنا إليك راغبون وبك معتضمون. يا أرحم الراحمين. 

من نوادر مزيد 

حدثنا عبد الله بن منصور الحارئي قال» حدثنا محمد بن زكريًا الغلاي قال» حدثنا 
محمد بن عبد الرحمن عن أبيه قال: كان مزيد يكنى أبا إسحاق» وكانت له نوادرء فبينا هو 
ذات يوم جالسُْ إذ جاء أصحابه فقالوا: يا أبا إسحاق هل لك في الخروج بنا إلى العقيق 
وإلى قباء وإلى أحد ناحية قبور الشهداءء فإن هذا يومٌ كما ترى طيّبُ. فقال: اليوم يوم 
الأربعاء ولست أبرح من منزلي. فقالوا: ما تكره من يوم الأربعاء وفيه ولد يونس بن 
متّى؟ قال: بأني وأمّي صلى الله عليه فقد التقمه الحوت. فقالوا: يوم نصر فيه النبي لَك 
يوم الأحزاب» قال: أجلء» ولكن بعد إذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر. 








جح الجليس الصالح والأنيس الناصح لاحت 


المجلس الرابع والتسعون 
حديث العمل الصالح ينقذ صاحبه 

حائنا المعاى قال» حدئنا محمد بن اكحسن بن علي بن سعيد الترصدي سنة مسن صسمرة 
وثلاشائة قال» حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحرمي قال» حدذثنا عمّار بن نصر المروزي 
رحد بن الحنيد قالاء حدنا عبد الله بن نافع بن ثابت قال» حدثنا ابن أي فلديك عن عبد 
الرحمن بن أبي عبد الله عن سعيد بن المسيّب عن عبد الرحمن بن سمرة قال: حرج علينا 
رسول الله يت ونحن في مسجد المدينة فقال: إثي رأيت البارحة عجباء إي رأيت رجلا 

من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فردٌ عنه» ورأيت رجلاً من 
أمد متي يسلّط عليه عذاب القبر فجاءه وضوءه فاستنقذه» ورأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته 
الشياطين فجاءه ذكر الله تعالى فخلّصه من بينهم» ورأيت رجلاً من متي قد احتوشته 
ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم» ورأيت رجلاً يلبث عطشاً كلما 
ورد حوضاً منع منه فجاءه صيام شهر رمضان فأسقاه وأرواه» ورأيت رجلاً والنبيّون حلقٌ 
كلما جاء إلى حلقة طرد فجاءه اغتساله من الحنابة فأحذ بيده فأقعده إلى جانبي» ورأيت 
رجلا بين يديه ظلمة وخعلقه ظلمة وعن بميته وعن ششاله ومن فوقه ومن شسته ماع نير 
متحير ) فجاءه حجه وعمرته فاستخخرجاه من الظلمة فأدحلاه في النورء ورأيت رجلاً 
يكلّم المؤمنين فلا يكلّمونه فجاءه صلة الرحم فقال: يا معشر المؤمنين كلّموه فإلّه كان 
واصلاً لرحمه» فكلمه المؤمنين وقربوه. ٠‏ ورأيت رجلاً يُتقي وهج النار وشرّها بيده عن 
وجهه؛ فجاءته صدقته فصارت ستراً على وجبه وظلاً على رأسه» ورأيت رجلاً أذته 
الزبانية من كل مكان فجاءه أمره بالمعروف ونبيه عن المنكر فاستنقذاه من أيديهم 
وأدخلاه مع ملائكة الرحمة فصار معهم؛ ورأيت رجلاً جائياً على ركبتيه بينه وبين الله 
حجاب فجاءه حسن خلقه فأحذ بيده فأدخله على الله عنّ وجل. ورأيت رجلاً هوت 
صحيفته قبل شاله فجاءه خوفه من الله تعالى فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه. ورأيت 
رجلاً قد حف ميزانه فجاءته أفراطه فثقلوا ميزانه. ورأيت رجلاً قائماً على شفير جهدّم 
فجاءه وجله من الله تعالى فاستنقذه من ذلك ومضى. ورأيت رجلاً هوى ني الثّار فجاءت 
دموعه التي بكاها من حشية الله في الدنيا فأحرجته من الثار. 

قال القاضي: قد روينا ما تضمّته هذا الخبر من طرق شتّىء بحملاً ومفصلء وما ورد 
في معناه ونحوهء وفيه من الترغيب في الخير وحسن عاقبته» والتحذير من فعل الشر وسوء 
مغبّته» ما يدعو ذوي الألباب إلى الاستكثار من الطاعة وبجحانبة المعصية. فالفاضل الرشيد 
والفائز السّعيد من استكمل خلال الخير وفارق خخصال الشّر. ومن تعلق ببعض الأخلاق 
الحميدة فلن يعدم الانتفاع به وإحماد عاقبته. والبليّة الكبرى والمصيبة العظمى في من عري 





حم .“0 املس الرابع والتسعون ححد 
من شعب الخير كلها ولم يستصحب شيئاً منها. وليحذر المؤمن أن يعرض عن حظه 
ويذهبء وأن يكون ممّن يجدٌّ به ويلعب. ولله تعالى ذكره يوم يخسر فيه المبطلون» 
ويغتبط به الفائزون» وينعم فيه المتقون. فجعلنا الله وإياكم من أوليائه المتّقين وعباده 
المخلصين من الذين لا وف عليهم "ني معادهم" ولا هم يحزنون. 
هوابن عمي لا ابن عمك 
حدثنا أحمد بن محمد بن أني العلاء قال» حذثنا أبو سعيد يعني عبد الله بن شبيب قال» 
حدثني ابن أبي مرة المكي قال» حدثني حالد بن سفيان مولى الصيفي قال: شهدت 
الرشيد وقد رمى جمرة العقبة يوم النحر في بعض حجاته ثم مال إلى المنحر فأتى ببدنة 
فنحرها ثم أتى بأخرى فنحرها ثم أنشد رافعاً صوته: 
إن ابن عمي لابن زيد وإنه لبلآل أيدي حلة الشوك بالدّم 
فصاح به أعراي: يا أمير المؤمنين ذاك ابن عمّي لا ابن عمكء قال: علي بالأعراي؛ 
فأتي به وإنا لنحافه عليه» فقال: ومن أنت؟ قال: رجل من بني سلولء قال: فمن يقول 
هذا الشعر؟ قال: العجير السّلولي قال: أحسنتء أعطوه كذا كذا. 
معاوية واللقمة التي لم تكتب له 
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري أحبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حذئنا إبراهيم بن 
حمزة قال» حدثنا عبد العزيز بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الملك بن 
مروان قال: جلست مع معاوية على غدائه فأخذ لقمة فبيأهاء وأحذ يتحدّث فوضعباء 
فأخذتهاء فعل ذلك مراراً يضعها وآحذها وألقمهاء فسمعته يقول وهو يخطب: إن الرجل 
ليرفع اللقمة إلى فيه يراها من رزق الله له قد كتبها لغيره فيأكلها الذي كتبت له. 
مصقلة يرجف بمرض معاوية 
حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال, حذثنا ابن أني الدنيا قال» حذثنا أبو هشام 
عن أبيه عن محمد بن عبد المطلب بن ربيعة قال: لما مرض معاوية أرجف به مصقلة 
البكري ثم قدم عليه وقد ائل» فأحذ معاوية بيديه فقال: 
أبقى الحوادث من خليلك مثل جندله المراجم 
قد رامني الأقوام قبلك فامتنعت من المظالم 
فقال مصقلة: قد أبقى الله منك يا أمير المؤمنين ما هو أعظم من ذلك: حلماً وكا 
ومرعى لوليك؛ وسمّاً ناقعاً لعدوك» كانت الجاهليّة وأبوك سيّد المشركين» وأصبح الناس 
مسلمين وأنت أمير المؤمنين. 
يوم بؤس ويوم نعيم 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال» أخبرنا عبد الرحمن قال» قال عمّي: سبعت 


جح المليس الصالح والأئيس الناصح سس سس حل حص" , لاد 
يونس يقول: كان المنذر بن ماء السماء جد النعمان بن المنذر ينادمه رجلان من العرب 
حالد بن المفضل وعمرو بن مسعود الأسديان» وهما اللذان عنى الشاعر بقوله: 

ألا بكر الناعي بخيري بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيّد الصمد 

فشرب ليله معهما فراجعاه الكلام فأغضباه فأمر بهما فجعلا في تابوتين ودفنا بظاهر 
الكوفة» فلمًا أصبح سأل عنهما فأخبر بذلك؛ فندم وركب حتى وقف عليهما وأمر ببناء 
الغرّين» وجعل لنفسه يومين» يوم بؤس ويوم نعيم في كل عام» فكان يضع سريره بينهما 
فإذا كان في يوم نعيمه فأوّل من يطلع عليه وهو على سريره يعطيه مائةٌ من الإبل» ابل 
الملوك؛ وأوّل من يطلع عليه يوم بؤسه يعطيه راس ظربان. 

قال القاضي: الظربان داب منتنة الريح. 

ويأمر به فيذبح ويغرَى بدمه الغريان. فلم يزل بذلك ما شاء الله. فبينا هو ذات يوم 
من أيام بؤسه إذ طلع عبيد بن الأبرص» فقال الملك: أو أجل بلغ إناه. قال: أنشدني يا 
عبيد» فقد كان يعجبني شعركء فقال: حال الجريض دون القريضء وبلغ الحزام الطبيين» 


فقال أنشدنىي: 
ْ أقفر من أهله ملحوب فالقطبيات فالدٌّنوب 
فقال: 
أقفر له أهله عبيد فاليوم يبدي ولا يعيد 
عنت له شقوة نكود وحان منه لما ورود 


فقال: أنشدني هبلتك أمك» قال: المنايا على الحواياء فأقل بعض القوم: أنشد الملك 
هباتك أمَكء قال: لا يرحل رحلك من ليس معكء قال له آحر: ما أشدٌ جزعك من 
الموت» فقال: 
لاغرومن عيشة نافله وهل غير ماميتةة واحله 
فأبلغ بن وأعمامهم بأن المنيا هي الراصده 
مهامذدة فنفوس العباد إاليها وإن كرهت قاصله 
فلا تجزعوا لحمامدنا فللموت ما تلد الوالده 

فقال له المنذر: لا بد من الموت» ولو عرض لي أني في يومي هذا لم أجد بدأ من 
ذبحه» فأمًا إذ كنت لما وكانت لك فاحتر من ثلاث خصال: إن شئت من الأكحلء وإن 
شئت من الأبجل» وإن شئت من الوريد. فقال: ثلاث حصال مقادها شر مقاد» وحاديها 
شر ما حاد» ولا خير فيها لمرتاد» فإن كنت لا بد قاتلي فاسقني الخمر حتَّى إذا ذهلت ها 
ذواهلي» وماتت لما مفاصلي» فشأنك وما تريد. فأمر له المنذر بحاجته من الخمر» فلما 


ح . الح سس سس سح املس الرابع والتسعون سد 
أخحذت منه وقرب ليذبح أنشأ يقول: 
وخيّرني ذو البؤس ني يوم بؤسه حصالا أرى ني كلها الموت قد برق 
كما خيّرت عادٌ من الدّهر مره سحائب ما فيها لذي خيرة أنق 
سححائب ريح لم توكل2)0 فتركها إلا كما ليلة الطلق 
فأمر به ففصد فلمًا مات طلي بدمه الغريّان. 
تعليقات وشروح لغوية ونحوية 
قال القاضي: قول الشاعر بخيري بني أسد, والطريق اللاحب في هذا الباب أن يقال 
زيد ير من بني فلان» والزيدان والزيدون خير بني فلاف ولكله ثى في هذا الشعر مبالشة 
في وصف كل منهما واحد منهما بألّه منسوبٌ إليه الفضل» أو لأن كل واحد منهما 
يفضل في معنى يختصٌ به كما قال الشاعر: 
هما سيّدانا يزعمان وإنّما يسوداننا أن سيّرت غنماهما 
فننى لاحتلاف النوعين وافتراق الإضافتين. وني التنزيل: #أنؤمن لبشرين مثلنا» 
(المؤمنون: 57). وقول المنذر لعبيد ألا كان الذبيح غيرك أراد الشيء المذبوح قال الله 
تعالى «إوفديناه بذبح عظيم 4 (الصافات: )٠١1‏ والذبح بفتح الذال المصدر. يقال: 
ذبحت الكبش ذبحاً ومثله الطحن. 
والطّحن. فالطّحن الشيء المطحون والطحن مصدر وكذلك القسم والقسم فالقسم 
بالكسر النصيب والشيء المقسوم؛ والقسم بالفتح مصدر قسمت. وهذا باب تتسع 
فروعه ويطرد قياسه. وقول عبيد: "أتنك بحائن رجلاه" يقال فلان حائن إذا حان هلاكه, 
هذا مثل سائر. وقول المنذر: " أو أجل بلغ إناه" معناه غايته ونهايته» من قولهم قد آن كذا 
وكذاء أي بلغ غايته» قال الله تعالى: #يطوفون بينبا وبين حميم آن4 (الرحمن: 4 4) أي 
قد انتبى حره) ومن ذلك قول الشاعر: 
وتخضب الحية غدرت وخانت بأحمر من نجيع االجوف آن 
وقال الله تعالى: إلى طعام غير ناظرين إناه» (الأحزاب: 07) وفيه لغتان الكسر 
والقصرء والفتح والمذ» وقد قرأ بعض القراء "غير ناظرين إناءه" ومن هذه اللغة قول الشاعر: 
وآنيت العشاء إلى سهيل أو الشعري فطال بي الإناء 
ويروى "وأكريت.. فطال" من الكرى والمعنى واحد. وقد قرا بعض القراء: 
"سرابيلهم من قطرٍ آن" يعني النحاس الذي قد انتهى حرّه» وروى هذا بعض الرواة عن 
عاصم بن أبي النُجود. فأمًا القراءة المستفيضة في الأمة والسائرة بين الأئمة فبي: إمن 
قطران4. وما الجحريض فإنّه معالحة النفس للحروجء وأمًا قول عبيد: "فللموت ما تلد 


حت الجليس الصاح والأنيس الناصح عع 5 7ل ئ9؟79؟]_صبْ] ْؤْل(١؟١-‏ ١١؟س‏ :لي ل 
الوالدة" فقد رويت الأبيات التي هذا منها على غير هذه الألفاظ وفي غير هذه القصّةء 
وأنشدناها لغير عبيد وهي: 
لاي بعد الله رب اله باد والملح ماولدت خالده 
هم المطعمون سديف السُنام والشحم في الليلة البارده 
فإن يكين الموت أفنتاهم فللمسوت ما تلد الوالده 

معنى قوله: "فللموت ما تلد الوالده" إن مآل المولود إلى الموت» ومن هذا قول 
الشاعر: 

وللمنايا ري كل مرضعة وللخراب يجدٌ الناس عمرانا 
وقال آخر: 
لدوا للموت وابنوا للخراب فكلكم يصير إلى ذهاب 

ومن هذا النحو قول الله تعالى: «إفالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزناً4 
(القصص: 8) فهم وإن لم يكن مآل أمرهم معه فيما قصدوه ولا أرادوه بمنزلة من ابتداء 
شيئا التماسا لعاقبته فجاء على تقديره وإرادته. ولمهذا المعنى نظائر في العربية يتعب 
إحصاؤها. والبصريون من النحويّين يسمّون هذه اللأم وان كانت على صورة لام كي 
لام العاقبة ولام الصيرورة؛ لأن عاقبة الشيء المذكورة التهت إلى ما أحبر به وصارت 
إليه» وإن لم يكن مما آثره الفاعل ولا أرادف» ويسمونها أيضاً لام الصيور. وأما الفراء في 
أصحابه الكوفيّين فيذهبون إلى أنها لام كي لما كان المآل لا محالة اتتبى إلى ما اتتهى إليه 
صار بمنزلة ما ابتدى يراد به ما صار إليه؛ ونظيرها أن يسقي الرجل الرجل دواء ليشفيه 
من دائه فيتلف» فيقال سقاه دواء فقتله» وسقاه ليقتله» أي كان بمنزلة من قصد إتلافه وإن 
كارهاً لهذا غير مختار له. ونظير هذا قولهم أردت نفعه فضررته» لا يريدون بهذا أنه قصد 
الإضرار به وإثما أزاد أنه استضر بما أريد نفعه به. ومعنى قول البصريّين والكوفيين في 
هذا متقارب إذا تحقق معناه مصيبٌ في قوله. وهذا باب مستقصى ملختّصُ مستوش فيما 
الفناه من علوم القرآن. وليلة الطلق وليلة القرب من الليالي التي يسرى فيها إلى الماع 
وليس هذا موضع ترتيبها. 

ٍ وهب يقرأ نقش حجر 

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر الأزدي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: 
حدثنا ابن إدريس قال: حذثنا أبو زكريا التيمي قال: بينما سليمان بن عبد الملك في 
المسجد الحرام ! أتي بحجر منقور فطلب من يقرأ فأتي بوهب بن منبه فقرأه فإذا فيه: 
ابن آدم؛ إنْك لو أبصرت قليل ما بقي من أجلك لزهدت في طول أملك» ولرغبت في 


حت“ لمحلس الرابع والتسعون ح 
الزيادة من عملك» ولقصّرت عن حرصك وحيلكء وإنما يلقاك غداً ندمك» لو قد زَلْت 
بك قدمكء» وأسلمك أهلك وحشمكء فبان منك الولد القريب» ورفضك الوالد 
والنسيب» فلا أنت إلى دنياك عائد» ولا في حسناتك زائد» فاعمل ليوم القيامة» قبل . 
الخسرة والتدامة. قال: فبكى سليمان. ‏ - 
والد ذاهل يرثي ابته الوحيد 

. حدثنا أحمد بن العبّاس العسكري قال» حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال» حدئني 
حمنة بن القاسم بن حمزة العلوي قال» حدثني إسحاق بن يعقوب البصري قال: كان لبني 
العباس مولى يقال له الوزير بن عبد ربّه» وكان قد عمّر حتى فقد ماله وولده فلم يبق له 
إلا ابن واحد يقال له إبراهيم» وكان إبراهيم الذي يغذوه ويرفق به» والشيخ شبيةٌ بالوالهء 
فرمى في جنازة ابنه إبراهيم» فأنحذ الحيران في مصلحتهء وإنّه لالس في ناحية بمنزله لا 
يحير شيئا أكبر ظنّهم أنّه لا يفهم ما نزل به من فقد ابنه إبراهيم» حتّى إذا أصلحوا شأنه 
وحملوا سريره» خرج يدرج قدّام الجنازة» فلمًا انتهوا به إلى شفير قبره ضرب يده إلى 
أكفانه ثم أنشأ يقول: 


إني لأصبر من يمشي على ققدم غداة أبقى وإبراهيم في الرجم 


يا من لعين: أبان االله قرتها 
قالوا أطلت الأسى فاربع عليك وهل 
بدلت من فرحي الماضي به ترحاً 
فالله موضع ما أشكو وغايته 
قد ذاقه من به سيت فانبملت 
فقال ما أنا فيك اليوم قائله 


ومن لسمع رماه الله باالصمم. 
بكيت حبي مالمأبكه يدم 


' وعاد عهد أبي إسحاق كالحلم 


وبالإاله من الشيطان معتصمي 
عين النبى عليه سحّة السجم 
وبالإله سداد الفعل والكلم 
وقد بقيت ووجدي ليس بالأمم 


تعصب المأمون للأوائل من الشعراء 
حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال» حدثني عبد الله بن الحسين قال» حدثني النجحدي 


عن إبراهيم بن الحسن بن سهل» قال: كان المأمون يتعصب للأوائل 


من الشعراء ويقول: 


انقضى الشعر مع انقضاء ملك بني أميّة. وكان عمي الفضل يقول له: الأوائل حجة 
وأصول» وهؤلاء أحسن تفريعاً» إلى أن أنشده يوماً عبد الله بن أيُوب التيمي شعراً مذ حه 


فيه فلمًا بلغ قوله: 


وأحسن منه ما أسرٌ وأضمرا 


خس الجليس الصالح والأئيس التاصح بسب سس م , لاج 
يناجي له نفساً تريع بهمة إلى كل معروف وقلباً مطبّرا 
ويخشع إكباراً له كل ناظر 22 ويأى لخوف الله أن يهكبّرا 
طويل نجاد السيف مضطمر الحشا ١‏ طوه طراد الخيل حبّى تحسّرا 
رفل إذاما الم رفل ذيله2 وإن شرت يوماً له الحرب شمرا 
. فقال للفضل: ما بعد هذا مدح, وما أشبه فروع الإحسان بأصوله. 
المجلس الخامس والتسعون 
من حديث المعراج 
أخبرنا القاضي ) بو الفرج المعانى بن زكريا الحريري قال» حدثنا الليث بن محمّد بن 
الليث أبو نصر المروزي قال» حدّثي أبو الحسين صعصعة بن الحسين الرقي الأنصاري 
قال» حدثنا محمد بن عنبسة بن حمّاذ قال» حدثنا أي عن جعفر بن سليمان عن مالك بن: 
دينار عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله #: "لما عرج بي ! إلى السماء بكت الأرض 
من بعدي فنبت الصف من مائهاء فلمًا نا أن رجعت قطر من عرقي على الأرض فنبت وردٌ 
أحمرء ألا من أراد أن يشم رائحتي فليشمٌ الورد الأحمر". 
قال القاضي: اللصف: |الكبر وما أ تى به في هذا الخبر هو اليسير من كثير مما أكرم الله 
عر وجل به نيّه يلك ودل على فضله ورفيع منزلته من ربّهء وهو عليه الصلاة والسلام 
اهل لكل ما أنعم الله تعالى ذكره به عليه» وأسدى له من شريف الكرامة إليه» وما له عنده 
في معاده ودار كرامته أعظم من أن يعبّر عنه الخلق بالسنتهم» وأجسم من أن يخطر 
بقلوهم, فبنيئاً له ما أولاه الله من إنعامه وشريف إكرامه, وجعلنا الله عز وجل ممّن يلقاه 
في معاده) مؤدياً ما الزمه من حقّ شريعته وأنالنا التور والكرامة والسعادة بشفاعته إِنّه 
أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين. وقد روينا معنى هذا الخبر الذي رسمناه هاهنا من طرق 
حضرنا منها هذا فأتينا به. 
الغلام الراعي والجنيون الثلاثة 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال» حدثنا عمي قال» حدثني أبي عن ابن الكلبي 
قال: خرج غلامٌ من مذحجء أحسبه قال: من صدا يرعى غنيمات له فأدركته السماء 
فأوى إلى كهف فأكن غنمه واقتدح ناراً واحتلب لبناً فوغره فإذا ثلاثة نفر قاد وللموا عليه 
الغار سوه فرة تحيتهم وقال: هلمواء وقرّب إليهم غمره بما فيه فأحذه أحدهم فشمّه ثم 
رذه ثم أنشأ يقول: 

يا راعي الضأن اغتنث من مضحكا روى لك الله قفيل نحض كا 
يقال: اغتنث من الإناء شربة أو شربتين إذا جرعت. يقال: جرع ولعق يلعق» 


حخدل للش يس ل ب بسح البمحلس الخامس والتسعون حت 
والقفيل: اليابس» والنحض: اللحم. 
ولا عدمت غبيةَ بأرضكما تعيد غمراً ما انزوى من برضكا 
الغبية: الدفعة من المطرء الغمر: الماء الكثير» الانزواء: التقبضء والبرض: الماء القليل؟ 
قال: ومن الانزواء قول الأعشى: 
يزيد يغض الطرف دوني كأئما زوى بين عينيه على المحاجم 
فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى ولا تلقفي إلا وأنفك راغم 
وروي عن النبي يِه أنه قال: "زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاريها وسيبلغ 
ملك أمتي ما زوي لي منها' 


وقال الثاني: 
يا راعي البهم سقيت ريا ولا تزال تطأ السنٌُميًا 
والسمي: جمع السماءء والمعنى المطر؛ حكي عن العرب: ما زلنا نطأ السماء حتّى 
أتيناكم. 
وسميّها والتابع الوليًا لا تعدم الدهر حيا مرعيًا 


قال القاضي: الوسي: أول مطر الربيع» وقيل: إِنّما سمي وسمياً لأنّه يسم الأرض» 
والولي المطرة تي تلي الوسمي؛ والخنيا: الغيث» مقصور) قال ذو الوم 


حياً لبلاد شيّب امحل أهلهبا 0 
يروي البيت الأول على وجهين لا تستيئسا من اليأس ولا تستبئسا من التباؤس 
والتمسكن. 
وقال الثالث: 
يا ساقي البهم سقاك السسّاقي بكلّ أحوى مفجم غيداق 
حتّى ترى ظواهمر البراق ضاحكة الروض إلى اللإشراق 


قال القاضي: الأحوى: الأحمر الذي يضرب حمرته إلى السوادء والمنجم: المقيم؛ 
يقال: أنجم فهو منجم إذا أقام؛ وغيداق: كثير واسع من قول الله تعالى: «الأسقيناهم ماء 
غدقاً4 (الجن:7١)‏ وغيداق فيعال منه والياء زائدة, والبراق : جمع برقة. فقال الغلام: 

حييتم من فتية أزوال شم الأنوف سادة أقوال 

أقوال يصفهم بالسؤدد والرئاسةءٍ ويقال وأقيال وأقوال لملوك اليمن» وقيل إن القيل 
هو من دون الملك الأعظم, وقيل إن أصله من القول فمن هاهنا قيل أقوال» كأن أصله 
قيّل أي فيعل» والأصل قيول» فقلبت الواو ياءٌ وأدغم الحرف الأوّل في الثاني فصار ياء 
مشددة. وحففوا فقالوا: قيل» ومثله ميت وميّت وأصله ميوت. وكان الفراء يألى أن 





حت الجليس الصالح والأنيس الناصح ات 
يكون في المعتل فيعل كما لم يأت في الصحيح؛ ويزعم أن أصل هذا فعّيل» ولما يحتج به 
ويحتج به مخالفوه مكان هو أولى به» وأكثرهم يقول: قيل وأقيال كما قال عبد المسيح بن 
حنان بن بقيلة: 
00 رسول قيل العجم يسري بالوثئن 
ويجمع القيل أيضا قيولآء ويقولون للمرأة قيلة» وبه سميت قيلة. 
إن القرى يعتدُ للتئرّال فدونكم مدمومة الأوصال 
فأحنذوا من هذه الأجذال 

قال القاضي: أحنذوا معناه اشتوواء من قول الله تعالى: ويعجل حيا» (هود: 59) 
أي محنوذ» ومعناه مشويء وقيل: هو الذي يشوى على الأرض أو فيها ولا يبالغ في 
إنضاجه وانّه من شيء الأعراب» وقيل: هو الذي يشوى على الأرض أو فيها ولا يبالغ في 
إنضاجه وإنه من شيء الأعراب» وقيل: إنه الرطب الذي فيه نداوة ومنه حنذب الفرس 
إذا أجريته ليعرق؛ والأجذال: جمع جذلء ويقال جذال» وهو العود من الخنشب كما قال 


ذو الرمة الشاعر: 

ما كنت في الحرب العوان مغمّراً إذ شب حرٌ وقودها أجذالما 
وقال ذو الرمة: 

يظل بها الحرباء للشمس مائلاً على الجذل إلا أنّه لا يكبّر 
وقال الحباب بن المنذر يوم السقيفة: أنا جذيلها المحككء» هذا معناه. 

تتمة الخبر 
ثم قال شاة ليذبحها فقالوا له: لا تفعل فإنًا لا ناكل منهاء وقال له أحدهم: 
بوركت من حزور در بذال رحب الفناء عرضة النزال 


إن لنا في الأبّد الأهمال 
قال القاضي: الأبد جمع آبد وآبدة» يجمع أيضاً أوابد» وهو الوحشيء يقال: تأبد 
العير إذا تو-ة”. + وهو نقيض تانّس. وروي عن النبي ويك أنّه قال في بعير ند من الغنيمة 
يوم خيبر فرماه رجل من أصحابه بسهم فأئبته: "إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش فما 
غلبكم منها فاصنعوا به هكذا"» وقال الأعشى: 


شبّهته هقلاً يياري هقلة ربداء في حيط تطارد أبّدا 
وقد يقال للربع والمنزل إذا خلا من أهله وأوحش وأقفر قد تأبد» قال الأعشى: 


ويقال: قد أتى فلان بآبدة إذا جاء بكلمة فظيعة أو فعلة موحشة بديعة» وإنّه ليأتي 
بالأوابد. والأهمال ما أهمل ولم يكن له راع. 








جد إن مجلس الخامس والتسعون ح 
أرفي كل نر كجفال 
قال ابن دريد: الأرني: لبن الظباعء قال القاضي: وقوله: ثرة غزيرة) ويروي بيت 
عنترة : 1 


وقوله: كجفال: أي كبيرة تمه أُسعتهاء ومن هاهنا قيل: فلان يدعو الحفلى أي يعم 
بعوته) وإذا حص ولم يعم قيل: دعا التُقرى» قال طرفة: 


نحن في المشتاة ندعو الحفلى لا ترى الأدب فينا يتتنقر 
وقال الآخر: 00 ٠‏ 
نا سنجزيك جزاءً جزلاً فقد برعت كرما وبالاً 
إن بأقصى ذا الكبيف مجلا ش فاختف منه جنباً مبتلاً 
تلقى غنىّ يطرد عنك الأزلا 


قال القاضي: الجهل: الشيء المخبوء الكثير» وقوله: فاحتف منه جانباً مبتلاً: أي 
اكتشفه وأظهره؛ يقال: احتفى فلان كذا إذا أظهره بعد استتارى ومثله خفا وحفيت 
الشيء أظهرتهء وأخفيته سترته. وروي أن النبي َه لعن المختفي والمختفية يعني النبّاش 
والنئاشة. وقد ذكرت من وجوه هذا الباب وتصريفه في بعض أوائل مجالسنا هذه وفيما 
رسمناه من علوم القرآن ما يغني عن إعادته في هذا المكان. وقوله يطرد عنك الأزل بفتح 
الهمزة الفاقة والفقر والإضاقة» فأما الإزل بكسر الهمزة فالكذب: قال الشاعر: 


يقولون إزل حب ليلى وذكرها وقد كذبوا ما ني موةتها إزل 
ومن الأزل بمعنى الضيق قول زهير: 
تجدهم على خيّلتهمم إزاءها وإن أفسد المال الجماعات والأزل 


يروى هم إزاءها وعلى أن تجعل في موضع اسم مرفوع؛ إلا أنه نصب على الظرف» 
واستقام فيه الوجهان كخلف وإمامء قال لبيد: ش' 
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخحافة خحلفها وأمامهبا 
وهذا من الباب الذي أتى على السعةء قال الله تعالى: بل مكر الليل والنبار» 
(سبأ:5) وإذا جعل إزاؤها بمعنى المختص بالاسمية دون الظرف» وجعل مكانه اسم 
محض لا يكون ظرفاً وكان على أفعل أو فيه لام والف اتجه فيه وجهان من الإعراب: 
الرفع على أنّه حبر الابتداء الذي هو هم وهي لغة أهل نجد وبني ميم» والنصب على أنه 
مفعول 'تجدهم" الثاني؛ ويكون هم فصلء وهذه عبارة البصريين من النحويين» فأمًا 
كوفيُوهم فيسمّونها العماد» وكل ما أتى في القرآن من هذا الباب فهو منصوب في قراءتنا 
ورسم مصاحفناء وقد حكي رفعه في قراءة ابن مسعود ورسم مصحفه ففي قراءتنا: 


اح الجليس الصالح والأنيس الناصح عبس سس سيبس يي يده ١‏ أ لاد 
«ولكن كانوا هم الظالمين4 (الزحرف: 75) وفي ما روي عن عبد الله: "ولكن كانوا 
هم الظالمون". ومما في الشعر نصبا قول الشاعر: 


وجدنا آل مرَّة حين خافوا جريرتنا هم الأنف الكراما ش 
ومن المرفوع قول الآخر: 
أجدّك لن “رال نجي تيم تبيت الليل أنت له ضجيع 
وفيما ألفناه من علوم القرآن استقصاء هذا الباب بحججه وشواهده. 
فال الثالث: 
إذا احتفرت منكباً فلجّف من عن يمين الخلد الخصوصف 
ثم اعتقم قيد الذراع واكشف عن مثل رأس الكودن المقرّف 


وئق بعيش غمره لم ينزف 
فخرجوا عنه فقام الغلام ! إلى حيث وصفوا وحفر كما أمرواء فاستخرج صنماً كرأس 
الكودن من ذهب له عينان من جوهر أحمر» فأصبح الغلام والله أكثر أهل الحواء مالا 


قال القاضي: قوله: فلجّف أي بالغ وأعمق» كما قال الشاعر: 
يحجّ مأمومة في قعرها لحف فاست الطبيب عليها كالمغاريد 


والجلد المحصوصف من الأرض: الصّلب الحدد. وقوله "ثم اعتقم قيد الذراع" أي 
ذلله بحفرك إيّاه بعد أن كان في استصعابه بمنزلة العقيم الذي لا يفتح لشذته» وقيد 
الذراع: قدره ومقياسه ويقال قيد وقدىّ كما قال الشاعر: 
وإني إذا ما الموت لم يك دونه قدى الشبر أ حنى الأنف أن أتأخرا 
ومنه قاب» قال الله تعالى : لفكان قاب قوسين أو أدي» (النجم: 8). وقد بيّنا ما في 
هذه الكلمة من اللغات في غير هذا الموضع. والكوادن: المقاريف من الخيل» وكذلك 
الهجين منهاء تقصّر ني كرمها وفضلها عن عتاقهاء ورؤوسها أعظم من رؤوس العتاق) 
فلذلك شبّه به الشاعر ما شبّه. وقيل في قوله في أوّل الخبر " واحتلب لبنا فوغره" أنه أسخنه 
وأودعه إناءه» وأنّه أشار بقوله: إن بأقصى ذا الكبيف هجلاً إلى كثرة ما أوميئع به إليه. 
قال القاضي رحمه الله: قوله هلموا جاء على اللغة النجدية» وقد بينا في مجالس قبل هذا 
ما في هلم من اللغات بما يغني عن ع إعادته. وقوله مدمومة الأوصال إشارة إلى الشاة التي 
أمرهم بشيها. وقوله: ' 'وقرب إليهم غمره" الغمر: القدح الصغير كما قال الشاعر: 
يكفيه حزّة فلذ إن ألم بها من الشواء ويروي شربه الغمر 
أبو اليتبغي وال مأمون 





حاف املس السنادس والتسعون حت 
الينبغي يحمّق» وكان أحد الدواهي واحان» وكان يتكسّب بالحمق» فلما قتل محمد بن 
زبيدة وصار الأمر إلى المأمون ذكر له أبو الينبغي فأمر بإحضاره؛ فلما دخل عليه وسلّم 
أمره بالجلوس فجلسء فقال له بعض الجلساء: قم فأنشد أ مير المؤمنين» فقال: يا رقيع» 
أمير المؤسن يقول لي: اجلس وأنت تقول لي قم. فقال المأمون: بل اجلس وأنشدء 





فقال: نعم يا أمير المؤمنين» وأنشأ يقول: 
كنتم أنتم ثلاثة كلكم نسل الملوك 
ذهب الموت بواحد ما أرى ذاك يسوك 


فقال المأمون: اغرب قبحك الله وأمر به فأحرجء ثم قال: لا والله ما ينبغي أن تخيبه 
فقد قال على جنونه شبيهاً بالحق» ولا والله أعطوه عشرة آلاف فقبضها وانصرف. وهو 
يقول: شبيه بالحق» لا والله إلا الحق كله. 

سيل باليمن يكشف عن جثمان شخص 

حدننا محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثني أني قال: حدثنا أحمد بن عبيد عن 
المدائني قال؛ قال عبد الملك بن عمير عن رجل من أهل اليمن قال: أقبل سيل باليمن في 
ولاية أبي بكر رضي الله عنه فأبرز لنا عن باب البلق» وهو الرحام؛ فظننا كنزاء فكتبنا إلى 
أي بكر رضي الله عنه نعلمه ذاك» فكتب إلينا لا تحركوه حتى يقدم عليكم أمناء من 
قبلي. قال: فلما قدم أمناؤه فتحناه فإذا نحن برجل على سرير طوله سبع عشرة ذراعاً 
وعليه سبعون حلة منسوجة بالذهب, وني يده اليمنى لوح وفي يده اليسرى محجنء وفي 
اللوح مكتوب ما هذه ترجمته: 

إذا حا الأمير وكاتبه وقاضي الأرض داهن في القضاء 
فويل مويل مويل لقاضي الأرض من قاضي السماء 

:قال: وإذا عند رأسه سيف أشدّ حضرةً من البقلة) وعلى السيف مكتوب: هذا سيف 
هود بن عاد بن إرم. 6 

المجلس السادس والتسعون 
حديث اتزن وأرجح 

حدننا المعانى قال» حدثنا أبي رضي الله عنه قال» حدثنا أبو محمد محمود بن محمد 
المروزي الوراق قال» حدثنا علي بن حجر بن أناس السعدي قال» حدئنا أبو سفيان بن 
زياد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم؛ عن الأعراني مسلم, عن أبي هريرة قال: دخحلت مع 
رسول الله ييه االسوق» قال: فقعد إلى البزازين فاشترى سراويل بأربعة دراهم» قال: وكان 
لأهل السوق رجل يزن ب: بينهم الدراهم يقال له فلان الوزان» فدعا به ليتزن شمن السراويل؛ 
فقال النبي #: "اتزن وأرجح" قال فقال الرجل: إن هذا القول ما سمعته من أحد فمن 


حت الجليس الصالح والأنيس التاصح بسح خح حت | لاد 
أنت" قال أبو هريرة » فقلت: حسبك من الرهق وكفاً في دينك ألا تعرف نبيك؛ هذا 
رسول الله يخ فأقبل الرجل على يد النبي يك ليقبلهاء فمنعه رسول الله ل وقال: "مه إنما 
يفعل هذا الأعاجم بملوكهاء وإني لست بملكء أنا رجل منكم". قال: فقعد الورّان فاتزن 
وأرجح كما أمره رسول الله يَت. فلما انصرفنا تناولت السراويل لأحملها عنه فمنعني وقال: 
"صاحب الشيء أحقّ بحمله إلا أن يكون ضعيفاً عنه فيعينه أخوه المسلم". قلت: يا رسول 
الله إنك لتلبس السراويل قال: نعم في السفر والحضر والليل والنهار» قال أبو سفيان: 
وشككت في قوله "ومع أهلي" إني أمرت بالتستر فلم أجد ثوباً أستر من السراويل. 
شرح وإعراب 

قال القاضي: قول أبي هريرة للوزان: "حسبك من الرهق" يعني المجوم على الباطل» 
والمبادرة إلى غشيان الشرّ والإسراع إلى تقحمه. ومنه قوله جل اسه: إفزادوهم رهقا» 
(الحن: 7) وقوله: لإفلا يخاف بخساً ولا رهقأ4 (الحن: )١١‏ وقوله «إولا يرهق 
وجوهبهم قتر4 (يونس: 55). وقول أني هريرة: إحسبك من الرهق وكفا في ديبك4© 
الوكف: العيب» قال الشاعر: 

الحافظو عورة العشيرة لا يأتيهم من ورائهم وكف 

نصب العورة لأنه أراد الحافظون العورة من الوكف» ومثله الفارجو باب الأمر المبهم. 
وقد روي عن الأعمش أنه قرأ "إنا مرسلو الناقة" وقرأ عمارة بن عقيل: #ولا الليل سابق 
النبار» (يس:٠‏ 5) وهذا الفصل باب من أبواب النحو واسع وفروعه ومسائله وشواهده 
ودلائله كثيرة» ولا موضع غير هذا هي مشروحة فيه» ويسميه البصريون من اللغويين باب 
الصفة المشبهة باسم الفاعل. وسراويل في الأصل اسم أعجمي أشبه من كلام العرب ما لا 
ينصرف» وهي بالفارسية شروال فبنتها العرب على ما ينصرف من كلامهاء فإذا صعّرتها 
صرفتها إلا أن يكون اسم رجل. وفي هذا الخبر ما دل على أن السراويل من الملابس 
المختارة» فينبغي لكل ذي دين وفطرة سوية من المسلمين أن يجعل السراويل من أمثلة 
لبوسه للأثر الوارد فيه ولأنْ فيه من ستر العورات والإدفاء من القرّ ني السيرات ما ليس في 
غيره. 

سراويل قيس 

حدثنا أحمد بن محمد بن أني العلاء الأضاحي قال» حدثنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب 
قال» حدثني يعقوب بن إبراهيم الدروقي قال» حدثبي أبو ميلة يحيى بن واضح قال» 
أخبرني رجل من ولد الحارث بن الصمة يكنى أبا عثمان قال: بعث قيصر إلى معاوية بن 
أبي سفيان أن ابعث إلي سراويل أطول رجل من العرب؛ فقال لقيس بن سعد: ما أظننا إلا 
قد احتجنا إلى سراويلك» قال: فتنحّى فجاء بها فألقاها إلى معاوية» فقال معاوية: يرحمك 


د ١‏ لاس حت ال مجلس السادس والتسعون د 
الله ما أردت إلى هذا؛ ألا ذهبت إلى منزلك ثم بعت بها إلينا؟ فقال قيس: 
أردت لكيما يعلم الناس أنها سسراويل قيس والوفود شهود 
وألا يقولوا غاب قيس وهذه سراويل عادي سته لمود 
وإني من الحسي اليمانين سيد وما الناس إلا سيدٌ ومسود 
فكدهم بمثلي ان مثلي علييم شديدٌ وخلقي في الرجال مديد 

قال: فأمر معاوية أطول رجل في الجيش فوضعها على أنفه فوقعت بالأرض. قال: 
فدعا معاوية بسراويل» فلما جيء بها قال له قيس: نح عنك ثيابك هذه فقال معاوية: 

واليثربيون أصحاب التباين أماقريش فأقوامٌ مسرولة 
فقال قيس: 
تلك اليهود التي تعني ببلدتتنا كما قريش هم أهل السخاخين 
رواية أخرى للخبر السابق 

وقد روي لنا هذا الخبر من وجوه وهذا الذي حضرنا منهاء وجاء من طريق آخر 

وفيه زيادة وحالاف في سياقته ون ماده وألفاظه. فمن تام ما روي فيها أن قيصر 
كتب إلى معاوية: إني قد وجهت ِ ليك برجلين: أحدهما أقوى رجل ببلادي» والآخر 

أطول في أرضي» وقد كانت 58 تتجارى في مثل هذا وتتحاجى به» فأخرج إليهما 
وأسارى المسلمين كذا وكذاء وإن غلب صاحباي هادتني ثلاث سنين. فلما ورد كتاب 
قيصر على معاوية أهمه وشاور فيه أصحابه. فقيل له: أما الأيد فادع لمناهضته إما 
محمد بن الحنفية وإما عبد الله بن الزبير» فقال: إذا كان الأمر هكذا فالمنافي أحب إلينا» 
فأحضر محمد بن علي والأيد الرومي حاضرء فأخبره بما دعاه له. فقال محمد للرومي: ما 
تشاءء» فقال: يجلس كل واحد منا ويدفع يده إلى صاحبه فمن قلع صاحبه من موضعه أو 
رفعه عن مكانه فقد فلج عليه» ومن عجز عن ذلك وقهر صاحبه قضي بالغلبة له» فقال 
محمد: هذا فجعل يمارسه ويجتهد في إزالته عن موضعه فلم يتحرك محمد وظهر عجز 
الرومي لمن حضر. فقال له محمد: اجلس الآن2 فجلس وأحذ بيده فما لبث أن اقتلعه 
ورفعه في المواء ثم ألقاه على الأرض. فسر معاوية وحاضروه من المسامين. وقال معاوية 
لقيس بن سعد والرومي الطوال: تطاولاء فقال قيس: أ نا نا أخلع سراويلي ويليسها هذا 
لحني فإن ما بيضا بيين الت م خلع سراويلة وألقاها ! ا »؛ فبلغت تديبه 
تبذلت بين يدي معاوية و كنت ميت إل متزلك بعلت بالسراو ل لي ا 


- الجليس الصالح والأنيس الناصح جسسس س7 ا 8 ١‏ /لاحت 
أردت لكيما يعلم التاس أنها سراويل قيس والوفود شهود 


وألا يقولوا غاب قيس وهذه 2 سراويل عاديي هته ثلمود 

وإني من القوم اليممانين سيد وما الناس إلا سيد ومسود 

وفضّلني في الناس أصلي ووالدي وباعٌ به أعلو الرجال مديد 
مدح بما يشبه الذم 


حدثنا محمد بن الحسسين بن دريد قال» أخبرنا أبو حاتم عن أني عبيدة قال: وفد عبيد 
الله بن زياد بن ظبيان من بني عابس بن مالك على عتّاب بن ورقاء التيمي فأعطاه عشرين 
ألفا» فلما أراد توديعه قال له: والله ما أحسنت فأمذدحك ولا أسأت فأهجوك, وإنك 
لأقرب البعداء وأحبُ البغضاء. 

بين ابن عباس ومعاوية 

حدثنا إبراهيم بن سعيد قال» حدثني أ مير المؤمنين الرشيد قال» حدئني أمير المؤمنين 
المهبدي قال» حدثني أمير المؤمنين المنصور قال» حدثني أني عن عكرمة قال: لما قدم 
معاوية الحجاز دحل عليه أبوك عبد الله بن عباس فسلّم عليه فقال له معاوية: الله أعلم 
حيث يجعل رسالاته» فقال له أبوك: الحمد لله الذي أنطقك يا معاوية بالحق» وعرّفك 

حقنا وفضلناء وأنا أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. فقال له 
معاوية: فكيف رأيت الله عز وجل حيث حرمكم هذا الأمر الذي عرضتم له أكتافكم؟ 
فقال له أبوك: إنه كان من عزائم قدرة الله ما يذودنا عن الدنيا وموارد الحلكة أن قال: 
«إقل متاع الدنيا قليل والآخرة خيرٌ لمن اتّقى ولا تظلمون فتيلاً4 (النساء: 1)؛ 
فوالله يا معاوية لولا طاعة الله لما قدرت أن تغرف بدلوك ني طويّ شد عليه هاشم رشاء؛ 
عمن يرى أن له الفضل؟! ثم نفض ثوبه ليخرج فجذبه معاوية وقال: يا ابن عباس عندي 
توب من عصب اليمن وتوبان من : نسج العجم فأهديهما إليك. فلبسهما أبوك وغدا عليه 
فيهما فقال الشاعر في ذلك: 
إن الثياب بآل هاشم زينة تزهو ويضعف حسنها في المشهد 
وبنو أمية في الثياب تراهم شبه القرود أذْلَةَ في المحتد 

هاشم. فقريش. باهلة... هل تصرف 

قال القاضي: لم يصرف هذا الشاعر "هاشاً" في شعره. أراد القبيلة» ولو أراد الحي أو 

اسم الأب لصرفه» وإن لم يصرف مع هذه النية لم يصب - في قول الخليل وسيبويه 


-1١١احسسس‏ ب كك سس بست الحلس السادس والتسعون حت 
وجمهور البصريين - لأن الشاعر له أن يصرف في الشعر ما لا ينصرف في الكلام» وليس 
له ترك صرف المنصرف. وكان الأحفش يجيز ذلك وهو مذهب الكوفيين» وقد 
استشهدوا بأشياء وردت عليهم فيهاء وليس هذا موضع استقصاء هذا الباب لكنا آثرنا 
ذكر جملة منه يقف بها ذو الفهم على الأصل فيه؛ ويجري عليه قياس باقيه. والذين أبوا 
ترك صرف ما لا ينصرف في الشعر يعتلون بأنْ الشاعر إذا اضطر إلى ما يتدكب في منثور 
الكلام رجع إلى أصله وليس له مفارقة الأصل وهدمه؛ والأصل في الأسماء الصرف» فإذا 
عرض في شيء منها ما يمنع منه استجيز في الشعر كون الصرف حملاً على الأصل. فأما 
ترك صرف المصروف فنقض ما بني الكلام عليه في أصله. 

والذين أجازوا هذا تعلقوا بأبيات أنشدوها على هذا الوجه الذي عابهم عليه به 
مخالفوهم. وقد دفع الأولون ما رووه عنهم وأنشدوا كثيراً منه على حلاف إنشادهم. فأمًا 
وجه ترك صرف هاشم في البيت الذي أتى في هذا الخبر ونظيره من الأسماء فلأنه ذهب به 
مذهب القبيلة دون اسم الرجل» ودون حمله على أن اسم الحي. وإن مثل هذا في الشعر 
كثير. وهذا كقولهم حضرت قريش ومعدٌ وثقيف وما لا يقال فيه بنو فلان» ألا ترى أنه 
لا يقال بنو قريش ولا بنو ثقيف. وقال الشاعر: 


غلب المساميح الوليد سماحة وكفى قريش المعضلات وسادها 
وقال آخر: 
بكى الخخرٌ من روح وأنكر جلده وعجّت عجيجاً من جذام المطارف 
وقال الأعشى: 

ولسنا إذا عد الحصا بأقلة وإن معد اليوم مود دليلها 


ومثله باهلة» وهو اسم امرأة لا يقال فيه بنو باهلة إلا أنه لا يصرف وإن جعل اسم 
الحي من أجل التأنيث. ونظير ما وصفنا سبأ قد صرف وترك صرفه» واختلف القراء فيه 
فصرفه بعضهم ولم يصرفه بعضهمء وأجراه بعضهم على مذهب الحكاية» وروي فروة - 
صوابه فروة بن مسسيك الغطفاني - عن النبي طق أنه سأل عن سبأ أهو اسم أرض أم امرأة) 
فقال: ليس بأرض ولا امرأة ولكنه رجل ولد عشرة فتيامن منهم أربعة وتشاءم ستة. وقد 
أتى في العربية مصروفاً وغير مصروف قال النابغة: 

من سبأ الحاضرين مأرب إذ يبنون من دون سيله العرما 

ولم يذكر شيئاً مما جاء منه مصروفاً في الشعر إذ لا حجّة فيه من أجل جواز صرف 
ما ينصرف فيه. وبيت النابغة هذا يشهد لقول من:قال: العرم المسنّاة أو البناء» ونصبه 
العرم بالفعل الذي هو يبنون كأنه قال: يبنون العرم من دون سيله. وقصة مأرب والعرم 
من مشهور القصص»ء» قال الأعشى: 








ح الجليس الصالح والأنيس الناصح /االات 
ففي ذاك للمؤتسي أسوة ومأرب قفى عليها العرم 
أهجر غانية أن تلهِم أم الجبل واه بها منبجحذم 
أم الصّبر أحجى فإن امرءاً سينفعه علمه إن علم 


وذكر بعد هذا أبياتاً تشتمل على جملة من بنائهم. وقد اختلف في معنى العرم فقيل هو 
البناء» وقيل هو المسناة بلغة أهل اليمن» وقد قال الأعشى ني ذلك: 
رخامٌ بنته هم حمير إذا جاء دفاعه لم يرم 
وقد يروى: إذا جاء ماؤهم. وقيل العرم الفارة وأنها رقت من المسناة موضعاً فاتسع 
وصار نبعاً مفسداً بلغة أهل اليمن؛ وقال الأعشى في ذلك: 
سعى جرد فييم ليلة فخان بهم جارف منهدم 
ومما يضارع هذا الباب في بعض فصوله ما أتى من ذكر أسماء الأمم ذوي الملل 
المختلفين في الآراء والنحل كاجحوس واليهود» قال الشاعر: 


أصاح ترى بريقاً هب وهنا كنار بجوس تستعر استعارا 
وقال آخر: 

فزت يهود وأسلمت جيرانها صمي لما فعلت يهود صمام 
فلم يصرف يهود على ما بيننا. وقالت امرأة من الأنصار: 

تحرج الصوم حامداً محمودا رحل الصوم حامداً محمودا 


دحل الشر في بيوت يهودا 
وقال كعب بن مالك الأنصاري يؤنب العباس بن مرداس السلمي في مدحه قريظة 
وبكائه عليهم» ويشير إلى أن مدحه الأنصار كان أولى به: 
أولئك أولى من يهود بمدحة إذا أنت يوماً قلتها لم تونب 
ونظير هذا شود وكلامنا فيه مستقصىٌ فيما ألفناه من علوم القرآن وذكر من صرفه 
يك 
وهو واسع جداً وإنما نذكر من هذه الأنواع ما يدعو الناظر في كتابنا إلى التبغي في طلبه 
والحرص على استفادته» وقد تركت الإطالة بشرحه في غير موضعه. 
المجلس السابع والتسعون 
لا يدخل قلب امرئ الإيمان حتى يحبكم 
حدثنا محمد بن يحيى بن هارون أبو جعفر الإسكائي المعروف بابن شوطا قال» حدثنا 
إسحاق بن شاهين قال» حدثنا خالد بن عبد الله الطحان عن يزيد يعني ابن أبي زياد عن 
عبد الله بن الحارث عن عبد المطلب بن ربيعة قال: كنت جالساً عند النبي يك فدحل 





املس السابع والتسعون ست 
عليه العباس وهو مغضب فقال: ايا رسول الله ما بال قريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه 
مستبشرة» فإذا لقونا لقونا بغير ذلك؟ قال: فغضب الب ف حتى احم وجهه ققال: "لا "لا 
يدحل قلب امرئ الإيمان حتى يحبكم لله ورسوله". | ش 

قال القاضي: وإن مودة النبي َه في أقاربه وإحلاص الموالاة لآله من أركان الملة 
وخالص الشريعة» وإن من انحرف عن هذا وزاغ عنه وصدف عن التديّن به متقرباً باعتقاده 
لى الله ورسوله فقد حسر الدنيا والآحرة «إذلك هو الخسران المبين» (الحج: .)١١‏ 

أبو الأسود الدئلي وبنو قشير 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال» أخبرنا أبر حام عن أي عبيدة قال: كان أبو 
الأسود ينزل في بني قشير» وكانوا عثمانية» وكان أبو الأسود علوي الرأي» وكان بنو 
فشير يسيئون جواره ويؤذونه ويرجمونه بالليل» فعاتبهم على ذلك فقالوا: ما رجمناك 
ولكن الله رجمك» قال: كذبتم لأنكم إذا رجمتموني أحطأتموني ولو رجمني الله لما أمطأني. 


حدم ذلا 





ثم انتقل عنهم إلى هذيل وقال فيهم: 
شتموا علياً ثم لم ازجرهم عنه وقلت مقالة المتَوده 
الله يعلم أن حي صادقٌ لبني النبي وللإمام المبتدي 
قال القاضي رحمه الله: وقد روي لنا من طريق آخخر أن أبا الأسود قال في. هذا المعنى 
وني بني قشير: 


يقول الأرذلون بنو قشير 02 طول الدهر ماتتسى عليا 
بنوعمالشبي وأقريوه ١‏ أحبب الناس كله وإليًا 


أحبُ محمداً حباً شديداً وعباساً وحمزة والوصليا 
فإند يك حبهم رشداً أصبه ولست بمخطلئ إن كان غيا 
أو متى تيد الشك 

ويقال إن معاوية قال له لما أنشد هذا البيت: قد شككتء فقال: ما شككتء قال 
الله عز وجل: لإوإنا أو إياكم لعلى هدئى أو في ضلال مبين» (سبا: 4؟) أفبذا شك؟. 
والذي احتج به أبو الأسود بين الصحة, والإنسان يقول مثل هذا على المناصفة وتحسين 
المخاطبة والإرهاص لتمكين الحجة ونفي الشبهة وملاينة الخصم, فإنها مما قد تعطفه إلى 
: المقاربة» وتثنيه عن اللدد والمشاغبة. وقد يقول. الرجل لمن ركب معه البهت في مناظرته 
والمكابرة في. منازعته: قد زعمت أنه إذا جمع بين النار والقطن أنه لا يحترق القطن» فنحن 
نجمع بينهما فننظر أيحترق أم لاء فإن لم يحترق فالقول ما قلت» وإن احترق فالقول فيه 
على ما قلنا. وقائل هذا ليس يحتاج بجمعه بين هذين الشيثين إلى علم شيء جهله ولا 








حت الجليس الصالح والأنيس الناصح اح 
دفع شك عرض له؛ ولكنه لاستظهاره قصد حسم شغب خصمه. وردّه إلى الحق عن 
باطله. قال الله تعالى ذكره لنبيه © #أم يقولون أفتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من 
الله شيئاً» (الأحقاف: 8) وقال عر اسه إأم يقولون أفتراه قل إن افتريته فعلي 
إجرامي وأنا بري مما تجرمون# (هود: ه*) وقال جل ثناؤه في قصة يوسف الكلككا #إن 
كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين. وإن كان قميصه قد من دبرٍ 
فكذبت وهو من الصّادقينَ4 (يوسف: 77-75). ألا ترى إلى المساواة في الشرطون 
وجوابهماء وإلى الحكمة والمبالغة في التفقه وجميل المحاورة» والتبدية بذكر المبطلة وتقددم 
الإخبار عن تصديقها إن كانت لما الحجة» وهذا باب واسع. وقد قال قائلون إن قوله أو 
إياكم بمعنى وإياكم» وزعموا أن أو بمعنى الواو» فادّعوا مثل هذا في مواضع من القرآن 
كثيرة» كقوله تعالى: «مثلهم كمثل الذي استوقد نارأ» (البقرة: )1١0‏ ثم قال: أو 
كصيّب من السّماء» (البقرة: 9) وكقوله: «إفبي كالحجارة أو أشل قسوةة» (البقرة: 
4 وقوله تعالى: «إوأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون4 («الصافات: )١417‏ وقوله 
تعالى: «إفلا تطع منهم آشاً أو كفوراً4 (الإنسان: 4؟) وزعموا أن أو قد تأتي بمعنى 
الواو» واستشهدوا بقول الشاعر: 


فلو كان البكاء يردٌ شيئاً بكيت على بجير أو عفاق 
على المرءين إذ مضيا جميعا لشأنهما بشجو واشتياق 
المعنى على بحير وعفاق» واستدلوا على هذا بقوله: "على المُؤمنين"؛ ومثله قول 
جرير: ٍ 
نال الخلافة أو كانت له قدرا كما أتى ربه موسى على قدر 


وألى محققة النحويين هذه الطريقة» وتأولوا كل شيع مما أتى هؤلاء به وتلوه 
واستشهدوا به ورووه على حلاف تأويلهم. وإما أوقع الذين زعموا أن "أو" تكون بمعنى 
الواو فيما ذهبوا إليه من حلاف القياس المميّز بين الألفاظ المختلفة لمعاني في أصوهاء 
وإنما تقاربت في بعض وجوههاء وجودهم الفاظاً اشتببت عليهم لتقاريهاء فخلطوا بعضها 
يعض» ولم ينعموا النظر فيهاء فيحصّلوا تمييزهاء ويبقوا على ما يختص به كل نوع منهاء 
ويتبينوا أو جه تقارمها وعلة اشتراكها وتداحاهاة وذلك كقرخم: اجاس في السوق أو 
الشحمء والتمر أو الزبيب» والأطب أو العدنب. وهذا باب يسمى باب الإباحة وليس من 
باب الشك وتخير أحد المذكورين وحظر الجمع بينهما. فلمًا لم يحكموا معاني هذا النوع 
على حقيقتهاء وأغفلوا ملاحظة تفصيلها وهييزها ذهبوا عن وجه الصواب فيها فيها. ولتفصيل 
ما يشتمل هذا الباب عليه وشرح علله واستيفاء شعبه وأقسامه موضحٌ هو أخصٌ به. 





سحا »07 





ا مجلس السابع والتسعون حت 
| المتصور وواعظ منافق 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال» حدثنا أبو الفضل الربعي قال» حدئني أي 
قال: بينا المنصور ذات يوم يخطب وقد علا بكاؤه إذ قام رجل فقال يا وصّاف تأمر يما 
تجتنبه» وتنهبى عما ترتكبه بنفسك فابدأ ثم بالناس. 

فنظر إليه المنصور وتأمّله ملي وقطع الخطبة ثم قال: يا عبد الحبارء حذه إليك. فأحذه 
عبد الجبار» رعاد لى خطته حتى أتنها وقضى الصلاق ثم دل ودعا بيد امار فقال له: 
ما فعل الرجل؟ قال: محبون عندنا يا أ مير المؤمنين قال: أمل له ثم عرّض له بالدّنيا فإن 
صدف عنها وقلاها فلعمري [إ نه لمريد» وإن كان كلامه ليقع موقعاً حسناً؛ وإن مال إلى 
الدنيا ورغب فيها إن لي فيه أدباً يزعه عن الوثوب على الخلفاء وطلب الدنيا بعمل 
الآخرة. فخرج عبد الحبار فدعا بالرجل وقد دعا بغدائه فقال له: ما حملك على ما 
صنمسة ك1 حق كان لله في عنقي أت إلى خخليفته؛ قال: ادن فكل من هذا عليك من 
أكل الطعام إن مير المؤمنين» قال: لا حاجة لي فيه» قال: وما عليك من أكل الطعام إن 
كا ييل حسنة فلا داك عنها شوم دن ل ل 0 
دعاه وقال: لمي عنك أمير المؤمنين وأنت محبوس» فهل لك في جارية تؤنسك وتسكن 
إليها؟ قال: ما أكره ذلكء؛ فأعطاه جارية ثم أرسل إليه: هذا الطعام قد أكلت والحارية قد 
قبلت» فهل لك في ثياب تكتسيها وتكسو عيالك إن كان لك عيال ونفقة تستعين بها على 
أمرك إلى أن يدعو بك أمير المؤمنين؟ قال: ما أكره ذلك» فأعطاه. ثم قال له: ما عليك أن 
تصنع خلة تبلغ بها الوسيلة من أمير المؤمنين إن أردت الوسيلة عنده إذا ذكرك؟ قال: وما 
هي؟ قال: أوليك الحسبة والمظالم افتكون أحد عماله تأمر بمعروف وتنهبى عن منكر» 
قال: ما أكره ذلك؛ فولأه الذي تكلم ؛ بما تكلّم به فأمرت بحبسه قد أكل من طعام أمير 
المؤمنين» ولبس من ثيابه» وعان في نعمته. 

قال القاضي: الصواب عندي وعاش في نعمته. 

وصار أحد ولاته) وإن أحب أمير المؤمنئين أن أدحله عليه في زي الشيعة فعلت» قال: 
أدخله. فخرج عبد الحبار إلى الرجل فقال: قد دعا بك أمير المؤمنين وقد أعلمته أنك 
أحد عمّاله على المظالم والحسبة) فادحل عليه ني الزي الذي يحب. فألبسه قباء بأربند 
وعلّق خنجراً في وسطه وسيفاً بمعاليق» وأسبل جسّه» ودخحل فقال: السنّلام عليك يا أمير 
المؤمئين ورحمة الله » فقال: وعليكء الست القائم بنا والراعظ انا ومذكرت ايم الله عل 
رؤوس الملأ؟! قال: نعم؛ قال: فكيف حلت عن مذهبك؟ قال: يا أ مير المؤمنين فككرت 
في أمري فإذا أنا قد أحطأت فيما تكلمت به ورأيتني مصيباً في مشاركة ) مير المؤمنين في 
أمانته. فقال: هيهات» أخطأت استك الحفرة» هبناك يوم أعلنت الكلام» وظننًا أنك 


د الجليس الصالح والأنيس الناصح سسبب سس بر اش ١ ١‏ /لأجج 
أردت الله به فكففنا عنك» فلمًا تبيّن لنا أنك الدنيا أردت جعلناك عظة لغيرك حتّى لا 
يجترئ بعدك حترئ على الخلافة. أخرجه يا عبد الحبّار فاضرب عنقه. فأحرجه فقتله. 
أمنيات متماوتة 

حدّثنا محمّد بن القاسم الأنباري قال» حدثنا إساعيل بن إسحاق قال» حدثنا محمد بن 
أني بكر قال» حذثنا سعيد بن عامر عن جويرية قال: قعد معاوية وعمرو ذات يوم فقال 
معاوية» ما شيء أصيبه أحب من عين فزارة في أرض خوارة؛ أصيها من صاحبها 
بطيب نفسه؛ فقال له عمرو: لكني لست هكذاء ما شيء أصيبه أحب إلي من أن أصبح 
عروساً عقيلة من عقائل العرب؛ ورجلّ حالم ققال: واكَي لسمت هكفاء ما شيء اصيه 
أحب إلى من الفضل على الإخوان. فقال معاوية: أنا أحق بها منك لا أمّ لك» قال: فقد 
قدرت يا أمير المؤمنين. 

فتوى أبي البختري للرشيد 

وحدثنا محمد بن يحيى الصّولي قال» حدَثنا وكيع قال» حدئنا محمد بن الحسن بن مسعود 
0 قال؛ حدثنا عمر بن عنمان ‏ قال حدذثنا ألو سعد اللاي وكان من ظرفاء الناس 
ب اا عل انر ويه وا مط عجري شي لقال لاي 5 


ويل وعول لأبي البعقتري 
من قوله الزور وإعلانه 
واللهما جالسه سععة 
يا قاتل الله ابن وهب لقد 
يزعم أن المصطفى سم 


3 


عليه خف وقباأس ود 


إذا توافى الناس للمحعش سر 
بالكنب في الناس على جعفر 
للفقهفي بدو ولامححضصير 
أعلن بالزور وبالمنكر 
أتاه جسبريل التقي البري 
#نجسراً في الحقو بالختجر 


يتزوج بعد أن يستشير مائة رجل 
معشر قال» أخبرني أني عن سعيد بن أي سعيد المقبري عن أني هريرة قال: حلف رجل 
أن لا يتزوج حتى يستشير مائة رجل» فاستشار تسعة وتسعين رجلا ثم حرج وقال: أول 
0 قد طين رأسه وركب قصية) وبيده سوك يضرب 


امل سح ا مجلس السابع والتسعون حد 
مائة رجل» فاستشرت تسعة وتسعون رجلاً وأنت شام المائة. فقال له: صاحب الواحدة 
إذا حاضت حاض معهاء وإن مرضت مرض معهاء وإن غابت غاب معها» وصاحب 
اثنتين قاض» وصاحب الثلاث ملك؛ وصاحب الأربع مسافر. 

قال له الرجل: لقد استشرت تسعة وتسعون رجلاً ما كان فيهم أعقل منك» فمن 
أنت؟ قال: أنا أرادت بنو إسرائيل أن يستقضوني ففعلت هذا لكي أنجو منهم. 

رواية أخرى للقصة السابيبقة 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الجوهري عن محمد بن 
حاتم عن شجاع بن الوليد عن حريش بن أبي الحريش قال: كان رجل في من كان قبلنا حلف 
أن لا يتزوّج امرأة حتى يستشير مائة نفس» وإنه استشار تسعةً وتسعين رجلاً فاحتلفوا عليه 
فلمًا بقي رجل واحد قال: أوّل من يفجأني من هذا الطريق أستشيره ثم آحذ بقوله. فتلقاه 
رجل شيخ راكب على قصبة» ومعه صبيان حوله. قال له: إني حلفت أن لا أتروج حتى 
أستشير مائة رجل» وقد استشرت تسعة وتسعين رجلاً فاختلفوا فقلت: أول من يفجأني من 
هذا الطريق أستشيره» فجاء شيخ راكب على قصبة» ثم لم يجد بدا فدنا منه فقال له: يا عبد 
الله إني أريد أن أتروج فأشر علي» فقال له: النساء ثلاث؛ ثم مضى. قال: قلت في نفسي والله 
ما قال لي أحدٌّ مثل ما قالة هذا لأتبعنّهء قال: فاتبعته حتى الحقته» قلت: يا عبد الله قلت لي 
النساء ثلاث» قال: نعم واحدة لك وواحدة عليك وواحدة لا لك ولا عليك. قال: ثم مضى 
فاتبعته فسألته عن تفسير ما قال» فقال: أما البكر فهي لك ولا عليك» وأما الحثانة فهي الثيب 
التي قد كان لما زوج فهي لا لك ولا عليك» وأما المنانة فالثيب التي لما ولد فهي التي عليك 
ولا لك» حل سبيل الحواد. قال: فاتبعته فقلت: يا عبد الله من أنت وما قصتك؟ قال: مات 
قاضي بني إسرائيل أو قال: فقيل من أنت؟ فقيل فلان» فأرادوا أن يجعلوني قاضياً فكرهت 
ذلك فصنعت ما رأيت فراراً منهم. 

الفرزدق لا يساجل الفضل اللهيي 

حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي قال» حدثنا عبد الله بن أني سعد قال» 
وحدثني ابن عائشة قال» أحبرني أبو عبيدة النحوي قال: أخبرني من سمع الفرزدق يقول: 
أتيت الفضل بن العباس اللهبي وهو يمتح بدلو من زمزم؛ وهو يقول: 

وأناالأخضر من يعرفني ' أحضر الجلدة في بيت العرب 
من يساجلني يساجل ماجداً يملا الدلو إلى عقد الكرب 
ورسول الله جدي ذه وعلينا كان تنزيل الكتب 

قلت: من يساجلك فرجلي في كذا وكذا من أمّه قال: أتعرفني لا أمّ لك؟ قال: قلت: 


- الجليس الصالح والأئيس الناصح اسعلل سح سس 7 الس 7 7 لاد 
وكيف لا أعرفك وقد فرغ الله عز وجل في أبويك سورة من كتابه فقال عز وجل: 
«إتبت تبت يدا أي لهب»# (المسد: )١‏ قال: فضحك وقال: أنت الفرزدق» قلت: نعم قال: 
قد علمت أن ن أحداً لا يحسن هذا غيرك. 

معنى فرغ أي ليس في السورة غير ذكر أبي لهب وذكر امرأته. 

قال القاضي: وقد ألطف الفرزدق فيما خاطب به الفضل» ؛ لأنه لما لم يمكنه مساجلته؛ 
وقد فخر بنسبه من هاشم وقرباه من رسول الله يك أتى بما يمضه ويفل من غربه. 

كانت العرب نقول 

حدثنا عبيد الله بن مسلم العبدي قال» حدثنا العباس بن الفضل ال حاشي قال» حدثني أبو 
بكر الحسن بن علي قال» حدثنا أبو عبد الله وزعم أن رجل من أهل الخبل» قال: حدثني أي 
قال: سمعت أبا ربيعة النحوي يقول: كانت العرب تقول: من لم يكن عقله أكمل ما فيه 
كان هلاكه بأكمل ما فيه. قال أبو عبد الله قال أني : فحدثت بهذا الحديث الأصمعي فقال: 
إن هذا لحسن وعندي آخر يشبهه: كانت العرب تقول: من كانت فيه حصلة هى أكمل من 
عقله فالحري أن تكون سبب منيته. قال أبو عبد الله قال أي فحدنت ممذين الحدئين أب 
عبيدة فقال: هذان حسنان وعندي آحر يشبههما: كانت العرب تقول: من لم يكن أغلب 
حصال الخير عليه عمّله كان أغلب في خصال الخير عليه حتفه. قال أبو عبد الله قال أني: 
فحدثت بهذه الأحاديث أبا دلف فقال: هذه حسان؛» وعندي آخر أحسن منها: كانت 
العرب تقول: كل شيء إذا كثر رحص إلا العمل فإنه إذا كثر غلا. 

أعرابي يصف امرأة جميلة 

حدثنا أحمد بن محمد بن أي شيبة قال» حدثني إبراهيم بن محمد بن حيان قال» حدنا 
أبو حام السجستاني عن أنبي عبد الرحمن العتبي قال: كان أعرابي يشبب بامرأة» فقيل له: 
صفهاء فقال: كان والله وجهها السقم لمن رآهاء ولفظها البرء لمن ناجاهاء وكانت في 
القرب ابعل هن الحشاء وفي النأي أبعد من السماء ولقد كنت آتيها في أهلها فيتجبّمني 
لسانها ويمنينى ي خرفها ري لذلك قر فذكرن ابا وهوى يبتك مني متر اليا 

قال القاضى: وقد أنشدت ثلاثة أبيات البيت الثالث يضارع بعض ما أتت به ألفاظ 
هذا الخبر وهي: ١‏ 
وتنال إن نظرت بلحظت ها مالا ينال بحده النصل 
وإذا نرت إلى خاس نها 2 فكسل موضع نظسرة ققل 
ولقلبها حلويٌٌ تصدٌ به عن ذي الموى ولطرفها جبل 


حن 109١‏ ------ سس ا علس الثامن والتسعون ‏ د 

وما أتى من هذا الضرب كثيرء وقد أتينا منه في أوائل مجالسنا هذه ورسمنا من منظومه 
لنا ولغيرنا. 

ما قاله بزرجمهر قبيل موته 

حدنا الحسن بن أحمد الكلبي قال» حدثنا الغلاي قال» حدئثنا محمد بن عبد الله قال 
حدثني علي بن محمد قال» قال أنوشروان لبزرجمهر لما أراد قتله: إني قاتلك فتكلم بشيء 
تذكر به» فقال: أيها الملك إن الدنيا حديث حسن وقبيح» فإن استطعت أن تكون حديقاً 
حسناً فكنه. قال أبو عبد الله: فذكر هذا الكلام لابن عائشة فقال: صدق والله» وهو من قول 
الله عز وجل: إوأجعل لي لسان صدق في الآخرين4 (الشعراء: 84) وأنشد ابن عائشة: 


ألم تر أن تخلد بعدهم أحاديثهم والمرء ليس بخالد 
وأنشد أيضاً: 
وإذا الفتى لاقى الحمام رأيته لولا الثناء كأنه لم يولسد 
المجلس الثامن والتسعون 


حديث أبي مطر عن علي وهو يتجول في الأسواق 

حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الحمذاني قال» حدثنا جعفر بن عبد الله المحمدي قال» 
يقول» سمعت جعفر بن محمد يقول: قدم شيخ من أهل البصرة يقال له أبو مطرء فقيل لي: 
إنه يروي حديثاً عن أمير المؤمنين أ نت؟ فقلت: أنا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين. 
فأخذني فضمني إليه وبكى ثم قال: نعم قدمت الكوفة وليس لي بها معرفة فكنت آوي إلى 
المسجد بالليل» وكان المسجد عمارته بالليل كعمارته بالنهار من بين مصل أو ذاكر فقه 
أو متعبد. فدخلت السوق وأنا غلامٌ ذيّال صاحب سكينيّة ؛ فإذا رجل من خحلفي يقول: 
ارفع إزارك فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك» وخذ من شعرك إن كنت مسلماً. فالتفت فإذا 
رجل أصلع ضحم البطن مؤتزرٌ أسفل من ثدييه» عليه رداؤه وفي يده مخفقة. فقلت: من 
هذا؟ قالوا: أمير المؤمنين. 

فتجنبت الطريق فحللت شعري وفرقته» ورفعت إزاري وشرته» واتبعته فدحل دار 
الوليد بن عقبة» وكانت الإبل تباع بهاء فقال: يا معشر أصحاب الإبل إياكم والحلف فإنه 
ينفق السلعة ويمحق البركة» ثم أتى النحاسين فقال: يا معشر النحاسين إياكم أن تزيّنوا 
سلعتكم بما ليس فيهاء ألا إنني سعت رسول الله طَنَ: "ليس منا من غشّا". ثم أتى 
التمارين فقال: يا معشر التمّارين» تصدقوا يرب كسبكمء وأوفوا الكيل والميزان» ولا 
تبخسوا الناس أشياءهم. فلما كاد يجوزهم إذا هو بأمة تبكي قال ما لك؟ قالت: ابتعت 
من هذا تمراً بدرهم فأتيت به أهلي فقالوا: رذيه. فقال: يا مار حذ مرك واردد عليها 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح بيعي س صل بو ه ؟ لاد 
فإنه ليس لا أمر. فأنكره التمار ولم يعرفه وقال له بالفارسية: اذهب إلى شأنك» ثم عرفه 
فأقبل يعتذر وهو يبكيء فقال: ما شأنه؟ فقالوا: ذكر أنه لم يعرفك» يسألك أن ترضى 
عنه» قال: فما أرضائي عنه وعن من كان مثله إذا وفى للمسلمين بشروطهم وأدّى 
حقوقهم. ثم مضى من فوره إلى القصّابين فقال: إياكم والنفخ والغش. فقام رجل يقال له 
زكا اليبودي فقال: يا أمير المؤمنين» إن النفخ لا يزيد فيه ولا ينقص منه فقال: ويحك 
فما هو؟ قال: يزينه» قال: فذاك الغش. ثم أتى السماكين فقال: يا معشر أصحاب الحيتان» 
ولا تبيعوا في سوقنا الطاني فإنه ميت. ثم أتى البزازين فجلس إلى شيخ فقال: بعني قميصاً 
بثلاثة دراهم وأحسن بيعي» فناوله قميصاً فقال: يا أمير المؤمنين يقوم علي بأربعة دراهم 
وهو لك بثلائة دراهم؛ قال: نقصت من رأس مالك درهماً من أجل أنك عرفتني» لست 
أنا الذي أبتاع منك شيئاً. فجلس إلى آخر فاشترى منه قميصاً بثلائة دراهم فلبسه ثم قال: 
الحمد لله الذي كسانئي من رياشه ما أتجمّل به في الناس وأواري به عورتي. ثم قال: سبعت 
رسول الله يي يقول هكذا. ثم أتى الرحبة فهتف: يا قنبر يا قنبر آتني بطهورء فأقبل بإناء 
من خزف فأهوى ليصبً عليه» فتناوله فوضعه بين يديه ثم أفرغ على يمينه» ثم جمع بين 
كفيه فغسلبما حتى أنقاهماء واستنشق ثلاثأء وتمضمض ثلائاً» وغسل وجبه ثلاثا» يستقبل 
باطن أذنيه بكفيه ويستدبرهها بإهاميه؛ ثم غسل ذراعيه ثلاثء ثم مسح برأسه؛ ثم غسل 
قدميه؛ ثم جرع من فضل وضوئه ثم قال: هكذا رأيت رسول الله عَََهُ يصنع. فأتاه شيخ 
فقال: يا أمير المؤمنين» إنك أتيت ابني وهو لا يعرفك فابتعت منه قميصاً وإنه أغلى 
عليك» إنا يقوم علينا بدرهمين» فخذ هذا الدرهم. قال: لا» أحذت رضاي وأحذ الغلام 
حاجته. ثم أحذ مؤذنه ابن النباح في الإقامة» فإذا رجل يقول: يا أمير المؤمنين إني سرقت 
جملا فبعته وأكلت شنه» قال: يا قنبر دونك الرجل أوقد النار وأعدّ المحدٌّ حتى آتيك؛ 
فدحل فصلى بالناس وصليت معه؛ فلما قضى الصلاة حرج مبادرا حتى انتهينا إليهماء فإذا 
الرجل يقول: يا قنبر» ما تراه صانعاً بي» قال: لا ولكني ما سرقت شيئاً قطء إذ أقبل أمير 
المؤمنين فقال: يا قنبر ما فعل الرجل؟ علي به. قال: هو ذا » هو يزعم ما سرقت شيئا 
قطء قال: ويحك ما دعاك إلى ما قلت؟ قال: يا أمير المؤمنين أنكرت عقلي» قال: الله 
قال: الله. فناشده الله ثلاثاء كل ذلك يقول: الله ما سرقت شيئاً قط. قال: يا قنبر أخل 
سبيل الرجل» فإني سمعت رسول الله كه يقول: "ادرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم". 
سئد آخر للحديث السايبق 

حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال» حدثني جعفر بن عبد الله قال» حدثنا عمر بن 
محمد قال» حدئنا غالب بن عثمان الحمدائي قال» حدثنا مختار بن نافع أبو إسحاق العكلي 
التمّار قال» حدثني أبو مطر عمر بن عبد الله الجهنيّ البصري قال: قدمت من البصرة 


باط ء ل لت ال لس الثامن والتسعون حت 
فأتيت الكوفة ولم يكن لي بها معرفة» فذكر مثل حديث يحيى بن عبد الله أو نحوه. 
وفود مالك بن عوف على الرسول 
حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال» حدثنا أحمد بن عيسى العكلي عن الحرمازي عن 
أي عبيدة قال: وفد مالك بن عوف بن سعيد بن ربيعة بن يربوع بن واثلة بن دهمان بن 
نصر بن معاوية» وهو رئيس هوزان يوم حنين» بعد إسلامه | إلى النبي طبه فأنشده: 
ما إن رأيت ولا سيعت بواحد في الناس كليم كمثل محمد 
أونى وأعطى للجزيل نحتد ومتى تشأ يخبرك عمافي غد 
وإذا الكتيبة حدّدت أنيابهبا بالسمهري وضرب كل مهئد 
فكانه ليث على أشباله وس طالأباءة حادرٌ في مرصد 
فقال له النبي يي حيراً وكساه حلة. 
شرح لنظتيه 
قال القاضي: الأباءة الغيضة أو القطعة من القصبء والأباء القصبء قال الشاعر: 
يا من ترى ضرباً يرعبل بعضه بعضاً كمعمعة الأباء المحرق 
والخادر: المستكنُ في غيضته أو غابته وهي كالخدر له» قالت الخنساء فيما ترئي به 
أخاها صخخحرا: 
فتىّ كان أحيا من فتاة حيّية وأشجع من ليث بخقان خادر 
ابن عباس ينشد الشعر في المسجد الحرام فينتقده ابن الأزرق 
حدثنا علي بن محمد بن الجهم أبو طالب الكاتب قال» حدثنا عمر بن شبة قال» 
حدثني أبو يحيى الزهري قال» حدثنا ابن أني ثابت قال» أحبرني أبو سيار عن عمر البركا 
قال: بينما ابن عباس في المسجد الحرام وعنده ابن الأزرق وناسُ من الخوارج يسألونه إذ 
أقبل عمر بن أبي ربيعة في ثوبين مصبوغين موردين أو ممصرين. 
قال القاضي: الممصران: : اللذان فيهما صفرة. 
بسير حتى سل وجلس. فأقبل عليه ابن عباس فقال أنشدناء فأنشده: 
من آل نعم أنت غاد فمبكر غداة غد أو رائحّ فمهجر 
م فأقبل عليه ابن الأزرق فقال: الله يا ابن عباس» إنا لنضرب 
إليك أكباد المطيّ من أقاصي الأرض لنسألك عن الحلال والحرام فتتثاقل عناء ويأتيك 
مترف من مترني قريش فينشادك: َ 
رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت فيخزى وأما بالعشي فيخسر 
فقال ابن عباس: ليس هكذا قال» قال: 


جح الجليس الصالح والأنئيس الناصح سس سسحت | لاد 
رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت فيضحى وأما بالعشي فيخصر 

قال: ما أراك إلا وقد حفظت البيت» قال: نعم» وإن شكىت أن أنشدك القصيدة 
أنشدتكماء قال: فإني أشاءء قال: فأنشده القصيدة حتى جاء على آخرهاء ثم أقبل على 
ابن ربيعة فقال: أنشد» فقال: 

تشط غداً دار جيراننا 
فقال ابن عباس: وللدار بعد غد أبعد. 
فقال: كذاك قلت أصلحك الله أسمعته؟ قال: لا ولكن كذلك ينبغي. 
شرح ألفاظ تتصل بالبيت السابق 

قال القاضي: وقد روى بعض الرواة بيت ابن أي ربيعة فقال: أيما إذا الشمس» وأيما 
بالعشي» وهي لغة معروفة. وقوله فيضحى قيل: معناه يمسّه الحر» وقيل: تعلوه الشمس وهو 
ضاح لها غير مستتر منهاء والضحء الشمسء والعرب تقول: الضحّ والدح. وروي أن عبد 
الله بن عمر رأى رجلاً قد استظل من الشمس وهو محرم فقال له: أضح لمن أحرمت له. 
ومن هذا قول الله عز وجل. «إوأنك لا تظمأ فيبا ولا تضحى» (طه: 48) أي لا 
يصيبك فيها حر و لا يعلوك شس؛ وقد قال جل اسمه في أهل اللحنة: إلا يرون فيها شساً 
ولا زممريراً4 (الإنسان: .)١8‏ والزمهرير: البرد الشديد» ومن وقي أذاهما فقد أنعم الله 
عليه» قال الأعشى: 

مبئلة الخلق مثل المهاة لم تر شساً ولا زمهريرا 
وقد زعم بعضهم أن الزمهرير من أسماء القمرء وأنشد في هذا المعنى: 


وليلة فيها الظلام معقكر قطعتها والزمهرير ما زهر 
وأما الخصر فإنه البرد القارس» يقال: قد خصر الرجل يخصر إذا أصابه البرد» كما 
قال الفرزدق: 
إذا أنسوا ناراً يقولون لييبا وقد صرت أيديهم نار غالب 
ويقال: ماء حصر أي بارد» كما قال امرؤ القيس: 
فلما استطابا صب في الصحن نصفه وجاءوا بنصف غير طرق ولا كدر 
بماء سحاب زل عن ظهر صخرة إلى بطن أخرى طيّب ماؤها صر 


أحسن ما قيل فى وصف اماء 
قال بعضهم: هذا أحسن ما قيل في صفة الماء. وقال قائلون: بل أحسن ما قيل في 
صفة الماء أبيات أتت في خبر حدّثناه أبو بكر ابن الأنباري لم يحضرني إسناده» وقد 
ذكرته في بعض جالسنا هذ وهو أنه ذكر أن عاتكة المرية عشقت ابن عمها فأرادها عن 
نفسهاء فأنشأت تقول: 


حر بدح - -_-  -‏ ٠ح‏ ال مجلس الثامن والتسعون حت 
ما بردماءاي ماء تقولله تنزل من غرٌ طوال الذوائب 
بمنحدر من بطن واد تقابلت 2 عليه رياح الصيف من كل جانب 
ترقرق ماء المزن فيهن والتقفت عليهن أنفاس الرياح الغرائب 
نفت جرية الماء القذى عن متونه ١‏ فليس به عيب يحسَ لشارب 
بأحسن ممّن يقصر الطرف دونه تقى الله واستحياء ما في العواقب 
الحجاج وابن الحننية وشكوى الثاني لعبد املك 

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال» حدثنا أبو محمد عبد الله بن عمرو بن بشر 
الورّاق قال» حدثني أبو زكريا يحيى بن خليفة الدارمي قال حدثني محمد بن هشام 
السعدي التميمي قال: خرج الحجاج بن يوسف وابن الحنفية من عند عبد الملك بن 
مروان» فلما صارا في الطريق قال الحجاج محمد بن الحنفية: لقد بلغني أن أباك كان إذا 
فرغ من القنوت يقول كلاماً حسناً أحبيت أن ) أعرفه فتحفظه؟ قال: لاء قال: سبحان 
اللهء ما أوحش لقاءكى وأفظع لفظكم.؛ وأشدّ خنزواتتكم ما تعدُون الناس إلا عبيداًء 
ولقد حضتم الفتنة خوضاً وقتلتم المهاجرين والأنصار. فنظر إليه ابن الحنفية وأنكر لفظه 
وأحفظه. فوقف وسار الحجاج. ورجع ابن الحنفية إلى باب عبد الملك فقال للآذن: 
استأذن لي» فقال: ألم تكن عنده قبل وحرجت آنفاًء فما ردَّك وقد ارتفع أمير الوننا 
قال: لست أبرح حتى ألقاه. فكره الآذن غضب الخليفة فدحل عليه فقال: يا أ 
المؤمنين» هذا محمد بن الحنفية مستأذن عليكء فقال: لم يكن عدديي قبل» نقد لقد ردّه أميٌ 
إيذن له. فلما دخل عليه تحلحل عن بجلسه كما كان يفعل فقال: يا أمير المؤمنين هذا 
الحجاج أسعني كلاماً تكمّشت له وذكر أبي بكلام تقمّعت له وما أحرت حرفاًء قال: 
فما قال لك حتى أعمل على حبسه؟ قال: وكأنمًا تفقأ في وجبه الرمّان ونخسه شوكء 
فخبره عما سأله عنه» فقال لصاحب شرطته: علي بالحجاج السّاعة. فأتاه في منزله حين 
خلع ثيابه فحمله حملاً عنيفًء وانصرف ابن الحنفية. فجاء الحجاج فوقفه بالباب طويلاً ثم 
قال: إيذن لهء فدحل فسلّم عليه» فقال له عبد الملك: 

لا أنعم الله بعمرو عينا يحية السّخط إذا التقينا 

يا لكع وهراوة البقار» ما أنت ومحمد ابن الحنفية؟! قال: يا أمير المؤمنين» ما كان إلا ٠‏ 
خيراًء قال: كذبت والله لهو أصدق منك وأبرً ذكرته وذكرت أباء فوالله ما بين لابتيها 
أفضل من أبيه؛ وما جرى بينك وبينه؟ قال: سألته يا أمير المؤمنين عن شيء بلغني كان 
أبوه يقوله بعد القنوت» قال: لا أعرفه» فعلمت أن ذاك مقت منه لنا ولدولتناء فأجبته 
بالذي بلغك. فقال له عبد الملك: أسأت ولؤّمتء والله لولا أبوه وابن عمّه لكنًا حيارى 


سس المليس الصالح والأئيس الناصح 7ب سس سس سحيو الاج 
ضلألاً» وما أنبت الشعر على رؤوسنا إلا الله عز وجل وهمء وما أعرّنا بما ترى إلا 
رحمهم وريحهم الطيبة, والله لا كلّمتك كلمةً أبداًء أو تجيئني بالرضا منه» وتسل سخيمته. 
قال: فمضى الحجاج من فوره. فألفاه وهو يتغدّى مع أصحابه؛ قال: فاستأذن فألى أن 
يأذن لهء فقال له بعض أصحابه: أتى برسالة أمير المؤمنين» فأذن له فقال: إن أمير 
المؤمنين أرسلني أن ن أسل سخيمتك؛ وأقسم أن لا يكلمني أبداً حتّى آنيه بالرضى منك» 
وأنا أحبٌ برحمك من رسول الله كه إلا عفوت عمًا كان» وغفرت ذنباً إن كان. فقال: 
قد فعلت على شريطة فتفعلهاء قال: نعم» قال: على صرم الدهر. قال: ثم انصرف 
الحجاج فدحل على عبد الملك فقال: ما صنعت؟ قال: جئت برضاه وسللت سخيمته 
وأجاب إلى ما أحب وهو أهل ذلك. قال: فأي اشيء آخر ما كان بينك وبينه؟ قال: 
رضي على شريطة» على صرم الدهر» فقال: شنشنةٌ أعرفها من أخزم» اتصري فلمًا كان 
من الغد دحل ابن الحنفية على عبد الملك فقال له: أتاك؟ قال: نعم يا أ مير المؤمنين» قال: 
فرضيت وأجبته؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين» قال: ثم مال إليه فقال: هل تحفظ ما سألك 
عنه؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين وما منعني أن أبئه إياه إلا مقتي له فإنّه من بقية شمود. 
فضحك عبد الملك ثم قال: يا سليمان - لغليّم له- كاتباً ودواةٌ وقرطاساء قال: فكتب 
بخطه: بسم الله الرحمن الرحيم؛ كان أمير المؤمنين علي لك ظتكل إذا فرغ من وتره رفع يده 
إلى السماء وقال: اللهم حاجتي العظمى التي إن قضيتها لم يضري ما منعني» وإن منعتني 
لم ينفعني ما أعطيتني. فكاك الرقاب» فك رقبتي من النار» رب ما أنا إن تقصد قصدي 
بغضب منك يدوم علي فوعرتك ما يحسّن ملكك إحساني» ولا تقبحه إساءتي» ولا 
ينقص من خزائنك غناي» ولا يزيد فيها فقري. يا من هو هكذا اسمع دعائي وأجب 
ندائي» وأقلني عثرتي» وارحم غربتي ووحشتي ووحدتي في قبري» ها أنا ذا يا رب برمتي. 
ويأحذ بتلابيبه ثم يركع. فقال عبد الملك: حسن والله رضي الله عنه. 
شروح وتعليقات 2١‏ . 

قال القاضي: قول محمد بن الحنفية اك: "أسعني كلاماً تكمشت له" أي انقبضت 
منه» يقال لما تغضّن وتشتج من الفاكهة وغيرها قد تكمّش فهو متكمّش. وقوله: "ذكر 
أي بكلام تقمّعت له" يقال: قد تقمّع الرجل وانقمع إذا انخزل وانكسر. وقول عبد 
الملك: "يا لكع" يريد يا عبد أو يا لئيم. وقوله" "وهراوة البقار" يعني عصار الراعي التي 
يذود بها البقرء يريد أنه لا يصلح إلا لأداني الأمور. وما رواه محمد بن الحنفية من قول 
أمير المؤمنين اليم ني دعاه: "ها أنا ذا يا رب برمتي" العرب تقول: أحذ فلان كذا وكذا 
بِرمّته يريدون أحذه كله واستوفاه ولم يغادر شيئاً منه؛ وكذلك قوم أحذه بأسرهء 
والأسر القيد» وبه سمّي الأسير أسيراً وهو الآحذ بمعنى المأحوذء وكانوا يشدونه بالقدٌ إذا 





حء من امحلس التاسع والتسعون ست 
أسروه. وأما الرّمة فا حبل البالي كانوا يشدٌون الأمتعة به» ومنه قول ذي الرّمة: أشعث 
باقي رمّة التقليد وقيل: إنّما سني ذا الرمّة لقوله هذاء وهو غيلان بن عقبة» فأما الرمّة 
بالكسر فالعظم البالي» ويقال: رم العظم يرمٌ وهو رميمء ومنه قول الشاعر: 
والتيب إن تعر مني رمّةٌ حلقاً بعد الممات فإني كنت أنُثر 
وهذا من أبيات المعاني ومعناه أن النيب» وهي جمع ناب) وهي الناقة المسنة) يقال لها 
ذلك كأنها لم يبق مر السنين عليها إلا ناباً كما يقال فلان رأس وفلان بطنء ومن الناب 
قول جرير: 
لقد سري الآ تعد مجاشعحٌ من المحد إلا عقر ناب بصوار 
وقال أيضاً: 
تعدون عقر التيب أفضل مجدكم بني ضوطري لولا الكمي المقنّعا 
قال: كانت تأكل عظام الموتى طلباً لموحتها فقال هذا الشّاعر: إن تعر مني رمة 
علتأ يريد إن تأكل عظامي بعد موتي» فإني كلت 1 تئر أي آخذ منها بثأري سلفاً في 
حياتي» يعني أنه كان ينحرها للأضياف. وقوله: "أثّئر" افتعل من الثأر وأصله اثتئر فقلبت 
الناء تاء وأدغمت في التي بعدهاء وكذلك مدّكر أصله مذتكر ومظلم أصله مظتلم. ولما 
وصفنا من القلب علة هي مرسومة في موضعها. ومن العرب من يقول أنّتر بالقاء» ومذكر 
بالذال» ومطلم بالطاء إلا أن المختار أفصح في القياس» والأشهر في الرواية مدّكر ومتثر 
ومظّلم ومثله مدّخر ومذخرء قال زهير بن أبي سلمى يمدح هرم بن سنان: 
هو الحواد الذي يعطيك نائلة عفواً ويظلم أحياناً فيظّلم 
يروى على الوجهين والظاء أشهرهماء والمشهور من القراء في قول الله تعالى: #فبل 
من مذكر» (القمر: 2015 217 235 7لاء .4غ )2١‏ الدال» وكذلك وقوله تعالى: «إوما 
تدّخرون في بيوتكم4 (آل عمران: 45). 
المجلس التاسع والتسعون 
حديث الأنبياء إخود لعلات 
حدئنا محمد بن القاسم بن محمد بن بشار الأنباري قال» حدثنا أحمد بن اليثم بن 
حالد البزاز قال» حدثنا أبو العاص محمد بن سعيد قال» حدثني عنبسة بن عبد الواحد عن 
أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن أني هريرة قال؛ 
قال رسول الله عَيكُ: "الأنبياء إخوة لعلات» أمهاتهم شتَّى ودينهم واحدء وأنا أولى الناس 
بعيسى ابن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نب» وهو خليفتي على أمتي» وهو نازل» فإذا 
رأيتموه فاعرفوه فإنه رجل مربوعٌ يضرب إلى البياض والحمرة» يكاد رأسه يقطر وإن أم 
يصبه بلل؛ يمشي بين ممصّرتين» يدق الصليب ويقتل الخنزير ويفيض المال ويضع الحزية 


ح الجليس الصالح والأئيس الناصح يبب مات 
ويقاتل على الإسلام حتى تهلك في زمانه الملل كلهاء فتقع الأمنة في الأرض؛ فترعى الإبل 
مع الأسودء والنمور مع البقرء والذئاب مع الغنم» ويلعب الصبيان مع الحيّات فلا تضرّهم 
شيئاً» فيلبث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المؤمنون". 
العلات والأخياف وصلة ذلك باكئيراث 
قال القاضيء قال أبو بكر: قوله إخوة لعلأت» يقول العرب هم إخحوة لعلآت إذا 
كانت أمهاتهم مختلفات وأبوهم واحدء فإذا كان الآباء مختلفين والأم واحدة قيل: هم إحوة 
لآحاد. وقال بعضهم: يقال في هذا المعنى هم إخوة لأخياف وإحوة لأعيان. وشتى معناه 
مختلفات. قال القاضي: المعروف من كلام العرب أنهم يقولون للإاحوة الذين أبوهم واحد 
وأمهاتهم شتَّى بنو العلات كما قال الشاعر: 


والناس أولاد علأت فمن علموا أن قد أقل فمحقورٌ ومبجور 

وهم بنو الأم أمّا إن رأوا نشباً فذاك بالغيب محفوظ ومنصور 
فإذا كانت الأم واحدةً والآباء مختلفين فهم الأخياف» كما قال الشاعر:. 
أفي الشدائد أخيافاً لواحدة وفي الولائم أولاداً لعلأت 


ويقال للفرس إذا كانت إحدى عينيه زرقاء والأخرى محلاء أخحيف. وإذا كان أبو 
الإخوة واحداً وأمهم واحدة فهم الأعيان. وجاء عن النبي ؤي أنه قال: أعيان بني الأمْ 
أولى بالميراث من بني العلات". وقد استدل بهذا الحديث بعض من ذهب إلى قول عبد 
الله بن مسعود ومن قال مثل قوله من الخلف والسلف في ابني عم أحدهما أخ لأم أن المال 
كله لابن العم الذي هو أحّ لم دون الآخرء وحمله مخالفوهم على أنه جاء في الأخ للأاب 
والأم والأخ للأب» وجماعة غيرهم من المتقدمين والمتأحرين .. ولكل فريق منهم علل 
يوردونها وحجج يأتون مهاء وقد رسمناها في مواضعها من كتبناء وذكرنا ما نختاره منها. 

مزيد من التطسير والتعليق 

قال ابن الأنباري في الخبر الذي قدمنا روايته عنه» وقوله ؤيْ: "يمشي بين ممصرتين" 
معناه بين شقتين فيهما صفرةٌ يسيرة» والممشّق عند العرب المصبوغ بالمغرة» والمغرة 
يقال ها المشق. 

قال القاضي: قول النبي #ُتَه: "وتمهلك في زمانه الملل كلها" صريح البيان على أن 
اليهود والنصارى واججوس وسائر المشركين ذوو ملل مختلفة وليسوا أهل ملة واحدة؛ وإن 
جمعهم الكفرء وأنه لا توارث بين أحد منهم ومن هو على غير ملته» لقول النبي: "لا 
يتوارث أهل ملتين شتى"؛ وقد روينا هذا القول عن الحسن ومالك وأبي عمرو الأوزاعي 
وبه نقول. وكان أبو حنيفة وأصحابه يرون الكفر كله مله واحدةً ويوقعون التوارث 
بينهم» وإليه يذهب أصحاب الشافعي» وهذا قول فاسدء وشرح البيان عن هذا الباب 


جح ؟ ؟/|١1-------‏ ----_-_-_-_ _7ج77لا<ااايي مجلس التاسع والتسعون حت 
مرسومٌ في موضعه. 
هبوط عيسى ابن مريم 

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال» حدثنا أحمد بن اليثم قال حدثنا اليثم بن 
خارجة قال» حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن أبيه عن يحيى بن جابر 
الطائي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن النواس بن سمعان قال» قال رسول 
الله َيْ: "'يهبط عيسى ابن مريم ؤَهْ شرقي دمشق عند المنارة البيضاء بين مهرودتين". قال 
أبو بكر حفظناه عن أحمد بن اليثم بالدال وتفسيره بين ممصرتين. 

حديث آخر عن هبوط عيسى 

وحدثنا محمد بن القاسم قال» حدثنا جعفر بن محمد العبرتائي قال» حدثنا أبو مروان 
هيثم بن خالد الأزرق قال» حدثنا الوليد بن مسلم قال» حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر 
عن يحبى - قال أبو مروان: وكان قاضياً على حمص- عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن 
أبيه عن النواس بن سمعان قال» قال رسول الله عُيَ: "يببط عيسى ابن مريم بين مهروذتين". 
قال أبو بكر: حفظناه عن جعفر بن محمد بالذال في هذا الحديث» يعني بين ممصرتين. 

معائي الصير 

قال أبو بكر: فهذا مما فسر في الحديث بما لا يعرف إلا منه كالحروف التي جاءت 
مفسّرةَ في الحديث » منها: من اطلع في صير باب فقئت عينه فهي هدر. ومنها أن ' 
سالم بن عبد الله رأى رجلاً معه صيرٌ فذاق منه فقال: كيف تبيعه؟ فالصير الأول الشقّ 
والثانئي الصحناة. ومنها أن عمر رضوان الله عليه سأل المفقود الذي استهوته الجن ما 
شرابهم؟ فقال: الجدف» ففسر هو نبات باليمن لا يحتاج الذي يأكله أن يشرب عليه, 
ويقال هو كل ما لا يذكر الله عليه من الآنية والأشربة. ومنها ما جاء في الأمرين من السقا 
والثقاء تفسير الثّقا الحرف "قيل: هو الرشاد"؟ قال القاضي: جعل أبو بكر ابن الأنباري 
الصير مما لا يعرف تفسيره إلا في الحديث الذي جاء تفسيره فيه» فذكر هذا أبو بكر على 
سعة حفظه وإتقانه وضبطه؛ وكان يذهب عليه في الوقت بعد الوقت أشياء ظاهرةً معلومة 
وينكرها مع اشتهارهاء فأحذنا عنه روايتها بأسانيدها؛ على أننا لم نر في من يشار إليه 
بحفظ الروايات والآداب أحسن منه حفظاًء ولكنه بشرٌ يجري عليه من السهو والنسيان 
ما يعرى من مثله الإنسان. والصير معروف مشهورء فأما الصير الذي أتى في حديث 
الاطلاع ففسر بأنه الشق فقد أصاب مفسره المعنى أو قاربه. 

فأما الصحناة فتسميتها صيراً مما يعرفه أهل العلم» وقد ذكره قومٌ من أهل الفقه 
وغيرهمء وأصل الصير الذي بدأنا بذكره عندي الحدء وقد جاء في الشعر ما يشهد بهذا 
ويدل عليه» قال زهير: 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح خب خخ حك 11 لاح 

وقد كنت من سلمى سنين شانياً على صير أمر ما يمر وما يبحلو 

يسمى الولد علياً ويكنيه أبا الحسن فيعرض معاوية عليه جائزة إن غيرهما 

حدثني عبد الله بن مسلم العبدي قال» حدثنا أبو الفضل الربعي قال» حدثنا 
إبراهيم بن عيسى بن المنصور قال» حدثني إسحاق بن عيسى بن علي قال» حدثني أي 
وسمعته يقول: ولد أبو محمد علي بن عبد الله سنة أربعين بعد قتل علي بن أي طالب لتكلا 
فسماه عبد الله بن العباس علياً وكناه أبا الحسن» وولد معه في تلك السنة لعبد الله بن 
جعفر بن أبي طالب اك غلامٌ فسمّاه علياً وكنّاه بأني الحسن. فبلغ ذلك معاوية فوجه 
إليهما أن انقلا اسم أي تراب وكنيته عن ابنيكما وسمياهما باسمي وكنياهما بكنيتي» ولكل 
واحد منكما ألف ألف درهم. فلما قدم الرسول عليهما هذه الرسالة سارع إلى ذلك عبد 
الله بن جعفر فسمَّى ابنه معاوية وأحذ ألف ألف درهمء وأما عبد الله بن عباس فإنه أنى 
ذلك وقال: حدثني علي بن أبي طالب لالتلا عن النبي غُيَهُ أنه قال: "ما من قوم يكون 
فيهم رجل صالح فيموت فيخلف فيهم مولود فيسمونه إلا خلفهم الله بالحسنى"2 وما 
كنت لأفعل ذلك أبداً. فأتى الرسول معاوية فأخبره بخبر ابن عباس فردً الرسول وقال: 
فانقل كنيته عن كنيته ولك حمسمائة ألف درهم» فلما رجع الرسول إلى ابن عباس بهذه 
الرسالة قال: أما هذا فنعم وكناه بأني محمد. 

مقتل أبي مسلم وكيف تم 

حدثنا إبراهيم بن محمد بن عمر بن عرفة الأزدي قال» أخبرنا أبو العباس المنصوري 
قال: لما قتل المنصور أبا مسلم قال: رحمك الله أبا مسلم» فإنك بايعتنا وبايعناك» 
وعاهدتنا وعاهدناك» ووفيت لنا ووفينا لك» فإنك بايعتنا على أنه من حرج علينا قتلناه» 
وأنك حرجت علينا فقتلناك» وحكمنا لك حكمك لنا على نفسك. 

قال: ولما أراد المنصور قتله دس رجالاً من القواد منهم شبيب بن واج وتقدّم إليهم 
فقال: إذا سعتهم تصفيقي فاخرجوا إليه فاضربوه. فلما حضر حاوره طويلاً حتى قال له 
في بعض قوله: وقتلت وجوه شيعتنا فلاناً وفلانء وقتلت سليمان بن كثير» وهو من 
رؤساء أنصار دولتناء فقتلت لاهزأء قال: إنهم عصوني فقتلتهم» وقد كان قبل ذلك قال 
المنصور له: ما فعل سيفان بلغني أنك أخحذتهما من عبد الله بن علي؟ قال: هذا أحدهما يا 
أمير المؤمنين» يعني السيف الذي هو متقلدٌ به. قال: أرنيه» فدفعه إليه فوضعه المنصور. 
تحت مصلاه وسكنت نفسه. فلما قال ما قال» قال المنصور: يا للعجب أتقتلهم حين 
1 وتعصيني أنت فلا أقتلك؟! ثم صفق فخرج القوم وبدورهم إليه شبيبٌ فضربه فلم 

على أن قطع حمائل سيفه. فقال له المنصور: اضربه قطع الله يدك فقال أبو مسلم: يا 

أمير المؤمنين اسكبقن لعددك قال: وأي عدر أعدى منك؟ فضربوه بأسيافهم حتى قطعوه 








حسمن امحلس التاسع والتسعون ل 
إرباً إرباً. فقال المنصور: الحمد لله الذي أرائي يومك يا عدوٌ الله. واستؤذن لعيسى بن 
موسى. فلما دخل وراى ى أبا مسلم على تلك الحال» وقد كان يكلم المنصور في أمره 
لعناية كانت منه به» استرجعء فال له المنصور: احمد الله فإنك إها هجمت على نعمة 


ولم تهجم على مصيبة؛ ففي ذلك يقول أبو دلامة: 


أبا بحرم ما غيّر الله نعمة على عبده حتى يغيّرها العبد 
أبا بحرم حوفتني القتل فاتتحى عليك بما حوفتني نى الأسد الورد 
خطبة المنصور بعد قتل أبي مسلم 


حدثنا محمد بن ب يحبى الصولي بإسناد لم يحضرني في هذا الوقت ذكره لخبر المنصور وقتله 
أبا مسل ثم حدثنا أيضاً بإاسناد هذه صفته قال: خحطب المنصور الناس بعد قتل أبي مسلم 
فقال: أيها الناس لا تخرجوا من أنس الطاعة إلى وحشة المعصية» ولا تمشوا في ظلمة الباطل 
بعد سعيكم في ضياء لحق. إن أبا مسلم أحسن مبتدياً وأساء معقباً. وأحذ من الناس بنا أكثر 
مما عطاناء ورجح قبيح باطنه على حسن ظاهره» وعلمنا من خحبيث سريرته وفساد نيه ما لو 
علمه اللائم لنا فيه لعذرنا في قتله» وعتّفنا في إمهاله. وما زال ينقض بيعنته ويحفر ذمته حتى 
أحل الله لنا عقوته وأباحنا دمهء فحكعنا فيه حكمه في غيره» ولمبمنعنا الح له من إمضاء 
الحق فيه» وما أحسسن ما قال النابغة الذبيائي في النعمان: 


فمن أطاعك فانفعه بطاعته كما أطاعك وأد لله على الرّشد 
ومن عصاك فعاقبه معاقبة تنهى الظلوم ولا تقعد على ضمد 
ثم نزل. 
خطبة أخرى للمنصور بعد فقتل أبي مسلم 


حدثنا الصولي قال» حدثنا الغلاي قال» حدثنا يعقوبٍ بن جعفر عن أبيه قال: حطب 
الناس المنصور بعد قتل أبي مسلم فقال: أيها الى لا رو طراف العمة بقلة الشكر 
فتحل بكم النقمة ولا تسرّوا غشً الأئمة» فإن أحداً لا ير منكراً إلا ظهر في فلتات 
لسانه وصفحات وجبه وطوالع نظره. وإنا لن نجهل حقوقكم ما عرفتم حقناء ولا ننسى 
الإحسان إليكم ما ذكرتم فضلناء ومن نازعنا هذا القميص أوطأنا أم رأسه حبيء هذا 
الغمد. وإن أبا مسلم بايع لنا على أنه من نكث بيعتنا وأضمر غئنّا لنا فقد أباحنا دم ثم 
نكث وغدرء وكفر وفجرء فحكمنا عليه لأنفسنا حكمه على غيره. 

كتاب من أبي مسلم إلى المنصور 

حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال» حدثنا المغيرة بن محمد قال» حدثني محمد بن عبد 
الوهاب قال» حدثني علي بن المغاني قال: كتب أبو مسلم إلى المنصور حين استوحش 
منه: أما بعد فقد كنت اتخذت أحاك إماماء وجعلته على الدين دليلا لقرابته والوصية التي 


ح الجمليس الصالح والأيس الناصح سس شسح-هوه راح 
زعم أنها صارت إليه» فأوطأني عشوة الضلالة؛ وأوهقني في ربقة الفتنة» وأمرني أن آذ 
بالظئة وأقتل على التهمة ولا أقبل المعذرة» فبتكت بأمره حرمات حكم الله بصيانتهاء 
وسفكت دماء فرض الله حقنهاء »؛ وزويت الأمر عن أهله, ووضعته منه في غير نحله. فإن 
يعف الله عني فبفضل منه» وإن يعاقب فبما كسبت يدايء وما الله بظلام للعبيد 

ثم أنساه الله تعالى هذا حتى جاءه حتف أنفه فقتله» ثم صعد المنبر فذكر مثل المتقدم 
فيما ذكرناه. 

معنى حتف أنمّه 

كال القاضي: قول هذا القائل: "حتى جاءه حتف أنفه" ينبغي أن يكون على قول أهل 
العلم خطأ من قائله» وذلك أنهم ذكروا أنه يقال لمن لم يقتل ومات على فراشه: "مات 
حتف أنفهء ومات حتف نفيه". وذكر بعض المتقدمين في علم اللغة وأهل المعرفة بالعربية 
أن هذا مما أتى في ألفاظ معدودة تكلّم بها النبي يك لم يجدوا سابقاً إليها غيره» وأبو 
مسلم على هذا لم يأته حتف أنفه: وإما كان بنسيانه عظيم جنايته على نفسه وتعرضه لما 
لها قبل له به وطمعه في الأمن مما الخنوف منه أولى به فتوجه إلى جبار من الملوك قد 
وتره» وأسرف في خطابه الذي كاتبه به مع ما كان منه مما اضطغنه هذا الملك عليه 
واسترسل في إتيان حضرته؛ وأضاع وجه الحزم» واستأنس للخصم وسلّم عدّته التي كان 
يحمي بها نفسه إلى من أتى عليها وفجعه بهاء فقتله أفظع قتلة. فكيف يقال فيه جاءه 
حتف أنفه مع ما بيّنّاه من معنى هذه الكلمة واختصاصها بما تختص به. وبيّن أن قولهم 
"مات حتف أنفه" مخالف في المعنى قولهم "قتل" قول السموأل , بن عادياء: 

وما مات منا سيد حتف أنفه ولا طل منا حيث كان قتيل 

وهذا في دلالته على الفصل بمنزلة قول العامة: "مات فلان على فراشه" ليفصلوه ممن 
قتل. ولو كان هذا القائل في هذا الموضع قال "حتى جاءه حتفه أو منيته» أو حتف 
نفسه"” أو ما أشبه هذا من الألفاظ المنبئة عن هذا المعنى» لوصل إليه بغيته وأصاب في 
العبارة عما قصد له وسلم من تخطتة أهل العلم له. 

المهدي يستدعي مولى فائد ليفنيه صوتا معيتا 

حدئنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال» حدثنا ابن أبي طاهر قال» حدثني حماد بن 
إسحاق عن أبيه قال» حدثني الربيع بن الفضل قال: أمرني أمير المؤمنين المهدي بالتقدّم إلى 
حليفة العامل على الباب أن يكتب إلى صاحبه كتاباً عن نفسه في إشخاص أني سعيد مولى 
فائد. فلم يك شيء حتّى وافى أبو سعيد فأدحله حليفة العامل علي. فتوهّمت عند نظري 
يه أنه فاضي اكردين» فدات من ساعتي للى أ مير المؤمنين وأعلمته فأمرني بصرف الناس 
وإدحاله. قال: فقرب أمير المؤمنين بحلسه وأحفى سؤاله ثم قال له: غنني أبا سعيد: 





حدودم*0 املس التاسع والتسعون حت 
لقد طفت سبعاً قلت لما قضيتها ألا ليت سعبي لا على ولا ليا 
وإن الذي يبغي رضاي بذكرها لأكرم من أهلي علي وماليا 

فقال: وأغنيك أحسن منه يا أمير المؤمنين» جعلني الله فداك. قال: أنت وذاكء فَغنّاه: 
قدم الطويل فأشرقت واستبشرت أرض الحجاز وبان في الأسحار 
غيث الحيا وضياء كل ملمّة سهل القياد ومألف الزوار 


قال القاضي : فأجاده وأحسنه؛ غير أن المهدي قال: هذا حسن ولكن غنني" لقد 
طفت سبعاً" قال له: وأحسن منه» جعلني الله فداك. ' قال له: أنت وذاكء فغتاه: 
إن هذا الطويل من آل حفص نشر الود بعدما كان ماتا 
وبنى المحد مشبهاً لأبيه مثل ما يشبه النبات النباتا 
قال القاضي: هكذا رواهء وأنشر أفصح. فأحسنه وأجادهء فقال المهدي: ويحك يا 
أبا سعيد» ما تركت في إحسان مزيداً ولكن غتني: "لقد طفت سبعاً" فغنّاه: 
إن الطويل من آل حفص فاعملوا ساد الحضور وساد في الأسفار 
قال» فقال له المبدي: نت تحسن با أبا سعيدء ولكن ليس تغيني الذي أضتهي. فقال 
له الفضل منتهراء عن أمير المؤمنين ما يأمرك به. فقال أبو سعيد: يا أمير المؤمنين لا والذي 
أكرمك بخلافته ما لي إلى ذلك سبيل. قال: وكيف؟ قال: لأني رأيت رسول الله عي ني 
المنام» وكان في يده شيء» فأهوى إلى ليضربني به وهو يقول: لقد طفت سبعاً» ماذا صنعت 
يا بني؟ فقلت: اعف عن فوباعنك بالحقّ لا غنّت هذا الصوت أبداً. قال: : فردّه عني 
وقال: عفا الله عنلك. فرأيت المهدي يبكي وتغلبه دموعه وهو يكفهاء ثم وصله وصرفه. 
عراررسول الحجاج إلى عبد الملك 
حدثنا عبد الله بن محمد بن محمد بن أني سعيد وأبو بكر البزاز قالاء حدثنا أبو العيناء 
قال» حدثنا الأصمعي قال: كتب الحجاج إلى عبد الملك كتاباً ووجّه به مع رسوله. 
فجعل عبد الملك يقرأ الكتاب ويستنشي الخبر من الرسول فيجد شرحه أشفى من كتاب 
الحجاج» وكان أ سود فأنشا عبد الملك يقول 
وإن عراراً إن يكن غير واضح فإني أحبّ الحون ذا المنكب العمم 
فقال الرسول: أنا عرار يا أمير المؤمنين» وأني قال في هذا الشعرءفأعجب بذلك عبد 
الملك. ْ | 
معاوية يعيب أهل اليمن فيعيب اليمني قوم معاوية 
حدثنا الحسن ب بن أحمد بن محمد الكابي قالء حدثنا الكلاي قال حدثنا العباس بن 
بكار قال» حذثنا عامر بن عبد الله عن أي الزناد قال» قال معار 0 
ما كان أجهل قومك حيث قالوا: «إربنا باعد بين أسفارنا إسبأ:9١)‏ وحيث ملكوا أمر 


حت الجليس الصالح والأنيس الناصح ص سس حص | لاص 
امرأة. فقال: أجهل منهم قومك يا أمير المؤمنين قالوا حين دعاهم رسول الله غَيه: 
«اللّهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء» الآية (الأنفال: 
"ع ألا قالوا: "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له". 
تم المجلس بحمد الله وحسن توفيقه. 
المجلس المائة وبه نمام المجالس 
زكاه الرأس 

حدثنا محمد بن مخلد بن حفص العطار قال» حدئني جعفر بن محمد بن كزال البزاز 
قال» حدثنا عبد الله بن يحيى يغني المروزي قال» حذثنا إماعيل بن يحبى يعني ابن عبد 
اله انيمي عن شعبة عن الحكم عن الشعبي تال قلت لابن عباس: ما سنة فرق ل 
سال النبي يي جبريل اكع فقال: يا جبريل إن أ متي يكذبون الأمم يوم القيامة فأحاف أن 
يردوا علي يوم القيامة ولم يتم صومهم فقال جبريل: مرهم فليعطوا كل رجل منهم عن 
نفسه نصف صاع من بر يكون كفارة لذنوهم في صومهم حتّى تعتق رقامهم من النار. 
قال: فكان رسول الله وُه يقول: هي زكاة الرأس نجاةً من النار. قال ابن عباس: فكانت 
هذه أحب إلى رسول الله يت من الدنيا وما فيها . قال ابن مخلد: هذا حديث منكر ولكن 
فيه ترغيب» وأسأل الله السلامة» وإسماعيل بن يحيى بن عبيد الله التيمي رجل ضعيف 
وأبوه أيضاً. 

هل ضعف الراوي يجعل الحديث ضعيغاً 

قال القاضي: الذي ذكره ابن مخلد من تضعيف إسماعيل بن يحبى راوي هذا الحديث 
على ما ذكر عند أهل صناعة الحديث. وكثير من العاثة ومن لا نظر ا من انقاة ينان أ 
ما ضعف راويه فهو باطل في نفسه مقطوعٌ على إنكاره من اله وهذا جهل ممّن 
إليه» وذلك أن راوياً معروفاً بالكذب في رواياته لو روى خبراً انفرد به مما سكن أن 
يكون حقاً وأن يكون باطلاً لوجب التوقف عن الحكم بصحته والعمل بما تضمّنه ولم 
يجز القطع على تكذيب راويه والحكم بتكذيب ما رواه. 

مبلغ زكاة الغطر 

فأما تقدير ما يخرج من زكاة الفطر من البر بأنه نصف صاع فقد روي هذا المقدار 
عن النبي وَيَكهُ من جهات متواترة وبأسانيد متظاهرة» وهو القول المستفيض في الصحابة 
والتابعين وفقهاء السّلف من المسلمين» وإليه يذهب أئمة الفقهاء العراقيين وغيرهم من 
المفتين» وبه نقول. وكانت طائفة كبيرة العدد ترى أن ما يخرج في صدقة البر بمنزلة ما 
يخرج فيها من التمرء وممن ذهب إلى هذا مالك والشافعي» الذي يختار إحراج جم صاع 
ممن وجد سعةً من غير أن توجب عليه أكثر من ذلك. وقد بينا ما يجب إخراجه في هذه 





حدم ”0 امجلس المائة حت 
الصدقة من أنواع الأقوات» وذكرنا اختلاف الناس في ذلك والاحتجاج لكل ذي مذهب 
فيه وعليه في مواضعه من كتبنا في الفقه مشروحاً ملخصاً. 
معنى بيت يمسره الأصمعي / 

حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال؛ أخبرنا عبد الرحمن عن عمه الأصمعي أن رجلاً 
وقف عليه فسأله عن معنى هذا البيت: 

وماذا عليها من قلوص مرغت بعكمين أو القتهما بالصحاصح 

فقال له عمي: هذا الرجل كان مفرداً وكانت عنده امرأة فطلقها ونكح أخرى» 
فلقيت المرأة الأولى صاحباً للرجل فقالت: ما فعلت صاحبة فلان؟ قال: هي كما يحبّه 
فقالت: كلا لقد تمرّغت بعكمين أي ساء حلقها عليه وكرهته» فبلغ ذلك الرجل » وكان 
اسمه المرأة الأولى أسماءء فقال: 





نعرّض أسماء الركاب عشي تسائل عن ضغن النساء النواكح 
وماذا عليها من قلوص تمرّغت بعكمين أو ألقتهما بالصحاصح 
وهذا مذل» وليس هناك قلوص” ولا عكمان. 
مصير مسافر بِنْ عمرو 


وحدثنا ابن دريد قال» أخبرنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن هشام بن محمد 
قال: كان مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد سس من فتيان قريش جمالاً وسخاء 
وشعراً. فعشق هند بنت عتبة حبّى شهر أمرهماء فاستحيا وخرج إلى الحيرة ليسلوها. فنادم 
عمرو بن هندء وكان له مكرماً؛ ثم ! إن أبا سفيان بن حرب تزرّج هنداً في غيبة مسافر 
هذه. وخرج أبو سفيان إلى الحيرة تاجرأء فلقي مسافر , بن أني عمرو فسأله عن مكة 
وأخبار قريش» فخبره من ذلك ثم قال: وإني تزوجت هند ابنة عتبة. فأسف مسافر من 
ذلك ومرض حتى سقي بطنه» وقال: 
ألا إن هنداً أصبحت منك رما وأصبحت من أدنى حموتها حما 
وأصبحت كالمسلوب جفن سلاحه يقَلْب بالكفين قوساً وأسهما 
فدعا عمرو بن هند الأطباء فسألهم عن حاله فقالوا: ليس له دواء إلا الكيّ» فقال له: 
ما ترى؟ قال: افعل. فدعا له طبيباً من العباد فأحمى مكاويه حتى صارت كالنان ثم قال: 
أمسكوه لي» فقال له مسافر: لست أحتاج إلى ذلك. 
فجعل يضع عليه المكاوي؛ فلمًا رأى الطبيب صبره هاله ذلك» فقال مسافر: قد 
يضرط العير والمكواة في النارء فأرسلها مثلاً. قال: فلم يغنه ذلك شيئاً. 
فخرج يريد مكة فأدركه الموت بزبالة» فدفن بها ونعي إلى أهل مكة؛ وكان أبو طالب 
ابن عبد المطلب له نديماء فقال يرئيه: 


- الجليس الصاح والأنيس الناصح 


كيف كانت مرارة الموت في في 
رجع الوفد سالمين جسميعاً 
منيت صدق على هبالة قد حا 
مروة تشع الخصوم بايد 
بورك الميّت الغريب كما بور 


وعلات 
رو وليت يقولها المحزون 
ك وماذا بعد المسمات يكون 
وخليلي في مرمس مدفون 
لت فياف من دونه وحزون 
ك نضح الرمّان والزيتقون 


الرمان والزيتون 

قال القاضي: والمشهور من الرواية في هذا البيت "كما بورك نضر الرمان والزيتون"2» 
وذكر الرّمان والزيتون لتقدّمهما في أنواعهما وعظم منافعهما وسعة الانتفاع بأصوهما 
وفروعهما. وورق هاتين الشجرتين من أقوى الأشياء اشتباهاً وكل واحد منهما كآنه 
صاحبه» وبين شرتيهما من الاحتللاف والتفاوت ما لا يخيل؛ وذلك من بديع حكمة الله 
تعالى وإتقان صنعته ولطيف قدرته. وقد قال الله حجل ثناؤه: وهو الذي أنزل من 
السسّماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حبَاً متراكباً ومن 
النّخل من طلعبا قئوان دانية وجنات من أعناب والرّيتون والرّمان متشاياً وغير 
متشابه © (النعام: 15). فهو مشتبه في ورقه غير متشابه في أنواعه وطعومه وصورة شرته) 
فسبحان الحكيم في تدبيره» ا محسن في تقديره» المنعم على خلقه. والناظر لهم بسبوغ رزقه. 

نمام الخبر السابق 

جعنا إلى الخبر: قال هشام بن محمد الكلبي» قال الشرقي بن القطامي: البيتان الأولان 
لهشام بن المغيرة المخزومي» وكانت عنده أسماء بنت مخربة النهشليّة فولدت له أبا جهل 
والحارث؛ فغضب عليها في أمرٍ من الأمور فجعلها كظهر أمهء وهو أول ظهارٍ كان في 
العرب» فجعلته قريش طلاقاً. 

فأرادت أسماء الرحلة إلى أهلباء فال لما هشام: أين الموعد؟ فقالت: الموسمٍ فقال 
ها ابناها أبو جهل والحارث أقيمي معناء فأقامت. فقال لما المغيرة: لأزوجتك غلاماً ليس 
بدون ابني هشامء فزوجها ابنه أبو ربيعة» فولدت له عبد الله وعياشاًء فذلك قول 
هشام بن المغيرة: 

ألا زعمت أسماء أن سوف نلتقي أحاديث طسم إِنّما أنت حالم 

وقال: ألا أصبحت أسماء حجراً محرماً "البيتين الأولين". 

وشود أم سنان المذحجية على معاوية 
حدثنا الحسين بن أحمد بن محمد سعيد الكلبي قال» حدثنا الغلابي قال)» حدنا 





ح. ع سس سح مجلس المائة حت 
العباس بن بكار قال» حدثنا عبد الله بن سليمان المديني عن أبيه عن سعد بن حذافة قال: 
حبس مروان بن الحكم غلاماً من بني ليث في جناية جناها بالمدينة» فأتته جدة الغلام أم 
أبيه ) وهي أم سنان بنت حيثمة بن خرشة المذحجية» فكلمته في الغلام فأغلظ لما وزبرها. 
فخر جت إلى معاوية واستأذنت عليه فأذن لماء فلما جلست قال: يا ست نحيثمة» ما 
أقدمك أرضي وقد عهدتك تشنئين قربي» وتحضين علي عدوي. قالت: يا أمير المؤمنين» 
إن لبني عبد مناف أخلاقا طاهرة وأعلاماً ظاهرة» لا يجهلون بعد علمء ولا يسفهون بعد 
حلمء ولا يتعقبون بعد عفوء وإن أولى الناس باتباع سنن آبائه لأنت. قال: صدقت» نحن 


كذلك» فكيف قولك: 
يا آل مذحج لا مقام فشمرا إن العدوٌ لآل أحمد يقصد 


هذ علي كالبلال تحفه وسط السماء من الكواكب أسعد 
خير الخلائق وابن عمّ محمّد وكفى بذلك والعدرٌ يبيدّد 
ما زال مذ عرف الحروب مظفراً والتصر فوق لوائه مايفقد 

قالت: قد كان ذلك يا أمير المؤمنين» وإنا لنمطع بك خلفاً. قال رجل من جلسائه: 
كيف يا أمير المؤمنين وهي القائلة: 
إما هلكت أبا الحسين فلم تزل بالحقّ تعرف هادياً مهدليًا 
فاذهمب عليك السلام ربّك ما دعت فوق الغصون حمامة قمريًا 
قد كنت بعد محمّد حلفا لنا أوصى إليك بنا فكنت وفيا 
فاليوم لا حلفٌ تومل بعله هيهبات شدح بعده إنسيا 

قالت: يا أمير » لسانُ نطق» وقول صدق» ولفن تحقق فيك ما ظننا فحظّك أوفر» 
والله ما أورثك الشناءة في قلوب المسلمين ! إلا هؤلاع فادحض مقالتهم» وأبعد منزهم» 
فإنّك إن فعلت ازددت بذلك من الله قرب» ومن المسلمين حبَاً. قال: إِنّك لتقولين ذلك؟ 
قالت: سبحان الله والله ما مثلك مدح بباطل» ولا اعتذر إليه بكذب» وإنك لتعلم ذلك 
من رأينا وضمير قلوبنا. 

كان والله على أحبً إلينا منك إذ كان حياً» وأنت ت أحب الئاس إلينا من غيرك إذ أنت 
باق. قال: فمن شكواك؟ قالت: مروان بن الحكم وسعيد بن العاص. قال: وم استحققت 
ذلك عليهما؟ قالت: بحسن حلمكء وكرم عفوك. قال: وإنّهما ليطمعان في ذلك؟ قالت: 
هما والله لك من الرأي على مثل ما كنت عليه لعثمان. قال: والله لقد قاربت فما حاجتك؟ 





جح الجليس الصالح والأنيس الناصح “لاحت 
قالت: إن مروان بن الحكم تبنّك بالمدينة تبك من لا يريد البراح منهاء لا يحكم بعدل» 
ولا يقضي بسنةه يتيع عثرات المسلمينة حبس الي ا فقال: كيت وكيتء فألقمته 
أشن من الحجرء وأ لعقته أمر من الصاب. "قال أبو عبد الله: الصاب الحخضض". 

قال القاضي: الحظظ بالظاء وهو معروف. قال أبو ذويب الحذلي: 

نام الخلىّ وبت الليل مشتجراً كأن عينيك فيها الصاب مذبوح 
مذبوح مشقوقءٍ والذبح الشق» قال الشاعر: 
كأن بين فكّباوالفكُ فأرة مسك ذبحت في سك 
رج الخير 

ثم رجعت إلى نفسي بالملامة» وآتيتك يا أ مير المؤمنين لتكون في أمري ناظراً وعليه 
معدياً. قال: صدقت لا أسألك عن ذنبه ولا أسألك القيام بحجته؛ اكتبوا لها بإخراجه. 
قالت: يا أمير المؤمنين» وأنّى لي بالرجعة وقد نفد زادي وكلّت راحلتي؟ فأمر لها براحلة 
موطأة وحمسة آلاف درهم. 

عروذ يشكو خال هشام إلى هشام 

حدثنا أبو النضر القيلي قال حذثنا محمد بن زكريا الغلاي قال» حدثنا عبيد الله بن 
محمد عن أبيه» قال الغلاني: وحدثنا العتبى عن أبيه قالا: دخل عبد الله بن عروة بن الزبير 
"قال ابن عائشة: وأمه ابنئة المغيرة بن شعبة" على هشام بن عبد الملك» وقد كان 
إبراهيم بن هشام أضرٌ به وهو على المدينة. فقال له عبد الله: يا أمير المؤمنين» إِنّك قد 
وليت خالك ما بين المدينة ! إلى عدن فلم يمنعه كثير ما في يده من مل ١‏ ل ل 
نازعته نفسه احتلاس ما في احتلاسه هتكناء فأنشدك الله يا أمير المؤمنين أ ن تصل رحماً 
بقطيعة أخرى» فوالله ما سختّى بأنفسنا عن الأموات إل ما كف وجوه الأحياء» ولأن 
هوت مرفوعين أحبُ إلينا من أن نعيش مخفوضين. فقال هشام لعبد الله: إنّه لا سلطان 
لخالي عليك بعد يومك هذا. فال له عبد الله: فإن قال نقول وإن مد يده مدننا بأيدينا؟ 
قال: نعم. فقال عبد الله لأحيه يحيى قل» فجنا بين يديه ثم قال: 
إنا وإخواناً لنا قد تكلموا حديثاً على أمر الضلال واللهدى 
يقولون كنا سادةً في ندينا وما ذاكم مرٌ الحديث ولا حلا 





قعوداً بأبواب الفجاج وخحيلنا تساقى كؤوس الموت تدعس بالقنا 
فضحك هشام هشام وقال له: أحسنت» ثم أمر له بعشرة آللاف درهم وقال لكاتبه: 
اكتب إلى إبراهيم بن هشام يحسن إليه ويرفعه ففعل. 





م8 امجلس المائة حت 
أخبرنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال» حدثنا إسحاق بن محمد بن أقبان النخعي 
قال: أنشدني لمروان بن بي حفصة في ابن أبي دواد لما نالته العلة الباردة: 





موسسى بن عمران لم ينقص نبوته ضعف اللسان به قد كان يمضيها 
قد كان موسى على علات منطقه ١‏ رسائل الله تأتيه يؤدّيبا 
لقمان وزوجته التي تخونه 

حدثنا محمد بن القاسم بن محمد بن بشار الأنباري قال» حدّثنا الحسن بن عليل 
العنزي قال» حدَئنا علي بن الصبّاح قال؛ حدثنا أبو البدر هشام بن محمد الكلبي قال: 
كان لقمان بن عاد بن عادياء وكان من بني صيدى بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن 
نوح رجلاً غيوراً وكان لا يتروج امرأة إل فجرت» فتزوج جارية صغيرة لا تدري ما 
الرجال» وبنى لما بيتأ ني رأس جبلءوجعل له خطافاً. وكان يصعد إليه وينزل منه 
بالسلاسل؛ فإذا تنحّى عنه نحى السلاسل. فبصر بها غلامٌ من عاد فعشقها فقال لأهله: 
لئن لم تجمعوا بيني وبين امرأة لقمان بن عاد لأجابنَّ عليكم حرباً ترقص أشياخكم. 

قالوا: كيف الوصول إليها؟ قال: بأن تجعلوني بين سيوف تودعونها لقمان إلى أجل ثم 
تسترذونها منه حين يحين ذلك. فجعلوه بين سيوف وجاءوا بها لقمان فأودعوه إياها 
معهاء فإذا جاء لقمان توارى. فلمًا انقضى الأجل جاء أهله يطلبون السيوف فأعطاهم 
إياها وهو فيها. ثم إن لقمان كان ذات يوم جالساً في ذلك الموضع على سرير له مع 
امراك فاع رأسه ذا ننامة توى في السقف» فقال ا ما هذه؟ قالت: مني. 

كر: النوس حركة الشيء المتدلي. 

ل شي تقلت فلم تصن كي فل ا وبلا سيوف حططي 

ثم احتملها فألقاها من ذلك الموضع فقتلها. نزل تخضمان ديد الغضب فلقيته انتم 
0 مالي أراك يا أبة شديد الغضب؟ قال: و نت أيضاً من النساء؛ فأخذ حجراً 

رأسها فقتلها. فضربت بها العرب 0 أذنيت إلا ذنب صحره) 
وبضربوته لم يعاق ويؤاحذ ولا ذنب له. وني ذلك يقول حفاف بن ندبة للعباس بن 
مرداس السلمي: 
وعبّاس يدب لي المنايا 0 وما أذنبت إل ذنب صحر 
لقمان ولقيم 


حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال» أخبرنا أحمد بن سعيد أن لقمان بن عاد خاطر 





جح الجليس الصالح والأنيس الناصح ولاج 
لقيماً ابن أخته في مائة من الإبل على السّبق إلى موضع أيهما سبق إليه أذها. فسبقه لقيم 
واستاق الإبل» فقدم بها ونحر وأهدى وطبخ وأطعم. فأتى لقمان ابنته صحر» فقدمت إليه 
لحماً مطبوحاً. فقال: من أين هذا اللُحم؟ قالت: قدم لقيم بالإيل فنحر وأهدى وأطعم, 
فهذا اللحم من عنده. فتأسّف وغضب وضرب برأسها وقتلهاء فضربت العرب في ذلك 
المثل» وفيه يقول أبو دهبل الجمحيء قال أحمد بن سعيد: أنشدناه الزبير بن بكار له؛ قال 
ابن الأنباري: وأنشدناه أحمد بن يحيى أيضاً عن الزبير بن بكار لأني دهبل الدمحي: 


اذهبي بالله فاستسمعي حبريه بالذي فعسلا 
واسأليه فيم يصرمنا قد وصلناه كما وصلا 
وتجئى حين لنت له ذنب صحر يبتغي العللا 


قال القاضي: ولقمان بن عاد ولقيم معروفان مشهوران عند العرب» ولمما أخبار 
كثيرة» والعرب تكثر في كلامها وأشعا شعارها ذكرهماء وتضرب أمثالاً كثيرة بهماء وقد قال 
بعض من هجا بني تميم: 


إذا ما مات ميت من تميم فسرَّك أن يعيش فجيئ بزاد 
بخبز أو بلحم أو تمر أو لشيء الملقف ني البجاه 
تراه يطوّف الآفاق طراً ليأكل رأس لقمان بن عاد 


ولقيم هو ابن لقمان من أخته» ولقمان أبوه وحاله» وذلك فيما ذكر أهل السمير قالوا: 
كان لأحت لقمان زوج محمق يولدها الحمقى. يقال في هذا المعنى رجل محمقّ وامرأة 
محمقة» كما قال الشاعر: 

لست أبالي أن أكون محمقه إذا رأيت خصيةً معلّقه 

فقالت لامرأة أخيها لقمان: هبي لي ليله من بعل» قالت: وكيف السبيل إلى ذلك وفيه 
تلفي وتلفك؟إقالت: السبيل إلى ذلك أن تسقيه الخمرء فإذا كان يثمل منها رفعت 
المصباح من البيت وأخليت لي فراشه» ففعلت ذلك. 

وأوى لقمان إلى فراشه فوقع عليها وهو يظن أنّها امرأته» لكنه لم يخف عليه حتى 
قال في سكرهء حين باشرها: هذا هن جديد. فاشتملت على لقيم من أخيهاء فأتت به 
أدهى من لقمان وأفضل» وني ذلك يقول النمر بن تولب: 70 


لقيم ابن لقيمان من أخته فكان ابن أحت له وابنما 

عشية حمق فاستضحكت إليه فغرَ مها مظّلما 

فأحبلها جل تابه فجاءت به رجلاً محكما 
هل كان لقمان مجوسياً! 


قال القاضي: قد حكي أن قائلاً ذكر أن لقمان بن عاد كان محوسياء وإِنّما توهّم هذا 








حعو؟ ا مجلس المائة حب 
لاستيلاده أحته» وليس الأمر على ما توهّمه؛ ولكن السبب فيه ما ذكرنا. وقد ذكر الفراء 
في قصة أصحاب لكين في قوم تعلى: ها أزكى طعاما» (الكبف :065 ان الذين 
سا الع يوئر من م بن ان أل كا 3 ري 


وهذا آخر ما سر اللّه تعالى إملاءه من كتاب اللجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح 
الشاني, ولله سبحانه وتعالى الحمد والمنّة وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قرّة إلا 


باللّه العلي العظيم. 


2 


فهرس المحتويات 


مقدمة 6006 666666606666666 06.© | إلى أي شيء أفضى بهم الزهد نل 
المحلس الأول: حديث من كذب على متعمداً . . . . ٠١‏ مي الشعر الحكيم .01 . ا 0 نل 
التعليق على الحديث  ..‏ > + > ع 0 م ٠١.2...‏ | ابجلس السابع: الروح والفرج في الرضا واليقين د 
الآية وما فيها من اللغة والنحو ٠١.6.6.666...‏ ]التعليق على الحديث + :  :‏ + 2 + 7 0 0 ون 
ذكر بعض نوادر الأخبار .66666 ١6.6.6666‏ ]ها حجازية وتهميمية ع : + > + ع ع ع 0 إن 
ينون بني سعد ع + ع ع ع 0 كول ابن أني عبينة يعزل والي البصرة لثمم م ءام م مم 8 
التعليق على الخبر 66666 66660 ١١.666.666‏ ] تعليق لغوي ع ع ع ع ع حي 0 0 د 
املس الثاني: حديث جريج .666 ١5.6.6666‏ ] نجابة الفتح بن حاقان . . . ٠.‏ 0 كد 
التعليق على الخبر 666660660666666 ١97.606‏ | رضاالمتجني ا ا 0 0 0000 يل 
حروف المقاربة 666.66666.6.6.6.6 ١6.٠.6‏ ]| شعر الشاعر بمنزلة ولده > ع » » + ح ح > 2 إن 
الجمع بين اللغتين 6 ...6.666.666 3*6 ]| عدوهمةابن أي داؤد ع ع ع ع 0 إن 
معنى الفتنة ...666666666666 5١.6...‏ | الخليفة المنصور يخلع ثيابه على.شاعر 0 ف 
من نزلت فيه هذه الآية ...06666666066 . 355 | النحلس الثامن: حديث خرافة اس 0 إن 
أقوال حكيمة عن بعض العلماء والأعراب . .6 ...585.6 | رواية أخمرى للحديث ع ع ع 0 ذل 
المحلس الثالث: هذا في سبيل الله ...6.6.06 0. .378.0 | التعليق على الخبر ع ع 0 ان 
عزل الحجاج بن يوسف عن الحرمين . ...5526060606 ]| غود إلى - خبر الشعبي مع الحجاج لثمم ما مم 6م 64 
عمر رضي الله عنه يتمثل بشعر .0.0.0 ...54.6 | لوحدثت آحنا لحدك + : :  :‏ : . إن 
كلمات مأئورة ع ع ع ع ع ع حي 0 بوني وصية الحجاج بأهل البصرة لالاعام ام مام مام ...الات 
من زهد رجال الحديث ...6.666.666 07”* | الحلس التاسع: مؤرق وفضيلة كتمان السر لل.مءالاه 

من الشعر الحكيم العم م 6 66666660 7* ] بدعاآمر المخضر عضيل ع 0 0 1 0 ان 
مجلس الرابع: إن من الشعر حكماً 58٠66... 6.٠6.‏ | التعليق على الخبر ع ع 0 إن 
مذهب للمؤلف في الصغير ..666 ...58.6666 | عقبىالحسنى 7 7 7 0000 لمعم كه" 
ا محارب الشجاع 606006 986662666666666 | التعليق على الخبر ...6 .6.ء ع ع 0 0 بن 
حسن الظن بالله 6.666666.66666 #980866 ]| الوشاية منزلة بين الخيانة والإثم ع ع ع 0 0 ين 
تعليق على تخبر .6666.66.60 0. .م #35 ]| هذا سوار ساقه الله إليك ع ع ع ع ع 0 0 يون 
من أين لك هذه الحبة؟ للع ءءء م.م .سم | أبيات في التوديع اي يح ع ع ع ا ا بن 
يستعيذ بالله من السبع ءءء ءءء #م ]| أبيات لسوار يغني بها ع 0 0 بن 
املس الخامس: صنائع المعروف تقي مصارع السوء . 4" | ومن مأثور الحكم ع ع ع ع ع ع ع ع ع نين 
التعليق على الحديث . . . .6 ..66.666.6.م6. #4 | انجلس العاشر: رجل أحب قومه ع ع 0 دن 
حديث الحية 660606606 .666666666666 5” | التعليق على الحديث ع ع 0 0 نين 
الجار إذا أراد شين جاره لم. .60.6066 5” ]| امرأتك أكرمكم ع ع ع ع ع 0 0 1 0 ين 
نادرة بين الحجاج وخارجي + + + خ + خخ 2 يوون : خبر الواقدي مع يحيى بن نخالد ثمم م 6 6 م 6ه #4 
مال من يأحذ؟ للم 6 66664 6.6.6.6666 ا” | تعليق لغوي ع ع ع ع ع ا 0 ان 
لو كانت الجئة بيده 6666666660666 .م لا” | العباس بن الأحنف يؤى به ألا الإحازة بيت . الا 
جزاء الاحسان ال 6.6 ...ملام ] في صلة هذا الخبر . ٠.‏ لثمم م مم66 .. الا 
كرم أبي أيوب المورياني امم 66666 ...م" ] في وجبه شافع سج . + . + > + ع وى 
مثل يضربه الأعمش .86666666666666" | القول في معنى في وجبه شافع +ع + + + + : : 2 برق 
تعليق نحوي .0666660660 ...ءلم | الأصمعي يعادي ابن الأحنف 0 0 0 2 رف 
المحلس السادس: عبات هذا لك ...8.6.6.6666" ] تعليق نحوي الم م م م م مم ءام 6م م .. كلا 
“'تعليق على الحديث 6060666666.60.06 4606.6 ]| الحلس الحادي عشر: نعم الإبل الثلاثون العم عم ك9 
الشءراء على باب عمر بن عبد العزيز . ...40.6.6.606 | التعليق على الحديث لمم م م م مم مم م .. شلا 
المؤنث المعنوي 5 : : :  »‏ : + : ح ع شورق فمن جود معن بن زائدة ملمم مام م م مام .. شلا 
اقطع عني لسانه + ع ح ع ح ع ل كينل ومن سخاء يزيد بن المهلب مثلم امام م .ما .. شلا 


أعطيك بما مدحت الله ...6660666666066 . 45 ] ايلى الأخيلية ووفودها على الحجاج 0 فى 








ذكر السبب في وفاتها 066060660066 6...060 .٠8ل‏ | المجلس الرابع عشر: الصاحب مسكئول عن صاحيه . , ١١١‏ 
خبر ثان في ذلك 6066660606866 6.666 ...8ل | العيرة من الحديث > 0 0 1 د سردل 
حبر آخر عجيب في ذلك قعالم ءام م لل قلا جد أعشى همدان وصاحبه 0 كردن 
التعليق على الخبر بأكمله ع ع ا ا ا خبر مقتل أبي مسلم صاحب الدولة ع ع ا يدل 
أعطنا حمّنا الذي في هذا المصحف ..٠‏ ...85.0.0 | بر للمؤلف مع بعض الرؤساء في شأن أبيات لي 

حكمة على محبرة لثةة ل ء ةلل ةمالل ءءء “م | تمام ع ا ا ا ل 
ابحلس الثاني عشر: امرؤ القيس يحمل لواء الشعر إلى الحسين يرفض تزويج زينب من يزيد لع ءلا١٠١‏ 
النار 6666666 606606606660666 ...3# | عمرو بن حريث يتزوج ابنة عدي بن حاتم على حكمه ل2١١‏ 
رواية أخحرى للخبر 66 606600866060060 85.6.6.650 | بين حفص بن غياث القاضي وأي الديك المعتوه . . ١٠١9‏ 
من مصارع العشاق 06066 6060606060060. 0 ...68 | المجلس الخامس عشر: قول الرسول في مخاطبة قتلى بدر ١١5‏ 
أعطه لكل بيت ألف دينار .6.60.0606 ... .لالم | جارية ظريفة ترد على أي الشعثاء حين أخبرها بحبه . ١١١‏ 
التعليق على الخبر 660066 66060606060666 ...لالم | ابن الزبير يغضب من ابني العباس بن عبد المطلب . 

الأمر لا حيلة له 66 60666006066 68٠.٠6.66.66‏ | زواج شرحبيل بن الخارث الغسائي عع ع ا 0 
ضعف قلبي عن الرد 066606660666660 .66م | من مية بنت عمرو ثم تطليقه لما بأمر أبيه 1ل 
نصيحة أعراني 60606606660 6.6.6666 ...6م | من مخارج أبي يوسف الفقهية 0 2 ران 
قريش أسحى أم أمية 6.6.6.6.606.66.6.٠‏ ...64.6 | إسقاط استبراء الأمة وتولية عقد نكاحها ا 
سمى الله المستهزئ جاهلاً 066 060. 0.6.6600 68 | عمة محمد بن أحمد بن عيسى تستشفع له لدى 

النوبختي وزرزر المغني للم 6م مم مم م ء. ...68 | المعتضد ع > > ع ع يي ا يا يا ا ا ل 
أخبار أصحاب الغلمان 066 0.0.0.0606 ...84 | حكمما بعد لولا من الضمير المتصل ال 
المعترز ويونس بن بغا 6.6.6.606066066060606.. 4٠6‏ | عظة واعتبار > > > ح ح ع ع ع اي لايرل 
وناسلك يقتله الوجد 606060606066666 .6.6.6.6 406 | بر مقدم وكيع وابن إدريس وحفص على الرشيد ١١5.‏ 
لو أمر الله العباد بالجزع 31١06... .......٠‏ | المامون يترك جاريته الحبيبة إلى بلاد الروم 0 
الأمين يتوجع لإصابة خادمه كوثر 3١... .....٠‏ | الحلس السادس عشر: حديث ما ذثبان جائعان في 

المأمون يعاتبه بسبب هذا البيت فيلجا إلى الفضل بن حظيرة ع ع ع ع ع ا ا ا ا ا 
سهل 60660660 606606 6.6.6.6666 ...”4 ] تعليق المؤلف > ل ا ا ران 
حمسة آلاف في تفسير كلمة 066....٠‏ ...9906.6 | أمرالحجاج بن علاط السلمي وحيلته في جمع ماله من 
أبيات غزلية ا ع ع ا اي بول ع ع ا ا يا ا ا ا ا ا اد ال 
امحلس الثالث عشر: حديث الغار 3 > 2 ا بورد المجاج وفراشة التي كانت تجهز الخوارج 66.66. ه1١١‏ 
التعليق على الحديث 66 60.000 0.0.0.6666 3*8 | حمان البرتي يهيم بامرأة طقطق الكوفي شين 
كثير من أصحاب الحديث لا يضبط اللغة لم ...44 لط ولط وأيهما اصح ع ل ا ري 
إعراب المفعول له ع ع ع ع ع يا ل بينما يبول من فزعه إذ يبول على قبره جع ع شرف | 
غار آخخر ينطبق على تسعة إحوة ...0.0 ...34 | إلا يكن أخا باللسب فإنه أخ بالأدب ا رين 
الأعضب وما قيل فيه من اللغة والفقه ......٠.٠‏ 48 ] أبيات متفاضلة في المدح لبعض الشعراء 606.60 ١١4.660‏ 
شعر لا يستنكر إنشاده في المسجد 2ح + > ع ا ا بد زيارة حرقة بنت النعمان لسعد , بن أي وقاص . ١54.‏ 
أكله كُله ؟ فاأعاعاةاوةاة نم .ا.اناوا.ا ل .ارال ل .ا آ'ة المغيرة بن شعبة يعرض عليها الزواج فترفض . . . . ١5‏ 
أبشر بطول سلامة يا مربع .6060606606 ...456.6 | أم جعفر البرمكي وما وصلت إليها حالتها من عظة 

دع لله إحداهما تثل الأخرى 666000....ملاة ]| وعبرة م ع ع ع ع ع ع ع ع ع ا ا ا ا 0 
عبد الله بن طاهر يجيز العتائي ثلاث مرات .980.00 ] زبيري يقت هاشم ع ع ا ا ا 0 
قصة أبيات من الشعر لعبد الله بن طاهر 98٠.٠6.66.6٠...‏ | رجاءيرجوع ماأمر به > > > > ح ‏ > ح 0 ل سوال 
ريبة الرشيد في النمري 60660606666 . ...38 | النجلس السابع عشر: حديث فليقل خيراً أو لينصت ١١5‏ 
شعر يعزل قاضياً عن القضاء 0.6.006 ...44.0 | تخالد بن الوليد وعبد المسيح بن عمرو الغساني في فتح 
تعليق نحوي مد المقصور وقصر الممدود م..ه.. ١٠١١‏ |الخيرة . ع ع ع ع ع ع اي ا ين 
عمر رضي الله عنه يعزل والياً بسبب شعره مما ءءآ خبر الغضبان بن القبعثري مع الحجاج ا انين 
تعليق لغوي وبلاغي 6.060 6.6.6.6666 ... ٠١١‏ ] معنى الوشل في اللغة ا ا ين 
من الشعر العفيف 060666 60660 6.6.0606 .. ٠١١‏ | جعفر بن محمد يزوج حسين بن زيد ويوصله إلى الثراء ١.‏ 


أبيات تثل بها ابن الزبير منصرفه يوم الحمل ٠.٠ءء ٠١١‏ | مصعب بن الزبير يتمثل عن هزيمته ببيتي شعر . . . . ١8”‏ 


ل فهرس المحتويات 


جمع القلعة قلاع خلافاً لابن الأعرائي ين 
نديم ينتقم من صاحب بيت المال جع :+ : : ب يرن 
حكم من كلام الخليل بن أحمد ع 0 ف رسن 
ومن كلام علي بن أني طالب رضي الله عنه . و 
صحبة لطيفة :ع + + + + + > + + ع ع + + 2 2 2 رزول 
لمجلس الثامن عشر: حديث جالس الكبراء . . . . ١*5‏ 
تعليق المؤلف جع ع ع ع ع ع ع ا دين 
عبد الملك يوجه نظر الحجاج إلى (سرافه ورد الحجاج 
عليه ع ع ع ع ع ع ع ع ع ع 6 درن 
الحجاج يؤمن الناس إلا أربعة الام م 6 م .عه ١86‏ 
بر الحجاج بن عبد الله التعلبي مع عبد الملك . . . ١‏ 
من جود خالد بن عبد الله القسري 2 7 2 0 رن 
شعر لبشار بن برد في قينة ع ع 0 0 رن 
عبيد الله بن يحيى بن خناقان يتنبا بالأحداث . . . . ١1٠١‏ 
وتنبؤ آخر للامام أي جعفر الطبري لثمم م .. ١56‏ 
صدقه حين كذب وكذبه حين صدق لم ممم ١56‏ 
المحلس التاسع عشر: التوني بسكين أشقه بينكما . ١”.‏ 
ذكاء عبد الملك وعلمه 2 + + ع + ع > ع 0 2 برل 
قصة غربية مما كان يرد على القضاة ا ]| 
التعليق على الخبر مثم مث ةم مم ممم م .. ١145‏ 
أخاف أن يكون في قبوطهما وهق رقبتي ١45.6...‏ 
لو علم السبب ف66 م666 6660666066606 ١15‏ 
بأي شيء استحق سعيد بن عبد الرحمن توليه القضاء ١1107‏ 
التعليق على هذه القصة 06666666660 ١14‏ 


حكاية عن القاضي العوني» وكان طويل اللحية . . . ١55‏ 
المجلس العشرون: حديث إن يصدق ذو العقيصتين يدخخل 


الجنة معةا مم قءا م .امام .ا مم م .م م .. ١58‏ 
كتاب قيصر إلى عمر رضي الله عنه بشأن النحلة . . ١66‏ 
بعض ما تلحن فيه العامة الزمرد والزبرجد 6.م.يم.. ١ه٠١‏ 
من شهداء ال هوى مقا ةا م ما ما ما ما م ل 6 .هم [(ه6١‏ 
من نزاهة حفص بن غياث في الحكم لل. مث .. ؟ها 
لا يستحبي أحدكم من التعلم ع ع 0 ون 
اللحانون من الخاصة ممعم م م م مم م6 6 .. ١85‏ 
جاريتان تغلبان عيسى بن لثمم مما م م .. 166 


أو ولس بأحذ مدي سريت ريف ربط شرا . هه١ا‏ 
شرب نبيذاً ثم لا يدري أطلق امرأنه أم لا» وحكم ذلك كها١‏ 


حذف ألف الاستفهام ثثمام م 606 6606666 5ه١‏ 
مجلس الحادي والعشرون: حديث إنكم لن تسعوا الناس 
بأموالكم د ونن 
التعليق على الحديث معماقام ا ماما ماقام م .ا .م /ا©1 
عيش الفقراء وحساب الأغنياء 0 0 00 لول 
سبب نكبة أبي أيوب المورياني وزير المنصور . . . ١98‏ 
جميل وقول أحدهم فيه لن يفلح هذا أبدا ١5١...‏ 
أبو إسحاق الفزاري يرد على اتهام الرشيد له . . . . ١11‏ 
كأس أم حكيم ع ع ع ع ع ع ع ا ا ورين 


متى يقال الليلة الماضية» ومتى يقال البارحة لعع. 1١5”‏ 











/ا :لات 
القضاة ني نظر أبي يوسف جع ع ع رين 
كم كان يصلي بهم لو أكلوا اللوزيئج ل. .م6 ١54...‏ 
إغباب الزيارة ا ع ل ا ا ين 
املس الثاني والعشرون: فضل العقل ١54.666.‏ 
خبر سعد العشيرة ممم 6 م6 ١15666666666‏ 
معنى الألفاظ اللغوية ا دن 
الوليد يوافق الحجاج على عسفه بآل المهلب . . . ١54.‏ 
أنا أشعر أم أنت؟ ع ع ان 
بدء أمر أي العتاهية فلم م ١18606666666666‏ 
يقول شعراً وهو لا يدري ثلثم م6 66 ١595606666‏ 
طرأ الواغل برغم هروبهم إلى الصحراء ايل 
الواغل والوارش ع ع 0 0 ون 
احتكم يا أبا السمط حي ع ع ع ع ع 0 ىن 
مكافأة بغا على شجاعته سح ع ع حي بون 
أول ما ظهر من فهم سليمان ايل لاللم م ءءء ءالا( 
امجلس الثالث والعشرون: من مكارم الأخلاق . . .؟/ا١‏ 
حبر عمرو بن المسبح أرمى عري ح ع 2 ا رون 
لم يسمع بأسرة دخلت الإسلام كهؤلاء ...6 ..4لا١‏ 
حبر مقتل عمرو ذي الكلب للم 6666م ..ه6لا١‏ 
أيهما أجود؟ حي ع ع ع ع ع ع ع ع دون 
مطايب الجزور وأطايب الفاكهة لالم م مم ملالا( 
أعرائي يشرب بجزة صوف فتعاتبه امرأته ...م ءء4/لا١‏ 
فطنة قاض ع ع ع ا 0 نين 
رأي أي ا ...لم١‏ 


حنيفة حي ع ع يبنل 
معنى السوقة الصحيح لالم م 66666 ١8.6.6060‏ 
ما قيل في نوح بن دراج القضاء ع ع > 1 2 ب د الل 
النسب القصير ح ‏ د بن 
مجلس الرابع والعشرون: من يكن في حاجة أيه . ١8٠.‏ 
إسلام سادن الصدم ملم 6 ١616666666666‏ 
مناظرة ابن عباس للحرورية .660666666 ء[آكما 
حبر الأصدقاء الثلاثة ع ع ع ع ع ا يرن 
تعليق لغري للم م 6 6 6 6 6 66 6 66 ١64.666‏ 
الصمصامة سيف.عمرو بن معديكرب لث. مع ءمما 
نتيجة الرفق ونتيجة التعذيب للم 6 6 م6 ١65660666‏ 
كيف يكون بارداً وله هذا الشعر لمم مم م ملام١‏ 
السيد الحميري يستكمل هدية للم م م مام هملام١‏ 
معاتبات في عدم قضاء الحاجة 2 2 يرن 
عبيد الله بن جعفر يهب ثيابه لبعض الفتيان لثمم ءكظكما 
المجلس الخامس والعشرون: الرزق على قدر النفقة . . ١895‏ 
ابن هرمة يرثي الحكم بن المطلب ل. ١69.66.66.66‏ 
وفود جرير على عبد الملك بن مروات 666 ١90.666‏ 
الرشيد يحبس محمد بن الليث ثم يطلقه ويكرمه . . . ١95‏ 
خبر وضاح اليمن هه هاوها. 6ه ها همه ه.ا م واه ها ع« ه ١5‏ 
جنه وجن عليه مثم م م ءام 6 م6 66 66 ١95.606‏ 


حدر “7 
من أدب آل البيت ١ه‏ ها وه .هد ناه 








145 


وفود كثيرة عزة على عبد الملك و- ينه معه . . . ١94‏ 
ساوج عبد الملك بنفسه إى حرب مه عب وتدئله بشعر 


معنى الغرب 3 > 7 + 0 2 ل 1 م 


١9 ...ا‎ 6.06 


الله 


مجلس السنادس والعشرون: أصل المعائقة والمصافحة /اة ١‏ 
التعليق على الخبر الإصرء الذراع . . . . . . 


حكم المصافحة والمعائقة والقيام للزائر . . . 
أصل اليمن؛ ماهو . . . . ...2 لل. 
وعلى ذكر القرد . . . ...2.6 ...ا .. 


في أول لقاء بين أي نواس وأي العتاهية ملثمة 


هشام بن عبد الملك يسترضي الأبرش الكلبي 
الفرزدق يؤجل ثانا 2 
قد يصلح العشق الفتيان . . . . .0 -.2.6.. 
الآذ ظرف ولطففب ...2.2 ..مامء 
من التلطف في ترقية المرء إلى المعالي . ٠.‏ . . 
ودرس من أفلاطون للحث على التعلم . . . 
املس السابع والعشرون: مذق فمذق له . . 
يصارح الحجاج برأيه في أححيه . مالماما مه 
معنى المندوحة والمستأثرين . . . ٠.‏ .0.5 .. 
تشدد القضاة في الحق» وتقدير الخلفاء لهم . . 
البر بالقصاد وكيف يكون . . . ...2 . 
من سخخاء المهدي 
الأقوال في ( بي ) ...2.2.2 لل.مء 


هاأفاه 6ه ٠.‏ .اج .اما واه 


شخاص عن الولاية يتا شعر + ٠0...‏ 


أنت أسود أم حاتم 3 > ا ل ل 0 5 م 

يصلح بين عبد الملك وزوجه فيئال حكمه . 

مجلس الثامن والعشرون: أنت صاحب المبيذة 
بالأمس؟ 
تعليق لغوي الكشح والحبيذة . . ...0 . . 
وسيلة مؤكدة .2 ...ل للءءلال. 
تشدد شريك بن عبد الله ني إحقاق الحق . . 
من بلاغة خالد بن صفوان وحسن كلامه . . 
السبب في عزل شريك بن عبد الله القاضي . 
لطيفة بين خالد بن عبد الله وأعراي قصده . 
اعفني من أربع . . 
الزرع والجراد . . .. 
المتفضل جاوز حد المنصف . . . 


. »ا © وه ها هه .ها .د وه و و وا‎  « 


١98 .٠ 


امحلس التاسع والعشرون: الناس سواء كأسنان المشط 
خبر من فتح القسطتطينية . . . . ...2.0 .ا. 


معنى بعض الكلمات ووزنها 6.٠6‏ .اماما .اها .ا .ا ماء 


تصميم قاضي الرقة على إنصاف المظلوم . . 
يخوف جارية بإهدائها لأصمعي . . . . . . 
المرء في رتبة السلطان . . . . ...606 .م 
تأكيد الضمير المرفوع ١‏ لمتصل - المفعول معه 


لحلل 
لل 
0 ؟”* 


26 


: س2 لع © هه هج م 


يح باحس سا جمس مسا 


6 مام 


٠. 


58 


فهرس اتويات حت 


حماد الراوية يحاول أن يغتدم غنيمة . . . . . . . .554 


كلمات حكيمة للحليل بن أحمد 7 2 0م 
املس الثلاثون: حديث سواه بن قارب . . . 
كات حكيمة الى ,ىلل للا لالء 
عجيبة من العجائب الزاغ أبو عجوة . . . . 
عدل سوار القاضي وانتصار الرشيد له . . . . 
أبيات في ما يلاقه الحبون ا ,ل ...انمه 
تفسير الشنب والغر 
عاقبة الاستضفافت ىل ل ...الالال ءامء 
عفة جرير» وفجور الفرزدق 8 + 2 + 5 5 5 
الحديث الحسنء أبقى للذات . . . . . .6 .. 
كيف عاد الزهري إلى قول الحديث . . . . . 
مجلس الحادي والثلاثون: أنا خخيركم بن 
نفسا 


٠"‏ هماو .د هه .ا هاه 


من حسين معاوية وذكائه «ه هد وه .مه مه 6.ى 
أغز أمر الله يعرك الله . , , ...ءءء 
صلة الرحم تخقف الحساب . . . ٠...‏ .. 
أبيات في وصف الطوى ...6.26 .ل.. 
هو أشعر الناس هه ها هاه . .د و .هد .ا .و .اه 
جميلة من هذيل ٠.‏ ...66.6.6 ...م 
فقباء المدينة السبعة . . . . . .2 ...اماه 
جارية للحجاج تشك في عفة جرير . . . . . 
الحجاج يفضل شعر جرير . ...0 ..06.06.ء 
براعة بشار في الشكاية إلى الأحرار . . . . . 
لؤلؤة ابن جعفر . . ...6 ...م .ا مء 
ملكي خير من ملككما . . ...0.2 .... 
المأمون يسأل عن العشق . . . ...6.6 .. 
عبد الله بن طاهر يصلح زوجه ببيتي شعر .6 
الجواب من جتس السؤال . . . ...6..ء 


. ٠ 


٠ 


المحلس الثاني والثلاثون: زوجات الرسول يسالنه النفقة 


تعليق وشرح لغوي . ٠.‏ ...6.2.206 ... 
خبر صخحر بن شريد السلمي |م6امامد مامه 
خبر عن تحليل النبيذ» والاستطراد إلى حكمه . 
تحقيق المسألة . . . . ...0.0.6.0 ...م 
حلع عليه حتى استغاث . . . ...0 2... 
عتذار بليغ لدى المأمون 
النجلس الثالث والثلاثون: لا حليم إلا ذو عثرة . 
بنو أمية وتنقصها لعلي واأماءا مثاماما .د وا هه 
التحلص البارع 
قصة عجيبة في البراعة ني علم النجوم 
الكسوف والحسوف . ...2 . 
القول في فاضت نفسه وفاظت . . ...2 . 
توجيه إعراب بيت جرير .ا ٠.‏ ...6 .ام 6م 
احذر هؤلاء الخخمسة . . . . ...2 ...م 
واحذر هؤلاء إن... 


54 
52934 
ا؟ 
يفم 
0 
٠*8؟‏ 
.5 
556 
.559 
53238 
وى 
فى 


كرض 
حضف 
سرضقف 
روف 
لوضف 
مخرق 
5 
كراوف 
ارف 
احرف 
خرف 
ضف 
خرف 
0_0 
4 
8_8 
4 
رف 
رف 
54" 
54 
.1غ" 
557 
.5545 
554 
55٠‏ 
5" 
/ا5؟ 
"54٠‏ 
.”5 
7ه؟ 
٠.‏ 7ه؟ 


معنى تعاورة الشعراء . . 5 ...2606606666 5815 
ريما نقع الحمق . . . ...6266.066 


مجلس الرابع والثلاثون: شكره الله أربع تصال 
تعليق المؤلف ...66.06.06 6م .ام 


ما كان زياد يقوله للرجل إذا ولاه عملاً . ثلث 


معنى أوطأنا عقبك 
معاوية وإعجابه بولده يزيك . . .5-.6-.66.ء 
سيدة الساع . . . .6.6.6 .0 .6 06م 6 م 6ه 
وغراب يضرب في سوق الطير 3 7 5 57 
وجارية تغني في ذمه , . . ...6666.6 6. 


هذا الطائر المظلرم ‏ . . .5 ...66.6.6 06مء 


حقق الله طم أمنياتهم . . .666.6 6060. 
أسلوب الحكيم . . . ...0606م .مام 


الرد الخالض . ...6666.6 مم6 
لولا الجياء ...ا 


تعليقات بلاغية ونحوية . . . .5 .٠.6.6.‏ 
يتعلق بالقضاة حين يعزلون . ٠.٠. ٠.‏ 66.ء 
لعله الخضر أو إلياس . . ...6666.6 .. 
سبق والبة إلى بيتين جيدين . ٠.٠.‏ 666.. 
أسماء أوقات الشراب عه 


المجلس الخامس والثلاثون: طائر أبيض يرسل قبل 


من بركة آل البيت ٠.5...‏ . 
وقصة أخرى في هذا الشأن . . ٠.٠.6.26...‏ 
رأي القاضي في إطلاق سراح الرجل . . . . 
التجمل مع المصائب . 
مالك بن أسماء يضرب للحجاج مثالا . 577 
يافتي! الست ظريفاً؟ .2 ...60.6 6.ء 
رأي أي زيد في أصحاب الحديث . ٠...‏ 
إنهن يكفر العشير . ...66066.66 .. 
انملس السادس والثلاثون: حير شجرة في النة 
لحن الراوي في كلمة خير ‏ . . ..6.66.6. 
إنه شيطان الأجلام . ...4 ...ا ممء. 
خبران يرويهما الزهري عن نفسه . . . ٠.٠.‏ 
سبب حدوث الزلزلة ...6.6.6 6 م مم 
أعرني ظريف عند أحد العياد . . . ٠.6٠. ٠.‏ 
جزاء مجالسة الأذال . . ...62 مامه 
من أخبار خالد بن يزيد الكاتب . ٠.٠.6...‏ 


لايقبلها أو يعرقه . . ...0666.66.06 مء 


الحب أعظم مما بلغانين . ...5.6 06086.ء 
كان يظنه هجام ,ل .الال مام مام 


بيتان لأني العتاهية من أحسن الشعر 7 55 


من لحن العامة . . ...60.6 6666م مه 


عذري ورب الكعبة 


7 ؟ 
اه ؟ 
5 
5" 
36> 
مه؟ 
احا 
/اه ”7 
/اه ؟ 
/اه ؟ 
مه" 
58 


569 ٠. 


وه 
و 
5 
1 
1 
1 
1 
بذ 


55 
ايكون 
3 
51 
امل 
55" 
558 
38> 
318 
58 
7 
7" 
88 
وض 
رفف 
37> 
74" 


. ه/ا؟ 


نض 
حيف 
نيف 
لض 
كا ؟ 








48 


أتلف ثلاثين آلف آلف درهم .0 ...00.6.0 746؟ 


يحتاج صاحب السلطان إلى ثلاث . ٠٠.٠.٠.‏ 
امحلس السابع والثلاثون: من هدي النبوة 
رواية أخرى للحديث 5.2 . .666.6.5.6.. 


خير صخر بن شريد السلمي .٠. 5. ٠.2‏ 
شرح معتى الضمان والسواد . . ٠.‏ .066.6.ء 
معائي العير . ...6666666666 
معنى إذا سرقت فاسرق درة ...66.6 6.ء. 
بعض أخمار ذي الرمة وأخوته وحبويته 6.ء. 
الصغرى أظرفهن 


٠ 


002 
00 
00-00 
1" 
8 
4" 
8 
.57 
.0" 
.94" 
ما 
.584 


ا مجلس الثامن والثلاثون: إذا أحب الله عبداً منحه القبول ١86‏ 
نان 


شرح الحديث 3 : + + 7 7 7 7 5 5 5 0207 
ضبط بعض المصادر التي أتت على فعول . . 
بيتان في المحبة والتفضيل بينهما . . ٠.‏ .06.6.. 
بيت لأي طالب في مدح الرسول . ٠.٠06٠. ٠.‏ 
تعليق عروضي ٠ . ٠. ٠.‏ 2 5 © 5 5 05 5 
من أحسن ما قيل في الرئاء ثاماعام ا ماما مهم 
أبيات في الزهك , ...06 ...66.6 مه 
إسحاق الموصلي يحكم بين شاعرين . . ٠ ٠.‏ 
آراء للمؤلف في النقد بحضرة الخليفة . . . . 
بعض الناس يدعي من الآراء ما ليس له . . ٠‏ 
دابة وما أشبهها لا تقع في شعر . ٠.‏ . ...٠ه‏ 
أمثلة مما همز ولا أصل للهمز فيه . ٠.6...‏ 
نحوي يحادث جاريته ‏ . ...6.66.6 6.. 
رجل يعاب من لا يصطنعه 7 + 7 3 7 7 55 
بالإحسان في البديهة تفاضلت العقول . . . . 
تام الآلات في كل شيء . ٠.٠.‏ .60666.6.. 
المحلس التاسع والثلانون: حكم الحداء والإنشاد 
المتوكل لم يكن منحرفاً عن أهل البيت ٠‏ . . 
ابن عباس كان يأل بركاني الحسن والحسين . 
خبر زيد بن موسى المعروف بزيد بالنار . ٠.‏ 
الأسد في سفينة توح ...6 ...6.6066 
لا يحب الله من الظلم شيكا . . ..66.6.٠ء‏ 
قضية رجل يسب السلف . ٠.‏ .6.66.665 
اعتذار الحسن بن وهب عن الإعطاء . 


المحلس الأربعون: لن يدخعل المنة شحيح أو بخيل 
تعزية بليغة . . ...6666666 594.666 
مخارق يهاجم إسحاق الموصلي فيدافع هذا عن نفسه 6" 


ابن بيض يتحقق له حلمه . ...6 .6.6.. 
توصي له بثلث مالا نظير بيت شعر. ٠.٠.066.‏ 
من جود عبد الله بن جعفر .واه واه ٠.‏ ه ه٠‏ 


إبليس يعلم الغا . ...0 . 


من أخبار ابن جدعان .2 ...6066.06 6.. 


خم" 
كما 
3 
00 
ا11 
.184 
1814 
585 
56 
ان 
551 
551 
511 
55 
ل 
5 
ارين 
59٠‏ 
554 
.55 
55 
.5" 
554 
55 


ا دن 








العلم من ظهور الدفاتر 6.660.666 .6ه .ءاه 30604 | صفة الوليد بن يزيد وبعض شعره 7 2 2 2 د وي 
أعراني يسأل عمر ع ع ع ا ا دي الولبد يسافر ليشرب في حانة بالخيرة م م م م ااام 
نمو النبات مرتبط بطاعة الله 66 6. 0.0060 ... 3068 | خخطية يزيد بن الوليد بعد عزله لابن عمه ا رض 
بكاء الشعراء على الشباب ا دن 0 ع ا ا ا ا ايض 
فتح أول الاسم في النسبة وعلة ذلك . . . . ٠8‏ | الدار التي كان يقف فيها ابن أني ربيعة . رض 
ممازحة 2 > ح ‏ ع ع ا ا اا بن يدمنى كل يوم حجة أو اعتماراً 2 1 0 د ا رضن 
يعاف المشرب المشترك 6 6.66.0666 ..ا.. 06868" | بعض ماكان يلقاه أتباع البرامكة > > + + 2 2 7 0 ب ؤرير 
أبيات لحسان في مدح الخمر وذمها ‏ . . . . كن ما أحسن الحق! 0 0 0 0 0 كرس 
نصيحة أب لابنه > > > > > ل 0 1 اير كيف تولى أبو الأحوص ولاية مصر + > 2 7 2 ب وريس 
فليغننا أصواتاً بدلاً من العطاء 6.66.666 ...6.6 05م | ما طذا حسئة ولا لك سيثة ل م م م لأسا 
مجلس الحادي والأربعون: وجوب ضبط العلم وتقييد ولو كان هو القاضي ح ‏ 0 2 2 0 0 3 زورون 
الحكمة ع 0 60.6 ...6.6.6.6060 .. 097” | الحلس الخامس والأربعون: لا يتمنين أحدكم الموت لضر 
ائح غالية [لأحنف بن قيس 60.6666 ... لا06” ] تزل به ل ل ا 0 0 0 0 0 ورين 
م سدت قومك؟ 666.6.66 6.6.6.6666 .. 648" ] الأذان بالألحان 8 > ع 0 0 00 ا دري 
كيف قال فيك ذو الرمة هذه الأشعار؟ ]| عبد الملك يتوسم الخلافة بأمور في نفسه لضن 
0 6.66.66606066 6.6.6.66 .. 308 | متى تكون الشركة في الحدية 0 0 وري 
من أحسين المراي 6666 6.6.6666 .. 508 ]| شماتة الأعداء في العزل > ع ع ا ا ا ارون 
املس الثاني والأربسررة فضل ابن عياس ١‏ | معبد يتحدى الغريض ا 0 ا ا 0 بورض 
تعليق المؤلف 666660606666066 .ل ...6 317 | من صفة الغريض . >> 2 2 + 2 2 7 2 2 : ؤرين 
عينٌ للحجاج يوفق في مهمته 606.66.6.6 0.6.6660 15” | من نوادر طويس 2 > > + ح + ح ع 2 2 7 0 0 د ورين 
معنى البئيس واللبان 3 > > > > > > > ح جح ع اي ورور من مخار ج أني يوسف 3ح > جح > > خخ ح ع خخ يع سرون 
الحجاج يكثر الخير في البيوت 060.06.60.60 ... 02”» | سبب شلة المنصور على مخالفيه . 0 07 0 رض 
الخلفاء يغارون من أبيات جيدة قيلت في غيرهم 5١4 .٠‏ | من مروءة الحسين البصري 7 7 2 0 7 0 2 برضن 
مزرد ينتقم لحرمانه 0066 6.666.066 .ا ..اء #3318 | الجلس السادس والأربعون: قصة مقتل أمية بن لف . وعم 
معنى النهم والنقد, والصفر والغرث . . . . 5" | معنى التناوش مهموزا و غير مهموز 0 رض 
رد على عتاب 60666 606066686606666 . 56” | الوليد يتوله بجارية نصرانية 3 2 2 0 7 1 د دين 
أشعب يتوب عن للحم الجداء 60.0.0.660 . ...515 | حكم الوادي يضطرب أمام الوليد 7 1 دان 
أول يوم تعرف الشعراء بأي تمام 6........ 07” | ألا أن تحج ثانية يا أمير المؤمنين 0 0 دوين 
شرح وإعراب 666666606260 ...ا .ء. "١48‏ | وصية أعرابية لولدها ع ع يي ران 
ابلس الثالث والأربعون: الزجر عن أذى اليتيم . 8 | عنلما يسمع المحب اسم حبيبه > ح ع ع > ع د ردان 
تعليق المؤلف 66660 66 6.6.6.6666 .. 013" ]| كتاب سوءالادب ا ا ا ا دن 
سآكل منها ولو شققت بطنك ...06.60 .. 515 | لم يدعه يسال غيره ح ع ع ا ا اتير 
زهد بعض الصحابة وتقشفهم .60.60 60. .6.6.6 30506 | كيف سخلصه الله من الغلام ا ااي 
عود إلى خبر معاوية وأكله من الخيس 0. . . "3 | رواية أخرى للخبر ا ا ا ان 
ابن الأنباري لا يرغب في تفسير الخيس 36١‏ | أبى إلا الحق فععامة امام ءءء ممم 6 م م.م .46يم 
أول من ذكر الخيس في شعره 60.6.66. ...6 .. ”51١‏ | من طرائف القضاة ا ا انين 
طالب مشاكس 6066606 6.6666 ...6 .. الال | من رسائل العتابي ا ا ا اير 
السفلة؛ وسفلة السفلة 6.6.6060666 .6.66.666 35350 ]| أثر الحدية في النفوس ل ع ع ع ع ع انين 
شهرة قاض بالغلمان 6666 6.66.6666 ... 5#”» | هل كذب ابن سيرين ا ا ا ا دان 
وحكاية أخرى في المعنى 6666660666066 35# | لماذا يهداً ولماذا يضرب؟ ا ودين 
وقاض تفتنه حسناء لالالام ءام م م م م م ل .ا ”> | المقصة يرويها الكسائي ع ا 0 ا ا ادن 
مصدر فاعل الفعال والمفاعلة -6.606.60.6..6... 37 | ألفاظ التلبية ا ا ا ا دان 
أيهما الأصل الفعل أم المصدر 6.606. .6.0.6.6 .. 3254 | الحموم تزيد مع النعم ا ا ا ني 
علمته الحياة 66660606606666 .ا ...ءءء 358 | رواية أنخرى للخخبر فيها زيادة ا انين 
كيف تحتار أصدقاءك؟ > > > > > > > جح ع ديم ربرور املس السابع والأربعون: تأكل من فم رسول الله 78.6 
ا خلس الرابع والأربعون: نعيمان الصحاي الظريف . 775 | تعليق المؤلف ا ا ا ا ادير 


اللحن في أذنه أوقع ملمءامما مه 0 لقان 
تخريج قوهم ما أحسن هذان ع ع 0 انين 
حيلة عراقي في أذ جارية ابن جعفر ل6 0666 5484 
الوليد وعطرد المغني +ع ع ع > ع + > > + > 2 2 5 ورين 
شعر لا يصدر من قلب سليم +ع + + + ع + 2 : 2 وروين 
الالتذاذ بالتلاقي بعد الفراق ع ع ع ا دن 
أبيات وجدت على سد مأرب ملم م م مم6 6ه 5884 
انغلس الثامن والأربعون: خبر بني أبيرق > > > 5 دون 

معنى الضافطة» والدرمك فالم ام م م ما م .ا .. /ا©؟5 
حذف الياء في مثل يا ابن أ ويا ابن أم لالم م ءالإآه”؟ 
كتب بني أمية أقصر من كتب بني العباس 2 + > 2 انون 
ما للشيطان ذنب في هذا ا 0 اين 
محان الشعراء يصفون صلاة أحدهم 0 0 انين 
منزلة أبي العتاهية عند العباسيين لالعام ام ءا م 6 . 568 
المحلس التاسع والأربعون: الحب في الله ومنزلته . اض 
تعليق المؤلف ح + ح ح ح ح ا ا 0 0 لون 
من أعلام النبوة ع ع ع ع ع ع ع ع ع 2 لون 
يستحبي من النهر ع ع ع ع ع ع ع 2 لون 
حطية زياد البتراء» وتعليق بعض من سمعها > : 2 وكين 
شريطة بشار ع ع ح ع ع ع ع ل 0 رون 
من كنوز العلم ع ع ل ا 0 2 باون 
سبب غضب بشار على سلم ع ا بس 
انتقام العنزير ا ل ل ل 0 لون 
القصيدة أيضا  .‏ ع ع ح ع ع ح ‏ ع ع ا ا رضن 
أسوأ الناس حالاً ع ع ا ا ا بض 
أين حدث الخرق ع ع ع ع ل ل 0 لضن 
هذه الأحاديث الصغار ع ع ع ع 0 0 لضن 
شكر ورد عليه ع ع ع ع ع ع ع 2 لضن 
لاء ولا العوراء ع > . + + ع ع ع ح ع > 0 يلون 
معنى الرفه ع ع ع ل 0 0 لضن 
المجلس الخمسون: لا نستعمل على عملنا من يحض 
شرح السبب في ذلك > 2 وزو 
الشكوى من تولي الجهال الأمر ع 2 2 لضن 
ماقيا ل في تقلد نوج بن دراج القفضاء لالم م م م . 558 
تصحيح رواية البيثت ا ا 0 1 بون 
فهم القضية» فولاه القضاء الما ماما ماء ا م م .ا . 558 
السبب في زوال ملك بني أمية في رأي ملك النوبة . 7/٠‏ 
أبيات في تحذير بني العباس > + + ح + : : : : روون 
مروان بن محمد حين أحيط به 0 0 د يوض 
المبتدي يتشبه بعمر بن عبد العزيز 3 7 7 2 7 رون 
آراء لمهشام بن عبد الملك ماما م م ءام م م ما .6 . 7/5 

متى أحصل عندك؟ ع ع ع 0 0 بين 
تأخير كل وتقديمها حي 0 0 0 يض 
املس الحادي والخمسون: أي الخلق أعجب إيماناً وم 
تعقيب المؤلف 7ح ح ح ح ع 0 0 0 1 2 فد 
أطع كل أمير ع ا 0 اوسن 








١‏ ولاح 
كيف يسب أحد أصحاب النبي ل 7 0 دوس 
القول في كلمة ((حلف)) مثثم مه لم لالم 
وصية معاوية ع ع 0 2 روص 
سليمان بن عبد الملك وشرهه إلى الطعام 2 2 كاوض 
أكفأه وكفأه ع ع ا ا ا ريس 
الأعراي الذي استحمل ابن الزبير 0 0 خض 
ما رأيكم في صفعه ع ع ع ع ع ا ل 0 ا ين 
المأمون وكلب الكنة ا ا ا 0 0 0 0 د نا 
ويخرج بأسلحته لنصرة المأمون 2 2 2 1 - رسن 
أول مكس وضع في الأرض 0 0 د وين 
المجلس الثاني والخمسون: مكافأة قيمة على تصحيح كلمة 
من حديث شريف مالاممامة ع ح 2 2 0 رين 
الرواية الأعرى ا ا ا ا ا لدان 
تعقيب للمؤلف بشرح حال العلماء في زمنه لا 
صتاعة نقد الشعر > + + > ع خخ 0 0 د كمون 
المحلس الثالث والخمسون: من قال لا إله إلا الله.. . . 591 
رواية أحرى للحديث ع ع 0 0 إن 
معنى بخ بخ واللغات فيها ع ع ع ع ع ع اي انان 
العلل التي في سند الحديث 7 0 0 0 0 ل رن 
التدايس في الحديث عع ع ع ع ع ع ع ع ا رن 
أحكم ما قالته العرب وأوجزه ع ع ب ورين 
شامة وهو سكران ومحاورته للمأمون 6م666 .©5159 
متى حلت له الخمر ملام اه م ءام م م م 66 66 .©5898 
في أقل من هذا ما يحفظ لك 66 595666666 
بيتان يلغيان قراراً للأمير ا ا 0 ل لاضن 
قل إن شاء الله ا ا 0 7 للش 
معلومات أي حنيفة في التاريخ + + > 2 7 ب وان 
بعض ما رثي به البرامكة ع ع ع ع ع ع 0 د يان 
أضمر الملك لنا شرا ع 0 لون 
امحلس الرابع والخمسون: من أدب المؤاكلة 7 لسن 
تعليق للمؤلف ا ا ا 0 0 0 لاض 
سوف يبحث عنه سنة كاملة ا ا ا لضن 
لا آمن أن يكون معه حديدة لم م م6 م 66 5984.626 
محمد البيدق ينتقم من النمري مالمم م 6 60 5898.666 
من المفاخرة بين 00 + » > > ح ح ‏ > ا للد 
هل يتلا زم الود والشجاعة ح ع ع ح ع > تراد 
حليفة يأمر ابنه بكتابة بيتين ع ع ع ع ع ع 0 
لا يفرح إلا بما تحت يده ع ا ا ان 
رب نصح خير من مال ع ع ع ع ع لان 
من نوادر المعلمين ع ع ع ع ع حي ل لل 
مجلس الخامس والخمسون: من جوامع الكلم . . . 5١15.‏ 
رواية أخعرى للحديث ل ع 0 ل رين 
حاهدٌ تلفظه الأرض ع حي ا ان 
ابن صفوان ينصح السفاح بالاستمتاع بالنساء . . .4056 
أأزرع أنا ويحصد يوشع + + ح ح ‏ ع ا ا ايد 
قد قاربتك جهدي 2ح جع ع ع جح ع 0 ا الك 








مم07 فهرس المحتويات ست 
بشو الأحرار تهجي وهداج . . . ...0 ...2 . 43١‏ شرح النص السابق . , . .2 ...3.8 .. ...لسع 
كيف يفعل مع هذا الأنف؟ . . . . ...2.2 . 41١‏ ابن أبي دواد يخرج عينا على المعتصم . . . . . . . ه”4 
شعر مكتوب على خائط , . . ...5 ...6 .. 41١‏ لا يتقص الكامل نقع عياله . . . . . ...2 . . .لاع 
خلس السادس والخمسون: فضل رسول الله وبني شعر لعريب . ...2.6 ...لل مم ممم لاع 
هاشم . ...6 ...اث .ص .ص .صل ل ىا .م 4(9 الرشيد وحم ازور . ...2 ...لم .مم لاع 
نجا إبراهيم بن عبد الله بحيلة عجيبة 4١١5 ......٠‏ | النجلس الستون: بايعنا الرسول على السمع والطاعة . . 488 
وصية حكيم لابنه . . .6 ...ل.ل لل .ل.ل 41175 بين العباس بن مرداس وعقاف . . . . . . . ...4880 
علي يرسل إلى معاوية في أمر البيعة . . . . . ...43 | شرج القصض . . ...66266626266 4406 
شروح وتعليقات . . ...0.5 ......... ه49 كيف بدأت نقمة المأمون على يحيى بن أكثم . . . . 414١‏ 
أبو الأسود يعوذ من جماله 4١8 .....٠.6.6...6-‏ ] لماذا كان عمر بن عبد العزيز كذلك ‏ . . . . . . .441 
شرح .6.. .6.666.606 6.6.6.6666 .م 415 | حول أي العتاهية وهو يتشد ... . . , 2 . . ...445 
يحرض على ببعة القاسم بن الرشيد 7 | حسد إسحاق الموصلي للأصمعي . . . . .1 . .447 
يحبى بن أكثم وقاعة في الناس . . . ككلة |التخار ومعاوية . .2 ...2 ...ص .لء ”744 
كيف يسمي يحبى بن أكثم اللقلاء . . . . ... . . 41107 رؤبة والتسابة البكري . . . . . . ...2.0 ...44# 
من أكرم الناس أباً وأما وجد وجدة... . . . . . . 4107 عافية بن يزيد القاضي ‏ . . ..2..6..5... ...44# 
يشتم عمر بن در ٠. ٠.‏ 26م مالم مم مل .امل لا التشميت والتسميت . . . . ...2 ...م6 مء 44# 
حين عفا المنصور عن أهل الشام . . . . . . . . 417 | المجلس الحادي والستون: حديث في أشراط الساعة .4414 
ابن الرومي يجود بنفسيه . . . . . ...2 ...414 ابن عباس يتوقع أشراط الساعة . . . . . . . . .6 .4456 
في من صرف عن عمله . . ...2.5.2.525 ... 4ع مادفش رط ...1 ...2.0 . ...0.2 0. ...4419 
الأحنف يستر على معاوية . . .ل ...م . .م 414 المؤلف يرى كثيراً من أشراط الساعة , . . . ...481/2 
وصية المهلب لابنه يزيك . . . ...5 ...2 .. . 418 خطبةعتبة في حبجه . .2 ...44000000000 
ماين تعم ولا .5 ..6.6.6....5....... 4١58‏ ]| قد بلغ السيل الزى . ...4 ...2.2 ...4446 
اللغات في لعم . ...0.2 ...6 ...2.0 .. 498 ظلم آل على أحب إلى الزبير . . ...6.5 ...444.6 
وممًا في نعم ولا فيما يتصل بالفقه . . . . . . . . 48٠8‏ تفسير ماتقدم ...5.2.5 ...2.6 ...6.6 .4448.6 
احلس السابع والخمسون: رسول الله يعرض نفسه على عتاب بين علي وعثمان . . . ...6.6.5 ..6.. .448 
القبائل . .2 ...0.6.0.6 2 ...6م .م.م .ا 48590 تاويل المؤلف لمعنى العتاب . . . . . ...2 ...4606 
تعليقات على الخير . ٠.‏ ...0.0.0.0 ...2 .. 757ع عثمان يشكو علي إلى ابن عباس ١‏ . . . . . . . .460 
ياخاز باز أرسل اللهازما . . . . . . ...2.2 . 87ع حق العالم على غيرة . .. ...5.5.5 ...م.م .مم4 
شاهك يا ابامسلم ...2.2.2.2 ..يي.. 45# [ لكر ...2 ...ممم 6 ...66م 6 ءاه 
وجوه الأعراب في وأبعث . ...ل ...6 .2 . 474 شرح وتوطيح .5.5 ...6 . ...26 .6 .ما [آه4 
بين عريب وعلويه ...6.6.6.0000 .. 455 | النخلس "الثاني والستون: يا عبادي كلكم مذنب إلا من 

من الحكم السياسية . ...4.25 ...2.4.4 455 إعاقيت ...2 ...... ...م.م ممم .]م4 
في وصف الأحمق . . . ...66.666 455 تعليق على الحديك . . . . ...ل.ل .م.م .7ه4 
من جاد بماله وبنفسه فقد جاد بتفسية . . . . . . 455 ]| وصية عبد الملك لأهاله , . . . . .2 . . . ...“م4 
طوق'بن مالك يستزير العتلي . . . . . ...5 .. 455 | شروج وتعليقات . . ...2 . ...464.660 
خلس الثامن والخمسون: حطبة لعمر رضي الله عنه /1"؛ | حوار بين ابن الزبير وابن عباس . . . . . . . . .,هه4 
تعليق المؤلف على خطبة عمر .457.60.60.66 | قصة جخدر اللص والحجاج والأسد . . . . . . .465 
تعال فاستقك . ...2 ...صلل .ل ...54 المأمون يترحم على ابن أي عالد , . . . . . . . .لاه4 
اضربني ضرباً تقوى عليه , . . . . . . ...2 م 47/6 سعة علم المأمون ...2 ...6.26 ...م.م مة4 
الأشتر وجيلاء . . ...0 ...6.0 ...2 ...488 ميل المأمون إلى التواضع ‏ . . . . . . ...2 ...468 
هذا فصدي أنه . . ععم عم 66.6 ...4*0 | ولد لأي دلامة ابنة , , ,ل ...ل.ل .م .ام لم4 
اللغات في ألا . . . ...2 ...ل... .لي لسع لياس دخل الشام وهو غلام , . . . . . . ...0 .8ه4 
تعيقات وتوضيحات ...5 ...2.5.5.2 ... إسع كرم إبراهيم بن عاصم العقيلي . . . . . . . ...4908 
خالد بن صفوان يرد على مفاخر اليمنية . . . . . 4*1 | ألواع المفائيج . . . . . . ...2 ...46866262 
النخلس التاسع والخمسون: رائحة عتبة بن فرقد . . . م6 ضوال الكلام وضوال الإبل . . . ...6 ...468.6 
بين معاوية وابن الزيير . . . ...لل صلم .م اع وصف دعوة مظلوم . . .5 -.5.5.5 ...6.6.6 ...428 








المؤتمن يتعلم النحو ...6666666666606 4306 | المأمون يمتحن محمد بن العباس ع ع يد 
ماومن 7 ع > ح ح ‏ ع ح ح ع ع 0 0 ان قوة طبع ووثاقة بنية ع ع ع ع ع ع ا ا تيد 
كتاب من عمرو بن مسعدة إلى ابن الزيات . . . . 43١‏ | محمد بن الحسن والشاقعي . . . ٠.‏ ةد 
منامان 6 .6666666666666..0.. 431 | البجلس الخامس والستون: معنى النعم الظاهرة والباطنة 48٠١‏ 
امحلس الثالث والستون: علي بن الهم وحديث العشرة آراء في تفسير الآية ا 0 0 داك 
المبشرين بالجنة ...6 . 45١.66.66.66...‏ ]| وصية أبي بكر ليزيد بن ني سفيان . . 0 
تعليق الخريري ثل .م 6666666666 .6ه 4575 | ربيعة بن مكدم ع ع ع ع ع ع ع ا رق 
شرح غريب النص ح ع ع ح + ع ع ا بايد وعمرو بن معديكرب الأكول م.م6 6م666 4/1.66 
شعوانة تبكي وتبكي 666666666 6.. 454 | معنى الغنيمة الباردة ا 0 0 0 ليزن 
ما أنفق يوم تحذيق المعتز ثمما مام قم مم مه 455 نصيحة وصيف وتردد ابن بلبل 6666662 486.66 
دافع عن أي هريرة في مجلس الرشيد ....... 4368 | رأي معاوية في ما يستحسين من الشعر .1868.66.66 
تقبل السواد في أيام المأمون فربح كثيراً ..... 437 | نصيب الشاعر ورأيه في شعراء عصره . . . . 4/1٠...‏ 
بين بني هاشم وبني أمية 0660 5556066666666 | شاعر يسترفد مكدياً ع ا ا يك 
جرير يحكم بتفوق الأحطل 666060.6 559.666 | ضروب من القبح ع ع ع ا ا ا كد 
تعليقات للمعانى بن زكريا ...0666م . /459 ] لاتغرق في شتمنا لمعه ع ا 0 
هفوة من سوارح العقّل الباطن .....6.6.6.6. 4358 ا لاتدع على أخيك ع ع ع ع ا د 
أحلى قول للمستملي ملل ممم .م.م ... 4548 | كبش من إفريقية ع ع ا ا د 
بجموعة حُكم :1 ...5.5 ..... ...6 ...458 | اتتقل من جوار ابن طاهر ا ا 2 
عمرو بن عبيد يعظ المنصور ٠.6.6.66...‏ .٠ه‏ 4548 | غزل ارون الرشيد ع ع ع ع ع ع ع ا 00 
شعر إسحاق الموصلي ...6.6.6.6666 .. 5458 | أو لعله لابن إياس ع ع ا ا ا ا ديد 
حين أبل صباح بن خخاقان .6.666666.6.. 458 | أولشاعر آخر فلم مم 484066666606666 
الأحطل يسرق معنى للأعشى ....0.00666.6.. 454 | النجلس السادس والستون: يذهب إلى دمشق ليسمع حديثا 
تعليق ابخريري 660666666666060 ... 458 ]| من أني الدرداع ٠.‏ ا ا 0 0 ديك 
ما يقوله الحسن إذا أصبح وإذا أمسسبى ....6... 9/6 ]| الخليل يرى أن الرجال أربعة للم م6 4494666666 
من أول من قال شعراً يعقوب أم آدم .. ...876.06 | بين الطاهري وبعض أهل الأدب ل66 66 588.666 
معاوية يغري ابن عمر بالمال ايبايع ليزيد ...0 .. 76 | إهانة الحجاج لأنس ومانجم عنها . لم مم68 
لماذا يختلف إلى الناس ...6.6.6.6666 816 | تفسير بعض المفردات ع ع 0 0 اليف 
مافي جيب ابن الهم حين قتل ...6606.6 .. 497١‏ | بين دعبل والمطلب الخزاعي ع ع ع 0 2 ابن 
ماري ع يي 0 د 0 ع ع ع ع رن 
لمم 606666666666666 . [(49 ]| حكمة للحسن ع ع ع ح ع ع ع ع ع ا ورد 
مجلس الرابع والستون كيف تولى عمر بن حبيب حسف بدركلتي ونجا أبو زبيبة ا ا ان 
القضاء 66660666060606 6.6.6.6666 .. 49(1 | المشي إلى الصين أهون من تلك الخطوة لك 
مدح حسن العفو 666666 6.6.6.6666 .. 9/5 ]| لا بد من إنصاف الشعراء ممم 6 6 6666 4355.6 
العائف اللهبي 666666666 66666.. 877 | بين الحسين بن علي وزياد ع ع ا ا د 
معنى أحذى العم م م م .6.6.6666 .ا م.. ”5 ]| تعليقات لغوية ونحوية ع ع ع ع ع ل لت 
أعرابية ترئي قوماً هلكوا ....6.6.6.6. .مم 9# | المجلس السابع والستون: معاحة محارب بن دثار لشهود 
شرح الغريب في حديث الأعرابية لم م. 0# ] الرور ع ع ا د 
رؤيا المأمون وما قال أرسطاطاليس ..6.6.6.6.. 57/5 | فظاعة شهادة الزور ع ع ع ع ع ا د 
الكندي رأى جالينوس في المنام ...6 6. .ل.ل م.. 895 | كيف تم استخلاف عمر بن عبد العزيز لمعلا 
أعرلي يسآل ...6.6.66 6.6.6.6.6 ...6 .. 40974 | هل تجوز الشهادة على الكتاب المختوم ا ات 
تفسير حديث الأعرابي لماعم م ما مام ما ما .ا 6 . 5لا أشرف من حرب بن أمية من أكفاً عليه إناءه لاثمامارنه 
إسماعيل بن صالح يغني الرشيد ...6666م لاا | حذف القول وإضماره ع ع ع ا ا كن 
إذا قصر من يؤاكل المأمون 6 6.6.666666..6. 4968 ]| حلف الفضول ع ع ع ع ا ا ان 
أعرابية تمثل موذجاً للصبر . ...478.66.66.66 | يا للكهول وللشبان ع ع 100 
لأي علة لق الله الذباب ...578.66.66.66 | الرسول يشهد حلف الفضول عع ع ع ا ين 


ذباب وذبان > ع ح ع ع ح ع ع ع 0 0 2 إليفق رمي بسهام السحر ١ح‏ ع > ع ع ع ع > ح يح 0 ا ران 





أصحاب الحديث يؤذون ابن عياش 6.....ء. 0٠0”‏ | المأمون يغرم يحبى بن خاقان . . . . . . . ...“اه 
زلة العاقل وزلة الجاهل . . . . 2 ...6 ...0 .. 08ه | في قدر وجهان .2 ...026262602 7422م 
ابن المنجم يستدين من بختيشوع فيعاتبه المتوكل . . 5 | أبو حرملة الحجام راوية للشعر . . . . . . . ...8ه 
تحول أي العتاهية من الغزل إلى الزهد 06...ي.. 04ه | تعليقات نحوية ولغوية ‏ . . ...6 ...6.6.6.6 .6.06؟ه 
اببحلس الثامن والستون: طوى لمن رآني وآمن بي . . 6 | قولة لابن مسمع تضمنت معناها أبيات للبحتري . .اه 
هذا وأبيك الشرف . . ...0.2 .. .. 505 | خطبة للمنصور في يوم عرقة . . ...2.5 ...ل .ا.ثككه 
تعليقات وقوائك . . . ...2 ...006.60 04 جعفر بن محمد يعلم نصر بن كثير والثوري . . . . .لاه 
شعر غنون بي جعدة . ...2.6.2 . ...ل.ل كيه مايقولونه في الج . . . . ...2ل ...لل ضلاكه 
أبو العتاهية يسرق معتى لبشار . . . . . . ...2.6 4.ه دعاء جعفر يردده الخريري ويكتبه الطبري . . . . .لااه 
معق الطرب . . ...0.0.0 ...د ...ل ءاي لار© مجلس الحادي والسبعون: حيونا تحبيكم . . . . . .لالاه 
الفضل وصلاح الإمام , . . ...2 ...ال ىا الايه أي غناء فيه رخصة ...2 ...2 ...ملل ءلالاة 
عقبة بن سلم والشعراء . . ...5 ...6.5.6.5 ...ا 6ءة خبر ابن جامع في مجلس الرشيد > + > خ + + ح حم ساوين 
توجيهات نحوية 6.6.666060606666.... 508 | تعليقات على بعض ما جاء في هذا الخير . . . . . ا #اماه 
صور شعرية محورها البرق 06.6.66006069... مله | وقادة جرير على الحجاج . , . . ...2 . ...4ه 
يعوض على معاوئية يسخاء بالغ . . . . . . ...ا ه8.ه شروح وتعليقات 3 ح ح > > > > + + 7 1 د ساين 
الرسول كان يحب أن يرى عنترة ....٠‏ ...204 | المجلس الثاني والسبعرن: وقاة أي ذر . . . . . . . .هبه 
عبسي شديد التعصب لعتترة . . . . ...5.5 .. 0٠١‏ | يشكو ولي السماوة إلى عيد الملك . . . . . . . .84ه 
تعليق على ما جاء في الخبرين السابقين لالم .ا م .ا اءآإه تفسير ألفاظ وردت في الخبر السابق + + > + + خ سايورن 
بيت شريف في امرأة حفرة . . . .5 0...2.. ١‏ | ابن الزيات يتفجع على دابة أخذها المعتصم . . . , لاماه 
أحسن بيت في وصف الثريا . . . مثثثءم. ١له‏ | تفسير الفا ...6 .. ...لمم مم م لارلاة 
تعليقات للقاضي على ما تقدم . , . . ...2 ... 5 | المؤلف يتقد ابن الزيات على موقفه . . . . . . ../ 2ه 
خلس التاسع والستون: حديث في الخطيكة . . . . 01١5‏ | أم قيس ترجو ليلى أن تزورة . . . . . . ...2 . .اه 
تعليق الحريري على الحديث .0.2660 .. ١١‏ | أعراني معه نصيحة يدخخل على الرشيد . . . . . . . 8بمه 
حسن سياسة ملك . . ...0.0.006 .. 6.... 5١9‏ | الفضل بن يحبى يودع أصحابه . . . . . . .2 . .٠1ه‏ 
قول لبعض الجكماء , . . ...2 ...ل.ل سأااه أبيات للمصعب تعجب الرشيد . . ...5 ...0 .4006© 
دثر لابن دريك . ...ل.ل للم .ممم شماه أبيات لإبراهيم بن المهدي في جارية كانت تخلمه . . 14٠‏ ه 
محاورة بين ابن عباس ومعاوية . . . .2 . ...2 , باه بيتان لابن عرقة ‏ . . . ...0 ...6 ...6.6 .6 .496ه 
رسالة من خالد القسسري إلى أبان البجلي 6.... 5١ه‏ ]| يتان محمد بن داود ...0.0.2 ...6.6.0 ...6 .4ه 
أبو الأسود يوصي حارثة أن يستغل ولايقه . . . . , ١ه‏ إساعيل الديلمي اشتهى خلوى . . . .. ...06.6 .٠١4ه‏ 
تفسير الترحيم وشرح السماحة . ليث ..... ©1١18‏ | خحوات وأخوتة . ...0.5 ...6.6.2 ...م.م 6 (3عه 
رواية أخرى عن . ٠...‏ ........... 515 | المجلس الثالث والسبعون: حديث إن أمتك مفة بعدك 7ه 
تولية حارثة ووصية أي الأسود ....0....٠‏ 015 | الخريري يستغيث بالله من الظلم والظلمة , . . . . . 4ه 
سماه معروفاً وكتاه أبا الحسن .2 . . 0.6 ...016 | الجمائة الكانية تقع في حب حممة ل . . . . ...4ه 
نباذة عن معروف الكرختي 6.6.6.666 . ...515.0 | ألسنة السمك يقدمها إبراهيم بن المهدي للرشيد . . 44ه 
حمدويه صاحب الزنادقة والطويل الزنديق . . . . . 5إه السرف والإسرافت , . .2.36 .660.6 66 66 .46م 
فصل في تاريخ الزندقة . . . 66 0.600.000 .. 019 | أخ يعشق زوجةأخيه وهما من بني كنة . . . . . . 1ه 
بعض أخبار الختاكين . , .ل ...ال ...ءا ىا. هاه خبر الأخوين من بني كنة برواية أخرى . . . . . .6145 
أبو شاكر الديصاني 6606068ث 6.66.0626 ... 2596 | مودةاين المهاجر للعباسيين . . . ...5 ...2.2 ./40ه 
مجلس السبعون: سقيان يدلس في الحديث , . . . . ٠‏ | يسأل شريكاً الطنبور أطيب أم العود ‏ . . . . . . ./40ه 
أبو النشناش النبشلي ‏ . . 6.666.666 .. 051١‏ | قولة لأأي يوسف يرويها ابن تيل . . . . . ...4ه 
شرح لبعض ما جاء في الأبيات . . . 05١ . 0... . ٠‏ | المجلس الرابع والسبعون: حديث وجبت . . . . . .٠18ه‏ 
المعرفة تنفع عند الكلب العقور .ث6 ..... ؟]ه ]| تعليق للقاضي . ...6.6.5 ..6... 6600666 .4ه 
الربيع بن خحثيم وصديقه العابد 6.6.606060666.. 8755 | صبر أعرابية يفوق صبر الرجال ‏ . . . . . ...2 .448ه 
معنى المغث عمعءث6 .06م 6. مث .م .. 9ا؟ة ] تفسير بعض الألفاظ . , . . ...66606 6 .484هم 
يحب عليا ثلاث . . ...2.2 ...لصي ل.ض. “عه الأحوص يسرق شعر ابن أي دباكل . . . . . . . .019 
سليمان يقرع يزيد بن أي مسلم . . . . . . . . . 57م ] إنه أبو ثابت وابنه أثيت مله الى الى الى . .ل ...انهه 








-1١/هه‎ 





أحمد بن حنيل يكتب شعر أي نواس . . . . . .ل 881 | إثها حستاء قلا تفرك . . . . ...60606666 مكلت 
ونادة عبد الله بن جعفر على معاوية . . . . . .. 5هه شروح وتعليقات لاللاما ماما ما .اماما .ام 6 م نآلات 
ابن المبارك يقسم لاخواته . . . . ...2 . . .. 5هه | أسثلة على لابنه الحسن . . . ...66606 6.60666لام 
قول شريح في الخراد ماعاماة م مام م .مام .6 . 65 علي يروي كلمات للرسول مالما ماما ما مام م م .لاه 
أفقت سعيداً ل .للم 66 66 ...ا .. «#فهه | تعليق القاضي ...2 ...6.6.2 4.66.606.60.606/ات 
التآخي بين صعب بن جثامة وعوف بن مالك . . . 67م المغيرة ابن حبناء عند طلحة الطلحات ثثمام م ل لاه 
تفسير ما يتطلب توطيحاً . . . ...6.6 .... لاهه | أعراني قاتل اللصرص ونجا . . . ...6.6.6.66 .3لام 
ماهو إلا شيء جرى على لساتي .5 ..6.5... #اهه عمر بن هبيرة يلجأ إلى يزيد , بن الميلب . . . ...كلاه 
كتابة على قير . . ...6.6.6.6 6.6.6.. 2845© ليحمل عنه غرماً . . .6666.202 .ململ قلات 
توجيهات نحوية لمم مء. ٠...‏ ...ل .. ههه ]| حين تأتى حماد عجرد في استرداد غلام آبق . . . .8416© 
شعر لسابق البربري ...06666666065 .. 66ه أقوال منثورة ومنظومة في المشورة . . ...6.6.6 ٠١6مه‏ 
ولكن تفيض النقس عند امتلاثها . . . . . . .. ههه | في العجلة واليطع ‏ . . . ...6666.6 685.666 
كن باذلاً للخير . . . . . ...6.666.666 . 585 | عتبة بن ربيعة يعرض على الرسول . . . . ...8560م 
املس الخامس والسبعون: طير الحنة . . . . . . . 5هه | أن يكف عن أمرة . ...06066666 ...كلف 
تعليق القاضي على الحديث . . . . ...6.6.6.6 .8516© الرسول يصف القرآن ‏ . . ...2.66.666 86*مه 
إعجاب الأخطل بأبيات للقطامي . . . . . . .. 5ه | على غير مرتاح لوقوع الناس في الأحاديث . . . . . 085 
تعليق للقاضي وتفسيرات .5.0 .6.6..6.5.5... لاهه من أعطي كل القرآن أوجزط من ١ ١ ١ ١ ١ ١ ٠١‏ و 
قصة حيالية عن احتيال معاوية . . . . . ...ل .. مده موعظة علي لكميل بن زياد . ...66.66.62 .مكمه 
لتطليق زوج ابن عامر ليتزوج هو منها وما نجم عن ما رأيت أذ لكتاب الله من على . . . . ...0 .084 
ذلك + > > > > 0 00 ملم م مم م .ا هه علي لم يصب من الفيء إلا قارورة . . ...6.6 .565.6 
غلام يمازح أبا نواس وهو ضجر > خ > خ > + 5 ورين نيرزوا كل يوم ع ع يي ا دون 
ا محلس السادس والسبعون: معنى كل يوم هو في شأن اده | شعر لعبد الله بن زياد الجارثي .5 .66.6666..6.م6/ه 
خداش ومذهب الخداشية ا ...ا ...ل.ل .. 5##ه | شعر لأغراي 6 ..... .60666606606 ...8ه 
الخرمية . . . لم ممم ٠...‏ م.. 54ه | شعر في الدعوة إلى الفضيلة . ...5 ...6.6.6.6 .هلهم 
الرشيد وأعراي باقعة ‏ . . ...2 ...2 ...6 .. 054 | رشونا فقضيت حاجها . . .5 ..0610.066.6.6...6 
هشام بن عبد الملك يعزل إبراهيم المخزومي . . . 54ه | غزل جميل لأني حية . . ...5 ...6.6 6.6.66..6 5610 
أبو الأسود يريد وليدة . . ...06.6.6.625 06.. 58م جمع فأوعى وسثل فأكدى . . . .5 ...0.66.6 .ءكمه 
أعرلي نكل تسعة من أبنائه . . . . . . . . . .. 58ه | رأي ابن المسيب في مصارع بتي هاشم . . . . . 081٠‏ 
الأصمعي يصحف في شعر الراعي ...666.666 5ثه | صاحب يجيد شزيق عرض صاحيه . . .5.5.5 .6.6.٠6ك6/ه‏ 
الأصمعي لا يأبه لاعتراض ابن الأعراي . . . . . . 555 | يجود بخير أو يهم به . .22.0.0.622 81/..0.066/ث 
حطية للحجاج بعد دير الحماجم .مم6 م6 م6 م6 6 1515© تيه الغنى ومذلة الفقر . . ...66666.66 .. .لالمه 
القاضي شريح يتروج زيدب التميمية تثثيي.ش. لاكة ]| أربع ضائعة . ...2.5 ...6.66.26 م.م . .لالمة 
شروح وتعليقات على حبر شريح ...06.6... 059 | قول لسلمالخاسر أحسن ماملح به معن . ... .لاممه 
امحلس السابع والسبعون: خطبة عمر في اللحابية واستجابته عدم جواب الثيم أشد عليه من الشتم . . . . . . .لالمه 
لدعوة قسطنطين ح ح ح ح ‏ > 0 0 0 وين شديد عادة متزعةه . ...2.6.0 .666606 .. ءلالمة 
مشاطرة السكان بدمشق منازهم ‏ . ل.ءل.. لاه | من مشى في حاجة أعيه المسلم . ...5 ...6.6 .ممه 
عياض بن غنم وصلح الرها . . ...6.0.5.6 .6.. كلاه ألم اتار الوحدة . . . . ...606660666 . .4م 
تعليقات للقاضي . . .5 .6.. بثثممممم. شالاه | اللعم مغضوب عليها . .........6... .ممه 
عمر يرحل لنفسه . . امع م.م ممم سالاه | أمرنا رسول الله بسبع ونهانا عن سبع . . . . . . 584٠.‏ 
قمت وأنا عمر ورجعت وأنا عمر . ٠.‏ .5 .6.6.6.. لاه تقسيرات أقوية ا 0. عه 2000026 4ه 
إنا لا تخذ الإخوات خولاً . ...0.6.0.5 . 4ه | أيمن بن خرم لا يقاتل مصلياً 5 ...5 ...084.0 
فروة بن مسيك يفد على الرسول . . . . . . . . 4لاه | إلى متى هذا الفراق . . . . ...6 666066 .8366© 
أنت الذي يكذب من يحدث بأنعم الله . . . . . . 09/4 تلبية لأبي نواس مالعاما م 6 6 6 6 6 6 6 م6 6 584.66 
موقف المتكلمين من الكرامات . . . . . . . . . هلاه | في القرت غنى. ...5 ...666.626 6990.66.66 
المحلس الثامن والسبعون: .حديث الرسول عن فتنة جود جام ...599066666666666 
النجال .ا .ا .له الم مل معءعم.م.. هلاه | إنالحديت طرف من القرى . .5 .6.5.5 .6.6 6990.66.06 








دده 7 فهرس امحتويات ب 
شريك يتلقى الخيزران 66606666666... 5990 | شرح الغريب ع ع ع ع ع ع ع ع ع ا اي ا ران 
المودة أقرب الأنساب .6....٠‏ ...6 ...ل 091 | الجلس الثائي والثمانون: وفد عند ملك الروم يباحثهم 
أرقني أن لا ضجيع ألاعبه م ثعاما. ال ه.ا م6 م .له [9و9ه ويريهم صور الأنبياء ٠‏ 606666060666666 .ةا" 
وصايا أخلاقية 6.6.6.6.6.6.6.6.6.6.660.0.606.. 0341 | تعليق القاضي على الخبر المتقدم ع ع ا ا ا 
تفسير ابن عمر لآية النور ...6.6.6.6066 .اه 8087 ]| براعة العجفاء المغنية ع ع ع ا ا ا ا ان 
مصير عبدة زوج هشام 66666.60 ...ا ه. 087 | تفسيرات وتوضيحات ا ا ا ا د 
من أفاعيل الزنج بالبصرة 2 2 0 0 ونان ما بال العرب تطيل كلامها وأنتم تقصرونه . . . . . 57١‏ 
ابن الزبير ينشد معاوية ثلاث أبيات ......٠‏ 09# | المجلس الثالث والثمانون: حديث إذا آراد الله بقوم خيراً >7١‏ 
أحبوا العرب لفلاث 6660666006066..... 9#ه | أول من قال برح الخفاء > > > > 0 سرون 
بلسان سؤول وقلب عقول لثث. ممم .... 9#ه | سطيح الكاهن . . . . ع ع ع ا ا رون 
مقطعات في العتاب 6660666 6.6.6.6066 .. 09# | الثياب لا ترفع مكانة لابسها ا ا دن 
البجلس التاسع والسبعون: أنفق ولا نتخش من ذي العرش ولد عتبة بن مسعود 7ح ح ح ع اح ع اسن 
إقلالا 66666666660066666 6.6.6 .. 584 | المأمون والرجل المتحنط المتكفن ا 00 
أعرابية قسرية عند خخالد القسري 6.66...... 095 | شرح :انصاع ا 0 لين 
شرح الغريب 6.6.6.6.6.6660666666.. 0858 | اجلس الرابع والثمانون: حديث عثمان بن مظعون . . 579 
أعز شيئين درهم حلال وأخ في الله ......٠‏ 5968 | تعليق القاضي على الحديث ع ا رن 
تفسير بعض الألفاظ 6606669 6.66.6666 .. 998 | معنى الفرط ع ع ع ع ع ع ع يا ا ا ون 
حكاية غريبة عن 6666606606606 .6.6.6.6. 0945 | مصعب بن الزبير وابن ظبيان ع 2 ع 0 0 0 رن 
توسط عمر بن عبد العزيز لدى يزيد بن المهلب . . وه التسمية بالمصدر مثل نوح وكرم ع 0 ف سرورن 
الرشيد يستنشد الكرماني شعراً 6.0.6.6 ... لاوه | تجز ذَوَابتيها للجباد 0 
في حلوب جارية الرشيد 6..606060..0.60... 0997 | تعليق القاضي على الخبر ا ا ين 
طريقة الشعراء 00 60606606066 6.6.660 ...5997 | لم كثر في جنازة الحسن البصري ا رن 
هشام يستدعي حمادا الراوية إيسمع منه شعرا . 5ه | سليمان والمارد ا ع ع ع اي بين 
تعليقات وتفسيرات 666060666 6.666.660 . 0538 | عهد أبي بكر إلى عمر ع ع ع ا ل ا دور 
النوشجاني يتغاضى للمأمون فلا يرضيه ذلك . . . . 599 | كيف يصف أبو بكر نفسه بالصديق كيين 
لا بأس أن يكون الخال أشرف من العم .....٠‏ 6006 | دخخول عبد الملك بن صالح على جعفر بن يحبى . .85> 
اللسان في اللغة 620 66.666.666 ...6 .. 5066 | في بجلس منادمة ا ع ا ل ف رن 
مقولة لعلي في مفهوم القضاء والقدر .,....٠‏ 6006 | المحلس الخامس والثمانون: الرسول ينجر لخديجة . ./اا> 
النحلس الثمانون: يا أبا بكر دعبا فإن لكل قوم عيداً . 70١‏ | أولاد الرسول من خحديجة ا 0 ا ا ديرن 
الرحصة في الغناء المباح 60 .60.666.666 .. 201١‏ | الأيم والناكح ع ع ع ع يعارن 
أبن ورقاء يحسب الشعر قرآتاً 0 1 1 د" النقي والرير > ل ع ع 2 ا رن 
كيف سار المثل الخير ييقى والشر أحبث... زاد . . ٠0‏ | هو الفحل لا يقرع أنقه ل ل ل دن 
أبن الزبير ينشد معاوية ثلاثة أبيات ملعم ءءء ”50# ]| هوابتر ع ع ع ع ا ا ا لانن 
عمر معجب بمعاوية 066 606060 0.6.6.6066 .٠ه‏ 3804 ]| نصيب لا ينشد الشعر يوم الجمعة ملم 66 "4١.6...‏ 
تولية المهلب -حراسان 606660 6.6.6.6606 .. 504 | سمرةالخارجي والحجاج ع حي ل 0 
أبو الديك المعتوه 666606060666666 ...505 | تفسير الولائج وفالج وناهج حي ا 0 
فتيان بني عبد مناف وفتيان بني أسد ...6.0.0.6 .. 805 | خطية لعمر بن عبد العزيز ح ع ع ح ح ع ا 0 
أبو الدرداء ينظم شعراً 60666666 .6.6.6.666 5605 ]| بين المؤلف وجمال ع ع ع ع ع ع ا 0 
لا تملأوا أعينكم من أئمة اللخور .0 ...0.0 0037 | المؤلف ينتقد تصرف رئيس جاهل ا 0 
السفاح يعمل بيتين لتخويف بني أمية ....6... 5٠69‏ | إنامرءا قد سار حمسين حجة ع حي ع ا ا 0 
وصية علي لشريح 6.6.0.6666 . ...007.6 | النجلس السّادس والثمانون: حديث عكراش بن ذؤيب 148 
املس الحادي والتمانون: أسئلة ني ذر للرسول . . ٠0‏ ]| تفسير الحديث ع ع ع ع ا ا ا ان 
تليق على خبر بي ذر 6060606060666 .606.ء.. 804 | قوةمنطق الحجاج ع ع ل ع ا 0 
بليغة لع 6م .م6 م6.06 ...م ...ا ءل5 | الحديا |امقعا ءا ةا م .ا مهام .امم .ا . .لا4" 
0 لثمم لم .م .. ١ل"‏ السخاء ثي مفهوم ابن المققع .. ا ا ان 


حح فهرس المحتويات 


م تمثل معاوية حين جاءه نعي علي . . . .. .. 1519 


تمثل ابن الزبير وابن عباس حين بلغهما نعي معاوية . 515 
شمثل معاوية لما نعي إليه عمرو بن العاص . . . . . 5145 
موقف جرير حين نعي إليه الفرزدق . . . . . .. 3549. 
إذا بلغت المدة . . ...6م معمام مام مم مم 1]©60 
تعزية للعباس بن الحسن ...6 .-...68 .60 ...ا 598 
الحديث في اقتناء الكلب . . . . .2 ...6.6.6 .. 590 
أموي يتشفع بيحبى البرمكي لدى الرشيد . . . . . 58٠‏ 
ذو القرنين وأمة متزهدة ع ع ع ا اننع 
جود أي دلف وجود أي البختري . ٠.6... . ٠.‏ . 16 
تعريف بي البختري .6.2.5 ...0.6.6.8 .. 38# 
المحلس الستابع والثمانون: حديت في أداء حقوق المال 81 
شرح بعض الفاظ الحديث . . ...22.6 .. هه 
أعراي يخضب لحيته . . . ...60666066 .. 888 
خطبة لعمر بن عبد العزيز وشرح بعض الفاظها . . 1815 
تصرف مؤذن في زمن الورد . .5 .6.6.6.5 .6... 588 
دسائس الأخوص . . . مث 66 6060 6.6666 585 
الأحوص ومعبد وزين الغدير . . معام .ام م ق. 1925 
من هي عاتكة التي يذكرها الأحوص . . . . . . . 581 
تعليق وشرح . .5 .6.8.5.. > > خ خ خ خ > ع 2 ا ين 
عاصم حمي الدير . .6 ...6.666.666 .. هه 
حنظلة الغسيل فعم ةم م66 م6 666 6.6066 198 
رواية أخرى في خبر الأحوص وزين الغدير . . . . 5898 
ال مجلس الثامن والثمانون: لما وقععت بنو اسرائيل في 
المعاصي ع ع ع ع ع ع حي ا اين 
وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . . . . 53١‏ 
امتحان شر يرعش لبنيه ع > > > 2 بين 
تعليقات . . ...0 ...امه > > ح + > 2 ورتين 
لماذا سود الأحنف ع ع ع ع ع ع يي ا دن 
إضاءة على الخبر السابق . . . . . 0 ين 
المحلس التاسع والثمانون: الملائكة وعيد الفطر . . . 551 
وريث ابن راعي الابل + ...66666.66 6.. /ا33 
هارون الرشيد يكتشف أن المأمون ينظم الشعر . . 554 
تعزية يحيى بن زياد لبعض أهله ‏ . . . . ...5584 
روبة في صغره . معاعا ةا .ا ما ما ماما ما .ا مام م . 118 
شاهك فما معنا في البيت أحد 0 ا 0 ين 
المسب يلا أدب . ...يمه 7 7 5 5 5 وين 
حلم سلمى بن نوفل ح > > ح 1 0 0026 
ول البكاء أهله - مصرع أبناء الحارث الباهلي . . . 03484 
الخطيئة يعجب بابن عباس ماعمام ام م م م .ا .ل . الس 
الكلم والكلم . . ...6.6 للم مم مم66 .. إلا 
لماذا اكلت الفأر أذن الإسرائيلي . . . . . ...6 . 5لا 
عمر بن عبد العزيز يرد المظالم ع : » : ا د وو 
صرف دابق وعدم صرفه . + > + + 2 : - 2 2 - رون 
الباحئة عن حتفها . ع ع 2 2 0 0 0 1 رون 
شعر ابن البختري في الد بن الوليد . . . .2 .. . #/ا5 








المخلس التسعون: ما أعده الله للصالحين ‏ . . .. 
مكانة زيد بن حارئة . . ...66666 م 
النابغة الجعدي . . ...6606.2 66 6 م 6م 
استطراد في شرح شيف وغيرها . ...0 .. 
طوق بن مالك وأعرابية . . ...6.6.6ء 


7 لون 


الشعراء يستأذنون على عقيلة بنت عقيل بن أي طالب . ++ 
دعوى عريضة تتسب للجرمي 5.٠.‏ ..6.6.6.5.. .للا" 


القاضي ينفي الدعوى عن الخرمي» ويخطه . . . . 3107/8٠.‏ 
أبو خليفة وطفلة تصبو إلى زين الورى . . . . . . .٠4لا"‏ 
رقعة تلقى إلى القاضي الأنطاكي وجوابه عنها . . . . 51/9 
خبر آحر لذي القرنين . . ...62666 .م ممقلا" 
هذا الذي تعرف البطحاء وطأله . . . . .5 54٠0.06...‏ 
ا خلس الحادي والتسعون: وفد ثقيف إلى الرسول . . 401" 
تعليق على الحليث . ...5 ...666.666 .65ة 
مقالة أعشى همدان في أهل البصرة والكوفة . . . . . 5407 
دفن الرشيد محمد بن الحسن والكسائي بالري . . . . 5487 
شروح لغوية ...6 .. ...1456666666666 
منازعات اللغويين في خلس المهدي . . . . . . 544٠. ٠.‏ 
الأصمعي والخارية . . . .6 ...1456666666 
النساء تمقت بحشلاً لدمامته وجهامة صورته ل.ل ءلامه" 
الحلس الثاني والتسعون: حديث لا تحاسدوا ولا 

تبافضوا . ...0 ...6.66 م6 مم م .6م م ن44ا 
نصيحة لقمان لابنه , . . ...6.66.6 م.م م .كا 
الفرزدق يمد ح عمرو بن عتبة 2 + + 2 :7 : * 5 ب اران 
من كان على شرط جالوت . . ...6.6 .148.66.66.66 
تأبين ابن الحنيفة لأخيه الحسن . . ...5 ...588.66 
بازل عامين . . ...6.6 66666.66 5483.666 
الاسكندر يمر على مدينة ملكها سبعة وبادوا . . . .190 
فم الحوت وعلي بن يقطين . . ...6 ...1866.66.06 
إمرة وأمرة وجلسة وجلسة ...5 ...6.5 »9(١.6.6.6.‏ 
قضاء ابن شبرمة , . . ...6.6.6 .6666666 1931.6 
أولياء الله واللقع عنهم ‏ . . ...6666 191.666 
بين عمر وجميل ...666066666606655 .[59 
بعض أنواع السير . ...6.6.6 ...89560666666 
عمر وحيلته على أني الأعور السلمي ا 0 شرن 
مواعيد عرقوب ...5.6.06 .6.66.6 195620666666 
تحقيقات . . ...6.6 .66666.66 595666666 
استقلال اصطناع المعروف . . ...6.6.6 .194.666 
المحلس الثالث والتسعون: سراقة يتتبع آثار الرسول عند 
هجرتة ...6.26.6 .6 666 66666 660 .15919 
دلالة قصة سراقة ودلائل النبي جملة . . . ...548 
موعظة علي لكميل بن زياد . . ...6.6 31935..6.6.6 
بنت معاوية متنع على زوجها . . .5 .9..6..6.6.5ا59 
معنى بتى وابتنى ٠...‏ .6 6 .191/66660666666 
دماء الذين تتلوا في فخ . . ...5 ...594.66.06.66 
فرغ رأيك للمهم . ...2 ...2 .6 ...134.6 


جره 0 
توالي ذهاب السلطان وأصحابه . . . . . . . . . 1948 | سند آخحر للحديث السابق 2 2 0 
مصير ظالم 6.5.٠.‏ ...6 .6.6.6.6.6.6..... 599 | وفود مالك بن عوف على الرسول 0 
جرع الحسن من الموت ...5 ...6.6.6.6 ... 348 شرح لفظتين .6 .. فاع قاو .ام ماما ما .ا م ف م 
من نوادر مزيد . 060.666 7٠١ 0٠0060866066066‏ | ابن عباس ينشد الشعر في المسجد الحرام فينتقده ابن 
ابحلس الرابع والتسعون: حديث العمل الصالح ينقذ الأزرق ع ع ع ع ع ع 0 
صاحية ...ل ...ءال ءءء ءال م.م مام [ملا شرح ألفاظ تتصل بالبيت السابق لالم مل نة 
هوابن عمي لا ابن عمك .....5...... ١5‏ | أحسن ماقيل في وصف الماء ع ع 0 
معاوية واللقمة التي لم تكتب له 000000 "١5‏ | الحجاج وابن الحنفية وشكوى الثاني لعبد الملك . 
مصقلة يرجف بمرض معاوية . ......... 05" شروح وتعليقات ع 0 
يوم بؤؤس ويوم نعيم فاأقافاة م عاءاء م م .ال.الا. احلا مجلس التاسع وال ن: حديث الأنبياء (حوة 
تعليقات وشروح لغوية ونحوية . . . 7١4 ٠.0٠...‏ | لعلات لي ع ع م 
ا العلات والأخياف وصلة ذلك بالميراث لثملة 
الد ذا أبنه الو حيدك 00 
و تركي ا بي يي يي يد من التفسير والتعلية 0 
تعصب المأمون للأوائل من الشعراء ا ا ال 0 1 والتعليق 
مجلس الخامس والتسعون: من حديث المعراج . . . ٠7.17‏ هبو عيسو 1 فعا اه ما .د .ا مام اه ما .اه 
الغلام الراعي والحنيون الثلاثة . . . . . ...0 . .يا | حليث أخعر عن هبوط عيسى ا ا 
ئمة الخير .6 ...م0 ...م مم م مم م. قكلا معاتي الصير . ٠. . ٠‏ فعامماءةةمثملة 
أبو الينبغي والمأمون . . . . ...0.6.5.0 .... (الا مقتل أي مسلم وكيف تم . . . ل ل ل ان 
سيل باليمن يكشف عن جثمان شخخص . . . . . 0715 | خخطبة المنصور بعد قتل أبي مسلم ملعم مملة 
امخلس السنادس والتسعون: حديت اتزن وأرجح . . 77١‏ | خطبة أخرى للمنصور بعد قتل أي مسلم . . . . 
شرح وإعراب ...6 ...6.6.2.6 ...ملم #الا كتاب من أبي مسام إلى المتصور 7 ح 0 0 0 
سراويل قيس . ...06.0 ...2 ...مام م ملا ##الا معنى حتف أنلقة . ...0 .06. هاه واه واه م 6ه 
رواية أخترى للخبر السابق ...0606.600 .. ١5‏ ]| المهدي يستدعي مولى فائد ليغنيه صوتا معينا . 
مدح بما يشبه الم .............. 7١٠١‏ | عرار رسول الحجاج إلى عبد الملك 00 
بين ابن عباس ومعاوية لاما ءامد مالا م م ماما ا. هالا معاوية يعيب أهل اليمن فيعيب اليمني قوم معاوية ٠.‏ 
هاشم» قريش. باهلة... هل تصرف . . ...5 .. هالا تم امجلس بحمد الله وحسن توفيقه العامة 
امجلس السابع والتسعون: لا يدحل قلب امرئ الإيمان حتى | المحلس المائة وبه تمام احالس مل ةم مم للة 

لاعاعامد .ا ةا .اما.ا.ا .اهام م لال م مال لاإلا زكاة الرأس لي ا يي يي م 
أبو الأسود الدثلي وهو قشير . . . . ...0 . . 6ال هل الراوي يجعل الحديث ا الله 
أو متى تفيد الشك . ...2.5.0 ..8.... الا مبلغ زكاة الفطر ع ع ع ع ع ع 0 
المنتصو وواعظ منافق 2 + > + > > + + + + + 5 5 برو 

ل معنى بيت يفسره الأصمعي 3 5 7 5 0 2000 
أمنيات متفاوتة ع ا ا ا 0 ارق مساق يا 
فتوى أي البحتري للرشيد . .00020200000 وبي | مصير مسائر بن عمرو ان 

' . 5 الرمان والريتنون #اعاعاةد .داه .دنا هاما ما مام وان 
يتزوج بعد أن يستشير مائة رجل امام مال .ا . كلا ل السا 
رواية أخرى للقصة السابقة . . . . . . . . . . . «بي | تمام الخير 00 و 
الفرزدق لا يساجل الفضل اللببي . . . ..... ؟"ل وفود أم سنان ا حجية على معاوية 0 
كانت العرب تقول . ...5 2. ...7.66.060 عسي | رجعالخبر معفم ةم ةم ة ةم ءام مل 
أعرلي يصف امرأة جميلة . . . . . . . . . . . . #«** | عروة يشكو خحال هشام إلى هشام مثمييلة 
أبيات فيها بعض معنى الخبر السابق 7 7 7 ١‏ يوك لقمان وزوجته التي تخونه © + > + > 7 + #3 5 5 
ماقاله بزرجمهر قبيل موته . . . . . ...0.6 . . 7584 | لقمان ولقيم ا ا ا ا 00 
املس الثامن والتسعون: حديث أني مطر عن علي وهو هل كان لقمان بحوسياً؟ فاعاماءا فم ماما ماما مه 
يتجول في الأسواق . ...5 ...6 ...6 .... 715 | فهرس امحتويات > >  »‏ : » > + ح ‏ ح م 








ا لكا 
لطم قلا-اال “اناا 


4 
أمة معط لكا-مك ه12 دا 


لإ6ط لعغ1ل] 
امد دام تصةك منطاعحكا-الطق 


مهصضةطعآ - 211 3ع8